الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن والثلاثون
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيَّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ. وَمَا تَقَرَّبَ إِلِيَّ عَبْدِيْ بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلِيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ. ولايَزَالُ عَبْدِيْ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِيْ يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِيْ يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِيْ بِهَا. وَلَئِنْ سَأَلَنِيْ لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِيْ لأُعِيْذَنَّهُ)(1) رواه البخاري
الشرح
هذا حديث قدسيّ كالذي سبقه، وقد تكلمنا على ذلك.
قوله: "مَنْ عَادَى لِي وَليَّاً" أي اتخذه عدواً له، ووليُّ الله عز وجل بيَّنه الله عز وجل في القرآن، فقال:(أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)(يونس: 62-63) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من كان مؤمناً تقياً كان لله وليَّاً أخذه من الآية: (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)(يونس: 63)
"فَقَدْ" هذا جواب الشرط "آذَنْتُهُ ِبالحَرْبِ" أي أعلنت عليه الحرب، وذلك لمعاداته أولياء الله.
"وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِيْ بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلِيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ" ولكن الفرائض تختلف
(1) سبق تخريجه صفحة (375)
كما سنبين إن شاء الله في الفوائد، إنما جنس الفرائض أحب إلى الله من جنس النوافل.
"وَلَا يَزَالُ عَبْدِيْ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ" لايزال: هذا من أفعال الاستمرار، أي أنه يستمر يتقرب إلى الله تعالى بالنوافل حتى يحبه الله عز وجل، و (حتى) هذه للغاية، فيكون من أحباب الله.
"فَإِذَا أَحْبَبتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِيْ يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِيْ يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِيْ بِهَا"
قوله: "كُنْتُ سَمْعَهُ" من المعلوم أن الحديث ليس على ظاهره، لأن سمع المخلوق حادث ومخلوق وبائن عن الله عز وجل، فما معناه إذن؟
قيل: معناه أن الإنسان إذا كان وليّاً لله عز وجل وتذكر ولاية الله حفظ سمعه، فيكون سمعه تابعاً لما يرضي الله عز وجل.
وكذلك يقال في بصره، وفي: يده، وفي: رجله.
وقيل: المعنى أن الله يسدده في سمعه وبصره ويده ورجله، ويكون المعنى: أن يُوفّق هذا الإنسان فيما يسمع ويبصر ويمشي ويبطش. وهذا أقرب، أن المراد: تسديد الله تعالى العبد في هذه الجوارح.
وقوله: "وَلَئِنْ سَأَلَنِيْ لأَعْطيَنَّهُ" هذه الجملة تضمنت شرطاً وقسماً، السابق فيهما القسم، ولهذا جاء الجواب للقسم دون الشرط، فقال: لأَعْطِيَنَّهُ.
وقد قال ابن مالك رحمه الله:
واحذفْ لدى اجتماع شرط وقسم
…
جوابَ ما أخّرت فهو ملتزم
يعني إذا اجتمع شرط وقسم فاحذف جواب المتأخر، ويكون الجواب للمتقدم، فهنا الجواب للمتقدم الذي هو القسم لأنه أتى مقروناً باللام.