المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الأذان والإقامة - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٣

[المرداوي]

الفصل: ‌باب الأذان والإقامة

‌بابُ الأذانِ والإقامَةِ

ــ

بابُ الأذانِ

فوائد؛ إحْداها، الأذان أفْضلُ مِنَ الإقامة، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: الإقامة أفْضلُ. وهو روايةٌ في «الفائقِ» ، وقيل: هما في الفَضِيلَةِ سواءٌ. الثَّانيةُ، الأذانُ أفْضَل مِنَ الإمامَةِ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قال الشيخ تقيُّ الدِّينِ: هذا أصَحُّ الرِّوايتَين، واخْتِيارُ أكثرِ الأصحاب. قال في «المُغْنِي» (1): اخْتارَه ابنُ أبي موسى، والقاضي، وجماعةٌ. وعنه، الإمامة أفْضلُ. وهو وَجْهٌ في «الفائقِ» ، وغيرِه، واخْتارَه ابنُ حامدٍ، وابن الجَوزِيِّ. وقيل: هما سواءٌ في الفَضِيلَةِ. وقيل: إنْ عَلِمَ مِن نفْسِه القِيامَ بحُقوق الإمامَةِ وجميع خِصالِها، فهي أفْضلُ، وإلَّا فلا. الثَّالثةُ، له الجمْع بينَهما. وذكَر أبو المَعالِي، أنَّه أفْضَل. وقال: ما صَلُحَ له فهو أفْضَل.

(1) 2/ 55.

ص: 43

وَهُمَا مَشْرُوعَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ دُونَ غَيرِهَا، لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ.

ــ

تنبيهات؛ الأوَّلُ، ظاهر قولِه: وهما مَشْروعان لِلصَّلواتِ الخمس. سواءٌ كانت حاضِرةً أوْ فائتةً، ويَحْتَمِل أنْ يُريدَ غيرَ الفائتةِ. ويأتِي الخِلافُ في ذلك قرِيبًا. ويأتِي أيضًا إذا جمع بينَ صلاتين، أو قَضاء فوائت. الثَّاني، مفْهومٌ قوله: للصَّلَواتِ الخمْس. أنَّه لا يُشرَعُ لغيرها مِنَ الصَّلواتِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يُشْرعُ للمَنْذورةِ. وأطْلقَهما ابنُ

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عبيدان، والزَّرْكَشي، و «الرعاية الكُبْرَى» . ويأتي آخِرَ البابِ ما يقولُ لصلاة العيدِ، والكسوفِ، والاسْتسْقاءِ، والجِنازَةِ، والتِّراويحِ. الثَّالثُ، ظاهرُ قوله: للرِّجال. أنَّه مَشْروع لكل مُصلٍّ منهم، سواءٌ صلَّى في جماعَةٍ أو مُنْفرِدًا، سفَرًا أو حضَرًا. وهو صحيحٌ. قال المصَنِّف: والأفضَلُ لكلِّ مُصل أنْ يؤذِّنَ

ص: 47

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويُقيمَ، إلَّا أنْ يكونَ يصَلِّي قضاءً أو في غيرِ وَقْتِ الأذانِ. قال في «الفُروعِ»: وهما أفْضَلُ لكلِّ مُصَلِّ، إلَّا لكلِّ واحدٍ ممَّن في المسْجِدِ، فلا يُشْرَعُ، بل حصَل له الفضِيلَةُ كقراءةِ الإمامِ للمأْمومِ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: وإنِ اقْتصَر المُسافِرُ أو المُنْفَرِدُ على الإقامَةِ، جازَ مِن غيرِ كَراهَةٍ. نصَّ عليه. وجَمْعُهما أفْضَلُ. انتهى. ويأْتِي قريبًا؛ هل يكونُ فَرْضَ كِفايَةٍ للمُنْفَرِدِ والمُسافِرِ أم لا؟ الرَّابعُ، مفْهومُ قولِه: للرِّجالِ. أنَّه لا يُشْرَعُ للخَناثى، ولا للنِّساءِ. وهو

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صحيحٌ، بل يُكْرَه. وهو المذهبُ، وعليه الجمهور. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المشْهورُ مِنَ الرِّوايات. قال المَجْدُ في «شَرْحِه» : لا يُسْتَحَبُّ لهُنَّ، في أظْهَرِ الرِّوايَتْين. وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايَتْين» ، و «الحاويَين» . وعنه، يُباحان لهما مع خفْضِ الصَّوْتِ. ذكَرَهما في «الرِّعايِة». وقال في «الفُصولِ»: تُمْنَعُ مِنَ الجَهْرِ بالأذانِ. وعنه، يُسْتَحَبَّان للنِّساء. ذكَرَها في «الفائقِ» . وعنه، يُسَنُّ لهُنُّ الإقامَةُ، لا الأذانُ. ذكَرَها في «الفُروعِ» وغيرِه؛ فقال في «الفُروعِ»: وفي كَراهَتِهما للنِّساءِ، بلا رَفْع صَوْتٍ، وقيلَ مُطْلقًا، رِوايَتَان، وعنه، يُسَنُّ الإقامةُ فقط. ويتَوَجَّهُ في التِّحْرِيمِ جَهْرًا، الخِلافُ في قِراءَةٍ وتَلْبيَةٍ. انتهى. ومَنَعَهُنَّ في «الواضِحِ» مِنَ الأذانِ. ذكَرَه عنه في «الفُروعِ» ، في آخرِ الإحْرامِ.

ص: 49

وَهُمَا فَرْضٌ عَلَى الْكفَايةِ، إنِ اتَفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهِمَا قَائلَهُمُ الْإمَامُ.

ــ

قوله: وهما فَرْضُ كفايةِ. اعلمْ أنهما تارة يُفْعلان في الحضَرِ، وتارةً في السَّفر، فإنْ فعلَهما في الحضَرِ، فالصحيح مِنَ المذهبِ، أنَّهما فرْضُ كِفاية في القُرْى والأمْصارِ وغيرِهما. وعليه الجمهورُ، وهو من مفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، هما فرْضُ كِفايةٍ في الأمْصارِ، سُنَّة في غيرِها. وعنه، هما سُنَّةٌ مُطلقًا. قال المصَنِّفُ وغيرُه: وهو ظاهرُ كلام الخِرقيِّ. وقال في «الرَّوْضةِ» : الأذانُ فَرْضٌ، والإقامَةُ سُنَّةٌ. وعنه، هما وَاجبان للجُمعَةِ فقط. اخْتارَه ابن أبي موسى، والمَجْدُ في «شَرْحِه» ، وغيرُهما. وأقامَ الأدلَّةَ على ذلك. قال الزَّرْكشيُّ: لا نِزاع فيما نعْلَمُه في وُجوبِهما للجُمعَةِ؛ لاشْتراطِ الجماعَةِ لها. قلتُ: قد تقدَّم الخِلافُ في ذلك. ذكَرَه ابنُ تَميم، وصاحِبُ «الفروع» ، وغيرُهما، لكن عُذْرَه أنَّه لم يطَّلِعْ على ذلك. وقال بعض الأصحابِ: يسْقُطُ الفرْضُ للجُمُعَةِ بأوَّل أذانٍ. وإنْ

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فُعِلا في السَّفَرِ، فالصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنهما سُنَّة. وعليه جمهورُ الأصحاب؛ منهم أبو بَكْرٍ، والقاضي، في «المُحَرَّرِ». قال الزَّرْكَشيُّ: هي المشْهورةُ، وعليها أكْثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايةِ الكُبْرَى» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وجزَم به في «الرعايَة الصُّغرى» ، وغيرِه. وعنه،

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حُكمُ السَّفَرِ حُكْمُ الحضَرِ فيهما. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ المصَنِّفِ هنا، وظاهرُ كلامِ جماعةٍ. قال الزَّرْكَشِيِّ: وهو ظاهرُ إطْلاقِ طائفةٍ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به

ص: 52

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«ناظِمُ المُفْرَداتِ» . واخْتارَه صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاويَين» ، و «الفائقِ» . وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

فائدة: فعلى القوْلِ بأنَّهما فرْضُ كِفايةِ في أصْلِ المسْأَلَةِ، يُسْتَثْنَى مِن ذلك المُصَلِّي وحدَه، والصَّلاةُ المَنْذُورَةُ، والقَضاءُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فليس هما في حَقِّهم فرْضَ كِفايَةِ. قدَّمه في «الفُروعِ» . وقيل بفَرْضيَّتِهما فيهِنَّ. وهي روايةٌ في المُنْفَرِدِ. واخْتارَه في المُنْفَرِدِ في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاويين» ، و «الفائقِ» ، وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ» . و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «ابنِ عُبَيدان» .

ص: 53

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: ظاهر قوله: إنِ اتفَق أهْلُ بلَدٍ على تركِهما قائلهم الْإمامُ. أمَّا إذا قُلْنا: إنَّهُما سُنَّة، واتفقوا على ترْكِهما، فلا يُقاتَلون. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ وعليه جماهير الأصحابِ. وقيل: يُقاتَلون أيضًا على القوْلِ بأنَّهما سُنة. واخْتاره الشيخ تَقيُّ الدِّينِ.

