الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الطهارة
خبر مبتدأ محذوف أي هذا أو مبتدأ خبره محذوف هو في الطهارة وسوّغ الابتداء به وإن كان نكرة وقوع خبره جارًا ومجرورًا ويقدر مقدمًا عليه وجوبًا ويصح نصبه بفعل مقدر أيضًا والرسم يأباه أو مبني على حد ما قيل في الأعداد المسرودة وهو لغة ما يتوصل منه إلى المقصود وهو هنا ليس كذلك لأنه اسم لطائفة من الكتاب لها أول وآخر وليس مدخلًا لشيء نعم لو كان اسمًا للجزء الأول منه لكان له وجه كذا لعصام على الشمائل وقال بعضهم إنه لغة بمعنى الوجه إذ كل باب وجه من وجوه الكلام أي نوع منه فالمعنى هذا نوع من أنواع الكلام فيصح على هذا الثاني إرادة معناه اللغوي واصطلاحًا اسم لنوع خاص من أنواع مسائل العلم محتو على فصول غالبًا ومسائل جمع مسألة قال تت وهي مطلوب خبري يبرهن عليه في ذلك العلم ولا تكون إلا نسبية انتهى وقوله: يبرهن أي يقام عليه البرهان والمراد به هنا مطلق الدليل لا ما عند أهل الميزان وهو ما يركب من الأوّليات ونحوها وكلامه ظاهر في أن المسألة اسم للحكم المخصوص إذ هو الذي يبرهن
ــ
باب الطهارة
قول ز ويقدر مقدمًا عليه وجوبًا الخ فيه نظر إذ التقديم لا دخل له في التسويغ وإنما وجب لئلا يلتبس الخبر بالصفة فإذا كان محذوفًا كما هنا انتفى اللبس وتعين كونه خبرًا لكن قد يقال قد تحذف الصفة للعلم بها أيضًا نحو يأخذ كل سفينة أي صالحة تأمل وقول ز وليس مدخلًا لشيء الخ فيه نظر إذ حيث كان الباب اسمًا لطائفة من نقوش الكتاب أو ألفاظه فهو مدخل للمعاني المقصودة منها فهذا الوجه أحسن مما بعده وهو مناسب للمعنى اللغوي كما قلنا والله أعلم وقول ز كما هو الأصل فيه كما للسعد الخ يعني إن الأصل في القيود الواقعة في التعريفات إنما هو بيان ما تركبت منه حقيقة المعرف في الواقع والاحتراز بها تابع لذلك لا مقصود بالذات ونص كلام السيد في تعريف العلم من حاشية المطول صرح أي السعد بأن المقصود من القيود تحقيق مقام العلمية والاحتراز تابع له كما أن المقصود من قيود التعريفات شرح الماهيات والاحترازات تابعة له فلا بأس أن يقع في قيود التعريفات ما يصح به الاحتراز عن جميع المحترزات لكن المناسب حينئذ أن يتأخر هذا القيد عما عداه اهـ.
وقول ز والصواب كسبية كما في عبارة المحققين الخ هذا صحيح غير أن قيد الاكتساب مستغنى عنه بقوله يبرهن عليه قال طفى فالصواب إسقاط قوله ولا تكون إلا كسبية لخلوه عن الفائدة انتهى.
عليه وهو أحد إطلاقيها وتطلق على القضية بتمامها وقوله ولا تكون إلا نسبية يحتمل أنه أراد أنها مشتملة على نسبة وهذا إنما يأتي على إطلاقها على القضية لا على الحكم الذي أطلقها عليه أولًا ففيه استخدام إذا طلقها أولًا على الحكم وأعاد عليها الضمير بمعنى القضية لا الحكم ومعلوم أن القضية لا بد أن تشتمل على نسبه أي حكم معين كالوجوب فالتقييد بذلك لبيان الواقع كما هو الأصل فيه كما للسعد ويحتمل أنه أراد أنها منسوبة لشيء كأن يقال مسألة كذا وفيه أن هذا أمر لا ينفعك عنها فلا محترز له فهو لبيان الواقع أيضًا وأيضًا النسبة إنما هي في لفظ مسألة وما تضاف إليه لا في معناها مع أنه هو المقصود بالذات والحق إن لفظ نسبية تحريف والصواب كسببية كما في عبارة المحققين أي لا تكون إلا من العلم المكتسب بالاجتهاد لا من العلم الضروري لما صرحوا به من أن ضروريات العلوم لا تعد من مسائله كوجوب الصلوات الخمس وشبهها كما يفيده تعريف الفقه بأنه العلم المشتمل على الأحكام الشرعية العملية التي طريقها الاجتهاد أو المكتسبة من أدلتها التفصيلية ورتب المصنف كالمتقدمين ربع كتابه الأول على خبر بني الإِسلام على خمس وترك الكلام على مبحث الشهادتين لاستقلالهما بالتدوين وذكرهما ابن أبي زيد في رسالته لتمام تعليم من سأله تأليفها وبدأ المصنف من باقي الأركان بالصلاة لأنها عماد الدين كما في خبر وقدم عليها شروطها وقدم من شروطها أعظمها وهو الطهارة لخبر مفتاح الصلاة الطهور وسيذكر بقيتها قبل الصلاة والطهارة لغة النظافة والنزاهة أي مطلقًا كما للبدر القرافي تبعًا لمن وتت أي من الرذائل الحسية كالأوساخ والمعنوية كالمعاصي بالجوارح الظاهرة والباطنة وشرعًا قال ابن عرفة صفة حكمية توجب لموصوفها جواز استباحة الصلاة به أو فيه أو له فالأوليان من خبث والأخيرة من حدث واللام في قوله لموصوفها لشبه الملك والاستحقاق لا للتعليل لأنه يقتضي أن المعنى أن
ــ
قلت الظاهر أن قوله ولا تكون إلا كسبية ليس قيدًا من تمام تعريف المسألة حتى يعترض بالاستغناء عنه إنما هو كلام مستأنف قصد به بيان الحاصل من تعريفها فلا يكون الصواب إسقاطه تأمل وقول ز أي مطلقًا كما للبدر الخ يفيد أن الطهارة لغة حقيقة في المعنيين معًا وهما النزاهة من الرذائل الحسية ومن الرذائل المعنوية وهو مقتضى قول التنبيهات أصل الطهارة النزاهة والتخلص من الأنجاس والمذام ومنه {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} على تفسير قلبك أو نفسك أي خلصها ونزهها عن الآثام وأنجاس المشركين اهـ.
لكنه خلاف ما في ح من أن استعمالها في التنزيه عن العيوب مجاز فانظره وقول ز وشرعًا قال ابن عرفة الخ اعلم أن للطهارة في الشرع معنى آخر به عرفها المازري وغيره وهو رفع الحدث وإزالة النجاسة كما في قولهم الطهارة واجبة واعترض ابن عرفة تعريفها بهذا المعنى بأنه إنما يتناول التطهير والطهارة غيره لثبوتها دونه فيما لا يتنجس وفي المطهر بعد الإزالة قال ح وقد يقال إن هذا التعريف أولى لأن المراد تعريف الطهارة الواجبة المكلف بها والمكلف به إنما هو رفع الحدث وإزالة النجاسة لا الصفة الحكمية اهـ.
إيجاب استباحة الصلاة لأجل موصوفها لا له والمعنى على جعلها الشبه الملك والاستحقاق ظاهر أي أن الطهارة أوجبت للموصوف بها استباحة الصلاة وأورد على تعريفه أنه غير جامع لخمسة أشياء:
أحدها: طهارة الميت فإنها أوجبت استباحة الصلاة عليه لا له ولا فيه ولا به.
ثانيها: طهارة الذمية من حيضها ونحوه ليطأها زوجها المسلم وقد يجاب عن هذين بأنه أراد تعريف الطهارة الواجبة على الفاعل في نفسه لا في غيره ولا لغيره أو بأنها طهارة فيهما لولا المانع وهو الموت والكفر.
ثالثها: الأوضية المستحبة التي لا يصلى بها كالوضوء لزيارة الأولياء أو دخول على سلطان أو تلاوة في غير مصحف من غير نية استباحة الصلاة به في الثلاثة وأجيب بأن هذه ليست طهارة شرعية للصلاة وإن ندبت والتعريف للشرعية فقط.
رابعها: الأوضية المستحبة التي يصلى بها كالوضوء المجدد والاغتسالات المسنونة والمستحبة التي يصلى بها وأجيب بمنع أن ذلك طهارة شرعية إذ هي التي يتوقف فعل الصلاة عليها وبأنها شرعية لولا وجود مثلها إذ المثلان لا يجتمعان.
خامسها: إنه لا يشمل طهارة الجسد من الخبث أو منه ومن الحدث وأجيب بأن الياء في به للملابسة أي توجب لموصوفها جواز استباحة الصلاة بملابسته أي ملابسة الموصوف ولا شك أن جسد الشخص القائم به الطهارة ملابس له لكن يرد على هذا أن قوله أو فيه أو له يصير مستدركًا ثم معنى كونها توجب الجواز أنه يتسبب عنها فليس المراد بالوجوب حقيقته لأنه لا يلتئم مع قوله جواز وأورد الأبي في درس شيخه ابن عرفة
ــ
باختصار وقوله وقد يجاب عن هذين الخ اعترض الجواب الأول بمنافاته لقوله في التعريف به أو فيه ويجاب بأن المراد في الجواب الطهارة الواجبة على الإنسان في عبادة نفسه ولا شك أن تطهر بدنه وثوبه ومكانه شرط في صلاة نفسه بخلاف تطهير الميت والذمية لكن يرد عليه أن طهارتهما شرعية وعدم دخولهما في التعريف يوجب كونه غير جامع فتأمله وجوابه في الثالث والرابع بمنع أن ذلك طهارة شرعية فيه نظر إذ كونها مطلوبة من جهة الشارع يوجب أنها شرعية وقوله في الرابع وبأنها شرعية لولا وجود مثلها معناه وبأنها طهارة توجب إباحة الصلاة لولا وجود مثلها وقوله شرط لفعل الصلاة الخ صوابه لصحة الصلاة الخ وقوله قلت السير والتقسيم الخ هذا الكلام كله تطويل بما ليس عليه تعويل والصواب أن أحد اللفظين مقحم لفظ جواز أو استباحة ولا معنى للجمع بينهما أصلًا ويدل له ما يأتي في تعريف حكم الخبث من قوله توجب منع الصلاة الخ فقد اقتصر على لفظ المنع من غير زيادة فتأمله وقوله والثاني كذلك لأنه يقتضي أن معلولها جواز الصلاة فقط الخ غير صحيح إذ ليس في عبارته ما يقتضي الحصر بحال وقوله إن طلب إباحتها يمتنع شرعًا مع التلبس بالمانع الخ غير صحيح إذ الشأن أن الإباحة يطلب حين التلبس بالمانع تحصيلها بالطهارة وأما عند فقد
على هذا المعنى أن الذي يوجب سبب والطهارة ليست سببًا للصلاة وإنما هي شرط وأجيب بأن الطهارة شرط لفعل الصلاة إذ لا يلزم من وجودها فعل الصلاة وسبب لإباحتها إذ يلزم من وجودها وجود إباحة الصلاة ومن عدمها عدم الإباحة وكلامه في التعريف في هذا لا من حيث الشرط ويفيد ما قلناه قوله توجب جواز استباحة الصلاة فإن قلت ما وجه جمعه بين جواز واستباحة قلت السبر والتقسيم أي سرد أقسام الشيء وتقسيمه لأقسام يقتضي كل منهما أن يقول واحدًا من أربعة أشياء:
أحدها: توجب لموصوفها الصلاة.
ثانيها: توجب لموصوفها جواز الصلاة.
ثالثها: توجب لموصوفها استباحة الصلاة.
رابعها: توجب لموصوفها جواز استباحة الصلاة كما نطق به والأول باطل لأنه يفيد أنه متى وجدت الصفة المذكورة وجدت الصلاة لأنها علة. والثاني كذلك لأنه يقتضي أن معلولها جواز الصلاة فقط مع أن معلولها جواز ما منعه الحدث والنجاسة قلت يكون غيرها بالأولى منها فلا بطلان فيه على قياس ما يأتي قريبًا. ثالثها كذلك لاقتضائه أن معلولها طلب إباحة الصلاة ومن البين أنه لا يلزم من وجودها وجوده أي وجود طلب الإباحة والظاهر صحة هذا أيضًا أو تجعل السير للتأكيد وأما الجمع بين جواز واستباحة فيظهر أيضًا أنه غير تام إذ معلولها ليس جواز طلب إباحة الصلاة فقط بل جواز طلب ما منع الحدث والنجاسة منه ويجاب بأنه يفهم منه غير الصلاة بالأولى فالجمع بينهما صحيح وهذا الثاني والثالث فيما طهر كما علمت بل وكذا الأول ويصير معنى توجب الصلاة تسبب الصلاة أي الإقدام عليها ومعنى كونها توجب جواز استباحة الصلاة أن طلب إباحتها يمتنع شرعًا مع التلبس بالمانع لأن الصلاة مفتاحها الطهور كما مر في الخبر فإذا وجد مفتاحها ثبت جواز طلب إباحة الدخول فيها وإذا لم يوجد فلا ويقابل الطهارة النجاسة ويأتي تعريفها (يرفع الحدث) بفتح الحاء والدال المهملتين وهو لغة وجود الشيء
ــ
المانع فهي حاصلة لا يطلب تحصيلها لأنه من تحصيل الحاصل (برفع الحدث) قول ز لخروجها عن الحد بقوله بعد أن لم يكن الخ بل لم تدخل في وجود الشيء حتى تخرج بما بعده لأنه لا يصدق عليها وجود ولا شيء وقول ز وأما الاعدام القديمة فيصدق حد الحدث عليها الخ هذا غير صحيح ولا معنى له فإن الاعدام القديمة لا يصدق عليس، وجود ولا لفظ الشيء ولا قوله بعد أن لم يكن فكيف يصح دخولها تحت قوله وجود الشيء بعد أن لم يكن فافهمه وقوله وعلى الوصف الحكمي الخ أنكر ابن دقيق العيد هذا المعنى الثالث وقال ذكره بعض الفقهاء وهم مطالبون بدليل شرعي على ثبوته فإنه منفي بالحقيقة والأصل موافقة الشرع لها اهـ.
