المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمدلله نحمده ، ونستعينه، ونستغفره ، - الإنباه إلى حكم تارك الصلاة

[عبد الله بن مانع الروقي]

الفصل: ‌ ‌مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمدلله نحمده ، ونستعينه، ونستغفره ،

‌مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمدلله نحمده ، ونستعينه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كلمة قامت بها الأرض والسماوات ، وفطر الله عليها جميع المخلوقات ، وعليها أُسست المللة ، ونصبت القبلة ، ولأجلها جردت سيوف الجهاد، وبها أمر الله جميع العباد ، وهي كلمة الإسلام ، ومفتاح دار السلام ، وأساس الفرض والسنة ، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه ، وأمينه على وحيه أرسله الله رحمة للعالمين ، وقدوة للسالكين ، وحجة على المعاندين ، وحسرة على الكافرين ، أشرقت برسالته الأرض بعد ظلمتها.

ص: 5

وتألفت به القلوب بعد شتاتها ، فصلوات الله وملائكته عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً (1).

وعلى صحبة عصابة الإيمان ، وعسكر القرآن ، وجند الرحمن ، ألين الأمة قلوباً ، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً ، وأحسنها بياناً، وأعمها نصيحة، وأقربها إلى الله وسيلة ، فالعلم علمهم ، والفهم فهمهم ، لما خصهم الله تعالى من توقد الأذهان ، وفصاحة اللسان ، وسعة العلم، وسهولة الأخذ ، وحسن الإدراك وسلامة القصد، وتقوى الرب، فالعربية طبيعتهم وسليقتهم، والمعاني الصحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم ، ولا حاجة بهم إلى النظر في الإسناد وعلله ، ولا إلى النظر في الأصول وقواعده ، بل قد غنوا عن ذلك كله ، فليس في حقهم ، إلا أمران:

أحدهما: قال تعالى كذا ، أو قال رسوله كذا.

الثاني: معناه كذا ، وكذا.

(1) إعلام الموقعين لابن القيم (1/ 4)

ص: 6

وهم أسعد الناس بهاتين المقدمتين ، وأحظى الأمة بهما ، فقواهم مجتمعة عليهما، وأما المتأخرون فقواهم متفرقة ، وهممهم متشعبة ، فالعربية وتوابعها قد أخذت من قوى أذهانهم شعبة ، والأصول وقواعده قد أخذت منها شعبة ، وعلم الإسناد ، وأحوال الرواة قد أخذ منها شعبة.

فإذا وصلوا إلى النصوص النبوية-إن كان لهم همم تسافر إليها - وصلوا إليها بقلوب وأذهان قد كلَّت من السير في غيرها، وأوهن قواهم مواصلة السرى في سواها ، فأدركوا من النصوص ومعانيها بحسب تلك القوة.

والمقصود: أن الصحابة رضي الله عنهم -أغناهم الله عن ذلك كله، فاجتمعت قواهم على تينك المقدمتين فقط مع ماخصوا به من قوى الأذهان وصفائها ، صحتها وقوة إدراكها ، وقلة الصوارف ، وكثرة المعاون، وقرب العهد بنور النبوة (1)

(1) إعلام الموقعين لابن القيم (4/ 148).

ص: 7

فرضي الله عن القوم ، فإن فضائلهم لا يسطرها خطاب ، ولا يتسع لها كتاب.

أما بعد:

فإن الصلاة أمرها عظيم ، وخطبها جسيم ، وقد أنزلها الله من دينه المنزلة العلية ، والرتبة السَّنية ، فهي عمود الإسلام ، وشعار أهله ، وأول ما يحاسب عليه العبد من دينه يوم الدين ، والتي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها آخر ما يفقد من الدين، بل أخبر بكفر تاركها ، ونقل ذلك عن الأصحاب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (20/ 97 - مجموع الفتاوى): " وتكفير تارك الصلاة هو المشهور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين" أ. هـ.

وقد أبدى النبي صلى الله عليه وسلم في أمرها وأعاد حتى حفظ عنه في أمرها ما لم يحفظ عنه في غيرها من أبواب العلم ، فالآثار فيها أكثر الآثار ، وما نقل في فضلها ، وصفتها ،

ص: 8

وأنواعها ، وأحكامها ، وسننها ، وتوابعها ، لا يدانيه نقل آخر، حتى قال أبو حاتم ابن حبًّان:" إن في أربع ركعات يصليها الإنسان ستمائة سُنَّة عن النبي"(1).

وقد ذكرت فيما بين يديك أخي جانباً من عظمة هذه الشعيرة، انتقيته من كلام الحبر البحر الذي لا ساحل له، فارس المعقول ، والمنقول، المتَفَنِّن الموهوب، الموفق ، الذي ملئ علماً وديناً وعقلاً من قرنه إلى قدمه، المجدد بلا شك ، شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية ، نّور الله ضريحه ، وأعلى درجته. آمين.

وذكرت ضابط تكفير تارك الصلاة وذكرت فيما بين ذلك فوائد ملحقة بالموضوع ، ومكملة له.

(1) الرسالة المستطرفة للكتاني (ص: 47).

ص: 9

والله أسأله أن يتقبله مني ، وأن ينفع به كاتبه وقارئه وسامعه ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قاله كاتبه:

أبو محمد عبدالله بن مانع الروقي

ص: 10