فائدة: يكفِي مؤذنٌ واحدٌ في المِصْرِ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ» : وأطْلقَه جماعة. وقال جماعة مِن الأصحابِ: يكفِي مُؤذِّن واحدٌ بجيثُ يُسْمِعُهم. قال المَجْدُ، وابنُ تَميم، وغيرُهما: بحيث يحْصُلُ لأهْله العلمُ. وقال في «المسْتَوْعِبِ» : متى أذَّن واحدٌ، سقط عن مَن صَلَّى معه، لا عن مَن لم يصلِّ

ص: 54

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

معه وإنْ سَمِعه، سواءٌ كان واحِدًا أو جماعةً في المسْجدِ الذي صلّى فيه بأذانٍ أو غيرِه. وقيل: يُسْتَحَب أنْ يُؤذِّنَ اثْنان. وجزَم به في «الحاويَين» . قال في «الفُروعِ» : ويَتَوجَّهُ في الفجْرِ فقط، كبلالٍ وابن أم مَكْتُوم، ولا يُسْتَحبُّ الزِّيادةُ عليهما، على الصَّحيحِ. جزَم به المصِّنف في «المُعنى» ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدمه في «الفروعِ» ، و «ابنِ تميم» ، وغيرِهما. وقال القاضي: لا يُسْتَحَبُّ الزِّيادة على أربَعَةٍ، لفِعْلِ عُثْمانَ، إلا مِن حاجَةٍ. وتابعه في

ص: 55

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُسْتوْعِب» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويين» . والأوْلَى، أنْ يؤذنَ واحدٌ بعدَ واحدٍ، ويقيمَ من أذَّنَ أوَّلًا. وإنْ لم يحْصُل الإعْلامُ بواحدٍ، في يزيدُ بقَدْرِ الحاجَةِ كلُّ واحدٍ مِن جانبٍ، أو دَفْعةً واحدةٌ بمكانٍ واحدٍ، ويقيمُ أحدُهم. قال في

ص: 56

وَلَا يجُوزُ أخذُ الأُجْرَةِ عَلَيهِمَا في أظْهرِ الرِّوَايَتَينِ.

ــ

«الفُروعِ» : والمُرادُ بلا حاجَةٍ. وهو كما قال. فإنْ تشاحُّوا أُقرِعَ بينَهم.

قوله: ولا يَجُوزُ أخْذُ الأجْرَةِ عليهما في أظْهر الرِّوايَتَينِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. والرِّواية الأُخْرى: يجوزُ. وعنه، يُكْرَهُ. ونقَلها حَنْبَلٌ. وقيل: يجوزُ إنْ كان فقِيرًا، ولا يجوزُ مع غنَاه. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. قال: وكذا كلُّ قُربة. ذكره عنه في «تجْريدِ العِناية» . ويأتي في أثْناءَ بابَ الإجارةَ، هل تصِحُّ الإجارةُ على عَملٍ يختصُّ فاعِلُه أنْ يكونَ من أهْلِ القرْبَةِ؟

ص: 57

فَإنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَطوِّع بِهِمَا رَزَقَ الْإمَامُ مِنْ بَيتِ الْمَالِ مَنْ يَقُومُ بِهِمَا.

ــ

قوله: فإنْ لم يُوجَدْ متَطَوِّع بهما، رزَق الإمامُ مِن بَيتِ المالِ مَن يَقومُ بهما. كرِزْقِ القضاةِ ونحوهم، على ما يأتي في بابِه. وظاهر كلامِ المُصنف، أنَّه إذا وُجد متَطَوِّعٌ بهما، لا يجوزُ أنْ يرْزُقَ الإمامُ غيرَه؛ لعدَمِ الحاجَةِ إليه. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، لا يجوزُ إلَّا مع امْتِيازٍ بحُسْنِ صوْتٍ.

ص: 58

وَيَنْبَغِي أنْ يكونَ الْمُوذنُ صَيِّتًا أمِينًا عَالِمًا بِالْأوْقَاتِ.

ــ

تنبيه: قوله: ويَنْبغِي أنْ يكونَ المُؤذِّن صَيتًا، أمينًا، عالِمًا بالأوقاتِ. أنَّه لا فرْقَ في ذلك بينَ الحُرِّ والعَبْدِ، والبَصيرِ والأعْمَى. وهو صحيحٌ. وهو ظاهرُ كلامِ غيرِه مِنَ الأصحابِ في العَبْدِ. وصرحَ به أبو المَعالِي. وقال: يسْتأذِنُ سَيِّدَه. وقال ابن هُبيرَةَ في «الإفْصاح» : وأجْمَعوا على أنَّه يُسْتَحبُّ أنْ يكونَ المُؤذنُ حُرًّا بالِغًا طاهِرًا. قال في «الفُروعِ» : وظاهر كلامِ غيره لا فرْقَ. قلتُ: قال في «المُذْهَب» : يُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ حُرًّا. وأمَّا الأعْمَى؛ فصرَّح

ص: 59

فَإنْ تَشَاحَّ فِيهِ نفْسَانِ قُدِّمَ أفْضَلُهُمَا في ذَلِكَ، ثُمَّ أفْضَلُهُما في دِينهِ وَعَقْلِهِ،

ــ

بأذانِه الأصحابُ، وأنَّه لا يُكَرهُ إذا علم بالوقت. ونص عليه.

فائدتان؛ إحْداهما، قوله: ويَنبغي. مرادُه، يُسْتَحب. قاله كثير مِنَ الأصحاب. الثَّانية، يشترَطُ في المُؤذِّن ذُكُورِيَّتُه، وعقْلُه، وإسْلامُه، ولا يُشترَطُ علْمُه بالوقْتِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال أبو المعالي: يُشْتَرَطُ ذلك. ويأتِي ذكْر بقِيَّة الشُّروطِ عندَ قولِه: ولا يصِحُّ الأذانُ إلَّا مُرَتبًا.

قوله: فإنْ تَشاحَّ فِيه نفْسانِ قُدِّمَ أفْضَلهما في ذلك. يعني في الصَّوْتِ والأمانَةِ

ص: 60

ثُمَّ مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ، فَإذَا اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَينَهُمَا.

ــ

والعلمِ بالوقتِ. وهذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ.

قوله: ثم أفْضَلُهما في دِينه وعَقْلِه. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقيل: يقَدَّمُ الأدْينُ على الأفْضَلِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين» .

قوله: ثم مَن يَخْتارُه الجيرانُ. أو أكْثرُهم. وهو المذهبُ.

قوله: فإنِ استوَيا أُقرِع بَينَهما. وهو المذهبُ. وقدَّم في «الكافِي» القُرْعَةَ بعدَ

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأفْضَلِيَّة في الصَّوت، والأمانةِ، والعلم. وعنه، تُقَدَّم القُرْعَةُ على مَن يخْتارُه الجِيرانُ. نقَلَها الجماعةُ. قاله القاضي. قدَّمه في «التلخيص» ، و «البُلغةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاويَين» . وأطْلقَهما في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعب». وقال أبو الخَطَّابِ وغيرُه: إذا اسْتَوَيا في الأفْضَلِيَّة في الخِصال المُعْتبرَة، والأفضَلِيَّةِ في الدِّينِ والعَقْلِ، قدِّمَ أعْمَرُهم للمسْجدِ، وأتَمُّهم له مُراعاة، وأقدَمُهم تأذينًا. وجزَم به في «التَّلْخيصِ» ، و «البُلغَةِ». وقال أبو الحسَنِ الآمِدِيُّ: يُقَدَّمُ الأقْدَمُ تأذِينًا، أو أبُوه. وقال: السُّنَّةُ أنْ يكونَ المُؤذِّنُ مِن أوْلادِ مَن جعَل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الأذانَ فيه، وإنْ كان مِن غيرهم، جازَ. واعلمْ أنَّ عِباراتِ المُصَنِّفِين مُخْتلِفَة في ذلك، بعْضُها مُبايِنٌ لبعْض. فأنا أذْكرُ لفْظَ كلِّ مُصَنفٍ، تكمِيلًا للفائدةِ. فقال في «الكافِي»: فإنْ تَشاحَّ فيه اثْنانِ، قُدِّمَ أكْملهما في هذه الخِصالِ؛ وهي الصَّوتُ، والأمانةُ، والعلمُ بالوقْتِ، والبَصَرُ، فإنِ اسْتوَيا في ذلك، أُقرِعَ بينَهما. وعنه، يقَدَّمُ من يرضَاه الجِيرانُ. وقال في «الوجيز»: فإنْ تشاح اثنانِ، قُدِّمَ الأدْيَن الأفْضَلُ فيه، ثم من قرَع. وقال في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»: ويُقَدَّم الأفْضل فيه، ثم الأدْيَنُ، ثم مُخْتارُ جارٍ مُصَلٍّ، ثم من قرَع. وهي طريقَة المصَنِّفِ بعينها، لكنْ شرَط في الجار أنْ يكونَ مُصَليًّا، وهو كذلك. وقال في «الفائقِ»: يُقَدَّمُ عندَ التَّشاحُنِ أفْضلُهما في ذلك، ثم في الدِّينِ، ثمْ مَن يَخْتارُه الجِيرانُ، فإنِ استوَيا فالإقراعُ. وقال في «المنَوِّرِ» ، و «المُنْتخَبِ»: ويُقَدَّمُ الأفْضلُ فيه، ثم في دِينه، ثم مُرتضَى الجيرانِ، ثم القارِعُ. وقال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: ويُقدَّمُ أعْلَمُ، ثم أدْيَنُ، ثم مُخْتار، ثم قارِعٌ. فهؤلاءِ الأرْبَعَة طريقَتُهم كطريقَةِ المُصَنِّف، وقال النَّاظمُ: يُقَدَّمُ مُتْقِنٌ عندَ التَّنازُعِ، ثم أدْينُ، ثم أعْقَل، ثم مَن يَخْتارُه الجيرانُ، ثم الإقْراعُ. فقام الأدْيَنَ على الأعْقلِ، ولا يُنافي كلامَ المُصَنِّفِ وقال في «الرِّعاية الكُبْرى»: وإنْ شاحَّ

