الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْحَوَالةِ
ــ
بابُ الحَوالةِ
وَالْحَوَالةُ تَنْقُلُ الْحَقَّ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيهِ، فَلَا يَمْلِكُ الْمُحْتَالُ الرُّجُوعَ عَلَيهِ بِحَالٍ.
ــ
فوائد؛ إحْداها، قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما:[هي مُشْتَقَّةٌ مِن تَحْويلِ الحَقِّ مِن ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»](1): هي مُشْتَقَّةٌ مِن التَّحَوُّلِ؛ لأنَّها تُحَوِّلُ الحَقَّ وتنْقُلُه مِن ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ. والظَّاهِرُ، أنَّ المَعْنَى واحِدٌ؛ فإنَّ التَّحَوُّلَ مُطاوعٌ للتَّحْويلِ، يُقالُ: حَوَّلْتُه فتَحَوَّلَ. الثَّانيةُ (2)، الحَوالةُ عَقْدُ إرْفاقٍ؛ تَنقُلُ الحَقَّ مِن ذِمَّةِ المُحِيلِ إلى ذِمَّةِ المُحالِ (3) عليه، وليستْ بَيعًا. على
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
في ط: «المحيل» .
(3)
في ط: «المال» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ لجَوازِها بينَ الدَّينَين المُتَساويَين جِنْسًا وصِفَةً، والتَّفَرُّقِ قبلَ القَبْضِ، واخْتِصاصِها بجِنْسٍ واحدٍ، واسْمٍ خاصٍّ، ولزُومِها. ولا هي في مَعْنَى البَيعِ؛ لعدَمِ العَينِ فيها. وهذا الصَّوابُ. قال المُصَنِّفُ: وهو أشْبَهُ بكَلام أحمدَ. قال في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والعِشْرين» : الحَوالةُ، هل هي نقْلٌ للحَقِّ، أَو تَقْبِيضٌ؟ فيه خِلافٌ. وقد قيل: إنَّها بَيعٌ؛ فإنَّ المُحِيلَ (1) يَشْتَرِي ما في ذِمَّتِه بما في ذِمَّةِ المُحالِ عليه، وجازَ تأْخِيرُ القَبْضِ رُخْصَةً؛ لأنَّه مَوْضُوعٌ على الرِّفْقِ. فيَدْخُلُها خِيارُ المَجْلِسِ. واعْلَمْ أنَّ الحَوالةَ
(1) في ط: «المبيع» ، وفي الأصل:«المستبيع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تُّشْبِهُ المُعاوَضَةَ مِن حيثُ إنَّها دَينٌ بدَينٍ. وتُشْبِهُ الاسْتِيفاءَ مِن حيثُ إَّنه يُبْرِئُ
وَلَا تَصِحُّ إلا بِثَلَاثةِ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يُحِيلَ عَلَى دَينٍ مُسْتَقِرٍّ، فَإن أَحَال عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ، أَو السَّلَمِ، أَو الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ أَحَال الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ، أَو الزَّوْجُ أمْرَأَتَهُ، صَحَّ.
ــ
المُحِيلَ، ويَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَ المَبِيعِ إذا أحال بالثَّمَنِ، ولتَرَدُّدِها بينَ ذلك، ألحَقَها بعضُ الأصحابِ بالمُعاوَضَةِ، كما تقدَّم، وألحَقَها بعضُهم بالاسْتِيفاءِ. الثَّالثةُ، نقَل مُهَنَّا، في مَن بعَث رَجُلًا إلى رَجُلٍ له عندَه مالٌ، فقال: خُذْ منه دِينارًا. [فأخَذ منه](1) أكْثَر، فالضَّمانُ على المُرْسِلِ؛ لتَغْرِيرِه، ويَرْجِعُ هو على الرَّسُولِ. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه» .
قوله: ولا تَصِحُّ إلَّا بثَلاثَةِ شُرُوطٍ؛ أحدُها، أَنْ يُحِيلَ على دَينٍ مُسْتقِرٍّ، فإنْ أحال على مالِ الكِتابَةِ، أو السَّلَمِ، أو الصَّداقِ قبلَ الدُّخُولِ -وكذا لو أحال على الأجْرَةِ عندَ العَقْدِ- لم يصِحَّ، وإنْ أحال المُكاتَبُ سَيِّدَه، أو الزَّوْجُ امْرَأَتَه، صَحَّ.
