المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب شروط الصلاة - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٣

[المرداوي]

الفصل: ‌باب شروط الصلاة

‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

وَهِىَ مَا يَجِبُ لَهَا قَبْلَهَا، وَهِىَ سِتٌّ؛ أَوَّلُهَا، دُخُولُ الْوَقْتِ. وَالثَّانِى، الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ.

ــ

بابُ شُروطِ الصَّلاةِ

فائدة: قوله: أَوَّلُها دُخولُ الوقْتِ. اعلمْ أنَّ الأصحابَ ذكَروا مِن شُروطِ الصَّلاةِ دُخولَ الوقْتِ، وقال فى «الفُروعِ»: وسبَبُ وجوبِ الصَّلاةِ الوقْتُ؛ لأنَّها تُضافُ إليه، وهى تدُلُّ على السَّبَبِيَّة، وتتَكَرَّرُ بتَكَرُّرِه، وهى سبَبُ نفْسِ الوُجوب؛ إذْ سبَبُ وُجوبِ الأداءِ الخِطابُ. وكذا قال الأُصولِيُّون: إنَّ مِنَ السَّببِ وقْتِىٌّ، كالزَّوالِ للظُّهْرِ. وقال فى «الفروعِ» فى باب النِّيَّةِ، عنِ النِّيَّةِ: هى

ص: 123

وَالصَّلَوَاتُ المَفْرُوضَاتُ خَمْسٌ؛

ــ

الشَّرط السَّداسُ ولا تكون شرْطًا سادِسًا إلَّا بكَوْنِ دُخولِ الوقْتِ شرْطًا. فظاهِرُه إنّه سمَّاه سبَبًا، وحكَم بأنَّه شرْط. قلتُ: السَّببُ قد يجْتمعُ مع الشَّرطِ، وإنْ كان ينْفَكُّ عنه، فهو هنا سببٌ للوُجوب وشَرْط للوُجوبِ والأداءِ، بخِلافِ غيره مِنَ الشُّروطِ؛ فإنَّها شُروط للأداءِ فقط. قال في «الحاوي الكبير»: وجمِيعُها شُروطٌ للأداءِ مع القدْرَة، دُونَ الوجوبِ إلَّا الوقتَ، فإنَّ دخُولَه شَرطٌ للوُجوبِ والأداء جميعًا، إلَّا ما استُثنِى مِنَ الجميع. انتهى. واعلمْ أن الصَّلاةَ إنَّما تجِبُ بدُخولِ الوقْتِ بالاتِّفاقِ، فإذا دخَل وجَبتْ. وإذا وجَبت، وجَبتْ بشُروطِها المُتَقَدِّمة عليها، كالطَّهارة وغيرِها.

قوله: وَالصَّلواتُ المَفرُوضاتُ خَمْسٌ؛ الظُّهْرُ، وهى الأولى. الصَّحيحُ مِنَ

ص: 124

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبِ، أنَّ الظُّهْرَ هي الأولَى؛ لأنها أولُ الخمْس افْتِراضًا، وبها بدَأ جِبْريلُ حينَ

أمَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم عندَ البيْتِ، وبدَأ بها الصّحابة حينَ سُئِلوا عنِ الأوْقاتِ، وعليه جماهيرُ

الأصحابِ. وبدَأ في «الإرْشَادِ» ، والشِّيرازِيُّ في «الإيضاح» ، و «المُبْهِجِ» ، وأبو الخطابِ في «الهِدايَةِ» ، وتابَعَه في «المذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب» ، و «المُستَوْعِبِ» ، و «الخُلاصة» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الرِّعاية الصُّغرَى» ، و «إدْراكِ الغايةِ» وغيرهم، بالفَجْرِ. وقالَه القاضي في «الجامع الصَغِيرِ» . واخْتارَه الشَّيخُ تقيُّ الدِّين، فقال: بدَأ جماعة. مِن أصحابِنا؛ كالخِرَقِيِّ، والقاضى في بعض كتُبِه وغيرِهما بالظُّهْرِ. ومنهم مَن بدَأ بالفَجْرِ؛ كابن أبِي موسى، وأبِي الخَطَّاب،

ص: 125

الظُّهْرُ، وَهِىَ الأولَى، وَوَقْتُهَا مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، بَعْدَ الَّذِى زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ.

ــ

والقاضى في موْضعٍ. قال: وهذا أجْوَدُ؛ لأنَّ الصَّلاة الوُسْطَى هي العَصْرُ، وإنَّما تكون الوُسْطَى إذا كانتِ الفَجْرُ الأولَى. انتهى. وإنَّما بدَأ هؤلاء بالفَجْرِ لبُداءَته عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلام بها للسَّائلِ. وهو مُتَأخِّر في الأوَّلِ، وناسِخٌ لبَعْضِه. وبدَأ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «ابنِ تَميم» بالفجْرِ، ثم ثنَّيا بالظُّهْرِ. وقالا: هي الأولى.

ص: 126

وَالْأفْضَلُ تَعْجِيلُهَا، إلَّا فِى شِدَّةِ الحَرِّ وَالْغَيْمِ لِمَنْ يُصَلى جَمَاعَة،

ــ

قوله: والأفْضَلُ تَعجِيلها، إلَّا في شِدَّةِ الحَرِّ والغَيْمِ لمن يُصَلَّى جَماعَة. اعلمْ أنَّه إذا انتفَى الغيْمُ وشدة الحَرً، استْحِب تعجيلها، بلا خِلاف أعْلَمه. وأمَّا في شِدَّةِ الحَرِّ، فجزَم المصَنِّفُ هنا أنَّها تُؤخَّرُ لمن يصلِّى جماعة فقط. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المذْهَب» ، و «المُسْتَوْعبٍ» ، و «البلْغَةِ» ، و «المُحَرُّرِ» ، و «الرِّعاية الصغْرى» ، و «الحاوِى

ص: 133

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّغيرِ»، و «الوَجيزِ» ، و «إدْراكِ الغايَة» ، و «تَجْريدِ العنايةِ» . وقدمه في «الفُصُولِ» ، و «النَّظْمِ» . والوجْه الثَّانى، تؤخَّرُ لِشدةِ الحُرِّ مطلقًا، وهو المذهبُ. جزم به في «الحاوِى الكبيرِ» . واخْتارَه المصنِّف، والشّارح. ورَجَّحَه الترمِذِى. وهو ظاهر كلام للإمامِ أحمدَ، ونقل عنه، والخرَقى، وابنِ أبِى موسى في «الإرْشادِ» ، والقاضى في «الجامع الكبيرِ» ، وابنِ عَقِيل في «التَّذْكرة» ، والمُصَنِّفِ في «الكافي» ، والفَخْرِ في «التلْخيص» وغيرِهم؛ لإطْلاقِهم. وقدَّمه في «الفروع» . وأطْلَقَهما «ابنِ تَميم» ، و «الرعايةِ الكبرى» ،

ص: 134

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الفائقِ» ، وشرَط القاضي في «المحَرَّرِ» ، مع الخُروجِ إلى الجماعة، كوْنَه في بلدٍ حارٍّ. قال ابن رجَبٍ، في «شرْحِ البخارِى»: اشترَط ذلك طائفة من أصحابِنا، وقال: ومنهم مَن يشترِط مسْجِدَ الجماعةِ فقط. انتهى. وشرَط ابن الزُّاغونِيِّ كَوْنه في مساجدِ الدُّروبِ.

فائدة: قال ابنُ رجَبٍ، في «شَرْحِ البخارِىِّ»: اخْتُلِفَ في المعنى الذي من أجْلِه أمِرَ بالإبرادِ؛ فمنهم مَن قال: هو حصُول الخُشوعِ فيها، فلا فرْقَ بينَ مَن يصَلى وحدَه أو في جماعة. ومنهم مَن قال: هو خشيَة المشَقةِ على من بعْد مِنَ المسْجدِ بمشيِهِ في الحَرِّ، فتخْتَصُّ بالصلاةِ في مساجدِ الجماعةِ التى تُقْصَدُ مِنَ الأمْكنةِ

ص: 135

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المتَباعدَةِ. ومنهم مَن قال: هو وَقتُ تنَفس جَهَنَّم، فلا فرق بين من يصَلى وحده أو في جماعةٍ: انتهى.