ص: 62

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيه اثنان، قُدِّم مَن له التَّقْديمُ، ثم الأعْقَلُ، ثم الأدْيَنُ، ثم الأفْضَل فيه، ثم الأخْبَرُ بالوقْت، ثم الأعْمر للمسْجدِ المُراعِي له، ثم الأقْدَمُ تأذِينًا فيه. وقيل: أو أبُوه، ثم مَن قرع مع التَّساوى. وعنه، بل من رَضِيَه الجِيران. وقيل: يُقدَّم أفْضَلهما في صوْتِه، وأمانتِه، وعلْمِه بالوقْتِ، ثم في دِينه وعقْلِه. وهذا القوْلُ الأخير طريقةُ المُصَنِّفِ ومَن تابَعَه. وهي المذهبُ، كما تقدم. وقال في «الرعايةِ الصُّغْرى»: فإنْ تَشَاحَّ اثْنانِ، قُدِّمَ الأدْينُ، ثم الأفْضَل فيه، ثم الأخْبَرُ بالوقْتِ، ثم الأعْمَرُ للمسْجد المُراعِي له، ثم الاُقْدَمُ تأذِينًا فيه، ثم مَن قرَع. وعنه، مَنْ رَضِيَه الجِيران. وقال في «الإفاداتِ»: فإن تشاحَّ فيه اثْنانِ، قدِّمَ أدْيَنُهما، ثم أفْضَلهما، ثم أعْمَرهما للمسْجدِ، وأكْثَرُ هما مُراعاةً له، ثم أسبقهما تأذِينًا فيه، ثم مَن رَضِيَه الجِيرانُ، ثم مَن قرَع. وقال في «الحاويَين»: وإنْ تَشَاحَّ فيه اثْنانِ، قدِّمَ الأفْضَل فيه، والأدْيَنُ الأعْقَل، الأخْبَر بالوقْتِ، الأعْمر للمسْجد، المُراعي له، الأقْدَمُ تأذِينًا، ثم مَن قرَع. وعنه، مَن رَضِيَه الجِيران. وقال في «إدْرَاكِ الغاية»: وأحَقُّهم به أفْضَلهم، ثم أصْلَحهم للمسْجدِ، ثم مُخْتارُ الجيرانِ، ثم القارِعُ. وعنه، القارعُ، ثم مُخْتارُ الجيرانِ. وقال في «التَّلْخيص» ، و «البلْغةِ»: فإنْ تَشَاحُّوا، قُدِّمَ أكْمَلهم في دِينِه وعقلِه وفضلِه، فإنْ تَشَاحُّوا، أُقْرِعَ بينَهم، إلَّا أنْ يكونَ لأحَدِهم مَزِيَّةٌ في عِمارَةِ المسْجدِ، أو التقْديمِ بالأذانِ. وعنه، يقومُ من يَرْتَضِي الجيرانُ. وكذا قال في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهب» ، و «المُسْتَوعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ». وقال في «الفُصولِ»: وإنْ تشاحُّوا، قدِّمَ مَن رَضِيَه الجِيرانُ، في إحْدَى الرِّوايتين. والأخْرَى يُقَدَّمُ مَن تخْرِجُه القُرْعَةُ. ولم يزدْ عليه. وقال في «المُبْهِج»: وإنْ تشاحَّ اثْنانِ في الأذانِ، أذَّنَ أحَدُهما بعدَ الآخَرِ. ولم يَزِدْ عليه. وقال في «الفُروعِ»: ومع التَّشاجُرِ يُقَدَّمُ الأفْضَل في ذلك، ثم الأدْينُ. وقيلَ: يقَدَّمُ هو، ثم اخْتِيار الجِيرانِ، ثم القُرْعَةُ. وعنه، هي

ص: 63

وَالْأذَان خَمس عَشْرَةَ كَلِمَةً لَا ترجِيعَ فِيهِ.

ــ

قبلَهم. نقَله الجماعةُ. قاله القاضي. وعنه، يُقدَّمُ عليهما بمَزيةِ عِمارَةٍ. وقيل: أو سبْقِه بأذان. انتهى. وهي أحسَنُ الطرقِ وأصَحها. ولم يذْكُرِ المسْألةَ ابنُ تميم، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «العُقُودِ» ، و «الجامِع الصَّغير» .

قوله: والأذَانُ خَمسَ عَشْرةَ كلمة، لا ترجيعَ فيه. الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أن المخْتارَ منَ الأذانِ أذانُ بِلالٍ، وليس فيه ترجِيع، وعليه الإمامُ والأصحابُ. وعنه، الترجيعُ أحَبُّ إلَيَّ، وعليه أهلُ مكةَ إلى اليومِ. نقلها حَنْبَل. ذكَره القاضي

ص: 64

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «التعليق» .

فائدة: قال أبو المَعالِي في «النهاية» : يكْرَهُ أنْ يقولَ قُبَيل الأذانِ: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} (1). وقال في «الفُصُولِ» : لا يوصل الأذانُ بذِكرٍ قبْلَه، خِلافَ ما عليه أكثرُ العوام اليومَ، وليس موطِنَ قرآن، ولم يُحفَظْ في السلَفِ، فهر محدَث. انتهى. وقال في «التبصرة»: يقولُ في آخرِ

(1) سورة الإسراء 111.

ص: 65

وَالْإقَامَةُ إحدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً. فإن رَجَّعَ فِي الْأذَانِ أوثَنَّى الْإقَامَةَ فَلا بَأسَ.

ــ

دُعاءِ القُنوتِ: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} . الآية. فقال في «الفروعِ» : فيتَوَجَّهُ عليه قوْلُها قبلَ الأذانِ.

قوله: والإقامَة إحدَى عَشرة كلمةً. هو المذهبُ، وعليه الأمامُ والأصحابُ.

وعنه، هو مُخير بينَ هذه الصفَةِ وتثنيتها.

فائدة: لا يشرعُ الأذان بغيرِ العَرَبِيةِ مُطْلقا. على الصَّحيح مِنَ المذهب. وقل: لا يجوزُ الأذانُ بغيرِ العَربية، إلَّا لنفسِه مع عَجْزِه. قاله أبو المعالي. ذكَرَه عنه في «الفروع» ، في آخرِ بابِ الإحرامَ.

ص: 66

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: فإن رَجَّعَ في الْأذَان، أو ثنَّى في الإقامةِ، فلا بأس. وهذا المذهبُ، وعليه الإمامُ والأصحابُ. وعنه، لا يُعجِبني ترجِيعُ الأذانِ. وعنه، الترجِيعُ وعدَمُه سواء.

فائدة: الترجيعُ قوْلُ الشهادتين سِرًّا بعدَ التكْبيرِ، ثم يجهر بهما.

ص: 67

وَيَقُولُ فِي أذَانِ الصبحِ: الصلَاةُ خَيرٌ مِنَ النوْمِ. مَرتَينِ.

ــ

قوله: ويقولُ في أذان الصبحِ: الصَّلاةُ خَيرٌ مِنَ النَّوْمِ. مَرَّتَين. لا نِزاعَ في اسْتِحبابِ قوْلِ ذلك، ولا يجِبُ على الصحيح مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ

ص: 69

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحاب. وعنه، يجِبُ ذلك. جزَم به في «الروْضَةِ» . واخْتاره ابنُ عَبْدُوس في «تذْكِرَتِه» ، وهو مِنَ المُفْردات.

فائدتان؛ إحداهما، يُكْرَه التثويبُ في غيرِ أذانِ الفَجْرِ، ويُكْرهُ بعدَ الأذانِ أيضًا. ويُكْرهُ النداء بالصلاةِ بعدَ الأذانِ. والأشْهرُ في المذهب كَراهةُ نِداءِ الأمَراءِ بعدَ الأذانِ، وهو قوْلُه: الصلاةَ يا أميرَ المُومِنين، ونحوُه. قال في «الفُصُول»: يُكْرهُ ذلك، لأنه بِدعَة. ويحتَمِلُ أنْ يُخْرِجَه عن البدعه لفِعلِه زمَن معاويةَ. انتهى.