(1) في ط: «فالتزم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكذا لو أحال بالأُجْرَةِ. اعْلَمْ أنَّ الحَوالةَ تارَةً تكونُ على مالٍ، وتارَةً تكونُ بمالٍ؛ فإنْ كانتِ الحَوالةُ على مالٍ، فيُشْتَرَطُ أنْ يكونَ المالُ المُحالُ عليه مُسْتَقِرًّا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم.
وقيل: تصِحُّ الحَوالةُ على مالِ الكِتابَةِ بعدَ حُلولِه. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، أنَّ المُسْلَمَ فيه مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ المَوْجُودِ (1)؛ لصِحَّةِ الإِبْراءِ منه، والحَوالةِ عليه وبه. وقال الزَّرْكَشِيُّ: لا يَظهَرُ لي مَنْعُ الحَوالةِ بالمُسْلَمِ فيه. وظاهِرُ ما قدَّمه في
(1) في ط: «الوجود» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُحَرَّرِ» ، صِحَّةُ الحَوالةِ على المَهْرِ قبلَ الدُّخُولِ، وعلى الأُجْرَةِ بالعَقْدِ. وإنْ كانتِ الحَوالةُ بمالٍ، لم يُشْتَرَطِ اسْتِقْرارُه، وتصِحُّ الحَوالةُ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماعَة مِنَ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «الكافِي» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» . وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، في مالِ الكِتابَةِ. وقدَّمه في غيرِه. واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في مالِ الكِتابَةِ، ذكَرَه في «التَّلْخيصِ» ، على ما يأْتِي. وقيل: يُشْتَرَطُ كَوْنُ المُحالِ به مُسْتَقِرًّا، كالمُحالِ عليه. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ» . وجزَم به الحَلْوانِيُّ. قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ»: يُشْتَرَطُ لصِحَّتِها أنْ تكونَ بدَين مُسْتَقِرٍّ، وعلى دَينٍ مُسْتَقِرٍّ. قال في «الحاويَيْن»: لا تصِحُّ إلَّا بدَينٍ مَعْلومٍ، يصِحُّ السَّلَمُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيه، مُسْتَقِرٍّ على مُسْتَقِرٍّ. قال في «الرِّعايتَين»: إنَّما تصِحُّ بدَينٍ مَعْلوم يصِحُّ السَّلَمُ فيه، مُسْتَقِرٍّ في الأَشْهَرِ، على دَينٍ مُسْتَقِرٍّ. قال في «الفائقِ»: وتَخْتَصُّ صِحَّتُها بدَينٍ يصِحُّ فيه السَّلَمُ، ويُشْتَرَطُ اسْتِقْرارُه، في أصحِّ الوَجْهَين، على مُسْتَقِرٍّ. قال في «التَّلْخيصِ»: فلا تصِحُّ الحَوالةُ بغيرِ مُسْتَقِرٍّ، ولا على (1) غيرِ مُسْتَقِرٍّ. فلا تصِحُّ في مُدَّةِ الخِيارِ، ولا في الأُجْرَةِ قبلَ اسْتِيفاءِ المَنْفَعَةِ، ولا في الصَّداقِ قبلَ الدُّخولِ. وكذلك دَينُ الكِتابَةِ، على ظاهِرِ كلامِ أبِي الخَطَّابِ. وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: تصِحُّ حَوالةُ المُكاتَبِ لسَيِّدِه بدَينِ الكِتابَةِ على مَن له عليه دَينٌ، ويَبْرَأُ العَبْدُ ويَعْتِقُ، ويَبْقَى الدَّينُ في ذِمَّةِ المُحالِ عليه للسَّيِّدِ. انتهى. وأطْلَقَ في «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، الوَجْهَين في الحَوالةِ بمالِ الكِتابَةِ، والمَهْرِ، والأُجْرَةِ. وأطْلَقَهما في «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، في الحَوالةِ بدَينِ الكِتابَةِ، والمَهْرِ. وقال الزَّرْكَشِيُّ، تبَعًا لصاحِبِ «المُحَرَّرِ»: الدُّيونُ أرْبَعَةُ أقْسامٍ؛ دَينُ سَلَمٍ، ودَينُ كِتابَةٍ، وما عَداهما وهو قِسْمان؛ مُسْتَقِرٌّ، وغيرُ مُسْتَقِرٍّ، كثَمَنِ المَبِيعِ في مُدَّةِ الخِيارِ ونحوه. فلا تصِحُّ الحَوالةُ بدَينِ السَّلَمِ، ولا عليه، وتصِحُّ بدَينِ الكِتابَةِ. على الصَّحيحِ، دُونَ الحَوالةِ عليه، ويَصِحَّان في سائرِ الدُّيونِ، مُسْتَقِرِّها وغيرِ مُسْتَقِرِّها. وقيل: لا تصِحُّ على غيرِ مُسْتَقِرٍّ بحالٍ. وإليه ذهَب أبو محمدٍ، وجماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. وقيل: ولا بما ليس بمُسْتَقِرٍّ. وهذا اخْتِيارُ القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وتَبِعَه أبو الخَطَّابِ، والسَّامَرِّيُّ. انتهى.
