الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المراد عند اتصال قصد الاستعمال بالاستعمال لا عند قصد الاستعمال وإن لم يتصل بالاستعمال كما يتبادر من كلامه ولا عند قصد الاستعمال وقصد اتصال الغسل بالاستعمال حيث لم يتصل الغسل بالاستعمال ولا فورًا عند الولوغ ولو لم يرد استعماله خلافًا لبعضهم بناء على أن الأمر للتراخي ولو استعمل فكل ذلك لا يخرج به عن عهدة الطلب على المعتمد ويكفي الغسل (بلا نية) لأنه تعبد في الغير كغسل الميت (ولا تثريب) فإن قلت قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا إحداهن بالتراب" وللشافعي ومسلم من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة أولاهن أو أخراهن بالتراب يخالف ذلك أجيب بأنه لا يخالفه لأنه لم يثبت في كل الروايات قوله: إحداهن بالتراب ولا ما بعدها وقد أسقطها في الموطأ أو لاضطراب رواياته وتعقب بأن عدم ثبوته في كلها لا يقتضي تركه لأن زيادة العدل مقبولة قال الشارح وفيه نظر أي لأن محل قبول زيادته ما لم يكن الذي لم يزد أوثق منه وهنا الذي لم يزد أوثق كما يفيده ما للسيوطي عن الحافظ ابن حجر فيكون خالفه من هو أولى منه فتكون الزيادة شاذة والشاذ مردود وهو كما يجري في الحديث بتمامه يجري في الزيادة كما في شرح النخبة وأما قوله أو لاضطراب رواياته فجواب تام إذ هو يوجب ضعفه والضعيف لا يثبت به حكم ويسمى الحديث بالمضطرب بكسر الراء (ولا يتعدد) ندب الغسل والإراقة (بولوغ كلب) مرات (أو كلاب) كل واحد مرة.
فصل في فرائض الوضوء وسننه وفضائله
والصحيح كما قال الحافظ ابن حجر على البخاري إن المختص بهذه الأمة الغرة والتحجيل فقط لآثار وردت بالاشتراك في أصل الوضوء اهـ.
وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعًا إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل وظاهره أن هذا المعنى إنما يكون لمن توضأ في الدنيا أي لقوله من آثار الوضوء وفيه رد على الزناتي المالكي في شرح الرسالة عن العلمي إن هذا الحكم ثابت لهذه الأمة يوم القيامة من توضأ منهم ومن
ــ
الغسل الخ لا معنى لهذا الكلام فتأمله مع قبله وانظر ضيح وح يتبين لك وقول ز فكل ذلك لا يخرج به عن عهدة الطلب فيه نظر.
فصل
قول ز وعدم السهو عن العبادة المطلوب لها الوضوء والشك في الحدث الخ اهـ.
هكذا في النسخ وفيه خلل يتبين بنقل عبارة ح فإنه قال بعد قوله المطلوب لها الوضوء ما نصه والقدرة على استعمال الماء ثبوت حكم الحدث الموجب لذلك أو الشك فيه على المشهور اهـ.
لم يتوضأ كما يقال لا نكفر أحدًا بذنب من أهل القبلة من أمة محمَّد سواء صلى أو لم يصل قاله المناوي على الخصائص ونحوه له في شرح الجامع لكنه عبر بالفاسي بدل الزناتي وفي القياس على الإيمان نظر لأنه التصديق والشهادة وإن ترك الواجب وفعل الحرام بخلاف الغرة والتحجيل فمجرد فضيلة وتشريف للمتوضئ فلا يكونان لسواه هذا وأما المتيمم لعذر طول حياته فينبغي حصولهما له لقيامه مقام الوضوء وإنما ذكر المصنف الوضوء مع طهارة الخبث لاشتراكهما في أن رافعهما المطلق وقدم حكم إزالة الخبث لتقدمه على الوضوء في بعض المحلات كما إذا قام بمحل الوضوء خبث يمنعه ولأن الخبث لو لم يقدم لربما وصل له شيء من بلل الوضوء فكثر وترك شرائطه ومكروهاته فأما شرائطه فثلاثة أقسام:
شروط وجوب وصحة وشروط وجوب فقط وشروط صحة فقط فالأول: خمسة العقل وبلوغ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وقطع الحيض والنفاس ووجود الكافي من المطلق والثاني: ستة دخول وقت الصلاة الحاضرة أو تذكر الفائتة والبلوغ وعدم الإكراه على تركه وعدم النوم وعدم السهو عن العبادة المطلوب لها الوضوء والشك في الحدث والثالث: ثلاثة الإِسلام ولو حكمًا كوضوء من أجمع على الإِسلام ثم أسلم وعدم الحائل على الأعضاء وعدم ناقض حال فعل الوضوء ثم المراد بشرط الوجوب والصحة هنا ما يتوقف عليه صحة الوضوء ووجوبه ولا يفسر الوجوب هنا بما لا يطلب من المكلف تحصيله والصحة بما يطلب منه تحصيله لأنهما لا يجتمعان بهذا التفسير إذ هما ضدان فلا يتأتى حينئذ أن له شرط وجوب وصحة معًا وجعل العقل وبلوغ الدعوة ووجود المطلق الكافي شرطًا لهما إنما هو في حق المكلف وأما الصغير فكل من هذه الثلاثة أنواع شرط في الصحة واستحباب ذلك له فلو قيل إن القسم الأول شرط طلب وصحة لشمل الصغير والطلب للمكلف على جهة الوجوب وللصغير للاستحباب وما مر من جعل عدم النوم شرط
ــ
فأسقط ز الشرط الخامس وأخل ببعض السادس وأما عدم النوم والسهو فهو عند ح شرط واحد لا شرطان تأمل ثم اعلم أن عندهم هنا عدم السهو وعدم الإكراه وانقطاع دم الحيض الخ شروطًا مخالف لما عليه أهل الأصول من أن الشرط لا يكون إلا وجوديًّا قال القرافي في قواعده لم أجد فقيهًا إلا وهو يقول عمد المانع شرط ولا يفرق بين عدم المانع والشرط البتة وهذا ليس بصحيح ثم قال لو كان عدم المانع شرطًا لاجتمع النقيضان فيما إذا شككنا في طريان المانع إذ الشك في أحد النقيضين يوجب شكًّا في النقيض الآخر فمن شك في وجود زيد في الدار فقد شك في عدمه في الدار فالشك في وجود المانع شك في عدمه وعدمه شرط عند هذا القائل فيكون قد شككنا في الشرط أيضًا فاجتمع الشك في المانع والشرط والشك في الشرط الذي هو عدم المانع يقتضي عدم ترتب الحكم والشك في المانع يقتضي ترتب الحكم فاجتمع ترتب الحكم وعدم ترتبه وذلك جمع بين النقيضين اهـ.
وجوب هو لح هنا وفيه بحث بل هو شرط لهما ويأتي له في الصلاة عده شرطًا لهما قاله عج فإن قلت جعل الشيء شرطًا للشيء إنما يكون في محل يقبل والنائم لا يمكن منه وضوء ولا صلاة فكيف يعد عدمه شرط صحة فالصواب ما لح هنا من عده من شروط الوجوب ويعترض عليه في جعله في الصلاة شرطًا لهما قلت هو على سبيل الفرض أي إن فرض وقوع الوضوء منه ولو مع نية نطقًا وهو لا يشعر بذلك لنومه لم يصح كما لا يجب عليه والغسل كالوضوء في الأقسام الثلاثة لا في القسم الأول فقط خلافًا لح وكذا التيمم والصعيد مكان المطلق الكافي ويخالف الوضوء في أنه لا يجعل دخول الوقت أو ذكر ما يفعل له من شروط الوجوب فقط بل هو من شروط الوجوب والصحة معًا كالعقل ويزاد فيه في شروط الصحة أمر أن موالاته في نفسه ولما يفعل له وأما مكروهاته فسدت كما في "اللباب" الإكثار من صب الماء وليس فيه تحديد وقيل الأقل في الوضوء قدر المد وفي الغسل قدر الصالح إلى خمسة أمداد والواجب الإسباغ والوضوء في الخلاء وكشف العورة والكلام في أثنائه بغير ذكر الله والزيادة في المغسول على الثلاثة وعلى الواحدة في الممسوح والاقتصار على الواحدة لغير العالم وحكى عياض أن تخليل اللحية الكثيفة من المكروهات اهـ.
وقوله وقيل الأقل في الوضوء لا ينافي ما في الرسالة كما نبينه آخر الفصل وقوله لغير العالم أي وأماله فلا وقيل يكره له وهو ضعيف والمشهور أنه خلاف الأولى للعالم وغيره لا مكروه ولا جائز مستوى الطرفين (فرائض الوضوء) جمع فريضة بمعنى مفروضة على خلاف القياس إذ قياس فعائل فعالة قال ابن مالك:
وبفعائل أجمعن فعاله
…
وشبهه ذا تاء أو مزاله
وقول تت جمع فرض غير ظاهر إذ لم يكن سمع فيه ذلك نعم فريضة بمعنى فرض كما في كبير عج وفرائض جمع كثرة فالتعبير به بناء على أن مبدأه فوق العشرة مشكل وأما على أن مبدأه الثلاثة وهو الصحيح فلا إشكال وأما تعبيره بفرائض الصلاة فصحيح على كل حال وذكر خبر المبتدأ مع تقدير العطف قبل الخبر لئلا يلزم الأخبار عن الجمع بمفرد
ــ
كلامه ويأتي هذا الاعتراض عن ضيح أول فصل شرط الصلاة (فرائض الوضوء) قول ز على خلاف القياس الخ صحيح على ما ذكره المرادي وغيره من أن شرط جمع فعيلة على فعائل أن لا تكون بمعنى مفعولة فلا يجمع عليه نحو جريحة وقتيلة وأن جمع ذبيحة على ذبائح وفريضة على فرائض شاذ وأما قول ز إذ قياس فعائل فعالة الخ فيقتضي أن هذا الجمع مقصور على فعالة وهو غير صحيح لما علم في محله وقول ز فالتعبير به مشكل الخ بل لا إشكال فيه فإن فعيلة ليس له جمع قلة وما لا جمع قلة له ينوب فيه جمع الكثرة عن جمع القلة قال في الخلاصة:
وبعض ذي بكثرة وضعائفي
…
كأرجل والعكس جاء كالصفي
فقال: (غسل ما بين الأذنين) أي غسل الوجه وحده عرضًا ما ذكره وعدل عن قول ابن الحاجب من الأذن إلى الأذن لإيهامه دخول الأذنين في عرضه لكن اعترض كلامه بشموله للصدغين إذ هما بين الأذنين فيكونان من المغسول وشهره بعض شراح الرسالة مع أنه سيأتي للمصنف أنهما من الرأس وهو المعتمد ويجاب بأن في الكلام حذفًا تقديره ما بين وتدي الأذنين فالصدغان ليسا مما بين الوتدين وشمل كلامه أيضًا البياض الذي بين العذار والأذن وفي ابن عرفة في وجوب غسله وعدمه ووجوبه لغير الملتحي دون الملتحي ثلاثة أقوال انظر د واعلم أن المسائل أربع:
إحداها: ما بين شعري الصدغين من الوجه.
الثانية: نفس شعري الصدغين.
الثالثة: ما بين شعري الصدغين وبين الأذن من البياض مما تحت الوتد أي العظم الناتئ من الأذن.
الرابعة: ما بين العذار والأذن مما فوق الوتد فالأولى يجب فيها الغسل قطعًا لأنها من الوجه والثانية لا يجب غسلهما على المعتمد خلافًا لما شهره بعض شراح الرسالة بل يمسحان لأنهما من الرأس لقوله بعظم صدغيه مع المسترخي وقول البرموني يغسلان لدخولهما في حد الوجه ويمسحان لدخولهما في حد الرأس غير ظاهر والثالثة يجب الغسل فيها لأنها من الوجه كالأولى وأما الرابعة فلا يجب الغسل فيها إذ ليست مما بين وتدي الأذنين فهي ليست من عرض الوجه وعدم وجوب غسلها هو النقل فيما قاله عج فتقدير وتدي يخرج شيئين شعر الصدغين وما بين العذار والأذن مما فوق الوتد وظاهر ما مر عن ابن عرفة أن الأقوال الثلاثة جارية في البياض الذي فوق الوتد وتحته ولعله غير
ــ
(غسل ما بين الأذنين) قول ز تقديره ما بين وتدي الأذنين الخ يرد على هذا التقدير طرف اللحي الذي تحت شحمة الأذن فإنه مغسول عند سند خلافًا لعبد الوهاب وقول ز في الثالثة مما تحت الوترة (1) صوابه مما فوق الوترة وقول ز في الرابعة مما فوق الوتد صوابه مما تحت الوتد فكلامه مقلوب والمعنى واضح أو يقال صوابه في الثالثة ما بين العذار والأذن وصوابه في الرابعة ما بين الصدغ والأذن وهذا التصويب الثاني هو الذي يناسبه قوله بعده والثالثة يجب الغسل فيها وأما الرابعة فلا يجب الغسل الخ وعلى التصويب الأول يكون كلامه الثاني مقلوبًا أيضًا فتأمله وقول ز يخرج شيئين شعر الصدغين وما بين العذار والأذن الخ صوابه أيضًا وما بين الصدغ والأذن وقول ز فلعل الثلاثة فيما فوق الوتد الخ بل الذي تدل عليه عبارة ح وهو الحق أن محل الأقوال هو البياض الذي تحت الوتد لا فوقه لأن ما فوق الوتد ممسوح ونص ابن عرفة والعذار منه وفي كون البياض بينه وبين الأذن منه ثالثها في غير
(1) قول المحشي مما تحت الوترة الخ الذي في الشارح ما تراه اهـ مصححه.
مراد إذ الذي تحته من الفك وهو من الوجه فلعل الثلاثة فيما فوق الوتد ولم يذكر عج النقل الذي قال إنه عدم غسلهما مع أن ظاهر كلام ابن عرفة المتقدم تساوي الأقوال الثلاثة (ومنابت) عطف على الأذنين أي وحده طولًا ما بين منابت (شعر الرأس المعتاد) واكتفى عن قوله غسل الوجه بذكر حده عرضًا وطولًا وأما قوله: (والذقن) فعطف على ما أي وغسل الذقن فإن قلت يلزم عليه العطف على معمولي عاملين مختلفين وهو ممتنع قلت محل المنع حيث اتحد حرف العطف نحو إن في الدار زيدًا والحجرة عمرًا وهو هنا متعدد وإن كان واوًا (و) غسل (ظاهر اللحية) ودخل بقوله المعتاد الأعم فيغسل الشعر النابت على الجبهة وخرج الأصلع والأنزع فيقتصر على غسل الجبهة ولا يجب عليه غسل ما فوقها إلا قدر ما لا يتم الواجب إلا به لقول ابن العربي يجب غسل جزء من الرأس ليستكمل الوجه ومسح جزء من الوجه ليستكمل الرأس للقاعدة المذكورة وقال بعضهم يجب غسل شيء من الرأس في غسل الوجه ولا يجب مسح بعض الوجه في مسح الرأس أي لأن المسح مبني على التخفيف وظاهر الرسالة وابن الحاجب عدم الوجوب وقول تت خرج بالمعتاد الأغم والأصلع والأنزع أي خرج عن غسل الجميع قطعًا بل على تفصيل فالأغم يغسل دون غيره كما يفيده بقية كلامه فسقط الاعتراض عليه بأن الأغم داخل بالمعتاد (فيغسل الوترة) أي الحاجز بين طاقتي الأنف (و) يغسل (أسارير جبهته) جمع أسرة الواحدة سرر كعنب وفي الصحاح كالنهاية أنه جمع أسرار كأعناب فهو جمع الجمع على كلا النقلين وقال صر جمع أسرورة كأساطير وأسطورة وهي خطوط الجبهة وانكماشها ومحل وجوب غسلها إن لم تلحقه به مشقة وإلا سقط دلكها وأوصل لها الماء إلا لمشقة أيضًا (و) يغسل (ظاهر شفتيه) وهو ما يظهر منهما عند انطباقهما انطباقًا طبيعيًّا بلا تكلف ويحتمل أن يريد ما يظهر منهما عند انفتاحهما حال ثم الضمة عند بعض القراء والأول هو الظاهر قاله مق (بتخليل شعر) وهو إيصال الماء للبشرة حيث (تظهر البشرة) أي الجلدة (تحته) عند المواجهة وقول من قال عند التخاطب أو عند مجلس التخاطب يقتضي التفصيل فيما تظهر البشرة تحته وليس كذلك قاله عج وعزا تت عند التخاطب لابن بشير وكفى به حجة وخر ح بتظهر البشرة تحته الكثيفة فيكره تخليلها على المعتمد لأنه قول مالك في المدونة وقيل يجب وقيل يندب واستظهره ابن رشد انظر د قال في
ــ
الملتحي ثم ذكر عزوها فانظر (وظاهر اللحية) قول ز خرج الأصلع والأنزع الخ الصلع خلو الناصية من الشعر والناصية مقدم الرأس فلا تدخل في الوجه وكذلك النزعتان بفتحتين وهما بياضان يكتنفان الناصية (بتخليل شعر) قول ز وخرج بتظهر البشرة تحته الكثيفة أي لأن الواجب فيها على المشهور غسل ظاهرها فقط قال ح والمراد بغسل ظاهرها إمرار اليد عليها مع الماء وتحريكها قاله في المدوّنة قال سند لأن الشعر ينبو بعضه عن بعض فيمنع بعضه وصول الماء إلى بعض فإذا حرك ذلك حصل استيعاب جميع ظاهره اهـ.
