المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي الشرط الثاني أو الثالث من شروط الصلاة - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ١

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌فصلفي الشرط الثاني أو الثالث من شروط الصلاة

أدرك الوسطيين وكالصورة الثانية من صورتي إحداهما لكن في جلوسه الثاني وكذا يجلس هو في ثانيته وإن لم تكن ثانية إمامه أو آخرته بل ثالثته كجلوسه الأول بعد الإمام في الصورة الثانية من صورتي إحداهما كما يعلم جميع ذلك بتصفح ما مر وسكت عن ذلك كما سكت عما إذا دخل مع الإمام بعد زوال مانعه انظره في عج فإن فيه زيادة على ما لتت وبعض الشراح.

‌فصل

في الشرط الثاني أو الثالث من شروط الصلاة

وافتتحه على لسان سائل وأجابه بقوله خلاف أي في ذلك خلاف (هل ستر عورته) كلها أو بعضها أي المصلي المكلف لأن غيره إذا صلى عريانًا يعيد في الوقت فإن صلى بلا وضوء فلأشهب يعيد أبدًا أي ندبًا ولسحنون يعيد بالقرب لا بعد يومين وثلاثة الشيخ أبو الحسن إنما قال أشهب يعيد أبدًا لئلا تركن نفوسهم إلى التهاون بالصلاة انظر د في قوله وأعادت إن راهقت ولعل الفرق بين الصلاتين من حيث الإعادة في حق الصبي أو الصبية مع أن كلًّا من الطهارة وستر العورة شرط أن صلاتهما بدون ستر أخف منها بدون وضوء بدليل أن من عجز صلى عريانًا وفاقد الطهورين تسقط عنه كما قدم (بكثيف) متعلق بمقدر هو يكون لا بستر لئلا

ــ

الأول لابن القاسم والثاني لابن حبيب وعليه رد المصنف بلو وأما سحنون فهو يقول بتقديم القضاء لكن يوافق ابن حبيب في نفي الجلوس ولم يشر المصنف لخلافه بلو خلافًا لتت انظر طفى وقد يقال قوله وجلس في آخرة الإمام الخ فرع مستقل يخالفه فيه من يرى تقديم البناء كابن حبيب ومن لا يراه كسحنون فيصح قصد الرد بلو عليهما معًا تأمل واعلم أنه إذا جلس في آخرة الإمام وليست ثانيته فإنه يقوم بعد التشهد من غير تكبير لأن جلوسه في غير محله وإنما جلس متابعة للإمام قاله أبو علي.

فصل هل ستر عورته

ستر هنا بفتح السين لأنه مصدر وأما الستر بالكسر فهو ما يستر به (بكثيف) قول ز وجعله إياه كالعدم الخ فهم ز وغيره تبعًا لعج وس إن اعتراض ابن عرفة على ابن الحاجب ومتبوعيه إنما هو في جعلهم الشاف كالعدم مع أنه مساو للواصف في الكراهة والإعادة في الوقت واعترضه طفى بأن محل الاعتراض على ابن الحاجب هو جعله الواصف مكروهًا مع إنه مساو للشاف في كونه كالعدم وأن التسوية التي في كلام ابن عرفة في الإعادة الأبدية لا الوقتية كما زعموا واستدل على ذلك بإطلاق الباجي في الإعادة وبكلام النوادر ونصه ومن الواضحة ويكره أن يصلي في ثوب رقيق يصف أو خفيف يشف فإن فعل فليعد لأنه شبيه بالعريان قاله مالك رحمه الله تعالى قال فقوله لأنه شبيه بالعريان كالصريح في الإعادة أبدًا قال فقد ظهر أن التسوية بينهما في البطلان وإن اعتراض ابن عرفة في التفرقة خلافًا لفهم س وعج عنه الإعادة في الوقت بلا دليل لهما على ذلك اهـ.

ص: 306

يوهم أن القول الثاني غير مقيد بالكثيف أو أن معناه أو ليس ستر عورته بكثيف بشرط وبغيره شرط وليس كذلك فيهما ولكثيف ما لا يشف أي لا يظهر منه البدن فالشاف كالعدم قال المصنف كالبندقي الرفيع وجعله إياه كالعدم والواصف مكروهًا كما قال وكره محدد تبع فيه ابن الحاجب وابن بشير مع أن ابن رشد عز لابن القاسم التسوية بينهما في الإعادة في الوقت للاصفرار ومثله للباجي عن مالك ونقله في توضيحه عن النوادر ولذا قال ابن عرفة قول ابن بشير وتابعيه ما يشف كالعدم وما يصف لرقته يكره وهم لمخالفته لرواية الباجي التسوية بينهما في الإعادة في الوقت ووفق بعضهم بينهما بقوله الكثيف الصفيق أي بساتر كثيف أي صفيق واحترز به عن الشاف الذي تبدو منه العورة دون تأمل وعليه يحمل قول من قال إن الشاف كالعدم وأما الشاف الذي لا تبدو منه العورة إلا بتأمل فهو محمل قول من قال إن الشاف تصح فيه الصلاة وبه يجمع بين كلامي ابن عرفة وابن الحاجب ودخل في قوله بكثيف الحشيش وكذا الطين على أحد قولين والآخر لا يستتر به إما لأنه يغلظ العورة بدون فائدة وإما لأنه مظنة يبسه وتطايره عنها فتنكشف وهما إذا لم يجد غيره كما يفيده ذكر الشارح لهما عند قوله ومن عجز صلى الخ خلافًا لما يوهمه عج قال وأما الاستتار بالماء لمن فرضه الإيماء ركوعًا وسجودًا فالظاهر أنه كالطين اهـ.

ومعناه أنه في ماء ويخرج الوقت وهو به كما يقتضيه قوله لمن فرضه الخ وأما إن كان في غير ماء وهو عريان فلا يستتر به بل يصلي قائمًا راكعًا ساجدًا كما يأتي في قوله ومن عجز صلى عريانًا (وإن) قدر عليه (بإعارة) من غير طلب ولزمه قبوله ولو تحقق المنة

ــ

باختصار قلت الصواب والله أعلم ما فهمه عج وس ومن تبعهما ويدل على ذلك كلام ابن عرفة ونصه وقول ابن بشير وتابعيه ما يشف كالعدم وما يصف لرقته كره وهم لرواية الباجي تسوية إعادة الصلاة بأحدهما ولسماع موسى من صلت برقيق يصف تعيد إلى الاصفرار ابن رشد وقيل للغروب اهـ.

فذكره السماع عقب كلام الباجي دليل واضح على أنه أي ابن عرفة حمل الإعادة في كلام الباجي على الوقتية وإن مراده التسوية بينهما في الإعادة الوقتية كما فهموه ويدل له أيضًا ما نقله ابن رشد عن ابن القاسم كما في ق أن من صلت برقيق يصف جسدها تعيد للاصفرار قال للحديث نساء كاسيات عاريات أي كاسيات في الاسم والفعل عاريات في الحكم والمعنى اهـ.

وما ذكره عن النوادر نقله في ضيح وكون الكراهة فيه على حقيقتها هو الظاهر منه وتعليله بأنه شبيه بالعريان لا يقتضي الأبدية إذ المشبه بالشيء لا يقوي قوته على أن هذا التشبيه مثل استدلال ابن القاسم بالحديث كاسيات عاريات الخ وأيضًا لم ينقل ابن بشير ولا ابن شاس ولا ابن الحاجب ولا ابن عرفة قولًا في المحدد بالإعادة الأبدية فتأمل وقول ز وهما إذا لم يجد غيره كما يفيده ذكر الشارح لهما الخ هذا صريح في ضيح ونصه قال الطرطوشي في تعليقته اختلف إذا لم يجد ما يستتر به إلا الطين هل يتمعك به ويستتر أم لا اهـ.

ص: 307

والفرق بينه وبين ما مر في التيمم أن الماء له يدل وأنه يقل بالاستعمال أو يصير مستعملًا وتعافه النفوس بعده بخلاف الثوب (أو طلب) بشراء أو باستعارة ممن جهل بخلهم به لكل صلاة وإن توهمه لا تحقق عدمه كما في طلبه الماء في التيمم ويجري فيه فالآيس أول المختار الخ (أو نجس) للضرورة وقوله فيما مر لا نجس بعد وينتفع بمتنجس لا تحبس في الاختيار وهذا ليس مغاير الكثيف حتى يعطف عليه وإنما هو مبالغة فيه أي وإن كان الكثيف بنجس أي محققًا في نجس والمعنى وإن كان الكثيف نجسًا في ذاته كجلد كلب أو خنزير على ظاهر المذهب ولا يصلي عريانًا وأحرى هنا المتنجس (وحده) فلا يستتر به مع وجود غيره (كحرير) تشبيه في الأمرين أي يستتر به إن لم يجد ثوبًا طاهرًا غيره لأن علة المنع وهي خوف الكبر أو السرف منتفية مع الضرورة (وهو مقدم) على النجس عند ابن القاسم لأنه لا منافاة بين الحرير والصلاة بخلاف النجاسة ولأن لبسه يجوز للضرورة وقال أصبغ يقدم النجس لأن الحرير يمنع لبسه مطلقًا والنجس إنما يمنع لبسه في الصلاة والممنوع في حالة أولى من الممنوع مطلقًا ويقدم الحرير على المتنجس أيضًا لصحة الصلاة به من غير خلاف مشهور بخلاف النجس والمتنجس والظاهر أنهما إذا اجتمعا يؤخر النجس عن المتنجس لأن نجاسته عارضة ولما قالوه فيمن أكره على الزنا بمحرمه أو بأجنبية من تقديم الأجنبية لأن حرمتها عارضة تزول بعقد صحيح بخلاف المحرم لأصالة حرمته بناء على تعلق الإكراه بالزنا (شرط) خبر قوله ستر (إن ذكر وقدر وإن بخلوة) في ضوء أو ظلام وقوله: (للصلاة) متعلق بستر أي هل هو شرط صحة لها أي فيها وهو المعروف من المذهب لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] وقيل المراد بالزينة الأردية والمساجد الصلوات أو الصلاة في المساجد

ــ

وقول ز ومعناه أنه في ماء ويخرج الوقت الخ هذا بعيد والظاهر أن مراد عج من فرضه الإيماء لمرض وإن صلى في غير الماء (أو نجس) قول ز وقوله فيما مر لا نجس في الاختيار الخ هذا يقتضي أن جلد الميتة لا يجوز لبسه في غير الصلاة في الاختيار وليس كذلك بل يجوز وقد تقدم أنهم استثنوه من قول المصنف لا نجس ويدل له قوله ورخص فيه مطلقًا الخ (إن ذكر وقدر) تعقب طفى على المصنف تقييده بالذكر بأنه تبع فيه ابن عطاء الله كما في ضيح ولم يقيد غيره بالذكر قال وهو الظاهر فيعيد الناسي أبدًا وقد صرح الجزولي بأنه شرط مع القدرة ذاكرًا أو ناسيًا وهو الجاري على قواعد المذهب اهـ.

بخ قلت في ح عن الطرازي ما نصه قال القاضي عبد الوهاب اختلف أصحابنا هل ستر العورة من شرائط الصلاة مع الذكر والقدرة أو هو فرض ليس بشرط في صحة الصلاة حتى إذا صلى مكشوفًا مع العلم والقدرة يسقط عنه الفرض وإن كان عاصيًا آثمًا اهـ.

وبه تعلم إن تعقبه على المصنف وقوله لم يقيده به غيره كل ذلك قصور والله تعالى أعلم (للصلاة) قول ز متعلق بستر الخ الأولى تعلقه بشرط أي شرط في صحة الصلاة وبه

ص: 308

وقيل نزلت ردًّا لما كانوا يفعلونه من الطواف عراة أو واجب غير شرط وشهر وهذا مطوي في كلام المصنف ولا يصح أن يراد به القول بالسنية أو الاستحباب لأنهما لم يشهرا (خلاف) وينبني على المشهورين لو صلى مكشوف العورة عامدًا قادرًا فعلى الشرطية يعيد أبدًا لا ناسيًا أو عاجزًا وعلى نفيها يعيد في الوقت وإذا سقط ساتره في الصلاة بطلت ولو رده بالقرب واستخلف إمام وخرج فإن تمادى بطلت عليه وعليهم وإن رده بالقرب عند سحنون بخلاف قول ابن القاسم لا شيء عليه إن رده بالقرب وإن أخذه بالبعد أعاد في الوقت ابن رشد هو على أن الستر سنة اهـ.

وقوله هو على أن الستر سنة يبحث فيه بأنه يجري على القول بالشرطية حيث اعتبر فيها قيد القدرة وأما على القول بالوجوب مطلقًا فيحتمل أنه كذلك ويحتمل أن صلاته باطلة فيعيد أبدًا قاله عج البساطي انظر هل يقيد القول الثاني بما قيد به الأول أم لا السنهوري ينبغي أن يقيد اهـ.

لكن من المقرر أن الظواهر إذا كثرت أفادت القطع وإذا اتفق النقل على شيء في الكتب المشهورة من غير تقييد يحمل على ظاهره والواقع فيما نحن فيه هذا قاله عج لكن ليس معناه يجب الستر على العاجز أو الناسي وإنما معناه يعيد في الوقت عامدًا أو عاجزًا أو ناسيًا عدم الستر بخلاف القول بالشرطية فيعيد أبدًا مع الذكر والقدرة لا مع عدمهما ففي الوقت ويفيد ذلك ما رد به قول المصنف فيما يأتي لا عاجز صلى عريانًا.

تنبيه: محل الخلاف الذي ذكره المصنف في العورة المغلظة وقوله بعد وهي من رجل وأمة بين سرة وركبة في العورة الشاملة للمغلظة والمخففة فالمغلظة هنا من رجل السوأتان من المقدم الذكر والانثيان ومن المؤخر ما بين أليتيه فلا يعيد أبدًا لكشف فخذه وظاهره ولو تعمده ولا لكشف إحدى أليتيه أو بعضهما أو هما أو كشف عانته وما فوقها السرة فيما يظهر بل في الوقت فقط كذا لبعضهم ويبحث فيه بأن ما قارب الشيء له حكمه

ــ

يسلم من الفصل بين المصدر ومعموله (خلاف) الأول شهره ابن عطاء الله قائلًا هو المعروف في المذهب والثاني شهره ابن العربي وقول ز ولا يصح أن يراد القول بالسنية أو الاستحباب لأنهما لم يشهرا الخ أما القول بالسنية فهو قول إسماعيل وابن بكير والأبهري ونقله ابن محرز عن الأكثر وأخذه ابن رشد من كلام ابن القاسم قاله القلشاني وقول ابن بشير لا خلاف في الوجوب وإنما الخلاف في الشرطية ضعفه ابن عطاء الله وابن شاس وابن عرفة وأما القول بالندب فنقله ابن بشير عن اللخمي كما في ق ونصه ابن شاس الستر واجب عن أعين الناس وهل يجب في الخلوات أو يندب قولان وإذا قلنا لا يجب فهل يجب للصلاة في الخلوة أو يندب إليه ذكر ابن بشير في ذلك قولين عن اللخمي اهـ.

ومثله في بديع الشرمساحي ونصه وأما إن كان في صلاة غير خال أي عن الناس فيجب الستر قولًا واحدًا وإن كان خاليًا فحكى اللخمي هنا قولين الندب والوجوب اهـ.

ص: 309

فالقياس أن يعيد أبدًا لكشف أليتيه أو إحداهما أو عانته ونحو ذلك والمغلظة من مؤخر أمة الإليتان ومن مقدمها فرجها وما والاه كذا ينبغي بدليل ذكره أنها تعيد في الوقت بكشف الفخذ وينبغي والفخذين وإن تعيد أبدًا لكشف بعض الأليتين وما يعيد فيه الرجل بوقت والمغلظة لحرة بطنها وساقاها وما بينهما وما حاذى ذلك خلفها كما قد يفيده قول ابن عرفة إن بدا صدرها أو شعرها أو قدماها أعادت في الوقت وإلا أبدًا اهـ.

ومثل الصدر الظهر في الإعادة بوقت فيما يظهر للالتذاذ به كصدرها عادة وكتفها وأما المخففة كالفخذ لأمة أو رجل وصدر وشعر وأطراف لحرة فليست من محل الخلاف المذكور وإن وجب عليها لصحة الصلاة مع كشف ذلك اختيار أو سيذكر الإعادة في الوقت ولما اختلفت عورة المصلي بالنسبة لأحواله من ذكورة وحرية وضديهما أشار لتحديدها مغلظة ومخففة بالنسبة لما يطلب ستره بصلاة لا التي فيها الخلاف فقط بقوله: (وهي من رجل) مع مثله أو مع محرم (و) من (أمة) مع رجل أو امرأة (وإن) كانت متلبسة (بشائبة) لحرية كأم ولد ومكاتبة ومعتقة لأجل ومدبرة وكذا معتق بعضها لأن أحكام المبعض قبله كالقن كما يأتي للمصنف خلافًا لقول القباب إنها كالحرة وأشار لها بالنسبة للرؤية بقوله: (و) من (حرة مع امرأة) حرة أو أمة ولو كافرة وقوله مع راجع للأخيرين وكذا للأول لكن يقيد بمحرم لما يأتي أن الأجنبية إنما ترى من الأجنبي الوجه والأطراف وقولي للرؤية يرشد له قوله الآتي وأعادت لصدرها وأطرافها بوقت فإن ظاهره ولو صلت مع حرة كما في د (بين سرة وركبة) اعترض بأن بين لا تقع خبرًا لأنها من الظروف اللازمة غير المتصرفة وبأن البينة تصدق بالسوأتين فقط وبغير ذلك فلا تدل على المراد الذي هو جميع ما بين سرة وركبة وهما خارجان ولذا قال البساطي كان الواجب أن يقول ما بين اهـ.

