المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فى الخلطة: - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٦

[المرداوي]

الفصل: ‌فصل فى الخلطة:

‌فَصْلٌ فِى الْخُلْطَةِ:

وَإِذَا اخْتَلَطَ نَفْسَانِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ فِى نِصَابٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ حَوْلًا، لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِى بَعْضِه، فَحُكْمُهُمَا فِى الزَّكَاةِ حُكْمُ الْوَاحِدِ، سَوَاءٌ كَانَتْ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ؛ بِأَنْ يَكُونَ مُشَاعًا بَيْنَهُمَا، أَوْ خُلْطَةَ أَوْصَافٍ؛ بِأَنْ يَكُونَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزًا، فَخَلَطَاهُ وَاشْتَرَكَا فِى الْمُرَاحِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَحْلَبِ وَالرَّاعِى وَالْفَحْلِ.

ــ

في «الفُروعِ» : كذا قال. وهو غريبٌ بعيدٌ. قلتُ: يُنَزَّه الإِمامُ أحمدُ أنْ يقولَ مِثْلَ ذلك.

فائدتان؛ إحْداهما، قوله: وإذا اخْتَلَطَ نَفْسَان أو أكْثَرُ مِن أهْلَ الزَّكاةِ في نِصابٍ مِنَ الماشِيَةِ حَوْلًا، لم يَثبُتْ لهما حُكْمُ الانْفِرادِ في بعضِه، فَحُكْمُهما في الزَّكاةِ حُكْمُ الواحِدِ. وهذا بلا نِزاعٍ، سواءٌ أثَّرَتِ الخُلْطَةُ في إيجابِ الزَّكاةِ أو إسْقاطِها، أو أثَّرَتْ في تغْييرِ الفَرْضِ أو عدَمِه؛ فلو كان لأرْبَعِين مِن أهْلِ الزَّكاةِ

ص: 454

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أرْبَعَون شاةً مُخْتَلِطَةً، لَزِمَهم شاةٌ، ومع انْفِرَادِ هم لا يَلْزَمُهم شئٌ. ولو كان لثَلَاثَةِ.

أنْفُسٍ مِائَةٌ وعِشْرون شاةً، لَزِمَهم شاةٌ واحدَةٌ، ومع انْفِرَادِهم ثلاثُ شِيَاهٍ،

ص: 455

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويُوَزَّعُ الواجِبُ على قَدْرِ المالِ مع الوَقْصِ؛ فسِتَّةُ أبْعِرَةٍ مُخْتَلِطَةٍ مع تِسْعَةٍ، يَلْزَمُ ربَّ السِّتَّةِ شاةٌ وخُمُسُ شاةٍ. ويلْزَمُ ربَّ التِّسْعَةِ شاةٌ وأرْبَعَةُ أخْماسِ شاةٍ. الثَّانيةُ، قوله: سَواءٌ كانت خُلْطَةَ أعْيَانٍ؛ بأنْ تكونَ مُشاعًا بينَهما. تُتَصَوَّرُ

ص: 456

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإِشاعَةُ بالإِرْثِ والهِبَةِ والشِّراءِ أو غيرِه.

قوله: أو خُلْطَةَ أوصافٍ؛ بأنْ يكونَ مالُ كُلِّ واحِدٍ مُتَمَيِّزًا. فلو اسْتَأْجَرَه ليَرْعَى غَنَمَه بشاةٍ منها، فحالَ الحَوْلُ ولم يُفْرِدْها، فهما خَلِيطان، وإنْ أفْرَدَها فنَقَص النِّصابُ، فلا زكاةَ.

قوله: فَخَلَطاه واشْتَركا في المُراحِ والمَسْرَحِ والمَشْرَبِ والمحْلَبِ والرَّاعِى والفَحْلِ. وهكذا جزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «الكَافِى» ، و «النَّظْمِ» ، و «التَّسْهيلِ» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» . واعلمْ أنَّ للأصحابِ في ضَبْطِ ما يُشْتَرطُ في صِحَّةِ الخَلْطِ طُرُقًا؛ أحَدُها هذا. الطَّرِيقُ الثَّاني، اشْتِراطُ المَرْعَى، والمَسْرَحِ، والمَبِيتِ؛ وهو المُراحُ والمَحْلَبُ، والفَحْلُ لا غيرُ. وهى

ص: 457

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ» . وجزَم بها الخِرَقِىُّ، والمَجْدُ في «مُحَرَّرِه» ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِزَتِه» ، فزادُوا على المُصَنِّفِ المَرْعَى، وأسقَطوا الرَّاعِىَ والمشْرَبِ؛ الطَّريقُ الثَّالثُ، اشْتِراطُ المُراحِ؛ وهو المأْوَى والمَرْعَى والرَّاعِى، والمَشْربِ؛ وهو مَوْضِعُ الشُّرْبِ وآنِيَتُه، والمَحْلَبِ؛ وهو مَوْضِعُ الحَلْبِ وآنِيَتُه، والمَسْرَحِ؛ وهو مُجْتَمَعُها لتذهبَ، والفَحْلِ. قدَّمه في «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «ابنِ تَميمٍ» . فزَادُوا على المُصَنِّفِ، المَرْعَى، وآنِيَةَ الشُّربِ، وآنِيَةَ المَحْلبِ. الطَّريقُ الرَّابعُ، اشْتِراطُ المَسْرَحِ، والمَرْعَى، والمَشْربِ، والمُرَاحِ، والمَحْلَب، والفَحْلِ. وبه جزَم في «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» . فأسقَط الرَّاعِىَ. الطًّريقُ الخامِسُ، اشْتِراطُ الرَّاعِى، والمَرْعَى، ومَوْضِعِ شُرْبِها وحَلْبها وآنِيَتِها وفَحْلِها ومَسْرحِها. وبه جزَم في «الوَجيزِ» .

ص: 458

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فأسقَط المُراحَ، وزادَ الآنِيَةَ والمَرْعَى. الطَّريقُ السَّادِسُ، اشْتِراطُ الرَّاعِى، والمَسْرَحِ، والمَبِيتِ، والمَحْلَبِ، والفَحْلِ. قدَّمَهَا في «الفائقِ» . فأسْقَطَ المَشْرَبَ. الطَّريقُ السَّابعُ، اشْتِراطُ الرَّاعِى، والفَحْلِ، والمَسْرحِ، والمُراحِ. وجزَم بها في «الفُصُولِ» . وقدَّمها في «المُسْتَوْعِبِ» . فأسقَط المَحْلَبَ والمَشْرَبَ. الطَّريقُ الثَّامِنُ، اشْتِراطُ الفَحْلِ، والرَّاعِى، والمَرْعَى، وَالمأْوَى؛ وهو المَبِيتُ، والمَحْلَبُ. وبه جزَم في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ» . فزاد المَرْعَى، وأسقَط المَشرَبَ والمَسْرَحَ. الطَّريقُ التَّاسِعُ، اشْتِراطُ المَبيتِ، والمَسْرَحِ، والمَحْلَبِ، وآنِيَتِه، والمَشْرَبِ، والرَّاعِى، والمَرْعَى، والفَحْلِ. قدَّمها ابنُ أبى المَجْدِ في «مُصَنَّفِه» . فزادَ المَرْعَى، وآنِيَةَ المَحْلَبِ. الطَّريقُ العاشِرُ، اشْتِراطُ المُراحِ، والمَسْرحِ، والمَبِيتِ، والفَحْلِ. وبه قطَع في «الإِيضَاحِ» . فجَمَع بينَ المُراحِ والمَبِيتِ. وأسقَط المَشْرَبَ، والمَحْلبَ، والرَّاعِىَ. الطَّريقُ الحادِى عَشَرَ، اشْتِراطُ المُراحِ، والمَسْرَحِ، والفَحْلِ، والمَرْعَى. وهى طريقَةُ الآمِدِىِّ. فزادَ المَرعَى، وأسقَط المَشْرَبَ، والمَحْلَبَ، والرَّاعِىَ. الطَّريقُ الثَّاني عشَر، اشْتِراطُ الفَحْلِ، والرَّاعِى، والمَحْلَبِ فقط. وهى طريقَةُ ابنِ الزَّاغُونِىِّ في «الواضِحِ» . فأسْقَطَ المَشْرَبَ، والمُراحَ، والمَسْرَحَ. الطَّريقُ الثَّالِثَ عشَر، اشْتِراطُ المَرْعَى، والمَسْرَحِ،