التوضيح وإنما وجب تخليلها أي الكثيفة في الغسل على المشهور دون الوضوء لأن المطلوب في الغسل المبالغة لقوله تعالى: {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] ولخبر الترمذي والنسائي وأبي داود ضعفه تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر واتقوا البشرة بخلاف الوضوء فإنه إنما أمر فيه بالوجه والوجه مأخوذ من المواجهة اهـ.
وعلى وجوب تخليل الكثيفة أو ندبه وإن كانا ضعيفين فاختلف في كيفيته فقيل لداخل الشعر فقط وقيل بلوغ الماء للبشرة وقول تت في قول المصنف تخليل إجمال هل هو لداخل الشعر أو لبلوغ الماء للبشرة يقتضي أنهما في تخليل الخفيفة وليس كذلك إنما هما في الكثيفة على القول بتخليلها وأما الخفيفة فتخليلها إيصال الماء للبشرة قطعًا كما مر وشمل كلام المصنف أيضًا شعر الحاجبين والشارب والعنفقة والهدب كما قال ح وشعر المرأة ولو لحية فتخلل الخفيفة فقط على المذهب دون الكثيفة خلافًا لما جزم به ابن فرحون من وجوب تخليلها أيضًا قائلًا لندورها ونقله سند عن الشافعية هذا وذكر الزناتي إنه لا يجوز لها حلق ما خلق لها من لحية أو شارب أو عنفقة للتجمل لأنه تغيير لخلق الله اهـ.
وهو ضعيف والمعتمد وجوب حلق ذلك عليها والزناتي نقله عن الطبري من الشافعية كما في ح وذكر الأفقهسي أنه يجب عليها حلق جسدها لأنه مثلة فهذا يفيد وجوب حلق لحيتها وشاربها وعنفقتها كما أن كلام غيره يفيد أنه الراجح (لا) يغسل (جرحًا بريء) غائرًا (أو) عضوًا (خلق غائرًا) فهو حال منهما والضمير في خلق عائد على مقدر أي لا يجب عليه غسله أي دلكه بالماء حيث لا يمكن دلكه ويوصل الماء له وللجرح الغائر لأنهما من الظاهر ولو نبت الشعر حولهما وسترهما أي يجب مسحهما إلا أن يشق إيصال الماء لهما وعطف على ما من قوله غسل ما بين الفريضة الثانية فقال: (و) غسل (يديه بمرفقيه) أي معهما بكسر أوله وفتح ثالثه وعكسه وبهما قرئ قوله تعالى:
ــ
وهذا التحريك غير التخليل لأنه لا خلاف فيه انظر ح وصرح ابن رشد في البيان بأن غسل ما استرسل من اللحية ومسح ما طال من شعر رأسه هو الأظهر والأشهر وهو المعلوم من مذهب مالك وأصحابه في المدوّنة وغيرها نقله عنه أبو الحسن في شرح المدوّنة ابن عرفة وفي وجوب غسل ما طال منها عن الذقن قولان لابن رشد عن معلوم المذهب وسماع موسى رواية ابن القاسم وقاله الأبهري اهـ.
وقول ز والزناتي نقله عن الطبري من الشافعية كما في ح الخ هذا الكلام قاله ح عند قوله الآتي وفي لحيته قولان (أو خلق غائرًا) قول ز فهو حال منهما غير صحيح لأنه مفرد ولأنه يلزم عليه تسلط عاملين على معمول واحد وما في خش من أنه باب التنازع في الحال غير صحيح أيضًا لأن التنازع في الحال غير ممنوع لاقتضائه الإضمار في العامل المهمل والضمير لا يكون حالًا للزوم تعريفه ولزوم تنكير الحال فتنافيا وهذا كله معلوم عند أهله اهـ.
(ويديه بمرفقيه) عبر المصنف بالباء إشارة إلى أن إلى في قول الله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى
{وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} [الكهف: 16] أي ما يرتفق وينتفع به ومعناه هنا آخر عظم الذراع المتصل بالعضد وقيل مجموع آخره والعضد والأول هو ما في ق عن المدونة وفي تت عنها خلافه ولا يعول عليه ولما كان المذهب أن المرفق ويسمى طرف الساعد متصل بالعضد قال في المدوّن4ة ويغسل أقطع الرجل في الوضوء موضع القطع وبقية الكعبين إذ القطع تحتهما ولا يغسل ذلك أقطع المرفقين لأن المرفق في الذراع وقد أتى عليه القطع وقولها ويغسل أي لما يستقبل وأما لو كان متطهرًا وقطع له عضو من أعضاء وضوئه إن كان متوضئًا أو من جميع جسده إن كان مغتسلًا فليس عليه غسل ما ظهر بالقطع لأنه في حكم الباطن نقله العوفي عن سند انظر د وانظر لو خلقت يده كالعصا من غير مرفق هل يقدر لها قدر ما لها مرفق وهو الظاهر أو يجب غسلها للإبط احتياطًا (وبقية) بالجر عطف على يديه أي الفرض إما غسل يديه أو غسل بقية (معصم) فلا يضر كون كلام المؤلف يدل على أنه من الفرائض (إن قطع) المعصم أو سقط بسماوي أي بعضه فيهما بدليل قوله بقية وأما نصبه عطفًا على الوترة فغير بين لعدم تسبب غسل بقية المعصم على قوله: غسل إلى قوله: وظاهر اللحية وذكر الشرط لأن من خلق له معصم ناقص وإن وجب عليه غسله لكن لا يقال فيه بقية معصم بل يقال معصم صغير فإتيانه بالشرط لأجل تعيين وقت وجوب غسل البقية فإن قطع كله لم يجب الغسل وأجيب أيضًا بأن إتيانه بالشرط مبني على الغالب انظر د (ككف) خلقت (بمنكب) بفتح الميم وكسر الكاف من غير خلق باقي يده على المعتاد بل المخلوق الكف فقط ولا مرفق لها ولا ساعد ولا عضد فيجب غسلها ففي السليمانية لو نبتت كف في عضد دون ذراع غسلت فقط اهـ.
فإن كانت بغير منكب غسلت أيضًا كان لها مرفق أم لا إن نبتت في محل الفرض فإن نبتت في غير محله غسلت إن كان لها مرفق لتناول الخطاب أي القرآن لها حينئذ وإلا فلا فإن قلت هذا يقتضي عدم وجوب غسل الكف التي وبالمنكب إذا لم يكن لها مرفق قلت قد يقال غسلت لنيابتها عما لها مرفق بخلاف الزائدة المنكب كما في ح مجمع
ــ
الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] بمعنى مع على حد قول الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] وقوله تعالى: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران:52] خلافًا لمن جعلها للغاية وأخرج المرافق (وبقية معصم) المعصم موضع السوار من اليد وربما أطلق على اليد قاله في المحكم وهذا الثاني هو الذي استعمله المصنف انظر ح (ككف بمنكب) قول ز فإن كانت بغير منكب أي وهي زائدة على يده الأصلية فهذا فرع غير كلام المصنف وما ذكره فيه من التفصيل هو الذي حققه سند كما في ح وفيه أيضًا عن أبي الحسن ما نصه من نبتت له يد زائدة فإن كان أصلها من مرفقه أو في محل الفرض وجب عليه غسلها إجماعًا وإن كان أصلها في العضد في غير محل الفرض قال ابن الصباغ في شامله إن كانت قصيرة لا تبلغ محل الفرض فلا يلزمه غسلها وإن كانت طويلة بحيث تحاذي الذراع فهل لا يجب إذ ليست في محل الفرض أو يجب لأنها تسمى يدًا قاله أبو حامد اهـ.
عظمي العضد والكتف وكأنه أريد بالكتف ما قارب الرقبة إلى منتهى رأس الكتف ورأس الكتف المتدلي على العضد يسمى منكبًا وما نزل عنه إلى المرفق يسمى عضدًا ومن المرفق إلى الكوع يسمى ساعدًا وينبغي أن يجري في الرجل ما جرى في اليد فإن نبتت وحدها غسلت وإن لم يكن لها كعب وإن كانت زائدة ونبتت بمحل الفرض غسلت أيضًا مطلقًا وبغيره غسلت إن كان لها كعب لتناول الخطاب لها وإلا فلا (بتخليل أصابعه) ولو زائدة أحست أم لا والباء بمعنى مع ويحافظ على عقد الأصابع من ظاهرها بأن يحني المتوضيء أصابعه وعلى باطلها ورؤوسها ولا تتقيد صفة التخليل بكونها بظاهر الأصابع فقط بل تباح من الظاهر والباطن فقول من قال أي كتت صفته في أصابع اليد من ظاهرها لأنه من الباطن تشبيك وهو مكروه غير ظاهر إذ التشبيك إنما يكره في الصلاة خاصة كما قال مالك انظر د وهل تخليل أصابع كل يد معها واجب أم لا وكلام أبي الحسن محتمل لذلك وعلى أنه واجب إذا أخره حتى غسلهما معًا وفعله فالظاهر الإجزاء لأنه من ترك الموالاة قاله عج وقوله الإجزاء أي وإن فاته سنية ترتيب فرائضه وفي ح عن الجزولي وابن عمرو يخلل أصابع يده اليمنى في غسلها وأصابع يده اليسرى في غسلها اهـ.
(لا إجالة) بالجر عطف على تخليل ولعل من جوز الرفع والنصب راعى نسخة البساطي من رفع تخليل ونصبه قاله د أي بدون باء وعلى الجر فالمعنى غسل يديه مع تخليل أصابعه لا مع إجالة أي تحريك وإدارة خاتمه المأذون له في لبسه كما تفيده الإضافة التي للعهد فلا يجب في وضوء وكذا لا يجب في غسل ولو ضيقًا ولكن يجب عليه إذا نزعه وكان ضيقًا غسل ما تحته فإن لم يغسله لم يجزه إلا أن يتيقن وصول الماء لما تحته وأما غير المأذون فيه كخاتم ذهب فيدخل في قوله (ونقض) بضاد معجمة مبني للفاعل أو للمفعول و (غيره) منصوب على الأول مرفوع على الثاني أي فلا بد من نزعه
ــ
قال ح والظاهر أن هذا الكلام للشافعية لأن أبا حامد الغزالي وابن الصباغ منهم لكنه رآه موافقًا للمذهب فذكره وكلام الطراز أتم تحريرًا اهـ.
والله أعلم (بتخليل أصابعه) قول ز فقول من قال أي كنت صفته الخ ما لتت نحوه للشيخ زروق وما رد به عليه من أن التشبيك إنما يكره في الصلاة هو الذي نقله ح عن صاحب الجمع قائلًا فلا يعتبر ما في بعض التعاليق أنه يكره في الوضوء اهـ.
لكن نقل ح عن الجزولي أن صفة تخليلهما من ظاهر لا من باطن لأنه أبلغ ثم قال وذكر نحوه الشيخ يوسف بن عمر اهـ.
فلم يعلل إلا بالأبلغية وحينئذ فالتقييد صحيح لكن قال ح وهذا كله على جهة الأولى وكيفما خلل أجزأه اهـ.
وقول ز لأنه من ترك الموالاة الخ فيه نظر بل ليس فيه ترك المولاة ولا ترك الترتيب وإنما فيه ترك التيامن في اليدين وهو مستحب فقط كما يأتي (ونقص غيره) قول ز فلا بد من
ضيقًا كان أو واسعًا خلافًا لبعض الشراح وإن سلم كلامه فيحمل في كفاية تحريكه على ما إذا كان واسعًا كما تجعله الرماة وغيرهم في أصابعهم من عظم وغيره فلا بد من نزعه إن كان ضيقًا فإن اتسع كفى تحريكه خلافًا لما يوهمه غ من وجوب نزعه أيضًا كما في ح وهل مثل خاتم الذهب خاتم الفضة المحرم فيكفي تحريك المتسع ويجب نزعه إن ضاق وهو مختار عج أو يكفي تحريك ضيقه أيضًا وهو ظاهر ح وإنما اضطرب فيه واتفق على نزع خاتم الذهب الضيق على ما يفيده ح مع اشتراكهما في الحرمة لعروضها فيه بخلاف خاتم الذهب قال ح والظاهر أن خاتم الحديد والنحاس والرصاص لا ينتهي إلى عدم الإجزاء كخاتم الذهب والظاهر أنه يؤمر بنزعه ابتداء لكراهة لبسه أي حيث لم يكن لتداو ونحوه فإن لم ينزعه كفى تحريكه إن كان واسعًا فإن كان ضيقًا يمنع وصول الماء لما تحته نزعه قياسًا على ما تجعله الرماة في أيديهم والمرأة كالرجل في الخاتم ولو ذهبا لإباحته لها فلا إجالة عليها وأما خاتمها الحديد أو النحاس أو العظم فتساوى فيه الرجل في الإجالة أو النزع على ما مر تقريره ودخل في قوله ونقض غيره كل حائل كالحناء على ظاهر شعر المرأة والخيوط وما على جسدها من عجين أو على وجهها من نقط لها جرم وكشمع وزفت ونحوهما لاختضاب انظر تت وينبغي تقييده بأثره إذ جرمه متجسد قطعًا ومثل الخضاب يد الصباغ بشرط حكمها وكذا النشادر عند ابن عرفة واستظهره ح خلافًا للشبيبي والمراد بالحناء ثفلها وأما أثرها الذي هو الحمرة فلا يضر ومحل نقض الثفل الذي على ظهر شعر المرأة كما قال تت إذا لم يكن لضرورة وإلا لم ينقض كما في الطراز وأما إن كان في مستبطن الشعر دون أعلاه فلا ينقض لأن مستبطنه لا يجب إيصال الماء له في الوضوء ولا مباشرته بالمسح ولهذا تعلق المسح بظاهر الضفيرة دون باطنها قاله في الطراز أيضًا انظر ح والشوكة ليست بلمعة قلعت أم لا ولا يجب قلعها ولو كان رأسها ظاهرًا للمشقة ولأنها صارت من حيز الباطن والفرق بينها وبين زوال الخف والجبيرة إن مسح الخف بدل فيسقط عند زواله وظهور مبدله والجبيرة مقصودة بالمسح فزوالها بزوال لما قصد ويدخل في المصنف أيضًا سائر ما يتجسد مما يمنع وصول الماء كأثر سواك بجوزاء وطيب ودهن بمتجسد لا غيره فليس بمانع في غسل ولا مسح وكان عليه الصلاة والسلام يرى وبيص الطيب في مفرقه ووبيص بموحدة وصاد مهملة بوزن رغيف معناه بريق وما زالت نساء الصحابة يجعلن الطيب في رؤوسهن اهـ.
وانظر هل المراد بالمتجسد الجامد أو الزائد عن خفيف ما يدهن به فإنه قد يأخذ
ــ
نزعه ضيقًا كان أو واسعًا خلافًا لبعض الشراح الخ لعل صوابه بعد قوله أو واسعًا ولا يكفي تحريكه خلافًا لبعض الشراح الخ يدل على هذا ما بعده وأشار به لما في ح عن ابن ناجي في شرح المدوّنة أنه حكى عن شيخه الشبيبي أنه كان يفتي بعدم الإجالة في خاتم الفضة مطلقًا اهـ.
ويخصص ذلك بما إذا لم يقصد بلبسه المعصية فإن قصدها فلا بد من إجالته أو نزعه اهـ.
