الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
باب في البيع الشامل للصرف والمراطلة لذكره لهما فيه
ولما تجاذب الحضانة النكاح لأنه منشؤها والبيع لأن الحاضن عليه حفظ المحضون وله قبض نفقته ويحصل ما به قوامه بالنفقة إن كانت عينًا ونحوها وهو إنما يحصل بالبيع أوقعه متصلًا بها وهو من الأبواب المحتاج إليها ففي القبس البيع والنكاح عقدان يتعلق بهما قوام العالم لأن الله خلق الإنسان محتاجًا للغذاء ومفتقرًا للنساء وخلق له ما في الأرض جميعًا كما أخبر في كتابه ولم يتركه سدى يتصرف باختياره كيف شاء فيجب على كل أحد أن يتعلم ما يحتاج إليه فإن كل مكلف يجب عليه أن لا يفعل شيئًا حتى يعلم حكم الله فيه وقول بعضهم يكفي ربع العبادات ليس بشيء إذ لا يخلو مكلف غالبًا من بيع أو شراء انتهى.
ــ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم
البيوع
قول ز فقال القرافي هل نؤثمه الخ الظاهر أن تردد القرافي إنما هو من جهة الفعل وأما إثمه من جهة الإقدام فلا إشكال فيه كما نقله عن عز الدين والله تعالى أعلم وقول زمن إطلاقه على الشراء خبر لا يبع أحدكم على بيع أخيه الخ ما ذكره من كون البيع في الحديث بمعنى الشراء هو الذي نقله الباجي عن ابن حبيب وأبي عبيد قائلًا وليس للحديث وجه غير هذا عندي لأن البائع لا يكاد يدخل على البائع وإنما المعروف أن يزيد المشتري على المشتري قال الباجي وعندي أنه يحتمل أن يحمل اللفظ على ظاهره فيمنع البائع أيضًا أن يبيع على بيع أخيه إذا كان قد ركن المشتري إليه ووافقه في ثمن سلعته ولم يبق إلا إتمام العقد فيأتي من يصرفه عن ذلك بأن يعرض عليه غيره على غير وجه الإرخاص عليه وإنما حمل ابن حبيب على ما قاله لأن الإرخاص مستحب مشروع فإذا أتى من يبيع بأرخص من بيع الأول فلا منع في ذلك عنده والله أعلم وقد منع من تلقي السلع وفي ذلك إرخاص على متلقيها غير أن فيه إغلاء على أهل الأسواق الذين هم أعم نفعًا للمسلمن والضعيف الذي لا يقدر على التلقي انتهى.
فإن فعل متفقًا على تحريمه من غير علم أثم من جهتي القدوم والفعل فإن فعل مختلفًا فيه فقال القرافي هل نؤثمه بناء على التحريم أو لا بناء على التحليل لم أر لأصحابنا فيه نصًّا وكان عز الدين بن عبد السلام يقول أنه آثم من جهة أنه قدم غير عالم وحكمة مشروعيته التوصل إلى ما في يد الغير على وجه الرضا وذلك مفض إلى عدم المنازعة والمقاتلة والسرقة والخيانة والحيل المكروهة وحكمه الجواز لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ} [البقرة: 275] ولخبر أحمد والطبراني أفضل الكسب بيع مبرور وعمل الرجل بيده وقد يعرض وجوبه كمضطر لشراء طعام أو شراب وندبه كمن أقسم على إنسان أن يبيع سلعة لا ضرورة عليه في بيعها لأن إبرار القسم مندوب في مثل ذلك والكراهة كبيع هو أو سبع لا لأخذ جلده والتحريم كالبيوع المنهي عنها كما يأتي وله معنيان لغوي وشرعي فالأول مشترك بين البيع والشراء كما في الصحاح ولكن لغة قريش استعمال البيع في الإخراج والشراء في الإدخال وهي أفصح وعليها اصطلح الفقهاء تقريبًا للفهم ومن إطلاقه على الشراء خبر لا يبع أحدكم على بيع أخيه أي لا يشتر على شرائه لأن النهي إنما وقع على المشتري كما يدل عليه لفظ أحدكم وأخيه لا على البائع وقول ح من ذلك وشروه بثمن أي باعوه فيه نظر لأنه من إطلاق الشراء على البيع وإنما كان المراد بشروه أي باعوه لأن الضمير للآخذين ليوسف والواقع منهم البيع لا الشراء والآخذون له إخوته من السيارة الذين أخرجه واردهم حين أدلى دلوه وقال إخوته هو غلامنا سرق منا ولم يتكلم خوفًا منهم ثم باعوه للسيارة كما في الجلالين فلو جعل الضمير المرفوع في شروه للسيارة لم يلتئم مع قوله وكانوا فيه من الزاهدين إذ الزاهدون فيه إخوته لا السيارة وإن جعل ضمير شروه للسيارة وضمير كانوا للإخوة لزم تشتيت مرجع الضمير ومثل الآية المذكورة بئس ما اشتروا أي باعوا كما في الجلالين وأما الشرعي فقال ابن عرفة عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة فتخرج الإجارة والكراء والنكاح وتدخل هبة الثواب والصرف والمراطلة والسلم والغالب عرفًا أخص منه بزيادة ذ ومكايسة أحد عوضيه غير ذهب ولا فضة معين غير العين فيه فتخرج الأربعة اهـ.
ــ
من المنتقي ولا فرق بين المسلم والذمي ولفظ الأخ في الحديث خرج مخرج الغالب قاله ابن حجر وقول ز وقول ح من ذلك وشروه الخ وقع لح أيضًا نقلًا عن ابن الأنباري عن جماعة من المفسرين في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: 16] إنهم قالوا معناه باعوا الضلالة بالهدى انتهى.
قلت وفساده واضح فإن الآية سيقت في معرض الذم للمنافقين والتسجيل عليهم بترك الهدى والوقوع في الضلالة ولو كان اشتروا بمعنى باعوا كما قال لكان مدحًا بترك الضلالة وأخذ الهدى وهو خلاف الواقع وقول ز وأما الشرعي فقال ابن عرفة: الخ قال ابن عبد السلام معرفة حقيقته ضرورية لكل أحد حتى الصبيان قال ابن عرفة: ما قاله نحوه للباجي ويرد بأن المعروف ضرورة وجوده عند وقوعه لكثرة تكرره ولا يلزم منه علم حقيقته انتهى.
أي تخرج هبة الثواب بقوله ذو مكايسة أي مغالبة لأنه يقضي فيها على الواهب بقبول ما يباع فيه الموهوب وإن لم يرضى فلا مكايسة فيها ويخرج الصرف والمراطلة بقوله أحد عوضيه غير ذهب ولا فضة إذ عوضاهما ذهب أو فضة ويخرج السلم بقوله معين فيه غير العين لأن غير العين في السلم هو المسلم فيه ومن شروطه كونه دينًا في الذمة والمراد بالعين ما ليس في الذمة فيشمل الغائب المبيع بالصفة ونحوه لا الحاضر فقط حتى يرد أن البيع قد يكون على الغائب بشروطه الآتية (ينعقد) أي يحصل (البيع) إذ هو عقد معاوضة كما مر فلا معنى لانعقاد العقد ولا يفسر ليصح أو يلزم لأنه قد يحصل البيع أي العقد المذكور ولا يصح ولا يلزم ولا يفسر أيضًا كما في تت بيوجد عقده لما فيه من إضافة الشيء إلى نفسه:
ولا يضاف اسم لما به اتحد
…
معنى وأول موهمًا إذا ورد
ويجاب عن تت بأن الإضافة بيانية أي من إضافة الأعم إلى الأخص قيل وبأنه إصلاح للمصنف إذ ظاهره أن الصيغة ليست من أركانه مع أنها منها وينعدم بانعدامها فلذا قال: أي يوجد عقده أي يتقرر ويثبت ولا يخفى أن هذا توجيه للفظ ولا يدفع إضافة عقد إلى ضمير البيع الذي الكلام فيه وأشار المصنف إلى أن أركانه ثلاثة العاقد ويشمل البائع والمشتري والمعقود عليه ويشمل الثمن والمثمن والصيغة وبدأ بها القصر الكلام عليها أو لتقدمها في الوجود إذ بعدها يوجد التقابض فقال: (بما يدل على الرضا) من العاقدين
ــ
وكأن المصنف رحمه الله تعالى ارتضى ما لابن عبد السلام فلذا ترك تعريفه وقول ز رحمه الله وتدخل هبة الثواب والصرف الخ يدخل فيه أيضًا التولية والشركة والإقالة والأخذ بالشفعة وتخرج من الأخص بقوله: ذو مكايسة وهو ظاهر فيما عدا الإقالة بزيادة أو نقص فترد عليه كبعض مسائل الصلح التي أوردها ح على هذا الحد فانظره وقول ز معين غير العين فيه إضافة غير للعموم أي معين فيه كل ما خالف العين والمراد بالعين المسكوك من ذهب أو فضة فلا يرد على حد ابن عرفة صورة سلم أحد العرضين في الآخرة كما لا ترد عليه مسألة دفع عرض في ذهب أو فضة غير مسكوك لأجل مع أنها كما قال ابن عرفة سلم لا بيع لأجل وإنما لم ترد عليه هذه لأن غير المسكوك عرض لا عين لأن العين مخصوصة بالمسكوك فصدق أنه لم يتعين فيه غير العين خلافًا لح فانظره (ينعقد البيع) قول ز وبأنه إصلاح للمصنف إذ ظاهره أن الصيغة ليست من أركانه الخ أي لأنه إن فسر ينعقد بيصح أو يلزم كانت الصيغة من شروط الصحة أو اللزوم فتخرج عن ماهية البيع فلذا فسره بتحصيل حقيقة البيع الخ (بما يدل على الرضا) قول ز ولا يفتي به عندنا الخ فيه نظر إذ ابن عمار لم يستند فيما فصله لقول أبي حنيفة إنما استند فيه للعادة كما صرح به وما وافق العادة في هذا وأمثاله هو الذي يفتي به إذ المراد في الدال على الرضا هو الدلالة العادية وقول ز فالبيع صحيح الخ محل الصحة حيث وجد من الآخر ما يدل على الرضا وإلا لم ينعقد بيع بينهما وأكله غير حلال وكون هذا البيع مع صحته غير لازم ليس مقصورًا على هذه الصورة بل ذلك عام عند
قولًا من الجانبين أو فعلًا منهما أو من أحدهما فيهما وبالغ عليه بقوله: (وإن بمعاطاة) وهي ظاهرة في الفعل منهما ويفهم منه حكمه من أحدهما وسيصرح به بقوله وبابتعت أو بايعتك ويرضى الآخر فيهما وفاقًا لأحمد وخلافًا لقول الشافعي لا بد من القول مطلقًا ولأبي حنيفة في غير المحقرات واختاره النووي واستحسنه ابن عمار المالكي في شرح جمع الجوامع بحثًا قائلًا ينبغي للمالكي الوقوف عنده فإن العادة ما جرت قط بالمعاطاة في الأملاك والجواري ونحوهما انتهى.
أي ولا يفتي به عندنا وإنما هو من باب مراعاة خلاف الأئمة لاشتراط الصيغة غير المحقرات باتفاق الحنفية والشافعية وقد عهد رعي الخلاف كقول المازري ما تركت البسملة في الصلاة قط وحقيقة المعاطاة أن يعطيه الثمن فيعطيه المثمن من غير إيجاب ولا استيجاب ولا نطق منهما أو من أحدهما فهي منحلة حتى يحصل القبض من الجانبين فإن حصل من أحدهما فقط فالبيع صحيح وإلا كان أكله فيه غير حلال ولكن لا يلزم فمن أخذ ما علم ثمنه كرغيف ولم يدفع الثمن فله رده وله أخذ بدله بعد قبضه قبل دفع الثمن وليس فيه بيع طعام بطعام لما علمت أنها منحلة قبل القبض من الجانبين والإشارة كالنطق سواء كانت من غير أخرس أو أخرس إلا أن يكون أعمى فتمتنع معاملته لتعذر الإشارة منه كما
ــ
ابن عرفة في بياعات الأسواق سواء انعقدت بالقول أو بغيره وعبارة ابن عرفة بياعات زمننا في الأسواق إنما هي بالمعاطاة فهي منحلة قبل قبض المبيع ولا يعقدونها بالإيجاب والقبول اللفظيين بحال انتهى.
ذكره في سياق الكلام على مسألة بيعتين في بيعة ونقله هناك غ وغيره وبه تعلم أن تنزيل ز وغيره تبعًا لح كلام ابن عرفة على ما ينعقد بالمعاطاة وحدها ليس على ما ينبغي وقول ز إلا أن يكون أي الأخرس أعمى فتمتنع معاملته الخ فيه نظر فإن الأخرس الأعمى لا تتعذر الإشارة منه وإنما تتعذر من الأعمى الأصم كما في الوثائق المجموعة فيتعين أن يقيد كلام القرافي يكون الأخرس الأعمى أصم قاله طفى وقد يقال لملازمة الصمم للخرس في العادة استغنى القرافي عن التقييد به وقول ز ولأنه سيذكرها في باب مستقل الخ بهذا أيضًا يعلل تركه ذكر السلم فيه وقول ز في الفرع الأول ولكن إن استحقت من مبتاعها لم يرجع بثمنها الخ هذا على ما فيه من الخلاف كما يأتي مقيد بما إذا لم تتضمن الوثيقة عهدة الإِسلام في درك العيب والاستحقاق وإلا ارتفع الخلاف وثبت الرجوع قاله ابن الهندي وقول ز في الفرع الثاني وجب عليه بيع ما زاد على قوته الخ أما من اشترى ما يضيق على الناس فإنه يؤخذ منه بالسعر الذي اشتراه به وأما من اشتراه وقت السعة فإنه يؤخذ منه بسعر وقته كما في ح عن القرطبي وقول ز وفي الطعام حيث لا ضرر خلاف غ قال المازري قال ابن القاسم: وابن وهب سئل مالك رحمه الله عن التربص بالطعام وغيره رجاء الغلاء قال ما سمعت فيه بنهي ولا أرى بأسًا أن يحبس إذا شاء ويبيع إذا شاء ويخرجه إلى بلد آخر وقال ابن العربي في العارضة إذا كثر الجالبون للطعام وكانوا إن لم يشتر منهم ردوه كانت الحكرة مستحبة اهـ.
لتت عن القرافي قال د: قوله وإن بمعاطاة الباء زائدة في خبر كان وزيادتها في ذلك نادرة كما قال ابن هشام وغيره قال بعض من تكلم على هذا المحل هذا غير متعين إذ يصح أن يكون التقدير وإن حصل بمعاطاة بعود الضمير على الرضا وكون الباء سببية بل هذا أولى لعدم لزوم ما ذكر ويصح أيضًا أن يكون ضمير كان عائدًا على الدلالة المستفادة من يدل أي وإن كانت الدلالة بسبب معاطاة انتهى.
وأراد المصنف بالبيع المعنى الأعم بدليل ذكره فيه الصرف والمراطلة كما مر وإنما ترك فيه هبة الثواب أي عوضها لأنها تنعقد وإن لم يحصل الرضا من الجانبين فإن الموهوب له إذا دفع للواهب القيمة لزمه ذلك وإن لم يرض فلا تدخل في قوله بما يدل على الرضا إذ المعتبر الرضا من الجانبين كما مر ولأنه سيذكرها في باب مستقل.
فروع: الأول: يجوز للشخص شراء سلعة لا يعلم صحة ملك بائعها ولا عدمه فإن استحقت رجع بثمنها وأما ما علم صحة ملك بائعها فيجوز شراؤها بالأولى ولكن إن استحقت من مبتاعها لم يرجع بثمنها كما سيذكره المصنف في باب الغصب بقوله: كعلمه صحة ملك بائعه والتشبيه في عدم الرجوع بالثمن وأما ما علم عدم صحة ملك بائعها فلا يجوز شراؤها ولكن له الرجوع بالثمن إذا استحق من يده على المشهور نظرًا لسبق ظلم البائع لبيعه ما ليس في ملكه فهو أحق بالحمل عليه ولم ينظر لعلم المشتري بعدم ملك البائع لتأخره عن البائع.
الثاني: للشخص أيضًا أن يشتري وقت السعة قوت سنة أو أكثر لا بوقت الضيق فإنما يشتري ما لا يضيق على غيره كقوت شهر أو أيام فإن اشترى ما يضيق أو اشترى كثيرًا وقت السعة ثم حصل للناس ضرر وجب عليه بيع ما زاد على قوته وقوت من تلزمه نفقته إن خيف بحبسه إتلاف المهج باتفاق الباجي والقرطبي وابن رشد فإن مست الحاجة ولم يكن الخوف المذكور بل دونه وجب عند ابن رشد وقال الباجي لا واتفق على جواز احتكار غير الطعام كصوف وكتان حيث لا ضرر على الناس في احتكاره وفي الطعام حيث لا ضرر خلاف.
ــ
ونحوه للخمي وقول ز في الفرع الثالث إلا في مسألة وهي من اشترى الخ هذا الذي ذكره من جواز الإقالة على شرط إن باع للغير فهو للمقيل بالثمن هو قول مالك في سماع أشهب وقال ابن رشد الذي يوجبه القياس والنظر عندي أنه لا فرق في هذا بين الإقالة والبيع وأنه إذا أقاله أو باعه على أنه متى باعه من غيره فهو أحق به إن ذلك لا يجوز لأن فيه إبطالًا لحق المشتري وظلمًا له في أن يأخذ منه ما ابتاعه دون حق انتهى.
وصرح البرزلي نقلًا عن المازري بأن هذا هو المشهور لأن الإقالة بيع والشرط المذكور يفسد البيع لما فيه من التحجير قال فإن نزلت فسخت الإقالة ما لم تفت نقله ح عند قول المصنف رحمه الله الآتي والإقالة بيع الخ وقول ز وفي نقل الشيخ سالم الخ ما ذكره هو الذي في المتيطي إذ قال والمراد بالطول ما تنقطع فيه التهمة عن البائع ويظهر منه حدوث رغبة في البيع انتهى.
الثالث: لا يقبل البيع تعليقًا إلا في مسألة وهي من اشترى عرضًا أو حيوانًا أو عقارًا كما في صر وطلب البائع الإقالة فقال له المشتري أخاف أن تبيعه لغيري فقال إن أو إذا بعته لغيرك فهو لك بالثمن الأول أو بالذي أبيعه به فأقاله المشتري فإذا باعه البائع لغيره فهو له إن باعه بالقرب كيوم ونحوه قياسًا على القرب في بيع الثنيا كذا استظهره عج وفي نقل الشيخ سالم عن صر إن القرب أن يبيعها في زمن فيه التهمة والبعد أن يبيعها بعد زمن ينقطع فيه التهمة هذا إن أتى بإذا أو إن كما قررنا فإن أتى بمتى فله أخذه إن شاء ولو بعد بعد أن باعه بالثمن الأول وكذا بغيره إن علمه المقيل لا قبل علمه به لئلا يلزم جهل الثمن ومسائل التعليق ثلاث الأولى تعليق البيع وهذا لا ينعقد به إلا في المسألة السابقة وكذا لا ينعقد به النكاح قال عج:
لا يقبل التعليق بيع والنكاح
…
فلا يصح بعت ذا إن جا فلاح
أي إن ذلك ليس بعقد لا حالًا ولا مالًا.
الثانية: تعليق لزومه كأبيعك بشرط أن ينعقد البيع إلا بدفع الثمن وهذه جائزة معمول بها كما لأبي الحسن على المدونة.
الثالثة: أن ينعقد البيع بينهما ثم يقول البائع إن لم تأت بالثمن لكذا فلا بيع بيننا فهذا يبطل الشرط ويجوز البيع كما سينص المصنف عليها في تناول البناء والشجر بقوله أو إن لم تأت بالثمن لكذا فلا بيع (و) ينعقد البيع أيضًا وإن (ببعني) أي بقول المشتري بعني (فيقول) البائع (بعت) ونحوه مما يدل على الرضا ولو فعلًا وصرح به وإن علم مما
ــ
فما استظهره عج من خلافه لا يعتد به وقول ز كأبيعك بشرط أن لا ينعقد البيع الخ صوابه بشرط أن لا يمضي البيع كما يدل عليه سياقه (وببعني فيقول بعت) قول ز فهو من عطف الخاص على العام فيه نظر لأن هذا مدخول للمبالغة معطوف على بمعاطاة وهو ليس من أفرادها فلو قال من ذكر الخاص بعد العام لاندراج هذا تحت قوله بما يدل على الرضا كان أولى وقول ز ولكنه خلاف قول ابن القاسم في المدونة الخ من المعلوم أن قول ابن القاسم في المدونة مقدم على قوله وقول غيره في غيرها لكن لما كان قول ابن القاسم في المدونة استند في هذه المسألة للقياس على مسألة التسوق وكان قياسه مطعونًا فيه اعتمد المصنف البحث فيه فجزم باللزوم ولو رجع المشتري وحلف وهو المعتمد وقول ز بل الحلف فيها أولى من الآتية الخ فيه نظر فإن دلالة الأمر على الرضا أقوى من دلالة المضارع عليه لأن صيغة الأمر تدل على الإيجاب كما في أبي الحسن وغيره ويفيده كلام ضيح وابن عرفة وغيرهما فهو يدل عليه عرفًا وإن كان في أصل اللغة يحتمل انظر ح وقول ز ويجوز نصب فيقول بجعل الفاء سببية الخ هذا صحيح لكن لا على أن ما بعد الفاء جواب الأمر في بعني كما يوهمه كلام ز بعد بل على أن الفاء عاطفة على مصدر مقدر قبل قوله بعني والتقدير ويقول المشتري بعني فيقول البائع الخ والناصب أن محذوفة جوازًا لقول الخلاصة:
وإن على اسم خالص فعل عطف
قبله فهو من عطف الخاص على العام لإفادة صحته مع تقدم القبول على الإيجاب خلافًا للشافعي فهو معطوف على بمعاطاة داخل في حيز المبالغة كما أشرنا إليه وظاهره لزوم المشتري الشراء ولو قال لا أرضى وهو قول مالك في كتاب محمَّد وقول ابن القاسم وعيسى بن دينار واختاره ابن المواز ولكنه خلاف قول ابن القاسم في المدونة أنه إنما يلزمه الشراء إن استمر على الرضا به أو خالف ولم يحلف فإن حلف لم يلزمه فتساوي هذه المسألة مسألة التسوق الآتية بل الحلف فيها أولى من الآتية لأن دلالة المضارع في الآتية على البيع أو الشراء أقوى من دلالة الأمر في هذه عليه ومثل قوله بعني الخ قول البائع اشتر مني سلعة كذا أو خذها فيقول اشتريت فلو قال وبكبعني لشمل ذلك وجواب د بأنه تبع لفظ المدونة أي في قوله بعني فقط لا فيه وفي قوله: بعت لأن الذي فيها فيفعل وهو شامل للفظ بعت وغيره على أن قول البائع اشتر مني أو خذ يفهم من المصنف بالأولى لأنه إذا انعقد بصيغة الأمر في القبول مع تقدمه على الإيجاب فأولى إذا كان الإيجاب بصيغة الأمر وهو في محله كاشتر مني ويجوز نصب فيقول بجعل الفاء سببية والرفع بجعلها استئنافية كذا لد وذكروا في حديث ينزل ربنا في قوله هل من مستغفر فأغفر له ونحوه أنه يجوز فيما بعد الفاء الرفع والنصب والظاهر أن باقي الأجوبة كذلك قاله عج واعترض تجويز د النصب بأن ظاهر تمثيل أهل العربية للأجوبة الثمانية أن المتكلم بما بعد الفاء هو المتكلم بما قبلها والمحكي هنا عن اثنين بائع ومشتر (وبابتعت أو بعتك ويرضى الآخر فيهما) البائع في الأولى والمشتري في الثانية وهذا أيضًا من عطف الخاص على العام (وحلف) آت بصيغة مضارع بائع أو مشتر ثم قال لا أرضى بعد رضا الآخر (وإلا) يحلف (لزم) البيع ولا ترد لأنها يمين تهمة فيحلف البائع (إن قال أبيعكها بكذا) فرضي المشتري ثم قال البائع لا أرضى أنه ما أراد البيع فإن لم يحلف لزمه (أو) قال المشتري (أنا أشتريها به) أي بكذا فرضي البائع ثم قال المشتري لم أرد الشراء فإن لم يحلف لزمه فمحل الحلف فيهما حيث لم يرض بعد رضا الآخر كما قررنا فإن كان عدم الرضا قبل رضا الآخر فله الرد ولا يمين ولا يخالف هذا ما لابن رشد من أنه إذا رجع
ــ
تنصبه أن الخ وبه تعلم أن تنظيره بالحديث لا يليق لأن الفعل فيه منصوب في جواب الاستفهام وحذف أن فيه واجب وقول ز باقي الأجوبة كذلك أي في الحديث وهي فأتوب عليه فأعافيه وأما اعتراض عج على تجويز النصب فمردود لأمرين أحدهما أن ما هنا ليس من الأجوبة الثمانية والثاني أن قوله والمحكي هنا عن اثنين الخ لا معنى له فالنصب هنا ليس في المحكي بل في الحكاية وهي وما عطفت عليه لمتكلم واحد والله أعلم (وحلف وإلا لزم الخ).
فرع: قال البرزلي في نوازله رجل قال في سلعته وقد عرضها من أتاني بعشرة فهي له فأتاه رجل بذلك إن سمع كلامه أو بلغه فهو لازم وليس للبائع منعه وإن لم يسمعه ولا بلغه فلا شيء له انتهى.
أحد المتبايعين عما أوجبه لصاحبه قبل أن يجيبه الآخر لم يفده رجوعه إذا أجابه صاحبه بعد بالقبول لأنه في صيغة يلزم بها الإيجاب أو القبول كصيغة ماض وما للمصنف هنا صيغة مضارع كما هو لفظه فإن أتى أحدهما بصيغة ماض ورجع قبل رضا الآخر لم ينفعه رجوعه كما إذا أتيا بصيغة ماض ومحله أيضًا إن لم تقم قرينة على البيع أو عدمه وإلا عمل عليها من غير حلف (أو تسوق بها) أي بالسلعة أي أوقفها في سوقها المعد لبيعها (فقال) له شخص (بكم فقال بمائة فقال) الشخص (أخذتها) بها فقال لم أرد البيع فإنه يحلف على ذلك وإلا لزمه البيع ولا مفهوم لتسوق على ما يفيده ح من أنه إذا قامت قرينة على عدم إرادة البيع فالقول للبائع بلا يمين أو على إرادته فيلزمه البيع كما إذا حصل تماكس وتردد بينهما أو سكت مدة ثم قال لا أرضى فلا يلتفت لقوله وإن لم تقم قرينة لواحد منهما فالقول للبائع بيمينه وانظر هل من القرينة على عدم إرادة البيع ما إذا ذكر البائع ثمنًا قليلًا فيما تكثر قيمته كمائة وهي تساوي مائتين فقال المشتري أخذتها بالمائة فلا يحلف البائع وهو الظاهر أم لا وأشعر كلام المصنف أن البيع منحل من جانب البائع لا من جانب المشتري وإن البيع فيها مساومة فإن أجابه في المجلس بما يقتضي الإمضاء والقبول من غير فاصل لزمه البيع اتفاقًا وإن تراخى القبول عن الإيجاب حتى انقضى المجلس لم يلزمه البيع قطعًا وكذا لو حصل فاصل يقتضي الإعراض عما كانا فيه حتى لا يكون كلامه جوابًا للكلام السابق في العرف فلا ينعقد البيع وكذا يلزم في بيع المرابحة والمزايدة والاستئمان أي كبعني كما تبيع الناس مع الفور في الثلاثة كالأول فإن أعرض البادئ لم يلزم في الأربعة فإن انقضى المجلس لم يلزم فيها بيع إلا بيع المزايدة فللبائع أن يلزم السلعة زاد حيث اشترط البائع ذلك أو جرى به عرف إمساكها حتى انقضى مجلس النداء أو ردها وباع بعدها أخرى فإن لم يشترط ذلك ولا جرى به عرف لم يكن له ذلك قال المازري وإنما نبهت على ذلك لأن بعض القضاة ألزم بعض أهل الأسواق في بيع المزايدة بعد الافتراق مع أن عادتهم الافتراق على غير إيجاب اغترارًا بظاهر ابن حبيب وحكاية غيره فنهيته عن هذا لأجل مقتضى عوائدهم ابن عرفة والعادة عندنا أي بتونس وكذا عندنا بمصر عدم اللزوم وهو واضح أن بعد ولم تكن السلعة بيد المبتاع فإن كانت بيده فالأقرب اللزوم كبيع الخيار بعد زمنه يلزم فيه البيع من المبيع بيده وعلى كلام المازري لو لم تكن عادة فالأقرب أن للبائع إلزام من زاد بعد التفرق ما لم يسترد السلعة ويشتغل ببيع أخرى أو يمسكها حتى ينقضي مجلس النداء. واعلم أن له إلزام من زاد ولو
ــ
ومثله في نوازل العيوب من المعيار (أو تسوق بها فقال بكم الخ) قول ز وإن لم تقم قرينة فالقول للبائع بيمينه الخ يعني سواء أوقفها للسوق أم لا فلا فرق في التفصيل والحكم بين منطوق المصنف ومفهومه كما صرح به ابن رشد ونقله ح وقول خش مفهوم تسوق مفهوم مخالفة فإن غير الموقوفة للسوم يقبل فيها قول ربها أنه كان لاعبًا بلا يمين وقول ابن رشد بيمين ضعيف انتهى.
زاد غيره بعده خلافًا للأبياني وقد جرى العرف بمكة وكثير من البلاد على ما قال الأبياني فإن اشترط المشتري أن لا يلتزم البيع إلا ما دام في المجلس فله شرطه ولو كان العرف بخلافه لتقدم الشرط عليه وأشار للعاقد بذكر شرطه فقال: (وشرط) صحة عقد (عاقده) أي البيع من بائع أو مشتر (تمييز) ويدل على تقدير المضاف الأول وقوله ولزومه وأن
ــ
غير صحيح والعجب كيف يضعف كلام هذا الإمام من غير دليل أبداه وقد أطبق الشراح على قبول كلام ابن رشد واعتماده واعتمده ابن عرفة وغيره ولم نر من ضعفه وغاية ما هناك أن ابن رشد بعد أن ذكر الخلاف في مسألة المنطوق بثلاثة أقوال عدم اللزوم مع اليمين للمدونة واللزوم لمالك في العتبية والتفصيل للأبهري أن أشبه ما سماه أن يكون ثمن السلعة لزم وإلا حلف ولم يلزم قال في صورة المفهوم وأما إن لقيه في غير السوق فقال: بكم فقال بكذا فقال: أخذته فقال: لا أرضى، إنما كنت لاعبًا فإنه يحلف على ذلك ولا يلزمه البيع باتفاق إلا أن يتبين صدقه فلا يمين عليه باتفاق وذهب بعض الناس إلى أن الخلاف في ذلك وإن لم تكن السلعة موقوفة للبيع انتهى.
ففهم الشيخ أحمد تبعًا لتت من قوله في صورة المفهوم إلا أن يتبين صدقه أنه مفهوم مخالفة وإن ذلك لا يجري في صورة المنطوق ورده عج بأن كلام ح يفيد أن التسوق وعدمه سواء وهو اليمين مع عدم القرينة وعدمها معها فيها ونص ح لا يقال الحكم مختلف لقول ابن رشد إذا لقيه بغير السوق يحلف ولا يلزمه البيع إلا أن يتبين صدقه فلا يمين عليه لأنا نقول الظاهر أن الحكم كذلك مع التسوق فقد صرح أبو الحسن في شرح هذه المسألة بأن اليمين يمين تهمة وأنها لا تنقلب وإذا تبين صدقه فلا تهمة حينئذٍ فلا تتوجه اليمين فظهر أن الحكم سواء في الوجهين انتهى.
باختصار فانظره وقول ز وانظر هل من القرينة الخ مقابلة القول بالتفصيل فيما تقدم لقول المدونة تدل على أن هذا ليس من القرينة تأمله وقول ز فإن أجابه في المجلس الخ هذا الكلام ليس مرتبًا على خصوص ما قبله فلا يحسن تنزيله عليه بل هو فرع مستقل كما في ضيح وح ونص ح التنبيه التاسع لم يذكر المصنف حكم تراخي القبول عن الإيجاب وقد انجر الكلام إليه ثم قال: بعد نقول والذي يتحصل أنه إن أجابه في المجلس إلى آخر ما ذكره والمعنى فإن أجاب الثاني من بائع أو مشتر الأول في جميع ما تقدم وغيره من بيع المساومة فلا يخلو إما أن يجيبه في المجلس أم لا الخ وقول ز فإن أعرض البادئ لم يلزمه في الأربعة الخ ظاهره مع التعبير بالماضي وهو غير صحيح لما قدمه عن ابن رشد قريبًا قبل هذا قول ز وقد جرى العرف بمكة الخ بهذا جرى العرف عندنا بالمغرب وأما ما جرى به العرف بمكة أيضًا من أن من رجع بعد الزيادة لم يلزمه شيء ما دام بالمجلس فمبني على خيار المجلس وهو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.
تنبيه: ذكر ابن راشد في المذهب أنه لو أقر المنادي السلعة على التاجر وشاور صاحبها فأمره بالبيع ثم زاد غيره عليه فهي للأول وسواء كانت السلعة بيد التاجر أو السمسار قاله الأبياني انظر ح (وشرط عاقده تمييز) قول ز وشرط صحة عقد الخ تقدير لفظ صحة أصله
الذي يتصف بالصحة وعدمها هو العقد لا العاقد وعلى الثاني أن الذي يحتاج للشرط هو العقد لا العاقد والمميز من يفهم الخطاب ويرد الجواب قاله ابن فرحون أي إذا كلم بشيء من مقاصد العقلاء فهمه وأحسن الجواب عنه لا إنه إذا ادعى أجاب إذ هذا لا يكفي لشموله للبهيمة ولا ينضبط التمييز بسن ولا ينعقد من غير مميز لصغر أو إغماء أو جنون منهما أو من أحدهما عند ابن شاس وابن راشد والمصنف ولابن عرفة لا ينعقد من مجنون مع مثله وأما مع من يلزمه عقده فينظر له السلطان بالأصلح في إتمامه وفسخه لقولها من جن في أيام الخيار نظر له السلطان ولسماع عيسى بن القاسم إن باع مريض ليس في عقله فله أو لوارثه إلزام المبتاع ابن رشد لأنه ليس بيعًا فاسدًا كبيع السكران واعترض ح دليله الأول بطروه بعد العقد فهو قياس مع وجود الفارق إذ المقيس الجنون فيه قبل العقد والمقيس عليه الجنون فيه طار بعد العقد ولعل دليله الثاني فيمن عنده تمييز كالمعتوه واعلم أن العقد يمكن أن يكون لازمًا من جهة وغير لازم من جهة كعقد رشيد مع عبد وأما كونه صحيحًا من جهة دون أخرى فلا يتصور شرعًا إذ لا يمكن اتصافه
ــ
للشارح وفيه نظر والظاهر أن هذا شرط في وجود العقد لا في صحته وأن المراد وشرط وجود عقد عاقده لأن فقد التمييز يمنع انعقاد البيع بحيث لا توجد حقيقته لفقد ما يدل على الرضا حينئذٍ لا صحته فقط مع وجود حقيقته تأمل وانظر شرح أبي علي وقول ز وأن الذي يتصف بالصحة وعدمها هو العقد الخ هذا إنما هو دليل المضاف الثاني لا الأول كما هو ظاهره فالصواب لو آخره عن قوله وعلى الثاني الخ وقول ز ولا ينعقد من غير مميز الح هذا هو ظاهر المصنف تبعًا لابن الحاجب وابن شاس وتعقبه طفى قائلًا الذي لابن رشد والمازري وعياض وغيرهم صحة العقد ولو من غير المميز قال وهو الظاهر إذ لا موجب لفسخه شرعًا والرواية كذلك سمع عيسى ابن القاسم إن باع مريض ليس في عقله فله ولورثته إلزامه المبتاع ابن رشد لأنه ليس بيعًا فاسدًا كبيع السكران عند من لا يلزمه بيعه اهـ.
وقال المازري في المعلم شرط العاقد إطلاق يد احترازًا من المحجور كالصغير والمجنون والسفيه اهـ.
فسوى بين هذه الثلاثة ومراده شرط اللزوم وقال عياض في تنبيهاته في كتاب البيوع الفاسدة لما تكلم على العلل العارضة للبيع ما نصه وعلله في المتعاقدين كالسفه والصغر والجنون والرق والسكر إلا أن العقد ههنا موقوف على إجازة من له النظر وليس بفاسد شرعًا اهـ.
واقتصر ابن عرفة على ما لهؤلاء معرضًا عن كلام ابن الحاجب وابن شاس من غير تعرض له برد ولا بقبول ثم ذكر كلام ابن عرفة الذي في ز ثم قال وقول ابن رشد المتقدم كبيع السكران تشبيه بأصل المسألة في الانعقاد وعدم اللزوم وليس تمثيلًا للبيع الفاسد كما قد يتبادر إلى الفهم قاله ح وهو ظاهر وقوله أي ح الأولى أن يحمل كلام هؤلاء الشيوخ على من عنده شيء من التمييز كالمعتوه وأما من ليس عنده شيء من التمييز فالظاهر أن بيعه غير منعقد لأنه جاهل بما يبيعه ويشتريه اهـ.
بالصحة والفساد في آن واحد واستثنى من المفهوم كما للشارحين تبعًا للتوضيح فقال: (إلا) أن يكون عدم تمييزه (بسكر) أي بسببه (فتردد) أي طريقان في صحة بيعه وعدمها وهو المشهور عند ابن شعبان والصحيح كما للشاذلي بل حكى الباجي وابن رشد الاتفاق على عدمها لأنه طافح الشاذلي ويحلف أنه ما عقل حين باع انتهى.
ولا يقال القول لمدعي العقل لأنه مدعي الصحة لأنا نقول مدعي عدم العقل معه سبب يستند إليه ولا يصح جعل التردد في المنطوق بجعل الباء بمعنى مع أي إلا أن يكون تمييزه مع سكر فتردد لأنه متى كان عنده نوع من التمييز فلا خلاف في صحة بيعه وإنما الخلاف في لزومه والمعتمد خلافه وكلام المصنف هنا في الصحة لا في اللزوم لأنه سيذكره ومحل التردد فيمن سكرًا حرامًا ولو بحلال كلبن حامض يتحقق السكر منه فإن سكر سكرًا حلالًا ولو بمحرم كشرب خمر يظنه غيره فكالمجنون المطبق فلا يلزمه بيعه
ــ
فيه نظر لأنه خلاف كلامهم اهـ.
كلام طفى قلت بل ما حمل عليه ح كلامهم هو الصواب ليوافق ما للمصنف ومتبوعيه ويدل له تشبيه ابن رشد بالسكران المختلف في بيعه ويأتي أن محل الخلاف عنده السكران الذي معه شيء من التمييز ويشهد له أيضًا قول القاضي عبد الوهاب في التلقين ما نصه وفساد البيع يكون لوجوه منها ما يرجع إلى المتعاقدين مثل أن يكونا أو أحدهما ممن لا يصح عقده كالصغير والمجنون أو غير عالم بالبيع اهـ.
وقول ابن بزيزة في شرحه ما نصه لم يختلف العلماء أن بيع الصغير والمجنون باطل لعدم التمييز اهـ.
وقول أبي عبد الله المقري في قواعده أن العقد من غير المميز فاسد عند مالك وأبي حنيفة لتوقف انتقال الملك على الرضا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس" فلا بد من رضا معتبر وهو مفقود من غير المميز اهـ.
باختصار نقله طفى نفسه فهذه النصوص صريحة فيما قاله المصنف من البطلان على أن ما نقله طفى عن المازري في المعلم لا يدل على ما ادعاه فتأمله (إلا بسكر فتردد) محل التردد في الطافح لأنه مستثنى من مفهوم ما قبله فكأنه قال فلا ينعقد بيع غير المميز إلا أن يكون عدم تمييزه بسكر أدخله على نفسه ففي عدم انعقاد بيعه تردد أي طريقان فطريق ابن شعبان وابن الحاجب وابن شاس أن المشهور عدم انعقاده وطريق ابن رشد والباجي الاتفاق على عدم انعقاده وبه تعلم أن المصنف لو أسقط قوله إلا بسكر لكان أولى لأن بيع غير المميز ليس بمنعقد إما اتفاقًا على ما للباجي وابن رشد أو على المشهور على ما لابن شعبان ومن وافقه فقول ز بل حكى الباجي الخ صوابه أن يقول عوضه هذه طريقة ابن شعبان وطريقة ابن رشد والباجي الاتفاق الخ وقول ز الشاذلي ويحلف الخ هذه اليمين ذكرها ابن شعبان كما في ضيح وغيره وقول ز وإنما لم يصح بيع السكران أو لم يلزم الخ أي لم يصح في الطافح ولم يلزم ولكنه صحيح فيمن عنده نوع من التمييز وقول ز كإقراره وسائر عقوده بخلاف
ولا يصح منه وإنما لم يصح بيع السكران أو لم يلزم كإقراره وسائر عقوده بخلاف جنايته وعتقه وطلاقه وحدوده سدًّا للذريعة لأنا لو فتحنا هذا الباب مع شدة حرص الناس على أخذ ما بيده وكثرة وقوع البيع منه لأدى إلى أنه لا يبقى له شيء بخلاف طلاقه وقتله وإتلافه وعتقه وما يتعلق به حق لغيره فيلزمه ذلك لأنا لو لم نلزمه ذلك لتساكر الناس ليتلفوا أموال غيرهم ويستبيحوا دماءهم وغيرها (و) شرط (لزومه) أي عقد عاقده (تكليف) في بيع متاع نفسه وأما في بيع متاع غيره وكالة فلا يتوقف على التكليف ويلزمه بيعه من غير إذن موكله لأن إذنه له أولًا في البيع كاف وفي كلامه حذف واوين مع معطوفهما أي ورشد وطوع ويدل على الأول قوله في الحجر وللولي رد تصرف مميز وهو شامل للسفيه قال د وقد اعتبر بعضهم القرينة ولو كانت بعد ذلك الموضع بكثير أي لأن الكتاب كالشيء الواحد ويدل على الثاني قوله لا إن أجبر عليه جبرًا حرامًا كما قال غ ففي الكلام حذف لدليل ويحتمل أن يقال أراد بالتكليف الرشد والطوع كما قال ابن راشد قال د واعتراض التوضيح عليه بأن السفيه مكلف بالبيع فيه نظر إذ هذا معنى مراد لقرينة قال غ ولو قال ولزومه رشد لكان أولى لأنه أعم انتهى.