ص: 459

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمَشْربِ، والرَّاعِى. وبها قطَع ابنُ عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه» . الطَّريقُ الرَّابِعَ عَشَرَ، اشْتِراطُ المُراحِ، والمَسْرحِ، والمَحْلَبِ، والمبِيتِ، والفَحْلِ. وبها قطَع في «المُبْهِجِ» ، فجمعَ بينَ المُراحِ والمَبِيتِ، كما فَعَل في «الإيضاحِ» ، إلَّا أنَّه زادَ عليه المَحْلَبَ، وأسْقَطَ المَشْرَبَ والرَّاعِىَ. الطَّريقُ الخامِسَ عشَرَ، اشْتِراطُ الرَّاعِى فقط. وهى طريقَةُ بعضِ الأصحابِ. ذكَرَه القاضى في «شَرْحِ المُذْهَبِ» عنه. وعن أحمدَ نحوُه. الطَّريقُ السَّادِسَ عشَرَ، اشْتِراطُ المُراحِ، والمَسْرَحِ، والفَحْلِ، والمَشْرَبِ. وبها قطَع ابنُ البَنَّا في «الخِصَالِ» ، و «العُقُودِ» . الطَّريقُ السَّابعَ عشَرَ، اشْتِراطُ الرَّاعِى، والمَرْعَى، والفَحْلِ، والمَشْربِ. وبها قطَع في «الخُلاصَةِ» . فزادَ المَرْعَى، وأسْقَط المَسْرَحَ. الطَّريقُ الثَّامِنَ عَشَرَ، اشْتِراطُ المَسْرَحِ، والمَرْعَى، والمَحْلَبِ، والمَشْرَبِ، والمَقِيلِ، والفَحْلِ. وبها قَطَع في «الإفاداتِ» . فزادَ المَقِيلَ والمَرْعَى، وأسقَط الرَّاعِىَ والمُراحَ. الطَّريقُ التَّاسِعَ عَشَرَ، اشْتِراطُ المَرْعَى، والفَحْلِ، والمَبِيتِ، والمَحْلَبِ، والمَشْرَبِ. وبها قطَع في «العُمْدَةِ» . الطَّريقُ العِشْرُون، اشْتِراطُ المَرْعَى، والمَسْرَحِ، والمَشْرَبِ، والمَبِيتِ، والمَحْلَب، والفَحْلِ. وبها جَزَم في «المُنَوِّرِ» . فزادَ المَرْعَى، وأسقَط الرَّاعِىَ. الطًّريقُ الحادِى والعِشْرُون، اشْتِراطُ المُراحِ، والمَسْرحِ، والمَشْربِ، والرَّاعِى والفَحْلِ. وبها قطَع في «المُنْتَخَبِ» . فأسقَط المَحْلَبَ. الطَّريقُ الثَّاني والعِشْرُون، اشْتِراطُ الرَّاعِى، والمَبِيتِ فقط. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، ذكَرَها القاضى في «شَرْحِه» . الطَّريقُ الثَّالثُ والعِشْرُون، اشْتِراطُ

ص: 460

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحَوْضِ، والرَّاعِى، والمُراحِ فقط. وهو أيضًا رِوايةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ. فهذه ثلاثَةٌ وعِشْرُون طريقَةً، لكنْ قد ترْجِعُ إلى أقل منها باعْتِبارِ ما تُفَسَّرُ به الألْفاظُ على ما يأْتِى بَيانُه.

فائدة: المُراحُ، بضمِّ الميمِ؛ مكان مَبِيتِها. وهو المأْوَى، فالمَبِيتُ هو المُراحُ. فسَّروا كلَّ واحدٍ منهما بالآخَرِ. وهذا الصَّحيحُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: المُراحُ؛ رَواحُها منه جُمْلَةً إلى المَبِيتِ. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وجمَع فى «المُبْهِجِ» ، و «الإِيضاحِ» بين المُراحِ والمَبِيتِ، كما تقدَّم. فعندَه أنَّهما مُتَغايِرَان. وأمَّا المَسْرَحُ؛ فهو المكانُ الذى تَرْعَى فيه الماشِيةُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ حامِدٍ. وقال: إنَّما ذكَر الإِمامُ أحمدُ المَسْرَحَ؛ ليكونَ فيه راعٍ واحدٌ. قدَّمه فى «المُطْلِعِ» . فعليه، يَلْزَمُ مِنِ اتحادِه اتِّحادُ المَرْعَى، ولذلك قال المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ حامِدٍ: المَسْرَحُ والمَرْعَى شئٌ واحدٌ. وقيلَ: المَسْرَحُ مَكانُ اجْتِماعِها لتَذْهَبَ إلى المَرْعَى. جزَم به فى «الفُصُولِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ نَميمٍ» ، و «الرعايَةِ الكُبْرَى». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو أوْلَى؛ دفْعًا للتَّكْرارِ. وهو الصَّحيحُ. وفسَّره فى «المُسْتَوْعِب» بمَوْضِعِ رَعْيِها وشُرْبِها. وفسَّرَه المَجْدُ فى «شَرْحِه» بمَوْضِعِ. الرَّعْىِ، مع أنَّه جمَع بينَهما فى «المُحَررِ» ، مُتابعَةً للخِرَقِىِّ. وقال: يَحْتَمِلُ أنَّ الخِرَقِىَّ أرادَ بالمَرْعَى الرَّعْىَ، الذى هو المصْدَرُ لا المَكانُ. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ بالمَسْرحِ المَصْدَرَ، الذى هو السُّروحُ لا المَكانُ؛ لأنَّا قد بيَّنَّا أنَّهما واحدٌ،

ص: 461

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بمَعْنَى المَكانِ. فإذا حَمَلْنا أحَدَهما على المَصْدَرِ، زالَ التَّكْرارُ. وحصَل به اتِّحادُ الرَّاعِى والمَشْرَبِ. انتهى. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (1): يَحْتَمِلُ أنَّ الخِرَقِىَّ أرادَ بالمَرْعَى الرَّاعِىَ؛ ليكونَ مُوافِقًا لقَوْلِ أحمدَ، ولكوْنِ المَرْعَى هو المَسْرَحُ. انتهى. وأمَّا المَشْرَبُ؛ فهو مَكان الشُرْبِ فقط. وهو الصَّحيحُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: موْضِعُ الشُرْبِ، وما يحْتاجُ إليه مِن حَوْضٍ ونحوِه. وبه قطَع ابنُ تميمٍ، و «الرعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وأمَّا المَحْلَبُ؛ فهو موْضِعُ الحَلْبِ. على الصَّحيحِ، وعليه الأكثرُ. وقيلَ: مَوْضِعُ المَحَلْبِ وآنِيَتُه. وبه جزَم ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرُهم.

تنبيه: لا يُشْترطُ خَلْطُ اللَّبَنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، بل مَنَعُوا مِن خَلْطِه وحرَّمُوه. وقالوا: هو رِبًا. وقيلَ: يُشْتَرَطُ خَلْطُه. وقالَه القاضى فى «شَرْحِه الصَّغيرِ» . وِأمَّا الرَّاعِى، فَمَعْروفٌ. ومَعْنَى الاشْتِراكِ فيه، أنْ لا يَرْعَى أحَدَ المالَيْن دونَ الآخرِ. وكذا لو كان راعِيان فأكثرُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: ولا يَرْعَى غيرَ مالِ الشَّرِكةِ. وأمَّا الفَحْلُ، فمَعْروفٌ. ومَعْنَى الاشْتِراكِ فيه، أنْ لا تكونَ فُحُولَةُ أحَدِ المالَيْن لا يطْرُقُ المالَ الآخَرَ. قال فى «الرِّعايَةِ»: ولا يَنْزُو على غيرِ مالِ الشَّرِكةِ. وأمَّا المَرْعَى؛ فهو موْضِعُ الرَّعْىِ ووَقْتُه ة قالَه فى «الرِّعايَةِ» . وتقدَّم كلامُ المُصَنِّفِ والمَجْدِ وغيرِهما، أنَّ المَرْعَى هو المَسْرَحُ.

تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الخُلْطَةِ. فإنْ كانتْ خُلْطَةَ

(1) انظر: المغنى 53/ 4.

ص: 462

فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا، أَوْ ثَبَتَ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِى بَعْضِ الْحَوْلِ، زَكَّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدَيْنِ فِيهِ.

