الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ استِقْبَالِ الْقِبْلَةِ
وَهُوَ الشرطُ الْخَامس لِصِحَّةِ الصَّلاة، إلَّا فِي حَالِ الْعَجْزِ عَنْهُ،
ــ
بابُ اسْتقْبالَ القِبْلَةِ
قوله: وهو الشرطُ الخامس لصحةِ الصلاةِ إلَّا في حالِ العجز عنه. الصحيح منَ المذهب؛ سقوطُ استقْبال القِبْلة في حالِ العجْزِ مُطْلقًا؛ كالْتِحامِ الحرْبِ، والهرَبِ مِنَ السيلِ والسَّبُع ونحوِه، على ما يأتي، وعجْزِ المريضِ عنه وعمَّن يديرُه،
وَالنَّافِلَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السفَرِ الطوِيلِ وَالْقَصِيرِ.
ــ
والمربوطِ ونحوِ ذلك. وعليه الأصحابُ. وجزَم ابنُ شِهَاب، أن التوجهَ لا يسْقط حالَ كسْرِ السفينةِ، مع أنَّها حالةُ عُذْر؛ لأن التوجهَ إنما سْقطُ حالَ المُسايفَةِ لمَعْنًى مُتَعدٍّ إلى غير المصلى؛ وهو الخِذْلانُ عندَ ظهورِ الكفارِ. وهذا ضعيف جدًا.
قوله: والنافِلةِ على الراحِلَةِ في السفرِ الطوِيل والقَصيرِ. هذا المذهبُ مُطلقًا. نص عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصَلى سنةَ الفجرِ عليها. وعنه، لا يصلى الوتر عليها. والذى قدمه في «الفروع» ، جوازُ صلاةِ الوِتر راكِبًا ولو قُلْنا: إنَّه واجِب. قال ابنُ تميم: وكلامُ ابن عقيل يحْتَمِلُ وَجْهَين، إذا قُلْنا: إنَّه واجِب.
تنبيهات؛ أحدُها، ظاهرُ قولِه: النافِلَةُ على الراحلَةِ في السفرِ الطَّويل والقَصيرِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّها لا تصِحُّ في الحضَرِ مِن غيرِ اسْتِقْبالِ القِبلةِ. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنهْ، يسْقُط الاسْتِقْبالُ أَيضًا إذا تنفَّلَ في الحضَر، كالراكبِ السائرِ في مِصْرِه. وقد فعَلَه أنس. وأطْلَقَهما في «الفائقِ» ، و «الإرْشادِ» . الثاني، كلامُ المُصَنفِ وغيرِه، ممن أطْلقَ، مُقَيد بأنْ يكونَ السفَرُ مباحًا؛ فلو كان مُحَرما ونحوَه، لم يسْقُطْ الاسْتِقبالُ. قالَه في «الفروعِ» وغيرِه. الثالث، لو أمكنَه أنْ يدورَ في السفينةِ والمِحَفَّةِ (1) إلى القِبْلَةِ في كل الصلاةِ، لَزِمَه ذلك. على الصحيح مِنَ المذهب. نص عليه. وقدمه ابنُ تَيمم، وابنُ منجى في «شرحِه» ؛ و «الرعاية» . وزاد، العَماريةِ (2) والمَحمَلِ ونحوهما. قال في «الكافِي»: فإن أمكنَه الاسْتِقبالُ والركوعُ والسجود، كالذى في العَمارية، لَزمَه ذلك لأنه كراكبِ السفينَةِ. وفي «المغني» ، و «الشرح» نحو ذلك. وقيلَ: لا يلْزَمُه. اخْتارَه الآمِدِي. ويَحْتَملُه كلامُ المصَنفِ في المِحَفَّةِ ونحوِها. قال في «الفروعِ» : لا يجِبُ في أحَدِ الوَجْهَين. وقال: وأطْلَقَ في رواية أبي طالِب وغيرِه، أنْ يدورَ. قال: والمرادُ غيرُ المَلاح لحاجَتِه. الرابع، يدورُ في ذلك في
(1) المحفة بالكسر: مركب للنساء كالهودج، إلَّا أنها لا تقبب.
(2)
العمارية: هودج يُحمَل على الدابة. انظر: معجم دوزى (Dozy).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفَرْض. على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يجِبُ عليه ذلك. وهو احْتِمال لابن حامِد [ويأتِي في صلاةِ أهْلِ الأعْذار](1).
(1) زيادة من: ش.
وَهَلْ يَجُوزُ التَنَفُّلُ لِلْمَاشِي؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
قوله: وهل يَجُوزُ التنفل للماشي؟ على رِوايتيْن. وأطْلقَهما في «الكافِي» ، و «الشَّرح» ، وابن مُنَجَّى في «شَرْحه» ، و «الزرْكشى» ؛ إحْداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِداية» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التلْخِيص» ، و «البُلْغةِ» ، و «الرعايتيْن» ، و «نظْمِ نِهاية» ابن زرين. وصححه في «التصحيح» ، والمجْدُ في «شرحه» ، وابنُ تَميمٍ، والناظِمُ. قال في «الفروع»: وعلى الأصَحِّ، وماشيًا. وقدمه في «المُحَررِ» ، و «الفائقِ» . واخْتارَه القاضي. والروايةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّانية، لا يجوزُ. وهو ظاهر كلام الخِرَقِي. وجزَم به «الوَجيزِ» ، و «الإفاداتِ» . ونصها المصنف في «المُعْنِي» (1) للخِلافِ. فعلى المذهبِ، تصح الصلاةُ إلى القِبْلةِ بلا خلاف أعلمه. ويأتي الجوابُ عن قول المصَنفِ: فإنْ أمْكنَه افتتاح الصلاةِ إلى القِبْلةِ. ويركَعُ ويسْجُدُ فقط إلى القِبْلةِ، ويفْعلُ الباقي إلى جهَةِ سيْرِه، على الصَّحيح المذهبِ في ذلك كله. قدمه في «المُغْنِي» ، و «الشرحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ ابن مُنَجى» ، و «شرحِ الهِداية» ، و «الرعايةِ». واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقيل: يومِئُ بالركوع والسُّجودِ إلى جِهَةِ سيْره، كراكبٍ. اخْتارَه الآمِدِي، والمَجْدُ في «شرْحِه» .
وقيل: يمشى حالَ قيامِه إلى جِهَتِه، وما سِواه يفْعلُه إلى القِبْلةِ غيرَ ماشٍ، بل
(1) انظر: المغني 2/ 99.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يقفُ، ويفْعله. وأطْلَقَهُن ابن تميمٍ.
