المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌بَابُ الضَّمَانِ وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إِلَى ذِمَّةِ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ١٣

[المرداوي]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌بَابُ الضَّمَانِ وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إِلَى ذِمَّةِ

بسم الله الرحمن الرحيم

‌بَابُ الضَّمَانِ

وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي الْتِزَام الْحَقِّ.

ــ

باب الضَّمانِ

فائدة: اخْتَلفُوا في اشْتِقاقِه؛ فقيلَ: هو مُشْتَقٌّ مِنَ الانْضِمامِ؛ لأنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تَنْضَمُّ إلى ذِمَّةِ المَضْمُونِ عنه. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» ، والمُصَنِّفُ هنا، و «الرِّعايتَين». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: قاله بعضُ أصحابِنا. قال ابنُ عَقِيلٍ: وليس هذا بالجَيِّدِ. قال الزَّرْكَشِي: ورُدَّ بأنَّ «لامَ الكَلِمَةِ» في «الضَّم» مِيمٌ، وفي «الضَّمانِ» نُونٌ، وشَرْطُ صِحَّةِ الاشْتِقاقِ، وُجودُ حُروفِ (1) الأصْلِ في الفَرْعِ. ويُجابُ بأنَّه مِنَ الاشْتِقاقِ الأكبَرِ؛ وهو المُشارَكَةُ في أكثرِ الأُصُولِ مع مُلاحظَةِ المَعْنَى. انتهى. وقيل: مِنَ التَّضَمُّنِ. قاله القاضي، وصوَّبَه في «المُطْلِعِ»؛ لأنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تتَضَمَّنُ الحَقَّ. قال في «التَّلْخيصِ»: ومَعْناه تضْمِينُ الدَّينِ في ذِمَّةِ الضَّامِنِ. وقيل: هو مُشْتَقٌّ مِنَ الضِّمْنِ. قال في «الفائقِ» : وهو أرْجَحُ. قال ابنُ عَقِيل: والذي يتَلوَّحُ لي، أنَّه مأْخوذٌ مِنَ الضِّمْنِ، فتَصِيرُ ذِمَّةُ الضَّامِنِ في ضِمْنِ ذِمَّةِ المَضْمونِ عنه. فهو زِيادَةُ وَثِيقَةٍ. انتهى. هذا الخِلافُ في الاشْتِقاقِ، وأمَّا المَعْنَى، فواحِدٌ.

قوله: وهو ضَمُّ ذِمَّةِ الضامِنِ إلى ذِمَّةِ المَضْمُونِ عنه في الْتِزامِ الحَقِّ. وكذا

(1) في الأصل، ط:«جزء من» .

ص: 5

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال في «الهِدايَةِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» ، و «الكافِي» ، و «الهادِي» .

وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن». وقال في «الوَجيزِ»:[هو الْتِزامُ](1) الرَّشِيدِ مَضْمُونًا في يَدِ غيرِه، أو ذِمَّتِه، حالًّا أو مَآلا. وقال في «الفُروعِ»:[هو الْتِزامُ](1) مَن يصِحُّ تَبَرُّعُه، أو مُفْلِس، ما وجَب على غيرِه،

(1) في ط: «والتزام» .

ص: 6

وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ.

ــ

مع بَقائِه، وقد لا يبْقَى. وقال في «المُحَررِ»: هو الْتِزامُ الإنْسانِ في ذِمَّتِه دَينَ المَدْيونِ مع بَقائِه عليه. وليس بمانِعٍ، لدُخولِ مَن لا يصِحُّ تبُّرعُه، ولا جامِعٍ؛ لخُروجِ ما قد يجِبُ والأعْيانِ المَضْمونَةِ، ودَينِ المَيِّتِ إنْ بَرِئ بمُجَرَّدِ الضَّمانِ، على رِوايَةٍ تأتِي. قال في «الفائقِ»: وليس شامِلًا ما قد يجِبُ. وقال في «التَّلْخيصِ» : مَعْناه تَضْمِينُ الدَّينِ في ذِمَّةِ الضَّامِنِ، حتى يصِيرَ مُطالبًا به، مع بَقائِه في ذِمَّةِ الأَصِيلِ.

فائدة: يصِحُّ الضَّمانُ بلَفْظِ ضَمِين، وكَفِيل، وقَبِيل، وحَمِيل، وصَبِيرٍ، وزَعيم. أو يقولُ: ضَمِنْتُ دَينَك أو تحَمَّلْتُه، ونحوَ ذلك. فإنْ قال: أنا أُؤدِّي. أو: أُحْضِرُ. لم يَكُنْ مِن ألْفاظِ الضَّمانِ، ولم يصِرْ ضامِنًا به. ووَجَّه في «الفُروعِ» الصِّحَّةَ بالْتِزامِه. قال: وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ في مَسائلَ. وقال الشَّيخُ تقِيُّ الدِّينِ: قِياسُ المذهبِ، يصِحُّ بكُل لَفْظٍ فُهِمَ منه الضَّمانُ عُرْفًا، مثْلَ قَوْلِه: زَوِّجْه، وأنا أُؤَدِّي الصَّداقَ. أو: بِعْه، وأنا أُعْطِيك الثَّمَنَ. أو: اتْرُكْه، ولا تُطالِبْه، وأنا أُعْطِيك. ونحو ذلك.

قوله: ولصاحِبِ الحَقِّ مُطالبَةُ مَن شاءَ منهما. بلا نِزاعٍ، وله مُطالبَتُهما معًا أيضًا. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وغيرُه.

قوله: في الحياةِ والمَوْتِ. هذا المذهبُ، بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ، فإنْ ماتَ أحدُهما، فمِنَ التَّرِكَةِ. قال في «الفُروعِ»: والمذهبُ حَياةً ومَوْتًا. وعنه، يبَرأُ المَدْيونُ بمُجَرَّدِ الضَّمانِ، إنْ كان مَيِّتًا مُفْلِسًا. نصَّ عليه، على ما يأْتِي.

ص: 7

فَإِنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، بَرِئ الضَّامِنُ، وَإِنْ بَرِئَ الضَّامِنُ، أوْ أُقِرَّ بِبَرَاءَتِهِ، لَمْ يَبْرَأَ المَضْمُونُ عَنْهُ.

ــ

قوله: فإنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ المَضْمُونِ عنه، بَرِئَ الضَّامِنُ، وإنْ بَرِئَ الضَّامِنُ، أو أُقِرَّ ببَراءَتِه، لم يبْرَأ المَضْمُونُ عنه. بلا نِزاعٍ. ويأْتِي بعدَ قوْلِه: وإنِ اعْترَفَ المَضْمونُ له بالقَضاءِ، أو قال: بَرِئْتَ إليَّ، أو أبْرَأْتُك.

ص: 11

ولو ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا، فَأَسْلَمَ الْمَضْمُونُ لَهُ أَو الْمَضْمُونُ عَنْهُ، بَرِئَ هُوَ وَالضَّامِنُ مَعًا.

ــ

قوله: ولو ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لذِمِّيٍّ عن ذِمِّيٍّ خَمْرًا، فأسْلَمَ المَضْمُونُ له أو المَضْمُونُ

ص: 12

وَلَا يَصِحُّ إلا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ.

ــ

عنه، بَرِئ هو والضَّامِنُ معًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، نصَّ عليه. وعنه، إنْ لم يُسْلِمِ المَضْمُونُ له، فله قِيمَتُها. وقيل: يُوَكِّلا ذِمِّيًّا يشْتَرِيها. ولو أسْلَمَ ضامِنُها، بَرِئ وحْدَه.

قوله: ولا يصِحُّ إلَّا مِن جائزِ التَّصَرُّفِ. يُسْتَثْنَى مِن ذلك، المُفْلِسُ المَحْجُورُ عليه؛ فإنَّه يصِحُّ ضَمانُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. [وجزم به](1) في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرِهم. وقد صرَّح به المُصَنِّفُ في هذا الكتابِ، في بابِ الحَجْرِ؛ حيثُ قال: وإنْ تصَرَّفَ في ذِمَّتِه بشِراءٍ، أو ضَمانٍ، أو إقْرارٍ، صحَّ. وقدَّمه في «الفُروعِ» . وفي

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 13

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«التَّبْصِرَةِ» رِوايَةٌ، لا يصِحُّ ضَمانُ المُفْلِسِ المَحْجُورِ عليه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. أو يكونُ مَفْهومُ كلامِه هنا مَخْصُوصًا [بما صرَّح به هناك](1)، وهو أوْلَى. قال في «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ على هذه الرِّوايَةِ عدَمُ صِحَّةِ تصَرُّفِه في ذِمَّتِه.

تنبيه: قال في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن»: ومَن صحَّ تصَرُّفُه بنَفْسِه، صحَّ ضَمانُه، ومَن لا، فلا. وقيل: يصِحُّ ضَمانُ مَن حُجِرَ عليه لسَفَهٍ، ويُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ الحَجْرِ، كالمُفْلِسِ. وصرَّحُوا بصِحَّةِ ضَمانِ المُفْلِسِ، ويُتْبَعُ به بعدَ فكِّ الحَجْرِ، فيكونُ (2) عُمومُ كلامِهم أوَّلًا مخْصوصًا بغيرِ المَحْجُورِ عليه للمُفْلِسَ.

تنبيه: دخَل في عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّةُ ضَمانِ المَريضِ. وهو صحيحٌ، فيصِحُّ ضَمانُه، بلا نِزاعٍ. لكِنْ إنْ ماتَ في مَرضِه، حُسِبَ ما ضَمِنَه مِن ثُلُثِه.

فائدة: في صِحَّةِ ضَمانِ المُكاتَبِ لغيرِه، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ» ، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: ولا يصِحُّ إلَّا مِن جائز تَبَرُّعُه سِوَى المُفْلِسِ المَحْجُورِ عليه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم: ومَن صحَّ تصَرُّفُه بنَفْسِه، زادَ في «الرِّعايَةِ»: وتبَرُّعُه بمالِه، صحَّ ضَمانُه. والوَجْهُ الثَّانِي: يصِحُّ (3). قال ابنُ رَزِينٍ: ويُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ،

(1) في الأصل، ط:«صرح به هنا» .

(2)

سقط من الأصل، ط.

(3)

في الأصل: «لا يصح» .

ص: 14

وَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ، وَلَا صَبِيٍّ، وَلَا سَفِيهٍ، وَلَا مِنْ عَبْدٍ بِغَيرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ، وَيُتْبَعَ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ. وَإنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، صَحَّ، وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينَ.

ــ

كالقِنِّ. وقيل: يصِحُّ بإذْنِ سيِّدِه، ولا يصِحُّ بغيرِ إذْنِه. ولعَلَّه المذهبُ. وجزَم به في «الكافِي» . وقدَّم في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، عَدمَ الصِّحَّةِ، إذا كان بغيرِ إذْنِ سيِّدِه. وأطْلَقُوا الوَجْهَين، إذا كان بإذْنِه.