انظر ح وقول ز وعلى المنع المترتب على الأعضاء كلها أو بعضها يقتضي أن الحدث الأصغر متعلق بالأعضاء المخصوصة فقط وفيه نظر بل الظاهر أنه متعلق بجميع الجسد لا
بعد أن لم يكن فالاعدام الطارئة على الوجود لا يطلق عليها حدث لخروجها عن الحد بقوله بعد أن لم يكن وهذه قد كانت فيطلق عليها لغة الفناء لأنها فنيت وأما الاعدام القديمة كعدم العالم في الأزل فيصدق حد الحدث عليها لانعدامها بوجوده ولا يرد على ذلك قولهم ما ثبت قدمه استحال عدمه لتفسير ما بشيء والشيء هو الموجود وشرعًا يطلق كما في ح على أربعة معان على الخارج كقوله الآتي نقض الوضوء يحدث وهو الخارج المعتاد وعلى الخروج كقولهم من أدب الحدث الاعتماد على الرجل اليسرى وعلى الوصف الحكمي المقدر قيامه بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية بمحلها ومنه قوله ومنع حدث صلاة الخ وعلى المنع المترتب على الأعضاء كلها أو بعضها كالحدث الأكبر والأصغر ومنه قوله يرفع الحدث وسواء كان سبب الحدث المذكور حديثًا كمني وبول أو سببًا كردة بناء على أنها سبب كالبعض أو غيرهما كشك في حدث بناء على أنه ليس سببًا كما في د قال ح ويصح إرادة الوصف هنا لتلازمهما فإذا ارتفع أحدهما ارتفع الآخر لا يقال لا نسلم التلازم فالتيمم يرفع المنع لاستباحة الصلاة وغيرها به ولا يرفع الوصف القائم بالأعضاء إذ لا يرفع الحدث لأنا نقول التيمم لا يرفع المنع رفعًا مطلقًا وإنما هو رفع مقيد بفراغ الصلاة أو وجود ماء قبلها أو فيها إذا كان ناسيه كما يأتي فالتيمم رخصة فالوصف والمنع باقيان انتهى باختصار وبعض إيضاح فقد علم من كلامه أنه يصح أن يراد بالحدث في المصنف المعنى الثالث أو الرابع لا الثاني قطعًا ولا الأول أي الخارج لوقوعه ورفع الواقع محال فإن قيل المنع معنى من المعاني إذ هو حرمة قربان الصلاة مثلًا وقد وقع أيضًا وحصل فكيف يرتفع ورفع الواقع محال فالجواب أن المرتفع استمراره فتباح الصلاة وغيرها ففي التلقين معنى رفع الحدث استباحة كل فعل كان الحدث مانعًا منه أو المعنى يقدر رفعه فهو كما للقرافي من باب تقدير رفع الواقع لا من باب رفع الواقع والمحال هو الثاني دون الأول إذ تقدير رفع الواقع من قواعد الشرع وهو إعطاء الموجود حكم المعدوم وعكسه كعتق شخص عبده عن آخر فإن الولاء للمعتق عنه لتقدير دخوله في ملكه فقد أعطى المعدوم حكم الموجود انتهى.
ــ
بالبعض فقط وإلا لاقتضى جواز حمل المحدث المصحف على ظهره وهو لا يجوز وقول ز أو سببًا كردة بناء على أنها سبب الخ قال طفى ظاهره الخلاف فيها وليس كذلك إذ لم أر من ذكر أنها سبب وكلام الأئمة صريح في أنها ليست بسبب وإنما ذكر ذلك الشارح فيما يأتي وقال البساطي إنه سهوًا انتهى.
وقوله ولا الأول أي الخارج الخ قال ح وتجويز ذلك على حذف مضاف أي حكم الحدث كما أشار إله البساطي فيه تعسف وتكلف لا يحتاج إليه اهـ.
وفيه أيضًا أنه لا يشمل الحكم المترتب على سبب الحدث كالنوم أو على غيره كالردة
(و) يرفع (حكم الخبث) أي عين النجاسة القابلة للتطهير لا ما ذاته نجسة ولا ما لا يقبل التطهير مما عرضت نجاسته كزيت تنجس كما سيأتي وعرف ابن عرفة حكمها بقوله صفة حكمية توجب لموصوفها منع الصلاة به أو فيه انتهى.
ولم يقل أوله كالطهارة لأن الحدث لا يطلق عليه نجاسة إذ ليس قسمًا منها بل قسيمًا لها نعم هو قسم من مطلق المانع والتعريف ليس له بل لقسم منه وخرج بقوله: حكمية عين النجاسة القائمة بالبدن إذ التعريف للحكمية لا لعينها التي لا تزال بكل قلاع واعترض التعريف بأنه غير مانع لدخول الثوب والمكان المغصوبين في حده إذ كل اتصف بأن فيه صفة حكمية تمنع الصلاة به أو فيه مع أن كلًّا لا يسمى نجاسة وأجيب بأن منع الغصب ليس مقصورًا على الصلاة إذ لبس الثوب والحلول في المكان المغصوبين ممتنع أيضًا وغير ذلك وبأن الغصب لا يسمى في اصطلاح الفقهاء صفة حكمية والتعريف مبني على اصطلاحهم وقد تقرر أن حكم الخبث أعم منه لأنه يوجد مع الخبث وبدونه بخلاف عينه فإنه يستلزم وجودها وجود الحكم فالعين أخص ومن المعلوم أن رفع الأعم يستلزم رفع الأخص وقد وجد الأمر بخلاف ذلك في بعض الصور وذلك فيما إذا غسلت النجاسة وعسر إزالة لونها وريحها فقد ارتفع الحكم ولم ترفع العين وجوابه أن ما يعسر زواله من اللون والربح بمنزلة العلم (بالمطلق) لا بغيره والباء للدلالة أو للسببية وهذا لا ينافي كون الرافع المكلف ولذا لم يقل رافعه الماء لأن ذلك يؤدي إلى ارتكاب المجاز بخلاف هذا قاله د ولا يتوجه على قوله وحكم الخبث أن الحكم قديم فكيف يرتفع لأن حكم الخبث هو الصفة الحكمية كما مر عن ابن عرفة وهي حادثة والحكم القديم هو خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلف نعم يتوجه عليه أنه واقع ورفع الواقع محال ويجاب عنه بما مر من أن المرتفع استمراره أو معناه يقدر رفعه وإنما قال يرفع دون رافع لأن نسبة الرفع إلى الماء مجاز قاله الشارح في بعض شروحه زاد بعض عقبه لأن الرافع حقيقة هو الله انتهى وفيه بحث إذ لو أريد الإسناد الحقيقي الإسناد إلى موجد الأفعال حقيقة وهو الله لكان الإسناد في كل فعل أو ما في معناه إسنادًا مجازيًّا فالإسناد في ضرب زيد مثلًا غير حقيقي وهو خلاف تعريفهم الإسناد الحقيقي بأنه إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ما هو له عند المتكلم في الظاهر وعليه فإسناد الرفع هنا إلى المكلف أو الصبي حقيقة وإلى الماء مجاز فالصواب أن يعلل بأن
ــ
والشك تأمل (وحكم الخبث) قول ز وخرج بقوله حكمية عين النجاسة الخ فيه نظر إذ العين لم تدخل في لفظ صفة حتى يحتاج إلى إخراجها بقوله حكمية وقول ز وأجيب بأن منع الغصب الخ هذا الجواب غير صحيح بل التعريف صادق عليه لأنه ليس فيه قصر على الصلاة تأمل وقول ز وبأن الغصب لا يسمى الخ غير صحيح بل الثوب موصوف بالصفة الحكمية بسبب الغصب الخ (بالمطلق) قول ز لا بغيره الخ تبع ما في ح من أن تصدير الباب بهذه
الرافع حقيقة هو المستعمل له وبني يرفع للمفعول دون الفاعل لقوله وحكم الخبث إذ لو بني للفاعل لأوهم أنه يعتبر في رفع حكم الخبث القصد إلى ذلك وليس كذلك إذ لو نزل عليه مطرًا وألقته ريح ببحر فأزاله لكفى ذلك انظر البساطي وكونه يوهم عند بنائه القصد واضح قاله عج أي مع بقاء الباء وبنائه للفاعل وهو عائد على ما يفهم من يرفع أي يرفع الرافع بالماء المطلق وأما لو حذفت الباء وبني للفاعل وفاعله المطلق فلا يوهم القصد وكلام المصنف مع ضميمة قوله الآتي لا بمتغير لونًا الخ يفيد الحصر ويرد عليه محل الاستجمار ومسألة إذا زال عين النجاسة بغير المطلق والخمر إذا تحجر أو خلل ويجاب بأن الذي يفيده ما ذكر حصر رافع حكم الخبث المائي في المطلق لا رافع حكم الخبث مطلقًا هذا مع أن محل الاستجمار نجس معفو عنه كما يفيده ظاهر المصنف وهو قضية الشارح الكبير في قوله ولو زال عين النجاسة الخ ونحوه قول ابن الحاجب وعن أثر المخرجين أي عفي عنه خلافًا لقول بعض الشراح أن الحكم في الاستجمار قد زال وأيضًا زيادة على الجواب المتقدم قد ذكر المصنف مسألة زوال حكم الخبث بغير المطلق والخمر بعد ذلك فهما مستثنيان من كلامه هنا قاله عج لكن بقي أنه يرد على المصنف أيضًا الثوب الذي يلقى في الخمر ثم يصير خلًا فإن الثوب يطهر كما سينص عليه عج ولم يذكره المصنف إلا أن يجاب عنه بأنه تابع لتخلل الخمر فكأنه ذكره هذا وليس في كلام المصنف ما يفيد أنه لا يتوقف على المطلق إلا رفع الحدث وحكم الخبث فلا ينافي إن الأوضية والاغتسالات المستحبة والمسنونة تتوقف على المطلق أيضًا وفي قوله بالمطلق إشارة إلى انقسام الماء لمطلق وغيره وهو كذلك وتقسيمه إنما هو بالنظر إلى أفراده لا بالنظر إلى حقيقته وماهيته التي عرفها المصنف بعد إذ الماهية لا تقسيم فيها باعتبار ذاتها أشار له ابن عبد السلام بقوله يصح تقسيم الماهية باعتبار أوصافها ورد ابن عرفة له بأنه لا يصح تقسيمه باعتبار أوصافها إذ لا يقال الجسم إما حركة أو سكون يرد بأنه يصح باعتبار أوصافها المحمولة حمل مواطأة نحو الجسم إما متحرك أو ساكن والماء إما حار أو بارد أو مطلق أو غيره انظر الوانوغي (وهو ما صدق عليه اسم ماء بلا قيد) لازم فالمنفي كماء
ــ
الجملة وسياقها مساق الحد لما يرفع به الحدث يفيد الحصر وإن لم يكن في الكلام أداة حصر والمعنى إنما يرفع الحدث الخ وفيه نظر وقول ز وكلام المصنف مع ضميمة قوله لا بمتغير الخ يفيد الحصر الخ فيه نظر أيضًا بل لا يفيده أصلًا لأن أقسام الماء ليست منحصرة في المطلق والمتغير وحينئذ فما أورده بعده على المصنف غير وارد لأن ذلك مبني على وجود الحصر في كلامه وهو غير موجود فيه تأمل وقول ز وتقسيمه إنما هو بالنظر إلى أفراده الخ أي إلى أنواعه فتقسيم الماء إلى مطلق وغيره كتقسيم الحيوان إلى إنسان وغيره وذلك صحيح (وهو ما صدق عليه اسم ماء) في المطلق طريقان الأولى أنه مرادف للطهور وعليها جرى المصنف لأنه أدخل فيه ما تغير بقراره والثانية أنه أخص من الطهور وعليها ابن
الورد والبطيخ فإنه قيد لازم بخلاف غير المقيد كماء أو قيد بقيد منفك وصف كماء عذب أو ملح أو أضافه كماء مطر وماء ندي فإن ذلك من باب الصفة والموصوف أي ماء ممطور وماء مندى واعترض المصنف بأن لفظ ما صدق يطلق على الإفراد ولا يصح التعريف بها لأنها في معرض الزوال والتعريف إنما يكون بالثابت وهو المفهوم وأيضًا التعريف للحقيقة وهي غير الأفراد ويطلق على ما صح وهو المراد هنا أي ما صح أن يطلق عليه اسم الخ واستعمال المشترك في التعريف مجتنب ويجاب بأن الأول اصطلاح المناطقة لا الفقهاء الذي كتابه فيهم والمراد ما صح عرفًا كما في ح ونحوه في فتاوى السيوطي حيث قال هو الذي يقول رائيه هذا ماء كما عرفه به الشافعي وتبعه به الأصحاب انتهى لا لغة كما في تت فماء البطيخ لا يطلق عليه عرفًا لفظ ماء من غير قيد على ما قال ح وهل يصح إطلاق ذلك عليه لغة وهو المتبادر إذ الأصل اختلاف المعنى اللغوي والعرفي وعلى ما قاله تت لا يصح إطلاق ذلك عليه لغة أم يصح بلا قيد تراجع اللغة ويدخل في حد المطلق ما نبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وكذا في تعريف من عرفه بأنه الباقي على أوصاف خلقته غير مستخرج من نبات ولا حيوان بناء على أنه تكثير موجود وأما على أنه إيجاد معدوم وهو قول الأكثر كما في الشيخ سالم وأنه لم يقع لغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيدخل في حد المصنف لا في الحد المذكور لغيره فإن قلت هو إيجاد معدوم على كلا القولين فما الفرق بينهما قلت مراد من قال إيجاد معدوم أنه خرج من ذاته صلى الله عليه وسلم ماء ومراد الآخران الماء الذي وضع يده فيه أكثر ببركته ولم يخرج من ذاته ماء ثم على القول بأنه إيجاد معدوم هو أشرف مياه الدنيا والآخرة وأما على الآخر فيحتمل أنه أشرف منهما أيضًا ويحتمل أن كلا من ماء زمزم والكوثر أفضل منه هذا وجزم البلقيني بأن ماء زمزم أفضل من ماء الكوثر لغسل قلبه صلى الله عليه وسلم به ليلة الإسراء وبحث معه السيوطي بأشياء ردها عليه ابن حجر بشرح العباب ويدخل في حد المطلق أيضًا ماء آبار ثمود ونحوها كآبار قوم لوط فإنه مطلق لكن يكره استعماله على الأصح عند الشافعية لأنه ماء غصب ولا يحرم وقال ح جزم ابن فرحون في ألغازه بأنه لا يجوز الوضوء به ولا الانتفاع به ويستثنى منها البئر التي كانت تردها ناقة صالح ويكفي في علمها التواتر ولو من كفار قاله البلقيني وقال تلميذه الحافظ ابن حجر يظهر أنها علمت النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي ويحمل كلام شيخنا البلقيني على من يجيء بعده انتهى ثم على أنه يمنع من استعمال آبار ثمود فإن تطهر وصلّى صحت كذا ينبغي الجزء به بالأولى من صحتها بالماء المغصوب قطعًا لعدم نجاسته كما قال ابن فرحون إنه ليس في الحديث تعرض للنجاسة وإنما فيه هو ماء سخط وغضب انتهى.