فائدة: لا يجوزُ التنفلُ على الراحِلَةِ لراكبِ التعاسِيفِ، وهو ركوبُ الفَلاةِ وقطْعها على غيرِ صَوْب. ذكَرَه صاحِبُ «التَّلْخيص» ، و «الرعاية» ، و «الفُروعِ» ، و «ابن تميم» ، وغيرهم. قلتُ: فيُعايى بها وهو مستثنى مِن كلامَ مَن أطْلَقَ.
فَإنْ أمكَنَهُ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ إلَى الْقِبْلَةِ، فَهَلْ يلزمه ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
قوله: فإنْ أمكنَه -أيِ الراكِبَ- افْتِتاح الصلاةِ إلى القِبْلَةِ، فهل يلْزَمُه ذلك؛ على رِوايَتين. وأطْلقهما في «الشرحِ» ، و «الفائق» . وحَكاهما في «الكافِي» وَجْهَين؛ أحَدُهما، يلْزَمُه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِداية» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المستوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «والمحرَّر» ، و «الوَجيزِ» ، و «المنور» ، وغيرهم. وصححه الناظِمُ. قال أبو المَعالِي وغيره: وهي المذهبُ. قال المَجدُ في «شرْحِه» : هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «الفروع» : ويلْزَمُ الراكِبَ الإحرامُ إلى القبْلةِ بلا مَشقة: نقلَه واخْتارَه الأكثر. قال ابنُ تميم: يلْزَمُه في أظْهَرِ الروايتين. قال في «تَجْرِيدِ العِنَاية» : يلْزَمُه على الأظهر. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقى. وقدمه الزركشى. والرواية الثَّانية، لا يلْزَمه. واخْتاره أبو بَكْر. وجزَم به في «الإسناد» . وقدمه في «الرعايتَيْن» . وهذه الرواية خرجَها أبو المَعالى والمُصَنف، مِنَ الرواية التى في صَلاةِ الخوف، وقد نقَل أبو داودَ وصالِح، يُعْجِبُنى ذلك.
فوائد؛ الأولَى، إذا أمكنَ الراكبَ فِعلها راكِعا وساجِدًا بلا مشقة، لَزِمه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نص عليه. وقيل: لا يَلْزَمُه. قال في «الفُروعِ» : وذكَره في «الرِّعايةِ» رواية، للتساوِي في الرُّخَص العامَّةِ. انتهى. ولم أجده في «الرعاية» إلَّا قوْلا. واخْتارَه الآمِدِي، والمَجْد في «شرحِه» ، وأطْلَقَهما في «الفائق» . وتقدم نظِيرُه في دَورانِه. الثَّانية، لو عدلَتْ به دابته عن جهَةِ سيره، لعجزِه عنها، أو لجِماحِها ونحوه، أو عدَل هو إلى غيرِ القِبْلةِ غفْلَة، أوَ نوْمًا، أو جَهْلًا، أو لظنه أنها جِهَةُ سيرهِ وطالَ، بَطلتْ. على الصحيح منَ المذهبِ. وقيل: لا تبطُلُ، فيَسْجُدُ للسهْوِ؛ لأنه مغْلوب كَساه. وأطْلَقَهما ابنُ تَميم، وابنُ حمْدانَ، في «الرعايةِ» وقيل: يسْجُدُ بعدولِه هو. وإنْ قصُر لم تبطُلْ، ويَسْجُد للسهْو. قلتُ: وحيث قلْنا: يسْجُدُ لفِعْلِ الدابةِ. فيُعايى بها. وإنْ كان غيرَ معذور في ذلك بأنْ عدَلَتْ دابته وأمْكنَه ردُّها، أو عدَل إلى غيرِ القبْلةِ مع عِلْمِه، بَطلت. وإنِ انْحَرَف عن جِهَةِ سيْرِه، فصار قفَاهُ إلى القِبْلةِ عمْدًا، بطلتْ، إلَّا أنْ يكونَ انْحِرافه إلى جِهَةِ القِبْلةِ. ذكَرَه القاضي. وهي مسألة الالْتِفاتِ المبْطِلِ. الثالثة، متى لم يَدُمْ سيره، فوقفَ لتَعَبِ دابتِه، أو منتظِرا للرُّفْقَةِ، أو لم يَسِرْ كَسَيْرِهم، أو نوَى النزول ببَلَد دخَله، استقْبَلَ القِبْلَةَ. الرابعةُ، يشْتَرَطُ في الراكبِ طهارة مَحلُّه، نحوَ سرْجٍ ورِكابٍ. الخامسةُ، لو ركِبَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُسافرُ النازِلُ، وهو يصَلِّي في نَفْلٍ، بَطَلتْ. على الصحيحِ من المذهب. وقيل: يتمُّه كرُكوب ماشٍ فيه. وإنْ نزَلَ الراكبُ في أثنائِها، نزَل مسُتقْبِلًا وأتمَّها. نص عليه.
تننيهان؛ أحدُهما، الضميرُ في قوله: فإنْ أمْكَنَه. عائدٌ إلى الراكب فقط، ولا يجوزُ عوْدُه إلى الماشى، ولا إلى الماشى والراكبِ قطعًا؛ لأن الماشى إذا قلْنا: يباح له التَّطَوعُ. فإنَّه يَلْزَمُه افْتِتاحُ الصلاةِ إلى القِبْلةِ، قوْلا واحدًا، كما تقدم. وأيضًا فإن قوْلَه: فإنْ أمْكَنَه. فيه إشْعارٌ بأنه تارَةً يُمكِنُه، وتارة لا يمكِنُه. وهذا لا يكونُ إلَّا في الراكبِ؛ إذِا الماشي لا يُتَصَورُ أنَّه لا يُمْكِنه. ولا يصِحُّ عوْدُه إليهما لعدَمِ صحةِ الكلامِ. فيَتَعَينُ أنَّه عائدٌ إلى الرَّاكب، وهو صحيح. لكنْ قال ابنُ منجَّى في «شرحِه»: في عَوْدِه إلى الراكب أيضًا نظَر؛ لأن الروايتَيْن المذْكورَتين إنما هما في حالِ المُسايفَةِ. قال: ولقد أمْعَنْتُ في المطالعَةِ والمُبالغةِ مِن أجْلِ تصْحِيحِ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قلتُ: ليس الأمْرُ كما قال؛ فإنَّ جماعة مِنَ الأصحابِ صرَّحوا بالرِّوايتَيْن؛ منهمُ الشارح، وابنُ تميم، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «تجْريدِ العناية» ، وغيرُهم. وقد تقدم أن أَبا المَعالى والمُصَنِّفَ خرجًا رِواية بعدمِ اللزومِ، فذِكْرُ المُصَنِّفِ الروايتَيْن هنا اعْتِمادًا على الروايةِ المُخَرجَةِ، فلا نظَر في كلامِه، وإطْلاق الرِّوايةِ المُخَرجَةِ مِن غيرِ ذِكْر التخريج، كثير في كلامِ
وَالْفَرْضُ فِي الْقِبْلَةِ إِصَابَةُ الْعَيْنِ لِمَنْ قرُبَ مِنْهَا، وإصَابَةُ الْجِهَةِ لِمَنْ بَعُدَ عَنْهَا.
