المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زكاة بهيمة الأنعام - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٦

[المرداوي]

الفصل: ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

‌بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ

وَلَا تَجِبُ إِلَّا في السَّائِمَةِ مِنْهَا،

ــ

بابُ زكاةِ بهيمَةَ الأنْعامِ

قوله: ولا تَجِبُ إلَّا فى السَّائِمَةِ منها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: تجِبُ فى المَعْلوفَةِ أيضًا. قال ابنُ تَميمٍ: ونصَر ابنُ عَقِيلٍ وُجوبَ الزَّكاةِ فى المَعْلوفَةِ فى مَوْضِعٍ مِن «فُنُونِه» . انتهى. وذكَر ابنُ

ص: 389

وَهِىَ الَّتِى تَرْعَى في أَكْثَرِ الْحَوْلِ.

ــ

عَقِيلٍ، فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ» ، و «الفُنُونِ» تَخْريجًا بوُجوبِ الزَّكاةِ فيما أُعِدَّ للإِجارَةِ مِنَ العَقَارِ والحَيَوانِ وغيرِه فى القِيمَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: فلو كان نتاجُ النِّصابِ المُباعِ له فى الحَوْلِ رَضِيعًا غيرَ سائمٍ فى بقِيَّةِ حَوْلِ أُمَّهاتِه، فوَجْهَان. انتهى. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. وأطْلَق بعضُهم احْتِمالَيْن. قال فى «الفُروعِ»: وقيل: تجِبُ فيما أُعِدَّ للعَملِ، كالإِبلِ التى تُكْرَى. وهو أظْهَرُ. ونصُّه لا. انتهى.

قوله: وهى التى تَرْعَى فى أكْثَرِ الحَوْلِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه فى رِوايَةِ صالحٍ وغيرِه. وقيل:

ص: 390

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُعْتَبَرُ أنْ تَرْعَى الحَوْلَ كلَّه. زادَ بعضُ الأصحابِ، ولا أَثَرَ لعَلَفِ يَوْمٍ أو يَوْمَيْن. وظاهِرُ كلامِ القاضى، فى «أحْكامِه» ، عَدَمُ اشْتِراطِ أكْثَرِ الحَوْلِ. قالَه ابنُ تَميمٍ.

تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن ذلك العَوامِلُ، ولو كانتْ سائِمةً. نصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعَةٍ. وقالَه المَجْدُ، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «الحاوِى» ، والزَّرْكَشِىُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرُهم. قال فى «الرعايَةِ الكُبْرَى»: ولا زَكاةَ فى عَوامِلِ أكْثَرِ السَّنَةِ بحالٍ ولو بأُجْرَةٍ. وقيل: تجبُ فى المُؤجَّرَةِ السَّائمةِ. قال فى «الفُروعِ» : وهو أظْهَرُ. وقال فى «الرِّعايَةِ» : ولا تجِبُ فى الرَّبائبِ فى الأصحِّ، وإنْ كانت سائمةً. انتهى.

فوائد؛ إحْداها، لا يُعْتَبَرُ للسَّوْمِ والعَلَفِ نِيَّةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَرَه المُصَنِّفُ. ورَجَّحَه أبو المَعالِى. قال ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ» ، و «حَواشِى ابنِ مُفْلِحٍ»: لا يُعْتبرُ فى السَّوْمِ والعَلَفِ نِيَّةٌ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وقيل: تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ لهما. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه» : وهو أصحُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» . فلوِ اعْتَلَفَتْ بنَفْسِها، أو عَلَفَها غاصِبٌ، فلا زَكاةَ على الأوَّلِ؛

ص: 391

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لفَقدِ السَّوْمِ المُشْتَرَط. وعلى الثَّانِى، تجِبُ، كما لو غصب حبًّا وزَرَعَه فى أرْضِ ربِّه، فإنَّ فيه الزَّكاةَ على مالِكِه، كما لو نبَت بلا زَرْعٍ. وفِعْلُ الغاصِبِ مُحَرَّمٌ، كما لو غصَب أثْمانًا فَضاعفَها، ولعدَمِ المُؤْنَةِ، كما لو ضلَّتْ فأكَلَتِ المُباحَ. قال المَجْدُ: وطَرْدُه ما لو سلَّمَها إلى راعٍ يُسِيمُها فعَلَفَها. وعَكْسُهما؛ لو تَبرَّعَ حاكِمٌ، ووصَّى بعلَفِ ماشِيَةِ يَتِيمٍ، أو صَديقٌ بذلك بإذْنِ صَديقِه، لفقدِ قَصْدِ الإِسامَةِ ممَّن يُعْتَبَرُ وُجودُه منه. وقيل: تجِبُ إذا عَلَفَها غاصِبٌ. اخْتارَه غيرُ واحدٍ. وفى مأْخَذِه وَجْهان؛ تحْريمُ علَفِ الغاصِبِ، أو انْتِفاءُ المُؤْنَةِ عن رَبِّها. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «ابنِ حَمْدانَ». قلتُ: الصَّوابُ الثَّانِى. واخْتارَه الآمدى. والأوَّلُ اخْتارَه القاضى، ورَدَّه المُصَنِّفُ

ص: 392

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرُه. ولو أسامَتْ بنَفْسِها، أو أسامَها غاصِبٌ، وجَبَتِ الزَّكاةُ على الأوَّلِ لا الثَّانِى؛ لأنَّ ربَّها لم يَرْضَ بإسامَتِها، فقد فُقِدَ قصْدُ الإِسامَةِ المُشْترَطُ. زادَ صاحِبُ «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، كما لو سامَتْ مِن غيرِ أنْ يُسِيمَها. قال فى «الفُروعِ»: فجعَلاه أصْلًا. وكذا قطَع به أبو المَعالى. وقيلَ: يجِبُ إنْ أسامَها الغاصِبُ، لتَحَقُّقِ الشَّرْطِ، كما لو كَمُلَ النِّصابُ بيَدِ الغاصِبِ. وإنْ لم يعْتَدَّ بِسَوْمِ الغاصبِ، ففى اعْتِبارِ كوْنِ سَوْمِ المالك أكْثَرَ السَّنَةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ تميمٍ» ، وابن حَمْدانَ، فى «الكُبْرَى» ؛ أحدُهما، عدَمُ اعْتِبارِ ذلك. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصنِّفِ، فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحِ، وابنِ رَزِين. وقال الأصحابُ: يسْتَوِى غصْبُ النِّصابِ وضَياعُه كلَّ الحَوْلِ أو بعضَه. وقيل: إنْ كان السَّوْمُ عندَ الغاصبِ أكْثَرَ، فالرِّوايتَان، وإنْ كان عندَ ربِّها أكْثَرَ، وجَبَتْ، وإنْ كانتْ سائمةً عندَهما، وجبَتِ الزَّكاةُ، على رِوايَةِ وُجوبِ الزَّكاةِ فى المَغْصُوبِ، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، يُشْترَطُ فى السَّوْم أنْ تَرْعَى المُباحَ، فلو اشْتَرَى ما تَرْعاه، أو جَمَع لها ما تأْكُلُ، فلا زَكاةَ فَيها. قالَه الأصحابُ. الثَّالثةُ، هلِ السَّوْمُ شرْطٌ، أو عَدَمُ السَّوْمِ مانِعٌ؟ فيه لَي جْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الفائقِ» . فعلى الأوَّلِ، لا يصِحُّ التَّعجيلُ قبلَ الشُّروعِ، ويصِحُّ على الثَّانِى. قلتُ.: قطَع المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، بأنَّ السَّوْمَ شرْطٌ. قلتُ: منَع ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ» مِن تحَقُّقِ هذا الخِلافِ، وقال: كلُّ ما كان وُجودُه شرْطًا، كان عدَمُه مانِعًا، كما أنَّ كلَّ مانع فعدَمُه شرْطٌ. ولم يُفرِّقْ أحدٌ بينَهما، بل نصُّوا على أنَّ المانِعَ عَكْسُ الشَّرْطِ. وأطالَ الكلامَ على ذلك. وقال فى «الفروعِ» ، فى الخُلْطَةِ، فى أوَّلِ الفَصْلِ الثَّانى: التَّعلُّقُ بالعَيْنِ لا يَمْنَعُ

ص: 393

وَهِىَ عَلَى ثَلَاثَةِ أنْوَاعٍ؛ أَحَدُهَا، الإبِلُ، فَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَتَجِبَ فِيهَا شَاةٌ،