ــ
الحاجب وابن عرفة وعرف المطلق بأنه الباقي على أوصاف خلقته غير مستخرج من نبات ولا حيوان فيخرج منه ما تغير بقراره فهو طهور غير مطلق انظرح وقول ز وبحث معه السيوطي بأشياء رده عليه ابن حجر في شرح العباب الخ لعل في كلامه قلبًا فإن الحافظ ابن حجر العسقلاني متقدم في التاريخ على السيوطي فانظره وقد يقال مراده به ابن حجر الهيثمي شارح
ونحوه لزروق وزاد أنه لم يرد أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بغسل أوعيتهم وأيديهم منه وما أصاب من ثيابهم ولو وقع ذلك لنقل على أنه لو نقل لما دل على النجاسة لاحتمال أنه مبالغة في اجتناب ذلك الماء وهو الذي يؤخذ من كلام الفاكهاني وصرح النووي بعدم نجاسته انتهى.
ففي قول د يستثنى من قوله بالمطلق ماء بئر ثمود فإنه طهور ولا تصح الصلاة به نظر ظاهر إذ لم يعزه لأحد من المذهب وذكر بعض الطلبة أن نحو ما لد لشارح الحدود فليراجع فإن صح قدح في قول عج ينبغي الجزء بالصحة وكما يمنع الوضوء بماء آبارها يمنع التيمم بأرضها كما نقله ونص عليه ابن فرحون وابن العربي قالا وهي مسيرة خمسة أميال انتهى واعترض المصنف بتأخيره تعريف المطلق بعد حكمه عليه بأنه يرفع الحدث الخ ففيه تقديم الحكم على التصور وقول بعض إنه لم يحكم على المطلق بشيء ليس بظاهر لأن الأخبار الواقعة من الفقهاء كالحكم لأنها أخبار بما به الفتوى وإن أراد بحسب اللفظ لأنه لم يقع أحد طرفي الإسناد فهو صحيح في نفسه إلا أن النظر للمعنى والجواب الصحيح أن يقال الواقع هنا تقديم الحكم على التصوير لا التصوّر وهو الممتنع لاستحالة الحكم على الشيء قبل تصوّره وقدم الحكم لأنه المقصود بالذات والتصوير مقصود بالعرض وبالغ على كون الماء مطلقًا بقوله: (وإن جمع) ما صدق عليه مطلق (من ندى) فالضمير راجع لما صدق إذ الذي يجمع الأفراد لا الحقيقة والظاهر أنه لا يضره تغير ريحه بما جمع من فوقه كالبرسيم يجمع من فوقه الندى مع تغير ريحه بالبرسيم لأنه كالتغير بقراره قياسًا على ما قالوه في مسألة بئر بورق شجر وفي مسألة تغير السانية بحبلها ونحوها وقال د ينبغي أن يضر لأن ذلك نادر بخلاف تغيره بقراره (أو ذاب) المطلق ملحًا أو غيره (بعد جموده) بصنعة أم لا ذاب بصنع أم لا كان في محله أم لا وفي الملح خلاف والمشهور ما ذكره المصنف ويأتي الخلاف في ماء طرح فيه ملح قصدًا وتشهير ابن يونس فيه قال ح وإنما لم يحك المصنف هنا فيه الخلاف الآتي فيما إذا وقع في غيره لأنه حينئذ ماء وفي حالة الوقوع من جنس الطعام انتهى.
وفيه بحث قاله عج أي جعله من جنس الطعام حالة وقوعه في الماء ولذا حكي فيه
ــ
الشمائل (وإن جمع من ندى) الظاهر أن ضمير جمع يرجع إلى المطلق وإن المبالغة في الرفع به والمعنى يرفع الحدث بالمطلق وإن كان مجموعًا من الندى الخ وقول ز والظاهر أنه لا يضر تغير ريحه الخ لا خصوصية للريح بل لا يضر تغير شيء من أوصافه كما هو مقتضى إلحاق هذا الفرع بمسألة وإلا ظهر في بئر البادية بهما الجواز (أو ذاب بعد جموده) قول ز وفي الملح خلاف الخ يعني إذا ذاب في غير موضعه فهذا هو محل الخلاف أما الذائب في موضعه فلا خلاف فيه نظر ح وقول ز عن أحمد وفي حالة الوقوع من جنس الطعام الخ غير صحيح إذ تفريقه بين الفرعين مردود بما في ح فإنه بعد أن حكى عن المقدمات في هذا الفرع الأقوال الثلاثة التي تذكر في الفرع الآتي وأن المشهور أنه طهور قال ما نصه وقد سوى في
فيما يأتي الخلاف بحث إذ كان القياس جريان الخلاف إذا كان الماء هو الملح الذائب نفسه بالأولى مما إذا وقع في ماء إلا أن يقال وقوعه في ماء مخالف له في الحلاوة يصيره كالطعام (أو كان) المطلق (سؤر بهيمة) ولعله صرح هنا بكان دون ما قبله مع أنها تحذف مع اسمها بعد أن ولو كثيرًا لأن المعطوف عليهما صرح فيه بفعل خاص وهو جمع وذاب فلو حذف كان هنا لربما توهم أن التقدير أو ذاب سؤر بهيمة أو جمع سؤر وليس بمراد وهو بضم السين المهملة وسكون الهمزة وقد تسهل يطلق على بقية شراب الدواب وغيرها ويقال أيضًا في بقية الطعام هكذا فسره أهل اللغة والمحدثون والفقهاء وفي حديث رواه الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس رفعه سؤر المؤمن شفاء كما في المقاصد وسواء كان طعام حيوان يؤكل أم لا يتوقى النجاسة أم لا ويأتي كراهة سؤر ما لا يتوقى نجسًا ولا يرد على ما هنا لأن الكراهة قدر آخر وما هنا في كونه مطلقًا (أو) كان سؤر (حائض وجنب) مسلمين أو كافرين شاربي خمر أم لا؟ والواو بمعنى أو قاله د ولعل إبقاءها على بابها أولى لفهم طهورية ما إذا كان فضلة أحدهما بالأولى من فضلتهما معًا (أو) كان المطلق (فضلة طهارتهما) قال د أي باقيه وصورة المسألة أنهما اغترفا من إناء وتطهرا به لا نزلا فيه ففي مسلم قالت عائشة: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد بيني وبينه فيبادرني حتى أقول له دع لي دع لي وهما جنبان فكذلك الحائض بالقياس وفي قوله لا نزلا فيه نظر وما استدل به قضية عين لا تخصص الحكم إذ لو نزلا فيه ولم يتغير أحد أوصافه فهو مطلق ولا يخالف قوله بعد وراكد يغتسل فيه إذ الكلام هنا في بيان المطلق سواء كره استعماله مع وجود غيره أم لا؟ ويجاب عن د بأنه تصوير للمسألة كما قال إذ ما نزلا فيه لا يخرج منه شيء حتى يقال فضلة طهارتهما (أو) كان المطلق (كثيرًا) أزيد من آنية الغسل (خلط بنجس لم يغير) أحد أوصافه وهذا يقتضي بحسب مفهومه أن اليسير إذا خلط ينجس ولم يغير ينجس ولكن قوله بعد ويسير كآنية وضوء وغسل بنجس لم يغير يفيد أنه طهور ودلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم وأيضًا قوله لا بمتغير لونًا أو طعمًا أو ريحًا الخ يفيد طهارته بل طهوريته وعبر بكثير دون لفظ شامل له وللقليل كماء
ــ
المقدمات بين الفرعين فبحث عج معه من غير مستند قصور والله أعلم (أو كان سؤر بهيمة) قوله وسواء كان طعام حيوان يؤكل الخ صوابه سؤر حيوان يؤكل الخ فذكر طعام سهو وقول ز ولا يرد على ما هنا لأن الكراهة شيء آخر الخ هذا هو ظاهر وما في تت من تخصيص كلام المصنف هنا بالمطلق دون كراهة وصوبه طفى قائلًا بدليل أنه لم يذكر هنا شيئًا مما يكره ولقوله أو كثيرًا خلط بنجس فلو كان كلامه في المطلق ولو مع كراهة ما قيد بالكثير اهـ.
غير ظاهر والله أعلم (أو فضلة طهارتهما) قول ز إذ ما نزلا فيه لا يخرج منه شيء الخ فيه نظر بل يخرج منه ما علق بظاهر الجسد فالباقي فضلة قطعًا فشمول المصنف لما نزلا فيه كما قرر أولًا هو الظاهر فتأمله (أو كثيرًا خلط بنجس لم يغير) قوله في النجس ست لغات
لأنه أوقعه في حيز إن وهي تكون غالبًا للخلاف الخارجي ويستثنى من كلامه هنا ماء حلته نجاسة وأجمعت الأمة على أنه كثير إذ لا خلاف في طهوريته لا في المذهب ولا خارجه قال الشيخ سالم فتحصل من كلام المصنف منطوقًا ومفهومًا ثمان صور فأحرق مزاجك في استخراجها انتهى.
وهي كثير خلط بنجس س أو بطاهر لم يغير أو غير فهذه أربعة والأربعة الأخرى يسير خلط بنجس أو بطاهر لم يغير أو غيّر.
فائدة: في النجس ست لغات فتح أوله مع سكون الثاني أو تحريكه بإحدى الحركات الثلاث وكسر الأول مع سكون ثانيه أو كسره لا مع فتحه أو ضمه لعدم وجودهما لغة مع كسر الأول (أو) تغير الماء قطعًا (وشك في مغيره هل) هو من جنس ما (يضر) أو من جنس ما لا يضر فيحمل على أنه من جنس ما لا يضر ويكون الماء مطلقًا وكذا إذا شك هل هو مما يضر أو مما لا يضر وعلى أنه مما يضر هل هو نجس أو طاهر؟ فيحمل على أن المغير طاهر وأنه من جنس ما لا يضر وكذا يكون الماء طهورًا في صورة ثالثة وهي إذا شكل هل تغير أم لا؟ وأما إن تحقق التغير وتحقق أن المغير من جنس ما يضر وشك فيه هل هو طاهر أو نجس؟ فيحمل على أنه طاهر فيكون الماء طاهرًا غير طهور فقول التوضيح في خصوص مسألة وحكمه كمغيره انظر إذا تغير بمشكوك فيه انتهى.
قد علم جوابه بأنه طاهر لا طهور ومنه يعلم أنه لا يصلح دخوله في قوله أو شك في مغيره كما ادعاه الشيخ سالم وإن شمله لفظه بحسب الظاهر وإلا فقوله هل يضر معناه هل يسلب الطهورية أم لا لأن الكلام فيها وأما إذا تحقق سلب الطهورية وشك هل المغير نجس أو طاهر فلا يشمله كلامه إذ هو ليس بصدد الطاهر المستعمل في العادات فقط ومفهوم شك أنه لو ظن أن مغيره مما يضر فإنه يعمل على الظن وإن لم يقو لقول المازري عن مالك في آبار الدور القريبة من المراحيض إذا أنتنت يؤمر بنزحها يومين أو ثلاثة فإن طابت وإلا لم يتوضأ منها لظن حصول التغير من ذلك ابن رشد فإن علم أن نتن البئر ليس من قنوات المراحيض لم يكن به بأس انتهى.
ومثل العلم الظن والشك إذ المضر إنما هو ظن أن المغير مما يضر وهذا في الماء
ــ
الخ فيه نظر بل لم يذكر في القاموس فيه إلا خمسًا ونصه النجس بالفتح وبالكسر وبالتحريك وككتف وعضد ضد الطاهر اهـ.
ومراده الفتح والكسر في النون مع سكون الجيم فيهما والتحريك فتح النون والجيم معًا وليس فيه اللغة السادسة وهي كسرهما معًا كإبل فانظره (أو شك في مغيره هل يضر) قوله ولعل اختلاف أهل مصر في ذلك غير المالكية الخ انظر هذا الترجي مع أن الذي ذكره قبله عن البساطي يدل على أن الذي اختلف فيه أهل مصر ليس من قبيل ما علم أو شك أن مغيره ليس من النجس وإنما اختلافهم فيما ظن أن تغيره من النجس مع كثرته فلو حذف هذا
القليل كالآبار كما قال وأما ما كثر فظاهر كلام ابن رشد أنه كذلك عند ظن التغير ومقتضى كلام الباجي عن سماع أشهب في خليج الإسكندرية أنه طاهر البساطي بعد أن ذكر مسألة خليج الإسكندرية واختلفت فتاوى أهل مصر في بركة الفيل والناصرية وهي على هذا الوصف انتهى أي يقل ماؤهما عند انقطاع النيل ويكثر عنه جريانه عليهما مع صب المراحيض فيهما فهي على وصف خليج الإسكندرية فالحاصل أنه إذا تغير الماء وعلم أنه من نجس صب فيه أو من مجاورة مرحاض فمتنجس قطعًا في ماء البئر والخليج وإن علم أنه من غيره أو شك فطهور فيهما ولعل اختلاف أهل مصر في ذلك غير المالكية أو المراد قال المالكية بأنه طهور وقال غيرهم غير طهور وإن ظن أن تغيره مما صب فيه أو جاوره فمتنجس من ماء البئر قطعًا واختلف فيه في ماء الخليج هل هو كذلك وهو ما لابن رشد وهو الجاري على القواعد في الظن أو طهور وهو ما قال الباجي إنه ظاهر السماع أي لكثرته ولكنه يكره استعماله هذا وقال مق الأولى ترك استعمال ما شك في مغيره انتهى.
تنبيه: انظر هل يعتبر ظن المستعمل للماء في جميع ما سبق أو ظن أهل المعرفة وهذا حيث تعارضا وأما حيث ظن المستعمل أنه يضر ولم يعارضه ظن أهل المعرفة فيعمل بظنه قطعًا على الظاهر (أو تغير) ريح الماء (بمجاوره) كجيفة أو ورد ونحوه على شباك قلة مثلًا من غير ملاصقة للماء فطهور ولا يمكن تغير لونه أو طعمه بما ذكر لكن إن فرض تغيره به من غير مماسة لم يضر أيضًا لأنه لم يحله خبث ونحوه حتى يؤثر فيه فإن قلت كيف يتغير ريح الماء بالمجاور غير الملاصق مع أن ريح الميتة أو الورد مثلًا عرض وهو لا يقوم بمحلين كما أنه لا يبقى زمانين فلا يمكن انتقاله للماء أجيب بأنه يبقى ببقاء أمثاله ألا ترى أن البياض يبقى في جسد الإنسان زمنًا طويلًا ببقاء أمثاله وكذا يقال إنه ينتقل مثله وفي المواقف وشرحها ما يفيد هذا ولعل إيضاح هذا قول د معنى التغير بالمجاورة أن الريح المجاور للجسم كالجيفة يتكيف برائحتها ثم يتكيف الريح المجاور لهذا الريح بكيفية هذا الريح وهكذا إلى أن يصل الريح المجاور للماء فيتكيف بتلك الرائحة فلا يلزم بقاء العرض زمانين ولا انتقال العرض من الجيفة إلى الريح ولا من الريح إلى الماء ولا قيام العرض بذاته فيما بين الجيفة والربح وبين الريح والماء وهو من الانتقال انتهى.
