المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: النسخة المرموز إليها بـ (م): - سنن ابن ماجه - ت الأرنؤوط - مقدمة

[ابن ماجه]

الفصل: ‌ثانيا: النسخة المرموز إليها بـ (م):

العباس أحمد بن الصلاح الأمَوي الشهير بمصر بابن المُحمَّرة قاضي دمشق (1)، وكانت مقابلتُها في مجالس آخِرُها ثالث شهر جمادى الأولى سنة (862)، كما جاء في الورقةِ الأخيرةِ منها. ومع هذه المقابلة الدقيقة لا يكاد يخلو هامشُ ورقةٍ من أوراقها مِن تصويبات وتصحيحات، وفوائد متنوعة.

وفي أول النسخة سَنَدٌ منقولٌ عن النسخةِ الأصل -فيما يغلب على ظننا- وهو مِن رواية عماد الدين عبد الحافظ ابن بَدْران (2) عن الفقيه المحدِّث صاحب "المغني" العلامة موفق الدين ابن قُدَامة بإسناده الآتي في وصف النسخة (م).

‌ثانيًا: النسخة المرموز إليها بـ (م):

وهي نسخة مصورة عن الأصلِ الخطي المحفوظِ في دار الكتب المصرية في الخزانةِ التيمورية تحت رقم (522). وهي نسخةٌ تامة جيدة، قُسِّمت إلى (17) جزءًا في مجلدين، تسعةُ أجزاء في المجلدِ الأول، وثمانيةٌ في المجلد الثاني. وعَدَدُ أوراقِ المجلد الأول (273) ورقة، وعَدَدُ أوراق المجلد الثاني (223) ورقة. والمجلدُ الأول ينتهي بالحديث رقم (2525) من كتاب العتق؛ وفي كل لوحة مِن هذه النسخة (23) سطرًا في الأغلب، وفي كل سطر (15) كلمة تقريبًا.

(1) المتوفى سنة 840 هـ، انظر ترجمته في "الضوء اللامع" 2/ 186.

(2)

المتوفى سنة 698 هـ، انظر ترجمته في "العبر" للذهبي 5/ 388.

ص: 36

وقد صُرِّح في لوحة المجلد الثاني أنه بخط المحدث الفقيه ابن قدامة المقدسي، أما المجلد الأول فيظهر أنه قد نسخه غيرُ واحد، وقد ذُكر ابن قدامة فيمن سمعه.

وعلى هوامِشِ هذه النسخة سماعاتٌ على ابن قدامة في الجامع الأموي أوائلَ القرنِ السابع، وتتكرر هذه السماعات كُلَّ ثلاثة أوراق.

وفي نهاية كل جزء من الأجزاء السبعة عشر مجموعة من السماعات مدونة بخطوطٍ مختلفة مؤرخةِ بأزمنة متباعدة من القرن السادس (560) هـ حتى القرن الثامن.

منها سماعٌ بقراءة الحافظ صلاح الدين العلائي على الحافظ جمال الدين المِزِّي، وأبي محمَّد القاسم بن مظفَّر ابن عساكر الطبيب.

ومنها سماعٌ على الحافظ الذهبي.

وهذه السماعات جميعها تمت بدمشق في الجامع الأموي، وفي الجامع المظفَّري، وفي المدرسة الضيائية، وفي مدرسة الصاحب محيي الدين ابن الجَوْزي، وفي دار الحديث الأشرفية، وفي الرباط السُّمَيْساطي، وفي دار القرآن الجَزَرية، وفي دار الحديث الشُقَيشِقية، وفي المدرسة الصدرية، وفي رباط الناصرية.

ونُعرِّف هنا بإيجاز بالمساجد والمدارس والرباطات التي قرئت فيها سنن ابن ماجه وهي بدمشق وضواحيها:

ص: 37

أما الجامع الأموي، فهو أعظمُ جوامع دمشق، بناه الوليدُ بن عبد الملك أيامَ خلافته سنة (87 هـ)، وتوفي الوليدُ ولم يتم البناءُ، فأتمَّه مِن بعده أخوه سليمان.

وأما الجامعُ المظفَّري، فهو بسفح جبل قاسيون، ويُقال له: جامع الجبل وجامع الحنابلة، شرع في بنائه الشيخ أبو عمر محمَّد ابن أحمد بن قدامة المقدسي سنة (598)، ولا زال إلى يومنا هذا تقام فيه الصلوات الخمس، وخطبة الجمعة.

وأما المدرسةُ الضيائية، فهي بسفح جبل قاسيون شرقَ الجامع المظفَّري، بناها مِن ماله واقِفُها الحافظ محمَّد بن عبد الواحد السعدي المقدسي صاحب "الأحاديث المختارة" المعروف بالضياء، وأعانه عليها بعضُ أهلِ الخير، وجعلها دارَ حديث، وقد نُهبت في نكبة الصالح أيام قازان سنة (699)، وذهب منها شيء كثير، ثم دَرَسَت في جملة ما دَرَسَ من مدارس دمشق.

وأما مدرسة الصاحب محيي الدين، فهي في سوق البُزُورية غربي قصر العظم، أوقفها الفقيهُ الأصولي الواعظُ الشهير يوسفُ ابن الإمام عبد الرحمن بن علي الجوزي القرشي البكري البغدادي المتوفى سنة (656 هـ)، ودرَّس بها غيرُ واحد من أكابرِ أهل العلم كالمَرْداوي وابن مُفلح صاحب "المبدع شرح المقنع"، وقد اختلس جيرانُها معظمها، وبقي منها بقيةٌ صارت محكمة إلى سنة (1905م)، ثم أُقفلت ثم احترقت سنة (1925) أثناءَ الثورة السورية الكبرى،

ص: 38

ولم تزل كذلك حتى أُنشِى مكانَها مخازنُ وحوانيت وجُعل فوقها مسجدٌ صغير تُقامُ فيه الجماعة.