ص: 136

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: فعلى القول بالتأخيرِ إمّا مُطْلقًا، وإمّا لمن يصلى جماعةً؛ قال جماعةْ مِنَ الأصحابِ: يؤخِّرُ ليمْشى في الفَىْءِ. منهم صاحب «التَّلْخيص» ، وقال

ص: 137

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المصَنِّف، ومَن تبعه: يُؤخِّرُ حتَّى ينْكَسِرَ الحَرُّ. وقال ابن الزَّاغُونِىّ: حتَّى ينْكَسِرَ الفَىْءُ، ذِراعًا ونحوَه. وقال جماعةٌ؛ منهم صاحب «الحاوِى الكبير»: إلى وَسطِ الوقتِ. وقال القاضي: بحيثُ يكونُ بينَ الفَراغِ مِن الصلَاتيْن آخِرَ وقتِ الصَّلاةِ فصْلٌ. واقتصَر عليه ابن رجَبٍ في «شَرحِ البُخارى» . وأما تأخيرُها مع الغَيْم، فالصحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه يُسْتحب تأخيرُها. نص عليه. وجزَم به في «الهِدايَة» ، و «المُذهبِ» ، و «المسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المحرِّر» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «إدراك الغايَةِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَة» ، و «المُنَوِّر» ، و «المُنتخب» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «الإفاداتِ» . وصَحَّحه في «الحاوِى الكبيرِ» ، واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الرعايتَين» ، و «ابنِ عبَيْدان» ، و «مَجْمعَ البحرَيْن» ، و «شَرْحِ المجْدِ» . ونصَرُوه. وعنه، لا يُؤخرُ مع الغيْمِ. وهو ظاهرُ كلامِ

ص: 138

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخِرَقيّ، وصاحبِ «الكافِى» ، و «التَّلْخيص» ، و «البُلْغة» ، وجماعةٍ؛ لعدَمِ ذكْرِهم لذلك. وإليه مَيْلُ المُصَنفِ، والشارح. وأطْلَقَهُما في «الفروع» ، و «ابنِ تميمٍ» ، و «الفائقِ» .

تنبيه: قوله: في الغَيْمِ لمَن يُصلِّى جماعة. هو الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المذْهَبِ» ، و «المُسْتَوعب» ، و «المُحَرَّرِ» ،

ص: 139

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الوجيزِ» ، و «الرِّعايةِ الصغْرَى» ، و «الحاوِى الصغير» ، وغيرِهم. وقاله القاضي وغيره. وقيل: يسْتَحَبُّ تأخيرها، سواءٌ صَلَّى في جماعة، أو وحدَه. قال المجْد في «شَرْحِه»: ظاهر كلامِ أحمدَ، أنَّ المُنْفرِدَ كالمصَلِّى جماعةً. وهو ظاهرُ «نِهايّة ابن رَزِين». قلتُ: وهذا ضعيف. وأطْلَقَهما في «الفروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكبْرى» . فعلى القوْلِ بالتأخيرِ، إمَّا مطْلقاً أو لمَن يصَلِّى جماعةً، قال ابن الزّاغُونيِّ: تُؤَخَّرُ إلى قريبٍ مِن وَسَطِ الوقت. وقال في «الحاوِى» : تؤخرُ لقرْبِ وقتِ الثانية.

تنبيه: يسْتَثْنى مِن كلامِ المصنِّفِ، في مسْألةِ الحرّ الشديد والغَيْم، الجُمُعَةُ؛ فإنها لا تُؤخر لذلك، ويُسْتَحَب تعْجيلها مطلقاً. قاله الأصحاب.

تنبيه: ظاهرٌ كلامِ المصَنف، أنه لا يسْتَحَبُّ تأخير المغْرِبِ مع الغيْمِ، وهو ظاهرُ كلام أبِى الخطابِ، وصاحبِ «الوجيز» ، وجماعةٍ. قلتُ: وهو الأولى؛ ليُخرَجَ مِن الخلاف. وهو ظاهرٌ كلامِ أحمد، في روايةِ الميْمُونِى، والأثرَمِ. والصّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن حُكْمَ تأخيرِ المغْرِبِ في الغيْمِ، حُكْمُ

ص: 140

ثُمَّ الْعَصْرُ، وَهِىَ الْوُسْطى، وَوَقْتُهَا مِنْ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ، إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْس. وعَنْهُ، إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَىْء مِثْلَيْهِ. ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ، وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرورَةِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.

ــ

تأخيرِ الظُّهْرِ في الغيْمِ، على ما تقدَّم. ونصَّ عليه، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «المحرر» ، و «الرِّعاية الصُّغْرى» ، و «الحاوي الصَّغير» ، وغيرِهم. وقدمه فى «الفروع» ، و «ابن تَميم» ، و «الرِّعاية الكبْرى» ، و «الحاوِى الكبيرِ» .

فائدة: قوله عن العصرِ: وهى الوُسْطى. هو المذهبُ. نصّ عليه الإمامُ أحمدُ، وقطع به الأصحابُ، ولا أعلمُ عنه، ولا عنهم فيها خِلافًا. قلتُ: وذكَر الحافِظُ الشَّيخُ شِهَابُ الدِّينِ ابن حَجَرٍ، في «شرح البخاري» في تفْسيرِ سُورةِ البقَرةِ، فيها عشرينَ قوْلاً. وذكَر القائلَ بكلِّ قول من الصَّحابةِ وغيرِهم وذليلَه، فأحْبَبْتُ أنْ أذْكرَها ملَخَّصَةً. فنقول: هي صلاةً العصْرِ، المغرِبِ، العِشاء،

ص: 141

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفَجْرِ، الظُّهْرِ، جميعُها، واحدةٌ غيرُ معينة، التوقُّف، الجُمُعَةُ، الظُّهْر في الأيام، والجمعَةُ في غيرِها، الصُّبحُ أو العشاءُ أو العصر، الصُّبح أو العصرُ على الترَدُّدِ، وهو غير الذي قبلَه، صلاةُ الجماعةِ، صلاةُ الخوف، صلاة عيدِ النَّحْرِ، صلاةُ عيدِ الفِطْر. الوتْر، صلاة الضَّحَى، صلاةُ اللَّيْل.

قوله: ووَقتُها مِن خُرُوج وقتِ الظُّهْرِ. وهذا المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكْثرُهم، يعنى أن وقْتَ العصْرِ يلِى وقْتَ الظُّهْرِ، ليس بينَهما وقْتٌ. وقيل: لا يدْخلُ وقْتُ العَصْرِ إلَّا بعد زِيادةٍ يسيرةٍ عن خُروجِ وقْتِ الظُّهْرِ. ويَحْتَمِله كلامٌ الخرَقِىّ، و «التذْكِرَةِ» لابنِ عَقِيلٍ، و «التَّلْخيص» . وقال ابنُ تَميم، وصاحب «الفُروعِ» وغيرُهما: وعن أحمد، آخِرُ وقْتِ الظُّهْرِ أولُ وقْتِ العصْرِ. قال في «الفُروعِ» فبيْنَهما وقْت مشترَك قدْرَ أرْبَع ركَعاتٍ.

