الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَفِى الْعَسَلِ الْعُشْرُ، سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْ مَوَاتٍ أَوْ مِنْ مِلْكِهِ.
ــ
ما مَلَكَه الذِّمِّىُّ بالإِحْياءِ، حُكْمُ شِراءِ الأرْضِ العُشْرِيَّةِ، على ما تقدَّم. ويأْتِى حُكْمُ إحْياءِ الذِّمِّىِّ، وما يجبُ عليه، فى بابِ إحْياءِ المَواتِ. ومنها، حيْثُ أُخِذَ منهم عُشْر أو عُشْران، فإنَّ حُكْمَ مَصْرِفِه حُكْمُ ما يُؤْخَذُ مِن نَصَارَى بنى تَغْلِبَ، على ما يأْتِى. ومنها، الأرْضُ الخَراجِيَّةُ؛ هى ما فُتِحَ عَنْوَةً ولم يُقَسَّمْ، وما جلَا عنها أهْلُها خَوْفًا، وما صُولِحُوا عليه، على أنَّها لَنا، ونُقِرُّها معهم بالخَراجِ. والأرْضُ العُشْرِيَّةُ، عندَ الإِمامِ أحمدَ وأصحابِه؛ هى ما أسْلَمَ أهْلُها عليها. نَقَله حَربٌ؛ كالمَدِينَةِ ونحوِها، وما أحْياهُ المُسْلِمون واخْتَطُّوه. نَقَلَه أبو الصَّقْرِ؛ كالبَصْرَةِ، وما صُولِحَ أهْلُه على أنَّه لهم بخَراجٍ يُضْرَبُ عليهم. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ؛ كأرْضِ اليَمَنِ، وما فُتِحَ عَنْوَةً وقُسِّم؛ كنِصْفِ خَيْبَرَ، وكذا ما أقْطَعَهَ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُون مِنَ السَّوادِ إقْطاعَ تَمْلِيكٍ، على الرِّوايتَيْن. ولم يذْكُرْ جماعةٌ هذا القِسْمَ مِن أرْضِ العُشْرِ، منهم المُصَنِّفُ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ أنَّ العُشْرِيَّةَ لا. يجوزُ أنْ يُوضَعَ عليها خَراجٌ، كما ذكَرَه القاضى وغيرُه، وأنَّ العُشْرَ والخَراجَ يَجْتَمِعانِ فى الأرْضِ الخَراجِيَّةِ، فلهذا لا تَنَافِىَ بينَ قوْلِه فى «المُغْنِى» ، و «الرِّعايَةِ»: الأرْضُ العُشْرِيَّةُ هى التى لا خَراجَ عليها. وقوْلِ غيرِه: ما يَجِبُ فيه العُشْرُ خَراجِيَّةً أو غيرَ خَراجِيَّةٍ. وجعَلَهما أبو البَرَكاتِ ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» قَوْلَيْن، وإنَّ قوْلَ غيرِ الشَّيْخِ أظْهَرُ.
قوله: وفى العَسَلِ العُشْرُ، سَوَاءٌ أخَذَه مِن مَواتٍ أو مِن مِلْكِه. هذا المذهبُ، رِوايةً واحِدَةً، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكَر فى «الفُروعِ» أدِلَّةَ المسْألَةِ. وقال: مَن تأمَّلَ هذا وغيرَه، ظهَر له ضَعْفُ المسألَةِ، وأنَّه يَتَوجَّهُ
وَنِصَابُهُ عَشَرَةُ أفْرَاقٍ، كُلُّ فَرَقٍ سِتُّونَ رَطْلًا.
ــ
لأحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى؛ أنَّه لا زَكاةَ فيه، بِناءً على قَوْلِ الصَّحابِىِّ. قال: وسَبق قوْلُ القاضى، فى الثَّمَرِ يأْخُذُه مِنَ المُباحِ: يُزَكِّيه فى قِيَاسِ قَوْلِ أحمدَ فى العَسَلِ. فقد سَوَّى بينَهما عندَ أحمدَ، فدَلَّ أنَّ على القَوْلِ الآخَرِ، لا زَكاةَ فى العَسَلِ مِنَ المُباحِ عندَ أحمدَ، وقدِ اعْتَرَفَ المَجْدُ أنَّه القِياسُ، لوْلَا الأَثَرُ، فيُقالُ: قد تبَيَّنَ الكلامُ فى الأثَرِ. ثُمَّ إذا تَساوَيا فى المَعْنَى، تَساوَيَا فى الحُكْمِ وتَرْكِ القِياسِ، كما تعَدَّى فى العَرَايَا إلى بَقِيَّةِ الثِّمارِ وغيرِ ذلك، على الخِلافِ فيه. انتهى. ففى كلامِ صاحِبِ «الفُروعِ» إيماءٌ إلى عدَمِ الوُجوبِ، وما هو ببَعِيدٍ.