ــ
الأصحابِ. وأيضًا فقد قال في «الفُروعِ» : نقَل صالِحٌ، وأبو داودَ: يُعْجِبنى للراكب الإحرامُ إلى القِبْلةِ. وجمهورُ الأصحابِ أن ذلك للندْبِ، فلا يلزمه، فهذه رِواية بأنه لا يلْزَمُه. الثاني، مفْهوم كلامِ المصنفِ، أنَّه إذا لم يُمْكِنْه الافتتاح إلى القِبْلةِ، لا يلزمُه، قوْلا واحدًا. وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه الأصحاب. وقال القاضي: يحْتَمِلُ أنْ يلْزَمَه. ذكَرَه عنه في «الشرح» .
قوله: والفَرْض في القِبْلَةِ إصابةُ العين لمن قربَ منها. بلا نِزاع، وأَلْحَقَ الأصحابُ بذلك مسْجِدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وما قربَ منه. قال الناظِمُ: وفي معناه كل موْضع ثَبَتَ أنَّه صلى فيه، صلَواتُ الله وسلامُه عليه، إذا ضُبِطت جهَته. وألحَقَ الناظِمُ بذلك أَيضًا مسْجدَ الكوفَةِ؛ قال: لاتفاقِ الصحابةِ عليه. ولم يذْكرْه الجُمْهورُ. وقال في «النُّكَتِ» : وفيما قالَه الناظِمُ نظر، لأنهم لم يُجْمِعوا عليه، وإنما أجْمَعَ عليه طائفةٌ منهم. وظاهِرُ كلامِ ابن منَجَّى في «شَرْحِه» ، وجماعةٍ، عدَمُ الإلْحاقِ في ذلك كله. وإليه ميْلُ بعض مَشَايخِنا، وكان ينْصره. وقال الشارحُ: وفيما قالَه الأصحابُ نظر. ونصَر غيرَه.
فوائد؛ الأولَى، يَلْزَمُه اسْتِقْبالُ القِبْلةِ ببَدنِه كلِّه. على الصحيح مِنَ المذهبِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نصَّ عليه. وقيلَ: ويُجْزِئُ ببَعضِه أَيضًا. اخْتارَه ابنُ عَقِيل. الثانيةُ، المراد بقولِه: لمن قربَ منها. المُشاهِدُ لها، ومَن كان يُمكنه مِن أهْلِها، أو نشأ بها مِن وراءِ حائل مُحْدَث؛ كالجُدرانِ ونحوِها، فلو تعَذَّرَ إصابة العَين للقريبِ، كمن هو خلف جبل ونحوِه، فالصحيح مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يجْتَهِدُ إلى عَينها. وعنه، أو إلى جِهَتِها. وذكر جماعة مِنَ الأصحاب، إنْ تَعَذَّرَ إصابة العين للقريبِ، فحُكْمه حُكمُ البعيدِ. وقال في «الواضِحِ»: إنْ قدَر على الروايةِ، إلَّا أنَّه مُستتِر بمنزل أو غيره، فهو كمشاهِدٍ. وفي رِواية، كبَعيد. الثَّالثةُ، نص الإمامُ أحمدُ، أن الحِجرَ مِن البَيتِ. وقَدْرُه سِتَّةُ أذرُعٍ وشئ. قاله في «التلخيص» وغيرِه. وقال ابنُ أبِي الفَتْحِ: سَبْعَة. وقدم ابنُ تميم، وصاحِبُ «الفائقِ» ، جوازَ التَّوَجُّهِ إليه، وصححه في «الرعاية» . وهو ظاهرُ ما قدمه في «الفُروعِ» . قال الشيخُ تقِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدينِ: هذا قِياس المذهبِ. والداخِلُ في حدودِ البيتِ سِتةُ أذرُعٍ وشئ. قال القاضي في «التعليقِ» : يجوزُ التوجه إليه في الصلاةِ. وقال ابنُ حامِد: لا يصِح التوَجُّهُ إليه. وجزَم به ابن عَقِيل في النسخ. وجزَم به أبو المعالي في المَكى. وأما صلاةُ النافِلَةِ، فمُسْتَحَبة فيه. وأما الفَرض، فقال ابنُ نصْرِ اللهِ، في «حَواشى الفُروعِ»: لم أر به نقْلا، والظاهِرُ أن حُكْمَها حُكمُ الصلاةِ في الكَعْبَةِ. انتهى. قلتُ: يتوَجهُ الصحةُ فيه، وإن مَنَعْنا الصحةَ فيها.
قوله: وإصابَة الجِهَةِ لمَن بَعُدَ عنها. وهذا المذهبُ. نصٌّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وهو المعمولُ به في المذهبِ. قال في «الفرِوعِ»: على هذا كلامُ أحمدَ والأصحابِ. وصححه في «الحاوِيين» . فعليها يعفى عن الانحِرافِ قليلًا. قال المجْدُ في «شرحِه» وغيرِه: فعليها لا يضر التيامُنُ والتياسر ما لم يخرُجْ عنها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعنه، فرْضه الاجْتِهاد أبي عينِها والحالَة هذه. قدمه في «الهِدايةِ» ، و «الخلاصة» ، و «الرِّعايتيْن» ، و «الحاويَيْن». قال أبو المَعالى: هذا هو المشهورُ. فعليها يضرُّ التيامُنُ والتياسر عن الجِهَةِ التى اجْتَهَد إليها. وقال في «الرعاية» على هذه الرواية: إنْ رفَع وَجْهَه نحوَ السماء، فخرَج به عنِ القِبلةِ، منعَ. قال أبو الحُسَيْن ابنُ عَبْدُوس، في كتاب «المُهَذب»: إن فائدَة الخِلافِ في أنْ الفَرْضَ في اسْتِقْبالِ القِبْلةِ، هل هو العَينُ أو الجِهَة؛ إنْ قلْنا: العَينُ. فمتى رفَع رأسه ووَجْهَه إلى السَّماءِ حتَّى خرج وَجْهُه عن مُسامَتَةِ القِبلَةِ، فسَدَتْ صلاتُه. قال ابنُ رَجبٍ، في «الطَّبَقاتِ»: كذا قال. وفيه نظر. انتهى. ونقَل
فَإنْ أمْكَنَهُ ذلِكَ بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ يَقِينٍ أوِ اسْتِدْلَالٍ بِمَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ، لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهِ. وَإنْ وَجَدَ مَحَارِيبَ لَا يَعْلَمُ هَل هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ أوْ لَا، لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهَا.