أي لأنه أعم في الإخراج وبه يندفع قول بعضهم صوابه لأنه أخص قاله عج ووجه كونه أعم في الإخراج أن غير الرشيد إما مكلف سفيه وإما صبي أو مجنون فهذه الثلاثة خارجة بقوله رشد بخلاف قول المصنف تكليف فإنه أخرج غير المكلف من صبي أو مجنون ولا يخرج السفيه والبعض المصوب لغ توهم الأفراد الداخلة فقال لأنه أخص أي في الصدق والأفراد لأنه يلزم من الرشد التكليف ولا عكس وليس هذا بمراد ولولا قول غ
ــ
جناياته الخ ظاهره يقتضي أن هذا التفصيل جار في الطافح ومن عنده نوح من التمييز وليس كذلك بل الطافح كالمجنون لا يؤاخذ بشيء أصلًا لا جنايات ولا غيرها وإنما التفصيل فيمن عنده نوع من التمييز قال ابن رشد في كتاب النكاح سكران لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فلا خلاف أنه كالمجنون في جميع أقواله وأفعاله إلا فيما ذهب وقته من الصلوات فقيل إنه لا يسقط بخلاف المجنون وسكران معه بقية من عقله قال ابن البيّع يجوز عليه كل ما فعل من بيع وغيره وقيل تلزمه الجنايات والعتق والطلاق والحدود ولا يلزمه الإقرار والعقود وهو مذهب مالك وعامة أصحابه وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب انتهى.
وقوله: فقيل إنه لا يسقط الخ ظاهره وجود الخلاف وقد بحث معه المصنف في باب النكاح من ضيح بأن الصلاة يقضيها بلا خلاف فتبين أن التفصيل إنما هو في النوع الثاني لا في كليهما وما ذكره ابن رشد نحوه للباجي وكذا المازري على ما في ح عنه خلاف ما في ضيح عنه من أنه أطلق الخلاف في النوعين واعلم أن التردد على ظاهر المصنف في الانعقاد وعدمه وهو ما عليه ابن الحاجب وابن شاس وتعقبه طفى بأن الذي تواطأت عليه الطرق أن الخلاف في اللزوم وعدمه مع الاتفاق على الصحة ونقل كلام ابن رشد والباجي والمازري وفيه نظر ولا دليل له في قول ابن رشد والباجي في الطافح أنه كالمجنون لأن مرادهما كما
لأنه أعم لأمكن أن تعلل الأولوية بأنه يلزم عليه حذف عاطف ومعطوف فقط وقرينته ما هو بقربه من قوله لا إن أجبر عليه الخ بخلاف المصنف فإن فيه حذف الواو مع ما عطفت مرتين مع بعد قرينة أولهما وإن كان الكتاب كله كشيء واحد كما مر وأجيب عن غ أيضًا بأن الضمير في أنه لقول المصنف تكليف لا لقول غ رشد (لا إن أجبر) العاقد (عليه) أي على البيع وكذا على سببه وهو طلب مال ظلمًا ولو لم يجبر على البيع على المذهب (جبرًا حرامًا) وهو طلب ما ليس بحق فيصح ولا يلزم في الجبر على البيع إجماعًا ولا على سببه على المذهب لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] ولخبر لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس وسواء كان الجبر لمسلم أو ذمي كضغطه فيما يعتدي عليه به من الجزية أو الخراج علم المشتري بضغط البائع أم لا مع إثم العالم بالجبر وحرمة المسلم أشد وسواء باع المضغوط بنفسه متاعه أو باعه قريبه أو غيره بإذنه أما لو باع قريبه أو زوجته مال أنفسهما لتخليصه ولو من العذاب فليس ببيع مضغوط لاختيارهما في ذلك فهو حسبة منهما خلاف ما يوهمه كلام جد عج إلا الوالدين إذا عذب ولدهما فباعا أو أحدهما شيئًا من متاعهما فإنه إكراه لأن الولد إذا عذب بين يدي والديه أي أو علما بتعذيبه فكأنه إكراه للوالدين فلا حسبة والله تعالى يقول: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233] قاله أبو الحسن ولكن تقدم للمصنف أنه جعل قتل ولده إكراهًا للوالد لا تعذيبه لكنه في الطلاق فقد يفرق بقوة الاحتياط في الفروج وسواء أيضًا أخرج
ــ
في ح أنه مثله في عدم الانعقاد ويدل عليه ما تقدم لا في عدم اللزوم كما فهمه طفى بناء على ما تقدم أنه قد مر ما فيه ولا دليل له أيضًا في حكايته المازري الخلاف في اللزوم عدمه لما في ح وسلمه طفى وأن كلامه في المعلم يقتضي أنه إنما تكلم على من معه بقية من عقله فانظره (لا إن أجبر عليه جبرًا حرامًا) قول ز أي أو عزله من منصبه الخ في كون مجرد الخوف من العزل مسقط انظر وفي ق عن ابن عرفة ما يقتضي خلافه ونصه بعد أن ذكر عن مطرف أن وكيل الظالم غير معذور في فعله وإن خاف القتل أو نحوه إن لم يفعل قال ابن عرفة هذا ونحوه من نصوص المذهب مما يبين لك حال بعض القضاة في تقديمهم من يعرفون جرحته شرعًا للشهادة في الدماء والفروج ويعتذرون بالخوف من موليهم القضاء مع أنهم فيما رأيت لا يخافون منه إلا عزلهم عن القضاء اهـ.
وقول ز ولو أكره على دراهم تقي بعض سلعته بها الخ في عد هذا من الإكراه على جميع السلعة نظر وقياسه على مسألة من أخفى دراهم عنده وباع سلعته غير ظاهر نعم إن لم يجد من يشتري البعض الذي يفي بما ضغط فيه أو وجد من يشتريه لكن ببخس كثير فباع السلعة كلها فهو إكراه عليها والله أعلم وبعد كتبي هذا رأيت لابن فرحون في تبصرته ما نصه مسألة ومن أكره على هبة نصف دار أو عبد فوهب جميع ذلك أو على أن يهب ألفًا فوهب ألفا وخمسمائة فهذا كله باطل وكذا لو أكره على أن يبيع أمته لفلان فوهبها له أو على أن يقر له بألف فوهب له ألفًا فذلك كله باطل اهـ.
المضغوط للبيع مكبولًا أو موكلًا به حارس أو أخذ عليه حميل أو كان مسرحًا دون كفيل إلا أنه إن هرب خلفه الظالم إلى منزله بالأخذ والمعرة في أهله أي أو عزله من منصبه أو التزامه أو وظيفته وسواء كان له عين غير ما باعه أو لم يكن قاله ح ولا يلزمه بيعه خلافًا لبعض شيوخ عج لخشيته من الظالم أن يزيد عليه ظلمه إذا أعطى ما عنده من النقد بخلاف إشاعة بيع متاعه ابن عرفة عن سحنون لو أكره على بيعه بثمن فباعه بأكثر ولا قدرة له على عدم البيع فهو مكره انتهى.
ولو أكره على دراهم تفي بعض سلعته بها فباعها كلها فمن الإكراه كما يفهم من مسألة من أكره على دراهم وعنده دراهم تفي بها أو تزيد عليها ولم يدفع منها وباع سلعة من سلعة فإنه يكون في بيعها مكرها كما مر عن ح والظاهر أن من أكره على بيع بعض سلعته فباعها كلها أنه لا يكون مكرها في بيع البعض الذي لم يكره على بيعه حيث وجد من يشتري الذي أكره على بيعه بثمنه المعتاد له أو ببخس يسير والظاهر أيضًا أن الإكراه على سبب الخلع لا يكون إكراهًا على الخلع فمن أكره على مال ولا يمكنه وفاؤه لا بمخالعة امرأته فخالعها لذلك فإنه يلزمه طلاق الخلع وقولي فيصح ولا يلزم مدلول المصنف إذ قوله لا أن أجبر عليه عطف على مقدر دل عليه المقام والسياق أي فكل رشيد يلزمه البيع أن طاع شرعًا لا أن أجبر عليه الخ وقولي أن طاع شرعًا يدخل فيه من أكره بحق فإنه طائع شرعًا كما يأتي وأفاد المصنف أن البيع من المكره بالفتح منحل من جانبه وله أن يلزم المشتري منه ما اشتراه بالثمن الذي باعه به ولا كلام له وسكت عن شراء
ــ
وهذا يدل لما قاله ز من أن بيع جميع السلعة وبعضها يفي بالدراهم التي ضغط فيها من الإكراه ويدل على أن من أكره على بيع بعض سلعته فباع جميعها إكراه مطلقًا خلاف ما فعله ز والله أعلم وقول ز وسكت عن شراء المضغوط إلى قوله قاله صر نص ما لصر في حواشي ضيح قال الشيخ أبو الحسن في أخذ كراء الدور والأرضين ما نصه وفي قرض المضغوط قولان والمشهور لا يلزمه وفي بيعه قولان والمشهور لزومه اهـ.
فلعل قوله وفي بيعه أي البيع منه وأما إن كان المراد بيع متاعه لغيره فيشكل قوله والمشهور لزومه لأنه خلاف المذهب على ما تقدم وإن وافق كلام اللخمي والسيوري اهـ.
كلام صر قال الشيخ أبو علي عقبه وهو كلام مشكل على كل حال فإن شراءه إن كان ضغطًا فلا فرق بينه وبين البيع وفي المعيار عن القلشاني أن من اشترى سلعًا يدفعها في مظلمة والبائع يعلم بضغطه هو بمنزلة بيع المضغوط ويرجع بائعها بالثمن أو بأعيانها إن وجدت عند الضاغط قال ولم أرها منصوصة اهـ.
وكذا تشهير عدم اللزوم في القرض فيه نظر فقد قال في ضيح ولو أعطى المضغوط حميلًا فتغيب فأخذ المال من الحميل لم يرجع الحميل عليه بشيء بخلاف ما لو أخذ ما ضغط فيه من رجل سلفًا فقال أصبغ يرجع عليه بما سلفه لأن السلف معروف قال فضل وعلى أصله فيرجع عليه الحميل لأن الحمالة معروف اهـ.
المضغوط شيئًا لأنه لازم له على المشهور وقيل لا يلزمه قاله صر والفرق بينه وبين عدم لزوم بيعه متاعه أن في الشراء إدخالًا في ملكه بخلاف بيعه وهذه حيلة حسنة تنفع رب الدين على مضغوط يتسلف منه حال ضغطه فيبيعه سلعة بدين ثم يتبعه به في ذمته ولا يسلفه نقدًا لأنه لا يلزم ما تسلفه حال ضغطه وإنما يرجع به المسلف على الظالم قال: صر قياسًا على حميل المضغوط إذا غرم فإنهم صرحوا بأن المشهور إنه لا يرجع على المضغوط وبأنه يرجع على الظالم فقياسه أن المسلف له كذلك وعلى هذا فيستوي بيعه لمتاعه والحمالة عنه وقرضه مالًا في عدم اللزوم وأما إذا ضغط الحميل نفسه بسبب حمالته فباع متاع نفسه فلا يلزم البيع أيضًا واحترز بقوله: جبرًا حرامًا من الجبر الشرعي كحبر القاضي المديان على البيع لوفاء الغرماء أو المنفق للنفقة أو ملتزم الكورة أي الأقليم أو البلد مثلًا بمال فيعجز عنه فيجبر على البيع لذلك أو الجزية أو الخراج الحق فليس من ذلك بل هو جائز لازم وجائز شراؤه لكل أحد إلا أن يكون معسرًا فيلجأ إلى بيع ما يترك للمفلس فكالإكراه الظلم ومن الإكراه الحق الجبر على بيع الأرض للطريق أو لتوسيع المسجد والطعام إذا احتيج له وهذه من المسائل العشرة التي يجبر الشخص فيها على بيع ماله ومنها الكافر يجبر على بيع عبده المسلم أو الصغير وعلى بيع مصحف في ملكه كما يأتي للمصنف ومالك الماء لمن به عطش أو لزرعه وصاحب الفدان في رأس جبل يحتاج الناس إليه في الحراسة من العدو وصاحب الفرس أو الجارية يطلبها السلطان وإن لم تدفع له أضر بالناس فيجبر على الدفع وظاهره ولو مجانًا ورب علج على بيعه لفداء مسلم إذا قال من هو في يده لا أفديه إلا به بل وإن لم يقل فيما يظهر حيث علم إنه لا يطلقه إلا بالعلج المذكور وله الأكثر من قيمته وثمنه أن اشتراه وقيمته إن لم يشتره في هذا وفيما قبله ويكون ذلك كله في بيت المال كما يفيده من حيث المعنى قول المصنف وفدى بالفيء الخ وانظر هل يجري ذلك في مسألة الفدان والأمة أو الفرس يطلبها السلطان من كون مالكها له الأكثر من الثمن والقيمة أم لا لأن مسألة العبد النفع فيها متعلق بخاص بخلافهما قاله عج: وقوله: لتوسيع المسجد نحوه للمصنف فيما يأتي ولتت هنا وفي د تقييده بمسجد الجمعة ونصه عند قوله: ومضى في جبر عامل ولو أدخل الكاف على عامل لكان أحسن أيضًا لشموله لجبر ذي ربع افتقر إليه لتوسيع مسجد الجمعة على بيعه
ــ
وقاله في النوادر ونقل ابن رشد عن ابن دحون يلزمه رد ما تسلف ولم يحك خلافه اهـ.
انظر ح فتبين أن المنصوص في الحميل أنه لا يرجع وفي المسلف أنه يرجع وقول ز قال صر قياسًا على حميل الخ لم أجد هذا القياس عند صر في حواشي ضيح وهو قياس غير ظاهر إذ من حجة المضغوط أن يقول للحميل أنت الذي ظلمت ومالك لم تدفعه إلي بخلاف المسلف على أن النص مضى في المسلف بخلافه وقول ز وانظر هل المعتمد الإطلاق أو التقييد الخ الواقع في كلام ابن رشد كما في ق هو التقييد بمسجد الجمعة وهو الظاهر فتأمله
ولجبر ذي أرض تلاصق طريقًا هدمها نهر لا ممر للناس إلا منها على بيعها بثمن يدفعه الإمام من بيت المال الخ وانظر هل المعتمد الإطلاق أو التقييد لعدم صحة الجمعة بغير جامع بخلاف غيرها من الصلوات فإن قلت: الجمعة تصح برحبته وطرف متصلة به أن ضاف أو اتصلت الصفوف كما قدم المصنف أو مطلقًا كما لابن رشد فليس توسيعه لأجل الجمعة ضروريًّا قلت لعله أن الصحة بعد الوقوع فلا ينافي طلب الأمر بإيقاعها ابتداء فيه فمن هذه الحيثية جبر على توسيعه (وردّ عليه) ما جبر على بيعه أو على سببه ولا يفيته تداول أملاك ولا عتق ولا هبة ولا إيلاد ويحد المشتري أن علم ووطئ فلا يدرأ الحد بيع المكره وإن كان صحيحًا لعدم لزومه وكذا بيع الفضولي على ما يأتي في باب الزنا إن شاء الله (بلا ثمن) هذا فيما إذا أجبر على سبب البيع لا فيما إذا أجبر على البيع وإن كان الظاهر من كلامه الثاني فقوله: وردّ عليه عام وقوله: بلا ثمن خاص بما إذا أجبر على سبب البيع إذا علم أن الظالم أو وكيله قبضه من المضغوط أمن المشتري أو جهل هل قبضه الظالم أو وكيله أو رب المتاع أو لم يعلم هل دفعه المضغوط للظالم أو بقي عنده أو صرفه في مصالحه أم لا وكذا إن علم بقاؤه عنده وتلف بغير سببه فيما يظهر فإن علم أنه صرفه في مصلحته أو بقي عنده أو أتلفه عمد ارجع عليه به ولا فرق في قول المصنف بلا ثمن بين علم المشتري بضغط البائع أم لا عند ابن القاسم وقال سحنون هذا إن علم بضغطه وإلا ردّ عليه بالثمن ومقتضى التوضيح أن كلامه مقابل وإن قول ابن القاسم هو المعتمد وهو ظاهر المصنف أيضًا حيث لم يقيد ذلك بالعلم وحيث ردّ عليه بلا ثمن فيرجع به المشتري على الظالم أن أقبضه له وعليه أو على وكيله أن أقبضه لوكيله حيث ثبت إنه دفعه للظالم أو إن الظالم أوصاه بقبضه وإلا فعلى الوكيل فقط وينبغي أن يجري مثل هذا فيمن أكره شخصًا على دفع مال ووكل من يقبضه منه وربما يدل عليه ما لابن عرفة كما في تت وأشعر قوله: ردّ عليه بأنه باق فإن وجده قد فات أي بتلف أخذ الأكثر من قيمته وثمنه من الظالم أو وكيله على التفصيل المتقدم وإنما لم يرجع قوله: بلا ثمن لما إذا أكره على البيع فقط دون أخذ الثمن منه لأنه عنده فيرده للمشتري إن كان قائمًا وإن
ــ
(ورد عليه بلا ثمن) قول ز ويحد المشتري إن علم ووطىء الخ ظاهره أن الحد في كل من الجبر على البيع والجبر على سببه وفيه نظر إذ لم يذكره ابن رشد إلا في الجبر على البيع ونقله ح وغيره وأما الجبر على سبب البيع فإن الخلاف الذي فيه شبهة يدرأ بها الحد وهو ظاهر كيف والعمل جار فيه بلزوم البيع في زمننا وهو قول ابن كنانة وأفتى به اللخمي والسيوري واستحسنه حذاق المتأخرين ومال إليه ابن عرفة وأفتى به ابن هلال والعقباني والسرقسطي ونقل العقباني أن الفشتالي قاضي فاس به كان يفتي نقله في المعيار ونقل الشيخ القصار عن المواسي مفتي فاس أنه جرى به الحكم في مدينة فاس أكثر من مائتي سنة وفي العمليات: وبيع مضغوط له نفوذ، الخ وقول ز وقال سحنون هذا إن علم الخ تفصيل سحنون إنما هو إن كان المضغوط هو الذي قبض الثمن وإلا لم يغرمه مطلقًا هذا الذي يدل عليه كلام
تلف عند البائع ردّ متاعه عليه ولا رجوع للمشتري عليه بالثمن لطوعه بالشراء إن ثبت ببينة إنه تلف بغير سببه فإن لم يثبت بل ادعاه ففي تصديقه قولان لسحنون. وهما متساويان ولو تلف المبيع عند المشتري في الإكراه على البيع فقط فلربه ردّ ثمنه وأخذ قيمته إن زادت من المكره بالكسر أو المبتاع ولا رجوع لأحدهما على الآخر وانظر لو تنازع البائع والمشتري هل الإكراه على البيع فيرد على المشتري الثمن أو على سببه فلا يرد عليه ولم تقم قرينة على أحدهما والظاهر أن القول للبائع لاتفاقهما على الضغط واختلافهما في صفته لا قول عج الظاهر أن القول قوله: لأن هذا اختلاف في صفة الإكراه وهو موافق للاختلاف في أصله كما يأتي انتهى وإن تنازعا في الضغط وعدمه فالقول لمدعي عدمه كما يفيده البرزلي وابن فرحون وصرح بمفهوم قوله: حرامًا مع بيان مثال الجبر الحلال بقوله: (ومضى) البيع المجبور عليه من السلطان (في جبر عامل) على بيع ما بيده ليوفي من ثمنه ما ظلم غيره لأن إغرامه العمال ما ظلموه للناس حق فعله السلطان كذا عللوا ويؤخذ منه أن بيعه جائز بل مطلوب فلو عبر المصنف بجاز بل بطلب لطابقه ثم طلب السلطان بالبيع حيث احتاج له فإن غصب العامل أعيانًا باقية علم ربها ردت له والمراد بالعامل من يتقبل بالباء الموحدة الكورة أي يلتزم الأقليم أو البلد ويظلم الناس وكذا كل حاكم ظلم في حكمه فيبيع لسلطان عليه واعلم أنه إنما يبيع عليهم في جميع ما مرّ ما مزاد على ما كان بأيديهم قبل التولية من كسبهم ومن حقهم في بيت المال على الوجه الشرعي وهذا إذا أحصى ما كان بأيديهم قبلها فإن لم يحص ولم يعلم كان للسلطان أخذ ما زاد على شطر ما بأيديهم كما يفيده ابن عبد السلام وابن فرحون والتوضيح وكتب عليه صر ما يفيد اعتماده قاله عج قلت: لعل محل أخذ الشطران وفي ذلك ما ظلم فيه وإلا أخذ جميع ما بيده وإنما يترك له ما يترك للمفلس ويدل له ما يأتي في باب الفلس وعبر المصنف هنا بجبر مصدر جبر وفيما مر بأجبر عليه لأن فيه لغتين ففي القاموس جبره على الأمر أكرهه كأجبره انتهى.
ــ
ابن رشد وابن سلمون واعلم أن ابن الناظم قيد كلام والده في التحفة بكلام سحنون هذا فيظهر منه أنه الراجح في المذهب ونسبه لابن رشد في نوازله فانظره (ومضى في جبر عامل) ابن رشد الذي مضى عليه عمل القضاة أن من تصرف للسلطان في أخذ المال وإعطائه أنه إذا ضغط فبيعه جائز ولا رجوع له فيه وإن كان لم يتصرف في أخذ المال وإعطائه فلا يشتري منه إذا ضغط فإن اشترى منه فله القيام وهو صحيح لأنه إذا ضغط فيما خرج عليه من المال الذي تصرف فيه أو تبين أنه حصل عنده منه فلم يضغط إلا فيما صار عنده من أموال المسلمين وذلك حق اهـ.
من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان وبه تعلم سقوط التعقب على المصنف في تعبيره بالمضي دون الجواز وأن معنى قوله ومضى في جبر عامل ومضى عمل القضاة بجواز البيع في جبر عامل وقول ز وإنما يترك له ما يترك للمفلس الخ سيأتي عند قوله وترك له قوته لز نفسه أن ما
ولما ذكر شرط الصحة واللزوم ذكر شرط الجواز ودوام الملك مع صحته ويجوز شراء القريب الذي يعتق على المشتري وإن لم يدم ملكه بقوله: (ومنع) على مسلم وكافر لخطابه بفروع الشريعة (بيع مسلم) صغير أو كبير (ومصحف) وكذا جزؤه (وصغير) كافر يجبر على الإسلام وهو حربي غير مؤمن (لكافر) ومفهوم صغير أن الكتابي الحربي الكبير يباع لكافر إن كان على دينه أن أقام به عندنا ففي مفهوم صغير هنا تفصيل بينه بقوله الآتي: وله شراء بالغ على دينه الخ فلا اعتراض عليه والمراد بالكبير من المجوس أو من أهل الكتاب من عقل دينه سواء بلغ أم لا وهذا لا ينافي قولهم يجبر المجوسي مطلقًا وصغير الكتابيين الحربيين ومثل البيع الهبة والصدقة وقول المدونة هبة المسلم للكافر جائزة معناه ماضية لا أنها تجوز ابتداء ثم يجبر على إخراجه قاله ح: عن أبي الحسن وكلام تت يقتضي أن الهبة تجوز ابتداء وفيه نظر وكذا يمنع أن يباع للحربيين آلة الحرب من سلاح أو كراع أو سرج وجميع ما يتقوون به على الحرب من نحاس أو خباء أو آلة سفر وما عونه ويجبرون على بيع ذلك أن وقع قال في التوضيح وكذا الدار لمن يتخذها كنيسة والخشبة لمن يتخذها صليبًا والعنب لمن يعصره خمرًا والنحاس لمن يتخذه ناقوسًا وكل شيء يعلم أن المشتري قصد به أمرًا لا يجوز كبيع الجارية لأهل الفساد الذي لا غيرة لهم لو يطعمونها من حرام والمملوك ممن يعلم منه الفساد به (وأجبر على إخراجه) فيما ذكر المصنف وفي جميع ما مر كما في التوضيح ودل كلامه على أنه لا فسخ مع القيام بل يمنع ذلك ابتداء ويمضي بعد الوقوع ولو مع القيام ولكن يجبر على الإخراج في
ــ
ذكره هنا ضعفه التادلي وأن المشهور أن لا يترك له إلا ما يسد به جوعته (ومنع بيع مسلم ومصحف وصغير لكافر) ابن عرفة والمبيع شرطه تقرر ملك مبتاعه عليه ولو وجب عتقه إذ به يجب فالمسلم كالمصحف لا يباع لكافر وسمع عيسى ابن القاسم يمنع بيع مصحف ابن مسعود ابن رشد لأن قرآنيته لم تثبت قلت وعليه بيع ما يوجد اليوم على أنه التوراة والإنجيل اهـ.
وقول ز وكذا يمنع أن يباع للحربيين آلة الحرب الخ قال ح وأما بيع الطعام فقال ابن يونس عن ابن حبيب يجوز في الهدنة وأما في غير الهدنة فلا قاله ابن الماجشون اهـ.
قلت كلام الشاطبي في المعيار يقتضي أن المذهب المنع مطلقًا وهو الذي عزاه ابن فرحون في التبصرة وابن جزي في القوانين لابن القاسم انظر شرح أبي علي والله أعلم وذكر في المعيار عن الشاطبي أيضًا أن بيع الشمع لهم يمنع إذا كانوا يستعينون به على ضرر المسلمين وإن كان لأعيادهم فمكروه اهـ.
(وأجبر على إخراجه) قول ز ومقتضى ابن عرفة أن هذا هو الراجح الخ بل صرح المازري بأنه المشهور وهو مذهب المدونة ونسب سحنون مقابله لأكثر أصحاب مالك قال ابن رشد والخلاف مقيد بما إذا علم البائع بأن المشتري كافر وأما إذا ظن أنه مسلم فإنه لا يفسخ بلا خلاف ويباع عليه نقله في ضيح ولم يذكره ابن عرفة ولا ابن شاس وفي الشامل ما
القيام والفوات ومقتضى ابن عرفة أن هذا هو الراجح وأن القول بفسخه مع القيام مقابل وجعلهما صر احتمالين على عبارة التوضيح المتقدمة ابن عبد السلام ويعاقب المتبايعان على البيع المذكور إن لم يعذرا بجهل والإخراج (بعتق) وأولى ببيع وقال د لم يذكر الجبر على إخراجه بالبيع إذ لو ذكره لاقتضى إنه يتولى البيع وهذا وإن وافق ظاهر المدونة لكن تعقبها أبو الحسن أن فيه إهانة المسلم بل ببيع الإمام عليه أي وتولي الكافر العتق والهبة والصدقة ليس كتوليه البيع في إهانة المسلم انتهى.
باختصار وقد يقال لا نسلم إنه لو ذكر البيع لاقتضى أن الكافر يتولاه اقتضاه صريحًا كالنص وفرق بين هذه المسألة وبين مسألة من اشترى دينًا على رجل قاصدًا تعنيته فإنه يفسخ ولا يباع مع أن الجامع بينهما انتقال الملك إلى العدو بوجهين:
الأول: لأبي الحسن أن الأولى عداوة عامة.
والثانية: خاصة وهي أقوى ألا ترى أنها ترد بها الشهادة الثاني أن الدين يتعذر بيعه غالبًا بخلاف العبد والمسلم والمصحف (أو هبة ولو لولدها الصغير) المسلم أي أن الكافرة إذا اشترت من تجبر على إخراجه ووهبته لولدها المسلم الصغير فإنه يكفي ويتصور كون ولدها الصغير مسلمًا بأن يكون من زوجها المسلم أو الكافر وأسلم الولد نفسه لصحة إسلام الصغير المميز ولو لم ينفر من أبويه على المذهب خلافًا للمصنف في الجنائز وأولى لولدها الكبير الرشيد المسلم وقدرتها على الاعتصار من الصغير ليست مانعة من الاكتفاء بها في الإخراج (على الأرجح) خلافًا لابن مناس محتجًا بعدم الاكتفاء في حلية إحدى الأختين بهبة الأخرى لمن يعتصرها منه وفرق ابن يونس بأن ملك الأختين
ــ
يقتضي ضعفه فإنه قال قيل والخلاف مقيد بما إذا علم الخ فضعفه بقيل وقول ز وفرق بين هذه المسألة الخ ذكر الفرق بينهما في التهذيب ونصه في كتاب المديان وإن اشترى نصراني مسلمًا أو مصحفًا كان البيع فاسدًا وليس كالأول لأن منع الأول لحق آدمي وهذا لحق الله سبحانه اهـ.
وقول وليس كالأول أراد به بيع الدين لعدو المدين الخ (ولو لولدها الصغير على الأرجح) ما رجحه ابن يونس هو قول ابن الكاتب وأبي بكر بن عبد الرحمن ومقابله لابن مناس بالميم المفتوحة قبل النون وقول ز وأولى لولدها الكبير الخ وجه الأولوية مع أن الكبير والصغير سواء في الاعتصار منهما أن الكبير بصدد أن يفوتها على الواهبة بخلاف الصغير لعدم إمضاء تصرفه وإنما ذكر المصنف الصغير لأن فيه فرض الخلاف والترجيح عند ابن يونس فافهم وقول ز فكأنه رأى أن لا فرق بينهما وهو كذلك الخ اعترض طفى جواب ح قائلًا أنه لا ينجي من المؤاخذة على المصنف في تخليطه بين المسألتين فكان عليه أن لا يعتمد نظره في مساواتهما وكلام ابن عرفة يدل على أن بينهما بونا ونصه قول ابن شاس وابن الحاجب للكافر يشتري المسلم عتقه وصدقته وهبته من مسلم قبلوه ولا أعرفه نصًّا ودلالة بيعه عليه دون فسخه واضحة وفيه على الفسخ نظر وفي أخذه مما يأتي في ولد عبد النصرانية نظر اهـ.
مسلم له الاعتصار والكافرة ممنوعة منه فإن اعتصرت أجبرت على الإخراج قال ح الخلاف المذكور وترجيح ابن يونس إنما هو في مسألة عبد النصرانية يسلم وذكره المصنف في اشتراء الكافرة المسلم فكأنه رأى أن لا فرق بينهما وهو كذلك انتهى.
والذكر الكافر كالأنثى فإنها فرض مسألة (فرع) قد يجبر الكافر على بيع عبده الكافر الكبير الذي على دينه قال ابن عرفة: الإسلام الحكمي كالوجودي فيها إن أسلم وله ولد من زوجته النصرانية الملك لسيده بيع الثلاثة عليه لمنع بيع الصغير دون أمه انتهى وإيضاحها أن يسلم عبد وله من زوجته النصرانية المملوكة لسيده الكافر ولد رضيع فولدها منه تبع له في الإسلام ويباع العبد من مسلم والأم لما صار ولدها مسلمًا بإسلام أبيه وجب أن تباع مع الولد من مسلم بالقضاء لحرمة التفرقة (لا) يكفي الإخراج (بكتابة) مع تولية قبض نجوم الكتابة بل تباع كما سيفيد وجوب بيعها بقوله: ومضت كتابة كافر لمسلم وبيعت فلا يقال: قد كفت الكتابة في الإخراج ولو أدخل كافًا على كتابة ليشمل التدبير والاستيلاد كان أولى ويؤجر المدبر عليه وصورة الاستيلاد أن نسلم أمته القن فيطأها بعد إسلامها فتحمل منه فينجز عتقها عليه إلا أن يسلم هو قبل عتقها عليه وكذا إن أولدها قبل إسلامها أي وطئها وهي قن فحملت منه ثم أسلمت كما رجع إليه مالك فيهما كما ذكره ح عن المدونة وتباع خدمة معتق لأجل وبيع عليه جميع معتق يعضه أسلم وقوّم باقيه على سيده الكافر ليسره وإلا بيع عليه بعضه المملوك له (ورهن) لعبد أسلم عند ذمي فرهنه بعد إسلامه فلا يكفي رهنه في إخراجه بل يباع عليه (وأتى) الذمي للمرتهن (برهن ثقة) فيه وفاء للدين (إن علم مرتهنه بإسلامه ولم يعين) أي لم يقع عقد المعاملة من قرض أو بيع على رهن بعينه (وإلا) بإن لم يعلم المرتهن بإسلامه عين أم لا أو علم بإسلامه وعين (عجل) الحق في الثلاث صور إن كان موسر أو الدين مما يعجل بأن كان عينًا مطلقًا أو عرضًا من فرض فإن كان عرضًا من بيع خير المرتهن في قبول التعجيل وفي بقاء ثمن
ــ
ومراده بما يأتي نقله عن المدونة إن أسلم رقيق نصرانية جازت صدقتها به على صغار ولدها من زوج مسلم ثم ذكر خلاف الصقلي وغيره في الهبة الذي أشار إليه المصنف ووجه النظر أن الكلام هنا في العبد المسلم إذا بيع الكافر وقلنا يجبر على إخراجه ومسألة المدونة وكلام ابن يونس في غير ذلك كما ترى فبينهما بون اهـ.
وقول ز والذكر الكافر كالأنثى الخ نحوه في ح وهو يحتاج إلى نص والقياس على الأم لا ينهض للفرق بأن الأب له تسلط على مال ولده بخلاف الأم فلا حجر لها عليه غالبًا وإن اشتركت مع الأب في الاعتصار فلعل فرض المسألة مقصود لذلك والله أعلم قاله أبو علي رحمه الله (لا بكتابة) قول ز وبيع عليه جميع معتق بعضه الخ في عبارته قلق والصواب لو قال وبيع عليه ما يملكه من معتق بعضه فإن أعتق هو بعضه قوّم باقيه عليه أي على سيده الكافر الخ (إن علم مرتهنه بإسلامه ولم يعين) القيد الأول لابن محرز والثاني لبعض القرويين
العبد الذي أسلم رهنًا وفي الإتيان برهن مكانه ولا يخير في بقاء العبد رهنًا لأن فيه استمرار ملك الكافر للمسلم ولا يجبر المرتهن على بقاء دينه بلا رهن.
تنبيه: ترك المصنف قيدًا في الإتيان برهن ثقة أيضًا وقيدًا أيضًا في تعجيل الحق فالأول محل الإتيان برهن ثقة حيث أراد الراهن أخذ الثمن الذي يباع به العبد الذي لم يكتف برهنه على ملك سيده الكافر فإن أراد تعجيله في الدين فله ذلك كما لد تبعًا للشارح والتوضيح وظاهره ولو كان دون الدين لأن ثمن الرهن يقوم مقامه ثم يتبعه بباقي ما عليه وأما في الصور التي يلزم فيها تعجيل الدين فليس له أن يلزم المرتهن بقبول ثمن العبد حيث كان دون الدين بل للمرتهن جبره على تعجيل الدين كله والقيد المتروك في قوله: عجل هو أن محله إذا أسلم العبد الرهن قبل رهنه كما يشعر به قوله: إن علم مرتهنه بإسلامه وأما أن أسلم بعد رهنه فللراهن أن يأتي برهن ثقة في الصور كلها اتفاقًا لعذر الراهن وعدم تعدية ثم شبه في التعجيل قوله: (كعتقه) أي إذا أعتق الكافر عبده المسلم الذي رهنه عند أمره ببيعه فإنه يعجل الحق سواء كان موسرًا أو معسرًا ولا يبقى المعسر لئلا يدوم ملكه على مسلم وبهذا يعلم أن التفصيل الآتي أي في الرهن من قول المصنف ومضى عتق الموسر وكتابته وعجل والمعسر يبقى في غير الكافر كذا قرره بعض شيوخنا قاله د ولا يخفى أن تعجيل الحق من المعسر إنما يكون برد عتقه وبيع العبد عليه فلا ضرر على المرتهن وهل يقيد التعجيل في هذه بما إذا كان مما يعجل والأحرى فيه ما مر وهو الظاهر أم لا ورد عج على د قوله: أن ما يأتي في غير الكافر بإنه خلاف ظاهره الشامل للسيد المسلم والكافر وظاهر شراحه أي فما هنا مجمل وما يأتي تفصيل له ولغيره (و) إذا باع الكافر عبده المسلم (جاز رده عليه بعيب) بناء على أنه نقض للبيع وهو المذهب وقيل لا يجوز بل يرجع بأرشه بناء على أن الرد بالعيب ابتداء بيع ولا يقال على جواز رده لا يتولى لبيع إلا السلطان وبيعه بيع براءة لأنا نقول بيعه ليس ببيع براءة في هذه المسألة بل في مسألة المفلس (وفي خيار مشتر مسلم) خبر مقدم مبتدؤه (يمهل) لأنه مستعمل في الحدث فقط أولًا أن حذفت وارتفع الفعل وليس هذا من الشاذ وإنما الشاذ
ــ
(كعتقه) قول ز كذا قرره بعض شيوخنا الخ مثله للشيخ أحمد بابا وهو ظاهر وما رده عج به غير صواب وكذا ما في ح ومن تبعه من نصر ما هنا على الموسر غير صواب وحمله ق على عتق الكافر عبده المسلم وهو تكرار مع قوله وإن بعتق الخ (وجاز رده عليه بعيب) قول ز بل في مسألة المفلس الخ هذا التخصيص تبع فيه عج ولم نجد ما يشهد له من كلام الأئمة فالصواب إبقاء القاعدة على أصلها وأما السؤال فإنه غير وارد إلا على من فرض المسألة فيما يشمل إسلامه قبل البيع وبعده كالمصنف وبعض شروحه كح أما من فرضها في خصوص إسلامه بعد البيع كابن رشد وابن شاس وابن عبد السلام وابن عرفة وق فلا يرد عليه شيء تأمل (وفي خيار مشتر مسلم) قول ز خبر مقدم مبتدؤه يمهل الخ في هذا الإعراب تكلف
نصبه مع حذف أن (لانقضائه) أي الإمهال أي انقضاء أمد الخيار ثابت في خيار مشتر مسلم أي إذا باع لكافر عبده الكافر لمسلم بخيار للمسلم ثم أسلم العبد زمن الخيار فيمهل المشتري المسلم لانقضاء أمده فإن رده لبائعه جبر على إخراجه بما تقدم (ويستعجل الكافر) المشتري بخيار له أو لبائعه والمسألة بحالها أسلم العبد زمنه ومالكه كافر باعه قبل إسلامه بخيار له أو للمشتري فيستعجل من له الخيار منهما لئلا يلزم بقاء المسلم تحت يد كافر وشبه في تعجيل السلطان بيعه قوله: (كبيعه أن أسلم) العبد في غيبة سيده الكافر (وبعدت غيبة سيده) بأن كانت على عشرة مع إلا من أو يومين مع الخوف وهل يتلوم له أن رجى أم لا فيه الخلاف الذي ذكره في الخيار بقوله: فتلوّم في بعيد الغيبة أن رجى قدومه كأن لم يعلم موضعه وفيها أيضًا نفي التلوم وفي حمله على الخلاف تأويلان واقتصار ح على التلوم حيث رجى قدومه فيه قصور واقتصر د عن المشذالي على أن جهل الموضع كبعد الغيبة ومفهوم المصنف أن قربت غيبته لم يبع بل يكتب له لاحتمال إسلامه قبل إسلام العبد أو بعده وقبل بيعه فإنه أحق به قال د فرع لو بيع عليه أي في منطوق المصنف ثم قدم وأثبت أنه أسلم قبله نقض البيع ولو أعتقه المشتري نقض
ــ
والظاهر أن المجرور يتعلق بيمهل وأنه لما قدم عليه وقع الظاهر في موضع المضمر والعكس والأصل ويمهل مشتر مسلم بخياره لانقضائه (ويستعجل الكافر) قال ح سواء كان بائعًا أو مبتاعًا وهو ظاهر في الأول ومنصوص عليه في الثاني اهـ.
قلت بل هو منصوص عليه فيهما معًا كما في المدونة ونصها على نقل ق لو باع نصراني عبدًا نصرانيًّا من نصراني بخيار للمشتري أو للبائع فأسلم العبد في أيام الخيار لم يفسخ البيع وقيل لمالك الخيار اختر أو رد ثم بيع على من صار إليه اهـ.
وظاهر المصنف أن الكافر يستعجل سواء كان العاقد معه مسلمًا أو كافرًا والذي في نص ابن يونس أن ذلك محله إذا كان العاقدان كافرين ونصه قال بعض أصحابنا إذا كان المتبايعان كافرين عجل الخيار وإن كان أحدهما مسلمًا لم يعجل إذ قد يصير للمسلم منهما اهـ. وفي ابن عرفة ما نصه التونسي انظر لو كان الثلاثة كفارًا وأسلم العبد وبائعه هل يعجل تخيير لكافر كما لو أسلم العبد وحده أو يؤخر لأن الملك والخراج لمسلم قلت يريد أن الخيار للمشتري اهـ.
ولم أر في كلام ابن عرفة ولا غيره ما يوافق إطلاق المصنف فقول ز بعد هذا أن قول ابن يونس ضعيف كما في ضيح وغيره الخ قد علمت ما فيه تأمله على أن المصنف في ضيح نقل كلام ابن يونس واعتمده مقتصرًا عليه وليس فيه ما يشير إلى ضعفه فانظره ونقل أيضًا ابن عرفة عن ابن محرز كما يأتي عنه مثل النظر الذي للتونسي وأقر كلامهما (كبيعه إن أسلم) قول ز واقتصار ح على التلوّم حيث رجى قدومه فيه قصور الخ فيه نظر إذ ما في ح نقله عن أبي الحسن وقد أحال على ما يأتي في كتاب العيوب ونصه قال أبو الحسن وهذا ما لم يطمع بقدوم السيد فإن طمع بقدومه انظر يدل عليه ما في كتاب العيوب اهـ.