الشخص يسيرًا يدهن به العضو وقد يغمس العضو في الدهن وينبغي فيما لم يقع في كلامهم بيانه الاحتياط وحيث كان غير المتجسد لا يمنع فلا يضر ولو انضاف الماء معه بعدم تمام غسل المحل لما مر من أنه إنما يشترط طهورية الماء حال ملاقاة العضو وتمامه لا حال انفصاله خلافًا لقوله بطهور منفصل كذلك ومن المانع أيضًا المداد المتجسد لغير الكاتب وكذا له إن رآه قبل الصلاة فإن رآه بعده فلا يضره إذا أمر الماء على المداد لعسر احترازه منه ومثل الكاتب من يشبهه في عسر احترازه منه كصانعه وبائعه وما يكتب في بعض أعضاء الوضوء لتداو يمسح عليه فوق حائل كالرمد إذا خشي عليه بالمسح زواله وشق إعادة كتبه بعد زواله كذا أجاب به عج وعطف الفريضة الثالثة على غسل فقال: (ومسح ما) استقر (على الجمجمة) من جلد أو شعر عليه وهي من حد الجبهة إلى نقرة القفا فلا يجب مسح القفا ولا شعره ويدخل في الرأس البياض الذي فوق الأذن الزائد عن البياض فوق الوتد ويمسح الرأس بماء جديد ويكره بغيره كبلل لحيته حيث لم يتغير وعم المسح ووجد غيره لأنه ماء مستعمل في حدث فإن تغير أو لم يعم منع مسحه به ويجدد الماء على الراجح إذا جفت يده قبل تمام المسح الفرض لا الرد فلا يجدد له ويشترط نقل الماء له فقط إذا مسح دون باقي أعضاء الوضوء إلا إذا كان عدم النقل يقتضي المسح فلا بد من النقل حينئذ وأما الرأس إذا غسل فلا يشترط النقل إليه وانظر في الجنب الواجب عليه غسل رأسه ويمسحها الضرر هل يشترط نقل الماء حينئذ اعتبارًا بالحال أولًا اعتبارًا بالأصل وهو الظاهر والمرأة التي لو أمرناها بمسح جميع رأسها تركت الصلاة وبالبعض صلت يكتفي منها بمسح بعضها لأن الإتيان بالعبادة المختلف فيها خير من تركها وهذا بعد التهديد بالضرب وفعله قرره شيخ شيخنا الشيخ عثمان العزي وفي كلام زروق ما
ــ
قال ح وما أفتى به الشيبي هو الجاري على المشهور وقول لا بد من إجالته أو نزعه الظاهر أنه بأو فإن أحدهما كاف اهـ.
وكلامه يدل على أن ذلك هو حكم خاتم الذهب أيضًا فانظره (ومسح ما على الجمجمة) قول ز لأنه ماء مستعمل في حدث الخ فيه نظر فقد تقدم لز نفسه عند قول المصنف وكره ماء مستعمل في حدث أن ما تقاطر من العضو أو اتصل به لا يكره استعماله على المشهور في بقية تلك الطهارة وإنما يكره عند القائل بأن كل عضو يطهر بانفراده لأنه عنده مستعمل في حدث وعليه والله أعلم يخرج ما نقله ابن عرفة عن اللخمي وغيره من أنه ماء مستعمل وقول ز فإن تغير أو لم يعم منع الخ على هذا يحمل ما في المدوّنة من منع مسحه ببلل لحيته وعدم إجزائه كما في ح عند الكلام على الموالاة وقول ز دون باقي أعضاء الوضوء الخ الفرق بين الرأس وغيره أن ماء المسح يسير فإن مسح يده على رأسه وعليها أو عليه بلل كان ماسحًا باليد لا بالماء على أنه يجزيء عند ابن القاسم على ما قاله ابن رشد انظر ح وقول ز وفي كلام زروق ما يفيده أي لأنه نقل عن شيخه القروي أنه أفتى بمسح المرأة
يفيده ولعل التقليد في مثل ذلك أحسن أو متعين لجوازه بشروطه قطعًا بخلاف ترك بعض ما وجب لغير ضرورة بل كسلًا (بعظم صدغيه) الباء بمعنى مع وفي الكلام حذف مضافين دل عليهما كلامه أي مع مسح رأسه مسح نبت عظم صدغيه ومحل النبت حيث لم يكن كالنبت كما أن الصلع في الرأس كالشعر فيها وإنما قدرنا المضاف الثاني لاقتضائه بدونه أنه يمسح الصدغ كله وليس كذلك (مع المسترخي) من الشعر عن حد الرأس من رجل أو امرأة كالدلائل وهو ما طال منه ولو نزل للقدم (ولا ينقض ضفره رجل أو امرأة) أي لا يجب على رجل أو امرأة نقض مضفورهما أي شعرهما المضفور بل ولا يندب وظاهره ولو اشتد الضفر بنفسه وأما ما ضفر بخيوط كثيرة فيجب نقضها في الوضوء الذي الكلام فيه هنا وكذا في الغسل اشتدت أم لا كما أنه يجب نقض الضفر إذا اشتد بنفسه في الغسل خاصة وأما الخيط أو الخيطان فلا يضران في وضوء ولا غسل أي إلا أن يشتدا والفرق بين عدم نقض المشتد بنفسه هنا ونقضه في الغسل بناء المسح على التخفيف وفي نقض الشعر في كل وضوء مشقة بخلاف الغسل فلا مشقة في نقضه لندوره وعملًا بخبر فإن تحت كل شعرة جنابة والضفر فتل الشعر بعضه ببعض والعقص جمع ما ضفر قرونًا صفًا من كل جانب قاله عياض والتعبير بالعقص أولى من الضفر لأنه يفهم منه حكم عدم نقض الضفر بالأولى وجمع المصنف في هذه الفريضة دون غيرها بين الرجل والمرأة تنبيهًا على أنه كالمرأة في جواز الضفر وجواز المسح على الضفائر خلافًا للبلنسي في شرح الرسالة
ــ
على الحناء للعلة المذكورة كما في ح (بعظم صدغيه مع المسترخي) قول ز مع مسح نبت عظم صدغيه الخ تقدير نبت قاصر لأنه يرد عليه البياض الذي بين شعر الصدغ والأذن وهو من الرأس ولذا قال س لعل تعبير المصنف بالعظم الأعم من الشعر ليدخل فيه البياض الذي بين الأذن وشعر الرأس من مقدم الأذن ومحاذيه من خلفها قال ابن فرحون فمن تركه فقد ترك جزء من الرأس ثم اعلم أن في عبارة المصنف بحثًا وذلك أن الذي في ح وضيح وغيرهما أن الصدغ ما بين الأذن والعين وإن ما كان منه فوق العظم الناتئ على العارضين فهو من الرأس وأن العظم نفسه مغسول وفي ق ما نصه الشيخ شعر الصدغين من الرأس الباجي معناه عندي ما فوق العظم من الصدغ من جهة الرأس وأما ما دونه فليس من الرأس اهـ.
(ولا ينقض ضفره) قول ز وأما الخيط والخيطان فلا يضران في وضوء ولا غسل إلا أن يشتد انظر من أين هذا التقييد فإن ظاهر ضيح وغيره إطلاق عدم النقض وإن كان هو في نفسه ظاهر أو قول ز والضفر فتل الشعر قال عياض وغيره وهو بفتح الضاد المعجمة وقول ز وجمع المصنف بين الرجل والمرأة الخ في أبي الحسن ما نصه قوله في المدوّنة وكذلك الشعر الطويل من الرجال اهـ.
زاد ابن يونس في نقله وإن كان قد ضفره قاله الشيخ وقيل لا يمسح المضفر وهو مشكل لأن الضفر مباح له اهـ.
في منع ضفر الرجال رؤوسهم ولا يعرف لغيره وعلى كلامه فلا بد من نقضها لأن المسح عليها رخصة والمعصية تنافيها (ويدخلان يديهما تحته في رد المسح) الإدخال الذي يحصل به تعميم المسح واجب كالشعر الطويل ويخاطب بالسنة بعد ذلك حيث بقي بلل من مسح الفرض وقول الشيخ عبد الرحمن الرد سنة طال الشعر أو لم يطل يعني بعد حصول التعميم إذ قبله لا يتأتى الرد (وغسله) أي ما على الجمجمة (مجز) بعد الوقوع وأما ابتداء فقيل حرام وقيل مكروه وقيل خلاف الأولى (وغسل رجليه بكعبيه) أي معهما (الناتئين) المرتفعين الكائنين (بمفصلي الساقين) أخرج الكعبين بمعنى القدمين كما في تت أي خرجا عن كونهما مرادًا ليقتصر عليهما وليس المراد خروج غسلهما ومفصلي تثنية
ــ
منه (ويدخلان يديهما تحته في رد المسح) قول ز الإدخال الذي يحصل له تعميم المسح واجب مع قوله ويخاطب بالسنة بعد ذلك الخ كل منهما فيه نظر لأن ذلك يقتضي أنه لا بد لصاحب المسترخي من مسح رأسه ثلاث مرات مرة لظاهره ومرة لباطنه وهما واجبتان بهما يحصل التعميم الواجب والثالثة لتحصيل السنة وبهذا قال عج ومن تبعه وهو غير صحيح وإن كان في ح عن الشيخ زروق ما يوهم التردد في ذلك بل ألحق ما قاله الشيخ عبد الرحمن وصرح به تت في شرح الرسالة من أنه إنما يمسح مرتين فقط للفرض مرة وللسنة أخرى وأن الإدخال من تتمة الرد الذي هو سنة وشرط فيه ولذا قال المصنف في ردّ المسح ولما كان كلامه هنا لا يدل على حكم الرد في نفسه نبه عليه بعد بقوله ورد مسح رأسه الخ ونصوص الأئمة كنص المدوّنة والرسالة وعبد الوهاب وابن يونس واللخمي وعياض وابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم كلها ظاهرة فيما ذكرناه وليس في كلام واحد منهم إشعار بما قاله عج أصلًا وقد قالوا إن الظواهر إذا كثرت بمنزلة النص ويدل على ذلك أيضًا أنهم عللوا الرد من أصله في مسح الرأس بأنه به يحصل مسح باطن الشعر قال ابن بشير وإنما رأى أهل المذهب أن يمر يديه على جميع رأسه ذاهبًا وعائدًا ليحصل المسح على وجهي الشعر إذ الشعر منصب من جهة الوجه إلى جهة القفا ومن الوسط أيضًا إلى جهة الوجه اهـ.
وقال الفاكهاني رحمه الله إنما كان الرد سنة والثانية والثالثة في المغسول مستحبتين لأن الذي يمسحه في الرد غير الذي يمسحه أولًا في حق ذي الشعر وألحق غيره به بخلاف الذي غسل ثانيًا وثالثًا فإنه عين الأول اهـ.
فهذا يدل على بطلان ما ادعاه عج لأن صاحب المسترخي لو كان يمسح في الأولى ظاهر الشعر وباطنه كما زعمه عج لكان الممسوح أولًا هو الممسوح ثانيًا وذلك خلاف ما قاله ابن بشير والفاكهاني ويلزمه على ما ذكره أن يمسح أربع مرات ليحصل التعميم في السنة أيضًا ولا قائل به ولما ذكر ابن مرزوق أن ظاهر المصنف هنا يوهم وجوب الرد قال وهو مشكل بما ذكر في السنن لأن ذلك الرد إن كان هذا ألزم أن يكون فرضًا وسنة معًا وهو باطل وإن كان آخر لزم أن يكون ثالثًا ولم يشرع عند الجمهور اهـ.
(وغسل رجليه بكعبيه الخ) قول ز وقول كفاية الطالب إلى قوله بكسر الميم والصاد الخ
مفصل بفتح الميم وكسر الصاد واحد مفاصل الأعضاء وبالعكس اللسان وفتح الميم هنا هو الصواب وقول كفاية الطالب على الرسالة في باب صفة العمل عند قولها في السجود إن تطمئن مفاصلك إن مفصل بكسر الميم والصاد واحد مفاصل الأعضاء اهـ.
خلاف هذا وإنما كان المراد بالكعبين ما ذكره المصنف لأخذهما من التكعب وهو الظهور والارتفاع ومنه الكعبة وامرأة كاعب إذا ارتفع ثديها (وندب تخليل أصابعهما) من أسفلهما بخنصره وفي حديث بالمسبحة بادئًا بخنصر اليمنى خاتمًا بخنصر اليسرى وندب تخليلهما لشدة التصاقهما ووجب التخليل في أصابع اليدين لشدة افتراقهما وأما تخليل أصابع الرجلين في الغسل فيجب على المشهور (ولا يعيد من) أي متوضئ (قلم) بتخفيف اللام (ظفره) ولو طال حيث لم ينثن ولم يتعلق به وسخ يستر بعض الأصبع أي لا يعيد غسل موضع القلم فإن طال وتعلق به وسخ يستر بعض الأصبع أو انثنى على رأس الأصبع وجب قلمه ووجب على متوضئ غسل ما تحته كما في ابن عرفة لستره لغير محله أصالة بخلاف الأول فإنه ساتر لمحله أصالة وكذا لا يجب قلمه ولا إزالة ما تحته من وسخ بل إزالته تعمق ووسوسة وخلاف ما عليه جمهور السلف الصالح بخلاف طولها غير المعتاد فيجب إزالة ما تحته من الوسخ كما قال الأبي وبه يقيد قول ناظم مقدمة ابن رشد:
ووسخ الأظفار إن تركته
…
فما عليك حرج أو زلته
(أو حلق رأسه) وهو متوضئ لا يعيد مسح موضع الحلق ولا غسله في غسل (وفي) وجوب إعادة شخص متوضئ رجل أو امرأة موضع (لحيته) وشاربه وتحذيف حوالي العارضين كلا أو بعضًا في الجميع إذا حلقه هو أو حلق له أو سقط وعدم وجوبه (قولان) ظاهره كغيره كانت خفيفة أو كثيفة قيل وينبغي أن يكون محل الخلاف في الكثيفة فقط والظاهر خلافه فإن الخلاف جار مطلقًا كما هو ظاهر كلامهم وذلك لأن القائل بالوجوب نظر إلى ستر الشعر المحل وقد زال فيغسل ذلك المحل قاله بعض شيوخنا انظر د وقال الفيشي على العزية وانظر هل محلهما في حلقها في الكثيفة لأنها ساترة للفرض وأما الخفيفة فلا لغسله البشرة بالتخليل أو مطلقًا لأن منبت الشعر لم يغسل وقد يقال إنه مغسول لسريان الماء وانفتاح المسام اهـ.
وفي عج الراجح من القولين عدم الإعادة سواء كانت خفيفة أم لا قال ح وانظر هل
ــ
الذي رأيته في نسخة صحيحة من كفاية الطالب في المحل الذي ذكره والمفاصل جمع مفصل بفتح الميم وكسر الصاد الأعضاء وأما مفصل بكسر الميم وفتح الصاد فهو اللسان اهـ.
وهو موافق للصواب فلعله وقع في نسخة هذا منه تحريف (وفي لحيته قولان) قول ز وذلك لأن القائل بالوجوب نظر إلى ستر الشعر المحل الخ اعترض بأن الخفيفة غير ساترة إذ البشرة تغسل تحتها وأجيب بأنها ساترة لمنبت الشعر وتعقبه الفيشي بأنه مغسول لسريان الماء وانفتاح المسام وقول ز ولا نظر فقد صرح المصنف الخ فيه نظر إذ قد ينبت الثدي مع اللحية
الفاكهاني لابن حبيت وقيل بالعرف وعزاه الفاكهاني لابن القاسم وشهره ابن عمر (أو سنة) وشهره ابن رشد قال وعليه إن فرق ناسيًا لا شيء عليه وكذا عامدًا عند ابن عبد الحكم ولابن القاسم يعيد الوضوء والصلاة أبدًا كترك سنة من سننها عمدًا لأنه كاللاعب المتهاون فقد اختلف التشهيران في صورة العمد على ما لابن عبد الحكم ويختلفان في الإثم أيضًا إذ على الوجوب إثمه لتركه لواجب وعلى السنة إثمه لتهاونه بها لا لتركها (خلاف) معنوي كما يفيده هذا التقرير كبعض الشراح لا لفظي خلافًا لح وأخر الفريضة السابعة مع أن حقها التقديم لفعلها عند أول فرض لطول الكلام عليها فقال: (ونية رفع الحدث) والنية من باب الإرادات لا من باب العلوم والاعتقادات وهي ليست من كسب المتوضئ وإنما كسبه فعل الوضوء ولكنها متابعة لفعله مقدمة عليه ولا تحتاج لنية إما لئلا يلزم التسلسل كما قال جماعة من الفضلاء وإما لأن صورتها كافية في تحصيل مصلحتها وهي تمييز العبادات كما قال القرافي وإما لأنها لا تصح فيها النية كالنظر الأول المفضي للعلم بإثبات الصانع كما قال السبتي (عند وجهه) إن بدأ به لا عند غسل يديه إلى الكوعين وإن استظهره في توضيحه لئلا تعرى السنن السابقة للوجه عن نية بل المشهور أنه ينوي لها نية مفردة كما سيأتي (أو الفرض) وهو هنا ما تتوقف صحة العبادة عليه فيدخل وضوء الصبي وللنافلة وقبل دخول الوقت لا ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه لخروج الأول قطعًا وكذا الثاني والثالث إلا أن يريد بكونه يعاقب على تركه إن تلبس بالعبادة تاركًا له وقولنا قبل دخول الوقت أي وأما بعده فيصح بالمعنى الثاني قطعًا ويرد أن الوقت المتسع كالوضوء قبل دخوله ويجاب بأنه لما وجب الفرض بدخول وقته صحت إرادة المعنى
ــ
والعجب من ز كيف خالف شيخه من غير داع لذلك لكن هذا كله على ظاهر المصنف في التفريق بين العاجز والعامد والمعتمد خلافه (أو سنة خلاف) قول ز معنوي الخ إنما يظهر أنه معنوي إن راعينا قول ابن عبد الحكم على السنية أما على المشهور وهو قول ابن القاسم في العمد يعيد الوضوء والصلاة أبدًا فهو لفظي كما في ح وهو الحق (ونية رفع الحدث) ابن راشد النية صفة تقتضي إمالة فعل الإنسان نفسه لبعض ما يقبله اهـ.
