المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إيثارهم ما عند الله - الإلحاد الخميني في أرض الحرمين

[مقبل بن هادي الوادعي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ السبب الذي حملني على تأليف هذا الكتاب

- ‌تعريف الرافضة وبيان شيء من حماقاتهم

- ‌التظاهر الخميني في أرض الحرمين

- ‌الألفاظ التي يهتفون بها:

- ‌مقاصد التظاهر في أرض الحرمين

- ‌حرمة مكة

- ‌الذكر في الحج

- ‌السكينة في الحج

- ‌باب قول الله عز وجل: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه

- ‌باب قول الله عز وجل: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون

- ‌باب قول الله عز وجل: {والّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبينًا

- ‌باب حرمة المدينة

- ‌زنادقة تحت ستار التشيع

- ‌المغيرة بن سعيد

- ‌إسحاق بن محمد النخعي الأحمر

- ‌عباد بن يعقوب الرواجني

- ‌السبأية التي تتستر بالإسلام

- ‌علي بن الفضل الباطني القرمطي

- ‌الحاكم الفاطمي

- ‌صفة مقتله لعنه الله:

- ‌ابن العلقمي الخائن الذي كان سببًا في سقوط الخلافة العباسية

- ‌نصير الدين الطوسي

- ‌سلف الخميني وأئمته

- ‌حول تقية الرافضة

- ‌الرافضة لا ترضى بتحكيم كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌الرافضة يتعمدون مخالفة أهل السنة ولا يتقيدون بالكتاب والسنة

- ‌ومن صفات الرافضة أنّهم يسخرون ويستهزئون بأهل الخير والصلاح

- ‌ومن صفات الرافضة الذميمة الإرجاف على المؤمنين

- ‌حديثان لهما اتصال بما تقدم:

- ‌فصول في مشابهة الرافضة للكفار

- ‌فصل في مشابهة غلاة الروافض اليهود والنصارى في الغلو

- ‌إنكار علي رضي الله عنه غلو الرافضة:

- ‌مشابهتهم لليهود في عدم قول آمين في الصلاة

- ‌ومن مشابهتهم اليهود خذلان أئمتهم

- ‌مشابهتهم اليهود والنصارى في اتخاذ القبور مساجد

- ‌ومن مشابهتهم لليهود والنصارى قولهم: لا يدخل الجنة إلا من كان على ملتهم

- ‌مشابهتهم اليهود في الحسد

- ‌مشابهتهم لليهود في شدة عداوتهم لأهل الإسلام

- ‌مشابهتهم المشركين في الدفاع عن الشرك

- ‌مشابهتهم اليهود في الافتراء على الله

- ‌مشابهتهم لليهود والنصارى أن أحاديثهم ليس لها أسانيد

- ‌ومن مشابهتهم اليهود أن اليهود رموا مريم عليها السلام بالفاحشة والرافضة رمت عائشة رضي الله عنها بالفاحشة

- ‌مشابهتهم اليهود في تأخير الإفطار في الصوم

- ‌مشابهتهم اليهود في استحلال أموال غيرهم

- ‌مشابهتهم اليهود في التحريف

- ‌فصل في فضائل الصحابة

- ‌فضل من شهد بدرًا

- ‌فضل أهل بيعة الشجرة

- ‌فضل المهاجرين رضي الله عنهم

- ‌فضل الأنصار رضي الله عنهم

- ‌فصل في فضائل مشتركة وخاصة بين الصحابة

- ‌تنافسهم في الخير

- ‌صبرهم على مواجهة الأعداء

- ‌صبرهم على الاستضعاف بمكة

- ‌استسلامهم لشرع الله

- ‌صبرهم على الفقر والجوع والعري

- ‌إيثارهم ما عند الله

- ‌على ماذا كانوا يبايعون رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌استطراد: البيعة لإمام قرشي مسلم أو لغير قرشي مسلم إذا تغلب حتى استتب له الأمر يجب الوفاء بها

- ‌تحريم سب الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌بعض ما نقل عن السلف في التحذير منسب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌مشاهداتي في إيران

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌إيثارهم ما عند الله

‌إيثارهم ما عند الله

قال البخاري رحمه الله (ج10 ص114): حدّثنا مسدّد، حدّثنا يحيى، عن عمران أبي بكر. قال: حدّثني عطاء بن أبي رباح. قال: قال لي ابن عبّاس: ألا أريك امرأةً من أهل الجنّة؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة السّوداء، أتت النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقالت: إنّي أصرع، وإنّي أتكشّف فادع الله لي. قال:((إن شئت صبرت ولك الجنّة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)) فقالت: أصبر. فقالت: إنّي أتكشّف فادع الله لي أن لا أتكشّف، فدعا لها.