العتق ولو حكم فيه لأن الحكم لم يصادف محلًا انظر أبا الحسن انتهى أي إلا أن يكون الحكم من مخالف يرى أن بيعه على الوجه المذكور لا ينقض وكلام تت في ذلك غير ظاهر (وفي البائع) المسلم لعبده الكافر من كافر بخيار للبائع وأسلم العبد زمن الخيار (يمنع) البائع المذكور (من الإمضاء) لبيع المشتري الكافر ولا يستعجل الكافر لأن الفرض أن الخيار للبائع المسلم فإن جعله لمشتريه الكافر استعجل لأنه يختبره بالاستخدام ففيه إهانة المسلم ومراعاة لمن يقول الملك له زمن الخيار وقول ابن يونس لا يستعجل إن كان أحدهما مسلمًا وأطلق ضعيف كما في التوضيح وغيره وإن أوهم كلام د اعتماده فإن كان البائع كافر أو المشتري مسلمًا والخيار لكل منهما ثم لما استعجل الكافر قضى بشيء وقضى المشتري بخلافه في مدة إمهاله عمل بما قضى به المسلم ولو تقدم على ما قضى به الكافر حين استعجل حيث استمر عليه وإذا كان البائع مسلمًا والمشتري كافرًا والخيار لكل وقضى الكافر بإمضاء البيع والمسلم برده فيعمل برد المسلم وإذا كان كل كافرًا والخيار لكل وقضى أحدهما بشيء والآخر بخلافه حين استعجالهما أو قبله فيعمل بما
ــ
(وفي البائع يمنع من الإمضاء) ذكر ابن الحاجب في هذا قولين هما مخرجان كما نقله ابن شاس عن المازري على أن بيع الخيار هل منحل فيمنع من الإمضاء لأنه كابتداء بيع أو منبرم فيجوز قال في ضيح والمعروف من المذهب انحلاله ثم قال والظاهر المنع ولو قلنا إنه منبرم إذ لا فرق بين ما بيد المسلم رفع تقريره وبين ابتداء بيعه بجامع تمليك الكافر للمسلم في الوجهين اهـ.
فاعتمد المصنف هنا ما هو مخرج على المعروف من المذهب مع أن المنصوص لابن محرز خلافه ونصه لو كان البائع مسلمًا والخيار له وأسلم العبد فواضح كون المسلم على خياره ولو كان الخيار للمشتري احتمل بقاء الخيار لمدته إذ الملك للبائع وتعجيله إذ لا حرمة لعقد الكافر اهـ.
ونقله ابن عرفة وأقره وبه نظر ق وكلام المصنف وأيده بكلام ابن يونس المتقدم والله أعلم تعم في نقل ابن عرفة عن اللخمي أنه قال استحسن عدم إمضائه فإن فعل مضى اهـ.
ومثله لأبي الحسن فعدم الإمضاء عندهما مستحب فقط وقول ز فإن كان البائع كافرًا الخ هذا تتميم للصور العقلية في المسألة وهي تسع لأن المتبايعين إما كافران معًا أو الكافر البائع فقط أو المشتري فقط فهذه ثلاث وكل منها الخيار فيه إما للبائع فقط أو للمشتري فقط أو لهما فهي تسع يؤخذ مما تقدم حكم ست منها وهي ما إذا كان الخيار لأحدهما فقط وتكلم هنا على حكم الثلاث الباقية وهو أن يكون الخيار لهما معًا إلا أنه لم يتحرر كلامه فيها ومن تأمل كلام المصنف فهم حكم الصور التسع كلها منه وذلك أنه إن كان أحدهما مسلمًا والخيار لهما فإن كان المسلم بائعًا منع من الإمضاء على ما عند المصنف وإن كان مشتريًا بقي الخيار لمدته لحق المسلم ثم إن اتفقا على الرد أو الإمضاء عمل عليه وإن اختلفا قضى لمن رد منهما وفي ذلك إن صار للمسلم فظاهر وللكافر أجبر على إخراجه ومثل ما قلناه يأتي إذا كانا معًا كافرين لكن مع الاستعجال ومن صار له منهما عجل عليه بإخراجه من ملكه والله
قضى به البائع لقوة تصرفه بملكه كذا يظهر في الجميع (وفي جواز بيع من) أي رقيق كافر (أسلم) وسيده كافر يجبر على بيعه فهل يجوز له بيعه (بخيار) للبائع كما للمازري أو للمشتري أولهما للاستقصاء في الثمن لأنه وإن حدث إسلامه عنده فلا يمنع من حقه وهو استقصاؤه الثمن وهل هو ثلاثة أيام لحصول الاستقصاء بها وعليه فيستثني هذا من قوله: في الخيار وكجمعة في رقيق وعليه د تبعًا للتوضيح عن المازري أو جمعة لاستقصاء الثمن ولاختبار المبيع وهو ظاهر طلاق المصنف فيما يأتي طريقتان وعدم جواز بيعه بخيار (تردد) وعلى القول بعدم الجواز لو باع بخيار فالظاهر رد البيع قاله د فإن قيل القول بجواز بيعه بخيار يخالف قوله: ويستعجل الكافر قلت لا يخالفه لأن ما مر لما وقع البيع على الخيار أولًا فقد حصل الاستقصاء في الثمن فلا مضرة عليه في الاستعجال ولو منع هنا من بيعه بخيار ابتداء لغات الاستقصاء فيحصل له الضرر والمعنى أن نفس عقد الخيار فيه استقصاء بخلاف عقد البت لأن من يبيع الرقيق بتًّا يتساهل في ثمنه فلا يرد على الجواب إنه قد يسلم عقب بيعه بخيار في المسألة السابقة فلا يتم الفرق تأمل وأشعر قوله: بيع من أسلم أن إسلام العبد طرأ عند الكافر وهو مقتضى نص المازري وأما لو اشترى الكافر مسلمًا ابتداء وجبر على إخراجه وأراد بيعه بخيار فليس له ذلك لتعديه بشراء المسلم بخلاف إسلامه عنده فهو معذور فيه هذا هو الذي ينبغي الجزم به وعلم منه ومن المصنف هنا وفيما مر أن الأقسام ثلاثة إسلامه زمن الخيار فيستعجل الكافر وشراؤه ابتداء مسلمًا فلا يمكن من بيعه بخيار وإسلامه عنده ففيه تردد (وهل منع) بيع (الصغير) لكافر كما مر (إذا لم يكن) الصغير (على دين مشتريه) أي على معتقده الخاص لا أنه موافق له في النصرانية مثلًا فإن ذلك لا يكفي لأن تحتها أنواعًا بحيث يبغض بعض المتصف بأحدها المتصف بغيره فإنه كان على دين مشتريه جاز بيعه وينبغي اشتراط إقامته به بدار الإسلام إن راهق لا دونه انظر د (أو) المنع (مطلق إن لم يكن معه أبوه) في البيع وهو شرط في قوله: مطلق فإن كان معه أبوه في البيع أي أو كان عند المشتري كما في تت جاز مطلقًا كان على دين مشتريه أم لا ولا يكفي اجتماعهما في حوز ولكل واحد مالك (تأويلان) وهنا بحث وهو إنه إذا كان معه أبوه يباع لمن على غير دين المشتري فيؤدي إلى بيع الكافر البالغ لمن على غير دينه فيخالف قوله: وله شراء بالغ على دينه ويجاب بأن
ــ
أعلم (وفي جواز بيع من أسلم بخيار الخ) قول ز تبعًا لضيح عن المازري الخ ليس في ضيح ذكر للمدة وقول ز طريقتان الخ ذكرهما أبو الحسن في الخيار وعزا الأولى لعياض والثانية لابن رشد وعلى الأولى فلا يختص ذلك بيع الكافر العبد المسلم حتى يصح الاستثناء مما يأتي فتأمله (وهل منع الصغير إن لم يكن على دين مشتريه) اعلم أن المصنف ذكر الصغير في هذا المحل ثلاث مرات هذا ثانيها فحمله ح في هذا وما بعده على الكتابي قال والأول يحتمل أن يكون كذلك ليجري الكلام على نسق واحد وتكون أل فيما بعده للعهد وهو الظاهر ويكون حكم المجوس مأخوذًا بالأحروية لأن مذهب المدونة أن المجوس يجبرون
أباه على دين مشتريهما والولد يتبع أباه أو بأن ما هنا ضعيف والمشهور كما اختاره اللخمي ما يأتي وأما الجواب بأن الصغير نفسه على دين مشتريه فيخالف قول تت فإن كان معه أبوه جاز بيعه للموافق له في الدين والمخالف له فيه فإن قيل صنيع المصنف يقتضي ضعف التأويلين لأنه صدر بالمنع وأطلق ثم أتى بعد ذلك بهما قلت لا يتم هذا إلا إذا ثبت أن بعض الشيوخ أبقى المدونة على ظاهرها وإن ما ذكره غيره من تأويلها على هذين ضعيف وقد استظهر البساطي ما دل عليه ظاهرها من المنع مطلقًا لكن من عند نفسه ثم إن التأويلين في الصغير الكتابي وأما المجوسي فيمنع بيعه للكفار اتفاقًا في الصغار وعلى المشهور في الكبار كما لابن عرفة لأنهم مسلمون حكمًا وقد عمت البلوى بشراء الذمي لمن لا يعقلون دينًا من الجواري والعبيد المجوس ويلقنونهم اليهودية أو النصرانية من غير معرفتهم ذلك فيباعون عليهم كما وقع الحكم بذلك من عدة قضاة عظماء (و) إذا اشترى المسلم عبدًا يجبر على الإسلام وهو مجوسي مطلقًا أو كتابي صغير حربيين جبره على الإسلام و (جبره تهديد وضرب) أي يكون جبره بتهديد أو ضرب ويقدم الأول وجوبًا ويكونان بمجلس كذا ينبغي وأن يكرر ذلك عليه وظاهر المصنف أنه لا يعتبر ظن الإفادة وبهذا التقرير علم أن هذا ليس راجعًا لقوله وأجبر على إخراجه لأنا نتولى بيعه عليه ولا يتولاه هو فكيف يتأتى جبره بما ذكر وإنما هو راجع لما تضمنه قوله: وصغير من جبره على الإسلام كما صرح بهذا النضمن بقوله: في غير هذا المحل كأن أسلم ونفر من أبويه (وله) أي الكافر (شراء بالغ على دينه إن أقام به) أي شرط في عقد البيع أن يقيم به ببلد الإسلام فإن لم يشترط ذلك لم يجز شراؤه ولم يصح ولو أقام به بالفعل كذا ينبغي وهذا الشرط خاص بالمبيع الذكر فإن كان أنثى جاز بيعها لمن هو على دينها وإن لم يقم بها وينبغي أن يقيد بما إذا لم تكن كالذكر في كشف عورات المسلمين (لا غيره) أي لا يجوز شراء بالغ على غير دين المشتري (على المختار) وليس المراد لا غير بالغ لأنه عين قوله: فيما مر وصغير وعين ما بعده على احتمال ومنع الشراء مبني على خطابهم بفروع الشريعة
ــ
صغيرهم وكبيرهم ويحتمل أن يراد به ما يعم المجوس ولكن يحتاج إلى تخصيص التأويلين بالكتابي وكأنه قبل تقييد عياض للمدونة يكون الكتابي ليس معه أبوه وقول ز وهو شرط في قوله مطلق الخ فيه نظر بل الظاهر أنه شرط في كل من التأويلين فلو قدمه عليهما فقال وهل منع الصغير إن لم يكن معه أبوه مطلق أو إذا لم يكن على دين مشتريه الخ كان أولى يدل على ذلك كلام المدونة وعياض انظر ضيح وح ومفهوم القيد إذا كان معه أبوه فلا كلام بالنسبة للابن لأنه تابع لأبيه وإنما ينظر للأب لقول ابن يونس قال سحنون أما الصغير الذي معه أبوه فحكمه حكم أبيه والحكم فيه هو قول المصنف وله شراء بالغ على دينه الخ فقول ز فإن كان معه أبوه في البيع جاز مطلقًا الخ غير صحيح لما علمت وكذا ما ذكره من البحث والأجوبة بعده كل ذلك فاسد لبنائه على ما زعمه من جواز بيعه مع أبيه لمن على غير دينه
وكذا منع البيع إن كان البائع كافرًا وإن كان مسلمًا فظاهر (والصغير) يحتمل عطفه على بالغ أي وله شراء الصغير وذكره مع مخالفته لقوله: فيما مر وصغير لأجل قوله: (على الأرجح) ويحتمل عطفه على غيره أي لا يجوز شراء الصغير وهو عين قوله: فيما مر وصغير وذكره للتنبيه على ما فيه من الترجيح الموافق لما مر وإن ما مر ليس متفقًا عليه ذكرهما تت قال عج والترجيح لعياض فكان عليه أن يقول على الأصح وليس لابن يونس هنا ترجيح اهـ.
ولم يبين على أي احتمالي تت ولم يذكرهما وأشار للمعقود عليه بذكر شروطه بقوله: (وشرط للمعقود عليه) ثمنًا ومثمنًا (طهارة) وانتفاع به وإباحة وقدرة على تسليمه وملكه لبائعه ولا حق لغيره فيه ولا غرر كما سيذكر ما يفيد ذلك ثم قوله طهارة مع الاختيار وأما مع الاضطرار المبيح الأكل الميتة أو شرب النجس فلا كفرس مذكاة مع شافعي اضطر مالكي إلى أكلها فيجوز له شراؤها حينئذ من الشافعي قال تت: عقب طهارة أصلية وهو قيد لإدخال ما تنجس ويمكن تطهيره بخلاف ما لا يمكن فقوله طهارة أي ولو حكما وقد بين أول الكتاب ما لا يمكن تطهيره بقوله: ولا يطهر زيت خولط الخ (لا كزبل) المعطوف بلا مقدر والعطف على ما يستفاد من معنى ما تقدم أي يشترط كون
ــ
(والصغير على الأرجح) قول ز ولم يبين على أي احتمالي تت الخ وقوفه مع كلام عج وافتقاره إلى بيانه قصور عظيم وفي ح وغ وغيرهما أن تصحيح عياض إنما هو للمنع مطلقًا وهو الاحتمال الثاني فانظر ذلك (وشرط للمعقود عليه طهارة) قول ز وملكه لبائعه ولا حق لغيره فيه الخ هذان الشرطان يؤخذان من قول المصنف رحمه الله ووقف مرهون على رضا مرتهنه ومن المسألتين بعده وتعقب طفى ذكرهما بأن هذين شرطان في اللزوم فقط ومراد الأئمة ذكر شروط الصحة والظاهر أن المصنف لذلك لم يجر فيهما على أسلوب ما قبلهما فلم يدرجهما في شروط الصحة وقول ز قال تت عقب طهارة أصلية الخ تعقب طفى قيد الأصالة بأن التفريق بين الأصلية والعارضة إنما هو في النجاسة لا في الطهارة إذ لا تكون عارضة قال فإن أراد بالعارضة الجلد المدبوغ فإن طهارته عارضة ففيه نظر إذ لا يجوز بيعه في المشهور لأن جلد الميتة لا يطهره الدبغ في المشهور وأما على الشاذ فهي كالأصلية فظهر لك أنه لا فائدة في التقييد اهـ.
قلت: قيد الأصالة يفيد إدخال الثوب المتنجس لكن يرد على منطوقه ما لا يقبل التطهير كزيت تنجس وعلى مفهومه الخمر إذا تحجر أو خلل فلو قال عوض أصلية حالية أو مآلية أو يقول حاصلة أو مستحصلة لكان ظاهرًا ويدخل الثوب المتنجس ولا يدخل الخمر في قولنا أو مآلية لأنه إذا حجر أو خلل لا يبقى خمرًا فهو ما دام خمرًا لا يطهر أبدًا (لا كزبل) مشى المصنف على قياس ابن القاسم الذي يدل على قول مالك بالمنع في العذرة فدل على أن العذرة ممنوعة بالأحروية وقد حصل ح في بيع العذرة أربعة أقوال المنع لمالك على فهم الأكثر للمدونة والكراهة على ظاهر المدونة وفهم أبي الحسن لها والجواز لابن الماجشون والفرق بين الاضطرار لها فيجوز وعدمه فيمنع لأشهب في كتاب محمد وأما الزبل فذكر ابن
المعقود عليه طاهر إلا غيره كزبل وحذف معطوفها لقرينة سائغ (وزيت تنجس) والكاف السابقة داخلة على زيت تقديرًا فدخل سائر المائعات التي حلتها نجاسة ولا تقبل التطهير واحترز به عن نحو ثوب تنجس فإن بيعه صحيح ولكنه عيب في الجديد مطلقًا كغيره وإن أفسده الغسل اتطر ح وطخ زاد ح قلت الظاهر وجوب التبيين وإن كان لا يفسده الغسل وإن لم يكن عيبًا خشية أن يصلي فيه مشتريه خصوصًا إن كان بائعه ممن يصلي فإنه يحمل على الطهارة اهـ.
والذي في تت الصغير ما نصه وأما ما نجاسته عارضة ويمكن زوالها كالثوب تقع عليه النجاسة فجائز بيعه ويجب بيانه إن كان الغسل يفسده أو كان مشتريه مصليًّا اهـ.
ولا خفاء أن بين مفاده ومفاد ح نوعًا من المخالفة قاله عج قلت قد اتفقا على أنه إن كان الغسل يفسده فيجب بيانه وظاهرهما جديد أم لا بائعه مصليًّا أم لا مشتريه مصليًّا أم لا وعلى أنه إن كان مشتريه مصليًّا فيجب بيانه واستفادة هذا من تت ظاهرة وأما من ح فمن قوله خشية أن يصلي فيه مشتريه وظاهرهما كان جديدًا أم لا بائعه مصليًّا أم لا يفيده قول ح خصوصًا إن كان بائعه ممن يصلي فإنه الخ وانفرد ح بوجوب بيانه في الجديد مطلقًا أي يفسده الغسل أم لا بدليل ما بعده ولعل هذا الانفراد هو نوع المخالفة فتألمه
ــ
عرفة فيه ثلاثة أقوال قياسه ابن القاسم على العذرة في المنع عند مالك وقول ابن القاسم بجوازه وقول أشهب في المدونة المشتري أعذر من البائع وتزاد الكراهة على ظاهر المدونة في العذرة وفهم أبي الحسن انظر ح رحمه الله وفي التحفة:
ونجس صفقته محظوره
…
ورخصوا في الزبل للضروره
وهو يفيد أن العمل على بيع الزبل دون العذرة وصرح به ابن لب كما نقله عنه في المعيار أول نوازل المعاوضات وهو الذي به العمل عندنا للضرورة (وزيت تنجس) ابن الحاجب والزيت المتنجس يمنع في الأكثر بناء على أنه لا يطهر ضيح قول الأكثر صرح المازري بمشهوريته ومقابله رواية وقعت لمالك وبها كان يفتي ابن اللباد اهـ.
وقال ابن رشد في سماع القرينين من كتاب الصيد ما نصه والمشهور عن مالك المعلوم من مذهبه في المدونة وغيرها أن بيعه لا يجوز وقد جعله في سماع ابن القاسم كالميتة في أن بيعه لا يجوز والأظهر في القياس أن بيعه جائز ممن لا يغش به إذا بين لأن تنجيسه بسقوط النجاسة فيه لا يسقط ملكه عنه ولا يذهب جملة المنافع عنه ولا يجوز أن يتلف عليه فجائز له أن يبيعه ممن يصرفه فيما كان له هو أن يصرفه فيه وهذا في الزيت على مذهب من لا يجيز غسله وأما على مذهب من يجيز غسله وقد روي ذلك عن مالك رحمه الله فسبيله في البيع سبيل الثوب المتنجس اهـ.
منه وقول ز ولكنه عيب في الجديد الخ قال القلشاني عند قول الرسالة إلا أن يكتم من أمر سلعته الخ ما نصه الظاهر في الثوب الجديد النجس الفرق بين ما يفسده الغسل كالفرو الرفيع من
(وانتفاع) به انتفاعًا شرعيًّا حالًا أو مالًا كشراء صغير آدمي أو بهيمة صغيرة (لا كمحرم أشرف) على الموت أي قوي مرضه واشتد ولم يبلغ السياق واحترز به عن مباح أشرف ولم يبلغ السياق فيجوز بيعه بخلاف بالغ السياق أي نزع الروح للموت كما للصحاح فيمنع بيعه ولو مباحًا كما هو ظاهر إطلاقهم ونص ابن محرز قائلًا للغرر في حصول الغرض من حياته أو في صيرورته لحمًا أو في حصول ذكاته لاحتمال عدم حركته بعد ذبحه انظر ابن عرفة أي أن فيه شكين أولهما هل ينتفع به أي بالمباح حيًّا أو لا فيصير لحمًا ثانيهما على عدم الانتفاع به حيًّا هل صيرورته لحمًا بذكاء شرعية لإدراكها فيه أو لا لعدم تحرك قوي في الميأوس منه تأمل فليس في كلامه في التعليل تكرار كما توهم وبتفسير أشرف بما تقدم سقط اعتراض تت على المصنف بأن تقييد المشرف بالمحرم أي التقييد المعنوي يوهم حل بيع المباح مع منعه أيضًا في السياق كما لابن عرفة فإن الاعتراض المذكور مبني على تفسير أشرف بكونه في السياق (وعدم نهي) عن بيعه مع كونه طاهرًا لخروج النجس بما مر وإن
ــ
الثياب فهذا عيب ينقض الثمن ويجب للمشتري به الرد وما لا يفسده فهذا هو الذي لا ينقض الثمن وكذلك في ثوب الميت الفرق بين ميت الوباء وغيره فإن نفرة النفوس شديدة من ثياب ميت الوباء التي مات فيها ونفرة النفوس عنها تزهد في شرائها فينقص ذلك ثمنها والله أعلم اهـ.
وهو يفيد ما لتت من التفصيل في الجديد (لا كمحرم أشرف) تبع في التقييد بالمحرم ابن عبد السلام وتعقبه ابن عرفة قائلًا إن من أشرف على الموت لا يجوز بيعه سواء كان مباحًا أو محرمًا وأجيب يحمل الأشراف في كلام ابن عبد السلام على الذي لم يبلغ حد السياق وأما إذا بلغ حد السياق فيتفق على المنع مباحًا أو محرمًا واعتمد ز وغيره هذا الجواب وهو مردود بأن من لم يبلغ حد السياق يجوز بيعه مطلقًا مباحًا أو محرمًا كما يأتي في الحامل المقرب وذي المرض المخوف (وعدم نهي) تعقب طفى هذا الشرط قائلًا جميع من وقفت عليه لم يجعل هذا شرطًا مستقلًا بل أدرجوه في شرط الانتفاع قال وهو الصواب إذ كل ما فقد شرطًا فهو منهي عنه كالنجاسة وغير المنتفع به وغير المقدور عليه اهـ.
ولما قال ابن الحاجب وفي كلب الصيد والسباع قولان قال في ضيح ما نصه هذا راجع إلى القيد الثاني وهو كونه منتفعًا به وهكذا قال ابن راشد اهـ.
قال ابن عاشر وكأن المصنف لم يرتض رجوع هذا الفرع لشرط الانتفاع لوجود الانتفاع بكلب الصيد فبنى فرع الكلب هنا على شرط عدم النهي عن المبيع وكأنه والله أعلم أراد به ما نهى عن بيعه مما لم يفقد فيه شرط آخر اهـ.
وهو ظاهر لأن المازري وابن رشد وغيرهما ذكروا أن مثل ما لا منفعة فيه ما منافعه كلها محرمة كالدم أوجل المقصود منها محرم كالزيت النجس بخلاف ما منافعه كلها أوجلها محللة كالزبيب فإن كانت المنافع المقصودة منها محلل ومنها محرم ككلب الصيد أشكل الأمر وينبغي أن يلحق بالممنوع اهـ.
أذن في اتخاذه بدليل قوله: (لا ككلب صيد) وزرع وأجنة لأنها من الزرع أبو عمر في تمهيده وكذا يجوز اتخاذه أي اقتناء الكلب من حيث هو للمنافع كلها ودفع المضار وفي غير البادية من المواضع المخوف فيها السراق اهـ.
من ق وكل ذلك داخل تحت الكاف الداخلة على صيد المزحلقة عن كلب وقول الرسالة ولا يتخذ كلب في الدور في الحضر قال ابن ناجي: عليها ما لم يضطر لحفظه فيتخذ حتى يزول المانع وقد اتخذ الشيخ أي ابن أبي زيد كلبًا في داره حين وقع حائط منها وكان يخاف على نفسه من الشيعة فقيل له في ذلك فقال: لو أدرك مالك زمننا لاتخذ أسدًا ضاريًا اهـ.
واقتصر المصنف على منع بيع كلب الصيد للخلاف فيه فأولى غيره ومنع بيع كلب الصيد قول مالك ورواية ابن القاسم عنه وشهره ابن رشد خلافًا فالتجويز ابن كنانة وابن نافع بيعه ولقول سحنون أبيعه وأحج بثمنه فالخلاف في المأذون في اتخاذه قال د: ينبغي منع قتله لمالكه قيل والنص كذلك وأما المنهي عن اتخاذه فلم يقل أحد بجواز بيعه ويجوز قتله كما في تت هنا بل يطلب كما في د هنا وح في باب المباح طعام طاهر وقوله: وعدم نهي أي تحريم لكل المبيع أو بعضه ولو قل فيمنع بيع مائة قلة خل فيها قلة خمر كما يأتي (وجاز هر وسبع) أي بيع ذاتهما (للمجلد) واللحم للمشتري كما في د وأما شراء ذاتهما اللحم فقط أوله وللجلد فيكره ثم إذا ذكى للجلد فقط لم يؤكل لحمه على القول بتبعيض الذكاة وهو المذهب كما قال ابن ناجي: لنجاسته لعدم تعلق الذكاة به وعلى أنها لا تتبعض فيؤكل اللحم لتعلق الذكاة به والجلد يؤكل على القولين وينتفع به ولو قال وجاز كهر لكجلد كان أخصر وأحسن لشمول كهر لكل مكروه الأكل ولدخول شراء الفيل لعظمه وقط الزباد لزباده في قولنا لكجلد (و) جاز أن تباع (حامل مقرب) ولو
ــ
ولعل المصنف رحمه الله لإشكاله لم يقنع بأخذه من شرط الانتفاع لخفائه وهو واضح (لا ككلب صيد) كلام ضيح وغيره يفيد أن الخلاف في مباح الاتخاذ مطلقًا وأما قول التحفة واتفقوا أن كلاب الماشية. يجوز بيعها ككلب البادية الخ فقد انتقد ولده عليه في الشرح حكاية الاتفاق وما في التحفة هو ظاهر ما لابن سلمون (وجاز هو وسبع للجلد) الصواب أن قول المصنف للجلد قيد في بيع السبع فقط وأما الهر فيجوز بيعه لينتفع به حيًّا وللجلد على ظاهر المدونة وبه شرح ق خلافًا لظاهر المصنف (وحامل مقرب) اعتمد المصنف في بيع ذي المرض المخوف والحامل المقرب نقل ابن محرز وابن رشد عن المذهب الجواز وقطع ابن الحاجب بأنه الأصح وكذا ابن سلمون ابن عرفة ابن محرز ذو مرض السياق ومقاربة الموت لا يجوز بيعه وفي جواز بيع ذي مرض غيره يوجب قصر تصرف الحر على ثلثه نقل ابن رشد عن مذهب مالك مع دليل قولها في الخيار إذا ولدت الأمة في أيام الخيار فولدها معها في بت البيع ورده وظاهر قولها في الاستبراء وسماع عيسى بن القاسم في الرد بالعيب ونص
بعد مضي ستة أشهر ونحوها لحملها وأما كونها بائعة فسينص عليه في الحج بقوله: وحامل ستة أي أنه يحجر عليها بعد مضي ستة أشهر فلا تبيع شيئًا ونص على هذه هنا مع استفادتها من مفهوم قوله لا كمحرم أشرف للخلاف في بعض صورها ولأن مفهوم الصفة قد لا يعتبره (و) شرط للمعقود عليه ثمنًا ومثمنًا (قدرة) لبائع ومشتر حسية لا آبق وإبل أهملت شرعية لا ما فيه إضاعة مال كما يأتي في العمود (عليه) أي على تسليمه وتسلمه ومنه النحل في جبحه فيجوز شراؤه لأنه مقدور عليه وهو في جبحه وإن لم يعلم عدده لعدم إمكانه عادة لا شراؤه وهو طائر عنه ثم إن اشتراه وهو فيه دخل الجبح كما إذا اشترى الجبح نفسه فيدخل النحل ولا يدخل العسل في الوجهين قاله ابن رشد انظر البرزلي في الشركة ويأتي نحوه عند قوله وحمام برج (لا كآبق) بالفعل حال إباقة ولم يعلم كونه عند أحد أو علم أنه عند الإمام فيمنع بيعه على المشهور من منع شراء ما فيه خصومة فإن علم أنه عند غيره جاز إن علم المشتري صفته وكذا البائع إن غاب عنه مدة يظن تغيره فيها عادة ويمنع النقد فيه بشرط (وإبل أهملت) في المرعى حتى توحشت
ــ
أصبغ لا بأس ببيع المريض ما لم تنزل به أسباب الموت وعن ابن حبيب مع ابن الماجشون ومال إليه سحنون عياض والصقلي اعتراض مسألة الخيار بأنها بيع مريض اعتذر عنه فضل وابن أبي زمنين بأن بائعها لم يعلم المشتري بحملها عياض هذا معترض بأن علم أحد المتبايعين بموجب الفساد يوجبه على أحد القولين عياض يمكن كون العاقدين معًا جهلا حملها إن كان بيعها في آخر سادس شهورها ووضعت أول سابعها في مدة الخيار ابن عرفة مقتضى قول من قبل الحاجة للاعتذار واقتصار الباجي على نقل قول ابن حبيب أن المذهب منع بيع هذا المريض والحامل بعد ستة أشهر خلاف نقل ابن رشد عن مذهب مالك ورد ابن محرز الحاجة للاعتذار المذكور بقوله المذهب جواز بيع المريض والحامل بعد ستة أشهر اهـ.
منه وقول ز يحجر عليها بعد مضي ستة أشهر فلا تبيع شيئًا الخ غير صحيح فإن ذا المرض المخوف لا يمنع من المعاوضة المالية وإنما يمنع من التبرع بما زاد على الثلث وعبارة المتيطي بيع مريض كالصحيح سواء إلا أن تكون فيه محاباة فتلك المحاباة في ثلثه اهـ.
(لا كآبق) قول ز فإن علم أنه عند غيره جاز الخ نحوه للمتيطي ونصه ويجوز بيع العبد الآبق إذا علم المبتاع موضعه وصفته فإن وجد هذا الآبق على الصفة التي علمها المبتاع قبضه وصح البيع فيه وإن وجده قد تغير أو تلف كان من البائع ويسترجع المبتاع الثمن وقال سحنون إنما يجوز ابتياع الآبق إذا كان في وثاق اهـ.
وقال أيضًا المتيطي: ويجوز بيع الحيوان الغائب على الصفة وكذلك البعير الشارد إذا علم صاحبه مكانه وصفته اهـ.
على اختصار ابن هارون لكن شرط أبو محمد صالح في الآبق شرطًا آخر وهو أن يكون مقبوضًا لصاحبه كما نقله المشذالي على قول التهذيب إلا أن يدعي المبتاع معرفته بمكان قد
لاستصعاب تحصيلها وعدم معرفة ما بها من العيوب (ومغصوب) لغير غاصبة حيث كان الغاصب ممن لا تأخذه الأحكام مقرًا به أم لا اتفاقًا وكذا إن كان ممن تأخذه ولكنه منكر وعليه به بينة على المشهور من منع شراء ما فيه خصومة للغرر لا إن كان ممن تأخذه وهو مقر به فيجوز بيعه لغيره حينئذ فتستثنى هذه الصورة من كلامه (إلا من غاصبه) من بمعنى اللام فيجوز بيعه له لأن كونه تحت يده مسلم بالفعل وهو أقوى من القدرة على التسليم (وهل) جواز بيعه لغاصبه (إن رد لربه) وبقي تحت يده (مدة) حدها بعضهم بستة أشهر فأكثر كما هو ظاهر نصوصهم خلاف ظاهر المدونة وهو طريق ابن عبد السلام أو فيه التفصيل كما قال ابن رشد بين علم أنه عازم على رده فيجوز اتفاقًا وغير عازم فيمتنع اتفاقًا وبين أن يشكل أمره فقولان المشهور منهما الجواز كما في ق والسنهوري (تردد) أي طريقان طريق ابن عبد السلام وذكرها وطريق ابن رشد وحذفها للعلم بها عندهم ولا يقال لا يصلح دخول إشكال أمره على الطريقة الثانية في التردد لأنهما قولان منصوصان لأنا نقول يصلح لتردد المتأخرين في نقلهما أي فبعضهم نقلهما وبعضهم لم ينقلهما ثم الراجح من التردد القول بعدم اشتراط الرد مدة حيث عزم على الرد وأشكل أمره قال د: وإنما طلبت المدة المذكورة على القول بذلك ليتحقق انتفاء الغصب لأنه لو قبضها وبقيت عنده مدة يسيرة ثم ردها إلى الغاصب آل الأمر إلى أنه كأنه باع مغصوبًا بالعدم تحقق انتفاء الغصب بخلاف ما إذا قبضها وباعها لغير الغاصب فإنه يجوز له ذلك بمجرد القبض لأنه حينئذ لم يبع مغصوبًا فقد ظهر الفرق بين المسألتين اهـ.
(وللغاصب نقض) بيع (ما باعه) حال غصبه لأجنبي أو وهبه له أو تصدق عليه به لتبرعه بما لا يملك كذا ينبغي (إن ورثه) من المغصوب منه فينقضه إن لم يسكت ولو أقل من عام فيما يظهر، والظاهر أنه لا يعذر بالجهل انظر ح وإنما كان له نقضه لانتقال ما كان لمورثه له وقد كان لمورثه النقض وكذا لو تعدى شريك في دار فباع جميعها ثم ورث حظ شريكه فله نقض البيع في حصة غيره وأخذ حصته بالشفعة كما في سماع سحنون من كتاب الغصب فلا خصوصية للغاصب بما ذكر بل يجري ذلك في بيع كل
ــ
عرفه فيه فيكون كبيع الغائب ونصه الصقلي وذلك إذا علم أنه عند رجل في حياطته أبو محمد صالح يريد وقد حاطه عليك وعلم أنه لك احترازًا من شراء ما فيه خصومة اهـ.
وقال في الوثائق المجموعة ولم يجز سحنون بيع الآبق وإن عرف المبتاع موضعه إلا أن يكون موقوفًا لصاحبه عند غير سلطان لا خصومة فيه لأحد فإن وقف عند السلطان أو كانت فيه خصومة لأحد لم يجز بيعه اهـ.
وفي التحفة والعبد في الإباق مع علم محل. قراره مما ابتياع فيه حل (ومغصوب) قول ز فتستثنى هذه الصورة من كلامه الخ قول المصنف وقدرة عليه قرينة على عدم دخول هذه الصورة في كلامه (وهل إن رد لربه الخ) قال غ منه يستروح إن فرض المسألة عزم الغاصب على الرد اهـ.
فضولي (لا) إن (اشتراه) من المغصوب منه بعد ما باعه لأجنبي فلا ينقض بيع الأجنبي كما إذا باعه لأجنبي بعد ما اشتراه من المغصوب منه أو غرم قيمته له ثم محل المصنف إذا اشتراه ليتحلل بذلك صنيعه أو احتمل أنه اشتراه لذلك وأما إن علم أنه اشتراه ليتملكه فقط وقد بين ذلك قبل الشراء فله نقض ببعه ذكره اللخمي ومثل اشترائه هبة المغصوب منه له أو صدقته عليه به لأن للغاصب اختيار في قبول ذلك من المغصوب منه كذا يظهر فليس له نقض بيعه الصادر منه قبل هبة ربه له اللخمي وإن علم المشتري أن البائع منه غاصب وأحب ذلك المشتري رد البيع قبل قدوم المغصوب منه لم يكن له ذلك إن كان قريب الغيبة وله ذلك إن كان بعيدها لأن عليه في وقفه في ضمانه حتى تقدم ضررًا اهـ.
ويجري مثله في باقي صور الفضولي كما يفيده التعليل (ووقف مرهون) باعه مالكه الراهن (على رضا مرتهنه) بعد قبضه فله إجازته وله رده إن كان دينه عرضًا من بيع أو بيع بغير جنس الدين أو بنقد لا يفي بالدين ولم يكمل له كقبل قبضه إن لم يفرط على أحد تأويلين والآخر يمضي كقبله مع تفريطه كما أشار الجميع ذلك في الرهن بقوله ومضى بيعه قبل قبضه إن فرط مرتهنه وإلا فتأويلان وبعده فله رده أن بيع بأقل أو دينه عرضًا وإن أجاز تعجل ولذا قال غ: هذا مجمل تفصيله ما في الرهن لكن قوله بيع بغير جنس الدين زائد على ما في الرهن أيضًا وحيث كان ما هنا مجملًا فذكره هنا استطرادًا لا يلزم استيفاء الأحكام فسقط الاعتراض عليه كما قال د: بعدم التقييد أي بأن البيع إنما صدر بعد الحوز أو بعدم التفصيل (وملك غير على رضاه ولو علم المشتري) بأنه فضولي وهو لازم من
ــ
وحينئذٍ فتقدير كلامه وهل إن رد لربه أو مطلقًا تردد فالطريق الثانية مطوية للعلم بها من كلامه حيث كان الفرض عزم الغاصب الرد فقول ز حذفها للعلم بها عندهم يقال عليه بل حذفها للعلم بها من كلامه (لا اشتراه) ابن عاشر انظر كيف يتصور مع فرض بيعه وجود شرط شرائه الذي هو العزم على رد الخ اهـ.
وأجيب بأن محل الشرط المتقدم إذا كان الغاصب غير مقدور عليه بحيث لا تناله الأحكام وإلا جاز بيعه للغاصب من غير شرط وعليه ما هنا (ووقف مرهون على رضا مرتهنه) قول ز ولذا قال غ هذا مجمل الخ لم يقل غ هنا شيئًا فلعل الرمز وقع فيه تحريف اهـ.
(وملك غير على رضاه) ابن عرفة وبيع ملك الغير بغير إذنه والمبتاع يجهله المذهب لربه إمضاؤه وفيها كان بائعه غاصبًا أو متعديًا المازري لو علم المبتاع غصبه ففي إمضائه بإمضاء مستحقه قولان مشهوران وينبغي حمله على أنهما دخلا على بت البيع مطلقًا وعدم تمكين مستحقه من رده ولو دخلا على تمكينه من حله لم ينبغ أن يختلف في فساده وفيها لو علم مبتاعه أن المبيع مغصوب وربه غائب فله رده لحجته بتخيير ربه إذا قدم اهـ.
وأطلق في المدونة في الغيبة وقيده اللخمي بالغيبة البعيدة وقبله أبو الحسن قاله ح وقول ز فللمشتري منه الغلة الخ حاصل كلامه أن الغلة للمشتري في جميع صور بيع
جهته منحل من جهة المالك فله إجازته ويطالب الفضولي فقط بالثمن لأنه بإجازته بيعه صار وكيلًا ويأتي في الوكالة وطولب بثمن ومثمن ما لم يصرح بالبراءة ولا طلب له على المشتري وله رده لكن بالقرب فإن سكت مع العلم عامًا فلا رد له وليس له إلا طلب الثمن فإن سكت مدة الحيازة لم يكن له شيء انظر ح وقيد المصنف بثلاثة قيود، أحدها: أن لا يكون المالك حاضرًا بيع الفضولي فإن حضره وسكت لزمه البيع فإن سكت بعد انقضاء المجلس الحاضر له حتى مضى عام نحوه ولم يطالب بالثمن فلا شيء له على البائع. ثانيها: في غير الصرف وأما فيه فيفسخ كما سيأتي في قوله إن لم يخبر المصطرف. ثالثها: في غير الوقف وأما فيه فباطل لا يتوقف على رضا واقفة وإن كان الملك له كما سيذكره المصنف لأن الملك له في شيء خاص وهو ما أشار بقوله فله ولوارثه منع من يريد إصلاحه.