(1) زيادة من: ا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن محَلِّ الخِلافِ مِنَ المالِ المُحالِ عليه، والمُحالِ به، دَينُ السَّلَمِ؛ فإنَّه لا تصِحُّ الحَوالةُ عليه، ولا به، عندَ الإِمامِ أحمدَ وأصْحابِه، إلَّا ما تقدَّم عن بعضِ الأصحابِ في طَرِيقَتِه، وكلامَ الزَّرْكَشِيِّ.
فائدة: في صِحَّةِ الحَوالةِ، برَأْسِ مالِ السَّلَمِ وعليه، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «شَرْحِه» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ؛ أحدُهما، لا تصِحُّ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، في بابِ القَبْضِ والضَّمانِ مِنَ البُيوعِ؛ فقال: لا يصِحُّ التَّصَرُّفُ في رَأْسِ مالِ السَّلَمِ بعدَ فَسْخِه واسْتِقْرارِه، بحَوالةٍ ولا بغيرِها. وقيل: يصِحُّ. انتهى. وتقدَّم ذلك في بابِ السَّلَمِ، في كلامِ المُصَنِّفِ.
تنبيه: خرَج مِن كلامِ المُصَنِّفِ، لو أحال مَن لا دَينَ عليه على مَن عليه دَينٌ، فإنَّه لا يُسَمَّى حَوالةً، بل وَكالةٌ في القَبْضِ. ولو أحال مَن [لا دَينَ عليه](1)، على
(1) في الأصل، ط:«عليه دين» وانظر: المغني 7/ 59.
وَالثَّانِي، اتِّفَاقُ الدَّينَينِ فِي الْجِنْسِ، وَالصِّفَةِ، وَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلَ.
ــ
مَن لا دَيْنَ عليه، فهو وَكالةٌ في اقْتِراضٍ، لا حَوالةٌ. ولو أحال مَن عليه دَينٌ، على مَن لا دَينَ عليه، فهو وَكالةٌ في اقْتِراضٍ أيضًا، فلا يُصادِفُه. نصَّ عليه. وقال في «المُوجَزِ» ، و «التَّبْصِرَةِ»: إنْ رَضِيَ المُحالُ عليه بالحَوالةِ، صارَ ضامِنًا، يَلْزَمُه الأداءُ.
فائدة: قوْلُه: الثَّانِي، اتِّفاقُ الدَّيْنَيْن في الجِنْسِ والصِّفَةِ والحُلُولِ والتَّأجِيلِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بلا نِزاعٍ [في الجُمْلَةِ](1). ويُشْتَرَطُ أيضًا عِلْمُ المالِ، وأنْ يكونَ فيما يصِحُّ فيه السَّلَمُ مِنَ المِثْلِيَّاتِ، وفي غيرِ المِثْلِيِّ، كمَعْدُودٍ ومَذْروعٍ، وجَهْان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» . وقال في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن»: إنَّما تصِحُّ بدَينٍ مَعْلومٍ، يصِحُّ السَّلَمُ فيه. وأطْلَقا، في إبِلِ الدِّيَةِ، الوَجْهِين؛ أحدُهما، تصِحُّ في المَعْدودِ، والمَذْروعِ. قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: تجوزُ الحَوالةُ بكُلِّ ماصحَّ السَّلَمُ فيه، وهو ما يُضْبَطُ بالصِّفاتِ، سواءٌ كان له مِثْلٌ؛ كالأدْهانِ، والحُبُوبِ، والثِّمارِ، أو لا مِثْلَ له؛ كالحَيَوانِ (2)، والثِّيابِ. وقد أوْمَأَ إليه أحمدُ في رِوايَةِ الأَثْرَمِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال النَّاظِمُ: تصِحُّ فيما يصِحُّ السَّلَمُ فيه. والوَجْهُ الثَّانِي، لا تصِحُّ. قال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يُخرَّجَ هذان الوَجْهان على الخِلافِ فيما يقْضِي (3) به قَرْضُ هذه الأمْوالِ. انتهى. وأمَّا الإِبلِ، فقال
(1) زيادة من: ا.
(2)
في الأصل، ط:«كالحبوب» .