فالنية من باب القصود والإرادات لا من باب العلوم والاعتقادات فهي من كسب العبد لأن القصد إلى الشيء توجه النفس إليه فقول ز إن النية ليست من كسب المتوضئ فيه نظر قاله مس وقول ز لا عند غسل يديه الخ قال في ضيح جمع بعضهم بين القولين فقال يبدأ بالنية أو الفعل ويستصحبها إلى أول الفروض اهـ.
فائدة: محل النية من الإنسان هو محل العقل منه وفيه قولان وفي المعونة محلها القلب وحقيقتها أن يقصد بقلبه ما يريد فعله وليس عليه نطق بلسانه وفائدتها تمييز ما يحتمل العبادات وغيرها كالغسل نظافة وعبادة وتمييز أنواع الفعل الواحد من وجوب أو ندب مثلًا وحكمها الفرضية كما عند المصنف وحكى عليه ابن رشد الاتفاق وجعله المازري المشهور ومتعلقها رفع الحدث الخ ومحل وقوعها الوجه فقد عرفت بذلك حقيقتها وفائدتها ومحلها
يدخل في النهي عن ترك العبادة لأنه قد حصل فيها خلل (و) بنى استنانًا بغير نية (إن عجز) ولو حكمًا كما إذا أعد ما ظن أو جزم بأنه لا يكفيه لعدم وجود غيره عنده أو شك في ذلك فتبين أنه لا يكفيه في الصور الثلاث أو أعد ما ظن أنه يكفيه فلم يفكه أو ذكر بعد نسيان ولم يجد (ما لم يطل) وأما من أعد من الماء ما لا يكفيه قطعًا فليس من صور العجز فلا يبني طال أم لا وقال عج العامد للتفريق كالعاجز يبني ما لم يطل والطول في حقه كهو في حق العاجز كما يفيده النقل وذكر صاحب الجمع عن ابن هارون بحثًا أنه دون العاجز واستظهره ح ولكن لا يقاوم الأول ولم يعلم منه يتميز به الطول على ما استظهره ح فلو قال المصنف عقب قوله مطلقًا وإلا بني ما لم يطل بجفاف الخ لشمل العامد كما في النقل ولم يبن العاجز مع الطول لما عنده من التفريط بخلاف الناسي وبين الطول بقوله: (بجفاف أعضاء بزمن اعتدلا) أي اعتدل الشخص صاحب الأعضاء بين الحرارة واليبوسة أو بين الشيخوخة والشبوبة إذا اعتدل مزاجه واعتدل الزمن بين الحر والبرد وهذا التحديد هو المشهور على ما للأقفهسي ونقص منه اعتدال المكان وعزاه
ــ
بطل وضوءه فأي عبادة بقيت له حتى يتوهم أنه دخل في النهي عن تركها وقول ز وبنى استنانًا الخ يفيد أن البناء على الوضوء سنة فإذا رفض ما فعل منه وابتدأ آخر كان مخلًا بالسنة وقد صرحوا بأن المتوضئ مخير في إتمام وضوئه وتركه وفي نظم ابن عرفة فيما يجب إتمامه بالشروع وما لا يجب فيه ما نصه صلاة وصوم ثم حج وعمرة.
طواف عكوف وائتمام تحتما .... وفي غيرها كالوقف والطهر خيرن
فمن شاء فليقطع ومن شاء تمما فتأمله (وإن عجز ما لم يطل) قول ز بغير نية الخ الفرق بينه وبين الناسي أن الناسي لما كان عنده الإعراض عن الوضوء احتاج إلى تجديد النية بخلاف العاجز لما لم يعرض عن الوضوء ولم يذهل عنه لم يحتج لنية وقول ز ولو حكمًا كما إذا أعد الخ اعلم أنهم ذكروا للعجز خمس صور الأولى ذا أعد من الماء ما قطع بأنه يكفيه فأهريق أو غصب أو تبين خلافه وهذه الحكم فيها كالنسيان كما قدمه ز فلا تدخل هنا والأربع الباقية هي المرادة هنا فجعلها ز أمثلة لقوله ولو حكمًا فأوهم كلامه أن من صور العجز ما هو حقيقي يدخل قبل لو ويكون حكمه التفصيل كما هنا وليس كذلك فصوابه إسقاط قوله ولو فتأمله فإن قلت يحمل ما قبل لو على العجز بمانع من إغماء أو مرض قلت هو غير صحيح أيضًا إذ الإغماء ناقض للوضوء فيجب استئنافه والمرض بغيره وليس بعذر إذ يجب عليه أن يستنيب فإن لم يجد من يستنيبه فالظاهر أنه عجز حقيقي كالإكراه فحكمه كالنسيان قاله طفى فبقي أن قوله ولو الصواب إسقاطه كما قلنا فتأمله ثم اعلم أن ح إنما حمل قوله وإن عجز ما لم يطل على صورة واحدة وهي إذا أعد ما ظن أنه يكفيه فقصر به وأما الثلاث الأخر وهي إذا أعد ما جزم أو ظن أنه لا يكفيه أو شك فيه فهو فيها متعمد لا عاجز وعلى المشهور كما في ضيح فيجب إخراجها من قوله وإن عجز الخ هذا ملخص ما في ح فإدخال ز لها في كلام المصنف غير ظاهر وقد جعل عج الصور الثلاث مما يبتدأ فيه الوضوء
أو غصبه أو أريق منه بغير اختياره أو أكره على التفريق وانظر الإكراه هنا بماذا (مطلقًا) طال قبل التذكر أم لا ويغسل أو يمسح اللمعة أو العضو المنسي وجوبًا طال أو لم يطل يريد ويعيد استنانًا ما بعد العضو أو تلك اللمعة من أعضاء وضوئه مفروضة كانت أو مسنونة إن ذكر بالقرب فإن ذكر بعد طول بجفاف لم يعد ما بعد المنسي واستغنى المصنف عن هذا التفصيل بما سيذكره في الكلام على إعادة المنكس لأن حكم المنكس والمنسيّ في الإعادة سواء عند ابن القاسم ثم إن فرق بعد التذكر ابتدأ وضوءًا آخر ولا
ــ
وهو ما تجف فيه غير مغتفر للعاجز والقادر وإنما يغتفر للناسي فقط فالعاجز والقادر حينئذ سيان في الحكم فلا معنى لاشتراط القدرة اهـ.
باختصار قلت وفيه نظر والصواب ما ذكره المصنف أما أولًا فإن قوله لإطباق أهل المذهب مع قوله ولا يعرجون على القدرة بحال مردود بأنه قصور ففي بداية حفيد ابن رشد ما نصه ذهب مالك إلى أن الموالاة فرض مع الذكر وفي غير العذر ساقطة مع النسيان ومع الذكر عند العذر ما لم يتفاحش التفاوت اهـ.
فقد قيد بغير العذر وفي البديع ما نصه في المذهب خمسة أقوال في الموالاة ثم قال ثالثها وهو المشهور أنها واجبة بالذكر ساقطة مع النسيان والعذر اهـ.
نقله الشيخ أبو علي وفي الجلاب ما نصه ولا يجوز تفريق الطهارة من غير عذر ويجوز مع عذر عجز الماء والنسيان اهـ.
نقله ابن مرزوق وقد ذكر طفى نفسه عن عياض أن بعض الشيوخ تأوّل المدوّنة على أنه إن أعدّ من الماء ما يكفيه فأهريق أو غصب فحكمه حكم الناسي يبنى وإن طال قال عياض وعلى هذا تحمل رواية ابن وهب وابن أبي زمنين أنه يبني إذا عجز عن الماء وإن طال وحمله الباجي على الخلاف اهـ.
فهذا كله يرد قوله إن أهل المذهب أطبقوا على تقييد الوجوب بالذكر فقط ولم يعرجوا على القدرة بحال وأما ثانيًا فيأتي أن صور العجز منها ما هو حقيقي ومنها غيره والحقيقي كما إذا أعد من الماء ما قطع بأنه يكفيه فأهريق أو غصب منه والحكم في هذا أنه كالناسي يبني وإن طال بلا خلاف أر على الراجح كما في ح وابن مرزوق وغيرهما وحينئذ يتعين تقييد الوجوب بالقدرة لتخرج هذه الصورة وإلا لزم أن العاجز مطلقًا كالعامد وليس كذلك نعم يرد على المصنف أن تفريقه في العاجز بين الطول وعدمه كالعامد بعد تقييده الوجوب بالقدرة غير ظاهر ولذلك حملوا العاجز في كلامه على غير الحقيقي وهو من معه تفريط ما ولو قال المصنف بعد قوله إن ذكر وقدر وبني إن عجز مطلقًا كالناسي بنية لكان أولى ويحمل العجز حينئذ على الحقيقي تأمل والله أعلم وقول ز وانظر الإكراه هنا بمادًا الخ قال طفى في أجوبته الظاهر أنه يكون بما يأتي للمصنف في باب الطلاق من خوف مؤلم فأعلى إذ هذا الإكراه هو المعتبر في العبادات اهـ.
وقول ز لا يدخل في النهي عن ترك العبادة الخ يقال عليه هذا الذي فرق بعد التذكر
الغسل كالوضوء في ذلك أم لا لم أر فيه نصًّا قلت يستفاد مما مر أن الغسل أما متفق فيه على عدم الإعادة أو الراجح فيه ذلك لأن أمره أخف ولوجوب تخليل اللحية فيه مطلقًا دون الوضوء.
تتمة: في جواز حلق الرأس حيث لا ضرر وكراهته قولان مرجحان وأما الفرق بين المتعمم فيباح له لوجود عوض الشعر وبين غيره فيكره له على المشهور فطريقة لابن عمرو أما حلق اللحية أو الشارب أو العنفقة فحرام اهـ.
وفي د في حرمة حلق اللحية وكراهته قولان وهذا كله في حق الرجل وأما المرأة فيجب عليها حلق جميع ذلك كما مر وانظر حكم حلق لحية الخنثى المشكل كذا في كبير عج ولا نظر فقد صرح المصنف آخر الكتاب بأنه إذا نبتت له لحية فلا إشكال أي بل هو ذكر محقق فيحرم عليه حينئذ الحلق ولما ذكر الفروض الأربعة المجمع عليها لذكرها في القرآن ذكر الثلاثة المختلف فيها بين الأئمة وقدم ما فيه الراجح عندنا فقال: (والدلك) وهو إمرار اليد على العضو وقيل إمرار العضو على العضو والراجح الأول إلا دلك إحدى رجليه والأخرى حيث أوعب فاختلف هل لا يجزى أيضًا ورواه ابن القاسم عن مالك أو يجزى وهو قول ابن القاسم نفسه وأما دلك غير إحدى الرجلين بغير اليد فلا يجزى قطعًا والظاهر أن المراد باليد هنا باطن الكف فالدلك بمرفقيه مع إمكانه بباطن كفه لا يجزى ثم يكفي الدلك ولو بعد الماء وتندب مقارنته للماء في الوضوء الذي الكلام فيه دون الغسل قاله الأفقهسي أي فلا تندب فيه المقارنة ويأتي ودلك ولو بعد الماء وتجوز الاستنابة فيه لضرورة وينوي المستنيب دون النائب وتمنع لغيرها وفي إجزائه قولان وأما الاستنابة على صب الماء فتجوز اتفاقًا وظاهره ولو لغير ضرورة وقد تجب كالأقطع اهـ.
من كبير عج وإن تعذر الدلك سقط (وهل الموالاة) بين فرائض الوضوء وهي الإتيان بجميعها في زمن متصل أو ما هو في حكمه بأن فرق يسيرًا لأنه لا يضر على المشهور ولو عمدًا ويأتي قدره (واجبة إن ذكر وقدر وبنى) استنانًا (بنية إن نسي) عضوًا أو لمعة والنسيان ولو حكمًا كما إذا أعد من الماء ما جزم به بأنه يكفيه فتبين خلافه أو أراقه شخص
ــ
فيبقى مشكلًا تأمله (والدلك) كتب الشيخ حسن مس هنا ما نصه أي باليد ظاهرها أو باطنها أو بالذراع أو بخرقة أو بحك إحدى الرجلين بالأخرى خلافًا لتخصيص عج ومن تبعه الدلك بباطن الكف اهـ.
ونحوه للشيخ أبي علي محتجًا بقول الفاكهاني الدلك إمرار اليد أو ما يقوم مقامها اهـ.
قال بعده وقول الفقهاء الدلك باليد جري على الغالب خلافًا لعج ومن تبعه (إن ذكر وقدر) تعقب طفى على المصنف تقييد الوجوب بالقدرة قائلًا لإطباق أهل المذهب فيما وقفت عليه من كلامهم أنهم يقولون واجبة مع الذكر دون النسيان ولا يعرجون على القدرة بحال قال ويظهر من كلامهم أن العجز والقدرة سواء إذا لم يكن نسيان وذلك أنهم صرحوا بأن التفريق اليسير غير المتفاحش مغتفر عمدًا وسهوًا وهو دون ما تجف فيه الأعضاء والكثير
الثاني قطعًا وإن كان موسعًا وبقي ما إذا نوى الفرض ولم يلاحظ أحد المعنيين السابقين والظاهر صحة وضوئه ولو قبل الوقت لأن كل متوضئ يعلم أن صحة العبادة تتوقف على الوضوء وكذا لو نوى الوضوء الذي أمر الله به صح ولعله لا يخرج عن نية الفرض وسيأتي في قوله أو نوى مطلق الطهارة مسألة أخرى غير هذه وهي ما إذا نوى مطلق الوضوء (أو استباحة ممنوع) أي ما منع منه الحدث بمعنى المنع المترتب على الأعضاء أو بمعنى الصفة المقدر قيامها بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية بمحالها على ما مر صدر الكتاب ويصح وضوؤه وإن جمع الثلاثة لتلازمها فإن خطر بباله أحدها أو اثنان ناسيًا الآخر أجزأ عن جميعها وأما إن قال نويت رفع الحدث لا استباحة الصلاة أو العكس فتبطل النية وتكون عدمًا للتنافي وهذه غير قوله أو أخرج بعض المستباح لأن معناه اقتصر على نية صحيحة وأخرج بعض ما يستباح بها تأمل. (وإن مع تبرد) أو تدف أو نظافة أو تعليم أي تعليمه الناس بوضوئه كيفية ما يتوضؤون لكن الأولان فيما زدته مباحان كالتبرد والثالث مندوب فلو أدخل الكاف على تبرد لشمل ذلك وإنما كانت نية التبرد أي ونحوها مما مر لا توجب خللًا في نية الوضوء لأن غسل الأعضاء يتضمن التبرد فنيته غير مضادة للوضوء ولا مؤثرة فيه وهو واضح إذا توضأ بما يحصل به التبرد لا بحار نوى به التبرد أو عكسه لتلاعبه لكن اغتفر ذلك هنا كما هو ظاهر كلامهم (أو أخرج بعض المستباح) كما إذا نوى الوضوء لصلاة لا لمس مصحف أو لمسه دون صلاة فوضوؤه صحيح وله الصلاة به على المشهور فيباح له فعل المنوي وغيره إذ ليس للمكلف أن يقطع مسببات الأسباب الشرعية عنها كقوله أتزوج ولا يحل لي الوطء وأولى لو نوى شيئًا ولم يخرج غيره (أو نسي حدثًا) أي ناقضًا فيشمل السبب ونوى رفع غيره سواء حصل المنسي منه فقط أو هو وغيره خلافًا لمن قصر المصنف على الأخيرة فوضوؤه صحيح لأن الأسباب إذا اتحد موجبها بفتح الجيم أي ما يجب ويترتب عليها ناب موجب بكسر الجيم أحدها عن الآخر فإن نوى غير ما صدر منه عمدًا لم يصح وضوؤه لتلاعبه.
تنبيه: استشكل المصنف بأنه إن أراد بالحدث الخارج المعتاد فنية وضوئه من بعض
ــ
وحكمها وتعلقها ومحل وقوعها وقد أطال ح في ذلك فانظره (أو استباحة ممنوع) قول ز بمعنى المنع المترتب الخ فيه نظر إذ لا معنى لقولنا ما منع منه المنع بل المراد بالحدث الوصف الحكمي وقول ز للتنافي أي لأنه تناقض في ذات النية كما يأتي له فكأنه قال نويت رفع الحدث لا رفع الحدث أو نويت لا نويت وفي ح لو خطر بباله جميعها وقصد بطهارته بعضها ناويًا عدم حصول الآخر فالطهارة باطلة لأن النية غير حاصلة اهـ.
(وإن مع تبرد) في ح كان البخاري على قاعدة المصنف أن يأتي بلو فإن الخلاف في ذلك في المذهب اهـ.