قوله: ولا يصِحُّ إلَّا مِن جائزِ التَّصَرُّفِ، ولا يصِحُّ مِن مَجْنُونٍ، ولا صَبِيٍّ، ولا سَفِيهٍ. أمَّا المَجْنونُ، فلا يصِحُّ ضَمانُه، قوْلًا واحِدًا. وكذا الصَّبِيُّ غيرُ المُمَيِّزِ، وكذا المُمَيِّزُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقدَّمه في «الكافِي» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما. وصحَّحه في «الفائقِ» وغيرِه. [وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه](1). وعنه، يصِحُّ ضَمانُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: خرَّج أصحابُنا صِحَّةَ ضَمانِه على الرِّوايتَين في صِحّةِ إقْرارِه. ويأْتِي حُكْمُ

(1) زيادة من: ا.

ص: 15

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إقْرارِه في بابِه. وقال ابنُ رَزِين: وقيل: يصِحُّ، بِناءً على تصَرُّفاتِه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايتَين» ،

ص: 16

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم. وقال في «الكافِي»: وخرَّج بعضُ أصحابِنا صِحَّةَ ضَمانِ الصَّبِيِّ بإذْنِ وَلِيِّه، [على الروايتَين في صِحَّةِ بَيعِه. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: يصح بإذْنِ وَلِيِّه] (1). فعلى المذهبِ، لو ضَمِنَ، وقال: كان قبلَ بُلُوغِي. وقال خَصْمُه: بل بعدَه. فقال القاضي: قِياسُ قَوْلِ أحمدَ أنَّ القَوْلَ

(1) زيادة من: ا.

ص: 17

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوْلُ المَضْمُونِ له. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وقيل: القَوْلُ قوْلُ الضَّامِنِ. وهي شَبِيهَةٌ بما إذا باعَ، ثم ادَّعَى الصِّغَرَ بعدَ بُلُوغِه، على ما تقدَّم في الخِيارِ، عندَ قوْلِه: وإنِ اخْتلَفا في أجَل أو شَرْطٍ، فالقَوْلُ قَوْلُ مَن يَنْفِيه. والمذهبُ هناك، لا يُقْبَلُ قَوْلُه، فكذا هنا. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَتين» ، و «الفائقِ» ، و «الحاويَيْن» . وأمَّا السَّفِيهُ المَحْجورُ عليه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ ضَمانُه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: هذا أوْلَى. وقيل: يصِحُّ. وهو احْتِمالٌ للقاضي، وأبي الخَطَّابِ، قاله (1) في

(1) في الأصل، ط:«قال» .

ص: 18

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُسْتَوْعِبِ» ، وهو وَجْهٌ في «المُذْهَبِ». قال في «الكافِي»: وقال القاضي: يصِحُّ ضَمانُ السَّفِيهِ، ويُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه. قال: وهو بعيدٌ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» .

قوله: ولا مِن عَبْدٍ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه -هذا المذهبُ، بلا رَيبٍ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ- ويحْتَمِلُ أنْ يصِحَّ ويُتْبَعَ به بعدَ العِتْقِ. وهو لأبي الخَطَّابِ، وهو رِوايَة عن أحمدَ، فيُطالِبُه به بعدَ عِتْقِه. قال في «التّلْخيصِ»: والمَنْصوصُ، يصِحُّ. بعدَ أنْ أطْلَقَ وَجْهَين. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: الصِّحَّةُ أظْهَرُ.

قوله: وإنْ ضَمِنَ بإذْنِ سَيِّدِه، صَحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وحكَى ابنُ رَزين في «نِهايَتِه» وَجْهًا بعدَمِ الصحَّةِ.

قوله: وهل يتَعَلَّقُ برَقَبَتِه أو ذِمَّةِ سيِّدِه؟ على رِوايتَين. وقيل: وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الكافِي» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» ؛ إحْداهما، يتَعلَّقُ بذِمَّةِ سيِّدِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» . وصحَّحه في «التَّصْحيح» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، ذكَرَه في آخِرِ الحَجْرِ. قال ابنُ عَقِيل: ظاهِرُ المذهبِ وقِياسُه، أنْ يتَعلَّقَ بذِمَّةِ سيِّدِه. والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، يتَعلَّقُ برَقَبَتِه. قال

ص: 19

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القاضي: قِياسُ المذهبِ، أنَّ المال يتَعلَّقُ برَقَبَتِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: مَنْشَؤُهما أنَّ دُيونَ المَأْذُونِ له في التِّجارَة؛ هل تتَعَلَّقُ برَقَبَتِه، أو بذِمَّةِ سيِّدِه؟. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: والصَّحيحُ هناك التَّعَلُّقُ بذِمَّةِ سيِّدِه. وقال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» : ويتَعَلَّقُ برَقَبَتِه. وقيل: بذِمَّةِ سيِّدِه. وقيل: فيه رِوايَتان، كاسْتِدانَتِه. ويأْتِي ذلك في آخِرِ الحَجْرِ. واخْتِيرَ في «الرِّعايَةِ» ، أنْ يكونَ في كَسْبِه، فإنْ عَدِمَ، ففي رَقَبَتِه.

فائدة: يصِحُّ ضَمانُ الأخْرَسِ، إذا فُهِمَتْ إشارَتُه، وإلَّا فلا.

ص: 20

وَلَا يَصِحُّ إلا بِرِضَا الضَّامِنِ، وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ، وَلَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلَا مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ لَهُمَا،

ــ

قوله: ولا يُعتَبَرُ مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ لهما. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَين» ،

ص: 21

وَلَا كَوْنُ الْحَقِّ مَعْلُومًا وَلَا وَاجِبًا إذَا كَانَ مَآلُهُ إلَى الْوُجُوبِ، فَلَوْ قَال: ضَمِنْت لَكَ مَا عَلَى فُلَانٍ. أَوْ: مَا تُدَايِنُهُ بِهِ. صَحَّ.

ــ

و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه النَّاظِمُ وغيرُه. وقال القاضي: يُعْتَبَرُ مَعْرِفَتُهما. واخْتارَه ابنُ البَنَّا. وذكَر القاضي وَجْهًا آخَرَ؛ يُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ المَضْمُونِ له، دُونَ مَعْرِفَةِ المَضْمُونِ عنه.

قوله: ولا كَوْنُ الحَق معْلومًا -يعْنِي، إذا كان مآله إلى العِلْمِ- ولا واجِبًا إذا كان مآله إلى الوُجوبِ، فلو قال: ضَمِنْتُ لك ما على فُلانٍ. أو ما تُدايِنُه به، صحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفي «المُغْنِي» ، احْتِمالٌ أنَّه لا يصِحُّ

ص: 22

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ضَمِانُ ما سيجِبُ. فعلى المذهبِ، يجوزُ له إبطْالُ الضَّمانِ قبلَ وُجوبِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ»: له إبْطالُه قبلَ وجُوبِه في الأصحِّ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقيل: ليس له إبْطالُه.

فائدتان؛ إحْداهما، لا يصِحُّ ضَمانُ بعضِ الدَّينِ مُبْهَمًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» ؛ و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ». وقال أبو الخَطَّابِ: يصِحُّ، ويُفَسِّرُه. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: لا تُعْرَفُ الرِّوايَةُ عن إمامِنا، فيُمْنَعُ. وقد سلَّمَه بعضُ الأصحابِ؛ لجَهالتِه حالًا ومآلًا. ولو ضَمِنَ أحدَ هذَين الدَّينَين، لم يصِحَّ، قوْلًا واحدًا. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ صِحَّةَ ضَمانِ الحارِسِ ونحوه، وتُجَّارِ الحَرْبِ ما يذْهَبُ مِنَ البَلَدِ أو مِنَ البَحْرِ، وأنَّ غايتَه ضَمانُ ما لم يجِبْ. وضَمانُ المَجْهُولِ كضَمانِ السُّوقِ، وهو أنْ يضْمَنَ ما يجِبُ على التُّجَّارِ للنَّاسِ مِنَ الدُّيونِ، وهو جائزٌ عندَ أكثرِ العُلَماءِ، كمالِكٍ، وأبِي حَنِيفَةَ، وأحمدَ. الثَّانيةُ، لو قال: ما أعْطَيتَ فُلانًا، فهو علَيَّ. فهل يكونُ ضامنًا لما يُعْطِيه في المُسْتَقْبَلِ، أو لما أعْطاه في الماضِي، ما لم تَصْرِفْه قَرِينَةٌ

ص: 23

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن أحَدِهما؟ فيه وَجْهان، ذكَرَهُما في «الإرْشادِ» . وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوي الكَبِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ؛ أحدُهما، يكونُ للماضِي. قال الزَّرْكَشِيُّ: يحْتَمِلُ أنْ يكونَ ذلك مُرادَ الخِرَقِيِّ، ويُرَجِّحُه إعْمالُ الحَقيقَةِ.

ص: 24

وَيَصِحُّ ضَمَانُ دَينِ الضَّامِنِ،

ــ

وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وصحَّحه في «النَّظْمِ» . والوَجْهُ الثَّانِي، يكونُ للمُسْتَقْبَلِ. [وصحّحه شارحُ «المُحَرَّرِ»](1). وحمَل المُصَنِّفُ كلامَ الخِرَقِيِّ عليه، فيكونُ اخْتِيارَ الْخِرَقِيِّ. قال في «الفُروعِ»: وما أعْطَيتَ فُلانًا، علَيَّ، ونحوُه، ولا قَرِينَةَ، قُبِلَ منه. وقيل: للواجبِ. انتهى. وقد ذكَر النُّحاةُ الوَجْهَين. وقد ورَد للماضِي، في قوْلِه تعالى:{الَّذِينَ قَال لَهُمُ النَّاسُ} (2). وورَد للمُسْتقْبَلِ في قوْلِه تعالى: {إلا الَّذِينَ تَابُوا} (3). قاله الزَّرْكَشِيُّ. قلتُ: قد يتَوَجَّهُ أنَّه للماضِي والمُسْتَقْبَلِ، [فيُقْبَلُ تفْسِيرُه بأحَدِهما. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ»](1).

تنبيه: مُرادُه بقَوْلِه: ويصِحُّ ضَمانُ دَينِ الضَّامِنِ. أي الدَّينُ الذي ضَمِنَه الضَّامِنُ، فيَثْبُتُ الحَقُّ في ذِمَمِ الثَّلاثَةِ. وكذا يصِحُّ ضَمانُ الدَّينِ الذي (4) كفَلَه الكَفِيلُ، فيبْرَأُ الثَّانِي بإبْراءِ الأوَّلِ، ولا عَكْسَ. وإنْ قضَى الدَّينَ الضَّامِنُ الأوَّلُ،

(1) زيادة من: ا.

(2)

سورة: آل عمران 173.

(3)

سورة: البقرة 160.

(4)

سقط من: الأصل.