ويجاب عن الأول بأن فيها لغة أنها تتصرف وعليها جاء قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] بالرفع غايته أنها قليلة وبأن التحقيق أن الخبر محذوف أي كائنة وعليه فبين مبني على الفتح وعن الثاني بأنها صفة أو صلة لموصوف أو موصول محذوف وهو الأولى في مقام التبيين للعموم والتقدير ما بين سرة وركبة وحذفها رومًا للاختصار قال ابن مالك:

وما من المنعوت والنعت عقل

يجوز حذفه وفي النعت يقل

ــ

وبه تعلم أن إنكار طفى القول بالاستحباب ودعواه أن ابن بشير لم يقله إلا في الخلوة في غير الصلاة قصور والعجب منه نقل كلام الشارح وهو مشتمل على ذلك ولم يتنبه له وقول ز يبحث فيه بأنه يجري على القول بالشرطية الخ فيه نظر لأنه إذا لم يأخذه بالقرب بل أخذه بالبعد فقد صلى عريانًا وهو قادر لتراخيه في أخذه فقول ابن القاسم فيه يعيد في الوقت ينافي القول بالشرطية فسقط البحث مع ابن رشد وقول ز وأما على القول بالوجوب الخ ما ذكره في هذا من احتمال البطلان غير ظاهر لأن البطلان يقتضي الشرطية تأمله (وهي من رجل وأمة وإن بشائبة وحرة مع امرأة بين سرة وركبة) قال طفى ظاهره أن عورة الحرة مع المرأة ما

ص: 310

والقرينة هنا موجودة وهي أن المراد جميع ما بين سرة وركبة وشمل قوله مع مرأة الحرة الكافرة كما مر وإن حرم على مسلمة كشف شيء من بدنها إلا وجهها وأطرافها بين يدي حرة كافرة إذ لا يلزم من حرمة الكشف كون ذلك عورة كما يحرم كشف شيء منها بحضرة ذمي غير عبدها قال بعض الشيوخ وقد عمت البلوى بذلك في بعض القطر لقلة الدين والمروءة وعدم المغيرة وقوة الغفلة وبنوا أمرهم فيه على احتقاره وما هو عليه من الهيئة الرثة وحقير الدار هو الذي يعمل النوائب ويقبح أقبح المصائب اهـ.

وهذا شامل للوجه وغيره انظر د وأما عبدها الكافر فعورتها معه كعورتها مع الأجنبي المسلم كذا ينبغي كما أن عورة الحرة مع أمتها الكافرة كعورة المسلمة مع المسلمة كما يفيده ابن الحاج.

تنبيه: قوله وحرة مع مرأة بالنسبة للرؤية كما تقدم وأما بالنسبة للصلاة فجميع جسدها ولو صلت بحضرة مثلها ولا يلزم من ترك واجب بطلان صلاة بل منه ما يبطلها ككشف بأنها ونحوه ومنه ما لا يبطلها كصدرها وأطرافها وإنما تعيد بوقت كما سيذكر قال طخ ولم يوجد قول مشهور بأن الحرة لو صلت مكشوفة البطن والظهر والرأس وجميع البدن ما عدا ما بين السرة والركبة تصح صلاتها هذا ما ظهر لنا وإنما أطلنا الكلام في هذه المسألة لأن بعض أصحابنا يزعم أن عورة الحرة مع النساء في الصلاة إنما هي ما بين السرة والركبة ويستدل عليه بما للمصنف في توضيحه اهـ.

ــ

بين سرة وركبة بالنسبة للصلاة إذ هو المقام وليس كذلك وكأنه خالف بما قاله أهل المذهب لإطباقهم على أن عورتها ما عدا الوجه والكفين بالنسبة للصلاة كانت مع رجل أو نساء أو في خلوة قال في الجواهر الحرائر جميع أبدانهن عورة إلا الوجه والكفين وكذا قال عبد الوهاب وابن الحاجب وابن عرفة وغير واحد من المحققين من أهل المذهب وكأن المصنف رحمه الله التبس عليه عورة الصلاة والنظر فسوى بينهما ولذا تجده تارة يعبر بالعورة وتارة بالرؤية ويقيد الحرة بكونها مع المرأة ومع المحرم ومع الأجنبي وذلك كله بالنسبة لنظر أما العورة بالنسبة للصلاة فلا يختلف حالها مع الرجال ولا مع النساء ولا في الخلوة اهـ.

قلت اعلم أن العورة قسمان عورة النظر وعورة الصلاة والثانية قسمان مغلظة ومخففة والمغلظة هي محل الخلاف وكان مقتضى الإيضاح أن يذكر المصنف المغلظة ثم يذكر المخففة وحكمها ثم يذكر عورة النظر وتفصيلها لكن دعاه إلى إدماج بعضها في بعض إرادة الاختصار مع أن في كلامه عند التأمل ما يرشد إلى جميعها وإلى الفرق بينها مع بيان حكمها فإطلاقه في قوله وهي من رجل وأمة يرشد إلى استواء عورة النظر وعورة الصلاة في الرجل والأمة وأنها فيهما ما بين سرة وركبة في الصلاة وغيرها وهو ظاهر وتقييده عورة الحرة بقوله مع امرأة ومع أجنبي ومع محرم قرينة أن قصده بيان عورة النظر في الحرة وأما عورة الصلاة فيها فتؤخذ من قوله وأعادت لصدرها وأطرافها الخ فإنه يدل على أنها مطلوبة في الصلاة بستر أطرافها وحكمه في الصدر والأطراف وفي فخذ الأمة الخ بالإعادة في الوقت يرشد إلى

ص: 311

والظاهر من كلامهم جميعهم ما زعمه صاحبه لا ما ظهر له هو قاله بعض الشراح وفيه نظر فقد ذكر زروق وغيره من شراح الرسالة مما وقفت عليه أنه يجب على الحرة أن تستر جميع جسدها في الصلاة إلا وجهها وكفيها ولم يفصل بين كونها تصلي مع نساء أو مع رجال أو وحدها وكذا يفيده قول د والحاصل أن عورة الرجل والأمة بالنسبة للصلاة ما بين السرة والركبة وعورة الحرة بالنسبة إليها ما عدا الوجه والكفين كما صرح بذلك معظم المؤلفين وأما عورتها بالنسبة إلى رؤية ففيها التفصيل الذي ذكره المصنف اهـ.

ويشعر بأنه بالنسبة للرؤية قول المصنف أيضًا ولأم ولد وصغيرة لا بالنسبة للصلاة إذ هو صادق بصلاة الحرة مع النساء فإذا كانت عورتها ما بين سرتها وركبتها لم يصدق قوله ولأم ولد الخ إذا الواجب حينئذ على الحرة هو لواجب على الأمة وحمل قوله ستر واجب على الحرة على ما إذا صلت الحرة مع الرجال خلاف الظاهر وعطف على امرأة

ــ

الفرق بين المغلظة والمخففة وهذا كله ظاهر لمن استعمل فكره وبه يخف اعتراض طفى ويسقط قوله إن المصنف التبست عليه عورة النظر الخ فإنه كلام مستبشع جدًّا في مثل المصنف وكيف يظن به ذلك مع أنه لا يلتبس على الأصاغر والله أعلم وقول ز كأم ولد ومكاتبة الخ في ذكره أم الولد نظر ففي ابن عرفة وكل ذات رق كالأمة إلا أم الولد اهـ.

وفي المدوّنة ولا تصلي أم الولد إلا بقناع كالحرة اهـ.

وقد يقال في الجواب إن سترها ما زاد على ما بين السرة والركبة مندوب فقط كما يأتي في قوله ولأم ولد وصغيرة والكلام هنا فيما هو عورة يجب ستره وقول ز إن مع امرأة راجع للأخيرتين كالأول الخ غير صحيح والصواب رجوعه للحرة فقط كما قرره أولًا وقول ز لكن يقيد بمحرم الخ هذا مبني على أن عورة الرجل مع الأجنبية ما عدا الوجه والأطراف كما يأتي والصواب خلافه كما يأتي له فيبقى كلام المصنف مطلقًا تأمله وقول ز بأن فيه لغة مع قوله غايته أنها لغة قليلة الخ فيه نظر فإن ابن مالك في التسهيل صرح بأن بين من الظروف المتصرفة ومثله شراحه بقوله {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] بالرفع وقوله تعالى: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78] ولم يجعلوا ذلك لغة قليلة ومن تصرفه قولهم بعيد بين المنكبين ونقى بين الحاجبين على أنه إنما يحتاج إلى هذا الجواب إذا أعرب بين بالرفع انظر طفى وقول ز وعليه فبين مبني على الفتح الخ غير صحيح فإن بين معربة ولا وجه لبنائها وقول ز والقرينة موجودة وهي أن المراد جميع ما بين الخ فيه جعل المراد قرينة المراد ولا معنى له وأيضًا زيادة ما لا تدفع البحث ولا تزيل الإيهام وقول ز إلا وجهها وأطرافها بين يدي حرة كافرة الخ صوابه إلا وجهها وكفيها كما في ضيح وقول ز لا يلزم من حرمة الكشف كون ذلك عورة الخ فيه نظر إذ الموضوع هنا عورة النظر ولا معنى لها إلا حرمة الكشف ونص ضيح عن أبي عبد الله بن الحاج وأما الكافرة فالمسلمة معها كالأجنبية مع الرجل اتفاقًا اهـ.

أي عورتها معها ما عدا الوجه والكفين وقول ز وأما بالنسبة للصلاة فجميع جسدها الخ

ص: 312

قوله: (و) عورة الحرة (مع) رجل (أجنبي) مسلم ولو عبدها فيما يظهر كما مر بالنسبة للنظر (غير الوجه والكفين) من جميع جسدها حتى دلاليها وقصتها وأما الوجه والكفان ظاهرهما وباطنهما فله رؤيتهما مكشوفين ولو شابة بلا عذر من شهادة أو طب إلا لخوف فتنة أو قصد لذة فيحرم كنظر لأمر د كما للفاكهاني والقلشاني كخلوة به وإن أمنت فتنة كما نقله زروق عن نص الشافعي وفي ق الكبير ما يفيده وقال ابن الفاكهاني مقتضى مذهبنا أن ذلك لا يحرم إلا بما يتضمنه فإن غلبت السلامة ولم يكن للقبح مدخل فلا تحريم ومذهب الشافعي أمس بسد الذرائع وأقرب للاحتياط لا سيما في هذا الزمان الذي اتسع فيه البلاء واتسع فيه الخرق على الراقع اهـ.

قاله عج في كبيره وفي الشيخ سالم بن القطان لا يلزم غير الملتحي التنقب لكن ينهى الغلمان عن الزينة كما قال أبو بكر بن الطيب لأنه ضرب من التشبه بالنساء وتعمد الفساد وأجمعوا على حرمة النظر إليه بقصد اللذة وإمتاع حاسة البصر بمحاسنه وعلى جوازه بغير قصد لذة والناظر آمن من الفتنة وجناية البصر صغيرة تكفرها الطاعات إن اجتنبت الكبائر اهـ.

وقولنا مسلم لإخراج كافر غير عبدها فإن عورتها معه جميع جسدها حتى الوجه والكفين كما مر (وأعادت) حرة وكذا كما في ق أم ولد صلاتها (لصدرها) أي لأجل كشفه كله أو بعضه عامدة أو جاهلة أو ناسية (و) كشف (أطرافها) كظهور قدميها وكوعيها أو ذراعيها (بوقت) اصفراري للظهرين والليل كله للعشاءين والطلوع للصبح وتعيد بوقت

ــ

أي غير الوجه والكفين وتقدم أن هذا مما أطبق عليه أهل المذهب (ومع أجنبي غير الوجه والكفين) قول ز إلا لخوف فتنة أو قصد لذة فيحرم أي النظر إليها وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها وهو الذي لابن مرزوق في اغتنام الفرصة قائلًا إنه مشهور المذهب ونقل ح أيضًا الوجوب عن القاضي عبد الوهاب أولًا يجب عليها ذلك وإنما على الرجل غض بصره وهو مقتضى نقل ق عن عياض وفصل الشيخ زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها وغيرها فيستحب (وأعادت لصدرها وأطرافها بوقت) قول ز عامدة أو جاهلة أو ناسية الخ نحوه في ق عن ابن يونس قال طفى وهو دليل لما قلناه آنفًا أن الذكر ليس بشرط اهـ.

وفيه نظر بل لا دليل فيه لأن الخلاف السابق في العورة المغلظة وهي محل الشرط وهذا من المخففة وليست محلًا للشرط المتقدم غ.

فائدة: المعيدون فيها أي المدوّنة في الوقت ثلاثون عشرة للاصفرار وعشرة للغروب وعشرة لآخر المختار وقد كنت نظمت أصولهم في ثلاثة أبيات فقلت لوقت الاصفرار في المدوّنة:

طهر إن ليس قبلة مبينه

ومطلق العذر إلى الغروب

كالعجز عن طهر وكالترتيب

ولاختيار مقتد بمبتدع

ومطلق المسح ففصل تطلع

ص: 313

لكشف ما فوق منحرها كما يفيده قوله إن تركا القناع وكذا كتفها فإنه كصدرها فيما يظهر وقال عج ليس مثله بخلاف كشف بطنها فتعيد أبدًا كما في تت خلافًا لقول أشهب تعيد فيه وفي الفخذ بوقت (ككشف أمة) ولو بشائبة في صلاتها (فخذًا) أي جنسه فشمل الاثنين وظاهره إن كشفه من حرة تعيد فيه أبدًا وإلا لم يكن لتخصيصه بإعادة الأمة في الوقت كما هو مفاد التشبيه فائدة وهو ظاهر ما تقدم عن طخ أيضًا وحرم نظر لفخذها ولو بغير شهوة فيما يظهر (لا رجل) فلا يعيد لكشف فخذه أو فخذيه وإن كان عورة لدخوله في قوله بين سرة وركبة لكنها خفيفة وشهر في المدخل كراهة النظر له واختار ابن القطان حرمة كشفه والنظر له ويحرم تمكين دلاك منه حتى على تشهير كراهة نظره لأن الجس أشد من النظر وظاهره حرمة تمكينه ولو بحائل ككيس وأولى في التحريم تدليكه أليتيه لأن جس العورة أقوى من نظرها والمنع ولو كان الجس على ذي شيبة لأن علة المنع ليست هي النظر أو الجس بشهوة وإنما هي لكونها عورة فالنظر لها مستورة غير حرام بخلاف جسها مستورة وقال في الرسالة والفخذ عورة وليس كالعورة نفسها ابن عمر الفخذ عورة خفيفة يجوز كشفها مع الخاصة ولا يجوز في المجموع وقد كشفه النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وعمر وستره مع عثمان اهـ.

وهذا يدل على أن عثمان ليس عنده عليه الصلاة والسلام من الخاصة الذين يجوز كشفه بحضرتهم كالشيخين قاله عج وفيه نظر إذ لم يأت ابن عمر بالفاء لتدل على جزئي الحكم الذي أفاده وإنما أتى بالواو فقال وقد كشفه لقصد أفاده الحديث وأن عثمان كالخاصة ولكن غطاه لعلة وهي استحياء الملائكة منه فعن عائشة أنه عليه الصلاة والسلام كان جالسًا كاشفًا عن فخذيه فاستأذنه أبو بكر فأذن له وهو على حاله فاستأذن عمر فأذن له وهو على حاله ثم استأذن عثمان فأرخى عليه الصلاة والسلام ثيابه فلما قاموا قلت يا

ــ

أي فصل الطهرين لخمسة وهي من توضأ بماء مختلف في نجاسته ومن تيمم على موضع نجس ومن صلى ومعه جلد ميتة ونحوه ومن صلى بثوب نجس ومن صلى على مكان نجس وفصل اللبس بضم اللام وهو اللباس لثلاثة وهي الحرة إذا صلت بادية الشعر أو الصدر أو ظهور القدمين ومن صلى بثوب حرير ومن صلى بخاتم ذهب وفصل القبلة لاثنين من أخطأ القبلة ومن صلى في الكعبة أو في الحجر فريضة فهذه عشرة وفصل مطلق العذر لسبعة وهي الكافر يسلم والصبي يحتلم والمرأة تحيض أو تطهير والمصاب يفيق أو عكسه والمسافر يقدم أو عكسه ومن صلى في السفر أربعًا ومن عسر تحويله إلى القبلة وفصل الترتيب إلى اثنين وهما من صلى صلوات وهو ذاكر لصلاة وتارك ترتيب المفعولات تضم إلى العاجز عن طهر الخبث كمن صلى بثوب نجس لا يجد غيره فهذه عشرة وفصل مطلق المسح لتسعة وهي من تيمم إلى الكوعين وناسي الماء في رحله والخائف من سبع ونحوه والراجي والموقن إذا تيمم أول الوقت واليائس إذا وجد الماء الذي فقده والمريض لا يجد مناولًا والماسح على ظهور الخفين دون بطونهما والمستجمر بفحم ونحوه ضمها إلى المقتدي بالمبتدع فهذه عشرة فالمجموع ثلاثون وإطلاق الإعادة في جميعهم تغليب اهـ.

ص: 314

رسول الله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك فلما استأذنك عثمان أرخيت عليك ثيابك فقال يا عائشة ألا أستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه رواه أحمد اهـ.