تنبيه: للمالك نقض بيع الفضولي غاصبًا أو غيره إن لم يفت فإن فات بذهاب عينه فقط فعليه الأكثر من ثمنه وقيمته غاصبًا أم لا فيما يظهر في الغاصب وإن كان خلاف ظاهر ما في الغصب من تضمينه القيمة فقط وحيث نقض المالك بيع الفضولي مع القيام فللمشتري منه الغلة إن اعتقد أن الفضولي مالكه أو لم يكن عنده اعتقاد شيء أصلًا أو علم أنه غير مالكه لكن له شبهة انتقد بها نفي عدائه كحضنه أطفالًا كأم تقوم بهم وتحفظهم وككونه من ناحية المالك ويتعاطى أموره ويزعم أنه وكيل ثم يقدم المالك وينكر ونحو ذلك ومقتضى أبي الحسن أنه يجري هنا الخلاف الجاري في اليمين المشار له بقوله إن كان من ناحيته وهل إن علم تأويلان وكذا له الغلة إن ادعى الفضولي أن المالك وكله ولم يكذبه قال تت وذكر المصنف بيعه ولم يذكر ابتياعه مع أن حكمهما واحد كما في الإرشاد انتهى ويمكن حمل المصنف على ما يشملهما بتقدير وتصرف ملك غير وتكون إضافة تصرف لملك على معنى في إذا كان للإخراج وعلى معنى اللام إذا كان للإدخال والمعتمد حرمة بيعه وشرائه كما قال القرافي أنه المشهور لا جوازه ولا ندبه كما للطراز قاله ح والحق أنه يختلف بحسب المقاصد وما يعلم من حال المالك أنه الأصلح له وإذا اشترى لغيره ولم يجزه لزم الشراء للمشتري ولا يرجع رب المال على البائع بماله إلا أن يكون المشتري أشهد أن الشراء لفلان بماله والبائع يعلم ذلك أو صدق المشتري فيه أو تقوم بينة أن الشيء الذي اشترى به ملك للمشتري له فإن أخذ المشتري له ماله ولم يجز الشراء انتقض البيع فيما إذا صدقه البائع أنه اشترى لغيره أو قامت بينة أن البائع يعلم ذلك ولم ينتقض مع قيام البينة أن المال للمشتري له بل يرجع على المشتري بجميع الثمن
ــ
الفضولي إلا صورة واحدة وهي إذا علم المشتري بتعدي البائع ولم تكن له شبهة وقول ز وكذا له الغلة إن ادعى الفضولي أن المالك وكله ولم يكذبه الخ قد يقال إذا لم يكذبه المالك
ويلزمه البيع هذا قول ابن القاسم وأصبغ (و) وقف (العبد الجاني) أي وقف إمضاء البيع الصادر من سيده فيه (على) رضا (مستحقها) فله رد بيع المالك وإمضاؤه (وحلف) بالبناء للفاعل أي السيد العالم بالجناية أي توجهت عليه اليمن (إن ادعى عليه) المجني عليه (الرضا) بتحمل الأرش (بالبيع) أي بسببه لظهور فعله على ما قال المدعي أنه باع راضيًا بتحمل الجناية فيحلف على نفي ذلك وذكر البيع لأنه الغالب وإلا فالهبة والصدقة كذلك كما في المدونة ويصح بناء حلف للمفعول أيضًا مشدد اللام فإن نكل لزمه الأرش (ثم) بعد حلف السيف أنه ما باع راضيًا بتحمل الجناية (للمستحق) وهو المجني عليه (رده) أي البيع وأخذ العبد في جنايته وهذا (إن لم يدفع له السيد أو المبتاع الأرش) فالخيار للسيد أو لا حيث كانت الجناية على غير النفس عمد أو خطأ بدليل إطلاقه هنا وتفصيله في الآتية فإن امتنع من دفع الأرش فللمبتاع دفعه لتنزله منزلته لتعلق حقه بعين العبد (وله) أي للمجني عليه إمضاء بيعه وإذا أمضاه فله (أخذ ثمنه) أو الأرش من المبتاع وكان الأولى تأخير قوله إن لم يدفع إلى هنا لأنه مقيد به أيضًا ولذا قال السوداني فيه تقديم وتأخير وأصله ثم للمستحق رده وله أخذ ثمنه إن لم يدفع له السيد الخ ولعل المصنف قدمه لظهور الشرط في قوله رده أقوى من ظهوره في قوله أخذ ثمنه وإن رجع إليه أيضًا ثم إن دفع السيد الأرش فلا إشكال وإن دفعه المشتري فأشار له بقوله (ورجع) المبتاع على البائع (به) أي بالأرش الذي افتكه به من المجني عليه (أو بثمنه إن كان) الثمن (أقل) من الأرش فإن كان الأرش أقل لم يرجع إلا به فيرجع بالأقل منهما لأن الثمن إن كان أقل فمن حجة البائع أن يقول للمبتاع لم يلزمني إلا ما دفعت وإن كان الأرش أقل يقول لا يلزمني غيره وقيد قوله أو بثمنه إن كان أقل بما إذا أسلم البائع العبد الجاني للمشتري ثم فداه المشتري فإن باعه للمشتري ثم قبل تسليمه له سلمه للمجني عليه فدفع له المشتري الأرش أو الثمن وأخذه منه فإن المشتري يرجع بثمنه ولو كان أكثر من الأرش الذي فداه به لأن من حجته أن يقول للبائع أنت أخذت مني الثمن في مقابلة العبد مع أنك سلمته للمجني عليه فادفع لي ما أخذته مني وهو قيد معتمد كما يفيده السوداني ود عن
ــ
في دعوى الوكالة لزم البيع خلاف ما يفيده كلامه (والعبد الجاني على رضا مستحقها) لم يذكر حكم الإقدام على البيع مع علم الجناية وقال ابن عرفة وفي هبتها لابن القاسم من باع عبده بعد علمه بجنايته لم يجز إلا أن يحمل الأرش وإلا حلف ما أراد حمله اهـ.
ونقل أبو الحسن عن اللخمي الجواز واستحسنه وهو ظاهر (إن ادعى عليه الرضا بالبيع) ينبغي ضبط ادعى مبنيًّا للمفعول ليشمل ما إذا ادعى المجني عليه وما إذا ادعى المشتري لما له من الحق ثم محل الحلف إذا باعه بعد علمه بالجناية كما في المدونة (وله أخذ ثمنه) قول ز أو الأرش الخ الصواب إسقاط قوله أو الأرش لأن الموضوع أن السيد والمبتاع امتنعا من دفعه وقول ز كما يفيده السوداني ود عن ضيح وغ الخ ليس في ضيح ولا في غ ما ذكره ولم
التوضيح وعن ع وقولي حيث كانت على غير النفس احتراز عما إذا كانت على النفس فإن ولى المجني عليه يخير في قتله واستحيائه فإن استحياه خير سيده حينئذ بين فدائه وإسلامه (وللمشتري رده) أي العبد الجاني (إن تعمدها) ولم يعلم بها المشتري حين الشراء لأنها عيب ولما قدم أن من الشروط القدرة على التسليم ذكر ما لا قدرة للبائع فيه على التسليم لأن الممنوع شرعًا كالممنوع حسًّا فقال: (ورد البيع فيه) حلفه قبله بحرية رقيقة ذكرًا أو أنثى صيغة حنث (لأضربنه) مثلًا أو أحبسنه أو افعل به (ما) أي فعلًا (يجوز) فلما منع من البيع حينئذ رد بيعه أجل الفعل أم لا فإن لم يرد البيع حتى انقضى الأجل في المقيد به وحنث أي جاء وقت حنثه أن لو كان في ملكه ارتفعت عنه اليمين ولم يرد البيع قاله ابن يونس قال: ح ويعلم منه أن الأمة أو العبد قبل رد البيع في ملك المشتري وضمانه انتهى.
وهو يشمل المؤجل وغيره ولا ينافي هذا ما في المدونة من أنه إذا مات السيد قبل أن يضربه عتق من ثلثه قال فضل لأنه لو فعل في المرض لضرّ فتركه ذلك كابتداء عتقه في المرض لحمل كلامها على ما إذا مات وهو في ملكه بأن لم يبعه أو بعد رد بيعه ثم ما تقدم من منعه من البيع أجل أم لا مثله المنع من الوطء إن لم يؤجل فإن أجل فله وطؤها إليه بخلاف المعتقة لأجل فيمنع من بيعها وطئها أيضًا لأنه شبيه بنكاح المتعة ولأن مجيء الزمن محقق بخلاف الحلف بعتقها ليفعلن بها كذا مع التأجيل فيحتمل أن يفعل بها قبل الأجل فينتفي حنثه فحنثه غير محقق قاله أبو الحسن: (ورد لملكه) واستمر فيه في موضوع حلفه على ما يجوز وذكره لدفع توهم رده لضربه ما يجوز ثم جبره على عوده للمشتري فإن حلف بحريته على ما لا يجوز من ضرب وغيره رد البيع أيضًا وعتق عليه بالحكم كحلفه ليضربنه ألف سوط قال في المدونة: عجلت عتقه أي بعد رد البيع إذ لا يعتق عليه وهو في ملك المشتري فإن تجرّأ وضربه قبل الحكم عتق عليه بالحكم إن شأنه وإلا بيع عليه ولا ينافي عتقه عليه بالشين بعد التجري قولها عجلت عتقه لأن معناه بالحكم على طريقة ما مر في قوله أو بمحرم كان لم أزن إلا أن يتحقق قبل التنجيز وبهذا التقرير علم أنه يرد البيع مطلقًا حلف بعتقه على ما يجوز أو على ما لا يجوز ولكن يرد لملكه المستمر إن جاز ورد لملكه فيعتق عليه إن لم يجز وقول بعضهم ذكر قوله ورد
ــ
ينقله خش إلا عن السوداني وأحمد (ورد البيع في لأضربنه) فرضها في الحلف على الضرب تبعًا للمدونة وإلا فالمدار على الحلف بحريته وكون اليمين على حنث كما في ح وغيره كأن المحلوف عليه الضرب أو غيره وقول ز وأما بالطلاق فينجز عليه الخ فيه نظر لأن هذا قول ابن دينار وهو خلاف مذهب المدونة وأنه يضرب له أجل الإيلاء فقط لعله يملكه انظر طفى وقول ز قلت لما تعلق الحنث بذاته الخ هذا الجواب لا يدفع السؤال بل ولا يلاقيه وإنما الجواب أن يقال كما في خش لا يلزم من بيعه له أن يعزم على الضد لاحتمال أن يكون ناسيًا أو ظن أن المشتري لا يمنعه من ضربه وإن ذلك يفيده أو يحتال على ضربه تعديًا على أن
لملكه لرد قول ابن دينار أنه يرد البيع ويعتق فلا يتم بحمل كلام المصنف على الملك المستمر فإن مكنه المشتري من ضربه وهو في ملكه فضربه فإن برّه قولان فقوله وردّ البيع الخ واضح على القول بعدم بره بضربه في ملك المشتري وكذا على بره حيث لم يمكنه المشتري وإلا لم يرده ولو كاتبه ثم ضربه برّ عند ابن الموّاز أي بناء على أنها بيع وأنه يبر بضربه عند المشتري وقال أشهب لا يبر ويمضي على كتابته ويوقف ما يؤدي فإن عتق بالأداء تم فيه الحنث وصار حرًّا وأخذ كل ما أدى وإن عجز ضربه إن شاء وقال أصبغ عن ابن القاسم في العتيبة مثله وهو مبني على أن الكتابة بيع وعلى أنه لا يبر بضربه عند المشتري وأما على أنها عتق فيحنث بمجردها ولو عجز كذا يظهر وينبغي أن يقيد قول ابن الموّاز بما إذا وقع الضرب قبل أداء نجوم الكتابة وأما بعد أدائها فلا يبر إذ بالأداء تم فيه الحنث وصار حرًّا وعليه فالخلاف بين ابن المواز وغيره فيما إذا ضربه قبل أداء النجوم فتأمله.
تنبيه: تقدم تصوير المصنف بحلفه بعتقه ليضربنه مثلًا ما يجوز وإما بعتق غيره فيعتق عليه ذلك الغير ولا يرد البيع وإما بالطلاق فينجز عليه الطلاق بمجرد بيعه لأن فيه عزمًا على الضد كاليمين بالله فإن قلت هو في فرض المصنف عزم على الضد أيضًا قلت لما تعلق الحنث بذاته رد بيعه وضربه ما يجوز فإنه كان لا يجوز رد وعتق عليه فهو مساوٍ لحنثه في العزم على الضد (وجاز بيع عمود عليه بناء للبائع) أو غيره برضاه ودفع بهذا توهم أن البناء عليه يمنع القدرة على تسليمه (إن انتفت الإضاعة) لمال البائع الكثير بأن
ــ
السؤال مبني على الحنث بالعزم على الضد وقد تقدم ما فيه في بابي اليمين والظهار (إن انتفت الإضاعة) قول ز بأن أضعف له المشتري الخ هذا ذكره اللخمي كما في ضيح واعترضه ح بأنه لا يخلو عن إضاعة المال قال إلا أن يكون له في ذلك غرض صحيح والله أعلم اهـ.
أي لأن الثمن يتبع الرغبات ونحوه في الجواهر في الكلام على الغبن إذ قال بعد ذكر حديث النهي عن إضاعة المال ما نصه وإضاعة المال إتلافه لغير غرض صحيح يقتضيه العقل وأما ما اقتضاه رأي لغرض صحيح أخطأ فيه أو أصاب فغير مراد بهذا الحديث اهـ.
ومما تنتفي به الإضاعة أن يمكن تعليق البناء وتدعيمه قاله عياض ويأتى كلامه وقول ز وظاهر كلام غيره الجواز الخ أصل هذا لابن عبد السلام ونصه بالقيد الأول لا حاجة إليه في هذا الباب لأن بيع النفيس بالثمن اليسير راجع إلى باب الغبن أو باب السفه وكل ذلك من حق الآدمي والكلام هنا إنما هو في حق الله تعالى الذي لا يصح تركه ولو تواطأ المتبايعان عليه فهذا الذي يذكر في الشروط والأركان والموانع اهـ.
وبه تعلم أن بحث بعضهم مع ز بأنه ليس في ابن عرفة ولا في التوضيح ولا في غيرهما من الشروح ما يفيد الجواز الذي ذكره غير ظاهر نعم يبحث في تعليل ابن عبد السلام بأن ما ضاع على أحد المتبايعين في الغبن ينتفع به الآخر وفي البناء ينقض لا ينتفع به فهو إضاعة محضة والله أعلم وهو من الفساد المنهي عنه كما في التنبيهات ونصه قالوا إنما هذا إذا كان
أضعف له المشتري في الثمن أو كان على العمود بناء يحتاج للنقض أو يسير فإن لم تنتف الإضاعة فظاهر المصنف عدم الجواز ولكن البيع صحيح لأن هذا حق آدمي وظاهر كلام غيره الجواز لأن إضاعة المال إنما تمنع حيث وقعت لا في مقابلة عوض أصلًا لأن بيع النفيس بثمن يسير راجع إلى بيع الغبن أو باب السفه وكلاهما حق آدمي فعلى هذا يكون هذا الشرط غير معتبر وأما قوله: (وأمن كسره) عند إخراجه من البناء ليحصل التسليم الحسين ويرجع في أمن الكسر لأهل المعرفة فهو معتبر فإذا لم يؤمن لم يجز ويفسد البيع لأنه غرر وهو حق لله ولو اشترط المشتري سلامته خلافًا للخمي انظر ابن عرفة (ونقضه) أي البناء الذي على العمود (لبائع) أي أزال ما عليه اتفاقًا وكذا قلعه نفسه كما اقتصر عليه في الشامل ويشهد له ما حكاه المازري عن مالك وهو أحد قولين مرجحين والآخر أنه على المشتري وصدّر به القرافي وذكره صاحب النكت عن بعضهم وعزاه ابن يونس للقابسي وعلى الأول فضمانه في قلعه من البائع وعلى الثاني فضمانه من المبتاع كذا يظهر لا قول ح وتت عن بعض القرويين على المبتاع مطلقًا وذا بيع نصل سيف محلى وغنم فقط على ظهرها صوف ونخل فقط عليه ثمر فإزالة الحلية وقلع الصوف والثمرة على البائع وإذا بيعت الحلية نفسها أو الثمرة أو الصوف فإزالة كل عن محله على مبتاعه ومن دعا إلى تخليص ملكه أجيب وإن لم يرض الآخر انظر ح (و) جاز بيع مقدار (هواء فوق هواء) بأن يقول شخص لصاحب أرض بعني عشرة أذرع فوق ما تبنيه بأرضك وقدرنا مقدار لأنه المراد وأما الهواء نفسه فلا يصح بيعه (إن وصف البناء) الذي للأسفل والأعلى
ــ
يمكن تدعيمه وتعليقه ولو كان البناء الذي عليه لا يمكن نزع العمود إلا بهدمه لكان من الفساد في الأرض الذي لا يجوز اهـ.
(ونقضه البائع) قول ز كما اقتصر عليه في الشامل صوابه كما صدر به في الشامل لأنه لم يقتصر عليه بل ذكر الخلاف لكن صدر بهذا ونصه وقلعه على بائعه وقيل إنما عليه نقض بنائه فقط وما أصابه في قلعه فمن المبتاع اهـ.
ويصح حمل كلام المصنف على الأول بجعل ضمير نقضه للعمود وقول ز لا قول ح وتت عن بعض القرويين على المبتاع مطلقًا الخ ما قاله ح هو الظاهر إذ المشتري انتقل إليه الضمان بالعقد الصحيح ولو قلنا بأن قلعه على البائع ويوجه ما قاله ز بأنه إذا كان قلعه على البائع يصير مثل ما فيه حق توفية وهو لا يضمنه المشتري إلا بالقبض وهذا هو الذي جزم به ابن رشد في سماع ابن القاسم من جامع البيوع ونص السماع قال مالك في الضأن يباع صوفها فتصاب منها الأكبش قبل أن يجزها قال مالك أراها من البائع ابن رشد جعله الضمان من البائع يدل على أنه رأى الجزاز عليه بجعل الضمان منه لما عليه من حق التوفية بالجزاز وهو خلاف المشهور من أن الجزاز على المشتري كجذ الثمرة وقطع الزيتون وقلع حلية السيف ذلك على المشتري وإن لم يشترط عليه إلا أن يشترط على البائع اهـ.
(وهواء فوق هواء) قول ز إذ لو مكن البائع الخ فيه نظر إذ لو مكن الأعلى أيضًا من
ووصف لفظًا أو عادة ما يبني به ويملك الأعلى الهواء الذي فوق بنائه ولكنه لا يبني فيه إلا برضا الأسفل لضرره فإن قلت المشتري إنما اشترى قدرًا معينًا من الهواء فكيف يملك ما فوقه قلت كأن البائع داخل على أنه ملك المبتاع ما اشتراه وما فوقه إذ لو مكن البائع من البناء على الأعلى أضرّ به غالبًا وقول تت وهو يدل على أن البائع ملك الهواء انتهى.
يقرأ بتشديد اللام أي ملكه للمبتاع ثم إنه يجري هنا قوله الآتي وهو مضمون ويجري في قوله وغرز جذع الخ قوله هنا إن وصف البناء ففيه احتباك قال تت: والظاهر أن مفهوم قوله فوق هواء مفهوم موافقه بأن يبني المشتري الأسفل والبائع الأعلى وعطف على بيع بتقدير مضاف قوله: (و) جاز عقد (غرز) أي لغرز (جذع) أي جنسه فيشمل المتعدد (في حائط) الآخر بيعًا أو إجارة وهدم موضع الجذع على المشتري أو المكتري كمن اشترى أرضًا ليبني بها فتهيئتها عليه فيما يظهر لا على البائع كنقض العمود (وهو مضمون) فيلزم البائع أو وارثه أو المشتري منه مع علم محل الجذع إعادة الحائط إن هدم ويستمر ملك موضع الجذع للمشتري أو وارثه أو المشتري منه فإن لم يعلم المشتري من البائع بمحل الجذع خير في نقض شرائه هو ولا كلام له في محل الجذع وأما إن حصل خلل في موضع لجذع فإصلاحه على المشتري إذ لا خلل في الحائط واستثنى من قوله وهو مضمون متصلًا بناء على التقدير الذي ذكرناه قوله (إلا أن يذكر) مستأجر موضع الجذع (مدة) حين عقدها (فإجارة تنفسخ بانهدامه) أي الحائط قبل تمام المدة ويرجع للمحاسبة ولا يلزم المؤجر إعادته لفسخها بتلف ما يستوفي منه ويصح أيضًا جعل غرز عطفًا على عمود الاستثناء حينئذٍ منقطع أي لكن إن ذكر الخ انظر د واعترض بأن عطفه على عمود وتقدير بيع وهو يشمل الذات والمنفعة لا يلزم منه أن الاستثناء منقطع ويجاب بأنه مجاز كما يفيده قول ابن عرفة على غير منافع كما مر فإن قيل إذا كان بيعًا فلم لزم البائع إعادة الحائط مع أن ذلك صار مملوكًا للمشتري فكان القياس أنه إذا انهدم لا شيء على البائع فالجواب أن مشتري محل الجذع بمثابة من اشترى علوًا على سفل فيلزم صاحب الأسفل إعادته لأجل أن يتمكن صاحب الأعلى بالانتفاع (وعدم حرمة) مستغني عنه بقوله: وعدم نهي ولعله أتى به ليبين أن المراد بالنهي المنفي هو الحرمة ولأجل
ــ
البناء فوقه أضر بالأسفل فالظاهر منعهما معًا من البناء فيه وإن اختصاص الأعلى به إنما هو من حيث الانتفاع بغير البناء والله أعلم وفي المدونة ولا مرفق لصاحب الأسفل في سطح الأعلى إذ ليس من الأفنية اهـ.
نقله ق في قول المصنف كذي سفل إن وهي (إلا أن يذكر مدة فإجارة) فإن جهل الأمر حمل على البيع نص عليه ابن الرامي المسمى بالمعلم محمد البنا (وعدم حرمة) قول ز مستغنى عنه بقوله: وعدم نهي الخ بل قال طفى لا حاجة لهذا ولا لقوله وعدم نهي الخ قال لأن الأئمة لم يذكروه في شرط البيع وإن الكلب ونحوه أدرجوه في شرط الانتفاع اهـ.
قوله: (ولو لبعضه) وبقيد البعض بما إذا دخلا أو أحدهما على علم حرمة الحرام كقلتي خل فإذا إحداهما خمر أو شاتين إحداهما ميتة أو ثوب وخنزير يعتقد أنه قنفذ وعبدين استحق أحدهما بحرية ومشتري دار فوجد بعضها حبسًا فيفسد العقد في الجميع لجمع الصفقة حلالًا وحرامًا مع علمهما أو أحدهما بذلك كما علمت وبه تقيد القاعدة المذكورة وأما إذا جهل كل منهما ذلك عند العقد فلا يفسد ثم إن كان وجه الصفقة فله رد الباقي وإن كان أقلها لزمه الباقي بما ينوبه من الثمن كما هو مصرح به في الاستحقاق ويجري مثله في العيوب انظر أبا الحسن (و) عدم (جهل) منهما أو من أحدهما (بمثمون أو ثمن) فما جهل جملة وتفصيلًا كبيع شيء متعدد بزنة حجرًا وصنجة مجهولة كما في الشارح يمنع بل (ولو) جهل (تفصيلًا) وعلمت جملته فيمنع ويفسد العقد وأما إن تعلق الجهل بالجملة فقط وعلم التفصيل فلا يفسد كبيع صبرة بتمامها مجهولة القدر كل صاع بكذا كما سيقول أو كل صاع لأنه لا يخرج جزء من المثمن إلا بإزائه جزء من الثمن المعلوم وفاقًا للشافعي وأحمد ومنعها أبو حنيفة لجهالة الجملة ثم محل فساده فيما ذكره المصنف مع
ــ
وفيه نظر تقدم وينتفي التكرار هنا يحمل ما هنا على حرمة التمليك وحمل النهي فيما مر على النهي عن بيعه وإن صح تملكه والله أعلم (ولو لبعضه) المشار إليه بلو ذكره ابن القصار تخريجًا وهو إبطال الحرام وإمضاء الحلال بما يقابله انظر ضيح وقول ز كقلتي خل أي في زعم الجاهل منهما مع علم الآخر بأن إحداهما خمر فهو مثال لعلم أحدهما دون الآخر إذ الفرض أنه لا بد من علمهما أو علم أحدهما حرمة الحرام وقول ز يعتقد أنه قنفذ الخ الصواب إسقاطه إذ هو خلاف الموضوع من علمهما أو علم أحدهما وقول ز فله رد الباقي الخ صوابه فعليه رد الباقي وقول ز انظر أبا الحسن الخ أشار إلى قول أبي الحسن في الاستحقاق بعد قول التهذيب من ابتاع عبدين في صفقة فاستحق أحدهما بحرّية فإن كان وجه الصفقة فله رد الباقي الخ ما نصه انظر لم لم يجعلوا ذلك أي إذا استحق العبد بحرية كالصفقة إذا جمعت حلالًا وحرامًا لأنهما لم يدخلا على ذلك وجعلوا ذلك من قبيل العيوب ففرقوا بين وجه الصفقة وغيره ثم ذكر أمثلة ز فيفهم منه أنهما إن دخلا أو أحدهما على ذلك فسد العقد اهـ.
تنبيه: ابن عرفة الصقليان عبد الحق وابن يونس ذكر عن أبي العباس الأبياني في رجل اشترى قلال خل ونقلها فوجد منها ثلاثة خمرًا فعرض له شغل أيامًا ثم رجع ليردها فوجدها قد صارت خلًا إن ثبت ذلك ببينة سقط عنه من الثمن بحساب قلال الخمر وإن لم يعرف ذلك إلا من قوله لم يرد عليه من الثمن شيئًا إلا أن يقر البائع بذلك قال أبو محمد الجواب صحيح ويرد القلال التي كانت خمرًا إلى البائع ابن عرفة لما ذكر المازري قول الإمام الأبياني قال استدركه أبو محمد وتأوله على أن هذه القلال التي تخللت ترد لبائعها وهذا يمكن أن الأبياني لم يرده لأن هذه القلال التي كانت خمرًا عند العقد لا ملك للبائع عليها فتخللها عند المبتاع رزق ساقه الله إليه كطائر سقط في داره اهـ.
(ولو تفصيلًا) رد بلو قول أشهب وهو قول ابن القاسم أيضًا وقول ز ومنعها أبو حنيفة
جهل أحدهما إذا علم العالم بجهل الجاهل وإلا لم يفسد البيع وإنما حكمه كبيع الغش والخديعة فللجاهل منهما إذا علم الخيار بين إمضاء البيع ورده وإذا ادعى الجاهل على العالم أنه يعلم بجهله حلف لرد دعواه فإن نكل حلف المدعي وفسخ البيع ومحل قوله بمثمون عند تيسر العلم كشراء حاضر بحاضرة بمكيال بادية مجهول له وكشراء باد ببادية بمكيال حاضرة مجهول له وإلا جاز كشراء حاضر في بادية بمكيالها لمجهول له وباد بمكيال حاضرة فيها مع جهله له فالأقسام أربعة والمراد يعلم المثمن حقيقة أو حكمًا فدخل بيع سمن أو زيت وزنًا بظروفه كل رطل بكذا على أن توزن ظروفه بعد تفريغه ويطرح وزنها من الجملة كما بمصر فهذه جائزة ودخل أيضًا بيعه كل رطل بكذا على أن يوزن بظروفه ويتحرى الظرف ويطرح على ما أفتى به عبد الباقي بن سراج من جواز هذه أيضًا وظاهره وإن لم يكن الظرف زقًا ووافقه غيره إذا كان زقًا فقط قال مالك لأن الناس قد عرفوا وزنها أي الزقاق فإن لم يعرفوه لم يجز ذلك والمراد بالناس ما يشمل المتبايعين لا غيرهم فقد لئلا يجهلا ويحتمل إن شأن ذلك أن يعرفه الناس ويتساهل فيه وكان الزائد على الظرف أن لو وجد هبة كما يقع في وزن البصل عندنا بمصر ولا يجوز نقص الوزن ليزيده بعده شيئًا يسيرًا يرى أنه وفى له حقه به كما يقع عندنا بمصر وشدد في منعها صاحب المدخل ومن الجهل بالثمن وقوع العقد على دراهم أو دنانير مجملة الصفة مع تعددها بالبلد ولم يغلب إطلاقها على شيء واختلفت في النفاق فالعقد فاسد فإن غلب إطلاقها على معين حملًا عليه أو اتفقت نفاقًا صح البيع وجبر البائع على قبول ما يدفع له
ــ
الخ لا وجه لتخصيص أبي حنيفة وقد منعها أيضًا ابن مسلمة من أصحابنا وقول ز ثم محل فساده الخ هذا التفصيل هو الذي اختاره في البيان وجزم به ونحوه في المعيار آخر المعاوضات لكنه خلاف ظاهر المدونة من الإطلاق وهو مختار اللخمي قال ح ولعل المصنف اعتمد على ظاهر المدونة فيحمل كلامه على إطلاقه ويؤيد ذلك مسألة العبدين الآتية اهـ.
وقال أبو الحسن في قول المدونة وإن جهله أحدهما أو كلاهما لم يجز ما نصه انظر قوله وإن جهله أحدهما وظاهره سواء علم العالم بجهل صاحبه أم لا أن ذلك يفسخ ثم ذكر ما لابن رشد ثم قال وفيما قاله ابن رشد نظر لأنهما دخلا على غرر فكيف يصح هذا العقد تأمله اهـ.
وقال الشيخ أبو علي ظاهر المصنف أنهما مهما جهلا معًا أو أحدهما علم العالم بجهل صاحبه أم لا أن البيع فاسد وهو الذي شهره عياض وقال ابن محرز هو أظهر القولين قال أبو علي وهو الصحيح في النازلة وكلام ابن رشد خلاف المذهب اهـ.
وقال الشيخ مس حمل المصنف على الإطلاق وهو الصواب وقول ز وإذا ادعى الجاهل على العالم الخ علم أن المشتري إذا ادعى الجهل فلا التفات إلى دعواه ولا يتوجه بها على البائع يمين وإن ثبت جهله كان له الخيار في رد المبيع كما تقدم وحينئذٍ فلا محوج له أن يدعي على البائع أنه كان عالمًا بجهله ويحلفه على ذلك إذ لا فائدة في ذلك لأن الفسخ
منها ومن الجهل بالمثمون شراء نصف شقة ولم يبين ما يأخذه من أيّ ناحية منها وليس للتجار سنة بشيء واختلف مع البائع ونكلا أو حلفا أو اتفقا على وقوع العقد على الإبهام أي وادعى كل واحد أنه نوى غير ما نوى صاحبه فإنهما يحلفان ويفسخ البيع فإن كان لهم سنة بشيء أو حلف أحدهما على البيان صح وكانا على سنتهم وقضى للحالف فإن لم يدع واحد منهما بيانًا ولا سنة كانا شريكين في الشقة فتقسم بينهما على المعتمد بالقرعة انظر ح ومثل لجهل التفصيل بقوله: (كعبدي رجلين بكذا) كناية عن الثمن ولكل منهما عبد أو لأحدهما عبد والآخر مشترك أو هما مشتركان فيهما بأجزاء مختلفة ويقع الشراء فيهما بعقد واحد فيمنع لا إن اشتركا فيهما على السواء أي اتحدت حصة كل منهما في العبدين بأن يكون لأحدهما ثلث كل أو سدسه أو نصفه وللآخر الباقي لأنه لا جهل في الثمن في هذه الصورة فلا تدخل في كلام المصنف إذ تمثيله للجهل بالتفصيل والمنع في الصور الثلاث السابقة مقيد بما إذا لم ينتف الجهل فإن انتفى جاز كما إذا سميا لكل عبد ثمنًا أو قوّما كلًّا بانفراده أو دخلا على المساواة قبل التقويم أو بعده أو جعلا لأحدهما بعينه جزءًا معينًا من الثمن الذي ذكره المشتري أو قبل ذكره ثم بيعا عقدًا واحدًا وما ذكره المصنف تعدد فيه البائع والمبيع سواء كان المشتري متحدًا أم لا كما يشمله ظاهره وسكت عما إذا اتحد البائع وتعدد المشتري بكسر الراء سواء اتحد المبيع أو تعدد والجواز في الأول واضح لأن لكل واحد من المشتريين بقدر ثمنه من المبيع وأما الثاني فمقتضى العلة المنع لجهل كل من المشتريين ما اشترى وفي ق البيع صحيح بعد الوقوع وكيفية قسمه بينهما تعلم من كلام الشامل الآتي ثم الشرك في هذه المسائل كالبيع ففي الشامل لو اشتريا سلعتين على الشركة جاز وعلى أن كل واحد يأخذ واحدة بما ينوبها من الثمن قولان قال ح: والجاري على المشهور المنع وأشار إلى أن مثل جهل التفصيل جهل صفة المبيع بقوله: (و) لا يجوز شراء (رطل) أو كل رطل وأريد البعض (من) لحم (شاة) وبقرة وبعير قبل الذبح أو السلخ
ــ
بيده نعم إذا ادعى الجهل وادعى أن البائع كان عالمًا بجهله ونازعه البائع فهذه محل اليمين وقد ذكرها ح ونص عليها المتيطي وابن سلمون وغيرهما فقول ز وإذا ادعى الجاهل يعني بدعواه فالمسائل ثلاث تارة يثبت علم العالم منهما بجهل الآخر وتارة يثبت جهل الجاهل دون ثبوت علم الآخر به وتارة لا يثبت واحد منهما ففي الأول يفسد وفي الثانية له الخيار عند ابن رشد ويفسد عند غيره وفي الثالثة يلزم البيع فإذا ادعى الجاهل في هذه علم صاحبه بجهله حلف له وإن نكل حلف مدعي الجهل أنه كان جاهلًا حين العقد وثبت له الخيار والله أعلم وظاهر كلام ابن رشد أن اليمين تتوجه إذا ادعى عليه أنه يعلم بجهله ولو كان في الوثيقة أنه عرف الثمن والمثمن انظر ح وقول ز فإن لم يدع واحد منهما بيانًا ولا سنة الخ هكذا فيما رأيته من النسخ بلفظ ولا سنة بالنون بعد السين والذي في ح ولا نية بالياء التحتية بعد النون وهو الصواب (ورطل من شاة) قول ز وأريد البعض الخ لا مفهوم له بل لو أسقطه مقتصرًا
إلا أن يكون المشتري للرطل مثلًا هو بائع الشاة ووقع الشراء منه عقب العقد فيجوز ولو قبل السلخ وينبغي تقييد المنع أيضًا بما إذا لم يدخلا على جعل الخيار للمشتري كما في مسألة الزيتون الآتية (و) لا يجوز شراء (تراب صائغ) ويحتمل عطفه على عبدي ويكون مثالًا لما جهل تفصيلًا أن ريء فيه شيء أو جملة إن لم ير فيه شيء وتكون الكاف داخلة عليه تقديرًا ليشمل تراب عطار وكل صنعة يختلط بها التراب ويعسر تخليصها منه (ورده مشتريه ولو خلصه) فلا يكون تخلصه فوتًا يمنع رده (وله الأجر) إن لم يزد على قيمة الخارج وإلا فهل له الأجر أيضًا أم لا قولان والثاني: طريق ابن يونس وهو الراجح وعلى الأول فإن لم يخرج منه شيء فله أجرة المثل في ذمة البائع وعلى الثاني لا شيء له فإن فات عند المشتري بذهاب عينه فقيمته يوم قبضه على غرره أن لو جاز بيعه (لا) يمنع بيع تراب (معدن ذهب أو فضة) بغير صنفه وأما بصنفه فيمنع لأن الشك في التماثل كتحقق التفاضل قاله د وينبغي جواز معدن نحاس وحديد كمعدن عين والفرق بين معدن ذهب أو فضة وبين ما قبله من منع تراب صائغ شدة الغرر في الأول دون الثاني كما يفهم من الشارح وأما التفرقة بصنعة المخلوق في الأول والخالق في الثاني ففيها نظر قاله كر قال د هذا أي بيع
ــ
على قوله أوكل رطل كان أولى وقول ز ووقع الشراء منه عقب العقد الخ أي لأن اللاحق للعقد كالواقع فيه ويدخل هذا في قوله الآتي وشاة واستثناء أربعة أرطال ويتقيد به (وتراب صائغ) جعله ابن الحاجب وابن عرفة مثالًا لما جهل جملة وتفصيلًا وهو الظاهر (ولو خلصه) ابن عرفة لو فات بتخليصه ففي لزوم البائع أخذ ما خرج منه ودفع مثل أجر خلاصه وتخييره في أخذه بذلك وتركه مجانًا ثالثها يبقى لمبتاعه ويغرم قيمته على غرره لو جاز بيعه كغرمه قيمته إن تلف بيده ورابعها يأخذه ربه مجانًا الأول للصقلي عن ابن حبيب مع المازري عن المشهور والثاني لاختيار الصقلي والثالث لنقله عن بعض أصحابنا والرابع لتخريج التونسي اهـ.
وقال في ضيح إن خلصه المشتري رده على المشهور وقال ابن أبي زيد على المشتري قيمته على غرره وعلى المشهور فله أجر تخليصه وأجرى الأشياخ ذلك على الخلاف فيمن اشترى أشجارًا بوجه شبهة فسقى وعالج ثم ردت إلى ربها ومن اشترى آبقًا فأنفق على رده نفقة ثم فسخ البيع ورد إلى ربه هل يرجع بالنفقة في جميع ذلك أم لا وأصل ذلك أن النفقة إن كانت لها عين قائمة رجع بلا خلاف وإن لم تكن لها عين قائمة فقال ابن القاسم يرجع وقيل لا يرجع وصرح ابن بشير بأن المشهور الرجوع بنفقة الآبق وحيث قلنا إن المشتري يرجع بأجرة عمله فزادت الأجرة على قيمة الخارج فهل يرجع بها أو إنما يرجع بها ما لم تزد على الخارج ثم قال واقتصر ابن يونس على أنه إنما يرجع بها بشرط أن لا تزيد على الخارج اهـ.
قلت ما اقتصر عليه ابن يونس هو القول الثاني في كلام ابن عرفة المتقدم وقد علمت أنه مقابل للقول المشهور فقول ز والثاني طريق ابن يونس وهو الراجح الخ فيه نظر لأنه خلاف المشهور فهو مرجوح لا راجح (لا معدن) قول ز لا يمنع بيع تراب معدن الخ صحيح
تراب معدن ذهب أو فضة من جملة بيع الجزاف فلا بد فيه من شروطه الممكنة هنا ويقوم مقام عده بمشقة كون تخليصه بمشقة انتهى.
وفي قوله ويقوم الخ نظر لأن هذا أصله مما يباع وزنًا وما يباع وزنًا لا يشترط فيه أن يوزن بمشقة وعطف على عمود قوله (و) جاز بيع (شاة) بعد ذبحها و (قبل سلخها) جزافًا لا وزنًا فيمنع انظر ق وح لأنه بيع لحم وعرض وزنًا فقول تت بالجواز ولو بيعت وزنًا على أحد المشهورين غير ظاهر وعلل الجواز فيما ذكره المصنف بدخولها في ضمان المشتري بالعقد وما كان كذلك فليس من باب بيع اللحم المغيب بخلاف ما لا يدخل في ضمانه بالعقد كرطل من شاة كما مر وكبيع ما هنا وزنًا كما علمت (و) جاز بيع (حنطة) مثلًا بعد يبسها (في سبل و) حنطة في (تبن إن بكيل) فيهما ولم يتأخر تمام حصده ودرسه أكثر من نصف شهر (و) جاز بيع (قت) من قمح ونحوه مما ثمرته في رأس قصبته (جزافًا) لإمكان حزره عند رؤيته لا نحو فول وحمص مما ثمرته في جميع قصبته فلا يجوز بيع قته جزافًا لعدم إمكان حزره عادة عند رؤيته (لا منفوشًا) قسيم لقوله قت لا لقوله جزافًا لأن قسيمه المكيل أو الموزون أو المعدود فالقياس الجر ويجاب بأنه حال من
ــ
وأما المعدن نفسه فلا يباع بل إذا مات من أقطعه الإمام له عاد للإمام ويقطعه لمن شاء كما في المدونة وقول ز عن أحمد بيع تراب المعدن من بيع الجزاف الخ قال بعض الشيوخ لا مانع من بيعه بالكيل مثلًا فهو كغيره من المثليات في الكيل والجزاف فيجري على حكم غيره اهـ.
(وحنطة في سنبل وتبن إن بكيل) أحوال الزرع خمسة لأنه إما قائم أو غير قائم والثاني إما قت أو منفوش وإما في تبن أو مخلص واعلم أن المبيع إما الحب وحده وإما السنبل بما فيه من الحب فإن كان المبيع الحب وحده فيجوز بالكيل في الأحوال كلها ويجوز جزافًا في المخلص فقط دون غيره وإن كان المبيع السنبل بما فيه من الحب جاز بيعه جزافًا في القت والقائم دون المنفوش وما في تبنه الباجي لا خلاف أنه لا يجوز أن يفرد الحنطة في سنبلها بالشراء دون السنبل وكذلك الجوز واللوز والباقلا لا يجوز أن يفرد بالبيع دون قشره على الجزاف ما دام فيه وأما شراء السنبل إذا يبس ولم ينفعه الماء فجائز وكذلك الجوز واللوز والباقلا اهـ.
نقله ق عند قوله في التداخل وصح بيع تمر ونحوه بدا صلاحه.
تنبيه: من القت جزافًا بيع الأندر حيث يجعل فرشة أو فرشات فيجوز بيعه جزافًا لأنه يمكن حزره وليس هو من المنفوش فما لعياض من تمثيله للمنفوش بما في الأندر يعني أنه عند الأخذ من الأندر وما يدرس فينفش حينئذٍ ويخلط بعضه ببعض فلا يمكن حزره والحالة هذه وقد نقل ابن عرفة عن ابن رشد أن الصواب جواز بيع القمح في أندره قبل درسه لأنه يحزر ويرى سنبله ويعرف قدره قال وهو نقل الجلاب عن المذهب (لا منفوشًا) الصواب أنه عطف على مقدر وهو حال من قت أي وقت غير منفوش لا منفوشًا ولكونه في حيز النفي صح مجيء الحال منه مع تنكيره وانظر هذه المسألة في ضيح في بيع الجزاف قاله الشيخ ميارة وقوله ولكونه في حيز النفي أي لأنه معطوف على مدخول لا في قوله لا معدن ذهب أو
قت بناء على مجيء الحال من النكرة أو لأنها صفة لموصوف محذوف أي وبيع زرع قت حال كونه جزافًا لا حال كونه منفوشًا وإطلاق القت على المنفوش باعتبار ما كان عليه وبأنه عطف على قت باعتبار محله إذ أصله أن يبيع البائع قتا لا منفوشًا ولا بد من تقييده بما إذا لم يره قائمًا قبل حصده وإلا جاز قال الشارح ولا خلاف عندنا في جواز بيع الزرع القائم لما في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع ثمر النخل حتى يزهى وعن السنبل حتى ييبس ويأمن العاهة نهى البائع والمشتري انتهى.