والقولان حكاهما المازري كما في ق (أو نسي حدثًا) قول ز ناب موجب بكسر الجيم
أنواعه ونسيان غيره باطلة ولا وضوء له لأنه لم ينور رفع الحدث أعني المنع وما في معناه وإن أراد به المنع المترتب وما في معناه في حد ذاته فلا يتصور نية رفعه ونسيانها في زمن واحد لأنه شيء واحد وإن أراد به المنع لا من حيث ذاته بل من حيث ترتبه على سبب فإنه لا يمكن تعدده لأنه إذا ترتب على المس مثلًا لا يمكن ترتبه على ريح مثلًا بعده وحينئذ فلا يتصور نية رفعه ونسيانه في زمن واحد وأجاب البساطي بأنه يتصور نية رفعه بالنسبة لما ترتب عليه ونسيان رفعه بالنسبة لغير ما ترتب عليه بفرض أنه ترتب عليه قال عج وهو بعيد جدًّا (لا أخرجه) والفرق بين هذا وبين إخراجه بعض المستباح إن هذا تناقض في ذات النية وما تقدم تناقض في متعلقاتها فلم يضر وأراد بالحدث هنا الإفراد لأنها هي التي توصف بالإخراج بخلافه في قوله ونية رفع الحدث فإن المراد به الماهية ولذا أعاده هنا نكرة بعد ذكره له معرفة ثم يتعارض قوله أو نسي حدثًا وقوله لا أخرجه فيما إذا ذكر حدثًا ونوى غيره ولم يخرج ما ذكره فأوله يقتضي عدم صحة وضوئه وآخره يقتضي صحته وهو المعتمد فلو قال أو نوى حدثًا غير مخرج سواه لشمل هذه الصورة ويكون فيما يظهر قد حصل منه وشمل قوله لا أخرجه أربع صور أن يكون ما نواه وما أخرجه تيقن حصولهما منه أو شك فيهما أو تيقن حصول ما نوى رفعه وشك فيما أخرجه أو عكسه.
تنبيه: قوله لا أخرجه واضح في حصول الناقضين منه دفعة واحدة من غير ترتب بينهما في الوجود وفيما إذا ترتبا ونوى الوضوء مما خرج ثانيًا وأخرج بنيته ما خرج أولًا وأما إن ترتبا ونوى الوضوء مما خرج أولًا وأخرج الثاني فيبحث في عدم صحة وضوئه بأن ما حصل منه ثانيًا لا أثر له في نقض فالقياس أنه لا يضر إخراجه مع أنه يضر كما هو ظاهر المصنف تبعًا لهم وأجيب بأن الثاني لما كان يترتب عليه الناقض بتقدير أن لو كان أولًا أو منفردًا ضر إخراجه وهذا على طريق ما مر عن البساطي (أو نوى) المتوضئ (مطلق الطهارة) بالشاملة للحديث والخبث فلا يجزئه لأنه إن أمكن صرف النية للخبث لم يرتفع الحدث أما إن قصد الطهارة لا بقيد الأعمية فالظاهر الإجزاء كما قال سند لأن قرينة فعله تدل على طهارة الحدث ولذا قال فيها من توضأ ليكون على طهر أجزأه اهـ.
وإذا نوى مطلق الوضوء اعتبرت نيته فيما يظهر وانصرف للفرض بمنزلة من نوى الحج من غير نية فرض ولا نفل فإنه ينصرف للفرض قاله عج واستظهر د أن نيته غير
ــ
أحدها عن الآخر في عبارته قلق وصوابه ناب أحدها عن الاخر تأمل (لا أخرجه) قول ز ويكون فيما يظهر قد حصل منه الخ يعني لا يبطل وضوؤه إلا إذا كان ما أخرجه قد حصل منه يقينًا أو شكًّا فإن تيقن عدم حصوله لم يضره إخراجه (أو نوى مطلق الطهارة) قول ز أما إن قصد الطهارة لا بقيد الأعمية الخ أشار به لقول ح ما نصه قلت فإن كان مراد المازري والمصنف أن المتطهر قصد الطهر الأعم وتعلق قصده بالطهر بقيد كونه أعم من الخبث والحدث فما قالاه ظاهر وإن كان مرادهما ما قاله صاحب الطراز والباجي إن المتطهر قصد
معتبرة فلا يصح وضوؤه (أو استباحة) فعل (ما ندبت له) الطهارة ولم يتوقف عليها كقراءة القرآن ظاهرًا أو النوم أو الدخول على السلطان كما العياض في قواعده آخرًا خلاف ما صدر به من كونه من الوضوء المباح والأمير كالسلطان كما في عبارة عياض نفسه فالمراد به من له سلطنة ما وبالاستحباب جزم ابن جزي في قوانينه وكتعليم العلم وتعلمه وقراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ورد السلام والدعاء لأن الفعل الذي قصد إليه يصح مع بقاء الحدث فلم يتضمن قصده رفع الحدث اللخمي والأصل فيه لرد السلام ما قاله أبو الجهم من أنه عليه الصلاة والسلام أقبل من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرده عليه حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه أخرجه البخاري ومسلم والأصل فيه للدعاء أن أبا موسى الأشعري سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لعمه أبي عامر فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه ودعا إليه وظاهر المصنف ولو نوى أن يكون على أكمل الحالات وقيل يصح وضوؤه حينئذ لأن ذلك يستلزم رفع الحدث قال ح ظاهر كلامهم أنه على القول الأول يحصل له ثواب من فعل هذه الأشياء أي من تعليم العلم وما معه على طهر وعندي فيه نظر لقولهم إنه محدث اهـ.
وعدم صحة الوضوء لا تنافي ثواب ما فعل به مما يصح فعله بدونه لما يأتي أن وضوء الجنب للنوم يحصل به لفاعله ثواب من نام بوضوء صحيح لكن ظاهر ما ذكره عن
ــ
الطهارة ولم يرتبط قصده بكونها من حدث فالظاهر الإجزاء كما قال صاحب الطراز ونقله عن ابن شعبان عن أكثر الأصحاب لأن قرينة فعله تدل على أنه قصد الطهارة من الحدث فتأمله منصفًا اهـ.
واعترض بأن كلام المازري صريح في الثاني ونصه أما قصده الطهارة المطلقة فإن ذلك لا يرفع حدثه لأن الطهارة المطلقة على قسمين طهارة حدث وطهارة خبث فإذا قصد قصدًا مطلقًا وأمكن انصرافه لطهارة النجس لم يرتفع به الحدث لأن معنى الطهارة من الحدث هو معنى القصد (رفع الحدث) فوجب أن يعتد به في رفع الحدث اهـ.
نقله ابن مرزوق وغيره فقوله وأمكن انصرافه الخ دليل أنه قصد الطهارة لا بقيد الأعمية بل المحتملة للحديث والخبث كصورة الطراز ووفق بعضهم بينهما بأمر آخر وهو حمل ما للمازري على ما إذا أقامت قرينة تصرفها لطهارة النجس وصورة الطراز على ما إذا قامت قرينة تصرفها للوضوء والذي اختاره ابن مرزوق في كلام المصنف أن المراد مطلق الطهارة التي هي أعم من الواجب والندب لأن فائدتها تمييز العبادات أو نوعها والمطلق لا يميز وأيضًا نية الندب لا تبيح الصلاة ونية الفرض تبيحها فتنافيا قال فإن قلت الجمع بين فرض وندب صحيح قلت ناوي المطلق نوى أحدهما لا بعينه كالبدل اهـ.
باختصار (أو استباحة ما ندبت له) قول ز لما يأتي أن وضوء الجنب الخ فرق بعضهم بينهما بأن وضوء النوم فائدته النشاط أو غيره مما يأتي وهذا إذا قلنا لا يرفع الحدث أي فائدة له حتى يترتب عليه الثواب وأجاب بعضهم عن تنظير ح بأن يقال إنه يرفع الحدث بالنسبة لما
ظاهر كلامهم من أنه يحصل لفاعلها ثواب من فعلها على طهر إنه يحصل له مثل ذلك كمية وكيفية والظاهر كمية لا كيفية هذا وقال ح لا يقال في قوله استباحة مسامحة لأنها إنما تستعمل فيما كان ممنوعًا بدون الطهارة وما ندبت له ليس ممنوعًا منه بدونها لأنا نقول هو ممنوع منه على جهة الندب اهـ.
أي يمنع من كذا على جهة الندب قال تت وفهم منه أي من قوله ندبت إن ما لا تشرع له الطهارة لا يرفع حدثًا من باب أولى قاله الباجي أي كتبرد وتنظف ولا يرد خبر الترمذي مرفوعًا إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة كريم يحب الكرم كما في ح لأن المطلوب النظافة لا في خصوص أعضاء الوضوء فقط (أو) كان متوضئًا وشك في وضوئه فشرع يتوضأ وضوءًا آخر و (قال) أي اعتقد وقصد لا تلفظ (إن كنت أحدثت) في وضوئي الأول (فله) هذا الوضوء لم يجزه لعدم جزمه بنيته واستشكل عدم أجزائه مع أن وضوءه الأول قد انتقض بالشك وأجيب بأجوبة أحدها حمل الشك في الوضوء الأول على المستنكح ودخل في الثاني غير جازم بالنية ثم تحقق نقض الأول فلم يجزه الثاني لعدم جزمه بنيته ثانيها أن شكه في الأول كان وهمًا فقط فتوضأ ثانيًا بنية غير جازمة ثم تبين حدثه لم يجزه هذا الثاني وعليهما فيكون قوله فتبين حدثه راجعًا لهذه أيضًا ثالثها أن الشك في الأول على حقيقته أيضًا ويعتقد أنه ناقض لكن لاعتقاده أنه غير محقق الحدث علق في الثاني نية رفع الحدث على حصول الحدث تحقيقًا لا على الشك فيه فهو بمنزلة ما إذا نوى الوضوء من البول دون الريح فيكون وضوؤه باطلًا للتناقض في ذات النية لا للتردد فيها فقط والبطلان على هذا الجواب سواء تبين حدثه أم لا (أو جدد فتبين حدثه) فوضوؤه باطل لأنه لم ينو به الفرض ولا رفع الحدث ولا استباحة ممنوع أي وإنما قصد به الفضيلة قاله عج وهو يقتضي أنه إذا نوى بالمجدد ما ذكر وتبين حدثه قبله فيصح نظير ما يأتي من أن المعيد لفضل الجماعة ينوي الفرض وأنه إن تبين عدم الأولى أو فسادها أجزأته المعادة وانظر هل الحكم هنا كذلك أم لا وهو ظاهر كلامهم ويفرق بينه وبين الفرض في المعادة بأنه يهتم بالمقصد أقوى من الوسيلة ولا يستغني عما ذكره المصنف
ــ
فعل له كما في غسل الذمية لوطء زوجها ووضوء الجنب للنوم وقد قال عياض فيه في القواعد ما نصه والصحيح أنه تعبد وهو وضوء يرفع الجناية بالنسبة إلى النوم خاصة (أو قال إن كنت أحدثت فله) قول ز فلم يجزه الثاني لعدم جزمه بنيته الخ نظر لأن الشك إن حمل على المستنكح فهذا الوضوء تجديد فقط فإذا تبين حدثه لم يجزه لكونه نوى به الفضيلة سواء جزم بنيته أولًا وأما التعليل بعدم جزم النية فيقتضي أنه إن كان جزمها لا يلزمه وضوء آخر بتبين حدثه وليس كذلك تأمله وهكذا يقال في الجواب الثاني فالصواب التعليل فيهما بكون الوضوء وقع مستحبًّا لا فرضًا وهو ظاهر وقول ز للتناقض في ذات النية الخ فيه نظر إذ هذا بمنزلة من نوى حدثًا ذاكرًا غيره ولم يخرجه وهذه لا تناقض فيها وقد تقدم فيها الأجزاء وإنما
هنا بما مر من قوله أو استباحة ما ندبت له لأنه غير متطهر بخلاف هذا (أو ترك لمعة فانغسلت بنية الفضل) مراده مثلًا فمسحها بنية سنة كذلك فالمراد عدم نية الفرض والمراد نية الفضل استقلالًا وهي النية التي أحدثها عند فعل الفضيلة لا المندرجة في نية الوضوء ويجري مثله في نية السنة وهذا بناء على أن نية الفضل يعمل بها بعد فعل الغسلة الأولى وإن لم تعم كما يفيده غير واحد وأما على ما يفيده سند من أنه لا يعمل بها وإن وجدت بعد فعل الأولى إلا إذا عمت الأولى فلا يتأتى غسل اللمعة بنية الفضل استقلالًا أصلًا وأولى النية المندرجة في نية الوضوء فإذا غسل اليد مثلًا غسلة لم يعمها ثم غسلها ثانية ولم ينو الفضيلة استقلالًا أجزأت عند سند وغيره فإن نواها استقلالًا لم تعتبر وكانت مكملة للفرض عند سند واعتبرت عند المصنف فيبطل الوضوء (أو فرق النية على الأعضاء) أي خص كل عضو بنية بأن غسل وجهه بنية رفع الحدث ولا نية له في إتمام الوضوء ثم يبدو له فيغسل يديه بنية وهكذا إلى الآخر ومثل ذلك لو فعل ما عدا العضو الأخير بنية ولا نية له في إتمامه ثم يبدو له فينوي غسله لأن ما قبل العضو الأخير لم تشمله النية الأخيرة وهو لم يرتفع عنه الحدث قبل ذلك فكأن النية التي خصه بها كالعدم فلا يصح وضوؤه بناء على أن الحدث لا يرتفع إلا بكمال الطهارة وليس معنى المصنف ما يعطيه ظاهره من أنه قال ربع نيتي لوجهي وربعها ليدي وربعها لرأسي وربعها لرجلي فإن وضوءه في هذه يجزيه لأن النية الواحدة لا تتجزأ ولكن أخطأ في تجزئتها وقد يقال إنه من إخراج الأمور الشرعية عن موضوعاتها فقياسه أن لا تجزيه أيضًا (والأظهر في الأخير الصحة) بناء على أن كل عضو
ــ
البطلان في هذا من جهة تردد النية كما في ح عن سند (أو ترك لمعة فانغسلت بنية الفضل) قول ز وأما على ما يفيده سند من أنه لا يعمل بها وإن وجدت الخ يعني أن سندًا يقول إنه وإن نوى بما بعد الأولى الفضيلة ومع ذلك فلا يعمل بنية الفضيلة إلا إذا عمت الأولى فعند سند نية الفضيلة غير معتبرة وإن وجدت وهذا خلاف ما نقله عنه ح عند قول المصنف وشفع غسله وتثليثه ونص ما نقل عنه لو غسل وجهه ثلاثًا وترك منه موضعًا لم يصبه الماء إلا في الثالثة فإن لم يخص الثالثة بنية الفضيلة أجزأه ثم قال وإن خص الثانية بنية الفضيلة فيجري على الخلاف في طهارة المجدد اهـ.
فهذا صريح في أنه يعتبر نية الفضيلة كغيره فتأمله (أو فرق النية على الأعضاء) قول ز غسل وجهه بنية رفع الحدث ولا نية له في إتمامه الخ بهذا صور سند محل الخلاف كما في ح وبذلك صوره ابن عرفة وابن مرزوق ثم نقل عن ابن هارون أنه صوره بثلاث صور:
إحداها: أن ينوي عند الوجه ثم عند اليدين وهذا تجديد للنية لا تفريق.
ثانيتها: أن ينوي الوجه ويخرج ما عداه قال ابن مرزوق وهذا لا يجزيه لأنه تلاعب.
ثالثتها: أن يجزيء النية أربعًا ابن مرزوق وهذا تلاعب أيضًا لأن ربع النية لا يرفع الحدث في اعتقاد المتوضئ انظر تمام كلامه (والأظهر في الأخير الصحة) هذا مشكل إذ ابن
طهر ارتفع عنه الحدث بانفراده والصحيح ما صدر به واستشكل كل من القولين اللذين بنيا عليهما فالأول وهو أنه لا يرتفع إلا بكمال الطهارة بلزوم عدم تأثير الحدث في أثنائها لأنه إذا لم تحصل فلا معنى لنقضها فإذا توضأ ثم بال بعد غسل الرجل اليمنى لم يلزمه غير غسل اليسرى وذلك باطل ولم يجب عنه وقد يجاب بأن معناه لا يتحقق رفعه إلا بكمالها فالرفع حاصل قبل كمالها ولكن لم يتحقق إذ يحتمل زواله بالحدث قبل الكمال واستشكل ابن العربي الثاني بلزوم جواز مس المصحف لمن غسل وجهه ويديه فقط في الوضوء وهو خلاف الإجماع وأجاب ابن عرفة بأنه لا يلزم إذ إنما يعرف أن كل عضو طهر بانفراده بتمام الطهارة فإتمامها كاشف بأن العضو قد طهر ولا يمس المصحف قبل تبين المكاشف قال بعض حذاق تلامذته لا يخفى عليك ما في هذا الجواب من التكلف ثم هو غير سديد لأن القائل بذلك يرى أن العضو بنفس الفراغ منه طهر بدون انتظار شيء ولذا أجروا عليه صحة تفريق النية على الأعضاء أي على ما استظهره ابن رشد من قول ابن القاسم وإن كان ضعيفًا كما مر واحتجوا له بحديث إذا توضأ العبد فغسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه الحديث لأن خروج الخطايا إنما يكون بعد طهارته في نفسه دون نظر إلى شيء وعلى كلامه يلزم أن لا تخرج خطايا الوجه إلا بتمام وضوئه وأبين من جوابه أن المشترط في مس المصحف ليس طهارة العضو بل طهارة الشخص لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} [الواقعة: 79] فالعضو قد طهر بالفراغ منه ولا يمس المصحف حتى يطهر الشخص وبنحو هذا الجواب
ــ
رشد لم يستظهر في مسألة التفريق شيئًا أصلًا ولم يتكلم عليها وإنما استظهر قول ابن القاسم يرفع الحدث عن كل عضو بانفراده ولما بنى ابن الحاجب الأجزاء في التفريق على هذا القول الذي استظهره ابن رشد نسب له المصنف الاستظهار في التفريق وهو غير ظاهر إذ قد لا يسلم ابن رشد التفريع المذكور لجواز أن يقول إن رفع الحدث عن كل عضو بانفراده مشروط عنده بتقدم نية الوضوء بتمامه ونص ابن الحاجب لو فرق النية على الأعضاء فقولان بناء على رفع الحدث عن كل عضو أو بالإكمال اهـ.
