الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ستر الْعَوْرَةِ
وَهُوَ الشرطُ الثَّالثُ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسَتْرُهَا عَنِ النظرَ بِمَا لَا يَصِف الْبَشَرَةَ وَاجبٌ.
ــ
بابُ ستْرِ العوْرَةِ
فائدتان؛ إحداهما، قوله: وسَتْرها عنِ النظر بما لا يَصِف البشرَةَ واجِبٌ. فلا يجوز كشْفها. واعلم أن كشْفها فى غيرِ الصَّلاةِ، تارةً يكون فى خَلْوَةٍ، وتارة يكون مع زوْجَتِه، أو سُرّيته، وتارةً يكونُ مع غيرِهما، فإنْ كان مع غيرِهما، حَرُمَ كشْفها، ووجَب ستْرُها إلَّا لضرورَةٍ، كالتداوِى والخِتانِ، ومعرِفَه البُلوغِ، والبكارَةِ، والثُّيويَةِ، والغيْبِ، والوِلادة، ونحوِ ذلك. وإنْ كان مع زوْجَتِه أو سُريَّتِه، جازَ له ذلك. وإنْ كان فى خلْوَةٍ؛ فإنْ كان ثَمَّ حاجَةٌ، كالتَّخَلِّى ونحوِه، جازَ، وإنْ لم تكنْ حاجة، فالصحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يحرُم. جزَم به فى «التلْخيص». قال فى «المسْتوْعب»: وستْرُ العوْرةِ واجبٌ فى الصلاة وغيرِها. وصَحَّحه المجْدُ فى «شرحِه» ، وابنُ عبيْدان فى «مَجْمَع البَحرَيْن» ، و «الحاوِى الكبير» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . وعنه، يُكْرهُ. اخْتاره القاضى وغيره. وقدَّمه فى «الفائقِ» . وقدَّم فى «النظْم» ، أَنه غير محَرَّم، وأطْلقهما فى «الفروعِ» ، فى بابِ الاسْتِنْجاءِ، و «ابن تَميم» . وتقدم هذا أيضًا هناك. وعنه، يجوزُ مِن غيرِ كَراهة. ذكَرَها فى «النكَتِ» . وهو وَجْهٌ ذكَرَه أبو المَعالِى، وصاحب «الرعاية» . فعلى القوْلِ بالتحريمِ أوِ الكَراهةِ، لا فرقَ بينَ أنْ يكونَ فى ظلْمة، أو حمَّام، أو بحَضْرَةِ ملكٍ، أو جِنِّى، أو حَيوانٍ بهِيم أوْلا. ذكَرَه فى «الرعاية» وغيرِه. الثَّانية، يجبُ سَتْر العَوْرَةِ فى الصلاةِ عن نفْسِه وعن غيرِه، فلو صَلى فى قميصٍ واسع الجَيْبِ، ولم يزُرَّه ولا شَدَّ وسطَه، وكان بحيثُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَرى عوْرَته فى قيامِه أو ركوعه، فهو كرؤْية غيرِه فى منْع الإجْزاء. نصَّ عليه. ولا يُعتَبر ستْرُها مِن أسْفَل، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. واعتَبَرَه أبو المعالِى إنْ تَيَسَّرَ النظر. وقال فى «الرعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: فلو صلَّى على حائط، فرأى عوْرَته مَن تحت، بَطَلَتْ صلاته. انتهى. ويَكفِى فى سَتْرِها نَباتٌ ونحوه، كالحشيشِ والوَرَقِ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يكفى الحشيش مع وُجودِ ثوبٍ. ويكفِى مُتَّصِل به، كيَدِه ولحيَتِه، على الصَّحيحِ منِ المذهبِ. ونص عليه. وعنه، لا يكفى. وهى وَجْه فى «ابن تَميم» . وقد ترَدد القاضى فى «شَرح المذْهبِ» فى السترِ بلحيته، فجزم تارةً بأن السترَ بالمتصلِ ليس بستْر فى الصَّلاةِ. ثم ذكر نص أحمد، ورجَع إلى أنه ستْرٌ فى الصلاةِ. انتهى. لا يلزمه لبسُ باريَّة (1) وحَصير ونحوِهما ممَّا يضرُّه، ولا ضَفِيرةٍ. ولا يلْزَم ستْرُها بالطينِ، ولا بالماءِ الكَدرِ. جزم به فى «الكافِى» ، و «الإفاداتِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرعايةِ الصغْرى» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» . وجزَم به ابنُ الجَوزي في، والشارِح، وابنُ رزِين، فى الماءِ. وقدمه فى الطين. وقيل: يلزَمه الستر بهما. وأطْلَقَهما فى «الفروعِ» ، و «الرعايَةِ الكبْرى» . واخْتارَ ابن عقِيل، يجث بالطينِ لا بالماءِ الكدرِ. وقال المَجْدُ فى «شرحه» ، وابنُ عُبَيْدان، وصاحِبُ «الحاوِى»: أظْهر الوَجْهيْن، لا يَلْزَمُه أن يُطينَ به عوْرته. قال الشيخ تَقِىُّ الدِّين: اخْتار الآمديُّ وغيره عدم لُزومِ الاستِتارِ بالطِّينِ. قال: وهو الصَّوابُ المقْطوعُ به. وقيل: إنَّه المنصوصُ عن أحمد. انتهى. وجزَم فى «التَّلْخيصِ» ،
(1) البارية: الحصير الخشن.
وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ وَالْأمَةِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَعَنْهُ، أنَّها الْفَرجَانِ.
ــ
بأنَّه لا يلْزَمه السترُ بالماءِ. وأطْلقَ لى الطينِ الوَجهيْن. فعلى القوْلِ بوُجوبِ ستْرِها بالطين، لو طَلَى به، ثم تَناثَرَ شئٌ، لم يلْزمه إعادته، على الصَّحيحِ. وقال ابنُ أبِى الفَهم: يَلْزَمُه. وأطْلق الوَجْهيْن فى «الرعاية الكُبْرى» . تنبيه: مفْهومُ قولِه: بما لا يصِفُ البشرَةَ. أنَّه إذا كان يصِفُ البشَرةَ، لا يصحُّ السَّترُ به. وهو صحيحٌ، وهو المذهب، وعليه الأصحاب، مثلَ أنْ يكونَ خفيفًا، فيَبِينَ ين ورائه الجِلْدُ وحمرَته. فأمَّا إنْ كان يستُرُ اللَّوْنَ، ويصفُ الخِلْقة، لم يضُر. قال الأصحاب: لا يضرّ إذا وصف التقاطيع، ولا بأسَ بذلك. نص عليه؛ لمشَقة الاحتِرازِ. ونقَل مُهنَّا، تغطى حُفَّها؛ لأنه يصف قدَمَها، واحتَج به القاضى على أن القدم عوْرَةٌ.
قوله: وعوْرَة الرَّجُلِ والأمَةِ ما بينَ السُّرَّةِ والركْبَةِ. الصحيحُ ينَ المذهبِ أن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عوْرَةَ الرجُلِ ما بين السُّرةِ والركْبَةِ. وعليه جماهير الأصحابِ. نصَّ عليه في روايةِ الجماعَةِ. وجزَم به فى «الإيضاحِ» ، و «التذْكِرَة» لابنِ عَقِيل، «الإفادات» ، و «الوجيز» ، و «المُنوِّرِ» ، و «المنْتخَبِ» ، و «المذْهبِ الأحمَد» ، و «الطريقِ الأقْرَب» ، وغيرهم. وقدَّمه فى «الهِدايةِ» ، و «المذهب» ، و «مسْبوكِ الذهبِ» ، و «المسْتَوْعب» ، و «الخلاصة» ، و «الهادي» ، و «الكافي» ، و «التلخيص» ، و «البُلْغةِ» ، و «المحرَّر» ، و «الرعايتين» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «ابن تميم» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «النظم» ، و «إدراكِ الغايَة» ، و «تجْريدِ العِنايَة» وغيرِهم. واخْتاره ابنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكِرتِه» . وعنه، أنَّها الفرجان. اخْتارَها المجد «شرحه» ، وصاحِبُ «مَجمَع البحرَين» ، و «الفائقِ». قال فى «الفروع»: وهى أظْهر. وقدَّمها ابنُ رَزِين في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«شَرحه» . وقال: هى أَظْهَر. وإليها مَيْل صاحِب «النَّظْمِ» أيضًا فيه. وأما عوْرَةُ الأمَةِ، فقدم المصنفُ هنا أنَّها ما بينَ السُّرَّةِ والركبَةِ كالرَّجلِ. وهو المذهبُ. جزَم به ابنُ عقِيل فى «التذْكِرَة» ، و «المَذْهبِ الأحمَدِ» ، و «الطريقِ الأقرَبِ» . وقدمه فى «الهداية» ، و «المذهب» ، و «مَسْبُوكِ الذهب» ، و «المستوعب» ، و «الفروع» ، و «الخلاصة» ، و «التَّلْخيص» ، و «البلغة» ، و «الهادِى» ، و «ابنِ تَميم» ، و «إدراكِ الغايَةِ» ، و «مَجْمَع البحرين» . واخْتارَه ابن حامِدٍ، والشيرازى، وأبو الخطابِ، وابنُ عَقِيل، وغيرهم. وعنه، عورَتُها ما لا يظْهر غالِبًا. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخبِ» . واخْتارَه ابن عَبْدُوس فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«تَذكرَتِه» . قال فى «تجْرِيدِ العِنايَة» : وأمَةٌ، ما لا يظهر غالِبًا، على الأظْهرِ. وقدمه فى «الكافِى» ، و «المحَررِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «النظْمِ» ، و «الحاوِيَيْن» . واخْتارَه القاضى والآمِدِى، وابنُ عبَيْدان. قال القاضى فى «الجامِع»: ما عدا رأْسَها ويدَيْها إلى مِرْفَقَيْها ورجْلَيْها إلى رُكْبَتَيْها، فهو عوْرَة. قال الآمدىُّ: عوْرَة الأمةِ ما خلَا الوَجهُ، والرأسَ، والقدَمَيْن إلى أنصاف الساقَيْن، واليَدين إلى المرفقين. انتهى. وقيل: الأمَة البَرْزَة كالرجُل، بخلافِ الخَفِرَةِ. قال فى «الإفاداتِ»: والأمةُ البَرْزَةُ كالرجُلِ. والخَفِرَةُ ما لا يظْهرُ غَالِبًا. انتهى. وقيل: ما عدَا رأسَها عوْرة. اخْتارَه ابن حامِدٍ. ذكَره في ابن تَميم. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقولُ الزرْكَشِى، أن ظاهرَ كلامِ الخِرَقِىّ لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قائلَ به. غيرُ مُسَلم له. وعنه، عوْرَة الأمةِ الفرجان كالرَّجُلِ. ذكَرَها جمهورُ الأصحابِ؛ منهم أبو الخطابِ، وابنُ عَقِيلى، وابن البَنَّا، والشيرازيُّ، والحَلْوانِى، وابن الجوْزِى، والسامري، والمصنف، وصاحبُ «التلْخيص» ، و «البُلْغَةِ» ، و «ابنِ تميم» ، و «الرعايتَيْن» ، و «الحاوِييْن» ، و «الفُروع» ، وغيرهم. قال الشيخُ تَقِى الدينِ: لا يخْتلِفُ المذهبُ أن ما بينَ السترةِ والركْبَهْ مِنَ الأمة عوْرَة. قال: وقد حكَى جماعةٌ مِن أصحابِنا، أن عوْرَتَها السوْأتانِ فقط، كالرِّوايَةِ فى عوْرَة الرجلِ. قال: وهذا غلَط قيحٌ فاحِشٌ، على المذهبِ خُصوصًا. وعلى الشريعةِ عُمُوما. وكلامُ أحمد أبعد شئٍ عن هذا القَوْل. انتهى. قلتُ: قد حكَى جدُّه، وتابعَه فى «مَجْمَع البَحرَيْن» ، و «ابن عبَيْدان» ، أن ما بينَ السرةِ والرُّكبةِ منَ الأمَةِ عوْرَة إجْماعًا، ورَدَّ هذه الرواية فى «الشرحِ» وغيرِه. ويأتِى حكْم ما إذا عَتقَتْ فى الصلاةِ قرِيبًا.
فائدة: قيل: لا يُسْتحَب للأمَةِ ستْرُ رأسِها في الصَّلاةِ. وقيل: يُسْتحَبُّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قدَّمه فى «الرعايةِ» ، وأطلَقهما ابن تَميمٍ. قال الزركشِىّ: ولقد بالَغ بعضُ الأصحابِ؛ فقال: لو صلَّتْ مغطاةَ الرأس، لم يصِح. وقيل: يسْتَحَب ستْر رأس أمِّ الوَلَدِ، إن قلْنا: هى كرَجل. ذكَره فى «الرعايتين» .
تنبيهات؛ الأول، ظاهر قوْلِه: ما بينَ السرةِ والرّكْبةِ. عَدَمُ دخولِهما فى العَوْرَةِ. وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه الأصحابُ. وعنه، هما بن العَوْرَةِ. نقَلَه ابنُ عقيل وغيره. وعنه، الركْبَةُ فقط مِن العَوْرَةِ. الثَّانِى، مفْهوم قولِه: وعَوْرَة الرجلِ. أنَّ عوْرَة مَن هو دُونَ البلوغِ مِن الذكورِ، مخالِف لعوْرَةِ الرجل. وهو ظاهر كلامِ غيرِه، ولم أرَ مَن صرَّح بذلك إلَّا أبا المَعالى ابنَ المُنَجَّى، فإنَّه قال: الصَّبِى بعدَ العَشْرِ، كالبالغ. ومِنَ السبع إلى العَشْر عوْرَتُه الفَرجان فقط. وقد تقدم فى كتابِ الصلاةِ، بعدَ قولِه: ويضْرَبُ على تركِها لعَشرٍ (1) أنَّ المصَنفَ والشارِحَ قالا: يشترَطُ لصِحةِ صلاةِ الصغير ما يُشترطُ لصحَّةِ صلاةِ الكبيرِ، إلا فى سَتْرِ العَوْرَةِ. وعلَّلاه. الثالث، مفْهومُ قوله: وعَوْرة
(1) انظر: صفحة 21 من هذا الجزء.