ولجواز بيعه أربعة شروط أحدها بيعه جزافًا فلا يجوز بالفدان كما لا يجوز قسمته كذلك حيث جعلاه معيارًا ومكيالًا إلا أن حزرًا ما فيه من القمح ثانيها كون ثمرته في رأس قصبته كالقمح فإن كانت في جميع قصبته لم يجز لعدم إمكان حزره كما مر ثالثها كون البيع عليه مع ما يخرج منه من تبن رابعها أن يباع بعد يبسه لا قبله للخبر المار من قوله حتى ييبس والشرط الرابع والثاني في غير البرسيم وأما بيعه قائمًا فلا يشترطان فيه لعدم تأتيهما وإنما يشترط فيه الشرطان الآخران والذي يجوز في غير البرسيم ما تعلق به المبيع من زرع وما يخرج منه من تبن وفي بيع البرسيم ما فيه من الأحمال إن بيع على الرعي وبه وبما فيه من الحب إن بيع ليحصد ويؤخذ حبه وإذا بيع الكتان تعلق الحزر بما فيه من البزر والكتان (و) جاز بيع (زيت زيتون) أي قدر معلوم منه قبل عصره (بوزن إن لم يختلف) خروجه بل عرف عند الناس وكان الأمر فيه قريبًا كالزرع فلا يتأخر تمام عصره أكثر من نصف شهر ويجوز النقد فيه بشرط كما قد تفيده المدونة خلافًا لد فإن اختلف خروجه لم يجز إلا بعد خروجه ورؤيته (إلا أن يخير) المشتري عند عصره أي إلا أن يجعل البائع للمشتري الخيار والمراد يدخل على شرط الخيار فيجوز البيع حينئذٍ ولا يجوز النقد فيه حينئذٍ بشرط التردد بين السلفية والثمنية وبما قررنا علم أن الاستثناء من مفهوم أن لم يختلف وصرح به لئلا يفهم الفساد مطلقًا أن اختلف قال تت وربما أشعر
ــ
فضة وقول ز ثانيها كون ثمرته في رأس قصبته الخ فيه نظر فإن هذا إنما هو شرط في بيع السنبل قتالًا في بيعه قائمًا كما هو موضوعه انظر ما تقدم عن الباجي (إلا أن يخير) قول ز لو اشترى زيتونًا على أن على ربه عصره ولم يجز الخ علله في المدونة بأنه كأنه ابتاع ما يخرج من ذلك من الزيتون وهو مجهول اهـ.
وهو ظاهر لأن صورة المصنف شراء الزيت فيها بالوزن والزيتون في هذه لم يعرف قدر ما يخرج من زيته وقال أبو الحسن في شرح النص المذكور ما نصه الشيخ إن قال اشترى منك ما يخرج من هذا فهو فاسد وإن قال أشتريه منك وأواجرك بكذا فهو جائز وهو بيع وإجارة وإن قال أشتريه منك على أن عليك عصره فإنه لا يجوز لحمل المبهم على الفساد اهـ.
وبهذا يرد قول ابن عاشر لم يظهر وجه منعه إذ غاية ما فيه اجتماع بيع وإجارة وهو جائز اهـ.
قوله زيت زيتون بأنه لو اشترى زيتونًا على أن على ربه عصره لم يجز وهو كذلك اهـ.
ولا يقال مسألة المصنف كذلك فلا فرق بين ما أجيز وما منع لأنا نقول مسألة المصنف وقع الشراء على الزيت فقط ولذا كان الثفل فيها للبائع والممنوعة وقع على الزيتون بزيته معًا على أن على البائع عصره (و) جاز بيع (دقيق حنطة) قبل طحنها كآخذ منك من دقيق هذا القمح صاعًا أو كل صاع بكذا إن لم يختلف إلا أن يخير كما في المدونة في الجعل فلو قدمه على الشرط والاستثناء لينطبقا عليه أيضًا كان أولى وما في تت مما يوهم ضعف الشرط هنا غير ظاهر وكان تبع ما فيها في محل آخر ففيها ولا يجوز شراء سمسم وزيتون وحب فجل بعينه على أن على البائع عصره أو زرع قائم على أن عليه حصده ودرسه وكأنه ابتاع ما يخرج من ذلك كله وذلك مجهول وأما إن ابتعت منه ثوبًا على أن يخيطه لك أو نعلين على أن يحرزهما فلا بأس به وإن ابتعت قمحًا على أن يطحنه لك فاستخفه مالك بعد أن كرهه وكأنه يرى أن القمح قد عرف وجه ما يخرج منه وجلّ قوله في ذلك التخفيف والاستحسان لا القياس اهـ.
ومن الممتنع أيضًا شراء الغزل على أن ينسجه له (و) جاز بيع (صاع) فأكثر من صبرة معلومة الصيعان أو مجهولتها والمشتري عدد آصع منها (أو كل صاع) أي جاز كل صاع بكذا (من صبرة) والمشتري جميعها سواء علم قدر ما بها من الصيعان أو جهل كما أشار له بقوله (وإن جهلت) وكذا ذراع أو كل ذراع من ثوب (لا منها) أو من ثوب أو شقة أو شمعة لزفاف مثلًا (وأريد) في جميع ذلك من المشتري والبائع أو من أحدهما (البعض) فلا يجوز لجهل الثمن حالًا ومالًا ومثل ذلك ما إذا لم يرد بمن شيئًا فإنه يمنع كما يفيده ابن عرفة خلاف ما يفيده المصنف فإن أريد بمن بيان الجنس أي التعميم لا الجنس
ــ
(أو كل صاع من صبرة) المعقود عليه هنا مجهول الجملة معلوم التفصيل عكس عبدي رجلين بكذا (لا منها وأريد البعض) قول ز لجهل الثمن حالًا ومآلا الصواب إسقاط قوله ومآلًا وقول ز ومثل ذلك ما إذا لم يرد بمن شيئًا فإنه يمنع كما يفيده ابن عرفة الخ قال في ضيح عن ابن عبد السلام إذ قال أبيعك من هذه الصبرة حساب كل عشرة أقفزة بدينار ولم يبين ما باعه منها فقال القاضي أبو محمد ما علمت فيها نصًّا وقال بعض المعاصرين لبيع فاسد وهو قول أصحاب الشافعي القاضي ويحتمل أن تكون من زائدة فيحصل على ذلك وهو أولى من حمله على الفساد اهـ.
فلعل المصنف اختار ما اختاره القاضي من الجواز في هذه فلذا قيد المنع بإرادة البعض وإن كان الفاكهاني اعترض ما قاله القاضي ونصه وما قاله أي القاضي غير صحيح ولا موافق لقواعد العربية فإن من هنا للتبعيض ولا بد فإن معيار التي للتبعيض عند النحاة صحة تقديرها ببعض كقوله أكلت من الرغيف ونحو ذلك ولا ريب في صحة تقدير ذلك في مسألتنا هذه وأيضًا فإن مذهب سيبويه أن من لا تزاد عنده في الإيجاب والكلام هنا موجب أعني ليس بنفي ولا بمعنى النفي كالاستفهام ونحوه فلا يصح أن تكون صلة اهـ.
لصادق بفرد لمنافاته لقول المصنف وأريد البعض جاز ويشترط في الجواز رؤية الصبرة والثوب حيث اشترى كل صاع أو ذراع بكذا لأنها مظنة حزره لا لتعلم صفة المبيع وإلا اكتفى برؤية بعضه وكذا بقية شروط الجزاف غير الرؤية كما في بعض التقارير ويحتمل عدم اشتراط بقيتها هنا لأن الجزاف هنا على الكيل فكأنه غير جزاف (و) جاز بيع (شاة) فهو عطف على عمود (واستثناء) منصوب مفعول معه ليفيد مقارنة الاستثناء للبيع ورفعه لا يفيد ذلك قاله عج وقد يقال يفيده إذ لفظ استثناء لا يكون إلا عند مقارنة البيع أو عقبه لأن للأحق له كالواقع فيه ولذا جوز د الوجهين (أربعة أرطال) ونحوها مما دون الثلث فاستثناء الثلث ممنوع ولو كان قدر أربعة أرطال واستشكل أبو الحسن جواز استثناء الأربعة بأن فيه بيع اللحم المغيب سواء قيل إن المستثنى مشتري وهو ظاهر أو مبقي لأن المشتري يجبر على الذبح فكأنه إنما اشترى ما زاد على الأربع وهو مغيب ويجاب بأنه على القول بأن المستثنى مبقي لعل وجهه إن ما بقي بعد الاستثناء هو المبيع وكأنه بمنزلة من اشترى جميع الشاة قبل سلخها عج ومحل كلام المصنف إن بيعت قبل الذبح أو بعده وقبل السلخ فإن بيعت بعده فلبائعها استثناء ما شاء ويجوز بيعها واستثناء صوفها أو لبنها ولو تأخر قبض المشتري لها لأخذ الصوف أو اللبن ثلاثة أيام لا أزيد لئلا يكون فيه بيع
ــ
بنقل طفى وقول ز ويشترط في الجواز رؤية الصبرة لأنها مظنة حزره الخ هذا هو الفرق بين الجواز في شراء الجميع على الكيل والمنع في شراء البعض على الكيل أيضًا لأن الصبرة يعلم قدرها بالحزر بخلاف بعضها المبهم (وشاة واستثناء أربعة أرطال) قول ز ونحوها مما دون الثلث الخ هذا هو الذي في بعض روايات المدونة وعليه حمل أبو الحسن المدونة فقال في قولها وإن اشترى من لحمها أرطالًا يسيرة ثلاثة أو أربعة جاز الشيخ أو خمسة أو ستة أو أكثر مما دون الثلث يدل عليه قولها ولم يبلغ به مالك الثلث اهـ.
وبه تعلم أن قول ح أن أبا الحسن حمل المدونة على جواز استثناء قدر الثلث فيه نظر قال ح التحديد بأربعة أرطال هو الذي وقع في أكثر روايات المدونة وفي رواية ابن وضاح ثلاثة أرطال اهـ.
وقال أيضًا لم يبين المصنف قدر ما يستثنى من البقرة والناقة وقال ابن عرفة استحسن بعض المتأخرين اعتبار قدر صغر المبيع وكبره كالشاة والبقرة والبعير قال ح أما على ما حمل عليه أبو الحسن المدونة فلا شك أن ثلث كل شيء بحسبه اهـ.
وقول ز فلبائعها استثناء ما شاء الخ ظاهره ولو أكثر من الثلث وليس كذلك لأن الشاة المسلوخة بمنزلة الصبرة ويأتي أنه لا يجوز أن يستثنى منها ما زاد على الثلث وقول ز ثم يأخذ اللبن أو الصوف إلى تمام نصف شهر الخ نصف أبي الحسن قول المدونة ولا بأس باستثناء الصوف والشعر اللخمي إذا كان يجز إلى يومين أو ثلاثة وهو في هذا بخلاف أن يكون الصوف هو المبيع فإنه يجوز بقاؤه العشرة أيام والخمسة عشر يومًا الشيخ وهذا أي تقييد اللخمي على أن المستثنى مبقي اهـ منه.
معين يتأخر قبضه وهذا يوافق قوله في كراء الدابة وبيعها واستثناء ركوبها الثلاث لا جمعة وكره المتوسط هذا المتقدم في صوف أو لبن الشاة إن قلنا إن المستثنى مبقي فإن قلنا إنه مشترى من المشتري لها فيجوز تأخر قبضه ولو لكنصف شهر كما قال في القسمة بناء على أنها بيع لكن لا تسلم الشاة للمشتري لئلا يلزم بيع معين يتأخر قبضه ثم يأخذ اللبن أو الصوف إلى تمام نصف شهر تأمل (ولا يأخذ) بائع الشاة المستثنى أربعة الأرطال (لحم غيرها) عوضًا عنها ولو قال ولا يأخذ بدلها أي الأرطال لشمل أخذ بدلها لحمًا وغيره وإنما منع أخذ غير اللحم مطلقًا بناء على أن علة المنع في هذه هي بيع الطعام قبل قبضه هذا على أن المستثنى مشترى وأما على أنه مبقي فعلة المنع أنه بيع لحم مغيب وهو يمنع باللحم وغيره كذا يفيده ح ثم إذا حصل فوت في المستثنى منه كموت فلا يضمن المشتري الأرطال للبائع بناء على أن المستثنى مبقي كما يأتي في قوله لا لحمًا وأما إذا فوتها بأكل ونحوه فإنه يغرم مثلها لأنها موزونة والموزون مثلي (و) جاز بيع (صبرة و) بيع (ثمرة) جزافًا (واستثناء) بائع كل منهما كيلًا (قدر ثلث) منها فأقل لا أكثر وأشعر ذكر قدر بأن استثناء جزء معين جائز سواء زاد على الثلث أم لا كما يأتي في قوله وجزء مطلقًا فعدوله عن قوله واستثناء ثلث لقوله واستثناء قدر ثلث لما ذكر وفرق للمشهور هنا بجواز الثلث ومنعه في الشاة برؤية المبيع هنا وعدمه هناك قال الشارح وإذا كانت الثمرة أنواعًا واستثنى من نوع منها أكثر من ثلثها لا أنه أقل من ثلث الجميع فاختلف فيه قول مالك وأخذ ابن القاسم وأشهب بالمنع اهـ.
ــ
تنبيه: قال أبو الحسن ما نصه مسألة الاستثناء لا تخلو من خمسة أوجه الأول أن يستثني الصوف والشعر فهذا جائز بشرط أن يشرع في الجز أو يتأخر يومًا أو يومين كاستثناء ركوب الدابة يومًا أو يومين في البيع الثاني أن يستثني جزءًا شائعًا فهذا جائز باتفاق ولا يجبر على الذبح الثالث أن يستثني الجلد والرأس وفيه أربعة أقوال رواية ابن القاسم يجوز في السفر ولا يجوز في الحضر الرابع استثناء الجزء المعين كالفخذ والكبد فيجوز فيما دون الثلث إن استثنى منه أرطالًا ويمنع إن استثنى ذلك الجزء كله أو بعضًا منه نص عليه في الكتاب الخامس الأرطال اليسيرة ابن القاسم جوز أربعة أرطال وفي رواية ابن وهب ثلاثة أرطال وفي كتاب محمد الخمسة والستة وما دون الثلث وهو قوله في الكتاب ولم يبلغ به الثلث وقيل الثلث وقيل لا يجوز رأسًا اهـ.
بخ (وصبرة وثمرة واستثناء قدر ثلث) ومثل الثمرة المقاثئ والخضر ومغيب الأصل فيجوز في ذلك كله أن يستثنى قدرًا معلومًا ما بالكيل أو الوزن أو العدد بشرط كونه الثلث فأدنى وقول ز بأن استثناء جزء معين جائز الخ صوابه شائع بدل قوله معين بدليل ما بعده وقول ز إلا أنه أقل من ثلث الجميع الخ هكذا عبارة ضيح وغيره والصواب لو قال إلا أنه ثلث الجميع فأقل كما في ابن عرفة لأن الثلث فأقل جائز كما قدمه وقول ز أو كان مقاصة الخ معطوف على مقدر أي سواء كان الشراء للثلث نقدًا أو كان مقاصة وهو راجع للصورة
وسياق المصنف أن استثناء كيل الثلث في صلب عقد بيع الصبرة والثمرة جزافًا ونحوهما كحديد كما في ابن عرفة ومثله إذا أراد الشراء لما ذكر من الثلث بعد العقد وقبل قبض الثمن أو بعده وقبل التفرق أو كان مقاصة إن لم يكن البائع من أهل العينة وإلا امتنع قبضًا ومقاصة ولو بعد المفارقة إلا بعد طول.
تنبيه: في البيان أن القدر الذي يجوز أن يستثنى ابتداء يجوز أن يكون قضاء ومن ثم أفتى ابن زكريا من اشترى ثمار حائط ودفع بعض الثمن وبقي عليه بعضه فدفع لبائعه بعض أعدال من ثمر الحائط الذي اشتراه بأنه يجوز قضاؤه حيث كانت ثلثًا فأقل مستدلًا بما لابن رشد مخالفًا لمن أفتى بالمنع مطلقًا متمسكًا بأن فيه الاقتضاء عن ثمن الطعام طعامًا وعرض ابن زكريا ببلادة المفتي بالمنع مطلقًا بقوله يا رأس اللحم حكى ابن رشد
ــ
الأولى أعني قوله وقبل قبض الثمن يعني سواء نقد البائع للمشتري ثمن الثلث أو قاصه به من ثمن الكل وقول ز إن لم يكن البائع الخ يعني أن الشراء بعد قبض الثمن إنما يجوز إن لم يكن البائع من أهل العينة أي الذين عادتهم دفع القليل لأخذ الكثير كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى فإن كان من أهل العينة امتنع الشراء على وجه دفع القليل في الكثير كان يبيع له صبرة بدينارين وبعد قبضهما وقبل التفرق أو بعده يشتري البائع بعضها بثلاثة أو أكثر إلى أجل فتأمل ونص ح وإن كان بعد قبض الثمن كله وتفرقهما فإنه يجوز مطلقًا إلا أن يكون من أهل العينة قاله ابن يونس اهـ.
وقول ز إن لم يكن البائع الخ صوابه المشتري أو مراده البائع ثانيًا لأن العينة لا تتصور بعد قبض الثمن إلا من المشتري كما بيناه وإنما تكون من البائع قبل القبض ففي ق عن معين الحكام ما نصه له أن يشتري القدر الذي يجوز له أن يستثنيه ويكون الثمن مقاصة ولا يشتري في قول مالك بنقد إن كان باع بتأخير ولا بتأخير إن كان باع بنقد اهـ.
ويصح رجوع الشرط في كلام ز للصور كلها ويكون مراده فيما قبل القبض البائع الأول وفيما بعد القبض البائع الثاني وقد بين ابن رشد ذلك في البيان ونصه أجمعوا على أن من باع جزافًا فلا يجوز له أن يستثنى منه كيلًا إلا الثلث فأقل فإذا باع جزافًا ولم يستثن منه شيئًا فلا يجوز أن يشتري منه إلا ما كان يجوز أن يستثنيه منه وذلك الثلث فأقل فإن اشترى منه الثلث فأقل مقاصة في الثمن جاز وإن اشترى ذلك منه بنقد ولم يقاصه جاز إن كان البيع بالنقد ولم يكن إلى أجل ومعنى ذلك أي الجواز إذا لم يكونا من أهل العينة وكذلك لو غاب المبتاع على الطعام لجاز أن يشتري منه أقل من الثلث نقدًا أو مقاصة إذا لم يكونا من أهل العينة ولو كانا من أهل العينة لم يجز أن يشتري منه شيئًا بعد الغيبة عليه لا نقدًا ولا مقاصة وأما إن كان باع منه الثمر أولًا بثمن إلى أجل فلا يجوز أن يشتري منه أكثر من الثلث على كل حال ويجوز له أن يشتري أقل من الثلث مقاصة من الثمن ولا يجوز ذلك نقدًا لأنه إن اشترى ذلك بالنقد دخله البيع والسلف ويدخله أيضًا طعام وذهب بذهب إلى أجل وهذا ما لم يغب المبتاع على الطعام وأما إن غاب على الطعام فلا يجوز له أن يشتري منه شيئًا قليلًا ولا كثيرًا نقدًا ولا مقاصة لأنه إن كان نقدًا كان بيعًا وسلفًا في دنانير وطعام وإن كان مقاصة كان بيعًا وسلفًا في الطعام اهـ.
البيان إلى آخر ما مر (و) جاز بيع حيوان واستثناء (جلد وساقط) رأس وأكارع لا كرش وكبد ونحوهما فإنها من اللحم فيجري عليها حكمه السابق كما في المدونة (بسفر فقط) راجع لجلد فقط فلو قال وساقط كجلد بسفر فقط لجرى على عدته لأغلبية وإنما جاز استثناؤه في السفر فقط لخفة ثمنه فيه دون الحضر فيمنع ونقله المازري عن المذهب وظاهر كلامه في توضيحه الفسخ على المشهور وذكر في المدونة أنه يكره وأبقى أبو الحسن الكراهة على بابها وتردد الأبهري فيما لو عكس الأمر فيه هل ينعكس الحكم أم لا والمعتبر سفر المشتري فيما يظهر ولو كان بائعه مقيمًا (و) جاز استثناء (جزء) شائع (مطلقًا) سفرًا وحضرًا ثلثًا أو دونه أو فوقه وكذا من ثمرة وصبرة وكأنه باع منه ما لم يستثن وسواء اشترى الحيوان على الذبح أو الحياة ويكون شريكًا للمبتاع بقدر ما استثنى (وتولاه) أي المبيع بذبح أو سلخ أو علف وسقي وحفظ وغيره (المشتري ولم يجبر على
ــ
بخ وقد علمت أن قول ز وإلا امتنع قبضًا ومقاصة محله إذا غاب المبتاع على الطعام وإلا امتنع في النقد فقط وقول ز عن البيان القدر الذي يجوز أن يستثنى ابتداء يجوز أن يكون قضاء أي عما بقي من ثمن الصبرة أو الثمرة دينًا لما تقدم أنه إن نقد الثمن لم يجز أن يشتري إلا الثلث فأقل حكاه ابن عرفة عن ابن يونس (وجلد وساقط) قول ز فيجري عليها حكمه السابق الخ وهو الجواز فيما دون الثلث إن استثنى منه أرطالًا والمنع إن استثنى البطن كله أو جزءًا معينًا منه لقول المدونة ولا يجوز أن يستثني الفخذ أو البطن أو الكبد ولا بأس أن يستثني الصوف والشعر اهـ.
(بسفر فقط) قول ز راجع لجلد فقط الخ نحوه في عج تبعًا لجلده الشيخ عبد الرحمن معتمدًا على قول ابن يونس أما استثناء الرأس والأكارع فلا يكره في سفر ولا حضر ظانًّا أنه المذهب وليس كذلك بل لا بد من قيد السفر فيهما لقول المدونة وأما استثناء الجلد أو الرأس فقد أجازه مالك في السفر إذ لا ثمن له هنالك وكرهه في الحضر اهـ.
فمذهبها التسوية بينهما أبو الحسن عياض وتسوية حكم الجلد والرأس إذ لا قيمة لهما في السفر وحمل المسافر لهما أو عملهما يشق عليه واللحم يأكله لحينه ويملحه ويتزوده وفي الحضر لهما قيمة وصناع وإلى التسوية بينهما ذهب بعض المشايخ وهو الظاهر الذي يقتضيه التأويل عليه في الكتاب وذهب بعضهم إلى التفرقة وأن جوابه إنما هو في الجلد وأما الرأس فله حكم قليل اللحم المشترط وهو بعيد من لفظ الكتاب لا في السؤال ولا في الجواب ولا في التعليل ابن محرز ومن المذاكرين من يقول إنما وقع جوابه على الجلد دون الرأس وإن سبيل الرأس سبيل اللحم وليس كذلك اهـ.
من أبي الحسن ونحوه قول ابن الحاجب لو استثنى الجلد والرأس فثالثها المشهور في السفر لا في الحضر اهـ.
وقد صرح ابن عرفة بأن كلام ابن يونس مخالف لهما كما في ح ونحوه في الشامل (وتولاه المشتري) طفى انظر ما معنى هذا الكلام فإنه مشكل سواء عاد الضمير على الذبح أم
الذبح فيهما) أي في مسألة الجلد مع الساقط ومسألة الجزء فثنى الضمير باعتبار أن الجلد والساقط مسألة واحدة ولو قال فيها بضمير الجمع كان أظهر (بخلاف الأرطال) فيجبر المشتري على الذبح لأنه لا يتوصل البائع لحقه من اللحم الداخل على استثنائه إلا به ولم يجبر في الجزء لأنهما إن تشاحا في الذبح بيعت عليهما ودفع لكل واحد منهما ثمن معلوم وفي استثناء الأرطال لا يعلم كم يقع له من الأرطال قاله أبو الحسن وأجرة الذبح والسلخ عليهما بحسب ما لكل في الجزء والأرطال وعلى المشتري فقط في الساقط وأما في الجلد فأجرة الذبح على المشتري وأجرة السلخ على البائع فالأقسام ثلاثة وإنما كانت أجرة الذبح عليهما في الجزء مع عدم جبر المشتري عليه لأن البائع شريك فبسبب الشركة كانت الأجرة عليهما ولما قدم أن المشتري لا يجبر على الذبح في مسألة استثناء الجلد ذكر أنه يخير إذا لم يذبح بقوله: (وخير في دفع) بدل أو مثل (رأس) وبقية ساقط ومثل جلد فلو قال كرأس كان أشمل (أو قيمتها) انتهاء لأنها بضعة أو هامة وإلا فهو مذكر اتفاقًا ومحل التخيير حيث لم يذبحها فلذا قدرنا بدل أو مثل فإن ذبحها نعين للبائع ما استثناه من ساقط وجلد بسفر إلا أن يفوت فالقيمة وانظر هل يوم استحقاق الأخذ أو يوم الفوات ويجوز مع عدم الفوات أخذ دراهم أو عرض بدل ذلك والفرق بينها وبين الأرطال أن في
ــ
على المبيع لأنهما شريكان وأجرة الذبح عليهما قال ولم أر هذا الفرع بعينه لغير المؤلف اهـ.
قلت وقد يقال يصح بعود الضمير على الذبح وجعل هذا الفرع خاصًّا بمسألة الجلد والساقط بناء على ما صوبه ابن محرز كما يأتي من أن أجرة الذبح على المشتري فقط وعلى هذا حمله ق وأيضًا لما كان المشتري لا يجبر على الذبح في الجلد والساقط وإن له دفع المثل أو القيمة للبائع صارا كأنهما في ذمته وكأن البائع لا حق له في المبيع فيصح كلامه حينئذٍ بعود الضمير على المبيع فهذا الفرع على هذا وإن لم يذكروه صريحًا فهو لازم من كلامهم كما فهمه المصنف وهو ظاهر (بخلاف الأرطال) قول ز وفي استثناء الأرطال لا يعلم كم يقع له من الأرطال الخ صوابه لا يعلم كم يقع له من الثمن ونص أبي الحسن والفرق بين مسألة الجزء وبين استثناء الأرطال اليسيرة هو أنه إذا استثنى جزءًا شائعًا فتشاحا في الذبح وقع لكل واحد منهما ثمن معلوم وفي استثناء الأرطال لا يعلم كم يقع له من الثمن اهـ.
منه وقول ز وأما في الجلد فأجرة الذبح الخ انظر هذا وفي ح وفي كون مسألة الجلد والساقط كذلك أي عليهما بقدر ما لكل وهو اختيار ابن يونس وعلى المشتري لأنه غير مجبور على الذبح وصوابه ابن محرز قولان وأما السلخ ففي الجلد إن قلنا المستثنى مبقي فعلى البائع وإن قلنا مشتري فيخلف على من تكون وأشار بعضهم إلى أنه عليهما معًا اهـ.
وأما مسألة الرأس فأجرة السلخ على المشتري بناء على القول بضمان المشتري في الموت نقله ابن عاشر عن ابن عرفة اهـ.
الأرطال بيع اللحم المغيب بخلاف هذه (وهي أعدل وهل التخيير للبائع) وهو غير ملائم لقوله دفع فلو حذف لفظ دفع لاستقام قوله هنا وهل التخيير للبائع ويجاب بأن دفع مصدر المبني للمجهول أي في أن يدفع رأس بالبناء للمجهول وضمير خير للعاقد الشامل لهما فيخير البائع في أن يدفع له وعلى الثاني يخير المشتري في أن يدفع منه (أو للمشتري قولان) أرجحهما الثاني (ولو مات ما) أي حيوان (استثنى منه معين) من جلد وساقط وأرطال (ضمن المشتري) للبائع من المعين (جلدًا وساقطًا) لأنه لا يجبر على الذبح فيهما لأن له دفع مثلهما فكأنهما في ذمته (لا لحمًا) وهو ما عبر عنه قبل بالأرطال وغاير اختصارًا وتفننًا فلا يضمن لجبره على الذبح ولما لم يقم عليه البائع فيما له جبره كان مفرطًا ما لم يأكله المشتري فيضمن مثل الأرطال لأنه مثلي واحترز بالمعين عن الجزء الشائع فإنه لا ضمان عليه لأنه شريكه وهو في حصة شريكه بمنزلة المودع في الضمان (و) جاز بيع (جزاف إن رئي) عند العبد أو قبله واستمرا على معرفة رؤيته لوقت العقد ورؤية بعضه المتصل به كافية كما في مغيب الأصل وكصبرة فتكفي رؤية ما ظهر منها ولا يشترط رؤية باطنها ولا يكفي رؤية بعض منفصل فأراد بالمرئي الحاضر فلا يصح في غائب عن مجلس العقد ولو كان على قيل أو مغيب في تبنه وعلى هذا فلا يشكل جواز شراء الظرف المملوء جزافًا مع أن المرئي منه بعضه لأنه حاضر وقوله إن ريء في موضع الصفة لجزاف أي وجاز بيع جزاف مرئي وإنما قلنا في موضع الصفة لأن الجملة الشرطية لا تقع صفة ومحل اشتراط الرؤية ما لم يلزم منها تلف المبيع وإلا لم تشترط كقلال الخل فيجوز بيعها مطينة إن كانت مملوءة أو علم المشتري قدر نقصها من البائع أو غيره ولا بد
ــ
(وهل التخيير للبائع أو للمشتري قولان) في ح قال الرجراجي والقولان تؤوّلا على المدونة والقول بأنه للمشتري أسعد بظاهرها قال ابن عرفة وصوبه ابن محرز وهو ظاهرها اهـ.
والخلاف وإن كان مفروضًا في الجلد في كلام عياض وابن يونس وغيرهما لكن كلام المدونة الذي تؤول عليه القولان صريح في تسوية الجلد والرأس في الحكم فلا يقال كان على المصنف أن يذكر الخلاف في محله وهو الجلد خلافًا لطفى (ضمن المشتري جلدًا وساقطًا) قال طفى أطلق في الضمان سواء كان تفريط من المشتري أم لا وهو مرتضى ابن رشد قال وليس معنى الضمان أنه يغرم للبائع قيمته أو جلدًا مثله وإنما معناه أن ينظر إلى مثله فإن كانت قيمته في التمثيل درهمين وكان باع الشاة بعشرة دراهم رجع البائع على المبتاع بسدس قيمة الشاة كمن باع شاة بعشرة دراهم وعرض قيمته درهمان فاستحق العرض من يد البائع وقد فأتت الشاة عند المبتاع وهذا بين كله لا إشكال فيه اهـ.
قلت: هذا لفظ ابن رشد في رسم أوصى أن ينفق على أمهات أولاده قال طفى وقد نقل كلامه ابن عبد السلام وابن عرفة والمصنف في ضيح وقبلوه فهو مراد المصنف بالضمان فقول مس وله دفع مثلهما خلافه (وجزاف إن رئي) قال في المسائل الملقوطة الجزاف مثلث الجيم فارسي معرف وهو بيع الشيء بلا كيل ولا وزن ولا عدد اهـ.
من بيان صفة ما فيها من الخل ويجوز بيع الغائب جزافًا في صورة أخرى وهي ثمر حوائط غائبة فيباع ثمرها كيلًا أو جزافًا إذا كانت على مسيرة خمسة أيام ولا يجوز النقد فيها بشرط فإن بعدت لم يجز شراء ثمرها (ولم يكسر جدًّا) أي يشترط فيه أن يكون كثيرًا لا جدًّا فإن كثر جدًّا بحيث يتعذر حزره أو قل جدًّا بحيث يسهل عدده لم يجز بيعه جزافًا وأما ما قل جدًّا بحيث يسهل كيله أو وزنه فيجوز جزافًا وقول تت أي ولا يقل بحيث يسهل كيله أو وزنه أو عدده غير ظاهر لاقتضائه أن المشقة تعتبر في جواز بيع المكيل والموزون جزافًا وليس كذلك بل يباع كل منهما جزافًا بشروطه ما عدا المشقة كما يفيده قول المصنف الآتي ولم يعد بلا مشقة وقوله وجزاف حب الخ فلو اقتصر على عدده بأن قال بحيث يسهل عدده كان أولى (وجهلاه) احترز به عما إذا علمه أحدهما كما سيذكره ولم يحترز به عما إذا علماه كما يوهمه تت لأنه في هذه الحالة يخرج عن كونه جزافًا والشرط في الشيء لا بد أن يكون ذلك الشيء يحتمله ويحتمل نقيضه وهذا إن فسر الجزاف بما أمكن علم قدره دون علمه كما لابن عرفة أي دون أن يعلم المتعاقدان قدره حال العقد فإن فسر بما بيع بغير كيل ولا عدد صدق بما إذا علماه وجهلاه أو أحدهما فيصح الاحتراز بما هنا عما إذا علماه أيضًا (وحزرا) أسقط فيه ضمير الجزاف دون ما قبله لأنه لا يكفي أن يحزراه وهما من غير أهل الحزر بل لا بد أن يكونا من أهله بأن يعتاداه كما في ابن عرفة وأن يحزراه بالفعل فإن اختلفت عادتهما في حزر قدر كيله أو وكلا من
ــ
وحد ابن عرفة بيع الجزاف بأنه بيع ما يمكن علم قدره دون أن يعلم والأصل منعه وخفف فيما شق علمه أو قل جهله اهـ.
فقوله شق علمه يريد في المعدود وقل جهله في المكيل والموزون إذ لا تشترط المشقة فيهما كما يأتي وقول ز عند العقد أو قبله واستمرا على معرفة رؤيته الخ هذا بتاء على ما اختاره ابن رشد من جواز بيع الصبرة الغائبة على الرؤية المتقدمة وهو قول ابن حبيب قال ابن رشد في ثالث مسألة من جامع البيوع الأول ما نصه ولو كان المبتاع قد رأى الصبرة والزرع ثم اشترى ذلك من صاحبه على رؤيته المتقدمة وهو غائب عنها لجاز ذلك وقد نص على جوازه ابن حبيب في الواضحة وقد فرق في هذا في المدونة من رواية ابن القاسم عن مالك بين الطعام المصبر والزرع القائم فمنع أن يشتري الطعام المصبر وهو غائب عنه على رؤيته المتقدمة وأجاز ذلك في الزرع القائم وهي تفرقة لا حظ لها في النظر فالله أعلم بصحتها اهـ.
ووجه ابن عرفة المنع فقال وجهه أنه يطلب في الصبرة زيادة على معرفة صفتها معرفة قدرها في الحزر حين العقد وللرؤية المقارنة للعقد في ذلك أثر قال ويلزم مثله في الزرع الغائب اهـ.
بمعناه قال ح عقبه عند قول المصنف وبرؤية لا يتغير بعدها قلت الذي يظهر من المدونة أنه يغتفر عدم حضور الزرع والثمار حالة العقد عليهما جزافًا لظهور التغير فيهما إن حصل بعد الرؤية المتقدمة بخلاف الصبرة ونحوها فتأمله اهـ.
يحزره بالفعل جاز كذا يظهر وحزر من بابي ضرب وقتل كما في المصباح (واستوت أرضه) شرط في الجواز ولا يلزم من انتفائه انتفاء الصحة فإنه صحيح ثم إن تبين أن في الأرض علوًا فللمشتري الخيار في الرد أو انخفاضًا فللبائع الخيار قاله د وأما ما قيل هذا الشرط فهو شرط في الجواز والصحة كاللذين يعده (ولم يعد بلا مشقة) بأن عد بمشقة وهذا منطوقه لأن نفي النفي إثبات وأشعر لفظ العد أن المكيل والموزون يباع كل جزافًا ولو لم تكن مشقة كما مر لأنهما مظنة المشقة بخلاف العد لتيسره لغالب الناس فالجزاف يتعلق بالثلاثة لكن بشروط سبعة في المعدود وستة في غيره وفي الحقيقة خمسة في غيره
ــ
وتبين منه أنه على ما اختاره ابن رشد وهو قول ابن حبيب لا يشترط في الجزاف الحضور مطلقًا وإنما يشترط فيه الرؤية بالبصر سواء كانت مقارنة للعقد أو سابقة عليه وعلى ما في المدونة من رواية ابن القاسم عن مالك يشترط في بيع الجزاف كله أن يكون حاضرًا حين العقد لكن يستثنى منه الزرع القائم ومثله الثمار في رؤوس الأشجار فقد اغتفر فيهما عدم الحضور إن تقدمت الرؤية وبالثاني قرر ح هنا كلام المصنف فقال مرادهم بالمرئي الحاضر كما يفيده كلام ضيح ويلزم من حضوره رؤيته أو رؤية بعضه لأن الحاضر لا يكتفي فيه بالصفة على المشهور إلا لعسر الرؤية كقلال النحل المختومة إذا كان في فتحها مشقة وفساد فيجوز بيعها دون فتح هذا محصل كلامه فحمل إن رئي على اشتراط الحضور وأخذ منه شرط الرؤية باللزوم لقوله إن الحاضر لا يكتفي فيه بالصفة على المشهور ثم قال ح وفي كلام ابن عرفة إشارة إلى ما ذكرناه من أن اشتراط المرئي إنما هو في مقابلة الغائب فإنه بحث في اشتراط الرؤية في بيع الجزاف مع قول مالك في تمر الحوائط الغائبة على خمسة أيام تباع كيلًا أو جزافًا ونصه وشرط رؤية الجزاف مع قبول غير واحد قول مالك فيها وكذلك حوائط التمر الغائبة يباع تمرها كيلًا أو جزافًا وهي على خمسة أيام لا يجوز النقد فيها بشرط متناف لاقتضائه جواز بيعها غائبة جزافًا وفي كون الصفة تقوم مقام المعاينة في الحزر نظر اهـ.
بخ فقوله شرط الخ مبتدأ وقوله متناف خبره قلت كتب على طرة ابن عرفة ما نصه لا منافاة لأنها إنما تباع على رؤية تقدمت إذ لا يجوز بيع الجزاف على صفة قاله عياض آخر الجعل من تنبيهاته اهـ.
قلت: وذكر ابن عرفة أيضًا هذا في موضع آخر فانظره وبه تعلم أن قول ز فأراد بالمرئي الحاضر إنما يأتي على ما وجهه ابن عرفة وهو خلاف ما قدمه بناء على مختار ابن رشد ففي كلامه تخليط والله تعالى أعلم (واستوت أرضه) قول ز شرط في الجواز الخ فيه نظر بل إذا علما أولًا عدم الاستواء فسد وإذا دخلا على الاستواء فظهر عدمه فالخيار كما في ح وق (ولم يعد بلا مشقة) قول ز بأن عدّ بمشقة وهذا منطوقه الخ هذا جار على قولهم: قاعدة النفيين إن تكررا، حذفهما منطوق قول قد جرى وحذف واحد فقط مفهوم فافهم فذا القول هو المعلوم وهذه القاعدة ليست على إطلاقها بل هي مقصورة على سلب السلب نحو ليس زيد ليس هو بعالم وليست عبارة المصنف من هذا بل من قبيل السالبة المعدولة وهي التي
لإسقاط ولم يكثر جدًّا ولم يعد بلا مشقة (ولم تقصد أفراده) أي الشيء الجزاف كجوز وصغار سمك وهذا كالمستثنى من منطوق الشرط الذي قبله وقول ح من مفهومه صوابه من منطوقه كما يدل عليه قوله أي فإن كان لا يعد إلا بمشقة جاز بيعه جزافًا إلا أن تقصد أفراده أي بالثمن أو الرغبة كعبيد ودواب فلا بد من عده اهـ.
(إلا أن يقل ثمنه) أي الجزاف أي ثمن أفراده فالضمير الفرد للجزاف أو للفرد المفهوم من أفراده وإلا كان الواجب ثمنها وهو مستثنى من مفهوم ما قبله كبندق وفستق وصغار سمك وكتفاح واترج ورمان وفرسك بكسر الفاء والسين ضرب من الخوخ ليس بتفلق عن نواه كما في الصحاح وبطيخ فيجوز جزافًا قال تت ولعل المراد الأترج الذي كله كبير أو كله صغير وأما ما بعضه صغير وبعضه كبير فلا وكذا يقال في البطيخ اهـ.
قال بعض الشراح وانظر هل المراد بقوله إلا أن يقل ثمنه قلة جملة ثمنه أو المرد قلة ثمن تفاوت الأفراد فيما بينها وهذا الثاني ظاهر ابن بشير وما مر عن تت اهـ.
بالمعنى وعلم من المصنف أن ما يباع جزافًا إما أن يعد بمشقة أم لا وفي كل إما أن تقصد أفراده أم لا وفي كل إما أن يقل ثمنها أم لا فمتى عد بلا مشقة لم يجز جزافًا قصدت أفراده أم لأقل ثمنها أم لا ومتى عد بمشقة فإن لم تقصد أفراده جاز بيعه جزافًا قل ثمنها أم لا وإن قصدت جاز جزافًا إن قل ثمنها ومنع إن لم يقل فالمنع في خمسة والجواز في ثلاثة وبقي من شروط الجزاف أن لا يشتريه مع مكيل على تفصيله الآتي له وصرح بمفهوم الشرط الأول لما فيه من المسائل فقال: (لا غير مرئيّ) بالجر عطف على
ــ
جعل فيها السلب جزءًا من مدخوله وقد صرحوا أنها لا تقتضي وجود الموضوع فمنطوقها أعم مما ذكره لصدقه به ويكون المبيع مما لا يعد أصلًا وهو صحيح فلو ذكر هذا وأسقط قوله وأشعر الخ لكان صوابًا وقول ز لإسقاط ولم يكثر جدًّا يقتضي أن قوله ولم يكثر جدًّا شرط في المعدود فقط وهو سهو عما تقدم له في تقريره وأنه شرط في الجميع والصواب لو قال بإسقاط ولم يعد بلا مشقة ولم تقصد أفراده إذ هذان هما المختصان بالمعدود فافهم اهـ.