قال في ضيح فإن غسل الوجه ففي قول يرتفع حدثه وفي قول لا يرتفع حدثه إلا بعد غسل الرجلين قال في البيان والأول قول ابن القاسم في سماع عيسى عنه والثاني لسحنون قال والأول أظهر انظر تمامه والله تعالى أعلم وقول ز وقد يجاب بأن معناه لا يتحقق الرفع إلا بعد كمالها الخ هذا الجواب فيه نظر لأن فيه رجوعًا إلى القول الثاني فتأمله والظاهر في الجواب أن الحدث من موانع الوضوء فوقوعه في أثنائه يمنع صحة ما فعل قبله وإن لم يرتفع الحدث ولا يسمى حينئذ ناقضًا وقول ز لأن خروج الخطايا إنما يكون بعد طهارته في نفسه الخ فيه نظر وقد رد في التوضيح الاحتجاج بهذا الحديث فقال تمنع ارتفاع الخطايا بارتفاع الحدث بل لأجل الغسل لأن الغسل فعله فيجازى عليه وأما رفع الحدث فليس من فعله اهـ.
أجاب ابن عطية والقرافي (وعزو بها) أي النية أي انقطاعها والذهول عنها (بعده) أي الوجه أي بعد وقوعها في محلها مغتفر لمشقة استصحابها وإن كان هو الأصل (ورفضها) بعد الفراغ منه (مغتقر) ولا يغتفر في الأثناء على الراجح وإن كان ظاهر المصنف اغتفاره لتقديمه بعده على رفضها وعلى ظاهره قرره بعض الشراح ود ويحمل كلامهما على ما إذا رجع وكمله بنية رفع الحدث بالقرب لا إن لم يكمله أو كمله بنية التبرد أو بعد طول والرفض لغة الترك والمراد به هنا تقدير ما وجد من العبادة كالعدم والحج والغسل كالوضوء بخلاف الصوم والصلاة فيبطلان برفضهما في الأثناء قطعًا وفيما بعد الفراغ قولان مرجحان وانظر في التيمم والاعتكاف هل يرتفضان أم لا والفرق بين الوضوء والحج وبين الصلاة إن الوضوء معقول المعنى ولذا قيل بعدم إيجاب النية فيه والحج محتو على عمل مالي وبدلي فلم تتأكد فيه النية وللمشقة فيه على تقدير رفضه ولاستواء صحيحه وفاسده في وجوب التمادي فيه (وفي تقدمها) عن محلها وهو الوجه (بيسير) كنيته عند خروجه من بيته إلى حمام مثل المدينة المنورة لأن مالكًا حده كذلك وهو بالمدينة فما أشبهها من قرية صغيرة كذلك (خلاف) فإن تقدمت بكثير فلا خلاف في عدم الإجزاء كان تأخرت عن محلها لخلو المفعول عن النية (وسننه غسل يديه) الطاهرتين ولو جنبًا أو مجددًا توضأ من نهر أو إناء أو حوض أو منتبهًا من نوم ليل أو نهار (أولًا) أي قبل فعل شيء من أفعال الوضوء ويحتمل قبل إدخالهما في الإناء كما في عبارة غيره وعلى هذا فهو من جملة ما تتوقف عليه السنة لكن إن كان الماء قدر آنية وضوء وغسل وأمكن الإفراغ عليهما منه وإلا أدخلهما فيه إن كانتا طاهرتين أو مشكوكًا فيهما وكذا إن
ــ
(وعزوبها بعده) اغتفار عزوبها مقيد بما إذا لم يأت بنية مضادة لقول ابن عبد السلام الانسحاب في النية إنما يجزى إذا لم تقم في المحل نية مضادة له اهـ.
أي كنية الفضيلة ومقيد أيضًا بما إذا لم يعتقد في الأثناء انقضاء الطهارة وكمالها ويكون قد ترك بعضها ثم يأتي به من غير نية فلا يجزى كما مر في قوله وبنى بنية الخ وقول ز ويحمل كلامهما الخ هذا الحمل متعين وهو موضوع الخلاف في الرفض الواقع في الأثناء لأنه إذا لم يكمله أو كمله بنية أخرى أو بعد طول لا يختلف في بطلان فتأمله (وفي تقدمها بيسير خلاف) قول ز لأن مالكًا حده بذلك الخ فيه نظر إذ لم نر من نقل عن مالك رحمه الله تعالى في شيئًا وإنما نقلها ابن عرفة وضيح وق وح عن ابن القاسم وليس في كلامهم تحديد ونص ذلك ابن عرفة وفي عفو يسير الفصل نقلا ابن رشد والمازري مصححًا الثاني وسمع يحيى ابن القاسم من أتى الحمام لغسل جنابته أو أمر أهله بوضع ماء غسل جنابته أو ذهب للنهر لغسل جنابته فاغتسل ناسيًا جنابته أجزأه سحنون يجزي في النهر لا في الحمام اهـ.
والقولان شهر المازري وابن بزيزة منهما عدم الإجزاء وكذا الشبيبي وشهر ابن رشد وابن عبد السلام والجزولي الإجزاء بناء على أن ما قرب من الشيء يعطى حكمه ولذا عبر المصنف رحمه الله تعالى بخلاف (وسننه غسل يديه أولًا) قول ز وعلى هذا فهو من جملة ما
كانتا متنجستين وكان لا يتنجس منهما وهل ولو أمكنه التحيل على الماء بفمه أو كمه وهو ظاهر الباجي أو مع عدم إمكان التحيل وإلا قدمه وهو ظاهر ابن رشد ويمكن حمل ما للباجي عليه وإن كان يتنجس منهما تحيل إن أمكن وإلا تركه وتيمم لأنه كعادم الماء وأما إن كان الماء جاريًا مطلقًا أو كثيرًا فلا تتوقف السنة على غسلهما قبل إدخالهما فيه (ثلاثًا) من تمام السنة كما هو ظاهره كغيره ونحوه لد وذكر أبو الحسن على الرسالة أن السنة هي الأولى فقط وهو ظاهر قوله وشفع غسله وتثليثه (تعبدًا) وفرع عليه قوله: (بمطلق ونية ولو نظيفتين أو أحدث في أثنائه) عطف على عامل نظيفتين وهو كان المحذوفة مع اسمها بعد لو فليس فيه عطف فعل على اسم لا يشبه الفعل الذي هو نظيفتين كما فهم البساطي فاعترض (مفترقتين) ليس من تمام السنة بل مستحب على المنصوص واستشكل جعل أولًا مما تتوقف عليه السنة مع جعل ترتيب السنن في أنفسها أو مع الفرائض مستحبًّا فإذا تمضمض أولًا ثم غسل يديه فإنه مستحب والجواب إن الترتيب والتنكيس إنما يكون بعد تحقق سنتين أو أكثر وهنا إنما تحققت واحدة فهو كمن ترك غسل اليدين وتمضمض (ومضمضة) بنية وهي لغة التحريك واصطلاحًا قال عياض إدخال الماء فاه وخضخضته ومجه قال شارحه لفظ إدخال يقتضي إنه لا بد من تسبب في إدخاله فإن دخل من غير سبب فاعل لم تعد مضمضة قاله د فلو ابتلعه لم يكن آتيًا بالسنة على الراجح من القولين وكذا إن فتح فاه ونزل منه من غير مج فيما يظهر وفي المدخل لا يصوت بمجه كما لا يصوت بمضغ الأكل فإن ذلك بدعة اهـ.
ــ
تتوقف عليه السنة الخ في ح عن الشيخ يوسف بن عمر ما نصه قوله قبل دخولهما في الإناء غير مقصود والمقصود غسلهما عند ابتداء الوضوء توضأ من الإناء أو النهر اهـ.
وهو الظاهر وقول ز تحيل إن أمكن الخ أي إن أمكن أن يتوصل إلى الماء أي بأن ينقله بفيه أو ثوبه ولا يقال نقله بفيه يضيفه لأنا نقول وإن أضافه لكنه ينفعه في إزالة عين النجاسة به أولًا من يديه قاله ابن رشد (ثلاثًا) قول ز وذكر أبو الحسن في شرح الرسالة الخ فيه نظر بل ما لم يذكر أبو الحسن ذلك إلا في المضمضة والاستنشاق فانظره (تعبدًا) هذا مذهب ابن القاسم وقال أشهب معقول المعنى واحتج بحديث إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه ثلاثًا قبل أن يدخلهما في إنائه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده فتعليله بالشك دليل على إنه معقول المعنى واحتج ابن القاسم للتعبد بالتحديد بالثلاث إذ لا معنى له إلا ذلك وحملها أشهب على أنها للمبالغة في النظافة ذكره ابن فرحون فهما متفقان على التثليث خلافًا لقول تت تبعًا للبساطي أنه مبني على التعبد ولاتفاقهما عليه وعدم بنائه على الخلاف قدم المصنف ثلاثًا على تعبد أو أخّر عنه ما ينبني على الخلاف (مفترقتين) هذا على رواية أشهب عن مالك وقال ابن القاسم يغسلهما مجموعتين وقد صرح الأئمة بأن غسلهما مفترقتين مبني على قول ابن القاسم بالتعبد وهو ظاهر المصنف فيكون ابن القاسم خالف أصله وأجاب ابن مرزوق بأن غسلهما مجتمعتين لا ينافي التعبد وهو ظاهر وأما غسلهما مفترقتين فإنه يناسب التعبد ولكن ليس قولًا لأشهب إنما هو رواية عن مالك رحمه الله تعالى كما مر (ومضمضة) قول ز فلو ابتلعه لم يكن آتيًا بالسنة
(واستنشاق) بنية أيضًا وهو لغة التنشق وهو الشم وشرعًا جذب الماء بنفسه وأما رد مسح الرأس ومسح الأذنين فلا يفتقران لنية ونية الفرض تتضمن نيتهما لوقوعهما بعده دون الثلاثة لوقوعها قبله ويجري في المضمضة والاستنشاق أنه يفعلهما ولو أحدث في أثنائه ويأتي فيهما وفي اليدين وهل تكره الرابعة أو تمنع خلاف وإن كلًّا من الثانية والثالثة فيهما مستحب (وبالغ مفطر) ندبًا فيهما كذا للشرح ومن تبعه وفي مق وق اختصاص ذلك بالاستنشاق لا صائم فتكره كما في الذخيرة (وفعلهما بست أفضل) يصدق بفعل ثلاثة المضمضة متوالية وثلاثة الاستنشاق كذلك بعدها وبفعل المضمضة مرة ثم الاستنشاق مرة وهكذا إلى تمام الست لهما وبفعل المضمضة مرة والاستنشاق مرتين وهكذا وبغير ذلك والأولى أفضل عند بعض لحصول الموالاة فيها وما عداها مستو فيما يظهر هذا والذي جزم به ابن رشد بل ظاهره أنه متفق عليه أن الأفضل فعلهما بثلاث غرفات يفعلهما بكل غرفة منها وإن فعلهما بست من الصور الجائزة انظر ح وجازا أو إحداهما بغرفة ونبّه على ذلك ليفيد أن أفضل ليس أفعل تفضيل حتى يقتضي إن غيره فيه فضيلة وإنما معناه الندب ولما كان يتوهم أن مخالفة المندوب خلاف الأولى أو مكروه نبه على الجواز ثم المراد به الكفاية في تحصيل السنة فلا يقال كيف يعبر عن السنة بالجواز وذكر الضمير في الفعل العائد على المؤنث والمذكر تغليبًا له على المؤنث أو باعتبار أنهما عضوان وأنث في قوله أو إحداهما باعتبار أن كلا منهما فعلة أي سنة أي إحدى السنتين (واستنثار) وهو طرح الماء من الأنف واضعًا إصبعيه السبابة والإبهام من اليد اليسرى عليه عند نثره ماسكًا له من أعلاه لأنه أبلغ في النظافة وفي طرح ما هنالك وأنكر مالك في المجموعة أن يستنثر من غير أن يضع يده على أنفه فوضع إصبعيه من تمام السنة ونحوه للشاذلي على الرسالة وقيل مستحب (ومسح وجهي كل أذن) أي ظاهرهما وباطنهما ففيه تغليب الوجه على
ــ
على الراجح من قولين الخ انظره مع قول ح يظهر من كلام الفاكهاني ترجيح الاكتفاء بذلك وذكر زروق عن القوري أنه كان يأخذ عدم اشتراط المج من قول المازري رأيت شيخنا يتوضأ في صحن المسجد فلعله كان يبتلع المضمضة حتى سمعته منه اهـ.
قال ح وإذا قلنا إن الظاهر إجزاء الابتلاع فكذلك يكون الظاهر من القولين في إرسال الماء بلا دفع الإجزاء اهـ.
(وبالغ مفطر) قول ز اختصاص ذلك بالاستنشاق الخ كلام الذخيرة على نقل ح ليس خاصًّا بالاستنشاق بل فيه وفي المضمضة ونصه يعني أن المتوضئ يبالغ في المضمضة والاستنشاق إذا كان غير صائم قال في الذخيرة تستحب المبالغة فيهما ما لم يكن صائمًا اهـ.
وقول ز ليفيد أن أفضل ليس أفعل تفضيل لا يخفى ما في هذا الكلام من الركاكة فإن الندب يستلزم زيادة الفضل وهو معنى التفضيل والجواز في كلام المصنف على معنى خلاف الأولى قطعًا إذ هو مقابل الندب فتأمله (ومسح وجهي كل أذن) قول ز لئلا يتوالى تثنيتان لو
الباطن وذكر كل لئلا يتوالى تثنيتان لو قال وجهي أذنين قال البرموني ولم يذكر مسح الصماخين مع أنه سنة اتفاقًا كما في ق اهـ.
ودعوى د شمول المصنف له فيه خفاء كما قال عج وأيضًا فصريحه أنه من تمام سنة مسح الأذنين وفيه نظر فإن مفاد ق أنه سنة مستقلة زائدة على مسح وجهي كل أذن (وتجديد مائهما) عند ابن رشد وعبد الوهاب وظاهر ابن الحاجب أن المسح والتجديد سنة واحدة وعليه الأكثر قاله تت (ورد مسح رأسه) وإن لم يكن عليه شعر كما يفيده الفاكهاني وجعل من لا شعر له تبعًا لذي الشعر ونقل الأبي عن النووي أن من لا شعر له يستحب له الرد فإنه لا فائدة فيه اهـ.
واقتصر عليه ونفى الاستحباب يدل على أن الرد عندهم مستحب خلاف مذهبنا قاله د لكنهم لا يفرقون بين المستحب والسنة ثم رد مسح رأسه ولو طويلًا إنما يكون بعد تعميمه بالمسح فمن طال شعره بحيث لا يعم مسحه إلا بإدخال يديه تحته في رد المسح يسن في حقه إذا عمم المسح أن يرد ومحل كون الرد سنة حيث بقي بيده بلل من المسح الواجب وإلا لم يسن وانظر إذا بقي بلل بيده يكفي بعض الرد هل يسن بقدر البلل فقط أو يسقط الرد والأول هو الظاهر لخبر إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (وترتيب فرائضه فيعاد) استنانًا لتحصل السنة الفرض (المنكس) لا السنة المنكسة وهو المقدم عن موضعه المشروع له ولو حكمًا من عضو أو بعضه كمن غسل يديه لكوعيه أول وضوئه بقصد الفريضة ثم لم يعدهما في غسل اليدين بعد غسل وجهه واقتصر على الذراعين فالكفان فقط منكسان وقولي ولو حكمًا ليدخل غسل بعض الأعضاء مع بعض كما لو وضأه أربعة معًا في أربعة الأعضاء بلا ترتيب لأنه تنكيس حكمًا وتنظير البساطي في مغنيه في كون هذه تنكيسًا بوقوعها دفعة يرد لجعل الشرع مرتبة اليدين بعد الوجه فغسلهما معه تقديم لهما عن محلهما شرعًا وكذا الرأس والرجلان على أنه قد يدعي أن التنكيس في مثل ذلك حقيقي ويعيده مرة (وحده) بدون تابعه لعسر الإعادة (إن بعد) أي طال ما بين تركه وتذكره وبينه بقوله: (بجفاف) للغسلة الأخيرة من العضو الأخير ويعتبر اعتدال العضو والزمن
ــ
قال وجهي أذنين الخ وأيضًا لو قال كذلك لم يتناول مسح باطنهما وقول ز فإن مفاد ق أنه سنة مستقلة الخ صحيح لأن في ق ما نصه اللخمي مسح الصماخين سنة اتفاقا ابن يونس مسح داخل الأذنين سنة ومسح ظاهرهما قيل فرض والظاهر من قول مالك إنه سنة اهـ.