ــ

أعْيانٍ، لم تُشْتَرَط لها النِيَّةُ إجْماعًا، وإنْ كانتْ. خُلْطَةَ أوْصافٍ، ففيها وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ؛ أحدُهما، لا تُشْترَطُ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه فى «الكافِى» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «شَرْحِ المَجْدِ» . وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونصَراه، و «الحاوِيَيْن» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقال عنِ القوْلِ الثَّانى: وليس بشئٍ. والوَجْهُ الثَّانى، تشتَرطُ النِّيَّةُ. اخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، والمَجْدُ، وجزَم به فى «المُبْهِجِ» ، و «الإِيضاحِ» ، والحَلْوانِىُّ وغيرُهم. وتَظْهَرُ فائدَةُ الخِلافِ، لو وقَعَتِ الخُلْطَةُ اتِّفاقًا، أو فعَلَه الرَّاعِى، وتأخَّرَتِ النِّيَّةُ عن المِلْكِ. وقلَ: لا يضُرُّ تأْخِيرُها عنه بزَمَنٍ يسيرٍ، كتَقْدِيمِها على المِلْكِ، بزَمَنٍ يسيرٍ.

فائدة: قوله: فإنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنها، أو ثبَت لهما حُكْمُ الانْفرادِ فى بعضِ الحَوْلِ، زَكَّيا زَكاةَ المنْفَردَيْن فيه. فيَضُمُّ مَن كان مِن أهْلِ الزَّكاةِ مالَه بعضَه إلى

ص: 463

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بعض ويُزَكِّيه، إنْ بلَغ نِصابًا، وإلَّا فلا. وقال أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»: إنْ تُصُوِّرَ يضَمِّ حَوْلٍ إلى آخَرَ نَفْعٌ، فكَمَسْألَتِنا. يعْنِى مسْألةَ الخُلْطةِ، قال فى «الفُروعِ»: كذا قال.

فائدة: قوله.: أو ثبَت لهما حُكمُ الانْفِرادِ فى بعضِ الحَوْلِ، زَكَّيا زَكاةَ المنْفَرِدَيْن فيه. مِثالُ ذلكْ؛ لو خلَطا فى أثْناءِ الحَوْلِ نِصابَيْن ثَمانِين شاةً، زكَّى كلُّ واحدٍ، إذا تمَّ حوْلُه الأوَّلُ، زكاةَ انْفِرادٍ، وفيما بعدَ الحَوْلِ الأوَّلِ، زكاةَ خُلْطةٍ، فإنِ اتَّفقَ حَوْلَاهُما، أخْرَجَا شاةً عندَ تمامِ الحَوْلِ، على كلِّ واحدٍ نِصفُها، وإنِ اخْتلَفَ، فعلَى الأوَّلِ نِصْفُ شاةٍ عندَ تمامِ حَوْلِه. فإنْ أخْرَجَها مِن غيرِ المالِ، فعلَى الثَّانِى نِصْفُ شاةٍ أيضًا، إذا تمَّ حَوْلُه. وإنْ أخْرَجَها مِنَ المالِ، فقد تمَّ حوْلُ الثَّانِى على تِسْعَةٍ وسَبْعين شاةً ونِصْفِ شاةٍ له منها أرْبَعُون شاةً، فيَلْزَمُه أرْبَعون جُزْءًا مِن تِسْعةٍ وسَبْعين جُزْءًا ونِصْف جُزْءٍ مِن شاةٍ، فنُضَعِّفُها، فتكونُ ثَمانين جُزْءًا مِن مِائَةِ جُزْء، وتِسْعَةً وخَمْسين جزْءًا مِن شاةٍ، ثُمَّ كُلَّما تمَّ حوْلُ أحَدِهما، لَزِمَه مِن زكاةِ الجميعِ بقَدْرِ مالِه فيه.

ص: 464

وَإنْ ثَبَتَ لأحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ وَحْدَهُ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْمُنْفَرِدِ، وَعَلَى الْآخَرِ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ، ثُمَّ يُزَكِّيَانِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ الْحَوْلِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ، كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أحَدِهِمَا، فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَالهِ مِنْهَا.

ــ

فائدة: قوله. فإنْ ثبَتَ لأحَدِهما حُكْمُ الانْفِرَادِ وحدَه، فعليه زَكاةُ المنْفَردِ، وعلى الآخَرِ زَكاةُ الخُلْطةِ. مِثالُه، إنْ مَلَكا نِصابَيْن فَخَلَطاهُما، ثم يَبِيعُ أحدُهما نَصِيبَه أجْنَبِيًّا، فقد ملَك المُشْتَرِى أرْبَعِين، لم يثْبُتْ لها حُكْمُ الانْفِرادِ، فإذا تمَّ حوْلُ الأوَّلِ، لَزِمَه زَكاةُ انْفِرادٍ، شاةٌ، فإذا تمَّ حوْلُ الثَّانِى، لَزِمَه زكاةُ خُلْطةٍ، نِصْفُ شاةٍ، إنْ كان الأولُ أخْرَجَ الشَّاةَ مِن غيرِ المالِ، وإنْ أخْرَجَها منه، لَزِمَ الثَّانِى أرْبَعُون جُزْءًا مِن تِسْعةٍ وسَبْعين جُزْءًا مِن شاةٍ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيلَ: يُزكِّىْ الثَّانِى عن حَوْلِه الأوَّلِ زكاةَ انْفِرادٍ؛ لأنَّ خَلِيطَه لم ينْتَفِعْ فيه بالخُلْطَةِ.

قوله: ثُمَّ يُزَكِّيان فيما بعدَ ذلك الحَوْلِ زَكاةَ الخُلْطَةِ، كُلَّما تَمَّ حَوْلُ أحَدِهما، فعليه. بقَدْرِ مالِه منها. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه.

ص: 465

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: لو كان بينَهما نِصابُ خُلْطةٍ، ثَمانُون شاةً، فباعَ كل منهما غَنَمَه بغَنَمِ صاحِبِه، واسْتَداما الخُلْطَةَ، لم ينْقَطِعْ حوْلُهما، ولم يَزُلْ خَلْطُهما فى ظاهرِ المذهبِ، فإنَّ إبْدالَ النِّصابِ بجِنْسِه لا يقْطَعُ الحَوْلَ. وكذا لو تَبايَعا البعضَ بالبعضِ، قلَّ أو كَثُرَ. وَتَبْقَى الخُلْطَةُ فى غيرِ المَبِيعِ إنْ كان نِصابًا، فيُزَكِّى بشَاةٍ زكاةَ انْفِرادٍ عليهما لتَمَامِ حوْلِه. وإذا حالَ حَوْلُ المَبِيعِ، وهو أرْبَعُون، ففيه الزَّكاةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزين» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، وصحَّحَه. وقيلَ: لا زكاةَ فيه. اخْتارَه فى «المُجَرَّدِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وأطْلَقَهما فى

ص: 466

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفروعِ» . فعلَى المذهبِ، هى زكاة خُلْطَةٍ. على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» ، و «ابن تَميمٍ» ، وصحَّحَه. وقيلَ: زكاة انْفِرادٍ. وأطْلَقَهما فى «الفروعِ» . فأمَّا إنْ أَفْرداها، ثم تَبايَعَاها، ثم خَلَطاها، فإنْ طالَ زَمَن الانْفِرادِ، بطَلَ حُكْمُ الخلْطَةِ. وكذا إنْ لم يَطلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وهو ظاهِرُ ما صحَّحَه المَجْدُ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» فى مَكانٍ. وقيلَ: لا يؤثِّرُ الانْفِرادُ اليَسيرُ. وأطْلَقَهما المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، و «ابنَ تَميمٍ» ، و «الرِّعايَةِ الكبْرَى» ، و «الفُروعِ» . وإنْ أفْرَدا بعضَ النِّصاب وتَبايَعَاه، وكان الباقِى على الخُلْطَةِ

ص: 467

وَلَوْ مَلَكَ رَجُلٌ نِصَابًا شَهْرًا، ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ مُشَاعًا، أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بَعْضِهِ وَبَاعَهُ مُخْتَلِطًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ، وَيَسْتَأْنِفَانِهِ مِنْ حِينِ الْبَيْعِ.