وَالْحُرَّةُ كُلُّهَا عَوْرَة إِلَّا الْوَجْهَ، وَفِى الْكفَّيْنِ رِوَايَتَانِ.
ــ
الرَّجُلِ. أنَّ عوْرةَ الخنْثَى مخالِفَة لعَورته فى الحكْمِ. ومفْهوم قولِه: والحُرَّة كلُّها عوْرَة. أن الخنثَى مخالِف لها فى الحُكْمِ، وفيه رِوايتان؛ إحداهما، أنَّ عوْرته كغوْرَه الرجُل. وهو المذهب، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال فى «المُذهب»: هذا قول أكثرِ أصحابِنا. وصححه فى «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الكبير» والمجْدُ فى «شرحِه» ، و «مَجمع البحرَيْن». قال فى «تجْريدِ العِنايَة»: هذا الأظْهر. وجزم به فى «الإفادات» ، و «الوَجيز» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المنْتَخَب» . وقدمة فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «ابنِ تميمٍ» ، و «الشرح» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى الصغيرِ» . والرِّوايةُ الثانيةُ، عوْرَتُه كعَوْرةِ المرأةِ. اخْتارَه القاضى فى أحكامِ الخنْثَى. قال فى «الرعايةِ»: وهو أوْلَى. واخْتارَه ابنُ عقِيل. قالَه فى «المُذْهبِ» . وقدَّمه فى «المسُتَوْعِبِ» . قلتُ: وهو الأولَى والأحوَط. فعلى المذهب؛ إذا قُلْنا: العَوْرَة الفَرجان. ستَر الخنْثَى فرْجَه، وذَكَره، ودُبُره. وكل المذهبِ أيضًا، يَحتاط فيَسْتر، كالمرأةِ.
قوله: وَالحُرَّة كلُّها عَوْرَةٌ، حتَّى ظُفْرُها وَشَعَرها، إلَّا الوَجْهَ. الصحيحُ مِن المذهبِ؛ أن الوَجْهَ ليس بعَورةٍ. وعليه الأصحاب. وحَكَاه القاضى إجْماعًا. وعنه، الوَجْهُ عوْرَة أيضًا. قال الرزكَشِىُّ: أطْلق الإمامُ أحمدُ القول بأن جميعَها عوْرَة. وهو محمول على ما عدَا الوَجْهَ، أو كل غيرِ الصلاةِ. انتهى. وقال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعضُهم: الوَجْهُ عَوْرةٌ، وإنَّما كُشِف فى الصلاةِ للحاجَةِ. قال الشيخ تقِىُّ الدِّين: والتحقيقُ أنَّه ليس بعَورَةٍ فى الصلاةِ، وهو عَوْرَة فى بابِ النَّظَرِ، إذا لم يجُزِ النَّظَرُ إليه. انتهى. وهو الصوابُ.
قوله: وفى الكَفَّيْن رِوَايَتان. وأطلقَهما فى «الجامِع الصغيرِ» ، و «الهداية» ، و «المُبْهِجِ» ، و «الفُصُولِ» ، و «التذْكِرَةِ» له، و «المُذْهب» ، و «مَسْبُوكِ الذهبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الكافي» ، و «الهادي» ، و «الخُلاصة» ، و «التلخيص» ، و «البُلْغَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرح» ، و «ابنِ تميم» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ عبَيْدان» ، و «الزركَشِىِّ» ، و «المَذْهب الأحمَد» ، و «الحاوِى الصغير» ؛ إحدَاهما، هما عَوْرَة، وهى المذهبُ، وعليها الجمهورُ. قال فى «الفُروع»: اخْتارَها الأكثر. قال الزركشى: هى اخْتِيارُ القاضى فى «التّعليقِ» . قال: وهو ظاهر كلام أحمدَ. وجزم به الخِرَقي. وفى «المُنَوِّر» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «الطريقِ الأَقْربِ» . وقدَّمه فى «الإيضاحِ» ، و «الرعايةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، و «وإدرَاك الغايةِ» ، و «الفروع» . والروايةُ الثَّانية، ليستا بعَوْرَةٍ. جزَم به في «العمدَة» ،
وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمعتَقُ بَعضُها كَالأمَةِ. وَعَنْهُ، كَالْحُرَّةِ.
ــ
و «الإفادات» ، و «الوَجيز» ، و «النِّهايَةِ» ، و «النَّظمِ» . واخْتارَها المَجْدُ فى «شرحه» ، وصاحبُ «مجْمع البَحرَيْن» ، وابنُ مُنَجَّى، وابنُ عبيدان، وابن عبْدوس في «تذكِرَتِهِ» ، والشيخُ تقِى الدينِ. قلت: وهو الصَّوابُ. وقدَّمه فى «الحاوِى الكبيرِ» ، وابن رزِينٍ فى «شَرحِه» . وصَحَّحه شيخُنا فى «تَصحيحِ المُحررِ» . تنبيهان؛ أحَدهما، صرَّح المُصَنِّف، أنَّ ما عَدا الوَجْهَ والكفيْن عوْرَةٌ. وهو صحيح. وهو المذهب، وعليه الأصحاب. وحَكاه ابن المنْذِرِ إجْماعًا في الخمارِ. واخْتارَ الشيخُ تَقِى الدينِ، أن القدَمَيْن ليسا بعَوْرَةٍ أيضًا. قلت: وهو الصَّوابُ. الثانى، قد يُقال: شمِلَ قوله: والحرَّة كلها عَوْرَة. المُميزةَ المرُاهِقَةَ. وهو قول لبعض الأصحابِ فى المراهقَةِ. وهو ظاهر كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ فيها. قال فى «النُّكَتِ» : وكلامُ كثير مِنَ الأصحابِ يَقْتَضِى أنها كالبالغةِ فى عوْرة الصَّلاة. وجزَم المصنف فى «الْمغْنِى» فى كتابِ النكاحِ، والمجْدُ فى «شرحِه» ، وابن تميم، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «الحاوِى الكبيرِ» ، و «مجْمَعِ البحرَيْن» ، وابن عُبَيْدان، أن المراهقَةَ كالأمةِ. وقدمه الزرْكَشىّ. قال فى «الفروعِ»: قال بعضهم: ومراهِقَةٌ. وقال بعضُهم: ومُميزة كأمَةٍ. نقَل أبو طالبٍ، فى شعَرٍ وساقٍ وساعِدٍ، لا يجب شره حتى تحِيضَ. قال فى «الرعايتيْن» ، و «الحاوى الصغير» ، وقيل: المُميزة كالأمَةِ. وقال أبو المَعالى: هى بعدَ تِسع كبالغ. ثم ذُكِر عنِ الأصحابِ، إلَاّ فى كشْفِ الرَّأس، وقبلَ التِّسْع، وبعد السبَّعَ، الفَرْجان، وأنَّه يجوز نظر ما سوَاهُما. انتهى. قوله: وأُمُّ الوَلَد والمُعتَق بعضُها كالأمَةِ. أما أُمُّ الوَلدِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّها كالأمَةِ فى حكْم العَوْرَةِ. وعليه أكثر الأصحابِ. قال الزركَشِى: هى اخْتِيارُ الأكثَرين. قال فى «مَجمع البحرَيْن» : هذا أقْوَى الروايَتَيْن. وصحَّحه ابنُ تَميمٍ، والنَّاظِمُ، واخْتاره الخِرَقِى، وابنُ أبى موسى، والقاضى، وابنُ عَبْدوس فى «تَذكرَيه» . وقدمه فى «الكافِى» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «تجْريدِ العنايَةِ» ، و «المحرَّر» ، و «النهايةِ» ، و «نَظْمِها» . وجزَم به فى «العمدة» ، و «الوَجيزِ» ، و «المنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخب» . وعنه، كالحُرَّةِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به في «الإفادات» . وقدمه فى «الهدايةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مسَبوكِ الذَّهبِ» ، و «الخلاصَةِ» ، و «ابنِ تمْيمٍ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاويَين» ، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «التَّلْخيص» ، و «البُلْغةِ» . وهو مِن المفرَداتِ. وأطْلقهما فى «المُسْتَوعبِ» ، و «المَذْهبِ الأحمَد» ، و «الهادِى» ، و «ابن عبَيْدان» . وأما المعتَقُ بعضها؛ فالصَّحيح مِنَ المذهبِ، أنها كالأمَةِ أيضًا. كما قدَّمه المُصَنِّف هنا. قال ابن تميم: هى كالأمَةِ على الأصَح. وجزم به فى «العمدة» . وقدَمه فى «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . وعنه، كالحُرّة. جزَم به فى «الإفاداتِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المنْتخبِ» . وقدمه فى «الهِداية» ، و «المذهب» ، و «الرعايتيْن» ، و «الحاويَين» ، و «ابنِ تميم» ، وابنُ رَزِين فى «شرحِه» . قال فى «المُحَررِ» ، و «مسْبوكِ الذهبِ» ، و «مَجْمَع البحرين»: والمعتَق بعضُها كالحرَّة، على الأصَحِّ. قال المَجْدُ فى «شرح الهدايَة»: الصحيح أن المُعتَقَ بعضُها كالحُرةِ. قال الناظِم: هذا أولَى. قال الزركَشِى: هذا الصَحيحُ مِن المذهبِ. قال فى «تَجْريدِ العنايَة» : هذا الأظهرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهذه الرِّواية مِنَ المفْرَدَات. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المَذهب الأحمد» ، و «الهادِى» ، و «التلْخيص» ، و «البلْغة» ، و «ابنِ عبَيْدان» .
فائدة: المُكاتَبَة، والمُدَبَّرَة، والمُعَلَّقُ عِتْقُها على صِفَةٍ، كالأمَةِ، على
وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أن يُصَلِّىَ فِى ثَوْبَيْنِ،
ــ
الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، كالحُرَّة. وعنه، المُدَبرة كأم الوَلد. وقال ابن البنا: هى كأُمَّ الوَلد.
قوله: ويسْتحب للرجُلِ أن يصَلىَ فى ثَوْبَيْن. بلا نِزاع. بل ذكَره بعضهم
فَإنِ اقْتَصَرَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ أجْزَأهُ، إذَا كَانَ عَلَى عَاتِقِهِ شَئٌ مِنَ اللِّبَاسِ.
ــ
إجْماعًا، لكنْ قال جماعة مِن الأصحابِ: مع سَتْرِ رأسه، والإمام أْبلَغُ. قوله: فإنِ اقْتَصَرَ على سَتْرِ العَوْرَةِ أجْزَأهُ، إذا كان على عاتِقِه شَىْء مِنَ اللِّباس. الصَّحيح مِنَ المذهب؛ أنَّ سَتَر المَنْكِبيْن فى الجماعَةِ شرطٌ فى صِحةِ صلاةِ الفرض، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. قال القاضى: عليه أصحابنا. قال المصَنف، والشَّارح، وصاحِبُ «الفروع» ، وغيرُهم: هذا ظاهرُ المذهب، وهو مِنَ المُفرَداتِ. وعنه، ستْرُهما واجبٌ لا شرط. وهو مِن المُفْرداتِ أيضًا. وعنه، سنَّةٌ. وقدمه النَّاظِمُ. قال الزركَشىُّ: وخرجَ القاضى، ومن وافقَه، صحَّة الصَّلاةِ مع كشْفِ المنْكِبَيْن، وأبَى ذلك الشيخان. وأمّا فى النفلِ، فقدَّم المصُنف أنه لا تُجْزِئُه إذا لم يكنْ على عاتِقِه شئ مِن اللباس، فهو كالفَرضِ. وهو إحدى الروايتَيْن. وجزَم به الخِرَقى. قال فى «الإفاداتِ»: وعلى الرَّجُلِ القادرِ ستْرُ عوْرَته ومَنْكِبَيْه، وأطْلق. وكذا قال فى «المَذْهبِ الأحمَدِ». وقال القاضى: يُجزِئُه ستْرُ العَوْرَة فى النَّفْل، دُونَ الفرض. وهو الرِّواية الأخْرى. نص
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليها في روايةِ حَنْبَلٍ. وهو المذهبُ. قال المَجْدُ في «شرحِه» ، و «مَجْمَعِ البَحْريْن» ، و «الحاوِي الكبيرِ» ، والزَّرْكشِيُّ، وابنُ عُبَيْدان وغيرُهم: هذه المشْهورةُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتوْعِبِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغة» ، و «إدْراكِ الغايَة» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» وغيرِهم، لاقْتِصارِهم على وُجوبِه في الفَرْضِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «المُغْنِي» ، و «النَّظْمِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايتَيْن» . وصَحَّحه في «الحاوِي الصَّغيرِ» ، وشيخُنا في «تصْحيح المُحَرَّرِ» . وأطْلَقَهما في «الفروعِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» ، و «الحاوِي الكبيرِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «ابنِ عُبَيْدان» . تنبيهات، أحَدُها، ظاهرُ قوله: إذا كان على عاتِقِه شئٌ منَ اللِّباس. أنَّه يُجْزِئ اليسيرُ الذى يصْلُحُ للسَّتْرِ. وهو ظاهرُ الخِرَقيِّ. واخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والمَجْدِ في «شرحه» ، وصاحِب «مَجْمَع البَحْرَيْن» ، و «ابنِ عُبَيْدان» . والصَّحيحُ فيَ المذهبِ، أنَّه يجِبُ سَتْرُ الجميع. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطابِ، وابن عَقِيلٍ. وقدَّمه في «الفروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايَة الكُبرى». وقال بعضُ الأصحابِ: يجزئُ، ولو بحَبْلٍ أو خيْطٍ. وهو روايةٌ في «الوَاضِحِ» . ونسَبَه أبو الخطابِ في «الهِدايةِ» ، وابن الجَوْزِيُّ في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوك الذَّهَبِ» ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ» ، إلى أكثَرِ الأصحاب. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» . الثَّاني، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يكْفِي ستْرُ أحَدِ المَنْكِبَيْن. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. نصَّ عليها في روايةِ مُثَنَّى بنِ جامِعٍ، وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ في «شَرْحِه» ، وابنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عُبَيدان. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيين» ، و «الفائقِ» ، و «مَجْمَعِ
البَحْرَيْن»، و «ابن تميمٍ» ، و «الإِقْناعَ» . وجزم به في «الوَجيزِ» ،
و «المُنْتَخَبِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعنه، لابُد من
وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْزِئُهُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ.