ــ
الترجي لكان أولى له فتأمله والله أعلم (أو تغير بمجاوره) قول ز فإن قلت كيف يتغير الخ الحق في الجواب ما في شرح المقاصد ونصه اتفق المتكلمون والحكماء على امتناع انتقال العرض من محل لآخر فما يوجد فيما يجاور النار من الحرارة والمسك من الراحة أو نحو ذلك ليس بطريق الانتقال إليه بل الحدوث فيه بأحداث الفاعل المختار عندنا وبحصول الاستعداد للمحل ثم الإفاضة عليه من المبدأ عندهم اهـ.
لأن الظاهر أن قول الأول وكذا يقال إنه ينتقل مثله يحتاج إلى بيان انتقاله بهذا الوجه أي أنه يتكيف بكيفية الخ وأجاب تت بقوله أو اشتبه على الحس أنه تغير ريحه بمجاوره كجيفة بإزائه وقررناه على خلاف ظاهره لقولهم العرض لا يقوم بمحلين انتهى.
ومقتضاه أن تغير ريح الماء حقيقة مضر ومقتضى الأول أنه لا يضر تغير ريحه ولو تيقن حصوله وهو المعتمد (وإن) كان تغير ريحه (بدهن) أو ورد ونحوه (لاصق) سطح الماء ولم يمازجه فطهور وهذا ضعيف والمذهب أنه يضر لقول ابن عرفة ظاهر الروايات وأقوالهم كل تغير بحال معتبر وإن لم يمازج انتهى.
وارتضاه مق وبحث فيه ح بقوله الظاهر تسليم ما للمصنف كابن الحاجب وفي ابن بشير إشارة له حيث قال المتغير بمخالطة الأدهان غير طهور فقوله بمخالطة يفيد أن تغيره بملاصقه فقط لا يضر كما للمصنف انتهى.
قلت هذا لا يعادل قول ابن عرفة ظاهر الخ ولا نقله عن الشيخ والقابسي ما استقى بدلو دهن بزيت أي أو غيره مما غير أحد أوصاف الماء غير طهور غير أنه يشكل على ابن عرفة ومن وافقه ما ذكره سند كما في ح من أنه إذا تغير ريح أعلى الماء بقطران رسب بأسفله لا يضر حتى يتحقق ممازجته للماء بتغير لونه أو طعمه إلا أن يكون ابن عرفة لا يوافق سندًا على ذلك كما هو ظاهره قاله عج وقولنا تغير ريحه احترازًا من تغير طعمه أو لونه بملاصقة فإنه يضر حتى على ما مشى عليه المصنف أيضًا ويحمل حين تغير أحدهما على أنه مازج (أو) تغير ريحه فقط (برائحة قطران وعاء مسافر) وضع جرمه فيه على ما لسند كما مر أو وضع الماء بمحل قطران بعد زواله منه بحيث لا يكون تغير ريحه من مماس فلا يضر ومثل المسافر وغيره من العرب وأهل البوادي كما في د عن سند وأما إذا
ــ
قال طفى وبه تعلم أن لا حاجة لما تكلفه تت وغيره قلت وإلى هذا يرجع ما ذكر، ز فقوله يبقى ببقاء أمثاله يعني يبقى جنسه ببقاء أمثاله لأن العرض ينعدم في كل لحظة ويوجد الله تعالى مثله في محله على قول أهل الحق إنه لا يبقى زمانين فهو لا يبقى وجنسه باق وقول ز ينتقل مثله يعني بإحداث الله تعالى مثله في المجاور وقوله في إيضاحه إن الريح المجاور للجيفة يتكيف برائحتها يعني بإحداث الله تعالى ذلك فيه وهكذا فيما بعده فيرجع كلامه كله إلى ما في شرح المقاصد والله أعلم.
(وإن بدهن لاصق) قول ز ولا نقله عن الشيخ والقابسي الخ ما نقله ابن عرفة عن الشيخ والقابسي أجاب عنه ح بأنه لا دليل لابن عرفة فيه لما ذكره صاحب الجمع من أن مسألة الدلو كل جزء من أجزاء الماء فيها مازجه جزء من أجزاء الدهن لأن الدهن ينشغ من قعر الدلو وأجنابه بخلاف الدهن الواقع في الماء فإنه يطفو على وجهه ويبقى ما تحته سالمًا اهـ.
وقوله ينشغ هو بالنون والشين والغين المعجمتين أي يرتفع قاله ح (أو برائحة قطران وعاء مسافر) قول ز ومثل المسافر غيره من العرب وأهل البوادي الخ الذي في ح أنه لا
تغير لونه أو طعمه برائحته أو جرمه فيضر ويكون غير طهور وهذا التفصيل ما لم يكن القطران دباغًا فإن كان دباغًا لم يضر به تغير أحد أوصافه أو الجميع كما يفيده ما يأتي عند قوله ويضرّ بين الخ وانظر إذا شك في كونه دباغًا أم لا والظاهر أنه يجري فيه نحو ما تقدم في قوله أو شك في مغيره قال د والظاهر التقييد يكون السفر مباحًا فيخرج العاصي بسفره وأما اغتفار ذلك للعرب وأهل البوادي العصاة فلكونهم مثل العاصي في سفره اهـ.
(أو) تغير ولو بينا (بمتولد منه) كالطحلب وظاهره ولو فصل منه ثم ألقى فيه أو فصل من ماء وألقى في آخر إلا أن يطبخ فيه مطلقًا كما قال غ ويدخل في كلامه التغير بالسمك الحي لتولده منه فإن مات فحكمه كالطاهر فيضر تغيره به وانظر التغير بخرء السمك الحي هل يضر أم لا لأنه لا ينفك عن الماء والظاهر أنه يضر لأن الخرء المذكور ليس بمتولد من الماء وليس من أجزاء الأرض وقد أخبرت أن فضلة التمساح لها رائحة كريهة وتغير الماء القليل ودعوى بعض أنه لا يضر التغير بخرء السمك دون نقل لا يلتفت إليها وجعله البساطي في المغني محل نظر فإن قلت هو مما يعسر الاحتراز منه فهو كالورق والتبن قلت هذا يقل التغير به فنزل منزلة ما يقل سقوطه من الورق والتبن وحرره قاله عج وما أخبر به في التمساح مخالف لقول حياة الحيوان من عجائب أمره أنه ليس له مخرج فإذا امتلأ جوفه بالطعام خرج إلى البر وفتح فاه فيجيء طائر يقال له القطقاط فيلتقط ذلك من فيه وهو طائر أرقط صغير يأتي لطلب الطعام فيكون في ذلك غذاؤه وراحه للتمساح ولهذا الطائر في رأسه شوكة فإذا أغلق التمساح فمه عليه نخسه فيفتحه
ــ
مفهوم للمسافر لأن هذا من قبيل التغير بالمجاور وإن التقييد به مخرج فخرج الغالب لأن الذي يحتاج إلى ذلك غالبًا هو المسافر قال وقول سند لا يستثنى عنه عند العرب وأهل البوادي لا يريد به قصر الحكم عليهم وإنما أراد أن الضرورة إليه عند من ذكر أشد اهـ.
وإذا لم يكن للمسافر مفهوم كما ذكرنا بطل قول أحمد والظاهر التقييد يكون السفر مباحًا تأمل وقول ز ما لم يكن القطران د باغًا الخ أطلق في عدم اعتبار التغير بالدباغ ونحوه نقله الشيخ زروق عن الشبيبي ونقل القلشاني عن ابن عرفة أنه أفتى فيه بالتفصيل بين التغير البين فيضر وغيره فلا يضر وهو الذي ارتضاه ح عند قوله ويضر بين تغير الخ وسيأتي هناك (أو بمتولد منه كالطحلب) بضم الطاء واللام وبفتح اللام أيضًا وهو الخضرة التي تعلو الماء ومثله الخزز بفتح الخاء المعجمة والزاي وهو ما ينبت في جوانب الجدر الملاصقة للماء ومثله الضريع كما قاله اللخمي قال ح ولم أقف على معناه اهـ.
قلت ذكر في القاموس من جملة معانيه أنه نبات في الماء الآجن له عروق لا تصل إلى الأرض ثم قال أو نبات منتن يرمي به البحر اهـ.
وهذا المعنى الثاني ذكره ابن جزي أيضًا عند قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)} [الغاشية: 6] الخ الذي الآية ولا شك أنه مناسب هنا وفي القاموس أن الماء الآجن
اهـ. (أو بقراره كملح) وتراب وكبريت وزرنيخ وشب ونحاس وحديد ولو صنع منه إناء وتغير الماء منه على المعتمد اللخمي لما ثبت أنه عليه الصلاة والسلام كان يتوضأ من إناء صفر ومعلوم أنه يتغير به الماء وكان عمر بن عبد العزيز يسخن الماء في إناء صفر قال د بعد نقله ذلك وإنما كان الكبريت وما معه غير مضر للماء ولو نقل ومنع التيمم به وما معه حيث نقل لأن التيمم طهارة ضعيفة ووجه تمثيل المصنف بالملح دون غيره أنه لما كان من جنس الطعام كان أشد مما هو من جنس الأرض فلذا اعتنى به اهـ.
وظاهر قوله كملح ولو طبخ به وارتضاه عج دون استظهار ح القول بأنه كالمضاف وعلى الأول فالفرق بينه وبين الطحلب المطبوخ أن تغير طعم الماء أو لونه به غير تغيره به قبل طبخه بخلاف الملح فإن الأثر الذي يحصل بطبخ الملح هو الأثر الذي يحصل بوضعه فيه من غير طبخ وظاهره أي طبخه غير الصنعة المشار لها بما يأتي للمصنف وطبخ الماء بالكبريت ونحوه كطبخه بالملح (أو بمطروح ولو قصدًا من تراب أو ملح) بيان لمطروح وهذا هو المشهور دون قوله: (والأرجح السلب بالملح) المطروح قصدًا وأما المطروح غير قصد فيتفق على عدم سلبه الطهورية فقوله والأرجح راجع للمبالغ عليه فقط لا له ولما قبل المبالغة (وفي الاتفاق على السلب به إن صنع) حقيقة من أجزاء الأرض كتراب بنار أو حكمًا كمعدني وهو ما يؤخذ من معدنه حجارة لا إن لم يصنع فلا اتفاق بل يبقى الخلاف السابق لا أنه يتفق على عدم السلب لوجود الخلاف فيه والشق الثاني لا اتفاق بل فيه الخلاف صنع أم لا (تردّد) وبما قررنا علم أن المصنف حذف بقية الشق الأول من أحد طرفي التردد وحذف الثاني بتمامه كما في د وأما ما صنع بنار من نبات الأرض كالأراك كما أخبرني به بعض أصحابنا فينبغي أن يتفق فيه على السلب به ولا يدخل هذا في قوله صنع وإن شمله لفظه وأما ما أصله ماء وجمد فيتفق فيه على عدم السلب به فعلم أن أقسام الملح أربعة معدني وهو ما يؤخذ من معدنه حجارة وما أصله ماء وجمد وما صنع من أجزاء الأرض وما صنع من نبات وعلم وحكم كل وإن التردد في
ــ
هو المتغير اللون والطعم (أو بقراره كملح) قول ز وكان عمر بن عبد العزيز الخ الذي في ح عن اللخمي وكان ابن عمر الخ مكان عمر بن عبد العزيز ولا شك أن ح في النقل أثبت (وفي الإنفاق على السلب به إن صنع تردد) قول ز أو حكمًا كمعدني الخ جعله المعدني مصنوعًا حكمًا غير صحيح بل هو مقابل المصنوع في الحكم كما يفيده النقل في ق وغيره وإلا لم يكن للخلاف في بقية الشق الأول محل ويشهد لفساد ما ذكره استقراء كلامه فإن حاصل ما ذكره من أقسام الملح أربعة معدني ومصنوع من أجزاء الأرض وهما عنده من محل التردد لأنهما عنده من قبيل المصنوع وأخرج من التردد ما أصله الماء للاتفاق على عدم السلب به وما أصله النبات للاتفاق على السلب به فلم يبق لمقابل المصنوع محل أصلًا تأمله وقول ز لا إن لم يصنع فلا اتفاق بل يبقى الخلاف السابق يعني المشار إليه بقوله ولو قصدا
قسمين فقط ثم عطف على بالمطلق قوله: (لا) يرفع الحدث ولا حكم الخبث (بمتغير) تحقيقًا أو غلبة ظن (لونًا أو طعمًا) اتفاقًا فيهما (أو ريحًا) على المشهور خلافًا لابن الماجشون وما يوهمه عياض من الاتفاق غير ظاهر (بما يفارقه غالبًا) أي كثيرًا فلا يضر تغيره بما لا يفارقه أصلًا كسمك حي أو يفارقه قليلًا كمقره وأما السمك إذا مات فيه فهو من المفارق كثيرًا فيضر التغير به كما مر (من طاهر) كطعام (أو نجس) كبول فالغالب فيهما ونحوهما مفارقة الماء ووجودهما معه قليل وكحبل سانية فالغالب فيه المفارقة إذ ليس شأنه أن يكون مع الماء قاله د والتقييد بغلبة الظن لابن رشد في شرح السماع ونقله ح وعج وأقراه ولا يشكل على ما مر في قوله أو شك في مغيره من أن مفهومه أنه يضر الظن وإن لم يقول لاختلاف الموضوع لأن المار تحقق التغير وظن أنه مما يضر فيعمل عليه وإن لم يقول وما هنا لم يتحقق التغير فاشترط غلبة ظن تغيره (كدهن خالط) الماء وهو مفهوم لاصق (أو بخار مصطكى) للماء نفسه لا لمحله قبله ولم يبق دخانه قال د المتبادر أن هذين مثالان للطاهر المغير المفارق غالبًا ويحتمل أنهما مثالان للمغير المفارق غالبًا طاهرًا أم نجسًا فإن الدهن قد يكون طاهرًا وقد يكون نجسًا وكذا بخار المصطكى وأما كونهما مشبهين كما ذكره بعض الشراح أي كنت احتمالًا ففيه نظر لأنهما من جملة ما مر والتشبيه يقتضي المغايرة وبخار معطوف على دهن أي أو كبخار مصطكى فهو شامل لبخار غيرها أي كعود كما قال ابن عرفة إذ هو مثله فقول من قال أي كنت لو أدخل الكاف على مصطكى ليدخل غيرها لكان أحسن غير بين اهـ.