ــ

انْعِقادَ الحَوْلِ باتِّفاقِنا. الرَّابعةُ، لو غصَب ربُّ السَّائمةِ عَلَفًا، فعَلَفَها وقطَع السَّوْمَ، ففى انْقِطاعِه شَرْعًا وَجْهان. قطَع فى «المُغْنِى» (1) بسُقوطِ الزَّكاةِ. قلتُ: وَهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وكذا لو قطَع ماشِيَتَه عنِ السَّوْمِ؛ لقَصْدِ قطْعِ الطَّريقِ بها ونحوِه، أو نَوَى قُنْيَةَ عَبيدِ التِّجارَةِ لذْلك، أو نوَى بثِيابِ الحَريرِ التى للتِّجارَةِ لُبْسَها. وأطْلَقَهما فى ذلك كلِّه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا ينْقَطِعُ بذلك. وقال فى «الرَّوْضَةِ» : إنْ أسامَها بعضَ الحَوْلِ، ثم نَوَاها لعَمَلٍ أو حَمْلٍ. فلا زَكاةَ، كسُقوطِ زَكاةِ التِّجارَةِ بنِيَّةِ القُنْيَةِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وهى مُحْتَمِلَةٌ، وبينَهما فَرْقٌ. وجزَم جماعةٌ بأنَّ مَن نَوَى بسائمةٍ عمَلًا، لم تَصِرْ له قُنْيَةً. انتهى. الخامِسَةُ، تجِبُ الزَّكاةُ فيما توَلَّدَ بينَ سائمةٍ ومعْلُوفَةٍ. قالَه الأصحابُ، وقطَعوا به. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وتجِبُ على الأظْهَرِ فيما وُلِدَ بينَ سائمةٍ ومعْلُوفَةٍ.

تنبيه: ظاهرُ قوله: أحَدُها، الإِبلُ، فلا زَكاةَ فيها حتى تَبْلُغَ خَمْسًا، فَتَجِبَ

(1) انظر: المغنى 4/ 274.

ص: 394

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيها شَاةٌ. أنَّ القِيمَةَ لا تُجْزِئُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبو بَكْرٍ: تُجْزِئُه عشَرَةُ دَراهِمَ، لأنَّها بدَلُ شاةِ الجبْرانِ. أطْلَقَه بعضُ الأصحابِ. وذكَر بعضُهم، لا تُجْزِئُه مع وُجودِ الشَّاةِ، وإلَّا فوَجْهان؛

ص: 395

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منهم ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ.

ص: 396

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: يُشْتَرَطُ فى الشَّاةِ المُخْرَجَةِ عنِ الإِبلِ، أنْ تكونَ بصِفَتِها؛ ففى كرامٍ سمانٍ كرِيمَةٌ سمِينَةٌ، والعكْسُ بالعَكْسِ. وإنْ كانتِ الإِبِلُ مَعِيبَةً، فقيلَ: يُخْرِجُ شاةً كشَاةِ الصِّحاحِ، لأنَّ الواجِبَ مِن غيرِ جِنْسِ المالِ، فلم يُؤَثِّرْ فيها عَيْبُه،

ص: 397

فَإِنْ أَخْرَجَ بَعِيرًا لَمْ يُجْزِئْهُ.

ــ

كشَكاةِ الفِدْيَةِ والأُضْحِيَةِ. وقيلَ: تُجْزِئُه شاةٌ صحيحَةٌ قِيمَتُها على قَدْرِ قِيمَةِ (1) المالِ، تنْقُصُ قِيمَتُها على قَدْرِ نَقْصِ الإبلِ، كالمُخْرَجَةِ عنِ الغَنَمِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ للمُواساةِ. ثم رأيْتُ المُصَنِّفَ، فى «المُغْنِى» قدَّمه. وكذلك الشَّارِحُ، وابنُ رَزِين، فى «شَرْحِه» ، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وعليهما لا يُجْزِئُه شاةٌ مَعِيبَةٌ؛ لأنَّ الواجِبَ ليس مِن جِنْسِ المالِ. وقيك: تُجْزِئُه شاةٌ تجْزِئُ فى الأُضْحِيَةِ. ذكَرَه القاضى. وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» .

قوله: فإنْ أخْرَجَ بعِيرًا لم يُجزئْه. هذا المذهبُ المنْصُوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، وعليه جمهورُ أصحابِه. وقيلَ: يُجْزِئُه إنْ كانتْ قِيمَتُه قِيمَةَ شاةٍ وسَطٍ فأَكْثَرَ، بِناءً

(1) زيادة من: ش.

ص: 398

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على إخْراجِ القِيمَة. وقيلَ: يُجْزِئُه إنْ أجْزَأَ عن خَمْسٍ وعِشْرِين، وإلَّا فلا. فعلى القَوْلِ بالإِجْزاءِ، هل الواجِبُ كلُّه أو خُمْسِه؟ حكَى القاضى أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَجْهَيْن؛ فعلى الثَّانِى، يُجْزِئُ عنِ العِشْريِن بَعِيرٌ، وعلى الأوَّلِ، لا يُجْزِئُ عنها إلَّا أرْبَعَةُ أبْعِرَةٍ. قلتُ: الأوْلَى أنَّ الواجِبَ كلُّه، وأنَّه يُجزِئُ عنِ العِشْريِن بعِيرًا (1) على الأوَّلِ أيضًا. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: قلتُ: ويَنْبَنِى عليها لو اقْتَضَى الحالُ الرُّجوعَ، فهل يرْجِعُ بكُلِّه أو خُمْسُهُ؟ فإنْ قُلْنا: الجميعُ واجِبٌ. رجَع. وإنْ قُلْنا: الواجِبُ الخُمُسُ، والزَّائِدُ تطَوُّعٌ. رجَع بالواجِبِ لا التَّطَوُّعِ. وممَّا يَنْبَغِى أنْ يَنْبَنِى عليه أيضًا، النِّيَّةُ؛ فإنْ جَعَلْنا الجميعَ فرْضًا، نَوَى الجميعَ فَرْضًا لُزومًا، وإنْ قُلْنا: الواجِبُ الخُمْسُ. كفَاه الاقْتِصارُ عليه فى النِّيَّةِ. انتهى. ويأْتِى نظِيرُ ذلك فى أواخِرِ بابِ الفِدْيَةِ، عندَ قوْلِه: وكلُّ دَمٍ ذكَرْناه يُجْزِئُ فيه شاةٌ أو سُبْعُ بَدَنَةٍ. وفى الهَدْىِ والأضاحِى، عندَ قوْلِه: وإذا نذَر هَدْيًا مُطْلَقًا.

فوائد؛ منها، لو أخْرَجَ بقَرَةً، لم تُجْزِئْه، قوْلًا واحِدًا. وإنْ أخْرَجَ نِصْفَىْ

(1) زيادة من: ش.

ص: 399

وَفِى الْعَشْرِ شَاتَانِ، وَفِى خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِى الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهِىَ الَّتِى لَهَا سَنَةٌ، فَإِنْ عَدِمَهَا أَجْزأَهُ ابْنُ لَبُونٍ، وَهُوَ

ــ

شاتَيْن، لم يُجْزِئْه أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يُجْزِئُ. ومنها، قوْلُه، فى بِنْتِ المَخاضِ: فإن عَدِمَها أجْزَأَه ابنُ لَبُونٍ. العَدَمُ إمَّا لكَوْنِها ليست فى مالِه، أو كانت فى مالِه ولكِنَّهَا مَعِيبَةٌ.

ص: 400

الَّذِى لَهُ سَنَتَانِ، فَإِنْ عَدِمَهُ أَيْضًا لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ.

ــ

تنبيه: ظاهر قوله: فإن عَدِمَها أجْزَأه ابنُ لَبُونٍ. أنَّ خُنْثَى لَبُونٍ لا يُجْزِئُ. وهو أحَدُ القَوْلَيْن، وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الإِجْزاءُ. جزَم به في «الفائقِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: هو الأشْهَرُ. قال في «الرِّعايَةِ» : ويُجْزِئُ الخُنْثَى المُشْكِلُ في الأقْيَسِ. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ» : هذا الأظْهَرُ. ومنها، يجوزُ إخْراجُ الحِقَّةِ والجَذَعَةِ والثَّنِىِّ عن بِنْتِ المَخاضِ إذا عَدِمَها، على المذهبِ.، بل هى أوْلَى لزِيادَةِ السِّنِّ، ولو وجَد ابنَ لَبُونٍ. وأمَّا بِنْتُ اللَّبُونِ، فجزَم المَجْدُ في «شَرْحِه» ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، بالجَوازِ مع وُجودِ ابنِ لَبُونٍ، وله جُبْرانٌ. وهو ظاهِرُ كلام غيرِهم، على مما يأْتِى. وقال في «الفُروعِ»: وفي بِنْتِ لَبُونٍ وَجْهان؛ لاسْتِغْنَائِه بابنِ اللَّبُونِ عنِ الجُبْرانِ.