(3)
في الأصل، ط:«يقتضي» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّارِحُ: لو كان عليه إبِلٌ مِنَ الدِّيَةِ، وله على آخَرَ مِثْلُها في السِّنِّ، فقال القاضي: تصِحُّ؛ لأنَّها تَخْتصُّ بأقَلِّ ما يقَعُ عليه الاسمُ في السِّنِّ والقِيمَةِ، وسائرِ الصِّفاتِ. وقال أبو الخَطَّابِ: لا تصِحُّ في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّها مَجْهولَةٌ. وإنْ كان عليه إبِلٌ مِن دِيَةٍ، وله على آخَرَ مِثْلُها قَرْضًا، فأَحاله؛ فإنْ قُلْنا: يرُدُّ في القَرْضِ قِيمَتَها. لم تصِحَّ الحَوالةُ؛ لاخْتِلافِ الجنْسِ. وإنْ قُلْنا: يرُدُّ مِثْلَها. اقْتَضَى قوْلُ القاضي صِحَّةَ الحَوالةِ. وإنْ كانتْ بالعَكسِ، فأَحال المُقْرِضَ بإِبلٍ، لم يصِحَّ. انتهى.
تنبيه: قوْلُه: اتِّفاقُ الدَّينَين في الجِنْسِ. كالذَّهَبِ بالذَّهَبِ، والفِضَّةِ بالفِضَّةِ، ونحوهما. والصِّفَةُ، كالصِّحاحِ بالصِّحاحِ، وعكْسِه. فلو أحال من عليه دَراهِمُ دِمَشْقِيَّةٌ بدَراهِمَ عُثْمانِيَّةٍ، لم تصِحَّ. قطَع به المُصَنِّفُ، والشَارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: وكذلك لا تصِحُّ عندَ (1) مَن ألحَقَها بالمُعاوَضَةِ؛ [إذِ اشْتِراطُ](2) التَّفاوتِ فيهما مُمْتَنِعٌ، كالقَرْضِ. وأمَّا مَن ألحَقَها بالاسْتِيفاءِ، فقال (3): إنْ كان تَفاوُتًا يُجْبَرُ على أخْذِه عندَ بَذْلِه، كالجَيِّدِ عنِ الرَّدِئِ، صحَّتْ، وإلَّا فلا. انتهى.
(1) في الأصل، ط:«عنه» .
(2)
في الأصل، ط:«إذا اشترط» .
(3)
في الأصل، ط:«وقال» .
وَالثَّالِثُ، أنْ يُحِيلَ بِرِضَاهُ.
ــ
قوله: والثَّالثُ، أنْ يُحِيلَ برِضاه، ولا يُعْتَبَرُ رِضَا المُحالِ عليه، ولا رِضَا
المقنع وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيهِ، وَلَا رِضَا الْمُحْتَالِ إِنْ كَانَ الْمُحَالُ
ــ
المُحتالِ، إنْ كان المُحالُ عليه مَلِيئًا. لا يُعْتَبَرُ رِضَا المُحتْالِ إذا كان المُحالُ عليه مَلِيئًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، فيُجْبَرُ على قَبُولِها. وهو
عَلَيهِ مَلِيئًا.
ــ
مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يُعْتَبَرُ رِضاه. ذكَرَها ابنُ هُبَيرَةَ، ومَن بعدَه.
فائدتان؛ إحْداهما، فسَّر الإِمامُ أحمدُ رضي الله عنه المَلِئَ، فقال: هو أنْ يكونَ مَلِيئًا بمالِه (1) وقوْلِه وبدَنِه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. زادَ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن» ، أو فِعْلِه. وزادَ في «الكُبْرَى» عليهما وتَمَكُّنِه (2) مِنَ الأداءِ.
(1) في الأصل: «حاله» .
(2)
في الأصل، ط:«وعليه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقيل: هو المَلِئُ بالقَوْلِ والأمانَةِ، وإمْكانِ (1) الأَداءِ. قال الزَّرْكَشِيُّ عن تفْسيرِ الإمامِ أحمدَ: الذي يَظْهَرُ أنَّ المَلِيَّ بالمالِ، أنْ يَقْدِرَ على الوَفاءِ، والقَوْلِ، أنْ لا يكُونَ مُماطِلًا، والبَدَنِ أنْ يُمْكِنَ حُضُوُره إلى مَجْلِسِ الحُكْمِ الثَّانيةُ، يَبْرَأُ المُحِيلُ بمُجَرَّدِ الحَوالةِ، ولو أفْلَسَ المُحالُ عليه، أو جحَد، أو ماتَ.