فهذا صريح في أن مسبح الصماخين سنة مستقلة (وترتيب فرائضه) قول ز ويعيده مرة وحده الخ فرق بين القرب فيعاد المنكس ثلاثًا وبين البعد فيعاد مرة وتبع عج في ذلك قال عج لأن حالة القرب مظنة تيسر الإعادة اهـ.
قال طفى ولم أره لغيره وقد قال أولًا لا معنى لإعادته ثلاثًا وقد غسله أولًا ثلاثًا وهو غسل صحيح وإنما أعيد لأجل تحصيل السنة فقط ولذا قال طخ وس يعاد المنكس مرة مرة اهـ.
والمكان وظاهره كما في تت نكس عامدًا أو ساهيًا وليس كذلك بل محل إعادته مع البعد إن نكس ناسيًا فإن نكس عامدًا أعاد الوضوء ندبًا كما نقل ابن زرقون عن المدونة وهو قول ابن القاسم فيها وفي المقدمات لا يعيده ولا الصلاة وعزاه لمالك في المدونة ونقل ق إنه يعيد الوضوء والصلاة أبدًا أي ندبًا في الوقت وغيره (وإلا) يحصل البعد المذكور أعاد المنكس استنانًا ثلاثًا (مع تابعه) شرعًا لا فعلًا ندبًا مرة مرة ليسارة ذلك مع القرب وسواء في هذا القسم الذي هو القرب نكس ناسيًا أو عامدًا أو محل الطلب في القسمين إذا أراد مجرد البقاء على الطهارة أو ليفعل بها ما يتوقف عليها فأما إذا أراد نقضها فلا يؤمر بإعادة ما ذكر لأن الوسيلة إذا لم يترتب عليها مقصدها لا تشرع ومن صور التنكيس غسل وجهه أولًا ثم مسح رأسه ثم غسل رجليه ثم غسل ذراعيه فالمقدم عن محله الرأس والرجلان فيطلب بإعادتهما دون اليدين لأنه لما فعلهما آخرًا فكأنه فعلهما بعد الوجه ويعيد الرأس والرجلين سواء قدم مسح الرأس ثانيًا على الرجلين أو عكس فلا يشترط الترتيب بينهما حال الإعادة لوقوعه بينهما حال التنكيس ولما كان حكم المنسي عند ابن القاسم حكم المنكس كما قدمنا أتبعه به فقال: (ومن ترك) تحقيقًا أو ظنًّا كشك لغير مستنكح وإلا لم يعمل به (فرضًا) مغسولًا أو ممسوحًا عضوًا أو لمعة من فرائض الوضوء ومثله الغسل غير النية أما هي فيهما فإن تركها أو شك في تركها أعاد الوضوء مطلقًا (أتى به) وجوبًا بنية إكمال الوضوء (وبالصلاة) المفعولة قبل إتيانه فيعيدها بعد إتيانه به إن تركه ناسيًا مطلقًا كعامد أو عاجز لم يطل بغير نية فيهما فإن طال ابتدأ الوضوء وجوبًا كما إذا طال تذكره بعد نسيانه وندب إتيانه بما بعده في الأحوال الثلاثة المتقدمة إن كان عن قرب فإن بعد أتى به وحده في النسيان وبطل في العمد والعجز كما علمت وأهمل المصنف إعادة ما بعده على نحو ما ذكرنا وصرح به في الرسالة ويأتي به هو فيما لا بطلان فيه ثلاثًا وبما بعده مرة مرة إن كان قد فعله أولًا مرتين أو ثلاثًا وإلا فيما يكمل الثلاث ولا يقال إذا كان فعل ما بعده ثلاثًا ففعله الآن مرة مرة يدخل في وهل تكره الرابعة أو تمنع لأنا نقول محل الخلاف حيث لا يطلب بها لأجل الترتيب وهذا طلب بها لأجله (و) من ترك تحقيقًا أو ظنًّا أو شكًّا لغير المستنكح (سنة) غير ترتيبه وغير نائب عنها غيرها وغير مستلزمة لمكروه سواء كان الترك عمدًا أو سهوًا وطال الترك فيهما فليس عموم سنة مرادًا بل قاصرًا على المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين (فعلها) فقط دون ما بعدها سواء بعد الترك أو قرب لندب الترتيب بين السنن وبينها وبين الفرائض ويفعلها استنانًا قاله صر كما في د وقال عج ندبًا (لما يستقبل) من الصلوات
ــ
وقول ز وظاهره كما في تت نكس عامدًا أو ساهيًا وليس كذلك الخ فيه نظر بل في تت هو الذي نسبه ابن رشد للمدوّنة وقال ابن راشد إنه الأصح انظر ح وقول ز وفي المقدمات لا يعيده يعني بل يعيد المنكس وحده كما قال المصنف رحمه الله تعالى فما قاله تت موافق لما عزاه ابن رشد للمدوّنة كما قلناه (وسنة فعلها لما يستقبل) قول ز وكذا تجديد ماء الأذنين الخ
كذا ذكره من رأيت من الشراح وبه صرح في الرسالة والعزية ويظهر أن ما توقف على الطهارة كطواف ومس مصحف كذلك ولا يؤمر بفعلها إذا أراد البقاء على وضوئه فقط أو مع قراءة القران متوضئًا بغير مصحف وندب له إعادة الصلاة في الوقت إن تعمد الترك على المعتمد وهو قول ابن القاسم في سماع يحيى وقال البساطي في مغنيه إنه المشهور وعليه اقتصر ابن الحاجب وقول الرسالة ولم يعد ما صلى يحمل على ما إذا كان الترك سهوًا وقولنا قاصر على المضمضة الخ أي وأما سنة الترتيب فقدمها مع ما يتعلق بإعادة ما بعدها فلا تدخل في كلامه هنا خلافًا لد وأما سنة غسل يديه لكوعيه فقد ناب عنها الفرض وهو غسلهما بمرفقيه وأما سنة رد المسح فلا لأن فعلها يؤدي لتكرار مسح الرأس فرضًا وهو مكروه وكذا تجديد ماء الأذنين والاستنثار وقولنا وطال الترك احترازًا عما إذا ذكر المضمضة أو الاستنشاق بعد شروعه في غسل وجهه أو بعد تمامه فإن كان الترك نسيانًا تمادى وأتى بهما بعد تمام الوضوء قاله الشبيبي والبرزلي وأفتى أبو يعقوب الزعبي برجوعه لفعل ما تركه فأنكر عليه فتواه لفتوى من ذكر بخلافه وأوقف على نص الموطأ فتمادى على فتواه وإن كان الترك عمدًا رجع لفعل ما تركه قبل تمام وضوئه قطعًا ولم يعد غسل وجهه قاله ابن ناجي وقول المصنف فعلها أحسن من قول غيره أعادها وإن أجيب عنه بأن العود قد يطلق على ما ليس له ابتداء ولا سبق لحديث الجهنميين عادوا حممًا ولم يكونوا قبل ذلك اهـ.
(وفضائله) أي مستحباته (موضع طاهر) بالفعل وشأنه الطهارة كما في د فيخرج محل الخلاء فيكره الوضوء به ولو طاهرًا (وقلة ماء) الأولى تقليل لأنه الفعل المندوب ولا تكليف إلا بفعل ولأن عبارته ربما توهم أن الوضوء في الماء الكثير كالبحر مكروه وإن
ــ
انظره مع أن الذي في ح أن التجديد بفعل ونقل عن ابن شعبان ما نصه فمن مسحهما أي الأذنين مع رأسه أو تركهما عمدًا أو سهوًا لم يعد صلاته إلا أنا نأمره بالمسح لما يستقبل ونعظه في العمد لذلك اهـ.
وقول ز وأفتى أبو يعقوب الزعبي الخ الذي في ح عن ابن ناجي شيخنا أبو يوسف الزعبي فقوله أبو يعقوب سهو وقول ز وأوقف على نص الموطأ فتمادى على فتواه أي لموافقته لها ونص الموطأ سئل مالك عن رجل توضأ فنسي وغسل وجهه قبل أن يتمضمض قال فليتمضمض ولا يعيد غسل وجهه اهـ.
قال ابن ناجي وحمل يعني البرزلي قول مالك في الموطأ برجوعه على غير السهو اهـ.
قلت قول الموطأ فنسي الخ صريح في رد ما للبرزلي والله تعالى أعلم. (وقلة ماء بلا حد) قول ز أي بمقدار ما يبلغه وزن مد من الطعام الخ يعني بأن يأخذ من الطعام وهو الشعير الوسط المقطوع الذنب وزن رطل وثلث وهو المد ويضعه في إناء ويأخذ من الماء القدر الذي يشغل من ذلك الإناء قدر ما شغله ذلك الطعام منه فهذا هو المد من الماء
قلل الأخذ منه مع أنه غير مراد قطعًا فالمراد التقليل وإن توضأ بجانب نهر ويجاب عنه بأن المراد قلة ما يتوضأ به وإن كان بجانب نهر (بلا حد) بمد ونحوه (كالغسل) وقول الرسالة وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمد واغتسل بصاع بيان لفعله عليه الصلاة والسلام لا تحديد ابن العربي قولها بمد أي بكيل مد لا بوزنه وقال زروق قوله بمد أي بمقدار ما يبلغه وزن مد من الطعام لا بمقدار ما يبلغه وزن مد من الماء إذ ما يبلغه وزن مد من الماء دون ما يبلغه وزن مد من الطعام فإذا وزن مد من الطعام ووضع في آنية فإنه يشغل منها أكثر ما يشغله وزن المد من الماء إذا وضع في الآنية المذكورة فالمراد بالمد القدر من الماء الذي يبلغ من الآنية بقدر ما يبلغ المد من الطعام منها اهـ.
وأشار بقوله بلا حد لرد التحديد المذكور ولرد قول من قال لا بد وأن يسيل أو يقطر عن العضو فإن مالكًا أنكر ذلك ابن راشد أي أنكر السيلان عن العضو فهو غير مطلوب وأما السيلان عليه فلا بد منه لأنه لا بد من إيعاب الماء البشرة وإلا كان مسحًا (وتيمن أعضاء) في اليدين والرجلين لا الخدين والأذنين والصدغين والفودين وهما جانبا الرأس تثنية فود بفتح الفاء وسكون الواو كما في ح بلا همز لأن هذه الأعضاء لا تفاوت بين يمينها وضده في المنفعة بخلاف اليدين ففي يمناهما من وفور الخلق صلاحية للأعمال ما ليس لليسرى حتى يضيق الخاتم بإصبع اليمنى دون اليسرى كما في تت قال ح والظاهر إن الأعسر يقدم اليمين اهـ.
ــ
وهذا هو مراد ابن العربي والله تعالى أعلم (وتيمن أعضاء) قول ز لأن هذه الأعضاء لا تفاوت بين يمينها وضده الخ هذا التعليل أصله للقرافي واعترض بأنه وإن كان ظاهرًا في اليدين والرجلين فإنه لا يظهر في غيرهما مما يستحب فيه التيمن مع عموم استحباب التيمن ففي الحديث كان يحب التيمن في شأنه كله وفي الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ في الاكتحال بالعين اليمنى وقال العلماء إنه يبدأ في حلق الرأس بالجانب الأيمن ويأتي في السواك يندب البدء بالجانب الأيمن من فمه فهذا كله يبطل ما علّل به القرافي لفقد العلة المذكورة في ذلك والحق في التعليل ما في ق عند قوله والمنزل يمناه بهما ونصه في صحيح مسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في شأنه كله في نعله وترجله وطهوره قيل تبركًا باسم اليمن وبما في معناه من اليمن اهـ.
فإن قلت هذا يقتضي استحباب التيمن في الأذنين والفودين قلت أجيب بأن استحباب التيمن فيما يمكن فيه وهو ما يفعل على التعاقب وأما الأذنان في الوضوء وكذا الفودان فإن المسح فيهما يقع في مرة واحدة ولهذا قالوا في صفة الغسل من الجنابة يغسل الأذن اليمنى قبل اليسرى لعدم تأتي غسلهما دفعة واحدة وفي شرح الشمائل لابن حجر ومن زعم أن تقديم اليمنى إنما هو لكونها أقوى من اليسار فقد أخرج الأمر إلى أنه إرشادي لا شرعي وهو باطل مخالف للسنة وكلام الأئمة اهـ.
وكذا الأضبط قياسًا على ما يأتي قريبًا (و) تيمن (إناء) أي وندب جعله جهة اليد اليمنى (إن فتح) وهذا في الذي يفعل بيديه على المعتاد أو الأضبط وأما الأعسر فيضعه على يساره قاله عج ولم يخير الأضبط مع استوائهما لأن الأصل الغالب في الشرع تقديم اليمنى عند فتح الإناء فألحق النادر بالغالب (وبدء بمقدم رأسه) وكذا يندب في سائر الأعضاء البدء بأولها فمن بدأ بمؤخر الرأس وبالذقن أو بالمرفقين أو بالكعبين وعظ وقبح عليه إن كان عالمًا وعلم الجاهل (وشفع غسله وتثليثه) بعد تتميم الفرض والمتبادر منه أنهما مستحبان وشهره ابن ناجي ويحتمل أنهما مستحب واحد وشهره في توضيحه أما لعدم اطلاعه على ما شهره ابن ناجي وإلا لحكى الخلاف في التشهير وأما لعدم ارتضائه انظر تت لكن ينبغي التعويل على الأول لتبادره من المصنف كما علمت ويدخل في هذا المضمضة والاستنشاق فالأولى منهما سنة والثانية والثالثة مستحبان ولا بد أن يفعل الثانية والثالثة من جميع ما ذكر كما يفعل في غسل الفرض من ذلك وتخليل أصابع يديه ورجليه وإلا لم يكن آتيًا بالمندوب (وهل الرجلان كذلك) أي كيفية الأعضاء يندب فيهما الشفع والتثليث وهو الذي عليه الأكثر والثابت في الصحيح وما ورد مطلقًا يرد إليه وهو المشهور فالأولى الاقتصار عليه (أو المطلوب) أي الواجب فيهما (الإنقاء) من الوسخ ولو زاد على الثلاث لأنهما محل الإقذار غالبًا ولا يندب فيهما شفع ولا تثليث خلاف وأشعر قوله الإنقاء إن الخلاف في غير النقيتين وعليه اقتصر الشيخ سالم وأما النقيتان فكسائر الأعضاء اتفاقًا كما قاله ابن عرفة عن المازري وبعضهم جعل الخلاف في النقيتين وعليه فأراد بقوله أو المطلوب الإنقاء أنه لا يطلب شفع ولا تثليث وإنما الواجب فيهما فصلة واحدة تعمهما إرادة مجازية (وهل تكره) الغسلة (الرابعة) المأتي بها عقب الثالثة أو قبل الصلاة بذلك وهو نقل ابن رشد (أو تمنع) وهو نقل اللخمي وغيره عن المذهب (خلاف) محله إن لم
ــ
ملخصًا مما قيده بعض الشيوخ (وإناء إن فتح) مفهومه ما في ق عن عياض اختار أهل العلم ما ضاق عن إدخال اليد فيه وضعه عن اليسار اهـ.
(وبدء بمقدم رأسه) إنما خص الرأس بالذكر مع أن غيره كذلك اهتمامًا به لما فيه من الخلاف ففي ضيح ما نصه وفي المذهب قول إنه يبدأ من مؤخر الرأس وقول إنه يبدأ من وسطه ثم يذهب إلى حد منابت شعره مما يلي الوجه ثم يردهما إلى قفاه ثم يردهما إلى حيث بدأ اهـ.
وأما غيره من الأعضاء فلم أر فيه خلافًا (وشفع غسله وتثليثه) قول ز ويحتمل أنهما مستحب واحد وشهره في توضيحه الخ لفظ ضيح المشهور إن الغسلة الثانية والثالثة فضيلة اهـ.
ففهمه ح على أن كل واحدة فضيلة وما فهمه هو الصواب بدليل حكاية ضيح القول الآخر بعده بقيل خلاف ما نسبه إليه ونحو ما في ضيح لابن فرحون وقال ابن عبد السلام المشهور أنهما فضيلتان اهـ.