ــ

نِصابًا، بَقِىَ حُكْمُ الخُلْطَةِ فيه، وهل ينْقَطِعُ فى المَبِيعِ؟ فيه الخِلافُ فى ضَمِّ مالِ الرَّجُلِ المُنْفَرِدِ إلى مالِه المُخْتَلِطِ، وإنْ بَقِىَ دونَ نِصابٍ، بَطَلَتْ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: تَبْطُلُ الخُلْطَةُ فى هذه المسائلِ، بِناءً على انْقِطاعِ الحوْلِ ببَيْعِ النِّصابِ بجِنْسِه. وفى كلامِ القاضى كالأوَّلِ والثَّانِى.

قوله: ولو ملَك نِصابًا شَهْرًا، ثم باعَ نِصْفَه مُشاعًا، أو أعْلمَ على بعضِه وباعَه

ص: 468

وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْبَائِع، وَعَلَيْهِ إِذَا تَمَّ حَوْلُهُ زَكَاةُ حِصَّتِهِ.

ــ

مُخْتَلِطًا، فقالَ أبو بَكْرٍ: يَنْقَطِعُ الحوْلُ ويَسْتأْنِفانِه مِن حينِ البَيْعِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الإِفاداتِ» . وصحَّحَه فى «تَصحيحِ المُحَرَّرِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغيرِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ». وقال ابنُ حامِدٍ: لا ينْقَطِعُ حوْلُ البائِعِ. وعليه عندَ تمامِ حوْلِه زكاةُ حِصَّتِه. قدَّمه فى «الخُلاصَةِ» . وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وأطْلَقَهُما فى «الهِدايَةِ» ، و «الفُصُولِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «شَرْحِ الهِدايَةِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «مُصَنَّفِ ابنِ أبى المَجْدِ» ، و «الحاوِى

ص: 469

فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنَ الْمَالِ انْقَطعَ حَوْلُ الْمُشْتَرِى؛ لِنُقْصَانِ النِّصَابِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَقُلْنَا: الزَّكَاةُ فِى العَيْنِ. فَكَذَلِكَ. وَإنْ قُلْنَا: فِى الذِّمَّةِ. فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكاةُ نَصيبِهِ.

ــ

الكَبِيرِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» .

قوله: فإنْ أخْرَجَها مِنَ المالِ، انْقَطَعَ حوْلُ المشْتَرِىْ؛ لنُقْصانِ النِّصابِ. وهذا الصَّحيحُ على قوْلِ ابنِ حامِدٍ. وقالَه الأئمَّةُ الأرْبعَةُ. وذكَرَه المَجْدُ إجْماعًا. وهو مُقَيَّدٌ بما إذا لم يسْتَدِمِ الفقيرُ الخُلْطَةَ بِنصْفِه. فإنِ اسْتَدامَها لم ينْقَطعْ حوْلُ المُشْتَرِى. وقيل: إنْ زكَّى البائعُ منه إلى فَقيرٍ، زكَّى المُشْتَرِى. وقيل: يسْقُطُ كأخْذِ السَّاعِى منه. قال فى «الفُروعِ» : وهذا القوْلُ الثَّانِى، واللَّهُ أعلمُ، على قوْلِ أبى بَكْرٍ.

قوله: وإنْ أخْرَجَها مِن غيرِه، وقُلْنا: الزَّكاةُ فى العَيْنِ، فكذلك. يعْنِى، ينْقَطِعُ حوْلُ المُشْتَرِى لنُقْصانِ النِّصابِ. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ هنا، وفى

ص: 470

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُغْنِى» ، و «الكافِى» . واخْتارَه أبو المَعالى، والشَّارِحُ. وذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ عن أبى الخَطَّابِ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا مُخَالِفٌ لما ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فى كِتابِه «الهِدايَةِ» ، ولا نعْرِفُ له مُصَنَّفًا يُخالِفُه. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المُشْتَرِىَ يُزَكِّى بنِصْفِ شاةٍ إذا تمَّ حوْلُه. قال المَجْدُ: لأنَّ التَّعَلُّقَ بالعَيْن لا يمْنَعُ انْعِقادَ الحوْلِ بالاتِّفاقِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، وقال: جزَم به الأكثرُ؛ منهم أبو الخَطَّابِ فى «هِدايَتِه» . قلتُ: وهو الصَّوابُ بلا شَكٍّ. وذكَر ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» كلامَ المُصَنِّفِ، وقال: إنَّه خَطَأٌ فى النَّقْلِ والمَعْنَى. وبيَّنَ ذلك.

ص: 471

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فوائد، منها، إذا لم يَلْزَمِ المُشْتَرِى زكاةُ الخُلْطةِ، فإنْ كان له غَنَمٌ سائمَةٌ، ضمَّها إلى حِصتِه فى الخُلْطَةِ، وزكَّى الجَميعَ زَكاةَ انْفِرادٍ، وإلَّا فلا شئَ عليه. ومنها، حُكْمُ البائعِ، بعدَ حوْلِه الأوَّلِ ما دامَ نِصابُ الخُلْطةِ ناقِصًا، كذلك. ومنها، إنْ كان البائِعُ اسْتَدَانَ ما أخْرَجَه، ولا مالَ له يُجْعَلُ فى مُقابَلَةِ دَيْنِه إلَّا مالَ الخُلْطَةِ، أو لم يُخْرِج البائعُ الزَّكاةَ حتى تَمَّ حوْلُ المُشْتَرِى، فإنْ قُلْنا: الدَّيْنُ لا يمْنَعُ وُجوبَ الزَّكاةِ، أو قُلْنا: يمْنَعُ، لكنْ للبائعِ مالٌ يجْعَلُه فى مُقابَلَةِ دَيْنِ الزَّكاةِ، زكَّى المُشْتَرِى حِصَّتَه زكاةَ الخُلْطَةِ، نِصْفَ شاةٍ، وإلَّا فلا زكاةَ عليه. قالَه فى «الفروعِ» ، وقدَّمه. وقال ابنُ تَميمٍ فى المسْألَةِ الأُولَى: وإنْ أخْرَجَ مِن غيرِه، فوَجْهان؛ أحدُهما، لا زَكاةَ عليه، ويسْتأْنِفانِ (1) الحوْلَ مِن حينِ الإِخْراجِ. ذكَرَه القاضى فى «شَرْحِ المُذْهَبِ» ، بِناءً على تعَلُّقِ الزَّكاةِ بالعَيْنِ. والثَّانى، عليه الزَّكاةُ. وبه قطَع بعضُ أصحابِنا. ولا يَمْنَعُ التَّعلُّقُ بالعَيْنِ وُجوبَها ما لم يَحُلْ حوْلُها قبلَ إخْراجِها، ولا انْعِقادَ الحوْلِ الثَّانِى فى حقِّ البائعِ، حتى يمْضِىَ قبلَ الإِخْراجِ، فلا تجِبُ الزَّكاةُ له. وإنْ لم يكُنْ أخْرَجَ حتى حالَ حوْلُ المُشْتَرِى، فهى مِن صُوَرِ تَكْرارِ الحوْلِ قبلَ إخْراجِ الزَّكاةِ. انتهى. واقْتصَرَ فى مسْألَةِ تعَلُّقِ الزَّكاةِ بالعَيْنِ، أنَّه لا يمْنَعُ التَّعَلُّقُ بالعَيْنِ انْعِقادَ الحوْلِ الثَّانِى قبلَ الإِخْراجِ.

وقال: قطَع به بعضُ أصحابِنا، كما تقدَّم. واللَّه أعلمُ.

(1) فى أ: «يستأنف» .

ص: 472

وَإِنْ أَفْرَدَ بَعْضَهُ وَبَاعَهُ ثُمَّ اخْتَلَطَا، انْقَطَعَ الْحَوْلُ. وَقَالَ الْقَاضِى: يحْتَمِلُ أَلَّا يَنْقَطِعَ إِذَا كَانَ زَمَنًا يَسِيرًا. وَإِنْ مَلَكَ نِصَابَيْنِ شَهْرًا ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا مُشَاعًا، فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِى بَكْرٍ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ حُكْمُ الِانْفِرَادِ، وَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةُ الْمُنْفَرِدِ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ عَلَيْهِ زَكَاةُ خَلِيطٍ. فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْمُشْتَرِى، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ خَلِيطٍ، وَجْهًا وَاحِدًا.

ــ

قوله: وإنْ أفردَ بعضَه وباعَه، ثم اخْتلَطا، انْقَطَعَ الحوْلُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال القاضى: يَحْتَمِلُ أنْ لا ينْقطِعَ إذا كان زَمَنًا يسِيرًا.