(ولم تقصد أفراده) قول ز وهذا كالمستثنى الخ أي مفهوم هذا الشرط كالمستثنى الخ لا منطوقه وذلك واضح من تقريره على أنه لا خصوصية لهذا الشرط بهذا الحكم بل كل شرط هو باعتبار مفهومه كالمستثنى من منطوق ما قبله لأن حقيقة الشرط تقتضي ذلك فتأمله (إلا أن يقل ثمنه) قول ز كبندق الخ ظاهره أن هذه أمثلة لما قصدت أفراده وقل ثمنه وفيه نظر بل كل من البندق والفستق وصغار السمك كالسردين مما لم تقصد أفراده وقد مثل بصغار السمك لذلك قبل وقول ز عن تت ولعل المراد الأترج الذي كله كبير الخ هذا الترجي منه قصور قال القباب في شرح بيوع ابن جماعة ما نصه قيدوا الجواز في المعدود بما تلحق المشقة في عده لكثرته وتساوي أفراده كالجوز والبيض أو يكون المقصود مبلغه لا آحاده كالبطيخ فإنه يجوز الجزاف فيه وإن اختلفت آحاده والنصوص بذلك في العتبية والموازية اهـ.
محل إن رئي إذ هو في محل الصفة لجزاف كما مر أي وجزاف مرئي لا غير مرئي وظاهره منع غير المرئي ولو وقع على الخيار ولعله كذلك للخروج عن الرخصة ومر أنه يستثنى قلال الخل وثمر الحائط ورؤية البعض المتصل (وإن) أي ولأجل اشتراط كون الجزاف مرئيًّا لا يجوز أن يشتري (ملء ظرف) وهو فارغ ابتداء بل (ولو) ملأه (ثانيًا بعد تفريغه) بعد أن اشتراه أولًا بما فيه مع ما يملؤه ثانيًا وجعل ذلك عقدة واحدة لعدم رؤية ملئه ثانيًا حين العقد عليهما معًا فقد دخل على الجزاف ويقيد قوله وإن ملء ظرف الخ بماذا كان الطرف مكيالًا مجهولًا ولهم مكيال معروف غيره وإلا جاز كما مر من جواز شراء حاضر ببادية بمكيالها لعدم مكيال معلوم بها ومن جواز شراء باد بحاضرة بمكيالها لعدم مكيال معلوم للبادي نعم شراء ما في المكيال المجهول جزافًا جائز بشروطه لا على أنه مكيل به مع تيسر معلوم قال تت المازري وقد يهجس في النفس أن لا فرق بين ما أجازوه ومنعوه إذ لا يختلف حزر الحازر لزيت في قارورة أو لمقدار ملئها منه اهـ.
وأشار ابن رشد لما يفيد الجواب أن ما أجازوه لم يقصد فيه الغرر لحضوره فحف أمره بخلاف ملئه ثانيًا فإنه غرر مدخول عليه وذكر غ عن القباب أن ما يفعله أهل بلاده من إعطاء العطار درهمًا ليعطيه به أبزار أي كفلفل كما عندنا بمصر أيضًا فيجعل له شيئًا من الأبزار في كاغد فيحمله المشتري من غير معرفة قدره لا يجوز اهـ.
أي ومن غير رؤيته فإن فتحه ورآه جاز وإن لم يعرف وزنه إذا وجدت فيه بقية شروط الجزاف ما عدا المشقة لأنها لا تشترط في المكيل والموزون كما مر ولا يرد على هذا ما لبعص المحشين عن شيخه ق ويدل عليه جواب ابن رشد المتقدم من أن قوله
ــ
وفي العتبية من قول سحنون ما نصه قال سحنون عن ابن وهب عن مالك لا يباع الجوز جزافًا إذا باعه وقد عرف عدده ولا بأس بأن يباع القثاء جزافًا لأنه مختلف فيه صغير وكبير ويكون العدل الذي هو أقل عددًا أكبر من العدل هو أكثر عددًا اهـ.
ابن رشد معرفة عدد القثاء لا تأثير له في المنع من بيعه جزافًا إذ لا يعرف قدر وزنه بمعرفة عدده لاختلافه في الصغر والكبر بخلاف الجوز الذي يقرب بعضه من بعض وهذا بين اهـ.
وقول ز وهذا الثاني ظاهر ابن بشير الخ فيه نظر بل ظاهر ابن بشير الأول وهو قلة جملة ثمنه ونصه المعدودات إن قلت أثمانها جاز بيعها جزافًا اهـ.
وهو أيضًا ظاهر قول ابن عبد السلام فيما يتعلق الغرض بعدده يمتنع بيعه جزافًا إلا أن يقل ثمن هذا النوع فقد وقع في المذهب ما يدل على جواز بيعه جزافًا اهـ.
(ولو ثانيًا بعد تفريغه) قول ز أي ومن غير رؤيته الخ هذا من تمام كلام القباب كما في غ لا زائد عليه وتمام كلام غ عن القباب فيحمله المشتري من غير معرفة به ولا رؤية له لا يجوز له على ما نص عليه ابن القاسم ومضى عليه الأشياخ إلا أنه لزم على القول الداودي وابن جماعة جوازه فليتأمل في أصله اهـ.
وجزاف أي صودفت جزافيته لا اتفق على جزافيته لقصر الجواز على ما إذا جعل العطار الأبزار قبل مجيء المشتري ثم جاء وأخذها في كاغد ورآها بفتحها والمنع على ما إذا أصرها قبل مجيئه ولم يفتحها هذا في الموزون وأما في المعدود فتقييده بالمصادفة ظاهر ويدل عليه قوله وإن ملء ظرف الخ ومثل ذلك جرار عسل مملوءة فيمنع بيعها جزافًا دون فتح فإن فتحت ورؤيت جاز (إلا) أن يقع ملء ظرف ثانيًا بعد تفريغه (في كسلة) بفتح السين أي إناء (تين) وعنب وقربة ماء وجراره وراويته ونحوها مما جرى العرف بأن ضمانه من بائعه إذا انشق قبل تفريغه فيجوز شراء ملئه فارغًا وملئه ثانيًا بعد تفريغه بدرهم مثلًا في عقد واحد لأن السلة ونحوها بمنزلة المكيال المعلوم وهو مستثنى من المبالغتين قبله كما أشرنا له وإذا اختلفت المياه تعين فتحه عند الشراء ثم عطف على غير مرئي ثلاثة أشياء مشاركة له في المنع أحدها قوله: (وعصافير) وسائر ما يتداخل من الطير لا يباع جزافًا لأنه يموج ويدخل بعضه تحت بعض فيخفي حزره (حية) بالجر صفة للمجرور بفتحة نيابة عن الكسرة لصيغة منتهى المجموع وأفرد صفته لأن جمع التكسير الذي للكثرة فيما لا يعقل إلا فصح أن يوصف بالمفرد المذكور والمؤنث كإعجاز نخل منقعر ونخل خاوية (بقفص) أي محبوسة به وأولى غير المحبوسة وأما المذبوحة فيجوز بيعها جزافًا
ــ
زاد في تكميل التقييد ما نصه وجدت بخط شيخنا أبي عبد الله الصغير قال لي شيخنا ابن علال قول الداودي شاذ ضعيف وقال لي شيخنا العبدوسي وجه قول الداودي أن المبتاع المسترسل كأنه وكل البائع على العقد فانتفت المجهلة فإنه يجوز أن يوكل الرجل بائعًا يشتري له من نفسه قال واعترض الشيخ ابن علال ومعاصروه قول القباب لأن فيه جزف واشترى منك وقد نص في البيان على منعه قال وعندي أن معنى ما في البيان إذا كان ذلك على جهة الإلزام فإن كان على الخيار عند رؤيته فلا بأس به اهـ.
منه قلت وإلى ما قال العبدوسي بنحو كلام ق واعلم أنه وقع في نقل ق لكلام القباب تخالف مع ما نقله غ عنه فإن كلام ق صريح في أن الذي مضى عليه الأشياخ هو الجواز وكلام غ عكسه كما تقدم عنه وكلام القباب محتمل لأمرين ونصه على ما قاله ابن جماعة وحكاه الداودي يصح ما يفعله أهل بلدنا الآن إلى أن قال وهذا البيع صحيح على ما قاله ابن جماعة وإن كان المنصوص لابن القاسم فساده كما تقدم وعليه مضى الأشياخ اهـ.
منه فق رد هذا لما قاله ابن جماعة غ فهم رده لما قبله وهو الظاهر من لفظه تأمل (إلا في كسلة تين) قول ز إلا أن يقع ملء ظرف ثانيًا الخ يوهم أنه مستثنى من المبالغة الثانية فقط وليس كذلك بل هو مستثنى من المبالغتين معًا كما بينه في تقريره (وعصافير حية) قول ز الأفصح أن يوصف بالمفرد المذكر والمؤنث الخ كون الأفصح وصفه بالمفرد المؤنث صحيح لقول التسهيل وفعلت ونحوه أولى من فعلن ونحو بأكثر جمعه الخ وأما وصفه بالمفرد المذكور فليس بفصيح بل شاذ فالصواب إسقاطه وتمثيله بالآيتين لجمع التكسير سهو لأن النخل اسم جنس جمعي يذكر ويؤنث وقول ز وكذا الطير المذبوح أي وكذا سائر الطير الخ
فيما كثر لعدم التداخل لا فيما قل وكذا الطير المذبوح (و) ثانيها قوله (حمام برج) إلا أن يحيط به معرفة قبل لشراء فيجوز بيعه جزافًا فإن قلت حيث أحاط به معرفة قبل الشراء يمنع بيعه جزافًا قلت المراد أحاط به معرفة بالحزر كما في ق وتت عن ابن القاسم فلا منافاة بهذا القيد بين ما قاله المصنف من المنع وبين ما لابن القاسم من الجواز لحمل كل على حالة خاصة قال تت وأشعر قوله حمام برج بأن بيعه مع برجه جائز لأنه تبع وهو كذلك في المدونة واقتصر عليه في توضيحه وذكر غيره عن الطرر قولًا بالمنع اهـ.
باختصار ومنع ابن القاسم في العتبية بيع الخشب الملقى بعضه على بعض جزافًا لخفة مؤنة عده كالغنم ولا بأس بشراء صغاره جزافًا.
تتمة: قال ح: ونحل الأجباح لا خلاف في جواز بيعه جزافًا لمشقة عده وظاهره أنه يباع بدون الأجباح وفي د لا يباع بدونها وظاهر النقل السابق وكلام ابن عرفة خلافه وقال البرزلي إن اشترى الأجباح دخلت النحل وكذا العكس ولا يدخل العسل في الوجهين قاله ابن رشد قاله عج وتقدم ذلك عند قوله وقدرة عليه ويجمع بين ما لح ود بحمل الجواز على بيعه حالة كونه في الجبح بدليل قوله لمشقة عده وحمل ما في د من المنع على ما إذا كان طائرًا منها لعدم القدرة عليه وقول ح لمشقة عده به يفرق بين جوازه وهو في جبحه وبين منع الحمام وهو في برجه فالحمام لا مشقة في عده عادة بخلاف النحل.
فرع: قال عج: على الرسالة عند قولها وما أفسدته الماشية ليلًا من الزرع والحوائط فعلى أربابها الخ ما نصه وهذا كله فيما يمكن منعه من الإتلاف بربط ونحوه أي كقفل وأما ما لا يمكن كحمام الأبرجة والنحل فهل يمنع أربابها من اتخاذها وهو ما رواه مطرف عن مالك أو لا يمنعون وعلى أرباب الزرع والشجر حفظه وهو قول ابن القاسم وابن كنانة وابن حبيب.
فرع: قال في المدونة ولا يصاد حمام الأبرجة ومن صاد منه شيئًا رده إن عرف ربه وإن لم يعرف ربه فلا يأكله أي وموضعه بيت المال كمال ضل صاحبه وإذا دخل حمام برج لرجل في برج لآخر ردها إلى ربها إن قدر وإلا فلا شيء عليه ومن وضع أجباحًا في
ــ
(وحمام برج) قول ز عن تت وأشعر قوله وحمام برج الخ يقتضي أن السورتين مختلفتان في الحكم وليس كذلك بل هما عند ابن القاسم سواء في الجواز إن أحاط بالحمام معرفة وعدم الجواز إن فقد القيد ففي العتبية من سماع أصبغ عن ابن القاسم إنما جاز بيع البرج بما فيه وبيع جميع ما فيه إذا رآه وأحاط به معرفة وحزره اهـ.
وحكى ابن عرفة عن محمد عن ابن القاسم مثل ما روى عنه أصبغ ونصه محمد عن ابن القاسم لا بأس ببيع ما في البرج من حمام أو بيعه بحمامه جزافًا اهـ.
والمنع في الصورتين لابن نافع في المدينة قال ح ورجح في الشامل الجواز وهو الظاهر لأنه قول ابن القاسم في الموازية والعتبية اهـ.
جبل فله ما دخلها من النحل قال في العتبية شرط الأجباح أن يضعها في موضع لا ينتهي إليه سرح نحل البلد انتهى.
وفي تت في باب الذكاة عند قول المصنف كالدار الخ ما نصه في المجموعة عن ابن كنانة في الرجل يجد النحل في شجرة أو صخرة لا بأس أن ينزع عسلها إذا لم يعلم أنها لأحد ولا يحل له أن يأكل نحل جبح نصبح غيره لا في عمران ولا في مفازة انتهى.
وثالثها وهو مفهوم الشرط الأخير وما قبله مفهوم الشرط الأول وسكت عن مفهوم غيرهما لوضوحه فقال: (وثياب) لا يجوز بيعها جزافًا لقصد أفرادها (ونقد) ذهب أو فضة يمنع بيعه جزافًا لقصد أفراده أيضًا وكذا فلوس كما قال ابن ناجي أنه المشهور في المتعامل بها عددًا وكذا الجواهر وإنما نص على النقد لكثرة الغرر بحصوله بجهة الكمية وجهة الآحاد لأنه يرغب في كثرتها ليسهل الشراء بها ولا يعلل بكثرة الثمن لئلا يرد الجواهر واللؤلؤ ونحوهما وقيد منع بيع النقد جزافًا بقوله: (إن سك والتعامل بالعدد وإلا) يتعامل به عددًا بل وزنًا (جاز) بيعه جزافًا لعدم قصد أفراده حينئذٍ فهو راجع لقوله والتعامل بالعدد فقط ولا يرجع لقوله إن سك أيضًا وإلا لاقتضى أن المسكوك المتعامل به وزنًا لا يجوز بيعه جزافًا وليس كذلك فلو قال ونقد إن تعومل به عددًا وإلا جاز لسلم مما ذكر وطابق ما للأقفهسي على الرسالة قاله عج ووجه الاقتضاء المذكور أنه إذا دخل تحت الأنفي الشرطين أي إن لم يسك ولم يتعامل به عددًا بل وزنًا جاز فيفيد أن المسكوك المتعامل به وزنًا لا يجوز بيعه جزافًا مع أنه جائز فعلم أن غير المسكوك يجوز جزافًا تعومل به عددًا أو وزنًا كالمسكوك إن تعومل به وزنًا والمراد بالتعامل به وزنًا ما يوزن بصنجة وينقص صرفه بنقص وزنه من غير مراعاة عدد وإذا تعومل بهما معًا كدنانير مصر وقروشها روعي العدد ودراهم مصر تارة يقع التعامل بها وزنًا وذلك في حالة المناداة على عدم التعامل بالمقصوص منها وتارة يقع التعامل بها عددًا في حالة التعامل بالمقصوص منها ثم أفاد تفصيلًا في مفهوم قوله وجهلاه بقوله: (فإن علم أحدهما) بعد العقد (بعلم الآخر) حين العقد (بقدره) أي المبيع جزافًا (خير) الجاهل كعيب دلس عليه به بشرط
ــ
وقول ز وهو كذلك في المدونة صوابه في الموازية (ونقد) قول ز لئلا يرد الجواهر واللؤلؤ الخ أي التي يجوز فيها الجزاف لصغرها فلا ينافي ما قدمه قريبًا من المنع في الجواهر (وإلا جاز) قول ز ولا يرجع لقوله إن سك أيضًا وإلا لاقتضى الخ غير صحيح بل لا يقتضي ذلك والصواب رجوعه للقيدين معًا أي وأن لا يجتمع الشرطان بأن فقدا أو أحدهما جاز فيدخل تحت الأثلاث صور لكن يقتضي الجواز في غير المسكوك إن تعومل به عددًا مع أن الحكم فيها المنع كما ذكره الشبرخيني وقد يقال لبعد هذه الصورة لم يستثنها على أن ابن عبد السلام بحث في جوازه في المسكوك المتعامل به وزنًا بأن آحاده مقصودة لأنه يرغب في كثرتها لسهولة شراء السلع اليسيرة كنصف درهم وربعه وربما ذكرنا تبين ما في كلام ز من التخليط والله أعلم (فإن علم أحدهما بعلم الآخر بقدره خير) قول ز من جهة واحدة وقع البيع
كون العلم والجهل من جهة واحدة وقع البيع عليها كعلم أحدهما بكيله وجهله الآخر ودخلا على حزر كيله وأما لو جهل كل كيله وقد دخل على حزر كيله وعلم أحدهما بوزنه أو عدده فلا خيار لاستوائهما في جهل الجهة التي وقع العقد عليها (وإن أعلمه أولًا) بأنه عالم بقدره أو علم بذلك من غيره (فسد) البيع لتعاقدهما على الغرر والخطر وهذا التعليل شامل لإعلامه وعلمه من غيره كما ذكرنا وإذا فسد رد المبيع لربه إن كان باقيًا فإن فات لزمه القيمة ما بلغت وأما ما فيه التخيير وفات فيلزم فيه المشتري الأقل من الثمن أو قيمة الجزاف حيث كان التخيير فيه للمشتري فإن كان للبائع بأن علم المشتري فقط بقدره لزم المشتري الأكثر من الثمن والقيمة فإن كان الفوات لا مع علمه فالقيمة فقط وينبغي له أن لا يعطيه طعامًا بدلها لما فيه من الاقتضاء عن ثمن الطعام طعامًا قاله ابن رشد انظر تت والشارح (كالمغنية) تشبيه بما قبله فإذا باع جارية بشرط أنها مغنية فسد فإن لم يشترط بل اطلع على ذلك بعد العقد خير وإن لم يعلم البائع ثم محل الفساد مع علم البائع إن قصد الاسترادة في الثمن فإن قصد التبري جاز والتاء في المغنية للتأنيث وأما بيع المغني فلا يوجب خيارًا ولا فسادًا نقله الروياني عن المالكية كما في ح ولعل وجهه مع كون المنفعة غير شرعية فيه أيضًا أنه لا يخشى من غنائه تعلق الناس به عادة أي شأنه ذلك بخلاف الجارية ولما كان الغرر المانع من صحة العقد قد يكون بسبب انضمام معلوم لمجهول لأن انضمامه إليه يصير في المعلوم جهلًا لم يكن وكان ذلك تفصيل أشار إليه المصنف تبعًا لقول المقدمات من الأشياء ما الأصل فيه أن يباع كيلًا ويجوز بيعه جزافًا كالحبوب ومنها ما الأصل فيه أن يباع جزافًا ويجوز بيعه كيلًا كالأرضين والثياب أي غير لشقق جمع شقة لأنها تكال ومنها لا يباع جزافًا ولا كيلًا أي لا يتصف بواحد منهما كالعبيد وسائر الحيوان ويجوز بيع شيئين جزافًا أو كيلًا في عقد واحد الخ فأشار لكلامه عاطفًا بالجر على غير مرئي بقوله: (وجزاف حب) كقمح مما أصله البيع كيلًا (مع مكيل منه) فيمنع لخروج أحدهما عن الأصل (أو) مع مكيل (أرض) مما أصله البيع جزافًا فيمنع لخروجهما
ــ
عليها الخ صوابه من الجهة المعتادة لوقوع البيع عليها وإلا فإنما وقع البيع هنا على الجزاف الآن يكون مراده وقع البيع على الحزر بها على أن ما ذكره من الشرط مع قوله بعده وأما لو جهل كل كيله إلى قوله فلا خيار له كله فيه نظر لنص ابن رشد بخلافه ففي البيان في نوازل سحنون ما نصه ابن رشد ما يعد أو يكال أو يوزن لا يجوز بيعه جزافًا إلا مع استواء البائع والمبتاع في الجهل يعدّ ما يعد منه أو وزنه أو كيله لأنه متى علم ذلك أحدهما وجهله الآخر كان العالم منهما بذلك قد غر الآخر الجاهل وغشه فإذا علم عدد الجوز لم يجز أن يبيعه جزافًا وإن كان العرف فيه أن يباع كيلًا لأنه يعرف قدر كيله بمعرفة عدده وأما معرفة عدد القثاء فلا تأثير له في المنع من بيعه جزافًا إذ لا يعرف قدر وزنه بمعرفة عدده لاختلافه في الصغر والكبر بخلاف الجوز الذي يقرب بعضه من بعض وهذا بين اهـ.
منه فافهمه (وإن أعلمه أولًا فسد) قول ز فإن كان الفوات لا مع علمه فالقيمة فقط الخ
عن الأصل فارض عطف على ضمير منه من غير إعادة حرف الجر وهو جائز عند الكوفيين واختاره ابن مالك وغيره ومنه {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} ] [النساء: 1] أي بالجر في قراءة حمزة وكفر به والمسجد الحرام ومذهب البصريين وهو الصحيح إعادة الجار كما قررنا قاله تت لكن الذي قرره إعادة الجار اسم مضاف لا حرف الذي الكلام فيه وقال د أرض معطوف على موصوف مكيل أي مع حب مكيل منه وحينئذ فلم يلزم العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض أو صفة أرض محذوفة أي مكيلة كما أنها محذوفة من قوله لا مع حب أي لا مع حب مكيل (وجزاف أرض) مما أصله أن يباع جزافًا لا يجوز جمعه (مع مكيله) لخروج أحدهما عن الأصل وذكر ضميره نظرًا للجنس المذكور وفي بعض النسخ بمثناة فوقية منونة وصفًا لأرض فهذه ثلاث صور ممنوعة (لا) يمنع اجتماع جزاف أصله أن يباع جزافًا كأرض (مع) مكيل (حب) أصله البيع كيلًا عقدة واحدة بل يجوز يخطيء كل منهما على أصله فهذه أربعة (ويجوز جزافان) صفة واحدة سواء كان أصلهما البيع جزافًا أو كيلًا أو أحدهما كيلًا والآخر جزافًا كحب وأرض لأنهما في معنى الجزاف الواحد من حيث تناول الرخصة لهما (و) يجوز (مكيلان) كذلك صفقة واحدة (و) يجوز (جزاف) على غير الكيل بدليل قوله الآتي ولا يضاف الخ أي يجوز جزاف أصله أن يباع كيلًا كصبرة أو جزافًا كقطعة أرض (مع عرض) لا يباع كيلًا ولا وزنًا كعبيد ودواب وخالف في ذلك ابن حبيب (و) يجوز (جزافان) صفقة واحدة (على كيل إن اتحد الكيل والصفة) احترز باتحاد الكيل من اختلافه كصبرتي طعام واحد إحداهما ثلاثة بدينار والأخرى أربعة بدينار وقاله ابن عرفة قال بعض شيوخنا وإنما امتنع في هذا الاختلاف الثمن وأما لو باع أربعة بدينار وثلاثة بثلاثة أرباع دينار فلا مغ في ذلك لاتفاق الثمن ومثل ما احترزنا به ما لو باع بكيل مصري وريفي بثمن واحد فليس هذا وجهًا مخالفًا لما قبله بل مآلهما واحد واحترز باتحاد الصفة عما لو اختلفت كصبرتي قمح وشعير كل منهما ثلاثة بدينار فإن ذلك لا يجوز قاله د وعلم منه أن المراد باتحاد الكيل اتحاد ثمنه أي أن يكون المأخوذ بدرهم مثلًا من أحدهما قدر المأخوذ من الآخر به ولو قال المصنف إن اتحدت الصفة وثمن الكيل لكان أظهر وإنما اشترط الاتحاد في ثمن الكيل وفي الصفة هنا لتعدد الصبرة بخلاف قوله وصاع أو كل صاع من صبرة فإنه وإن كان من الجزاف على الكيل إلا أن الصبرة فيها واحدة وعلة المنع مع الاختلاف أنه يصير جزافًا على قيل معه غيره وهو ممنوع كما أشار له بقوله: (ولا يضاف لجزاف) بيع (على كيل غيره) أي لا يباع جزاف على أن كل قفيز بكذا وعلى
ــ
الصواب إسقاط هذه الجملة لأنه إن أراد لا مع علم واحد منهما فالبيع صحيح بالثمن ولا وجه للقيمة وإن أراد مع علم أحدهما أي وعلم الآخر فهي صورة التخيير التي فرغ منها كذا قيل وقد يقال مراده فإن كان الفوات مع وجه آخر من الفساد لا مع هذا الوجه وهو علم أحدهما تعينت القيمة الخ وهو ظاهر (ولا يضاف الجزاف على كيل غيره) قول ز من غير
أن مع المبيع سلعة كذا من غير تسمية ثمن لها بل ثمنها من جملة ما اشترى به المكيل وإنما لم يجز ذلك لأن ما يخص السلعة من الثمن حين البيع مجهول قاله د (مطلقًا) أي سواء كان ذلك الغير من جنس الجزاف أو من غير جنسه على المشهور ولا يقال في الجزاف على كيل مع مكيل من جنسه هو من باب بيع مكيلين فالقياس الجواز لأنا نقول الجزاف على الكيل ليس حكمه حكم الكيل وهو ظاهر فعلى هذا لا يجوز بيع الزرع جزافًا على كيل بأرضه وقوله على كيل أو وزن أو عدد فلا يضاف لجزاف على وزن أو عدد أو زرع غيره مطلقًا كما في المقدمات وقال القباب اللبن أصله الكيل والزبد أصله الوزن فلا تباع قربة لبن جزافًا مع رطل زبد لأنه من جمع الجزاف وما في حكم المكيل إذ الموزون كالمكيل كما علمت ولا أن تباع القربة بزبدها على أن كل رطل من زبدها بكذا لأنه جزاف على موزون وأما شراء كل منهما جزافًا فجائز لأنهما جزافان (وجاز) البيع (برؤية بعض المثلى) كقمح وكتان وفي بعض النسخ رؤية بدون حرف جر والمعنى عليها وجاز رؤية بعض المثلى في البيع إذ الكلام فيه ولا يحتاج لتقدير حرف جر وخرج المقوم فلا يكفي رؤية بعضه على ظاهر المذهب كما في توضيحه وقال ابن عبد السلام ظاهر الروايات مشاركة المقوم للمثلى وعطف على العام خاصًّا وهو قوله (و) جاز برؤية بعض (الصوان) بكسر الصاد وضمها وهو ما يصون الشيء كقشر رمان وبيض وجوز ولوز أي برؤية قشر بعضه وإن لم يكسر شيء منه ليرى ما بداخله وعلى نسخة حذف الباء فيكون في المعطوف التعبير بالمحل عن الحال إذ البيع واقع على ما هو داخل الصوان فيكفي في الجواز رؤية خارجه عن رؤية داخله ثم لا كلام للمشتري إذا خرج الباقي مخالفًا قليلًا لا ينفك كما يأتي والأخير قال الشارح عبد الحق إنما يلزم الباقي إذا خرج موافقًا لأوله بشرط أن لا يكون الأول معيبًا لأنه يقول ظننت الباقي سليمًا فاغتفرت العيب فيما رأيت أولًا انتهى.
وهذا في عيب مثله يحدث في الأول ويغلب السلامة منه في الباقي كسواد بأعلى مطمورة وأما في عيب لا يحدث في الأول إلا ويحدث مثله في الباقي كسوس فلا كلام للمشتري في وجوده في الباقي حيث وجده في الأول قال تت وقول الشارح لو قال وكفى رؤية كذا وكذا لكان أحسن غير ظاهر بل ما ذكره المصنف هو الأحسن لما فيه من جواز الإقدام دون الآخر لذا عدل عن تعبير ابن الحاجب به اهـ.
ــ
تسمية ثمن لها الخ انظر من أين له هذا القيد وظاهر كلام ابن رشد وغيره الإطلاق ومن خط شيخ شيوخنا أبي العباس ابن الحاج هنا ما نصه سواء سمي لذلك الغير ثمنًا أم لا بدليل صور المنع الثلاث في مفهوم ما قبله تأمل اهـ.
(والصوان) قول ز فيكون في المعطوف التعبير بالمحل عن الحال الخ هذا بناء على أن الصوان مرفوع بتقدير وجاز بيع الصوان وهو بعيد والصوان بالجر عطفًا على مدخول رؤية
ونحوه لد قائلًا لأن كفى يوهم أن الأولى خلاف ذلك وللمعطوفات الآتية كقوله وغائب وما أشبهه انتهى.
وقد يقال تأييدًا للشارح معنى كفى في جواز الإقدام على بيعه ويعبر به لأنه خلاف ما يستفاد مما مر من رؤية جميع المبيع كقوله وكفت نية لما يجب تتابعه وكفى قاسم وقول بعضهم لو قال وكفت رؤية الصوان وبعض المثلى كان أظهر يقتضي أنه لا يكفي رؤية بعض الصوان مع أنه يكفي (و) جاز بيع عدل عرض أو طعام (على البرنامج) وهو الدفتر المكتوب فيه ما في العدل بكسر العين المهملة لما في حله من الحرج على البائع قال ذ والظاهر أن البائع إذا حفظ ما في العدل ووصفه كان كافيًا وإن لم يكن برنامج وبرنامج مصروف وإن كان أعجميًّا لأنه اسم جنس لا علم انتهى.
بالمعنى واحترز بالبيع عليه من نحو بيع ثوب مطوى على الصفة فيمنع كساج مدرج وهو الطيلسان وقيل الثوب الرفيع لأن العدول عن نشره وتقليبه مع إمكانه من غير ضرر غرر كثير قال في الموطأ فرق بينهما أي البرنامج والثوب عمل الماضين انتهى.
وقوله مع إمكانه من غير ضرر هو محل المنع فإن كان في نشره إفساد له حيث لم يرضه المشتري فيجوز بيعه بالصفة كالبرنامج وبه صرح ابن رشد فإن باع على البرنامج عدة كخمسين ثوبًا فوجدها المشتري أحدًا وخمسين فإن اتفقت صفة وثمنًا رد للبائع واحدًا لا بعينه فإن كان الزائد مخالفًا لصفة البرنامج رده بعينه وإن اختلفت كخمسة أصناف كل صنف منها عشرة ووجد الزائد في عشرة معينة كان البائع شريكًا بجزء من أحد عشر جزءًا فإن اتفقت صفات الخمسين واختلف ثمنها كان شريكًا بجزء من أحد وخمسين جزءًا أي يرد له جزءًا من أحد وخمسين جزءًا كما عبر به ابن عرفة كذا روى الإخوان عن مالك وروى عنه ابن القاسم أنه يكون شريكًا بجزء من اثنين وخمسين جزءًا وغلطه ابن حبيب واعتذار ابن اللباد عنه باحتمال أنه أدخل اللفافة في العدد لم يرتضه ابن يونس لأنها
ــ
على كلتا النسختين ولا يكون فيه حينئذٍ مجاز فتأمله (وعلى البرنامج) قول ز فإن اتفقت صفات الخمسين واختلف ثمنها الخ يعني اتفقت صفاتها بأن كانت من نوع واحد واختلف ثمنها لاختلافها بالجودة والرداءة وهذا مع القسم الأول جمع بين روايتين في المدونة ففيها ومن اشترى عدلًا ببرنامجه على أن فيه خمسين ثوبًا فوجد فيه أحدًا وخمسين قال مالك يكون البائع شريكًا معه في الثياب بجزء من أحد وخمسين جزءًا من الثياب ثم قال مالك يرد منها ثوبًا كيف وجده قال ابن القاسم وقوله الأول أعجب إليّ اهـ.
قال أبو الحسن فحمل بعضهم الأول على ما إذا اختلف ثمنها والثاني على ما إذا اتفق لكن قول ابن القاسم الأول أعجب إليّ يدل على الخلاف وقال ابن عرفة بعد ذكر الروايتين عياض في كونهما خلافًا أو وفاقًا قولًا الأكثر محتجين بقول ابن القاسم أعجب إليّ والأقل وحكى عن أبي عمران اهـ.
ليست من جنس الثياب ولأنها ملغاة للمشتري كحبال الشد فإن وجدها المشتري تسعة وأربعين ثوبًا وضع من ثمنها جزءًا من خمسين وإن نقصت أكثر لم يلزم المشتري وله رد المبيع (و) جاز البيع غير جزاف على الصفة (من الأعمى) أي له هذا هو الذي يتوهم فيه عدم الجواز وأما بيعه هو ما يملكه فلا إشكال فيه جوازه فحمل تت للمصنف على هذه وزيادته قوله وكذا الشراء حمل له على غير المتوهم وقال د أي وجاز العقد فيشمل البعير والشراء اهـ.
وحقيقة الأعمى من تقدم له أبصار وأما من ولد أعمى فيسمى أكمه والحكم فيهما سواء خلافًا للأبهري في منعه البيع لمن ولد أعمى وفي معناه من عمي صغيرًا بحيث لا يتخيل الألوان ومحل الخلاف فيما يتوقف على الرؤية لا فيما يتوقف على شم أو ذوق كمسك وسكر فيجوز قطعًا ومحل جواز البيع لا عمى إن لم يكن أخرس خرسًا عارضًا وأولى ولادته كذلك ويسمى أبكم كما في تفسير الآية وإلا منعت معاملته كمناكحته إلا مجبرة أو مجبرًا فإن كان الأعمى أصم لم تجز معاملته ولا مناكحته كما في ح عن الوثائق أي لملازمته الخرس طبًّا ويحتمل وإن لم يكن أخرس لتعذر الإشارة إليه بخلاف الأبكم الاسم فتجوز معاملته وانظر هل يصح شراء الأعمى ما لا يصح شراء البصير له في ليل ولو مقمرًا لأنه يعتمد في شرائه على الوصف الذي علمه بالسمع أم لا واعلم أن البيع للأعمى على الصفة والبيع على البرنامج وبيع الساج المدرج وقلال الخل مطينة تستثنى مما يأتي من أن شرط المبيع على الصفة أن لا يكون حاضر المجلس ولا بالبلد (و) جاز البيع (برؤية) متقدمة شأن المبيع أنه (لا يتغير بعدها) إلى يوم العقد ولو حاضرًا مجلس العقد أو البلد فإن كان يتغير بعدها لم يجز على البت ويجوز على خياره بالرؤية (وحلف) بائع (مدع) أن ما في العدل موافق للبرنامج (لبيع) أي في مسألة بيع (برنامج) وقد تلف أو
ــ
وهذا كله يجري أيضًا فيما إذا وجد الزائد في عشرة معينة فاقتصار ز فيه على كونه شريكًا بجزء من أحد عشر فيه نظر وقول المدونة يرد منها ثوبًا قال ابن يونس قال بعض القرويين يرد ثوبًا من أوسطها وقال أبو عمران أي ثوب شاء لأنه قال يرد ثوبًا كيف وجده نقله أبو الحسن وقول ز وإن نقصت أكثر لم يلزم المشتري الخ ظاهره أنها إذا نقصت أكثر من واحد يخير في رد البيع وفيه نظر ونص المدونة بعد ما تقدم وإن وجد فيه تسعة وأربعين ثوبًا وضع عنه من الثمن جزء من خمسين جزءًا قيل فإن وجد فيه أربعين ثوبًا قال إن وجد من الثياب أكثر ما سمى لزمه بحصته من الثمن وإن كثر النقص لم يلزمه أخذها ورد به البيع اهـ.
أبو الحسن قوله وإن كثر النقص يريد أكثر من النصف اهـ.
(ومن الأعمى) قول ز وإلا منعت معاملته الخ فيه نظر إذ الأعمى الأخرس إذا كان يسمع لا تمنع معاملته لأن الإشارة منه ممكنة وإنما تمنع معاملة الأعمى الأصم أو من اجتمع فيه الثلاثة للهم إلا أن يقال الخرس يلزمه الصمم غالبًا انظر ما تقدم أول الباب وقول ز أي لملازمته أي الصمم الخرس يقتضي أن الصمم يلزمه الخرس وهو غير صحيح بدليل المشاهدة بخلاف العكس كما ذكرناه (وحلف مدع لبيع برنامج الخ) هذا إن قبضه على
بقي وادعى المشتري بعد قبض المتاع وغيبته عليه عدم موافقته أو بعضه للبرنامج وادعى البائع أن المبيع غير ما أتى به المشتري بعد غيبته بالعدل ومعمول حلف هو (أن موافقته) أي العدل المبيع حاصلة (للمكتوب) في البرنامج فإن حلف فلا شيء عليه فإن قلت: القاعدة أن الذي يحلف هو المدعى عليه فلم عبر عنه المصنف بمدع قلت هو مدعي الموافقة ومدعى عليه حقيقة كما يشهد له قوله فيما يأتي أن المدعى عليه من ترجح قوله بمعهود أو أصل وهو صادق بالبائع هنا كما قال المصنف ويؤيده أيضًا ما يأتي عند قوله وبقاء الصفة إن شك وبما قررنا علم أن صلة مدع محذوفة أي الموافقة وأن اللام في لبيع ليست صلة مدع إذ البيع على البرنامج متففان عليه لا مدع له أحدهما فقط وأنها بمعنى في وإن موافقته معمول حلف وخبرها محذوف وفي بعض النسخ إذ بدل أن وهو صحيح لأن إذ تعليلية أي وحلف بائع لأجل أن موافقته للمكتوب حاصلة بقبض المشتري على صفته ويمكن حمل قوله وحلف مدع الخ على ما يشمل البائع كما تقدم والمشتري وذلك إذا ادعى البائع أن ما في البرنامج من العدة غلط وأن الذي في العدل أكثر منه فيحلف المشتري أن موافقته للمكتوب فإن نكل من توجهت عليه غرم بمجرد نكوله في دعوى الاتهام بعد يمين الآخر في التحقيق (و) حلف مدع (عدم دفع رديء أو ناقص) كان مدعي ذلك صرافًا أو غيره مدينًا أو مقرضًا بالكسر أو غيرهما كمقر ويحلف في النقص على البت وفي الغش على نفي العلم كما قال في الشهادات وحلف في نقص بتا وغش علمًا فيحلف في الغش ما دفعت إلا جيادًا في علمي زاد ابن يونس ولا أعلمها من دراهمي إلا أن يتحقق أنها ليست من دراهمه فيحلف على البت ونقص الوزن يحلف فيه على نفي العلم إلا أن يتحقق ذلك فيحلف على البت وأما نقص العدد فيحلف فيه على البت مطلقًا
ــ
تصديق البائع فإن قبضه على أن المشتري مصدق كان القول قوله وكذا إن قبضه ليقلب وينظر قاله أبو الحسن عن اللخمي وقول ز وفي بعض النسخ إذ بدل أن الخ قال غ وفي بعض النسخ المدعي تصحيحها بأو العاطفة التي لأحد الشيئين فكأنهما على هذا فرعان يحلف فيهما البائع أحدهما أن يختلفا هل كان البيع بينهما على البرنامج أم لا والثاني أن يتفقا أنه كان على البرنامج ويختلفا في موافقة ما في العدل للمكتوب في البرنامج فأما الثاني فالجواب فيه صحيح وأما الأول فعهدته على المصنف أو على من قوله ذلك ممن كتبه كذلك ولعل الذاهب إلى ذلك اغترّ بلفظ المدونة فإنه قال فيها وإن أنكر البائع أن يكون مخالفًا للجنس المشتري أو قال بعتكه على البرنامج فالقول قول البائع لأن المبتاع صدقه إذ قبضه على صفته كذا اختصره أبو سعيد وابن يونس فقد يتبادر أن المعطوف فرض آخر اختلف فيه هل كان البيع على البرنامج أم لا وهو خلاف ما فهمها عليه أبو الحسن من أنها مسألة واحدة اتفقا فيها أن بيعهما وقع على البرنامج وإنما اختلفا في موافقة الصفة ونقل كلامه ثم قال فإن كان لفظ المدونة وقال بعتكه بالواو فهو واضح وإن كان بأو فكأنها بمعنى الواو وليس عند ابن عرفة إلا أنها مسألة واحدة اهـ.
وهذا كله إذا اتفقا على أنه قبضها على المفاضلة فإن اتفقا أنه قبضها ليزنها فقول القابض بيمينه في الرديء والناقص وإن تنازعا في صفة القبض فقول الدافع بيمينه إلا لقرينة على أن القبض ليزنها (و) إذا وقع البيع في غائب على رؤية متقدمة لا يتغير بعدها ثم قبضه المبتاع ظانًّا بقاءه على رؤيته المتقدمة وادعى أنه ليس على صفته التي رآه عليها بأن تخلف ظنه بعد قبضه وادعى البائع بقاءه على صفته حلف البائع على (بقاء الصفة ارشك) هل يتغير فيما بين الرؤية والقبض أم لا فإن قطع بعدم التغير فالقول للبائع بلا يمين وإن قطع بالتغير فالقول للمشتري والظاهر أن ترجيح قول أحدهما كالقطع به كما يشعر به قوله إن شك قاله عج وظاهر قوله كالقطع به أنه يصدق بغير يمين وفي بعض الشروح بيمين وحينئذ فالتشبيه في مطلق القبول وهو الملائم لقوله وحلف من لم يقطع بصدقه إذا تقرر هذا ظهر لك أن محل ما ذكره المصنف وما ذكر عليه إذا كان المبيع مما لا يضمنه المشتري بالعقد وإن ما هنا فيما بيع على رؤية متقدمة وأنه من تتمة قوله وبرؤية لا يتغير بعدها كما في حلو لو احترازًا عما بيع على الصفة فالقول للمشتري عند الشك في بقائها أي إلا في مسألة البرنامج كما مر إن لم يكن هناك أهل معرفة وإلا رجع إليهم في كون المبيع على الصفة التي وقع العقد عليها أم لا قال في التوضيح والفرق بين البيع على الصفة وعلى الرؤية أن المبيع في مسألة الرؤية معلق على بقاء صفة المبيع والأصل بقاؤها فمن ادعى الانتقال فهو مدع وهو المشتري بخلاف البيع على الصفة فإن الأصل عدمها وهو موافق لقول المشتري اهـ.