ــ
مُهَنَّا وغيرُه: إذا تجَشَّأ وهو في الصَّلاةِ، يَنْبِغى أنْ يرْفَعَ وَجْهَه التي فوقُ، لئلَّا يُؤذِيَ مَن حوْلَه بالرَّائحةِ. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»: يسْتَديرُ الصَّفَّ الطَّويلَ. وقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «فَتاوِيه» : في اسْتِدارةِ الصَّفِّ الطويلِ رِوايَتان، إحْدَاهما، لا يَسْتَديرُ؛ لخفائِه وعُسْرِ اعْتِبارِه. الثَّانية، ينْحَرِفُ طَرَفَ الصَّفِّ يسيرًا، يجمعُ به توَجُّهَ الكُلِّ إلى العَينِ.
فائدة: البُعْدُ هنا هو بحيثُ لا يقْدِرُ على المُعاينَةِ، ولا على مَن يُخْبِرُه عن عِلْمٍ. قالَه غيرُ واحدٍ مِنَ الأصحابِ، وليس المُرادُ بالبُعْدِ مَسافَةَ القَصْرِ، ولا بالقُرْبِ دُونَها. قال في «الفُروعِ»: ولم أجِدْهُم ذكَرُوا هنا ذلك.
قوله: فإنْ أمْكنَه ذلك بِخَبَرِ ثِقَةٍ عن يقين، أوِ اسْتِدْلالٍ بمَحارِيبِ المسلمين، لَزِمَه العَمَل به. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يُشْتَرَطُ في المُخْبِرِ أنْ يكونَ عَدْلًا، ظاهِرًا وباطِنًا، وأن يكونَ بالِغًا. جزَم به في «شَرْحِه» . وهو ظاهِرُ كلام الشَّارِحِ وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، وصَحَّحه. وقيلَ: ويكْفِي مَسْتورُ الحالِ أَيضًا. صَحِّحه ابنُ تَمِيمٍ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصُّغْرى، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يكْفِي أَيضًا خَبَرُ المُمَيِّزِ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ فيه.
تنبيهٌ: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُقْبَلُ خَبَرُ الفاسقِ في القِبْلَةِ. وهو صحيحٌ، لكنْ قال ابنُ تَميمٍ: يصِحُّ التوَجُّهُ إلى قِبْلَتِه في بَيْتِه. ذكرَه في «الإشاراتِ» . وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» : قلتُ: وإنْ كان هو عمِلَها، فهو كإخْبارِه بها.
قوله: عن يَقينٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا يَلْزَمُه العملُ بقوْلِه إلَّا إذا أخْبَرَه عن يَقينٍ، فلو أخْبَرَه عن اجْتِهادٍ، لم يَجُزْ تقْليدُه، وعليه الجمهورُ. قال في «الفُروعِ»: لم يَجُزْ تقْليدُه، في الأصَحِّ. قال ابنُ تَميمٍ: لم يُقَلِّدْه، واجْتَهَدَ في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأظْهَرِ. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وقيل: يجوزُ تقْليدُه. وقيل: يجوزُ تقْليدُه إنْ ضاقَ الوقْتُ، وإلَّا فلا. وذكرَه القاضي ظاهرَ كلامِ الإمامِ أحمدَ، واخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهمُ الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ، ذكرَه في «الفائقِ». وقيل: يجوزُ تقْليدُه إنْ ضاقَ الوقْتُ، أو كان أعْلَمَ منه. وقال أبو الخطَّابِ، في آخِرِ «التَّمْهيدِ»: يُصَلِّيها حسَبَ حالِه، ثم يُعيدُ إذا قدَر، فلا ضَرورةَ إلى التَّقْليدِ، كمَن عدِمَ الماءَ والتُّرابَ، يُصَلِّي ويُعيدُ.
قوله: لَزِمَه العَمَل به. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ انَّه يَلْزَمُه العَمَلُ بقوْلِ الثِّقَةِ إذا كان عن يَقِين. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «التَّلْخيصِ»: ليس للعالِمِ تقْليدُه. قال ابنُ تَميمٍ: وهو بعيدٌ. وقيل: لا يَلْزَمُه تقْلِيدُه مُطْلقًا.
قوله: أوِ اسْتِدْلالٍ بمَحارِيبِ المسْلِمِينَ، لَزِمَه العَمَلُ به. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يَلْزَمُه العمَلُ بمَحارِيبِ المُسْلِمِينَ، فيَسْتَدِلُ بها على القِبْلَةِ، وسواءٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كانوا عُدولًا أو فُسَّاقًا. وعليه الأصحابُ. وعنه، يَجْتَهِدُ إلَّا إذا كان بمدينةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم وعنه، يَجْتَهِدُ ولو بالمدينةِ، على ساكِنِها أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام. ذكَرَها ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «الإقْناعِ» ، و «الوَجيزِ». قلتُ: وهما ضعِيفان جدًّا. وقطَع الزَّرْكَشِيُّ بعدَمِ الاجْتِهادِ في مكَّةَ والمدينةِ، وحكَى الخِلافَ في غيرِهما.
تنبيه: مفْهومُ قولِه: أو اسْتِدْلالٍ بِمَحارِيبِ المُسْلِمينَ أنَّه لا يجوزُ الاسْتِدْلالُ بغيرِ مَحَاريبِ المُسْلِمينَ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وجزَم
وَإنِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ في السَّفَرِ، اجْتَهَدَ في طَلَبِهَا بِالدَّلَائِلِ، وَأثْبَتُهَا الْقُطْبُ اذَا جَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، كَانَ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ.