ومصطكى بضم الميم وفتحها مقصور ويمد مع الفتح قال عج ولعل الفرق بين بخار المصطكى وبين التغير بريح المجاور أي وسنة تبخير محل الماء قبل وضعه فيه فإنه لا يضر تغير ريحه به بعد وضعه فيه حيث لم يبق دخانه إلى وضع الماء به قوة تأثير البخار الصاعد بالنار أي في الماء وضعف ريح المجاور فإن تغير طعمه أو لونه بتبخير محله قبل وضعه فيه فإنه يضر وانظر تبخير الماء بالكبريت هل هو كطبخه بجزء من أجزاء الأرض فلا يضر قطعًا أو كطرحه فيه وفيه الخلاف السابق الذي قدمه المصنف في المطروح قصدًا من تراب أو ملح وتقدم أن المعتمد فيه أنه لا يضر ثم التنظير هنا في تبخير الماء بالكبريت لا ينافي ما مر من أن طبخ الماء بالكبريت ونحوه كطبخه بالملح لأن كون ذاته من أجزاء الأرض لا ينافي أن دخانه يضيف الماء.
تنبيه: قوله بخار أي رائحة وأما قوله في الصوم وبخور بفتح الباء فعلى حذف
ــ
لأنه إذا كان جاريًا في التراب الذي هو أقرب الأشياء إلى الماء فأحرى الملح المعدني (لا بمتغير لونًا أو طعمًا) قول ز اتفاقًا فيهما الخ هذا هو الصواب كما في ح وغيره خلافًا في خش من حكاية الخلاف في اللون وقول ز وأما السمك إذا مات فيه الخ هذا صحيح كما
مضاف أي رائحة بخور الذي هو اسم لما يتبخر به فلما عبر فيه بالاسم قدر مضاف ولما عبر هنا ببخار الذي هو نفس الرائحة لا يقدر فيه مضاف (وحكمه كمغيره) إن تغير بطاهر فطاهر وبنجس فمتنجس لا نجس كما هو ظاهر ففيه تسامح ويدل على المراد قوله وينتفع بمتنجس لا نجس قاله د وإن تغير بمشكوك في طهارته ونجاسته فطاهر أيضًا كما مر في رد قول الموضح انظر إذا تغير بمشكوك فيه (ويضر) الماء (بين تغير) أي فاحش عند أهل المعرفة (بحبل سانية) أي ساقية وكذا غيره مما يخرج الماء فالمراد بآلة استقاء ولو عبر به لكان أحسن وكذا يضر بين تغيره بوعائه الذي يخرج به حيث كان من غير أجزاء الأرض كحلفاء وخوص فإن كان منها لم يضر تغير الماء به ولو بينا بقي بحاله أم لا سواء كان من حجر أو حرق بالنار كآنية الفخار وكتغيره بآنية حديد فلا يضر ولو فاحشًا كما مر ولا يضر
ــ
يشهد له كلام ح وضيح عند قوله وإذا مات يرى الخ (وحكمه كمغيره) قول ز ففيه تسامح الخ التسامح إنما يأتي إذا حمل الحكم في قوله وحكمه الخ على الصفة كما قرر به وأما إذا حمل على الحكم الشرعي المنقسم إلى طلب الفعل والترك والتخيير كان المعنى وحكمه في جواز التناول والمنع كمغيره فلا تسامح فيه حينئذ وهذا العمل هو الظاهر وهو مراد الفقهاء قاله س وهو صواب قاله طفى قلت وفيه نظر لأن النجس ممنوع التناول والمتغير به وهو المتنجس يجوز الانتفاع به كما يأتي في غير مسجد وآدمي من سقى زرع وماشية مثلًا فليس الحكم واحدًا وحينئذ فالحمل الأول أحسن لأن التسامح أسهل من هذا والله أعلم (بحبل سانية) في المصباح السانية البعير يسقى عليه أي يستقي عليه من البئر انتهى.
وفي المثل سير السواني سفر لا ينقطع وفي القاموس السانية الغرب وأداته والناقة يسقى عليها اهـ.
وقال في الغرب هو الراوية والدلو العظيمة انتهى.
واعلم أن التغير إما بملازم غالبًا فيغتفر أو بمفارق غالبًا ولم تدع إليه ضرورة فلا يغتفر أو بمفارق غالبًا ودعت إليه الضرورة كحبل الاستقاء ففيه ثلاثة أقوال ذكرها ابن عرفة الأول لابن زرقون طهور والثاني لابن الحاج ليس بطهور والثالث لابن رشد التفصيل بين التغير الفاحش وغيره وهو الراجح ولذا اقتصر عليه المصنف لكن لو عبر بآلة الاستقاء كما عبر به ابن عرفة ليشمل الحبل والكوب والسانية وغيرها كان أحسن.
واعلم أن ابن رشد سئل عن أربعة أمور الماء المتغير بنشارة الأرز وبنقع الكتان وبالكوب وبالحبل وأجاب عن الكوب والحبل بالتفصيل المتقدم وعن الأولين بما يقتضي سلب الطهورية على الإطلاق ونص كلامه في الجواب على نقل ابن مرزوق فإذا كان ماء القناة قد تغير بما خالطه من نشارة الأرز فلا يصح استعماله في شيء من ذلك وكذلك الماء المستقر في حواشي النهر المتغير من الكتان المنقوع فيه وأما الماء يستقى بالكوب الجديد أو الحبل الجديد فلا يجب الامتناع من استعماله في الطهارة إلا أن يطول مكث الماء في الكوب أو طرف الحبل فيه حتى يتغير تغيرًا فاحشًا وبالله التوفيق اهـ.
التغير بالدباغ ولو بينا كما لزروق عن الشبيبي وقال ح ينبغي أنه كحبل السانية ثم شبه في التغير لا بقيد كونه بينا قوله (كغدير) تغير (بروث ماشية) أو بولها وهذا إيضاح علم من قوله لا بمتغير أتى به لرد القول بطهارته وأتى بقوله: (أو) ماء (بئر) تغير (بورق شجر أو تبن) فيضر وإن لم يكن بينا أيضًا للتنبيه على ما لابن رشد بقوله (والأظهر في) تغير ماء (بئر البادية بهما) أي بورق الشجر والتبن (الجواز) وهو المعتمد وإن أوهم تأخيره أنه مقابل ولا بد من كون كل من الورق والتبن غالبًا ومثلها بئر الحاضرة حيث عسر الاحتراز فيها منهما ولم يتيسر تغطيتها كما يفيده النقل وخص بئر البادية لعزوه لابن رشد لكن اعترض د تعبيره بالأظهر بأنه غير جار على اصطلاحه إذ ليس في المسألة قول بالتفصيل بل قول بأنه مضر وقول بأنه ليس بمضر واختاره ابن رشد والثالث الإعادة في الوقت كما نقله ابن عرفة والتفصيل غير الإطلاق وكان ابن رشد لما لم يخرج عن القولين بل أخذ شقًّا من كل جعل المصنف مختاره من الخلاف وفيه بعد اهـ.
ــ
وفي أجوبة أبي محمَّد سيدي عبد القادر الفاسي عن شيخه العارف بالله تعالى سيدي عبد الرحمن ما نصه تغير الماء بالنشارة إنما يضر إن كان تغيرًا بينا كما قيل في الدباغ للقربة والطي للبئر بالتبن ونحو ذلك من ضروريات الماء ومصلحاته وكأن ابن رشد لم يفصل في النشارة تفصيله في الحبل والإناء لأن التغير يسرع إليه من النشارة دون الحبل والإناء اهـ.
(كغدير بروث ماشية) قول ز لرد القول بطهارته صوابه بطهوريته وهذا القول المردود هو رواية المجموعة كما في ح فإنها تدل كما قال اللخمي على أنه طهور مطلقًا وإن تركه مع وجود غيره إنما هو استحسان انظر ح (والأظهر في بئر البادية بهما الجواز) نص ابن عرفة وفيما غيّر لونه ورق أو حشيش غالبًا ثالثها يكره الأول للعراقيين والثاني للأبياني والثالث قول السليمانية تعاد الصلاة بوضوء في الوقت انتهى.
ويؤخذ منه أمور منها أنه لا مفهوم لبئر ولا لبادية في كلام المصف بل العيون والغدران كذلك ومنها أنه لا مفهوم لقوله بهما بل ما طويت به البئر من الخشب والعشب كذلك ومنها أن ذلك مقيد يكون ما غير الماء من ذلك غالبًا ومنها أن تعبير المصنف بالأظهر جار على اصطلاحه لأنه أشار به لاختيار ابن رشد القول الأول المنسوب للعراقيين وأورد عليه أن ابن رشد إنما قال ذلك في بئر الصحراء التي تدعو الضرورة إلى طيها بالخشب والعشب وقول العراقيين أعم من ذلك وأجيب بأنه إنما قصر كلامه على ذلك في أول جوابه لأن السؤال ورد فيه كما في غ وقد أتى في آخر كلامه بما يوافق قول العراقيين ونصه على نقل غ قول بعض المتأخرين في الماء المتغير في الأودية والغدر مما يسقط فيه من أوراق الشجر النابتة عليه والتي جبلتها الرياح إليه لا يجوز الوضوء ولا الغسل به شاذ خارج عن أصل المذهب فلا ينبغي أن يلتفت إليه ولا يعرج عليه اهـ.
وفي كلام خش إشارة إلى أكثر من ذلك وقد صرح ح بما ذكرنا من أن مختار ابن رشد هو قول العراقيين ونصه بعد نقول الذي يظهر من كلام أهل المذهب ونقولهم التي ذكرناها
(وفي جعل) أي تقدير حكم (المخالط) لمطلق قدر آنية غسل ولو لمتوضيء والمخالط قدرها أو أقل أو أكثر وهو مخالف للمطلق في حقيقته وينفك عنه غالبًا (الموافق) الآن له في أوصافه الثلاثة وكان ذا صفة مخالفة زالت عنه وتحقق أو ظن أنه لو بقيت لغيرت المطلق كبول وماء رياحين انقطعت رائحة كل في مقره (كالمخالف) أي مثل حكمه فيسلبه الطهورية أو لا يجعل كالمخالف بل يقدر موافقًا فلا يسلبها الصدق المطلق عليه والأصل التمسك ببقاء أوصافه حتى يظن زوالها (نظر) أي تردد والراجح الثاني واحترزت بقولي لمطلق قدر آنية غسل عما إذا كان المطلق أكثر منها فلا يضره المخالط المذكور كان قدره أو أقل أو أكثر وعما إذا كان أقل من آنية غسل فيضره المخالط المذكور مطلقًا واحترزت بقولي وكان ذا صفة مخالفة زالت عنه عما إذا كان ذا صفة غير مخالفة للمطلق كماء زرجون أي حطب عنب فلا تضر مخالطته للمطلق قطعًا وكذا بول شخص شرب ماء ونزل بصفته لضعف مزاجه فخلط بمطلق مع موافقته لصفته وأما نقض الوضوء بخروجه من غير مستنكح لا منه فشيء آخر واحترزت بقولي وتحقق أو ظن الخ عما إذا تحقق أو ظن أنه لو بقيت لم تغير المطلق فإنه طهور وكذا إن شك في تغيره لو بقيت فلا يضر خلافًا لجعل الشيخ سالم تبعًا لح أن هذه من محل التردّد أيضًا وعلم مما ذكرنا أن أقسام هذه المسألة تسع حاصلة من ضرب ثلاث حالات المطلق قدر آنية غسل ودونها وأكثر في حالات المخالط بكسر اللام وهي كونه قدر المطلق أو أقل أو أكثر وأن محل التردد في ثلاثة هي كون المطلق قدر آنية غسل سواء خالطه مثله أو أقل وكذا أكثر على ما لبعض ولغيره أن المطلق حينئذ غير طهور قطعًا وثلاثة فيها المطلق طهور قطعًا
ــ
ترجيح القول بأن ذلك لا يسلبه الطهورية لأنه قول شيوخنا العراقيين وقدمه صاحب الطراز وابن عرفة واقتصر عليه صاحب الذخيرة ولم يذكر غيره واختاره ابن رشد فكان ينبغي للمصنف أن يقتصر عليه أو يقدمه فإن القول الذي قدمه هو قول الأبياني وقد علمت أنه في غاية الشذوذ كما قال ابن رشد لكن المصنف والله أعلم إنما اعتمد في تقديمه على ما يفهمه من كلام اللخمي من أنه هو المعروف من المذهب وذلك على ما أصله وقد علمت أنه ضعيف انتهى.
ثم اعلم أن في قول المصنف بهما بحثًا لأن ابن رشد إنما ذكر ذلك في الخشب والعشب الذي يقع بهما طي بئر البادية لعدم غيرهما وأنهما كالطحلب وإنما ذكر ورق الشجر والتبن في الأنهار والغدر والفرق بينهما وبين البئر ظاهر فإن النهر والغدير لا يمكن تغطيتهما بخلاف البئر ولذا لا يصح قياس التبن والورق على الخشب والعشب الذي وقع الطي بهما لإمكان التحفظ من التبن والورق بخلاف الخشب والعشب لأنهما صارا كالطحلب انظر ابن مرزوق وبما ذكرناه تعلم ما في كلام ز من الإجحاف وتعلم أن ما ذكره من أن ابن رشد أخذ فيما اختاره من كل شق قولًا غير صحيح (وفي جعل المخالط الخ) قول ز لمطلق قدر آنية
وهي كونه أكثر من آنية غسل كان المخالط قدره أو أقل أو أكثر وثلاثة فيها المطلق في الأصل غير طهور الآن وهي كونه أقل من آنية غسل كان المخالط قدره أو أقل أو أكثر.
تنبيه: عدل عن قول ابن الحاجب وفي تقدير موافق صفة الماء مخالفًا نظر انتهى إلى قوله كالمخالف لاعتراض ابن عرفة عليه بأن تقدير الموافق مخالفًا قلب للحقائق كالمتحرك ساكنًا انتهى.
قال مق وهو مبني على أن مخالفًا مفعول ثان لتقدير ولا شك في استحالة تقدير ذات الموافق عين ذات المخالف كما هو المتبادر من مدلول عبارته لما فيه من قلب الحقائق المؤدي إلى اجتماع الضدين واتحادهما كما ذكر في المتحرك والساكن لكن مثل ابن الحاجب لا يناقش بمثل هذا فهو على حذف مضاف أي وفي تقدير حكم موافق صفة الماء مثل حكم المخالف نظر ونحو هذا من التقادير التي يعلم قطعًا أنها مرادة والمستحيل إنما هو تقدير عين ذات عين ذات أخرى انتهى.
