الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حال التعليم والتعلم (وإن) كان كل من الشخصين المعلم والمتعلم (حائضًا) لعدم قدرتها على إزالة مانعها بخلاف الجنب فيحرم مسه لقدرته على إزالة مانعه وسيذكر آخر الحيض أنها لا تمنع من القراءة وظاهره ولو للتعليم والتعلم وخوف النسيان وغيره ومن علله بخوف النسيان لما تحفظه نافي جعل المصنف هنا أنها تمس اللوح لذلك (وجزء لمتعلم وإن بلغ) أو حائضًا وقول عج أو جنبًا فيه بعد واحتراز بالجزء عن الكامل فيحرم مسه للبالغ المتعلم على المشهور عند ابن يونس ولكن حكى ابن بشير الاتفاق على جواز مسه له وقول التوضيح ليس بجيد رده مق أي فأقل أحواله أن يكون مشهورًا ثانيًا ومثل المتعلم المعلم على ما روى ابن القاسم عن مالك لأن حاجته كحاجة المتعلم لا على ما ذكره ابن حبيب قائلًا لأن حاجته صناعة وتكسب لا للحفظ قاله الباجي وربما يفهم من قوله لا للحفظ جواز مسه لغير حافظه ويريد القراءة فيه وربما يشمله قول المصنف لمتعلم (وحرز بساتر) يكنه فيه ويقيه من وصول أذى إليه ودل قوله حرز على أنه غير كامل فلا يجوز بكامل على أحد قولين والآخر يجوز وقد تقدما (وإن لحائض) أو نفساء أو جنب أو حامل صحيحًا حامله أو مريضًا مسلمًا لا كافرًا خلافًا لد لأن تعليقه عليه يؤدي لامتهانه ويأتي في الجهاد وبعث كتاب فيه كالآية ويجوز تعليقه على بهيمة لدفع عين حاصلة أو متوقعة.
فصل
(يجب غسل) جميع (ظاهر الجسد)
ومنه تكاميش دبر فيجب استرخاؤه دون قاضي
ــ
وانظره مع ما نقل عنه ز (وإن حائضًا الخ) قال الشيخ سيدي عبد القادر الفاسي رحمه الله الذي كان يفتي به شيخنا العارف بالله سيدي عبد الرحمن إن الجنب مثله وكذا شيخنا أبو العباس المقري وخالفوا غير واحد ممن قرأنا عليه ولم يأت في ذلك بدليل مقنع بل تعلق في ذلك بعمومات ومطلقات النصوص اهـ.
(وجزء لمتعلم وإن بلغ) ابن مرزوق المراد بالجزء ما قابل الكامل وظاهره ولو كان تسعة أعشار القرآن وفيه نظر إلا أن يقال إنما أراد الجزء المعتاد وتجزئة المصحف عادة لا تكون على هذا الوجه اهـ.
وقول المصنف وإن بلغ تعقبه البساطي بأن المصنف إنما اعتمد فيه ما ذكره في ضيح بعد قول ابن بشير اتفق على جواز مس المصحف للمتعلم اهـ.
ونصه ظاهره ولو كان بالغًا مع أن كلام ضيح مردود يقول ابن يونس والمشهور أن الكامل لا يجوز مسه للرجل ولو كان متعلمًا.
فصل يجب غسل ظاهر الجسد
قول ز أي انفصاله عن محله الخ هذا غير صحيح بل المنصوص في الرجل أنه لا يجب عليه الغسل حتى يبرز المني عن الذكر وبذلك صرح الأبي في شرح مسلم ونصه على نقل ح
الحاجة فمندوب فقط كما مر لحكايته الخلاف في وجوب إزالة النجاسة بخلاف ما هنا وأخرج الباطن فلا يجب غسل شيء منه كفم وأنف خلافًا لأحمد فيهما ولأبي حنيفة في الأول وعين وصماخ أذن (بمني) أي بسبب خروجه أي انفصاله عن محله وإن ربط بقصبة الذكر أو تعسر بكحصا بلذة معتادة بدليل لا بلا لذة الخ مقارنة للخروج أو لا كما يذكره وظاهره أن الموجب خروجه ولو من أنثى وهو كذلك على المعروف من المذهب من مساواتها للرجل كما قال الفاكهاني لخبر إنما الماء من الماء خلافًا لقول سند وتبعه ابن المنير إحساسها بانفصاله عن محله كاف في وجوب الغسل عليها لأنه ينعكس لداخل الرحم وعلى كلامهما فالرؤية المقدرة في الخبر بالنسبة للمرأة بمعنى علمها بانفصاله لباطن فرجها وهو بعيد جدًّا اهـ.
انظر د ومحل الخلاف في اليقظة وأما في النوم فلا بد من بروزه منها قطعًا وعليه أيضًا يحمل الخبر المار وسيأتي في قوله لا بمني وصل للفرج أنها إذا حملت يجب عليها الغسل لأنها لا تحمل إلا وقد انفصل منها عن محله وحينئذ فأما أن يقال هذا على قول سند ومن وافقه أو أن هذا في حكم ما خرج لتخلق الولد منه أو إن هذا لما كان يحتمل أن يظهر في الخارج لولا الحمل أوجب الغسل لأن الشك في موجب الغسل كتحققه كما لابن عرفة وبالغ على وجوب الغسل بخروجه في النوم لدفع توهم عدم وجوبه بسبب رفع القلم عنه فقال: (وإن بنوم) رأى فيه أنه وطيء أو خرج بلذة معتادة أو غير معتادة أو بلا لذة كما يفيده تت على الرسالة وكلامهم في خبر إنما الماء من الماء والباجي فقول تت
ــ
ولو اضطرب البدن لخروج المني ولم يخرج أو وصل لأصل الذكر أو وسطه فلا غسل والبكر لا يلزمها حتى يبرز عنها لأن داخل فرجها كداخل الإحليل خلافًا بسند اهـ.
باختصار من نقل ح وهو صريح في أن المني ما دام في الإحليل لا غسل به ومثله نقله عن ابن العربي في العارضة ونصه إذ انتقل المني ولم يظهر لم يوجب غسلًا وقال أحمد بن حنبل رحمه الله يوجب لأن الشهوة قد حصلت بانتقاله وهذا ضعيف لأنه حدث لا تلزم الطهارة إلا بظهوره كسائر الأحداث اهـ.
وأما خلاف سند فإنما هو في المرأة فقط لا فيها وفي الرجل ونصه خروج ماء المرأة ليس بشرط في جنابتها لأن عادته ينعكس إلى الرحم ليتخلق منه الولد فإذا أحست بنزوله وجب عليها الغسل وإن لم يبرز اهـ.
وقول ز فالرؤية المقدرة في الخبر بالنسبة للمرأة بمعنى علمها الخ يعني الخبر السابق وهو إنما الماء من الماء أي إنما الماء من رؤية الماء وهذا الخبر وارد فيما يشمل اليقظة والنوم والخلاف إنما هو في اليقظة وهو ظاهر وجعل بعضهم منشأ الخلاف حديث نعم إذا رأت الماء أي أبصرته على المشهور أو علمته على ما لسند وبحث فيه بأن هذا الحديث إنما ورد في الاحتلام والخلاف في اليقظة وأجاب بعض بأن الاحتلام هو صورة السبب وهي لا تخصص فالحديث على عمومه (وإن بنوم) قول ز رأى فيه أنه وطئ الخ هذا القيد ينافي
هنا وح عقب وإن بنوم بشرطه الآتي غير ظاهر وعطف على بنوم قوله: (أو) أي وإن (بعد ذهاب لذة بلا جماع ولم يغتسل) لا مفهوم له بل ولو اغتسل لأن غسله لم يصادف محلًا نعم مفهوم بلا جماع معتبر إذ لو جامع ولم ينزل فاغتسل ثم أمنى فلا يعيده كما سيذكره فمن صوب المتن هنا بعد بلا جماع بقوله أو به ولم يغتسل صحيح لكن يتكرر مع ما سيذكره المصنف بعد ولا يعيد صلاته التي صلاها قبل نزوله بعد ذهاب لذته فما يأتي للمصنف يرجع لهذا أيضًا (لا) إن خرج (بلا لذة) بل سلسًا فلا يجب منه غسل وظاهره ولو قدر على رفعه بتزوج أو تسر أو بصوم لا يشق وهو ظاهر ابن عرفة وغير واحد ونقل د عن تت بشرح الرسالة أنه إذا قدر على رفعه يوجب الغسل على المشهور اهـ.
وأما الوضوء منه ففيه التفصيل الذي قدمه المصنف فقول د ظاهر كلامهم أنه إذا لم يقدر على رفعه ينتفي الغسل ويجب الوضوء من غير تفصيل بين مفارقة وعدمها اهـ.
ــ
الإطلاق الذي بعده فالصواب إسقاطه وقول ز خرج بلذة معتادة أو غير معتادة الخ تبع في هذا الإطلاق شيخه عج معترضًا على ح وقت قائلًا إن احترز ممن رأى في منامه أنه لدغته عقرب فأمنى أو حك لجرب فأمنى فظاهر كلامه وجوب الغسل اهـ.
وقبل طفى ما لعج وكتب عليه الشيخ مس ما نصه ليس لعج في هذا نص يعتمد عليه ولا ظاهر واضح الدلالة يستند إليه كما يعلم ذلك بالوقوف على ما لديه وإنما تمسك بإطلاقات بعض كتب المذهب هي عند التأمل لا تثبت المطلب غير أن الأحوط ما ذكره وكان وجه التفرقة على هذا بين النوم واليقظة عدم ضبط النائم لحاله ولا يقال إن وجوب الغسل في الصورة المذكورة يؤخذ من وجوبه في صورة ما إذا لم يعقل سببًا أصلًا لأنا نقول إنما وجب في صورة جهل السبب حملًا على الغالب وهو الخروج بلذة معتادة عند التردد والاحتمال بخلاف ما إذا عقل السبب وأنه غير معتاد وبالجملة فلا نص في المسألة ومتمسك عج في رده على تت وح واه جدًّا والله تعالى أعلم اهـ.
من جواب له فيه وما ذكره من الوجوب إذا وجد الأثر ولم يعقل السبب حكي عليه القرافي الإجماع وتعقب بنقل ابن راشد فيه قولين كما في ح قلت والقولان نقلهما المازري أيضًا ونصه وإن رأى الأثر ولم يذكر احتلامًا فقيل يجب الغسل لأن غالب مني النائم اللذة وإن خفيت لغمرة النوم وقيل لا غسل عليه لأنه ماء خرج بغير لذة اهـ.