ص: 25

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رجَع على المَضْمُونِ عنه. وإنْ قَضاه الثَّانِي، رجَع على الضَّامِنِ الأوَّلِ، ثُم يَرْجِعُ الأوَّلُ على المَضْمُونِ عنه، إذا كان كلٌّ منهما أَذِنَ لصاحبِه، وإنْ لم يَكُنْ أَذِنَ، ففي الرُّجوعِ رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ». قلتُ: المذهبُ الرُّجوعُ. على ما يأْتِي فيما إذا قضَى الضَّامِنُ

ص: 26

وَدَينِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ وَغَيرِهِ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَينَ.

ــ

الدَّينَ. وقال في «الرِّعايَةِ» ، في هذه المَسْأَلةِ: ولم يَرْجِعِ الأوَّلُ على أحَدٍ، على الأظْهَرِ. ويأْتِي بعضُ مَسائلَ تتَعَلَّقُ بالضَّامِنِ، إذا تعَدَّدَ، وغيرِه في الكَفالةِ، فليُعْلَمْ.

قوله: ويصِحُّ ضَمانُ دَينِ المَيِّتِ المُفْلِسِ وغيرِه. أي وغيرِ المُفْلِسِ. يصِحُّ ضَمانُ دَينِ المَيِّتِ المُفْلِسِ، بلا نِزاعٍ. ويصِحُّ ضَمانُ دَينِ المَيِّتِ غيرِ المُفْلِسِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ.

قوله: ولا تبْرَأُ ذِمَّتُه قبلَ القَضاءِ، في أصَحِّ الرِّوايتَين. وكذا قال في «الهِدايَةِ» ،

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، يبْرَأُ بمُجَرَّدِ الضَّمانِ. نصَّ عليها، وتقَدَّمَتْ.

ص: 28

وَيَصِحُّ ضَمَانُ عُهْدَةِ الْمَبِيعِ عَنِ الْبَائِعَ لِلْمُشْتَرِي، وَعَنِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ.

ــ

قوله: ويصِحُّ ضَمانُ عُهْدَةِ المَبِيعِ عنِ البائعِ للمُشْتَرِي، وعنِ المُشْتَرِي للبائعِ. بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. وحكَى النَّاظِمُ وغيرُه، فيه خِلافًا. فضَمانُه عنِ المُشْتَرِي للبائعِ؛ أنْ يضْمَنَ الثَّمَنَ الواجِبَ قبلَ تَسْلِيمِه، أو إنْ ظهَر به عَيبٌ، أو اسْتُحِقَّ. وضَمانُه عن البائعِ للمُشْتَرِي؛ أنْ يَضْمَنَ عن البائعِ الثَّمَنَ متى خرَج المَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، أو رُدَّ بعَيبٍ أو أرْشِ العَيبِ. وضَمانُ العُهْدةِ في المَوْضِعَين، هو ضَمانُ الثَّمَنِ أو بعضِه عن أحَدِهما للآخَرِ. وأصْلُ العُهْدَةِ؛ هو الكِتابُ الذي

ص: 29

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تُكْتَبُ فيه الوَثِيقَةُ للبَيعِ، ويُذْكَرُ فيه الثَّمَنُ. ثم عبَّر به عنِ الثَّمَنِ الذي يضْمَنُه. وألْفاظُ ضَمانِ العُهْدَةِ: ضَمِنْتُ عُهْدَتَه، أو ثَمَنَه، أو دَرَكَه. أو يقولُ للمُشْتَرِي: ضَمِنْتُ خَلاصَك منه. أو متى خرَج المَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، فقد ضَمِنْتُ لك الثَّمَنَ. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه. وقال أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ» ، و «الشَّافِي»: لا يصِحُّ ضَمانُ الدَّرَكِ. قال بعضُ الأصحابِ: أرادَ أبو بَكْر ضَمانَ العُهْدَةِ. ورُدَّ. فقال القاضي: لا يخْتَلِفُ المذهبُ أنَّ ضَمانَ الدَّرَكِ لثَمَنِ المَبِيعِ يصِحُّ، وإنَّما الذي

ص: 30

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يصِحُّ، ضَمانُ الدَّرَكِ لعَينِ المَبِيعِ. وقد بيَّنَة أبو بَكْرٍ، فقال: إنَّما ضمِنَه يُريدُ الثَّمَنَ، لا الخَلاصَ، لأنَّه إذا باعَ ما لا يمْلِكُ، فهو باطِلٌ، أوْمأ إلى هذا أحمدُ.

فوائد؛ الأُولَى، لو بنَى المُشْتَرِي، ونقَضَه المُسْتَحِقُّ، فالأنْقاضُ للمُشْتري، ويرْجِعُ بقِيمَةِ التَّالِفِ على البائِع، وهل (1) يدْخُلُ في ضَمانِ العُهْدةِ [في حقِّ ضامِنِها؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يدْخُلُ في ضَمانِ العُهْدَةِ](2). قدَّمه في «الرِّعايتَين» ،

(1) في الأصل، ط:«وهذا» .

(2)

سقط من: الأصل، ط.

ص: 31

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الحاويَيْن» . والثَّانِي، لا يدْخُلُ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْح» ؛ فإنَّهما ما ضَمَّناه، إلَّا إذا ضَمِنَ ما يحْدُثُ في المَبِيعِ مِن بِناءٍ،

ص: 32

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو غِراسٍ. الثَّانيَةُ، لو خافَ المُشْتَرِي فَسادَ البَيعِ بغيرِ اسْتِحْقاقِ المَبيعِ، أو كَوْنَ العِوَضِ مَعِيبًا، أو شَكَّ في كَمالِ الصَّنْجَةِ، أو جَوْدَةِ جِنْسِ الثَّمَنِ، فضَمِنَ ذلك صرِيحًا، صحَّ كضَمانِ العُهْدَةِ. وإنْ لم يُصَرِّحْ، فهل يدْخُلُ في مُطْلَقِ ضَمانِ العُهْدَةِ؟ على وَجْهين. وأطْلَقَهما في «التلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ» . الثَّالثَةُ، يصِحُّ ضَمانُ نَقْصِ الصَّنْجَةِ، ونحوها، ويرْجِعُ بقَوْلِه، مع يَمِيِنه، على الصّحيحِ

ص: 33

وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ دَينِ الْكِتَابَةِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَينِ.

ــ

مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يرْجِعُ ببَيِّنَةٍ في حقِّ الضَّامِنِ.

قوله: ولا يصِحُّ ضَمانُ دَينِ الكِتابَةِ، في أصَحِّ الرِّوايتَين. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الكافِي» ، وقال: هذا المذهبُ. [قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و](1) الشَّارِحُ: هذا أصحُّ. وصحَّحه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» . والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، يصِحُّ ضَمانُه، سواءٌ كان الضَّامِنُ حُرًّا أو غيرَه. وحكَاها في «الخُلاصَةِ» وَجْهًا. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ،

(1) زيادة من: ا.

ص: 34

وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الأَمَانَاتِ؛ كَالْوَدِيعَةِ وَنَحْوهَا، إلا أَنْ يَضْمَنَ التَّعَدِّيَ فِيهَا.

ــ

و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ». وقال القاضي: يصِحُّ ضَمانُه إذا كان حُرًّا؛ لسَعَةِ تصَرُّفِه. [قدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»](1). واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وتقدَّم، هل يصِحُّ أنْ يكونَ المُكاتَبُ ضامِنًا، أوْ لا؟ ويأْتِي في بابِ الكِتابَةِ، إذا ضمِنَ أحدُ المُكاتَبَين الآخرَ، هل يصِحُّ، أم لا؟

قوله: ولا يصِحُّ ضَمانُ الأماناتِ، كالوَدِيعَةِ ونحوها. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِح. وحمَل على التَّعَدِّي، كتَصْريحِه به؛ فإنَّه يصِحُّ.

(1) زيادة من: ا.

ص: 35

وَأَمَّا الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ، كَالْغُصُوبِ، وَالعَوَارِي، وَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ، فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا.

ــ

بلا نِزاعٍ. وقد صرَّح به المُصَنِّفُ هنا، وغيرُه مِنَ الأصحابِ.

قوله: فأَمَّا الأَعْيانُ المَضْمُونَةُ؛ كالغُصُوبِ، والعَوارِي، والمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ، فيصِحُّ ضَمانُها. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ ضَمانُها.

تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رحمه الله، أنَّ المَقْبوضَ على وَجْهِ السَّوْمِ مِن ضَمانِ القابِض، وأنَّ ضَمانَه يصِحُّ. والأصحابُ، رحمهم الله، يذْكُرُون مَسأَلةَ ضَمانِ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ، في فَصْل، مَن باعَ مَكِيلًا أوْ مَوْزُونًا. ويذْكُرُونها أيضًا في أحْكامِ القَبْضِ، ويذْكُرُون مَسأَلةَ الضَّامِنِ هنا، ومَسْأَلةُ صِحَّةِ ضَمانِ الضَّامِنِ للمَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ مُتَرتِّبَةٌ على ضَمانِه بقَبْضِه. واعْلمْ أنَّه قد ورَد

ص: 36

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن الإمامِ أحمدَ في (1) ضَمانِ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ نُصوصٌ؛ فنقَل حَرْبٌ، وأبو طالِبٍ، وغيرُهما، ضَمانَ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ وغيرُه، أنَّه مِن ضمانِ المالِكِ؛ كالرَّهْنِ، وما يقْبِضُه الأجِيرُ. ونقَل حَنْبَل، إذا ضاعَ مِنَ المُشْتَرِي، ولم يقْطَعْ ثَمَنَه، أو قطَع ثَمَنَه، لَزِمَه. ونقَل حَرْبٌ وغيرُه، في مَن قال: بِعْنِي هذا. فقال: خُذْه بما شِئْتَ. فأخَذَه، فماتَ بيَدِه، [قال: هو مِن مالِ بائعِه؛ لأنَّه مِلْكُه حتى يقْطَعَ ثَمَنَه. ونقَل ابنُ مُشَيش، في مَن قال: بعِنْيِه. فقال: خُذْه بما شِئْتَ. فأخَذَه، فماتَ بيَدِه] (2)، يضْمَنُه ربُّه، هذا بَعدُ (3) لم يمْلِكْه. قال المَجْدُ: هذا يدُلُّ على أنَّه أمانَةٌ، وأنَّه يُخَرَّجُ مِثْلُه في بَيعِ خِيارٍ، على قَوْلِنا: لا يمْلِكُه. وقال: تضْمِينُه مَنافِعَه، كزِيادَةٍ، وأوْلَى. انتهى. فهذه نُصوصُه في هذه المَسْأَلةِ. قال في «الفُروعِ»: ذكَر الأصحابُ في ضَمانِه رِوايتَين. قال ابنُ رَجَب في «قَواعِدِه» : فمِنَ الأصحابِ مَن حكَى في ضَمانِه رِوايتَين، سواءٌ أخَذ بتَقْديرِ الثَّمَنِ، أو بدُونِه. وهي طَرِيقَةُ القاضي، وابنِ عَقِيل. وصحَّح الضَّمانَ؛ لأنَّه مَقْبوضٌ على وَجْهِ البَدَلِ والعِوَضِ، فهو كمَقْبوض بعَقْدِ فاسِدٍ. انتهى. قلتُ: ذكَر الأصحابُ في المَقْبوضِ على وَجْهِ

(1) سقط من: الأصل، ا.