قوله: ونِصابُه عَشَرَةُ أفْراقٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» تَخْرِيجًا؛ أنَّ نِصابَه خَمْسَةُ أفْرَاقٍ كالزَّيْتِ. قال: لأنَّه أعْلَى ما يُقَدَّرُ به فيه، فاعْتُبِرَ خَمْسَةُ أمْثالِه كالوَسْقِ.
قوله: كُلُّ فَرَقٍ سِتُّون رَطْلًا. هذا قوْلُ ابن حامِدٍ، والقاضى فى «المُجَرَّدِ» . وجزَم به فى «التَّسْهِيلِ» ، و «المُبْهِجِ» . وقدَّمه فى «التَّلْخِيصِ» . والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا عِرَاقِيَّةً. نصَّ عليه، وجزَم به فى «الوَجِيزِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» . واخْتارَه المَجْدُ وغيرُه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ». وقيلَ: سِتَّةٌ وثَلاثُونَ رَطْلًا. قالَه القاضى فى «الخِلَافِ» . وأطْلَقَهُنَّ فى «المُحَرَّرِ» . وقيلَ: مِائَةٌ وعِشْرون. ونفَاه المَجْدُ. وحكَى ابنُ تَميمٍ قوْلًا، أنَّه مِائَةُ رَطْلٍ. قال: وعن أحمدَ نحوُه. وقيلَ: نِصابُه ألْفُ رَطْلٍ عِرَاقِيَّة. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» . وقدَّمه فى «الكَافِى» . نَقَل أبو داوُدَ، مِن كلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ.
فائدة: الفَرَقُ بفَتْحِ الرَّاءِ. وقيلَ: بفَتْحِها وسُكونِها، مِكْيالٌ مَعْروفٌ بالمَدِينَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذكَرَه ابنُ قُتَيْبَةَ وثَعْلَبٌ والجَوْهَرِىُّ، وغيرُهم. ويَدُلُّ عليه حديثُ كَعْبٍ، وهو مُرادُ الفُقَهاءِ. وأمَّا الفَرْقُ، بالسُّكُونِ، فمِكْيالٌ ضَخْمٌ مِن مَكايِيلِ أهْلِ العَراقِ. قالَه الخَلِيلُ. قال ابنُ قُتَيْبَةَ وغيرُه: يسَعُ مِائَةً وعِشْرِين رَطْلًا. قال المَجْدُ: ولا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قائِلَ به هنا. قال فى «الفُروعِ» : وحكَى بعضُهم قَوْلًا. وتقدَّم ذلك.
فائدة: لا زَكاةَ فيما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ على الشَّجَرِ، كالمَنِّ، والتَّرَنْجُبِين (1)، والشِّيرخَشْكِ (2)، ونحوِها. ومنه اللَّاذَنُ، وهو طَلٌّ ونَدًى يَنْزِلُ على نَبْتٍ تأْكُلُه
(1) الترنجبين: يسقط بخراسان يشبه المن.
(2)
الشيرخشك: معرب عن شيركش، بمعنى المن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المِعْزَى، فتَعْلَقُ (1) تلك الرُّطوبَةُ بها فيُؤْخَذُ. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ». قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ؛ لعدَمِ النَّصِّ. وجزَم به المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» ، والشَّارِحُ فى مَسْأَلَةِ عدَمِ الوُجوبِ فيما يَخْرُجُ مِنَ البَحْرِ. وقيلَ: تجِبُ فيه كالعَسَلِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. قال بعضُهم: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ» . وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن». واقْتَصَرَ فى «المُسْتَوْعِبِ» على كلام ابنِ عَقِيلٍ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فيه وَجْهان؛ أشْهَرُهما الوُجوبُ. وقيلَ: عدَمُه. انتهى. وظاهِرُ «الفُروعِ» الإطْلاقُ. وأطْلَقَهما فى «تَجْرِيدِ العِنَايَة» . فعلَى الوُجوبِ، نِصابُه كنِصَابِ العَسَلِ. صرَّحَ به جماعةٌ؛ منهم صاحِبُ «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ». قال ابنُ عَقِيلٍ: هو كالعَسَلِ.
(1) فى الأصل، ط:«فتتعلق» .