ص: 70

وَيُسْتَحَبُّ أنْ يَتَرَسَّلَ فِي الأذَانِ، وَيحدُرَ الإقَامَةَ،

ــ

الثانيةُ، قوله: ويستحبُّ أنْ يَتَرَسّلَ في الأذَانِ، ويحدُرَ الإقامةَ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ قال ابنُ بَطَّةَ، وأبو حَفْص، وغيرُهما مِنَ الأصحابِ: إنَّه يكونُ في حالِ ترَسُّلِه وحَدرِه لا يصِلُ الكلامَ بعضَه ببَعضٍ مُعرَبًا، بل جَزْمًا

ص: 71

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإسْكانًا. وحكَاه ابنُ بطَّةَ عن ابن الأنبَارِى، عن أهْلِ اللغةِ. قال: ورُوِيَ عن إبْراهيمَ النخعِي أنه قال: شَيئان مجْزُومان، كانوا لا يُعرِبُونهما، الأذانُ، والإقامة. قال: وقال أيضًا: الأذانُ جَزْم. قال المجد في «شرحه» : معناه اسْتحبابُ تَقْطيِع الكلِماتِ بالوَقْفِ على كل جُملة، فيَحصُلُ الجزْم والسكونُ بالوَقْفِ، لا أنّه مع عدَم الوقفِ على الجُملَةِ يتركُ إعرابُها، كما قال. انتهى. وقال ابنُ تَميمٍ: ويُستحَب أن يتَرسَّلَ في الأذانِ، ويَحدرَ الإقامةَ، وأنْ يقِفَ على كل كلمةٍ. وقال ابنُ بَطةَ: يسْتحَب تَركُ الإعرابِ فيهما. قال في «الفُروع» :

ص: 72

وَيُؤذِّنَ قَائِمًا مُتَطَهِّرًا عَلَى مَوْضِع عَالٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ،

ــ

ويَجْزمهما، ولا يعربُهما. وكذا قَال غيره.

قوله: ويؤذِّنَ قائمًا. يعني؛ يسْتَحبُّ أنْ يؤذنَ قائمًا، فلو أذنَ أو أقام قاعدا، أو راكبًا لغيرِ عُذْرٍ، أو ماشِيا، جاز، ويكْرَهُ. على الصحيح مِن المذهب. قال المصنِّفُ، والشارح، وغيرُهما: فإنْ أذنَ قاعِدًا لغيرِ غذْرٍ، فقد كَرهه أهل العلْمِ، ويصِح. وهو ظاهر ما جزم به في «الوَجيز» لغير القائمِ. وقدمه ابن

ص: 73

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَميمٍ في الجميع. وقال أحمدُ: إنْ أذَّنَ قاعدًا، لا يعجبني. وجزَم في «التَّلخيص» بالكَراهةِ للمَاشِي، وبعدَمِها للرَّاكبِ المسافرِ. قال في «الرعايةِ الصُّغْرى»: ويُباحان للمُسافرِ ماشِيا وراكبًا في السفينةِ والمَرَض جالسًا. وقاله في «الحاويين» . وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى» : ويباحَان للمسافرِ حال مَشْيِه وركوبه، في روايَةِ. وقال في مَكانٍ آخَرَ: ولا يمشِي فيهما، ولا يركَب. نصَّ عليه، فإنْ فعَل، كرِه. وقال في «الفائق»: ويباحان للمسافرِ ماشِيًا وراكِبا. انتهى. وعنه، لا يُكْرَه ذلك في الكُلِّ. وعنه، يُكْرَه. وعنه، يكْرَه في الحضَرِ دُونَ السفَرِ. قال القاضي: إنْ أذَّنَ راكبا أو ماشِيًا حَضرًا، كُره. وعنه، يكْره ذلك في الإقامَةِ في الحضر. وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ أذنَ قاعِدًا، أو مَشَى فيه كثيرًا، بَطَلَ، وهو مِنَ المُفْرَدات. وهو روايةٌ في الثانيةِ. وقال في «الرعاية»: وعنه، إنْ مشَى في الأذانِ كثيرًا غرفًا، بطل. ومال الشيخ تَقي الدِّين، إلى عدَمِ إجْزاءِ أذانِ القاعدِ. وأطْلَقهن في «الفروعِ» بعنه وعنه. وحكَى أبو البقاءِ، في «شَرحِه»

ص: 74

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رِوايةً؛ أنه يُعيدُ إنْ أذن قاعدًا. قال القاضي: هذا مَحمول على نَفْي الاسْتِحبابِ.

وحمَله بعضُهم على نَفْي الاعتِدادِ به.

قوله: متطَهِّرًا. يعني أنه تُسْتحبُّ الطهارةُ له. وهذا بلا نِزاعٍ من حيث الجملةُ. ولا تجبُ الطهارة الصغْرَى له، بلا نِزاعٍ. ويصِحُّ الأذانُ والإقامة، لكنْ تكْره له الإقامة، بلا نزاع. جزم به في «الفروعِ» ، و «المسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيص» ، و «الرِّعايه» ، و «ابنِ تميم» ، و «الزَّركَشِي» ، وغيرِهم. ولم يكْرهِ الأذانُ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الرعايةِ» ، و «ابنِ تميم» ، و «الزركشي» ، و «الفُروعِ». وقيلَ: يكْرهُ الأذان أيضًا. وهي في الإقامةِ أشَدُّ. وجزَم به في «المستوعب» ، و «التلخيصِ» . ويصح عِنَ الجُنُبِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهير الأصحاب. ونص عليه في روايةِ حَرب. وعنه، يعيد. اخْتارَه الخِرَقي، وابنُ عبدوس المُتقدمُ. وأطْلَقَهما

ص: 75

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «الإيضاحِ» . فعلى المذهبِ، قال في «الفُروع»: يتوَجَّهُ في إعادته احتِمالان. فعلى المذهب إنْ كان أذانُه في مسْجدٍ، فإنْ كان مع جَواز اللبث، إما بوضوءٍ على المذهب، أوَ بحبسٍ ونحو ذلك، صَحَّ. ومع تحريمِ اللبثِ، هو كالأذانِ، والزَّكَاةِ في مَكانٍ غَصْبٍ. وفي ذلك قوْلان، المذهبُ عند المَجْدِ وغيرِه الصِّحّة. والمذهبُ عندَ ابن عَقِيل في «التذْكِرَةِ» ، البطْلانُ. وهو مقتَضَى قول

ص: 76

فَإذَا بَلَغَ الْحَيعَلَةَ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلم يَسْتَدِرْ،

ــ

ابنِ عَبدوسٍ المتقدمِ، وقطع باشْتِراطِ الطهارةِ كمَكانِ الصلاةِ.

قوله: فإذا بلَغ الحَيعلَةَ التفَت يَمينا وشمالًا، ولم يَسْتَدر. هذا المذهب مُطْلقا، وعليه الجمهورُ. وقال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: هذا الأظْهر. وجزم به في «الوَجيز» ، و «المنتخَبِ» ، وغيرِهما. واخْتارَه ابن عبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «الفُروع» ، و «الرعايتَين» ، و «الحاويَين» ، و «النظْمِ» ، و «ابنِ تَميم» ، و «المحَرر» . وعنه، يزيلُ قدمَيه في منارةٍ ونحوها. نصرَه القاضي في «الخلافِ» وغيره. واخْتارَه المَجْدُ. وجزَم به في «الروْضَةِ» ، و «المذْهب الأحمَد» ، و «الإفَادَاتِ» ، و «المنور». قلتُ: وهو الصواب؛ لأَنه أبلَغ في الإعلامِ، وهو المعمول به. زادَ أبو المَعالي، يفْعَلُ ذلك مع كِبَرِ البلدِ. وأطْلقَهُما في «المُسْتوعِبِ» ، و «التلْخيص» ، و «البلغةِ» ،

ص: 77

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الفائق» ، و «ابنِ عُبَيدان». قال في «الإقْنَاع»: يشرع إزالةُ قدمَيه في المَنارَةِ. فعلى المذهبِ، قال في «الفُروع»: وظاهِرُه يزيلُ صدره. انتهى. قلت: قال في «التلْخيص» : ولا يُحَوَّلُ صدره عن القِبلَةِ.

ص: 78

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: ظاهر قولِه: الْتفَت يمِينًا وشِمالًا. أنَّه سواءٌ كان على مَنارة، أو غيرِها، أو على الأرض. وهو صحيح. وهو المذهبُ، وعليه الأصحاب، وجزَم به أكثرُهم. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: إنْ أذَّنَ في صَوْمعةٍ، الْتفَت يمِينًا وشِمالًا، ولم يحوِّلْ قدميه. وإنْ أذَّنَ على الأرض، فهل يلْتَفِتُ؟ على رِوايتَين. ذكره ابنُ عُبَيدان. وهي طريقة غريبة.

فائدتان؛ إحداهما: يقول: حَيَّ على الصلاة. في المرتَين مُتوالِيتَينِ عن يَمِينه. ويقول: حَي على الفَلاح. كذلك عن يَسارِه، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: يقولُ: حي على الصَّلاة. يمِينًا، ثم يُعيده يَسارًا، ثم يقول: حي على الفَلاحِ. يمينًا، ثم يُعيدُه يسارًا. وقيلَ: يقول: حَي على الصلاة. مرةً عن يمينه، ثم يقول عن يسارِه: حَيَّ على الفَلاحِ. مرةً. ثم كذلك ثانية. قال في «الفُروع» : وهو سَهْوٌ. وهو كما قال. والظاهر أنه خِلاف إجْماعِ المُسْلمين. الثَّانيةُ: لا يلْتَفِت يمِينًا ولا شمالًا في الحَيعلَةِ في الإقامةِ، على الصحيح

ص: 79

وَيَجْعَلَ إصبَعَيهِ في أُذُنَيهِ،

ــ

مِنَ المذهبِ. جزَم به الآجُري وغيره. قال ابنُ نصرِ الله، في «حواشِي الفُروعِ»: هذا أظْهرُ الوَجْهين. وذكرَ أبو المعالِي فيه وَجْهين.