(1) في الأصل، ط:«المكان» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَلَه الجماعَةُ عن الإِمام أحمدَ. وصحَّحَه القاضي يَعْقُوبُ. قال النَّاظِمُ، وصاحِبُ «الفائقِ»: هذا المَشْهورُ عن أحمدَ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه لا يَبْرَأُ إلَّا برِضَا المُحْتالِ؛ فإنْ أبى، أجْبَرَه الحاكِمُ، لكِنْ تَنْقَطِعُ المُطالبَةُ بمُجَرَّدِ الحَوالةِ. وقال في «الفائقِ»: وعنه، لا يَبْرَأُ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِي، وتُفِيدُ الإِلْزامَ فقط. ذكَرَها في «النُّكَتِ» . وهو المُخْتارُ. انتهى. فهذه رِوايَة ثالِثَةٌ، قلَّ مَن ذكرَها. وأطْلَقَ الرِّوايتَين الأُولَتَين في «المُحَرَّرِ» ، و «الزَّرْكَشِي». قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والعِشْرِين»: وَمبْنَى الرِّوايتَين، أنَّ
وَإِنْ ظَنَّهُ مَلِيئًا، فَبَانَ مُفْلِسًا، وَلَمْ يَكُنْ رَضِيَ بِالْحَوَالةِ، رَجَعَ عَلَيهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ.
ــ
الحَوالةَ، هل هي نَقْلٌ للحَقِّ أو تَقْبِيضٌ؟ فإنْ قُلْنا: هي نَقْلٌ للحَقِّ. لم يُعْتَبَرْ لها قَبُولٌ. وإنْ قُلْنا: هي تَقْبِيضٌ. فلا بُدَّ مِنَ القَبْضِ بالقَوْلِ، وهو قَبُولُها، فيُجْبَرُ المُحْتالُ عليه. انتهى. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانِيَةِ، قال في «الفُروعِ»: يتَوَجَّهُ أنَّ للمُحْتالِ مُطَالبَةَ المُحِيلِ قبلَ إجْبارِ الحاكِمِ. وذكَر أبو حازِم، وابْنُه أبو يَعْلَى، ليس له المُطالبَةُ، كتَعْييِنه كِيسًا فيُرِيدُ غيرَه.
قوله: وإنْ ظَنَّه مَلِيئًا، فبانَ مُفْلِسًا، ولم يَكُنْ رَضِيَ بالحَوالةِ، رجَع عليه، وإلا فلا. هنا مَسائلُ؛ الأُولَى، لو رَضِيَ المُحْتالُ بالحَوالةِ مُطْلَقًا، بَرِئَ المُحِيلُ. الثَّانيةُ، لو ظهَر أنَّه مُفْلِسٌ، مِن غيرِ شَرْطٍ ولا رِضًا مِنَ المُحْتالِ، وهي إحْدَى مَسْأَلتَي المُصَنِّفِ، رجَع، بلا نِزاعٍ. الثَّالثةُ، لو رَضِيَ بالحَوالةِ، ولم يَشْتَرِطِ اليَسارَ وَجهِلَه، أو ظَنَّه مَلِيئًا، فبانَ مُفْلِسًا، وهي مَسْأَلَةُ المُصَنِّفِ الثَّانيةِ، بَرِئ
وَإذَا أَحال الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ،، أَو أَحال الْبَائِعُ عَلَيهِ بِهِ، فَبَانَ الْبَيعُ بَاطِلًا، فَالْحَوَالةُ بَاطِلَةٌ.
ــ
المُحِيلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ (1) عليه، وعليه الأصحابُ. ويَحْتَمِلُ أنْ يَرْجِعَ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. ذكَرَها المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». وقال: وبه قال بعضُ أصحابِنا. وذكَرَه بعضُهم وَجْهًا، وهو ظاهِرُ ما جزَم به ابنُ رَزِينٍ في «نِهايتِه» ، و «نَظْمِها» . وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن». وقيل: الخِلافُ وَجْهان. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وهي طَرِيقَةُ ابنِ البَنَّا. الرَّابعةُ، لو شرَط المُحِيلُ أنَّ المُحال عليه مَلِئُ، ثم تبَيَّنَ عُسْرَتَه، رجَع المُحْتالُ على المُحِيلِ، بلا نِزاعٍ. وتقدَّم إذا أحاله على مَلِئٍ.
قوله: وإذا أحال المُشْتَرِي البائعَ بالثَّمَنِ، أو أحال البائعُ عليه به، فبانَ البَيعُ باطِلًا، فالحَوالةُ باطِلَةٌ. بلا نِزاعٍ.