حدّثنا محمّد، أخبرنا مخلد، عن ابن جريج، أخبرني عطاء، أنّه رأى أمّ زفر تلك المرأة الطويلة سوداء على ستر الكعبة. اهـ

قال الإمام مسلم رحمه الله (ج15 ص185): حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب. قالا: حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا زهير، حدّثنا سماك ابن حرب، حدّثني مصعب بن سعد، عن أبيه، أنّه نزلت فيه آيات من القرآن قال: حلفت أمّ سعد أن لا تكلّمه أبدًا، حتّى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زعمت أنّ الله وصّاك بوالديك، وأنا أمّك وأنا آمرك بهذا. قال: مكثت ثلاثًا حتّى غشي عليها من الجهد، فقام ابن لها يقال له: عمارة فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية:{ووصّينا الإنسان بوالديه حسنًا وإن جاهداك على أن تشرك بي} وفيها: {وصاحبهما في الدّنيا معروفًا} قال: وأصاب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- غنيمةً عظيمةً فإذا فيها سيف فأخذته، فأتيت به الرّسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقلت:

ص: 274

نفّلني هذا السّيف؟ فأنا من قد علمت حاله. فقال: ((ردّه من حيث أخذته)) فانطلقت حتّى إذا أردت أن ألقيه في القبض، لامتني نفسي، فرجعت إليه فقلت: أعطنيه. قال: فشدّ لي صوته: ((ردّه من حيث أخذته)) قال: فأنزل الله عز وجل: {يسألونك عن الأنفال} قال: ومرضت، فأرسلت إلى النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فأتاني. فقلت: دعني أقسم مالي حيث شئت؟ قال: فأبى. قلت: فالنّصف؟ قال: فأبى. قلت: فالثّلث؟ قال: فسكت، فكان بعد الثّلث جائزًا. قال: وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين فقالوا: تعال نطعمك ونسقك خمرًا، وذلك قبل أن تحرّم الخمر. قال: فأتيتهم في حشّ، والحشّ البستان، فإذا رأس جزور مشويّ عندهم، وزقّ من خمر. قال: فأكلت وشربت معهم. قال: فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم فقلت: المهاجرون خير من الأنصار، قال: فأخذ رجل أحد لحيي الرّأس فضربني به فجرح بأنفي، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فأخبرته، فأنزل الله عز وجل فيّ يعني نفسه شأن الخمر:{إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشّيطان} .

حدّثنا محمّد بن المثنّى، ومحمّد بن بشّار. قالا: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، أنّه قال: أنزلت فيّ أربع آيات، وساق الحديث بمعنى حديث زهير، عن سماك، وزاد في حديث شعبة قال: فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها بعصًا، ثمّ أوجروها. وفي حديثه أيضًا: فضرب به أنف سعد ففزره، وكان أنف سعد مفزورًا.

ص: 275

قال مسلم رحمه الله (ج16 ص26): حدّثنا إسحق بن عمر بن سليط، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن كنانة بن نعيم، عن أبي برزة، أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان في مغزًى له فأفاء الله عليه. فقال لأصحابه:((هل تفقدون من أحد؟)) قالوا: نعم، فلانًا، وفلانًا، وفلانًا، ثمّ قال:((هل تفقدون من أحد))؟ قالوا: نعم، فلانًا، وفلانًا، وفلانًا، ثمّ قال:((هل تفقدون من أحد؟)) قالوا: لا. قال: ((لكنّي أفقد جليبيبًا فاطلبوه))، فطلب في القتلى فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثمّ قتلوه، فأتى النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فوقف عليه فقال:((قتل سبعةً ثمّ قتلوه هذا منّي وأنا منه، هذا منّي وأنا منه)). قال: فوضعه على ساعديه ليس له إلا ساعدا النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: فحفر له ووضع في قبره ولم يذكر غسلاً.