قوله: ويَجْعَلَ إصبَعَيهِ في أذُنيه. يعني السبابتَين. وهذا المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ، وجزَم به في «العمدة» ، و «النظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الإفاداتِ» ، و «الفائق» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «تَجْرِيدِ العِناية» ، وغيرهم. واخْتارَه ابن عَقيل، والمُصَنِّف، وغيرُهما. وصَحَّحَه المجد في

ص: 80

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«شرحه» ، وغيرُه. وقدَّمه في «الفروعِ» ، و «ابن تميم» . وعنه، يجْعَل أصابِعَه على أذُنيه مبْسوطَةً مضمومَةً. سوى الإبهامِ. ويَحتمِله كلامٌ الخرَقِي. قال في «التلْخيص» ، و «البلْغةِ» ، و «الهِدايَة»: ولْيَجْعلْ أصابِعَه مضْمومَةً على أذنيه. وقدَّمه في «الرعايةِ الكبْرَى» . وعنه، يفْعل ذلك مع قبْضِه على كفيه. وهو اخْتِيارُ الخِرَقِي. نقَله عنه ابن بَطَّةَ. فقال: سألْتُ أبا القاسِمِ الخرَقِي عن صِفَةِ ذلك؟ فأرانِيه بيدَيه جميعًا، وضمَّ أصابِعَه على راحَتَيه، ووضعهما على أذنيه. واخْتارَه ابن عَبْدُوس المتقدِّم، وابنُ البنا. وذكَره الزركَشِي عن صاحبِ «البُلْغةِ» . وقد تقدم لفْظه. وأطلقهن في «المُذْهَبِ» ، و «المسْتَوْعِبِ» . وخَيَّره في «الرعايَةِ الصغْرى» ، و «الحاويين» بينَ وضْع أصابِعِه وإصبَعَيه.

فائدة: يرفَعُ وجهه إلى السَّماءِ في الأذانِ كلِّه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. ونص عليه. وجزم به في «الفائقِ» . ونقَله المصنفُ، والشارِح عن القاضي. واقتصَر عليه، وقدمه في «الفروع» ، و «ابنِ تميم» ، و «ابنِ عبَيدان». واخْتارَه الشيَّخَ تَقي الدِّين. وقيل: عند كلمةِ الإخْلاص فقط. جزم به في «المُستوْعِب» ، و «الترغِيبِ» ، و «الرعاية الصغْرى» ، و «تجْرِيدَ العنايةِ». وقدّمه في «الرعاية الكبرى». وقيل: يرفَعُ وجْهه إلى السماءِ عند كلمةِ الإخلاص، والشهادَتين.

ص: 81

وَيتَوَلَّاهُمَا مَعًا،

ــ

قوله: ويتولاهما مَعًا. يعني، يُسْتَحَبُّ للمُؤذِّنِ أنْ يَتَولى الإقامةَ. وهو المذهب، وعليه الجمهورُ، وقطع به أكثرهم. وعنه، المؤذنُ وغيره في الإقامَةِ سواءٌ. ذكَرَها أبو الحسَينِ. وقيل: تُكْرهُ الإقامَةُ لغيرِ الذي أذن، وعند أبِي

ص: 82

وَيقيمَ فِي مَوْضِعِ أذَانِهِ، إلَّا أنْ يَشُقَّ عَلَيهِ.

ــ

الفَرَج، تُكْرَهُ إلا أنْ يُؤذِّنَ المَغْرِبَ بمَنارَةٍ، فلا تُكْرَه الإقامَةُ لغيره. وتقدّم إذا تشاحَّ فيه اثْنانِ فأكثر، وهل تستحب الزيادة على الواحدِ؟ قريبًا.

قوله: ويقيمَ في موضِع أذانِه، إلَّا أنْ يَشق عليه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحاب، وهو مِنَ المفْرداتِ. وقال في «النصيحَة»: السُّنَّةُ أنْ يؤذِّنَ

ص: 83

وَلَا يَصِحُّ الأذَانُ إلَّا مُرَتبًا مُتَوَالِيًا، فَإنْ نَكَّسَهُ أوْ فَرَّقَ بَيْنَهُ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ، أوْ كَلَامٍ كَثِيرٍ، أوْ محَرَّم، لَمْ يُعتَدَّ بِهِ.

ــ

بالمَنارةِ، ويُقيم أسفَل. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعليه العمَلُ فى جميع الأمصارِ والأعصارِ. ونقَل جَعْفر بنُ محمدٍ، يُسْتحب ذلك ليلْحقَ: آمِنَ. مع الإمامِ.

قوله: ولا يَصحُّ الأذانُ إلَاّ مُرتبا متَوالِيًا. بلا نِزاعٍ. ولا يصِحُّ أيضًا إلَاّ بنِيَّةٍ. ويُشْتَرَطً فيه أيضًا أنْ يكون مِن واحدٍ، فلو أذَّنَ واحدٌ بعضه وكملَه آخَرُ، لم

ص: 84

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يصِحَّ، بلا خلافٍ أعلَمُه.

فائدة: رفعُ الصَّوْتِ فيه رُكْنٌ. قال في «الفائق» ، وغيره: إذا كان لغير حاضِرٍ. قال فى «البُلْغة» : إذا كان لغيرِ نفْسِه. قال ابنُ تَميمٍ: إنْ أذَّن لنَفْسه،

ص: 85

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو لجماعةٍ حاضِرين، فإنْ شاءَ رفَع صَوْتَه، وهو أفْضلُ، وإنْ شاء خافَت بالكل أو بالبعض. قلت: والظاهرُ أن هذا مرادُ مَن أطْلَق، بل هو كالمَقْطوعِ به. وهو واضِحٌ. وقال فى «الرعايَةِ الكُبرى»: ويرفعُ صوْته إنْ أذنَ فى الوقْتِ للغائبِين، أو فى الصحراءِ. فزادَ، فى الصَّحراءِ. وهى زِيادة حسَنة. وقال أبو المعالِى: رَفْعُ الصوْتِ بحيث يسمع مَن يقوم به لجماعة، رُكْن. انتهى.

فائدة: يُسْتَحب رفْعُ صوْته قدرَ طاقتِه، ما لم يُؤذِّنْ لنفْسِه، وتُكْرهُ الزيادةُ. وعنه، يُسْتَحَب التوسطُ، [ولا بأسَ بالنَّحنَحَةِ قبلَهما. نصَّ عليه](1).

فائدة: يشتَرَطْ فى المؤذِّنِ ذُكُورِيته وعقْلُه وإسْلامُه. وتقدَّم ذلك فى اشْتِراطِ بلوغِه وعَدالَتِه، بخِلافِ ما يأتِى.

قوله: فإنْ نَكَّسَهُ، أو فرَّق بينَه بِسُكُوت طويل، أو كلام كَثيرٍ، أو مُحَرَّم، لم يعتد به. يعنى لو فرَّق بينَ الأذانِ بكَلام مُحَرَّم، لم يُغتَد به. واعلم أنَّ الكلامَ المُحَرَّمَ تارة يكونُ كثيرا، وتارةً كون يسِيرا؛ فإنْ كان كثيرًا، أبطَلَ الأَذانَ، على الصحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وهو مِن المُفْرَداتِ. وفى «الرعايةِ» وَجْه يعتدُّ به، فعلى المذهبِ، لو كان يسِيرا، لم يُعتد بالأذانِ، وأبطَلَه، على الصحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ،

(1) زيادة من: ش.

ص: 86

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وصاحِبِ «مَسْبوكِ الذّهبِ» ، و «الحاوى الكبيرِ» ، وغيرِهم. وجزَم به فى «الفُصول» ، و «التلخيص» ، و «البلْغةِ» ، «المحرَّر» ، و «الإفادات» ، و «الوَجيز» ، و «التَّسْهيِلِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، و «المنَوّرِ» ، و «المنتَخَبِ» . وصحَّحَه ابنُ تميم. واخْتارَه فى «الفائق» . وقدَّمه المَجْد فى «شرحه» ، و «الرعايَة الصغرى». [وقال فى «الحاويين»: ولا يقْطعهما بفَضل كثير، ولا كلام مُحَرَّم، وإنْ كان يسِيرا] (1). وهو مِنَ المفرداتِ. وقيل: لا يبطِله، ويُعتَد بالأذانِ. وأطْلقَهُما فى «الفروع» ، و «الرعايَةِ الكبْرى» ، و «الفائقِ» .