(2)

سقط من: الأصل، ط.

(3)

في الأصل، ط:«العبد» .

ص: 37

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

السَّوْمِ ثَلاثَ صُورٍ؛ الأُولَى، أنْ يُساومَ إنْسانًا في ثَوْبٍ أو نحوه، ويقْطَعَ ثَمَنَه، ثم يقْبِضَه ليُرِيَه أهْلَه، فإنْ رَضُوه، وإلَّا ردَّه، فيتْلَفُ. ففي هذه الصُّورَةِ، يضْمَنُ إنْ صحَّ بَيعُ المُعاطاةِ. والمذهبُ صِحَّةُ بَيعِ المُعاطاةِ. وجزَم بذلك في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. قال ابنُ أبي مُوسنى: يضْمَنُه بغيرِ خِلافٍ. قال ابنُ رَجَبٍ، في «قَواعِدِه»: وهذا يدُلُّ على أنَّه يَجْرِي فيه الخِلافُ إذا قُلْنا: إنَّه لم ينْعَقِدِ البَيعُ بذلك. وفي كلامِ أحمدَ إيماءٌ إلى ذلك. انتهى. الثَّانيَةُ، لو ساوَمَه، وأخَذَه ليُرِيَه أهْلَه، إنْ رَضُوه، وإلَّا ردَّه مِن غيرِ قَطْعِ ثَمَنِه، فيتْلَفُ، ففي ضَمانِه رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . إحْداهما، يضْمَنُه القابِضُ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، في هذا البابِ. قال ابنُ أبي مُوسى: فهو مَضْمونٌ بغيرِ خِلافٍ. نُقِلَ عن أحمدَ، هو مِن ضَمانِ قابِضِه، كالعارِيَّةِ. والرَّوايَةُ الثَّانيَةُ، لا يضْمنُه. قال في «الحاويَيْن»: نقَل ابنُ مَنْصُورٍ وغيرُه، هو مِن ضَمانِ

ص: 38

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المالِكِ، كالرَّهْنِ، وما يقْبِضُه الأجِيرُ. الثَّالثَةُ، لو أخَذَه بإذْنِ رَبِّه ليُرِيَه أهْلَه، إنْ رَضُوه اشْتَراه، وإلَّا ردَّه، فتَلِفَ بلا تَفْريطٍ، [يضْمَنْ] (1). قال ابنُ أبي مُوسى: هذا أظْهرُ عنه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاويَيْن». قال في «الفائقِ»: فلا ضَمانَ في أظْهَرِ الرِّوايتَين. وعنه، يضْمَنُه بقِيمَتِه.

فائدة: المَقْبوضُ في الإجارَةِ على وَجْهِ السَّوْمِ، حُكْمُه حُكْمُ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ في البَيعِ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ» . واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ» ، وقال: ووَلَدُ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ، كهُوَ، لا وَلَدَ جانِيَةٍ، وضامِنَةٍ، وشاهِدَةٍ، ومُوصًى بها، وحقٍّ جائزٍ، وضَمانِه. وفيه في «الانْتِصارِ» ، إنْ أذِنَ لأمَتِه فيه، سرَى (2). وفي طْرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، ووَلَدُ مُوصًى

(1) سقط من: الأصل.

(2)

في الأصل، ط:«سوى» .

ص: 39

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بعِتْقِها؛ لعدَمِ تعَلُّقِ الحُكْمِ بها، وإنَّما المُخاطَبُ المُوصَى إليه. انتهى. وفي ذلك بعضُ مَسائلَ، ما أعْلَمُ صُورَتَها؛ منها، قوْلُه: وحقٌّ جائزٌ. قال في «القاعِدَةِ الثَّانيَةِ والثَّمانِين» : منها، الشَّاهِدَةُ، والضَّامِنَةُ، والكَفِيلَةُ، لا يتَعَلَّقُ بأوْلادِ هِنَّ شيءٌ. ذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ. واخْتارَ القاضي في «خِلافِه» ، أنَّ وَلَدَ الضَّامِنَةِ يتْبَعُها، ويُباعُ معها، كوَلَدِ المَرْهُونَةِ. وضعَّفَه ابنُ عَقِيل في «نظَرِيَّاتِه». وقال في «القاعِدَةِ» المذْكُورَةِ (1): الأمَةُ الجانِيَةُ لا يتَعلَّقُ بأَوْلادِها وأكْسابِها شيءٌ. [وقال في «القاعِدَةِ» المَذْكُورَةِ: إذا وَلَدَتِ المَقْبوضَةُ على وَجْهِ السَّوْمِ في يَدِ القابِضِ، فقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: حُكْمُه حُكْمُ أصْلِه. قال ابنُ رَجَبٍ: ويُمْكِنُ أنْ يُخَرَّجَ فيه وَجْهٌ آخَرُ؛ أنَّه ليس بمَضْمونٍ، كوَلَدِ العاريَّةِ](2). ويأْتِي في آخِرِ بابِ العاريَّةِ، حُكْمُ وَلَدِ المُعارَةِ، والمُؤْجَرَةِ، ووَلَدِ الوَدِيعَةِ، ويأْتِي حُكْمُ وَلَدِ المُدَبَّرَةِ والمُكاتَبَةِ في بابَيهما.

فائدتان؛ إحْداهما، إذا طُولِبَ الضَّامِنُ بالدَّيْنِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ ضَمِنَ

(1) سقط من: الأصل، ط.

(2)

سقط من: الأصل، ط.

ص: 40

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بإذْنِ المَضْمونِ عنه، أوْ لا، فإنْ كان ضَمِنَه بإذْنِه، فله مُطالبَتُه بتَخْليصِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: له ذلك في الأصحِّ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» . [وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»](1). وقيل: ليس للضَّامِنِ مُطالبَتُه بتَخْليصِه (2) حتى يُؤَدِّيَ. وإنْ لم يُطالبِ الضَّامِنُ، لم يكُنْ له مُطالبَتُه بتَخْليصِه مِنَ المَضْمونِ له. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ». وقيل: له ذلك. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «التَّلْخيصِ» . وإنْ كان ضَمِنَه بغيرِ إذْنِه، لم يكُنْ له مُطالبَتُه بتَخْليصِه قبلَ الأداءِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، [و «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم](3). وقيل: له ذلك إذا طالبَه. الثَّانيةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لو تَغيَّبَ مَضْمونٌ عنه -أطْلَقَه في مَوْضِعٍ، وقيَّدَه في آخَرَ بقادرٍ على الوَفاءِ -فأُمْسِكَ الضَّامِنُ، وغَرِمَ شيئًا بسَبَبِ ذلك، وأنْفَقَه

(1) زيادة من: ا.

(2)

في الأصل، ط:«بتحليفه» .

ص: 41

وَإنْ قَضَى الضَّامِنُ الدَّينَ مُتَبَرِّعًا، لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْء. وَإنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَكَانَ الضَّمَانُ وَالْقَضَاءُ بِغَيرِ إِذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَهَلْ يَرْجِعُ؟ عَلَى روَايَتَينِ. وَإنْ أَذِنَ فِي أَحَدِهِمَا، فَلَهُ الرُّجُوعُ بأَقَلِّ الأَمْرَينِ مِمَّا قَضَى، أَوْ قَدْرِ الدَّينِ.

ــ

في حَبْسٍ، رجَع به على المَضْمونِ عنه. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ الذي لا يُعْدَلُ عنه. ويأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك في أوائلِ بابِ الحَجْرِ أيضًا.

قوله: وإنْ قضَى الضَّامِنُ الدَّينَ مُتَبَرِّعًا، لم يرْجِعْ بشَيءٍ. وإنْ نوَى الرُّجوعَ، وكان الضَّمانُ والقَضاءُ بغيرِ إذْنِ المَضْمونِ عنه، فهل يرْجِعُ؟ على رِوايتَين. وإنْ أذِنَ في أحَدِهما، فله الرُّجوعُ بأقَلِّ الأمْرَين ممَّا قضَى، أو قَدْرِ الدَّينِ. إذا قضَى الضَّامِنُ الدَّينَ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يقْضِيَه مُتَبَرِّعًا، أوْ لا؛ فإنْ قَضاه مُتَبَرّعًا، لم ويرْجعْ، بلا نِزاعٍ. قال في «الرِّعايَةِ»: هذه هِبَةً تحْتاجُ قَبُولًا وقَبْضًا ورِضًى. والحَوالةُ بما وجَب قَضاءُ. وإنْ قَضاه غيرَ مُتَبَرِّعٍ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أن ينْوىَ الرُّجوعَ،

ص: 42

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو يذْهَلَ عن ذلك؛ فإنْ نوَى الرُّجوعَ، ففيه أرْبَعُ مسَائلَ، شَمِلَها كلامُ المُصَنِّفِ؛ إحْداها، أنْ يضْمَنَ بإذْنِه، ويقْضِيَ بإذْنِه، فيرْجِعَ، بلا نِزاعٍ (1). الثَّانيةُ، أنْ يضْمَنَ بإذْنِه، ويقْضِيَ بغيرِ إذْنِه، [فيرْجِعَ أيضًا، بلا نِزاعٍ. الثَّالثةُ، أنْ](2)[يضْمَنَ بغيرِ إذْنِه، ويقْضِيَ بإذْنِه](3)، فيرْجِعَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، أنَّه لا يرْجِعُ. الرَّابعةُ، أنْ يضْمَنَ بغيرِ إذْنِه، ويقْضِيَ بغيرِ إذْنِه. فهذه فيها الرِّوايَتان. وأطْلَقَهما في

(1) في الأصل: «بلا إذنه» .

(2)

سقط من: الأصل، ط.

(3)

سقط من: الأصل.

ص: 43

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ؛ إحْداهما، يرْجِعُ. وهو المذهبُ، بلا رَيبٍ، ونصَّ عليه. قال ابنُ رَجَبٍ، في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والسَّبْعِين (1)»: يرْجِعُ على أصحِّ الرِّوايتَين. وهي المذهبُ عندَ الخِرَقِيِّ، وأبِي بَكْرٍ، والقاضي، والأكْثَرِين. انتهى. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهي اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، والقاضي، وأبِي الخَطَّابِ، والشَّرِيفِ، وابنِ عَقِيلٍ، والشِّيرازِيِّ، وابنِ البَنَّا، وغيرِهم. قال في «الفائقِ»: اخْتارَه الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ. وجزَم به في «الوَجيز» وغيرِه. وصحَّحه

(1) في الأصول: «والتسعين» . وانظر القواعد 143.