ــ
به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعَ» ، و «الرِّعايَةِ» . وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ،: لا يجوزُ الاسْتِدْلالُ بمَحاريبِ الكُفَّارِ إلَّا أنْ يعْلمَ قِبْلَتَهم، كالنَّصارَى. وجزَم به ابنُ تَميمٍ. وقال أبو المَعالِي: لا يَجْتَهِدُ في مِحْرابٍ لم يعرفْ بمَطْعَنٍ بقرْيِةٍ مَطروقَةٍ. قال: وأصَحُّ الوَجْهَيْن، ولا يَنْحَرِفُ؛ لأنَّ دَوامَ التوَجُّهِ إليه كالقَطْعِ، كالحَرَمَيْن.
قوله: فإنِ اشْتَبهَتْ عليه يحيى السَّفَرِ، اجْتَهَد في طَلَبِها بالدَّلائلِ. الصَّحيحُ مِنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهب، أنَّه إذا اشْتَبَهَتْ عليه القْبْلَة في السَّفَرِ، اجْتَهَدَ في طلَبِها، فمتى غلَب على ظَنِّه جهَة القِبْلَةِ، صلَّى إليها. وعليه الجمهورُ. وفيه وَجْهٌ؛ لا يَجْتَهِد، ويجِبُ عليه أَنْ يصَلِّيَ إلى أربَعِ جِهاتٍ. وخرَّجه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» وغيرِه، مِن منْصوصِه في الثِّيابِ المُشْتَبِهةِ. وهو رِوايةٌ في «التَّبْصِرَةِ» .
قوله: وأثْبَتُها القُطْبُ. إذا جَعْلَه وراءَ ظَهْرِه، كان مُسْتَقْبِلًا القِبْلَةَ. وهذا
وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَمَنَازِلُهُمَا، وَمَا يَقْتَرِنُ بهِمَا وَيُقَارِبُهُمَا،
ــ
المذهب، وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: ينْحَرِفُ في دِمَشْقَ وما قاربَها إلى المشْرق قليلًا، وكلَّما قَرُبَ إلى المغْرِبِ، كان انْحِرافُه أكْثَرَ، وينْحَرِفُ بالعِراقِ وما قارَبَه التي المغرِبِ قليلًا، وكلَّما قَرُبَ إلى الشَّرْقِ، كان انْحِرافُه أكْثَرَ.
تنبيه: مُرادُه بقولِه: إذا جَعَلَه وراءَ ظَهْرِه، كان مُسْتَقْبِلًا القِبْلَةَ. إذا كان
كُلُّهَا تَطْلُعُ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَتَغْرُبُ في الْمَغْرِبِ عَنْ يَمِينِ المُصَلَّى.
ــ
بالعِراقِ، والشَّامِ، وحرَّانَ، وسائرِ الجزيرةِ، وما حاذَى ذلك. قالَه في
وَالرِّيَاحُ الْجَنُوبُ تَهُبُّ مُسْتَقْبِلَةً لِبَطنِ كَتِفِ الْمُصَلِّي الْيُسْرَى، مَارَّةً إِلَى يَمِينِهِ،
ــ
«الحاوِي» وغيرِه. فلا تَتَفاوَتُ هذه البُلْدانُ في ذلك إلَّا تَفاوُتًا يسِيرًا معْفوًّا عنه. قوله: والرِّياحُ. الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ الرِّياحَ ممَّا يُسْتَدَلُّ به على القِبْلَةِ، على صِفَةِ ما قالَه المُصَنِّفُ، وعليه الأصحابُ. وقال أبو المَعالِي: الاسْتِدْلالُ بالرِّياحِ ضعيفٌ.
فوائد؛ الأُولَى، الجَنُوبُ تهُبُّ بينَ القِبْلَةِ والمَشْرقِ. والشَّمالُ تُقابِلُها. والدَّبُورُ تَهُبُّ بينَ القِبْلَةِ والمغْربِ. والصَّبا تُقابِلُها، وتُسَمَّى القَبُولُ؛ لأنَّ بابَ الكَعْبَةِ يقابِلُه، وعادةُ أبْوابِ العرب إلى مطْلع الشَّمْسِ فتُقابِلُهم. ومنه سُمِّيَتِ
والشَّمَالُ مُقَابِلَتُهَا تَهُبُّ إلَى مَهَبِّ الْجَنُوبِ، وَالدَّبُورُ تَهُبُّ مُسْتَقْبِلَةٌ شَطر وَجْهِ الْمُصَلِّي الْأَيْمَنَ، وَالصَّبَا مُقَابِلَتُهَا تَهُبُّ إلَى مَهَبِّهَا.
ــ
القِبْلَةُ. قال ابن مُنَجَّى في «شرحِه» : والرِّياحُ التي ذكَرها المُصَنِّفُ دلائِلُ أهْلِ العراقِ، فأمَّا قِبْلَةُ الشَّامِ، فهي مُشَرَّقَةٌ عن قِبْلَةِ العراقِ، فيكون مَهَبُّ الجَنُوبِ لأهْلِ الشَّامِ قِبْلَة، وهو مِنْ مَطْلعِ سُهَيلٍ إلى مَطْلعِ الشَّمْسِ في الشِّتاءِ. والشَّمالُ مُقابِلَتُها تهُب مِن ظَهْرِ المُصَلّى؛ لأن مهَبَّها مِنَ القُطْبِ إلى مغْربِ الشَّمْسِ في الصِّيْفِ. والصَّبا تهُبُّ عن يَسْرَةِ المُتَوَجِّه إلى قِبْلَةِ الشَّامِ؛ لأنَّ مهَبَّها مِن مَطْلعِ الشَّمْسِ في الصَّيفِ إلى مَطْلِع العَيُّوقِ. قالَه الفَرَّاءُ. والدُّبُورُ مُقابِلَتُها. الثَّانيةُ، ممَّا يُسْتدَلُّ به على القِبْلَةِ، الأنْهارُ الكبارُ غيرُ المَحْدودةِ، فكلُّها بخِلْقَةِ الأصْلِ تجْرِي مِن مَهَبِّ الشَّمالِ من يَمْنَةِ المُصَلَّى إلى يَسْرَتِه على انْحِرافٍ قليلٍ، إلَّا نهْرًا بخُراسانَ ونَهْرًا بالشَّامِ عكسَ ذلك؛ فلهذا سُمِّيَ الأوَّلُ المَقْلُوبَ، والثَّاني العاصِي. وممَّن قال: يُسْتَدَلُّ بالأنْهارِ الكِبارِ؛ صاحبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، والمَجْدُ. في «شَرْحِه» ، و «الرِّعايَتيْن» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاويَيْن» ، وابن تَمِيمٍ، وغيرُهم. وممَّا يُسْتَدَلُّ به أيضًا على القِبْلَةِ الجِبال، فكُلُّ جبَلٍ له وَجْهٌ مُتَوَجِّهٌ إلى القِبْلَةِ يعْرفُه أهْلُه ومن مَرَّ به. قال في «الفُروعِ»: وذلك ضعيفٌ. ولهذا لم يذْكره جماعةٌ. وممَّا يُسْتدَلٌّ به أيضًا على القِبْلَةِ؛ المَجَرَّةُ في السَّماءِ. ذكرَه الأصحابُ، فتكونُ مُمْتَدَّةٌ على كَتِفِ المُصَلَّى الأيْسَرِ إلى القِبْلَةِ [في أوَّل اللَّيْلِ](1)، وفى آخرِه على الكَتِف الأيْمَنِ في الصَّيْفِ، وفى الشِّتاءِ تكونُ أوَّلَ الليلِ مُمْتَدَّةٌ شرْقا وغربًا على الكَتِفِ الأيمنِ إلى نحوِ جِهَةِ المَشْرِقِ، وفى آخره على الكَتِفِ الأيمَنِ. قالَه غيرُ واحدٍ. وقال في «الفُروعِ»: وهذا إنَّما هو في بعْضِ
(1) زيادة من: ش.
وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ، لَمْ يَتْبَعْ أحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. وَيَتْبَعُ الْجَاهِلُ وَالْأَعْمَى أوْثَقَهُمَا في نَفْسِهِ.
ــ
الصَّيْفِ. الثَّالثةُ، يُسْتَحَب أنْ يتَعلَّمَ أدِلَّةَ القِبْلَةِ والوقْتَ. وقال أبو المَعالِي: يَتَوَجَّهُ وُجُوبُه ولا يَحْتَمِلُ عكْسُه لنُدْرَته. قال أبو المَعالِي وغيرُه: فإنْ دخَل الوقْت وخَفِيَتِ القِبْلَةُ عليه، لَزِمَه، قوْلًا واحدًا؛ لقِصَير زَمَنِه. وقال الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه: ويُقَلِّدُ لضيقِ الوَقْتِ؛ لأنَّ القِبْلَةَ يجوز ترْكُها للضَّرورةِ. قال في «الحاوِي الصَّغيرِ» : ويلْزَمُه التَّعَلُّمُ مع سَعَةِ الوَقْتِ، ومع ضِيقِه يُصَلِّي أربَعَ صَلَواتٍ إلى أرْبَعِ جِهاتٍ. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: فإن أمْكَنَ التَّعَلُّمُ في الوَقتِ، لَزِمَه. وقيلَ: بل يُصَلِّي أربَعَ صَلَواتٍ إلى أرْبَعِ جِهاتٍ.
قوله: وإذا اخْتلَف اجْتِهادُ رَجُلَيْن، لم يَتْبِعْ أحَدُهما صَاحِبَه. إذا اخْتلَف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُجْتَهِدانِ، لم يَتْبَعْ أحَدُهما الآخَرَ قَطْعًا، بحيث إنَّه يَنْحَرِفُ إلى جِهَتِه. وأمَّا اقْتِداءُ أحَدِهما بالآخرِ، فتارةً يكونُ اخْتِلافُها في جِهَةٍ، بأنْ يمِيلَ أحدُهما يمينًا والآخرُ شِمالًا، وتارةٌ يكونُ في جِهَتَيْن؛ فإنْ كان اخْتِلافُها في جِهَةٍ واحدةٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يصِحُّ ائتِمامُ أحدِهما بالآخرِ. وعليه جماهيرُ الأصحاب حتَّى قال الشَّارِحُ وغيرُه: لا يخْتِلفُ المذهبُ في ذلك. وفيه وَجْهٌ؛ لا يجوزُ أنْ يأتَمَّ أحدُهما بالآخَر والحالَةُ هذه. ذكَرَه القاضي. وإنْ كان اخْتِلافُهما في جِهَتَيْن، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ اقْتِداءُ أحدِهما بالآخرِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع يه كثيرٌ منهم. وقال المُصَنِّفُ: قِياسُ المذهبِ جوازُ الاقْتِداءِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال الشَّارِحُ: وهو الصَّحيحُ. وذكرَه في «الفائقِ» قوْلًا. وقال: كإمامَةِ لابِسِ جُلودِ الثَّعالِبِ، ولامِسِ ذَكَرِه. وقد نصَّ فيهما على الصَّحيحِ. قلت: يأتِي الخِلاف في ذلك، أعْنى، إذا تركَ الإمامُ رُكْنًا أو شَرْطًا مُعْتَقِدًا أنَّه غيرُ شَرْطٍ، والمأمومُ يعْتَقِدُ أنَّه شَرْطٌ، في باب الإمامَةِ. وقال الآمِدِيُّ: إذا اقْتَدَى به، صحَّتْ صلاة الإمامِ دونَ المأمومِ. ثم قال: والصَّحيحِ بُطْلانُ صلاِتهما جميعًا. وقال في «الفُروعِ» : وظاهِرُ كلامِهم، يصِحُّ ائْتِمَامُه به إذا لم يَعْلَمْ حالَه.
فائدتان؛ الأُولَى، لوِ اتَّفَقَ اجْتِهادُهما فائْتَمَّ أحدُهما بالآخَر، فمَن بانَ له الخطَأُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
انْحَرَفَ وأتَمَّ، ويَنْوِي المأمومُ المُفارقة للعُذْرِ ويُتِمُّ، ويتْبَعْه مَن قلَّده، في أصَحِّ الوَجهَيْن. الثَّانيةُ، لوِ اجْتَهَدَ أحدُهما، ولم يجْتَهِدِ الآخر، لم يَتْبعْه، عندَ الإمام أحمدَ وأَكْثرِ الأصحابِ. وقيل: يَتْبَعُه إنْ ضاقَ الوَقْتُ، وإلا فلا. جزَم به في «الحاوِي» . وأطْلَقَهما الزَّركَشِيُّ.
