الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحسن، قال عنه الرافعي: مِن بيت العلم والحديث (1)، وحفيدٌ آخرُ اسمُه علي بن أحمد بن الحسن، ذكره الرافعي (2). إلا أن رائدَهم ومقدَّمهم في العلمِ وأشهرَهم هو أبو عبدِ الله محمدُ بن يزيد رحمه الله تعالى.
وكان لابن ماجه عقبٌ، فقد ذكر صاحبُه جعفرُ بنُ إدريس ولدَه عبدَ الله حين تحدَّث عن وفاته ودفنه (3).
*
ثقافته العلمية وعصره:
تنوعت معارفُ الإمام ابنِ ماجه وتعدَّدَتْ جوانبُ ثقافته، فهو مع كونه إماما في الحديث، حافظ ناقدٌ كما وصفه الإمامُ الذهبي (4)، وكان لديه باعٌ في علم التفسير، ودراية قوية بعلم التاريخ، وله في ذلك مصنفات عرفها أهلُ العلم، واستفادُوا منها.
وليس ذلك بالأمرِ الغريب لمثل هذا الإمام، مع ما كان يتمتَع به من الذكاء، وقوةِ الحافظة، والصبرِ على طلب العلم، والمصابرةِ فيه، وتحملِ المشاق في سبيل الرحلة لنيله وتحصيله، فلم يَقنَعْ بما أخذه عن عُلماء قزوين أمثالِ عليّ بن محمَّد الطَّنافسي الكوفي ثم القزويني، وعمرو بنِ رافع البجلىِّ الرازي ثم القزويني، وإسماعيلَ بنِ
(1)"التدوين" 1/ 274.
(2)
"التدوين" 3/ 328.
(3)
"شروط الأئمة الستة" ص 17.
(4)
في "سير أعلام النبلاء" 13/ 277.
تَوْبة الثقفي نزيلِ قزوين، ولكنه آثر تركَ الوطن وطِيبِ المُقام في بلده قزوين التي كانت ذات طبيعة خَلّابة، ورحل إلى أقطار بعيدة، وأمصار نائية، وحَرَصَ على الالتقاء بأكابر أهلِ العلمِ فيها، فارتحل إلى الريِّ وسَمِعَ بها مِن الحافظ محمَّد بن حُمَيد الرازي، وإلى نيسابور وسمعَ بها من الحافظ محمَّد بن يحيى الذُهْلي، وإلى العراق وسَمِعَ بها من ابني أبي شَيْبة أبي بكر وعثمان، ومِن أحمد ابن عَبْدة وزهير بنِ حرب، وإلى الشام وسَمِعَ بها من هشام بنِ عمار ومحمد بن المصفَّى ودُحَيم، وإلى مصر ولقي بها أبا طاهر بن السًرْح، ومحمدَ بنَ رُمح ويونس بن عبد الأعلى، وإلى الحجاز وسمع بها من ابن أبي عمر وأبي مروان العثماني بمكة، وبالمدينة من إبراهيم بن المنذر الحِزامي وأبي مصعب الزهري (1).
وقد تمَّ له ذلك وهو في ريعان شبابه، واكتمال قوته، نتبيَّن ذلك مِن سماعه من الشيوخ الذين تقدَّمت وَفَياتُهم، كزهير بن حرب، ومحمد بن عبد الله بن نُمَير، وكانا بالعراق، وقد تُوفِّيا سنة (234 هـ)، وبذلك يكون عمره حين سمع منهما خمسًا وعشرين سنة والله أعلم.
وقد التقى في رحلته هذه بعددٍ من الفقهاء أيضاً، كحَرْملةَ بنِ يحيى التُجيبي والربيعِ بنِ سليمان المُرَادي صاحبَي الإمامِ الشافعي رحمه الله، ويونس بن عبد الأعلى الفقيه المالكي، وكان هذا الأخيرُ أيضاً مِن شيوخ الإقراء على قراءتي نافع بن عبد الرحمن
(1)"تاريخ دمشق" لابن عساكر 56/ 271، و"التدوين" 2/ 49 - 50، و"التقييد لمعرفة السُّنن والمسانيد" لابن نقطة (137).