قال الإمام أحمد رحمه الله (ج4 ص422): حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن كنانة بن نعيم العدويّ، عن أبي برزة الأسلميّ، أنّ جليبيبًا كان امرأً يدخل على النّساء يمرّ بهنّ ويلاعبهنّ، فقلت لامرأتي: لا يدخلنّ عليكم جليبيب، فإنّه إن دخل عليكم لأفعلنّ ولأفعلنّ. قال: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيّم لم يزوّجها حتّى يعلم هل للنّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيها حاجة أم لا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لرجل من الأنصار: ((زوّجني ابنتك؟)) فقال: نعمّ وكرامة يا رسول الله ونعم عيني. فقال: ((إنّي لست أريدها لنفسي)). قال: فلمن يا رسول الله؟ قال: ((لجليبيب)). قال: فقال: يا رسول الله أشاور أمّها، فأتى أمّها فقال: رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يخطب ابنتك. فقالت: نعمّ ونعمة عيني، فقال: إنّه ليس يخطبها لنفسه، إنّما يخطبها لجليبيب. فقالت: أجليبيب ابنه، أجليبيب

ص: 276

ابنه، أجليبيب ابنه، لا لعمر الله لا تزوّجه، فلمّا أراد أن يقوم ليأتي رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ليخبره بما قالت أمّها. قالت الجارية: من خطبني إليكم؟ فأخبرتْها أمّها. فقالت: أتردّون على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمره ادفعوني فإنّه لم يضيّعني، فانطلق أبوها إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فأخبره. قال:((شأنك بها، فزوّجها جليبيبًا)). قال: فخرج رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في غزوة له، قال: فلمّا أفاء الله عليه، قال لأصحابه:((هل تفقدون من أحد))؟ قالوا: نفقد فلانًا، ونفقد فلانًا، قال:((انظروا هل تفقدون من أحد))؟ قالوا: لا. قال: ((لكنّي أفقد جليبيبًا)). قال: فاطلبوه في القتلى. قال: فطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثمّ قتلوه، فقالوا: ((يا رسول الله ها هو ذا إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثمّ قتلوه، فأتاه النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقام عليه.

فقال: قتل سبعةً وقتلوه هذا منّي وأنا منه، هذا منّي وأنا منه)) مرّتين أو ثلاثًا، ثمّ وضعه رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على ساعديه وحفر له ما له سرير إلا ساعدا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ثمّ وضعه في قبره، ولم يذكر أنّه غسّله. قال ثابت: فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها. وحدّث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتًا قال: هل تعلم ما دعا لها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؟ قال: ((اللهمّ صبّ عليها الخير صبًّا، ولا تجعل عيشها كدًّا كدًّا)) قال: فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها. قال أبوعبد الرّحمن: ما حدّث به في الدّنيا أحد إلا حمّاد بن سلمة، ما أحسنه من حديث.

قال البخاري رحمه الله (ج12 ص120): حدّثنا يحيى بن بكير، حدّثنا اللّيث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، وسعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهو في

ص: 277

المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إنّي زنيت، فأعرض عنه حتّى ردّد عليه أربع مرّات، فلمّا شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال:((أبك جنون))؟ قال: لا. قال: ((فهل أحصنت))؟ قال: نعم، فقال النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:((اذهبوا به فارجموه)).

قال الإمام مسلم رحمه الله (ج3 ص1324): حدّثني أبوغسّان مالك بن عبد الواحد المسمعيّ، حدّثنا معاذ يعني ابن هشام، حدّثني أبي، عن يحيى بن أبي كثير، حدّثني أبوقلابة، أنّ أبا المهلّب حدّثه عن عمران بن حصين أنّ امرأةً من جهينة أتت نبيّ الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهي حبلى من الزّنى. فقالت: يا نبيّ الله أصبت حدًّا فأقمه عليّ، فدعا نبيّ الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وليّها، فقال:((أحسن إليها، فإذا وضعت فأتني بها))، ففعل فأمر بها نبيّ الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فشكّت عليها ثيابها، ثمّ أمر بها فرجمت، ثمّ صلّى عليها. فقال له عمر: تصلّي عليها يا نبيّ الله وقد زنت؟ فقال: ((لقد تابت توبةً لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبةً أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى)).