(أو المطلوب الإنقاء) قول ز من الوسخ الخ يعني الحائل الذي يطلب إزالته في الوضوء
يفعلها لتبرد أو تدف أو تنظف فإن فعلها لذلك فلا كراهة ولا منع وهذا الخلاف جار في الوضوء المجدد قبل فعل شيء بالأول مما يتوقف على الطهارة كالصلاة إلا أن يكون حصل بالمجدد تمام تثليث الأول فلا منع ولا كراهة قال د ولو قال المصنف الزائدة بدل الرابعة لكان أحسن لشموله لما زاد على الرابعة أيضًا مع أنه مثله في الاختصار اهـ.
أي لأنه ربما يتوهم من عبارته منع الخامسة اتفاقًا وخلاف محذوف من المسألة الأولى لدلالة هذه عليه والأنسب في الثانية التعبير بالتردد لأن كلًّا من الشيوخ المذكورين آنفًا نقل ما ذكره على أنه المذهب ولم يحك خلافًا وشهر منه أحد القولين (وترتيب سننه) مع أنفسها ولما كان لا يلزم من ترتيبها في أنفسها ترتيبها مع فرائضه قال: (أو مع فرائضه) إذ المراد بترتيبها مع فرائضه فعلها في المحل الذي يطلب فعلها فيه مع الفرائض فمن بدأ بغسل الوجه ثم غسل يديه لكوعيه ثم أتى بباقي السنن التالية لها على ترتيبها ولكنه قدم مسح أذنيه على مسح رأسه فلم يرتبه مع فرائضه وعطفه بأو لأن كلا مستحب لا أنهما مستحب واحد فمن جمعهما أتى بمستحبين إذ اجتماعهما لا يوجب انحطاطهما عن حالة انفرادهما أي ولا استواءهما (و) ندب (سواك) أي فعله إذ هو يطلق على الفعل وعلى المستاك به ففيه استعمال المشترك في أحد معنييه والمراد الأول بدليل تعليق الحكم به وتصح إرادته أيضًا هنا بتقدير مضاف أي فعل سواك فلو قال واستياك كان أظهر.
تنبيه: في المزهر في النوع الحادي والعشرين مما جاء مضمومًا والعامة تكسره الخوان وقماص الدابة والسواك والعلو والسفل والخوان الطبق إذا كان عليه طعام قاله أبو البقاء اهـ.
ولعل مراده عامة اللغويين وإلا ففي المصباح كغيره سواك ككتاب اهـ.
ويفعل قبل المضمضة ليخرج ماؤها ما حصل به قاله سند وكذا يندب لطهارة ترابية ولصلاة بدونهما عند من يوجبها ولقراءة قرآن وانتباه من نوم وتغير فم بسكوت أو أكل أو شرب أو كثرة كلام ولو بقرآن وأفضله باراك يابسًا أو رطبًا إلا لصائم فيكره نهارًا بأخضر لم يجد له طعمًا وحرم على صائم بجوزة محمرة فإن لم يجد أراكًا فبشيء خشن وندب كون السواك متوسطًا بين الليونة واليبوسة ولا يزيد طوله على شبر فإن زاد ولو قدر إصبع ركب الشيطان على الزائد فقط كما يفيده تت ويحتمل عليه بتمامه وركوبه يحتمل الحقيقة وغيرها كوسوسة لصاحبه وندب كونه باليد اليمنى وجعل الإبهام والخنصر تحته والثلاثة فوقه ولا يقبض عليه أي حال استياكه فقط فيما يظهر لأنه يورث البواسير وكذا النسيان كما للفيشي ويمره على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه وسقف حلقه إمرارًا لطيفًا وندب بدؤه به من الجانب الأيمن من فمه وتسمية في بدئه وكونه عرضًا في الأسنان حتى باطنها كما نص على ندبه المناوي الشافعي مخالفه للشيطان وطولًا في اللسان والحلق قال
ــ
كطين مثلًا أما مطلق الأوساخ الغير الحائلة فلا يطلب إزالتها في الوضوء بهذا قرره الشيخ مس
الترمذي الحكيم وأبلع ريقك من أول ما تستاك فإنه ينفع من الجذام والبرص وكل داء سوى الموت ولا تبلع بعد شيئًا فإنه يورث الوسوسة ولا تمس بالسواك شيئًا فإنه يورث العمي ولا تضع السواك إذا وضعته عرضًا وأنصبه نصبًا فإنه يروى عن سعيد بن جبير أن من وضع سواكه بالأرض فجن فلا يلومن إلا نفسه ولا يستاك بعود رمان أو ريحان لتحريكهما عرق الجذام ولا بقصب لتوليده الأكلة والبرص وكذا قصب الشعير والحلفاء والعود المجهول مخافة أن يكون من المحذر عنه عياض ولا يفعله ذو المروءة بحضرة الناس ولا في المسجد لما فيه من إلقاء ما يستقذر الفاكهاني بشرح العمدة مذهبنا كراهة الاستياك في المسجد خشية أن يخرج من فيه دم ونحوه ما ينزه المسجد عنه نقله الفيشي على العزية والحكمة في مشروعيته تطييب الفم للملائكة الذين معك حافظيك والملك الذي يضع فاه على فيك عند قراءة القرآن ابن عباس وفيه عشر خصال يذهب الحفر ويجلو البصر ويشد اللثة ويطيب الفم وينفي البلغم وتفرح له الملائكة ويرضى الرب ويوافق السنة ويزيد في حسنات الصلاة ويصح الجسد زاد بعضهم ويزيد الحافظ حفظًا وينبت الشعر ويصفي اللون ويزيد في الحسنات إلى السبعين وعن كعب من أحب أن يحبه الله فليكثر من السواك والتخلل فإن الصلاة بهما مائة صلاة أي تخلل الأسنان من أثر الطعام لتأذي الملائكة ببقاياه عند صلاة الإنسان والمائة صلاة منها سبعون بسبب السواك لخبر صلاة بسواك بسبعين صلاة بغيره والثلاثون للتخلل ومن فضائله أنه يسهل طلوع الروح كما في خبر في البدور السافرة وما ذكره المصنف من استحبابه بيان لحكمه الأصلي فلا ينافي أنه تعتريه أحكام ثلاثة غيره الكراهة كسواك صائم نهارًا بعود أخضر والحرمة كسواك بجوزة والوجوب كاستعمال ماله رائحة كريهة تمنع حضور الجمعة وتوقف زوالها عليه وليس فيه قسم جائز مستوى الطرفين وقوله في الصيام وجاز سواك كل النهار أراد به الإذن لا المستوى ثم محل ندبه إن أراد به أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأما إن أراد الفسوق فلا يؤخر أي كتطييب فمه به لما لا يحل (وإن بإصبع) مع المضمضة ليكون ذلك كالدلك ونحوه قول الرسالة وإن استاك بإصبعه فحسن روي بالإفراد أي السبابة وبالتثنية يعني السبابة والإبهام من اليمنى لأنه من العبادات لا من إزالة الأذى وفي الخبر يمنني لوجهي ويساري لما تحت إزاري وظاهر المصنف كالرسالة مساواة الإِصبع لآلة السواك مع وجوده وليس كذلك ففي سماع ابن القاسم فإن لم يجد سواكًا فبإصبعه يجزي وفي التوضيح ما ذكره ابن الحاجب من أرجحية غير الإِصبع عليه هو الذي عند أهل المذهب وظاهر أبي محمَّد إن الإصبع كغيره اهـ.
(كصلاة بعدت منه) أي من الوضوء الذي استاك فيه أو من السواك فيندب إعادته إلا
ــ
كما نقله بعض شيوخنا عنه. (وإن بإصبع) قول ز يميني لوجهي ويساري لما تحت إزاري الخ هذا الحديث ضعيف جدًّا لم يرو إلا من طريق إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى الأسلمي قال
بمسجد أو بحضرة ناس لما مر عياض هو مستحب في كل الأوقات ويتأكد في خمسة عند الوضوء والصلاة وقراءة القرآن واليقظة من النوم وعند تغير الفم بترك الأكل والشرب وبأكل ماله رائحة كريهة وبطول السكوت وكثرة الكلام اهـ.
وظاهر المصنف عدم تأكد ندبه في الأمرين اللذين ذكرهما وهما خلاف ما لعياض (وتسمية) ظاهره كالمدونة الاقتصار على بسم الله ولا يزيد الرحمن الرحيم ونحوه لابن ناجي كأبي الحسن وتت في كبيره وفي صغيره والشاذلي أنهما قولان مستويان ومفاد الفاكهاني وابن المنير أن تمامها أفضل وبقي من فضائله استقبال القبلة والجلوس على مرتفع والصمت إلا عن ذكر الله عن كل عضو قاله د أي على كل عضو وظاهره إن ذكر الله غير المطلوب على الأعضاء لا يندب ومر على اللباب أن من مكروهاته الكلام فيه بغير ذكر الله فمقتضاه عدم كراهة ذكر الله عليه ولو غير متعلق به وما يقال عند فعل كل عضو حديثه ضعيف جدالًا يعمل به فقول الأفقهسي إنه مستحب فيه نظر وفي المنهاج وحديث الأعضاء لا أصل له ويوافقه قول السيوطي العجب ممن عد أدعية الأعضاء من سنن الوضوء اعتمادًا على الأحاديث الموضوعة ولم يعد منها الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ورود ذلك في الحديث أخرج أبو الشيخ في الثواب عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فرغ أحدكم من وضوئه فليقل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ثم يصلي عليّ فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة" اهـ.
لكن الحديث ضعيف كما في فتح الباري وفي "الجامع الكبير" من قال حين يفرغ من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله ثلاث مرات لم يقم حتى تمحى عنه ذنوبه حتى يصير كما ولدته أمه ابن السني عن عثمان وفي أذكار النووي روى النسائي وابن السني بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ فسمعته يقول: اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي فقلت يا رسول الله سمعتك تدعو بكذا وكذا فقال: وهل تركت من شيء ترجم له ابن السني بباب ما يقال بين ظهراني وضوئه وأما النسائي فأدخله في باب ما يقول بعد فراغه من وضوئه وكلاهما محتمل اهـ.
فالأولى قوله فيه وبعده وزاد السيوطي في عمل اليوم والليلة أنه زيد في رواية عقب في رزقي وقنعني بما رزقتني ولا تفتني بما زويت عني (وتشرع) عبّر به ليشمل ما تجب
ــ
الإِمام مالك رضي الله تعالى عنه وهو كذاب خبيث نقله بعض محققي أهل الحديث (وتسمية) قول ز ومفاد الفاكهاني وابن المنير أن تمامها أفضل الخ بل هو صريح كلامهما كما نقله ح ولفظ ابن المنير وفضائله ست البسملة مكملة بخلاف الذبيحة اهـ.
والفاكهاني لما ذكر أنها لا تكمل في الذبح قال بخلاف التسمية عند الأكل والشرب والوضوء والقراءة ونحو ذلك فإنه يقول بسم الله الرحمن الرحيم فإن قال بسم الله خاصة أجزأه اهـ.
فيه أو تسن أو تندب كما نبينه (في غسل وتيمم) ندبًا (وأكل وشرب) استنانًا وعليه حمل قول الرسالة فواجب عليك وأراد ابن الجلاب بقوله: يستحب السنة لأن عادة العراقيين التعبير عنها بالمستحب قاله ابن ناجي وندب زيادة اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وزدنا خيرًا منه وإن كان لبنًا قال وزدنا منه وندب جهر بالتسمية ليتذكر الغافل ويعلم الجاهل وإن نسيها في أوله قال في أثنائه بسم الله في أوله وآخره فإن لم يتذكر حتى فرغ قرأ سورة الإخلاص فإن الشيطان يتقايأ ما أكله (وذكاة) وجوبًا مع الذكر (ولركوب دابة وسفينة ودخول وضده لمنزل ومسجد ولبس) لثوب ونزعه فيما يظهر ندبًا وجاء من لبس ثوبًا جديدًا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (وغلق باب) ندبًا وكذا فتحه فيما يظهر قاله د (وإطفاء مصباح) ندبًا وكذا وقيده فيما يظهر (ووطء) مباح ندبًا لا محرم ومكروه فهل تكره فيهما أو تحرم فيهما أو تحرم في المحرم وتكره في المكروه أقوال ثلاثة ومن أمثلة الوطء المكروه وطء الجنب ثانيًا قبل غسل فرجه ومنه نقض وضوئه المؤدي إلى انتقاله للتيمم على ما يأتي في قوله ومنع مع عدم ماء تقبيل متوضئ وجماع المغتسل أن المنع أريد به الكراهة (وصعود خطيب منبرًا وتغميض ميت و) وضعه في (لحده) وتلاوة ونوم وابتداء طواف وصلاة نافلة ودخول خلاء وخروج منه ولا تشرع في حج وعمرة وأذان وذكر وصلاة ودعاء قاله تت
ــ
وقول ز لكن الحديث ضعيف كما في فتح الباري الخ أغفل ذكر ما في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" اهـ.
وقال الحافظ المنذري رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه وقالا فيحسن الوضوء زاد أبو داود ثم يرفع طرفه إلى السماء ثم يقول الخ ورواه الترمذي كأبي داود وزاد فيه اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وتكلم فيه اهـ.
زاد السيوطي في عمل اليوم والليلة أن يقول بعد ذلك سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك في رزقي وقنعني بما رزقتني ولا تفتني بما زويت عني ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقرأ سورة القدر ثلاثًا اهـ.
وقال الحافظ المنذري وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك" كتب في رق ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة رواه الطبراني في الأوسط ورواته رواة الصحيح انظر شرح الحصين (وتغميض ميت ولحده) قول ز ولا تشرع في حج وعمرة الخ بهذا اللفظ ذكره في الذخيرة وقول ز فيخالف ما يأتي من حكمه بالجواز فيه نظر فإن الجواز فيما يأتي ليس على حقيقته من استواء الطرفين لأن ذكر الله لا يستوي طرفاه أصلًا
وقوله وصلاة نافلة يحتمل عطفه على طواف أي ابتداء صلاة نافلة أي قبل دخوله فيها وبهذا لا يخالف قول المصنف الآتي وجازت كتعوذ بنفل ويحتمل أن يريد بعد دخوله فيها فيخالف ما يأتي من حكمه بالجواز إلا أن يحمل الشروع في ذلك على الجواز فيوافق ما يأتي وانظر هل الأولى في هذه الأمور زيادة الرحمن الرحيم أو الاقتصار على بسم الله (ولا تندب إطالة الغرة) وهي الزيادة في مغسول الوضوء على محل الفرض وخبر الصحيحين أن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل لا حجة فيه للمخالف لأن قوله فمن استطاع الخ مدرج من كلام أبي هريرة كما نقله ابن تيمية وابن القيم وابن جماعة عن جمع من الحفاظ وقال الحافظ ابن حجر لم أر هذه الزيادة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير زيادة نعيم بن عبد الله هذه اهـ.
أي فهي شاذة ولو سلم عدم الإدراج وعدم الشذوذ فلم يصحبه عمل وهو عندنا من أصول الفقه أو المراد بالغرة في الحديث إدامة الوضوء والمواظبة عليه لكل صلاة فتقوى غرته بتقوية نور أعضائه والمنفي عندنا الزيادة على محل الفرض فمعنى كلام المصنف لا تندب بالمعنى الذي فسرها به الشافعية ولا يعلم من كلامه عين الحكم وهو الكراهة لأنه غلو في الدين قاله مق وأما ندب الوضوء لكل صلاة وإدامته فمعلوم من ندب تجديده وغير ذلك (و) لا يندب (مسح الرقبة) بالماء خلافًا لأبي حنيفة لعدم ورود ذلك في وضوئه عليه الصلاة والسلام بل يكره كما يفيده من أيضًا للعلة السابقة وفي خبر أبي نعيم عن أبي هريرة من توضأ ومسح يديه على عنقه أمن من الغل (و) لا يندب (ترك مسح الأعضاء) أي تنشيفها بخرقة مثلًا بل يجوز خلافًا للشافعية في استحبابهم ترك ذلك أو كراهتهم له وفي د عن المدونة لا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء اهـ.
قال علي في المجموعة قلت لمالك أيفعل ذلك قبل غسل رجليه ثم يغسل رجليه بعد قال نعم وإني لأفعله ابن عرفة عن الطراز وظاهر الجلاب منعه قبل تمامه لتفريق الطهارة من غير عذر اهـ.
ولا حجة لندب عدم المسح بخبر ابن عساكر عن أبي هريرة مرفوعًا من توضأ
ــ
بل المراد به مطلق الأذن فلا مخالفة تأمله (وترك مسح الأعضاء) قول ز قلت لمالك أيفعل ذلك قبل غسل رجليه الخ أبو الحسن وإنما توهمه لما فيه من الشغل عن الوضوء وتفريقه وقد جوّز في الصلاة الشغل اليسير وعفي عنه فيها فكيف في الفور الذي قيل فيه إنه سنة اهـ.
وقد قالوا مما يتعلق بالجبهة والكفين من التراب في الصلاة أن له أن يزيل ذلك داخلها وأحرى خارجها وقيل إنما يزيل ذلك خارج الصلاة والأول شهره ابن ناجي وفيها ومن أكثر التراب بجبهته أو بكفيه فله مسحه اهـ.
فظاهرها مطلقًا.