وسئل الحافظ السخاوي عن المواطن التي استحت الملائكة فيها من عثمان فقال لم أقف عليها في حديث معتمد ولكن أفاد شيخنا البدر النسابة في بعض مجاميعه عن الجمال الكازروني أنه صلى الله عليه وسلم لما آخى بين المهاجرين والأنصار بالمدينة في بيت أنس وتقدم عثمان كذلك كان صدره مكشوفًا فتأخرت الملائكة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتغطية صدره فعادوا إلى مكانهم فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب تأخرهم فقالوا حياء من عثمان قلت وروى الطبراني في الكبير وابن عساكر في تاريخه عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مر بي عثمان وعندي جيل من الملائكة فقالوا شهيد من الآدميين يقتله قومه إنا نستحي منه" اهـ.

من شرح مسلم للسنباطي (و) عورة الحرة (مع) رجل (محرم) لها نسبًا أو صهرًا أو رضاعًا (غير الوجه والأطراف) أي أطراف الذراعين والقدمين وما فوق المنحر وهو شامل لشعر الرأس والذراع من المنكب إلى طرف الإصبع الوسطى فليس له أن يرى ثديها ولا صدرها ولا ساقها بخلاف شعرها كما مر القرافي ولا بأس أن ينظر الرجل إلى شعر أم زوجته ولا ينبغي إن قدم من سفر أن تعانقه وإن كانت عجوزًا قاله د وقال ح ولا يجوز ترداد النظر وإدامته إلى شابة من محارمه أو غيرهن إلا لحاجة أو ضرورة كشهادة ونحوها وعليه فيقيد المصنف بغير ترداد النظر وإدامته لشابة وظاهره جوازه في متجالة ويقيد أيضًا بغير شهوة وإلا حرم حتى لبنته وأمه (وترى من) الرجل (الأجنبي ما يراه من محرمه) الوجه والأطراف وقدم ما يراه الرجل منها فليس ما هنا كالمخصص لقوله وهي من رجل بين سرة وركبة لاختلاف مفادهما والضمير في ترى للمرأة ولو أمة كما هو ظاهر نقل ح وق وقصر تت له على الحرة وإن اقتضاه السياق قصور وعلى مالح وق فالأمة ترى من الأجنبي الوجه والأطراف فقط ويرى هو منها ما عدا ما بين سرة وركبة ولعل الفرق وإن كان القياس العكس قوة داعيتها للرجل وإن سترت بالحياء وضعف داعيته لها ولا يرد على هذا الفرق قوله ومن المحرم كرحل مع مثله المقتضي استواء داعية كل منهما للآخر لأنها

ــ

أي لأن ذوي الأعذار لا تتصور فيهم إعادة والله أعلم وأصل ما ذكره من التحصيل لأبي الحسن وفي عده اليائس إذا وجد الماء نظر لما قدمناه في التيمم عن المدوّنة من أن اليائس لا يعبد مطلقًا وقد بحث فيه الشيخ ميارة بذلك (ومع محرم غير الوجه والأطراف) قول ز أي أطراف الذراعين الخ صوابه إسقاط لفظ أطراف لأن الذراعين والقدمين الخ هي عين الأطراف وقول ز والذراعين من المنكب الخ فيه نظر بل الذراع من المرفق وأما العضد إلى المنكب فإنه يحرم انظر ح (وترى من الأجنبي ما يراه من محرمه) قول ز فليس ما هنا كالمخصص الخ أي لأن المراد بما هنا بيان ما يباح لها أن تنظره من الأجنبي وما يحرم عليها نظره منه ولا

ص: 315

بين المحارم مستوية من الجانبين غالبًا (و) ترى (من المحرم) نسبًا أو صهرًا أو رضاعًا مسلمًا أو كافرًا (كرجل مع مثله) فترى ما عدا ما بين السرة والركبة ولما قدم تحديد عورة الأمة الواجب سترها أشار إلى حكم ما عداها بقوله: (ولا تطلب أمة) ولو بشائبة غير أم ولد بدليل ما يأتي (بتغطية رأس) في صلاتها إلا وجوبًا ولا ندبًا وإنما يجوز لها كما قال سند إنه الصواب ويحتمل أن معناه مع ندب ترك التغطية وعليه ابن ناجي تبعًا لأبي الحسن بدليل ضرب عمر من تغطى رأسها منهن لئلا يتشبهن بالحرائر قال تت وعادة المصنف ذكر تأويلين في مثل هذا اهـ.

وفي عياض الصواب كشف رأسها بغير صلاة وندب تغطيتها بها لأنها أولى من الرجال ولا ينبغي الكشف اليوم أي حتى بغير صلاة لعموم الفساد في أكثر الناس فلو خرجت اليوم جارية رائعة مكشوفة الرأس في الأسواق والأزقة لوجب على الإمام أن يمنع من ذلك ويلزم الإماء بهيئة من اللباس يعرفن بها من الحرائر اهـ.

ويمكن حمل ما لابن ناجي على ما لعياض وقوله ويلزم الإماء الخ يحتمل في غير الصلاة ويحتمل فيها وفي غيرها (وندب) لغير فصل (سترها) أي العورة المغلظة (بخلوة) ولولا مرأة وكره تجرد لغير حاجة حياء من الملائكة وأما المخففة كالفخذين فلا (و) ندب (لأم ولد) دون ذات شائبة غيرها (و) لحرة (صغيرة) وصغير يؤمر كل بالصلاة لسبع فأكثر

ــ

يلزم أن يكون ذلك عورة منه لأنه لا يجب عليه أن يستره قال طفى وهذا هو المتعين وأما تقييد ما تقدم بما هنا فغير صحيح لما علمته اهـ.

وقول ز المقتضي استواء داعية كل منهما للآخر الخ فيه نظر بل قوله ومن المحرم الخ يقتضي قوة داعيته وضعف داعيتها على عكس ما قبله لا لاستوائهما كما زعمه وكذا ما تقدم بين الأجنبية والأجنبي يقتضي قوة داعيته وضعف داعيتها وهذا كله يبطل ما زعمه فرقًا (ومن المحرم كرجل مع مثله) قال تت جوّز البساطي فيه الوجهين السابقين العورة أو النظر وكون المراد العورة بعيد من لفظ المصنف لوجهين الأول مخالفة الأسلوب والثاني التكرار بالنسبة للثاني قال طفى لم يظهر لنا هذا التكرار مع إمعان النظر قلت التكرار فيه واضح لأنه إذا أريد العورة كان معنى قوله ومن المحرم أن عورة الرجل بالنسبة للمرأة المحرم ما بين السرة والركبة وهذا تكرار مع ما أخذ من الإطلاق في قوله وهي من رجل الخ (ولا تطلب أمة بتغطية رأس) قول ز لا وجوبًا ولا ندبًا الخ هذا هو ظاهر التهذيب ونصه وللأمة من لم تلد من السراري والمكاتبة والمدبرة والمعتق بعضها الصلاة بغير قناع اهـ.

لكن قال أبو الحسن قوله في الأمهات وذلك سنتها يدل على أنها مأمورة به ونص على ذلك في الجلاب فقال يستحب لها أن تكشف رأسها وانظر ظاهر التهذيب التخيير وليس كذلك اهـ.

وقول ز ويمكن حمل ما لابن ناجي الخ هذا الحمل يمنعه كلام أبي الحسن المذكور مع التهذيب لأن موضوعهما في الصلاة كما رأيته (ولأم ولد وصغيرة) قول ز وصغير الخ

ص: 316

(ستر) في الصلاة (واجب على الحرة) البالغة في الصلاة من قناع ودرع يستر ظهور القدمين كذا في المدونة والمراد ندب لها ستر زائد على القدر المشترك بينهما في الوجوب وهو ما عدا ما بين السرة والركبة وإلا فستر عورتهما واجب (وأعادت) الصغيرة عند أشهب في ترك قناع (إن راهقت للاصفرار) فعول المصنف على المدونة في الندب وعلى أشهب في الإعادة ولا بعد في ذلك ولا اعتراض عليه واقتصر على القناع بالنسبة للصغيرة المراهقة لأنه يتوهم في تركه عدم الإعادة لخفة الأمر إذ لو صلت عريانة لكانت كالصبي يصلي عريانًا وتقدم أن الستر في حقهما مستحب ومفهومه أن غير المراهقة لا إعادة عليها وشبه في الإعادة للاصفرار قوله: (ككبيرة) حرة وأم ولد كما في المدونة (إن تركا القناع) وصلتا بادية الشعر وترك تاء التأنيث من تركا جائز لاتصال الفعل بضمير الغائبتين لتعليلهم وجوب التأنيث في هند قامت بتوهم أن ثم فاعلًا مذكرًا منتظرًا لو ترك التأنيث إذ يجوز حينئذ أن يقال هند قام أبوها فلما فقد شرط الوجوب أي في تركا بقي الجواز ولتصريحهم بأن حكم المثنى في هذا حكم المفرد قاله تت وفيه نظر لأنهم عللوا وجوب التأنيث في المفرد بالتوهم المذكور وحملوا غير المفرد عليه وقوله ولتصريحهم بأن حكم المثنى حكم المفرد شاهد عليه لا له لأن المفرد يجب تأنيثه فقول المصنف تركا صوابه تركتا بالتا لأن الفعل إذا أسند إلى ضمير مجازي التأنيث وجب تأنيثه كالشمس طلعت فأحرى وجوب التأنيث إذا أسند إلى ضمير حقيقي التأنيث ككلام المصنف اللهم إلا أن يجاب بأنه ذكر نظرًا للشخصين أي إن تركا أي الشخصان وتقدم توجيه ابن رشد وابن يونس لإعادة الظهرين للاصفرار لا للغروب بأن الإعادة مستحبة فهي كالنافلة ولا تصلي نافلة عند للاصفرار. ثم شبه في حكم الإعادة في الوقت وحده مسائل فقال: (كمصل بحرير) لإبساله أو بخاتم ذهب صلى به لا حاملًا لما ذكر بغير لبس فلا يعيد (وإن انفرد) باللبس مع وجود غيره خلافًا لمن يقول يعيد أبدًا حينئذ ويحتمل أن يريد انفرد بالوجود أي صلى به لعدم وجود غيره وفيه رد على قول أصبغ لا يعيد ولم يأت المصنف بالعاطف بدل الكاف مع أن المحل له كما في د لأن قوله بغير خاص بما بعدها (أو) مصل (بنجس) لابس له أو حامل يعيد فيها وفي التي قبلها (بغير) أي بغير الحرير وبغير

ــ

ذكره الصغير هنا سهو كما هو ظاهر (إن راهقت) اعترض طفى تقييد الإعادة بالمراهقة بأن القائل بالإعادة هنا أشهب وهو مصرح بأن من تؤمر بالصلاة تعيد وفي ابن يونس ومثله لأبي الحسن قال أشهب وإذا وصلت الصبية التي لم تبلغ المحيض بغير قناع وهي ممن تؤمر بالصلاة تعيد في الوقت اهـ.

وأما المدوّنة فلم تذكر الإعادة وقد نقل في ضيح قول أشهب على غير وجهه بل في المراهقة وجرى عليه في المختصر وليس كذلك كما علمت ونقله الشارح وق كما نقله في ضيح تقليدًا له وقد علمت وجهه اهـ.

ص: 317

النجس الذي صلى فيه أو لا فهو متعلق بإعاد المدلول عليه بالتشبيه أي غير الحرير والنجس فمن صلى بنجس أو متنجس لا يعيد بحرير (أو) صلى بنجس أو متنجس (بوجود مطهر) واتسع الوقت لتطهير المتنجس وأمكنه وجبر الصلاة المحققة بحرير أو نجس مطلوب من المصلى (وإن) صلى بما ذكر و (ظن عدد صلاته) التي صلاها به بأن نسيها (وصلى) ثانيًا (بطاهر) غير حرير أو وجد ماء طهر به ثوبه وصلى ثانيًا ثم ذكر أنه كان صلاها أولا بثوب نجس أو متنجس فيعيد ثالثًا للاصفرار لأن الصلاة المأتي بها حال ظن عدم صلاته لم تقع جابرة للأولى وقوله بوجود مطهر يقتضي قصر الإعادة فيما ذكر على صلاته بنجس أو متنجس مع أن مثله إذا صلى بحرير ثم صلى ثانيًا بطاهر غيره ناسيًا صلاته بحرير كما ذكرنا (لا عاجز) عن الستر بطاهر أو حرير أو نجس (صلى عريانًا) ثم وجد ثوبًا في الوقت فلا يعيد عند ابن القاسم في سماع عيسى أي في غير المدوّنة ولم يحك ابن رشد غيره وقال المازري المذهب يعيد في الوقت ابن عرفة وتبعوه اهـ.

ولم يتبعه المصنف قاله ع ويؤخذ من عزوه النقلين المذكورين أنهما قولان مرجحان وقال عج يؤخذ منه أن المذهب يعيد في الوقت خلافًا لما درج عليه المؤلف اهـ.

(كفائتة) صلاها ثم تبين أنه صلاها بنجس أو حرير فلا يعيدها عند وجود غيره لانقضاء وقتها بفراغها (وكره) لباس (محدد) للعورة لرقته أو إحاطته بها كحزام بالزاي وسروال ولو لغير صلاة لأنه من زي العجم (لا) إن كان الوصف لها (بريح) أي بسببه فلا

ــ

بخ قلت ما نقله المصنف هو الذي صرح به الرجراجي في مناهج التحصيل عن أشهب قائلًا لا خلاف إذا كانت غير مراهقة وهي تؤمر بالصلاة أنها لا تؤمر بالإعادة ونص الرجراجي وأما الحرائر غير البوالغ فلا يخلو من أن تكون مراهقة أو غير مراهقة فإن كانت مراهقة فصلت بغير قناع أو كان الصبي عريانًا فهل عليهما الإعادة في الوقت أم لا قولان أحدهما الإعادة وهو لأشهب والثاني لا إعادة وهو لسحنون وأما غير المراهق منهم كابن ثمان سنين في المذهب أنها تؤمر بأن تستر من نفسها ما تستر الحرة البالغة ولا إعادة عليها إن صلت مكشوفة الرأس أو بادية الصدر اهـ.

بلفظه (أو بوجود مطهر) قول ز أو صلى بنجس أو متنجس بوجود مطهر الخ ظاهره أن بوجود مطهر معطوف على بحرير في قوله كمصل بحرير وأن الباء بمعنى مع وهو غير صحيح لأن من صلى بالمتنجس مع وجود المطهر واتساع الوقت لتطهره يعيد أبدًا لا في الوقت وقول المصنف أو بنجس مقيد بالنسيان أو العجز وإلا أعاد أبدًا والصواب ما للشارح من أنه معطوف على قوله بغير أي يعيد إذا وجد غير الحرير والنجس في الوقت وكذا إن وجد ما يطهر به الثوب اهـ.

والباء سببية (وإن ظن عدم صلاته وصلى) قول ز وقوله بوجود مطهر يقتضي الخ صوابه وقوله بطاهر يقتضي الخ على أن فيما ذكره من الاقتضاء نظرًا (لا عاجز صلى عريانًا) قول ز عن ابن عرفة وتبعوه الخ بحث بعضهم في كلام ابن عرفة بأن اتباع المازري هم ابن بشير وابن شاس وابن الحاجب بدليل كتبهم وهم لم يتبعوه هنا فانظر ذلك (لا بريح) أي فلا كراهة وأشار

ص: 318

كراهة ولا إن كان المحدد مئزرًا ابن العربي وهو الملحفة أي كبردة أو حرام بالراء المهملة ينضم بجميعه به حتى يصير فيه تحديد لعورته لكن دون تحديد السروال كما قال القرافي لكون جزئه على الكتف فلا يكره لكونه من زي العرب ويحتاجون إليه بخلاف السراويل ليست من زيهم ولإمكان تغطيتها بثوب وكره مالك لبسها دون قميص ولو تردى على ذلك رداء وقال ما السراويل من لبس الناس وإن الحياء من الإيمان ابن رشد لأن تردى الرداء على السراويل دون قميص مما يستقبح من الهيئات في اللباس ولا يفعله إلا ضعفة الناس انظر أبا الحسن قاله د (و) كره (انتقاب مرأة) أي تغطية وجهها به لأنه من التعمق في الدين والرجل أولى ما لم يكن من قوم عادتهم ذلك (ككف كم) أي تشميره وأحرى تشمير الذيل عن الساق كما في الشامل (و) كفت (شعر) أي ضمه فيقدر له عامل يناسبه غير الأول لعدم صحة تسلطه عليه أو يضمن كف معنى جمع (لصلاة) راجع للثلاثة كما في تت لا للمحدد أيضًا خلافًا لد لما مر من التعليل بأنه من زي الأعاجم وكرهت الثلاثة لصلاة لما في ذلك من ترك الخشوع والتذلل فلو فعله لغيرها كشغل ثم حضرت وهو على تلك الحالة لم يكره لكن الأكمل إرساله ثم عدم الكراهة سواء عاد لشغله أم لا كما هو ظاهر المدونة وحملها بعضهم على ما إذا عاد لشغله.

ــ

به لقول النوادر كما في ضيح إلا الرقيق الصفيق لا يصف إلا عند ريح فلا بأس به اهـ.

وقول ز ولا إن كان المحدد مئزرًا الخ الذي تدل عليه عبارة ابن يونس والجلاب وغيرهما إن المئزر غير محدد ولذا كان غير مكروه فالسراويل فيه علتان التحديد وكونه من ذي العجم والمئزر انتفى منه الأمران ونص الجلاب ولا بأس بالصلاة بالمئزر والعمامة وتكره الصلاة في السراويل والعمامة اهـ.