قوله: وإنْ ملَك نِصابَيْن شَهْرًا، ثم باع أحَدَهما مُشاعًا، فعلى قياسِ قَوْلِ أبى بَكْر، يَثْبُتُ للبِائعِ حُكْمُ الانْفِرَادِ، وعليه عندَ تَمامِ حولِه زَكاةُ مُنْفَرِدٍ، وعلى

ص: 473

وَإِذَا مَلَكَ نِصَابًا شَهْرًا، ثُمَّ مَلَكَ آخَرَ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ؛ مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ أَرْبَعِينَ شَاةً فِى الْمُحَرَّمِ، وَأَرْبَعِينَ فِى صَفَرٍ،

ــ

قياسِ قولِ ابنِ حامِدٍ، عليه زكاةُ خَليطٍ. وقد عُلِمَ الصَّحيحُ منهما فيما تقدَّم، لكنَّ صاحِبَ الفُروعِ وغيرَه قطَعوا بأنَّ المسْألَةَ مُفَرَّعةٌ على قوْلِ أبى بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ. وقال فى «الفُروعِ»: وذكَر ابنُ تَميمٍ، أنَّ الشَّيْخَ خرَّج المسْألةَ على وَجْهَيْن، وأنَّ الأَوْلَى وُجوبُ شاةٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال، وهذا التَّخْريجُ لا يَخْتصُّ بالشَّيْخِ. انتهى.

فائدتان؛ إحداهما، لو كان المالُ سِتِّين فى هذه المسْألَةِ، والمَبِيعُ ثُلُثَها، زكَّى البائِعُ ثُلُثَى شاةٍ عنِ الأرْبَعين الباقِيَةِ، على قوْلِ ابنِ حامِدٍ، وزكَّى شاةً على قوْلِ أبى بَكْرٍ. الثَّانيةُ، لو ملَك أحَدُ الخَليطَيْن، فى نِصابٍ فأكثرَ، حِصَّةَ الآخَرِ منه بشِراءٍ أو إرْثٍ، أو غيرِه، فاسْتَدَامَ الخُلْطةَ، فهى مِثْلُ مسْألَةِ أبى بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ فى المَعْنَى، لا فى الصُّورَةِ؛ لأنَّه هناك كان خَليطَ نفْسِه، فصارَ هنا خَليطَ أجْنَبِىٍّ، وهنا بالعَكْسِ. فعلى قوْلِ أبِى بَكْرٍ، لا زكاةَ حتى يَتِمَّ حوْلُ المالَيْن مِن كَمالِ مِلْكَيْهِما، إلَّا أنْ يكونَ أحدُهما نِصابًا، فيُزَكِّيه زَكاةَ انْفِرادٍ. وعلى قوْلِ ابنِ حامِدٍ، يُزَكِّى مِلْكَه الأوَّلَ لتَمامِ حوْلِه زَكاةَ خُلْطةٍ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، فيما إذا كان بينَ رَجُلٍ وابنِه عَشْر مِنَ الإبِلِ خُلْطةً، فماتَ الأبُ فى بعضِ الحوْلِ، ووَرِثَه الابنُ، أنَّه يَبْنِى على حَوْلِ الأبِ فيما وَرِثَه ويُزَكِّيه.

قوله: وإذا مَلك نِصابًا شَهْرًا، ثم ملَك آخَرَ لا يَتَغَيَّرُ به الفَرْضُ، مِثْل إنْ ملَكْ

ص: 474

فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَوَّلِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ، وَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ فِى الثَّانِى، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِى الآخَرِ، عَلَيْهِ لِلثَّانِى زَكَاةُ خُلْطَةٍ، كَالْأَجْنَبِىِّ فِى الَّتِى قَبْلَهَا.

ــ

أرْبَعين شاةً فى المُحَرَّمِ وأرْبَعين فى صَفَرٍ، فعليه زَكاةُ الأوَّلِ عندَ تَمامِ حولِه، ولا شئَ عليه فى الثَّانى، فى أحَدِ الوجْهَيْن. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» . وهذا الوَجْهُ وَجْهُ الضَّمِّ. وفى الآخَرِ، عليه للثَّانِى زَكاةُ خُلْطَةٍ، كالأجْنَبِىِّ فى التى قبلَها. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهو أصحُّ. على ما يأْتِى فى التَّفْريغِ. وأطْلَقَهُما فى «الشَّرْحِ» . وقيلَ: يَلْزَمُه شاةٌ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ» . وضعَّفَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ. وهو وَجْهُ الانْفِرادِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الفُروعِ» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال فى أوَّلِ الفائدَةِ الثَّالثةِ: إذا اسْتَفَادَ مالًا زَكَوِيًّا مِن جنْسِ النِّصابِ فى أثْنَاءِ الحَوْلِ، فإنَّه يَنْفرِدُ بحَوْلٍ عندَنا، ولكنْ هل يضُمُّه إلى النِّصابِ فى العَدَدِ، أو يخْلِطُه به ويُزَكِّيه زكاةَ خُلْطَةٍ، أو يُفْرِدُه بالزَّكاةِ كما أفْردَه بالحَوْلِ؟ فيه ثَلَاثةُ أوْجُهٍ. وصحَّح المَجْدُ فى «شَرْحِه» الوَجْهَ الثَّانِىَ،

ص: 475

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وزعم أنَّ المُصَنِّفَ ضعَّفه، وإنَّما ضعَّف الثَّالثَ. فعلَى الوَجْهِ الأوَّلِ، هلِ الزِّيادَةُ كنِصابٍ مُنْفرِدٍ؟ وهوَ قوْلُ أبى الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه» ، والمَجْدِ، أو الكُلُّ نِصابٌ واحِدٌ؟ وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفِ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحِ. قال فى «الفَوائدِ»: وهو الأظْهَرُ. فيه وَجْهان؛ فعلَى الثَّانى، إذا تَمَّ حوْلُ المُسْتَفَادِ، وجَب إخْراجُ بَقِيَّةِ المَجْموعِ بكُلِّ حالٍ. وعلى الأوَّلِ؛ إذا تَمَّ حَوْلُ المُسْتَفَادِ، وجَب فيه ما بَقِىَ مِن فَوْضِ الجميعِ، بعدَ إسْقاطِ ما أخْرَجَ عنِ الأوَّلِ منه، إلَّا أنْ يَزيدَ بَقِيَّةُ الفَرْضِ على فَرْضِ المُسْتَفادِ بانْفِرادِه، أو نَقْصٍ عنه، أو يكونَ مِن غيرِ جنْسِ الأوَّلِ، فإنَّه يتَعَذَّرُ هنا وَجْهُ الضَّمِّ، ويَتَعَيَّنُ وَجْهُ الخلْطَةِ، ويَلْغُو وَجْهُ الانْفِرادِ. صرَّح بذلك المَجْدُ فى «شَرْحِه» . والتَّفاريعُ الآتيةُ بعدَ ذلك مَبْنِيَّةٌ على هذه الأوْجُهِ الثَّلاثةِ.

فائدتان؛ إحداهما، لو مَلَك أرْبَعين شاةً أُخْرى فى رَبيع الأوَّلِ، فى مَسْألَتنا، فعلَى الوَجْهِ الأوَّلِ، لا شئَ عليه سِوَى الشَّاةِ الأُولَى (1). وعلى الثَّانِى، عليه زَكاةُ خُلْطةٍ؛ ثُلثُ شاةٍ، لأنَّها ثُلثُ الجميعِ. وعلى الثَّالثِ، عليه شاةٌ، وفيما بعدَ الحَوْلِ الأوَّلِ، فى كل ثُلثُ شاةٍ؛ لتَمامِ حَوْلِها على الثَّالثِ أيضًا. الثَّانيةُ، لو ملَك

(1) فى الأصل: «للأولى» .

ص: 476

وَإنْ كَانَ الثَّانِى يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ؛ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مِائَةَ شَاةٍ، فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ إِذَا تَمَّ حَوْلُهُ، وَجْهًا وَاحِدًا.