(1) سقط من: الأصل، ط.
وَإِنْ فُسِخَ الْبَيعُ بِعَيبٍ أَوْ إِقَالةٍ، لَمْ تَبْطُلِ الْحَوَالةُ.
ــ
قوله: وإنْ فُسِخَ البَيعُ بعَيبٍ أو إقالةٍ، لم تَبْطُلِ الحَوالةُ. [إذا فُسِخَ البَيعُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعَيبٍ، أو إقالةٍ، أو خِيارٍ، أو انْفسَخَ النِّكاحُ بعدَ الحَوالةِ بينَ الزَّوجَين ونحوها، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ بعدَ قَبْضِ المُحْتالِ مال الحَوالةِ، أو قبلَه، فإنْ كان بعدَ القَبْضِ، لم تبْطُلِ الحَوالةُ] (1)، قوْلًا واحدًا. قاله ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» . وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، والمُصَنِّفُ هنا، وغيرُهم. فعلى هذا، للمُشْتَرِي الرُّجوعُ على البائعِ، في مَسْأَلَتَي حوَالتِه والحَوالةِ عليه، لا على مَن كان عليه الدَّينُ في المَسْالةِ الأُولَى، ولا على مَن أُحِيلَ عليه في الثَّانِيَةِ. وإنْ كان قبَل القَبْضِ، لم تَبْطُلِ الحَوالةُ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، سواءٌ أُحِيلَ على المُشْتَرِي بثَمَنِ المَبِيعِ، أو أحال به، كما لو أعْطَى البائعَ بالثَّمَنِ عَرْضًا. جزَم
(1) سقط من: الأصل، ط.
وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى مَنْ أَحَالهُ الْمُشْتَرِي عَلَيهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُحِيلَ المُحْتَال عَلَيهِ عَلَى الْبَائِع
ــ
به في «الوَجيزِ» ، «والمُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرُهم. والحُكْمُ على هذا كالحُكْمِ فيما إذا كان بعدَ القَبْضِ، على ما تقدَّم.
وللبائعِ أنْ يُحِيلَ المُشْتَرِيَ على مَن أحاله المُشْتَرِي عليه، في الصُّورَةِ الأُولَى،
فِي الثَّانِيَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَبْطُلَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا.
ــ
وللمُشْتَرِي أنْ يُحِيلَ المُحْتال عليه على البائعِ في الصُّورَةِ الثَّانيةِ. ويَحْتَمِلُ أنْ تَبْطُلَ. وهو وَجْهٌ، كما لو [بانَ البَيعُ](1) باطِلًا ببَيِّنَةٍ، أو اتِّفاقِهما، ولا تَفرِيعَ عليه. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «نِهايَتِه» ، و «نَظْمِها» . وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «النَّظْمِ». وقال القاضي: تَبْطُلُ الحَوالةُ به، لا عليه؛ لتَعَلُّقِ الحقِّ بثَالثٍ. وجزَم في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، وغيرِهم، بصِحَّةِ الحَوالةِ على المُشْتَرِي، وهي الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ في كلامِ المُصَنِّفِ. وأطْلَقُوا الوَجْهَين في بُطْلانِ الحَوالةِ به، وهي الصُّورَةُ الأُولَى في كلامِ المُصَنِّفِ، إلَّا صاحِبَ «الكافِي» ، فإنَّه قدَّم بُطْلانَ الحَوالةِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» . فعلى الوَجْهِ الثَّاني، هل يَبْطُلُ إذْنُ المُشْتَرِي للبائعِ أم لا؟ فيه وَجْهان، وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، يَبْطُلُ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . والثَّانِي، لا يَبْطُلُ. قال في «التَّلْخيصِ»: فعلى وَجْهِ بُطْلانِ الحَوالةِ، لا يجوزُ له القَبْضُ، فإنْ فعَل، احْتَمَلَ أنْ لا يقَع عنِ المُشْتَرِي؛ لأنَّ الحَوالةَ انْفسَخَتْ، فبطَل الإِذنُ (2) الذي كان ضِمْنَها. واحْتَمَلَ
(1) في الأصل، ط:«كان المبيع» .
(2)
في الأصل: «الأول» . وفي ط: «الأول» .
وَإِذَا قَال: أَحَلْتُكَ. قَال: بَلْ وَكَّلْتَنِي. أَوْ قَال: وَكَّلْتُكَ. قَال: بَلْ أَحَلْتَنِي. فَالْقَولُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالةِ.