نقله ابن مرزوق وقول ز كما يفيده تت على الرسالة والباجي الخ فيه نظر فإن كلام تت في الشرح المذكور ليس فيه ما يفيد شيئًا من ذلك بحال وأما كلام الباجي فإنه يفيد خلاف ما قال لأنه علل وجوب الغسل فيما إذا لم يشعر بأن الغالب خروجه على وجه اللذة نقله في ق تأمله (بلا جماع ولم يغتسل) قول ز لا مفهوم له الخ قد يعتذر عن المصنف بأن قوله أو بعد ذهاب لذة يصدق أيضًا بما إذا خرج بعض المني ثم خرج أيضًا البعض الباقي فيكون هذا القيد وهو ولم يغتسل راجعًا لهذه الصورة أي وأما إذا اغتسل لخروج بعضه فلا غسل عليه لخروج باقيه انظر غ (لا بلا لذة) قول ز عن تت في شرح الرسالة إذا قدر على رفعه الخ هذا مشكل مع اشتراطهم اللذة
فيه نظر والعجب أن في كلام تت التفصيل فيه حيث لم يقدر على رفعه كسلس البول وشمل المصنف لدغ عقرب له فأمنى فلا غسل عليه ولدغ بدال مهملة فغين معجمة وأما لذع النار فبمعجمة وعين مهملة وإعجامهما وإهمالهما غير مستعمل واستعمال أحد اللفظين المذكورين في أذى شخص لآخر لغوي أيضًا كما في مختصر الصحاح للرازي ونظمه صاحبنا محمَّد السيوطي فقال:
وقد صح بالوجهين نقلًا لمن يكن
…
بذي لسان في المقالة مجحفا
مذيلًا نظم عج الذي محصله كما مر وهو:
ولدغ لذي سم بإهمال أول
…
وللنار بالإهمال للثان فاعرفا
والإعجام في كل والإهمال فيهما
…
من المهمل المتروك حقًّا بلا خفا
(أو غير معتادة) كنزوله بماء حار أو حكه لجرب أو ركضه دابة فأمنى وينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يحس بمبادي اللذة فيستديم فقد قالوا في الحج إن ذلك يفسده قاله بعض الشراح وفي قوله ينبغي قصور بالنسبة لهز الدابة فإن المصنف في منسكه صرح به ولعل بحثه راجع لمجموع الأمثلة الثلاثة التي ذكرها وبحث عج في قياس الماء الحار والحك لجرب على هز الدابة بأن هزها أقرب لشهوة الجماع منهما فلا يقاسان عليها اهـ.
وقوله وركضه غير قول غيره هز الدابة إن أريد هزها له وعينه إن أريد هزه لها وعلى الأول ربما يتوهم أن إنزاله من هزها من غير ركضه لا غسل فيه ولو التذ به ودام والظاهر خلافه وأما إنزاله بهزها مع ركضه وإدامته إياه فظاهر لأنه شبيه بحالة الجماع (ويتوضأ) في المسألتين إن قدر على رفعه مطلقًا أو لم يقدر وفارق أكثر على ما مر (كمن جامع) أو جومعت بالفرج (فاغتسل) أو اغتسلت (ثم أمنى) أو خرج مني الرجل من فرجها فلا غسل
ــ
المعتادة في وجوب الغسل والظاهر أن ما ذكره تت غير صحيح وقول ز وأما الوضوء منه الخ ابن الحاجب وعلى النفي ففي الوضوء قولان ضيح بالوجوب والاستحباب اهـ.
وفي ح في نواقض الوضوء عن الشيخ زروق ما نصه وقد يخرج المني بلا لذة ولا إنعاظ وهذا لا يجب منه شيء على المشهور اهـ.
وعلى الوضوء لا بد من التفصيل السابق في قوله وبسلس فارق أكثر وقد تقدم هناك عن ضيح أنه قال هذا التقسيم لا يخص حديثًا وإن حدث اهـ.
وبهذا يرد على أحمد (أو غير معتادة) قول ز قصور بالنسبة لهز الدابة الخ في حاشية اللقاني عن الجزولي ما نصه واختلف في هز الدابة هل هو لذة غالبة أو نادرة قولان والمشهور وجوبه اهـ.
أي وجوب الغسل ظاهره مطلقًا سواء أحس بمباديء اللذة أم لا وقد بحث ابن مرزوق مع المصنف في قوله أو غير معتادة بأن الراجح فيه وجوب الغسل كما اختاره اللخمي وشهره
على كل ويتوضئان فلو جومعت خارجه ودخل ماؤه فيها ثم خرج لم يوجب عليها وضوءًا كما تقدم في نواقض الوضوء والفرق إن خروجه بعد الجماع الموجب للغسل معتاد غالبًا بخلافه بعد جماع لا يوجبه عليها حيث لم تنزل وانظر لو ساحقت أخرى ودخل ماء إحداهما في الأخرى واغتسلا لوجوبه عليهما بخروجه بلذة معتادة لهما ثم خرج ماء إحداهما من الأخرى فهل يجب عليها الوضوء قياسًا على جماعها بفرجها أولًا قياسًا على جماعها دونه (ولا يعيد الصلاة) راجع لما قبل الكاف أيضًا كما مر وذكر الموجب الثاني للغسل عاطفًا على الأول وهو بمني فقال: (وبمغيب حشفة بالغ) بانتشار أم لا طائعًا أو مكرهًا عامدًا أم لا شابًّا أو شيخًا أو عنينًا وشمل أيضًا الوجوب على المفعول البالغ وشمل تغييب الخنثى المشكل حشفته في فرج غيره فعليه الغسل وإن لم ينزل على ما خرجه المازري وابن العربي على الشك في الجنابة كما في ابن عرفة وظاهر قول المصنف حشفة جميعها فتغييب ثلثيها لا يوجبه وهو المشهور ثم محل وجوبه في تغييبها كلها إن لم يلف خرقة كثيفة عليها فيجب مع خفيفة والظاهر إنها ما يحصل معها اللذة والظاهر إن اشتراط البلوغ خاص بالآدمي فمن أدخلت ذكر بهيمة غير بالغة وجب عليها الغسل حيث كانت المرأة بالغة ولم تنزل (لا مراهق) بالنسبة له ولا لموطوءته البالغة على المشهور قاله تت أي حيث لم تنزل والفرق بين عدم وجوبه عليها بوطء المراهق مع إنه من نوعها ووجوبه بوطء البهيم غير البالغ نيلها كمال اللذة من ذكر البهيم وغير البالغ دونه (أو قدرها) من مقطوعها كما في تت وممن لم تخلق له وممن خلقت له ولم تقطع وثنى ذكره وأدخل منه قدرها حيث أمكنه ذلك وانظر هل يعتبر فيما إذا أدخل بعضه مثنيًا طولها لو انفرد أو طولها مثنيًا واستظهر الأول وانظر لو كان ذكره كله بصفة الحشفة هل يراعى قدرها أيضًا من المعتاد أو لا بد من تغييبه كله في إيجاب الغسل (في فرج) ولو لخنثى مشكلًا على ما في الطراز وكذا في دبر بشرط الطاقة ولو في بهيمة أو خنثى وإلا لم يجب إن لم ينزل لأنه علاج وحرج كما إذا غيب بين شفرين أو في هوى فرج لعدم التقاء ختانين (وإن) كان الفرج المغيب فيه (من بهيمة) مطيقة كما مر (و) من (ميت) آدمي أو غيره وأما لو غيبت امرأة ذكر ميت في فرجها فالظاهر عدم وجوب غسلها حيث لم تنزل لعدم لذتها به غالبًا ولا يعاد غسل ميت مغيب فيه بعده وقال بعض الشافعية يعاد وهو ضعيف لعدم التكليف قاله د فإن قلت هو غير مكلف أيضًا حين غسله أو لا قلت لأنه تعبد (وندب) الغسل (لمراهق)
ــ
ابن بشير فانظره (وبمغيب حشفة بالغ) قول ز والظاهر أن اشتراط البلوغ خاص بالآدمي الخ سبقه بهذا ابن مرزوق فصرح في البهيمة بأنه لا يشترط فيها البلوغ (لا مراهق) المراهق ابن اثنتي عشرة سنة أو ثلاث عشرة قاله في النكاح الثالث من المدوّنة قال ابن مرزوق ولو حذف لا مراهق استغناء بمفهوم الوصف لكونه في التعريف ولقوله بعد وندب الخ لكان أنسب لاختصاره اهـ.
(وندب لمراهق) اعترض السنهوري هذا بأنه لا مستند للمصنف فيه إنما وقع الخلاف
أو مأمور بصلاة وطئ كبيرة أو مطيقة أو وطئه غيره (كصغيرة) مأمورة بصلاة (وطئها بالغ) لا مراهق وعلم أنّ الصور أربع بالغان بالغ وصغيرة صغير وكبيرة صغيران وشمل الأولين قوله وبمغيب حشفة بالغ وأفاد الثالث بقوله لا مراهق ومن قيد البالغ يفهم الرابع وهو لو وطئها صغير مثلها فيؤمران بالغسل على جهة الندب.
تتمة: لو وجدت أنسية من نفسها أن جنيًّا يطؤها ولم تنزل فلا غسل عليها إن لم يحصل لها شك في الإنزال وإلا وجب عليها لما مر من أن شك الجنابة يوجبها هذا هو القياس وأطلق ابن ناجي عدم الوجوب وفيه بحث وأما الرجل يتزوج جنية ويتحقق مقاربته لها على وجه لا يشك فيه كأنها أنسية فعليه الغسل وإن لم ينزل كما أفتى به عج قائلًا خلافًا لما استظهره ح من عدم وجوبه لما مر من أن شك الجنابة يوجبه (لا بمني وصل للفرج) ولو بوطء في غيره فلا يجب غسل ولا وضوء عند وصوله بلا لمس لأنه ليس بحدث ولا سبب ولا غيرهما مما ينقض (ولو التذت) ما لم تحمل فيجب وتعيد الصلاة من وقت وصوله لأنها لا تحمل إلا بانفصال منيها كما مر وأما لو جلست على مني رجل في حمام فشربه فرجها فحملت فلا يجب عليها غسل لأنها لذة غير معتادة ويلحق الولد بزوجها ولو علم أن المني الذي جلست عليه من غيره حيث كان لو نشأ عن وطء صاحب المني لا ينتفي عن زوجها إلا بلعان أي لخبر الولد للفراش وللعاهر الحجر فإن كان ينتفي عنه بلا لعان كما لو أتت به لدون ستة أشهر من يوم العقد لم يلحق به قاله عج والظاهر أنه لا يلحق حينئذ بصاحب الماء حيث علم وكذا إن لم يكن لها زوج وهل تجد بسبب حملها في هذين لأنا نكذبها في أن ذلك من مني بحمام قياسًا على جواب مالك بالحد لمن ادعت أن حملها من زوج جني كما يأتي في النكاح أولًا لدرء الحد بالشبهة وذكر الموجب الثالث والرابع بقوله: (وبحيض ونفاس) أطلقه هنا على تنفس الرحم بالولد فلذا
ــ
بين القوم في وجوب الغسل عليهما وعدم وجوبه والأول لأشهب وابن سحنون والثاني لمختصر الوقار وعلى الأول لو صلى دون غسل فقال أشهب وابن سحنون يعيد وقال سحنون يعيد بقرب ذلك لا أبدًا قال سند وهو حسن وعليه يحمل قول أشهب لأن الصلاة لا تجب عليهما ومعنى الوجوب عدم صحة الصلاة دونه لتوقفها عليه كالوضوء لا ترتب الإثم فإن قلت في ق عن ابن بشير ما يشهد للمصنف ونصه إذا عدم البلوغ في الواطيء والموطوءة فمقتضى المذهب لا غسل ويؤمران به على جهة الندب اهـ.