ــ
غسل الخ التقييد بآنية الغسل الخ أصله لعج ولا مستند له فيه إلا تمثيل ابن مرزوق بذلك وهو فرض تصوير للمسألة لا يؤخذ منه تقييد وليس في كلام الأئمة أصل له فإن المسألة أصلها كما في ح وضيح لابن عطاء الله وتبعه ابن الحاجب والمصنف وليس في كلامهم ما يؤخذ منه ذلك أصلًا وأيضًا تقييدهم المسألة يكون المخالط بالكسر لو بقيت أوصافه لغير المطلق يوجب استواء القليل والكثير وحينئذ فما بناه عليه من الاحتراز والتقسم الآتيين غير صواب والله أعلم وقول ز وكان ذا صفة مخالفة زالت عنه الخ ظاهر ح عدم التقييد بهذا بل ذكر عن سند التردد أيضًا في الموافق كماء الزرجون وهو الظاهر لأنه ماء مضاف وإن كان موافقًا للمطلق في أصله وحينئذ فلا وجه للتقييد فتأمله وقول ز وتحقق أو ظن أنه لو بقيت الخ تبع عج في تقييده النظر بصورة التحقق أو الظن وأخرج منه صورة الشك لأنه أدخلها في قوله السابق أو شك في مغيره هل يضر وأما ح فقد قصر النظر على صورة الشك واستشكل دخول صورة الظن في المسألة والتحقق مثله ونصه وظاهر كلامهم إن النظر في جعل المخالط الموافق كالمخالف ولو غلب على الظن أن ذلك المخالط لو كان باقيًا على أوصافه لغير الماء وهذا مشكل والذي يظهر لي أنه يفصل في المسألة فإن حصل الشك فيمكن أن يقال كما قال ابن عطاء الله وأما حيث يغلب على الظن شيء فينبغي أن يحمل عليه انتهى.
يح والظاهر أنه لا محل للنظر أصلًا بل صورة الشك تؤخذ مما سبق كما قال عج وإن تحقق أو غلب على الظن شيء عمل عليه كما قال ح ولذا قال ابن عرفة في قول ابن الحاجب في تقدير موافق صفة الماء مخالفًا نظر لأن المطلق قل أو كثر في قليل أو كثير الروايات والأقوال واضحة ببيان حكم صوره ولا شك في عدم قصر الحكم على التغيير المحسوس انتهى.
وقوله كبول وماء رياحين الخ قال ح جعل ابن راشد من صور المسألة البول إذا تغيرت رائحته حتى صار كالماء قال ابن فرحون وهذا مشكل وذكر عن الشيخ أبي علي ناصر الدين أن المخالط هذا كان نجسًا فالماء نجس مطلقًا اهـ.
باختصار فلعل الاعتراض مدفوع عن المصنف بالكاف التي هي بمعنى مثل ومثل الشيء غيره ضرورة وقال عج إنه مثله اعتراضًا وجوابًا وفيه نظر ثم رأيت في الشيخ سالم ما يوافق ما ذكرته فلله الحمد (وفي) جواز (التطهير) ابن عرفة هو إزالة النجس أو رفع مانع الصلاة (بماء جعل في الفم) ولم يتغير شيء من أوصافه وهو قول ابن القاسم وعدم جوازه وهو قول أشهب (قولان) واتفقا على أنه لو تحقق التغير لأثر قاله المصنف واختلف في أن خلافهما حقيقي لاتفاقهما على أنه لا ينفك الماء عن مخالطة الريق لكن ابن القاسم اعتبر بقاء صدق المطلق عليه وأشهب اعتبر المخالطة في نفس الأمر أو الخلاف في حال وهو المعتمد لنظر المجوز إلى أنه يمكن الانفكاك عما يغيره والمانع إلى أنه لا يمكن الانفكاك قال د فإن قيل هل الريق من المخالط الموافق أو المخالف فالجواب أنه من الموافق حكمًا يفهم من فرق البساطي بين هذه المسألة والمسألة السابقة بأن هنا احتمال المخالط الموافق وهناك فرض وقوعه انتهى.
وأجاب غير البساطي بأن المخالط في الأولى ممازج لا مجاور وفي الثانية خلاف في حال هل هو ممازج أو مجاور انظر تت وأجاب عج بأن الماء في الأولى قدر كفاية المتطهر وفي هذه الثانية دونه قطعًا قال تت وقد يقال المسألة الأولى كالمفرعة على الثانية فكان ينبغي تقديم هذه على تلك انتهى.
قال الشيخ سالم عقبه وفي هذا الكلام شيء إذ حاصله أنه كان ينبغي أن يقول المصنف وفي التطهير بماء جعل في الفم قولان ففي جعل المخالط الموافق كالمخالف نظر وهو كلام يمجه الطبع السقيم فضلًا عن السليم إذ القائل بالتطهير لا يجعله مخالفًا فمن أين يأتي التردد للمتأخرين بعد نص المتقدمين على الحكم وعلى علته تأمل انتهى.
ومفهوم جعل في الفم أنه لو بصق فيه وهو في إناء لم يضر ففي التهذيب يجوز الوضوء بالماء يقع فيه البصاق وشبهه أي كماء الفساقي وقيده ابن يونس بما إذا لم يكثر حتى يغير الماء انتهى.
ــ
قال بعض الشيوخ وهذا هو الظاهر وقول ز في التنبيه لاعتراض ابن عرفة عليه بأن تقدير الموافق مخالفًا قلب للحقائق الخ استشكل بعض المحققين اعتراض ابن عرفة هذا بأن المستحيل إنما هو ثبوت المحال وتحققه لا تقدير ثبوته ففي صدوره من ابن عرفة عجب (وفي التطهير بماء جعل في الفم قولان) قول ز وهو قول أشهب الخ ليس عدم الجواز قولًا لأشهب إنما هو رواية له عن مالك كما في العتبية نقله في ضيح وغيره ولذا قال ح أطلق المصنف وغيره عليهما القولين مع أن أحدهما رواية وقال قبله والظاهر القول بالجواز ونقل الشارح في الصغير عن المصنف أنه قال والظاهر هو الطهورية لأنها الأصل انتهى.
وقول ز واتفقا على أنه لو تحقق التغير لأثر الخ هكذا في ضيح قال ح عقبه وكأنه يعني والله أعلم أنه لو تحقق أنه حصل من الريق قدر لو كان من غير الريق لغير الماء لأن الريق لا يغير الماء
وستتضح لك مسألة التهذيب عند قوله وراكد (وكره ماء) يسير وجد غيره وإلا وجب استعماله أي كره استعماله في طهارة لا تفعل إلا بطهور كان يصلي بها أم لا كوضوء لزيارة الأولياء ولنوم جنب والحال أنه (مستعمل) قبل ذلك (في) رفع (حدث) أكبر أو أصغر ولو من صبي وكذا في إزالة حكم خبث فيما يظهر لوجود العلة المذكورة هنا في الشراح خلافًا لاستظهار د عدم كراهته والمستعمل ما تقاطر من الأعضاء أو اتصل بها قال المصنف سواء استمر على اتصاله أو انفصل عنها كماء في قصرية غسل عوضه به وهذا الثاني يقيد بكونه يسيرًا بخلاف الأول فلا يكون إلا يسيرًا انتهى.
وظاهر قوله كماء في قصرية غسل عضوه به أنه دلكه فيها فإن غمسه بها ودلكه بعد إخراجه فهل يكره أيضًا لأن الدلك الواقع بعد صب الماء بمنزلة المقارن له أم لا وهو الظاهر ثم إن ما تقاطر من العضو الذي تتم به الطهارة أو اتصل به مستعمل قطعًا وأما ما تقاطر من العضو غير الأخير أو اتصل به فإن استعمله بعد تمام هذه الطهارة في متوقف عليها كره أيضًا وإن استعمله في باقيها قبل تمامها فكذلك أيضًا إن قلنا إن الحدث يرتفع عن كل عضو بانفراده وإلا لم يكره وقولنا أو اتصل بها لا يخالف قول القرافي بفروقه لا خلاف أن الماء ما دام في العضو طهور أي وغير مستعمل وكذا قوله في ذخيرته الماء المتنازع فيه هو المجموع من الأعضاء لا ما يفضل من الإناء بعد الطهارة أي حيث لم يغسل العضو فيه بل غرف منه وغسل العضو خارجه وبقي بعد غرفه بقية ولا المستعمل في بعض العضو إذا جرى للبعض الآخر انتهى.
ــ
إلا أن يكثر جدًّا حتى يظهر لعابه في الماء فالظاهر أنه إنما أراد ما ذكرنا وهكذا قال ابن الإمام أنه لو طال مكث الماء في الفم أو حصل منه مضمضة لانتفى الخلاف لغلبة الريق انتهى.
قلت وهذا نص في حكم المخالط الموافق فلا وجه للنظر السابق تأمله وقول ز واختلف في أن خلافهما حقيقي الخ نحوه لتت قال طفى ظاهره إن الشيوخ اختلفوا في ذلك وليس كذلك بل متفقون على أنه خلاف في حال انتهى.
وانظر ح وضيح وقول ز وأجاب غير البساطي الخ هذا الجواب راجع إلى جواب البساطي نفسه فتأمله وقال ح دل كلام ضيح وابن الإمام على أن الغرق هو أن هذه فيها الشك في حصول القدر الذي يغلب على الظن تأثيره من المخالط الموافق بخلاف المسألة السابقة اهـ.
باختصار وقول ز وأجاب عج الخ ما أجاب به عج تقدم رده في المسألة التي قبل هذه وقول ز إذ القائل بالتطهير لا يجعله مخالفًا الخ فيه نظر وصوابه لاتفاق القولين على جعله مخالفًا لما قدمناه من أن الخلاف بينهما خلاف في حال (وكره ماء مستعمل في حدث) هذا على تأويل الأكثر وعلى ما لابن رشد يمنع لأن قول الإمام ولا خير فيه محمول عنده على المنع وقيل مشكوك فيه فيجمع بينه وبين التيمم وعلى الكراهة فقال ح وإن استعمله مع وجود غيره فهل يعيد في الوقت أو لا إعادة عليه لم أر في ذلك نصًّا قال والكراهة لا تستلزم الإعادة
لأن المراد بقولنا أو اتصل بها بعد تمام غسل العضو فلا يمسح بما نزل من ذراعه اليسرى رأسه مثلًا كما مر وأما في حال غسل العضو به فهو غير مستعمل وتقدم أن محل كراهته مع وجود غيره ومحلها أيضًا ما لم يصب عليه مطلق قدره أو أقل أو أكثر غير مستعمل حتى يصير المجموع أزيد من آنية غسل فلا كراهة فإن صب عليه مستعمل في حدث مثله فاستظهر ابن عبد السلام انتفاء الكراهة وابن الإمام وح بقاءها لأنه لما ثبتت كراهة كل جزء منفردًا كان للمجموع حكم إجزائه فعلة الكراهة موجودة فإن فرق هذا الكثير حتى صار كل جزء يسيرًا فالظاهر على ما لابن عبد السلام لا تعود له لزوالها ولا موجب لعودها وقولي فإن صب عليه مستعمل في حدث مثله هو الظاهر وأما إن أكثر المستعمل في حدث بمستعمل في غيره فهو أولى بعدم الكراهة على ما لابن عبد السلام وأما على ما لابن الإِمام وح فالظاهر خفته بالنسبة لما خلط بمستعمل في حدث (وفي) كراهة استعمال ماء مستعمل في (غيره) أي غير حدث وحكم خبث مما يتوقف على مطلق كغسل جمعة وعيد وماء غسلة ثانية أو ثالثة وأريد استعماله في متوقف على مطلق وعدم كراهته (تردد) وأما ماء غسل الذمية النقية الجسد من الحيض ليطأها زوجها أو مالكها فيكره استعماله في متوقف عليها بلا تردد على ما استظهر ح وفي د إنه من التردد كما يفيده القرافي وأما ماء الغسلة الرابعة وماء وضوء الجنب للنوم ونحوهما مما لا يصلي به فلا يكره استعماله في متوقف على طهور قطعًا كماء غسل به إناء طاهر فالتردد في غسل جمعة وعيد وكذا ماء غسلة ثانية وثالثة على بحث شيخ عج وفي ح لا كراهة فيه قال المصنف ومحل التردد فيمن سلمت أعضاؤه من النجاسة والأوساخ أما نجسها فما حلته نجاسة وأما وسخها فما حلته أوساخ أجره على ما سبق انتهى أي فإن كانت الأوساخ من أجزاء الأرض لم يضر التغير به وإلا ضر ومحله أيضًا إذا وجد مطلق غيره كما مر هذا
ــ
بخلاف العكس وقول ز كان يصلي بها أم لا كوضوء لزيارة الأولياء الخ فيه نظر إذ حيث كان لا يصلي بها كيف يجب عليه استعماله فيها مع أن الطهارة حينئذ مستحبة لا غير فالظاهر إذا لم يجد غيره وأراد الوضوء المستحب أن يكره استعماله فيه بل يؤمر بتركه تأمله لكن عبارة ح في ذلك كله يكره إذا وجد غيره وقول ز فإن غمسه بها ودلكه بعد إخراجه فهل يكره أيضًا الخ ما تردد فيه هنا هو بعينه الذي يأتي له قريبًا عن ابن الإمام وقول ز وإن استعمله في باقيها قبل تمامها فكذلك أيضًا أي يكره إن وجد غيره وإلا تعين ولا ينتقل للتيمم انظر ح في باب التيمم في الفرع الأول عند قوله إن عدموا ماء كافيًا الخ وقول ز فإن فرق هذا الكثير وصار كل جزء يسيرًا فالظاهر على ما لابن عبد السلام لا تعود لزوالها الخ ظاهره أن هذا الاستظهار من عنده وهو قصور بل ابن عبد السلام نفسه صرح بذلك كما نقله ح عنه فانظره (وفي غيره تردد) الكراهة لابن رشد وصاحب الإرشاد وعدمها لسند وابن شاس وابن الحاجب وقول ز مما يتوقف على مطلق الخ مفهومه إن استعمل في غسل ثوب طاهر مثلًا لم يكره اتفاقًا
وقال ابن الإمام والأظهر على أصلنا أن إدخال المحدث يده في الإناء بعد نية رفع الحدث لا يصير الماء مستعملًا أي لأنه لا يصدق عليه حده المتقدم ولم أر فيه نصًّا وعند الشافعية يصيره مستعملًا إلا أن يقصد الاغتراف قال ح ونصوص المذهب كالنص فيما ذكر ابن الإمام أي من عدم كراهته (و) كره ماء (يسير) أي استعماله وبينه بقوله: (كآنية وضوء وغسل) أي كل منهما يسير بالنسبة للمتوضيء والمغتسل فآنية الغسل يسيرة بالنسبة للمتوضيء أيضًا كما يفيده لشيخ وح ود عن بعض شيوخه بحثًا وفي تت على الرسالة والشاذلي تبعًا لشيخهما السنهوري أنها كثيرة بالنسبة للمتوضئ خولط (بنجس) ولو قطرة فلا كراهة فيما دونها كما يفيده ح وفي صر عن البيان وتبعه بعض الشراح عدم كراهة ما حلت فيه قطرة فالكراهة عندهما فيما زاد عليها والظاهر الرجوع في قدرها لذي المعرفة (لم يغير) فيكره استعماله في حدث أو حكم خبث ومتوقف على طهور لا في عادات ومفهوم بنجس أن ما خالطه طاهر لم يغير لا يكره استعماله وهو كذلك خلافًا للقابسي عبد الحق لعله خرّجه من مقابل المشهور في قليل خولط بنجس لم يغير والجامع بينهما أن كلا قليل خولط بشيء لم يغيره وفرق بأن تأثير النجس أقوى من تأثير الطاهر أي شأنه ذلك لأن النجس يسلب وصفي الطهورية والطاهرية والطاهر يسلب الطهور فقط فهو أضعف قاله تت على ابن الحاجب وإنما قلت أي شأنه ذلك لئلا ينافي موضوع المسألة أنه لم يغير ثم إن المصنف مقيد بثلاثة قيود أن يجد غيره وأن لا يكون له مادة كبئر وأن لا يكون جاريًا فاليسير الجاري في كالقناة كالكثير ويعتبر قدر اليسير فيها من محل السقوط إلى منتهى الجرية لا مما قبل محل السقوط إلا أن يميل الريح النجاسة لما قبله فيعتبر من غاية ما انتهى إليه إمالة الريح قاله ابن عبد السلام واستظهره ح خلافًا لبحث الأبي معه.