ص: 401

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجزَم صاحِبُ «المُحَرَّرِ» بالجَوازِ؛ لأنَّ الشَّارِعَ لم يَشْتَرِطْ لأحَدِهما عَدَمَ الإجْزاءِ. انتهى. ومنها، لو كان في مالِه بِنْتُ مَخَاضٍ أعْلَى مِنَ الواجِبِ، لم يُجْزِئْه ابنُ لَبُونٍ. جزَم به الأصحابُ، لكنْ لا يَلْزَمُه إخْراجُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. بل يُخَيَّرُ بينَ إخْراجِها وبينَ شِراءِ بِنْتِ مَخاضٍ لصِفَةِ الواجِبِ. قال في

ص: 402

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفُروعِ» : هذا الأشْهَرُ. وجزَم به المَجْدُ في «شَرْحِه» . وقيل: يَلْزَمُه إخْراجُها. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. ومنها، لا يجْبُرُ فقْدَ الأُنوثِيَّةِ بزِيادَةِ السِّنِّ في غيرِ بِنْتِ مَخَاضٍ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. فلا يُخرِجُ عن بِنْتِ لَبونٍ حِقًّا إذا لم تكُنْ في مالِه، ولا عنِ الحِقَّةِ جَذَعًا. قالَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وقدَّمه في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، ونصَروه، والمَجْدُ في «شَرْحِه» ، وابنُ تَميمٍ. قال في «الفائقِ»: لا يُجْبَرُ نَقْصُ الذُّكُورِيَّةِ بزِيادَةِ سِنٍّ، في أصحِّ الوَجْهَيْن. وقيلَ: يُجْبَرُ. ذكَر ابنُ عَقِيلٍ، في مَوْضِعٍ مِنَ «الفُصُولِ» ، جوازَ الجَذَعِ عنِ الحِقَّةِ، لي عن بِنْتِ لَبونٍ. قال في «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ»: اخْتارَه القاضى وابنُ عَقِيلٍ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» .

قوله: فإنْ عَدِمَه أيضًا لَزِمَه بِنْتُ مَخاضٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ؛ لقوْلِه في خَبَرِ أبى بَكْرٍ الصَّحيحِ: فمَن لم يكُنْ عندَه بِنْتُ مَخاضٍ

ص: 403

وَفِى سِتٍّ وَثَلَاِثينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِى سِتٍّ وَأرْبَعِينَ حِقَّةٌ، وَهِىَ الَّتِى لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ، وَفِى إِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ، وَهِىَ الَّتِى لَهَا أَرْبَعُ سِنِينَ، وَفِى سِتٍّ وَسَبْعِينَ ابْنَتَا لَبُونٍ، وَفِى إِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ،

ــ

على وَجْهِها، وعندَه ابنُ لَبونٍ، فإنَّه يُقْبَلُ منه. ذكَره ابنُ حامِدٍ، وتَبِعَه الأصحابُ. قالَه في «الفُروعِ». وقيلَ: يُجْزِئُه ابنُ لَبونٍ إذا حصَّله. اخْتارَه أَبو المَعالِى. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ» : فإنْ عَدِمَ ابنَ لَبونٍ حصَّل أصْلًا لا بدَلًا، في الأظْهَرِ.

تنبيه: ظاهرُ قوله: وفى سِتٍّ وثَلاثِينَ بِنْتُ لَبونٍ. عدَمُ إجْزاءِ ابنِ لَبُونٍ إذا عَدِمَها، ولو جَبَره. وهو صحِيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقيلَ: يُجْزِئُ. وقيل: يجْزِئُ، ويَجْبُرُه.

فوائد؛ الأُولَى، تجْزِئُ الثَّنِيَّةُ عنِ الجَذَعةِ بلا جُبْرانٍ، بلا نِزاعٍ. قال أبو

ص: 404

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المَعالى: ولا تجْزِئُ سِنٌّ فوقَ الثَّنِيَّةِ. وأطْلَقَ المُصَنِّفُ وغيرُه مِنَ الأصحابِ، الإِجْزاءَ في مسْأَلَةِ الجُبْرانِ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهرُ. وقيل: تجْزِئُ حِقَّتان، أو ابنَتَا لَبونٍ عنِ الجَذَعَةِ، وابنَتَا لَبونٍ عنِ الحِقَّةِ. جزَم به المُصَنِّفُ. قال بعضُ الأصحابِ: وينْتقِضُ ببِنْتِ مَخَاضٍ عن عِشْرين، وبثلاثِ بَنَاتِ مَخَاضٍ عنِ الجَذَعةِ. الثَّانيةُ، الأسْنانُ المَذْكورَةُ في الإِبلِ، في كلام المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الفُقَهاءِ، هو قوْلُ أهْلِ اللُّغَةِ. وهو الصَّحيحُ، وعليه أكثرُ الأصَحابِ، وأكْثَرُهم قطَع به. وذكَر ابنُ أبِى مُوسى، أنَ بِنْتَ المَخاضِ عُمُرُها سَنَتان، وبِنْتَ اللَّبُونِ لها ثَلاثُ سِنِين، والحِقَّةَ أرْبَعُ سِنِين، والجَذَعَةَ خَمْسُ سِنِين كامِلَةٌ. وحمَلَه المَجْدُ في «شَرْحِه» على بعضِ السَّنَةِ. قال في «الفُروعِ»: فكيفَ يَحْمِلُه على بعضِ السَّنَةِ، مع قوْلِه: كامِلَةً؟ انتهى. وقيلَ: لبِنْتِ المَخاضِ نِصْفُ سنَةٍ،

ص: 405

فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، ثُمَّ فِى كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِى كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ.

ــ

ولبِنْتِ اللَّبُونِ سَنَةٌ، وللحِقَّةِ سنَتان، وللجَذَعَةِ ثلاثُ سِنِين. وقيلَ: للجَذَعَةِ سِتُّ سِنِين. وقيلَ: سِنُّ بِنْتِ المَخاضِ مُدَّةُ الحَمْلِ. وعن أحمدَ، بِنْتُ المَخاضِ التى تتَمَخَّضُ بغيْرِها. الثَّالثةُ، سُمِّيَتْ بِنْتَ مَخاضٍ؛ لأنَّ أُمَّها قد حَمَلَتْ غالِبًا. وليس بشَرْطٍ. والمَخاضُ؛ الحامِلُ. وسُمِّيَتْ بِنْتَ لَبونٍ؛ لأنَّ أُمَّها وضَعَتْ وهى ذاتُ لَبَنٍ. وسُمِّيَتْ حِقَّةً؛ لأنَّها اسْتحَقَّتْ أنْ ترْكَبَ، ويُحْمَلَ عليها، ويَطْرُقَها الفَحْلُ. وسُمِّيَتْ جَذَعَةً؛ لأنَّها تجْذَعُ إذا سَقَطَتْ سِنُّها. والثَّنِيَّةُ، يأْتِى مِقْدارُ سِنِّها في بابِ الأُضْحِيَةِ.

قوله: إلى عِشْرين ومِائَةٍ، فإذا زَادَتْ واحِدَةً فَفِيها ثَلاثُ بَناتِ لَبونٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثرٌ منهم، أنَّ الفَرْضَ يتَغَيَّرُ بزِيادَةِ واحدَةٍ على عِشرين ومِائَةٍ. وعنه، لا يتَغَيَّرُ الفَرْضُ حتى تَبْلُغَ ثلاِثين ومِائَة، فيكون فيها حِقَّةٌ وبِنْتا لَبونٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ عبدُ العَزيزِ في كتابِ «الخِلافِ» ، وأبو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ. فعليها، وُجوبُ الحِقَّتَيْن إلى تِسْعَةٍ وعِشْرين ومِائَةٍ. وعنه، في إحْدَى

ص: 406

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعِشْرين ومائَةٍ حِقَّتان، وبِنْتُ مَخَاضٍ إلى أرْبَعِين ومِائَةٍ. قال القاضى: وذلك سَهْوٌ مِن ناقِلِه. ونَقَل حَرْبٌ، أنَّه رجَع عن ذلك. قالَه ابنُ تَميمٍ في بعضِ النُّسَخِ. فعلى المذهبِ، هل الواحِدَةُ عَفْوٌ، وإنْ تَغَيَّرَ الفَرْضُ بها، أو يتَعَلَّقُ بها

ص: 407

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الوُجوبُ؟ فيه وَجْهان. ذكَرَهما ابنُ عَقِيل في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» ، وتابعَه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وأطْلَقَهما. قلتُ: الصَّوابُ أنَّ الوُجوبَ يتَعلَّقُ بها، وكذا في غيرِ هذه المسْأَلَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ.

ص: 408

فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ، فَإِنْ شَاءَ أخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُخْرِجُ الحِقَاقَ.