ــ
سَتْرِ المَنْكبَيْن. وهما عاتقاه. اخْتارَه القاضي، وجماعَته، وصَحَّحه الطُّوفِيُّ في «شَرْحِ الخِرَقيِّ» . وجزَم به في «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الإفاداتِ» . ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا؛ لأنَّ عاتِقَه مُفْرَّدٌ مُضافٌ، فَيَعُمُّ. وأطْلقَهُمَا في «الفروعَ» .
وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأة أَنْ تُصَلِّيَ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَمِلْحَفَةٍ، فَإنِ اقْتَصَرَتْ عَلَى سَتْرِ عَوْرَتِهَا أَجْزَأَهَا.
ــ
[الثَّالثُ، قوله: ويُسْتَحَبُّ لِلمَرأةِ أن تُصَلِّيَ فيِ دِرْعٍ وخِمارٍ ومِلْحَفَةٍ. يعْنى الحُرَّةَ. وأما الأمَةُ، فتقدَّمَ ما يُستحَبُّ لُبْسُه لها في الصَّلاةِ](1).
(1) زيادة من: 1.
وَإذَا انْكَشَفَ مِنَ الْعَوْرَةِ يَسِيرٌ لا يَفْحُشُ فِي النَّظرِ، لَمْ تَبْطُلْ صَلاتُهُ،
ــ
قوله: وإذا انْكشفَ مِنَ العَوْرَةِ يسيرٌ لا يَفحُشُ في النَّظَرِ، لم تَبْطُلْ صلاتُه. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ، منهم صاحبُ «الهِدايَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المسْتَوْعِبِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» ، و «الإِفاداتِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخبِ» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، ونصَراه، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ تَميمٍ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المشْهورُ والمُخْتارُ للأصحاب. وعنه، يبْطُلُ. اخْتارها الآجُريُّ. ويقْتَضِيه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كلامُ الخِرَقِيِّ. وأطْلقَهما في «الرِّعايتيْن» ، و «الفائقِ» ، و «الحاوِيَيْن» . وعنه، يبْطُلُ في المُغَلَّظَةِ فقط. وقالَه ابنُ عَقِيل. وجزم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» أَيضًا. وقدَّر ابنُ أبِي موسى العَفْوَ بظُهورِ العَوْرَةِ في الرُّكوع فقط. وغيرُه أطْلقَ.
تنبيه: ظاهرُ قوله: إذا انْكشَفَ. أنَّه إذا انْكشَفَ من غير قَصْدٍ. وهو محَلُّ الخِلافِ. أمَّا لو كُشِفَ يسير مِنَ العَوْرةِ قَصْدًا، فإنَّه يُبْطِلُها، على الصَّحيحِ منَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقالَه القاضي. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن». وقيل: لا يُبْطل. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ في «مُختصَرِه» .
فائدتان، إحْدَاهما، قدْرُ اليَسيرِ ما عُدَّ يسِيرًا عُرْفًا، على الصَّحيحِ منَ المذهبِ. وقال بعضُ الأصحابِ: اليَسيرُ مِنَ العَوَّرةِ ما كان قدْرَ رأْسِ الخِنْصَرِ. وجزَم به في «المُبْهِجَ» ، ثم قال ابنُ تَميمٍ: ولا وَجْهَ له، وهو كما قال. الثَّانية،
وَإِنْ فَحُشَ بَطَلَتْ. وَمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ، أَوْ مَغْصُوُبٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. وَعَنْهُ، تَصِحُّ مَعَ التَّحْرِيمِ.
ــ
كشْفُ الكثيرِ مِنَ العَوْرةِ في الزَّمَن القَصيرِ، كالكشْفِ اليسيرِ في الزَّمَنِ الطويلِ، على ما تقدَّم على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ هنا، وإنْ صَحَّحْناه هناك. وقيل: إنِ احْتاجَ عمَلًا كثيرًا في أخْذِها، فوَجْهان. وأطْلَقَ في «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيين» الخِلافَ في كشْفِ اليَسيرِ مِنَ العوْرَةِ. وجزَم به في «الرِّعايتين الصُّغْرى» ، و «الحاوِييْن» . وقدَّمه في «الكبْرى» ، بالعَفْوِ عنِ الكَشْفِ الكثير في الزَّمَن اليَسير.
قوله: ومَن صلَّى في ثَوْبِ حريرٍ، أو مَغْصُوبٍ، لم تَصِحَّ صَلاتُه. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، يصِحُّ مع التَّحْريمِ. اخْتارَها الخَلَّالُ، وابنُ عَقِيل في «الفُنونِ» . قال ابن رَزِينٍ في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«شَرْحِه» : وهو أظْهَرُ. وقيل: تصِحُّ مع الكَراهَةِ. وأطْلَقَهما ابن تَميمٍ. وعنه، لا تصِحُّ مِن عالم بالنَّهْيِ، وتصِحُّ بن غيرِه. وقيل: لا تصِحُّ إنْ كان شعَارًا، يعْنى يَلِي جسَدَه. واخْتاره ابنُ الجَوْزِي في «المذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقيل: إذا كان قدْرَ سَتْرِ عَوْرَةٍ، كسَراوِيلَ وإزارٍ. وقيل: تصِحُّ صلاة النَّفْلِ دونَ غيرِها. وذكرَ أبو الخَطَّاب في بحْثِ المسْألةِ، أنَّ النَّافِلةَ لا تصِح بالاتِّفاقِ. قال الآمِدِيُّ: لا تصِحُّ صلاة النَّفْلِ، قولًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واحدًا. فهذه ثلاث طُرُقٌ في النَّافلةِ. ذكَرَها في «النُّكَتِ» ، ويأتِي نظيُرها في الموْضِع المغْصُوبِ. وقال في «الفائقِ»: والمُخْتارُ وَقْفُ الصِّحَّةِ على تحْليلِ المالِكِ في الغَصْب. وقد نصَّ كل مثلِه في الزَّكاةِ والأُضْحِيةِ. قال في «الفُروعِ» : وعنه، يقفُ على إجازَةِ المالكِ. ويأْتى الكلامُ في النَّفْلِ قريبًا بأَعَمَّ مِن هذا.
فائدة: لو لَبِسَ عِمامةً مَنْهِيًّا عنها، أو تِكَّةٌ، وصَلَّى فيها، صَحَّتْ صلاتُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. وقيل: لا تصِحُّ. وجزم به في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُذْهَبِ» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قالَه في «القواعِدِ» . وعنه، التَّوَقُّفُ في التِّكَّةِ. ولو صلَّى وفي يَدِه خاتمُ ذهَبٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو دُمْلُجٌ، أو في رِجْلِه خُفٌّ حَرير، لم تَبْطُلْ صلاتُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكرَ ابن عَقِيلٍ في «التَّبْصِرَةِ» احتِمالًا، في بُطْلانِها بجميع ذلك، إنْ كان رجُلًا. وقيل: تصِحُّ مع الكراهَةِ. قال في «الفروعِ» : وهو ظاهرُ كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ» . وفيه نظرٌ. وقال أبو بَكْرٍ: إذا صلَّى وفي يَدِه خاتَمُ حديدٍ أو صُفْرٍ، أعادَ صَلَاتَه.
فائدة: لو لم يجِدْ إلَّا ثوبَ حَريرٍ، صلَّى فيه، ولم يُعِدْ، على الصَّحيح مِن المذهبِ. وقل: يصَلِّي ويُعيدُ. قال المَجْدُ، وتَبِعَه في «الحاوِي الكبير»: فأمَّا الحريرُ إذا لم يجِدْ غيرَه، فيُصَلِّي فيه ولا يُعيدُ. وخرَّج بعْضُ أصحابِنا الإعادةَ على الرِّوايتَيْن في الثَّوْب النَّجِس. قال: وهو وهْمٌ؛ لأن عِلَّةَ الفَسادِ فيه التَّحْريم. وقد زالَتْ في هذه الحالِ إجْماعًا، فأشْبَهَ زوالها بالجهْلِ والمَرض. انتهى. ولو لم يجِدْ إلَّا ثوْبًا مغْصُوبًا، لم يُصَلِّ فيه، قولًا واحدًا. وصلَّى عُرْيانًا. قالَه الأصحابُ. فلو خالف وصلَّى، لم تصِحَّ صلاُته، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لارْتِكابِ النَّهْيِ. وقل: تصِحُ.
فائدة: حُكمُ النَّفْلِ فيما تقدَّم حُكمُ الفَرْضِ، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهب. وعليه جماهير الأصحابِ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقيلَ: يصِحُّ في النَّفْلِ، وإنْ لم نُصَحِّحْها في الفَرْضِ؛ لأنَّه أخَفُّ. قال في «الفروعِ»: ونفْلُه كفَرْضِه كَثَوْبٍ نَجِسٍ. وقيل: يصِحُّ؛ لأنَّه أخف. وذكَر القاضي وجماعةٌ، لا. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: مَن صلَّى نفْلًا في ثَوْبٍ مَغْصوبٍ ونحوِه، أو في موْضِعٍ مَغْصوبٍ ونحوِه، صَحَّتْ صلاتُه. ثم قال: قلتُ: فإنْ كان معه ثوْبان، نَجِسٌ وحريرٌ، ولا يجِدُ غيرهما، فالحريرُ أوْلَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ منها، لو جَهِل أو نَسِيَ كوْنَه غصْبًا أو حرِيرًا، أو حُبِس في مَكانٍ غَصْبٍ، صَحَّتْ صلاتُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكرَه المَجْدُ إجْماعًا، وعنه، لا تصِحُّ. وأطْلق القاضي في حَبْسِه بغَصْبٍ، رِوايتَيْن، ثم جزَم بالصَّحَّةِ في ثَوْبٍ يُجْهَل غصْبُه لعدَمِ إثْمِه. قال في «الفروعِ»: كذا قال. ومنها، لا يصِحُّ نَفْل الآبِقِ، ويصِحُّ فْرضُه. ذكرَ ابن عَقِيلٍ، وابن الزَّاغُونِيِّ، وغيرهما. وقدَّمه في «الفروعِ»: غيرِه؛ لأنَّ زمَنَ فرْضِه مُستَثْنًى شَرْعًا، فلم يَغْصِبه. وقال الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ: بُطْلان فرْضِه قَوِيٌّ. وظاهرُ كلام ابنِ هُبَيْرَة، صِحَّة صلاته مُطْلقًا، إنْ لم يسْتَحِلَّ الإِباقَ. ومنها، تصِحُّ صلاة مَن طُولِبَ بردِّ ودِيَعَةٍ، أو غَصْب، قبلَ دَفْعِها إلى رَبِّها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِيِّ عن طائفةٍ بنَ الأصحابِ، أنَّها لا تصِح. وقال في «الفروعِ»: ويتَوَجَّهُ مثلَ المسْألةِ مَن أمَره سيِّدُه أنْ يذْهَبَ إلى مكانٍ فخالَفه وأقامَ. ومنها، لو غَيَّرَ هيْئَة مسْجدٍ، فكَغَيْره مِن المغْصوبِ. وإنْ منَعَه غيرُه. وقيل: أو رحَمَه وصلَّى مكانَه، ففي الصِّحَّة وجْهان. وأطْلقَهما في «الفروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ». قال في «الفُروعِ»: وعدَمُ الصِّحَّةِ فيها أوْلَى، لتَحَرْيم الصَّلاةِ فيها. وقدَّم في «الرِّعايَةِ» الصِّحَّةَ مع الكَراهَةِ. قال في «الفائقِ»: صحَّتْ في أصَحَّ الوَجْهَيْن. وصحَّحه المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ». وقال الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ: الأقْوى البُطْلان. ومنها، يصِحُّ الوُضوء، والأذانُ، وإخْراجُ الزَّكاةِ، والصَّوْمُ، والعَقْدُ في مكانٍ غَصْبٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: هو كصلاةٍ. ونَقَله المَرُّوذِيُّ وغيره في الشِّراءِ. ومنها، لو تَقَوَّى على أداءِ عِبادةٍ بأكْلِ مُحَرَّمٍ، صَحَّتْ. وقال أحمدُ، في بِئْر حُفِرَتْ بمالٍ غَصْبٍ: لا يتَوضَّأُ منها. وعنه، إنْ لم يجِدْ غيرَها، لا أدْرِي. ويأتِي إذا صلَّى على أرْضٍ غيره أو مُصَلَّاه، في البابِ الآتِي بعدَ قولِه: ولا تصِحُّ الصَّلاةُ في الموْضِع المغْصُوبِ.
وَمَنْ لمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا، صَلَّى فِيهِ وَأعَادَ عَلَى الْمَنْصُوصِ.
ــ
قوله: ومَن لم يجِدْ إلَّا ثوبًا نَجِسًا، صَلِّى فيه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا تصِحُ فيه مُطْلقًا. بل يُصَلِّي عُرْيانًا، وهو تخْريجٌ للمَجْدِ في «شرْحِه» . واخْتاره في «الحاوِي الكَبير» . وعنه، إنْ ضاقَ الوقت، صلَّى فيه، وإلَّا فلا. وقيل: لا تصِحُّ الصَّلاة فيه مُطْلقًا مع نَجاسَةٍ عيْنِيَّةٍ، كجِلْد المَيْتةِ، فيُصَلَّى عُرْيانًا. قاله ابن حامدٍ.
فائدة: حيثُ قلْنا: يصَلِّي عُرْيانًا. فإنَّه لا يُعيدُ، على الصَّحيحِ. وقيل: يُعيدُ.
قوله: وأعادَ على المنْصُوصِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الجمهورُ، وجزَم به في «الوَجيزِ» ، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويَتَخَرَّجُ أنْ لا يُعيدَ. وجزَم به في «التَّبْصِرةِ» ، و «العُمْدَةِ» . واخْتارَه جماعةٌ، منهم
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يُعِيدَ، بِنَاءً عَلَى مَنْ صَلَّى فِي مَوْضِع نَجِسٍ، لَا يُمْكنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، فَإنَّهُ قَالَ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ.
ــ
المُصَنِّفُ، والمجْدُ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبير» ، و «مَجْمَع البحْرَيْن» ، وابن مُنَجَّى في «شَرْحِه» ، وغيرُهم. وذكَره في «المذْهَبِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، وغيرِهما رِوايةً. وأطْلَقَهما في «المذْهَبِ» ، و «ابنِ تميمٍ» .