قلت الذي في نقل ضيح وح عن ابن بشير وقد يؤمر أن الخ بقد المقتضية أنه لم يجزم الندب فلا يصح الاستناد إليه والله أعلم (ولو التذت) هذا قول ابن القاسم لحمله قول مالك في المدوّنة ما لم تلتذ على الإنزال وأبقاها الباجي والتونسي على ظاهرها وهو المردود بلو وقول ز ما لم تحمل فيجب الخ يشهد له ما نقله ح وابن مرزوق عن ابن العربي في البكر تجامع قال لو حملت وجب الغسل لأن المرأة لا تحمل حتى تنزل أفادناها شيخنا الفهري اهـ.
يعني بالفهري الأستاذ أبا بكر الطرطوشي قاله ابن مرزوق أي فحملها هنا يدل على
قيد بقوله: (بدم) معه أو قبله لأجله أو بعده ولو أراد به الدم لم يحتج للتقييد بما ذكر ويدل أيضًا على إطلاقه هنا قوله: (واستحسن وبغيره) وأطلقه في باب الحيض على الدم الخارج للولادة ولو أراد السلامة من تخالف كلامه لقال وبحيض ونفاس بولادة واستحسن وإن بلا دم ثم في إثبات الواو وفي وبغيره إشكال لأن الاستحسان إنما هو في ولادتها بغير دم فكيف جاءت الواو المشركة وجوابه أن عن مالك روايتين إحداهما مفصلة بين إن تنفس بدم فيجب الغسل أو تنفس بغيره بل ولدته جافًّا فلا يجب وهذه ليست مستظهرة والأخرى أن لا فرق في وجوب الغسل بين أن تنفس بدم أو بغير دم وهذه هي المستظهرة فلذا حسنت الواو انظر د فالمعنى استحسن أي استظهر القول بوجوبه به بدم وبغيره وقول د أي استحسن الغسل لا الوجوب غير ظاهر وبما قررنا علم أن الحيض والنفاس من موجبات الغسل وأما انقطاع دمها فهو شرط في صحته كما سيذكره في باب الحيض فلا تخالف بين كلاميه وصرح بمفهوم حيض لأنه مفهوم غير شرط ليرتب عليه ما بعده فقال: (لا باستحاضة وندب) الغسل (لانقطاعه) مطلقًا لاحتمال أن يكون خالط الاستحاضة حيض وهي لا تشعر به وندب اتصاله بالصلاة إن حمل على انقطاع يعود بعده (ويجب غسل) شخص (كافر) ذكر أو أنثى (بعد الشهادة) أي بعد النطق بالشهادتين (بما ذكر) من
ــ
إنزالها لقوله لا تحمل حتى تنزل وقول ز لو جلست على مني رجل في حمام الخ يؤخذ من قول ابن العربي عن شيخه قبله لا تحمل حتى تنزل إن هذه المسألة لا تكون وإنها محال وقد صرح بذلك ابن مرزوق عند قول المصنف رحمه الله تعالى وبحيض ونفاس الخ وحينئذ فدعواها أنها حملت من ذلك لا تكون شبهة يدرأ بها الحد بل الحد واجب لأنها ادعت ما لا يكون والله أعلم (ويجب غسل كافر الخ) قول ز بل يندب فقط عند ابن القاسم الخ اعترضه بعض قائلًا لم نر من ذكر الاستحباب في قول ابن القاسم أصلًا ومقابل ابن القاسم قولان آخران وجوب الغسل مطلقًا بناء على أنه تعبد وشهره الفاكهاني والثالث للقاضي إسماعيل لا يجب مطلقًا لجب الإِسلام ما قبله بل يندب وألزمه اللخمي أن يقول بسقوط الوضوء لأن الإِسلام إن كان يجب ما قبله من حدث في حال الكفر جب فيهما وإلا فلا وأجيب بأن إسماعيل القاضي علل وجوب الوضوء بأن الصلاة لا تصح إلا بوضوء لقول الله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] الآية وقول ز قال مالك لم يبلغنا الخ هذا لا يوافق قول ابن القاسم الذي درج عليه المصنف إنما يوافق قول إسماعيل القاضي رحمه الله وقول ز والمراد بالشهادة الخ في شرح البخاري لابن مرزوق ما نصه وأما مع الاقتصار على إحداهما فالأولى لا تستلزم الثانية وكذا العكس مع التحقيق لأن الاقتصار على الإقرار بالرسالة لا يستلزم الإقرار بالوحدانية كما ظن بل بالآلهية خاصة اهـ.
قال الشيخ أبو زيد الفاسي رحمه الله فيه نظر لأن الجلالة علم على الواحد الفرد والعلم جزئي لا يحتمل كثرة فإضافة رسول إليه مفيدة لكونه رسول الواحد الذي لا شريك له وذلك إقرار بالوحدانية لا مطلق الألوهية اهـ.
الموجبات الأربع لا إن لم يحصل منه واحد منها كبلوغه بسن أو إنبات فلا يجب الغسل بل يندب فقط عند ابن القاسم قال مالك لم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحدًا إذا أسلم بالغسل ولو أمرهم لاشتهر هذا قول أكثر العلماء والمراد بالشهادة ما يدل على ثبوت الوحدانية لله تعالى وثبوت الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم بشرط عدم اعتقاد مكفر كزعم عدم عموم رسالته وأنها للعرب وعدم فعل أو قول مكفر ولا يشترط لفظ أشهد ولا النفي ولا الإثبات كما صرح به الأبيّ كالمشذالي وقال إنه المنصوص عليه عندنا اهـ.
واقتصر الشيخ سالم على كلام الأبي فيفيد قوته أيضًا خلافًا لابن عرفة في أنه لا بد من لفظ الشهادتين ولا يشترط أيضًا الترتيب ولا الفورية كما يفيده غير واحد كالسنوسي ولا اللفظ العربي من قادر عليه كذا يقيده عج وقال عج في باب الأذان إن العيسوي إذا نطلق بالشهادتين لا يعتد بنطقه عند الله وأما إن رفع للقاضي فيحكم بإسلامه (وصح) الغسل (قبلها) أي قبل الشهادة بمعنى الشهادتين لأنها صارت علمًا عليهما كما في وألزمهم كلمة التقوى أي الشهادتين (و) الحال أنه (قد أجمع) أي عزم وصمم (على الإِسلام) بأن تكون نيته النطق ابن رشد لأن إسلامه بقلبه إسلام حقيقي ولو مات قبل نطقه مات مؤمنًا ابن العربي الصحيح لا يكون مسلمًا حتى ينطق ولا يصح غسله قبل نطقه قلت لعل قول ابن رشد في العازم وابن العربي في غيره أو فيه وهو آب لاستحياء ونحوه كأبي طالب انظر ابن عرفة وعبر يصح لإفادة عدمها في المخرج ولأن غسله قبلها خلاف الأولى وقوله صح الخ أي سواء نوى الجنابة أو مطلق الطهارة أو الإِسلام لأنه نوى أن يكون على طهر من كل ما كان فيه وهو يستلزم رفع المانع واعتقاد الإِسلام يصحح القربة وكذا يقال في الحائض والنفساء الكافرتين إذا عزمتا على الإِسلام ومثل الغسل الوضوء والتيمم (لا الإِسلام) فلا يصح مع العزم عليه قبل النطق به فلا تجري عليه أحكامه من غسل وصلاة
ــ
وقول ز ولا النفي ولا الإثبات كما صرح به الأبي الخ قال البكري في شرح عقيدة ابن الحاجب اختلفوا هل تتعين للدخول في الإِسلام أو لا بل يكفي كل ما يدل على الإِسلام من قول أو فعل على قولين اهـ.
قال الشيخ أبو زيد ومبني الخلاف على أن المقاصد معتبرة بما يدل عليها كيف كان أو لا بد من اللفظ المشروع والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وحديث خالد حيث قتل من قال صبأنا أي أسلمنا ولم يحسنوا غير هذا فقال عليه الصلاة والسلام اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد ثم وداهم عليه الصلاة والسلام وعذر خالدًا في اجتهاده اهـ.
وقول ز أي سواء نوى الجنابة أو مطلق الطهارة أو الإِسلام أي وأما إذا نوى التنظيف وإزالة الأوساخ فإنه لا يجزئه عن غسل الجنابة قاله اللخمي وتنظير ح فيه بقول ابن رشد إذا اغتسل نوى الجنابة فإذا لم ينو الجنابة ونوى به الإِسلام أجزأه لأنه أراد الطهر من كل ما كان فيه اهـ.
عليه ودفن بمقبرة مسلمين وميراث وبهذا الجمل كما يدل عليه تعبيره بلفظ الإِسلام دون الإيمان ظهر أنه لا اعتراض عليه ولا ينافيه قوله: (إلا لعجز) عن النطق لأن معناه كما قال تت لخوف مثلًا فيصح إسلامه البساطي ويصدق عند المفتي وغيره إن ادعاه بعد زوال عذره وعند القاضي إن قامت بذلك قرائن اهـ.
وفائدة تصديقه الآن فيما مضى إرثه من مسلم مورث له مات حال عدم نطقه لعجز وحمل بعضهم الإِسلام في قوله لا الإِسلام على الإيمان واعترض على المصنف بأنه خلاف ما لابن رشد واللخمي والمازري والمحققين والجمهور من أن من آمن بقلبه ولم ينطق بلسانه مع القدرة على النطق واتساع الزمن له ثم اخترمته المنية فإنه يكون مؤمنًا بذلك حيث لم يكن عنده إباية من النطق لو طلب منه ولكن لا تجري عليه أحكام الإِسلام الظاهرة قال وفائدة الحكم بإيمانه اعتقاد أنه غير مخلد في النار اهـ.
وهو حمل بعيد من تعبير المصنف وموجب للاعتراض على المصنف بخلاف الأول كما علمت ولأن المصنف بصدد الأحكام المتعلقة بالظاهر لا الاعتقاد (وإن) وجد شيئًا في ثوبه مثلًا و (شك أمذي) هو (أم مني) وكان شكه فيهما على السواء (اغتسل) وجوبًا (وأعاد من آخر نومة) هذا بيان لحكم بعض ما يصدق عليه قوله وإن شك أمذي أم مني فإنه يعم شك النائم ولو تعدد نومة والمستيقظ وقوله وأعاد في النائم وقولنا شيئًا هو لتت قائلًا هو أحسن من قول ابن الحاجب بللًا أي لقصوره بخلاف الشيء فإنه يعم البلل واليابس وقولنا وكان شكه على السواء واضح إذ من
ــ
فيه نظر فإن بين مسألتيهما ما بين الضب والنون وقول ز فلا تجري عليه أحكامه من غسل الخ أي وأما في الباطن فهو مؤمن فيما بينه وبين الله تعالى وهذا مبني على أن النطق شرط في إجراء الأحكام الظاهرة فقط وهو المنسوب للجمهور وحمل المصنف عليه متعين وبه ينتفي عنه الإشكال المشهور وقيل شرط في صحة الإيمان وقال عياض إنه المذهب وأشار في المراصد إلى الخلاف في ذلك والتفصيل فقال:
وإن يكن ذو النطق منه ما اتفق
…
فإن يكن عجزًا يكن كمن نطق
وإن يكن ذلك عن إباء
…
فحكمه الكفر بلا امتراء
وإن يكن لغفلة فكالابا
…
وذا الذي حكى عياض مذهبا
وقيل كالنطق وللجمهور نسب والشيخ أبي منصور اهـ.