فائدتان؛ إحداهما، لوِ ارتد فى الأذان، أْبطَلَه، على الصحِيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا بُيطِلُه إنْ عادَ فى الحال، كجُنونِه وإفاقَتِه سريعاً. وبالَغ القاضى فأبطَلَ الأذان بالردَّةِ بعدَه، قياسًا على قوْلِه فى الطهارةِ. وهو مِنَ المفْرَداتِ. الثانية، الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أن الكلامَ اليسِيرَ المُباحَ، والسُّكوتَ اليسيرَ، يكْرهُ لغيرِ حاجَةٍ. قالَه المَجْدُ فى «شرحِ الهِداية» . وقدَّمه فى «الفروع» ، وغيرِه. وعنه، لا بأسَ باليَسيرِ. وأطْلَقَهما فى «الرعايةِ». وقيل: لا يتكَلمُ فى الإقامَةِ بحالٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يرد السلامَ مِن غيرِ كراهة. وعنه، يكْرَهُ. وقالَه القاضى فى مَوْضِع من كلامه.

(1) زيادة من: ش.

ص: 87

ولَا يَجُوزُ إلَّا بَعدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، إلَّا الْفَجْرَ، فَإنَّهُ يُؤذنُ لَها بعدَ نِصفِ اللَّيْلِ.

ــ

قوله: ولا يجُوزُ إلَّا بَعدَ دُخُولِ الوَقْتِ، إلَّا الفَجْرَ، فإنه يُؤذنُ لها بعدَ نِصفِ اللَّيْلِ. الصحيحُ مِنَ الذهبِ، صحةُ الأذانِ، وإجْزاؤُه بعدَ نِصفِ الليلِ لصلاةِ الفَجرِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال الزركشِى: لا إشْكالَ أنه لا يُسْتَحَبُّ تقْديمُ الأذانِ قيلَ الوقْتِ كثيرًا. قالَه الشيخان وغيرُهما. وقيل: لا يصِح إلَاّ قبلَ الوقْتِ يسيراً. ونقَل صالِحٌ، لا بأسَ به قبل الفَجرِ، إذا كان بعدَ طُلوعِ الفجْرِ، يعنِى الكاذِبَ، وقيل: الأذانُ قبلَ الفَجْرِ سنة. واخْتارَه الآمِدِىُّ. وعنه، لا يَصِحّ الأذانُ قبلَها كغيرِها إجْماعًا، وكالإقامَةِ. قالَه فى «الفروعِ» . وعندَ أبى الفَرجِ الشيرازِى، يجوزُ الأذانُ قبلَ دُخولِ الوقْتِ للفَجْرِ، والجُمُعَةِ. قالَه فى «الإيضاحِ». قال الرزكَشى: وهو أجْوَدُ مِن قوْلِ ابن حَمْدانَ. وقيل: للجُمُعَةِ قبلَ الزّوالِ؛ لعُمومِ كلامِ الشيرازِىِّ. وقال الزركشيُّ: واسْتثنى ابنُ عَبْدُوس، مع الفَجْرِ، الصلاةَ المجموعة. قال: وليس بشئٍ؛ لأنَّ الوَقتيْن صارا وقتًا واحدًا. وعنه، يُكْرهُ قبلَ الوقْتِ مُطلقًا. ذكَرَها فى «الرعاية» ، وغيرِها. وقال فى «الفائقِ»: يجوزُ الأذان للفَجْرِ خاصةً بعدَ نصفِ الليْل. وعنه، لا، إلَّا أنْ يُعاوَدَ بعدَه. وهو المُخْتارُ. انتهى. ويسْتحَبُّ لمَن أذَّنَ

ص: 88

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قبل الفجْرِ، أنْ يكونَ معه مَن يؤذن فى الوقْتِ، وأنْ يتخِذَ ذلك عادةً؛ لِئَلا يضُرَّ الناسَ. وفى «الكافِى» ، ما يَقْتَضِى اشْتِراط ذلك.

فائدة: الصَّحيح مِن المذهبِ، أنْ يُكْرهَ الأذان قبلَ الفَجْرِ فى رَمضانَ. نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. جزم به فى «الهِدايةِ» ، و «المُذْهب» ، و «مسْبُوكِ الذَّهبِ» ، و «المسْتوْعبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التلْخيص» ، و «البُلغةِ» ، و «النظْم» ، و «الوَجيزِ» ، و «المنوَّرِ» ، وغيرِهم. وقدمه فى «الفُروعِ» ، و «الشرحِ» ، و «المغنى» ، و «الرِّعايةِ الكبْرَى» ، و «ابنِ عُبيْدان» ، وابنُ رَزِينٍ فى

ص: 89

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«شَرحِه» . قال فى «الرعاية الكُبْرَى» : يكْرَهُ على الأظْهر. وعنه، لا يكْرَهُ. وهو ظاهر كلامِه فى «المحررِ» ، والمصَنّفِ هنا، و «تجْرِيدِ العناية» ، و «الإفَاداتِ» ، وغيرهم. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ» ، و «ابن تميم» . وعنه، يُكْرَهُ فى رمضانَ وغيرِه إذا لم يُعِده. نقَله حَنْبَل. وقيلَ: يكْرَهُ إذا لم يكنْ عادةً، فإنْ كان عادة، لم يكرهْ. جزَم به فى «الحاويَيْن» . وصححَه الشارِح، وغيرُه. واخْتارَه المَجدُ. قلتُ: وهو الصواب، وعليه عمل الناس مِن غيرِ نَكيرٍ. وعنه، لا يجوز. ذكَرَها الآمِدِى. وهى ظاهرُ «إدراك الغايَةِ»؛ فإنّه قال: ويجوزُ فيه

ص: 90

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لفجْرِ غيرِ رَمَضانَ مِن نصفِ الليْلِ. وعنه، يَحرُمُ قبلَه فى رمضانَ وغيرِه، إلَّا أن

ص: 91

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُعادَ. ذكَرَها أبو الحُسَيْنِ.

ص: 92

وَيُسْتَحَبُّ أنْ يَجْلِسَ بَعدَ أذَانِ الْمَغْرِبِ جَلْسَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يقيمَ.

ــ

قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يَجْلسَ بعدَ أذَانِ المَغربِ جَلْسَةً خَفِيفَة، ثم يُقِيمَ. هذا المذهبُ، أعْنِى أن الجَلْسَةَ تكون خفِيفة. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «التلْخيص» ، و «البُلْغةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الشرحِ» ، و «النَّظْمِ» ،

ص: 93

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الوَجيزِ» ، و «أبنِ تَميمٍ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَتيْن». وقيل: يَجلِسُ بقَدْرِ صلاةِ ركْعَتَيْن. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» ، و «تَذْكِرةِ ابنِ عبْدُوسٍ». قال أحمدُ: يَقْعُدُ الرَّجُلُ مِقْدارَ رَكْعَتَيْنِ. قال فى «الإفاداتِ» : يفْصِلُ بينَ الأذانِ والإقامةِ بقَدْرِ وضوءٍ ورَكْعَتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الفروعِ» . وكذا الحُكْمُ فى كلِّ صلاةٍ يُسَنُّ تعْجِيلُها. قالَه أكثرُ الأصحابِ. وذكَر الحَلْوَانِىُّ، يجْلِسُ بقَدْرِ حاجَتِه ووُضوئِه وصلاةِ رَكْعتين فى صلاةٍ يُسَنُّ تَعْجيلُها، وفى المغْرِبِ يَجْلِسُه. وقال فى «التَّبصِرَةِ»: يجْلِسُ فى المغْرِبِ وما يُسَنُّ تعْجيلُها بقَدْرِ حاجَتِه ووُضوئِه. وقال فى «الإفاداتِ» : ويفْصِلُ بَينَ كلِّ أذانٍ وإقامةٍ بقَدْرِ وضوءٍ ورَكْعَتَيْن. وقال فى «المُذْهَبَ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: يفْصِلُ بينَ الأذانِ والإقامةِ بقدْرِ

ص: 94

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الوضوءِ، وصلاةِ رَكْعتَيْن، إلا المغْرِبَ؛ فإنَّه يجْلسُ جلْسةً خفيفةً. واسْتِحْبابُ الجلُوسِ بين أذانِ المغْرِبِ، وكراهَةِ ترْكِه، مِنَ المُفرَداتِ.

فائدة: تُباحُ صلاةُ رَكْعتَيْن قبل صلاةِ المغْرِبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .

ص: 95

وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ، أوْ قَضَى فَوَائِتَ، أَذَّنَ وَأقَامَ لِلْأُولَى، ثُمَّ أقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَهَا.

ــ

ذكَراه فى صلاةِ التَّطَوُّعِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيلَ: يُكْرهُ. قال ابن عَقِيلٍ: لا يرْكَعُ قبلَ المغْربِ شيئًا. وعنه، يُسَنُّ فِعْلُهما. جزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» . وهى مِنَ المُفْرداتِ أيضًا. وقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «ابنِ تَميمٍ»: لا يُكْرَهُ. رِوايةً واحدةً. وهل يُسْتَحَبُّ؟ على رِوايتَيْن. وعنه، بين كلِّ أذانَيْنْ صلاةٌ. وقالَه ابن هُبَيْرَةَ، فى غيرِ المغْرِبِ.