ــ

خَمْسَةَ أبْعِرَةٍ، بعدَ خَمْسةٍ وعِشْرِين، فعلَى الأوَّلِ، لا شئَ عليه سِوَى بِنْتِ مَخاضٍ الأُولَى (1). وعلى الثَّانِى، عليه سُدْسُ بِنْتِ مَخَاضٍ. وعلى الثَّالثِ، عليه شاةٌ. وفيما بعدَ الحَوْلِ الأوَّلِ، فى الأولى، خَمْسةُ أسْداسِ بِنْتِ مَخاضٍ؛ لتَمامِ حوْلِها، وسُدْسٌ على الخَمْسِ الباقِيَةِ؛ لتَمامِ حَوْلِها. ولو ملَك مع ذلك سِتًّا فى رَبيع الأوَّل، ففى الخَمْسةِ والعِشْرين الأُولى بِنْتُ مَخَاضٍ. وفى الأُخْرى عَشَرَةٌ؛ لتَمامِ حَوْلِها، رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ ونِصْفُ تُسْعِها. وعلى الثَّانِى، فى الخَمْسِ، لتَمامِ حوْلِها، سُدْسُ بِنْتِ مَخَاضٍ. وفى السِّتِّ، لتَمامِ حوْلِها، سُدْسُ بِنْتِ لَبُونٍ. وعلى الثَّالثِ، لكُلٍّ مِنَ الخَصْرِ والسِّتِّ شاةٌ؛ لتَمامِ حوْلِها.

قوله: وإنْ كان الثَّانِى يَتَغَيَّرُ به الفَرْضُ، مثْلَ أنْ يكونَ مِائَةَ شاةٍ، فعليه زَكاتُه إذا تَمَّ حوْلُها، وَجْهًا واحِدًا. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: يَلْزَمُه للثَّانى شاةٌ،

(1) فى الأصل: «للأولى» .

ص: 477

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وثلاثَةُ أسْباعِ شاةٍ؛ لأنَّ فى الكُلِّ شاتَيْن، والمِائَةُ خَمْسَةُ أسْباعِ الكُلِّ. وهذا القوْلُ مَبْنِىٌّ على القَوْلِ الثَّانِى فى المْسألَةِ التى قبلَها مِن أصْلِ المُصَنِّف، وهو أنَّ عليه زَكاةَ خُلْطَةٍ. وقال ابنُ تَميمٍ: قال بعضُ أصحابِنا: إنْ كان الثَّانِى يبْلغُ نِصابًا، وجَبَتْ فيه زَكاةُ انْفِرادٍ فى وَجْهٍ، وخُلْطَةٍ فى وَجْهٍ، ولا يُضَمُّ إلى الأوَّلِ فيما يجِبُ فيها، وَجْهًا واحدًا، إذا كان الضَّمُّ يُوجِبُ تغَيُّرَ الزَّكاةِ أو نَوْعِها، مِثْلَ أنْ ملَك ثَلاثين مِنَ البقَرِ بعدَ خَمْسِين، فيَجِبُ إمَّا تَبِيعٌ، أو ثلاثَةُ أرْباعِ مُسِنَّةٍ، ولا تجِبُ المُسِنَّةُ على الوَجْهِ الأوَّلِ فى التى قبلَها، بل يجِبُ ضَمُّ الثَّانِى إلى الأوَّلِ، ويُخْرِجُ إذا حالَ الحوْلُ الثَّانِى ما بَقِىَ مِن زكاةِ الجميعِ، فتَجِبُ هنا المُسِنَّةُ. قال ابنُ تَميمٍ: وهذا أحْسَنُ.

فائدة: لو ملَك مِائَةً أُخْرَى فى رَبيعٍ، ففيها شاةٌ. وعلى الوَجْهِ الثَّانِى، وهو وَجْهُ الخُلْطَةِ، عليه شاةٌ ورُبْعُ شاةٍ؛ لأنَّ فى الكُل ثلاثَ شِيَاهٍ، والمِائَةٌ رُبْعُ الكلِّ وسُدسُه، فحِصَّتُها مِن فَرْضِه، رُبْعُه وسُدْسُه.

فوائد؛ لو ملَك إحْدَى وثَمانِين شاةً، بعدَ أرْبَعِين، ففيها شاةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعلى الوَجْهِ الثَّانِى، عليه شاةٌ وإحدى وأرْبَعون جُزْءًا مِن شاةٍ؛

ص: 478

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كخَليطٍ. وفى مِائَةٍ وعِشْرين، بعدَ مِائَةٍ وعِشْرِين، شاتَان، أو شاةٌ ونِصْفٌ، أو شاةٌ، على الأقْوالِ الثَّلاثَةِ. وفى خَمْسَةِ أبْعِرَةٍ، بعدَ عِشْرِين بعِيرًا، شاةٌ. على الصَّحيحِ (1)، الثَّالِثُ، زادَ المُصَنِّفُ، وعلى الأوَّلِ أيضًا. انتهى (2). وعلى الثَّانِى، خَمْسُ بَناتِ مَخَاضٍ. زادَ ابنُ تَميمٍ، وعلى الأوَّلِ أيضًا. وفى ثَلاثين مِنَ البَقَرِ، بعدَ خَمْسين، تَبِيعٌ على الثَّالِثِ، وثلاثَةُ أرْباعِ مُسِنَّةٍ على الثَّانِى. قال فى «الفَوائدِ»: وهو أظْهَرُ. وعندَ المَجْدِ، لا يجِئُ الوَجْهُ الأوَّلُ فى هاتَيْن المَسْألتَيْن؛ لأنَّه يُفْضِى فى الأُولى إلى إِيجابِ ما يَبْقَى مِن بِنْتِ مَخَاضٍ بعدَ إسْقاطِ أرْبَعِ شِيَاهٍ، وهى مِن غيرِ الجِنْسِ. ويُفْضِى فى الثَّانيةِ إلى إيجابِ فَرْضِ نِصابٍ فما

(1) زيادة من: ش.

(2)

فى الأصل، أ:«اثنين» .

ص: 479

وَإِنْ كَانَ الثَّانِى يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ وَلَا يَبْلُغُ نِصَابًا، مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ ثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ فِى الْمُحَرَّمِ وَعَشْرًا فِى صَفَرٍ، فَعَلَيْهِ فِى الْعَشْرِ إِذَا تَمَّ حَوْلُهَا رُبْعُ مُسِنَّةٍ.

ــ

دُونَه، فلهذا قال: الوَجْهُ الثَّانِى أصحُّ؛ لعدَمِ اطِّرادِ الأوَّلِ. وضعَّف الثَّالِثَ، وضعَّفه فى «المُغْنِى» أيضًا.

قوله: وإنْ كان الثَّانِى يَتغيَّرُ به الفَرْضُ ولا يَبْلغُ نِصابًا، مِثْلَ اْنْ يَمْلِكَ ثَلاثين مِنَ البَقَرِ فى المُحَرَّمِ وعَشْرًا فى صَفَرٍ، فعليه فى العَشْرِ إذا تَمَّ حَوْلُها رُبعُ مُسِنَّةٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قالْ المَجْدُ فى «شَرْحِه» ، وصاحِبُ «الفائقِ»: قوْلًا واحدًا. قال فى «الفوائد» : وعليه الأصحابُ. قال ابنُ تَميمٍ: قطَع به بعضُ أصحابِنا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه فى

ص: 480

وَإنْ مَلَكَ مَا لَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ كَخَمْسٍ، فَلَا شَىْءَ فِيهَا، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وِفِى الثَّانِى، عَلَيْهِ سُبْعُ تَبِيعٍ إِذَا تَمَّ حَوْلُهَا. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ سِتُّون شَاةً، كُلُّ عِشْرِينَ مِنْهَا مُخْتَلِطَةٌ مَعَ عِشْرِينَ لِآخَرَ، فَعَلَى الْجَمِيعِ شَاةٌ؛ نِصْفُهَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ،

ــ

«الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: على الوَجْهِ الثَّالِثِ، لا شئَ عليه هنا.

قوله: وإنْ ملَك ما لا يُغَيِّرُ الفَرْضَ، كخَمْسٍ، فلا شَىْءَ فيها فى أحدِ الوَجْهَيْن. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وفى الثَّانِى، عليه سُبعُ تَبِيعٍ إذا تَمَّ حَوْلُها.

فائدة: مثْلُ ذلك لو ملَك عِشْرين شاةً بعدَ أرْبَعين بقَرَةً، أو ملَك عَشْرًا مِنَ البَقَرِ بعدَ أرْبَعين بقَرَةً. فعلى المذهبِ، لا شئَ عليه. وعلى الثَّانِى، عليه ثُلثُ شاةٍ فى الأُولَى، أو خُمسُ مُسِنَّةٍ فى الثَّانيةِ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» فى الأُولَى.