تنبيه: قال الشيخ مس هذا التفصيل إنما هو في الكافر وأما من ولد في الإِسلام فهو على الفطرة الإِسلامية وإنما يجب عليه النطق وجوب الفروع فإذا تركها مع الإمكان كان عاصيًا لا كافرًا ولا يجري فيه التفصيل المذكور هذا هو التحقيق خلافًا لما في شرح المرشد اهـ.
(وأعاد من آخر نومة) تبع في هذا قول الموطأ من وجد في ثوبه احتلامًا وقد بات فيه ليالي وأيامًا أنه لا يعيد إلا من آخر نومة اهـ.
ترجح عنده أحد الجانبين بعلامة عمل بموجبه من غسل وعدمه ودل قوله أمذي أم مني أن شكه بين أمرين:
أحدهما: المني ومثله أبول أم مني وودي أم مني فإن شك في ثلاثة أحدها المني لم يجب عليه غسل لضعف الشك في المني حينئذ ولو تردد بين أمرين ليس أحدهما منيًّا بل مذي أو بول أو مذي أو ودي وجب غسل ذكره كله بنية وينبغي تقييده بما قيد به وجوب الغسل في كلام المصنف وهو أن محل قوله اغتسل في مسألة إذا نام فيه حيث لم يلبسه غيره ممن يمني وإلا لم يجب غسل بل يندب فقط كما في العارضة قال لجواز كونه من ذلك الغير ويجري القيد أيضًا في قوله: (كتحققه) أي تحقق كونه منيًّا وشك في وقت حصوله فيجب عليه الغسل إن لم يلبسه غيره ممن يمني وإلا ندب لأن الغالب شعور النائم بالاحتلام ثم هذا القيد في المسألتين لا يخالف قول البرزلي لو نام شخصان تحت لحاف ثم وجدا منيًّا عزاه كل منهما لصاحبه فإن كانا غير زوجين اغتسلا وصليا من أول ما ناما فيه لتطرق الشك إليهما معًا فلا يبرءان إلا بيقين وإن كانا زوجين اغتسل الزوج وحده لأن الغالب أن الزوجة لا يخرج منها ذلك لحمله وإن كان بعيدًا على ما إذا تحقق أنه ليس من غيرهما وما تقدم على ما إذا لم يتحقق ذلك بأن احتمل أن يكون من غيرهما هذا وشك المرأة في وقت حيض رأته في ثوبها كشكها في الجنابة فتغتسل وتعيد الصوم من
ــ
وهو رواية علي وابن القاسم لكنه مناف كما تقدم عن أبي عمر لما مشى عليه المصنف فيما تقدم من قول المدوّنة من أيقن بالوضوء وشك في الحدث يتوضأ اهـ.
راجع ما تقدم وقال ابن مرزوق رتب المصنف قوله وأعاد من آخر نومة على صورة الشك وذلك غير ظاهر لأن الفرض أن البلل المشاهد المشكوك فيه باق على بلته وهو محل كلام العلماء رضي الله عنهم فقال مالك إن تيقن أنه مني اغتسل أو مذي غسل فرجه وإن شك فلا أدري ما هذا ولو جف البلل وطال الحال فإن المذي لا تبقى له صورة فلا يتأتى معه الشك وإنما ذكر الناس وأعاد من آخر نومة في التحقق اهـ.
باختصار وقول ز ويجري القيد أيضًا في قوله كتحققه الخ ظاهره أن ابن العربي في العارضة إنما ذكر القيد في صورة الشك وفيه نظر بل إنما ذكره في هذه وهي صورة التحقق وقد نقل كلامه ح فانظره وصورة الشك إنما هي مقيسة عليها وقول ز لا يخالف قول البرزلي الخ فيه نظر بل يخالفه وما فرق به بينهما بعيد بل غير صحيح وقول ز لحمله وإن كان بعيدًا الخ متعلق بقوله لا يخالف قول البرزلي وقول ز وتعيد الصوم من أوّل يوم صامت فيه الخ فرق بين الصوم والصلاة وأصله لتت تبعًا لعبارة ابن فرحون وفيه نظر بل لا فرق بينهما على القول المعتمد ابن عرفة قال ابن القاسم فيمن رأت بثوبها حيضًا لا تذكر إصابته إن كانت لا تتركه ويلي جسدها أعادت الصلاة مدة لبسه وإن كانت تنزعه فمدة آخره وتعيد صوم ما تعيد صلاته ما لم يجاوز عادتها ابن حبيب بل يومًا فقط اللخمي عدد نقط الدم إن لبسته بعد الفجر ما لم تجاوز عادتها اهـ.
أول يوم صامت فيه مطلقًا وكذا الصلاة إن لبسته ولم تنزعه أصلًا فتعيدها من أول يوم لبسته كما نقل ابن عرفة عن ابن القاسم فإن لبسته وكانت تنزعه فتعيدها من آخر نومة والفرق بين الصوم والصلاة في هذه الحالة الأخيرة أنها إن كانت فيما قبل حائضًا فالصلاة ساقطة عنها أولًا فقد صلتها والصوم ويجب عليها قضاؤه قاله بعض الشراح لكنه أطلق في أنها تعيد الصلاة من آخر نومة والصواب تقييده بما إذا كانت تنزعه فإن لم تنزعه أعادتها من أول نومة عند ابن القاسم كما مر وإنما أعادت هذه من أول نومة ومن وجد منيًّا في ثوبه الذي لا ينزعه يعيد من آخر نومة لأن الحيض ربما يحصل ممن لا تشعر به بخلاف المني ومحل قضاء صوم أيام عادتها من الحيض دون غيرها حيث لم تصم المدة بنية واحدة فإن صامتها كذلك وجب عليها قضاء ما صامته لبطلان النية بانقطاع التتابع بالحيض ومحله أيضًا إذا كان الدم الذي رأته يمكن حصوله في أيام عادتها فإن كان يسيرًا بحيث لا يحصل إلا في يوم واحد قضت يومًا واحدًا وكذا يقال في سقوط صلاة أيام عادتها وعلى هذا فلا يخالف ذلك ما ذكره صاحب الوجيز من قوله في ثلاث جوار لبسن ثوبًا في رمضان جميعًا لبسته إحداهن: العشر الأول والثانية: العشر الثاني والثالثة: العشر الثالث ثم وجد به آخر الشهر نقطة دم يابسة لا يدري من أيتهن حصلت إن كل واحدة منهن تصوم يومًا واحدًا وتقضي الأولى صلاة الشهر كله أي لاحتمال حصوله منها وأنه أول يوم من الشهر فقد صلت وهي حائض والثانية عشرين يومًا أي لاحتمال حصوله منها وأنه أول يوم من لبسها له والثالثة عشرة أيام ووجه عدم المخالفة أن يحمل ما رئي في الثوب من الدم على اليسير الذي لا يحصل إلا في يوم واحد. ولما ذكر موجبات الغسل أعقبها
ــ
وقد ورد به طفى على تت قال ابن يونس وجه قول ابن القاسم في إعادة الصوم إمكان تمادي الدم أيامًا ولم تشعر وقول ابن حبيب أبين عندي لأنه لو تمادى لشعرت ولظهر في ثوبها نقط وإنما كانت دفعة ثم انقطع اهـ.
وقول ز وإنما أعادت هذه من أول نومة ومن وجد منيًّا في ثوبه الذي لا ينزعه من آخر نومة الخ فرق بين المني والحيض في الصلاة وتفريقه صحيح على ما عزاه ابن عرفة لظاهر الموطأ ورواية علي وابن القاسم من أنه في المني بعيد من آخر نومة مطلقًا وعلى ما نقله عن مالك لا فرق بينهما ففي الواضحة عن مالك أنه في احتلام يعيد من آخر نومة إن كان ينزع الثوب قال فإن كان لا ينزعه أعاد من أول نوم نام فيه اهـ.
وقال ابن يونس إعادته من آخر نوم لمالك في الموطأ لأن عمر رضي الله عنه فعله وإنما قال ذلك لأنه ينزعه ويلبسه ولم ير شيئًا فلما رآه الآن علم أنه من آخر نوم فإن استدام لبسه والمني بموضع يخفى أعاد من أول نوم لأنه في شك من حينئذ فيحتاط وكذا رؤية الحيض ثم قال عن ابن عبد الحكم لا يعيد إلا من آخر نوم استمر لبسه أولًا ابن يونس ويجري هذا الاختلاف في الحيض اهـ.
بواجباته وهي خمسة النية والموالاة وتعميم الجسد لكنه قدم هذا وتخليل الشعر والدلك وقول عج أنها أربعة بإسقاط الأخير مبني على أنه داخل في مفهوم الغسل فقال: (وواجبه نية وموالاة كالوضوء) راجع لهما لكن التشبيه في الأول إنما هو في الصفة فقط لوجوب النية قطعًا لفهمه من قوله وواجبه ومعنى التشبيه في الصفة أن محل النية عند أول مفعول ولو ممسوحًا كمن فرضه مسح رأسه لعلة ومن نوى حدثًا غير ما حصل منه ناسيًا فغسله صحيح ويجري هنا قوله أو فرق النية على الأعضاء وسائر ما مر في نية الوضوء وأما التشبيه في الثاني ففي الحكم والصفة لجريان الخلاف هنا أيضًا في الموالاة وفي شرط الذكر والقدرة وأنه يبني بنية إن نسي مطلقًا وإن عجز ما لم يطل ويكون قوله كالوضوء بالنسبة لهذا الثاني معناه وجوبًا كوجوب الوضوء أي من كونه أحد قولين تأمل ويستثنى من قوله نية غسل الكافر كما تقدم (وإن نوت الحيض) أو النفاس أو هما (والجنابة أو أحدهما ناسية للآخر) أو ذاكرة له ولم تخرجه ففي مفهوم ناسية تفصيل فلا يعترض به وقد يفهم منه صحة نيابة أحدهما عن الفرض الآخر بالأولى وانظره (أو نوى الجنابة والجمعة) أي أشركهما في نية وكالجمعة العيد (أو نيابة عن الجمعة) أي جعل نية الغسل خاصة بالجنابة وعلق بالجمعة نية أخرى وهي نيابة الجنابة عنها (حصلا) ومفاد عبارته أن المانعين حصلا من المرأة فإن حصل منها أحدهما فقط ونوت من الآخر نسيانًا فهل يجزئها غسلها وهو الموافق لما تقدم في الوضوء وربما يشمله قوله وواجبه نية الخ أم لا
ــ
نقله ابن مرزوق فقد علمت أنه لا فرق بين الاحتلام والحيض في التفصيل بين النزع وعدمه على قول مالك وإن قول المصنف وأعاد من آخر نومة يقيد بما إذا كان ينزعه وإلا فمن أول نوم نام فيه تأمله والله أعلم لكن في ضيح ما نصه قسم الباجي المسألة على قسمين إن كان ينام فيه وقتًا دون وقت أعاد من أحدث نومة اتفاقًا وهل يعيد ما قبل ذلك قولان وإن كان لا ينزعه فروى ابن حبيب عن مالك رحمه الله تعالى أنه يعيد من أول نومة الباجي ورأيت أكثر الشيوخ يحملون هذا على أنه تفسير للموطأ والصواب عندي أن يكون اختلف قوله في الجميع اهـ.