تنبيه: قوله: ويتَخرَّجُ أنْ لا يُعِيدَ. بِناءً على من صلَّى في موْضِع نَجِسٍ لا يُمْكِنُه الخُروجُ منه، فإنَّه قال: لا إعادةَ عليه. فمِمَّن خرَّج عَدَمَ الإعادةِ؛ أبو الخطَّابِ في «الهِدايةِ» ، وصاحبُ «التَّلْخيص» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايتيْن» ، و «الحاويين» ، وغيرهم. قال ابنُ مُفْلِح في «أُصُولِه»: سَوَّى بعضُ أصحابنا بين المسْأَلَتَيْن. ولم يُخَرِّجْ طائفةٌ مِنَ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ» : وهو أظْهَرُ لظُهورِ الفرْقِ بينَهما. وكذا قال في أُصولِه. وأكثرُ من خرَّج خُروجَها ممَّن صلَّى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ، كما خرجه المُصَنِّفُ هنا. وخرَجَها القاضي في «التَّعْليقِ» مِن مسألَةِ مَن عدِمَ الماء والتُّرابَ. وأمَّا مَن صلَّى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ لا يُمْكِنُه الخروجُ منه، فإنَّه لا إعادةَ عليه، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. وخرَّج الإعادةَ مِنَ المسْألةِ التى قبلها. ولم يُخَرِّجْ بعضُهم. قال في «الفُروعِ» ، و «الأُصُولِ»: وهو أظْهَرُ، واعلمْ أن مذهبَ الإمامِ أحمدَ، هو ما قالَه أو جرَى منه مَجْرَى القوْلِ، مِن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَنْبِيهٍ أو غيرِه.
وفي جوازِ نِسْبَتِه إليه مِن جهِة القِياسِ، أو مِن فِعْلِه، أو مِن مفْهوم كلامه، وَجْهان للأصحابِ. فعلى القولِ بأن ما قِيسَ على كلامِه مذهَبُه؛ لو أَفْتَى في مسْألتَيْن مُتَشابِهَتَيْن بحُكْمَيْن مُخْتلِفَيْن في وَقْيَتْن، لم يَجُزِ النَّقْل والتَّخْريجُ مِن كلِّ واحدةٍ منهما إلى الأُخْرَى، كقولِ الشَّارِعِ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ في «التَّمْهِيدِ» وغيرِه. وقدَّمه ابنُ مُفْلِحٍ، في «أُصولِه» ، والطُّوفِيُّ في «أُصُولِه» ، و «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ». وجزَم به المُصَنِّفُ في «الرَّوْضَةِ». وذكَر ابن حامدٍ عن بعض الأصحابِ الجوازَ. قال الطُّوفِيُّ في «أُصُولِه»: والأَوْلَى جوازُ ذلك، بعدَ الجدِّ والبحْثِ مِن أَهْلِه. وجزَم به في «المُطلِعِ». وقدِّمه في «الرِّعايتَيْن». قلتُ: كثيرٌ مِنَ الأصحابِ، مُتَقدِّمِهم ومُتَأَخِّرِهم، على جوازِ النَّقْلِ والتَّخْريجِ، وهو كثيرٌ في كلامِهم في المُخْتَصَراتِ والمُطَوَّلاتِ، وفيه دليلٌ على الجوار. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» في خُطبَةِ الكتابِ. فعلى الأوَّلِ، يكونُ هذا القوْلُ المُخَرَّجُ وجهًا لمن خرَّجَه. وعلى الثَّانِي، يكون رِوايةٌ مُخَرَّجَةً، على ما يأْتِي بَيانُه وتحْريرُه آخِرَ الكتاب، في القاعدَةِ. وكذا لو نصَّ على حُكم في المسْأَلَةِ، وسكَت عن نظِيرَتِها، فلم ينُصَّ على حُكْم فيها، لا يجوزُ نقْلُ حُكْمِ المنْصوص عليه إلى المَسْكوتِ عنه، بل هنا عدَمُ النَّقْلِ أوْلَى. قالَه الطُّوفِيُّ في «مُخْتَصَرِه» وغيرِه. وقال في «شَرْحِه»: وقِياسُ الجوازِ في التى قبلَها، نقْلُ حُكْمِ المنصوص عليه إلى المَسْكوتِ عنه، إذا عُدِمَ الفَرْقُ المُؤثرُ بينَهما بعدَ النَّظَر البالغِ مِن أَهْلِه. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ فيها، وعليه العَمَلُ عندَ أكثرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ. فالمسَألةُ الأُولَى لا تكونُ إلَّا في نَصَّيْن مُخْتلفَيْن في مسْألتَيْن مُتَشَابِهَتيْن، وأمَّا التَّخْريجُ وحدَه، فهو أعَمُّ؛ لأنَّه مِنَ القَواعدِ الكُلِّيَّة التى تكونُ مِن الإمامِ أوِ المُشَرِّعِ (1)؛ لأنَّ حاصِلَه أنَّه بَنَى فَرْعًا على أصْلٍ بجامعٍ مُشْتركٍ.
فائدة: إذا صلَّى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ لا يُمْكِنُه الخروجُ عنه، فإنْ كانتِ النَّجاسَةُ رَطْبَةً، أوْمَأَ غاية ما يُمْكِنُه، وجلَس على قدَمَيْه، قتولًا واحدًا. قالَه ابنُ تَميمٍ وجزم به في «الكافِي» . وإنْ كانتْ يابسَةً، فكذلك. قال في «الوَجيزِ»: ومَن مَحَلُّه نَجِسٌ بضَرُورَةٍ، أوْمَأ، ولم يُعِدْ. وقدَّمه في «المُسْتوْعِبِ». فقال: يُومِئُ بالرُّكوعِ والسُّجودِ. نصَّ عليه. وقدمه في «الرِّعايَةِ الكبْرى» . قال ابنُ نَصْرِ اللهِ، في «حَواشِي الفُروعِ»: أصحُّ الرِّوايتَيْن أنَّه كمَن صلَّى في ماءٍ وطينٍ. قال القاضي: يُقَرِّبُ أعْضاءَه مِنَ السُّجودِ، بحيث لو زادَ شيئًا لمَسَتْه النَّجاسَة، ويجْلِسُ على رِجْلَيْه، ولا يضَعُ على الأرْضِ غيرَهما. وعنه، يجْلِسُ ويسْجُدُ بالأرْضِ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ»: هي الصَّحيحة. وهي ظاهرُ ما جزَم به في «الكافِي» . وأطْلقَهما في «الفُروعِ» ، و «ابن تَميمٍ» ، و «المُذْهَبِ» .
(1) في أ: «الشرع» .
وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ سَتَرَهَا،
ــ
قوله: ومَن لم يَجدْ إلَّا ما يسْتر عَوْرَتَه سَتَرَها. إنْ كانتِ السُّتْرةُ لا تكفِي إلَّا العَوْرةَ فقط، أو مَنْكِبَيْه فقط، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يسْتر عوْرَتَه، ويصلِّي قائمًا، وعليه الجمهورُ، وهو ظاهرُ كلام المصنِّفِ هنا. وقال القاضي: يسْتُرُ مَنْكبَيْه ويصلِّي جالسًا. قال ابنُ تَميمٍ: وهو بعيدٌ. قال ابن عَقِيل: هذا محْمولٌ على سُتْرةٍ تتَّسِعُ أنْ يتْرُكَها على كتِفَيْه ويشُدَّها مِن ورائِه فتَسْتُر دُبُرَه، والقُبُل مسْتورٌ بضَمِّ فَخِذَيْه عليه، فَيحْصلُ ستْرُ الجميع. انتهى. وهذا القوْلُ مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلقَهما في «البُلْغةِ» . وإنْ كانتِ السُّتْرةُ تكْفِي عوْرتَه فقط، أو تكْفِي مَنْكِبَيْه وعَجُزَه فقط، فظاهرُ كلامِ المصنِّفِ هنا أَيضًا، أنَّه يسْتُر عوْرتَه، ويصلِّي قائمًا، وهو أحدُ القوْلَيْن. وظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ» ، واخْتاره المَجْدُ في «شَرْحِه» وصاحبُ «مَجْمَع البَحْرَين» ، وصحَّحَه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يسْترُ
فَإنْ لَمْ يَكْفِ جَمِيعَهَا سَتَرَ الْفَرْجَيْنِ،
ــ
مَنْكِبَيْه وعَجُزَه، ويصلِّى جالِسًا. نصَّ عليه. وجزَم به في «المسُتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الإفاداتِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِي الصَّغيرِ» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايِة الكُبْرى» ، و «ابنِ عُبَيْدان» ، وغيرِهم.
قوله: فإنْ لم يَكْفِ جَميعَها ستَر الفَرْجَيْنِ. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وعلى قولِ القاضي، يسْتُرُ منكِبَيْه، ويصلِّي جالِسًا.
فَإِنْ لَمْ يَكْفِهمَا جَمِيعًا سَتَرَ أَيُّهُمَا شَاءَ، وَالْأَوْلَى سَتْرُ الدُّبُرِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقِيلَ: الْقُبُلُ أوْلَى.
ــ
قوله: فَإنْ لم يكْفِهما جميعًا ستر أيُّهما شاءَ. بلا نِزاعٍ أعْلمُه، والخِلاف إنَّما هو في الأوْلَوِيَّةِ.
قوله: والأوْلَى سَتْر الدُّبُر، على ظاهِرِ كلامِه. وهو المذهبُ. صحَّحه المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ». قال في «تجْريدِ العِنايَةِ»: ستَرُه على الأظْهَرِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «الهادِي» ، و «الإفادات» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «ابنِ تميمٍ» ، و «الفائقِ» ، و «الحاوِي الصَّغيرِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «الشَّرْحِ». وقيل: القُبُلُ أوْلَى. وهو روايةٌ حَكاها غيرُ واحدٍ. قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إلى ذلك. وأطْلَقَهما في «المُستَوْعِبِ» ، و «الكافِي» . وقيل بالتَّساوِي. قال في «العُمْدَةِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»: فإنْ لم يكْفِهما ستَر أحدَهما، واقْتصرا عليه. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، وأطْلَقَهُنَّ في «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغةِ». وقيل: ستْرُ أكثرِهما أوْلَى. واخْتارَه في «الرِّعايِة الكُبْرى» .
وَإِنْ بُذِلَتْ لَهُ سُتْرَةٌ، لَزِمَهُ قَبُولُهَا، إذَا كَانَتْ عَارِيَّةً.
ــ
قلت: لو قيل على هذا بالوُجوبِ، لكان له وَجْهٌ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ» .
قوله: وإنْ بُذِلَتْ له سُتْرَةٌ، لَزِمَه قَبولُها، إذا كانت عارِيَّةً. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: لا يلْزَمُه.
فائدتان، إحداهما، لو وُهِبتْ له سُتْرةٌ، لم يلْزَمْه قَبُولُها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو ظاهر كلامِ المصنِّفِ هنا. وقيل: يَلْزَمُه. وهو ظاهرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ الثَّانية، يَلْزَمُه تحْصيلُ السُّتْرَةِ بقيمَةِ المِثْل، والزِّيادةُ هنا على قِيمَةِ المِثْلِ مثل الزِّيادةِ في ماءِ الوضوءِ، على ما تقدَّم في بابِ التَّيَمُّمِ.
فَإنْ عَدِمَ بِكُلِّ حَالٍ صَلَّى جَالِسًا يُومِئُ إيمَاءً، فَإنْ صَلَّى قَائمًا جَازَ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا وَيَسْجُدُ بِالأرْضِ.
ــ
قوله: فإنْ عَدِمَ بكلِّ حالٍ، صَلَّى جالِسًا، يُومِئُ إيماءً، فإِنْ صَلَّى قَائمًا، جاز. صرَّح بأنَّ له الصَّلاةَ جالسًا وقائمًا. وهو المذهُب، وإذا صلَّى قائمًا، فإنَّه يْركعُ ويسجُدُ. وهو المذهبُ. وقُوَّةُ كلامِه، أنَّ الصَّلاةَ جالِسًا أوْلَى، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكشِيُّ: عليه عامَّةُ الأصحابِ، وهو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، في رِوايةِ الأثْرَمَ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابن تَميمٍ» ، وغيرِهم، وجزَم به في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقيل: تجِبُ الصَّلاةُ جالِسًا والحالةُ هذه. وهو ظاهر كلامِ الإمامِ أحمدَ، في روايةِ أبِي طالِبٍ، فإنَّه قال: لا يصَلُّون قِيامًا، إذا رَكَعُوا وسَجَدُوا، بدَتْ عوَراتُهم،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعنه، أنَّه يصلِّي قائمًا ويسْجُدُ بالأرْضِ. يعْنى، يلْزَمُه ذلك. اخْتارَها الآجُرِّيُّ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ» وغيُرهما. وقدَّمه ابن الجَوْزِيِّ. قالَه في «الفروعِ». وقوْل الزَّرْكَشِيِّ: وأمَّا ما حكاه أبو محمدٍ في «المُقْنِعِ» ، مِن وجوبِ القِيامِ، على رِوايةٍ، فمُنْكَر لا نعْرِفُه، لا عِبْرَةَ به، ولا التِفاتَ إليه. وهذا أعْجَبُ منه، فإنَّ هذه الرِّوايةَ مشْهورةً منْقولَةٌ في الكُتُبِ المُطَولَةِ والمُخْتَصَرَةِ. وذكَرَها ابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتِه» ، وابن تَميمٍ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرُهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واخْتارَه الآجُرِّيُّ، وصاحِبُ «الحاوِي» ، وهو مذهبُ مالكٍ، والشافِعِيِّ، بل قولُه مُنْكَرٌ، لا يُعْرَفُ له مُوافِق على ذلك، غَايَتُه أن بعْضَهم لم يذْكُرْها، ولا يلْزَمُ مِن عدَمِ ذِكْرها عدَمُ إثْباتِها، وإنَّما نَفَاها ابنُ عَقِيل، على ما يأتِي مِن كلامِه في المصَلَّى جماعةً. ومَن أثبَتَ مقَدَّمٌ على مَن نفَى. وقيل: يصَلِّي قائمًا ويُومِئُ. وحكَى الشِّيرازِيُّ ومَن تابَعَه وَجْهًا في المُنْفَرِدِ، أنَّه يصَلِّي قائمًا، بخِلافِ مَن يصلِّي جماعةً. قال: بِناءً على أنَّ السَّتْرَ كان لمَعْنًى في غير العَوْرَةِ. وهو عن أعْيُنِ النَّاسِ. ونقَل الأَثْرَمُ، إنْ تَوارَى بعضُ العُراةِ عن بعض، فصَلُّوا قِيامًا، فلا بأسَ. قال القاضي: ظاهِرُه، لا يَلْزَمُ القُيَّامَ خَلْوةٌ. ونقَل بَكْرُ بنُ محمدٍ، أَحَبُّ إلى أنْ يصَلُّوا جلُوسًا. وظاهِرُه لا فَرْقَ بينَ الخلْوَةِ وغيرِها. وقال: وهو المذهبُ. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنُ عَقِيلٍ في «رِوايَتيْه» : لا تَخْتلِف الرِّوايةُ، أنَّ العُراةَ إذا صلَّوْا جماعة، يصَلُّون جلُوسًا، ولا يجوزُ قِيامًا، واخْتلِفَ في المُنْفَرِدِ، والصَّحيحُ أنَّه كالجماعةِ. انتهى.