انظر د ثم عطف على عمود قوله: (و) جاز بيع (غائب ولو بلا وصف) لنوعه أو
ــ
باختصار ومعنى تنازعهما في البيع على البرنامج وعدمه أن يقول البائع بعتكه على البرنامج ويقول المشتري على غيره وأنه بالخيار عند رؤيته وكلام غ يقتضي أن القول فيهما ليس للبائع بل للمشتري خلاف ما تقتضيه النسخة التي ذكرها وهو حسن من جهة النظر فإن بيع البرنامج على خلاف الأصل وقد يقال إن الأصل بيع البت فتكافآ وبالجملة فإن مثل هذا الشيء إنما يباع هكذا بالخيار عند الرؤية أو على البرنامج وإلا كان فاسدًا وكل منهما على خلاف الأصل فتأمله وكون القول للبائع هو الموافق لظاهر المدونة وإن قال أبو الحسن ما قال فانظره والله أعلم (وبقاء الصفة إن شك) قول ز هل يتغير فيما بين الرؤية والقبض الخ هو الصواب كما في ضيح وغيره عن اللخمي من أن المعتبر بين الرؤيتين وأما قول تت فيما بين الرؤية والعقد فغير صواب إذ من شرط البيع على رؤية تقدمت كون المبيع لا يتغير فيما بينها وبين العقد كما تقدم انظر طفى وقد سلم ابن عاشر عبارة تت وبنى عليها أشكالًا لما هنا مع الشرط المتقدم في قوله لا يتغير بعدها وقد علمت سقوطه لأنه لا يلزم من انتفاء التغير فيما بين الرؤية والعقد انتفاؤه فيما بين الرؤيتين لجواز تأخر القبض عن العقد والضمان من البائع حتى يقبضه المشتري وبه تعلم أن قول ز بأن تخلف ظنه الخ لا حاجة إليه بل الصواب إسقاطه (وغائب ولو بلا وصف) اعلم أن بيع الغائب فيه ست صور لأنه إما أن يباع على صفة
جنسه كما يأتي في التولية وقيد جواز بيع غير الموصوف بما إذا بيع (على) شرط (خياره) أي خيار المشتري لا الخيار المبوب له فلا يشترط (بالرؤية) للمبيع ليخف غرره لا على اللزوم أو السكت فيفسد في غير التولية وأما هي فإن السكوت فيا لا يضر لأنها معروف فهذا قيد في المبالغ عليه لا لما قبله أيضًا إذا ما بيع بوصف لا يشترط في هذا الشرط ويدل له قوله أو وصفه غير بائعه فلو حذف ولو كان أحسن ولا يعلم من كلامه هل للمبتاع الخيار قبل الرؤية أم لا بل ربما يتوهم منه الثاني مع أن له الخيار قبلها أيضًا كما في النقل فالبيع منحل من جهة المشتري قبل الرؤية وبعدها ولازم من جهة البائع عند ابن محرز خلافًا لقول عبد الحق نحل من جهته أيضًا (أو) بيع بالصفة باللزوم غائب ولو (على يوم) ذهابًا فقط فيجوز لا فيما على الصفة بالخيار ولا فيما على خياره بالرؤية ولا فيما على رؤية متقدمة فلا يشترط كون ذلك على يوم وإنما أتى بهذا في حيز المبالغة ردًّا على قول ابن شعبان ما على يوم فدون كالحاضر لسهولة احضاره واعترض ح المصنف باقتضائه أنه لا بد من إحضار حاضر البلد مع أن الذي يفيده النقل إن حاضر مجلس العقد لا بد من رؤيته إلا ما في فتحه ضرر أو فساد كما مر وغير حاضر مجلس العقد يجوز بيعه بالصفة ولو بالبلد على المشهور وإن لم يكن في إحضاره مشقة عليه قال الشارح ويؤخذ ذلك من المدونة من خمس مواضع اهـ.
ــ
أو رؤية متقدمة أو بدونهما وفي كل منهما إما أن يباع على البت أو على الخيار وكلها جائزة إلا السادس وهو البت فيما بيع دون صفة ولا رؤية فقوله وغائب أي على صفة أو رؤية متقدمة بتا أو خيارًا وقوله على خياره بالرؤية قيد فيما بعد لو فقط وما ذكره هو المشهور ومذهب المدونة كما عزاه لها غير واحد وأشار بلو لرد القول بأن الغائب لا يباع إلا على صفة أو رؤية متقدمة قال ح قال في المقدمات وهو الصحيح وفي كتاب الغرر من المدونة دليل هذا القول وقال في ضيح أنه في المدونة ونسبه لبعض كبار أصحاب مالك وقال ابن عرفة أنه المعروف من المذهب ونص غررها وجعل القول الأول ظاهر سلمها وتبعه ابن ناجي قال ح ولم أقف في غررها على ما ذكره في ضيح ولا على ما ذكره ابن عرفة اهـ.
ونص ما في غررها قال بعض كبراء أصحاب مالك لا ينعقد بيع إلا على أحد أمرين إما على صفة نوصف أو على رؤية قد عرفها أو شرط في عقد البيع بالخيار إذا رآه اهـ.
أبو الحسن قال ابن محرز فمن المذاكرين من يقول بيع الخيار ليس بعقد ثابت ولذلك لم يجعلها ثلاثة أقسام ومنهم من يقول القسم الثاني من قسمي البيع هو بيع الخيار والقسم الآخر عقد البيع على صفة أو رؤية بغير خيار قال وهو عندي أشبه بظاهر الكتاب اهـ.
وقال ابن يونس بعد قولها على صفة أو رؤية هذان منعقدان وقوله أو شرط في عقد البيع الخ وهذا الوجه غير منعقد إلا بعد الرؤية والرضا به وهذا مرتضى عبد الحق ثم ذكر التأويل الثاني عن ابن محرز ولما نقل ح كلام ابن يونس قال عقبه وليس في هذا دليل على منع بيع الغائب بلا وصف ولو كان على الخيار اهـ.
(أو) أي وجاز بيع غائب ولو بلا (وصفه غير بائعه) فوصفه مصدر معطوف على المصدر المنفي وهو لفظ وصف من قوله ولو بلا وصف وضميره للمبيع وغير بالرفع فاعل المصدر ونفي النفي إثبات أي ولو أن يصفه للمشتري بائعه ردًّا على من قال بالمنع لأنه قد يتجاوز في وصفه لنفاق سلعته (إن لم يبعد) الغائب المبيع بتًّا علي على صفة أو رؤية متقدمة فإن جعل له الخيار عند العقد في الصورتين أو باعه على خياره بالرؤية من غير وصف ولا تقدم رؤية فيجوز ولو بعد جدًّا انظر ح فتلخص أن ما بيع على رؤية متقدمة يشترط فيه أن لا يتغير بعدها وأن لا يبعد وأن يباع على اللزوم وأما على الخيار فلا يشترط قرب ولا عدم تغير ومثل للبعيد ويعلم منه أن القريب ما دونه بقوله: (كخراسان من إفريقية) من كل ما يظن فيه التغير قيل إدراكه.
ــ
وتعقبه طفى بأن كلامها على التأويل الأول الذي ارتضاه عبد الحق يدل على القول بالمنع بناء على فهمه من قول ابن يونس هذا الوجه غير منعقد إلا بعد الرؤية الخ أن المراد غير منعقد منهما فلذا عده خارجًا عن القسمين وعلى التأويل الثاني منعقد من جهة البائع ولذا جعله قسمًا ثانيًا وإذا كان على التأويل الأول غير منعقد منهما وخارجًا عن الأمرين المحصور فيهما انعقاد البيع كان دليلًا على منع بيع الغائب بلا وصف ولا رؤية واندفع به بحث ح مع ضيح وابن عرفة وقوله ليس في كلام ابن يونس دليل الخ هذا مضمن كلام طفى قلت وهو غير صحيح وذلك لأن قول المدونة أو شرط في عقد البيع أنه بالخيار صريح في جواز البيع على خيار الرؤية على كلا التأويلين وفهم غير هذا مكابرة وقصارى التأويلين أن الانحصار المعقود في الأمرين هل المراد به عقد البت فقط فيخرج بيع الخيار عن الأمرين أو المراد به ما يشمل عقد البت والخيار فيكون بيع الخيار هو أحد الأمرين وأما قوله على التأويل الأول لأنه غير منعقد منهما فمجرد دعوى لا دليل عليها في كلام ابن يونس على أن ذلك لا يخرجه عن كونه بيع الخيار بمنزلة شرطه لهما بل في كلام ابن يونس ما يرد هذه الدعوى لقوله هذا الوجه غير منعقد إلا بعد الرؤية والرضا به فالاستثناء يفيد عدم توقف اللزوم على رضا البائع وهو دليل الانعقاد من جهته فتأمله وبه يتبين أن بحث ح لا يندفع بما ذكره نعم يندفع بحثه مع ابن عرفة بأنه لعله عنى بنص غررها قولها في كتاب الغرر في بيع الدور والأرضين الغائبة ولا تباع إلا على صفة أو رؤية متقدمة اهـ.
قال غ في تكميل التقييد قيل وإليه أشار ابن رشد رحمه الله تعالى في المقدمات بقوله وفي كتاب الغرر دليل هذا القول اهـ.
فإن قلت كلامها المذكور وليس بنص في منع الخيار لأنه يحتمل أن المحصور في الأمرين هو بيع البت فقط فيكون بيع الخيار مسكوتًا عنه ويحتمل أن المراد ولا تباع مطلقًا إلا على صفة الخ فيدل على المنع فكيف سماه ابن عرفة نصًّا قلت وهو ظاهر في الإطلاق والظاهر عند الفقهاء نص وأما بحث ح مع ضيح فلا جواب عنه لقول ضيح ونسبه لبعض كبراء أصحاب مالك فهو إنما عنى كلامها الأول وقد علمت أنه لا دليل فيه للمنع والله تعالى أعلم وقول ز بلا وصف لنوعه أو جنسه الخ أصله لابن عبد السلام فإنه قال وظاهر سلمها
تنبيه: إذا اجتمع البيع على رؤية متقدمة وعلى خياره بالرؤية فالحكم للثاني (ولم تكن رؤيته) أي الغائب المبيع على الصفة باللزوم فقط فهو راجع لأحد فردى ما قبله (بلا مشقة) وأما ما بيع بالخيار أو على خياره بالرؤية أو برؤية متقدمة فلا يشترط فيه هذا الشرط وتقدم قريبًا اعتراض ح لهذا الشرط وأنه ضعيف (و) جاز (النقد) تطوعًا بدليل ما بعده (فيه) أي في المبيع الغائب على اللزوم عقارًا أو غيره لا على الخيار المبوب له أو الاختيار فيمنع النقد فيه ولو تطوعًا (و) جاز النقد (مع الشرط في العقار) المبيع على
ــ
الثالث أنه لا يحتاج لذكر جنس السلعة أهي عبد أو ثوب مثلًا وإن كان ذكر هذا في التولية لكن لا فرق في هذا بين التولية والبيع نقله ح ثم قال عقبه قلت الذي يفهم من كلامه في المدونة أنه فرق بين البيع والتولية فاغتفر ذلك في التولية لأنها من باب المعروف وأما البيع فلا بد من ذكر جنسها اهـ.
ثم نقل عياض نص سلمها وسلمه له طفى وهو غير مسلم لأن ما نقل عن سلمها صريح في أنه عند فقد الوصف والرؤية تستوي التولية والبيع في المنع على الإلزام والجواز على خيار الرؤية ولا دليل فيه لما ذكر من التفرقة أصلًا ونص ما نقل عن سلمها وإذا اشتريت سلعة ثم وليتها رجلًا ولم تسمها له ولا ثمنها أو سميت أحدهما فإن كنت ألزمته إياها لم يجز لأنه مخاطرة وقمار وإن كان على غير الإلزام جاز وأما إن بعت منه عبدًا في بيتك بمائة دينار ولم تصفه له ولا رآه قبل ذلك فالبيع فاسد ولا يكون المبتاع فيه بالخيار إذا نظره لأن البيع وقع فيه على الإيجاب والمكايسة ولو كنت جعلته بالخيار إذا نظره جاز وإن كان على المكايسة اهـ.
وبه تعلم ظهور ما قاله ابن عبد السلام والله أعلم (ومع الشرط في العقار) قيده في ضيح بما إذا بيع العقار جزافًا قال فإن بيع مذارعة فلا يصح النقد فيه قاله أشهب في العتبية وكذلك قال مالك اهـ.
وتعقبه في الشامل قال ح وهذا ظاهر في الأرض البيضاء أي وأما الدار فلا بد من ذرعها كما يأتي وذرعها كالصفة لها واعترض طفى تقييد ضيح قائلًا والظاهر أن قول أشهب هذا وما روي عن مالك رحمه الله خلاف المعتمد ولذا أطلق غير واحد جواز اشتراط النقد في العقار كالمدونة وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم اهـ.
وقول ز فلا يجوز النقد فيه ولو تطوعًا الخ فيه نظر بل الصواب أنه إنما يمتنع حينئذٍ اشتراط النقد وأما التطوع به فلا والتعليل الذي ذكره يدل على ذلك وقال عياض عند قول المدونة وإن كان بعيد أجاز البيع ولم يصح النقد فيه بشرط ما نصه ظاهر الكتاب أن نقد الثمن في الغائب بغير شرط جائز في كل شيء وإن كان بتًّا لأن علة الغرر إذا لم يكن بشرط ساقطة منه وبقي حصوله كمسلف يتطوع اهـ.
وعبارة ضيح تفيد ما ذكرناه ونصه وإنما يجوز اشتراط النقد في العقار على المذهب إذا لم يشترها بصفة صاحبها اهـ.
ونحوه في عبارة ابن رشد ونقلها ق وقول ز ولا بد من ذكر ذرع الدار في وصفها الخ
اللزوم بوصف غير البائع وإن بعد لأنه مأمون لا يسرع إليه التغير بخلاف غيره وأما بوصف البائع فلا يجوز النقد فيه ولو تطوعًا لتردده بين السلفية والثمنية ولا بد من ذكر ذرع الدار في وصفها فقط دون وصف غيرها من الأرض البيضاء واختلف إذا باع الدار أو الأرض أو الشقة أو الخشبة فوجدها أكثر مما سمى البائع من ذرع ذلك فقيل يكون البائع شريكًا به وقيل للمبتاع لشرائه جميع المبيع فإن وجد أنقص فقيل كالاستحقاق وقيل كالعيب وكذا اختلف فيمن باع نصيبه من دار وذكر أنه الثلث فبان أنه أكثر فهل للمبتاع نظرًا لقوله نصيبه أو إنما له الثلث نظرًا إلى آخر كلامه وهو المناسب لقول المصنف في الخيار في مسألة الصبرة المبيعة على كيل فإن زاد فللبائع وإن نقص فكالاستحقاق
ــ
هكذا في سماع القرينين وقاله سحنون وبينه ابن رشد بأن معناه أنه لا بد في صفتها من تسمية ذرعها فيقال الدار التي في بلد كذا في موضع كذا وحدها كذا وصفتها كذا وذرع ساحتها في الطول كذا وفي العرض كذا وطول بيتها كذا وعرضه كذا حتى يأتي على جميع مساكنها ومنافعها بالصفة والذرع ولو ذكر صفتها واكتفى عن تذريعها بأن يقول على أن فيها كذا وكذا ذراعًا لجاز ذلك والأول أحسن وليس المعنى أنه لا يجوز أن يشتربها على الصفة إلا كل ذراع بكذا ما بلغت بل لا يجوز ذلك إلا أن يكون قد رأى الدار ووقف عليها كالأرض لا يجوز شراؤها على الصفة كل ذرع بكذا دون أن يراها وكالصبرة لا يجوز شراؤها كل قفيز بكذا دون أن يراها اهـ.
من البيان ببعض اختصار وقد نقله ح وظاهر كلام ابن رشد أن هذا هو المذهب لأنه بينه معتمدًا له مع عادته في البيان أن ما كان من رواية العتبية مخالفًا للمذهب نبه عليه ولذا اعتمده ح ومن تبعه وقد اعترضه طفى بأنه خلاف المعتمد قائلًا كما يظهر من كلام أهل المذهب ونقل قول ابن عرفة يشترط في لزوم بيع الغائب وصفه بما تختلف الأغراض فيه لأنه المعتبر في السلم المقيس هذا عليه وسمع القرينان لا تباع دار غائبة بصفة إلا مذارعة وقاله سحنون اهـ.
وقول الجزيري في وثائقه يجوز النقد في شراء الدار الغائبة بشرط صفة غير البائع ولا يجوز بيعها على صفة البائع إلا بشرط نظر المبتاع وعلى أن لا ينقد وفي سماع أشهب لا يجوز بيعها إلا مذارعة وقاله سحنون ولا ينعقد اهـ.
قال طفى فقد جعل هذا مقابلًا اهـ.
قلت: فيه نظر بل السماع في كلامهما يحتمل أنه تفسير لما قبله ويعضده أن الذرع بالمعنى الذي شرحه ابن رشد من الصفات التي تختلف بها الأغراض وقد نقل ق عند قوله وجزاف إن رئي عن الباجي عن مالك رحمه الله ما ذكره في السماع على وجه يفيد أنه المذهب وبالجملة فالمقلد حسبه الوقوف مع المنصوص والله أعلم وقول ز فإن وجد أنقص فقيل كالاستحقاق الخ هذان القولان مرتبان على القولين قبلهما وقد أجحف بذلك ونص كلام ابن رشد باختصار وقد اختلف إذا باع منه الدار والأرض والخشبة والشقة على أن فيها كذا وكذا ذراعًا فقيل إن ذلك بمنزلة أن يقول اشتري منك كذا وكذا ذراعًا فإن وجد أكثر كان البائع شريكًا وإن وجد أقل كان ما نقص بمنزلة المستحق إن كان يسيرًا لزمه الباقي بما ينوبه
(وضمنه) أي العقار المبيع غائبًا جزافًا وأدركته الصفقة سليمًا (المشتري) أي دخل في ضمانه بمجرد العقد بيع بشرط النقد أم لا سواء اشترط الضمان على البائع أم لا كما هو ظاهر الموازية كما في د (و) جاز اشتراط النقد (في غيره) أي غير العقار (إن قرب) محله (كاليومين) ذهابًا وبيع على اللزوم برؤية متقدمة أو بوصف غير ربه ولم يكن فيه حق توفية والكاف استقصائية (وضمنه) أي غير العقار بيع شرط النقد أم لا (بائع إلا لشرط) من بائع غير العقار أن ضمانه على المشتري فلا يضمنه البائع (أو منازعة) من المشتري في العقار أي ضمن العقار المشتري إلا لمنازعة بينه وبين البائع في أن العقد صادف المبيع باقيًا أو هالكًا سالمًا أو معيبًا فإن الضمان حينئذ من البائع لأن الأصل انتفاء الضمان عن المشتري فلا ينتقل إلى ضمانه إلا بأمر محقق ففي كلامه لف ونشر غير مرتب كذا الجد عج وتبعه د ووافقه غيره على أن قوله أو منازعة راجع لقوله وضمنه المشتري وجعل قوله إلا لشرط راجعًا لهما (وقبضه) أي الغائب أي الخروج للإتيان به (على المشتري) وشرطه
ــ
من الثمن وإن كان كثيرًا كان مخيرًا في الباقي بين أخذه بما ينو به أو رده وقيل إن ذلك كالصفة للمبيع فإن وجد أكثر كان للمبتاع وإن وجد أقل كان المبتاع بالخيار بين أخذه بجميع الثمن ورده والقولان قائمان من المدونة (وضمنه المشتري) قول ز أي العقار المبيع غائبًا جزافًا الخ أصل ذلك قول ضيح بعد ذكر الخلاف في ضمان العقار وهذا الخلاف إذا لم يكن في المبيع حق توفية وإن بيعت الدار مذارعة فالضمان من البائع بلا إشكال اهـ.
وفي ذلك خلاف ذكره ابن عرفة ونصه ولو كان دارًا على مذارعة أو نخلًا على عددها ففي كونها من البائع أو المبتاع رواية المازري ونقله عن ابن حبيب عن الأخوين فخرجهما على أن الذرع والعد حق توفية أو مجرد صفة اهـ.
وليس فيه ما يدل على ترجيح الضمان من المشتري مطلقًا خلافًا لطفى (إلا لشرط) قال في ضيح استشكل بأن فيه ضمانًا بجعل لأن نقل الضمان إلى من ليس عليه لا يكون إلا بحصة من الثمن وأجيب بأنه إنما اشترط كل واحد على الآخر ما لزمه على قول وحاصله مراعاة للخلاف اهـ.
فيؤخذ منه رجوع قوله إلا لشرط للضمانين معًا والله أعلم وسياق ضيح يقتضي أن الإشكال في الاشتراط بعد العقد مع أنه لا يظهر وجه الإشكال إلا فيما إذا كان الاشتراط واقعًا في العقد (أو منازعة) قال أبو علي المشتري على رؤية سابقة إذا هلك قال في المدونة وتبعه المصنف ضمانه من البائع وقالت في بقاء الصفة وتبعها المصنف القول للبائع فيهما وكلاهما على خلاف الأصل إذ كان الأصل عدم الهلاك وعدم النقص فلم فرقوا بينهما قلت الهلاك ثبت وقوعه والصفة البائع يقول هي باقية لم تتغير أصلًا والمشتري يزعم تغيرها فعليه البينة ولو سلم البائع نقصها أو ثبت ببينة لكان القول للمشتري كالمسألة الأولى اهـ.
(وقبضه على المشتري) ابن عرفة سمع أصبغ بن القاسم من اشترى سلعة غائبة فعينها وهو ببلد على أن يوفاها بموضعه لا خير فيه للضمان اهـ.
إياه على بائعه مع كون ضمانه منه يفسد بيعه وإن كان ضمانه في إتيانه من مبتاعه فجائز وهو بيع وإجارة قاله ابن عرفة فإن قلت البيع الغائب غير العقار ضمانه من البائع فلم كان شرط المشتري على البائع أن يأتي به وضمانه عليه يفسد البيع قلت لأنه لما شرط عليه المبتاع الإتيان به صار كوكيل المبتاع فانتفى عنه الضمان فشرط الضمان عليه يوجب الفساد ولما ذكر أركان البيع وشروطه وموانعه العامة شرع في موانع خاصة ببعض أنواعه منها الربا مقصور وهو ربا فضل أي زيادة وربا نساء بالمد أي تأخير فقال: (وحرم في نقد وطعام بأفضل ونساء) ودليل الحرمة في النقد خبر لا تشفوا الذهب والفضة بضم المثناة فوق وكسر المعجمة أي لا تفضلوا وخبر الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء بالمد أشهر من قصره وبهمزة مفتوحة حالة المد وتكسر في لغة وكررها لأنها من جانبي المتبايعين أي خذ وخذوهما اسما فعل وأصله هاك أبدلت الكاف همزة ودليل الحرمة فيه وفي الطعام ومصلحة خبر الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلًا بمثل سواء بسوء يدًا بيد فإذا اختفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد وقوله مثلًا بمثل خبر المبتدأ وسواء بسواء تأكيد له ويحتمل أن يكون الخبر مجموع مثلًا بمثل وسواء بسواء والمثلية بالنسبة للموزون والمساواة بالنسبة للمكيل وقوله يدًا بيد حال أي تقابضا ذكره شيخ الإِسلام الأنصاري في شرح كتاب الأعلام في الفقه وقوله فإذا اختلفت هذه الأجناس أي مع الاتفاق في علة الربا كالادخار في المطعومات والثمنية أو غلبتها في النقود فلا يرد أن الخبر يوهم قصر جواز بيع الطعام كالبر والذهب أو الفضة على كونه يدًا بيد لكونه ذكر اسم الإشارة بعد الجمل التي قدمها وقيد الجواز بكونه يدًا بيد مع أن الإجماع قام على جواز بيع الطعام بالنقد ولو غير يد بيد وإنما لم يرد ذلك للاختلاف في علة كل منهما قرره شيخنا العلامة الشيخ علي الشمرلسي.
تنبيه: اعترض المصنف بثلاثة أشياء أولها قوله نقد يوهم قصر حرمة الربا على
ــ
ابن رشد هذا بين لأن بعض الثمن وقع للضمان ولا يحل وهو حرام بإجماع ابن عرفة لا يتوهم أن هذا خلاف المذهب في جواز شرط الضمان على البائع في الغائب لأن ذلك في مدة الوصول إليه لا في مدة إيصاله اللخمي الإتيان بالغائب على مبتاعه وشرطه إياه على بائعه مع ضمانه يفسد بيعه وضمانه بوصوله من بائعه وإن شرط ضمانه في إتيانه من مبتاعه جاز وكان بيعًا في إجارة اهـ.
(وحرم في نقد وطعام ربا فضل ونساء) قول ز مثلًا بمثل خبر المبتدأ إلى آخره غير صواب والظاهر أنه حال مثل ما بعده والخبر المجرور أي بالذهب والففة إلى آخره أو محذوف أي جائز وقول ز أي مع الاتفاق في علة الربا كالادخار الخ صوابه كالطعمية في المطعومات لأن ربا النساء لا يعلل بالادخار لعدم اختصاصه بالمدخرات بل يدخل سائر المطعومات كالفواكه وغيرها كما يأتي وقول ز وقوله الآتي أو غاب رهن أو وديعة الخ وجه الدليل من هذا على عموم النقد أن المستأجر والعارية مما يشمله قوله في نقد لذكرهما في
المسكوك لأن لنقد خاص به مع أن الحرمة في التبر والمصوغ والمكسور أيضًا الثاني قوله ربا فضل يشمل في الصفة مع أن الحرمة خاصة بزيادة العدد والوزن وهذا لابن عرفة على عبارة ابن الحاجب الموافقة للمصنف الثالث للشارع أن ظاهر المنصف أن ربا الفضل يدخل النقد مطلقًا أو الطعام مطلقًا وليس كذلك وإنما يدخل فيما اتحد جنسه منهما ويجوز فيما اختلف جنسه فيهما يدًا بيد نعم ربا النساء لا يختص بالمتحدين فيحرم في النقد مطلقًا وفي الطعام ولو جنسين ولو غير ربويين وتطم عج فقه ما للشارح قوله:
ربا نسا في النقد حرم ومثله
…
طعام وإن جنساهما قد تعددا
وخص ربا فضل بنقد ومثله
…
طعام ربا إن جنس كل توحدا
وأجيب عن الأول بأن كون النقد خاصًّا بالمسكوك طريقة لابن عرفة وطريقة غيره أنه يعم المسكوك وغيره وهي صريح قول المصنف فيما تقدم ونقد إن سك وقوله الآتي أو غاب رهن أو وديعة ولو سك كمستأجر وعارية إذ المستأجر والعارية لا يكونان إلا غير مسكوكين وإلا كانا قرضًا لا صرفًا فيحمل كلامه هنا على تلك الطريقة وعن الثاني بأن قوله الآتي عطفًا على ما يجوز وقضاء قرض بمساو وأفضل صفة لا أزيد عددًا أو وزنًا إلا كرجحان ميزان يفيد قصر قوله فضل على فضل العدد والوزن دون الصفة وأجاب البساطي عن الثالث بأن كلام المصنف كالترجمة لما بعده أي لأن قوله لا دينار الخ راجع لقوله: ربا فضل وقوله مؤخر راجع لقوله ونساء ود بأن الحرمة في الجملة أو أن هذا مجمل ويأتي تفصيله في باب الربويات وعطف بالرفع على مقدر هو فيجوز ما تحقق خلوه من قسمي الربا قوله: (لا دينار ودرهم) بدينار ودرهم مثلهما فيحرم لعدم تحقق المماثلة باحتمال كثرة الرغبة في أحد الدينارين أو الدرهمين فيقابله من الجهة الأخرى أكثر من دينار أو درهم فتقع المفاضلة لأن الجهل بالتماثل كتحقق التفاضل قاله تت فالفضل المتوهم كالمحقق فقد أناطوا الحكم هنا بالوهم وهو يقتضي الجواز عند تحقق انتفاء الفضل وما في عبارة بعضهم الشك في التماثل كتحقق التفاضل أراد به مطلق التردد فيشمل الوهم لا حقيقة الشك فقط (أو غيره) أي المذكور من الدينار أو الدرهم كشاة مثلًا مع الدينار أو مع الدرهم (بمثلهما) فالدينار مثلًا هو أحد الطرفين وقد صاحبه ثوب
ــ
سياقه مع أنهما لا يكونان مسكوكين وقول ز لا صرفًا صوابه لا عارية أو مستأجرًا (لا دينار ودرهم) قول ز فالفضل المتوهم كالمحقق إلى آخره ابن شاس توهم الربا كتحققه فلا يجوز أن يكون مع أحد النقدين أو مع كل واحد منهما غير نوعه أو سلعة لأن ذلك يوهم القصد إلى التفاضل ولهذا يمنع الدينار والدرهم بالدينار والدرهم اهـ.
منه (أو غيره بمثلهما) قول ز (1) ومن صاحبه دينار أو درهم أو شاة الخ لا معنى لهذا
ــ
(1)
قول المحشي قول ز ومن الخ الذي في النسخ على الصواب اهـ.
أو درهم أو شاة مثلًا وأولى بغير مثلهما من جنسهما ومن ذلك يستفاد منع المسألة المعروفة عند الشافعية بمد عجوة ودرهم ابن عرفة الباجي منع مالك والشافعي بيع دينار وثوب بدينارين لما فيه من التفاضل بين الذهبين لأن السلعة تتقسط مع دينارهم على الدينارين فيصيب كل دينار نصف دينار ونصف السلعة ولهذا منعه الشافعي وإن لم يقل بالذرائع وهذه المسألة تعرف بمد عجوة لأنها تفرض فيمن باع مد عجوة ودرهمًا بدرهمين وجوزه أبو حنيفة بل أجاز بيع مائة دينار في قرطاس بمائتي دينار ويحتسب بالقرطاس في مائة دينار وأجاز الشافعي مائة دينار ودرهم بمائة دينار ودرهم اهـ.
وهذه الأخيرة عن الشافعي غير المتقدمة عنه التي منعها كما لا يخفى ولما رأى غ إيهام المصنف جواز هذه لإخراجه من قوله حرم في نقد ولم يلاحظ ما قدمنا من كونه عطفًا على مقدر قال لأجل الإصلاح ودفع ما يوهم الجواز في كثير من النسخ كدينار أو درهم وغيرهما بمثلهما بجر دينار بالكاف وعطف درهم بأو وعطف غيرهما بالواو وضمير مثلهما يعود على دينار وغيره في صورة وعلى درهم وغيره في أخرى لا على دينار ودرهم اهـ.
(و) حرم صرف (مؤخر ولو) كان التأخير منهما أو من أحدهما (قريبًا) مع فرقة ببدن وفسد العقدان دخلا عليه ولو في البعض ولو لم يتأخر شيء أو دخلا على التناجز وأخر
ــ
الكلام وعبارة غيره فالدينار هو أحد الطرفين وقد صاحبه درهم أو شاة أو ثوب الخ فتأمله وانظر في ح تحقيق شرح كلام المصنف مبسوطًا وذلك أنه ذكر أن في قول المصنف وغيره نسختين إحداهما عطفه بأو فيكون المعنى لا دينار ودرهم بمثلهما ولا دينار وغير الدرهم من عرض أو حيوان أو غير ذلك بمثلهما أي بمثل الدينار وذلك الغير والنسخة الثانية عطف وغيره بالواو وعليها فتكون الواو في ودرهم بمعنى أو والمعنى لا يجوز دينار وغيره أو درهم وغيره بمثلهما أي بمثل الدرهم وغيره في صورة ومثل الدينار وغيره في صورة وهذه مماثلة النسخة ابن غازي في المعنى ويدخل في عموم غيره دينار ودرهم بمثلهما اهـ.
بخ وقول ز فيصيب كل دينار نصف الدينار ونصف السلعة الخ زاد الباجي في المنتقى بعد هذا ما نصه ربما كان الثوب أكثر قيمة من الدينارين أو أقل فيقال بل أكثر الدينارين أو أقلهما ويقابل الدينار الذي مع الثوب أقل أو أكثر اهـ.
وبه يتبين احتمال التفاضل والله أعلم وقول ز وأجاز الشافعي مائة دينار ودرهم الخ الذي في المنتقى وأجاز الشافعي دينارًا ودرهمًا بدينار ودرهم اهـ.
وهو الذي في نقل المواق فتحصل أن مالكًا منع الصورتين وأبا حنيفة أجازهما والشافعي فرق بينهما (ولو قريبًا) مقتضى كلام ضيح أن محل الخلاف صورتان فقد إحداهما التأخير اليسير كان تصرف دينارًا من صيرفي فيدخله تابوته ثم يخرج الدراهم الثانية المفارقة اليسيرة بسبب يعود بالصلاح على العقد كما لو فارقه الحانوت والحانوتين لتقليب ما أخذه أو زنته فهاتان الصورتان فيهما قولان ومذهب المدونة الكراهة ومذهب الموازية والعتبية الجواز وحمل المصنف عليهما لا يصح لعدم وجود قول بالمنع فيهما كما في ح خلافًا لما يفيده
اختيارًا ولو البعض كاضطرار في العوضين كما أشار له بقوله: (أو غلبة) لا في بعض أحدهما فيمضي فيما وقع فيه التناجز واختلف في مضي ما وقع فيه التأخير فتأمل تلك الأقسام الأربعة وأنواعهما فقوله أو غلبة معطوف على صفة قريبًا إذ التقدير ولو كان التأخير قريبًا اختيارًا أو غلبة وفي المبالغة شيء لأن الخلاف في البعيد كالقريب وهي توهم الاتفاق على المنع في البعيد وظاهر قوله ولو قريبًا يشمل القيام للحانوت والحانوتين للوزن والتقليب بعد القبض ونحوه للخمي لأنه بمثابة ما لو دخل على عدم انبرام العقد وعلى هذا فلا بد من تقليبه قبل ذلك وعند ابن رشد أن المفارقة للتقليب غير مضرة انظر د وكره في المدونة إدخال سير في دينار أعطي له يصرفه في تابوته أو يخلطه ثم يخرج الفضة ولكن يدعه حتى يزن الفضة فيأخذ ويعطي وأبقى أبو الحسن الكراهة على بابها وشمل قوله ومؤخر هروبهما أو أحداهما لقصد نقض الصرف وحكى بعضهم في هروب أحدهما لقصد نقض الصرف قولين في فساده في الجميع وصحته في الجميع وحكى الرجراجي قولًا ببطلانه فيما بقي بعد الهروب وصحته فيما وقع فيه الهروب فقط ولعل وجهه مع جمع الصفقة حينئذ حلالًا وحرامًا معاملته له بنقيض قصده وهذا إذا قامت قرينة على صده ذلك فإن قامت على أن هروبه لغيره فسخ العقد كان شك فيما يظهر لاحتماله لما يمنع قطعًا ولما يمنع على أحد قولين وعطف على مدخول لو قوله: (أو عقد ووكل في القبض) أي وكذا يبطل الصرف إذا تولى قبضه غير عاقده وكالة عنه لأن التوكيل مظنة التأخير إلا أن يقبض الوكيل بحضرة موكله فيجوز على الراجح خلافًا لتشهير الشامل المنع وعكس المصنف في الصورة وكل في العقد وقبض الموكل كهو في الحكم والقيد جار فيه وظاهر المصنف يشمل ما إذا كان الوكيل شريكًا للموكل فيما وقع فيه المصرف فيمنع إن لم يقبض بحضرة الموكل وإلا جاز وهو المعتمد من أقوال.
ــ
كلام التوضيح وإنما يحمل على فرقة المجلس قبل التقابض لقول سند ما نصه إذا تصارفا في مجلس وتقابضا في محل آخر فالمشهور مغ ذلك على الإطلاق وقيل يجوز فيما قرب اهـ.
انظر التنبيه الثالث من ح والله أعلم (أو غلبة) قول ز فتأمل تلك الأقسام الأربعة إلى آخره هي التأخير القريب اختيارًا في الكل أو البعض والتأخير غلبة في الكل أو البعض وقول ز وفي المبالغة شيء الخ هذا البحث يندفع بجعل أو غلبة عطفًا على قريبًا وقول ز ونحوه للخمي إلى آخره هذه النسبة للخمي أصلها في ضيح واعترضه ح بأن اللخمي إنما ذكر في التأخير القريب بعد القبض أو قبله قولين الكراهة والتخفيف وساق كلامه في التنبيه الثاني فانظره وقال ابن عرفة وفي يسير التأخير طرق اللخمي في خفته وكراهته قولان لرواية محمَّد ولها (أو عقد ووكل في القبض) قول ز فأجبت بأن ظاهر قول المصنف إلى آخره ظاهره أنه لم يقف فيما سئل عنه على نص مع أن ذلك منصوص عليه بالجواز ولكن يجب عليه أن يعلم رب الدينار بذلك فإن أجاز ذلك له وإلا دفع إليه الدراهم التي اشترى بها تلك السلعة وأخذ منه ديناره قاله ابن رشد في رسم القطعان من سماع عيسى من كتاب الوكالات ونقله ح
تتمة: سألت عمن يدفع لرجل دينارًا ليشتري له به سلعة ثمنها الدينار أو صرفه فهل للرجل أخذ الدينار وشراء السلعة من عنده بفضة قدر صرف الدينار فأجبت بأن ظاهر قول المصنف ومؤخر المنع وكذا قوله أو غاب نقد أحدهما مع عدم تعاقده مع صاحب الدينار على الصرف وإن لم يحصل للموكل من ذلك ضرر وعرضته على عج فاستحسنه وقال هو الأحوط في الدين وإن كان ظاهر ما في الوكالة يفيد عدم المنع حيث لا نقص في السلعة على الموكل وعطف على مدخول لو أيضًا ما هو منخرط في سلك الأغياء قوله: (أو غاب نقد أحدهما وطال) فيفسد الصرف فإن لم يطل كما لو استقرضه من رجل بجانبه أو حل صرة لم يفسد مع الكراهة وهنا لم يحصل مفارقة بدن منهما وما تقدم من قوله ولو قريبًا مع التفرق بالبدن كما قدمنا فلا تناقض (أو نقداهما) وإن لم يحصل طول ولا فرقة بدن وهذه المسألة تسمى مسألة الصرف على الذمة وقوله الآتي أو بدين مسألة صرف ما في الذمة (أو) حصل التأخير (بمواعدة) أي بسببها أي جعلاها عقدًا لا يأتنفان غيره كما ذهب بنا إلى السوق بدراهمك فإن كانت جيادًا أخذتها منك كذا وكذا بدينار وقال فيها ولكن يسير معه على غير مواعدة اهـ.
وبهذا التقدير اندفع ما يقال ليس ثم عقد حصل عنه التأخير بسبب المواعدة ولو قال
ــ
مختصرًا مع مسائل أخر تتعلق بهذه فانظره (أو غاب نقد أحدهما وطال أو نقداهما) حمل ز كلام المصنف على مسألة الاستقراض نحوه للمواق وغ وح وغيرهما قال طفى وهو الصواب ونص المدونة وإن اشتريت من رجل عشرين درهمًا بدينار وأنتما في مجلس واحد ثم استقرضت أنت دينارًا من رجل إلى جانبك واستقرض هو الدراهم من رجل إلى جانبه فدفعت إليه الدينار وقبضت الدراهم فلا خير فيه فلو كانت الدراهم معه واستقرضت أنت الدينار فإن كان أمرًا قريبًا كحل الصرة ولا تبعث وراءه ولا تقوم لذلك جاز ولم يجزه أشهب اهـ.
أبو الحسن قوله لا خير فيه معناه حرام لأنهما دخلا على الفساد والغرر إذ لا يدري كل واحد منهما هل يجد من يقرضه فقد عرضا الصرف إلى التأخير اهـ.
وقال أيضًا في المسألة الثانية عن ابن يونس قال بعض فقهائنا القرويين هذا إذا لم يعلم صاحب الدراهم أنه لا شيء عند صاحب الدنانير وإلا فلا يجوز الصرف عند ابن القاسم وأشهب ونحوه للقابسي وقال عياض إذا كان السلف منهما جميعًا كثر الغرر من الجهتين والخطر وإن كان من الجهة الواحدة كان أقل خطرًا والغرر القليل مغتفر وقلما تسلم منه البيوعات اهـ.
والحاصل كما نقله غ عن ابن عبد السلام أنهما إن تسلفا معًا اتفق ابن القاسم وأشهب على فساد الصرف وظاهره طال أو لم يطل وإن تسلف أحدهما وطال فكذلك وإن لم يطل ففيه اختلف ابن القاسم وأشهب لأن تسلفهما معًا مظنة التأخير بخلاف تسلف أحدهما اهـ.
وقول ز لم يفسد مع الكراهة الخ تبع فيه عج وهو خلاف ما تقدم عن نص المدونة من الجواز (أو بمواعدة) ابن عرفة كره مالك وابن القاسم المواعدة في الصرف ومنعها أصبغ وجوزها ابن نافع قال اللخمي والجواز أحسن اهـ.