قال في ضيح وعلى هذا فإطلاق المصنف موافق لطريق الباجي لا ما حكاه عن الأكثر اهـ.
وكذا يقال في إطلاق المصنف هنا لكن لا ينبغي مخالفة الأكثر والله أعلم وقول ز وكذا يقال في سقوط صلاة أيام عادتها الخ فيه نظر إذ الصلاة لا تتقيد بأيام عادتها كما هو واضح ويفيده كلام ابن عرفة المتقدم فلا يجري فيها القيد الذي ذكره وقول ز فلا يخالف ذلك ما ذكره صاحب الوجيز الخ انظره فإن ما في الوجيز يخالف ما تقدم من أنه إذا لبسه الغير يندب الغسل فقط ولا يجب (وواجبة نية) قول ز لكن التشبيه في الأول إنما هو في الصفة فقط أي لا في الحكم لاتفاقهم على وجوبها هنا واختلافهم فيه هناك وهذا إنما يحسن في كلام من حكى الخلاف فيه لا في كلام من لم يحك ذلك كالمصنف فالصواب أن التشبيه في الصفة والحكم معًا والله تعالى أعلم وقول ز ويستثنى من قوله نية غسل الكافر الخ فيه نظر على ما تقدم حمل المصنف عليه من قول ابن رشد أن إيمانه صحيح وإنما النطق شرط في الأحكام
قاله عج وأما عمدًا فمتلاعبة فلا يجزئ قطعًا كذا ينبغي وما ذكره المصنف هنا غير ضروري الذكر مع قوله كالوضوء فهو إيضاح والظاهر أن نية الغسل المسنون والمندوب معًا أو نيابة مسنون عن مندوب يحصلان لا إن نسي المندوب أو نيابته عن مسنون ولا نيابة مندوب منذور عن فرض أصلي لعلو مرتبته عن النفل المنذور كما نذكره عند قوله ومنع نفل ويفهم منه أن الغسل المنذور لا يندرج فيه الوضوء ولا نيابة مسنون عن مثله بخلاف نيتهما معًا فيما يظهر كغسل جمعة لمقيم بمكة وإحرام (وإن) نوى غسل الجمعة و (نسي الجنابة أو) نوى الجمعة ولم ينس الجنابة ولكن (قصد) بغسل الجمعة ولو منذورًا فيما يظهر (نيابة عنها) أي عن الجنابة (انتفيا) أي لا تحصل الجنابة لعدم نيتها ولا غسل الجمعة فلا يحصل له ثوابه معاملة له بنقيض قصده لتعديه الحكم الشرعي بنيابة السنة عن الفرض وبهذا التعليل ظهر الفرق بين هذا وبين صحة وضوء الجنب للصلاة وتوقفها على غسله ولأن نيابة واجب عن واجب معهودة دون سنة عن واجب وفائدة انتقاء الجمعة طلبه بغسلها إذا اغتسل للجنابة دون قصد نيابتها عن الجمعة أو نسيها (وتخليل شعر) ولو كثيفًا ولذا لم يقيده بما قيده به في الوضوء من قوله تظهر البشرة تحته فمن توضأ للصلاة وهو جنب ولم يخلل شعر لحيته الكثيفة يجب عليه تخليلها إذا اغتسل وهذا يشعر به قوله الآتي وغسل الوضوء عن غسل محله أي وأما ما زاد عن محله كالكثيفة فلا بد من غسله في الغسل (وضغث مضفوره) أي جمعه وتحريكه واتكاؤه عليه بيده ليداخله الماء ومربوطه كمضفوره والرجل كالمرأة في ذلك وفي جواز الضفر له كهي وفاقًا لعبد الوهاب وخلافًا للبلنسي في حرمة ذلك أو كراهته قاله عج وأو للشك لأن عبارته على ما في تت لا يجوز للرجل أن يضفروا رؤوسهم اهـ.
(لا نقضه) أي حله ما لم يشتد بنفسه أو عليه خيوط كثيرة وكذا خيط أو خيطان مع الاشتداد لا مع عدمه ويحتمل عدم نقضهما مع الاشتداد قياسًا على ما لابن رشد في الخاتم من قوله لا ينقضه مطلقًا لأنه إن كان سلسًا أي ضيقًا ضيقًا يسيرًا فالماء يصل لما
ــ
إذ لا استثناء حينئذ (وضغث مضفوره) قال أبو الحسن في قول المدوّنة ولا تنقض المرأة شعرها ولكن تضغثه بيدها ما نصه ظاهره وإن كانت عروسًا وفي شرح ابن بطال عن بعض التابعين إن العروس ليس عليها غسل رأسها لما في ذلك من إفساد المال قال الشيخ أبو محمَّد صالح وهذا يسمع في بعض المجالس ولم أقف عليه نصًّا اهـ. والله أعلم.
وقال الوانوغي ما ذكره أبو محمَّد صالح من نقل ابن بطال الترخيص للعروس لا يبعد كل البعد وفي فروعنا ما يشهد له اهـ.
ونقله غ في تكميله وسلمه وكذا نقل ابن ناجي عن أبي عمران الجورائي لا تغسله بل تمسح عليه وقول ز ما أفتى به المصنف هو الراجح أي لترجيح ابن يونس له كما نقل ق ونصه ابن يونس والصواب وجوب تخليل شعر اللحية وسمعه أشهب وسمع ابن القاسم سقوطه اهـ.
وقال ابن الحاجب والأشهر وجوب تخليل شعر اللحية والرأس وغيرهما اهـ.
تحته ويغسله وإن كان قد عض بإصبعه صار كالجبيرة لما أباح له الشارع من لباسه فلا يدخل فيه الخلاف فيمن لصق بذراعه شيء من العجين اهـ.
وقوله وإن كان قد عض الخ لا ينافي قول ناظم مقدمته:
وحرك الخاتم في اغتسالك
لحمله على الندب أو ضعيف كما يفيده الشيخ سالم وحمله شيخنا ق على ما إذا كان غير مأذون فيه لكن تقدم أن غير المأذون فيه لا بد من نزعه عند بعضهم.
تنبيه: قال مق ما أفتى به المصنف من وجوب التخليل هو الراجح على ما يظهر من الانقال والحديث وإن كان هو خلاف رواية ابن القاسم في اللحية اهـ.
(وذلك) تركه بعضهم لأنه داخل في مفهوم الغسل كما مر وذكره المصنف ليرتب عليه قوله: (ولو بعد) صب (الماء) عند ابن أبي زيد خلافًا للقابسي في اشتراطه المعية وفيه حرج والمبالغة في مقدر وهو ويجزيء لا في الوجوب لأنه واجب عند مقابل المشهور أيضًا وإنما الخلاف في إجزائه بعد صب الماء فقط ولا يكفي فيه غلبة الظن بل اليقين إلا المستنكح ولم يأت بهذه المبالغة في الوضوء لأن الغالب فيه المصاحبة ولا يشترط فيه هنا إمرار اليد بل إمرار العضو ولو باطن ذراعه كما يفيده الشيخ سالم لتعميم الجسد هنا بخلاف الوضوء قال عج ما ذكره من وجوب الدلك لذاته لا لإيصال الماء للبشرة هو المشهور من مذهب مالك وإن ضعف مستدركه والراجح مدرك مقابله وقد قال القرافي تبعًا لشيخه العز في مثل هذا يجب العمل بما قوي مستدركه وستأتي عبارتهما في باب القضاء اهـ.
قلت أما العز فشافعي وأما القرافي فلعل قوله يجب العمل بما قوي مستدركه مبني على تفسير المشهور بما قوي دليله لا يقول ابن القاسم في المدونة ولا بما أكثر قائله فإنه لا يعدل عن هذين وإن ظننا ضعف مدرك الإِمام بحسب زعمنا ويكفي قوله قبل هو المشهور من مذهب مالك وضعف المدرك لا يلزم منه ضعف القول نفسه لما تقرر من أنه لا يلزم من بطلان الدليل فضلًا عن ضعفه بطلان المدلول على أن قوله يجب العمل الخ غير ما يفتى به الذي هو المشهور من مذهب مالك من وجوب الدلك لذاته وعطف على الظرف قوله: (أو بخرقة أو استنابة) عند تعذره باليد كما في الشرح عن سحنون فتنظير د
ــ
وتعقب بأنه يقتضي الخلاف في الشعر مطلقًا وليس كذلك بل في اللحية فقط (أو بخرقة أو استنابة) قول ز وظاهر المصنف رحمه الله أنه لا مزية لأحدهما على الآخر الخ الحق أن الخرقة والاستنابة سواء عند تعذر اليد فيخير بينهما كما أنهما سواء في اشتراط تعذر اليد في كل منهما كما يستفاد ذلك كله من ابن الحاجب وابن عرفة انظر طفى فأو الأولى للتنويع والثانية للتخيير وقول ز وقد جرى خلاف فيمن استناب الخ قال طفى والظاهر أن الخرقة
فيه قصور وظاهر المصنف أنه لا مزية لأحدهما على الآخر وهو ظاهر ابن عرفة أيضًا وتقرير الشارح والذي يظهر تقديم الخرقة على الاستنابة لأن الدلك بها فعله وقد جرى خلاف فيمن استناب مع قدرته بيده ففي ح المشهور لا يجوز ابتداء ويجزيء وفي طخ ود المشهور عدم الإجزاء وهو الموافق لقول ناظم مقدمة ابن رشد:
والدلك لا يصح بالتوكيل
…
إلا لذي آفة أو عليل
قال الشارح وما ذكره المصنف من وجوبه بالخرقة أو الاستنابة عند تعذره باليد قول سحنون قيل وهو الظاهر وذهب ابن حبيب إلى سقوطه وصوبه ابن رشد اهـ.
وارتضاه ابن عرفة والقرافي قال د ومعنى الدلك بالخرقة أن يجعل شيئًا بين يديه يدلك به كفوطة يجعل طرفها بيده اليمنى وطرفها الآخر بيده اليسرى ويدلك بوسطها وأما لو جعل شيئًا بيده ودلك به ككيس يدخل يده فيه ويدلك به فإن الدلك حينئذ إنما هو من الدلك باليد هكذا وقع في مجلس المذاكرة وارتضاه بعض شيوخنا اهـ.