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «التَّصحيحِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وقال: نصَّ عليه، واخْتارَه الأصحابُ. انتهى. قال في «القَواعِدِ»: واشْترَطَ القاضي أن ينْويَ الرُّجوعَ، ويُشْهِدَ على نِيتَّهِ عندَ الأداءِ، فلو نوَى التَّبرُّعَ، أو أطْلَقَ النِّيَّةَ، فلا رُجوعَ له. واشْترَطَ أيضًا أنْ يكونَ المَدْيونُ مُمْتَنِعًا مِنَ الأداءِ. وهو

ص: 45

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يرْجِعُ إلى أنْ لا رُجوعَ إلَّا عندَ تعَذُّرِ إذْنِه. وخالفَ في ذلك صاحِبُ «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» . وهو ظاهِرُ إطْلاقٍ القاضي في «المُجَرَّدِ» ، والأكْثرَين. انتهى. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يرْجِعُ. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ. وقدَّمه في «الفائقِ» . وقال

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ابنُ عَقِيل: يظْهرُ فيها، كذَبْحِ أُضْحِيَةِ غيرِه بلا إذْنِه، في مَنْعِ الضَّمانِ والرُّجوعِ؛ لأنَّ القَضاءَ هنا إبْراءٌ، كتَحْصِيلِ الإجْزاءِ بالذَّبْحِ. انتهى. وإنْ قَضاه، ولم ينْو الرُّجوعَ ولا التَّبرُّعَ، بل ذهَل عن قَصْدِ الرُّجوعِ وعَدَمِه، فالمذهبُ، أنَّه لا يرْجِعُ. اختارَه القاضي، كما تقدَّم. وقدَّمه في «الفُروعِ» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «القَواعِد» ؛ فإنَّه جعَل النِّيَّةَ في قَضاءِ الدَّينِ

ص: 47

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أصْلًا لأحَدِ الوَجْهَين، فيما إذا اشْتَرَى أسِيرًا حُرًّا مُسْلِمًا. وقيل: يرْجِعُ. وهو ظاهِرُ نَقْلِ ابنِ مَنْصُورٍ، وهو ظاهِرُ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» .

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: وكذا الحُكْمُ في كلِّ مَن أدَّى عن غيرِه دَينًا واجِبًا بإذْنِه، وبغيرِ إذْنِه، على ما تقدَّم مِنَ التَّفْصيلِ في ذلك والخِلافِ.

ص: 49

وَإنْ أنْكَرَ الْمَضْمُونُ لَهُ الْقَضَاءَ، وَحَلَف، لَمْ يَرْجِعِ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ، سَوَاء صَدَّقَهُ، أوْ كَذَّبَهُ.

ــ

قوله: وإن أنْكرَ المضْمونُ له القَضاءَ، وحلَف، لم يرْجِعِ الضامِنُ على المَضمونِ عنه، سَواء صَدقَه، أو كَذبَه. إذا ادعَى الضامِنُ القَضْاءَ، وأنْكَرَ المَضمونُ له، فلا يخْلُو؛ إما (1) أنْ يُصَدِّقَه المَضْمونُ عنه، أو يُكَذِّبَه، فإنْ كذَّبَه، لم يرْجِعْ عليه إلَّا ببَينة تشْهَدُ له بالقَضاءِ، فإنْ لم يَكُنْ له بَينة، فللمَضْمونِ له (2) الرُّجوعُ على الأصِيلِ والضامِنِ، فإنْ أخَذ مِنَ الضامِنِ ثانيا، فهل يرْجِعُ الضامن بالأوَّلِ للبَراءَةِ به باطِنًا، أو بالثانِي؟ فيه احْتِمالان مُطْلَقان في «الفُروعِ» (3)؛ أحدُهما، يرْجِعُ

(1) سقط من: الأصل، ط.

(2)

سقط من: الأصول، وانظر: المغني 7/ 94.

(3)

زيادة من: ا.

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بما قَضاه ثانِيًا. قدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشّرح» ، وقالا: هو أرجَح. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرحِه» . والثَّانِي، يرجِعُ بما قَضاه أوَّلًا. وهما طَرِيقَة مُوجَزَة في «الرعايَةِ» . والثَّانِي، قدَّمه فيها، أنَّه يرجِعُ عليه مَرَّةً واحدَةً بقدرِ الدينِ. ولا مُنافاةَ بينَ الطَّرِيقَتَين. وإنْ صدقَه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ قَضاه بإشْهادٍ أو غيرِه؛ فإنْ قَضاه بإشْهادٍ صحيحٍ، رجَع عليه، ولو كانتِ البينةُ غائبَةً أو ميتةً. وتقدم نَظيرُه في الرَّهْنِ، ويأتِي في الوَكالةِ. لكِنْ لو رُدت الشَّهادَةُ بأمر خَفِيّ، كالفِسْقِ باطِنًا، أو كانتِ الشَّهادَةُ مُخْتَلَفًا فيها؛ كشَهادَةِ العَبِيدِ، أو شاهدٍ واحدٍ، أو كان

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَيِّتًا أو غالبًا، فهل يرجِعُ؟ فيه احتِمالان مُطْلَقان في «المُغْني» ، و «الشرحِ» ، و «الفُروع» . قطَع في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، إنّه لا يكْفِي شاهِدٌ واحِد. وقال في «الكُبْرَى»: قلتُ: بلَى، ويحلِفُ معه. فلو ادَّعَى الإشْهادَ، وأنْكَرَه المَضْمونُ عنه، فهل يُقْبَلُ قولُه؟ فيه وَجْهان، أطْلَقهما في «الفُروع» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وإنْ قَضاه بغيرِ إشْهاد، فلا يخْلُو؛ إما أنْ يكونَ القَضاءُ

ص: 52

وإنِ اعتَرَفَ بِالْقَضَاءِ، وَأنكَرَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ، لَمْ يُسْمَع إِنْكَارُهُ.

ــ

بحَضْرَةِ المَضْمونِ عنه، أو في غَيبَتِه، فإنْ كان بحَضْرَتِه، رجَع. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. صححه في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايتَين» . وجزَم به في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقدمه في «المُحَرَّر» ، و «شَرح ابنِ رَزِين» ، وغيرِهما. وقيل: ليس له الرُّجوعُ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، و «الحاويَيْن» . وإنْ كان القَضاءُ في غَيبَةِ المَضْمونِ عنه (1)، لم يرجِع عليه، قوْلًا واحِدًا.

قوله: وإنِ اعتَرَفَ بالقَضاءِ -أي المَضْمونُ له- وأنْكَرَ المَضْمونُ عنه، لم يُسْمَع إنْكارُه. ويرجِعُ عليه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المذهب» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشرح» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. قال في «التلْخيص»: رجَع، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال الشَّارِحُ: هذا أصح. قال في «الفُروع» : رجَع في الأصحِّ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا يرجِعُ. وهو

(1) زيادة من: ا.

ص: 53

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

احتِمال لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» . وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» . فائدتان؛ الأُولَى، لو قال المَضْمونُ له: بَرِئْتَ إليَّ مِنَ الدَّيْنِ. فهو مُقِرٌّ بقَبْضِه. ولو قال: بَرِئْتَ. ولم يقُلْ: إليَّ. لم يكُنْ مُقِرًّا بالقَبْضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشّرحِ». وصحَّحه. وقيل: يكونُ مُقِرًّا به. واخْتارَه القاضي، قاله في «المُسْتَوْعِبِ» ، قال في «المُنَوِّرِ»: وإنْ قال رَبُّ الحقِّ للضَّامِنِ (1): بَرِئْتَ إليَّ مِنَ الدَّينِ. فهو مُقِرٌّ بقَبْضِه. وأطْلَقَهما في «التلْخيضِ» ، و «المُحَررِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ». ولو قال: أبرَأتك. لم يكُنْ مُقِرًّا بالقَبْضِ، قوْلًا واحدًا. الثانيةُ، لو قال: وهبْتُك الحقَّ. فهو تَملِيك، فيرجِعُ على المَضْمونِ عنه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو إبْراء، فلا رُجوعَ.

(1) في الأصل، ط:«الضامن» .

ص: 54

وإنْ قَضَى الْمُؤجَّلَ قَبْلَ أجَلِهِ، لَمْ يرجِع حَتَّى يَحِلَّ. وَإنْ مَاتَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ أو الضّامِنُ، فَهلْ يَحِل الدَّينُ عَلَيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ، وَأيُّهُمَا حَلَّ عَلَيهِ، لم يَحِلَّ عَلَى الآخَرِ.

ــ

قوله: وإنْ ماتَ المَضْمونُ عنه، أو الضامِنُ، فهل يحِلُّ الدينُ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الشرح» ، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ إحداهما، لا يحِل. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَة» ، و «المُذْهبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الحاويَيْن» . وقدمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرعايتَين» . والثانيةُ، يحِلُّ. وقال ابنُ أبي مُوسى: إذا ماتَ المَضْمونُ عنه قبلَ مَحِل الدين مُفْلسًا به، لم يكُنْ للمَضْمونِ له مُطالبَةُ الضامِنِ قبلَ مَحِله. وإنْ خلف وَفاء بالحَقِّ، فهل يحِلُّ بمَوْتِه؟ على رِوايتَين؛ إحداهما، يحِلُّ. والأخْرَى، لا يحِل

ص: 55

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إذا وَثُقَ الوَرَثَةُ.

تنبيه: ذكَر المُصَنِّفُ هنا الرِّوايتَين [فيما إذا ماتَ أحدُهما، وهي طَرِيقَةُ المُصَنِّفِ، والشارِح، وابنِ مُنَجَّى. وقيل: محَل الرِّوايتَين](1) فيما إذا ماتا معًا. وهي طَرِيقَةُ صاحِبِ «الهِدايَة» ، و «المُذْهبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الحاويَيْن» ، و «الرِّعايَةِ الصغْرَى» وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» . فجزَمُوا بعَدَمِ الحُلولِ إذا ماتَ أحدُهما، وأطْلَقُوا الرِّوايتَين فيما إذا ماتا معًا. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ ماتا معًا، وقيل: أو المَديونُ وحدَه، حَل. فجزَم

(1) سقط من: الأصل.

ص: 56

وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤجلًا. وَإنْ ضَمِنَ الْمُؤجَّلَ حَالًّا، لَمْ يَلْزمهُ قَبْلَ أجَلِهِ، فِي أصح الْوَجْهينِ.

ــ

بالحُلولِ إذا ماتا معًا.

قوله: ويصِحُّ ضَمانُ الحَال مُؤجَّلًا. بلا نِزاع. نصّ عليه؛ فلصاحِبِ الحق مُطالبَةُ المَضمونِ عنه في الحال، دُونَ الضامِنِ.

قوله: وإنْ ضَمِنَ المُؤجلَ حالًا، لم يلْزَمه قبلَ أجَلِه، في أصَح الوَجْهين.