قوله: ومن جمَع بينَ صَلَاتَيْن، أَو قَضَى فوائتَ، أذَّنَ وأَقامَ للأَولَى، ثم أقامَ لكلِّ صَلاةٍ بعدَها. وهى المذهبُ. صَحَّحَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيْدان، وغيرُهم. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ،

ص: 96

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الإفاداتِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايِةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. بل لا يُشْرَعُ الأذانُ. صرَّح به ابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرازِىُّ، وغيرُهما. وعنه، تُجْزِىُّ الإقامةُ

ص: 97

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لكلِّ صلاةٍ مِن غيرِ أذانٍ. اخْتارَه الشيخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وعنه، تُجْزِىُّ إقامةٌ واحدةً لهُنَّ كلِّهِنَّ. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: يُقيمُ لكلِّ صلاةٍ، إِلَّا أنْ يجْمَعَ فى وقْتِ الأولَى أوِ الثانيةِ، فيُؤَذِّنَ لها أيضًا. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ومَن جمَع فى وقْتِ الأَولَى أوِ الثانيةِ، أو قضَى فرائِضَ، أذَّنَ لكلِّ صلاةٍ، وأقامَ. قال فى

ص: 98

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«النُّكتِ» فى المجمْعِ: إذا جمَع فى وقْتِ الثَّانيةِ، وفرَّق بينَهما، صلَّاهُما بأذانَيْن وإقامَتيْن، كالفائتَتَيْن إذا فرَّقَهما. قطَع به جماعةٌ، وجماعةٌ لم يُفَرِّقوا. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ومَن فاتَتْه صلَواتٌ، أو جمُع بينَ صلاتَيْن؛ فإنْ شاءَ أذَّنَ لكلِّ

ص: 99

وَهَلْ يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِينَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

صلاةٍ وأقامَ، وإنْ شاءَ أذَّنَ للْأولَى خاصَّةً، وأقامَ لكِلِّ صلاةٍ. وقال ابنُ أبى موسى: إذا قَضَى فَوائِتَ، أو جمَع؛ فإنْ شاءَ أذَّنَ لكلِّ صلاةٍ وأقامَ. وقال المُصَنِّفُ، ومَن تَبِعَه: لو دخَل مسْجِدًا، قد صُلِّيَ فيه، خُيِّرَ؛ إنْ شاءَ أذَّنَ وأقامَ، وإنْ شاءَ ترَكَهما مِن غيرِ كراهَةٍ.

قوله: وهل يُجْزِئُ أَذَانُ المُمَيِّزِ للبالِغِين؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى

ص: 100

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الكافِى» ، و «الخلاصَةِ» ، و «الفروعِ» ، و «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ» ، و «ابن عُبَيْدان» ، إحْداهما، يُجْزِئُ. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وصَحَّحَه فى «الفُصُولِ» ، و «المُذْهَبَ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبَ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَة» و «النَّظْمِ» ، و «الفائِق» ، و «حَواشِى المُحَرَّرِ» لصاحبِ «الفروعِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، وغيرُهم. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «أبنِ تَميمٍ» ، و «إدْرَاكِ الغايِةِ» . وجزَم به فى «الإيضاحِ» ، و «الوَجيزِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُجزِىُّ. جزَم به فى «الإفاداتِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه». قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: لا يُجْزِئُ أذانُ المُمَيِّزِ للبالِغِين، فى أقْوَى الرِّوايتَيْن. ونصَرَه. وإليه ميْلُ المَجْدِ فى «شَرْحِه» . واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ونقَل حَنْبَلٌ، يُجْزِئُ أذانُ المُراهِقِ. قال القاضى: يصِحُّ أذانُ المُراهِقِ، رِواية واحدةً. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» أيضًا فى المُراهِقِ.

فائدة: علَّلَ بعْضُ الأصحابِ عدَمَ الصِّحَّةِ، بأنَّه فْرضُ كِفايَةٍ، وفِعْلُ الصَّبِىِّ نفْلٌ. وعلَّلَه المُصَنِّفُ والمَجْدُ وغيرُهما، بأنَّه لا يُقْبَلُ خَبَرُه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قالَا. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يتَخرَّجُ فى أذانِه رِوايَتان، كشَهادَتِه ووِلاِيَتِه. وقال: أمَّا صِحَّةُ أذانِه فى الجُمَّلةِ، وكوْنُه جائِزًا إذا أذَّنَ غيرُه،

ص: 101

وَهَلْ يُعْتَدُّ بِأذَانِ الْفَاسِق، وَالأذَانِ الْمُلَحَّنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

فلا خِلافَ فى جَوازِه. ومِنَ الأصحابِ مَن أطْلَقَ الخِلافَ. قال: والأشْبَهُ أنَّ الأذانَ الذى يُسْقِطُ الفَرْضَ عن أهْلِ القَرْيَةِ، ويُعْتَمَدُ فى وَقْتِ الصَّلاةِ والصِّيامِ، لا يجوزُ أنْ يُباشِرَه صَبِىٌّ، قوْلًا واحدًا. ولا يسْقُطُ الفَرْضُ، ولا يُعْتَدُّ به فى مَواقيتِ العِباداتِ. وأمَّا الأذانُ الذى يكونُ سُنَّةً مؤَكَّدَةً فى مثْلِ المساجدِ التى فى المِصْرِ، ونحوِ ذلك، فهذا فيه الرِّوايَتان. والصَّحيحُ جوازُه. انتهى.

قوله: وهل يُعْتَدُّ بأذانِ الفاسِقِ والأذانِ المُلَحَّنِ؟ على وجْهَيْن. أمَّا أذانُ الفاسقِ، فأطْلَق المُصَنِّفُ فى الاعْتِدادِ به وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «الفُصولِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّر» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفائقِ» ؛ أحَدُهما، لا يُعْتَدُّ به. وهو المذهبُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: لا يُعْتَدُّ به فى أظْهَرِ الوَجْهَيْنِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذه الرِّوايَةُ

ص: 102

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أقْوَى. وصَحَّحَه فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الحاوِيَيْن». قال فى «المُبْهِجِ»: يجبُ أنْ يكون المؤَذِّنُ تَقِيًّا. والوجْهُ الثَّانِى، يُعْتَدُّ به. اخْتاره ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تذْكِرَتِه» . وصَحَّحَه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الإفاداتِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ». وقال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»:

ص: 103

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويصِحُّ مِن صبِىِّ بالِغٍ، وفاسِقٍ، على الأظْهَرِ.

تنبيه: حكَى الخِلافَ وَجْهَيْن صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُذْهَبِ» ، والمُصَنِّفُ، والمُجْدُ، وغيرُهم. وحكَاه رِوايتَيْن فى «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وغيرُهم. وهو الصَّوابُ. وأمَّا الأذانُ المُلَحَّنُ، إذا لم يُحِلِ المعْنَى، فأطْلقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْن، وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْح» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُّحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «ابنِ تميمٍ» . و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «ابنِ عُبَيْدان» ؛ أحَدُهما، يُعْتَدُّ به مع الكراهَةِ وبَقاءِ المَعْنَى. وهو المذهبُ، صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «الشَّرْحِ» . وشيْخُنا فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الإفاداتِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . والوَجْهُ الثَّانىِ، لا يُعْتَدُّ به. قدَّمه ابن رَزِينٍ.

فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَ الأذانِ المَلْحونِ، حُكمُ الأذانِ المُلَحَّنِ. جزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وفى إجْزاءِ الأذانِ المُلَحَّنِ، وقيل: والمَلْحونِ. وَجْهان.

ص: 104

وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أنْ يَقُولَ كَمَا يَقُولُ، إلَّا فِى الْحَيْعَلَةِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ الْعَلِىِّ الْعَظِيمِ.

ــ

فائدة: لا يُعْتَدُّ بأذانِ امْرأةٍ وخُنْثَى. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: ولا يصِحُّ؛ لأنَّه مَنْهِىٌّ عنه. قال فى «الفُروعِ» : وظاهرُ كلامِ جماعةٍ، صِحَّتُه؛ لأنَّ الكراهَةَ لا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ. قال: فيتَوَجهُ على هذا بَقاءُ فرْضِ الكِفايَةِ؛ لأنَّه لم يفْعَلْه مَن هو فَرْضٌ عليه.

قوله: ويُسْتَحَبُّ لمَن سَمِعَ المُؤَذِّنَ أن يقولَ كما يقولُ، إلَّا فى الْحَيْعَلَةِ، فَإنَّه يقولُ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ العَلِىِّ العَظِيمِ. الصَّحيحُ من المذهبِ، أنَّه يُسْتحَبُّ أنْ يقولَ السَّامِعُ فى الحَيْعَلَةِ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ. فقط. وعليه جماهيرُ

ص: 105

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّارِحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الإفاداتِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، وغيرِهم. قال فى «النُّكَتِ»: هو قوْلُ أكثرِ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «ابنِ عُبَيْدان» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقيل: يجْمَعُ بينَهما. حكاه المَجْدُ فى «شَرحِه» ، عن بعضٍ الأصحاب. قال فى «شَرْحِ البُخارِىّ»: وهو ضعيف. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . وقال الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُسْتوْعِبِ» ، وغيرُهما: يقولُ كما يقولُ. وقالَه القاضى. قال ابنُ رَجَبٍ، فى «شَرْحِ البُخارِىِّ»: كان بعضُ

ص: 106

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَشايخِنا يقولُ: إذا كان فى المسْجدِ حَيْعَل، وإنْ كان خارِجَه حَوْقَل. وقيل: يُخَيَّرُ. اختارَه أبو بَكْرٍ الأثْرَمُ. قاله فى «شَرْحِ البُخارِىِّ» . وقال فى «الفُروعِ» : ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ؛ تجِبُ إجابَتُه.