ــ

فائدة: لا يتَغَيَّرُ الواجِبُ بزِيادَةِ بعضِ بعيرٍ، ولا بَقَرَةٍ ولا شاةٍ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه في المذهبِ.

قوله: فإذا بلَغَتْ مائَتَيْن اتَّفق الفرْضان، فإن شاءَ أخْرجَ أرْبعَ حِقاقٍ، وإنْ شاءَ أخْرجَ خمسَ بَناتِ لَبونٍ. هذا عليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والقاضى. قال في كتابِ «الرِّوايتَيْن»: هذا الأشْبَهُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. قال الآمِدِىُّ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. ويَحْتَمِلُه كلامُ أحمدَ في رِوايَةِ صالحٍ، وابنِ مَنْصورٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال ابنُ تَميمٍ: اخْتارَه الأكثرُ. وقال: وهو الأظهَرُ. قال في «الفُروعِ» : اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، وجماعةٌ. قال

ص: 409

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المَجْدُ في «شَرْحِه» : وقد نصَّ أحمدُ على نَظِيرِه في زَكاةِ البَقَرِ. وجزَم به في «الإِفَاداتِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» . والمَنْصوصُ، أنَّه يُخْرِجُ الحِقاقَ. وقالَه القاضى في «شَرْحِه» ، و «مُقْنِعِه» . واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ،

ص: 410

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الهَادِى» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . واسْتَثْنَى في «الوَجيزِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» وغيرهما، مالَ اليَتِيمِ والمَجْنُونِ، فإنَّه يَتعَيَّنُ إخْراجُ الأَدْوَنِ المُجْزِئُ منهما. وقدَّم القاضى في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» ، أنَّ السَّاعِىَ يأْخُذُ أفْضَلَهما إذا وُجِدا في مالِه. وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ وغيرُهما: يتَعيَّنُ ما وُجِدَ عندَه منهما. قال في «الفُروعِ» : ومُرادُهم، واللهُ أعلمُ، أنَّ السَّاعِىَ ليس له تكْلِيفُ المالِكِ سِوَاه. وفى كلام غيرِ واحدٍ ما يدُلُّ على هذا. قال: ولم أجِدْ تَصْريحًا بخِلافِه، وإلَّا فالقَوْلُ به مُطْلَقًا، بعيدٌ عندَ غيرِ واحدٍ، ولا وَجْهَ له.

تنبيه: منْصوصُ أحمدَ على التَّعْيينِ. علي الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فتَجِبُ الحِقاقُ عيْنًا مُطْلَقًا. جزَم به في «المُحَرَّرِ» ، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» . وأوَّلَه المُصَنِّفُ وغيرُه على صِفَةِ التخْييرِ. وتقدَّم قوْلُ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ وغيرِهما، أنَّه يتَعَيَّنُ ما وُجِدَ عندَه منهما.

ص: 411

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، لو كانتْ إبِلُه أرْبَعَمِائَةٍ، فعلى المَنْصُوصِ، لا يجْزِئُ غيرُ الحِقاقِ. وعلى قوْلِ الأصحابِ، يخَيَّرُ بينَ إخْراجِ ثَمانِ حِقاقٍ، أو عَشْرِ بَنَاتِ لَبونٍ، فإنْ أخْرَج أرْبَعَ حِقاقٍ وخَمْسَ بَناتِ لَبونٍ، جازَ. قال في «الفُروعِ»: هذا المَعْروفُ، وجزَم به الأئمَّةُ. ثم قال: فإطْلاقُ وَجْهَيْن سَهْوٌ. قال في «القاعِدَةِ الحاديَةِ بعدَ المِائَةِ» : جازَ بغير خِلافٍ. قلتُ: ذكَر الوَجْهَيْن ابنُ تَميمٍ. أمَّا لو أخْرَج مع التَّشْقيصِ، كحِقَّتَيْن وبِنْتَىْ لَبونٍ ونِصْفٍ عن مِائَتَيْن، لم يَجُزْ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال ابنُ تَميمٍ: لم يَجُزْ على الأصحِّ. وفيه وَجْهٌ، لا يجوزُ مُطْلقًا.

ص: 412

وَلَيْسَ فِيمَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ شَيْءٌ.

ــ

انتهى. قال في «الفُروعِ» : وفيه تخْريجُ مَن عتَق نِصْفَىْ عَبْدٍ في الكفَّارَةِ. قال: وهو ضَعيفٌ. الثَّانيةُ، أفادَنَا المُصَنِّفُ، رحمه الله، بقَوْلِه: وليس فيما بينَ الفَرِيضَتَيْن شيءٌ. أنَّ الزَّكاةَ تتعَلَّقُ بالنِّصابِ، لا بما زادَ مِنَ الأوْقاصِ. وهو

ص: 413

وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ فَعَدِمَهَا، أَخْرَجَ سِنًّا أَسْفَلَ مِنْهَا وَمَعَهَا شَاتَانِ أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا،

ــ

صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقيلَ: تجِبُ في وَقْصِها أيضًا. اخْتارَه الشِّيرازِيُّ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى بفَوائدِه عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: وتجِبُ فيما زادَ على النِّصابِ بالحِسابِ إلَّا في السَّائمَةِ.

قوله: ومَن وجَبتْ عليه سِنٌّ فعَدِمَها، أخْرَج سِنًّا أسْفلَ منها، ومعها شاتان

ص: 414

وَإنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَعْلَى مِنْهَا، وَأَخَذَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ السَّاعِى.

ــ

أو عشرون دِرْهَمًا، وإن شاءَ أخْرَجَ سِنًّا أعْلى منها، وأخَذ مثلَ ذلك. وهذا بلا نِزاعٍ بشَرْطِه، ويُعْتَبَرُ فيما عدَل إليه، أنْ يكونَ في مِلْكِه؛ فلو عَدِمَها لَزِمَه تَحْصيلُ الأصْلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعوا به. وقال أبو المَعالِى: لا يُعْتَبَرُ كوْنُ ذلك في مِلْكِه. كما تقدَّم في بِنْتِ المَخاضِ إذا عَدِمَها وعدِمَ ابنَ اللَّبونِ.

تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وكلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّه لو أخْرَج شاةً وعَشَرَةَ دَراهِمَ، أو أخَذ شاةً وعَشَرَةَ دَراهِمَ، أنَّه لا يُجْزِئُه. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وهو احْتِمالٌ في «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ومالا إليه. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. وقيلَ: يُجْزِئُه. وهو الصحيحُ. اخْتارَه القاضى. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه» : وهو أقْيَسُ بالمذهَبِ. قال ابنُ أبى المَجْدِ في «مُصَنَّفِه» : أجْزأه في

ص: 415

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأظْهَرِ. وجزَم به في «الإِفَاداتِ» . وصحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . وقدَّمه في «الكافِى» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» . وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «شَرْحِ الهِدايَةِ» له،

ص: 416

فَإِنْ عَدِمَ السِّنَّ الَّتِى تَلِيهَا انْتَقَلَ إِلَى الْأُخْرَى، وَجَبَرَهَا بِأَرْبَعِ شِيَاهٍ، أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَنْتَقِلُ إِلَّا إِلَى سِنٍّ تَلِى الْوَاجِبَ،

ــ

و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» .

قوله: فإنْ عَدِمَ السِّنَّ التى تَلِيها، انْتَقل إلى الأُخْرى، وجبَرَها بأرْبَعِ شِياهٍ، أو أرْبَعَين دِرْهَمًا. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى في «المُجَرَّدِ». قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هو أقْيَسُ بالمذهَبِ. قال ابنُ أبى المَجْدِ: وأوْمَأ إليه الإِمامُ أحمدُ. وقال النَّاظِمُ: هذا الأقْوَى. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، وابنُ عَبْدُوسٍ في

ص: 417

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«تَذْكِرَتِه» ، و «المُنَوِّرِ» ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» . وقدَّمه في «الفائقِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ». ومالَ إليه المُصَنِّفُ في «المُغْنِى». وقال أبو الخَطَّابِ: لا ينْتَقِلُ إلَّا إلى سِنٍّ تَلِى الواجِبَ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال في «النِّهايَةِ» : هو ظاهِرُ المذهبِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم

ص: 418

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

به في «الخُلاصَةِ» . وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» . وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» ، و «الكافِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الفُروعِ» . فعلى المذهبِ، يجوزُ الانْتِقالُ إلى جُبْرانٍ ثالثٍ إذا عدِمَ الثَّانىَ، كما لو وجَبَتْ عليه جَذَعَةٌ وعَدِمَ الحِقَّةَ وبِنْتَ اللَّبونِ، فله الانْتِقالُ إلى بِنْتِ مَخاضٍ، أو وجَبَتْ عليه بِنْتُ مَخاضٍ، وعَدِمَ بنْتَ لَبونٍ، وابنَ لَبونٍ، والحِقَّةَ، فله الانْتِقالُ إلى الجَذَعةِ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ في «شَرْحِه» ، وغيرُهم.