قوله: فَإنْ عَدِمَ بِكُلِّ حالٍ، صَلَّى جَالِسًا، يُومِئُ إيماءً. الصَّحيحُ منَ المذهب، أنَّه إذا صلَّى جالِسًا، أوْمَأ بالرُّكوعِ والسُّجودِ. وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، أنَّه يسْجُدُ بالأرْضِ. اخْتارَه ابن عَقِيلٍ، وصاحِبُ «الحاوِي» ، وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» .
فائدتان، إحْداهما، حيثُ قُلْنا: يصَلِّي جالِسًا. فإنَّه لا يَتَرَبَّعُ، بل يَنْضامُّ، بأنْ يضُمَّ إحْدَى فَخِذَيْه على الأخْرَى، وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. ونقَلَه الأَثرَمُ، والمَيْمُونِيُّ، وعليه الجمهورُ. وعنه، يَتَرَبَّعُ. جزَم به في «الإفاداتِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه في «الرِّعاية الكُبْرى». وقال: نصَّ عليه. قلتُ: وهو بعيدٌ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. الثَّانيةُ، حيثُ صلَّى عُرْيانًا، فإنَّه لا يُعيدُ إذا قدَر على السُّتْرَةِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه
وَإنْ وَجَدَ السُّتْرَةَ قَرِيبَة مِنْهُ فِي أثْنَاءِ الصَّلَاةِ سَتَرَ وَبَنَى، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدةً سَتَرَ وَابْتَدَأَ.
ــ
الأصحابُ. وألحَقَه الدِّيَنوَرِيُّ بعادِم الماءِ والتُّرابِ، على ما تقدَّم.
قوله: وإنْ وجَد السُّتْرَةَ قَرِيبَةً مِنه في أثناء الصَّلاةِ -يعْنى، قرِيبةً عُرْفًا- ستَر وبَنَى، وإنْ كانت بَعِيدة عُرْفًا، ستَر وَابتدأَ. وهذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقيلَ: بينى مُطلقًا. وقيل: لا يَبْنِي مطلقًا. وقيل. إنِ انْتَظَر مَن يُناولُه إيَّاها، لم تبْطُلْ؛ لأنَّه انْتِظارُ واحدٍ، كانْتِظارِ المسْبوقِ. وقال ابنُ حامِدٍ: إذا قدَر على السُّتْرَةِ في الصَّلاةِ، فهل يسْتأْنِفُ أو يَبْنِي؟ يُخَرَّجُ على المُتَيَمِّمِ يجِدُ الماءَ في الصَّلاةِ، وجوَّزَ للأمَةِ إذا عتَقَت في الصَّلاةِ، البِنَاءَ مع القُرْبِ، وجْهًا واحِدًا.
فائدة: لو قال لأمَتِه: إنْ صلَّيْتِ ركْعَتَيْن مكْشُوفَةَ الرَّأْسِ، فأنتِ حُرَّةٌ. فصَلَّتْ كذلك عاجزَةً عن سُتْرَةٍ، عَتَقَتْ، وصحَّتِ الصَّلاةُ ومع القُدْرَةِ عليه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تصِحُّ الصَّلاةُ، دُونَ العِتْقِ. قالَه في «الرِّعايَةِ الكبْرَى» .
فائدتان، إحْداهما، حُكمُ المُعْتَقَةِ في الصَّلاةِ حُكمُ واجدِ السُّتْرَةِ في الصَّلاةِ، خِلافًا ومذهَبًا وتَفْصِيلًا، على الصَّحِيحِ. وتقدَّم كلامُ ابنِ حامِدٍ. وقال ابنُ تَميمٍ: ولو عتقتِ الأمَة في الصَّلاةِ، فهي كالعُرْيانِ يجدُ السُّترَةَ، لكنَّ حُكْمَها في البِنَاءِ مع العَمَلِ الكثير كمن سبقَه الحدَثُ. وكذا إنْ أطارَتِ الرِّيحُ سِتْرًا له واحْتاجَ إلى عمَلٍ كثيرٍ، بخِلافِ العارِي؛ إذِ الصَّحيحُ فيه عدَمُ تخْريجِه على مَن سبَقه الحدَثُ. انتهى. ولو جَهِلَتِ العِتْقَ، أو وُجوبَ السُّتْرَةِ، أوِ القُدْرَةَ عليه، لَزِمَها الإعادة، كخِيارِ مُعْتَقَةٍ تحتَ عبْدٍ. ذكره القاضي وغيره، واقْتصَرَ عليه في «الفُروعِ» . وجزم به ابن تميمٍ. الثانيةُ، لو طُعِنَ في دُبُرِه، فصارتِ الرِّيحُ تَتَماسَكُ في حالِ جلُوسِه، فإذا سجَد خرجَتْ منه، لَزِمَه السُّجودُ بالأرْضِ. نصَّ عليه، ترْجيحًا للرُّكْنِ على الشَّرْطِ لكَوْنِه مقْصُودًا في نفسِه. وخرَّج المَجْدُ في «شَرْحِه» ، ومَن تَبِعَه، أنَّه يُومِئُ، بِناءً على العُرْيانِ. وقوَّاه هو وصاحِبُ
وَتُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً، وَإمَامُهُمْ فِي وَسَطِهِمْ،
ــ
«الحاوي» . وتقدَّم ما يُشْبِهُ ذلك في الحيْض، بعد قولِه: وكذلك مَن به سَلَسُ البَوْلَ.
قوله: وتصلِّي العرُاةُ جماعَةً -قال في «الفروعِ» : وُجوبًا. قلتُ: وهو ظاهرُ كلام الأصحابِ-وإمامُهُم في وَسَطِهم. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ إمامَ العُراةِ يجبُ أَنْ يقِفَ بينَهم، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يجوز أنْ يَؤُمَّهم مُقَدِّمًا عليهم. فعلى الأوَّلِ، لو خالَف وفعَل، بطَلَتْ. وعلى الثَّانى، لا تَبْطُلُ. ولو كان المكانُ يَضِيقُ عنهم صَفًّا واحِدًا، صلَّى الكلُّ جماعةً واحدةً، وإنْ كثُرَتْ صفُوفُهم في أحَدٍ الوَجْهَيْن. صحَّحه المَجْدُ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقيل: يصلُّون جماعَتَيْن فأكْثرَ، كالنِّساءِ والرِّجالِ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِي» . وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايَه الكُبْرَى» . وقال في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «ابنِ رَزِين»: فإنْ لم يَسَعْهم صَفٌّ واحدٌ، وقَفوا صفُوفًا، وغَضُّوا أبْصارَهم، وإن صلَّى كلُّ صَفٍّ جماعةً، فهو أحْسَنُ.
فائدتان؛ إحْداهما، لو كانتِ السُّتْرَة لواحدٍ، لَزِمَه أنْ يصلِّي بها، فلو أعارَها وصلَّى عُرْيانًا، لم تصِحَّ صلاتُه، ويُسْتَحَبُّ إعارَتُها بعدَ صلاتِه، وصلَّى بها واحدٌ بعدَ واحدٍ، فإنْ خافُوا خروجٍ الوقْتِ، دُفِعَتِ السُّتْرَةُ إلى مَن يصلِّي فيها إمامًا، على الصَّحِيح مِنَ المذهبِ، ويُصلِّي الباقِي عُراةً. وقيل: لا يُقدَّمُ الإمامُ بالسُّتْرَةِ، بل يصَلِّي فيها واحدٌ بعدَ واحدٍ، ولو خرَج الوقْتُ. وهل يلْزَمُ انْتِظار السُّتْرَةِ، ولو خرَج الوقْتُ في غيرِ مسْألةِ الإِمامِ المُتقدِّمةِ أم لا يلْزَمُ انْتِظارُها، كالقُدْرةِ كل القِيامِ بعدَه؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ» ، أحَدُهما، لا يَلْزَمُه. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبيْدان، وابنُ رَزِينٍ، وهو الصَّحيحُ الصَّوابُ. وجزَم به في «الكافِي» . والوَجْهُ الثَّانى، يلْزَمُه انْتِظارُها ليُصَلِّيَ فيها، ولو خرَج الوقْتُ.
وإنْ كَانُوا رجَالًا وَنِسَاءً، صَلَّى كُلُّ نَوْعٍ لأنْفُسِهِمْ، وَإنْ كَانُوا فِي ضِيقٍ، صَلَّى الرِّجَالُ وَاسْتَدْبَرَهُمُ النِّسَاءُ، ثمَّ صَلَّى النَّساءُ وَاسْتَدْبَرَهنَّ الرِّجَالُ.
ــ
قال المصَنِّف، في «المُغْنِي»: وهذا أقْيَس. وقدَّمه في «الرِّعايةِ» ، وقال: وإنْ ضاقَ الوقْت، صلَّى بها واحدٌ. قلت: إنْ عيَّنَه رَبُّها، وإلا اقْتَرعوا إنْ تَشاحُّوا. انتهى. قال المصنِّف، والشَّارحُ: وإنْ صلَّى صاحِب الثوْبِ، وقد بقي وقْتُ صلاةٍ واحدةٍ، استحب أن يعيرَه لمَن يصْلح لإمامَتِهم، وإنْ أعارَه لغيرِه جازَ، وصار حكْمُه حكمَ صاحبِ الثَّوْب. فإنِ استَوَوْا ولم يكن الثَّوْب لواحدٍ منهم، أقرع بينَهم؛ فيكون مَن تقَع له القَرْعَة أحق به، وإلا قُدم مَن يسْتَحَبُّ البَداءَةَ بعاريَّتِه. وجعَل المصَنِّف واجِدَ الماءِ أصْلًا للزومَ. قال في «الفُروع»: كذا قال، ولا فَرْق. وأطْلق أَحْمد، في مسْألةِ القدْرَة على القيام بعدَ خروجِ الوقت، الانتظارَ. وحملَه ابن عَقيل على اتساع الوقْتِ. الثانيةُ، المرأَة أولى بالسترَةِ للصَّلاةِ منَ الرَّجُلِ. وتقام آخِرَ التَّيمُّمِ، إذا بُذِلَت ستْرَةٌ، الأوْلَى منَ الحيِّ والميِّت، أنْ يصَلِّي الحَيُّ، ثم يُكفنُ الميتُ. على الصَّحيح منَ المذهبِ. وتقدم بعدَها إذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
احْتاجَ إلى لفافة الميِّتِ. وهل يصَلِّي عليه عرْيانًا. أو يأخُذ لفافته؟.
ويُكْرَه فِي الصَّلاةِ السَّدْلُ؛ وَهُوَ أنْ يَطْرَحَ عَلى كَتِفَيْهِ ثَوْبًا وَلَا يَرُدَّ أحَدَ طَرَفَيْهِ عَلَى الكَتِفِ الأخْرَى.
ــ
قوله: ويكرَه في الصَّلاةِ السدْل. هذا المذهب. نصَّ عليه، وعليه الأصحاب. وعنه، إنْ كان تحته ثوْبٌ، لم يكْره، وإلا كرِه. وعنه، إنْ كان تحته ثَوْبٌ وإزار، لم يكره، وإلا كُرِهَ. وعنه، لا يُكْرَه مُطْلقًا. حكاه الترمِذِي عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإمامِ أحمدَ. وعنه، يحْرُمُ، فيعيد، وهي مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلقَ الروايتَيْن في الِإعادةِ في «المستَوْعب» ، و «ابنِ تَميم». وقال أبو بَكْرٍ: إنْ لم تَبْد عوْرَته، لم يُعِدْ باتفاقٍ.
قوله: وهو أنْ يَطْرَح على كَتِفَيْه ثَوْبًا، ولا يَرُد أحَدَ طرَفَيْه على الكَتِفِ
الأخْرَى. وهذا التفْسير هو الصَّحيحُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به في
«الهِداية» ، و «المذْهَبِ» ، و «الخلاصة» ، و «الشرحِ» ، وغيرِهم.
وقدَّمه في «التَّلْخِيص» ، و «الفروعِ» ، و «الرعايَةِ الصغْرى» ، و «الحاويين» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، ذكَره في أوَّلِ بابِ ما يكْرَهُ في الصلاةِ في اللباس، وغيرهم. وقال الشيخ تقِي الدينِ، في «شَرحِ العمْدَةِ»: هذا الصحيح المنصوص عنه. وقدَّم في «الرعايةِ الكُبْرى» ، هو أنْ يضعَ (1) على كتِفَيْه ثوْبًا منْشورًا ولا يَردَّ أحدَ طرفَيْه على أحَدِ كَتِفَيْهِ. ونقَل صالِحٌ، هو أنْ يطْرَح الثوْب على أحَدهما، ولم (2) يَرُدَّ أحدَ طَرَفَيْه على الآخَرِ. وقدمه في «الفائِق». وقال: نصَّ عليه. وعنه، هو أنْ يتجَللَ بالثوْبِ، ويرْخِيَ طَرَفَيْه، ولا يَرُد واحِدًا منهما على الكَتِف الأخْرَى، ولا يضُمَّ طَرَفَيْه بيديْه. وهو قوْل في «الرعايِة» . ونقل ابنُ هَانئٍ، هو أنْ يرْخى ثوْبَه على عاتِقِه لا يَمسُّه. وقيل: هو إسبال الثَّوْبِ على الأرْض. اخْتارَه الآمدى، وابنُ عَقيل. وقال في موضع آخَرَ: مع طرْحِه علي أحَدِ كتِفَيْه. وقيل: هو وضْع وَسطِ الرداءِ على رأسه، وإرْساله مِن وَرائه على ظَهْرِه. وهي لبْسَة اليهود. وقيل: هو وضْعُه على عنقه، ولم يردَّه على كتفَيْه. اخْتاره القاضي.
(1) في ط: «يترك» .
(2)
في ا: «لا» .
وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاء؛ وَهُوَ أنْ يَضْطبعَ بثَوْبٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُه.
ــ
قوله: واشْتِمال الصمَّاءِ. الصَّحيحُ منَ المذهب؛ كراهة اشْتِمالِ الصمَّاءِ في الصَّلاةِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يحْرُم، فيُعِيد. وهي مِن المفْرَداتِ. قال ابن تميم: وحكَى ابنُ حامِد، وَجْهًا في بطْلانِ الصَّلاةِ به مطْلقًا. وقال ابن أبِي موسى: إذا لم يكنْ تحته ثوْبٌ، أعادَ. وأطْلقَ الخلافَ في الإعادةِ في «الرِّعايتَيْن» .
قوله: وهو أنْ يضْطبع بثوْبٍ ليس عليه غيره. هذا المذهبُ. جزم به في «الهِداية» ، و «المذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرهم. وقدَّمه في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُروع» ، و «المسْتَوْعِبِ» ، و «الفائِقِ» ، و «الشَّارِحِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرهم. وعنه، يُكْرهُ، وإنْ كان عليه غيره. وأطْلَقَهما ابنُ تميمٍ. وقيل: يُكْرَهُ، إذا كان فوقَ الإزار دُونَ القَميص. وقال صاحِب
وَعَنْهُ، أنَّهُ يُكْرَه وإنْ كَانَ عَلَيْهِ غيره. وَيُكْرَه تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ، وَالتَّلثُّمُ عَلَى الْفَمَ وَالْأَنْفِ،
ــ
«التَّبصِرَةِ» : هو أنْ يضَعَ الرِّداءَ على رأسه، ثمْ يُسْدِلَ طرَفَيْه إلى رِجْلَيْه. وقال ابن تَميمٍ: وقال السَّامَريُّ: هو أنْ يلْتَحِفَ بالثَّوْبِ، ويرفَعَ طَرفَيْه إلى أحَدِ جانِبيه، ولا يُبقى ليَدَيْه ما يُخْرِجهما منه. ولم أُرَه في «المُستوْعبِ». قال في «الفُروعِ»: وهو المعْروفُ عندَ العَرَبِ، والأولُ قوْل الفُقهاءِ. قال أبو عُبَيْدٍ: وهم أعلمُ بالتأويلِ.
قوله: ويُكْرَه تَغْطِية الْوَجْهِ، والتَّلثمُ على الفَمِ والأنْفِ، ولَفُّ الكُمُّ. الصحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أن تغْطِيةَ الوَجْهِ والتلثُّمَ على الفَم، ولَفَّ الكُمِّ مكْروة. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يُكْرَه. وأمَّا التَّلثُّمُ على الأنفِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يُكْرَه أَيضًا. قال في «الفصولِ»: يُكْرَه التلثُّمُ على الألفِ، على أصَح الروايتيْن. وجزَم به في «الوجيزِ» ، و «النظْم» ، و «الهادِي» ، و «المُغْنِي» ، وابنُ رَزِين في «شرحِه» . واخْتاره المُصَنِّفُ، والمَجْدُ في «شرحِه» . وصحَّحه. وقدَّمه في «الشرحِ» . والرِّواية الثَّانيةُ، لا يكْرَه. وأطْلقهما في «الهِداية» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،
ولَفُّ الكمِّ،
ــ
و «الخُلاصَةِ» ، و «التلْخيص» ، و «البُلْغةِ» ، و «ابن تميم» ، و «الرِّعايتين» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» .
وَشَدُّ الْوَسَطِ بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزنَّارِ،
ــ
قوله: وشدُّ الوَسَطِ بِما يشبِهُ شَدَّ الزُّنَّار. يعنى أنَّه يُكرَه، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصّ عليه. وعنه، لا يُكْرَه إلَّا أنْ يشُدَّه لعمَل الدنْيا، فيكرَه. نقَلَه ابن إبراهِيمَ (1). وجزم بعضُهم بكراهَةِ شدِّهِ على هذه الصفَة لعمَلِ الدنيا؛ منهم ابن تَميم، وصاحِب «الفائقِ» . ويأتي كلامُه في «المستوْعِبِ» .
تنبيهات؛ الأول، كَراهَةُ شَدِّ وسطِه بما يُشْبِه شد الزنار، ولا تخْتَصُّ بالصلاةِ، كالذى قبلَه. ذكَرَه غيرُ واحدٍ. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ»؛ لأنه يكْرَه التشبُّهُ بالنصارَى في كل وقْتٍ. وقيلَ: يحْرُمُ التشبُّهُ بهم. الثاني، مفْهومُ قوله: بما يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّار. أنَّه إذا كان لا يُشْبِهه، لا يُكرَة. وهو صحيحٌ. بل قال المَجْدُ في «شرْحِه»: يُستحبُّ. نصَّ عليه؛ للخبَرِ، ولأنه أسْتَرُ للعَوْرَةِ. وجزَم به ابن تميم بمِنْديل، أو مِنْطَقَةٍ ونحوِها. وقال ابنُ عَقِيل: يُكْرَه الشَّدُّ بالحياصَةِ، يعني للرجلِ، قال في «المستوْعِبِ»: فإنْ شَد وسَطَه بما يُشْبهُ الزنَّارَ؛ كالحياصَةِ (2)
(1) هو مُحَمَّد بن إبراهيم في سعيد البوشنجى أبو عبد الله. الفقيه الأديب، شيخ أهل الحديث في عصره، توفى سنة إحدى وتسعين ومائتين. تهذيب التهذيب 9/ 8 - 10.
(2)
الحياصة: سير طويل يشد به حرام الدابة.
وإسْبَالُ شَيْءٍ مِنْ ثِيَابِهِ خُيَلَاءَ.
ــ
ونحوِها، كرِهَ. وعن أحمدَ أنَّه كَرِهَ المنطقةَ في الصلاةِ. زادَ بعضُهم، وفي غيرِ الصَّلاةِ. ونقلَ حرْب، يكْرَه شَدُّ وسَطِه على القَميص؛ لأنه من زى اليهودِ، ولا بأسَ به على القَباء. قال القاضي: لأنه مِن عادةِ المُسْلِمين. وجزَم به في «الحاوِي» . وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» . قال ابنُ تَميم: ولا بأسَ بشَدّ القَباءِ في السفَرِ على غيرِه. نصَّ عليه، واقْتَصَر عليه. الثالث، قال المَجْدُ في «شرحه»: محَل الاسْتِحْبَابِ في حَق الرجُلِ، فأمَّا المرأةُ، فيكْرَه الشد فوقَ ثِيابِها؛ لِئلَّا يحْكِي حجْمَ أعْضائِها وبدَنَها. انتهى. قال ابنُ تميم وغيره: يُكْرَهُ للمرأةِ في الصلاةِ شَدُّ وسَطِها بمِنْديل ومنطقةٍ ونحوِهما.
قوله: وإسْبالُ شَئٍ عِن ثِيابه خيَلاءَ. يعْنى يُكْرَه. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وجزَم
به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المذْهَبِ الأحْمَدِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الوَجيز» ، و «الرعاية الصُّغرى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «إدْرَاكِ الغاية» ، و «تجْريدِ العنايَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الرعايه الكُبْرى» . قلتُ: وهذا ضعيفٌ جدًا، إنْ اْرادُوا كراهَةَ تنْزيهٍ، ولكنْ قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» ، والمَجْدُ في «شرْحِه»: المُرادُ كراهةُ تحريمٍ. وهو الألْيَقُ. وحكَى في «الفُروعِ» ، و «الرعايَة الكبرى» ، الخِلاف في كراهَتِه وتحْريمِه. والوجْهُ الثاني، يحْرمُ إلَّا في حرْبٍ، أو يكون ثم حاجَة. قلتُ: هذا عيْنُ الصوابِ الذى لا يُعْدَل عنه. وهو المذهبُ، وهو ظاهرُ نصّ أحمدَ. قال في «الفُروع»: ويحْرُمُ في الأصَحِّ إسْبال ثِيابِه خُيَلَاءَ في غير حرْبٍ بلا حاجَه. قال الشيخُ تَقِي الدِّين: المذهبُ هو حرامٌ. قال في «الرعاية» : وهو أظْهَرُ. وجزَم به ابنُ تمِيم، والشارِحُ، والناظِمُ، و «الإفاداتِ» .
تنبيه: قولُه: يَحْرُمُ، أو يُكْرَه بلا حاجَةٍ. قالوا في الحاجَةِ: كوْنه حَمْشَ الساقَيْن. قالَه في «الفروعِ» ، والمرادُ، ولم يرِدِ التدْلِيسَ على النِّساءِ. انتهى. فظاهرُ كلامهم، جوازُ إسْبالِ الثيابِ عندَ الحاجَةِ. قلتُ: وفيه نظر بَيِّنٌ. بل يُقالُ: يجوزُ الإسْبال مِن غير خُيَلَاءَ لحاجَةٍ. وقال في «الفُروعِ» : ويَتَوَجَّهُ هذا في قصيرَةٍ اتخذتْ رجْلَيْنِ مِن خَشبٍ، فلم تُعْرفْ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ منها، يجوز الاحتباء. على الصحيح منَ المذهبِ. وعنه، يُكْرَه. وعنه، يَحْرُمُ، وأمَّا مع كشْفِ العَوْرَةِ، فيَحْرُمُ، قولًا واحدًا. ومنها، يُكْرَه أنْ يكونَ ثوْب الرَّجل إلى فوقِ نِصْفِ ساقه. نصَّ عليه. ويكْرَه زِيادَته إلى تحت كَعْبَيْه بلا حاجَةٍ، على الصَّحيحِ بن الروايتيْن. وعنه، ما تحتهما فِي النَّار. وذكَر الناظِمُ، مَن لم يخف خيَلاء، لم يُكْرَه. والأوْلَى ترْكه. هذا في حَقِّ الرجلِ. وأما المرأة؛ فيجوزُ زِيادة ثَوْبِها إلى ذراع مطْلقًا. على الصَّحِيحِ مِن المذهبِ. وقال جماعة مِن الأصحابِ: ذَيْلُ نِساءِ المدنِ في البَيْتِ كالرَّجلِ؛ منهم السامَريُّ في «المستَوْعبِ» ، و «ابنِ تَميم» ، و «الرّعايتيْن» . ومنها، قال جماعة مِنَ الأصحابِ: يُسَنُّ تطْويل كمِّ الرّجلِ إلى رءوسِ أصابِعِه، أو أكثر بيسِير، ويوَسعها قَصْدًا، ويسن تَقْصير كمِّ المرأة. قال في «الفروعِ»: واخْتَلَفَ كلامهم في سعَتِه قَصْدًا. قال في «التلْخيص» : ويسْتَحَبُّ لها توْسيع الكمِّ مِن غيرِ إفْراطٍ، بخِلافِ الرجلِ. ومنها، يكْرَه لُبْس ما يصِف البَشرَةَ للرجُلِ والمرأةِ، الحَى والميت، ولو لِامرأة في بيْتها. نصَّ عليه. وقال أبو المعالِي: لا يجوز لبْسُه. وذكر جماعةٌ، لا يُكْرهُ لمَن لم يرها إلَّا زوْجٌ أو سيدٌ. وذكَره أبو المَعالِي، وصاحِبُ «المستوعب» ، و «النظْم» في آدابه. قال في «الرعاية»: وهو الأصَح. وأما لُبْسها ما يصِف اللِّينَ والخُشونةَ والحجمَ، فيكْرَهُ. ومنها، كَرِه الإمامُ أَحْمد الزِّيق، العرِيضَ للرَّجُلِ. واخْتلفَ قوْله فيه للمرأةِ. قال القاضي: إنما كَرِهَه لإفْضائه إلى الشهْرَةِ. وقال بعضهم: إنَّما كَرِهَ الإفْراطَ. جَمْعًا بينَ قوْلَيْه. وقال أَحْمد في الفرْج للدرَّاعةِ مِن بين يدَيْها: قد سمِعْت، ولم أسمع خلْفِها، إلَّا أنَّ فيه سعَةً عندَ الرّكوبِ ومَنْفَعَة. ومنها، كَرِهَ الإمام أحمدُ والأصحابُ لبسَ زِيِّ
فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةُ حيَوَانٍ، فِي أحدِ الْوَجْهَيْنِ.
ــ
الأعاجمِ؛ كعِمامةٍ صمَّاءَ، وكنعْل صرارةٍ للزينَة لا للوضوءِ ونحوِه. ومنها، يُكْرَه لُبْسُ ما فيه شُهْرة، أو خِلاف زِي بلده منَ النَّاس. على الصحيح مِن المذهبِ. وقيل: يحْرُمُ. ونصُّه لا. وقال الشيخ تقِي الدينِ: يحْرُمُ شُهْرَة. وهو ما قصِدَ به الارْتِفاعُ، وإظْهار التواضع؛ لكراهَةِ السلف لذلك. وأمَّا الإسْرافُ في المباح، فالأشْهَر لا يحرمُ. قالَه في «الفُروعِ» . وحرمه الشيخُ تقِيُّ الدِّين.
قوله: ولا يَجوزُ لُبْسُ ما فيه صورَة حيوان، في أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهب. صحَحَه في «التصْحيحِ» ، و «النَّظْم» . وجزَم به في «الهِداية» ، و «المذْهَبِ» ، و «مسبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المسْتَوْعِبِ» ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» ، و «التلْخيص» ، و «البُلْغة» ، و «الإفاداتِ» ، و «الآدابِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَنْظومَةِ» لابن عبْدِ القَوِي، و «الوجيزِ» ، و «الحاويَيْن» ، و «المنورِ» ، و «المُنْتَخبِ» . وقدَّمه في «الفروع» ، و «المُحَرر». قال الإمامُ أحمدُ: لا يَنْبغِي. والوَجْه الثاني، لا يَحْرم، بل يُكْرَهُ. وذكَرَه ابن عقيل، والشيخ تقِي الدين، رِواية. وقدَّمه ابن تَميم. وأطْلقهما في «الرِّعايتَيْن» ، و «الفائقِ» .
فوائد؛ الأولى، لو أُزيلَ منَ الصورة ما لا تبْقَى معه الحياةُ؛ زالَتِ الكراهَة، على الصحيح من المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: الكراهَة باقِية. ومثلُ ذلك صور الشجرِ ونحوِه، وتمثال. الثانيةُ، يَحْرُم تصْوير ما فيه روحٌ، ولا يَحْرم تصْوير الشجَرِ ونحوِه، والتمْثالِ مما لا يشابِه ما فيه روحٌ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وأطْلَقَ بعضهم تحْرِيمَ التصْويرِ. وهو مِنَ المفْرَداتِ. وقال في «الوَجيزِ»: وَيَحْرم التصْوير، واستعماله. وكَرهَ الآجريُّ وغيره الصلاةَ على ما فيه صورَة. وقال في «الفصولِ»: يُكْرَهُ في الصَّلاةِ صورة، ولو على ما يُداسُ. الثالثةُ، يَحْرُمُ تعْليقُ ما فيه صورةُ حيوانٍ، وستْرُ الجِدارِ به، وتصْويره، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا يَحْرم. وحكِيَ رِوايةً. وهو ظاهر ما جزَم به في «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» في بابِ الوَليمَةِ. ولا يحْرم افْتِراشه، ولا جعْلُه مِخدَّة. بل ولا يكْرَه فيها؛ لأنه، عليه أفضلُ الصلاةِ والسلامِ، اتكأ على مِخَدةٍ فيها صورةٌ. رواه الإمام أَحْمد (1). ويأتي ذلك في كلامِ المصَنِّفِ، في بابِ الوَليمَة. الرابعةُ، يُكْرَه الصلِيبُ في الثوْب ونحوه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ويَحْتَمِلُ تحْريمُه. وهو ظاهرُ نقْلِ صالحٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ.
(1) في: المسند 5/ 97، 102. بدون لفظ:«صورة» .
وَلا يَجُوزُ لِلرجُلِ لُبسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ، وَلَا مَا غَالِبُهُ الْحَرِير، وَلَا افْتِرَاشُهُ إِلَّا مِنْ ضَرُورةٍ،
ــ
قوله: ولا يجوز للرجُلِ لبس ثِيابِ الحَرِيرِ. بلا نزاع مِن حيث الجمْلة؛ فتحْرم تِكَّةُ الحرير والشُّرابة المفْرَدةُ. نصَّ عليه. ويَحْرم افْتِراشه، والاسْتِناد إليه. ويحْرمُ سَتْرُ الجُدُرِ به، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحاب. ونقَل المروذِيّ، يُكْرهُ. قال في «الفروع»: وهو ظاهرُ كلام مَن ذكَر تحْريمَ لبْسِه فقط، ومثلُه تعْليقه. وذكَر الأزجِيُّ وغيرُه، لا يجوز الاستجْمار بما لا يُنْقِي، كالحرير النَّاعِم. وحرَّم الأكثر اسْتِعْمالَه مُطْلقًا. قال في «الفروعِ»: فدَّل أن في فشخانة والخيْمة والبقجة (1) وكدالةٍ ونحوه الخلافَ.
قوله: وما غالبه الحرير. أيّ لا يجوز لُبسه. والصَّحيح مِن المذهبِ؛ أنَّ الغالب يكون بالظهورِ. وهو ظاهر كلامِ الإمامِ أحمدَ. وجزَم به في «الوجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «التلْخيصِ» وغيرِه. وقيل: الاعْتبار بالغالبِ في الوزْن. وقدَّمه في
(1) البقجة: الصرة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الرعايةِ الكبْرى» . وأطْلَقَهما في «الفروعِ» ، و «الآدابِ» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ تَميم» ، و «الحَواشى» .
تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّف، أنّه لا يجوزُ للكافرِ لُبْس ثِيابِ الحريرِ. قال في «القَواعِدِ الأصُولية»: وهو ظاهر كلامِ الإمامِ أحمدَ والأصحابِ. قالَه بعض المتأخرين، وبناه بعضهم على القاعدَةِ. واخْتارَ الشيخُ تقِيُّ الدين الجوازَ؛ قال: وعلى قياسِه بيْع آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضّةِ للكفارِ، وإذا جازَ بيْعها لهم، جاز صنْعها لبيْعِها لهم، وعمَلها لهم بالأجْرةِ. انتهى.
فائدة: الخُنْثى المشْكل في الحريرِ ونحوِه كالذكرِ. جزَم به في «الحاوِيَيْن» ،
فَإِنِ اسْتَوَى هُوَ وَمَا نُسِجَ مَعَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
و «الرِّعايَةِ الصغْرى» . وقال في «الكُبْرَى» : والخُنْثَى في الحرير ونحوه في الصَّلاةِ، وعنه، وغيرها، كذَكَرٍ.
قوله: فإن استوَى هو وما نُسِجَ معه، فعلى وجْهَين. وأطْلقَهما في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المذْهَبِ الأحْمَدِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الكافِي» ، و «الهادِي» ، و «التلْخيص» ، و «ابنِ تَميم» ، و «المُحررِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، وابنِ مُنَجَّى و «شَرْحِه» ، و «النَّظْمِ» ، و «الشرحِ» ، و «الفائقِ» ، و «شرحَ ابنِ رزين» ، و «الفروعَ» ، و «الرِّعايتيْن» ، لكنْ إنَّما أطْلَق في «الرِّعايَةِ الكبْرى» الخِلافَ فيما إذا اسْتَوَيا وَزْنًا، بِناءً على ما قدَّمه؛ أحدُهما، يجوز. وهو المذهب. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» ، وجزَم به في «الوجيز». وصحَّحه في «تَصْحيحِ المحَرر». وقال: صَحَّحه المُصَنِّف، يعْنِي المَجْدَ، وهو ظاهر ما جزم به في «البُلْغةِ» ، و «تَذْكِرَةِ» ابنِ عَبْدُوس، و «الإفاداتِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المنْتَخَب» ، و «التسْهيلِ» ؛ لأنَّهم قالوا في التحريم، أو ما غالبه الحرير. وإليه أشارَ ابنُ البَنَّا. والوَجْهُ الثاني، يحْرُم. قال ابن عقِيل، في «الفصولِ» ، والشيخ تقِي الدينِ، في «شرْحِ العُمْدَةِ»: الأشبه أنَّه يَحْرُمُ؛ لعُموم الخبرِ. قال في «الفُصولِ» : لأن النِّصفَ كثيرٌ، وليس تَغْليبُ التّحْليلِ بأوْلَى مِنَ التحريمِ، ولم يحْكِ خِلافَه. قال في «المسْتوْعِب» ، وإليه أشارَ أبو بَكْرٍ، في «التنبِيهِ»: أنَّه لا يُباحُ لبْس القَسى (1) والمْلحمَ (2).
تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصنف، دخولُ الخَزِّ في الخِلافِ (3)، إذا قلْنا: إنَّه بن إبرَيْسَم وصُوفٍ، أو وبَرٍ. وهو اخْتِيار ابن عَقِيل، وصاحِبِ «المُذْهَب» ،
(1) القسى: ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقسِّ، وهي موضع بمصر.
(2)
ملحم: جنس من الثياب.
(3)
في ا: «اللباس» .
وَيَحْرُمُ لُبْسُ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ وَالْمُمَوَّهِ بِهِ،
ــ
و «مسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المسْتوْعِب» ، و «الرعاية» ، وغيرهم. وهو ظاهرُ كلام كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. والصَّحيح مِنَ المذهبِ؛ إباحة الخَزِّ. نصَّ عليه. وفرَّق الإمام أَحْمد بأنَّه قد لَبِسَه الصَّحابَة، وبأنَّه لا سَرَف فيه ولا خُيلاء، وجزم به في «الكافِي» ، و «المغْنِي» ، و «الشرح» ، و «الرعايِة الكُبْرى» . وقدَّمه في «الآدابِ» وغيرِه.
فائدة: الخزُّ ما عمِلَ مِن صوف وإبريسم. قاله في «المطْلع» في كتابِ النَّفقاتِ. قال في «المذْهَبِ» ، و «المستْوْعِبِ»: هو المعمول من إبْرَيسم ووَبَر طاهرٍ، كوَبرِ الأرنبِ وغيرها. واقْتصرَ على هذا في «الرعايةِ» ، و «الآداب». وقال: ما عُمِلَ مِن سَقطِ حرير ومشَاقَتِه (1)، وما يُلْقِيه الصَّانع مِن فَحْمٍ من تقَطع الطَّاقاتِ إذا دُقَّ وغزلَ ونُسِجَ، فهو كحرير خالص في ذلك، وإن سُمىَ الآن خزًّا. قال في «المُطْلع»: والخَزُّ الآنَ المعْمول مِن الإبريسَمِ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وغيرِه: الخَزُّ ما سُدِي بالإبرَيسَمِ وألحِمَ بوبرٍ أو صوفٍ؛ لغَلَبَةِ اللُّحْمةِ على الحريرِ. انتهى.
قوله: ويحْرُمُ لبس المنسوجِ بالذَّهَبِ والمُمَوَّه به. هذا المذهب مطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطع به كثيرٌ منهم. وقيل: يُكْرَهُ. وقيل: حُكمُ المنسوج بالذَّهَب حُكْم الحريرِ المنسوجِ مع غيرِه، على ما سبق.
فائدة: الصحيِح مِنَ المذهب؛ أنَّ المنسوجَ بالفِضَّة والمموَّهَ بها كالمنسوجِ بالذهَبِ والمموَّه به، فيما تقدُّم. وقال في «الرعاية»: وما نُسج بذَهَبٍ، وقيل: أو فِضَّةٍ، حَرُمَ.
(1) المشاقة: ما سقط من الشعر أو الكتان عند المشط.
فَإن اسْتَحَالَ لَوْنُهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
قوله: فإن استَحال لَونه، فعل وجْهين. وأطْلقَهما في «الهِدايةِ» ، و «المُذهبِ» ، و «مسبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المسْتَوْعِب» ، و «الخلاصةِ» ، و «التلْخيصِ» ، و «البُلغَةِ» ، و «الهادِي» ، «الرِّعايِة الصُّغْرى» ، و «الحاوِيين» ، و «النَّظْمِ». فهؤلاءِ أطْلَقوا الخلاف فيما اسْتحال لونه مُطْلقًا. وقال ابن تميم: فإن اسْتحالَ لون المموَّه، فوَجْهان، فإنْ كان بعدَ اسْتِحالَتِه لا يحْصُل عنه شئٌ، فهو مباح، وجْهًا واحدًا. وكذا قال في «الفائق» . وقال في «الوجيزِ» ، و «المنوِّرِ» ، و «المنتخَب»: ويحْرُمُ اسْتِعْمالُ المنْسوجِ والممَوَّه بذَهَبٍ قبلْ استحالَته. وقال ابنُ عَبْدوس في «تَذْكِرَتِه» : يَحْرُمُ ما نُسِجَ أو موِّهَ بذَهبٍ باقٍ. وقال في «الفُروعَ» : فإنِ استحالَ لوْنُه، ولم يحْصُلْ منه شئٌ، وقيلَ: مُطْلقًا، أُبِيحَ في الأصَح. وقال في «الرعايةِ الكبْرى»: وفيما اسْتحال لوْنُه بن المموَّه ونحوه بذَهبٍ، وقيل: لا يجتمِعُ منه شيء إذا حُكَّ، وَجْهان. وقيل: لا يُكره، ولا يحْرمُ. وقيل: ما اسْتَحالَ، ولم يجْتمِعْ منه شئٌ إذا حُكَّ، حلَّ، وجْهًا واحدًا. انتهى. وحاصِلُ ذلك، أنَّه إذا لم يحْصلْ منه شئٌ، يُباحُ، على الصحيحِ بن المذهب. وقطَع به جماعة. وإنْ كان يحْصلُ منه شئٌ بعد حكّه، لم يُبحْ، على الصحيحِ مِنَ المذهب. ففي المستَحيلِ لونُه ثلاثة أقْوالٍ؛ الإباحَة، وعَدَمُها، والفرْقُ. وهو المذهب
وَإنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ لِمَرَضٍ، أو حِكَّةٍ، أو فِي الْحَرْبِ، أوْ ألبَسَهُ لِلصَّبِيِّ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
قوله: فإنْ لَبِسَ الحَرِيرَ لِمرض أو حكَّةٍ. فعلى رِوايتيْن، وأطْلقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الهادِي» ، و «التلْخيص» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «النَّظم» و «الرعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «المَذْهبِ الأحْمَدِ» ، وغيرهم؛ إحْداهما، يُباح لهما، وهو المذهب. جزَم به في «الوَجيزِ» ، و «الإفاداتِ» ، و «المنَورِ» ، و «المُنْتخَبِ» . قال المصنف، والشارح، وغيرهما: هذا ظاهر المذهبِ. قال في «الفروع» ، و «الخلاصَةِ» ، وحفِيدُه: يُباح لهما على الأصَحِّ. قال في «تجْريد العِنايَة» : يُباحُ على الأظْهرِ. وصَحَّحه في «التَّصحيح» . واخْتارَه ابنُ عبْدُوس في «تَذكِرَتِه» . وجزَم به في «إدْراكِ الغايِة» في الحِكَّةِ. وقدَّمه في «الكافي» ، و «المحرَّرِ» . والرِّواية الثَّانية، لا يُباحُ لهما. قدَّمه في «المسْتوْعِبِ» .
تنبيه: ظاهر قوْله: أو حِكَّةٍ. أَنه سواءٌ أثَّرَ لُبْسُه في زَوالِها أم لا. وهو ظاهر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كلامِ أكثَرِ الأصحابِ. وهو المذهب. قدَّمه في «الفُروعِ» . وقيل: لا يُباح إلَّا إذا أثرَ في زوالِها جزَم به ابن تَميم. وقدَّمه في «الرِّعايَة الكبْرى» . قلتُ: وهو الصَّوابُ.