تنبيهات؛ أحَدُها، يدْخلُ فى قولِه: ويُسْتَحَبُّ لمَن سمِعَ المُؤَذِّنَ أنْ يقولَ كما يقولُ. المُؤَذِّنُ نفْسُه، وهو المذهبُ المنْصوصُ عن أحمدَ، فيُجِيبُ نفْسَه خُفْيَةَّ. وعليه الجمهورُ، فإنَّ فى قوْلِه: ويُسْتَحَبُّ لمنْ سمِعَ المؤَذِّنَ. مِن ألْفاظِ العُمومِ. وقيلَ: لا يُجيبُ نفْسَه. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ وغيرِه. وحُكِىَ روايةً عن أحمدَ. قال ابنُ رَجَبٍ، فى القاعدَةِ السَّبْعِين: هذا الأرْجَحُ. الثَّانى، ظاهرُ كلامِه أبضًا، إجابَةُ مُؤَذِّنٍ ثانٍ وثالثٍ، وهو صحيحٌ. قال فى «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ» ، ظاهرُ كلامِ أصحابنا، يُسْتَحَبُّ ذلك. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُهم حيثُ

ص: 107

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُسْتَحَبُّ، يعْنى الأَذانَ. قال الشَّيْخُ تَقىُّ الدِّينِ: محَلُّ ذلك إذا كان الأذانُ مَشْروعًا. الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِه أيضًا، أنَّ القارِئَ، والطَّائفَ، والمرأةَ، يُجِيبونَه. وهو صحيحٌ. صَّرح به الأصحابُ. وأمَّا المُصَلِّى إذا سمِعَ المؤَذِّنَ، فلا يُسْتَحَبُّ أنْ يُجيبَ، ولو كانتِ الصَّلاةُ نَفْلًا، بل يقْضِيه إذا سلَّمَ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يُسْتَحَبُّ أنْ يُجيبَه، ويقولَ مثلَ ما يقولُ، ولو فى الصَّلاةِ. انتهى. فإنْ أجابَه فيها، بطَلتْ بالحَيْعَلَةِ فقط مُطْلقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال أبو المَعالِى: إنْ لم يعلمْ أنَّها دعاءٌ إلى الصَّلاةِ، ففِيه رِوايتان أيضًا. وقال: وتَبْطُلُ الصَّلاةُ بغيرِ الحَيْعَلَةِ أيضًا، إنْ نَوَى الأذانَ، لا إنْ نَوَى الذِّكْرَ. وأمَّا المُتَخَلِّى، فلا يُجِيبُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لكنْ إذا خرج أجابَه. وقال الشَّيْخ تَقِىُّ الدِّينِ: يُجيبُه فى الخلاءِ. وتقدَّم ذلك فى باب الاسْتِنْجاء. الرَّابعُ، شمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ الأذانَ والإقامةَ. وهو صحيحٌ، لكنْ يقول عنذ قوْلِه: قد قامَتَ الصَّلاةُ. أقامَها الله وأَدامَها. زادَ فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم، ما دامَتِ السَّمَاواتُ والأرْضُ. وقيلَ: يجْمَعُ بينَ قوْلِه: أقامَها اللهُ. وبينَ: قد قامَتِ الصَّلاةُ. الخامِسُ، أنْ يقولَ عندَ التَّثْويبِ: صدَقْتَ وبررْتَ. فقط، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يجْمعُ بينَهما. وأطْلَقهما فى «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» . وقطَع المَجْدُ فى «شَرحِه» أنَّه يقولُ: صدَقْت، وبالحَقِّ نطَقْتَ. السَّادسُ قوْلُ المُصَنِّفِ: العَلِىِّ العَظِيمِ. لَمْ يَرِدْ فى الحديثِ. فلا يقُلْهُما. وقد حكى لى بعضُ طلبَةِ العِلْمِ، أنَّه مرَّ به فى «مُسْنَدِ الإمامِ أحمدَ» رِوايةٌ فيها: العَلِىُّ العَظِيمُ.

فائدة: لو دخَل المسْجِدَ والمُؤَذِّنُ قد شرَع فى الأذانِ، لم يأْتِ بتَحِيَّةِ المسْجدِ، ولا بغيرِها حتى يفْرَغَ. جزَم به فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «ابنِ

ص: 108

وَيَقولَ بَعْدَ فَرَاغِهِ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِى وَعَدْتَهُ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.

ــ

تَميمٍ». وقال: نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وعنه، لا بأْسَ. قال فى «الفروعِ»: ولعَلَّ المُرادَ غيرُ أَذانِ الخُطْبَةِ؛ لأنَّ سَماعَ الخُطْبَةِ أهَمُّ. اخْتارَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» . قال فى «الفائقِ» : ومَن دخَلَ المسْجِد، وهو يسْمَعُ التَّأَذِينَ، فهل يُقَدِّمُ إجابتَه على التَّحِيَّةِ؟ على رِوايتَيْن.

تنبيه: قوله: وابْعَثْه المقامَ المحْمودَ. بالألَفِ واللَّامِ. هكذا ورَد فى لفْظٍ رَواه

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النَّسائِىُّ، وابنُ حِبَّانَ وابنُ خزَيْمَةَ فى صَحِيحَيْهما (1)، وتابَع المُصَنِّفَ على هذه

(1) انظر: النسائى فى الموضع السابق. والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3/ 99. وصحيح ابن خزيمة 1/ 220.

ص: 110

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العبارةِ صاحِبُ «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الحاوِى الكبيرِ» ، وجماعةٌ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يقُولُهما إلَّا مُنَكرَيْن؛ فيقول: وابْعَثْه مَقامًا محْمودًا. مُوافِقَةً للقرْآنِ. وهو الوارِدُ فى الصَّحِيحَيْن، وغيرِهما. ورَدَّ ابنُ القَيِّم الأوَّلَ فى «بَدائِع الفَوائِدِ» من خمْسَةِ أوْجُهٍ.

ص: 111

[وَالْأذَانُ أَفْضَلُ مِنَ الْإقَامَةِ. وَعَنْهُ، هِىَ أفْضَلُ](1).

ــ

فوائد؛ الأولى، لا يجوزُ الخروجُ مِنَ المسْجدِ بعدَ الأذانِ، بلا عُذْرٍ، أو نِيَّةِ الرُّجوعِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وكرِهه أبو الوَفَاءِ، وأبو المَعالى. ونقَل ابنُ الحَكَمِ: أحَبُّ إلَىَّ أنْ لا يخْرُجَ. ونقَل صالحْ: لا يَخرُجُ. ونقَل أبر طالبٍ: لا ينْبَغِى. وقال ابنُ تَميمٍ: ويجوزُ للمُؤذَّنِ أنْ يخْرُجَ بعدَ أذانِ الفَجْرِ. نصَّ عليه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين: إلَّا أنْ يكون التَّأْذِينُ للفجْرِ قبلَ الوقْتِ، فلا يُكْرَهُ الخُروجُ. نصَّ عليه. قلتُ: الظَّاهر أنَّ هذا مُرادُ مَن أطْلَق. الثَّانيةُ، لا يُؤَذِّنُ قبلَ المُؤَذِّنِ الرَّاتبِ إلَّا بإذْنِه، إلَّا أنْ يخافَ فوْت وَقْتِ التَّأَذِينِ كالإمامِ. وجزَم أبو

(1) هكذا فى الأصل.

ص: 112

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المَعالِى بتَحْريمِه. ومتى جاءَ المُؤَذِّنُ الرَّاتبُ، وقد أذَّنَ قبلَه، اسْتُحِبَّ إعادَتُه. نصَّ عليه. الثَّالثةُ، لا يُقيمُ المُؤَذِّنُ للصَّلاةِ إلَّا بإذْنِ الإمامِ؛ لأنَّ وقْتَ الإقامةِ إليه. وتقدَّم قريبًا إذا دخَل المسْجِدَ حال الأَذانِ. الرَّابعةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُنادِى للكسوفِ، والاسْتِسْقاء، والعيدِ بقوْلِه: الصَّلاةَ جامِعَةً. أوِ الصَّلاةَ. وقيلَ: لا يُنادِى لهُنَّ. وقيلَ: لا يُنادِى للعيدِ فقط، وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين: لا يُنادِى للعيدِ والاسْتِسْقاءِ، وقالَه طائفةٌ مِن أصحابِنا، ويأْتِى هلِ النِّداءُ للكسوفِ سُنَّةٌ، أو فَرْضُ كِفايَةِ؟ فى بابِه. إذا علِمْتَ ذلك، فنَصبُ «الصَّلاةَ» على الإغْراءِ، ونَصْبُ «جامِعَةً» على الحالِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يْرفعُهما، ويَنْصِبُهما. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُنادِى على الجِنازةِ والتَّراوِيحِ. نصَّ عليه فى «الفُروعِ» . وعنه، يُنادى لهما. وقال. القاضى: يُنادِى لصلاةِ التَّراويحِ، ويأْتِى ذلك مُفَرَّقًا فى أبْوابِه.

ص: 113