ص: 57

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّر»، و «الشرح»، و «الفُروع»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائق»، وغيرِهم. والوَجْهُ الآخَرُ، يلْزَمُه قبلَ أجَلِه](1).

تنبيه: أفادَنا المُصنِّفُ، رحمه الله، صِحَّةَ ضَمانِ المُؤجَّلِ حالًا. [وهو صحيح](4)، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يصِحُّ. وأطْلَقَهما

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 58

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «التَّلخيصَ» .

ص: 59

فصلٌ فِي الْكَفَالة: وَهِيَ الْتِزَامُ إِحضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ. وَتَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيهِ دَينٌ، وَبِالأعيَانِ الْمَضْمُونَةِ.

ــ

تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوْلِه في الكفَالةِ: وهي التِزامُ إخضارِ المَكْفُولِ به. أنه سواءٌ كان المَكْفُولُ به حاضِرًا أو غائنًا، بإذْنِه، بلا نِزاعٍ (1)، وبغيرِ إذْنِه، على خِلاف يأتِي في كلامِ المُصَنِّفِ قَرِيبا. وقيل: لا تصِحُّ كَفالةُ المديُونِ إلا بإذْنِه. الثانِي، قوْلُه: وتصِحُّ ببَدَنِ مَن عليه دَينٌ. يعني، ببَدَنِ كلِّ مَن يلْزَمُه

(1) زيادة من: ا.

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحُضُورُ إلى مَجْلِسِ الحُكْمِ بدَين لازِم مُطْلَقًا، يصِحُّ ضَمانُه.

قوْلُه: وبالأعيانِ المَضْمونَةِ. يعنِي، يصِحُّ أنْ يكْفُلَها، بحيثُ إنَّه إذا تَعذَّرَ إحضارُها، يضْمَنُها، إلَّا أنْ تتْلَفَ بفِعلِ الله تِعالى، على ما يأتِي. قال الزّركَشِي: في صِحَّةِ كَفالةِ العَين المَضْمونَةِ وَجْهان. ولم أرَ الخِلافَ لغيرِه.

فائدة: تنْعَقِدُ الكَفالةُ بألفاظِ الضَّمانِ المُتَقَدِّمَةِ كلِّها. على الصَّحيحِ مِنَ

ص: 62

وَلَا تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيهِ حَدٌّ أوْ قِصَاصٌ،

ــ

المذهبِ. وقيل: لا تنْعَقِدُ بلَفْظِ: حَمِيل، وقَبِيلٍ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ.

قوله: ولا تصِحُّ ببَدَنِ مَن عليه حَدٌّ أو قِصاصٌ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدينِ: تصِحُّ. واخْتارَه في «الفائقِ» .

تنبيه: قوْلُه: ولا تصِحُّ ببَدَنِ مَن عليه حدٌّ أو قِصاص. شَمِلَ سواءً كان حقًّا لله (1)؛ كحَد الزِّنَى، والسرِقَةِ، ونحوهما، أو لآدَمِيٍّ، كحَد القَذْفِ، والقِصاصِ. وكوْنُ مَن عليه حَدٌّ أو قِصاصٌ لا تصِحُّ كَفالته، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

(1) في الأصل، ط:«فيه» .

ص: 63

وَلَا بِغَيرِ مُعَيَّن، كَأحدِ هذَين.

ــ

فائدتان؛ إحداهما، تصِحُّ الكَفالة لأخْذِ مالٍ، كالدِّيَةِ، وغُرمِ السَّرقَةِ. الثانيةُ، لا تصِحُّ الكَفالةُ بزَوْجِه، أو شاهِدٍ.

قوله: ولا بغيرِ مُعَيَّنٍ، كأحَدِ هذَين. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: يصِحُّ؛ لأنّه تَبَرُّع، فهو كالإعارَةِ والإباحَةِ. ذكَره

ص: 64

وإنْ كَفَلَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ إنْسَانٍ أوْ عُضْو، أوْ كَفَلَ بِإِنْسَانٍ عَلَى أنهُ إنْ جَاءَ بِهِ، وَإلَّا فهُوَ كَفِيلٌ بِآخَرَ، أوْ ضَامِن مَا عَلَيهِ، صَحَّ، فِي أحَدِ الْوَجْهينِ.

ــ

في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ بعدَ المِائَة» .

قوله: وإنْ كفَل بجُزْءٍ شائعٍ مِن إنْسانٍ -كثُلُثِه أو رُبْعِه- صَح في أحَدِ الوَجهين. وأطْلَقهما في «المُحَرر» ، و «الفُروع» ، و «الفائق» ؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» ،

ص: 65

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُنَوِّرِ» ، و «إدراكِ الغايَةِ» . وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهب» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الشرحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم. قال في «تَجْريدِ العِنايَة»: هذا الأظْهرُ. وصحَّحه في «التَّصحيحِ» . والوَجْهُ الثانِي، لا يصِحُّ. قال القاضي، في «المُجَرَّدِ»: لا تصِح الكَفالةُ ببعضِ البَدَنِ.

قوله: أو عُضْوٍ، صحَّ في أحَدِ الوَجْهين. إذا تكَفَّلَ بعُضْوٍ مِن إنْسانٍ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ بوَجْهِه أو بغيرِه؛ فإنْ كان بوَجْهِه، صحَّ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، و «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «إدراكِ الغايَةِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرحِه»: وهو الظاهِرُ. وينْبَغِي حمل كلام. المُصَنِّفِ عليه. وقيل: لا يصِح. قال القاضي: لا يصِح ببَعضِ البَدَنِ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ» . قلتُ: لم أرَ مَن صرَّح بهذا القَوْلِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، إجْراءُ (1) الخِلافِ فيه. وإنْ كانتِ الكَفالةُ بعُضْو، غيرَ وَجْهِه، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهين، وأطْلَقهما في «المُحَرر» ، و «الفائق» ، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما: تصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به ابنُ

(1) في الأصل، ا:«استحبوا» .

ص: 66

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» : هذا الأظْهرُ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَة» ، و «التَّلْخيص» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم. وصحَّحه في «التّصحيحِ» . والوَجْهُ الثَّاني، لا تصِحُّ. اخْتارَه القاضي، كما تقدَّم عنه. وقيل: إنْ كانتِ الحَياةُ تَبْقَى معه؛ كاليَدِ والرجْلِ، ونحوهما، لم يصِحَّ، وانْ كانتْ لا تَبْقَى معه؛ كرَاسِه وكَبِدِه، ونحوهما، صحَّ. جزَم به في «الوَجيزِ» وقدمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرحِ». وهو الصوابُ. قال في «الكافِي»: قال غيرُ القاضي: إن كفَل بعُضْو لا تبْقَى الحَياةُ بدُونِه؛ كالرأسِ، والقَلْبِ، والظهْرِ، صحَّ، وإنْ كان بغيرِ بها؛ كاليَدِ والرجلِ، فوجْهان.

قوله: وإنْ كفَل بإنْسانٍ على أنّه إنْ جاءَ به، وإلَّا فهو كَفِيل بآخَرَ، أو ضامِن ما عليه، صَح في أحَدِ الوَجْهين. وأطْلَقَهما في «المُذْهبِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . وظاهِرُ «المُغْني» ، و «الشرح» ، الإطْلاقُ؛ أحدُهما،

ص: 67

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يصِحُّ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعفَر. وصححه في «التصحيحِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَورِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» . وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاويَيْن» . ونقَل مُهنَّا الصحَّةَ في كَفِيل به. والوجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضي في «الجامِعَ» .

فوائد؛ منها، لو قال: كفَلْت ببَدَنِ فُلانٍ على أنْ تُبْرِئ فُلانًا الكَفِيلَ. فسَد الشّرطُ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يفْسُدُ. فعلى المذهبِ، يفْسُدُ العَقْدُ أيضًا. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجهُ وَجْه، لا يفْسُدُ.

ص: 68

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكذا الحُكْمُ لو قال: ضَمِنْتُ لك هذا الدينَ على أنْ تُبرِئَنِي مِنَ الدينِ الآخَرِ. قاله في «المُغْنِي» ، و «الشَّرحِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. ومنها، لو قال: إنْ جِئْتَ به في وَقتِ كذا، وإلَّا فأنا كَفِيلٌ ببَدَنِ فُلانٍ. أو: وإلَّا فأنا ضامِن ما لك على فُلانٍ. أو قال: إنْ جاءَ زَيدٌ فأنا ضامِنٌ لك ما عليه. أو: إذا قَدِمَ الحَاجُّ فأنا كَفِيل بفُلانٍ شَهْرًا. فقال القاضي: لا تصِحُّ الكَفالةُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو أقْيَسُ. وقال الشَرِيفُ أبو جَعفَر، وأبو الخَطَّابِ، في «الانْتِصارِ»: تصِحُّ. واعلم أنَّ أكْثرَ هذه المَسائلِ، وما ذكَرَه المُصَنِّفُ ينْزِعُ إلى تعليقِ الضَّمانِ والكَفالةِ بشَرطٍ، وتَوْقِيتهما، بل هي مِن جملَتِها. قال في «الفُروعِ»: وفي صِحُّةِ تعليقِ ضَمانٍ وكَفالةٍ بغيرِ سبَبِ الحَقِّ، وتَوْقِيتهما، وَجْهان؛ فلو تكَفَّلَ به على أنَّه إنْ لم يأتِ به، فهو ضامِن لغيرِه، أو كَفِيل به، أو كفَلَه شَهْرًا، فوَجْهان. انتهى. وقدَّم في «المُحَررِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِير» ، صِحةَ تَعليقِ الضمانِ والكَفالةِ بالشَّرطِ المُسْتَقْبَلِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهما. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» ، وصاحِبُ «الفائقِ» ، وأبو الخَطابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعفر، وغيرُهم. وتقدم ذلك في مَسْألةِ المُصَنِّفِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ علق الضمانَ على شَرط مُسْتَقْبَل، صحَّ. وقيل: لا يصِحُّ إلَّا بسَبَبِ الحق؛ كالعُهْدَةِ، والدرَكِ، وما لم يجِبْ ولم يُوجد بسَبَبِه، ويصِحُّ تَوْقِيتُه بمُدةٍ معلومَةٍ. قال: ويحتَمِلُ عدَمُه. وهو أقْيَسُ؛ لأنه وَعد. انتهى.

فائدة: قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: إنْ كفَل إلى أجَلٍ مَجْهولٍ، لم تصِح

ص: 69

وَلَا يَصِحُّ إلا بِرِضَا الْكَفِيلِ، وَفِي رِضَا الْمكْفُولِ بِهِ وَجْهانِ.

ــ

الكَفالةُ؛ لأنَّه ليس له وَقْت تُسْتَحَقُّ مُطالبَتُه فيه. وهكذا الضَّمانُ، وإنْ جعَلَه إلى الحَصادِ والجِدادِ والعَطاءِ. وخُرِّجَ على الوَجْهين في الأجَلِ في البَيعِ. والأوْلَى صِحَّتُه هنا. انتهيا.