فوائد؛ إحْداها، حيْثُ جَوَّزْنا الجُبْرانَ، فالخِيَرةُ فيه لرَبِّ المالِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «ابنِ رَزِينٍ» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، وغيْرِهما. إلَّا وَلىُّ اليَتِيمِ والمَجْنونِ،

ص: 419

وَلَا مَدْخَلَ لِلْجُبْرَانِ فِى غَيْرِ الإِبِلِ.

ــ

فإنَّه يتَعَيَّنُ عليه إخْراجُ الأَدْوَنِ المُجْزِئِ، فيُعايَى بها. وقال القاضى: الخِيَرَةُ فيه لمَن أعْطَى، سواءٌ كان رَبَّ المالِ أو الآخِذَ. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه» . ووجَّه في «الفُروعِ» تخْريجًا بتَخْييرِ السَّاعى. الثَّانيةُ، حيْثُ تعَدَّد الجُبْرانُ، جازَ إخْراجُ جُبْرانٍ غَنَمًا، وجُبْرانٍ دَراهِمَ، فيَجوزُ إخْراجُ شاتَيْن أو عِشْرين دِرْهمًا. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: لا يجوزُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وكذا الحُكْمُ في الجُبْرانِ الذى يُخْرِجُه عن فَرْضِ المِائَتَيْن مِنَ الإِبلِ إذا أخْرَجَ عن خَمْسِ بَناتِ لَبونٍ خَمْسَ بَناتِ مَخاضٍ، أو مَكانَ أرْبَعِ حِقَاقٍ أرْبَعَ بَناتِ لَبُونٍ. وقاله غيرُهما. وهو داخِلٌ في كلامِ صاحِبِ «الفُروعِ» وغيرِه. وأمَّا الجُبْرانُ الواحِدُ، ففيه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. الثَّالثةُ، إذا عَدِمَ السِّنَّ الواجِبَ عليه، والنِّصابُ مَعيِبٌ، فلَه دَفْعُ السِّنِّ السُّفْلَى مع الجُبْرانِ، وليس له دَفْعُ ما فوقَها مع أخْذِ الجُبْرانِ؛ لأنَّ الجُبْرانَ قدَّرَه الشَّارِعُ وَفْقَ ما بينَ الصَّحِيحَيْن، وما بينَ المَعِيبَيْن أقَلُّ منه، فإذا دفَعَه المالِكُ، جازَ، لتَطَوُّعِه بالزَّائدِ، بخِلافِ السَّاعِى، وبخِلافِ وَلِيِّ اليَتِيمِ والمَجْنُونِ؛ فإنَّه لا يجوزُ له إخْراجٌ إلَّا الأَدْوَنَ، وهو أقَلُّ الواجِبِ، كما لا

ص: 420

فَصْلٌ: النَّوْع الثَّانِى، الْبَقَرُ، وَلَا شَىْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ، فَيَجِبُ فِيهَا تَبِيعٌ اوْ تَبِيعَةٌ؛ وَهِىَ الَّتِى لَهَا سَنَةٌ، وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ؛ وَهِىَ الَّتِى لَهَا سَنَتَانِ، وَفِى السِّتِّينَ تَبِيعَانِ، ثُمَّ فِى كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، ثُمَّ فِى كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ.

ــ

يجوزُ له أنْ يَتَبَرَّعَ، كما تقدَّم قرِيبًا. الرَّابعةُ، لو أخْرَج سِنًّا أعْلَى مِنَ الواجِبِ، فهل كلُّه فَرْضٌ، أو بعضُه تَطَوُّعٌ؟ قال أبو الخَطَّابِ: كلُّه فَرْضٌ. وهو مُخالِفٌ للقاعِدَةِ. وقال القاضى: بعضُه تطَوعٌ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ الشَّارِعَ أعْطاه جُبْرانًا عَنِ الزِّيادَةِ.

فائدتان؛ إحْدَاهما، قوله في زَكاةِ البَقَرِ: فيَجِبُ فيها تَبِيعٌ أو تَبيعَةٌ. التَّبِيعُ؛ ما عُمُرُه سَنةٌ ودخَل في الثَّانِيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكَثرُ الأصحابِ.

ص: 421

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال في «الفُروعِ» : ذكَره الأكْثَرُ. وقال في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» : هى التى لها نِصفُ سنَةٍ. وقال ابنُ أبى مُوسَى: سَنَتان. وقيل: مَا يَتْبَعُ أُمَّه إلى المَرْعَى. وقيل: ما انْعَطَفَ شَعَرُه. وقيل: ما حاذَى قَرْنُه أُذُنَه. نصَّ عليه. وقدَّمه ابنُ

ص: 422

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَميمٍ. والتَّبِيعُ، جَذَعُ البَقَرِ. الثَّانيةُ، يُجْزِئُ إخْراجُ مُسِنٍّ عن تَبِيعٍ وتَبِيعَةٍ. قالَه في «الفُروعِ» وغيرِه.

قوله: وفى أرْبَعين مُسِنَّةٌ؛ وهى التى لها سَنَتَان. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. أعْنِى، أنَّ المُسِنَّةَ هى التى لها سَنَتان. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال القاضى، في

ص: 423

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» : هى التى لها سنَةٌ. وقيلَ: هى التى لها ثَلاثُ سِنِين. وقيل: هى التى لها أرْبَعُ سِنِين. وقيل: هى التى يَلِدُ مِثْلُها. وقيل: هى التي بَلَغَتْ سِنَّ أُمِّها حينَ وَضعَتْها. وقيل: هى التى ألْقَتْ سِنًّا. نصَّ عليه. وجزَم به في «الفُروعِ» ، ولها سَنَتان.

فوائد؛ منها، المُسِنَّةُ؛ هى ثَنِيَّةُ البَقَرِ. ومنها، يجوزُ إخْراجُ أعْلَى مِنَ المُسِنَّةِ سِنًّا عنها. ومنها، لا يُجْزِئُ إخْراجُ مُسِنٍّ عن مُسِنَّةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

ص: 424

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُجْزِئُ. وجزَم به بعضُهم. فعلَيْه، يُجْزِئُ إخْراجُ ثَلَاثةِ أتْبِعَةٍ عن مُسِنَّتَيْن. ومنها، قوله: ثم في كلِّ ثَلاِثين تَبِيعٌ، وفى كلِّ أرْبَعِين مُسِنَّةٌ. بلا نِزاعٍ. لكنْ لو اجْتَمَعَ الفَرْضان، كمِائَةٍ وعِشْرِين، فحُكْمُها حُكْمُ الإِبِلِ إذا اجْتَمَعَ الفَرْضان، على ما تقدَّم. لكنْ نصَّ الإِمامُ أحمدُ هنا على التَّخْييرِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» . وقال في «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» ، و «تَجْريدِ

ص: 425

وَلَا يُجْزِئُ الذَّكَرُ فِى الزَّكَاةِ فِى غَيْرِ هَذَا، إلَّا ابْنُ لَبُونٍ مَكَانَ بنْتِ مَخَاضٍ إِذَا عَدِمَهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا، فَيُجْزِئُ الذَّ كَرُ فِى الْغَنَمِ، وَجْهًا وَاحِدًا، وَفِى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.

ــ

العِنايَةِ»: فإنِ اجْتَمَعَ مِائَةٌ وعِشْرُون، فهل يَتَعَيَّنُ فيها ثَلاثُ مُسِنَّاتٍ، أو يُخَيَّرُ بينَها وبينَ أرْبعَةِ أتْبِعَةٍ؟ وَجْهان وقال القاضي، في «أحْكامِه»: يأْخُذُ العامِلُ الأفْضَلَ. وقيل: المُسِنَّاتِ.

قوله: ولا يُجْزِئُ الذَّكرُ في الزَّكاةِ في غيرِ هذا، إلَّا ابنُ لَبُونٍ مَكانَ بنْتِ

ص: 426

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَخاضٍ إِذا عَدِمَها. كما تقدَّم. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، إلَّا ما اسْتَثْنَى، على ما يأْتِى قريبًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُجْزِئُ ذَكَرُ الغَنَمِ عنِ الإِبلِ والغَنَمِ أيضًا.