قوله: وإذا كان لرَجُلٍ سِتُّون شاةً، كُلُّ عِشْرينَ منها مُخْتَلِطةٌ مع عِشْرين لرَجُلٍ آخَرَ، فعلى الجَميعِ شاةٌ؛ نِصْفُها فى صاحبِ السِّتِّين، ونصْفُها على

ص: 481

وَنِصْفُهَا عَلَى خُلَطَائِهِ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سُدْسُ شَاةٍ.

ــ

خُلطائِه، على كُلِّ واحِدٍ سُدسُ شاةٍ. اعلم أنَّه إذا كانتِ السِّتُّون مُخْتَلِطةً؛ كلُّ عِشْرين منها مع عِشْرين لآخَرَ، فإنْ كانت مُتَفرِّقةً، وبينَهم مسافَةُ قَصْرٍ، فالواجِبُ عليهم ثلاثُ شِياهٍ؛ على ربِّ السِّتِّين شاةٌ ونِصْفٌ، وعلى كلِّ خَليطٍ نِصْفُ شاةٍ، إذا قُلْنا: إنَّ البُعْدَ يُؤَثِّر فى سائمَةِ الإِنْسانِ. على ما يأْتِى قريبًا. وإنْ قُلْنا: لا يُؤَثِّر. أو كانت قرِيبَةً، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ هنا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كما قال المُصَنِّفُ، على الجميعِ شاةٌ، نِصْفُها على صاحبِ السِّتِّين، ونِصْفُها على خُلَطائِه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: هذا قوْلُ الأصحابِ. وقيلَ: على الجميع شاتَان ورُبعٌ، على ربِّ السِّتِّين ثلَاثَةُ أرْباعِ شاةٍ، لأنَّها مُخالِطَةٌ لعِشْرين خُلْطَةَ وَصْفٍ، ولأرْبَعِين بجِهَةِ المِلْكِ، وحِصَّةُ العِشْرين مِن زَكاةِ الثَّمانِين رُبعُ شاةٍ. وعلى كلِّ خليطٍ نِصْفُ شاةٍ؛ لأنَّه مُخالِطٌ لعِشْرين فقط. اخْتارَه المَجْدُ فى «مُحَرَّرِه» . وقال الآمِدِىُّ بهذا الوَجْهِ، إلَّا أنَّه قال: يَلْزَمُ كلَّ خَليطٍ رُبعُ شاةٍ؛ لأنَّ المالَ الواحدَ يُضَمُّ. وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، فى الجميعِ ثلاثُ شِياهٍ؛ على ربِّ السِّتين شاةٌ ونِصْفٌ، جَعْلًا للخُلْطَةِ قاطِعَةً بعضَ مِلْكِه عن بعض، بحيثُ لو كان له مِلْكٌ آخَرُ مُنْفَرِدٌ، اعْتُبِرَ فى تَزْكِيَتِه وحدَه، وعلى كلِّ خَليطٍ نِصْفُ شاةٍ؛ لأنَّه لم يُخالِطْ سِوَى عِشْرين. والتَّفارِيعُ الآتيةُ مَبْنِيَّةٌ على هذه الأوْجهِ.

فائدتان؛ إحداهما، لو لم يُخالِطْ ربُّ السِّتِّين منها إلَّا بعِشْرين لآخَرَ، فعلى

ص: 482

وَإنْ كَانَتْ كُلُّ عَشْرٍ مِنْها مُخْتَلِطَةً بِعَشْرٍ لِآخَرَ، فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَلَا شَىْءَ عَلَى خُلَطَائِهِ؛ لَأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِطُوا فِى نِصَابٍ. وَإذَا كَانَتْ مَاشِيَةُ الرَّجُلِ مُتَفَرِّقَةً فِى بَلَدَيْنِ لَا تُقْصَرُ بَيْنَهُمَا الصَّلَاةُ، فَهِىَ كَالْمُجْتَمِعَةِ.

ــ

الأوَّلِ، فى الجميعِ شاةٌ؛ على ربِّ السِّتِّين ثلَاثَةُ أرباعِها، وعلى ربِّ العِشْرين رُبعُها. وعلى الثَّانِى، على رب السِّتِّين فى الأرْبَعين المُنْفَرِدةِ ثُلثا شاةٍ، ضمًّا إلى بقِيَّةِ مِلْكِه، وفى العِشْرين رُبعُ شاةٍ، ضمًّا لها إلى بقِيَّةِ مالِه، وهو الأرْبَعون المُنْفَرِدةُ، وإلى عِشْرين الآخَرِ؛ لمُخَالَطتِها بعضَه وصْفًا وبعضَه مِلْكًا، وعلى ربِّ العِشْرين نِصْفُ شاةٍ. وذكَرَه فى «التَّلْخيصِ». قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ على الثَّالثِ كالأوَّلِ هنا، وعلى الرَّابِعِ، فى الأرْبَعين المُخْتَلِطةِ شاةٌ بينَهما نِصْفان، وفى الأرْبَعين المُنْفَرِدةِ شاةٌ على رَبِّها. الثَّانيةُ، لو كان خَمْسةٌ وعِشْرون بَعِيرًا، كلُّ خَمْسةٍ منها خُلْطَةٌ بخَمْسةٍ لآخَرَ، فعلَى الوَجْهِ الأوَّلِ؛ عليه نِصْفُ حِقَّةٍ، وعلى كلِّ خَليطٍ عُشْرُها. وعلى الوَجْهِ الثَّانى، عليه خَمْسةُ أسْداسِ بِنْتِ مَخاضٍ، وعلى كلِّ خَليطٍ شاةٌ. وعلى الوَجْهِ الثَّالثِ، عليه خَمْسةُ أسْداسِ بِنْتِ مَخاضٍ، وعلى كلِّ خَليطٍ سُدسُ بِنْتِ مَخاضٍ. وعلى الوَجهِ الرَّابعِ، عليه خَمْسُ شِياهٍ، وعلى كلِّ خَليطٍ شاةٌ.

قوله: وإذا كانتْ ماشِيَةُ الرَّجُلِ مُتَفَرِّقةً فى بَلَدَيْن لا تُقْصَرُ بينهما الصَّلاةُ، فهى

ص: 483

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أبِى الْخَطَّابِ. وَالْمَنْصُوصُ أنَّ لِكُلِّ مَالٍ حُكْمَ نَفْسِهِ، كَمَا لَوْ كَانَا لِرَجُلَيْنِ.

ــ

كالمُجْتَمِعَةِ. إجْماعًا. وإنْ كان بينهما مَسافَةُ القَصْرِ فكذلك عندَ أبى الخَطَّابِ. وهو رِوَايَةٌ عن أحمدَ، واخْتارَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ» . والمنْصوصُ فى رِوايَةِ الأَثْرَمِ وغيرِه، أن لكُلِّ مالٍ حُكْمَ نفْسِه كما لو كانا لرَجُلَيْن. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب، والمَشْهورُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «ابنِ تَميمٍ» وغيرِهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. فعلى ما اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، يكْفِى إخْراجُ شاةٍ ببَلدِ أحَدَىِ المَالَيْن؛ لأنَّه حاجَةٌ. وقيلَ: يُخْرِجُ مِن كلِّ بلَدٍ بالقِسْطِ.

ص: 484

وَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ فِى غَيْرِ السَّائِمَةِ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا تُؤَثِّرُ.

ــ

تنبيه: ظاهِرُ كلامَ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّ سائرَ الأمْوالِ لا يُؤثِّرُ فيها تَفَرُّقُ البُلْدانِ، قوْلًا واحِدًا. وهو صحيحٌ، وعليه الأصحابُ، وحَكاه فى «الفُروعِ» وغيرِه إجْماعًا. وجعَل أبو بَكْرٍ فى سائرِ الأمْوالِ رِوايتَيْن كالماشِيَةِ. قالَه ابنُ تَميمٍ.