قوله: ولا يصِحُّ إلَّا برِضَا الكَفِيلِ -بلا نِزاع- وفي رِضَا المَكْفُولِ به -وهو المَكْفُولُ عنه- وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ،

ص: 70

وَمَتَّى أحضَرَ الْمَكْفُولَ بِهِ، وَسَلَّمَهُ، بَرئ، إلَّا أنْ يُحضِرَهُ قَبْلَ الأجَلِ وَفِي قَبْضِهِ ضَرَرٌ.

ــ

و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الهادِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشّرحِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزركَشِي» ؛ أحدُهما، يُعْتَبَرُ رِضاه. جزَم به في «الوَجيزِ» . قال في «الخُلاصةِ» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاويَيْن»: يُعتَبَرُ رِضاه في أصح الوَجْهين. وصحَّحه في «التّصحيحِ» . قال ابنُ مُنَجَّى: هذا أوْلَى. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يعتَبَرُ رِضاه. قدَّمه في «الفُروعِ» . وهو المذهبُ على ما اصطَلَحناه.

قوله: ومتى أحضَرَ المَكْفُولَ به، وسَلَّمَه، بَرِئ، إلَّا أنْ يُحضِرَه قبلَ الأجَلِ، وفي قَبْضِه ضَرَرٌ. إذا أحضَرَ المَكْفُولَ به، وسلَّمَه بعدَ حُلولِ الأجَلِ، بَرِئ. على

ص: 71

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّحيح مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، نصّ (1) عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، بشَرطِ أنْ يكونَ هناك يَد حائلَة ظالِمَة. قلتُ: الظَّاهِرُ أنّه مُرادُ غيرِهم. وعنه، لا يبرأ حتى يتَبَرَّأ منه. قال ابنُ أبِي مُوسى: لا يبْرأ حتى يقولَ: قد بَرِئْتُ إليك منه. أو: قد سلَّمتُه إليك. أو: قد أخْرَجْتُ نَفْسِي مِن كَفالتِه. انتهى. وقال بعضُ الأصحابِ؛ [منهم المُصَنِّفُ والشَّارِحُ](2): إذا امتَنَعَ مِن تسَلمِه، أشْهدَ على

(1) سقط من: الأصل.

(2)

سقط من: الأصل، ط.

ص: 72

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

امتِناعِه رَجُلَين، وبَرِئ. وقال القاضي: يرفَعُه إلى الحاكِمِ، فيُسَلمُه إليه، فإنْ لم يجِدْ حاكِمًا، أشْهدَ شاهِدَين على إحضارِه وامتِناعِ المَكْفُولِ له مِنْ قَبُولِه.

تنبيه: حُكْمُ ما إذا أحضَرَه قبلَ حُلولِ الأجَلِ، ولا ضَرَرَ في قَبْضِه، حُكمُ ما إذا أحضَرَه بعدَ حُلولِ الأجَلِ، خِلافًا ومذهبا، على ما تقدَّم.

فائدة: يتَعَيَّنُ إحضارُه مَكانَ العَقْدِ. على الصحيح مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» . وقيل: يتَعَيَّنُ فيه إنْ حصَل ضرَرٌ في غيرِه، وإلَّا فلا. وقيل: يبْرأ ببَقِيَّةِ البَلَدِ (1). اخْتارَه القاضي، وأصحابُه. وقدمه في «التلْخيصِ» . قال

(1) بعده في ا: «اختاره القاضي، قاله في «المغني» ، و «الشرح» . وعند غيره، إذا كان فيه سلطان».

ص: 73

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ كان المَكْفُولُ في حَبْسِ الشّرعِ، فسَلَّمَه إليه فيه، بَرِئ، ولا يلْزَمُه إحضارُه منه إليه عندَ أحَدٍ مِنَ الأئمَّةِ، [ويُمَكِّنُه الحاكِمُ مِنَ الإخْراجِ ليُحاكِمَ غَرِيمَه، ثم يَرُدُّه. هذا مذهبُ الأئمَّةِ](1)، كمالِكٍ، وأحمدَ، وغيرِهما. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، وإنْ قِيلَ: دَلالته عليه، وإعلامُه بمَكانِه لا يعَدُّ

(1) زيادة من: ا.

ص: 74

وَإنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ، أو تَلِفَتِ الْعَينُ بِفعلِ اللهِ تَعَالى، أو سَلَّمَ نفْسَهُ، بَرئ الْكَفِيلُ.

ــ

تَسْلِيمًا. قُلْنا: بل يُعَدُّ. ولهذا إذا دَلَّ على الصَّيدِ مُحرِمًا، كَفَّر.

قوله: وإنْ ماتَ المَكْفُولُ به، أو تَلِفَتِ العَينُ بفِعلِ الله تِعالى، أو سلَّمَ نَفْسَه، بَرِئ الكَفِيلُ. إذا ماتَ المَكْفُولُ به، بَرِئ الكَفِيلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. سواءٌ تَوانَى الكَفِيلُ في تَسْلِيمِه حتى ماتَ، أوْ لا. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يبْرأ مُطلقًا، فيلْزَمُه الدينُ. وهو احتِمال في «الهِدايَةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشّرحِ». واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ذكَرَه عنه في «الفائقِ». وقيل: إنْ تَوانَى في تسلِيمِه حتى ماتَ، لم يبْرَأ، وإلا بَرِئ.

ص: 75

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يشْتَرِطْ، فإنِ اشْتَرَطَ الكَفِيلُ أنَّه لا شيءَ عليه إنْ ماتَ، بَرِئ بمَوْته، قوْلًا واحدًا. قاله في «التلْخيصِ» ، و «المُحَررِ» ، وغيرِهما. وأمَّا إذا تَلِفَتِ العَينُ بفعلِ الله تِعالى، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الكَفِيلَ يبْرأ. جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذهب» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرحِ». وقيل: لا يبْرأ. وأطْلَقَهما في «الفُروعَ» .

تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يشْتَرِطْ أنْ لا مال عليه بتَلَفِ العَينِ

ص: 76

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المَكْفُولِ بها، فإنِ اشْتَرَطَ، بَرِئ، قوْلًا واحدًا، كما تقدَّم في المَوْتِ. الثاني، مُرادُه بقَوْلِه: أو تَلِفَتِ العَينُ بفعل، اللهِ تعالى. قبلَ المُطالبَةِ. صرَّح به في

ص: 77

وَإنْ تَعَذَّرَ إِحضَارهُ مَعَ بَقَائِهِ، لَزِمَ الْكَفِيلَ الدَّينُ، أوْ عِوَضُ الْعَين وَإنْ غَابَ، أمهِلَ الْكَفِيلُ بِقَدرِ مَا يَمضِي فيُحضِرُهُ، فَإِنْ تَعَذَّر

ــ

«المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما. وأمَّا إذا أسْلَمَ المَكْفُولُ به نفْسَه في مَحِله، فإن الكَفِيلَ يبرأ، قولًا واحدًا.

قوله: وإنْ تَعَذَّرَ إحضارُه، مع بَقائِه، لَزِمَ الكَفِيلَ الدينُ، أو عِوَضُ العَينِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وفي «المُبْهِج» وَجْه؛ أنه يُشترَطُ البَراءَةُ منه. وقال ابنُ عَقِيل: قِياسُ المذهبِ لا يلْزَمُه، إنِ امتنَعَ بسُلْطانٍ، وألْحَقَ به معسِرًا أو مَحبُوسًا ونحوَهما؛ لاسْتِواءِ المَعنَى. وكوْنُ الكَفِيلِ يضْمَنُ ما على المَكْفُولِ به إذا لم يُسَلّمه، مِنَ المُفْرَداتِ.

فائدة: قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: السَّجَّانُ كالكَفِيلِ. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعَ» .

قوله: وإنْ غابَ، أُمْهِلَ الكَفِيلُ بقدرِ ما يمضِي، فيُحضرُه، وإنْ تعَذرَ إحضَارُه، ضَمِنَ. إذا مضَى الكَفِيلُ ليُحضِرَ المَكْفُولَ به، وتعَذَّرَ إحضارُه،

ص: 78

إِحضَارُهُ، ضَمِنَ مَا عَلَيهِ.

ــ

فحُكْمُه حُكْمُ ما إذا تعَذَّرَ إحضارُه مع بَقائِه، على ما تقدَّم، خِلافًا ومذهبًا.

ص: 79

وَإِذَا طَالَبَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ، لَزِمَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِهِ أَوْ طَالَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِإِحْضَارِهِ، وَإِلَّا فَلَا.

ــ

قوله: وإذا طالَبَ الكَفِيلُ المَكْفُولَ به بالحُضورِ مَعَه (1) لَزِمَه ذلك، إنْ كانتِ الكَفالَةُ بإذْنِه، أو طالَبَه صاحِبُ الحَقِّ بإحْضارِه، وإلَّا فلا. وهذا المذهبُ فيهما،

(1) في النسخ: «مدة» .

ص: 80

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يلْزَمُه الحُضُورُ إلَّا إذا كانتِ الكَفالةُ بإذْنِه، فطالبَه المَكْفُولُ له بحُضُورِه.

فائدة: حيثُ أدَّى الكَفِيلُ ما لزِمَه، ثم قدَر على المَكْفُولِ به، فقال في «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِهم، أنَّه في رُجوعِه عليه كالضَّامِنِ، وأنَّه لا يُسَلِّمُه إلى المَكْفُولِ له، ثم يسْتَرِدُّ ما أدَّاه، بخِلافِ مَغْصُوبٍ تعَذَّرَ إحْضارُه مع بَقائه؛ لامْتِناعِ

ص: 81

وَإِذَا كَفَلَ اثْنَانِ بِرَجُلٍ، فَسَلَّمَهُ أحَدُهُمَا، لَمْ يَبْرَأَ الْآخَرُ.

ــ

بَيعِه (1).

قوله: وإذا كفَل اثْنان برَجُلٍ، فسَلَّمَه أحَدُهما، لم يبْرَأ الآخَرُ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي وأصحابُه، ونصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»

(1) بياض في: الأصل، ط.

ص: 82

وَإنْ كَفَلَ وَاحِدٌ لِاثْنَينِ، فَأَبْرَأَةُ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَبْرأ مِنَ الْآخَرِ.