قلت هذا يقتضي إجزاء الدلك به بل جوازه مع القدرة عليه باليد من غير حائل وهو خلاف ظاهر ما ذكروه في تعريف الدلك لا سيما إن كانت الخرقة كثيفة وقد ذكروا أنه إذا حال بين الحشفة وبين الفرج خرقة كثيفة يكون وطؤه غير موجب للغسل فيحمل هذا بتقدير تسليمه على ما إذا كانت الخرقة التي يجعلها على يده رقيقة قاله عج (وإن تعذر) الدلك باليد والخرقة والاستنابة (سقط) ويكفيه صب الماء وظاهره ولو قدر عليه عقب الفراغ منه بعد الجفاف لتمام العبادة ويحتمل أنه يلزمه إذا لم يصل به أو لما يستقبل من الصلوات وليس من التعذر إمكانه بحائط بملكه المغتسل غير حمام لا حائط حبس أو حمام ولو بملكه لأنه يورث البرص على قول بعض الناس ولا حائط بملك غيره إن تضرر بدلكه به لا إن لم يتضرر لما ذكروه من أنه ليس للشخص منع غيره من نفعه بما لا يضر كاستظلاله بجداره أو استصباح أو انتفاع بنور مصباحه (وسننه) أي الغسل ولو مندوبًا خمسة على ما في بعض النسخ زيادة الاستنثار وأربع على إسقاطه (غسل يديه أولًا) أي
ــ
حكمها حكم النيابة في الإجزاء وعدمه (وسننه غسل يديه أولًا) قول ز أي قبل إدخالهما في الإناء الخ ابن مرزوق تبع المصنف في عدها من السنن ابن بشير وظاهره أن هذا الغسل عند الشروع في الوضوء بعد إزالة الأذى ويحتمل أن يكون أول ما يفعل وكلام الباجي واللخمي قد يدل على الاحتمال الأول وصرح عياض في قواعده بالاحتمال الثاني وكذا ابن الجلاب وصاحب التلقين وابن يونس وغير واحد وهو ظاهر نقل النوادر وغيرها ولا ينقضه مس الذكر عند هؤلاء ثم قال والاحتمال الثاني هو ظاهر الأحاديث وأكثر نصوص المذهب أن لا يتكلف مثل هذا ولم أر في المسألة نصًّا صريحًا اهـ.
باختصار فيؤخذ من كلامه ترجيح الثاني وبه قرر ز وغيره وعليه فقال طفى وظاهر كلام الأئمة أنه لا يعيد غسلهما في وضوء الجنابة لجعلهم السنة غسلهما قبل إدخالهما في الإناء
قبل إدخالهما في الإناء أو قبل إزالة الأذى فالابتداء هنا حقيقي وفي قوله وندب بدء بإزالة الأذى إضافي وعلم أن الحكم بالسنية يتوقف على الأولية وإن كان غسلهما بعد ذلك واجبًا لوجوب تعميم الجسد بالماء ويغسلهما ثلاثًا تعبدًا بمطلق ونية كما في مق والشيخ سالم فكان حقه ذكر ثلاثًا كما ذكر في الوضوء ولا يعارض سنية التثليث هنا قوله في توضيحه ليس شيء في الغسل يندب فيه التكرار غير الرأس اهـ.
لأنه في المندوب كما هو صريحه والتثليث هنا من تمام السنة (وصماخ) بكسر الصاد بالرفع عطف على غسل لا على يديه وفي الكلام حذف مضاف أي مسح صماخ (أذنيه) فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه والمراد به جميع الثقب الذي في مقعر الأذنين وهو ما يدخل فيه طرف الإِصبع هذا هو الذي يسن مسحه لا غسله ولا صب الماء فيه لما في ذلك من الضرر وأما ما يمسه رأس الإِصبع خارجًا عن الثقب المذكور فمن الظاهر الذي يجب غسله قاله في الطراز فالسنة في الغسل مغايرة لسنة الوضوء لأنها فيه مسح ظاهرهما وباطنهما وصماخهما والسنة هنا مسح الثقب الذي هو الصماخ وما زاد عليه غسله فرض قال د عن بعضهم ولا يصب الماء فيهما صبًّا لأن ذلك يضره بل يكفيهما على كفه مملوءة ويدير إصبعه أثر ذلك أو معه إن أمكن اهـ.
وقال أول الفصل قال السنهوري وأفادنا بعض شيوخنا أن الثقب الذي في الأذن تجعل الحلقة فيه له حكم الباطن فلا يجب غسله خلافًا لبعض المجتهدين اهـ.
ولا ينافيه قول ناظم مقدمة ابن رشد:
وحرك الخاتم في اغتسالك
والخرص لأن تحريكه لا يقتضي وجوب غسل الثقب بمعنى دلكه بل تحريكه قائم مقام دلكه ويوصل الماء إلى ما تحته إن أمكن (ومضمضة) مرة (واستنشاق) كذلك واستنثار وتركه على ما في نسخ متعددة قال د والجواب عنه أنه أطلق الاستنشاق هنا على ما يشمل الشيئين كما هو مذهب بعض الشيوخ وإن كان لم يمش على ذلك في الوضوء اهـ.
(وندب) بعد غسل يديه (بدء بإزالة الأذى) أي النجاسة عن جسده فرجه أو غيره إن
ــ
فلا معنى لإعادته بعد حصول السنة وقول أحمد يعيد غسلهما ثانيًا في الوضوء لا مساعد له إلا ما يؤخذ من قولهم يتوضأ وضوء الصلاة مع أن ذلك محمول على غير غسل اليدين لتقدمه اهـ.
باختصار وقد رد ز على أحمد فيما يأتي (وصماخ أذنيه) قول ز لأن تحريكه لا يقتضي الخ هذا يفيد أن المنفي عند السنهوري هو غسل الثقب بمعنى دلكه ولا معنى له والصواب أن ما في البيت مقابل لما قاله س وما قاله س من كونه من الباطن أظهر (وندب بدء بإزالة الأذى) قول ز إن لم يغير الماء وإلا وجب البدء به الخ فيه نظر بل يجوز غسل محل الأذى مرة واحدة بنية الجنابة لكن يغسل حتى ينفصل الماء طاهرًا وما ذكره من الوجوب هو قول
لم يغير الماء وإلا وجب البدء به وإلا كان الغسل باطلًا أشار له تت ولا تحتاج إزالة الأذى لنية فإن نواها مع نية الغسل لم تضر في نية الغسل وإن نواها دون نية رفع الجنابة عند غسل فرجه فلا بد من غسله ثانيًا بنية رفع الجنابة ليعم جسده وكثير من الناس لا يتفطن لذلك فينوي رفع الجنابة بعد غسل فرجه ثم لا يمسه حفظًا للوضوء فيؤدي لبطلان غسله لعروّ غسل الفرج عن نية قاله المؤلف في شرحه على المدونة (ثم أعضاء وضوئه) يندب تقديمها بنية رفع الجنابة عنها بعد إزالة الأذى إذ لو نوى الفضيلة لوجب إعادتها في الغسل قاله تت وقال عج مقتضى المصنف إعادة غسل يديه مع أن السنة تقدمت اهـ.
وفيه أن قول المصنف أعضاء وضوئه يخرج غسل يديه إذ أعضاء الوضوء القرآنية إنما هي أربعة فلا يسن في هذا الوضوء مضمضة ولا استنشاق ولا غسل يديه لكوعيه خلافًا لد ولا استنثار لتقدم أنها من سنن الوضوء (كاملة) فلا يؤخر غسل رجليه (مرة وأعلاه) أي أعلى كل جانب يقدم على أسفله ومنتهى الأعلى إلى الركبتين فيبدأ بأعلاه إلى
ــ
ابن الجلاب لكن تأوله المنوفي على أن الماء انفصل متغيرًا وهو غير ظاهر لجواز حصولهما معًا ويغسل حتى ينفصل الماء طاهرًا انظر ح رحمه الله تعالى اهـ.
(ثم أعضاء وضوئه) قول ز بنية رفع الجنابة الخ ابن عرفة عن اللخمي رحمه الله وإن نوى الوضوء أجزأه اهـ.
ويدل عليه قول المصنف رحمه الله تعالى وغسل الوضوء عن غسل محله (كاملة مرة) أشار بقوله كاملة إلى أن الأولى تقديم غسل رجليه وعدم تأخيره إلى إتمام غسله وهو خلاف الراجح إذ الراجح أنه يؤخر غسل رجليه لأنه قد جاء التصريح بذلك في الأحاديث كحديث ميمونة ووقع في بعض الأحاديث الإطلاق والمطلق يحمل على المقيد قال القلشاني المازري وعلى التقديم فمقتضاه عدم تخليل اللحية في الوضوء وعدم تخليل الرأس عند مسحه وعلى التأخير العكس ابن الحاجب وعلى تأخيرهما في ترك المسح روايتان انظر توجيههما في ضيح وأشار بقوله مرة إلى ما ذكره عياض عن بعض شيوخه من أنه لا فضيلة في تكراره لأنه في ضيح اقتصر عليه قال طفى ورد عليه ابن حجر في فتح الباري بأنه ورد من طرق صحيحة أخرجها النسائي والبيهقي من رواية أبي سلمة عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة وفيه ثم تمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا وغسل وجهه ثلاثًا ويديه ثلاثًا ثم أفاض على رأسه ثلاثًا اهـ.
فقد علمت أن معتمد المصنف مردود قلت وما في هذا الحديث هو ظاهر الأحاديث الواردة في ذلك وقد جمعها الحافظ سيدي أحمد بن يوسف الفاسي رحمه الله في جزء مستقل وكان العلامة سيدي عبد القادر الفاسي يقول ما قاله عياض نقله عن بعض شيوخه فكتبوه عليه بالزنجفور وفي الجزولي إن التكرار هو الذي عول عليه أبو محمَّد صالح واعتمده عليه والله أعلم (وأعلاه وميامنه) قول ز ثم بأعلى اليسار كذلك الخ يقتضي هذا أن اليمين كله بأعلاه وأسفله يقدم على اليسار وهو الذي اختاره أحمد وفيه نظر ففي ح واعلم أن ظواهر
ركبتيه ندبًا ثم بركبته إلى أسفل الأيمن ثم بأعلى اليسار كذلك ثم أسفله ثم يلي اليسار الظهر ثم البطن والصدر قاله زروق ولا يقال يلزم على هذا تقديم أسافل اليمنى على أعالي اليسار والشق الأيمن والأيسر الأسفلان على الظهر والبطن والصدر لأنا نقول المطلوب إنما هو تقديم أعالي كل جهة على أسافلها كما هو ظاهر كلام المصنف لا تقديم إلا على مطلقًا قاله د وعلم من ذلك أن الضمير في أعلاه لجانب المغتسل وأما الضمير في قوله: (وميامنه) فللمغتسل (وتثليث رأسه) ظاهره أنه يعمم جميع الرأس بكل غرفة وهو ظاهر كلامهم وبه الفتوى لأن المعنى غسله ثلاثًا ويحتمل أن يكون المعنى غرفتان لشقي الرأس والثالثة لأعلاه لأن المعنى جعله أثلاثًا وكلاهما نقله ابن هارون قلت الصواب الجزم بهذا الأخير قياسًا على الاستجمار في أحد القولين ذكره ابن ناجي كما في تت وظاهر المصنف على الأول أن الثانية والثالثة مستحب واحد (وقلة ماء بلا حد) بصاع وهذا مكرر مع قوله في الوضوء وقلة ماء بلا حد كالغسل أعاده لأن الباب له وما مر استطراد ثم شبه لإفادة الحكم فقال: (كغسل فرج جنب) ذكر لنشاطه (لعوده لجماع) ولا يندب للأنثى خلافًا لد لأنه يرخي محلها ولم يعطف المصنف هذا بالواو على المندوبات قبله لأنه ليس من مندوبات الغسل وإنما هو من مندوبات الجنب وظاهره الندب عاد للموطوءة الأولى أو غيرها وخصه بعضهم بالأولى وأما لغيرها فيجب غسل فرجه ولعل وجهه لئلا يدخل فيها نجاسة الغير (ووضوءه) أي الجنب ذكرًا أو أنثى (لنوم) أي لأجل نوم على طهارة ولو نهارًا وأوجبه ابن حبيب ابن عرفة وأما الحائض فلا تغتسل أي لا تتوضأ لنوم قيل انقطاع دمها وأما بعده فكالجنب أي فتتوضأ (لا) يندب للجنب (تيمم) ولو مع عدم الماء أو عدم قدرة عليه على المشهور لأنه للنشاط ولا نشاط بالتيمم وقيل
ــ
نصوصهم تقتضي أن الأعلى بميامنه ومياسره مقدم على الأسفل بميامنه ومياسره لا أن ميامن كل من الأعلى والأسفل مقدمة على مياسر كل بل هذا هو صريح عبارة ابن جماعة انظر نصها فيه وبهذا قرر ابن عاشر ونصه ازدحم الأعلى واليمين في التقديم فتعارض أعلى الجهة اليسرى وأسفل الجهة اليمنى في حكم التقديم والذي نص عليه بعضهم تقديم الأعلى مطلقًا مع تقديم الجهة اليمنى منه ثم الأسفل مع تقدم الجهة اليمنى أيضًا وربما أشعر بهذا تقديم المصنف الأعلى على الميامن والتقدير يستحب تقديم الأعلى على الأسفل وتقديم ميامن كل على مياسره ونحو هذا الفقه لابن مرزوق اهـ.