ــ
فالأقسام ثلاثة ما يكره جزمًا وما فيه تردد ومالًا كراهة فيه جزمًا وقول ز وفي ح لا كراهة فيه الخ في نقله عن ح تحريف فإن الذي استظهره ح عن سند في ماء غسله ثانية وثالثة هو الكراهة قال لأنه من تمام غسل رفع الحدث فيستجيب عليه انتهى.
(ويسير كآنية وضوء وغسل) قول ز وفي صر عن البيان الخ ما ذكره صر اعترضه طفى بأن الذي في كلام البيان والمقدمات وابن عرفة أن آنية الوضوء تؤثر فيها القطرة فيصير من المختلف فيه بين الكراهة والنجاسة وأن آنية الغسل لا يؤثر فيها إلا ما فوق القطرة فالنجس بالنسبة لآنية الوضوء والغسل مختلف ونص المقدمات حد اليسير قدر ماء الوضوء تحله قطرة نجس وقدر القصرية يحله أذى الجنب اهـ.
ونقل أيضًا كلام البيان وابن عرفة فانظره وقول ز فاليسير الجاري في كالقناة كالكثير الخ هكذا أطلق المازري ونقله ابن عرفة ومثله لابن رشد في اللباب قال وزاد ابن الحاجب إذا كان المجموع كثيرًا والجرية لا انفكاك لها ومراده جميع ماء الجرية واحترز بعدم الانفكاك عن ميزاب السانية اهـ.
تنبيه: لا إعادة على مستعمل هذا ليسير على ما للمصنف وهو المشهور أما على مذهب المدونة والرسالة من أن قليل الماء ينجسه قليل النجاسة وإن لم يغيره وهو قول ابن القاسم فيعيد أبد النص ابن القاسم على أنه يتركه ويتيمم إن لم يجد غيره وحمل ابن رشد كما في ق الإعادة على الوقت قائلًا قول ابن القاسم بأنه نجس إنما هو على طريق التحرز عن المتشابه لا على طريق الحقيقة خلاف ظاهر قوله يتركه ويتيمم وخلاف إبقاء غيره كلام ابن القاسم على ظاهره وقول تت مفهوم المصنف أن ما دون آنية وضوء غسل ينجس لم يغير متنجس غير معول عليه كما في د (أو) يسير كآنية وضوء وغسل (ولغ فيه كلب) مأذون في اتخاذه أم لا أي أدخل لسانه فيه وحركه فإن أدخله بلا تحريك أو سقط من فمه لعاب في الماء أو كان الماء كثيرًا لم يكره لقوله عليه الصلاة والسلام في الحياض أي وماؤها كثير تردها السباع لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شرابًا وطهورًا ووجه التفرقة بين الكثير واليسير وإن كان غسل الإناء تعبدًا على المشهور أن اليسير قد يتغير من لزوجات فم الكلب فناسب أن يقال فيه ذلك ما قاله الشارح وبه يرد قوله بعد ينبغي إذا قيل بأن الغسل تعبد أن لا كراهة في استعمال الماء المولوغ فيه فانظره مع كلام الشيخ انتهى.
وظاهر المصنف الكراهة ولو تيقنت طهارة فمه من النجاسة ومقتضى كلام بعض الشراح أنه من جملة ما لا يتوقى نجسًا قاله د. (وراكد يغتسل فيه) في الكلام حذف
ــ
نقله ح وقال بعده قوله مراد ابن الحاجب جميع ماء الجرية كذا فسر ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب ولكنه اعترضه وقال الحق أنه يعتبر من محل سقوط النجاسة إلى منتهى الجرية لأن ما قبل محل السقوط غير مخالط اهـ.
وبه تعلم أن قول ز ويعتبر قدر اليسير فيها من محل السقوط الخ كلام لا معنى له لأنه مختل مناف لما قبله وكان حقه لو ذكر قيد ابن الحاجب ورتب هذا الكلام على مفهومه فتأمله وقول ز فيعيد أبدًا الخ هذا تفقه منه فقط ولم أر من نقل عن ابن القاسم الإعادة أبدًا ونص ح وعلى قول ابن القاسم ومذهبه أنه نجس فقال في المدوّنة والرسالة أنه يعيد في الوقت واستشكل ذلك لأنه قال يتركه ويتيمم وإنما اقتصر على الإعادة في الوقت مراعاة للخلاف اهـ.
باختصار فجزمه عن ابن القاسم بالإعادة أبدًا مخالف لما نص عليه هو في المدوّنة والرسالة من أنها في الوقت فقط تأمله وقول ز وقول تت إلى قوله غير معوّل عليه الخ نحوه لعج قائلًا لإطباق أهل المذهب على أن المطلق لا يضره إلا ما غير أحد أوصافه بما يفارقه غالبًا وظاهره ولو قل اهـ.
قلت ويشهد له ما في ق عند قول المصنف بطهور منفصل الخ عن العارضة ونصه النجاسة إذا كثرت بالماء كان الحكم له لا لها فكف من ماء أكثر من نقطة من مذي اهـ.
وأيضًا سيأتي في مفهوم قوله والغسالة المتغيرة نجسة إن غير المتغيرة طاهرة ولم يفرقوا فيها بين يسير وكثير وبه تعلم أن تصويب طفى ما في تت من اعتبار المفهوم المذكور غير صواب (وراكد يغتسل فيه) قول ز وجملة يغتسل فيه صفة مبينة الخ الظاهر أنها بدل اشتمال
مضاف وجملة يغتسل فيه صفة مبينة لذلك المحذوف وكأنها جواب سؤال مقدر أي وكره استعمال راكد واستعماله هو الاغتسال فيه أي كره اغتسال براكد أي غير جار إن لم يستبحر ولا مادة له أوله وهو قليل ولم يضطر إليه فلا كراهة في اغتساله بمستبحر جدًّا ولا في بئر كثيرة الماء بخلاف قليلته فمن الراكد وإخراج بعض الشراح البئر مطلقًا منه غير ظاهر وليس المراد بقليلته كون مائها قدر آنية الوضوء والغسل بل كون مائها ليس فيه كثرة تصيره كالمستبحر فإن اضطر له جاز وقيدت الكراهة أيضًا بأن لا ينجسه فإن نجسه اغتساله فيه ولو ظنًّا وجب تركه لئلا يقذره على غيره فإن كان ملكه لم يجب تركه وما ذكره المصنف قول مالك وهو المشهور والكراهة عنده تعبدية فهي حاصلة ولو غسل ما به من أذى لخبر أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" قالوا كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولًا رواه مسلم والنسائي وابن ماجه والتقييد بالجنب خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له فيكره ولو لغسل جمعة أو عيد وقال ابن القاسم: وأنا لا أرى به بأسًا إن كان غسل ما به من الأذى وإن كان الماء كثيرًا أي غير مستبحر ولا يقذره نزوله به فلا أرى به بأسًا غسل ما به من الأذى أم لا ابن رشد حمل النهي على أنه لإنجاس الماء وإذا ارتفعت العلة ارتفع المعلول وتقييدنا ذلك بغير ملكه يفيده ما لابن رشد من منع نصب مرحاض على ضفة ماء جار وإن كثر أي حيث ظن إمكان التغير لا إن كثر ولم يظن فيجوز كما لابن ناجي من جواز قضاء الحاجة في الماء الجاري أو الكثير دون غيره هذا وما حملنا عليه المصنف من أن جملة يغتسل فيه صفة مبينة لمضاف محذوف هو مفاد تقرير الشارح وحمله البساطي على أنه صفة لراكد أي لموصوفه والمعنى كره استعمال الراكد الذي اغتسل فيه وذكر ح التقريرين وصدر بالثاني لكونه المتبادر من المصنف ولكن حمل الشارح وإن كان غير المتبادر من المصنف أولى أو متعين لفهم الثاني من قوله وكره ماء وقوله كآنية وضوء الخ ولأن ظاهره كراهة استعماله ولو كثر والمستعمل نقي الأعضاء وهو خلاف مفاد قوله وكره ماء وقوله ويسير الخ ولإيهامه كراهة استعماله ولو بالاغتراف منه مع أنها خاصة بالنزول فيه كما مر في الخبر ولإيهامه أنه إنما يكره إذا اغتسل فيه قبل ذلك مع أنه يكره الاغتسال فيه ابتدأء وأولى بعده.
تنبيه: قال ح البرك المعدّة للوضوء في المياضئ من هذا القبيل إن تغير أحد أوصاف الماء لم يصح الوضوء منها وإن لم يتغير أي لم يظهر تغيره كره لاختلاف الأيدي والأرجل والغالب أن فيها النجاسة أي ولم يتحقق أو يظن غسل نجاسة بها وإلا لم يجز الوضوء منها وهذا فيما تطول إقامة الماء فيه وأما ما يفرغ بسرعة ويتجدّد له ماء آخر أي أو يبقى بعضه ويصب عليه ماء آخر جديد يغلب على الظن زوال تغيره به فأمره خفيف اهـ.
(وسؤر شارب خمر) مسلم أو كافر أي كره استعمال بقية شرب شارب خمر أي كثير شربه وشك في فيه ووجد غيره فلا كراهة في سؤر شاربه مرة ونحوها ولا في محقق طهارة فيه ولا مع فقد غيره فإن تحققت نجاسة فيه كان من أفراد قوله وإن رئيت الخ (وما أدخل يده فيه)
لأنه كماء حلته نجاسة ولم تغيره بل النجاسة فيه غير محققة ومثل اليد غيرها كالرجل وكذا بائعه ومن يتعاطى النجاسات بيعًا وغيره وهذا ما لم تتحقق طهارة اليد وإلا فلا كراهة بخلاف الماء الذي ولغ فيه كلب فيكره استعماله ولو تحققت سلامة فيه من النجاسة كما مر (و) كره (سؤر ما) أي حيوان (لا يتوقى نجسًا) كطير وسباع (من ماء) يسير بيان لسؤر ولما أدخل يده فيه ولما لا يتوقى نجسًا وهذا إن لم يعسر الاحتراز منه (لا إن عسر الاحتراز منه) كهر وفأر فلا يكره سؤره ولما كان مفهوم قوله من ماء غير مفهوم شرط صرح به فقال: (أو كان طعامًا) فلا يكره ولا يراق لإضاعة المال وهو لا يطرح بالشك في نجاسته وهذا ما لم تر النجاسة على فيه وقته فإن رئيت على فيه عمل عليها كما سيذكره.
فائدة: في الرسالة يكره غسل اليد بالطعام أو بشيء من القطاني وكذا بالنخالة اهـ.
وكذا امتهانه بإلقائه بغير قذر لا به فيحرم وانظر هل يشمل البصاق أو خاص بالنجس ومن إلقائه بقذر إلقاء قمح شوربة الجامع الأزهر بقناة الحنفية الواصلة إلى بيت الخلاء ونقل ابن الحاج عن بعض الفقهاء إباحة حرق الطعام ليعمل مربى إلا أن تكون مجاعة ومثله حرق البطائق التي فيها اسم الله ولا بأس بجعل الخميرة على الرجل لضرر بها (كمشمس) تشبيه بالمخرج من الكراهة عند أكثر الشراح ولكن المعتمد أنه تشبيه بالكراهة والتعبير بمشمس أولى لشموله لما تشمس بفعل فاعل وبغيره وهي تنزيهية وقيل تحريمية لا طبية بل شرعية فيثاب التارك امتثالًا كشديد حر أو برد لمنعهما الإسباغ أو للضرر وخبر إسباغ الوضوء على المكاره يقيد بغير الشدة التي شأنها منع وقوع العبادة على كمال المطلوب فيها ولا ثواب في إرشادية طبية كما لابن فرحون وابن حجر وفي السبكي فاعل الإرشاد لمجرد غرضه لا يثاب ولمجرد الامتثال يثاب ولهما يثابان ثوابًا أنقص من ثواب من فعله لمجرد قصد الامتثال اهـ.
ويجري مثله في ترك المكروه شرعًا وعلل كونها لا طبية بأن الشمس لحدتها تفصل من الماء زهومة تعلوه فإذا لاقت البدن بسخونتها خيف أن تقبض عليه فتحبس الدم فيحصل البرص واستدل بما روي أن عائشة سخنت ماء في الشمس له عليه السلام فقال لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص وهو ضعيف لا يثبت به حكم ولا يتأيد خلافًا للشافعية بما روي أن عمر كان يكره الاغتسال به وقال إنه يورث البرص لأن الضعيف إنما يحتج به إذا تأيد بمثله لا يقول صحابي أو فعله ثم يشترط في كراهته أن يستعمله في بدن في طهارة أو غيرها كأكل أو شرب سواء كان استعماله لحي أو لميت وإن أمن منه على غاسله أو إرخاء بدنه أو إسراع فساده إذ في استعمال ذلك إهانة له وهو محترم كما في حياته ولا
ــ
من راكد لا صفة وأصله وكره راكد أن يغتسل فيه فخذفت أن ورفع الفعل وقول ز والتقييد بالجنب خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له الخ فيه نظر بل التقييد له معتبر خلافًا لأصبغ قال سند ومذهبه خارج عن الجملة ومردود من حيث السنة ومن حيث النظر انظر كلامه في ح
فرق في ذلك بين الأبرص ومن عمه البرص وغيره لخوف زيادته أو شدة عليه ويشترط أيضًا أن يكون تشميسه بقطر حار كالحجاز في إناء منطبع وهو ما يمتد تحت المطرقة ولو بالقوّة كبركة في جبل حديد غير نقد وغير مغشى بما يمنع انفصال الزهومة ولا تزول بتسخينه بعد الشمس بخلاف تبريده أو تسخينه ابتداء بالنار لعدم انفصال زهومة فيهما وبخلاف تشميسه بقطر بارد أو معتدل وبخلاف تشميسه بإناء نقد أو حديد مغشى بقزدير ثم محل كراهته بشروطه المتقدمة إن لم يظن يقول طبيب عارف أو تجربة من نفسه ضرره وإلا حرم كما في عج عن الشافعية لقول ح ينبغي التعويل على ما لهم في المشمس (وإن رئيت) مأخوذ من راء بهمزة بعد ألف مقلوب رأى بهمزة ثم ألف وقلبت ألفه اللينة ياء حال إسناده لضمير المؤنثة أي علمت وهذا أولى من قصر الرؤية على البصرية (على فيه) أي فم شارب الخمر وما بعده إلى قوله طعامًا فمثل الفم غيره من يد ونحوها أي علمت النجاسة على عضوه (وقت استعماله) للماء أو الطعام أو قبل استعماله دون غيبة يمكن زوال أثرها (عمل عليها) أي على مقتضاها فيفرق في الماء بين قليله وكثيره وفي طعام بين مائعه وجامده كما سيقول وينجس كثير طعام مائع الخ لا بين قليله وكثيره فقط كما يوهمه الشارح وبتفسير الرؤية بالعلمية علم أنه لا حاجة لقول ح لو قال ولو تيقنت على فيه لكان أحسن لأن النجاسة قد تتيقن وإن لم تره اهـ.