ــ

وغيرِه. قال في «القَواعِدِ» : أشْهَرُ الوَجْهَين، لا يبْرَأ. وقيل: يبْرَأ الآخَرُ. وهو احْتِمالٌ في «الكافِي» . ونصَرَه الأزَجِيٌّ في «نِهايتِه» . وهو ظاهِرُ كلامِ السَّامَرِّيِّ في «فُروقِه» . قاله ابنُ رَجَبٍ في «قوَاعِدِه» ، وقال: والأظْهَرُ أنَّهما إنْ كفَلا كَفالةَ اشْتِراكٍ؛ مثلَ أنْ يقولا: كفَلْنا لك زَيدًا، نُسَلِّمُه إليك. فإذا سلَّمَه أحدُهما، بَرِئ الآخَرُ؛ لأنَّ التَّسْلِيمَ المُلْتَزَمَ واحِدٌ، فهو كأداءِ أحَدِ الضَّامِنَين للمال. وإنْ كفَلا كَفالةَ انْفِرادٍ واشْتِراكٍ؛ بأنْ قالا: كُلُّ واحدٍ منَّا كَفِيلٌ لك بزَيدٍ. وكُلُّ واحدٍ مُلْتَزِمٌ له إحْضارَه، فلا يبْرَأُ بدُونِه، مادامَ الحَقُّ باقِيًا على المَكْفُولِ به، فهو كما لو كفَلا في عَقْدَين مُتَفَرِّقَين. وهذا قِياسُ قَوْلِ القاضي، في ضَمانِ الرَّجُلَين الدَّينَ.

فائدة: لو سلَّم المَكْفُولُ به نَفْسَه، بَرِئَ الاثْنان، وفَرْقٌ بينَه وبينَ ما إذا سلَّمَه أحدُهما.

قوله: وإن كفَل واحدٌ لاثْنَين، فأبْرَأَه أحَدُهما، لم يَبْرأْ مِنَ الآخَرِ. بلا نِزاعٍ.

ص: 83

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فوائد؛ إحْداها، يصِحُّ (1) أنْ يكْفُلَ الكَفِيلُ كَفِيلًا آخَرَ، فإنْ بَرِئَ الأوَّلُ، بَرِئَ الآخَرُ، ولا عَكْسَ. وإنْ كفَل الثَّانِيَ ثالِثٌ، بَرِئ ببَراءَةِ الثَّانِي والأوَّلِ، ولا عكْسَ. فلو كفَل اثْنان واحِدًا، وكفَل كلَّ واحدٍ منهما كَفِيلٌ آخَرُ، فأحْضَرَه أحدُهما، بَرِئَ هو ومَن تَكَفَّلَ به، وبَقِيَ الآخَرُ ومَن كفَل به. الثَّانيةُ، لو ضَمِنَ اثْنان دَينَ رَجُلٍ لغَريمِه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يقولَ كلُّ واحدٍ منهما: أنا ضامِنٌ لك

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 84

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأَلْفَ. أو يُطْلِقَ؛ فإنْ قالا: كلُّ واحدٍ منَّا ضامِنٌ لك الأَلْفَ. فهو ضَمانُ اشْتِراكٍ في انْفِرادٍ، فله مُطالبَةُ كلِّ واحدٍ منهما بالألْفِ إنْ شاءَ، وله مُطالبَتُهما، وإنْ قَضاه أحدُهما، لم يرْجِعْ [إلَّا على] (1) المَضمُونِ عنه. وإنْ أطْلَقا الضَّمانَ؛ بأنْ قالا: ضَمِنَّا لك. فهو بينَهما بالحِصَصِ، وكلُّ واحدٍ منهما ضامِنٌ لحِصَّتِه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وهو قوْلُ القاضي في «المُجَرَّدِ» ، و «الخِلافِ» ، والمُصَنِّفِ، وقطَع به الشَّارِحُ. وقيل: كلُّ واحدٍ ضامِنٌ للجَميعِ، كالأوَّلِ. نصَّ عليه أحمدُ (3) في رِوايَةِ مُهَنَّا. وكذا قال أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ» . وذكَر ابنُ عَقِيلٍ فيها احْتِمالين. وأطْلَقَ الوَجْهَين في «القَواعِدِ» . وبَناه القاضي على أنَّ الصَّفْقَةَ تتَعَدَّدُ بتَعَدُّدِ الضَّامِنَين، فيصِيرُ الضَّمانُ مُوَزَّعًا عليهما. وعلى هذا، لو كان المَضْمونُ دَينًا مُتَساويًا على رَجُلَين، فهل يُقالُ: كلُّ (2) واحدٍ منهما ضامِنٌ لنِصْفِ الدَّينَين. أو كلُّ واحدٍ منهما ضامِنٌ لأحَدِهما بانْفِرادِه؟ إذا قُلْنا: يصِحُّ ضَمانُ المُبْهَمِ. يحْتَمِلُ وَجْهَين. قاله ابنُ رَجَبٍ، في «قَواعِدِه» . الثَّالثةُ، لو كان على اثْنَين مِائَةٌ لآخَرَ، فضَمِنَ كلُّ واحدٍ منهما الآخَرَ، فقَضاه أحدُهما نِصْفَ المِائَةِ،

(1) في الأصل، ط:«إلى أعلى» .

(2)

سقط من: الأصل، ط.

ص: 85

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو أبْرَأَه منه، ولا نِيَّةَ، فقيلَ:[إنْ شاءَ صرَفَه إلى الذي عليه بالأصالةِ، و](1) إنْ شاءَ صرَفَه إلى الذي عليه بطرِيقِ الضَّمانِ. قلتُ: وهو أوْلَى. وقد تقدَّم ما يُشْبِهُ ذلك في الرَّهنِ، بعدَ قوْلِه: وإن رهَنَه رَجُلان شيئًا، فوَقَّاه أحدُهما. وقيل: يكونُ بينَهما نِصْفين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» . الرَّابعةُ، لو أحال عليهما ليقْبِضَ مِن أيِّهما شاءَ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر ابنُ الجَوْزِيِّ وَجْهًا، لا يصِحُّ، كحَوالتِه على اثْنَين له، على كلِّ (2) واحدٍ منهما مِائَةٌ. الخامسةُ، لو أبْرَأَ أحدَهما مِنَ المِائَةِ، بَقِيَ على الآخَرِ خَمْسُون أَصالةً. السَّادِسةُ، لو ضَمِنَ ثالِثٌ عن أحَدِهما المِائَةَ بأَمْرِه. وقَضاها، رجَع على المَضْمونِ عنه بها. وهل له أنْ يرْجِعَ بها على الآخَرِ؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الذي يظْهَرُ، أنَّ له الرُّجوعَ عليه؛ لأنَّه كضامِنِ الضَّامِنِ. السَّابعةُ، لو ضَمِنَ مَعْرِفَتَه، أُخِذَ به. نقَلَه أبو طالِبٍ. الثَّامنةُ، لو أَحال رَبذُ الحقِّ، أو أُحِيلَ (3)، أو زال العَقْدُ، بَرِئَ الكَفِيلُ، وبطَل الرَّهْنُ.، ويثْبُتُ لوارِثِه. ذكَرَه في «الانْتِصارِ» ، وذكَر في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، في الصُّورَةِ الأْوَلَى، احْتِمال وَجْهَين في بَقاءِ الضَّمانِ. ونقَل مُهَنَّا فيها، يبْرَأْ، وأنَّه إنْ عجَز مُكاتَبٌ، رَقَّ، وسقَط الضَّمانُ. وذكَر القاضي، أنَّه لو أَقاله في سَلَمٍ به رَهْنٌ، حبَسَه برَأْسِ مالِه، جعَلَه أصْلًا، لحَبْسِ رَهْنٍ بمَهْرِ المِثْلِ بالمُتْعَةِ. التَّاسعةُ، لو خِيفَ مِن غَرَقِ السَّفِينَةِ، فأَلْقَى بعضُ مَن فيها مَتاعَه في البَحْرِ لتَخِفَّ، لم يرْجِعْ به على أحدٍ، سواءٌ نوَى الرُّجوعَ، أوْ لا. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، مِن عندِه: ويحْتَمِلُ

(1) سقط من: الأصل: ط.

(2)

زيادة من: ا.

(3)

في الأصل، «أجل» .

ص: 86

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنْ يرْجِعَ إذا نوَى الرُّجوعَ. وما هو ببَعِيدٍ. انتهى. ويجِبُ الإِلْقاءُ إنْ خِيفَ تَلَفُ الرُّكَّابِ بالغرَقِ، [ولو قال] (1) بعضُ أهْلِ السَّفِينَةِ: ألْقِ مَتاعَك. فأَلْقاه، فلا ضَمانَ على الآمِرِ. وإنْ قال: أَلْقِه، وأنا ضامِنُه. ضَمِنَ الجميعَ. قاله أبو بَكْرٍ، والقاضي، ومَن بعدَهما. وإنْ قال: وأنا ورُكْبانُ السَّفِينَةِ ضامِنُون. وأطْلَقَ، ضَمِنَ وحدَه بالحِصَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» ، ولم يذْكُرْه المُصَنِّفُ، ولا الشَّارِحُ، ولا الحارِثِيُّ. وقال أبو بَكْرٍ: يضْمَنُه القائلُ وحدَه، إلَّا أنْ يتَطَوَّعَ بَقِيَّتُهم (2). واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». قال القاضي: إنْ كان ضَمانَ اشْتِراكٍ، فليس عليه إلَّا ضَمانُ حِصَّتِه، وإنْ كان ضَمانَ اشْتِراكٍ وانْفِرادٍ، بأنْ يقولَ: كلُّ واحدٍ منَّا ضامِنٌ لك مَتاعَك، أو قِيمَتَه. ضَمِنَ القائلُ ضَمانَ الجميعِ، سواءٌ كانُوا يسْمَعُون قوْلَه، فسَكَتُوا، أو لم يسْمَعُوا. انتهى. قال الحارِثِيُّ، في آخِرِ الغَصْبِ: وهو الحقُّ، وإنْ رَضُوا [بما قال](3)، لَزِمَهم. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ الوَجْهان. وإنْ قالُوا: ضَمِنَّا لك. ضَمِنُوا بالحِصَّةِ. وإنْ قالوا (4): كُلُّ واحدٍ منَّا ضامِنُه. ضَمِنَ الجميعُ. ذكَرَه أبو بَكْرٍ، والقاضي، ومَن بعدَهما. وكذا الحُكْمُ في ضَمانِهم ما عليه مِنَ الدَّينِ. ويأْتِي في آخِر الغَصْبِ بعضُ هذا، ومَسائلُ تتعَلَّقُ بهذا، فليُراجَعْ. العاشِرَةُ، لو قال لزَيدٍ: طَلِّقْ زَوْجَتَك، وعليَّ ألْفٌ، أو مَهْرُها. لَزِمَه ذلك بالطَّلاقِ. قاله في «الرِّعايَةِ». وقال أيضًا: لو قال: بعْ عَبْدَك مِن زَيدٍ بمِائَةٍ، وعليَّ مِائَةٌ أُخْرَى. لم يلْزَمْه شيءٌ. وفيه احْتِمالٌ. والله أعلمُ.

(1) في الأصل، ط:«وقال» .

(2)

في الأصل، ط:«بقيمتهم» .

(3)

في الأصل، ط:«بمال» .

(4)

في الأصل، ط:«قال» .

ص: 87