قوله: ويَتْبَعُ الجاهِلُ والأعْمَى أوْثَقَها في نفْسِهِ. الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ وُجوبُ تقْليدِ الأَوْثَقِ مِنَ المُجْتَهدَيْن في أدِلَّةِ القِبْلةِ للجاهلِ بأدِلَّةِ القِبْلةِ والأعْمَى. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ وغيره: هذا ظاهرُ المذهبِ. وقدَّم في «التِّبصِرَةِ» ، لا يجبُ. واخْتارَه الشَّارِحُ وغيرُه، فيُخَيَّرُ. وهو تخْريجٌ في «الفُروعِ» كعامِيٍّ في الفُتْيا، على أصَحِّ الرِّوايتَيْن فيه. وقال في «الرِّعايَةِ»: متى كان أحدُهما أعْلَمَ والآخرُ أدْيَنَ، فأيُّهمَا أوْلَى؟ فيه وَجْهان.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحْداهما، متى أمْكنَ الأعْمى الاجْتِهادُ، كمَعْرِفَتِه مَهَبَّ الرِّيحِ، أو بالشَّمْسِ ونحوِ ذلك، لَزِمَه الاجْتِهادُ، ولا يجوزُ له أنْ يُقَلِّدَ. الثَّانية، لو تَساوَى عندَه اثْنانِ، فلا يَخْلو، إمَّا أنْ يكونَ اخْتِلافهما في جِهَةٍ واحدةٍ، أو في جِهَتَيْن؛ فإنْ كان في جِهَةٍ واحدةٍ، خَيْرٌ في اتِّباعِ أيُّهما شاءَ، وانْ كان في جِهَتَيْن، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُخَيَّرُ أَيضًا. وعليه الجمهورُ. وقال ابن عَقِيلٍ: يُصَلِّي إلى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجِهَتَيْن.
وَإذَا صَلَّى الْبَصِيرُ في حَضَرٍ فَأخْطَأ، أوْ صلَّى الْأَعْمَى بِلَا دَلِيل، أَعادَا.
ــ
قوله: وإذا صَلَّى البَصيرُ في خضَرٍ فأخْطَأ، أو صَلَّى الأعْمَى بِلا دَليلٍ، أعَادَا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ البَصِيرَ إذا صلَّى في الحضَرِ فأخْطَأ، عليه الإِعادة مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُعيدُ إذا كان عنِ اجْتِهادٍ. احْتَجَّ أحمدُ بقضِيَّةِ أهلِ قُبِاءَ. وتقدَّم أنَّ ابن الزَّاغُونِيِّ حكى روايةً؛ أنَّه يَجْتهِدُ ولو في الحضَرِ.
فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْأَعْمَى مَنْ يُقَلِّدُهُ، صَلَّى، وَفِي الْإعَادَةِ وَجْهَانِ.
ــ
تنبيهات؛ الأوَّلُ، مفْهومُ كلامِه أنَّ البَصِيرَ إذا صلَّى في الحضَرِ ويُخْطِئُ، اِّنه لا يُعيدُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقيل: يعيدُ؛ لأنَّه ترَك فرْضَه، وهو السُّؤال. الثَّاني، ظاهِر كلامِه، أنَّ مَكَّةَ والمدينةَ، على ساكِنِها أفْضل الصَّلاةِ والسلام، كغيرِهما في ذلك. وهو صحيحٌ، وهو ظاهر كلامٍ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وصرَّح به ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. قال القاضي في «التَّعْليقِ»: ومَكِّيٍّ كغيرِه، على ظاهرِ كلامِه؛ لأنَّه قال في رِوايةِ صالحٍ: قد تَحَرَّى. فجعَل العِلَّةَ في الإجْزاء وُجودَ التَّحَرِّي، وهذا موجودٌ في المَكِّيِّ، وعلى أنَّ المَكِّيِّ إذا علِمَ بالخطَأ، فهو راجِعٌ من اجْتِهادٍ إلى يَقِين، فيُنقَضُ اجْتِهادُه، كالحاكم إذا اجْتهدَ ثم وجَد النَّصَّ. وفي «الانْتِصارِ»: لا نُسَلِّمُه، وإلَّا صَحِّ تَسْلِيمُه. الثَّالثُ، لو كان البَصيرُ محْبُوسًا لا يجدُ مَن يُخْبِرُه، تحَرَّى وصلَّى، ولا إعادةَ. قالَه أبو الحَسَن التَّمِيمِيُّ. وجزَم به في «الشَّرْحِ» . ويأتِي كلامُ أبِي بَكْرٍ قريبًا.
قوله: فإنْ لمْ يَجِدِ الأعْمَى مَن يُقَلِّدُهُ صَلَّى، وفي الإعادةِ وجهان. وهذه الطَّريقة هي الصَّحيحة، وعليها جماهيرُ الأصحابِ. وأطلَقَهما في «الهدايَةِ» ، و «المَذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِي» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الحاوِيَيْن» ؛ أحدُهما، لا يُعيدُ، لكنْ يَلْزَمُه التَّحَرِّي. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» ،
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ أخْطَأ أعَادَ، وَإِنْ أصَابَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
و «المنَوِّرِ» . وصحَّحه في «التَّصْحِيحِ» ، والمَجْدُ في «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «النَّظْمِ» ، و «الحاوِي الكبير» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفائقِ» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» . والثَّاني، يُعيدُ بكُلِّ حالٍ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الإفاداتِ». وقال ابن حامِدٍ: إنْ أخْطأ، أعادَ، وإنْ أصَابَ، فعلى وَجْهَيْن. وأطْلق الأوْجُهَ الثَّلاثةَ في «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» .
فائدتان؛ إحْداهما، قد تقدَّم أنَّا إذا قُلْنا: لا يُعيدُ. لابُدَّ مِنَ التَّحَرِّي، فلو لم يتَحَرَّ وصلَّى، أعادَ إنْ أخْطأ، قولًا واحِدًا، وكذا أن أصابَ. على الصَّحيحِ مِنَ
وَمَنْ صَلَّى بالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ عَلِمَ أنَّهُ أخْطَأَ الْقِبْلَةَ، فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
ــ
المذهب. وفيه وَجْهٌ؛ لا يُعيدُ إنْ أصابَ. ذكرَه القاضي في «شَرْحِه الصَّغِرِ» . الثَّانيةُ، لو تَحَرَّى المُجْتَهِدُ أو المُقَلِّدُ، فلم يَظْهَر له جهَةٌ، أو تعَذَّرَ التَّحَرِّي عليه؛ لكَوْنِه في ظُلْمَةٍ، أو كان به ما يَمْنَعُ الاجْتِهادَ، أو تَفاوتَتْ عندَه الأماراتُ، أو لضِيقِ الوَقْتِ عن زمَنٍ يَجْتَهِدُ فيه، صلَّى ولا إعادةَ عليه، سواءٌ كان أعْمَى أوْ بصِيرًا، حضرًا أوْ سَفْرًا. وهذا المذهبُ. وعنه، يُعيدُ. وهو وَجْهٌ في «ابنِ تَمِيمٍ» ، في المُجْتَهِدِ. وقال أبو بَكَرٍ: المَحْبوسُ إذا لم يَعْرِفْ جِهَةً يُصَلِّي إليها، صلَّى على حسَبِ حالِه، ولا يعيدُ، إنْ كان في دارِ الحرْبِ، وإنْ كَان في دارِ الإسْلام، فرِوايَتَان. وتقدَّم كلامُ التَّمِيمِيِّ، والشَّارِحِ، في المَحْبوسِ قريبًا.