ــ
أنْ يقَع عنه؛ لأنَّ الفَسْخَ ورَد على خُصوصِ جِهَةِ الحَوالةِ، دُونَ ما تَضَمَّنَه الإِذْنُ، فيُضاهِي ترَدُّدَ الفُقَهاءِ في الأمْرِ (1) إذا نُسِخَ الرُجوبُ، هل يَبْقَى الجَوازُ؟ والأصحُّ عندَ أصحابِنا بَقاؤُه، وإذا صلَّى الفَرْضَ قبلَ وَقْتِها انْعقَدَ نَفْلًا. انتهى. قال شَيخُنا في «حَواشِي الفروعِ»: وهذا يرْجِعُ إلى قاعِدَةٍ، وهي ما إذا بطَل الوَصْفُ، هل يَبْطُلُ الأصْلُ، أو يَبْطُلُ الوَصْفُ فقط؟ ويَرْجِعُ إلى قاعِدَةٍ، وهي إذا بطَل الخُصُوصُ، هل يَبْطُلُ العُمومُ؟ وهي مَسْأَلةُ خِلافٍ بينَ العُلَماءِ. ذكَرَها في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» .
قوله: وإنْ قال: أحَلْتُك. قال: بل وَكَّلْتَنِي. أو قال: وَكَّلْتُك. قال: بل
(1) سقط من: الأصل.
وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَال: أَحَلْتُكَ. وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا الْوَكَالةُ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ وَجْهَانِ.
ــ
أحَلْتَنِي. فالقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الوَكالةِ. هذا المذهبُ فيهما، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن». وقيل: القَوْلُ قوْلُ (1) مُدَّعِي الحَوالةِ. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ» . وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ» ، و «الفُروعِ» .
قوله: وإنِ اتَّفَقا على أنَّه قال: أحَلْتُك. وادَّعَى أحدُهما أنه أُرِيدَ بها الوَكالةُ، وأنْكَرَ الآخَرُ، ففي أيِّهما يُقْبَلُ قوْلُه؟ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الكافِي» ،
(1) سقط من: ط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُغْنِي» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، القَوْلُ قوْلُ مُدَّعِي الوَكالةِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» . وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» . والوَجْهُ الثَّانِي، القَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ. وصحَّحه في «التَّلْخيصِ» ، و «الفائقِ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ.
فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو قال: أحَلْتُك بدَينِي. وادَّعَى
أحدُهما أنه أُرِيدَ بها الوَكالةُ. قاله في «الفُروعِ» . وقدَّم في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في هذه، أنَّ القَوْلَ قوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ. الثَّانيةُ، لو اتَّفَقا على أنَّه قال: أحَلْتُك بالمالِ الذي قِبَلَ فُلانٍ. ثم اخْتَلَفا؛ فقال المُحِيلُ: إنَّما وَكَّلْتُك في القَبْضِ لي. وقال الآخَرُ: بل أحَلْتَنِي بدَينِي. فقيلَ (1): القَوْلُ قوْلُ المُحِيلِ. قدَّمه في
(1) في ط: «وقيل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: جزَم به جماعَةٌ. وقيل: القَوْلُ قوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ معه (1). وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . وأطْلَقهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، ويأْتِي عكْسُها (2). فعلى الأوَّلِ، يحْلِفُ المُحِيلُ، وَيبْقَى حقُّه في ذِمَّةِ المُحالِ عليه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الفُروعِ»: لا يَقْبِضُ المُحْتالُ مِنَ المُحالِ عليه؛ لعَزْلِه بالإِنْكارِ. وفي طَلَبِه مِنَ المُحِيلِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «الفرُوعِ» ، وقال: لأنَّ دَعْواه الحَوالةَ بَرَاءَةٌ. [أحدُهما له طَلَبُه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ](3). وعلى الثَّانِي، يَحْلِفُ المُحْتالُ، ويَثْبُتُ حَقُّه في ذِمَّةِ المُحالِ عليه (4)، ويَسْتَحِقُّ مُطالبَتَه، ويسقُطُ عنِ المُحِيلِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وعلى كِلا الوَجْهَين، إنْ كان المُحْتالُ قد قبَض الحقَّ مِن المُحالِ عليه، وتَلِفَ في يَدِه، فقد بَرِئَ كلُّ واحدٍ منهما مِن صاحِبِه، ولا ضَمانَ عليه سواءٌ، تَلِفَ بتَفْرِيطٍ أو غيرِه. وإنْ لم يتْلَفْ، احْتَمَل أنْ لا يَمْلِكَ المُحِيلُ طَلَبَه، ويَحْتَمِلُ أنْ يَمْلِكَ أخْذَه منه، ويَمْلِكَ مُطالبَتَه بدَينِه. وهو الصَّحيحُ. قال في «الفُروعِ» ، تفْرِيعًا على القَوْلِ الأوَّلِ: وما قبَضَه المُحْتالُ، ولم يَتْلَفْ، فللمُحيلِ أخْذُه في الأصحِّ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ». وقيل: يَمْلِكُ المُحِيلُ (5) أخْذَه منه، ولا يَمْلِكُ
(1) في ط: «بيعه» .
(2)
في الأصل، ط:«عليها» .
(3)
سقط من: الأصل، ط.
(4)
سقط من: الأصل، ط.
(5)
في الأصل، ط:«المحتال» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُحْتالُ المُطالبَةَ بدَينِه؛ لاعْتِرافِه ببَراءَةِ المُحِيلِ منه بالحَوالةِ. وقد تقدَّم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وليس بصَحيحٍ. انتهيا. وإنْ كانتِ المَسْأَلَةُ بالعَكْسِ؛ بأنْ قال المُحِيلُ: أحَلْتُك (1) بدَينِك. فقال: بل وَكَّلْتَنِي. ففيها الوَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الوَكالةِ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» . والوَجْهُ الثَّانِي، القَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ؛ فإنْ قُلْنا: القَوْلُ قوْلُ المُحِيلِ. فحلَف، بَرِئَ مِن حقِّ المُحْتالِ، وللمُحْتالِ قَبْضُ المالِ مِنَ المُحالِ عليه لنَفْسِه. وإنْ قُلْنا: القَوْلُ قَوْلُ المُحتْالِ. فحلَف، كان له مُطالبَةُ المُحِيلِ بحَقِّه، ومُطالبَةُ المُحالِ عليه، فإنْ قبَض منه قبلَ أخْذِه مِنَ المُحِيلِ، فله أخْذُ ما قبَض لنَفْسِه (2). وإنِ اسْتَوْفَى مِنَ المُحِيلِ دُونَ المُحالِ عليه، رجَع المُحِيلُ على المُحالِ عليه، في أحَدِ الوَجْهَين. قال القاضي: وهذا أصحُّ. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يرْجِعُ عليه. وأطْلَقهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَيْن» ، و «الفائقِ» . وإنْ كان قبَض الحَوالةَ، فتَلِفَتْ في يَدِه بتَفْرِيطٍ، أو أتْلَفَها، سقَط حقُّه، على كلا (3) الوَجْهَين. وإنْ تَلِفَتْ بغيرِ تَفْرِيطٍ، فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، يَسْقُطُ حقُّه أيضًا. وعلى الوَجْهِ الثَّانِي، له أنْ يَرْجِعَ على المُحِيلِ بحقِّه، وليس للمُحِيلِ الرُّجوعُ على المُحالِ عليه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.
(1) في ط: «أجلتك» .
(2)
بياض في: ط، وفي الأصل:«منه» .
(3)
سقط من: الأصل، وفي ط:«لي» .
وَإِنْ قَال: أَحَلْتُكَ بِدَينِكَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالةِ، وَجْهًا وَاحِدًا.
ــ
قوله: وإنْ قال: أَحَلْتُك بدَينِك. فالقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ، وَجْهًا واحدًا. يعْنِي، إذا اتَّفَقا على ذلك، وادَّعَى أحدُهما أنَّه أُرِيدَ به الوَكالةُ، وأنْكَرَ الآخَرُ، فالقَوْلُ قوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ. لا أعلمُ فيه خِلافًا، وقطَع به الأصحابُ.
فائدة: قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الحَوالةُ على ما له في الدِّيوانِ إذْنٌ في الاسْتِيفاءِ فقط (1)،
(1) زيادة من: الفروع.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وللمُحْتالِ الرُّجوعُ ومُطالبَةُ مُحِيلهِ.
تنبيه: ذكَر بعضُ (1) المُصَنِّفِين مسأَلَةَ المُقاصَّةِ (2) هنا، وذكَرَها بعضُهم في
(1) سقط من: الأصل، ط.
(2)
في الأصل: «المفاوضة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
آخِرِ السَّلَمِ، ولم يذْكُرْها المُصَنِّفُ، وذكَر ما يدُلُّ عليها في كتابِ الصَّداقِ. وقد ذكَرْناها في آخِرِ بابِ السَّلَمِ، فليُعاوَدْ (1).
(1) بعدها في الأصل، ط:«بها إلى إصلاح» .