قوله: إلَّا أنْ يَكُونَ النِّصَابُ كُلُّه ذُكورًا، فيُجْزِئُ الذَّكَرُ في الغَنَمِ، وَجْهًا واحِدًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وقطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ،

ص: 427

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كالمُصَنِّفِ. وقيلَ: لا يُجْزِئُ. فعليه، يُجْزِئُ أُنْثَى بقِيمَةِ الذَّكَرِ، فيُقَوَّمُ النِّصابُ مِنَ الأُناثَى، وتُقَوَّمُ فرِيضَتُه، ويُقَوَّمُ نِصابُ الذُّكُورِ، وتُؤْخَذُ أُنْثَى بقِسْطِه.

قوله: وفى الإِبِلِ والبَقَرِ في أحدِ الوَجْهَين. يعْنِى، يُجْزِئُ إخْراجُ الذَّكَرِ إذا كان النِّصابُ كلُّه ذُكُورًا، في الإِبِلِ والبَقَرِ، في أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. صحَّحَه في «النَّظْمِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» . وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «العُمْدَةِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانِى، لا يُجْزِئُ فيهما إلَّا أُنْثَى، فتُقَدَّمُ كما تُقَدَّمُ في نِصابِ ذُكورِ الغَنَمِ على الوَجْهِ الثَّانِى. وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الحاوِيَيْن». وقيلَ: يُجْزِئُ عنِ البَقَرِ لا عنِ الإِبِلِ؛ لِئَلَّا يُجْزِئَ ابنُ لَبُونٍ عن خَمْسٍ وعِشْرِين وعن سِتٍّ وثَلاِثين، فيَتَساوى الفَرْضان. وقيل: يُجْزِئُ ابنُ

ص: 428

وَيُؤْخَذُ مِنَ الصِّغَارِ صَغِيرَةٌ، وَمِنَ الْمِرَاضِ مَرِيضَةٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُؤْخَذُ إِلَّا كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ.

ــ

مَخاضٍ عن خَمْسٍ وعِشْرِين، فيقُومُ الذَّكَرُ مقامَ الأُنْثَى التى في سِنِّهِ كسائر النُّصُبِ. وحَكاه ابنُ تَميمٍ عن القاضى، وأنَّه أصحُّ. وقال: قال القاضى: يُخْرِجُ عن سِتٍّ وثَلاِثين ابنَ لَبُونٍ زَائِدَ القِيمَةِ على ابنِ مَخاضٍ بقَدْرِ ما بينَ النِّصابَيْن. وقال في «المُذْهَبِ» : فإنْ كانت كلُّها ذُكورًا، أجْزَأ إخْراجُ الذَّكَرِ في البَقَرِ، قوْلًا واحِدًا، وفي الإِبِلِ والغَنَمِ وَجْهان. كذا وجَدْتُه في نُسْخَتَين؛ القَطْعَ بالإِجْزاءِ في البَقَرِ، وإطْلاقَ الخِلافِ في الإِبِلِ والغَنَمِ، ولم أرَ هذه الطَّريقَةَ لغيرِه، فلعَلَّه تَصْحِيفٌ مِنَ الكاتِبِ.

قوله: ويؤْخَذُ مِنَ الصِّغارِ صَغيرَةٌ، ومِنَ المِرَاضِ مَرِيضَةٌ. هذا الصَّحيحُ مِنَ

ص: 429

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه في الصَّغِيرَةِ. وقال أبو بَكْرٍ: لا يُؤْخَذُ إلًّا كبِيرَةٌ صحِيحَةٌ، على قَدْرِ المالِ. وحكَاه عن أحمدَ. قال القاضى: أوْمَأَ إليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وذكَره في «الانْتِصَارِ» ، و «الواضِحِ» رِوايَةً. قال الحَلْوانِىُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، كشاةِ الِإبِلِ. وفرَّق بينَهما. فعلى المذهبِ، يُتَصَوَّرُ أخْذُ الصَّغيرَةِ إذا أبْدّلَ الكِبارَ بصِغارٍ، أو ماتَتِ الأُمَّاتُ وبَقِيَتِ

ص: 430

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصِّغارُ. وذلك على الرِّوايَةِ المَشْهورَةِ؛ أنَّ الحَوْلَ ينْعَقِدُ على الصِّغارِ مُنْفَرِدًا، كما

تقدَّم.

تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ: ويُؤْخَذُ مِنَ الصِّغارِ صغِيرةٌ. الفُصْلانَ مِنَ الإِبِلِ، والعَجاجِيلَ مِنَ البَقَرِ؛ فيُوخَذُ منها كالسِّخالِ. وهو أحَدُ الوُجوهِ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، وغيرِهم. فلا أثرَ للسِّن، ويُعْتَبَرُ العَدَدُ، فيُؤْخَذُ مِن خَمْسٍ وعِشْرِين إلى إحْدَى وسِتِّين واحِدَةٌ منها، ثمَّ في سِتٍّ وسَبْعِين ثِنْتان، وكذا في إحْدَى وتِسْعِين، ويُؤْخَذُ فِى ثَلاثِينَ عِجْلًا إلى تِسْعٍ وخَمْسِين واحِدٌ، ويُؤْخَذُ في سِتِّين إلى تِسْعٍ وثَمانِين اثْنان، وفى التِّسْعِين ثَلاثٌ منها. فيُعايىَ بذلك على هذا

ص: 431

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الوَجْهِ، والتَّعْدِيلُ على هذا الوَجْهِ بالقِيمَةِ مَكانَ زِيادَةِ السِّنِّ، كما سَبَق في إخْراجِ الذَّكرِ مِنَ الذُّكُورِ، فلا يُؤَدِّى إلى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ التى غايرَ الشَّرْعُ بالأحْكامِ فيها باخْتِلافِها. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجوزُ إخْراجُ الفُصْلانِ والعَجاجِيلِ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِى» . وقوَّاه ومالَ إليه. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه» . وهذا المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه؛ فيُقَوَّمُ النِّصابُ مِنَ الكِبارِ، ويُقَوَّمُ فَرْضُه، ثم يقَوَّمُ الصِّغارُ، ويُؤْخَذُ عنها كبيرةٌ بالقِسْطِ؛ لِئَلَّا يُؤَدِّىَ إلى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ في سَنِّ المُخْرَجِ. والوَجْهُ الثَّالِثُ، وقالَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِضَارِ» ، يُضَعِّفُ سِنَّ المُخْرَجِ في الإِبِلِ، فيُخْرِجُ عن خَمْسٍ وعِشْرِين واحدَةً منها، ويخْرِجُ عن سِتٍّ وثَلاثِين واحدَةً منها، كسِنٍّ واحدَةٍ منْهُنَّ مرَّتَيْن، وفى سِتٍّ وأرْبَعِين مِثْلُ واحدَةٍ ثلاثَ مرَّاتٍ، وفى إحْدَى وسِتِّين مِثْلُها أرْبَعَ مرَّاتٍ. والعُجولُ على هذا. وأطْلَقَهُنَّ المجْدُ في «شَرْحِه» . والوَجْهُ الرَّابعُ، واخْتارَه أيضًا أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»: يُضَعِّفُ ذلك في الإِبلِ خاصَّةً. والوجْهُ الخامِسُ، وقالَه السَّامَرِّئُ في «المُسْتَوْعِبِ» ، يخْرِجُ عن خَمْسٍ وعِشْرِين فَصيلًا واحدًا منها، وعن سِتٍّ وثَلاثِين فَصِيلًا واحدًا منها ومعه شاتَان أو عِشْرُون دِرْهَمًا، وعن سِتٍّ وأرْبَعِين واحدًا منها، ومعه الجُبْرانُ مُضاعفًا، فيكونُ أرْبَعُ شِيَاهٍ أو أرْبَعُون دِرْهمًا، أو شاتَان مع عِشْرِين دِرْهَمًا. وعن إحْدَى وسِتِّين واحدًا منها، ومعه الجُبْرانُ مُضاعَفًا مرَّتَيْن، فيكونُ سِتٍّ شِيَاهٍ أو سِتِّين دِرْهَمًا. ويخْرِجُ عن ثَلاثِين عِجْلًا واحدًا منها، وعن أرْبَعِين واحِدًا وثُلُثَ قِيمَةِ آخَرَ. انتهى. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». وقيل: يُؤْخَذُ مِنَ الصِّغارِ مِن غيرِ اعْتِبارِ سِنٍّ. وقيل: يُعْتَبَرُ بغَنَمِه دُونَ غَنَمِ غيرِه.

ص: 432

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: لو كان عندَه أقلُّ مِن خَمْسٍ وعِشْرِين مِنَ الإِبلِ صِغارًا، وجَبَتْ عليه

ص: 433

فَإِنِ اجْتَمَعَ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، وَصِحَاحٌ وَمِرَاضٌ، وَذُكُورٌ وَإنَاثٌ، لَمْ يُؤْخَذْ إِلَّا أُنْثَى صَحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ.