ويؤخذ منه أن الضمير في أعلاه يعود على المغتسل والضمير في ميامنه على كل من الأعلى والأسفل وجعل الضمير في أعلاه لكل جانب وفي ميامنه للمغتسل وهذا مبني على تقريره والله تعالى أعلم (ووضوءه لنوم لا تيمم) قول ز أي لأجل نوم على طهارة الخ هذا أحد قولين في علته وقيل إنه للنشاط وهذا الثاني هو المناسب لقول المصنف رحمه الله تعالى لا تيمم وتكون اللام في قوله لنوم بمعنى عند إذ من قال إنه للطهارة يقول إنه يتيمم لأن التيمم مطهر حكمًا وقول خش إن قوله لا تيمم مفرع على العلتين غير صواب ونص ابن بشير
يتيمم مع عدمه أو مع عدم قدرة عليه لكن على تراب لا على حجر نص عليه ابن فرحون على ابن الحاجب عن البوني شارح الموطأ ولعله ولورود أنه عليه الصلاة والسلام تيمم على حائط أي طين مكان ذلك رخصة يقتصر فيها على ما ورد انظر د (ولم يبطل) وضوء الجنب للنوم (إلا بجماع) وينبغي أن يكون مثله التيمم بشرطه على الضعيف وأما وضوء غير الجنب للنوم فينقضه الحدث الواقع قبل الاضطجاع ولا ينقضه المباشرة إلا مع قصد اللذة كذا للأبي والذي لابن عمر أنه يبطل بما يبطل به الوضوء لغير النوم وهو ظاهر جار على القواعد والصحيح أنه إذا نوى بهذا الوضوء البيات على طهارة استبيحت له الصلاة به فإن قلت هو لم ينو به إحدى نيات الوضوء الثلاث قلت نيته البيات على طهارة تتضمن رفع الحدث وكذا يقال في الوضوء لزيارة الأولياء لا تستباح به الصلاة إلا إذا نوى أن يزور على طهارة لأنها كأنها مقصودة أصالة وإن كان الباعث عليها نوم غير الجنب أو الزيارة بخلاف نيته بها الزيارة أو النوم نظير ما سيأتي في وذبح لصليب أو عيسى وذبح لصنم (وتمنع الجنابة موانع الأصغر) المتقدمة في قوله ومنع حدث صلاة وطوافًا الخ (والقراءة) بحركة لسان من رجل أو امرأة بخلاف الحائض كما يأتي (إلا كآية) ولو آية الكرسي (لتعوّذ) ودخل بالكاف الآيتان والثلاث والمعوذتان للتعوّذ كذلك بل ظاهر كلام الباجي أن له قراءة المعوذتين وآية الكرسي لقوله يقرأ اليسير ولا حد فيه تعوذًا بل ربما يشمل كلامه قراءة {قُلْ أُوحِيَ} [الجن: 1] فلو قال المصنف إلا يسيرًا لكتعوذ لكان أخصر وأحسن لشموله لما للباجي ولقوله: (ونحوه) كرقيًا واستدلال على حكم وانظر فتحه على
ــ
ولا خلاف أن الجنب مأمور بالوضوء قبل النوم وهل الأمر بذلك واجب أو ندب في المذهب قولان وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر الجنب بالوضوء واختلف في علة الأمر فقيل لينشط للغسل وعلى هذا لو فقد الماء لم يؤمر بالتيمم وقيل ليبيت على إحدى الطهارتين لأن النوم موت أصغر فشرعت فيه الطهارة الصغرى كما شرعت في الموت الأكبر الطهارة الكبرى فعلى هذا إن فقد الماء تيمم اهـ.
ومثله في كلام اللخمي وابن شاس ونص ابن الحاجب وفي تيمم العاجز قولان بناء على أنه للنشاط أو لتحصيل الطهارة اهـ.
(ولم يبطل إلا بجماع) قول ز والذي لابن عمر أنه يبطل بما يبطل به الوضوء الخ هذا يقتضي مخالفة ما لابن عمر لكلام الأبي الذي قبله وفيه نظر بل كلام ابن عمر هو عين ما نقله عن الأبي وبلفظه ونصه على نقل ح وإن نام الرجل على طهارة وضاجع زوجته وباشرها بجسده فلا ينتقض وضوؤه إلا إذا قصد بذلك اللذة اهـ.
(موانع الأصغر) موانع بمعنى ممنوعات كدافق بمعنى مدفوق وقول ز بحركة لسان أي وأما بقلبه فنقل البرزلي عن أبي عمر أن الإجماع على جوازها وتردد فيها في ضيح (إلا كآية لتعوّذ ونحوه) قول ز وربما يقال التعوذ واجب لخوف الخ فيه نظر إذ التعوذ لا يتعين بالقرآن
غيره وربما يقال هو أولى من القعود ونحوه لا سيما إن كان يترتب عليه خلط آية رحمة بعذاب قاله عج وربما يقال التعوذ واجب لخوف وفتحه على غيره يغني عنه أمره له بالسكوت وتعليله بخلطه إلا بفاتحة نعم هو ظاهر في فتحه على مصل في فاتحة لإمام وقد قال عج ولا بد فيما يقرأ للتعوذ أن يكون مما يتعوذ به لا نحو آية الدين وكذا يجري نحوه فيما يرقي به أو يستدل ولا ثواب فيما يقرأ للتعوذ ونحوه أصلًا لأن الثواب منوط بالقصد امتثالًا إن لم يقصد الذكر فإن قصد فله ثواب الذكر فيما يظهر كما ذكره الشافعية فيما يقصد به الذكر وقد تقدم ذلك (ودخول مسجد) ولو مسجد بيته كما لمالك في الواضحة كما في الذخيرة وقال به ابن رشد الأبي وكان الشيخ يقول ليس له حرمة المسجد انظر د ونحو الثاني قول الأقفهسي يجوز للجنب مكثه به لكنه لا يقاوم الأول ويشمل قوله أيضًا مسجد ما بني بأرض مستأجرة ثم يرجع بيتًا لأنه لا يشترط في الوقف التأبيد كما يأتي للمصنف وما بني بأرض مغصوبة لصحة الجمعة فيه على الراجح كما يظهر من الأقفهسي في باب الجمعة (ولو مجتازًا) وليس للصحيح الحاضر أن يتيمم يدخل إلا أن لا يجد الماء إلا في جوفه أو يلتجىء إلى المبيت به أو يكون بيته داخله وأما المريض والمسافر فلهما دخوله بالتيمم وعلى المسافر حمل عابر السبيل في الآية مع تقدير لا تقربوا مواضع الصلاة والمراد مع التيمم وقيل المراد لا تقربوا مواضع الصلاة إلا مجتازين ويخرج من أصابته جنابة فيه من غير تيمم وسطحه وصحنه كهو لا فناؤه وإنما منع الشيوخ صلاة الفجر في فنائه والإمام يصلي وكذا انتظار الجنازة لقربه منه لا لأنه منه
ــ
بل يكون بغيره من أسمائه تعالى فلا معنى للوجوب وقول ز ولا بد فيما يقرأ للتعوذ الخ نحوه في ضيح وح عن الذخيرة لكنه غير ظاهر وقد صرح ابن مرزوق بأنه يتعوذ بالقرآن وإن لم يكن فيه لفظ التعوذ ولا معناه وقوله ولا ثواب فيما يقرأ للتعوذ ونحوه أصلًا الخ فيه نظر والذي في ح عن الطراز ولا يعد قارئًا ولا له ثواب القراءة اهـ.
وهذا لا ينفي الثواب مطلقًا بل نفي ثواب التلاوة فقط (ولو مجتازًا) قال ق قال زيد بن أسلم لا بأس أن يمر الجنب في المسجد عابر سبيل وتأوَّل مالك {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 43] الآية أي لا تفعلوا في حال السكر صلاة ولا تفعلوها وأنتم جنب {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] أي وأنتم مسافرون بالتيمم وأجاز ابن مسلمة دخوله مطلقًا اهـ.
وقول ز إلا أن لا يجد الماء إلا في جوفه الخ انظر هل يمنع من تيممه ودخوله لصلاة الجماعة فيه فقلت نقل ح أول التيمم عند قول المصنف لا سنة عن الوانوغي عن العوفي أنه يمنع من ذلك لأنه لا يتيمم للنوافل فكذا لا يتيمم لتحصيل الجماعة واعلم أن الجنب الذي لم يجد الماء إلا في المسجد قال ابن عرفة لا نص فيه وأخذ بعض المتأخرين وأظنه المازري بدخوله لأنه مضطر وسئل عنها مالك فقال لا فأعيد عليه فقال للسائل وهو محمَّد بن الحسن ما تقول أنت فقال يتيمم ويدخل لأخذ الماء فلم ينكره اهـ.
