الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي اليوم أعم فائدة، حيث توفرت وسائل الإعلام والإبلاغ التي تتجاوز المسجد عبر مكبرات الصوت والأشرطة ونحوها.
والفتوى يجب أن يتصدى لها العلماء وطلاب العلم المتمكنون، ولا يترك الناس للأحداث والمتعالمين، وقليلي الفقه في الدين، وربما أهل الأهواء أحيانا.
لذا يجب أن يُعنى أئمة المساجد بهذه المسألة عناية تامة، كأن يقوموا بالتنسيق مع المشايخ وأهل الفتوى بجلب المفتين وعقد جلسات الفتوى في المساجد بشكل منتظم؛ لأنه كثيرًا ما يتعرض للفتوى -عبر منابر المساجد والكلمات فيها أو الوعظ- من ليس بأهل الفتوى فيفطن الناس، أو يوقعهم في الحرج.
[الدروس]
4 -
الدروس: وأعني بها تلكم الحلقات العلمية التي تقام في المساجد، يتعلم فيها الناس أصول الدين وفروعه ومتطلباته، في العقيدة والأحكام والتفسير والحديث واللغة وسائر العلوم الشرعية وما يلحق بها.
والدروس في نظري هي أهم المجالات وأعظمها فائدة، كما أنها الوسيلة الأنفع والأجدى والأبقى، وقد أثبتت التجارب عبر تاريخ الإسلام الطويل أن الدروس العلمية الشرعية، هي الطريقة التربوية الأسلم في نشر الدين وتعليم الناس، وتفقيههم في الدين، وكانت أعظم وسائل العلم والتعليم والتربية عند السلف الصالح، ولا تزال أفضل الوسائل لذلك.
وعلماء الأمة هم معلموها، ويجب أن يتصدروا الدروس الشرعية في كل مكان، والدروس في المساجد بخاصة.
ولدروس العلماء في المساجد خصائص تميزها، منها:
1 -
أنه يتحقق فيها معنى مجالس الذكر أكثر من غيرها، حين تكون في بيت من بيوت الله (وهو المسجد) ، وتحضرها الملائكة، ويباهي الله بأهلها ملائكته.
2 -
أن المتلقي في المسجد يشعر بشيء من الطمأنينة والسكينة والهدوء والسمت أكثر من أي مكان آخر.
3 -
أن الناس في المساجد يكونون أكثر التزاما للأدب والإنصات واحترام المكان والحضور.
4 -
جلوس المتلقي في المسجد يجعله أكثر استعدادًا لقبول العلم حين يشعر أنه في مكان الصلاة، والأصل أن يكون على طهارة ويحافظ على ذلك.
وفي الجملة فإن الدروس هي التي تربي طلاب العلم؛ لأن الدروس تتسم غالبا بالاستمرارية، والأصل في طلاب الدروس الملازمة للشيخ المدرِّس، وتلقي العلم عنه مقرونًا بالعمل والأدب والسمت، إذ العالم قدوة في علمه وعمله.
أصناف الدروس والدروس التي يحتاجها الناس اليوم أصناف:
منها الدروس العلمية المركزة: وهي تلكم الدروس التي ينبغي أن يتصدرها المشايخ الكبار وطلاب العلم المتمكنون، ومن أهم مواصفاتها:
- أن تكون في أحد العلوم الشرعية أو ما يخدمها.
- وأن تكون على يد شيخ أو طالب علم متمكن فيما يدرسه.
- أن تكون على سمت العلماء وأدبهم.
- أن يكون الطلاب ممن تتوفر فيهم صفات المتلقي من حيث الاستقامة والأهلية والأدب.
- أن يأخذ الدرس صفة الثبات والاستمرارية.
- أن يتلقى الدارس العلم بالتدرج حسب توجيه شيخه.
وهذه الدروس هي الأنفع والأبقى، والتي يمكن للشيخ أن يربي تلاميذه فيها على عينه ويتأثرون بسمته ويجيزهم باطمئنان.
ومنها الدروس الخفيفة: وهذه الدروس الموجزة المؤقتة التي يلقيها الشيخ في زمن محدود، كأسبوع، أو شهر، أو في حلقة ذات زمن محدد قصير، كالحلقات
والدروس التي تلقى في الدورات أو المواسم الثقافية، أو المراكز الصيفية ونحوها.
وهذه الدروس طيبة ومفيدة، لكنها لا تخرج طلاب العلم، كما أنه لا يتأتى فيها للشيخ أن يتعرف على تلاميذه، ولا يتابعهم ويتأكد من مستوياتهم فضلًا عن أن يجيزهم، فهي أشبه بدورات التوعية والتثقيف.
*الدروس الرافدة: وهي تلكم الدروس التي يقوم بها طلاب العلم الصغار في تعليم العلوم الشرعية الأولية، والتي لا تحتاج إلى التعمق في العلم، أو التبحر في العقائد والأحكام، ويجب أن تكون هذه الدروس في المساجد، وتحت إشراف العلماء وطلاب العلم الكبار ورعايتهم ومتابعتهم، لئلا تنحرف بهم السُّبُل يمينا أو شمالا، فالصغار والأحداث من طلاب العلم إذا تركوا يعلمون الآخرين دون إشراف ولا لوجيه ربما يصيبهم التعالم والغرور، وربما يشطح أحدهم وتستهويه الأهواء دون أن يشعر.
*حلق تحفيظ القرآن: وهذه مهمتها الأساسية تحفيظ القراَن وإقراؤه للصغار والكبار، وقد تتولى تعليم الدارسين شيئا من مهمات الدين في العقيدة والأحكام بالإضافة إلى مهمتها التربوية والأخلاقية من خلال ذلك، ومكانها الطبيعي المسجد، ولا يلزم أن يتولى العالم بنفسه هذه المهمة وحده، بل لا بد أن يقوم بها كل من يجيدها ولو لم يكن عالما.