وفي المدوّنة كره مالك الصلاة في السراويل ابن يونس لأنه يصف والمئزر أفضل منه اهـ.

على أن أبا الحسن اختار كراهة الصلاة بالإزار وعللها بكون كتفيه ليس عليهما شيء لا بالتحديد لعدمه أو لقلته ونقل ابن عرفة الكراهة عن ابن حارث ولم يعترضها (لصلاة) قول ز راجع للثلاثة الخ فيه نظر بل الصواب بقاء كلام المصنف على قاعدته الأكثرية من عود القيد لما بعد الكاف فقط كما قاله البساطي فإن النقل يدل على أن الانتقاب والتلثم يكرهان في الصلاة سواء جعلا لأجلها أم لا بخلاف كفت الكم والشعر فقد قال ابن يونس إن النهي عنه إنما هو إذا قصد به الصلاة انظر ق وأبا الحسن وهذا إذا كانت لام لصلاة للتعليل كما يفيده كلام ابن يونس وأما إن جعلت بمعنى في كما يفيده ما في ح عن الشيخ زروق من أن المشهور كراهة كفت الكم والشعر فيها لغير شغل كان لأجلها أم لا فالصواب رجوعه لما قبل الكاف أيضًا كما قرره ز والله تعالى أعلم لكن ما لابن يونس هو ظاهر المدوّنة كما قاله ابن عرفة ونصه فقول عياض قول الداودي كراهته لمن جعله للصلاة خلاف الأثر والعمل خلافها أي المدوّنة اهـ.

وقول ز وحمله بعضهم على ما إذا عاد لشغله الخ البعض هو الشبيبي وصوبه ابن ناجي

ص: 319

فائدة: في الحديث إذا سجد الإنسان فسجد معه شعره كتب له بكل شعرة حسنة (و) كره لرجل وامرأة (تلثم) لصلاة وهو تغطية الشفة السفلى كما في المصباح وفي النهاية سد الفم باللثام والنقاب ما يصل إلى العيون اهـ.

ولو أخّر قوله صلاة عن هذا كان أولى لرجوعه له أيضًا كما قررنا أو حذفه لدلالة ما قبله عليه فيخرج من عادته ذلك كالمرابطين ومن عمله لشغل قال زروق يمنع تلثم لكبر ونحوه وكره لغير ذلك إلا أن يكون ذلك شأنه أو يكون في شغل عمله م أجله فاستمر عليه اهـ.

ابن عرفة استحب ابن رشد تلثم المرابطين لأنه زيهم بكسر الزاي والياء المشدّدة به عرفوا وهم حماة الدين ويستحب تركه في الصلاة لغيرهم ومن صلى به منهم فلا حرج اهـ.

قال بعضهم نهى النبي عليه الصلاة والسلام العرب عن التشبيه بالعجم ولم يأت أنه نهى وفدًا قدم عليه من العجم عن زيهم وندبهم إلى زي العرب ولذا قال العز بن عبد السلام القائل فيه ابن عرفة لا ينعقد للمسلمين إجماع بدونه زي الفقهاء إذا صار شعارًا لهم ينبغي أن يلتزموه وليس كل ما فعلته الجاهلية منهيًا عن ملابسته بل ما خالف فيه شرعنا بالنهي عنه قال بعضهم ومن هذا المعنى أي ما وافق الجاهلية ولم يرد نهي شرعنا عنه وصلة الناس أرحامهم في المباحات في النيروز والمهرجان وقد حفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق ولم تكن العرب تعرفه ومدح قسي العجم وقال هم أقوى منكم رمية وقال مالك لا بأس بلباس البرانس وليست من لباس السلف أبو عمرو الأصل في الأشياء الإباحة حتى يثبت النهي (ككشف) رجل (مشتر) أي مريد شراء أمة (صدرًا أو ساقًا) أو معصمًا فيكره

ــ

(وتلثم) قول ز ولو أخر قوله لصلاة الخ تقدم أن الصواب ما فعله المصنف وقول ز وليست من لباس السلف الخ هذا تحريف بل قال مالك هي من لباس السلف قال أبو الحسن سئل مالك عن الصلاة في البرانيس فقال هي من لباس المصلين وكانت من لباس الناس في القديم وما أرى بها بأسًا واستحسن لباسها وقال هي من لباس المسافر في البرد والمطر ابن رشد لا تجوز الصلاة بها وحدها إلا أن يكون تحتها قميص أو إزار أو سراويل لأن العورة تبدو من أمامه وهذا في البرانيس العربية وأما العجمية فلا خير في لباسها في الصلاة ولا غيرها لأنها من زي العجم وشكلهم اهـ.

من أبي الحسن باختصار (ككشف مشتر صدرًا الخ) لم يعز المواق ولا غيره هذا إلا للخمي وهو إنما ذكره على وجه يفيد أنه مقابل المشهور ونصه في تبصرته قال مالك في المبسوط ومما لا يجب على الأمة أن تستره من الرجال ما فوق ثديها ليد والعنق والصدر فعلى هذا لا يكون عليها ستر ذلك في الصلاة لأنه ليس بعورة ولمالك رحمه الله في كتاب ابن حبيب أنه يكره للرجل أن يكشف من الأمة عند استعراضه إياها شيئًا لا معصمًا ولا صدرًا ولا ساقًا اهـ.

فهو يفيد إن كشف ذلك في القول الثاني إنما كره لكونه عورة وهو خلاف ما قدم المصنف أنه المشهور من أن عورتها ما بين السرة والركبة فقط ويدل على أن الكشف من

ص: 320

لما يخشى من تلذذه بذلك ابن القاسم وإنما ينظر الوجه والكف ونحوهما كخطبة الحرة وروى عنه ينظر ما عدا الفرج وإنما كره ذلك على ما ذكره المصنف مع أن نظر الرجل لما عدا ما بين سرة وركبة لأمة جائز بلا شهوة كما مر لأن كشف ما هنا فعل للمشتري وأفعال العقلاء تصان عن العبث والغالب أن ما يقصد هنا التلذذ فحمل الكشف على قصد ذلك أو أنه مظنة اللذة بخلاف النظر لهما من غير كشف وأما جسه عند الشراء باليد فحرام وفي بعض النسخ مستر بسين مهملة كمصل بإزار يسدل طرفيه ويكشف صدره وفي بعضها مسدل والسدل إرخاء طرف الإزار وستر صدره وفي وسطه مئزر أو سراويل فإن كشف صدرًا فهو المكروه الذي ذكره المصنف والمعروف في اللغة سادل من سدل لا مسدل من أسدل (و) كره لصلاة (صماء) بفتح الصاد المهملة وشد الميم وبالمد قاله الكرماني وابن حجر والقسطلاني على البخاري فقول شارح تلميذ البساطي كما في خط عج مقصور مرفوع بضمة مقدرة غير ظاهر أي يكره اشتمالها وهي اللبسة المسماة بها وهي عند الفقهاء أن يشتمل بثوب يلقيه على منكبيه مخرجًا يده اليسرى من تحته كما في الشارح عن ابن يونس أو إحدى يديه من تحته كظاهر الرسالة (بستر) أي معه بإزار مثلًا وكرهت لأنه يبدو معها جنبه فهو كمن صلى بثوب ليس على أكتافه منه شيء لأن كشف البعض ككشف الكل (وإلا) يكن اشتمالها مع ساتر (منعت) لحصول كشف العورة أو خوفه وكره أيضًا اضطباع وهو أن يرتدي بثوب ويجعل يده اليمنى من فوق طرفه ابن القاسم وهو من ناحية الصماء اهـ.

ــ

المشتري ليس بمكروه على المشهور إن ابن الجلاب وابن شاس وابن الحاجب وأبا الحسن وابن عرفة لم يذكروه أصلًا وأيضًا في خيار المدوّنة ما نصه وقد تجرد أي الأمة للتقليب فقال ابن يونس ظاهر المدوّنة أنه جائز إن تجرد للتقليب إذ قد يكون في جسمها عيب اهـ.

وذكر الحطاب أن ابن محرز أولها على الكراهة والأول أقوى قال جميع ذلك أبو علي رحمه الله اهـ.

قلت ويدل للجواز أيضًا ما في سماع ابن القاسم من كتاب الحج الأول سئل مالك عن المحرم يشتري الجارية فيقلبها لنفسه أو لبعض ولده قال مالك لا أحب للمحرم أن يقلب جارية للابتياع وهو محرم ابن رشد هذا يدل على أنه ينظر في التقليب إلى معصميها وساقيها وصدرها وهو دليل قوله في كتاب الخيار من المدوّنة لأن الرقيق قد يجرد في الشراء وكره ذلك له مخافة أن تعجبه فيتلذذ بها فيؤديه الأمر إلى ما ينقص أجره أو يفسد حجه أو يوجب عليه الهدى اهـ.

وقوله تصان عن العبث الخ يقال عليه نعم لكن لا عبث هنا لأنه يقلب للشراء والأصل في فعل المسلم عدم المعصية والغالب هو قصد التقليب لا قصد التلذذ وقوله وفي بعض النسخ مستر بسين مهملة الخ قال الشارح رحمه الله استعمل مستر موضع ساتر لأن المعروف فيه ساتر من ستر ثلاثيًّا اهـ.

قال بعضهم والصواب أنه مستتر من استتر افتعل من الستر ولعله هو الواقع في هذه

ص: 321

أي لأنه إذا خرج يده المستترة بالإزار انكشف جنبه وأما التوشيح فجائز وهو أخذ طرفه من تحت يده اليمنى ليضعه على كتفه اليسرى وأخذ الطرف الآخر من تحت اليسرى ليضعه على كتفه اليمنى فالمسائل ثلاث توشيح وهو جائز وصماء واضطباع وهما مكروهان مع ساتر ممنوعان بغيره (كاحتباء لا ستر معه) فيمنع في غير صلاة وفيها في بعض أفعالها كحالة التشهد لجوازه فيه مع الستر ففيها لا بأس بالاحتباء في النوافل للجالس يعقب تربعه قال مالك إذا مد المصلي قاعدًا رجليه طالبًا للراحة أرجو أن يكون خفيفًا اللخمي وليس بحسن مع الاختيار عياض ابن حبيب وله مد إحدى رجليه إن أعيا ابن يونس كان سعيد بن جبير يصلي النافلة قاعدًا محتبيًا فإذا بقي عليه عشر آيات قام فقرأ وركع اهـ.

فقد ذكر أنه كان يحتبي حالة جلوسه وهذا لا ينافي أنه يحتبي حالة التشهد (وعصى وصحت إن لبس حريرًا) خالصًا أو جلس عليه لحرمة لبسه بغيرها على بالغ والتحاف به وركوب وجلوس عليه ولو بحائل كما للمازري وعياض ابن عرفة وإجازة ابن الماجشون افتراشه والاتكاء عليه خلاف قول مالك بالمنع أي ولو تبعًا لزوجته فقول ابن العربي يجوز للزوج الجلوس عليه تبعًا لزوجته لا أعرفه وابن العربي حجة حافظ وقد نقل صاحب المدخل عن شيخه الإمام أبي محمد بن أبي جمرة وناهيك بهما في الورع والتشديد أنه لا يجوز للرجل افتراش إلا على سبيل التبع لزوجته ولا يدخل الفراش إلا بعد دخولها ولا يقيم فيه بعد قيامها وإذا قامت لضرورة ثم ترجع لا يجوز له أن يبقى على حاله بل ينتقل إلى موضع يباح له حتى ترجع إلى فراشها وإن قامت وهو نائم فتوقظه أو تزيله عنه ويجب عليه أن يعلمها ذلك اهـ.

ونقل الجزولي في ذلك قولين والعجب من ابن ناجي حيث جزم بمنع ذلك وقال خلافًا لابن العربي مع أن شيخه ابن عرفة لم يجزم بذلك قاله ح ويحتمل أن قول شيخه لا أعرفه أقوى في الإنكار لأن معناه لا يعرفه قولًا لغيره بخلاف قول ابن ناجي خلافًا لابن العربي فإنه يحتمل خلافًا له في نقله أو قوله ثم انظر ما وجه وجوب إيقاظه من النوم أو إزالة اللحاف عنه ووجوب تعليمه لها ذلك إذا قامت لضرورة مع رفع القلم عنه حينئذ وهو قد دخل بوجه جائز وقيامها للضرورة مع نومه مجرد احتمال كالنوم قبل الوقت مع تجويز استغراقه له وكذا يحرم لبسه أيضًا لحكة أو في جهاد على المشهور لأنه قول ابن القاسم وروايته عن مالك خلافًا لابن حبيب في الأول ولابن الماجشون في الثاني معللًا له بأن فيه المباهاة والإرهاب في الحرب بأنه يقي عند القتال من النبل وغيره عند عدم السلاح وأجازه

ــ

النسخة وقوله المعروف في اللغة سادل من سدل الخ فيه نظر ففي القاموس سدل الشعر يسدله ويسدله وأسدله أرخاه وأرسله اهـ.

(وعصى وصحت إن لبس حريرًا) قول ز على بالغ أي وأما الصبي فالحرير والذهب في حقه مكروهان كما ذكر ابن يونس وفي المدخل إن المنع أولى قال ويستحب ذلك للرضيع اهـ.

ص: 322

فيه جماعة من الصحابة والتابعين وقال به ابن عبد الحكم وحكاه ابن شعبان عن مالك من رواية عيسى عن ابن القاسم واقتصر ابن الجلاب على الجواز فيهما وهو ضعيف ومحل منعه لحكة إن لم يتعين طريقًا للدواء وإلا جاز كتعليقه ستورًا من غير مسه لأنه لباس لما ستر منه الحيطان وكذا البشخانة المعلقة التي لا يمس البالغ شيئًا منها فيما يظهر وهي داخلة في الستور ولو منع ذلك لمنع دخول الكعبة لأن سقفها مكسو بالحرير قاله ح فيجوز دخول في بشخانة حيث لم يمسها قال ح وكذا يجوز اتخاذ الراية منه بلا خلاف كما سمع ابن القاسم قاله ابن رشد وقول ابن عرفة أجاز منه الراية ابن القاسم وابن حبيب تعليقه والكل خيط العلم والخياطة به وجوّز بعض أصحاب المازري الطوق واللبة أي وهي قبة من حرير تجعل في الثوب كالرقعة ابن حبيب لا يجوز حبيب ولا زر اهـ.

يوهم أن غير ابن القاسم وابن حبيب يمنع ذلك اهـ.

وفي الرسالة وقت عليها ما نصه معها وكذلك العلم في الثوب الحرير اختلف في جوازه روى ابن حبيب لا بأس به وإن عظم وقيل ينهى عنه كراهة واختلف في مقداره فقيل أربع أصابع وقيل ثلاثة وقيل إصبعين وقيل إصبع قال ابن القاسم ولم يجز مالك إلا الخط الرقيق أي دون الإصبع فجائز اتفاقًا اهـ.

والأقوال المذكورة في المنسوج به وأما السجاف به ففي ح عن الذخيرة ما يفيد جوازه ونصه عنها ابن حبيب ولا يستعمل ما بطن بالحرير أو حشي أو رقم به قال القاضي أبو الوليد يريد إذا كان كثيرًا اهـ.

لأنه ليس بكثير بطانة إلا أن تجعل إدارته بالشيء ككثرته هذا حكم خالص الحرير وأما الخز وهو ما شداؤه حرير ولحمته وبر أو قطن أو كتان فقال ابن رشد أظهر الأقوال وأولاها بالصواب إن لبسها مكروه يؤجر على تركه ولا يأثم في فعله لأنه من المشتبهات المتكافئة أدلة حلها وحرمتها التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتقاها فقد استبرأ لدينه وعرضه وعليه يأتي ما حكي عن لباس مالك كساء إبريسم كساه هارون الرشيد اهـ.

وأول لبس المسلمين الحرير في زمن علي وأول من لبس الخز عبد الله بن عامر بن كريز (أو) لبس (ذهبًا) خاتمًا أو غيره لا وضعه بكمه أو جيبه أو فمه ولم يشغله عن القراءة كالحرير (أو سرق أو نظر محرمًا) وتنازع الأفعال الثلاثة قوله: (فيها) إلا عورة إمامه عمدًا

ــ

انظر ح وقوله وابن العربي حجة حافظ الخ مع كونه حجة حافظًا شأنه أن يدخل في كتابه أقاويل ومسائل من غير المذهب كما قاله في ضيح قبيل الرعاف (أو نظر محرمًا فيها) قول ز مع علمه بأنه في صلاة وإلا لم تبطل الخ هذا التفصيل أصله لعج والنصوص تدل على أن ذلك في مجرد العمد من غير تفصيل بين أن ينسى كونه في الصلاة أو لا قاله أبو علي وقوله ثم ما تقدم من البطلان في الثلاثة هو قول سحنون الخ غير صحيح بل خلاف سحنون والتونسي وإنما هو في نظر عورة الإمام وأما عورة نفسه وعورة غيرهما فإنما نسبوا البطلان

ص: 323

فتبطل وإن نسي كونه في صلاة كعورته هو إن تعمد نظره لها مع علمه بكونه في صلاة وإلا لم تبطل والفرق حرمة نظره لعورة إمامه عمدًا وإن نسي كونه في صلاة بخلاف عورة نفسه فلا يحرم نظره لها وأورد على الفرق إذا كان الزوج إمامًا لزوجته فتبطل صلاتها إن تعمدت نظر عورته ولو نسيت كونها في صلاة كالإمام الأجنبي ويجاب بأنه لما كان نظرها لعورته بصلاة مظنة تلذذها واشتغالها نزل منزلة إمام غير زوج وكذا تبطل صلاة مصل نظر عمدًا لعورة شخص غير إمام وزوج ولو كان المنظور غير مصل إن اشتغل المصلي بنظرها اشتغالًا يتضمن تلذذ أو خلل ركن لا انتفيا أو نظر لها ناسيًا ولم يدمه وإنما كان نظره لعورة إمامه أشد لارتباط صلاته بصلاة إمامه فإن قلت لم استثنى ما ذكر من قوله محرمًا وما الفرق بين محرم ومحرم قلت المحرم المتعلق بذات الصلاة ببطلها كما ذكروا مثله في قصد الكبر بالعلو فيها أو بالإمامة ثم ما تقدم من البطلان في الثلاثة على ما ذكرناه هو قول سحنون ونقله ابن حارث متفقًا عليه وقال التونسي لا تبطل بنظر عورة نفسه أو إمامه أو غيرهما خلافًا لسحنون في تفصيله كما في الشيخ سالم (وإن لم يجد) مريد الصلاة إلا سترًا لأحد فرجيه كله أو بعضه وتساوى كشفهما (فثالثها) أي الأقوال (يخير) في ستر أيهما شاء وفيها يستر القبل لشدة فحشه وأولها يستر الدبر لأنه أشد عورًا وخصوصًا عند الركوع والسجود وقولنا وتساوى كشفهما احتراز عما لو صلى لحائط أي إمامه فإنه يستر الدبر أو خلف حائط فإنه يستر القبل قاله البساطي وهو ظاهر ولكنه مخالف لظاهر إطلاقهم تت (ومن عجز صلى عريانًا) والفرق بين وجوبها حينئذ وبين سقوطها مع عدم ماء وصعيد مع أن كلا شرط لها إن ستر العورة شرط مع الذكر والقدرة لا مطلقًا انظر التوضيح انظر د وما ذكره المصنف ظاهر على ما قدمه من القول بالشرطية مع الذكر والقدرة وأما على أن سترها واجب مطلقًا فلا أي فلا يصلي عريانًا وهل فيه الأقوال الأربعة في عادم الماء والصعيد أم لا (فإن اجتمعوا) أي العراة (بظلام فكالمستورين) ويجب عليهم تحصيله بطفى السراج (وإلا) يكونوا بظلام بل بضوء نهار أو بليل مقمر (تفرقوا) وجوبًا وصلوا أفذاذًا فإن تركوه مع القدرة عليه أعادوا أبدًا فيما يظهر لأنهم كمن

ــ

فيهما لابن عيشون ونص ابن عرفة وفي بطلان من تعمد نظر عوراته من مأموميه قولا سحنون والتونسي وخرج ابن رشد عليهما بطلانها بغضب فيها ونقل ابن حارث قول سحنون متفقًا عليه ابن عيشون من نظر عورة إمامه أو نفسه بطلت صلاته بخلاف غيرهما ما لم يشغله ذلك أو يتلذذ به اهـ.

ومثله لابن رشد وابن بشير وأبي الحسن وغيرهم وكلامهم يدل على ترجيح قول التونسي لاعتراضهم قول سحنون فلعل المصنف لذلك أطلق في قوله أو نظر محرمًا فيها (ومن عجز صلى عريانًا) قول ز أي فلا يصلي عريانًا وهل فيه الأقوال الخ هذا الكلام لا يقوله أحد والعجب قد تقدم له أنه على القول بنفي الشرطية يعيد في الوقت مطلقًا ولو عامدًا

ص: 324

صلى عريانًا مع القدرة على الستر (فإن لم يمكن) تفرقهم لكونهم بسفينة أو خافوا سبعًا ونحوه (صلوا) جماعة (قيامًا) أي على هيئتها من ركوع وسجود صفًّا واحدًا قاله الشارح ود وقال البساطي قيامًا يؤمون للركوع والسجود (غاضين أبصارهم) وجوبًا وكراهة تغميض البصر في غير هذا وصلوا جماعة لأنهم لو صلوا أفذاذًا نظر بعضهم من بعض ما ينظر لو صلوا جماعة فالجماعة أولى (إمامهم وسطهم) فإن تركوا الغض فكمن صلى عريانًا مع القدرة على الستر عمدًا فيما يظهر لا بمنزلة من نظر عورة إمامه أو غيره حتى يجري فيه ما تقدم لأن ذلك مع ستر العورة وهذا مع فقده قال د وإذا كان فيهم نساء توارين عنهم وصلين قائمات ركعًا سجدًا فإن لم يجدن متواري صلين جالسات قاله اللخمي اهـ.

(وإن علمت في صلاة بعتق) سابق على دخولها أو متأخر عنه قنة (مكشوفة رأس أو وجد عريان ثوبًا) بعد دخوله في الصلاة (استترا) وجوبًا (إن قرب) الساتر كقرب المشي للسترة فلا يحسب الذي خرج منه ولا الذي يأخذ الثوب الساتر منه بل هذا أولى لأن هذا واجب والسترة مندوبة (وإلا) يستترا مع القرب (أعادا) ندبًا (بوقت) لا أبدًا لدخولهما في الصلاة بوجه جائز ولا تلازم بين وجوب الستر وندب الإعادة كما في ترتيب الفوائت وكمسألة كشف صدرها وأطرافها ولا يحتمل وإلا بأن بعد الساتر أعادا بوقت لقول ابن القاسم إن بعد الساتر تماديا ولم يعيدا كما للشيخ سالم تبعًا للشارح وق واعتراض عج عليه غير ظاهر مع نص المذكورين لكن اقتصر ح على الإعادة ورجحه بعض وقيل يقطع وهما قولان حكاهما في توضيحه ومفهوم المصنف أنهما إن لم يجداه إلا بعد الفراغ منها فلا إعادة أما في الأمة فظاهر وأما في العريان فهو على ما ذكره المصنف آنفًا من عدم إعادة عاجز صلى عريانًا وتقدم ما فيه وظاهر قوله أو وجد عريان سواء كان نسيه أم لا بخلاف المتيمم يجد الماء في الصلاة كما تقدم والفرق أنه لا يمكنه تحصيل الماء إلا

ــ

قادرًا فكيف يقول هذا هنا مع جزمه فيما تقدم بصحتها مطلقًا (فإن لم يمكن صلوا قيامًا) قول ز وقال البساطي قيامًا يؤمون الخ طفى لا يحتمل كلام المؤلف هذا إذ بعد تصريحهم بالقيام تعين الحمل على الركوع والسجود إذ ليس في المسألة قول قيامًا إيماء وإنما فيه قولان الصلاة جلوسًا إيماء أو قيامًا بالركوع والسجود كما في ضيح وغيره اهـ.

(إمامهم وسطهم) قول ز لا بمنزلة من نظر عورة إمامه الخ فيه نظر بل الحق إنه بمنزلته (وإلا أعادا بوقت) قول ز ولا تلازم بين وجوب الستر وندب الإعادة الخ صوابه لو قال ووجوب الإعادة أو يقول ولا منافاة بين وجوب الستر وندب الإعادة الخ وقوله إن بعد الساتر تماديا ولم يعيدا الخ هذا هو الظاهر كما في طفى قال لأنه قول ابن القاسم في سماع عيسى وصوبه ابن الحاجب والقول بالإعادة لابن القاسم في سماع موسى لأنه يرى الإعادة عند عدم الستر وإن لم يكن ولم يعرج المؤلف عليه بل درج على الأول في قوله لا عاجز صلى عريانا فيقرر كلامه هنا على ذلك وأما القول بالقطع فلا يحتمله في كلام المؤلف قطعًا لأنه لسحنون وهو يقول بالقطع وإن أمكن الستر هذا تحرير المسألة كما في ضيح اهـ.

ص: 325

بإبطال ما هو فيه بخلافه هنا وانظر لو وجد مصل بنجس أو متنجس لفقد طاهر ثوبًا طاهرًا في صلاة ويظهر أنه إن اتسع الوقت بطلت كذاكر نجاسة فيها أو سقوطها فيها وإلا تمادى (وإن كان لعراة ثوب) يملكون ذاته أو منفعته أو بعض يملك ذاته وبعض يملك منفعته كذا ينبغي وليس عندهم ما يوارى العورة غيره (صلوا أفذاذًا) به واحدًا بعد واحد إن اتسع الوقت وإلا فالظاهر القرعة كما لو تنازعوا في المتقدم قاله البساطي وانظره مع قول الطراز إذا كان لشخص ثوب وأعاره لجماعة وضاق الوقت فإنه يصلي من لم يصل إليه عريانًا ويعيد إذا وصل إليه في الوقت الموسع له اهـ.

ولم يذكر قرعة في هذا وقد يحمل هذا على حالة الرضا مع المشاحة لا يمكن إلا القرعة وانظر لو ضاق الوقت عن القرعة في هذا وفي غيره مما تطلب فيه (أو لأحدهم ندب له) بعد صلاته هو به (إعارتهم) وجلوسه عريانًا حتى يصلوا به فمحل المصنف إذا لم يكن فيه فضل عن ستر عورته ونحوه قول الطراز إن لم يكن له غيره استحب دفعه لغيره اهـ.

قال تت أي ولا يجب عليه إذ لا يجب عليه كشف عورته اهـ.

وأما إن كان فيه فضل عن ستر عورته ففي ابن عرفة في جبره على إعارة الفضل واستحبابه قولا ابن رشد واللخمي اهـ.

وقد تقدم أنه إذا اجتمع كلام ابن رشد واللخمي قدم الأول فجعل تت موضوع المصنف فيما فيه فضل يقتضي حمله على ما للخمي وهو ضعيف أو أنه أحد متساويين ويأباه سياق قول المصنف أو لأحدهم بعد قوله لعراه ثوب فإنه يقتضي أنه ليس فيه فضل عن ستر عورته كما في الطراز فالأول حمله على ما في الطراز وتجعل مسألة ابن عرفة مفهوم ذلك كما قررنا.

فصل

(و) شرط لصلاة فرض ونفل (مع الأمن) من عدوّ ونحوه ومع القدرة (استقبال) أي مسامتة (عين) أي بناء ذات (الكعبة) يقينًا بجميع بدنه بأن لا يخرج منه شيء ولو أصبعًا

ــ

(وإن كان لعراة ثوب) قول ز أو بعض يملك ذاته وبعض يملك منفعته الخ فيه نظر بل يقدم في هذه صاحب المنفعة ولا يقع التردد في هذا وقوله ويعيد إذا وصل إليه في الوقت الخ يعني الوقت الضروري فلا يعارض قوله قبله وضاق الوقت لأنه يعني به الوقت المختار اهـ.

فصل

(ومع الأمن استقبال عين الكعبة) قول ز لأن ما يأتي مخصوص بغير مكة الخ قد عممه ح وتبعه ز فيما يأتي وقوله أي والقدرة الخ قال ح لو قال المصنف رحمه الله ومع القدرة بدل قوله ومع الأمن لاستغنى عنه وقوله أو جامع عمرو بالفسطاط الخ هذا غير صحيح كما يأتي

ص: 326

عن سمتها لا استقبال عينها بدون مسامتة لصدقه بخروج شيء من بدنه فإنه غير مراد (لمن بمكة) وما في حكمها ممن بجوارها بحيث تمكنه المسامتة أيضًا وبما قررنا علم أن قوله استقبال عطف على طهارة ومع الأمن متعلق به أي وشرط الصلاة استقبال عين الكعبة مع الأمن فالمشروط له الاستقبال هو الصلاة المقدر بالعطف ومع الأمن ظرف متعلق به ففيه تقدير المشروط له بالعطف وأما جعل مع الأمن عطفًا على الصلاة وإن الواو عطف شيئين على شيئين فيلزم عليه عدم التصريح بالمشروط له وعدم تقديره وقال د الواو للاستئناف لا للعطف للفصل بأجنبي والعامل محذوف فيقدر مناسبًا لما تقدم أي وشرط مع الأمن واحترز بذلك مما إذا لم يكن أمن كالمسابقة وكالخوف من سباع ونحوها فإن الاستقبال حينئذ غير مشترط اهـ.

ولا يعارض المصنف ما يأتي في غير هذا الفصل من أن من التفت بجسده كله عن القبلة وقدماه لها أن صلاته صحيحة لأن ما يأتي مخصوص بغير من بمكة ونحوها ثم استقبال عينها لمن بمسجدها ظاهر وأما لمن بمكة ومجاورها فهو بأن يطلع على سطح أو غيره ويعرف سمت الكعبة بالمحل الذي هو به فإن لم يقدر على طلوع السطح أو كان بليل استدل بأعلام البيت كجبل أبي قبيس ونحوه على مسامتته لذاتها بحيث لو أزيل الحاجز بينه وبينها كان مسامتًا لها وحيث عرف المسامتة في داره أول مرة بالعلامات المذكورة كفاه ذلك في بقية الصلوات دائمًا في بيته هذا مراده باستقبالها لمن بمكة لا أنه لا تصح صلاته في غير مسجدها وإنما طلب ممن بمكة ذلك لأن دورها أطول من سمت الكعبة فمن بتيه غير مقابل لها وإن قابل الجامع يحتاج للعلامات المذكورة ليسامت الكعبة بانحراف في بيته كالمصلي بالمسجد الحرام في صف طوله زائد على سمتها فينحرف به ليسامتها.

تنبيه: قوله ومع الأمن أي والقدرة كما مر فيخرج المريض الذي لا يمكنه التحويل ولا التحول والمربوط ومن تحت الهدم فلا يشترط استقباله ولا يزاد الذكر فيمن بمكة أو المدينة المنورة أو جامع عمرو بالفسطاط فإن الناسي فيها كالعامد ويزاد في غيرها على أحد القولين الآتيين في قوله وهل يعيد الناسي وإذا لم يشترط للعاجز الاستقبال فوقته كالتيمم كما قال اللخمي فالآيس ممن يحوله تلقاءها أول الوقت والراجي آخره والمتردد في وجوده وسطه ولكن هل يعيد كل في الوقت كصحيح ليس بمكة أخطأ أم لا انظره ولو صلى إلى غيرها مع قدرته على التحول أو التحويل أعاد أبدًا قاله ابن يونس (فإن شق) على من بمكة ومجاورها استقبال عين الكعبة لمرض أو كبر لا يقدر معه على صعود سطح بيته ولم يجد من يستنيبه في رؤيتها (ففي) جواز (الاجتهاد) في أن العين في هذا

ــ

إن شاء الله تعالى وقوله كصحيح ليس بمكة أخطأ أم لا الخ الصواب إسقاط قوله أم لا فتأمله (فإن شق ففي الاجتهاد نظر) قول ز لا يقدر معه على صعود سطح الخ فيه نظر والصواب يقدر لكن بمشقة لأن الكلام في القادر قال ابن شاس ولو كان يقدر لكن بمشقة فقد تردد

ص: 327

المكان بحيث لو أزيل الساتر لكان مسامتًا لها ويسقط عنه طلب اليقين لانتفاء الحرج في الدين كما لو كان بغيرها لأنه إنما يفيد ظنًّا ومنعه ولا بد من تيقن أن مكانه مسامت لها لأن القدرة على اليقين تمنع الاجتهاد (نظر) أي تردد والراجح الثاني فلو قال وإن شق لجرى على الأرجح فإن قلت سيذكر أن وجوب القيام يسقط بالمشقة مع أنه ركن قلت قد يفوق الشرط الركن في القوة كما هنا وكالاستقبال في النافلة فإنه شرط كالفريضة والقيام إنما يجب في الفريضة (وإلا) يكن بمكة بل بغيرها وغير ما ألحق بها وبغير المدينة وجامع عمرو بالفسطاط (فالأظهر جهتها) أي الواجب استقبالها وهو قول الأبهري لا سمت عينها بالاجتهاد أيضًا كما يقول ابن القصار بأن يقدر أنها بمرآهم لو كانت بحيث ترى وإن الرائي يتوهم المقابلة والمحاذاة وإن لم يكن كذلك في الحقيقة وليس المراد عنده أنه يجتهد في أن يحاذي بناء الكعبة فإن ذلك تكليف ما لا يطاق ويلزم عليه عدم صحة صلاة الصف الطويل فإن الكعبة طولها خمسة وعشرون ذراعًا وعرضها عشرون والإجماع على خلافه كما في التوضيح ونحوه في د وينبني على القولين لو اجتهد فأخطأ فعلى المذهب يعيد في الوقت ندبًا وعلى مقابله أبدًا كما هو مذهب الشافعي وبهذا علمت أنه فرق بين اجتهاد من بها وشق على القول به وبين اجتهاد من ليس بها على الأظهر ومقابله فإن اجتهاد من بها معناه ولو أزيل الساتر كان مسامتًا لها والاجتهاد في غيرها وغير ما ألحق بها فمعناه على المشهور الاجتهاد في استقبال جهتها فقط ولا يلزم منه تقدير مسامتتها بتقدير زوال الساتر بل تقدير أنها لو نقلت أمام المصلي لجهتها من أي مكان لكان مواجهًا لها وبهذا علم صحة صلاة الصف الطويل بغير مكة قاله ابن حجر الهيتمي وغالبه في تت وصحة صلاة الصف المستطيل أي بغير مكة من المشرق إلى المغرب محمول على انحراف فيه أو على أن المخطيء فيه غير معين لأن صغير الجسم كلما زاد بعده اتسعت مسامتته كالنار الموقدة من بعد وغرض الرماة أي وكقصبتي شبكة صياد فاندفع ما قيل يلزم أن من صلى بإمام بينه وبينه أزيد من سمت الكعبة أن لا تصح صلاته اهـ.

ــ

بعض المتأخرين في جواز اقتصاره على الاجتهاد ونحوه قول ابن الحاجب فإن قدر بمشقة ففي الاجتهاد تردد اهـ.

قاله طفى أما العاجز الذي لا يقدر فيجتهد في المسامتة جزمًا كما سيأتي (وإلا فالأظهر جهتها) قال غ ظاهره إن هذا الاستظهار لابن رشد ولم أجده له لا في البيان ولا في المقدمات وإنما وجدته لابن عبد السلام وهو ظاهر كلام غير واحد اهـ.

وأجاب تت بأن ابن رشد في المقدمات اقتصر عليه ففهم المصنف من ذلك أنه الراجح عنده وفي خش أن الاستظهار وقع لابن رشد في قواعده الكبرى فانظره وقول ز بأن يقدر أنها بمرآهم الخ هذا هو الذي استظهره في ضيح جوابًا عن بحث عز الدين بن عبد السلام بأن من بعد عن مكة لا يقول فيه أحد إن الله أوجب عليه الكعبة ومقابلتها فإن ذلك تكليف بما لا يطاق اهـ.

ص: 328

وقول تت في صغيره وإلا يكن بمكة أو كان بها وعجز فيه نظر لأن من بها وعجز إنما يجتهد في مسامتة عينها كما مر فالصواب إسقاط تلك الزيادة كما أسقطها في كبيره (اجتهادًا) تمييز محول عن الفاعل أي ويحصل ذلك الاجتهاد وأعرفه الشارح حالًا وليس بواضح قاله البساطي وجعله بعضهم محولًا عن الخبر أي فالأظهر الاجتهاد في الجهة وقال د الأحسن كونه منصوبًا بنزع الخافض أي بالاجتهاد وقولنا بغير المدينة أي لأن من بها يستدل بمحرابه صلى الله عليه وسلم لأنه قطعي كما في ابن الحاجب أي ثبت بالتواتر أن هذا محرابه الذي كان يصلي إليه وهو مسامت قطعًا إما لأنه باجتهاده وهو لا يقر على خطأ أو لأنه بوحي أو بإقامة جبريل قاله في توضيحه فيجب على من بالمدينة تقليده ولا يجوز لهم الاجتهاد بها ولو قيل بأنه باجتهاده عليه الصلاة والسلام وهذا يفهم بالأولى مما يأتي للمصنف من أن المجتهد يقلد محراب المصر فكيف بمحرابه عليه الصلاة والسلام ومن قاعدة أنه لا يترك القطع إلى الظن وألحق بالمدينة جامع عمرو بالفسطاط إذ قبلته إجماع فلا يجوز أن بمحلته أن يجتهد بل لا بد من علم جهتها ببيته مثلًا ويستثني أيضًا المصلي نفلًا على الدابة فلا يطلب بجهتها كما يأتي للمصنف.

فائدة: قال تت على الرسالة القبلة ستة أقسام قبلة اجتهاد وقبلة تقليد وقبلة عيان لمن بمكة وقبلة تحقيق وهي قبلة الوحي وهي قبلة مسجده صلى الله عليه وسلم وقبلة إجماع وهي قبلة جامع عمرو بالفسطاط لإجماع الصحابة عليها وقبلة استتار وهي قبلة من غاب عن البيت من أهل مكة أو عن مسجده صلى الله عليه وسلم من أهل المدينة ابن عبد السلام ويشارك قبلة مسجده صلى الله عليه وسلم مسجد قباء وسائر المساجد التي صلى فيها صلى الله عليه وسلم إذا علمت قبلتها اهـ.

ــ

وحاصله أن ابن القصار القائل بالسمت ليس المراد عنده السمت الحقيقي كالاجتهاد لمن بمكة بل السمت التقديري كما بينه ومثلوه برؤية الكواكب قال في ضيح وتبقى المسامتة على هذا بالبصر اهـ.

لكن لا تظهر لهذا الخلاف ثمرة كما صرح به المازري خلافًا لما ذكره ز تبعًا لغيره من أنه ينبني عليه لو اجتهد فأخطأ الخ فإنه غير صواب لأنها قبلة اجتهاد على كلا القولين والإعادة الأبدية عندنا إنما هي في الخطا في قبلة القطع وكأنهم أخذوا ذلك مما في ضيح عن عز الدين وهو مذهبه شافعي وقوله قال ابن حجر الهيتمي الخ هذا مبني على قول ابن القصار لكن كيف يجمع بين هذا وبين ما فسره به من السمت التقديري أي السمت بالبصر فإنه لا يحتاج معه إلى أن يحمل على الانحراف أو على أن المخطيء فيه غير معين (اجتهادًا) قول ز إذ قبلته قبلة إجماع الخ ما ذكره من أنها قبلة إجماع غير صحيح فقد ذكر السيوطي رحمه الله تعالى في حسن المحاضرة إن قبلة الجامع المذكور كانت مشرقة جدًّا وإن قرة بن شريك لما هدمه وبناه في زمن الوليد بن عبد الملك بن مروان تيامن قليلًا قال وذكر أن الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة كانا يتيامنان إذا صليا فيه وأيضًا فإن الذين وقفوا على إقامة قبلته من

ص: 329

والمصنف ذكر غالبها فقبلة العيان هي ما صدر به ويقاس عليها قبلتا الوحي والإجماع وقبلة الاجتهاد قوله هنا جهتها اجتهادًا وقبلة التقليد قوله إلا لمصر الخ وقبلة الاستتار قوله فإن شق الخ وبقي قبلتان قبلة بدل وهي قوله وصوب سفر قصر الخ وقبلة تخيير وهي قوله فإن لم يجد الخ ويجاب عن الأول بأنها ليست قبلة حقيقة وإنما هي بدل عنها كما قال المصنف فهي كالرخصة للنافلة.

فائدة: أخرى الاستقبال واجب يرتد جاحده وإذا وجب فيجب تعلم أدلته لمن يتأتى منه ذلك ابن القاسم دليل لقبلة بالنهار أن تستقبل ظلك عند وقوفك قبل الأخذ في الزيادة وذلك قبلتك قيل هذا الذي قاله لا يجري في كل زمان قاله القرافي وابن عمر قلت وإذا جعل المصلي المغرب خلف الظهر في أي زمان كان أو جعل المشرق أمام وجهه في أي زمن كان صحت صلاته عندنا لأن هذا حيث لم يصادف القبلة انحراف يسير ومن علاماتها بالليل ما نظمه بعضهم بقوله:

قطب السما اجعل حذو أذن يسرى

بمصر والعراق حذو الأخرى

والشأم خلفا وإماما باليمن

مواجهًا تكن بذا مستقبلن

ولما ذكر استظهار ابن رشد شبهه بمتفق عليه فقال: (كأن نقضت) الكعبة ولم يبق لها أثر فإنه يستقبل جهتها اجتهاد الغير من بمكة وسمتها اجتهادًا لمن بمكة فإن بقي منها شيء أو عرف البقعة بأمارة استقبلها مسامتة فهذه المسألة كالدليل لما قبلها (وبطلت) الصلاة (إن) أداه اجتهاده إلى جهة ثم (خالفها) وصلى إلى غيرها متعمدًا ونسبة المخالفة إلى الاجتهاد أولى ولذلك يقع في بعض النسخ إن خالفه وأما تصويب القوري الذي نقله عنه ابن غازي فلم يظهر قاله د أي قوله الصواب تذكير الضمير وعدم ظهوره لأنه يقتضي أن تأنيث الضمير خطأ وليس كذلك وإنما التذكير أولى فقط كما بينه د (وإن صادف) القبلة في الجهة المخالف إليها ويعيد أبد التركة الواجب كمن صلى ظانًّا أنه محدث ثم تبين له

ــ

الصحابة إنما هم نحو الثمانين كما ذكره السيوطي أيضًا في الكتاب المذكور ومثل ذلك لا يقال في إجماع وقول ز ومن علاماتها بالليل الخ من ابن يونس قال أبو محمد رأيت لبعض أصحابنا أن الدليل بالليل على رسم القبلة أن تنظر إلى القطب الذي تدور عليه بنات نعش فاجعله على كتفك الأيسر واستقبل الجنوب فما لقي بصرك فهو القبلة والقطب نجم خفي وسط السمكة التي تدور عليه ويدور عليها بنات نعش الصغرى والكبرى ورأس السمكة أحد الفرقدين وذنبها الجدي ابن يونس الاستدلال في الليل بالقطب صواب لأنه لا يختلف اهـ.

وقال بعض العلماء من أراد القبلة بالأقاليم الغربية فليرصد مطلع الاعتدال ومطلع منطقة الجوزاى وهي الأنجم الثلاثة المصطفة المسماة عصا موسى وكذا يحصل الاستقبال بجعل مشرق أول الصيف على العين اليسرى ومغربه خلف الظهر ومشرق أول الشتاء على العين اليمنى وقيل قبالة الوجه ومغربه على الكتف اليمنى اهـ.

ص: 330

الطهر قاله في الطراز وأما من دخل الصلاة مع شكه في الحدث وحرمة ذلك عليه ثم تبين له الطهر فصلاته صحيحة عند ابن القاسم لا عند غيره انظر الشامل وكلام ابن القاسم مخالف لما مر في الوضوء من أن من شك في الوضوء قبل تلبسه بالصلاة ثم صلى شاكًّا فإن صلاته باطلة ولو تبين له أنه متوضئ لنقضه قبل دخوله في الصلاة بسبب الشك وأما قوله ولو شك في صلاته الخ فغير هذه كما مر مبسوطًا ومفهوم قوله خالفها إنه لو صلى إلى جهة اجتهاده ثم ظهر خطؤه فلا تبطل لفعله الواجب ثم إن كان اجتهاده مع ظهور العلامات أعاد في الوقت إن استدبر أو شرق أو غريب لأن ظهور علاماتها قاض بأن اجتهاده ليس بإمعان النظر وإن كان مع عدم ظهورها فلا إعادة عليه قاله الباجي وهو المتحير ومفهوم قولي متعمدًا المشعر به لفظه أنه لو خالفها نسيانًا وصادف قال د فانظر هل هو كذلك أي تبطل كالعمد أم لا وما يأتي في النسيان حيث أخطأ اهـ.

أي فلا يجري هنا الخلاف الآتي (وصوب) مبتدأ أي جهة (سفر قصر) أربعة برد فأكثر (لراكب دابة) عرفا ركوبًا معتادًا (فقط) يتعلق بالقيود الأربعة قبله للاحتراز عن حاضر ومسافر دون مسافة قصر وعاص به وماش وبما قررنا به راكب يخرج الراكب مقلوبًا أو بجنب أو لآدمي لكن مقتضى جعلهم السفينة والماشي محترز راكب دابة شمول دابة لكجمل أو آدمي وقد حج السهروردي على أعناق الرجال ولراكب دابة متعلق ببدل وإن تقدم عليه لأنه يغتفر في الجار والمجرور مثل ذلك ولجمع القيود بعضها مع بعض وبالغ بقوله: (وإن) كان الراكب (بمحمل) أي فيه على المشهور وهو بفتح أوله وكسر ثالثه وعكسه ما يركب فيه من شقدف وغيره لئلا يتوهم أنه كالسفينة ويجلس فيه متربعًا ويركع كذلك واضعًا يديه على ركبتيه في ركوعه ويرفعهما إذا رفع منه قاله الشيخ سالم وغير الشقدف كمحفة وعجلة مثله قاله البنوفري (بدل) خبر المبتدأ أي عوض عن توجهه للقبلة (في) صلاة (نفل) حذف منه فقط لدلالة ما قبله عليه لا في فرض عيني إلا لخضخاض أو مرض كما سيذكره ولو بنذر أو كفائي كجنازة على وجوبها لا على سنيتها فيصليها عليها وربما أشعر قوله بدل أنه لا يصلي لجهة القبلة حيث كانت وجهته لغيرها فإن فعل فقوة كلام ابن رشد تقتضي عدم صحة صلاته لأنه خالف ما أمر به وسند يقتضي

ــ

وقد نقل الشيخ يوسف بن عمر بن سحنون أن قبلة أهل المغرب من طنجة إلى تونس مطلع برج التوأمان يعني برج الجوزاء اهـ.

(وإن بمحمل) قول ز وعكسه الخ تبع فيه تت وظاهره أن العكس في المجمل الذي يركب فيه قال طفى وليس كذلك بل العكس خاص بعلاقة السيف كما في القاموس وغيره وقد أتى على الصواب في باب الإجارة حيث قال وأما عكس هذا الضبط فعلاقة السيف ولعل ما هنا تحريف اهـ.

كلام طفى (بدل في نفل) قول ز إلا لخضخاض أو مرض الخ الصواب إسقاط هذا

ص: 331

الصحة وينبغي التعويل عليه لموافقته القبلة الأصلية ويأتي أيضًا والظاهر أن جواز النافلة بالشروط المذكورة من ابتداء محل قصر الفرض كما يؤخذ من جعل مسافة القصر من جملة الشروط وبالغ على أعلى النفل بقوله: (وإن وترا) لفعله عليه الصلاة والسلام ذلك فأحرى ركعتا الفجر وسجود التلاوة ويبتديء المسافر النفل إلى صوب سفره ولا يجب عليه أن يبتدئه إلى القبلة (وإن سهل الابتداء لها) بأن كانت الدابة مقطورة أو واقفة خلافًا لابن حبيب في إيجابه الابتداء مستقبلًا حينئذ ويعمل في صلاته عليها ما لا يستغني عنه من مسك عنان وضرب بسوط وتحريك رجل ولا يتكلم ولا يلتفت ولا يسجد على قربوس سرجه ولكن يومئ له لا للأرض فلا يشترط خلافًا لما يفهم من اللخمي ويرفع حين إيمائه له عمامته عن جهته ويشترط طهارة ما يومئ له من سرج ونحوه وله تنحية وجهه عن الشمس لضررها له ولا يصلي ابتداء لدبر الدابة ولا في أثنائها ولو كان تلقاء الكعبة ولا ينحرف بعد الإحرام لغيرها إلا أن يكون المنحرف لها القبلة ولو لدبر دابته أو يظن أن ما انحرف له طريقه أو تغلبه دابته فلا يحرم فلا بطلان وإنما صحت في انحرافه لدبرها إذا كان القبلة مع منع صلاته ابتداء لدبرها ولو لجهة القبلة كما مر لأن القبلة هي الأصل وما مر كلام على الحكم ابتداء ولو صلى النفل عليها قائمًا راكعًا ساجدًا من غير نقص أجزأه على المذهب سحنون لا يجزئه لدخوله على الغرر أي عدم أمنه من تحريكها به قال ح ولو وصل منزلًا أثناء الصلاة فإن كان منزل إقامة نزل عنها وكمل صلاته بالأرض راكعًا ساجدًا أي ومستقبلًا وإن كان غير منزل إقامة خفف وأتم على الدابة لأن عزمه على السير اهـ.

وانظر هل منزل الإقامة ما يقيم به إقامة تقطع حكم السفر أو محل سكنه وبه يشعر التعليل والظاهر أنه إن بقي عليه تشهده فقط أتمه عليها كما يشعر به قوله كما صلاته بالأرض راكعًا ساجدًا وذكر مفهوم القيد الرابع لما فيه من الخلاف بقوله: (لا) لراكب (سفينة) فإن صوبها غير بدل من القبلة في النفل الذي الكلام فيه وأما الفرض فيصليه بها ويدور إن أمكن مطلقًا أي أومأ أم لا فإن لم يمكن صلاة حيث توجهت به وإن اتسع

ــ

الاستثناء لأن ظاهره أنه يصلي في هذين لغير القبلة وليس كذلك وسيقول المصنف فلها ولو قال بدله إلا لالتحام أو خوف كان أولى لقول المصنف فيهما وإن لغيرها (وإن سهل الابتداء لها) قول ز لا للأرض فلا يشترط خلافًا لما يفهم من اللخمي الخ نص ابن عرفة وروى اللخمي يرفع عمامته عن جبهته إذا أومأ ويقصد الأرض اهـ.