قوله: ولا تُؤثِّرُ الخُلْطَةُ فى غيرِ السَّائمةِ. هذا الصَّحيحُ والمَشْهورُ فى المذهبِ،

ص: 485

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وعنه، تُوثِّرُ خُلْطَةُ الأعْيانِ. اخْتارَها الآجُرِّىُّ. وصحَّحَها ابنُ عَقِيلٍ. قال أبو الخَطَّابِ فى «خِلافِه الصَّغيرِ»: هذا أقْيَسُ. وخصَّ القاضى فى «شَرْحِه الصَّغيرِ» ، هذه الرِّوايَةَ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، تُؤثِّرُ خُلْطَةُ الأعْيانِ بلا نِزاعٍ، وكذا الأوْصافُ أيضًا. وهو تخْريجُ وَجْهٍ للقاضى، وحَكاه ابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ وَجْهًا. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو

ص: 486

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ظاهرُ كلامِ الأكْثَرَين؛ لإِطْلاقِهم الروايَةَ. وقيل: لا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الأوْصافِ على هذه الرِّوايَةِ، وإنْ أثَّرَتْ خُلْطَةُ الأعْيانِ. وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارحُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. وأطْلَقَهُما الزَّرْكَشِىُّ. قال القاضى فى «الخِلافِ»: نقَل حَنْبلٌ، تُضَمُّ كالمَواشِى؟ فقال: إذا كانا رَجُلَيْن لهما مِنَ المالِ ما تجِبُ فيه الزَّكاةُ مِنَ الذَّهَبِ والوَرِقِ، فعليهما الزكاةُ بالحِصَص. فيُعْتَبَرُ على هذا الوَجْهِ اتِّحادُ المُؤَنِ ومَرافِقِ المِلْك، فيُشْتَرَطُ اشْتراكُهما فيما يتعَلَّقُ بإصْلاحِ مالِ الشَّرِكَةِ، فإنْ كانتْ فى الزَّرْعِ والثَّمَرِ، فلا بُدَّ مِن الاشْتِراكِ فى الماءِ والجَرِين

ص: 487

وَيَجُوزُ لِلسَّاعِى أَخْذُ الْفَرْضِ مِنْ مَالِ أَىِّ الْخَلِيطيْنِ شَاءَ، مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا.

ــ

والبَيْدَرِ (1) والعُمَّالِ، مِنَ النَّاطُورِ والحَصادِ، والدَّوابِّ ونحوِه. وإنْ كانتْ فى التِّجارَةِ، فلا بُدَّ مِنَ الاشْتِراكِ فى الدُّكَّانِ، والميزَانِ، والمَخْزِنِ، ونحوِه ممَّا يُرْتَفَقُ به.

قوله: ويَجوزُ للسَّاعِى أخْذُ الفَرْضِ مِن مالِ أىِّ الخَليطَيْن شاء، مع الحاجَةِ وعدَمِها. يعْنِى، فى خُلْطَةِ الأوْصافِ. والحاجَةُ، أنْ يكونَ مالُ أحَدِهما صِغارًا، ومالُ الآخَرِ كِبارًا، أو يكونَ مالُ كل واحدٍ منهما أرْبَعين أو ستِّين ونحوَ ذلك. وعدَمُ الحاجَةِ واضِحٌ. وهذا ممَّا لا نِزاعَ فيه فى المذهبِ، ونصَّ عليه. لكنْ قال فى

(1) الجرين والبيدر بمعنًى، وهو الجرن.

ص: 488

وَيَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى خَلِيطِهِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الْقِيمَةِ. فَإنِ اخْتَلَفَا فِى الْقِيمَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ، إِذَا عُدِمَتِ الْبَيِّنَةُ. وَإذَا أَخَذَ السَّاعِى أَكْثَرَ مِنَ الْفَرْضِ ظُلْمًا، لَمْ يَرْجِعْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى خَلِيطِهِ،

ــ

«الفُروعِ» : وظاهِرُه ولو بعدَ قِسْمَةٍ فى خُلْطَةِ أعْيانٍ مع بَقَاءِ نَصِيبَيْن، وقد وجَبَتِ الزَّكَاةُ. وقالَه المَجْدُ فى «شَرْحِه» . وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: لا يأْخُذُ إلَّا إذا كان نَصيبُ أحَدِهما مَفْقُودًا، فله أخْذُ الزَّكَاةِ مِنَ النَّصيبِ الموْجُودِ، ويرْجِعُ على صاحِبِه بالقِسْطِ. قال فى «الفُروعِ»: ولا وَجْهَ لِمَا قالَه القاضى إلَّا عدمُ الحاجَةِ. فيتَوجَّهُ منه، اعْتِبارُ الحاجَةِ لأخْذِ السَّاعِى.

قوله: فإن اخْتَلَفا فِى القِيمةِ، فالقَوْلُ قَوْلُ المَرْجُوعِ عليه. يعْنِى، مع يَمِينِه إذا احْتَمَلَ صِدْقُه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ غارِمٌ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يتَوَجَّهُ أنَّ القَوْلَ قوْلُ المُعْطِى؛ لأنَّه كالأمينِ.

قوله: وإذا أخَذ السَّاعِى أكْثَرَ مِنَ الفَرْضِ ظُلْمًا، لم يَرْجِعْ بالزِّيادَةِ على خَليطِه.

ص: 489

وَإِنْ أَخَذَهُ بِقَوْلِ بَعْض الْعُلَمَاءِ رَجَعَ عَلَيْهِ.

ــ

وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ قال: الأظْهَرُ أنَّه يرْجِعُ. فعلى المذهبِ، لو أخَذ عن أرْبَعين مُخْتَلِطةً شاتَيْن مِن مالِ أحَدِهما، أو أخَذ عن ثَلاثين بعِيرًا جَذَعَةً، رجَع على خَليطِه فى الأُولَى بقِيمَةِ نِصْفِ شاةٍ، وفى الثَّانيةِ بقِيمَةِ نِصْفِ بِنْتِ مَخاضٍ.

قوله: وإنْ أخَذَه بقَوْلِ بعضِ العُلَماءِ رجَع عليه. كأَخْذِه صَحيحَةً عن مِراضٍ، أو كبيرةً عن صِغارٍ، أو قِيمَةَ الواجِبِ ونحوِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال أبو المَعالِى: إنْ أخَذ القِيمَةَ، وجازَ أخْذُها، رجَع بنِصْفِها، إنْ قُلْنا: القِيمَةُ أصْلٌ. وإنْ قُلْنا: بدَلٌ. فيَرْجِعُ بنِصْفِ قِيمَةِ شاةٍ، وإنْ لم تَجُزِ القِيمَةُ فلا رُجوع. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال

ص: 490

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ابنُ تَميمٍ: إنْ أخَذ السَّاعِى فوقَ الواجِبِ بتَأْويلٍ، أو أخَذ القِيمَةَ، أجْزأَتْ فى الأظْهَرِ، ورجَع عليه بذلك.

فائدتان؛ إحْداهما، قال فى «الفُروعِ»: وإطْلاقُ الأصحابِ يَقْتَضِى الإِجْزاءَ، ولو اعْتقَدَ المأْخوذُ منه عَدَمَ الإِجْزاءِ. وصوَّب فيه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين الإِجْزَاءَ، وجَعَلَه فى مَوْضِعٍ آخَرَ كالصَّلاةِ خلفَ تارِكٍ شَرْطًا عندَ المأْمومِ. الثَّانيةُ، يُجْزِئُ إخْراجُ بعضِ الخُلَطَاءِ بإذْنِ باقِيهم، وبغيرِ إذْنِهم، غَيْبَةً وحُضورًا. قالَه ابنُ حامِدٍ، واقْتَصَرَ عليه فى «الفائقِ» ، و «ابنِ تَميمٍ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ»: قال المَجْدُ فى «شَرْحِه» : عَقْدُ الخُلْطةِ جعَل كلَّ واحدٍ منهما كالآذِنِ لخَليطِه فى الإِخْراجِ عنه. واخْتارَ صاحِبُ «الرِّعايَةِ» ، عَدَمَ الإِجْزاءِ؛ لعدَمِ نِيَّتِه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وتقدَّم فى زَكاةِ حِصَّةِ المُضارِبِ مِنَ الرِّبْحِ، أنَّه لا يجوزُ إخْراجُ الزَّكاةِ من مالِ المُضارَبَةِ بلا إذْنٍ. نصَّ عليه؛ لأنَّه وِقايَةٌ. قال فى «الفُروعٍ»: فدَلَّ أنَّه يجوز لولا المانِعُ. وقال أيضًا: ولعَلَّ كلامَهم فى إذْنِ كلِّ شَريكٍ للآخرِ فى إخْراجِ زَكاتِه، يُوافِقُ ما اخْتارَه فى «الرِّعايَةِ» . ويُشْبِهُ هذا أنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ يُفِيدُ التَّصَرُّفَ بلا إذْنٍ صَريحٍ. على الأصحِّ. انتهى.

ص: 491