وحدّثناه أبوبكر بن أبي شيبة، حدّثنا عفّان بن مسلم، حدّثنا أبان العطّار، حدّثنا يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد مثله. اهـ

قال البخاري رحمه الله (ج10 ص331): حدّثنا حجّاج بن منهال، حدّثنا شعبة. قال: أخبرني عديّ. قال: سمعت سعيدًا، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- صلّى يوم العيد ركعتين لم يصلّ قبلهما ولا بعدهما، ثمّ أتى النّساء ومعه بلال، فأمرهنّ بالصّدقة، فجعلت المرأة تلقي قرطها.

ص: 278

قال البخاري رحمه الله (ج8 ص223): حدّثنا إسماعيل. قال: حدّثني مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنّه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: كان أبوطلحة أكثر أنصاريّ بالمدينة نخلاً، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يدخلها ويشرب من ماء فيها طيّب، فلمّا أنزلت:{لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} قام أبوطلحة فقال: يا رسول الله إنّ الله يقول: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} وإنّ أحبّ أموالي إليّ بيرحاء، وإنّها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:((بخ ذلك مال رايح، ذلك مال رايح، وقد سمعت ما قلت، وإنّي أرى أن تجعلها في الأقربين)). قال أبوطلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبوطلحة في أقاربه وفي بني عمّه. قال عبد الله بن يوسف وروح بن عبادة:((ذلك مال رابح)) حدّثني يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك: ((مال رايح)).

قال الإمام البخاري رحمه الله (ج7 ص112): حدّثنا إسماعيل بن عبد الله. قال: حدّثني إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جدّه. قال: لمّا قدموا المدينة آخى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بين عبد الرّحمن بن عوف، وسعد بن الرّبيع. قال لعبد الرّحمن: إنّي أكثر الأنصار مالاً، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمّها لي أطلّقها، فإذا انقضت عدّتها فتزوّجها. قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، أين سوقكم؟ فدلّوه على سوق بني قينقاع، فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن، ثمّ تابع الغدوّ ثمّ جاء يومًا وبه أثر صفرة. فقال النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:((مهيم))؟ قال: تزوّجت. قال:

ص: 279

((كم سقت إليها))؟ قال: نواةً من ذهب، أو وزن نواة من ذهب- شكّ إبراهيم-.

حدّثنا قتيبة، حدّثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه، أنّه قال: قدم علينا عبد الرّحمن بن عوف وآخى النبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بينه وبين سعد ابن الرّبيع، وكان كثير المال. فقال سعد: قد علمت الأنصار أنّي من أكثرها مالاً، سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فأطلّقها، حتّى إذا حلّت تزوّجتها. فقال عبد الرّحمن: بارك الله لك في أهلك، فلم يرجع يومئذ حتّى أفضل شيئًا من سمن وأقط، فلم يلبث إلا يسيرًا حتّى جاء رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وعليه وضر من صفرة. قال له رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:((مهيم)) قال: تزوّجت امرأةً من الأنصار. فقال: ((ما سقت إليها))؟ قال: وزن نواة من، ذهب أو نواةً من ذهب، فقال:((أولم ولو بشاة)).

قال البخاري رحمه الله (ج7 ص119): حدّثنا مسدّد، حدّثنا عبد الله بن داود، عن فضيل بن غزوان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رجلاً أتى النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فبعث إلى نسائه فقلن: ما معنا إلا الماء. فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من يضمّ أو يضيف هذا))؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته. فقال: أكرمي ضيف رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني. فقال: هيّئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونوّمي صبيانك، إذا أرادوا عشاءً، فهيّأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونوّمت صبيانها، ثمّ قامت كأنّها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنّهما يأكلان

ص: 280

فباتا طاويين، فلمّا أصبح غدا إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال:((ضحك الله اللّيلة أو عجب من فعالكما)) فأنزل الله: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} .

ص: 281