ــ

في كلِّ خَمْسٍ شاةٌ كالكِبَارِ.

قوله: فإِنِ اجْتَمَعَ صِغَارٌ وكِبارٌ، وصِحَاحٌ ومِرَاضٌ، وذكورٌ وإناثٌ، لم يُؤْخَذْ إلَّا أُنْثَى صحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ، على قَدْرِ قِيمَةِ المالَيْن. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. فعلى هذا، لو كان قِيمَةُ المالِ المُخْرجِ، إذا كان المالُ المُزَكَّى كلُّه كِبَارًا صِحاحًا، عِشْرِين، وقِيمَتُه بالعَكْسِ عَشَرَةٌ، وجبَتْ كبيرةٌ صحيحَةٌ قِيمَتُها خَمْسَةَ عشَرَ مع تَساوِى العَدَدْين. ولو كان الثُّلُثُ أعْلَى، والثُّلُثان أدْنَى، فشاةٌ

ص: 434

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قِيمَتُها ثَلاثَةَ عشَرَ وثُلُثٌ. وبالعَكْسِ، شاةٌ قِيمَتُها سِتَّةَ عشَرَ وثُلُثَان. وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، مَن لَزِمَه رأْسان فيما نِصْفُه صحيحً ومَعِيبٌ، أخْرَجَ صحِيحَةً ومَعِيبَةً، كِنصَابٍ صحيحٍ مُفْرَدٍ. وهذا القوْلُ مِنَ المُفْرَداتِ.

ص: 435

وَإنْ كَانَ نَوْعَيْنِ؛ كَالْبَخَاتِىِّ وَالْعِرَابِ، وَالْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ، وَالْضَّأْنِ وَالْمَعْزِ،

ــ

فائدة: لو كان مالُه مِائَةً وإحْدَى وعِشْرين شاةً، والجميعُ مَعيِبٌ إلَّا واحدَةً، أو كان عندَه مِائَةٌ وإحْدَى وعِشْرون شاةً كبيرةً، والجميعُ سِخَالٌ إلَّا واحدةً كبيرةً، فإنَّه يُجْزِئُه عنِ الأوَّلِ صحيحَةٌ ومَعِيبَةٌ، وعنِ الثَّانِى شاةٌ كبيرةٌ وسَخْلَةٌ، إنْ وجبَتِ الزَّكاةُ في سِخالٍ مُفْرَدَةٍ، وإلَّا وجبَتْ كبيرةٌ بالقِسْطِ. وهو مَعْنَى قوْلِهم: وإن كان الصَّحيحُ غيرَ واجبٍ، لَزِمَه إخْراجُ الواجِبِ صحِيْحًا بقَدْرِ المالِ.

قوله: وإنْ كان نَوْعَين، كالبَخاتِيِّ والعِرَابِ، والبَقَرِ والجَوَاميسِ، والضَّأْنِ

ص: 436

أَوْ كَانَ فِيهِ كِرَامٌ وَلِئَامٌ، وَسِمَانٌ وَمَهَازِيلُ، أُخِذَتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ.

ــ

والمَعْزِ، أو كان فيه كرامٌ ولِئامٌ، وَسِمانٌ ومَهَازِيلُ، أُخِذَتِ الفَرِيضَةُ مِن أحَدِهما على قَدْرِ قِيمَةِ المالَين. اعلمْ أنَّه إذا كان النِّصابُ مِن نَوْعَيْن، كما مثَّل المُصَنِّفُ، أوَّلًا، فقطَع بأنَّه تُؤْخَذُ الفَرِيضَةُ مِن أحَدِهما على قَدْرِ قِيمَةِ المالَيْن. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: يُخَيَّرُ السَّاعِى. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. ونقَل حَنْبَلٌ في ضأْنٍ ومَعْزٍ، يُخَيَّرُ السَّاعِى؛ لاتِّحادِ الواجِبِ. ولم يَعْتَبِرْ أبو بَكْرٍ

ص: 437

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القِيمَةَ في النَّوْعَيْن. قال المَجْدُ: وهو ظاهِرُ ما نقَل حَنْبَلٌ. وقال في «الفُروعِ» :

ويتَوَجَّهُ، في حِنْثِ مَن حلَف لا يأْ كُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بأَكْلِه لَحْمَ جامُوسٍ، الخِلافُ لنا هنا في تَعارُضِ الحقيقَةِ اللُّغويَّةِ والعُرْفيَّةِ، أيُّهما يُقَدَّمُ؟ وأمَّا إذا كان النِّصابُ فيه

ص: 438

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كِرامٌ ولئامٌ، وسِمانٌ ومَهازِيلُ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا بأنَّه تُؤْخَذُ الفَريضَةُ مِن أحَدِهما على قَدْرِ قِيمَةِ المالَيْن. وهو اخْتِيارُه. وذكَره أبو بَكْرٍ. في هزِيلَةٍ بقِيمَةِ سَمينَةٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجِبُ في ذلك الوسَطُ. نصَّ عليه، بقَدْرِ قِيمَةِ المالَيْن. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» . وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» .

فوائد؛ إحْداها، لو أخْرَجَ عنِ النِّصابِ مِن غيرِ نوعِه ما ليس في مالِه منه، جازَ، إنْ لم تنْقُصْ قِيمَةُ المُخْرَجِ عنٍ النَّوْعِ الواجبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعلى قوْلِ أبى بَكْرٍ، يجوزُ ولو نقَصَتْ. وقيلَ: لا يُجْزِئُ هنا مُطْلَقًا، كغيرِ الجِنْسِ، وجازَ مِن أحَدِ نَوْعَى مالِه، لتَشْقيصِ الفَرْضِ. وقيلَ: يُجْزِئُ ثَنِيَّةٌ مِنَ الضَّأْنِ عنِ المَعْزِ، وَجْهًا واحِدًا. الثَّانيةُ، لا تُضَمُّ الظِّباءُ، إذا قُلْنا: تجِبُ الزَّكاةُ فيها، إلى الغَنَمِ في تكْميلِ النِّصابِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَ في

ص: 439

فَصلٌ: النَّوْعُ الثَّالِثُ، الْغَنمُ، وَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، فَتَجِبُ فِيهَا شُاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاهٍ، ثُمَّ فِى كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ.

ــ

«الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، أنها تُضَمُّ، وحُكِىَ وَجْهٌ، وحُكِىَ روايةٌ أيضًا. الثَّالثةُ، يُضَمُّ ما توَلَّدَ بينَ وَحْشِيٍّ وأهْلِيٍّ، إنْ وجَبَتْ.

قوله في زَكاةِ الغَنَمِ: إلى مائتَيْن، فإذا زَادَتْ واحِدَةً، ففيها ثَلاثُ شِياهٍ. هذا بلا نِزاعٍ.

قوله: ثم في كُلِّ مائَةِ شَاةٍ شَاةٌ. فيكونُ في أرْبَعِمائَةِ شاةٍ أرْبَعُ شِيَاهٍ، وفي خَمْسِمائةٍ خمْسُ شِيَاهٍ. وعلى هذا فقِسْ. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصَّ عليه،

ص: 440

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه القاضى، وجمْهورُ الأصحابِ. وعنه، في ثَلاثِمائةٍ وواحِدَةٍ أرْبَعُ شِيَاهٍ، ثم في كلِّ مائةِ شاةٍ شاةٌ، فيكونُ في خَمْسِمائةِ شاةٍ خَمْسُ شِياهٍ، فالوَقْصُ مِن ثَلاثِمائةٍ وواحدةٍ إلى خَمْسِمائةٍ.

ص: 441

وَيُؤْخَذُ مِنَ الْمَعْزِ الثَّنِىُّ، وَمِنَ الضَّأْنِ الْجَذَعُ،

ــ

وعنه، أنَّ المِائةَ زائدَةٌ؛ ففى أرْبَعِمائةٍ وواحدَةٍ خَمْسُ شِياهٍ، وفى خَمْسِمائةٍ وواحِدَةٍ سِتُّ شِياهٍ. وعلى هذا أبَدًا.

فائدتان؛ إحْدَاهما، مِنَ الأصحابِ مَن ذكَر هذه الرِّوايَةَ الأخيرةَ، وقال: اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وأنَّ التى قَبْلَها سَهْوٌ؛ منهم المَجْدُ في «شَرْحِه» . وذكَر بعضُهم الرِّوايَةَ الثَّانيةَ، وقال: اخْتارَهَا أبو بَكْرٍ. ولم يَذْكُرِ الثَّالثةَ، وهو مَعْنَى ما في «المُغْنِى» (1). وذكَرَهما بعضُ المُتأَخِّرين؛ منهم ابنُ حَمْدانَ، وابنُ تَميمٍ. الثَّانيةُ، قوله: ويُؤْخَذُ مِنَ المَعْزِ الثَّنِىُّ، ومِنَ الضَأْنِ الجَذَعُ. فالثَّنِيُّ

(1) انظر: المغنى 4/ 39.