قوله: أو في الحَرْبِ، على روايتين. وأطْلقَهما في «الهِدايَة» ، و «المذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الهادِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، و «الكافِي» ، و «التلخيص» ، و «البُلْغةِ» ، و «ابنِ تميم» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم؛ إحْداهما، يُباح. وهو المذهب. قال المُصَنِّف، والشارِح: وهو ظاهرُ كلام الإمام أَحْمد. قال في «تجْريدِ العِنايَةِ» : يُباحُ على الأظْهَرِ. قال في «الخلاصَةِ» : يُباح على الأصَحِّ. قال الشَّيخ تقِيّ الدِّين، في «شرْحِ العُمْدَة»: هذه الروايَة أقوَى. قال في «الآدابِ الكبْرى» ، و «الوسْطَى»: يُباحُ في الحرْب مِن غير حاجَةٍ في أرجَحِ الرِّوايتَيْن في المذهبِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ» . وجزَم به في «الوجيزِ» ، و «الإفادات» ، و «المنتخَبِ» ، و «إدْراكِ الغايةِ» ، وغيرهم. والرواية الثَّانيةُ، لا يُباحُ. اخْتارَه ابنُ عَبدُوس في «تَذْكِرَتِه» . وهي ظاهرُ كلامه في «المنورِ» ؛ فإنَّه لم يسْتَثْن للإباحة إلَّا المرضَ والحِكةَ. وقدَّمه في «المسْتَوْعب» ، و «المُحررِ» . وعنه، يُباحُ مع مُكايَدَةِ العدُوِّ به. وقيل: يُباح عند مُفاجأة العَدو ضرورةً. وجزَم به في «التلْخيص» وغيره. وقيل: يُباحُ عندَ القِتالِ فقط مِن غيرِ حاجةٍ. قال ابنُ عَقيل، في «الفُصولِ»: إنْ لم يكُنْ له به حاجة في الحرْبِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حرُم، قوْلًا واحدًا. وإنْ كان به حاجة إليه كالجيَّةِ للقتالَ، فلا بأسَ به. انتهى. وقيل: يُباح في دارِ الحرْبِ فقط. وقيل: يجوز حال شدَّةِ الحرْبِ ضرورةً. وفي لُبْسِه أيّام الحرْبِ بلا ضرورةٍ رِوايَتان. وهذه طريقتُه في «التلْخيص» . وجعَل الشَّارِح وغيره محَلَّ الخِلافِ في غير الحاجةِ. وقدَّمه ابنُ منجى في «شَرْحِه» . وقال: وقيل: الرِّوايَتان في الحاجةِ وعدَمِها. وهو ظاهر كلامِ المصَنفِ هنا. قال في معنى الحاجةِ: ما هو محتاج إليه، وإنْ قامَ غيرُه مقامَه. وقاله المصَنِّفُ، والشارِح، وغيرُهما. وقال في «المُستَوْعِبِ» ، في آخِرِ بابٍ فيه: ويكرَه لُبسُ الحرير في الحربِ.
تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا كان القِتال مباحًا مِن غير حاجةٍ. وقيلَ: الرِّوايَتان ولوِ احْتاجَه في نفْسه ووجَد غيرَه. وتقدَّم في كلامِ ابنِ عقِيل وغيرِه ما يدُل على ذلك.
قوله: أو ألبَسَهُ الصّبى، فعلى رِوايتيْن. وأطْلَقَهما في «الهِدايَة» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهَب» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الهادِي» ،
وَيُبَاحُ حَشْوُ الْجِبَابِ وَالْفُرُش بِهِ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَحْرُمَ.
ــ
و «التَّلْخيص» ، و «البُلْغَة» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائق» ؛ إحْداهما، يَحْرم على الوَليِّ إلْبَاسُه الحريرَ. وهو المذهب. نقَلَه الجماعَة عنِ الإمامِ أحمدَ. وصَحَّحه في «التصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ». قال الشَّارِح: التحْريمُ أوْلَى. وجزَم به في «الوجيزِ» . وهو ظاهر ما جزَم به في «الإفاداتِ» ، و «المنَورِ» ، و «المنْتخَبِ» ؛ لتَقْييدهم التحْريمَ بالرَّجلِ. وقدمه في «الفروعِ» ، و «الكافِي» ، و «المحَرَّرِ» . والرِّوايةُ الثَّانية، لا يحْرُمُ، لعدَمِ تكْليفِه. فعلى المذهب، لو صلَّى فيه، لم تصِحَّ صلاته، على الصحيحِ مِن المذهب. وقيل: تصِحُّ. وقال في «المُسْتَوْعبِ» ، في آخِرِ باب عنه: ويُكْرهُ لُبْسُ الحريرِ والذهَبِ للصبيانِ، في إحْدَى الروايتَيْن. والأخْرَى، لا يُكْرَهُ.
فائدة: حُكمُ إلْباسه الذهَبَ، حُكمُ إلْباسه الحريرَ. خِلافًا ومذهبًا.
قوله: ويُباح حَشْو الجِبابِ والفَرْش به. وهو المذهبُ، وعليه جماهير
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ. ويَحْتَمل أنْ يحْرم. وهو وجْهٌ لبعْض الأصحاب. وذكرَه ابن عَقِيل رواية. وأطْلقهما في «المُذْهَبِ» ، و «الرِّعايتيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائق» .
فائدة: يُكْرَه كتابَة المَهْرِ في الحريرِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرعِاية الكْبرى» ، وتبِعَه في «الآداب». وقيل: يَحْرم في الأقْيس. ولا يبْطُلُ المَهْرُ بذلك. واخْتارَه الشيخ تقِيُّ الدين، وابنُ عُقِيل، وأطْلَقَهما في «الفُروع». قلت: لو قيل بالإباحةِ لَكان له وجْهٌ.
وَيُبَاحُ الْعَلَمُ الْحَرِيرُ فِي الثوْبِ، إذا كَانَ أرْبَعَ أصَابعَ فَمَا دُونَ. وَقَالَ أبو بَكْرٍ: يُبَاحُ وإِنْ كَانَ مُذَهَّبًا.
ــ
قوله: ويباحُ العَلم الحريرْ في الثَّوْب، إذا كان أرْبَعَ أصابعَ فما دون. يعْنى مضْموَمَةً. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تميم» . وجزَم به في «المُغْنى» ، و «الشرح» ، و «الهِداية» ، و «المسْتوْعِبِ» ، و «التلْخيص» ، و «إدْرَاك الغايةِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرهم. وقيل: يباح قَدْرُ الكف فقط. جزم به في «المحَرْرِ» ، و «الرعايةِ الصُّغْرى» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «المنَوِّر» . وقدَّمه في «الرعاية الكبْرى» ، و «الآداب» ، وقال: ليس الأولُ مُخالفا لهذا، بل هما سواءٌ. انتهى. وغايَر بين القوْلَيْن في «الفروعِ» . وجزم في «الوَجيز» ، أنَّه لا يباح إلَّا دونَ أرْبَع أصابعَ. وما رأيتُ مَن وافقَه على ذلك. وقال ابن أبِي موسى: لا بأسَ بالعلَمِ الدَّقيقِ، دُونَ العَريض. وقال أبو بكر: يُباح، وإن كان مذهبا. وهو رِواية عن أَحْمد. اخْتارَها المَجْدُ، والشيخ تقِي الدينِ. وأطْلقهما في «الفائق» . والمذهبُ، يَحْرُمُ. نص عليه.
وَكَذَلِك الرِّقَاعُ، وَلِبْنَةُ الْجَيْبِ، وَسَجْفُ الْفِرَاءِ. وَيُكْرَه لِلرَجُل لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ.
ــ
فائدة: لو لَبِس ثيابًا؛ في كلِّ ثَوْب قَدْرٌ يُعْفَى عنه، ولو جمع صارَ ثوْبًا، لم يُكْرهْ، بل يُبَاح، في أصَحِّ الوَجْهيْن. جزم به في «المُسْتوعب» ، و «الفائقِ» ، و «ابنِ تميم». وقيل: يُكْره. جزَم به في «الرِّعايةِ» . وأطْلَقهما في «الفروع» وتقَدم إن كان عليه نجاسة يُعْفَى عنها، هل يُضَمُّ مُتَفرقٌ في باب إزالَة النجاسةِ.
قوله: ويكْرهُ للرجلِ لبْس الْمُزَعْفرِ والمعَصْفَرِ. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزم به في «المغني» ، و «الشرحِ» ، و «الوَجيز» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يُكْره. قال المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وتبعه في «الفروعِ» . ونقَلَه الأكثر في المزعْفَر. وجزَم به في «النظْمِ» . واخْتارَه الخلَّال، والمَجْد في «شرْحِه» في المُزَعْفَرِ. وذكرَ الآجُرِّيُّ، والقاضى، وغيرهما تحْرِيمَ المزعْفَرِ. وفي المزَعْفَرِ وَجْهٌ؛ يُكْرَه في الصلاةِ فقط. وهو ظاهر ما في «التلْخيص» . قالَه في «الآداب» .
فائدة: فعلى القوْلِ بالتحْريمِ، لا يُعيدُ من صلى في ذلك، على الصحيحِ بن المذهبِ. وكذا لو كان لابِسًا ثيابًا مسْبلةً أو خُيَلاءَ ونحوَه. وعليه الجمهور.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقيل: يُعيد. واخْتاره أبو بكْرٍ.
فوائد؛ الأولَى، يُكرهُ للرجلِ لبْس الأحْمرِ المُصمتِ، على الصَّحيحِ مِن المذَهبِ. نصَّ عليه، وعليه الجمهور. وهو مِن المُفْرَدات. وقيل: لا يُكْرَه. اخْتارَه المصنِّف والشَّارح، وصاحِبُ «الفائقِ» . وجزَم به في «النهايَةِ» ، و «نَظْمها». قال في «الفروعِ»: وهو أظْهَر. ونقل المَروذِيُّ: يُكْرَه للمرأةِ كراهةٌ شديدة لغيرِ في زينةٍ. وعنه، يُكْره للرجُل شديدُ الحمْرَة. وهو وجهٌ في «ابنِ تميم». قال الإمامُ أحمدُ: يقالُ: أوَّلُ من لَبسَه آل قارُونَ أو آل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فِرْعونَ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبرى» : وكذا الخِلاف في البِطانةِ. الثَّانية، يُسَنُّ لبس الثِّيابِ البيض، والنظافة في ثوْبِه وبَدَنِه. قال في «الرعايةِ»: قلت: ومجْلِسِه. قال في «الفروع» وغيرها: وهي أفْضَل اتفاقًا. الثالثة، يُباح لبْسُ السَّواد مطْلقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُكْرهُ للجُنْد. وقيلَ: لا يُكْرَه لهم في الحرْبِ. وقيل: يُكْره إلَّا لمصاب. ونقَل المَرُّوذِيّ، يخْرقُه الوصِيُّ. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في «الفروع» : وهو بعيدٌ ولم يَرُدَّ الإمام أَحْمد سلام لابِسه. الرَّابعة، يباحُ الكتَّانُ إجماعًا، ويُباح أَيضًا الصُّوف. ويسَن الرِّداء، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُباح كفَتْلِ طَرَفِه. نصَّ عليه. وظاهرُ نقْل المَيْمونِيِّ فيه، يُكْرَه. قالَه القاضي. ويُكْرَه الطيْلَسانُ، في أحدِ الوَجهين. قال ابن تميم: وكَرِه السَّلَف الطيْلسان، واقتصرُوا عليه. زاد في «التلخيصِ»: وهو المُقوَّر. والوَجْه الثاني، لا يُكْره، بل يباح. وقدَّمه في «الرِّعاية» ، و «الآدابِ». وأطْلَقَهما في «الفروعِ». قال في «الآدابِ»: وقيل: يُكْرَه المُقَوَّرُ والمُدوَّر. وقيل: وغيرُهما غير المُرَبع. الخامسة، يُسنُّ إرْخاء ذُؤابَتَين خلْفه. نصَّ عليه. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشيخ تقي الدِّينِ: وإطالَتها كثيرًا مِنَ الإسْبالِ. وقال الآجرِّي: وإنْ أرْخَى طَرَفَها بين كَتفيْه، فحسَنٌ. قال غيرُ واحدٍ من الأصحابِ: يُسَنُّ أَيضًا أنْ تكونَ العِمامَة محَنّكةً. السَّادسة، يُسَنُّ لبسُ السراوِيلِ. وقال في «التلْخيصِ»: لا بأسَ. قال النَّاظم: وفي مَعْناه التُّبَّانُ. وجزَم بعضُهم بإباحته. قال في «الفُروعِ» : والأول أظْهَرُ. قال الإمام أحمدُ: السراوِيل أسْتَرُ في الإزارِ، ولِباس القوْم كان الإزار. قال في «الفروعِ»: فدَلَّ أنَّه لا يُجمَعُ بينَهما. وهو أظهَر، خِلافًا «للرِّعايةِ». قال الشيخُ تقيُّ الدينِ: الأفْضَل مع القميص السَّراوِيلُ، مِن غير حاجَةٍ إلى الإزارِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والرِّداءِ. وقال القاضي: يُستحَب لبس القَميص: السَّابعة، يُباحُ لُبْسُ العَبَاءةِ. قال النَّاظِم: ولو للنساءِ. قال في «الفروعِ» : والمراد بلا تَشَبهٍ. الثامنةُ، يُباح نَعلٌ خَشبٌ، ونعل فيه حرفٌ لا بأسَ لضرُورةٍ. التاسعة، ما حرُمَ اسْتِعْماله حَرُم بيْعه وخِياطَتُه وأجرتُها. نصَّ عليه. العاشرةُ، يُكْرَه لبْسه وافْتِراشه، جِلْدًا مخْتَلَفًا في نجاسَته، على الصحيح مِن المذهب. وقيلَ: لا يُكْرَهُ. وعنه، يَحْرُمُ. وفي «الرعايَة». وغيرِها: إن طَهر بدَبغِه، لُبِس بعده، وإلا لم يجزْ. ويجوز له إلْباسُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
دابةً. وقيل: مطْلقًا كثِياب نجِسَةٍ.