قوله: ومن صلَّى بالاجْتهادِ ثم عَلِم أنَّه أخْطَأ القِبلةَ، فلا إعادَةَ عليه. هذا المذهب، وعليه الأصحابُ، سواءٌ كان خَطؤُه يَقِينًا أو عنِ اجْتهادٍ. وخرَّج ابنُ الزَّاغُونِيِّ رِوايةً، يُعيدُ مِن مسْألَةِ، لو بَان الفَقِيرُ غَنِيًّا. وفرَّق بيْنهما القاضي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرُه. وذكرَ أبو الفَرَجِ الشِّيرازِي وغيرُه، أن عليه الإعادةَ إنْ بانَ خَطَؤُه يَقينًا، ولا إعادَة إنْ كان عنِ اجْتِهادٍ. وحُكِيَ عن أحمدَ، نقله ابنُ تَميمٍ. وفرَّق الأصحابُ بينَ القِبْلةِ، وبين الوَقْتِ، وبينَ أخْذِ الزَّكاةِ، بأنَّه يُمْكنُه اليَقينُ في الصَّلاةِ
وَإنْ أرَادَ صَلَاةً أُخْرَى اجْتَهَدَ لَهَا، فَإنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمِلَ بِالثَّانِي، وَلَمْ يُعِدْ مَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ.
ــ
والصَّوْم بأنْ يُؤخِّرَ، وفي الزَّكاةِ بأنْ يدْفَعَ إلى الإمامِ.
قوله: فإن تَغَيَّر اجتِهَادُه، عَمِلَ بالثَّانِي، ولم يُعِد ما صَلَّى بالأوَّلِ. اعلمْ أنَّه إذا تغيَّر اجْتِهادُه، فتارةٌ يكون بعدَ أنْ فرَغ مِنَ الصَّلاةِ، وتارةً يكون وهو فيها؛ فإنْ كان قد تغيَّر اجْتِهادُه بعدَ فَراغِه مِنَ الصَّلاةِ، اجْتَهَدَ للصَّلاةِ قَطْعًا. وهي مسْألَةُ المُصَنِّفِ، وإنْ كان إنَّما تغيَّر اجْتهادُه وهو فيها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنْ يعمَلَ بالثَّانى، ويَبْنِيَ نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، في رِوايَة الجمَاعةِ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وعنه، يَبْطُلُ. وقيلَ: يَلْزَمُه جِهَتُه الأوَّلَة. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والآمِدِيُّ؛ لِيْلَّا ينْقضَ الاجْتِهادَ بالاجْتِهادِ.
فوائد؛ إحْداها، لو دخَل في الصَّلاةِ باجْتِهادٍ، ثم شكَّ، لم يَلْتَفِتْ إليه وبنَى، وكذا إنْ زالَ ظَنُّه ولم يَبِنْ له الخَطَأ، ولا ظهَر له جِهَةٌ أُخْرَى. ولو غلَب على ظَنِّه خَطأ الجِهَةِ التي يُصَلِّي إليها، ولم يَظُنَّ جِهَةً غيرَها، بطَلتْ صلاتُه. على الصَّحيحِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ المذهبِ مُطْلقًا، وعليه جمهورُ الأصحاب. وقال أبو المَعالِي: إنْ بانَ له صِحَّةُ ما كان عليه، ولم يَطلْ زمَنُه، اسْتَمَرَّ، وصحَّتْ، وإنْ بانَ له الخطأُ فيها، بنَى. وقيل: إنْ أبْصَرَ فيها مَن كان في ظُلْمَةٍ، أو كان أعْمَى فأبْصَرَ، وفرْضُه الاجْتِهادُ، ولم يرَ ما يدُلُّ على صَوابِه، بطَلتْ. وتقدَّم في كلامِ المُصَنِّفِ، إذا تغيَّر اجْتِهادُه. فإنْ غلَب على ظَنِّه خطَأ الجِهَةِ التي يُصلِّي إليها، وظَنَّ القِبْلَةَ في جِهَةٍ أُخْرى، فإنْ بان له يَقِين الخطَأ، وهو في الصَّلاةِ، اسْتَدَارَ إلى جِهَةِ الكَعْبَةِ وبنَى. وإنْ كانوا جماعةٌ قدَّموا أحدَهم، ثم بانَ لهمُ الخَطَأ في حالٍ واحدةٍ، اسْتَدارُوا وأتَمُّوا صلَاتَهم، وإنْ بانَ للإِمامِ وحدَه، أو للمأمومِين أو لبعضِهم، اسْتَدارَ مَن بانَ له الصَّوابُ، ونوَى بعضُهم مُفارَقة بعضٍ، إلَّا على الوَجْهِ الَّذي قُلْنا: يجوز الائْتِمامُ مع اخْتِلافِ الجِهَةِ. وإنْ كان فيهم مُقَلِّدٌ، تَبع من قلَّدَه وانْحَرَفَ بانْحِرافِه. الثَّانيةُ، لو أُخْبِرَ وهو في الصَّلاةِ بالخَطَأ يقينًا، لَزِمَ قَبُولُه، وإلَّا لم يَجُزْ. وقال جماعةٌ: إلَّا إنْ كان الثَّاني يلْزَمُه تقْليدُه، فيكونُ كمَن تغيَّر اجْتِهادُه. وقدَّمه في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الحاوِي الكبيرِ» وغيرِه. الثَّالثةُ، لو صلَّى مَن فرْضُه الاجْتِهادُ بغيرِ اجْتِهادٍ، ثم بانَ مُصيبًا، لَزِمَه الإعادةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَلْزَمُه.