المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي سجود التلاوة - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ١

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌فصلفي سجود التلاوة

‌فصل

في سجود التلاوة

كذا عبروا ولم يعبروا بسجود القراءة لأن التلاوة أخص من القراءة إذ قد تكون في كلمة واحدة كقراءة اسم زيد والتلاوة لا تكون في كلمة واحدة لأنها مأخوذة من تلا إذا تبع (سجد) سجدة واحدة (بشرط الصلاة) من طهارة حدث وخبث وستر عورة وكذا استقبال قبلة في الجملة أو أراد بالصلاة صلاة النافلة لجواز سجودها على الدابة ولغير القبلة بسفر قصر إيماء ولا يسجد على أكافها وقول الفاكهاني لا يومئ لها على الدابة بسفر قصر ضعيف ويجوز سجودها بسفينة بغير قبلة إن لم يمكن الدوران كما لأبي الحسن وبما مر شابهت الصلاة ولما كانت من توابع القراءة كان لها بها أيضًا شبه وهو عدم الإحرام والسلام ولذا قال (بلا) رفع يدين عندنا وبلا (إحرام) زاد على تكبير الهوى اتفاقًا (و) بلا (سلام) على المشهور بخلاف سجود السهو الذي هو من توابع الصلاة فكملت مشابهته لها فيهما قلت انظر هذا مع أنهم قالوا أيضًا لا يحتاج سجود السهو إلى تكبير زائد على تكبير الهوى فلا معنى لقوله فيما مر بإحرام اللهم إلا أن يريدوا أن سجود السهو يحتاج إلى إحرام أي تكبير ينوي به الدخول فلا يزيد عليه تكبير الهوى وسجود التلاوة لا يحتاج إلى تكبير ينوي به الدخول بل يكبر فيه للخفض من غير أن ينوي الدخول قاله الشيخ سالم وعج وزاد والفرق أن سجود السهو تابع للصلاة المحتاجة للنية وسجود التلاوة تابع للقراءة وهي لا تحتاج لنية أي فيخص من عموم خبر: "إنما الأعمال بالنيات" ويكره الإحرام والسلام لكن يبعد أو يمنع أن يتصور هو به لسجدة سنة أو فضيلة من غير استحضار نية لتلك السجدة والباء في قوله بشرط وبلا إحرام متعلقة بسجد والأولى منهما تحتمل أن تكون للمعية أو للسببية والثانية للتعدية ثم محل قوله بلا

ــ

فصل سجود التلاوة

(سجد بشرط الصلاة) قول ز وقول الفاكهاني لا يومئ لها الخ فيه نظر فإن الذي نقله ح عن الفاكهاني جواز ذلك ونصه قال الفاكهاني ولا يجزى عنها الركوع عندنا ولا الإيماء إلا للمتنفل على الدابة في السفر اهـ.

(بلا إحرام وسلام) قول ز لا يحتاج إلى تكبير ينوي به الدخول الخ أصل هذا الجواب للقرافي ونصه والفرق بين سجود التلاوة وسجود السهو أنه من توابع الصلاة فأعطى حكمها وهو أي سجود التلاوة من توابع القراءة والقراءة ليس لها إحرام ولا سلام اهـ.

ونحوه في البديع فظاهره أنه لا يفتقر إلى نية فتكون هي المراد بالإحرام المنفي هنا ويندفع البحث قلت وهو مشكل فإن سجود التلاوة صلاة والنية لا بد منها في الصلاة بلا نزاع وقال الأبي في شرح مسلم ما نصه ولا خلاف أن سجود التلاوة يفتقر لطهارة الحدث والدنس

ص: 475

إحرام وسلام إلا لقصد خروج من خلاف فيما يظهر (قارئ) مهموز وفي بعض النسخ منقوص عومل معاملة قاض بعد قلب همزته ياء وهو فاعل سجد ولا بد من كونه بالغًا وينحط لها من قيام ولا يجلس ليأتي بها منه وينزل الراكب (و) بالغ (مستمع فقط) لا سامع غير مستمع فلا يسجدها ولو عبر بسامع بدل مستمع كان أخصر ويدل على أنه مستمع قوله: (إن جلس) طالب السماع (ليتعلم) حفظ القرآن من القارئ أو أحكامه من مخارج حروف وإدغام وإظهار وإقلاب وإخفاء وغير ذلك لتصان قراءته عن خلاف ذلك أو ما يجوز من أحكامه كمد عارض وهو ما يكون لعروض السكون لأجل الوقف كمد نستعين فإنه جائز كما أن قصره مع الوصل كذلك فلو جلس لا ليتعلم بل لسماع أو ثواب أو سجود فقط لم يسجد ولو قال إن كان ليتعلم لشمل تعلم غير جالس (ولو ترك القارئ) لأن كلا منهما مأمور به فترك أحدهما لا يسقطه عن الآخر إلا أن يكون القارئ إمامًا وترك فيتبعه مأمومه على تركه بلا خلاف قاله ابن رشد فلو فعلها بطلت صلاته فيما يظهر في د وإن لم يفته معه ركن لمخالفته له بزيادة عمد شأنه الإبطال لقوله وبتعمد كسجدة والفرق بينها وبين طلب سجدتي السهو ولو ترك إمامه في الصلاة أنهما جائزتان ولصحة صلاة المأموم مع فعلهما دون الإمام التارك لهما حيث ترتب عن ثلاث سنن وطال كما مر وأما لو تركها هو ولو عمدًا وفعلها إمامه فلا تبطل صلاته كما ذكره ابن عرفة وغيره لحمل الإمام لها عنه وأشار الثاني شروط سجود المستمع الثلاثة بقوله: (إن صلح) القارئ (ليؤم) ولم يعطفه على الأول بالواو ولاختلاف فاعل الفعلين كقوله تعالى: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ} [هود: 34] الخ والمراد يؤم في الفريضة في الجملة بأن يكون ذكرًا محققًا بالغًا عاقلًا وكذا متوضأ كما جزم به اللخمي وهو المعتمد لاقتصار أبي الحسن على المدوّنة والشاذلي في العزية عليه خلافًا لتشهير صر سجود المستمع وإن لم يكن القارئ متوضأ قائلًا إنه مفاد التوضيح ونحوه لبعض الشراح لأن كلام التوضيح ليس بصريح في ذلك بل محتمل له بل في ابن يونس ما يفيد ضعفه فلا يسجد مستمع

ــ

والنية والاستقبال ومعنى النية فيه أن ينوي أداء هذه السنة التي هي السجدة اهـ.

(قارئ ومستمع فقط) اشتراط ز البلوغ في القارئ والمستمع غير صحيح وسيأتي له عند قوله وهل سنة أو فضيلة أن الصبي يخاطب بالسجود ندبًا وقد وقع في كلام المازري كما نقله ق عند قول المصنف قال وأصل المذهب تكريرها الخ ما يوهم التقييد بالبلوغ وليس ذلك بمراد بل إنما ذكر هناك البلوغ في المتعلم ليجلب به سجود المعلم المستمع فلا تغتر به (إن جلس ليتعلم) عبّر بالجلوس تبعًا لابن رشد إذ قسمه إلى ثلاثة أقسام جلوس للتعلم وجلوس للاستماع للثواب وجلوس للسجود وكأن المقصود به هنا الانحياز للقارئ بجلوس أو غيره من قيام أو اضطجاع ولكن عبّر بالغالب اهـ.

(إن صلح ليؤم) قول ز خلافًا لتشهير صر سجود المستمع الخ فيه نظر أما أولًا فإن صر

ص: 476

امرأة وصبي وخنثى مشكلًا ومجنون وقولي في الجملة لإدخال سجود مستمع غير عاجز من متوض عاجز عن ركن ومستمع من مكروه الإمامة وكذا من فاسق بجارحة على المعتمد وثالث الشروط قوله: (ولم يجلس) القارئ (ليسمع) بالبناء للمفعول أو الفاعل أي ليسمع الناس حسن قراءته فإن جلس لذلك لم يجسد مستمعه لما دخل قراءته من الرياء أي شأنه ذلك وإلا فقد يكون إسماعه لهم حسن قراءته لقصد إدخال الخشوع عليهم وزيادة إيمانهم ثم لعل اشتراط هذا الشرط مع صحة الاقتداء بفاسق بجارحة كما مر قريبًا أنه فسق متعلق بذات القراءة فأشبه الفسق المتعلق بذات الصلاة كالكبر وكون هذا الشرط الشاك شرطًا في سجود المستمع فقط كما قررنا هو ظاهر المصنف وعليه قرره الشارح وغير واحد وأما القارئ فيسجد لأن الكراهة لا تنافي سجودها كما في قراءته في الفريضة وجوز العلامة السنهوري جعله شرطًا فيهما واستبعده تلميذه تت قال ابن جزي في قوانينه ويسبح الساجد في السجدة أو يدعو وفي الحديث اللهم اكتب لي بها عندك أجرًا وع عني بها وزرًا واجعلها لي عندك ذخرًا وقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود قاله تت أي قبلت من داود السجدة لا بوصف سجدة التلاوة لأن سجدته كانت شكرًا لله على إراءته الحق في الزوجة يبعث الملكين يختصمان ثم بين عددها بقوله: (في إحدى عشرة) سجدة دون غيرها على المشهور وهو متعلق بسجد وليس في المفصل منها شيء ابن عرفة آخر الأعراف {وَالْآصَالِ} في الرعد {وَمِنْهَا} في النحل {وخُشُوعًا} في سبحان {وَبُكِيًّا} في مريم {ومَا يَشَآءُ} في الحج {ونُفُورًا} في الفرقان {والْعَظِيمِ} في النمل ونقل ابن عبد السلام محلها منه {وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة: 77]{وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} في السجدة {وَأَنَابَ} في ص وقيل: {وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25]{تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] في فصلت وقيل: {لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] اهـ.

(لا ثانية الحج) عند قوله: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] لأنها في مقابلة الركع الذي هو أحد أركان الصلاة (و) لا في (النجم) عند قوله: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)}

ــ

في حاشيته لم يذكر أن ذلك هو المشهور وإنما ذكر أنه لا يسجد مستمعه كما قال غيره ونصه قوله أي ضيح والمشهور الأمر بالسجود أي والمشهور من القولين في كلام المصنف أي ابن الحاجب وهما في القارئ الصالح للإمامة إذا ترك السجود فيكون المشهور على هذا فيما إذا كان القارئ على غير وضوء عدم سجود السامع وهو المطابق لما صدر به من الاشتراط اهـ.

فكلامه موافق على عدم السجود وأما ثانيًا فإن مفاد ضيح مثل ما للخمي ونصه أن يكون ذكرا بالغًا متوضأ ثم قال في المحترزات واختلف إذا كان على غير وضوء اهـ.

جزم أولًا باشتراطه وذكر الخلاف بعد (لا ثانية الحج والنجم) قول ز وإلقاء الشيطان صوتًا الخ هذا يروي حديثًا كما ذكره القاضي في الشفاء وذلك ما روي أنه صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة النجم وقال: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} [النجم: 19، 20] قال تلك

ص: 477

[النجم: 62] وإن صح أنه عليه الصلاة والسلام سجد عندها وهي أول سورة أعلن بها عليه الصلاة والسلام في الحرم وسجد معه المؤمنون والإنس والجن والمشركون أي لزعمهم أنه يمدح آلهتهم بقوله: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} [النجم:19، 20] وإلقاء الشيطان صوتًا مثل صوته سمعوه وهو تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى أي لكن إنما وقع السجود عند آخرها من الجميع غير الوليد بن المغيرة فإنه رفع حفنة من تراب إلى جبهته وقال يكفي هذا إلا أن إجماع فقهاء المدينة وقرائها على ترك السجود فيها مع تكرر القراءة ليلًا ونهارًا يدل على النسخ إذ لا يجمعون على ترك سنة قاله في الذخيرة ذكره تت إلا أنه ذكر بدل غير الولد الخ غير أبي لهب والذي في رواية الشيخين أنه أمية بن خلف وكونه أبا لهب رواية ابن حبان وكونه الوليد بن المغيرة وقع في رواية ابن أبي شيبة على ما بينه ابن سعد فإن ابن أبي شيبة قال في روايته إلا رجلين وبين أحدهما بأنه أمية بن خلف وذكر ابن سعدان الثاني هو الوليد بن المغيرة (و) لا في (الانشقاق) عند قوله: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (21)} [الانشقاق: 21](و) لا في (القلم) عند قوله: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] فلا سجود لهؤلاء الأربع تقديمًا للعمل

ــ

الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى ويروى ترتضى فلما ختم سجد وسجد معه المسلمون والكفار لما سمعوه أثنى على آلهتهم ويروى أن الشيطان ألقاها على لسانه صلى الله عليه وسلم وإن جبريل جاءه فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين قال جبريل ما جئتك بهاتين الكلمتين فحزن صلى الله عليه وسلم لذلك فأنزل الله عز وجل تسلية له {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} [الحج: 52] إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته الآية أي إلا إذا تلا وقرأ: ألقى الشيطان في تلاوته الخ فتمنى بمعنى تلا مجازًا قال القاضي وهذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم وقد أنكره القاضي أبو بكر بن العلاء وأبو بكر البزار وأنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره اهـ.

باختصار قلت وقد جمع ابن حجر فيه طرقًا ضعيفة قال لكن كثرة الطرق تدل على أن للقضية أصلًا اهـ.

وقد ذكر أيضًا الجلال السيوطي في الدر المنثور أن القصة أخرجها البزار والطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة وألف في القضية الشيخ ملا حسن بن إبراهيم الشهرزوري المدني رسالة مقويًّا ثبوت القضية وأنها لا تنافي العصمة ورد عليه شيخ شيوخنا العلامة أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد القادر الفاسي في رسالة له بموافقة والده العارف بالله سيدي عبد القادر قال فيها بعد جلب إن قال النافين للقضية ما نصه فتحصل أن القضية ليس لها سند صحيح وطرقها دائرة بين الشذوذ والانقطاع والإرسال وما ذكره الحافظ ابن حجر من أن لها طرقًا تدل على أن لها أصلًا يقال عليه هذه الدلالة غير قطعية وهي معارضة بظواهر الآيات على امتناع حمل القضية على ظاهرها والظواهر المتكاثرة ربما أفادت القطع سلمنا الدلالة على أن لها أصلًا ولكن يكفي في ذلك المقدار الذي يوافق ما ثبت في الصحيح وعلى فرض

ص: 478

على الحديث وأثبته ابن حبيب وابن وهب فيها ابن بشير جمهور المتأخرين على أن هذا الخلاف حقيقي وهو ظاهر المصنف وعليه فيمنع أن يسجدها في الصلاة قال سند لأنه يزيد فيها فعلًا تبطل بمثله فتعين حمل الحديث على النسخ لما بيناه من إجماع أهل المدينة اهـ.

وسميت الإحدى عشرة عزائم مبالغة في فعل السجود مخالفة إن تترك وقيل غير حقيقي والسجود في جميعها إلا أنه في الإحدى عشرة آكد ويشهد له قول الموطأ عزائم السجود إحدى عشرة أي المتأكد منها قال ح عند قوله وإن قرأها في فرض سجد ولو كان الإمام يرى السجود في النجم فسجد وجب على المأموم أن يسجد معه فإن ترك اتباعه وأساء وصحت صلاته قال في مختصر البرزلي قلت فيها نظر على أصل المذهب اهـ.

(وهل) سجود التلاوة (سنة) غير مؤكدة وشهره ابن عطاء الله والفاكهاني وعليه الأكثر لقولها يسجدها بعد العصر والصبح ما لم تصفر أو تسفر كالجنازة ومقتضى ابن عرفة إنه الراجح (أو فضيلة) الأولى أو مندوبة لأن السنة لا تنافي الفضيلة والشيء إنما يقابل بما ينافيه فلا يقال هذا الشيء إما واجب أو جائز لأن الواجب يجامع الجائز (خلاف) وما ذكره المصنف هنا يدل على أن قوله سجد بشرط الصلاة أي طلب منه ذلك فهو خبر لفظًا إنشاء معنى وعبر بالفعل لأنه كالنكرة يدل على الوحدة أي طلب منه هذه الماهية وهي توجد في سجدة واحدة فسقط ما قيل ليس في كلامه دلالة على أنها سجدة واحدة ثم إن هذا الخلاف في حق المكلف أما الصبي فتندب له فقط وفائدة الخلاف كثرة الثواب وقلته وأما السجود في الصلاة ولو فرضًا فمطلوب على القولين خلافًا لقصر بعضهم له على السنية في صلاة الفرض (وكبر) الساجد (لخفض) في سجوده (ورفع) منه (ولو بغير صلاة) قال بعض الشراح الظاهر أن حكم التكبير السنية كغيرها أي ويؤيده أنها من جملة الصلاة والتكبير في الصلاة ولو غير فريضة سنة وقال د إنه مستحب ولما كانت مواضع السجود على قسمين قسم متفق عليه وقسم مختلف فيه وترك الأول لظهوره عندهم بين الثاني بقوله: (و) موضع سجود

ــ

صحة السند واتصاله فهو خبر آحاد غاية أفادته الظن فلا يهدم ما علم يقينًا من العصمة إذ الظني لا يعارض القطعي فما أمكن تأويله على وجه لائق بمنصب النبوة قبل وما تعذر تأويله لم يقبل قال ابن العربي أجمعت الأمة على أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الشيطان ممنوع منه قد حرم حظه فيه وقطعت العلائق بينه وبينه اهـ.

باختصار فتحصل أن صدور الكلمات المذكورة من النبي صلى الله عليه وسلم أو من الشيطان عند تلاوة نبينا صلى الله عليه وسلم كله غير ثابت بل منكر لوجوب عصمته صلى الله عليه وسلم وإنما الوارد في الصحيح سجوده صلى الله عليه وسلم عند ختم السورة وسجود المسلمين معه والكفار (وهل سنة أو فضيلة) قول ز الأولى أو مندوبة الخ ليس كذلك إذ ما عبّر به المصنف هو الواقع في عبارة الأئمة ابن عرفة سجود التلاوة الأكثر سنة والقاضي وابن الكاتب فضيلة اهـ.

ص: 479

سورة (ص) قوله تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعًا} [ص: 24](وأناب) فالمبتدأة محذوف وأناب هو الخبر وعند ابن وهب: {وَحُسْنُ مَآبٍ (29)} [الرعد: 29] وأسقطها الشافعي من عدد السجدات لأنها سجدة شكر قال تت الذخيرة والمدرك في ذلك أن السجود شرع عند أربعة أشياء عند الأمر به أو مدح الساجدين أو ذم المستكبرين أو الشكر كما في ص اهـ.

فإن قلت الأربعة التي نفى المصنف السجود فيها لا تخلو عن ذلك قلت أما ثانية الحج فقر أنها بالركوع قرينة على إرادة سجود الصلاة لا التلاوة وأما النجم فإنها وإن كان فيها ما ذكر وسجد فيها صلى الله عليه وسلم فجوابها ما مر عن الذخيرة فقط وكذا يقال في سورة القلم وكذا الانشقاق فإنه وإن كان فيها ذم المستكبرين لكن قدم العمل (و) موضعه في (فصلت تعبدون) وعند ابن وهب: {لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] ولم ينبه على العظيم في النمل لتوهيم ابن عرفة نقل ابن عبد السلام أن محلها يعلنون كما مر (وكره سجود شكر) عند مسرة أو دفع مضرة للعمل وكذا صلاته وخبر يصبح على كل سلامى من الناس صدقة إلى أن قال في آخره على ما زاد مسلم ويجزي عن ذلك كله ركعتا الضحى لا يرد لأنهما ضحى وإجزاؤهما عن الصدقة فضل منه تعالى وكونهما للشكر بعيد من إضافتهما للضحى (أو) سجود (زلزلة) أي لها أو لظلمة أو لريح شديدة وأما الصلاة للزلزلة ونحوها فلا تكره بل تطلب لقول المدوّنة أرى أن يفزع الناس للصلاة عند الأمر يحدث مما يخاف أن يكره عقوبة من الله تعالى كالزلزلة والظلمة والريح الشديد وهو قول أشهب في الظلمة والريح الشديد وقال يصلون أفذاذًا أو جماعة إذا لم يجمعهم الإمام أو يحملهم على ذلك اهـ.

وهل يصلون ركعتين أو أكثر ذكر بعضهم عن اللخمي أنه يستحب ركعتين ولم أره اهـ.

ابن ناجي يؤخذ من قول الرسالة ولا يسجد سجدة التلاوة إلا على وضوء افتقار

ــ

وكذا في عبارة ابن شاس وابن الحاجب وابن ناجي وغيرهم قابلوا السنة بالفضيلة ونحوه تقدم للمصنف في الوضوء إذ قال وسننه الخ ثم قال وفضائله الخ وقول ز فلا يقال هذا الشيء إما واجب أو جائز الخ فيه نظر إذ الجائز عند الفقهاء وأهل الأصول ما استوى طرفاه فهو يقابل الواجب قطعًا وكتب الفقهاء مشحونة بذلك وإنما يجامع الجائز الواجب إذا أريد بالجائز مطلق المأذون فيه مجازًا فيكون أعم من الواجب وغلب استعماله في معناه الحقيقي الأول (وص وأناب) ابن ناجي اختار بعض شيوخ شيوخنا أن يسجد في المحل الأخير في كل موضع مختلف فيه ليخرج من الخلاف وإليه ذهب بعض المتأخرين من المشارقة اهـ.

(وكره سجود شكر) اللخمي اختلف في سجود الشكر فكرهه مالك مرة وذكر ابن القصار رواية أنه لا بأس به وأخذ ابن حبيب به وهو الصواب لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في سجدة ص سجدها داود توبة وأسجدها شكرًا وحديث أبي بكرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم أمر فسر به فخر ساجدًا ذكره الترمذي وحديث كعب بن مالك لما بشر بتوبة الله سبحانه وتعالى عليه خر ساجدًا أخرجه البخاري اهـ.

ص: 480

سجود الشكر على القول به إلى طهارة وهو كذلك على ظاهر المذهب واختار بعضهم عدم افتقاره إليها لزوال سر المعنى الذي أتى بالسجود لأجله لو تراخى حتى يتطهر قاله ح وفي دعوى الأخذ نظر قاله عج أي لأن سجدة التلاوة مطلوبة والشكر لم يقل الضعيف بطلبها بل بجوازها فقط (و) كره (جهر) أي رفع صوت (بها) أي بالقراءة المفهومة من السياق (بمسجد) وليس الضمير عائدًا على السجدة إذ لم أر من نص على كراهة الجهر بالسجدة في المسجد قاله غ فليس المراد بالجهر بالقراءة فيه نطقه مطلقًا وإنما المراد رفع الصوت بها فيه لموافقته لقوله في إحياء الموات عاطفًا على ما يكره ورفع صوت كرفعه بعلم لا يقال نص أهل العلم على جواز أخذ العلم بالمسجد وفعلوه لأنا نقول ذلك مقيد بعدم رفع الصوت ولذا قال مالك منكرًا لرفع الصوت بالعلم علم ورفع صوت وكانوا يجلسون مجالس العلم كأخي السر ومجالس العلم على سبيل الاتباع ليس فيها رفع الصوت فإن وجد فيها رفع صوت منع وأخرج من فعل ذلك قاله في المدخل (و) كره (قراءة بتلحين) أي تطريب لا يخرجه عن كونه قرآنًا جمعه ألحان ولحون فإن أخرجه عنه إلى كون كالغناء بإدخال حركات فيه أو إخراج حركات منه أو قصر ممدود أو مد مقصور أو تمطيط يخفى به اللفظ أو يلتبس به المعنى فيحرم ويفسق به القارئ ويأثم به المستمع لأنه أي القارئ عدل به عن منهجه القويم إلى الاعوجاج قال تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] غير ذي عوج قاله الماوردي ونحوه في المدخل وزاد وإن أكثر الترجيعات وزاد الأمر على ذلك حتى صار لا يفهم معناه فهو حرام اتفاقًا كما يفعله القراء بالديار المصرية يقرؤون أمام الملوك والجنائز اهـ.

وما ذكره المصنف هو المشهور من مذهب مالك وهو مذهب الجمهور وذهب الشافعي إلى جوازه واختاره ابن العربي بل قاله إنه سنة وإن كثيرًا من فقهاء الأمصار استحسنه وسماعه يزيد غبطة بالقراءة وإيمانًا ويكسب القلوب خشية وقد ثبت أن أبا موسى قال للنبي صلى الله عليه وسلم لو علمت أنك تسمعني لحبرته تحبيرًا اهـ.

ــ

منه وفي ضيح وجه المشهور العمل وهو لما قيل لمالك في العتبية أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه سجد في فتح اليمامة شكرًا قال ما سمعت ذلك وأرى أنهم كذبوا على أبي بكر وقد فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين فما سمعت أن أحدًا منهم سجد اهـ.

وقول ز واختار بعضهم الخ هذا الخلاف مشكل مع ما نقله أول فرائض الوضوء عن النووي ونصه أجمعت الأمة على حرمة الصلاة وسجود التلاوة والشكر بغير طهارة اهـ.

(وجهر بها بمسجد) قول ز أي بالقراءة المفهومة من السياق الخ هذا الحمل في المصنف هو الظاهر واستبعده بعضهم بأن فيه التكرار مع قوله وأقيم القارئ في المسجد الخ وهو غير صحيح لأن الجهر بالقراءة مكروه وإن لم يتخذه عادة وإقامة القارئ مشروطة باتخاذ ذلك عادة فإن أراد أن هذا يغني عن الإقامة فغير صحيح أيضًا لأن الكراهة لا توجب إقامة القارئ (وقراءة بتلحين) قول ز معناه لم يتلذذ بسماعه الخ قال ابن ناجي في هذا التأويل إنه

ص: 481

وأورد على المشهور خبر زينوا القرآن بأصواتكم وأجيب بأنه مقلوب وأصله زينوا أصواتكم بالقرآن كما ورد كذلك في بعض طرقه انظر تت وخبر ليس منا من لم يتغن بالقرآن معناه لم يلتذ بسماعه كتلذذ أهل الغواني بسماعهن وشبه في الكراهة قوله: (كجماعة) يجتمعون لقراءة بمسجد أو غيره وتحته صورتان:

إحداهما: قراءة السبع بالضم فإنها مكروهة عند مالك لأنها خلاف ما عليه العمل وللزوم والتخليط وتقطيع القرآن وعدم إصغاء بعضهم لبعض وقد قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] الآية وأنكر عليه النووي بأنه خلاف خبر ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده وخبر ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله تعالى ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده وخلاف ما عليه السلف والخلف ويجاب عنه بأن مالكًا أدرى بما عليه السلف والخلف وما ذكر من الخبرين وإن دلا صريحًا على العموم فقد يكون خصهما الإمام بما يخشى منه تقطيع كلماته لتقديم المكروه على المندوب وإن سلم فقد تقرر من مذهبه تقديم العمل على خبر الآحاد وإن كانت من أصح الصحيح الصورة الثانية أن يقرأ واحد ربع خرب مثلًا وآخر ما يليه وهكذا وهي المسماة بالمدارسة فإنها أيضًا مكروهة على نقل ق ونقل النووي عن مالك جوازها ومحل الكراهة في الصورتين ما لم يشترطها واقف بغير مسجد أو به ولو من غير واقفه وإلا لم تكره واحدة منهما ومحلها في الثانية لم يقرأ كل واحد سورة مستقلة وإلا لم تكره للفصل بالسورة كما لا تكره المدارسة بالمعنى الذي كان يدارس به جبريل النبي صلى الله عليه وسلم برمضان من قراءته وإعادة النبي عين ما قرأه جبريل وقول تت تحت كجماعة صورتان أن يبتدئ أحدهم حيث يجد الآخر أو يبتدئ من حيث ينتهي هما اللتان ذكرتهما فالأولى السبع إذ قوله حيث يجد أي يشارك الآخر ولو في نصف آية

ــ

أحسن ما قيل في ذلك وقيل معنى الحديث ليس منا من لم يستغن بالقرآن أي من لم ير نفسه أفضل حالًا من الغنى لغناه به وقيل معناه من لم يحسن صوته بالقرآن (كجماعة) استدعاء لرقة قلبه بذلك قاله القلشاني.

فائدة: قال ابن الشاط لا خلاف أن الهذ المفضي إلى لف كلماته وعدم إقامة حروفه لا يجوز وبعد إقامتها اختلف فقال الأكثر الأفضل الترتيل ورجح بعضهم الهذ تكثيرًا للأجر بعدد الكلمات وقال مالك من الناس من إذا هذ خف عليه وإذا رتل أبطأ ومنهم من لا يحسن الهذ وكل واسع بحسب ما يخف عليه ومن أجاز الهذ فإنما ذلك لمن لا حظ له إلا التلاوة وأما من منحه الله تعالى تلاوته بتدبر لمعانيه واستنباط لأحكامه فلا مرية إن تلاوته وإن قل ما يتلوه أفضل من قراءة ختمات وللعلماء في ذلك آثار اهـ.

(كجماعة) قول ز وتحته صورتان الخ هنا صورة ثالثة مكروهة أيضًا وهي أن يجتمعوا

ص: 482

ونصف كلمة ولا ينتهي الآخر بدليل قوله في الثانية أو يبتدئ من حيث ينتهي هو أي الأول كالمدارسة (و) كره (جلوس لها) أي لأجل السجدة خاصة (لا لتعليم) ولا لتعلم كما مر ولو انضم لذلك قصد ثواب السماع (وأقيم القارئ) للقرآن رافعًا صوته (في المسجد) من غير كونه بشرط الواقف (يوم خميس) أي كل يوم خميس أي قصد دوام ذلك وعلم منه بقوله أو بقرينة (أو غيره) ككل جمعة أو كل شهر مرة لأن الغالب قصده الدنيا بذلك كما في الشرح الصغير وفعله ذلك بالشروط الثلاثة المذكورة مكروه ويقام ندبًا وفعل ذلك لا على الدوام مكروه أيضًا لكن لا يقام قاله البساطي ويؤمر بالسكوت أو القراءة سرًّا أو بلا رفع صوت إن رفعه (وفي كره قراءة الجماعة) وهو ما زاد على واحد دفعة (على) السامع (الواحد) لأنه إذا صغى لأحدهم ورد عليه خطأه تشاغل به فقط يخطيء غيره من غير أن يكون صغى له ويظن قراءة نفسه صوابًا فيحمل عن سامعه الخطأ ويظنه مذهبر له أي قراءة وعدم كراهة ذلك للمشقة بانفراد كل واحد بالقراءة عليه (روايتان) عن مالك ولذا لم يقل تأويلان أو خلاف أو قولان (و) كره (اجتماع لدعاء يوم عرفة) بمسجد ويقصد أنه سنة ذلك اليوم والتشبيه بأهل الموقف لا بزوايا القرافة بناء على أنها ليست مساجد ولا إن قصد اغتنام فضيلة الوقت ودعاء المجتمعين فلا كراهة ثم قوله لدعاء يحتمل أن يكون ممدودًا منونان ويوم منصوب على الظرفية ويحتمل إضافة دعاء ليوم ويكون قاصرًا على رواية الطبراني عن ابن عباس المذكورة في عج ويقاس عليها غير دعائها كما يقاس الذكر أيضًا على مطلق الدعاء على الأول وأجازه أشهب وكان يفعله بجامع عمرو بمصر قاله سحنون فحضرته وكان يصلي جالسًا يعني النافلة وفي جانبه صرة يعطي منها السؤال فإذا به أعطى سائلًا دينار فذكرته له يقال أو ما كنا نفعل ذلك من أول النهار اهـ.

وقال ابن الجوزي أجازه ابن عباس وكان يفعله وقيل هو أول من صنعه وسئل عنه أحمد بن حنبل فقال أرجو أن يكون خفيفًا وفعله جماعة من السلف وكرهه منهم جماعة منهم نافع مولى ابن عمرو إبراهيم النخعي والحكم وحماد ومالك بن أنس وفي عمل اليوم والليلة في وظائف عشر ذي الحجة من حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة حفظه الله من عرفة إلى عرفة وفي منسك الخطيب من قرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] يوم

ــ

ويقرأ كل واحد لنفسه جهرًا ووجه الكراهة ما فيها من تخليط بعضهم على بعض وقوله ويجاب عنه بأن مالكًا أدرى الخ قال أبو الحسن قال ابن رشد هذا إنما كرهه مالك لأنه أمر مبتدع ليس من فعل السلف ولأنهم يبتغون به الألحان وتحسين الأصوات بموافقة بعضهم بعضًا وزيادة بعضهم في صوت بعض على نحو ما يفعل في الغناء فوجه المكروه في ذلك بين اهـ.

ونحوه في ق وقوله الصورة الثانية أن يقرأ واحد ربع الخ الكراهة في هذه لا يظهر لها وجه قاله الشيخ مس وقول ز على نقل ق فيه نظر بل لم ينقل ق في هذه الصورة شيئًا

ص: 483

عرفة ألف مرة أعطاه الله ما سأل (و) كره (مجاوزتها) أي ترك سجود السجدة مع قراءة محلها (لمتطهر وقت جواز) لتركه سنة أو فضيلة (وإلا) يكن متطهرًا أو ليس وقت جواز ولم يكن في صلاة فرض (فهل يجاوز محلها) أي محل سجودها فقط فيجاوز ما يشاء في الحج وأناب في ص وهكذا فيتركه ويقرأ ما بعده (أو) يجاوز (الآية) كلها ابن رشد وهو الصواب لئلا يغير المعنى (تأويلان) محلهما ما لم يقرأها بصلاة فرض بوقت نهي وإلا سجد كما هو عموم قوله الآتي وإن قرأها في فرض سجد وقول بعضهم في بيان التأويل الأول في المصنف حذف مضاف أي محل ذكرها فيه نظر وقصور أما الأول فلأن ظاهره ولو كان حذف محل ذكرها يغير المعنى وليس كذلك فقد قيده سند بأن لا يغير المعنى وإلا لم يجز كأن يقرأ في الحج ألم تر أن الله ويصله بقوله من في السماوات ويحذف يسجد له وكأن يقرأ في فصلت {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ} [فصلت: 37] ويحذف بقية الآية وأما الثاني فلأنه قد يكون محل ذكرها ليس محل السجود كقوله في الرعد: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ} [الرعد: 15] فإن محل سجودها عند والآصال وكما في فصلت وتارة يتفقان كآخر الأعراف هذا وقال تت بعد تأويلان وإذا قلنا بهما فلا يرجع لقراءتها إذا تطهر أو زال وقت الكراهة لنص أهل المذهب على أن القضاء من شعائر الفرائض وهذا هو المذهب خلافًا للجلاب اهـ.

وكذا القولان فيما إذا لم يتجاوزها بوقت نهى وفعلها فيه والظاهر أن المتطهر وقت جواز إذا قرأها ولم يسجدها يطلب بسجودها ما دام على طهارته ووقت الجواز باق وإلا لم يطلب بقضائها لأنه من شعائر الفرائض كما لتت (و) كره (اقتصار عليها) أي اقتصار على السجدة بمعنى موضع السجود بأن يقصد قراءتها لأجل السجود فقط دون ما قبلها وما بعدها دون ثواب التلاوة فإن قصد ثواب القراءة لم يكره وكلامه هنا غير قوله وجلوس لها لا لتعليم (وأول بالكلمة) فلا يكره الاقتصار على الآية (والآية) فيكره الاقتصار على الكلمة بالأولى (قال وهو الأشبه) إذ لا فرق بين كلمات السجدة وجملة الآية فالتأويلان

ــ

والصواب فيها الجواز تأمل (ومجاوزتها المتطهر وقت جواز) تت أي وقت جواز الصلاة النافلة طفى الأولى أن يقول وقت جواز لها إذ هي تخالف النافلة وقول ز وقول بعضهم إلى قوله فيه نظر وقصور الخ غير صحيح بل القصور ممن ادعاه وذلك لأن ما ذكره البعض هو تأويل عبد الحق ففي أبي الحسن على قولها وليتعدها إذا قرأها ما نصه قال عبد الحق في النكت يعني موضع ذكر السجود خاصة كان ذكر السجود في أول الآية أو في آخرها وليس عليه أن يتعدى جملة الآية وقال الباجي إنما يتعدى موضع السجود وقيل جميع الآية الشيخ أبو الحسن ويحكى عن أبي عمران أنه قال لا يتعداها لأنه إن حرم أجر السجود فلا يحرم أجر القراءة اهـ.

منه (قال وهو الأشبه) قول ز تعبير المصنف بالفعل جار على اصطلاحه الخ فيه نظر بل الصواب أنه مختار من الخلاف كما قاله أحمد وهو الذي يقيده نقل أبي الحسن وضيح وق

ص: 484

في الآية وحيث كره الاقتصار لا يسجدها نحيث لا فإنه لا يكره فإذا اقتصر على الكلمة لا يسجدها باتفاقهما وعلى الآية فالتأويلان وتعبير المصنف بالفعل جار على اصطلاحه كما يفيده نقل تت خلافًا لقول د هذا مختار من الخلاف فلو قال وهو الأشبه على المقول لناسب اصطلاحه اهـ.

(و) كره (تعمدها) أي السجدة (بفريضة) لفذ وإمام على المشهور وروى ابن وهب جوازه وصوّبه اللخمي وابن يونس وابن بشير وغيرهم ابن بشير لما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يداوم على قراءة السجدة في الركعة الأولى من صلاة الصبح يوم الجمعة وعلى ذلك كان يواظب الأخيار من أشياخي وأشياخهم اهـ.

وبه العمل بتونس اهـ.

قلت قد يجاب عن المشهور بأن الاستدلال بخاص قراءة زمنًا على عام في محل المنع إلا أن يقولوا بالقياس وقال الشيخ سالم كرهها مالك لئلا يعتقد العوام وجوبها وقولي لفذ وإمام تحرز عن مأموم فلا يكره وليس من تعمدها بفريضة صلاة مالكي خلف شافعي يقرؤها بصبح جمعة كما يدل عليه قوله إلا لاقتداء بواصل وظاهره ولو غير راتب (أو خطبة) لإخلاله بنظامها ولعل نزوله عليه الصلاة والسلام وسجوده اتفاقي أو فعله لبيان الجواز وترك لما لم يصحبه عمل (لا نفل مطلقًا) سرًّا أو جهرًا أو من التخليط على من خلفه أم لا منفردًا فاعله أم لا حضرًا أو سفرًا (وإن) اقتحم النهي و (قرأها في فرض) غير جنازة (سجد) ولو بوقت حرمة كما قاله ابن الحاج لأنها تبع للصلاة كسجود السهو القبلي وظاهره ولو تعمد قراءة السجدة فيه وقال تت ينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يتعمد قراءتها بوقت نهي وأما إن قرأها بجنازة فلا يسجدها فإن فعل فالظاهر أنه يجري فيها ما يأتي في سجوده في الخطبة (لا خطبة) فلا يسجد وانظر هل يكره كما تقدم أنه يكره تعمدها بها أو يحرم فإن وقع لم تبطل فيما يظهر لقول أشهب ينزل ويسجد مع الناس فإن لم يفعل فليسجدوا ولهم في الترك سعة اهـ.

ويحتمل أن تبطل نظرًا إلى أن النزول للسجدة يؤثر خللًا في نظام الخطبة واستظهر

ــ

ونص أبي الحسن قال عبد الحق عن بعض شيوخنا إنما يعني موضع تخصيص السجدة لا الآية بجملتها بل قراءة الآية لا كراهة فيه صح من النكت زاد في التهذيب وقيل بل بكره له قراءة الآية بجملتها إذا كان إنما يقرؤها ليسجد وذكر ابن رشد قولين:

أحدهما: أنه يجوز إذا قرأ الآية جميعها لأنه حصل تاليًا لذلك.

والثاني: أنه لا يجوز لأن حكم التلاوة لم يحصل له وإنما يحصل لمن استمر على قراءة الآيات الكثيرة صح منه اهـ.

بلفظه قال ق المازري وقيل آيتها قال المازري وهو الأشبه اهـ.

(أو خطبة) قول ز وسجوده اتفاقي الخ لا معنى لهذا بل هو باطل فإن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم -

ص: 485

كر الأول (وجهر) ندبًا (إمام) الصلاة (السرية) ولو نفلًا بقراءتها ليعلم الناس فيتبعوه (وإلا) يجهر بها وسجد (اتبع) عند ابن القاسم لأن الأصل عدم السهو وقال سحنون يمتنع أن يتبعوه لاحتمال سهوه وعلى كل من القولين فإن لم يتبعوه صحت صلاتهم ذكره ابن عرفة وغيره (ومجاوزهما) لقراءة ما بعدها (بيسير) كآية أو آيتين (يسجد) من غير إعادة قراءتها في صلاة وغيرها لأن ما قارب الشيء يعطي حكمه (وبكثير يعيدها) أي يعيد قراءتها ويسجد (بالفرض) وأولى بالنفل (ما لم ينحن) للركوع فإن انحنى فات فعلها في الركعة التي انحنى فيها ولا يعود لقراءتها في ثانية الفرض لأنه كابتداء قراءتها فيه وهو مكروه فإن سجدها في ثانية الفرض من غير قراءتها لم تبطل فيما يظهر لتقدم سببها ويحتمل بطلانه لانقطاع السببت بالانحناء وفيه شيء (وبالنفل) يعود ندبًا لقراءتها (في ثانيته ففي فعلها) أي الإتيان بآيتها (قبل) قراءة (الفاتحة) لتقدم سببها ولأن مانع السجود إنما كان للانحناء وقد زال أو بعدها لأنها غير واجبة فمشروعيتها بعد الفاتحة ثم يقوم منها فيقرأ السورة (قولان) وعلى الأول لو أخرها حتى قرأ الفاتحة فعلها بعدها بل وكذا بعد القراءة وقبل الانحناء وعلى الثاني فلو قدمها فهل يكتفي بها أو يعيدها فإن لم يذكرها حتى عقد الثانية فاتت ولا شيء عليه قال ابن بشير إلا أن يدخل في نافلة أخرى فإذا قام قرأها وسجد اهـ.

والظاهر أنه يجري حينئذ في هذه النافلة ما جرى من خلاف في التي فعلها فيها من فعلها قبل الفاتحة الخ.

تنبيه: قوله وبكثير متعلق بقوله يعيدها وتم الكلام عنده وقوله بالفرض متعلق بعامل مقدر مماثل للمذكور أي ويعيد بالفرض والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا جواب عن سؤال مقدر تقديره ماذا يفعل إذا جاوزها بكثير في الفرض والنفل وقوله بالنفل معطوف على قوله وبالفرض والموضوع واحد وهو مجاوزتها بكثير وإنما لم يجعل متعلقًا بيعيدها المذكور لاستلزام ذلك عدم الإعادة في مسألة مجاوزتها في غير الصلاة (وإن) قرأها فانحط بنيتها و (قصدهما) أي السجدة (فركع سهوًا) عنها أي فلما وصل إلى حد الكروع ذهل عنها ونوى الركوع وإلا فهو عند وصوله لحد الركوع راكع (اعتد به) أي بذلك الركوع عند مالك فيرفع له وفاتته السجدة في هذه الركعة والاعتداد به عند مالك بناء على أن الحركة للركن لا تشترط لا عند ابن القاسم بناء على اشتراطها للركن كذا قرر هذا المحل طخ عند قوله الآتي وسهوًا الخ قائلًا إن الركوع على الوجه المذكور هو محل الخلاف بين مالك وابن القاسم (ولا سهو) أي لا سجود سهو عليه لنقص الحركة ولا زيادة معه يسجد لها عند مالك ويسجد عند ابن القاسم إن اطمأن كما يأتي (بخلاف تكريرها) أي السجدة بأن يسجد معها سجدة أخرى سهوًا تحقيقًا أو شكًّا فمن شك هل

ــ

كلها حجة مقصودة ما لم يقم دليل على الخصومية كما أفاده القاضي في الشفاء وغيره (ففي فعلها قبل الفاتحة قولان) هما لابن أبي زيد وأبي بكر بن عبد الرحمن وكان الأنسب بقاعدته

ص: 486

سجد أم لا فإنه يسجدها ويسجد لهذه الزيادة بعد السلام (أو سجود) لها (قبلها سهوًا) يظنها السجدة فسجد ثم قرأ سجدة سجد لها أم لا فإنه يسجد للزيادة بعد السلام فقوله سهوًا قيد في المسألتين فإن كان عمدًا بطلت فيها لأنه من تعمد كسجدة (قال) المازري (وأصل المذهب) أي قاعدته عندي في القاريء إذا قرأ سجدة بعدما قرأها وسجد لها (تكريرها) أي السجدة لأجل قراءتها وفي بعض النسخ تكريره أي سجود التلاوة (إن كرر حزبًا) فيه سجدة أو سجدات ولو في وقت واحد لوجود المقتضى للسجود فالمراد بالحزب حزبه الذي يقرؤه مما فيه سجدة أو سجدات لا الحزب الذي هو أحد ستين لأنه بهذا المعنى قد يجتمع معه أحزاب ليس فيها سجدة وليس الكلام في ذلك كذا يظهر والظاهر أيضًا شمول المصنف لمن كررها في الصلاة حيث تكرر الموجب واختلف فمن قرأ القرآن كله في ركعة سجد سجداته (إلا المعلم) بسماعه (والمتعلم) منه بقراءته على السامع المذكور البالغين إذا قرأ عليه القرآن بتمامه مثلًا أو كرر سورة سجدة واحدة (فأول مرة) يطلبان بالسجود عند مالك وابن القاسم وقال أصبغ وابن عبد الحكم لا سجود عليهما ولا في أول مرة وأما قارئ القرآن فإنه يسجد جميع سجداته قاله الشارح ولا يقال ظاهر المصنف أن الاستثناء من جملة مقول المازري مع أن الشارح عزاه لمالك وابن القاسم لأنا نقول عزاه لهما من نقل المازري فكأنه قال ما لهما في معلم ومتعلم ومقتضى أصل المذهب عندي في غيرهما تكريره إن كرر حزبًا كما يفيد ذلك نقل الشارح الكبير عنه وسواء كان أول مرة في قراءة سجدات في سور أو في تكرير سورة أو أكثر بكل سجدة ولذا عبر بأول مرة دون أول سجدة لأنه كان ربما يوهم قصره على الصورة الأولى ولا يقال الاستثناء من التكرير يوهم قصره على الثانية لأنا نقول بل يشمل الأولى وأراد بالتكرير تكرير ما تطلب فيه السجدة سواء كان عين الأولى أو غيره فتأمله ولا يطلبان بعد بسجود آخر للحرج والمشقة ثم إن قرأ متعلم آخر تلك السجدة سجدها وحده وإن قرأ غيرها سجدها ولو قرأ متعلمون جملة على واحدة سجدة أو سجدات متماثلة كمريم على هيئة السبع سجد كل قارئ وكذا المعلم أول مرة فقط مع جملتهم لاتحاد مقروئهم لا مع كل بانفراده فإن لم تتمائل قراءتهم بل اختلفت كقراءة أحدهم الإسراء وآخر مريم وآخر الحج وآخر الفرقان في وقت واحد على معلم وكرر كل مقروءه فيسجد كل قارئ أول سجدة قطعًا وكذا يسجد المعلم أول مرة فقط عند سماعه أول سجدة من أيهم عند ابن رشد ومن وافقه وقال اللخمي والمازري يسجد أول سجدة مع كل واحد لاختلاف مقروئهم وانظر في عكس هذا وهو ما إذا اتحد القارئ المتعلم وتعدّد معلمه السامع من غير جلوس كل بمحل واحد وسجد كل معلم أول مرة فهل

ــ

لو عبّر بتردد (إن كرر حزبًا) لو قال إن كرر موجب سجود كان أولى ليشمل ما إذا كرر الأول أو غيره (إلا المعلم والمتعلم فأول مرة) قول ز لا مع كل بانفراده الخ فيه نظر فإن الموضوع

ص: 487

يسجد المتعلم أول مرة أيضًا لقراءته عند كل معلم عين ما قرأه عند آخر مطلقًا أو لا مطلقًا أو إن طال الفصل بين قراءته على كل فالأول وإلا فالثاني فإن قرأ على كل غير ما قرأ على الآخر سجد عند كل أول مرة كما إذا قرأ على الجميع جملة في وقت واحد.

تنبيه: حملنا المعلم على أنه معلم بسماعه والمتعلم على القارئ هو فرض ابن رشد والمازري وأبي الحسن وظاهر ابن عرفة وثاني احتمالي د وصدر بحمل المعلم على القارئ واقتصر عليه ح فقال يريد إذا كان المعلم قارئًا وإلا فيشكل مع قوله أول الفصل إن جلس ليتعلم اهـ.

ويجاب بتخصيص قوله أوله ومستمع بغير المعلم بدليل ذكره هنا له على وجه فيه نوع مخالفة لا وله على ما حملنا عليه ما هنا تبعًا لمن تقدم من الفحول فإن كانا قارئين أو المعلم فقط فالظاهر أن حكمهما كذلك كما يفيده التعليل وهو ظاهر المصنف هنا كالتوضيح (وندب لساجد) سجدة (الأعراف قراءة) بعد قيامه منها من الأنفال أو من غيرها مما يليها على نظم المصحف كما في كفاية الطالب لا ما يشمل ما قبلها أيضًا لئلا يلزم تنكيس السور (قبل ركوعه) ليقع الركن عقب قراءة وكذا غير سجدة الأعراف وخصها بالذكر لئلا يتوهم أنها لما كانت آخر سورة فلا يقرأ بعدها شيئًا لأنه كالجمع بين سورتين في ركعة وهو غير مشروع (ولا يكفي عنها) أي عن سجدة التلاوة (ركوع) مقصود لذاته أي لا يجعل الركوع عوضًا عنها ابن يونس لأنه إن قصد به الركوع فلم يسجد وإن قصد السجدة فقد أحالها عن صفتها وذلك غير جائز لأنه تغيير للموضوع الشرعي عن هيئته اهـ.

وبتعليل ابن يونس هذا علم الفرق بين النفي هنا وبين قصده بالفرض نيابة عما دونه في باب الغسل وفي التحية فإنه يحصل وحاصله تماثل هيئة العبادتين هناك وتخالف هيئتهما هنا قال الشيخ سالم عقب شرح المصنف قلت هذا كله إذا أشركها في ركوعه لصلاته وأما لو خصها بالركوع فينبغي بطلان صلاته ويدل عليه قول ابن يونس وإن قصد به السجدة فقد أحالها عن صفتها وذلك غير جائز قاله تت ولما كان قوله ولا يكفي كالترجمة إذ لم يفد فيه ذكر الحكم أتبعه بتفصيل فيه فقال: (وإن تركها) أي السجدة عمدًا عند الانحطاط (وقصده) دونها (صح) ركوعه (وكره) فعله المذكور لتفويته سنة أو فضيلة وعبر يصح لئلا يتوهم عدم صحته عنها (و) إن تركها من أول الأمر (سهوًا) ونوى الركوع (اعتد به) أي بالركوع ويمضي عليه ويرفع له (عند مالك) من رواية أشهب (لا) عند (ابن القاسم) لأن نيته الركوع إنما كانت سهوًا عن السجدة فلا يعتد به لعدم قصد الحركة له فيخر ساجدًا ثم يقوم فيقرأ شيئًا ويركع ويسجد بعد السلام إن طول في انحنائه وهو معنى قوله: (فيسجد إن اطمأن به) أي

ــ

في كلامه قراءتهم مجتمعين على هيئة السبع وقول ز من غير جلوس على كل بمحل واحد الخ يعني من غير جلوس على جميعهم بمحل واحد بل جلس على كل واحد بمحل وحده (فيسجد إن اطمأن به) قول ز عن ابن القاسم وإن لم يذكر حتى أتم الركعة ألغاها الخ قال ابن

ص: 488

بانحنائه عند ابن القاسم وأولى إن رفع منه وإن لم يذكر حتى أتم الركعة ألغاها عنده وليست هذه مكررة مع قوله وإن قصدها فركع سهوًا اعتد به لأنه هناك انحط للسجدة بنيتها فلما وصل إلى حد الركوع نواه وذهل وهو راكع هذا ما قرره به الشارح والبساطي وغ وتت وقرره طخ تبعًا لبعض مشايخ تت على أن معنى قوله وسهوًا أنه إن انحط بنيتها فلما وصل إلى حد الركوع نواه وذهل عنها وهذه وإن كانت مكررة مع السابقة لكنها هي التي اختلف فيها الإمامان فمالك يعتد به بناء على أن الحركة للركن غير مقصودة وابن القاسم لا يعتد به بناء على أن الحركة للركن مقصودة ولا يرد عليه أن الانحناء يفيتها عنده كما مر في السهو وأن ذلك مما اتفق عليه هو وأشهب لاحتمال أن ما مر في الانحناء المقصود للركوع ابتداء وأما ما هنا فلم يقصده ابتداء ودعوى التكرار خير من نسبه شيء لهما لم يختلفا فيه وهو أنه ذهل عنها من أول وهلة وقصد الركوع فلما وصل لحده تذكرها إذ هذا يعتد بالركوع عند مالك وابن القاسم وأيضًا كيف يحمل اختلافهما على هذه بفرض تسليمه ويجزم في الثانية بالاعتداد بالركوع الذي لم يقصده من أول وهلة وإنما انحط بنية السجدة فلما وصل لحدة ذهل عنها وقصده مع أنه كان القياس العكس قال الشيخ سالم ويمكن حمل قوله هنا وسهوًا الخ على من سها عن نية الركوع والسجود وانحط بغير نية البتة فقد قال المصنف ينبغي أن يجري على قول ابن القاسم ومالك بناء على قصد الحركة وعدمه اهـ.

قلت لكن يمنع هذا أنه في توضيحه قال ينبغي وأن يجري الخ فهو ليس عين قولهما الذي نسبه المصنف هنا لهما وأيضًا إنما يبين هنا ما به الفتوى كما قدم لا ما بحثه في توضيحه.

ــ

يونس يريد ألغى الركعة لأنه نوى بها السجدة ثم يسجد السجدة ثم يقوم فيقرأ شيئًا ويركع ويسجد بعد السلام لسهوه اهـ.

وقول ز وقرره طخ تبعًا الخ ما قرره به طخ هو الصواب وهو وإن لزم عليه التكرار لكن فائدته التنبيه على أن المسألة ذات خلاف وأما ما قرره به غ فمشكل من ثلاثة أوجه:

أحدها: ما تقدم في السهو عن ابن القاسم من فوات سجدة التلاوة بالانحناء وأجيب عنه بأن ما تقدم مقيد بركوع خالص لم يزاحمه سجود كما إذا جاوز آية السجدة ثم انحنى للركوع وتذكر وأما إذا لم يخلص المحل للركوع كما نحن فيه فإنه لا يفوت السجود بالانحناء الوجه الثاني إن فيه الرجوع من فرض إلى سنة وأجيب بأن ابن القاسم لعله إنما يمنع ذلك إذا اختلفت هيئة المرجوع عنه والمرجوع إليه وما نحن فيه لا كبير اختلاف فيه لأن الانحناء لا بد منه في السجود والركوع الوجه الثالث أن اللخمي حكى الاتفاق على الاعتداد فيما قرر به غ الخلاف هنا وأجيب بأن تلك طريقة اللخمي وأما ابن يونس فطريقته الخلاف في الصورتين كما أشار إليه غ لكن رده طفى فانظره وقول ز وإن ذلك مما اتفق عليه هو وأشهب الخ فيه نظر فإن الانحناء عند أشهب لا يفيتها مطلقًا فإن مذهب أشهب عدم الاعتداد بالركوع في الصورتين كما في نقل غ عن اللخمي.

ص: 489