وقوله: وانتظار الجنازة أراد به أنه يمنع أن توضع في فنائه حتى يفرغ الإِمام فيصلي عليها (ككافر) يمنع من دخول مسجد يمنع منه الجنب (وإن أذن مسلم) خلافًا لقول الشافعي يجوز دخوله بإذن مسلم ما عدا المسجد الحرام ويقول أبي حنيفة لا يمنع الكافر من جميع المساجد ثم محل منع دخوله حيث لم تدع له ضرورة وإلا جاز ولو بغير إذن مسلم ولذا لم يمنع مالك بنيان النصارى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وخففه واستحب أن يكون دخولهم من جهة عملهم وانظر هل من الضرورة أخذه أجرة أقل من المسلم أم لا ولما ذكر فيما مر أن من شك أمني أم مذي اغتسل ذكر علامات المني وكان الأولى ذكرها هناك فقال: (وللمني تدفق) من رجل لا امرأة لأنه ينعكس لداخل غالبًا على ما مر (و) قريب (رائحة طلع) بعين أو جاء مهملتين لغتان ذكر النخل لرجل وقريب رائحة طلع أنثى نخل من امرأة (أو) قريب رائحة (عجين) فيهما إذا يبس ورائحة بيض وأوفى كلامه بمعنى الواو كما يفيد ذلك قول ق ويقرب من رائحة الطلع والعجين ومما يختلف فيه منيهما أن مني الرجل مر وأبيض ثخين ومني المرأة مالح وأصفر رقيق وجميع ما مر مع اعتدال مزاج كل (ويجزي) الغسل من جنابة أو حيض أو نفاس (عن الوضوء وإن تبين عدم جنابته) أو حيضها أو نفاسها وإن كان خلاف الأولى كما يشعر به قوله يجزي وفي هذه المسألة أجزأت نية الأكبر عن نية الأصغر عكس الآتية ودل قوله تبين أنه معتقد تلبسه بالأكبر فنواه وهو كذلك فإن تحقق عدم الأكبر ونواه بدلًا عن نية الأصغر الذي لزمه فانظر هل يجزيه لاندراج الجزء تحت الكل أولًا لخروجه عن سنن الشرع وإفساده الأوضاع الشرعية بالقلب أي بقلبه الأوضاع
ــ
وقول ز مع تقدير لا تقربوا مواضع الصلاة الخ إذا حملت الآية على المسافر فلا حاجة إلى تقدير مواضع الصلاة وقد تقدم عن الإِمام حملها على ظاهرها (ويجزى عن الوضوء) قول ز وإن كان خلاف الأولى الخ فيه نظر فقد قال ابن عبد السلام عند قول ابن الحاجب ويجزى الغسل عن الوضوء ما نصه أكثر ما يستعمل العلماء هذه العبارة أعني قولهم يجزى في الإجزاء المجرد عن الكمال ولا خلاف فيما علمت في المذهب أنه لا فضل في الوضوء بعد الغسل وإنما الخلاف في سقوط الوضوء تقديرًا أو يقدر الآتي بالغسل آتيًا بالوضوء حكمًا اهـ.
وقال المازري لا يضيف للغسل الوضوء على المشهور لأن من أجنب يسقط عنه فرض الوضوء ويستغني بالغسل اهـ.
وقول ز لم يجز الغسل أيضًا عن الوضوء عند ابن أبي زيد الخ ظاهر كلامه أن محل الاختلاف بين الشيخين فيما إذا لم يعد أعضاء الوضوء وهو غير صحيح إذ لا قائل بالإجزاء حينئذ وإنما خلافهما فيما إذا أعاد أعضاء الوضوء بلا نية كما في ابن الحاجب وغيره مع اتفاقهما على أنه لا بد من إعادتها ونص ابن بشير والغسل يجزي عن الوضوء ولو اغتسل ولم
والتغيير فصار كالعابث قاله في توضيحه وبهذا التقرير علمت أن ما نظر فيه غير ما جزم به هنا وشمل قوله يجزي عن الوضوء ثلاث صور:
إحداها: أن يغتسل ابتداء فيجزي عن الوضوء ولو حصل منه ناقضة كمس ذكره لكن قبل غسل شيء من أعضاء الوضوء اتفاقًا فإن انتقض بعد تمام غسله لم يجز عن الوضوء اتفاقًا أيضًا فإن انتقض قبل تمام غسله وبعد تمام أعضاء وضوئه أو في أثنائهما لم يجز الغسل أيضًا عن الوضوء عند ابن أبي زيد وهو المعتمد بناء على أن الحدث يرتفع عن كل عضو بانفراده أو على أن الدوام ليس كالابتداء فليست نية الأكبر منسحبة حكمًا ويجزيه عند القابسي على العكس من التوجهين المذكورين.
الصورة الثانية: أن يتوضأ بنية الغسل قبل ابتدائه فيه.
الثالثة: أن يتوضأ بنية الوضوء قبل ابتدائه في الغسل أيضًا ثم ينتقض وضوؤه فيهما قبل شروعه في الغسل أو بعده وقبل فعل شيء من أعضاء وضوئه فيجزي الغسل أي تعميم الجسد بعد عن الوضوء في هاتين من غير احتياج لنية وضوء فإن انتقض قبل تمام غسله وبعد تمام أعضاء الوضوء أو أثنائها جرى قولًا الشيخين المتقدمين ومبناهما تأمل ثم أجزاء الغسل في جميع ما مر ظاهر لأن ناقض الأصغر إنما نقضه فقط لا الأكبر (و) يجزي (غسل الوضوء) بنيته (عن غسل محله) إن كان متذكرًا لجنابته بل (ولو ناسيًا لجنابته) عند نية الوضوء وشمل كلامه
ــ
يبدأ بالوضوء ولا ختم به لأجزأه غسله عن الوضوء لاشتماله عليه هذا إن لم يحدث بعد غسل شيء من أعضاء الوضوء فإن أحدث فلا يخلو من ثلاث صور:
إحداها: أن يحدث قبل غسل شيء من أعضاء الوضوء فهذا الذي قلنا فيه يجزيه الغسل عن الوضوء.
والثانية: بعد غسله فهذا كمحدث يلزمه أن يجدد وضوءه.
والثالثة: أن يحدث في أثناء غسله فهذا إن لم يرجع فيغسل ما غسل من أعضاء وضوئه قبل حدثه فإنه لا يجزيه وهل يفتقر هذا في غسل ما تقدم من أعضاء وضوئه إلى نية أو تجزيه نية الغسل عن ذلك فيه قولان للمتأخرين قال أبو محمَّد بن أبي زيد يفتقر إلى نية ورأى أبو الحسن القابسي إنه لا يفتقر إلى نية وهذا مبني على الخلاف هل يرتفع الحدث عن كل عضو بانفراده أو لا يرتفع الحدث عن كل عضو إلا بكماله الخ اهـ.
فبهذا يتبين لك ما في زمن التخليط الذي لا معنى له فتأمله فإن قلت إذا كان الحدث عند القابسي لا يرتفع إلا بالتمام فأي حاجة عنده إلى إعادة ما فعل من أعضاء الوضوء قبل أن يحدث مع إنه تجب إعادة الوضوء باتفاق القولين قلت لأن الحدث مانع من أجزاء ما فعل قبله كما تقدم عند قوله أو فرق النية على الأعضاء (وغسل الوضوء عن غسله محله) قول ز فلم ذكره الخ قد يقال ذكره على وجه التمثيل لإيضاحه وقول ز وكذا مسحه عن مسح محله أي لا يجزى ابن عرفة وصوّب عدم الإجزاء بأنه للغسل واجب لكل الرأس إجماعًا وللوضوء
تقدم الوضوء عن غسل الجنابة وتأخره عنها ولكن قوله ولو ناسيًا لجنابته يدل على تقدم الوضوء وقد يمنع ذلك وعليه فقوله كلمعة منها الخ داخل في قوله وغسل الوضوء فلم ذكره فإن قيل للمبالغة قلت يأتي أن المبالغة ليست في محلها وظاهر قوله وغسل الوضوء عن غسل محله يشمل من انتقض وضوؤه قبل غسله وهو كذلك لأن الناقض إنما أبطل حكم الأصغر قاله عج قال د في تقرير المصنف ومعنى ذلك أنه إذا غسل أعضاء الوضوء بنيته ثم أراد أن يقتصر على ذلك ولا يغسلها بنية الجنابة فإن ذلك يجزيه لأن نية الوضوء تجزي عن نية الغسل وأما لو غسلها أي ابتدأ بنية الجنابة فليس له أن يغسلها ثانيًا إما على الكراهة أو التحريم كما في الوضوء فمعنى كونها تجزي عن الغسل أنه لا يحتاج إلى غسل الأعضاء ثانيًا أي للغسل وليس المعنى أنه يفعل الجميع بنية الوضوء حتى أنه لو ذهل عن النية أي للغسل بعد الوضوء وفعل الباقي بعد الذهول يكفيه ذلك لأنه قد فعل ما عدا الوضوء بغير نية إذ نية الوضوء لا تعم جميع الأعضاء وهذا ظاهر واحترز بقوله وغسل الوضوء عن مسح الوضوء فلا يجزى عن غسل محله وكذا مسحه من مسح محله عند أشياخ ابن عبد السلام وأفتى هو بالإجزاء وصورته أن من به نزلة في رأسه ولا يقدر على غسله في الغسل فإنه يمسحه فإن مسحه في الوضوء فيجزي ذلك عن مسح محله في الغسل عنده دون أشياخه قلت يفهم مما هنا أن المراد بغسل الوضوء الغسل الأصلي وأما لو غسل رأسه في الوضوء فلا يجزيه عن غسله في الغسل لأن غسله في الوضوء ليس بواجب بل إما حرام أو مكروه أو خلاف الأولى كما مر عند قوله وغسله مجز فلم ينب واجب عن واجب وليست كمسألة ابن عبد السلام وأشياخه لأن ذلك لم يرتكب فيها منهيًا عنه بخلاف هذه (كلمعة) بضم اللام وهي ما لا يصيبه الماء عند الغسل تركت (منها) أي من الجنابة في أعضاء الوضوء ثم فغسلت فيه بنية الأصغر (وإن) كانت اللمعة التي في أعضاء الوضوء (عن جبيرة) مسح عليها في غسله ثم سقطت أو برئت فغسلت في الوضوء بنيته فتجزي عن غسل الجنابة لأن الغسل فيهما واحد وهما فرضان فأجزأ أحدهما عن الآخر بخلاف من تيمم للوضوء ناسيًا الجنابة فإنه لا يجزي عن تيمم الجنابة إذا كان فرضه التيمم لها لأن تيمم الوضوء نائب عن غسل أعضاء الوضوء وتيمم الجنابة نائب عن غسل جميع الجسد فلا يجزي ما ناب عن غسل بعض الجسد عما ينوب عن جميعه.
تنبيه: لا شك أن المبالغ عليه هو المتوهم ولا شك أن نيابة غسل الوضوء عن غسل الجنابة في عضو صحيح يتوهم فيه عدم ذلك أكثر مما يتوهم فيه عدم ذلك في عضو ومريض فكان المناسب أن يبالغ على العضو الصحيح فيقول كلمعة منها وإن عن صحيح.
ــ
قد لا يعم وإن عم فالعموم غير واجب إجماعًا فصار كفضيلة عن واجب ابن عرفة وبأن مسح الغسل كالغسل والمسح لا يكفي من الغسل اهـ.
قال غ في تكميله لعله يعني بقوله غير واجب إجماعًا أن العموم غير مجمع على وجوبه قيل وبمثل قول ابن عبد السلام قال شيخه أبو علي بن قداح اهـ.