ولم ينقل ضيح ولا ح ولا ق غيره فانظر من أين أتى ز بخلافه وقول ز إلا أن يكون المنحرف لها القبلة الخ يدافع قوله قبله ولو كان تلقاء الكعبة وأجيب بأن مراده بالانحراف ثانيًا الانحراف مع دابته وحاصل ما ذكروه هنا أنه إذا تحول إلى دبر الدابة بأن ركب مقلوبًا فصلاته باطلة وإن صادف القبلة وإن انحرف بدابته على الوجه المعتاد فإن كان لعذر أو

ص: 332

الوقت كما هو ظاهر المدونة وقيده د بالضيق وإلا انتظر الإمكان ولعل القيد للندب لا للصحة كما يفيده قول اللخمي وقت المعذور كالتيمم (فيدور) في النفل لجهة القبلة إذا دارت لغيرها ويقع في بعض النسخ زيادة لفظة (معها) أي مع القبلة كما قال البساطي ولا إشكال فيه وجعل الشارح ضمير معها للسفينة أي مع دورانها أي يصاحب دورانه دوران السفينة إلا أن السفينة تدور لغير القبلة وهو لا يدور إلا إلى القبلة ففيه تكلف فالأولى عود الضمير على القبلة أي فيدور لجهة القبلة إذا دارت السفينة عنها (إن أمكن) وإلا صلاه حيث توجهت به كالفرض قاله جد عج وقال د يتركه أي لأنه لا ضرورة لفعله (وهل) منع النفل في السفينة حيث توجهت به مع ترك الدوران الممكن له (إن أومأ) أي إن جاز له الإيماء لعذر كمرض أو ميد وأما إن كان يركع ويسجد فيصلي حيث توجهت به ولو أمكنه الدوران (أو) منع النفل حيث توجهت به مع تركه الدوران الممكن له (مطلقًا) ولو ركع وسجد أيضًا (تأويلان) وظهر مما قررنا أن قوله وهل إن أومأ الخ راجع للمنع المفهوم من قوله لا سفينة كما في غ ويصح رجوعه لقوله فيدور إن أمكن كما في غيره ومآلهما واحد وقولي أي إن جاز له الإيماء لعذر أي هذا معناه وليس معناه أنه يجوز له الإيماء بها في النفل ولو لغير عذر كما قد يتبادر من المصنف وبه قرره بعضهم ولا قائل به انظر غ (ولا يقلد مجتهد) مجتهدًا (غيره) في القبلة أي يمنع لقدرته على الاجتهاد فلا بد منه لكل

ــ

صادف القبلة صحت وإلا بطلت اهـ انظر ح وق (وهل إن أومأ أو مطلقًا تأويلان) قول ز لعذر كمرض أو ميد الخ تبع في تقييده الإيماء بكونه لعذر س واعترضه طفى قائلًا هذه زيادة انفرد بها لم يذكرها غ ولا أبو الحسن ولا غيرهما ممن وقفت عليه ولا معنى لها إذ من المعلوم أن قول المدوّنة ولا يتنفل في السفينة إيماء إنما يتوجه للصحيح القادر على الركوع والسجود واختلف شيوخها في سبب المنع في ذلك أيضًا وحاصل ذلك أن المدوّنة قالت ولا يصلي في السفينة إيماء حيثما توجهت به مثل الدابة واختلفوا في علة ذلك فقال ابن التبان وأبو إبراهيم علة المنع الإيماء فإذا ركع وسجد جاز أن يصلي حيثما توجهت به وقال ابن أبي زيد علته هي قولها حيثما توجهت به وعليه فلا يصلي فيها إلا للقبلة ولو ركع وسجد فتبين أنه لا يومئ في السفينة لغير القبلة اتفاقًا وإنما الخلاف بينهما هل يصلي بالركوع والسجود لغير القبلة أو لا يصلي لغيرها أصلًا ونص أبي الحسن على قولها السابق اختلف في العلة فقال ابن أبي زيد العلة في ذلك كونها لغير القبلة فعلى قوله له أن يتنفل فيها إيماء للقبلة وقال ابن التبان العلة في ذلك الإيماء فعلى قوله إذا كان يركع ويسجد له أن يتنفل فيها حيثما توجهت به قال عبد الحق في كتابه الكبير وما قاله أبو محمد هو ظاهر الكتاب لأن النافلة إنما خالفت الفريضة في كونها تصلي على الدواب حيثما توجهت اهـ.

وقول ز ويصح رجوعه لقوله فيدور معها إن أمكن الخ صحيح لأن وجوب الدوران مرتب على المنع فمآل الوجهين واحد كما قال خلافًا لمنع غ الوجه الثاني (ولا يقلد مجتهد غيره) قول ز يعارض جزم المصنف في المتحير الخ فيه نظر بل لا معارضة لأن المراد بالمتحير فيما يأتي هو

ص: 333

صلاة إن تغير دليله بأن كان كل وقت بمحل أو نسيه وإلا كفى اجتهاد واحد ثم وجوبه عليه مطلقًا واضح حيث ظهرت له الأدلة واتسع الوقت فإن ظهرت وضاق عن استدلاله بها قلد مجتهدًا غيره وإن خيفت عليه سأل مجتهدًا غيره فإن بان له صواب اجتهاده اتبعه وإلا انتظر ظهورها إلا أن يخاف خروج الوقت فيقلده كذا يفيده طخ عن سند وما ذكره من سؤاله المجتهد فيما إذا خيفت بعارض جزم المصنف في المتحير بأنه يتخير ولا يقلد والذي خفيت عليه متحير إلا أن يقيد ما يأتي بما إذا لم يجد مجتهدًا يسأله عنها وهنا وجده فيسأله لكونه أقوى من تخيره وأفهم قوله لا يقلد مجتهد غيره أنه لا يمنع أن يصدق مجتهدًا غيره ثقة أن قبلة بلد كذا جهة كذا (ولا) يجوز أن يقلد مجتهد (محرابًا إلا) أن يكون (لمصر) من الأمصار العامرة التي يعلم أن محرابه إنما نصب باجتهاد العلماء في ذلك كما قال ابن القصار أو الخراب حيث علم أن الناصب لمحرابه جمع كبغداد وإسكندرية إذا كانت محاريبها لجهة واحدة كما قال التاجوري فيجب تقليده لتعدد الاجتهاد فيه وهو خير من اجتهاد واحد ويمنع الاجتهاد فيخص هذا من جواز الاجتهاد السابق وأما الخراب مع جهل ناصب محرابه فلا كعامرة نصب فيها باجتهاد قطع بخطئه كما يفيده قول القرافي ليس بالديار المصرية بلد يقلد محاريبها المشهورة حيث قلنا بالتقليد إلا مصر والقاهرة والإسكندرية وبعض محاريب دمياط وقوص وأما المحلة ومنية بني خصيب والفيوم فإن جوامعها في غاية الفساد فإنها مستقبلة بلاد السودان وليس بينها وبين جهة الكعبة ملابسة اهـ.

ــ

من التبست عليه الأدلة مع ظهورها أي تعارضت عنده الأمارات لا من خفيت عليه الأدلة فهذا حكمه كالمقلد كالمسند ونقله في ضيح عن ابن القصار انظر طفى وأما تقييد ما يأتي بما إذا لم يجد مجتهدًا يسأله فغير صواب لأنهم ذكروا في المتحير الآتي ثلاثة أقوال:

أحدها: يتخير.

الثاني: يقلد غيره.

الثالث: يصلي أربعًا فإذا قيد بمن لم يجد مجتهدًا لم يصح القول الثاني وذلك باطل تأمل وقول ز إنه لا يمنع أن يصدق مجتهدًا غيره الخ فإن قلت أي فائدة في التصديق حيث كان لا يقلده قلت أجيب بأن فائدته التصديق في الأدلة إن سأله عنها وفي جهة قبلة البلد المعين فيقلدها (ولا محرابًا إلا لمصر) المعتبر في محراب المصر أن يعلم أنه إنما نصب باجتهاد جمع من العلماء سواء كان عامرًا أو خرابًا ولو قيد بالعامر لزم أنه لو طرأ خرابه لم يقلد محرابه وهو لا يصح انظر ابن عاشر فوصف العامرة في كلام ابن القصار كما في نقل ضيح عنه طردي لا مفهوم له وبه تعلم ما في كلام ز والله أعلم وقول ز إذا كانت محاريبها لجهة واحدة هذا الشرط ذكره القرافي والقباب قال ق قال القباب وهذا إذا لم تكن مختلفة ولا مطعونًا فيها مثل مساجد بلدة فاس فإن قبلة القرويين مخالفة لقبلة جامع الأندلس والأندلس أقرب إلى الصواب بالنظر إلى الأدلة اهـ.

ص: 334

(وإن أعمى و) إذا لم يقلد (سأل عن الأدلة) كقوله القطب في أي جهة أو الكوكب الفلاني (وقلد غيره) أي غير المجتهد وهو الجاهل (مكلفًا عارفًا) معمول لقوله وقلد وحذف مثله من قوله سأل لدلاله هذا عليه ولا بد أيضًا أن يكون عدل رواية قال بعض الشراح ومثل الجاهل في جواز تقليد مكلف عارف المجتهد الذي خفيت عليه الأدلة وقد اجتهد غيره عند قيامها إلى آخر ما سبق عن سند وهذا يوجب أن يكون المصنف مشي في المجتهد المتحير هنا على قول وفيما يأتي على آخر وهو مخالف لما اعتاده وغلب في كلامه مع أنه لا ضرورة لذلك مع أن الراجح ما صرح به المصنف بعد فإنه قول الكافة كما ذكره هو وغيره عن سند قاله عج وفي قوله مشي هنا على قول بحث إذ لم يقل بعض الشراح أنه داخل في كلام المصنف وإنما قال مثله فهو زائد على ما للمصنف هنا على أن بعض الشراح نفسه ذكر أنه معارض لكلام المصنف فإنه بعد أن ذكر ما لسند قال ما نصه وهذا يأتي على القول الثالث عند ابن الحاجب واختاره المصنف في توضيحه في المجتهد المتحير بإعماء الأدلة ولم يذكره المصنف فيما يأتي بل قطع بتخيره لأنه قول الكافة كما قال سند اهـ.

وتقدم لنا إمكان الفرق بينه وبين ما صرح به المصنف بعد على أن قوله وإن أعمى وسأل عن الأدلة مفيد لذلك ولما قدمته في الفرق من أن المجتهد المتحير بالحاء المهملة هو الذي لم يجد من يسأله عن الأدلة (أو محرابًا) وإن لم يكن من محاريب مصر (فإن لم يجد) من يسأله ولا من يقلده ولا محرابًا (أو تحير) بحاء مهملة (مجتهد) يعلم كيفية الاستدلال بالأدلة وخفيت عليه لسجنه أو ظلمة أو حجاب منعه النظر أو جهل أعيانها أو نسيها (تخير) بخاء معجمة إحدى الجهات الأربع وصلى إليها مرة واحدة قاله ابن عبد الحكم وعزاه سند للكافة ويندب تأخيره لآخر الوقت رجاء زوال المانع ولم يلزمه أعداد تحيط بحالات الشك لأن الاستقبال شرط مع الأمن والقدرة كما مر وظاهر

ــ

وقد ألّف التاجوري تأليفًا بين فيه أن جل محاريب فاس متيامنة وإن سبب بناء الأقدمين لها كذلك أنهم فهموا قول النبي صلى الله عليه وسلم ما بين المشرق والمغرب قبلة على الإطلاق وليس كذلك فقد قال ابن رشد في جامع البيان إنما خوطب بهذا الحديث أهل المدينة إذ لا تكون القبلة فيما بين المشرق والمغرب إلا لمن كان في الجنوب أو الشمال وأما من كان في المشرق أو المغرب فقبلته فيما بين الجنوب والشمال اهـ.

قال بعض أهل العلم وقد أجمعوا على أن الحديث مخصوص بأهل المدينة ومن كان على سمتهم من أهل الشام وأهل الجنوب وقول ز فيجب تقليده الخ فيه نظر إنما قال ابن القصار يجوز تقليده كما في نقل ق ومثله في عبارة ابن عرفة والقلشاني عنه ولا يفهم من المصنف إلا الجواز لأن قوله إلا لمصر استثناء من المنع وقد صرح في المعيار بالجواز ونفي الوجوب قائلًا وهو التحقيق فانظره (أو تحير مجتهد تخير) حمله البساطي على من التبست عليه الأدلة مع ظهورها قال طفى وهو المفروض في كلام الأئمة اهـ.

ص: 335

المصنف أنه يصلي لأي جهة شاء من غير ركون نفسه لجهة وفي الذخيرة يتحرى جهة تركن إليها نفسة ويصلي إليها واحدة اهـ.

وقيل يقلد قال في توضيحه وهو أظهر الأقوال (ولو صلى) المتحير بالمهملة الشامل للقسمين اللذين قدمهما (أربعًا) لكل جهة صلاة (لحسن) أي لكان مذهبًا حسنًا قاله ابن عبد الحكم أيضًا وهذا إذا كان تحيره وشكه في الجهات الأربع فإن كان في جهتين صلى صلاتين أو في ثلاث صلى ثلاثًا (واختير) الواجب التعبير بصيغة الاسم لأنه اختيار من الخلاف وجواب تت بأنه لما لم يجزم به ابن عبد الحكم قولًا أتى باختيار اللخمي بصيغة الفعل يرد بأن ما ذكره ابن عبد الحكم قول ابن مسلمة وإنما استحسنه ابن عبد الحكم فقط وهو مقابل لقول الكافة أنه يتحير كما صدر به المصنف فاختيار اللخمي إنما هو من الخلاف قطعًا ولما قدم مطلوبية الاستقبال ابتداء ذكر مطلوبيته دوامًا بقوله: (وإن تبين خطأ بصلاة) في قبلة اجتهاد أو تخيير بأن تحققه أو ظنه مجتهد لم تعم عليه أدلة أو مجتهد متحير عميت عليه أو متحير ولم يجد من يسأله ولا محرابًا يقلده أو صلى بسؤال من يقلده أو لمحراب يطلب بالصلاة إليه كذا يفيده بعض أشياخ عج وتوقف بعض الشراح في مجتهد لم تعم عليه أدلة وفي مقلد قلد غيره أو محرابًا قائلًا لم أر في ذلك نصًّا (قطع غير أعمى و) غير (منحرف يسيرًا) وهو بصير انحرف كثيرًا وأما أعمى مطلقًا أو بصير انحرف يسيرًا (فيستقبلانها) فإن لم يستقبلاها فصحيحة في اليسير فيهما باطلة لغير الأعمى في الكثير وقولنا بأن تحققه أو ظنه احتراز عما لو شك بعد الإحرام فإنه يتمادى إذا لم يتبين له الخطأ وانظر حكم الإقدام على الانحراف الذي لا يوجب القطع هل يكره أو يحرم بناء على أن الواجب الاستقبال فقط أو هو وما في حكمه.

فرع: في الطراز لو اعتقد المأموم أن الإمام انحرف عن القبلة فارقه وأتم لنفسه اهـ.

ومنه يستفاد أن للمأموم أن يفارق إمامه بالنية في هذا وإن كان مخالفًا لقاعدة

ــ

وأما من خفيت عليه الأدلة لغيم أو نحوه فإنه مقلد كما في ضيح عن ابن القصار ومثله لسند قال طفى فرد تت على البساطي غير ظاهر (وإن تبين خطأ بصلاة قطع غير أعمى) قول ز في قبلة اجتهاد أو تخير الخ حاصل الصور أربع مجتهد اجتهد أو تحير مقلد قلد أو لم يجد وقول ز وتوقف بعض الشراح الخ لا معنى للتوقف ونصوص الأئمة تدل على التعميم انظر طفى وقول ز باطلة لغير الأعمى في الكثير الخ صوابه أن يقول باطلة للأعمى في الكثير ليلتئم مع ما قبله وقول ز احتراز عما لو شك بعد الإحرام فإنه يتمادى الخ يعني أن الشك فيها يلغى وإذا تبين له الخطأ بعد الفراغ منها جرى على قوله وبعدها أعاد في وقت وقول ز فرع في الطراز لو اعتقد الخ هذا الفرع على تقدير صحته يقيد بغير ما لجماعة شرط فيه كالجمعة

ص: 336

المذهب من أنه لا ينتقل من الجماعة للانفراد فلعل هذا الفرع ضعيف (و) إن تبين (بعدها) خطًّا لو اطلع عليه فيها اقتضى القطع وهو بصير انحرف كثيرًا (أعاد) ندبًا (في الوقت) فإن تبين بعدها خطؤه فيها خطأ لا يقتضي القطع فلا يعيد بوقت وقولي في قبلة اجتهاد أو تخيير تحرز عمن بمكة أو المدينة أو جامع عمرو بالفسطاط فيعيد بها أبدًا ويقطع حتى الأعمى المنحرف يسيرًا تبين خطأ بصلاة أو بعدها وإنما وجب القطع في مسألة المصنف بتبيينه فيها ولم تجب الإعادة بعدها لأن ظهور الخطأ فيها كظهوره في الدليل قبل بت الحكم وبعدها كظهوره فيه بعد بت الحكم وفهم من قوله تبين أنه لو شك بعد إحرامه ولم يتبين له جهة لتمادي لأنه دخل باجتهاد ولم يتبين خطؤه ولو رجع للأعمى بصره في الصلاة فشك تحرى وبنى كالشاك في عدد الركعات قاله سند وقوله (المختار) هو ظاهر بالنسبة للعصر فقط لا في الظهر فإنه يعيدها في مختارها وفي بعض ضروريها وهو للاصفرار ولا في بقية الصلوات فإنه يعيد العشاءين الليل كله والصبح للطلوع ولو قال الضروري إلا الظهرين فللاصفرار لكان أتم فائدة واعلم أنه يعمم في قوله وإن تبين خطأ بصلاة كما قدمنا ويخصص قوله وبعدها أعاد في الوقت المختار بمجتهد لم تعم عليه أدلة وكذا بمقلد قلد غيره أو محرابًا على ما زاده بعض الشراح ثم تبين بعدها خطأ كل فيها وأما مجتهد عميت عليه الأدلة ومقلد لم يجد من يقلده ولا محرابًا وصلى كل ثم تبين بعدها خطؤه فيها فلا إعادة على واحد منهما وكذا مقلد غيره أو محرابًا على مقتضى كلام طخ لا على ما لبعض الشراح كما مر ولما ذكر تبين الخطأ بقسميه بغير

ــ

والجمع ليلة المطر وإلا بطلت عليهم أيضًا لعدم صحة الانفراد في ذلك كما لا يخفى (وبعدها أعاد في الوقت) قول ز خطأ لو اطلع عليه فيها اقتضى القطع الخ هذا القيد يؤخذ من عود ضمير أعاد على غير منحرف الخ وقول ز ويخصص قوله وبعدها أعاد في الوقت الخ قال ابن عرفة ما نصه وفي إعادة استدبر أو شرق أو غريب باجتهاد أو نسيان بغير مكة في الوقت أو أبدا ثالثها الناسي أبدا الأول لابن رشد عن المشهور والثاني لابن سحنون مع المغيرة والثالث للقابسي ثم قال وفي إعادة الجاهل في الوقت أو أبدًا قولا ابن الماجشون وابن حبيب ورجحه اللخمي بأنه صلى لغير القبلة قطعًا وجعله ابن الحاجب المشهور وقبله ابن عبد السلام ثم قال وبلغني عن ابن عبد السلام أنه رجع إلى أن الأول هو المشهور وهو ظاهر قولها من استدبر أو شرق أو غريب يظن أنها القبلة وعلم في الصلاة قطع وابتدأ بإقامة وبعدها يعيد في الوقت ولم يقيدوه ابن رشد إن صلى لغير القبلة جهلًا بوجوب استقبالها أعاد أبدًا اتفاقًا اهـ.