وأما دار الحديث الأشرفية، فهي الأشرفية البَرّانية المقدسية، وهي بسفح قاسيون على حافة نهر يزيد، بناها الملكُ الأشرف مِن أجل الحافظِ جمال الدين عبد الله ابن الحافظ تقي الدين عبد الغني المقدسي، وهي خاصة بالحنابلة، وبانيها الملكُ الأشرف هو نفسُه باني دار الحديث الأشرفية المعروفة التي في أوائلِ سوق العصرونية من الجانب الغربي، وفيها الآن إعدادية للعلوم الشرعية، ويُنفق عليها جماعةٌ من أهل الخير، وتُقام فيها الصلوات الخمس وخطبة الجمعة.

وأما الرِّباط السُّمَيساطي، ويُسمى الخانقاه، فهو عندَ بابِ الجامع الأموي الشمالي، واقفُه أبو القاسم السميساطي علي بن محمَّد بن يحيى السلمي الدمشقي، له ترجمة في "العبر" للذهبي 3/ 229 - 230، وفيه الآن مدرسة للصفوف الابتدائية.

وأما دارُ القرآن الجَزَرية، فأنشأها الحافظُ الإمامُ المقرئ شمس الدين محمَّد بن محمَّد بن يوسف بن الجزري المتوفى سنة (843 هـ) صاحب كتاب "النشر في القراءات العشر"، وكانت بدربِ الحجر، وهو في أواخر السوق الكبيرِ الذي يعرف الآن بسوق مدحت باشا، وقد إندثرت منذ عهدٍ طويل.

وأما دار الحديث الشُّقَيشِقية، فهي دارُ الشيخ المحدث نجيب الدين أبي الفتح نصر الله بن أبي العبر مظفر بن عقيل الشيباني

ص: 39

الدمشقي الصفَّار، فأوقفها دارَ حديث، وهي بدرب البانياسي بدمشق، وكان يسكنُها الحافظ المزي قبلَ انتقاله إلى دار الحديث الأشرفية.

وأما المدرسة الصَّدْرية، فهي بدرب الريحان بجوار تربة القاضي جمال الدين المصري، عند القبور التي يزعم الناس أن مِن جملتها قبر معاوية، أنشأها الشيخ أسعد بن عثمان التنوخي، ثم الدمشقي المتوفى سنة (657 هـ)، وأوقفها على الحنابلة، ودُفِنَ بها. ودرَّس بها ابنُ عبد الهادي وابنُ القيم.

وأما رباطُ الناصرية، فهو دار الحديث الناصرية التي تقع بمحلة الفواخير بسفح قاسيون قِبْلي جامع الأَفرَم، أنشأها الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي فاتح بيت المقدس (1).

ثم هناك سماعات على الحافظ أبي الوفاء برهان الدين الحلبي المعروف بسبط ابن العجمي بقراءةِ محمَّد بن زريق سنة (837 هـ) بحلب. ومنه يظهر أن هذه النسخة كانت بدمشق من القرن السادس إلى القرن الثامن، ثم انتقلت إلى حلب في القرن التاسع.

وفي الورقة الأولى من المجلد الأول ما نصه: سمعه العالمُ الصدرُ الكبيرُ شيخُ الإسلام موفق الدين أبو محمَّد عبد الله بن أحمد

(1)"الدارس في أخبار المدارس" للتميمي، و"منادمة الأطلال" لعبد القادر بدران بتصرف.

ص: 40

ابن محمَّد بن قدامة المقدسي أيَّدهُ اللهُ بسماعه من أبي زُرعة بسنده بقراءة الإمامِ العالم المقرئ شهاب الدين أبي محمَّد عبد العزيز بن عبد الملك بن تميم النسائي، فسمعه الفقهاء (وذكر جماعة من أهل العلم) وصح في مجلسٍ واحد بتاريخ يوم الأحد رابع المحرم مِن سنة اثنتين وست مئة في دمشق. والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمَّد وآله.

وفي الورقة الثانية ما نصه: قُرِئَ على الشيخ الصالح أبي زُرعة طاهر بن محمَّد بن طاهر المقدسي وأنا أسْمَعُ في يومِ السبت سادسَ عشر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وخمس مئة قيل له: أخبركم الشيخُ العالم أبو منصور محمَّد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم المقوِّمي القزويني إجازةً إن لم يكن سماعًا قال: أنبأنا أبو طلحة القاسمُ بنُ أبي المنذر الخطيب قال: حدثنا أبو الحسن علي ابنُ إبراهيم بن سلمة بن بحر القطان قال: حدثنا أبو عبد الله محمدُ ابن يزيد ابنُ ماجه.

قلنا: وقد خلت هذه النسخةُ مِن بعض الأحاديث في مواضع متفرقة، وهي مثبتة في بقية النسخِ وفي "تحفة الأشراف" للمزي، ومعظمُها مما لم يذكره أبو القاسم ابن عساكر في كتابه "الإشراف في معرفة الأطراف"، أو ذكره وقال: ليس في السماع. وقد أشرنا إلى هذه الأحاديث في مواضعها. كما قد خلت هذه النسخة من زياداتِ أبي الحسن القطان في الأغلب.

ص: 41