وحيث كانت علمية فمفعولها الأول الضمير المستتر النائب عن الفاعل والثاني قوله على فيه وأما قوله وقت استعماله فظرف والضمير في رئيت للنجاسة المفهومة من قوله وما لا يتوقى نجسًا وعلم أنه لا مفهوم لقوله فيه وخصه لأنه الغالب ولعل فائدة إعادة هذه المسألة مع إمكان الاستغناء عنها بما تقدم من التفصيل من أول الباب أنها كالتقييد لسؤر شارب خمر وما بعده كما مر (وإذا مات) حيوان (بري ذو نفس سائلة) أي جارية والمراد بها الدم وهو أحد إطلاقاتها وتطلق أيضًا على ذات الشيء وعلى الروح (براكد) أي غير جار وهو غير كثير كان له مادة كبئر أم لا كماء جل فهو هنا مخالف للراكد المتقدم (ولم
ــ
(وإذا مات بري ذو نفس سائلة) قول ز وهو غير كثير أي غير مستبحر وقول ز كان له مادة كبئر أم لا الخ هذا خلاف ظاهر المدوّنة كما قال ابن مرزوق ونصه وما ظهر من كلامه من أنه لا فرق في هذا الحكم بين الراكد ذي المادة وغيره هو الجاري على قول ابن وهب واختاره الشيوخ وإلا فظاهر قول ابن القاسم في المدوّنة أن النزح إنما هو في ذي المادة وأما ما لا مادة له فيترك بالكلية اهـ.
وفي القلشاني ما نصه سمعت شيخنا أبا مهدي الغبريني رحمه الله تعالى يذكر أن الفتوى جرت بتونس منذ زمان القاضي ابن عبد البر إلى الآن يقول ابن وهب وأفتى هو رحمه الله تعالى بنزح جميع ما في مأجل جامع الزيتونة بتونس لموت ولد صغير سقط بها مع كثرة مائها قال فعلت ذلك احتياطًا وهو مذهب المدوّنة اهـ.
يتغير ندب) على المشهور (نزح) لتزول رطوبات تعافها النفس تخرج من انفتاح فيه طلبًا للنجاة وينقص ما ينزح به لئلا تطفو الدهنية فتعود للماء ويكون النزح (بقدرهما) حتى يظن أن ما يخرج من الحيوان مما تعافه النفس قد زال كما يفيده الرجراجي وهو أحسن من قول غير واحد من الشراح وإن كان ظاهر المصنف فيكثر النزح مع قلة الماء وكبر الدابة ويقلل في عكسه ويتوسط في عظمهما وفي صغرهما وقلة الماء اهـ.
إذ ليس فيه تحديد الكثرة والقلة والتوسط وكلما كثر النزح كان أحب إليهم وأما راكد كثير كبركة كبيرة فلا يندب نزحها إن لم تتغير وإلا نزح جميعها قاله الباجي وشمل ظاهر المصنف حصول النزح قبل إخراج الميتة وهو ظاهر التعليل المار ويؤيده ما للبرزلي عن أبي حفص العطار في بئر بجوار أفران استقوا منها كثيرًا لعجينهم ثم استقى آخر وعجن ثم طلع له فأرميت لا شيء عليه لأن الذين قبله نزحوه وطيبوه اهـ.
ثم من قبله إن أثار لهم طلوعها للأخير شكًّا لم يطرحوا ما عجنوا لأن الطعام لا يطرح بالشك ولم يتنجس الماء الباقي عندهم وإن أثار لهم ظنًّا قويًّا طرحوا ما عجنوا وكان الماء الباقي عندهم بمنزلة المحقق نجاسته ومفهوم لم يتغير أنه إن تغير وجب نزح جميعه حيث لا مادة له ويغسل نفس المحل وإلا وجب نزح ما يزول به التغير ومفهوم بري أنه إذا مات بحري أو ما لا نفس له سائلة براكد ولم يتغير لم يندب نزح فإن تغير نزح ما حصل به التغير ولا يغسل موضعه لطهارة الماء ومر أن تغيره بميت سمك مضر فيسقط تنظير د.
تنبيه: يكره استعمال الراكد في فرض المصنف قبل النزح مع وجود غيره فيعيد من صلى في الوقت كما في النقل وكذا يكره المنزوح نفسه لأن الفرض أنه لم يتغير ولعل الفرق بينه وبين عدم إعادة المتوضئ بالمستعمل في حدث قوة الخلاف في طلب النزح دون المستعمل في حدث هذا وتعقب بعض الشراح قول تت ولما كان زوال تغير النجاسة يحصل بإزالة بعضه أو بزواله بنفسه أو بكثير مطلق يصب عليه أفاد الثلاثة على هذا الترتيب بقوله وإذا مات الخ بأنه جعل وإذا مات بري من أقسام ما أزيل منه منه تغير النجاسة وليس كذلك إذ فرض المسألة إنه لم يتغير وجواب عج بأنه من أقسامها باعتبار مفهوم ولم يتغير فيه نظر إذ مفهوم إذا تغير يجب نزح جميعه لا بعضه الذي جعله تت
ــ
وقول ز فيعيد من صلى في الوقت كما في النقل الخ نحوه في ح وابن مرزوق نقلًا عن الأكثر لكن استشكله بعضهم بما ذكره ح وغيره في اليسير تحله نجاسة ولم تغيره من أن من صلى به لا إعادة عليه على المشهور بأنه إذا لم يعد في هذا مع أنه يسير وفيه قول مشهور لابن القاسم بنجاسته فأحرى ما هنا اهـ.
وقول ز إذ مفهومه إذا تغير يجب نزح جميعه الخ قد يقال هذا إذا لم تكن له مادة كما تقدم وأما إن كانت له مادة فيكفي نزح بعضه الذي يزول به التغير وعليه يحمل جواب عج
موضوع الأول فاعتراض بعض الشراح عليه متجه (لا إن وقع ميتًا) أو حيًّا وأخرج حيًّا وكلاهما مفهوم مات براكد واقتصر على ما ذكره ردًّا على من يقول يندب النزح فيه أيضًا وهذا إن لم يكن بجسده نجاسة وإلا جرى على حكم الماء الذي حلته نجاسة فيفرق بين اليسير والكثير على ما مر وهل جسده محمول على الطهارة ولو غلب مخالطته للنجاسة وهو ظاهر ابن رشد أو ما غلب مخالطته للنجاسة محمول عليها وهو قول سعيد في قصرية شراب وقعت فيها فأرة فأخرجت حية أنه يراق وفي سماع أشهب مثله ومال إليه ابن الإمام قال ح وما قاله ابن رشد ظاهر في الطعام أي لأنه لا يطرح بالشك وما قاله غيره ظاهر في الماء فيكره مع وجود غيره اهـ.
فإن شك هل مات به أو وقع ميتًا ولم يتغير فينبغي ندب النزح لدوران الأمر بين مندوب وعدمه من غير كراهة بخلاف ما إذا دار بين مطلوب ومكروه كشكه في غسله ثالثة فهل يكره أولًا قولان كما يأتي بخلاف ما إذا دار بين مطلوب وممنوع كشكه في صوم يوم عرفة كما يأتي أيضًا (وإن زال تغير) الماء الكثير ولا مادة له (النجس) بكسر الجيم أي المتنجس وهو ما غيره النجس بالفتح الذي هو عين النجاسة والإضافة على معنى من أي تغير الماء من النجس ومعناها السببية أي أن الماء المطلق إذا تغير بنجس حل فيه ثم زال تغيره منه بغير مطلق صب عليه كما قال: (لا بكثرة مطلق) خلط به ولا بإلقاء شيء فيه من تراب أو طين بل بنفسه أو بنزح بعضه فلا تعود له الطهورية بل يبقى على ما هو عليه من تغيره بالنجس على المعتمد دون قوله: (فاستحسن الطهورية) لأن تنجيسه إنما كان لأجل التغير وقد زال والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا كالخمر يتخلل وهي صفة حكمية
ــ
وبمثل جوابه أجاب طفى (لا إن وقع ميتًا) هذا تصريح بمفهوم الشرط الذي قبله مع ما تقدم من أنه يعتبر مفهوم الشرط لزومًا وأجاب بعضهم بأن المعلوم من استقراء المصنف أنه إنما يعتبر مفهوم الشرط حيث لم يذكر له جوابًا وإلا فلا يلزم اعتباره مثل ما هنا وقوله فيما يأتي في الصرف وإن رضي بالحضرة الخ وهذا أحسن من جواب خش بأن الشرط الذي يعتبره لزومًا هو أن لا يطلق الشرط واعلم أن ابن مرزوق قال بعد نقول ما نصه فظهر لك أن ظاهر أكثر نصوص الأقدمين أن لا فرق بين موت الدابة في الماء ووقوعها فيه ميتة فكان الأولى بالمصنف ومن سلك طريقه أن يفتى بهذا اهـ.
فانظره (وإن زال تغير النجس الخ) قول ز والإضافة على معنى من الخ لا يصح كون الإضافة هنا على معنى من لأن شرطيها وهما أن يكون الثاني جنسًا للأول وصالحًا للإخبار به عنه كخاتم حديد مفقودان هنا معًا وقوله أو بنزح بعضه يعني ولا مادة له كما في ح فإن كانت له مادة طهر باتفاق لأن تغيره حينئذ زال بكثرة مطلق لا بنزح بعضه فقط (فاستحسن الطهورية) الراجح من القولين هو الأول لأنه كما في ح هو رواية ابن وهب وابن أبي أويس وصححه ابن رشد وارتضاه سند والطرطوشي اهـ.
توجب لموصوفها كونه بحيث يصير المزال به نجاسته طاهرًا والمعتمد قوله: (وعدمها) أي الطهورية هذا ظاهره والصواب عدم الطاهرية لأن النجاسة لا تزول إلا بالماء المطلق (أرجح) ليس في موضعه إذ ليس لابن يونس وإنما له في الماء المضاف إذا أزال النجاسة كما في غ وتقدم أن محل الخلاف في الماء الكثير كما قال ابن رشد وأما اليسير فباق على التنجيس بلا خلاف ومفهوم لا بكثرة مطلق أنه يطهر إذا زال تغيره بكثير مطلق وكذا بقليله على المعتمد فلو قال لا يصب مطلق كان أظهر وعلم مما قررنا أنه يرد على المصنف خمسة أمور إتيانه بلفظ كثرة ولفظ عدمها ولفظ أرجح وتأخيره مع أنه المعتمد وعدم تقييده محل الخلاف بالماء الكثير ومفهوم تغير النجس أنه إن زال تغير الطاهر بنفسه أو بطاهر فطهور إما قطعًا أو على الراجح فإن زال تغير النجس بطين طهر أيضًا إن زال أثر الطين وإلا لم يطهر إن احتمل زوال تغير النجس وبقاؤه وأنه خفي في أثر الطين فإن تحقق زوال تغير النجس أو ظن كما إذا كان تغيره بتغير رائحته ثم زال تغير الرائحة زوالًا محققًا طهر قطعًا انظر د مع إدخال الظن في كلامه من عج ولما قدم المصنف أن الشك في مغير الماء هل يضر أو لا يضر بين أن ذلك حيث لم يستند الشاك إلى خبر مخبر بكسر الباء فقال: (وقبل خبر الواحد) العدل في الإخبار بنجاسة مطلق والمراد عدل رواية وهو مسلم بالغ عاقل غير فاسق ولو عبدًا أو أنثى أو متساهلًا في غير الحديث أو مبتدعًا إن لم يكن داعية ولم يرو ما يقويها وحرم الكذب لا عدل شهادة فلا يشترط هنا حرية وعدم تساهل في غير حديث وعدم بدعة والمراد الشخص الواحد فيشمل الأنثى كما مر من ولد آدم والظاهر أن الجن كذلك والواحد جرى على الغالب فالاثنان والثلاثة كذلك كما لصر على نقل د أي من التقييد بقوله (إن) أخبر عن النجاسة و (بين) المخبر (وجهها) كقوله تغير ببول أو دم مثلًا (أو) لم يبين وجهها لكن (اتفقا) المخبر والمخبر (مذهبًا) وكان المخبر عالمًا بما ينجس الماء وما لا ينجسه وكأن صر أراد فما فوق مع إرادة القيد لا أن الأربعة مثلًا
ــ
وقال ق هو الذي ينبغي أن تكون به الفتوى والقول بالنجاسة لابن القاسم وظاهر كلام ابن رشد الذي في ح إنه مبني على قول ابن القاسم في قليل الماء ينجسه قليل النجاسة وإن لم تغيره مع أن المشهور كما سبق خلافه بل قد يبحث في حكاية المصنف له هنا مع حذفه إياه فيما تقدم وبما ذكر تعلم أن قول ز أن الثاني هو المعتمد غير ظاهر وأن الأولى تعبير المصنف بالاسم في الاستحسان وتعلم أيضًا أن قول ابن عرفة في حكاية ابن بشير القولين في المسألة لا أعرفهما كما نقل غ غير ظاهر وقول ز إذ ليس لابن يونس وإنما له في الماء المضاف الخ يعني أن ابن يونس إنما تكلم على أن النجاسة إذا زالت عينها بالماء المضاف هل يزول حكمهما أم لا ورجح عدم زواله فكأن المصنف رأى أن الماء إذا زال تغيره بنفسه من هذا الباب وبالجملة فإن حمل المصنف كلام ابن يونس على ما نحن فيه فهو وهم وإن أراد أن يقيس فبعيد انظر غ (وقبل خبر الواحد الخ) قول ز ولا يخفى أن الشك في سلب مغير الماء الخ فيه نظر والصواب ما في ح وقد تقدم في التوطئة أن كون الشك لا أثر له محله حيث لم يستند الشاك إلى خبر مخبر فتأمله.