ص: 442

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِنَ المَعْزِ؛ مالَه سَنَةٌ. والجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ؛ مالَه نِصْفُ سنَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقيل: الجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ؛ مالَه ثَمانِ شُهورٍ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسَى، في «الإِرْشَادِ» . ويأْتِي ذلك في أوَّلِ بابِ الهَدْىِ والأَضاحِى.

ص: 443

وَلَا يُؤْخَذُ تَيْسٌ، وَلَا هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ؛ وَهِىَ الْمَعِيبَةُ،.

ــ

قوله: ولا يُؤخَذُ تِيْس ولا هَرِمَةٌ. أمَّا التَّيْسُ، فَتارَةً يكونُ تَيْسَ الضِّرابِ، وهو فَحْلُه، وتارةً يكونُ غيرَه؛ فإنْ كان فَحْلَ الضِّرابِ، فلا يُؤْخَذُ؛ لخبَرِه، إلَّا أنْ يشاءَ ربُّه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال المَجْدُ: اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى. وكذا ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ،

ص: 444

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرُه. فلو بذَلَه المالِكُ، لَزِمَ قَبُولُه، حيثُ يُقْبَلُ الذَّكَرُ. وقيلَ: لا يُؤْخَذُ؛ لنَقْصِه وفَسادِ لَحْمِه. وإنْ كان التَّيْسُ غيرَ فَحْلِ الضِّرابِ، فلا يؤْخَذُ؛ لنَقْصِه وفَسادِ لَحْمِه.

قوله: ولا ذَاتُ عَوَارٍ؛ وهى المعِيبَةُ. لا يُجْزِئُ إخْراجُ المَعِيبَةِ، وهى التى لا يُضَحَّى بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه. وقال الأَزَجِىُّ في «نِهايَتِه» ، وأوْمَأَ إليه المُصَنِّفُ: لابدَّ أنْ

ص: 445

وَلا الرُّبَّى؛ وَهِىَ الَّتِى تُرَبِّى وَلَدَهَا، وَلَا الْحَامِلُ، وَلَا كَرَائِمُ الْمَالِ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهُ.

ــ

يكونَ العَيْبُ يُرَدُّ به في البَيْعِ. ونُقِلَ عنِ الإِمام أحمدَ، لا تؤْخَذُ عَوْراءُ ولا عَرْجاءُ ولا ناقِصَةُ الخَلْقِ. واخْتارَ المَجْدُ الإِجْزاءَ إنْ رآه السَّاعِى أنْفَعَ للفُقَراءِ لزِيادَةِ صِفَةٍ فيه، وأنَّه أقْيَسُ بالمذهبِ؛ لأنَّ مِن أصْلِنا، إخْراجَ المُكَسَّرةِ عنِ الصِّحاحِ، ورَدئِ الحَبِّ عن جيِّدِه، إذا زادَ قَدْرُ ما بينَهما مِنَ الفَصْلِ. على ما يأْتِى.

فائدة: قوله: ولا الرُّبَّى؛ وهى التى تُرَبِّى ولَدَها، ولا الحَامِلُ. وهذا بلا

ص: 446

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نِزاع. قال المَجْدُ: ولو كان المالُ كذلك؛ لما فيه مِن مُجاوَزَةِ الأشْياءِ المَحْدودَةِ (1). ومِثْلُ ذلك طَروقَةُ الفَحْلِ. قلتُ: لو قيلَ بالجَوازِ إذا كان النِّصابُ كذلك، لكان قوِيًّا في النَّظَرِ. وهو مُوافِقٌ لقَواعدِ المذهبِ.

(1) في ط: «المحمودة» .

ص: 447

وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْقِيمَةِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ.

ــ

قوله: ولا يَجُوزُ إخْرَاجُ القِيمَةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. أعْنِى، سواءٌ كان ثَمَّ حاجَةٌ أم لا، لمَصْلَحَةٍ أوْلا، الفِطْرَةُ وغيرُها. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، تُجْزِئُ القِيمَةُ مُطْلَقًا. وعنه، تُجْزِئُ في غيرِ الفِطْرَةِ. وعنه، تُجْزِئُ للحاجَةِ، مِن تعَذُّرِ

ص: 448

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفَرْضِ ونحوِه. نقلَها جماعَةٌ؛ منهم القاضى في «التَّعْلِيقِ» . وصحَّحَها جماعَةٌ؛ منهم ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقيلَ: ولمَصْلَحَةٍ أيضًا. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا. وذكَر بعضُهم رِوايَةً، تُجْزِئُ للحاجَةِ.

ص: 449

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال ابنُ البَنَّا في «شَرْحِ المُحَرَّرِ» : إذا كانتِ الزَّكاةُ جُزْءًا لا يمْكِنُ قِسْمَتُه، جازَ صَرْفُ ثَمَنِه إلى الفُقَراءِ. قال: وكذا كلُّ ما يحْتاجُ إلى بَيْعِه، مثلَ أنْ يكونَ بعِيرًا لا يقْدِرُ على المَشْىِ. وعنه، تُجْزِئُ عن ما يُضَمُّ دُونَ غيرِه. وعنه، تُجْزِئُ القِيمَةُ، وهى الثَّمَنُ لمُشْتَرِى ثَمَرَتِه التى لا تَصِيرُ تَمْرًا وزَبِيبًا مِنَ السَّاعِى قبلَ جِدَادِه. والمذهبُ، لا يصِحُّ شِراؤُه، فلا تُجْزِئُ القِيمَةُ على ما يأْتِى.

فائدة: لو باعَ النِّصابَ قبلَ إخْراجِ زَكاتِه، وقُلْنا بالصِّحَّةِ، على ما تقدَّم في

ص: 450

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أوَاخِرِ كتابِ الزَّكاةِ، فعنه، له أنْ يخْرِجَ عُشْرَ ثَمَنِه. نصَّ عليه. وأنْ يُخْرِجَ مِن جِنْسِ النِّصابِ. ونَقَلَ صالِحٌ، وابنُ مَنْصورٍ، وإنْ باعَ تَمْرَه أو زَرْعَه، وقد بلَغ، ففى ثَمَنِه العُشْرُ أو نِصْفُه. ونقَل أبو طالبٍ، يتَصدَّقُ بعُشْرِ الثَّمَنِ. قال القاضى: أطْلقَ القَوْلَ هنا، أنَّ الزَّكاةَ في الثَّمَنِ. وخَبَرُه في رِوايَةِ أبى دَاوُدَ. انتهى. وعنه رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ، لا يجوزُ أنْ يُخْرِجَ مِنَ الثَّمَنِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ وصحَّحَه المَجْدُ في «شَرْحِه» . وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ». وقال القاضى: الرِّوايَتَان بِناءً على رِوايَتَىْ إخْراجِ القِيمَةِ. وقال هذا المَعْنَى قبلَه أبو إسْحقَ وغيرُه، وقالَه بعدَه آخَرُون. وقال أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ: إذا باعَ فالزَّكاةُ في الثَّمَنِ، وإنْ لم يَبعْ فالزَّكاةُ فيه. وذكَر ابنُ أبى مُوسَى الرِّوايتَيْن في إخْراجِ ثَمَنِ الزَّكاةِ بعدَ البَيْعِ، إذا تَعَذَّر

ص: 451

وَإِنْ أَخْرَجَ سِنًّا أَعْلَى مِنَ الْفَرْضِ مِنْ جِنْسهِ، جَازَ.

ــ

المِثْلُ. وعن أبى بَكْرٍ، إنْ لم يقْدِرْ على تَمْرٍ وَزَبِيبٍ، ووجَدَه رُطَبًا، أخْرَجَه. وزادَ بقَدْرِ ما بينَهما. ذكَرَه الآمِدِىُّ، وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُهما عنه.

قوله: وإنْ أخْرَجَ سِنًّا أعْلى مِنَ الفَرْضِ مِن جِنْسِه، جازَ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وتقدَّم جوازُ إخْراجِ المُسِنِّ

ص: 452

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عنِ التَّبِيعِ والتَّبِيعَةِ، وإخْراجِ الثَّنِيَّةِ عنِ الجَذَعَةِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» وَجْهًا بعدَمِ الجَوازِ. قال الحَلْوانِيُّ في «التَّبْصِرَةِ»: إن شَاءَ رَبُّ المالِ أخْرَجَ الأَكُولَةَ، وهى السَّمِينَةُ، وللسَّاعِى قَبُولُها. وعنه، لا؛ لأنَّها قِيمَةٌ. قال

ص: 453