قوله: إلى اصْفِرارِ الشمْس. هذا إحْدَى الرِّوايتيْن عن أحمدَ. اخْتارَها المصَنِّفُ، والشَّارح، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» ، وابنُ تَميم، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» ، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قال في «الفروع»: وهى أظْهر. وجزَم بها في «الوَجيزِ» ، و «المنتخبِ» . وعنه، إلى أن يصيرَ ظِلُّ كلِّ شئٍ

ص: 142

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مثْليه. وهو المذهب، وعليه الجمهورُ؛ منهم الخرقي، وأبو بكْرٍ، والقاضى، وأكثر أصحابِه. وجزَم به في «تَذْكِرةِ ابنِ عقِيل» ، و «التَّلْخيص» ،

ص: 143

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «البُلْغةِ» ، و «الإفاداتِ» ، و «نَظْمِ النِّهايَةِ» ، و «المنوِّر» ، و «التَّسْهيلِ» وغيرِهم. وقدَّمه في «الإرْشَادِ» ، و «الهِدايةِ» ، و «الفصول» ، و «المستوعب» ، و «المحرر» ، و «الرِّعايتين» ، و «الحاوِى» ، و «ابنِ تَميم» ، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه» ، و «الفائقِ» ، و «الفروعِ» ، و «إدْرَاكِ الغايةِ» ، و «تَجْريدِ العناية» . وصَحَّحَه في

ص: 144

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُذْهَبِ» ، و «النظْمِ» . وأطْلَقَهما في «المُسْتوْعِبِ» ، و «مَسْبوكِ الذهبِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَد» .

قوله: ويَبْقَى وَقْت الضَّرورَةِ إلى غُرُوبِ الشمس. يعْنى إنْ قُلْنا: وقْتُ الاخْتِيار إلى اصْفِرار الشمْس، فما بعدَه وقْت ضَرورَةٍ إلى الغروبِ. وإنْ قُلْنا: إلى مَصيرِ ظِلِّ كلِّ شيء مثْلَيْه. فكذلك، فلها وقْتانِ فقط. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقال في

ص: 145

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«التلْخيص» ، و «البُلْغةِ»: وقت الاخْتِيارِ إلى أنْ يصيرَ ظل كل شيء مِثْليه، وبعدَه وقتُ جَوازٍ إلى الاصْفِرارِ، وبعدَه وقتُ الكراهَةِ إلى الغروبِ. وقال في «الكافِى»: يبْقَى وقتُ الجوازِ إلى غروبِ الشَّمْس. قال ابن نَصْرِ الله في

ص: 146

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«حَواشى الفُروعِ» : وهو غريبٌ. وقال في «الفُروعِ» : ولعلَّه أرادَ، الأداءُ (1)

(1) في: «الأول» .

ص: 147

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

باقٍ. قلت: لو قيلَ: إنَّه أراد الجوازَ مع الكراهةِ. لَكان له وَجْه، فإنَّ لنا وَجْها بجوازِ تأخيرِ الصَّلاة إلى وقْتِ الضَّرورة، مع الكراهَة، فيكون كلامُه مُوافقًا لذلك القوْلَ. واخْتاره ابن حمْدانَ وغيره، على ما يأتى. مع أنَّ المصنِّف لم ينْفَردْ

ص: 148

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بهذه العِبارة، بل قالَها في «الهِدايَة» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مسبُوك الذهَبِ» ، وغيرهم. وقال في «المستوعب»: وَيَبْقَى وقت الضَّرورة والجوازِ. انتهى. ونقول: هو وقتُ جوازٍ في الجُملةِ لأَجْلِ المعْذورِ. قال ابن تَميم: وظاهر

ص: 149

وَتَعْجِيلُهَا أفْضَلُ بكل حَالٍ،

ــ

كلامِ صاحبِ «الرَّوْضةِ» ، أنَّ وقتَ العَصْرِ يخْرج بالكلِّيَّة بخروجِ وقْت الاخْتيار. وهو قوْلْ حكَاه في «الفروعِ» وغيره.

قوله: وتَعجيلُها أفضَل بكلِّ حالٍ. هذا المذهبُ مطْلقًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُسْتحبُّ تعْجيلُها مع الغيْمِ، دونَ الصَّحْوِ. نقَلَها صالحٌ. قالَه القاضي.

ص: 150

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولفْظُ رواية صالح، يؤخرُ العَصْرُ أحَبُّ إليَّ، آخِرُ وقْتِ العَصْرِ عندِى ما لم تَصْفَر الشمسُ. فظاهِرُه مُطْلقًا. قالَه في «الفُروع». وقال في «الرِّعاية الكبْرى»:

ص: 151

ثُمَّ الْمَغْرِبُ، وَهِىَ الْوِترُ، وَوَقتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّمْس إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأحْمَرِ،

ــ

وعنه، يُسَنُّ تَعْجيلها إلَّا مع الصَّحْو إلى آخرِ وقتِ الاخْتِيارِ. وقيل: عنه، يسْتَحَب تأخيرُها مع الصحْوِ.

قوله في المغْرِب: ووَقْتُها مِن مَغِيبِ الشمس إلى مَغِيبِ الشفَقِ الأحْمَرِ. هذا

ص: 152

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، إلى مغيب الشَّفق

ص: 153

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأبْيَضِ في الحضَرِ، والأحْمَرِ في غيرِه. اخْتارَه الخِرَقىُّ. قال المُصَنِّفُ: تُعْتَبرُ غَيْبوبَةُ الشَّفَقِ الأبْيَضِ، لدلَالَتِها على غَيْبوبَةِ الأحْمْرِ لا لنفْسِه. وحكَى ابنُ عَقِيلٍ، إذا غابَ قُرْصُ الشَّمْس، فهل يدْخُلُ وقْت المغْرِبِ مع بَقاءِ الحُمْرَةِ، أو حتى يذْهَبَ ذلك؟ فيه رِوايَتان.

فائدة: للمَغْرِب وَقْتان، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال الآجُرِّىُّ في «النَّصِيحَةِ»: لها وقْتٌ واحدٌ، لخَبَرِ جِبْريلَ. وقال: مَن أخَّرَ حتَّى يَبْدُوَ النَّجْمُ، فقد أخْطَأَ.

ص: 154

وَالأفْضَلُ تَعْجِيلُهَا، لَيْلَةَ جَمْعٍ لِمَنْ قَصَدَهَا،

ــ

قوله: والأفْضَل تَعْجِيلُها، إلَّا لَيْلَةَ جَمْعٍ لمَن قَصدَها. يعْنى لمَن قصدَها مُحْرِمًا، وهذا إجْماعٌ، وقال صاحب «الفُروعِ»: وكلامُهم يَقتَضِى لو دفَع مِن عَرَفَة قبل المَغْرِبِ، وحصَل بمُزْدَلِفَةَ وقْت الغروبِ، أنَّه لا يُؤخِّرُها، ويُصَلِّها في وَقْتِها. قال: وكلامُ القاضي يقْتَضِى المُوافقَةَ.

تنبيه: ظاهرُ كلام المُصَنِّفِ، أنَّها لا تُؤَخَّرُ لأجْلِ الغَيْم. وهو قوْل جماعةٍ مِنَ

ص: 156

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابِ، وهو المُخْتارُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها في الغَيْمِ كالظُّهْرِ، كما تقدم. وتقدَّم ذلك قرِيبًا.

فائدتان؛ إحْداهما: يكون تأخيرُها لغيرِ مُحْرِمٍ. قالَه القاضي في «التَّعْليقِ» وغيره، واقْتصر في «الفُصولِ» على قوْلِه: والأفْضَلُ تعْجيلُها إلَّا بمِنًى، يُؤخِّرُها لأجْلِ الجَمْعِ بالعشِاءِ، وذلك نُسُكٌ وفضِيلَةٌ. قال في «الفروع»: كذا قال. وقوْله: إلَّا بمِنًى. هو في «الفُصولِ» . وصوابُه: إلَّا بمُزْدَلِفَةَ. الثانية: لا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُها بالعِشاءِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ هُبَيرَةَ: يُكْرَهُ. وقال الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ: إنْ كثُرَ تسْمِيَتُها بذلك، كُرِهَ، وإلَّا فلا. ويأتِي ذلك في تسْمِيَةِ العِشاءِ بالعَتَمةِ (1). وعلى المذهبِ، تسْمِيَتُهَا بالمغْربِ.

(1) انظر صفحة 164، 165 من هذا الجزء.

ص: 157

ثُمَّ الْعِشَاءُ، وَوَقْتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأحْمَرِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأوَّلِ. وَعَنْهُ، نِصْفِهِ.

ــ

قوله عَنِ العِشَاءِ: ووقْتُها مِن مَغِيبِ الشَّفَقِ إلى ثُلُثِ اللَّيْلِ. يعْنى وقْتَ الاخْتِيارِ، وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الجمهورُ. وقال في «الفُروعِ»: نقَله واخْتاره الأكثرُ؛ منهم الخِرقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى في «الجامع» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «الإفاداتِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «الْمُنْتَخَبِ» . وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» و «البُّلْغةِ» ، و «الكافِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروع» ، وابنُ رَزِينٍ في «شرْحِه» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» ، و «تَجْريدِ العِنَايَةِ». قالَ الشَّارِحُ: الأوْلَى أنْ لا تَؤخَّرَ عن ثُلُثُ اللَّيْلِ، فإنْ أخَّرَها، جازَ. انتهى. وعنه، نِصْفِه. جزَم به في «العُمْدَةِ» . وقدَّمه في «المُبْهِجِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفائقِ» . واخْتارَها القاضي في «الرِّوايتَيْن» ، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «مُجْمَعِ البَحْرَيْن» .

ص: 158

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وصَحَّحه في «نَظْمِه» . قال في «الفروعِ» وهي أظْهَر. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» .

ص: 159

ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ، وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِى، وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ في الْمَشْرِقِ، وَلَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ، وَتَأْخِيُرهَا أفْضَلُ مَا لَمْ يَشُقَّ،

ــ

قوله: ثمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الاخْتِيارِ، ويَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ إلى طلوعِ الفجْرِ الثانى. هذا المذهبُ وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «الكافِى»: ثم يذْهبُ وَقْتُ الاخْتِيارِ، ويبْقى وَقْتُ الجوازِ إلى طُلوعِ الفجْرِ الثانى كما قال في العَصْرِ. قال في «الفُروعِ»: وَلعَلَّ مُرادَه، أنَّ الأداءَ باقٍ. وتقدَّم ما قُلْنا في كلامِه. ووافقَ «الكافِى» صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ؛

ص: 160

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقالوا: ووقْتُ الجوازِ إلى طُلوعِ الفجْرِ. انتهى. وقيل: يخْرجُ الوقْتُ مُطْلقًا بخروجِ وقْتِ الاخْتِيارِ. وهو ظاهرُ كلام الخَرَقِىِّ، وأحدُ الاحْتِمالَيْن لابنِ عَبْدُوسٍ والمُتَقَدِّمِ. فائدتان؛ إحْداهما، لم يذْكرْ في «الوَجيزِ» للعِشاءِ وقْتَ ضَرُورةٍ. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّه اكْتَفَى بذكْرِه في العَصْرِ، وإلَّا فلا وَجْهَ لذلك. الثَّانية، لا يجوز تأْخيرُ الصَّلاةِ ولا بعضِها إلى وقْتِ ضرُورةٍ، ما لم يكنْ عُذْرٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال في «الفُروعِ»: ويَحْرُمُ التَّأخيرُ بلا عُذْرٍ إلى وقتِ ضرُورَةٍ، في الأصَحِّ. وقالَه أبو المَعالِى وغيره في العَصْرِ. وجزَم به المُصَنِّفُ في «المُغْنِى» ،

ص: 161

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والشَّارِحُ، وابنُ رزينٍ في «شَرْحِه» ، وابنُ عُبَيْدان، وابن تَميمٍ، والزَّرْكَشِيُّ،

ص: 162

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «مَجْمَعِ البَحْريْن» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفائقِ». وقيل: يُكْرَهُ. قدَّمه فى «الرِّعايتيْن» . وجزَم به في «الإفادات» . وأطْلَقهما في «الحاوِيَيْن» . وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك في كتابِ الصَّلاةِ، بعدَ قوْلِه: ولا يجوز لمَن وجبَتْ عليه الصَّلاة تأخيرُها عن وَقْتِها.

قوله: وتَأخِيرُها أفْضَل ما لم يَشُقَّ. اعلمْ أنَّه إنْ شَقَّ التَّأخيرُ على جميعِ المأمُومين، كُرِهَ التَّأخيرُ. وإنْ شَقَّ على بعضِهم، كُرِهَ أيضًا، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، لا يُكْرَهُ. وهي طريقةُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وصاحِبِ «الفروعِ» ، وغيرِهم. وقال كثيرٌ من الأصحابِ: هل يُسْتَحَبُّ التَّأخيرُ مُطْلقًا، أو يُراعِى حال المأمُومِين حيث لا يَشُقُّ عليهم؟ فيه رِوايَتان. فحكَوُا الخِلافَ مُطْلقًا. وقال في «الرعايَةِ الكبْرى» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» ، و «الفائقِ»: يُسَنُّ تأخيرُها. وعنه، الأفْضلُ مُراعاة المأمُومِين. وظاهر كلامِ الخِرَقِىِّ، وأبى الخطَّابِ، وغيرِهمُ، اسْتِحْبابُ التَّأخيرِ مُطْلقًا.

تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلام المصنِّفِ وغيرِه، إذا أخَّرَ المغْرِبَ لأجْلِ الغَيْمِ أوِ

ص: 163

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الجمْعِ، فإنَّه حِينَئذٍ يسْتحَبُّ تعْجيلُ العِشاءِ. قالَه فى «الفْروعِ» وغيرِه. وقال

ص: 164

ثُمَّ الْفَجْرُ، وَوَقْتُهَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِى إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ،

ــ

في «الرِّعايَةِ» : وقيل: يُسَنُّ تعْجِيلُها مع الغَيْمِ. نصَّ عليه. وقيل: مع تأْخيرِ المغْربِ معه، والخُروجَ إليها.

فوائد؛ يُكْرَهُ النَّوْمُ قبلَها مُطْلَقًا، على الصَّحيح مِن المذهبِ. وعنه، لا يُكْرَهُ إذا كان له يُوقِظُه. واخْتارَه القاضي. وجزم به في «الجامع» . وما هو ببَعيدٍ. ويُكْرَهُ الحديثُ بعدَها إلَّا في أمْرِ المُسْلِمين أو شغْلٍ أو شئٍ يسير، والأصَحُّ أو مع الأهْلِ. وقيل: يُكْرَهُ مع الأهْلِ. وقدَّمه في «الفائقِ» قال في «الرِّعايَةِ» ، و «ابنِ تَمِيمٍ»: ولا يُكْرَهُ لمُسافرٍ ولمُصَلٍّ بعدَها. ولا يُكْرَهُ تسْمِيتُها بالعَتمةِ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، ولا تسْمِيَةُ الفجْرِ بصلاةِ الغَداةِ. وقيل: يُكْرَهُ فيهما. وقيل: يُكْرَهُ في الأخيرة. واخْتَارَه صاحِبُ «النِّهايَةِ» . وقيل: يُكْرَهُ في الأولَى. قال الزَّرْكَشِيُّ: وظاهرُ كلامِ ابنِ عَبْدُوسٍ، المَنْعُ مِن ذلك. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين، في «اقْتِضَاءِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ»: الأشْهَرُ عنه، إنَّما يُكْرَهُ الإكْثَارُ، حتى يَغْلِبِ عليها الاسْمُ، وإنَّ مِثْلَها في الخِلافِ تسْمِية المغْرِبِ بالعِشَاءِ.

ص: 165

وَتَعْجِيلُهَا أفْضَلُ. وَعَنْهُ، إِنْ أسْفَرَ الْمَأمُومُونَ فَالْأفْضَلُ الْإسْفَارُ.

ــ

قوله عن الفَجْرِ: وَتعْجِيلُهَا أفضَلُ. وهو المذهب مُطلقًا، وعليه الجمهورُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحه»: هذا المذهب. وجزَم به «الخَرَقِيِّ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «تَجْريدِ العِنَايِةِ» ، وغيرهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، [و «الكافِى»](1)، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، و «ابن تَميمٍ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وصَحَّحه في «مَجْمَعِ البَحْرَينِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» . فعلى هذا، يُكْرَهُ التَّأخيرُ إلى الإسْفارِ بلا عُذْرٍ. وعنه، إنْ أسْفَر المأمُومون، فالأفْضَل الإسْفارُ. والمُرَادُ أكثرُ المأمُومِين. واخْتارَه الشِّيرازىُّ في «المُبْهِجِ» . ونصَرَها أبو الخطَّابِ في «الانْتِصَارِ» . وأطْلَقهما في المذْهب، و «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «المُحَررِ» ، و «الفُروعِ» . وعنه، الإسْفارُ مُطْلقًا أفْضَل. قال في «الفُروعِ»: أطْلَقَها بعضُهم. وقالي في «الحاوِى الكبيرِ» ، وغيرِه: وعنه، الإسْفارُ أفْضَلُ بكلِّ حالٍ، إلَّا الحاجِّ بمُزْذلِفَةَ. قال في «الفُروعِ»: وكلامُ

(1) زيادة من:

ص: 166

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القاضي وغيرِه، يَقتَضِى أنَّه وِفاقٌ. قلت: وهو عيْنُ الصَّوابِ، وهو مُرادُ مَن أطْلَق الرِّوايةَ.

تنبيه: قال الزَّرْكَشِىُّ، بعدُ أنْ حكَى الخِلافَ المتقدِّمَ: ومحَلُّ الخِلاف فيما إذا كان الأرْفَقُ على المأمُومِين الإسْفار مع حضورِهم، أو حضُورِ بعضِهم، أمَّا لو تأخَّرَ الجيران كلُّهم، فالأوْلَى هنا التَّأخيرُ، بلا خِلافٍ، على مُقْتَضَى ما قالَه القاضي في «التَّعْليقِ». وقال: نصَّ عليه في روايَةِ الجماعةِ. انتهى.

فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه ليس لها وقْتُ ضَرورَةٍ، بل وقْت فضيلَةٍ وجوازٍ، كما في المغْرِبِ والظُّهْرِ. قدَّمه في «الفُروعِ» ، و «ابن تَمِيمٍ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المذهبُ. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» : ويُكْرَهُ التَّأخيرُ بعدَ الإسْفار بلا عُذْرٍ. وقيل: يحْرُمُ. وجعل القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» ، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقدِّم، لها وَقْتَيْن؛ وقْتَ اخْتِيارٍ، وهو إلى الإسْفارِ، ووَقْت ضرورةٍ، وهو إلى طُلوعِ الشَّمْسِ. قال في «الحاوِيَيْن»: ويحْرُمُ التَّأخير بعدَ الإسْفارِ بلا عُذرٍ. وقل: يُكْرَهُ. قال ابنُ رجَبٍ في «شَرْحِ اخْتِيارِ الأولَى في اخْتِصام المَلَاءِ الأعْلَى» : وقد أوْمَأ إليه أحمدُ. وقال: هذه صلاةُ مُفَرِّطٍ، إنَّمَا الإسْفارُ، أن ينْتَشِرَ الضَّوءُ على الأرْضِ.

فائدة: حيث قلْنا: يُسْتَحَبُ تعْجيلُ الصَّلاةِ. فَيَحْصُلُ له فضِيلَةُ ذلك، بأنْ يشْتَغِلَ بأسْبَابِ الصَّلاةِ، إذا دخَل الوقْت. قال في «التَّلْخيصِ»: ويقْرُبُ منه قوْلُ المَجْدِ: قَدْرُ الطّهارةِ والسَّعْىِ إلى الجماعةِ، ونحوِ ذلك. وذكَر الأزَجىُّ

ص: 167

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوْلًا؛ يتَطَهُّرُ قَبْلَ الوقْتِ.

ص: 168

وَمَنْ أدْرَكَ تَكبِيرَة الْإحْرَامِ مِنْ صَلَاةٍ في وَقْتِهَا، فَقدْ أدْرَكَهَا.

ــ

قوله: ومَن أدْرَك تكْبِيرةَ الإحْرامِ مِن صَلاةٍ في وَقْتِها، فقد أدْرَكَها. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير مهم. وعليه العمَلُ في المذهبِ. ولو كان آخرَ وقْتِ الثَّانيةِ مِنَ المْجموعَتيْن لمَن أرادَ جمْعَها. وعنه، لا يُدْرِكها إلَّا برَكْعةٍ. وهو ظاهر كلامِ الخِرَقِيِّ، وابنِ أبى موسى، وابنِ عَبْدُوسٍ تلْميذِ القاضي. وقدَّمه في «النَّظمِ» . وأطْلَقَهما في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «ابنِ عُبَيْدان» .

فائدتان؛ إحْداهما، مُقْتَضَى قوله: فقد أدْرَكَها. بِناءُ ما خرَج منها عنِ الوقْتِ على تحْريمه الأداء في الوقت، ووقُوعِه موْقِعَه في الصِّحَّةِ والإجْزاءِ. قالَه المَجْدُ في «شرْحِه» ، وتابَعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «ابن عُبيْدانِ» . قال

ص: 170

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «الفروع» : وظاهرُ كلامِه في «المُغْنِى» أنَّها مسْألة القَضاءِ والأداءِ الآتيةُ بعدَ ذلك. الثَّانية، جميعُ الصَّلاةِ التي قد أدْرَك بعضَها في وقْتها أداءً مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرهما: هذا ظاهر المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المشْهورُ.

ص: 171

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: تكون جميعها أداءً في المعْذورِ، دونَ غيرِه. وقطع به أبو المَعالِى. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وابنِ أبِى موسى، وأحدُ احْتِمالَىِ ابنِ عَبْدُوسٍ المُتقدِّمِ قال الزَّركَشِيُّ: وهو مُتَوجَّهٌ. وقيل: قضَاءٌ مُطْلقًا. وقيل: الخارِجُ عنِ الوْقتِ قضاءٌ، والذي في الوقْتِ أداءٌ.

تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلام المُصَنِّفِ من أصْلِ المسْألَةِ، الجُمُعَة؛ فإنَّها لا تدْرَكُ بأقَلَّ مِن ركْعَةٍ، على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، على ما يأتِى في بابه. وعنه، تدْرَكُ

ص: 172

وَمَنْ شَكَّ في الْوَقْتِ، لَمْ يُصَلِّ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ،

ــ

بتَكبيرَةِ الإحْرامِ كغيرِها. وهو ظاهرُ كلامِ المُصنِّفِ هنا، لكن كلامه عُمْومُ هنا مخْصوصٌ بما قالَه هناك، وهو أوْلَى.

قوله: ومَن شَكَّ في الوَقْت، لم يُصَلّ حتَّى يغْلِبَ على ظَنِّهِ دُخولُه. فإذا غلَب

ص: 173

فَإنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مُخْبِرٌ عَنْ يَقِينٍ قَبِلَ قَوْلَهُ، وِانْ كَانَ عَنْ ظَنٍّ لَمْ يَقْبَلْهُ.

ــ

على ظَنِّهِ دُخولُه، صلَّى، على الصَّحيح مِنَ المذهب، وعليه أكثر الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ فهم. وعنه، لا يصَلِّى حتَّى يتَيَقَّنَ دخولَ الوقْتِ. اخْتارَه ابن حامدٍ وغيره. فعلى المذهب، يُسْتَحَبُّ التَّأخيرُ حتى يتَيَقَّن دخُولَ الوقْتِ. قالَه ابن تَميمٍ وغيره. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: الأوْلَى تأخيرُها احتِياطًا، إلَّا أنْ يخْشَى خُروجَ الوقْتِ، أو تكون صلاة العَصْر في وقْتِ الغَيْمِ، فإنَّه يُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ؛ للخَبَرِ الصَّحيحِ. وقال الآمِدِى: يُسْتَحَبُّ تعْجيلُ المغْرِبِ إذا تيَقَّنَ غروبَ الشَّمْسِ، أو غلَب على ظَنِّهِ غُروبُهَا.

تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يَجِدْ مَن يُخْبرُه عن يَقَينٍ، أو لم يُمْكِنْه مُشاهدَةُ الوقْتِ بيَقينٍ.

قوله: فإنْ أَخْبره بذلك مُخبرٌ عن يقين، قَيلَ قوْلَه. يعْنِى إذا كان يَثِقُ به. وهذا بلا نِزاعٍ. وكذا لو سمِعَ أذان ثِقَةٍ عارِفٍ يَثِقُ به. قال في

ص: 174

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفُصولِ» ، وأبو المَعالِى فى «نِهايَتِه» ، و «ابنِ تَمِيمٍ» ، وابنُ حمْدانَ في «رِعايَتِه»: يعْمَل بالأذانِ في دارِ الإسْلامِ، ولا يعْمل به في دارِ الحرْبِ، حتَّى يعْلمَ إسْلامَ المُؤذِّنِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لا يعْملُ بقوْلِ المُؤذِّنِ في دخُولِ الوقْتِ، مع إمْكانِ العلْمِ بالوقْتِ. وهو مذهبُ أحمدَ، وسائر العُلَماءِ المُعْتَبرين، كما شَهدَتْ به النُّصوصُ، خِلافًا لبعضِ أصحابِنا. انتهى.

قوله: وإن كان عن ظَنٍّ لم يقْبَلْه. مُرَادُه، إذا لم يتَعَذَّرْ عليه الاجْتِهادُ، فإنْ تعذَّرَ

ص: 175

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عليه الاجْتِهادُ، عمِلَ بقَوْلِه. وفى «كتاب أبي علىٍّ العُكْبَرِى» ، و «أبي المَعالِى» ، «وابنِ حمْدان» ، وغيرها: لا يُقْبلُ أذانٌ في غَيْمٍ؛ لأنَّه عنِ اجْتِهادٍ، فيجْتهِدُ هو. قال في «الفُروعَ»: فدَلَّ على أنَّه لو عرف أنَّه يعرِف الوقْت بالسَّاعاتِ، أو تقْليدُ عارِفٍ، عمِلَ به. وجزَم بهذا المَجْدُ في «شَرْحِه» . وتبِعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» ، و «ابن عُبيْدان». وقال الشَّيخ تقِيُّ الدَّينِ: قال بعضُ أصحابِنا: لا يعْمَلُ بقوْلِ المؤذِّنِ، مع إمْكانِ العلمِ بالوقْتِ. وهو خِلاف مذهبِ أحمدَ، وسائرِ العُلَماء المُعتَبرِينِ، وخِلاف ما شهِدَتْ به النُّصوصُ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال.

فائدة: الأعْمَى العاجِزُ يُقلِّدُ. فإن عدِمَ مَن يُقَلِّدُه، وصَلَّى، أعادَ مُطْلقًا. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُعيدُ إلَّا إذا تَبَيَّنَ خطَؤُه. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه.

ص: 176

وَمَتَى اجْتَهَدَ وَصَلَّى، فَبَانَ أنَّهُ وَافَقَ الْوَقْتَ، أَوْ مَا، بَعْدَهُ أجْزَأهُ، وَإنْ وَافَقَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ. وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ، ثُمْ جُنَّ، أوْ حَاضَتِ الْمَرْأةُ، لزِمَهُمُ الْقَضَاءُ.

ــ

قوله: ومَن أدرَك مِنَ الْوَقْتِ قدْرَ تكبيرةٍ. اعلمْ أنَّ الصَّحيح مِن المذهبِ؛ أنَّ الأحْكامَ تتَرتَّبُ بإدْراكِ شيءٍ مِن الوَقْتِ ولو قَدْرَ تكْبيرَةٍ. وأطْلَقَه الإمامُ أحمدُ. فلِهذا قيل: يُخَيَّرُ. وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لابُدَّ أنْ يُمكِنَه الأداء. اخْتارَها جماعةٌ؛ منهمُ ابن بَطَّةَ، وابنُ أبِى موسى، والشَّيْخ تقِىٌّ الدِّين. واخْتارَ الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ أيضًا، أنَّه لا تتَرَتَّبُ الأحْكامُ إلَّا إنْ تَضايقَ الْوَقْتُ عن فِعْلِ الصَّلاةِ، ثم يُوجَدُ المانِعُ.

ص: 177

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: ثُم جُنَّ أو حاضتِ المرأةُ لَزِمَه القضاءُ. يعْنى: إذا طرأ عدَمُ التَّكْليفِ. واعلم أنَّ الصَّلاةَ التي أدْرَكَها تارةً تُجمَعُ إلى غيرِها، وتارةً لا تجْمعُ، فإنْ كانْت لا تُجْمعُ إلى غيرِها، وجَب قضاؤُها بشَرْطِه، قوْلًا واحدًا. وإنْ كانت تُجْمَعُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه لا يجِبُ إلَّا قضاءُ التي دخَل وَقْتُها فقط، ولو خَلَا جميعُ وقْتِ الأُولَى مِنَ المانعِ، وسواءٌ فعَلَها أو لم يفْعَلْها، وعليه جمهورُ الأصحابِ منهمُ ابنُ حامدٍ، وصَحَّحه المَجْدْ في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَيْن» فيه، وفى «النَّظْمِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يلزَمُه قَضاءُ [المجموعَتيْن](1). وهي مِن المُفْردَاتِ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ، و «ابنِ عُبَيْدان» وغيرِهم.

(1) زيادة من:

ص: 178

وَإنْ بَلَغَ صَبِىٌّ، أو أسْلَمَ كَافِرٌ، أو أفَاقَ مَجْنُونٌ، أوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ، قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ، لَزِمَهُمُ الصَّبْحُ، وَإنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، لَزِمَهُمُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَإنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، لَزِمَهُمُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ.

ــ

قوله: وإنْ بلَغ صَبِىٌّ، أو أسْلَم كافِرٌ، أو أفاقَ مَجْنُونٌ، أو طَهُرَتْ حائِضٌ، قبلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بقَدْرِ تَكبيرةٍ، لَزِمَهمُ الصُّبْحُ. وإنْ كان ذلك قبلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، لَزِمَهمُ الظهْرُ، والعَصْرُ. وإنْ كان قبلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، لَزِمَهمُ المَغْرِبُ والعِشاءُ. يعْنى إذا طَرَأ التَّكْليفُ. واعلمْ أنَّ الأحْكامَ مُتَرَتِّبةٌ بإدراكِ قدْرِ تَكْبيرةٍ مِنَ الوقْتِ، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: بَقَدْرِ جُزْءٍ الوقْتِ، في «الفُروعِ»: وظاهرُ ما ذكَرَه أبو المَعَالِى حِكايةً، القوْلُ بإمْكانِ

ص: 179

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأداءِ. قال: وقد يُؤخذُ منه القوْلُ برَكْعَةٍ. فيكون فائدةُ المسْألَةِ، وهو مُتَّجهٌ. وذكر الشَّيْخُ تقيُّ الدِّينِ: الخِلافُ عندَنا فيما إذا طرَأ مانِعٌ أو تكْليفٌ، هل يُعْتبرُ

ص: 180

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بتكْبيرةٍ أو رَكْعَةٍ؟ واخْتارَ برَكْعةٍ في التَّكْليفِ. انتهى. إذا علِمْتَ ذلك، فإنَّه إذا طرَأ التَّكْليف في وقْتِ صلاةٍ لا تُجْمَعُ، لزِمَتْه فقط، وإنْ كان في وقْتِ صلاةٍ تُجْمَعُ

ص: 181

وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ، لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ مُرَتَّبًا، قَلَّتْ أوْ كَثُرَتْ،

ــ

ما قبلَها إلا قضاها، بلا نِزاعٍ.

قوله: ومَن فاتَتْه صَلواتٌ لَزِمَه قَضاؤُها على الفَوْرِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثيرٌ منهم. واختارَه الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ. وقيل: لا يجِبُ القَضاء على القوْلي مُطْلقًا. وقيل: يجِبُ على الفَوْرِ في خمْسِ صلَواتٍ فقط. واخْتاره القاضي في موْضِعٍ مِنْ كلامِه. واخْتارَ الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ، أنَّ تارِكَ الصَّلاةِ عمْدًا إذا تابَ، لا يُشْرَعُ له قَضاؤُها، ولا تصِحُّ منه، بل يُكْثِرُ مِنَ التَّطَوُّعِ. وكذا الصَّوْمُ. قال ابنُ رجَبٍ، في «شَرْحِ البُخاريِّ»: ووقَع في كلامِ طائفةٍ مِن أصحابِنا المُتَقَدِّمين، أنَّه لا يُجْزِئُّ فِعْلها إذا ترَكَها عمْدًا؛ منهم الجُوزَجانِيُّ، وأبو محمدٍ البَرْبَهارئُّ (1)، وابنُ بَطَّةَ.

تنبيه: قوله: لِزَمَه قَضاؤُها على الفَوْرِ. مُقَيَّدٌ بما إذا لم يَتَضَرَّرْ في بدَنِه، أو فى

(1) الحسن بن على بن خلف البربهارى، أبو محمد. شيخ الحنابلة، الفقيه، كان قوالًا للحق، لا يخاف في الله لومة لائم. توفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. المنتظم 6/ 223.

ص: 182

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

معِيشَةٍ يحْتاجُها، فإنْ تضَرَّرَ بسبَبِ ذلك، سقَطتِ الفوْرِيَّةُ. نصَّ عليه.

قوله: مُرَتَّبًا، قَلَّتْ أو كَثُرَتْ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وهو مِنَ المفْرَداتِ. وعنه، لا يجِبُ التَّرْتيبُ؛ قال في «المُبْهجِ»: التَّرتْيبُ مُسْتَحَبٌّ. واخْتارَه في «الفائقِ» . قال ابنُ رجَبٍ، في «شرْحِ البُخارِيِّ»: وجزَم به بعضُ الأصحابِ. ومالَ إلى ذلك. وقال: كان أحمدُ، لشِدَّةِ ورَعِه، يأخذُ مِن هذه المسائلِ المُخْتَلَفِ فيها بالاحْتِياط، وإلَّا فأجابَ سِنِين عدِيدَةً ببَقاء صلاةٍ واحدةٍ فائِتَةٍ في الذِّمَّةِ، لا يكادُ يقومُ عليه دَليلٌ

ص: 183

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوى، وقال: وقد أخْبَرنى بعضُ أعْيانِ شُيوخِنا الحَنْبَلِيِّين، أنَّه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فى النَّوْمِ، وسأله عمّا يقوله الشافِعىُّ وأحمدُ، فى هذه المسائل، أيها أرْجحُ؟ قال:

ص: 184

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ففَهِمْتُ منه أنَّه أشارَ إلى رُجْحانِ ما يقولُه الشافعي. انتهى. وقيل: يجبُ التَّرتيبُ فى خمس صلَواتٍ فقط. واخْتارَه القاضى أيضًا فى موْضِعٍ. قال فى «الفُروعِ» : ويتَوَجَّهُ احتِمال، يجبُ التَّرتيبُ، ولا يعتبرُ للصِّحةِ. وله نظائِرُ.

فائدة: لو كَثُرَتِ الفَرائضُ الفوائتُ، فالأوْلَى تركُ سُنَنِها. قالَه المَجْدُ فى «شرحِه» ، وصاحِب «الفُروعِ» ، وغيرهما. واستَثْنى الإمامُ أحمدُ سُنَّةَ

ص: 185

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفَجْرِ. وقال: لا يُهْمِلُهْا. وقال فى الوَتْر: إنْ شاءَ قَضاه، وإنْ شاءَ فلا. ونقَل

ص: 186

فَإنْ خَشِىَ فَوَاتَ الْحَاضِرَةِ، أو نَسِىَ الترتِيبَ، سَقَطَ وُجُوبهُ.

ــ

مُهَنَّا: يقْضِى سُنَّةَ الفَجْرِ والوتْرِ. قال المَجْدُ: لأنَّه عندَه دُونَها. وأطْلَق القاضى وغيرُه، أنَّه يقْضِى السُّننَ. قال، بعد روايه مُهنَّا المذْكورة وغيره: المذهب أنه يقْضِى الوَتر كما يقضى غيره مِنَ الرواتِبِ. نصَّ عليه. قال فى «الفروعِ» : وظاهرُ هذا مِنَ القاضى، أنَّه لا يقْضى الوَتر فى رِواية خاصةٍ. ونقَل ابنُ هانئٍ، لا يتَطَوعُ وعليه صلاة متقدِّمَة إلا الوَتْر، فإنَّه يوتِر. وقال فى «الفصولِ»: يقْضى سنةَ الفَجْرِ، رواية واحدة، وفى بقِيةِ الرواتبِ مِنَ النّوافِلِ روايتان. نصّ على الوَتْرِ، لا يقْضِى. وعنه، يقْضِى. انتهى. وأمَّا انْعقادْ النَّفْل المُطْلَقِ إذا كان عليه فَوائتُ، فالصَّحيحُ من المذهبِ و «الروايتَيْن» ، أنه لا ينْعَقد، لتَحريمِه إذَنْ، كأَوْقاتِ النَّهْىِ. قال المَجْدُ وغيره. وذكَر غيره الخِلاف فى الجوازِ، وأنَّ على المنْع لا يصِحُّ. قال المجْدُ: وكذا يتخرج فى النَّفْلِ المبْتَدأ وبعد الإقامَةِ، أو عندَ ضيقِ وَقتِ الفَواتِ، مع علْمِه بذلك وتحريمِه. انتهى. وعنه، ينْعَقِد النفْلُ المطْلَقُ. وهما وَجْهان مُطْلقان فى «ابن تميم» وغيرِه. ويأتى قريبًا مِن ذلك فى صلاةِ الجماعةِ عندَ قولِه: فإذا أقيمَتِ الصلاة، فلا صلاة إلَّا المكْتوبةَ.

قوله: فإنْ خشىَ فواتَ الحَاضِرَةِ. سقَط وُجوبُه؛ يعنى وُجوبَ التَّرْتِيبِ، فيصَلِّى الحاضِرَةَ إذا بَقىَ مِنَ الوقْتِ بقَدرِ ما يفْعَلها فيه، ثم يقْضى. وهذا المذهبُ، وعليه أكثر الأصحاب. وعنه، لا يسْقط مُطْلقًا. اخْتارها الخَلَّالُ، وصاحبُه.

ص: 187

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأنَكر القاضى هذه الرِّوايَةَ. وحُكِىَ عن أحمد ما يدُلُّ على رُجوعه عنها. وكذا قال أبو حَفص. قال: إما أنْ يكونَ قوْلًا قدِيمًا أو غلَطًا. وعنه، يسْقُط إذا ضاقَ وقْت الحاْضِرَةِ عن قضاءِ كلِّ الفَوائتِ، فيُصَلِّى الحاضِرَةَ فى أوّلِ الوقْتِ. اخْتارَها أبو حَفْصٍ العُكبُرِيُّ. وعنه، يسْقُط بخشْيَةِ فَواتِ الجماعةِ. وجزَم به فى «الحاوِيَيْن» . وصَحَّحه فى «الرِّعاية الصُّغرى» . وعنه، يسْقُطُ الترتيبُ بكوْنِها جُمعةً. جزَم به فى «الحاوِيَيْن». وصَحَّحه فى «الرعايةِ الصغرى». وقاله القاضى. قلت: وهو الصَّوابُ. وقدمه ابنُ تَميم. وقال: نصَّ عليه، لكنْ عليه فِعلُ الجمعَةِ، وإنْ قلْنا بعدمِ السقوطِ، ثم يقْضِيها ظُهْرًا. وفيه وَجْهٌ، ليس عليه فِعْلُ الْجمعَةِ إذا قلْنا: لا يسْقُطُ التَّرتيب. قال فى «الفروعِ» ، فى أوَّلِ الجُمعَةِ: ويَبْدأُ بالجُمعَةِ لخوْف فوْتِها، ويَتْركُ فجْرًا فاتَتْه. نصَّ عليه.

ص: 188

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فوائد؛ إحداها، لو بدَأ بغيرِ الحاضِرةِ، مع ضِيقِ الوقتِ، صحَّ. على الصَّحيح مِنَ المذهب. نصّ عليه. وقيل: لا يصِحُّ. الثانية، لا تنْعَقد النافلَة مع ضيق الوقتِ عن الحاضِرَةِ، إذا فعَلَها عمدًا، على الصحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: تنعقد. وتقدّم تخْريجُ المَجْدِ، وهو أعمُّ. الثَّالثة، خشْية خروجِ وقْتِ الاخْتيار، كخَشْية خُروج الوقْتِ بالكُلِّية. فإذا خشِىَ الاصفِرارَ، صلى الحاضِرَة. قالَه الزركَشِىُّ، والمَجدْ، وابن عبيدان، وابنُ تَميم وغيرُهم.

ص: 189

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: أوْ نَسى الَّرَتِيبَ، سقط وجُوبه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه فى رواية الجماعة، وعليه الأصحاب، وقطَع به أكثرهم، حتى قال القاضى: إذا نَسىَ الترتيبَ، سقَط وُجوبُه، رِواية واحدةً. وعنه، لا يسْقط الترتيب بالنِّسْيانِ. حكَاها ابنُ عَقِيلٍ. قال أبو حَفْص: هذه الروايَة تُخالِف ما نقلَه الجماعة عنه. فإمَّا

ص: 190

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنْ تكونَ غلَطًا أو قوْلًا قدِيمًا.

تنبيه: ظاهر كلام المصَنِّف، أنَّه لو جَهِلَ وجوبَ الترتيب، أنه لا يسْقُطُ وُجوبُه، وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه جمهور الأصحابِ. قال فى «القَواعِدِ الأصُوليِة»: هذا المذهبُ. جزَم به غيرُ واحدٍ. وقيل: يسْقُط. اخْتارَه الآمِدِىُّ. فقال: هو كالنَّاسي للترتيب. فعلى المذهبِ؛ لو ذكَر فائتةً، وقد

ص: 191

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحْرَم بحاضرةٍ؛ فتارةً يكون إماما، وتارة يكون غيرَه. فإنْ كان غيرَ إمام، فالصحيح مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، لا يسْقطُ الترتيبُ، ويُتمُّها نفْلا، إما ركْعتَين وإما أربعًا. وعنه، يُتِمُّها المأموم دونَ المنْفَرِدِ. وعنه،

ص: 192

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عكسُها. حَكاها المُصَنِّف. وعنه، يتِمُّها فَرضًا. اخْتارَه المَجد فى «شرحِه» . وعنه، تبْطلُ. نقَلها حَنبلْ، ووَهَّمَه الخَلالُ. وعنه، ذِكْر الفَائتةِ فى الحاضِرَةِ يُسْقِطُ الترتب عنِ المأموم خاصَّةً. وإنْ كان إمامًا فالصَّحيحُ عن أحمدَ، أنه يقْطَعُهما. وعلَّلَه بأنهم مُفتَرِضُون خلْفَ متنفِّل. فعلى هذا، إذا قلْنا: يصِحُّ الفرضُ خلفَ المُتَنَفِّلِ، أتُمَّها كالمنفرِد والمأمومِ. واخْتار المَجْدُ

ص: 193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سقُوطَ الترتيبِ والحالة هذه، فيتِمُّها الإمام والمأمومُ فرضًا. وعنه، تَبْطُلُ.

فوائد؛ الأولى، لو نسىَ صلاة مِن يوم، وجَهلَ عَيْنَها، صلَّى خمسًا، على الصحيحٍ من المذهبِ. نص عليه بِنِيَّةِ الفرض. وعنه، يُصَلى فجْرًا، ثم مغْربا، ثم رُباعِيَّة. وقال فى «الفائق»: ويتخَرَّجُ إيقاعُ واحدةٍ بالاجْتِهادِ، أخْذًا مِن القِبْلَةِ. الثانيةُ، لو نَسِى ظُهْرا وعصرًا مِن يوْمَيْن، وجهِلَ السَّابقة، تحَرى فى إحدى الرِّوايتَيْن. قدَّمه ابنُ تَميم. وجزَم به فى «الكافِى» . والرِّواية الأخْرَى، يبدأ بالظهْرِ، وأطْلقَهما فى «الفروعِ» ، و «الشرحِ» ، و «مَجْمَعِ البَحرين» ، و «ابنِ عُبَيْدان» ، و «القَواعِدِ الأصُولِيةِ» . وقدم فى «الرعاية» ، أنَّه يصَلَّى ظُهْرًا، ثُم عصرا، ثم ظهْرًا. قال: وقيل: عصرًا، ثم ظُهْرا، ثم عصرًا. فعلى الرِّواية الأولَى؛ لو تحَرى، فلم يَقْوَ عنده شئ، بَدَأ بأيهما شاءَ. قدَّمه ابن تَميم، وابنُ عُبَيْدان، وجزَم به فى «الرعاية الكبرى» . وعنه، يصَلُى ظهْرَيْن بينَهما عَصرا، أو عكْسُه. ذكَرَها فى «الفروعِ» . وذكَرَها

ص: 194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المصَنِّف فى «المُغْنِى» احتِمالًا. ولم يُفَرِّقْ بينَ أنْ يَسْتوِى عندَه الأمرانِ أوْلا؛ فقال: ويَحتمِل أنْ يلْزمه ثلاث صلَواتٍ؛ ظهر، ثم عصر، ثم ظُهْرٌ، أو بالعكْس. قال: وهذا أقْيس؛ لأنه أمكَنَه أداءُ فرضِه بيَقين، أشْبهُ ما لو نَسِىَ صلاة لا يعلَمُ عَيْنَها. قال فى «القَواعِدِ الأصُولية»: اخْتارَه أبو محمدٍ المقْدِسي، وأبو المعالِى، وابنُ مُنجى. ونقل أبو داودَ ما يدل على ذلك. الثَّالثةُ، لو عَلِمَ أن عليه مِن يوم الظهْرَ وصلاةً أخْرَى لا يعلَم هل هى المغربُ أوِ الفَجْرُ؟ لَزمه أنْ يُصَلِّىَ الفَجر، ثم الْظهْرَ، ثم المغْرِب. ولم يَجُزْ له البَداءَة بالطهرِ؛ لأنه لا يتَحَقَّق براءةَ ذِمَّتِه ممَّا قبلَها. الرابعةُ، قال المَجْدُ فى «شرحه»: لو توَضَّأ وصَلى الظهْرَ، ثم أحدْث

ص: 195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وتوَضَّأ وصلى العَصر. ثم ذكَر أنّه تَرَكَ فرضًا مِن إحدَى طهارَتِه ولم يعلَم عَينَها، لَزِمَه إعادة الوضوءِ والصَّلاتَين، ولو لم يعلم حَدَثَه بينهما، ثم توضَّأ للثَّانيةِ تجْديدًا، وقلنا: لا يَرتفِعُ الحدَث، فكذلك. وإنْ قلْنا يْرتفع، لَزِمَه إعادةُ الوضوءِ للأولَى خاصَّةً؛ لأنَّ الثَّانيةَ صحِيحَةٌ على كل تقْدير.

ص: 196