فانظر قول المدوّنة يظن أنها القبلة وكذا قول ابن عرفة باجتهاد وتأمله مع كلام طفى حيث اعترض على س في تخصيصه الإعادة في الوقت بغير مجتهد تحير ومقلد لم يجد قائلًا إنه مخالف لإطلاق الأئمة الإعادة في الوقت اهـ.

وأيضًا نقل أبو الحسن وضيح عن الباجي أن المجتهد المتحير لا إعادة عليه ومثله مقلد

ص: 337

نسيان أشار لما إذا كان به بقوله: (وهل يعيد الناسي) لحكم الاستقبال أو لجهة القبلة وتبين بعد فراغه من الصلاة خطأ لو اطلع عليه فيها أبطلها (أبدًا) وانفرد ابن الحاجب بتشهيره ولم يعرج ابن عرفة عليه أو في الوقت وشهره ابن رشد واقتصر عليه ابن عرفة (خلاف) وأما ناسي الأدلة فإن قدر على معرفتها بسؤال أو غيره وتركه بطلت لأنه مجتهد صلى لغير القبلة عامدًا وإن لم يقدر فمجتهد متحير وتقدم أنه لا إعادة عليه بعدها وأما ناسي كيفية الاستدلال بها مع علمها فمقلد وتقدم التفصيل فيه إذا تبين خطؤه فأقسام الناسي أربعة اثنان محل الخلاف وسكت عن الجاهل إذا تبين بعدها خطؤه فيها وأقسامه أربعة أيضًا الأول جهل حكم الاستقبال وصلى لجهة فيعيد أبدًا إن كانت غير القبلة فإن صادفها صحت على المعتمد الثاني جهل جهتها وتبين بعد صلاته انحرافه كثيرًا وفيه خلاف كالناسي هل يعيد أبدًا أو في الوقت الثالث جهل الأدلة مع علمه بالحكم وبكيفية الاستدلال بها لو علمها فكالناسي أيضًا فإن قدر على معرفتها بسؤال أو غيره وتركه عمدًا بطلت وإن لم يقدر فمجتهد متحير لا إعادة عليه الرابع جهل كيفية الاستدلال بها فهو مقلد وتقدم التفصيل فيه إذا تبين خطؤه ثم ما ذكر من الخلاف في الناسي وكذا الجاهل مخصوص بغير من بمكة والمدينة وجامع عمرو بالفسطاط فإن من بها يعيد أبدًا من غير خلاف واعلم أن المصنف أراد بالناسي ما يشمل الساهي الذي هو الذاهل أي الغافل عن المعلوم الحاصل فيتنبه له بأدنى تنبيه لا الناسي فقط الذي هو أن يزول الشيء عن معلومه فيستأنف تحصيله كما ذكره ابن السبكي وشارحه والجهل عدم العلم بالشيء (وجازت) أي مضت ونفذت (سنة فيها) أي الكعبة وركعتا طواف واجب أو ركن ولو على القول بسنيتهما ورغيبة كركعتي فجر فيصح جميع ذلك بعد الوقوع لا يجوز ابتداء شيء مما ذكر كما في المدونة وهو المعتمد خلافًا لأشهب بخلاف غير ذلك كنفل ولو مؤكدًا كراتبة ظهر وعصر وبعد مغرب وضحى فيجوز بل يندب فعله فيها لخبر الصحيحين عن ابن عمر دخل عليه الصلاة والسلام الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال وأغلقوا عليهم فلما فتحوا كنت أنا أول من ولج فلقيت بلالًا فسألته هل صلى عليه الصلاة والسلام فيها فقال نعم بين العمودين اليمانيين أي وهو أن يجعل الباب خلفه فيندب نفل بها ويندب فعله في هذا المحل المخصوص اقتداء به عليه الصلاة والسلام كما قال مالك وكذا يندب فيها ركعتا طواف مندوب وكذا واجب أو ركن على القول بندبهما كما شهره ابن عسكر في عمدته لا على وجوبهما أو سنيتهما فلا يندبان فيهما كما مر وظاهر المدوّنة جواز

ــ

لم يجد وهو ظاهر والله أعلم (وهل يعيد الناسي أبدًا خلاف) قول ز وأما ناسي كيفية الاستدلال بها فمقلد الخ فيه نظر بل الظاهر أن حكمه كناسي الأدلة الذي قبله وقول ز الثاني جهل جهتها الخ الظاهر أن هذا هو المقلد وقد تقدم التفصيل فيه بين أن يقلد أو يتخير وقد استظهر في ضيح أن المراد بالجاهل الذي فيه الخلاف هل يعيد أبدًا أو في الوقت هو الجاهل بالأدلة والظاهر إن جاهل

ص: 338

فعلهما فيها على كل قول (وفي الحجر) يجري فيه جميع ما مر (لأي جهة) راجع لقوله سنة فيها فقط ولو لجهة بابها مفتوحًا لا لقوله وفي الحجر أيضًا لئلا يوهم جواز الصلاة لأي جهة منه ولو استدبر البيت أو شرق أو غريب إذ لم أر ذلك منصوصًا والظاهر أنه لا يصح ولا يجوز والذي أدين الله به وأعتقده أنه لا يجوز لأحد أن يستدبر القبلة أي الكعبة ويستقبل الشام أو يجعلها أي الكعبة عن يمينه أو شماله ويستقبل الشرق أو الغرب ويحرم عليه ذلك وينهى عن فعله فإن عاد أدّب قاله ح قال بعض الشراح عقبه لكن قول اللخمي بصحة صلاة من استقبل من الحجر القدر الذي تواتر أنه من البيت أي وهو الستة أذرع يقتضي صحة صلاة من صلى فيه مستدبر البيت أو جاعلًا له عن يمينه أو شماله اهـ.

وهو فاسد لأن من صلى في الحجر مستدبر البيت أو جاعلًا له عن يمينه أو شماله قد استدبر ما هو قبلة قطعًا أو جعله عن يمينه أو شماله واستقبل ما لم يقطع بكونه قبلة بخلاف من صلى خارج الحجر واستقبل منه القدر الذي تواتر أنه من البيت فإنه لم يقع منه استدبار ما هو قبلة قطعًا ولا جعله عن يمينه أو شماله فكلام اللخمي فيمن صلى خارجه كما في ابن عرفة على نقل د واستقبل ما ذكر وكلام المصنف فيمن صلى فيه فلا يحسن ردّ كلام ح بكلام اللخمي على أن ما قاله اللخمي ضعيف والقول بعدم الصحة هو المعتمد (لا فرض) عيني فلا يجوز فيهما وظاهره المنع وعبر اللخمي عن مالك بالكراهة وإذا فعل في أحدهما (فيعاد في الوقت) المختار كما في ح عامدًا أو ناسيًا أو مكرهًا على الإقامة هناك قاله ابن عبد السلام وهذا ظاهر كلام الإمام (وأول بالنسيان) أي حمل بعضهم قوله يعيد في الوقت صلاة الفرض العيني فيهما على النسيان وأما عمدًا فيعيد أبدًا وفي إطلاق عدم الجواز على الناسي على هذا التأويل تجوّز لعدم اتصاف الناسي بالمنع كبقية الأحكام الخمسة (وبالإطلاق) وقولنا عيني تجوّز عن الكفائي كالجنازة فعلى الفرضية

ــ

كيفية الاستدلال مثله خلافًا لز فيهما فتأمل (وفي الحجر لأي جهة) قول ز عن ح والظاهر أنه لا يصح ولا يجوز قال طفى قد يقال لا وجه لعدم ظهوره وعدم صحته وجوازه لنص المالكية كابن عرفة وغيره على أن حكم الصلاة فيه كالبيت وقد نصوا على الجواز في البيت ولو لبابه مفتوحًا وهو في هذه الحالة غير مستقبل شيئًا فكذا يقال في الحجر على ما يقتضيه التشبيه اهـ.

قلت وفيه نظر لأن ما نقله ح صريح في ترجيح منع الصلاة إلى الحجر خارجه كما دل عليه كلام عياض والقرافي وصرح ابن جماعة بأنه مذهب المالكية خلافًا للخمي وحينئذ فالصلاة فيه لغير البيت أولى بالمنع وهذا لا يدفع بظاهر ابن عرفة وابن الحاجب مع ظهور التخصيص فيه والله أعلم وقول ز تواتر أنه من البيت الخ فيه نظر بل كلام ابن رشد الذي في ح صريح في عدم تواتره ولذا قال بعض الشيوخ لا نعلم أنه رواه من البيت عن النبي صلى الله عليه وسلم غير السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها مع البحث عنه والله أعلم (فيعاد في الوقت) قول ز المختار كما في ح الخ ما في ح استظهار منه وهو خلاف المنصوص في المدوّنة من أنه يعيد الظهرين للاصفرار والعشاءين الليل كله والصبح للشمس راجع نظم غ السابق في ستر العورة (وأول بالنسيان وبالإطلاق) الأول لابن يونس

ص: 339

يعاد وعلى السنية لا يعاد وعلى كل حال لا يجوز فعله فيهما وقد علم أن المصنف أطلق الجواز أوّلًا على مجازه بمعنى المضي وعلى حقيقته في المخرج ويكون قوله لا فرض مخرجًا من الجواز على حقيقته ولكن الإخراج من الأمرين معًا ولم يرد به في الأول حقيقته لأنه قول أشهب وهو مقابل كما مر وإن استبعده الشيخ سالم بعدم ملاءمته للمخرج (وبطل فرض) صلى (على ظهرها) أو في بطنها بل ولو في النفل إلا لضرورة فيهما لأن الاستقبال إنما هو شرط مع القدرة كما مر وبهذا يبطل قول من قال تسقط الصلاة في هاتين الصورتين كعدم ماء وصعيد وإنما بطل على ظهرها ولو كان بين يديه قطعة من سطحها لأن المطلوب عندنا استقبال جملة بنائها وهوائها كما هو مقتضى ظاهر النصوص وجزء البيت لا يسمى بناء ولا كعبة وقال أبو حنيفة يصح على ظهرها لأن المقصود عنده استقبال بعض هوائها وكذا قال الشافعي لأن المقصود عنده استقبال بعض بنائها وهو حاصل على ظهرها قاله القرافي كما في ح عند قوله لأي جهة ومفهوم فرض جواز النفل على ظهرها كما في الجلاب وعند غيره لا وعليه اقتصر في توضيحه وصدر به ابن عرفة ونصه والفرض على ظهرها ممنوع ابن حبيب والنفل الجلاب لا بأس بفعله عليه اهـ.

(كالراكب) لدابة صحيحًا أمنًا اختيارًا يبطل فرضه عليها ويعيده أبدًا ويدل على التقييد بألا من استثناء أمرين منه بقوله: (إلا لالتحام) في قتال عدوّ فيصح إيماء للأرض لا لنحو سرج (أو) لأجل (خوف من) أن يفترسه (كسبع) وفهد وذئب إن نزل عنها فيصلي راكبًا إيماء للأرض (وإن) صلى (لغيرها) أي القبلة في المسألتين واحترز بالالتحام عن صلاة القسمة فإن الاستقبال فيها شرط مع الأمن (وإن أمن) بعد فراغها (أعاد) ندبًا (الخائف) من كسبع أو لص (بوقت) مختار إن تبين عدم ما خافه فإن تبين ما خافه أو لم يتبين شيء فلا إعادة عليه وأما الخائف من عدو فلا إعادة عليه كما سيقول في غير هذا الباب وبعدها لا إعادة وذكر ضد الاختيار بقوله: (وإلا لخضخاض) أو ماء (لا يطيق) حاضر أو مسافر وفرض الرسالة ذلك في المسافر خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له (النزول) للأرض (به) أي بسببه لخوف غرقه أو تلوث ثيابه ويأخذه الوقت فيه بأن أيس من

ــ

والثاني للخمي وقول ز تحرز عن الكفاتي كالجنازة الخ لا معنى للتحرز عنه لأنه إن كان فرضًا فالمقصود دخوله وإن كان سنة خرج من قوله فرض (أو خوف من كسبع) أبو الحسن قال عبد الحق وهذا الخائف من سباع وغيرها على ثلاثة أوجه موقن بانكشاف الخوف ويائس من انكشافه وراج كالمسافر في التيمم اهـ.

(لا يطيق النزول به) قول ز فخوف تلوث ثيابه مبيح للإيماء بها على الأرض الخ هذا هو الذي في ح ونصه قال ابن ناجي في شرح قول الرسالة والمسافر يأخذه الوقت في طين خضخاض الخ ظاهر كلامه وإن كان إنما يخشى على ثيابه فقط وهو قول مالك وهو المشهور وقول ابن عبد الحكم ورواه أشهب وابن نافع يسجد وإن تلطخت ثيابه اهـ.

ص: 340

خروجه منه فيؤدي فرضه راكبًا للقبلة فإن أطاقه لزمه أن يؤديها على الأرض قائمًا إيماء عند مالك وهو المشهور وقال ابن عبد الحكم ورواه أشهب يسجد وإن تلطخت ثيابه وقولي ويأخذه الوت الخ تحرز عما إذا تيقن خروجه منه قبله فانه يؤخر لآخره فإن شك صلى إيماء بالأرض وسطه كالتيمم وما مر من أن خوف تلوث ثيابه مما لا يطيق النزول به نحوه لتت وبعض الشراح ولم أره لغيرهما وإنما رأيت عدم الطاقة مفسرة بخوف الغرق كما في صر وابن عمر وعليهما فخوف تلوث ثيابه مبيح للإيماء بها على الأرض لا على الدابة.

فرع: إذا امتلأ الجامع يوم الجمعة وكان بإزائه ورحابه خضخاض فهل يصلي فيه من جاء قائمًا إيماء وهو ما ذكره ابن عمر عن ابن الطلاع قال وقيل يذهبون لمسجد آخر ويصلون فيه الجمعة بناء على جواز تعدّدها أو يصلي فيه ويسجد ويجلس فيه لأن الجمعة فرض ولو خشي الضرر ولو صلى ظهرًا فهو في سعة وهو ما ذكره الأقفهسي عن ابن الطلاع فقد اختلف ثقلهما عنه وذكر ضد الصحة بقوله: (أو لمرض) يطيق النزول به كما يفيده تأخيره عن قوله لا الخ صلاة الفرض (عليها) أي على الدابة إيماء ولو مع القدرة على ركوعه وسجوده عليها (كالأرض) أي كما يؤديها على الأرض إيماء فقط أي إنما يباح له صلاة الفرض على الدابة إذا كان إن نزل صلاة على الأرض إيماء فيفعله على الدابة إيماء أيضًا ولو مع قدرته على ركوعه وسجوده عليها وأما لو كان لا يطيق النزول مع المرض بالأرض فيصليه على الدابة ولا يعتبر في هذه الحالة كونه يؤديها عليها كالأرض بل لا يتصور ذلك عادة هذا هو المعتمد خلافًا للشارح وقت ولا يخفى أن الصور أربع:

أحدها: يصلي بركوع وسجود عليهما قائمًا أو جالسًا.

ثانيها: على الأرض قائمًا أو جالسًا لا على الدابة فينزل إلى الأرض فيهما.

ثالثها: يقدر على الإيماء فقط عليهما هي كلام المصنف فيصليه على الدابة كما أشار له بقوله: (فلها) أي للقبلة بعد أن توقف له كما في الرسالة ولا يصليها عليها سائرة ويومئ بالسجود للأرض لا إلى كور الراحلة فإن أومأ إليه أو إلى جنب الدابة بطل بخلاف النفل بشروطه المتقدمة فيصح كما مر ويفترق النفل من الفرض أيضًا في أن النفل يفعل على الدابة من ركوع وسجود ويصح كما في الطراز وأما الفرض فلا يفعل عليها بركوع وسجود خلافًا للشارح وتت وإنما يفعل بالأرض إن قدر عليه بركوع وسجود قيامًا أو جلوسًا لعذر رابع الصور يقدر على الإيماء بالأرض وعلى الركوع والسجود على الدابة من قيام أو جلوس فلا يطلب بالنزول للأرض وله الصلاة على الدابة لكن يطلب أن يكون إيماء لا قائمًا راكعًا ساجدًا في قبة مثلًا فإن وقع ذلك صح الفرض على المذهب كما قال سند خلافًا لقول سحنون لا يجزئه لدخوله على الغرر كما نقله سند أيضًا نقله تت عند قول المصنف وصوب سفر قصر ولا يخالف هذا ما مر من عدم جوازه عليها بركوع وسجود لأنه كلام على الحكم ابتداء وكلام سند بعد الوقوع أو يحمل كلام سند على

ص: 341