ومواعدة عطفًا على فاعل حرم كان أظهر وعطف أيضًا على ما في حيز المبالغة قوله: (أو بدين) أي حرم الصرف الواقع في دين (إن تأجل) عليهما بأن كان لأحدهما على الآخر دنانير لأجل والآخر عليه فضة لأجل فيتطارحان ما في ذمتيهما كل دينار بكذا بل (وإن) كان المؤجل (من أحدهما) والآخر حالًا لأنه في المسألتين صرف مستأخر لأن من عجل ما أجل عد مسلفًا فإذا حل الأجل اقتضى من نفسه لنفسه ومفهوم الشرط جواز الحالين في ذمتيها لعدم التأخير وإن سمى أيضًا صرف ما في الذمة ولا تسمى مقاصة لعدم اتحاد الصنف على ما يفيده قول ابن عرفة في تعريفها متاركة مطلوب بمماثل صنف ما عليه لماله على طالبه الخ (أو) أي وكذا يفسد عقد الصرف إذا تصارف مرتهن مع راهنه بعد وفاء الدين أو قبله حيث رضي بذلك أو مونع بالكسر مع مودع بالفتح (وعاب رهن) مصارف عليه (أو وديعة) كذلك عن مجلس الصرف ولو شرط الضمان على المبتاع بمجرد العقد خلافًا للخمي وأما إن كان الضمان على البائع فيمنع اتفاقًا (ولو سك) خلافًا لمن جوز صرفه في غيبته وشبه فيما قبل المبالغة وهو المنع مع الغيبة أي والجواز مع الحضور قوله: (كمستأجر وعارية) فيمنع صرفهما غائبين ولا يتأتى فيهما مسكوك على المذهب لانقلابه قرضًا في العارية كما هو ظاهر لعدم جواز إجارته (ومغضوب) بالجر داخل في المشبه يحرم صرفه غائبًا عن مجلس العقد لغاصبه أو لغيره (إن صيغ) كحلي بخلاف مسكوك وتبر ومكسور وكل ما لا يعرف بعينه فيجوز صرفه غائبًا على المنصوص والفرق أن المصوغ إذا هلك تلزم فيه القيمة لدخول الصنعة فيه وقبل هلاكه يجب رد عينه فيحتمل عند غيبته أنه هلك ولزمته قيمته وما يدفعه في صرفه قد يكون أقل أو أكثر فيؤدي للتفاضل وأما غيره فبمجرد غصبه ترتب في ذمته فلا يدخل في صرفه في غيبته احتمال التفاضل وهذا واضح في المسكوك بناء على أن الدنانير والدراهم لا تتعين وإلا لكانت كالمصوغ
ــ
وشهر ابن الحاجب وابن عبد السلام المنع وشهر المازري الكراهة وقال المقري في قواعده أصل مالك منع المواعدة بما لا يصح وقوعه في الحال حماية ومن ثم منع مالك المواعدة في العدة وعلى بيع الطعام قبل قبضه ووقت نداء الجمعة وعلى ما ليس عندك وفي الصرف مشهورها المنع وثالثها الكراهة وشهرت أيضًا لجوازه في الحال وشبهت بعقد فيه تأخير وفسرت به المدونة اهـ.
وهو حسن ونقل ح عن المازري ما نصه لعل قول ابن القاسم إذا لم يتراوضا على السوم وإنما قال له اذهب معي أصرف منك وقول أصبغ إذا راوضه على السوم فقال له اذهب معي أصرف منك ذهبك بكذا وكذا اهـ.
(وإن من أحدهما) قول ز لأن من عجل ما أجل إلى آخره لا يخفى أنه لا يحتاج لهذا التعليل فتأمله (ولو سك) لا وجه لهذه المبالغة قال ح ظاهر كلامه أن الخلاف إنما هو في المسكوكين لا في المصوغين وليس كذلك بل الخلاف في الجميع كما في ضيح عن الجواهر
وقولي في المغصوب غائبًا عن مجلس العقد تحرز عن حضوره فيجوز لربه صرفه لغاصبه وكذا لغيره مقرًا به وتأخذه الأحكام فيما يظهر قاله عج: (إلا أن يذهب) المغصوب لمصوغ أي يتلف عند الغاصب (فيضمن قيمته) لا وزنه لأن المثلى إذا دخلته صنعة صار من المقومات وإذا ألزمته القيمة (فكالدين) أي فيصير حكمه كصرف الدين الحال المرتب في الذمة فيجوز صرفه لأنه كمقاصة وما مر للمصنف من المنع في الدين المؤجل وفهم من قوله يذهب أنه لو لم يذهب ولكن تعيب عيبًا يوجب الخيار في أخذه أو قيمته لا يكون الحكم كذلك وهو كما افهم وحكمه أن اختار ربه أخذه فكالمصوغ يصرفه إن حضر على التفصيل المتقدم وإن اختار قيمته فكالدين قاله تت وقولي إلا أن يذهب المغصوب المصوغ هو منطوق المصنف وسياقه قال عج: وينبغي أيضًا رجوع الاستثناء لما قبل المغصوب اهـ.
(و) حرم الصرف الملتبس (بتصديق فيه) أي في وزنه أو عدده أو جودته لأنه من أكل أموال الناس بالباطل وشبه في منع التصديق فروعًا خمسة فقال: (كمبادلة) شيئين (ربويين) من نقدين أو طعامين متحدي الجنس أو مختلفيه أي يدخلهما ولو ربا نساء وبيعا كيلًا أو جزافًا على كيل أو أحدهما مكيل والآخر جزاف على كيل فيمنع التصديق فيه لئلا يوجد نقص فيدخل التفاضل أو التأخير لا جزافين على غير كيل إذ لا يتصور فيها تصديق (و) كل (مقرض) بفتح الراء طعام أو غيره أي أخذ قرض لاحتمال وجدان نقص فيغتفره المفترض لحاجته أو عوضًا عن معروفه فيدخله السلف بزيادة ففيه أكل المال بباطل (و) كل (مبيع لأجل) طعام أو غيره لئلا يغتفر آخذه نقصًا فيه لأجل التأخير ففيه أكل مال بباطل أيضًا (و) كل (رأس مال سلم) لما ذكر وظاهر المصنف عجله قبل أجله المرخص فيه أو دفعه في آخر جزء منه وأبقاه على هذا الظاهر الشارح وغير واحد وحمله تت على ما إذا عجله قبل أجله المرخص له في تأخيره إليه، ولعله ليس للاحتراز عن آخر جزء منه بل لأنه محل توهم أن التصديق فيه في هذه الحالة جائز لأنه إذا وجد فيه ما يوجب الرد يمكنه رده وأخذ بدله قبل مضي الأجل المرخص تأخيره إليه ولا كذلك إذا أخذه آخر
ــ
(وبتصديق فيه) قول ز لأنه من أكل أموال الناس بالباطل إلى آخره الصواب في التعليل ما في الواضحة من كونه يختبره بعد التفرق فقد يجده ناقصًا أو رديئًا فيرجع به فيؤدي إلى صرف بتأخير انظر المواق (كمبادلة ربويين) طفى إنما فرضه في المدونة في الطعام وكذا القابسي وأبو محمَّد وابن يونس وكذا قوله ومبيع لأجل مفروض في الطعام فقط عند هؤلاء وعند المازري لكن مقتضى ما عللوه به هو التعميم في الطعام وغيره كما في ق وقول ز في رأس مال سلم أنه يدخل فيما قبله بلصقه وما بعده الخ غير صحيح لأن هذا ثمن وما قبله مبيع لا ثمن وعدم دخوله فيما بعده واضح.
تنبيه: قال طفى واعلم أن هذه المسائل سردها المؤلف في توضيحه كما سردها في مختصره من غير عزو ولا بيان ما الراجح وقد علمت أن الراجح في رأس مال السلم الجواز وفي مبادلة الطعام بالطعام قولان لا ترجيح لأحدهما على الآخر اهـ.
أجله أو بعده وعلى ما حمله عليه تت يدخل ذلك فيما قبله بلصقه وما بعده لا على ما لظاهر الشارح واعترض ق المصنف بأن المعتمد جواز التصديق في رأس مال سلم وعليه فانظر ما الفرق بينه وبين غيره مما ذكره المصنف (و) كل دين (معجل قبل أجله) لئلا يغتفر نقصًا يجده فيه فيصير سلفًا جر نفعًا لأن المعجل مسلف.
تنبيه: إن وقع التصديق في الصرف أو مبادلة ربويين ففي فسخ كل خلاف فقال ابن رشد لا يفسخ فيهما وقال ابن يونس: يفسخ فيهما ولو وجدهما كما ذكر نقله ح بصيغة فرع ثم قال وانظر ما الحكم في الأربعة الباقية وتوهم عج أن تنظيره في الستة فاستظهر في الأولين الرد غفلة عما لح من الفرع الذي ذكر فيه اختلاف ابن رشد وابن يونس فيهما قال عج وفي فسخ المقرض وعدمه قولان والأول ظاهر المدونة وكذا في المبيع لأجل قولان قال عبد الحق الأشبه لا يفسخ على ظاهر المدونة وينبغي جري الخلاف في رأس مال السلم وينبغي رد المعجل قبل أجله وبقاؤه حتى يأتي أجله (و) حرم (بيع وصرف) أي جمعهما في عقد واحد كان يبيع ثوبًا ودينارين بمائتي درهم مثلًا لتنافي أحكامهما لجواز الأجل والخيار في البيع دونه ولأنه يؤدي لترقب الحل بوجود عيب في السلعة أو لتأديته إلى الصرف المؤخر لاحتمال استحقاقه فيها فلا يعلم ما ينوبه لا في ثاني حال سند هذا من باب الجهالة إلا النسيئة فإن وقع فسخ مع القيام ومضى مع الفوات على المذهب قاله ابن رشد واستثنى أهل المذهب صورتين من منع اجتماع البيع والصرف لليسارة أولاهما قوله: (إلا أن يكون الجميع) الصرف والبيع أي ذو الجميع (دينارًا) كان يشتري شاة وخمسة دراهم بدينار فإنه جائز كان الصرف تابعًا أو متبوعًا أو متساويين والثانية قوله: (أو) يكون العقد في كثير و (يجتمعا) أي البيع والصرف أي ذو الجميع (فيه) أي الدينار كان يشتري عشرة أثواب وعشرة دراهم بأحد عشرة دينارًا أو صرف الدينار وعشرون درهمًا فلو ساوى الثياب مائتي درهم وأعطاه معها عشرين درهمًا منع ولا فرق على المشهور بين تبعية البيع للصرف أو متبوعيته ولا بد من وجود المناجزة في سلعة البيع
ــ
(وبيع وصرف) قال الشيخ المسناوي والظاهر أن المبادلة كالصرف فيمتنع اجتماع البيع والمبادلة كان يعطيه ستة دنانير في مقابلة ثوب وثلاثة دنانير اهـ.
قلت وهذه مسألة مد عجوة السابقة ومنها تستثنى مسألة الرد في الدرهم الآتية (أو يجتمعا فيه) بأن تكون الدراهم التي مع السلعة أقل من صرف الدينار كما مثله ز أو ثمن السلعة أقل من صرف دينار وقول ز لا يجوز اجتماعه مع قرض الخ عبارة الشيخ ميارة كما لا يجتمع البيع مع واحد من هذه السبع بزيادة القراض فكذلك لا يجتمع اثنان منها في عقد واحد لافتراق أحكامها قال وقد قلت في ذلك:
عقود منعنا اثنين منها بعقدة
…
لكون معانيها معًا تتفرق
فجعل وصرف والمساقاة شركة نكاح قراض قرض بيع محقق اهـ.
والصرف في صورتي المصنف على المذهب لأنها كالنقد خلافًا لقول السيوري إن كلا يعطي حكمه وقدرنا في المحلين لأنه لا يخبر عن المصدر بالذات وإن شئت قلت لئلا يلزم الإخبار باسم الذات عن اسم المعنى وتفنن في تعبيره بقوله الجميع وبقوله يجتمعا.
تنبيه: كما لا يجوز اجتماع البيع مع الصرف لا يجوز اجتماعه مع قرض ونكاح وشركة وجعل ومنه المغارسة ومساقاة وقراض ولا يجوز اجتماع واحد مع الآخر والهبة كالبيع (و) حرم (سلعة) كثوب يباع لشخص (بدينار إلا درهمين) فدون لا أكثر من درهمين فيمنع مع تعجيل السلعة أيضًا لأن الصرف حينئذٍ مراعى وإنما يجوز تعجيل الجميع فقط فليس استثناء أكثر كاستثنائهما والظاهر أن ما زاد على الدرهمين ونقص عن الثلاثة ليس في حكم الثلاثة (إن تأجل الجميع) لدينار من المشتري والسلعة والدرهمان من البائع (أو السلعة) من البائع لأنه بيع وصرف تأخر عوضاه في الأولى والثانية وتأجيل بعضها كتأجيلها كلها إلا في مثل خياطتها أو بعث من يأخذها وهي معينة فكتعجيلها قاله في توضيحه (أو أحد النقدين) أو بعضهما (بخلاف تأجيلهما) بأجل واحد وتعجيل السلعة فإن ذلك جائز لأن السلعة لما عجلت وتأخر النقدان علم أن الصرف غير مقصود ليسارة الدرهمين فلم يكن صرفًا متأخرًا وإن البيع هو المقصود لأن الاعتناء بتقديم المقدم يدل على إنه هو المقصود ولا يرد على ذلك منع ما إذا تعجل النقدان وتأجلت السلعة لأنها لما كانت كالجزء من النقدين فكأن تأجيلها تأجيل لبعضهما ولو تقدما مع ما في تأجيلهما من بيع معين يتأخر قبضه فإن اختلف أجلهما امتنع إذ هو بمنزلة تأجيل أحد النقدين لأن أحدهما يعجل أولًا فيصير الآخر مؤجلًا فقط قاله د (أو تعجيل الجميع) فيجوز بالأولى من تعجيل السلعة فقط فذكره تتميم للأقسام لكن الجواز حينئذٍ لا يتقيد بالدرهمين بل ولو كان المستثنى أكثر لأن هذا من جملة البيع والصرف في دينار انظر د وشبه في مطلق الجواز قوله ت (كدراهم) أي كجواز استثناء دراهم (من دنانير بالمقاصة) أي الدخول عليها (و) الحال أنه (لم يفضل) شيء أي إذا تعددت السلع والدنانير والدراهم المستثناة ووقع البيع على المقاصة بمعنى إن كل ما اجتمع من الدراهم المستثناء قدر دينار تقاصاه أي أسقطا ما يقابله من الدنانير أي دخلا على ذلك فيجوز كشراء عشرين سلعة كل سلعة بدينار إلا درهمًا أو إلا درهمين واتفقا على أن صرف الدينار عشرون درهمًا واشتراطا المقاصة فكأنهما دخلا على أن الثمن تسعة عشر دينار أو ثمانية عشر دينارًا فيجوز البيع نقدًا أو مؤجلًا كما أشرت له بقولي شبه في مطلق الجواز أي المستفاد من قوله: بخلاف تأجيلهما الخ وذكر مفهوم ولم يفضل بقوله: (و) الحكم (في فضل) الدرهم و (الدرهمين) بعد المقاصة لأنه فرض المسألة هنا (كذلك) أي مثل دينار إلا درهمين في الأقسام
ــ
وصرح بذلك أبو الحسن وابن ناجي ونقله ح (إن تأجل الجميع أو السلعة) قول ز تأخر
الخمسة السابقة أن تعجل الجميع أو السلع جار ولا منع مثاله أن يكون المستثنى في المثال المتقدم درهمًا وعشر درهم أو درهمًا ونصف عشر درهم فمجموع المستثنيات اثنان وعشرين درهمًا أو أحد وعشرون درهمًا فيسقط منها لأجل المقاصة عشرون درهمًا ويفضل درهمان أو درهم ويصير كأنه باعه عشرين سلعة بتسعة عشر دينار إلا درهمين أو إلا درهمًا فهذه بعينها مسألة دينار إلا درهمين السابقة فيفصل فيها تفصيلها (و) الحكم (في) فضل (أكثر) من درهمين بعد المقاصة كأن يكون المستثنى في المثال السابق درهمًا وربع درهم فمجموع المستثنيات حينئذ خمسة وعشرون درهمًا فيسقط منها لأجل المقاصة عشرون درهمًا في نظير دينار ويفضل خمسة دراهم فيصير كأنه باعه عشرين سلعة بتسعة عشر دينار إلا خمسة دراهم فهذه (كالبيع والصرف) أي من أفراد قوله: إلا أن يكون الجميع دينار أو يجتمعا فيه فالبيع والصرف اجتمعا هنا في الدينار التاسع عشر فيجوز أن تعجل الجميع وأن تأجل شيء من الجميع فسد العقد كله قرره الوالد بحاشيته رحمه الله ومفهوم قوله: بالمقاصة إنهما إن شرطا نفيها منع مطلقًا فيما يظهر للدين بالدين وإن سكتا عنها جاز مع تعجيل الجميع أو السلعة إن كان المستثنى درهمًا أو درهمين فإن زاد على ذلك ونقص عن دينار جاز نقدًا فقط وإن كان دينارًا أو أكثر امتنع مطلقًا فحال المقاصة وحال عدمها يختلفان في صورة ما إذا كان جمله المستثنى دينارًا فأكثر فيجوز حال المقاصة إن كان المستثنى دينارًا وإن كان أكثر جرى على قوله: وفي الدرهمين الخ ولا يجوز في حالة عدمها في القسمين المذكورين مطلقًا قاله عج وقال د وما لو سكنا عنها فيجوز إن كانت الدراهم المستثناة الدرهم والدرهمين نقدًا أو إلى أجل ويجوز إن كانت كثيرة دون صرف دينار نقد إلا إلى أجل وإن كانت أكثر من صرف دينار أي أو صرف دينار فلا يجوز نقدًا ولا إلى أجل على مذهب ابن القاسم ورواه عن مالك وهذا التفصيل هو المعول عليه اهـ.
(و) حر (صائغ) أي معاقداته وفسرها بقوله: (يعطي لزنة والأجرة) أي حرم إعطاء صائغ الزنة والأجرة وهذا صادق بصورتين إحداهما أن يشتري من صائغ قطعة فضة سبيكة بوزنها دراهم أو أنصاف فضة مسكوكة ويدفع السبيكة له يصوغها ويزيده الأجرة الثانية أن يراطله الشيء المصوغ بجنسه من الدراهم ويزيده الأجرة والحكم في الأولى المنع وإن لم يزده أجره خلافًا لما يوهمه قوله: والأجرة لما فيها من ربا النساء إن لم يزده وهو والفضل إن زاده الأجرة وأما الثانية فالحكم فيها الجواز إن لم يزده أجرة لأنه حصل فيها مراطلة عين بمثله فلو وقع الشراء بنقد مخالف لنقد الصائغ جنسًا كشراء فضة منه بذهب أو عكسه امتنعت الصورة الأولى للنساء وجازت الثانية لاختلاف الجنس وكونه يدًا بيد ومعلوم أنه لا يقال فيها أعطى زنته قال
ــ
عوضاه في الأولى والثانية فيه نظر بل لم يتأخر عوضاه في الثانية (وفي أكثر كالبيع والصرف) قول ز منع مطلقًا للدين بالدين الخ في تعليله نظر إذ مع تعجيل الجميع لا دين بدين لأن العلة اجتماع البيع والصرف في أكثر من دينار انتهى.
الشارح قال في الواضحة: ولا ينبغي لصائغ وسكاك أن يعمل لك إلا فضتك أو ذهبك وأما عمل أهل السكة في جمعهم ذهب الناس فإذا فرغت أعطى كل واحد بقدر ذهبه وقد عرفوا ما يخرج من ذلك فلا يجوز هكذا قال: من لقيت من أصحاب مالك اهـ.
وذكر في التوضيح فيما إذا عرفوا ما يخرج من ذلك بعد التصفية وحققوه قولين بالجواز وعدمه اهـ.
وصوب ابن يونس الأول كما في ق (كزيتون) أي كمنع دفع زيتون (و) دفع (أجرته) أي أجره عصره (لمعصره) بضم الميم من أعصر أو بفتحها وآخرها تاء تأنيث على حذف مضاف أي لذي معصرة ويأخذ منه الآن قدر ما يخرج منه أن لو عصر فيمنع لأن المماثلة غير محققة ولو لم يختلف خروجه وأدخلت الكاف الجلجلان وبزر الفجل وبزر الكتان والقصب ونحو ذلك والظاهر أنه لا مفهوم لقوله: وأجرته لمعصره إذ المنع حاصل وإن لم يدفع له أجرة لما فيه من بيع الطعام بالطعام غير يد بيد إن كان يوفيه من زيت ما يعصر مع جمعه غيره ولعدم تحقق المماثلة إن وفاه من زيت حاضر عنده عاجلًا وإلا فالمنع لما ذكر وللنسيئة في الطعام فالجائز إنما هو دفعه لمعصره بأجرة وعصره له بعينه وأما دفع قمح ليأخذ قدر ما يخرج منه دقيقًا فإن كان في ذلك تأخيرًا ودفع له أجرة امتنع كما يقع بمصر وإلا فينبغي أن يجري فيه الخلاف المذكور هنا ونص ابن عرفة فيه وفي جواز جمع حبوب ذوات زيت لناس شتى بعد معرفة ما لكل منهم ثم يقسم زيته على أقدارهم سماع ابن القاسم في كتاب الشركة وقول سحنون لا خير فيه مع قول ابن حبيب سألت عنه من لقيته من المدنيين والمصريين فلم يرخصوه قلت يتفق اليوم على منعه لكثرة المعاصر ويستخف جمع ما لا يمكن عصره لقلته مع اتحاد أرض الزيتون اهـ.
وكذا اختلف في خلط لبن لناس شتى وقسم جبنه فمنعه الحفار وأجازه ابن لب للضرورة بشرط أن يكال كل يوم وأما إذا كيل أول يوم واستمر على ذلك كل يوم فيمنع لكثرة لغرر وحكى عن الشاطبي الجواز مطلقًا وليس بظاهر قاله ق والظاهر أن السمن كالجبن (بخلاف تبر) ومسكوك بسكة لا تروج بمحل الحاجة للشراء بها كسكة غريب بمصر والحجاز فيما يظهر خلافًا لما استظهره بعض مشايخ د (يعطيه المسافر و) يعطي (أجرته دار الضرب) أي ربه أو أهله (ليأخذ) منه عاجلًا (زنته) فيجوز لحاجته إلى الرحيل
ــ
وقول ز وإن سكتا عنها جاز الخ هذا التفصيل الذي نقل عن عج وعن أحمد صحيح ومثله في ح عن ابن رشد لكن ذكره هنا غفلة عن الموضوع وهو ما يمكن فيه المقاصة إذ هي لا تمكن إلا إذا كانت الدراهم صرف الدينار فأكثر (كزيتون) قول ز وإلا فينبغي أن يجري فيه الخلاف الخ فيه نظر بل مسألة الخلاف المذكور بعيدة من هذه جدًّا والظاهر أن مسألة القمح كمسألة الزيتون لا فرق بينهما خلاف ما يوهمه تأمل (بخلاف تبر يعطيه المسافر الخ) قول ز ومسكوك بسكة لا تروج الخ يفيد أنه لا مفهوم لتبر وهو كذلك وإنما عبر به تبعًا لابن
وظاهره وإن لم تشتد (وإلا ظهر خلافه) ولو اشتدت حاجته إن لم يخف على نفسه الهلاك وأبيح له أكل الميتة وإلا جاز كما في ابن رشد وكذا يقال في قوله: كزيتون الخ والظاهر جواز فعل ذلك لحاضر مع المسافر المذكور المضطر لأنه لا يتوصل لما أبيح له إلا بيع الحاضر له ذلك وقال الوالد يفهم من قوله: دار الضرب أن هذا خاص بهم لا يتعداهم إلى غيرهم فانظر لو فعل ذلك أحد هن الناس غير أهل دار الضرب هل يجوز أم لا وكان شيخنا البنوفري يتردد في ذلك وانظر لو كان مع المسافر مصوغ وأراد إبداله من دار الضرب بنقد والطاهر المنع لأن الأصل حرمة التفاضل بين الذهبين وخرجت مسألة التبر مع المسافر لضرورة سفره فهي كالرخصة لا يقاس عليها اهـ.
وأيضًا المثلى إذا دخلته صنعة صار مقومًا والظاهر جواز إبدال المسافر قروشًا ريالًا بقروش غيرها على أن يزيد آخذ لريال دراهم على غيرها للضرورة التي تبيح إعطاء وزن الذهب المسكوك وأجرته (و) عطف على ما يجوز للضرورة قوله: (بخلاف) إعطاء (درهم) شرعي أو ما يروج رواجه زاد وزنه عنه أو نقص كثمن ريال إذ ليس عندنا بمصر درهم شرعي بتعامل به في شراء الحاجة (بنصف) أي ما يروج برواج النصف زاد وزنه عنه أو نقص (وفلوس) أي يدفعه ليأخذ بنصفه فضة وبباقيه فلوسًا (أو غيره) أي غير الفلوس كلحم أو طعام وذكر ضميره لعوده على جمع التكسير وهو يعود عليه الضمير مفردًا مذكرًا فيجوز ذلك بشروط سبعة عند المصنف تبعًا للمتأخرين كابر أبي زمنين وإلا فاصل المنع في الرد في الدرهم لكونه بيع بعضه ببعض مع أحدهما سلعة أولها كون المباع درهمًا لا أزيد كما يأتي وثانيها كون المردود أكثر من نصفه فأقل ليعلم أن الشراء هو المقصود وإليهما أشار بقوله: درهم بنصف فإن كان المردود أكثر من نصف لم يجز ولثالثها بقوله: (في بيع) لذات أو منفعة لكن في بيع المنفعة لا يجوز لا إذا دفع الدرهم بعد استيفاء المنفعة من الصانع أجرة له وعجل الصانع نصفه ولم يدخلا في أصل العقد على دفع الدرهم قبل تمام العمل وإلا لم يجيء وإنما اشترط كونه بعد استيفاء المنفعة لأن من الشروط انتفاء الجميع ولا يكون ذلك إلا بعد تمام العمل وإنما اشترط كونهما لم يدخلا على ذلك لأنهما لو دخلا عليه لكانا داخلين على فساد واحترز بالبيع عن القرض والصدقة فلا يجوز ما ذكر فالقرض كأن يدفع له عن درهم عنده نصف درهم وعرضًا مثلًا وهذا عند الاقتضاء ومثاله عند الدمع أن يدفع شخص لآخر درهمًا وهو يريد أن يقرض نصف
ــ
الحاجب وقد عبر في العتبية بالمال والمازري وابن عرفة وضيح بالذهب والفضة وكذا غيرهم من أهل المذهب وبه تعلم أن قول ز وانظر لو كان مع المسافر مصوغ إلى قوله والظاهر المنع الخ غير صواب (وفلوس أو غيره) قول ز وهو يعود عليه الضمير مفردًا مذكرًا أي باعتبار تأويله بالجمع وهو نادر كما تقدم (في بيع) قول ز كان يدفع له عن درهم عنده نصف درهم وعرضًا الخ الظاهر أن هذا بيع وحكمه الجواز والذي مثل به المواق للاقتضاء أن يعطي من
درهم على إنه يرد الآن نصفه فضة أو غير ذلك ويكون الباقي في ذمته لوقت يتراضيان عليه ومثال الصدقة أن يدفع لآخر درهمًا على أن يكون له نصفه صدقة ويدفع له نصفه فضة ولرابعها بقوله: (وسكا) أي المأخوذ والمردود ولخامسها بقوله: (واتحدت) سكة كل من الدرهم والنصف أي تعومل بهما معًا وإن كان التعامل بأحدهما أكثر من الآخر احترازًا من أن يدفع أو يرد عليه من سكة لا يتعامل بها وليس المراد باتحادهما كونهما سكة سلطان واحد أو مملكة واحدة فإن ذلك غير شرط ولو قال وتعومل بهما كان أوضح ولسادسها بقوله: (وعرف الوزن) أي عرفْ أن هذا يروج بدرهم وهذا بنصف درهم وإن اختلفا وزنًا لم يضر وكذا لو تفاوتًا في الجودة لا سيما عند جهل الأوزان كما في بعض البلاد هذا ما يفهم من آخر كلام ح قال: ولم يذكر ابن عرفة هذا الشرط والذي قبله اهـ.
ونحوه في ق وكأنهما لم يرتضيا الشرطين ولسابعها بقوله: (وانتقد الجميع) أي الدرهم ومقابلة فالانتقاد قيد في الجواز (كدينار إلا درهمين وإلا فلا) انظر ما معنى هذا وفي نسخة غ وإلا فلا كدينار ودرهمين قال: وكذا كان يصوبه شيخنا أبو عبد الله القوري أي وإن لم تتوفر الشروط فلا يجوز كما لا يجوز الرد في الدينار ولا في الدرهمين فأكثر قاله ح وصورة الرد في الدينار أن يدفعه ويأخذ بنصفه ذهبًا وبنصفه غيره وصورة الدرهمين كذلك أن يأخذ بنصفهما فضة وبنصفهما غيرها والواو في قوله: ودرهمين بمعنى أو لتعداد ما دخل في مفهوم قوله: قبل بخلاف درهم بنصف وفلوس فاحترز المصنف بدرهم عن درهمين وعن دينار فقوله كدينار ودرهمين مفهوم قوله: درهم وصرح به لأنه جعله غير شرط ولا يقال هاتان الصورتان جائزتان داخلتان تحت إلا أن يكون الجميع دينارًا أو يجتمعا فيه وهو هنا في صورة الدينار وقد اجتمع فيه لأنا نقول ليس ما هنا مما اجتمع فيه بيع وصرف دينار شرعًا وإنما فيه بيع نصف الدينار بالسلعة وأخذ نصفه الثاني ذهبًا والصرف بيع الذهب بالفضة كما قال ابن عرفة والعرض ليس بصرف حتى يقال
ــ
في ذمته نصف درهم درهمًا ويرد عليه الآخر نصفًا انظره (وسكا واتحدت) ظاهر السماع وابن رشد وهو الذي يقتضيه ابن يونس إلغاء هذين القيدين قاله ابن عرفة انظر ق وإنما شرطهما عياض (وعرف الوزن) القباب من شروط الرد معرفة الوزن وإلا كان بيع الفضة بالفضة جزافًا ولا خفاء في منعه (كدينار إلا درهمين وإلا فلا) قول ز وظاهر التوضيح أن هذه المسألة كتلك الخ نص ضيح الشرط الخامس أن ينقد الجميع وإن تأخر أحد النقدين جرى على الخلاف في مسألة الدرهم والدرهمين إذا تأخر أحد العينين انتهى.
وهذا هو الذي أراد في مختصره لكن قال طفى لم أر هذا الإجراء لغيره لا في ابن عبد السلام ولا ابن عرفة ولا غيرهما بل صرح ابن عرفة بشرط المناجزة في الرد ولذا قال ق فإن تأخر شيء من ذلك لم يجز وهذا بخلاف من اشترى سلعة بدينار إلا درهمين كما تقدم وكان خليل في مختصره في غنى عن الإتيان بمسألة الدينار إلا درهمين إذ قد تقدمتا له وهي مخالفة لمسألة الرد انتهى.
يجتمعا فيه قال جد عج ولنا أن نصحح كلام المصنف مع بقائه على ما هو عليه فنقول قوله: كدينار إلا درهمين حال أي حال كون انتقاد الجميع حقيقة وهو ظاهر أو حكمًا كانتقاد السلعة فإنه في حكم انتقاد الجميع كما اعتبر في مسألة دينار إلا درهمين ونحوه لطخ وفيه نظر إذ المعتمد كما يفيده ق في هذه المسألة أنه لا بد من انتقاد الجميع حقيقة فالصواب ما لغ قال د قوله: وانتقد الجميع ظاهره أن النقدين إذا تأجلا وتعجلت السلعة إن ذلك لا يجوز خلاف ما تقدم في سلعة بدينار وفرق بين هذه المسألة وتلك بأن الأصل في هذه عدم الجواز وإنما أجيزت للضرورة ولذلك لم تشترط هذه الشروط في تلك المسألة وظاهر التوضيح أن هذه المسألة كتلك في هذه الشروط اهـ.
باختصار ومما مر في شرح تصويبه يعلم منه إعطاء قرش أو نصفه أو ربعه وأخذ نصفه فضة ونصفه سلعة وكذا ما زاد على ثمن الريال المقارب للدرهم الشرعي لذكرهم هنا أن مسألة المصنف إنما أجيزت لاحتياج غالب الناس لذلك بخلاف ربع القرش أو نصفه نعم لو حصل البيع لسلعة ابتداء على قرش إلا نصفه أو ربعه مثلًا لجاز ذلك كما في تت وهذا مخلص للشخص من ذلك ونص تت في قوله: وفي الدرهمين كذلك وأشعر تمثيله للجواز بالدرهمين وللمنع بأكثر بجواز استثناء الجزء مطلقًا نقدًا أو مؤجلًا كالبيع بدينار إلا سدسًا أو خمسًا ونحوه وهو كذلك على المشهور اهـ.
أي وكالبيع بقرش إلا ربعًا أو نصفًا ونحوه فإنه ليس عندنا بمصر نصف دينار ولا درهم شرعي يتعامل به في شراء الحاجة فتأمل ذلك فإنه حسن إن شاء الله (و) من صرف من رجل دينارًا ثم لقيه بعد أيام فقال له قد استرخصت مني الدينار فزدني فزاده دراهم نقدًا أو إلى أجل فنزولًا ينقض الصرف قاله في المدونة وقولها نقدًا أو إلى أجل يفيد أن الزيادة كالهبة لا من جملة الصرف ولا صرف مستأنف ثم قال في المدونة: ثم إن اطلع على عيب في الدراهم الأصلية وردها (ردت زيادة بعده لعيبه) لأنه للصرف زاده فترد لرده كالهبة بعد البيع للبيع أن رد السلعة بعيب رد الهبة (لا لعيبها) أي ليس له رد الزيادة لعيب فيها (وهل) عدم رد الزيادة لعيبها (مطلقًا) عينها أم لا أوجبها أم لا (أو) عدم ردها لعيبها (إلا أن يوجبها) فترد وحدها كما في النص ومعنى إيجابها أن يعطيها له بعد قوله: نقصتني
ــ
بتقديم وتأخير (وردت زيادة بعده لعيبه لا لعيبها) كذا في المدونة وقال في الموازية له ردها بعيبها وهل خلاف وهو معنى الإطلاق أو وفاق وله وجهان فهذه ثلاث تأويلات الأول ظاهرها والثاني للقابسي والثالث لعبد الحق ورده المازري بأن فيها ما يمنعه لقولها فزاده درهمًا نقدًا أو إلى أجل والمؤجل غير معين وقد نص على أنه ليس عليه بدله قال في ضيح وفي كلام عبد الحق إشارة إلى الجواب لأنه تأول قوله إلى أجل على أنه قال أنا أزيدك أو قال تأتيني عند أجل كذا وكذا ثم عند الأجل أتاه وأعطاه درهمًا فوجده زائفًا فليس عليه بدله لأنه رضي بما دفعه له ولم يلزم غيره بخلاف قوله أزيدك درهمًا فإنه يحمل على الجيد انتهى.
عن صرف الناس فزدني وإن لم يقل له نعم أزيدك أو أن يقول له عقب قوله: عن صرف الناس أنا أزيدك وأولى إذا اجتمع طلب الزيادة مع قوله: أنا أزيدك وعدم إيجابها كان يقتصر على دفعها عقب قول الآخر نقصتني عن صرف الناس من غير نطق بطلب زيادة ولا نطق الآخر بأزيدك (أو) عدم ردّ الزيادة لعيبها فقط إنما هو (أن عينت) للأخذ عند الدفع لأنه كأنه قال له ليس عندي ما يجبر صرفك إلا هذه بعينها بخلاف ما إذا زاده إياها قبل أن يعينها فكأنه التزم له زيادة غير معينة فيردها لعيبها فقوله: أو إن عينت عطف على مطلقًا لا على المستثنى وإلا لقال أو لم تعين قاله تت ولو قدمه على قوله: أو إلا أن يوجبها لكان أنسب لأن المتبادر منه عطفه على أن يوجبها فيقتضي إنها ترد إن كانت معينة بعينها وليس كذلك (تأويلات) ولما قدم حكم الافتراق في العقد اتبعه بما يطرأ عليه من نقص أو استحقاق فقال: (وإن رضي) المصطرف حال كون رضاه (بالحضرة) أي حضرة الاطلاع (بنقص وزن) فيما دفع له صح الصرف لأن له أن يبيع به ابتداء وسيذكر حكم نقص العدد وجعل بعضهم موضع وزن قدر ليشمل الوزن والعدد وليس بجيد لما فيه من التكرار وأيضًا فإن المشهور منع الرضا في نقص العدد كما يأتي قاله تت وفيه نظر فإن المشهور الآتي إنما هو بعد المفارقة أو الطول والكلام هنا أطلع ورضي بحضرة العقد كما قال المصنف فما جعله بعضهم جيد (أو) رضي المصطرف (بكرصاص) أو نحاس وشبهه مما هو نقص صفة (بالحضرة) أي حضرة العقد أي بقربه كما في د صح الصرف أيضًا وأعاد بالحضرة هنا لئلا يتوهم عود إطلاق الآتي إلى هذه ولأنها لما كانت قد تبعد من حضرة الاطلاع قيد بها (أو) لم يرص المطلع على النقص به أو على كالرصاص لكن (رضي) الدافع لا الآخذ كما في الذي قبله ولذا صرح هنا بالفعل ليكون من عطف الجمل لاختلاف الفاعل هنا مع ما قبله كما في د (بإتمامه) أي العقد بأن يكمل النقص أو يبدل الرصاص ونحوه وليس المراد إتمام النقص فقط إذ لا يشمل تبديل الرصاص قال تت وكان ينبغي أن يقول بالحضرة لإيهام عود الإطلاق الذي بعده له أيضًا ونحوه لد (أو) رضي الآخذ (بمغشوش) أو الدافع بإبداله قال المصنف: كالمعاير وتسميه المغاربة نحاسًا قاله تت أي مبالغة وإنما هو الذي عليه نحاس أو الممزوج بنحاس لا حقيقته لدخول النحاس تحت كرصاص كما قدمته (مطلقًا) بالحضرة أو بعد المفارقة قاله تت تبعًا لغ وفيه شيء والأولى سواء كان معينًا من الجانبين أو من أحدهما أو غير معين كما في الشيخ
ــ
(وإن رضي بالحضرة) قول ز أي حضرة الاطلاع الخ الصواب أن المراد حضرة العقد كما قاله في الثانية ولا معنى للتفريق بينهما ولو حذف المصنف الثانية كان أولى لأن الأولى منصبة على الجميع وقول ز وأعاد بالحضرة هنا لئلا يتوهم عود الإطلاق الآتي الخ إنما يتأتى هذا الاعتذار على تفسير الإطلاق الآتي بما لتت وغ والصواب تفسيره بما قال س وعج كما في ابن الحاجب ويكون حينئذٍ راجعًا لجميع ما سبق لأن الإطلاق على تفسير غ يغني عنه
سالم وعج ولا ينافيه ما بعده من الجبر والتأويلين في المصنف لأن الكلام هنا في الرضا به وما يأتي فيما إذا لم يرض به وعلى هذا الثاني فليس الإطلاق خاصًّا بالمغشوش بل راجعًا لجميع ما سبق ويدل على تفسير الإطلاق بما ذكر قول المصنف وأجبر عليه الخ (صح) الصرف وحذفه من الثلاثة قبله لدلالة هذا عليه والفرق بين حكم المغشوش وغيره إن المغشوش قبض وهو العوض بتمامه فكان له الرضا به مطلقًا كسائر العيوب بخلاف نقص القدر فإن العوض بتمامه لم يقبض فلذا اشترط في الرضا به الحضرة أشار له تت (وأجبر) الممتنع من المتصارفين (عليه) أي على إتمام العقد حيث لم يرض بالنقص وما في حكمه ولإطلاع الآخر بإتمامه (إن لم تعين) الدنانير والدراهم عند العقد كان يقول بعني عشرة دنانير بمائة درهم أي إن لم يقع العقد على عين كل من العوضين أو لم يقع على عين ما وجد به العيب منهما وقوع من قال تعيين أحد العوضين كتعيينهما يحمل على ما إذا كان تعيين ذلك الأحد هو العوض السليم لا المعيب فإنه يجبر على بدل المعيب من أبى بدله ولا يخفى أن منطوق المصنف صادق بصورتين وهما إذا لم يعينا أو عين السليم دون المعيب ومفهومه بصورتين أيضًا أن يعينا عند العقد كهذا الدينار بهذه العشرين درهمًا أو يعين ما وجد به العيب فقط فلا يجبر فيهما (وإن طال) ما بين العقد والاطلاع ولو بحضرة العقد أو حصلت مفارقة بدن ولو بلا طول فالمراد طال ولو حكما (نقض) الصرف في جميع ما تقدم أن له الرضا به بحضرة العقد ونقضه على التفصيل الآتي قوله: وحيث نقض فأصغر الخ (إن قام به) واجده فقوله طال قسيم قوله ثانيًا بالحضرة أي حضرة العقد ومفهوم الشرط عدم النقد إن لم يقم به في الجميع وهو المعول عليه لأنه مفهوم شرط دون مفهوم بالحضرة أي العقد المقتضي لنقضه بعدها وإن لم يقم به مع إنه ليس كذلك فمفهوم الشرط عنده كالمنطوق وهو مقدم على مفهوم الصفة قال تت هنا لا يقال إذا رضي به صح سواء كان بالحضرة أو بعد الطول كما هنا فلا فائدة في التقييد بالحضرة فيما تقدم لأنا نقول التقييد فيما تقدم قسيمه له الرضا بالإتمام إذا قام به وليس له النقض وهنا قسيمة النقض وليس له الرضا لإتمام والله أعلم انتهى.
ــ
قوله بعده وإن طال نقض إن قام به الخ (وأجبر عليه) قول ز يحمل على ما إذا كان تعيين ذلك الأحد هو العوض السالم لا المعيب الخ صوابه هو العوض المعيب لا السالم إذ به سلم من التكلف (وإن طال نقض إن قام به) حاصل ما ذكره من التفصيل في هذا أنه إن اطلع عليه بعد طول أو تفرق ففي الغش ومثله نقص الوزن في متعامل به عددًا فإن رضي به ولم يقم صح وإن طلب البدل نقض إلا إن كان معينًا ففي جواز البدل تردد وفي نقص العدد ومثله نقص الوزن في متعامل به وزنًا نقض الصرف مطلقًا رضي به أو طلب الإتمام فإن وجد كرصاص فظاهر المصنف أنه كالمغشوش له الرضا به وقال ابن الحاجب مثل نقص القدر قال القباب وأكثر الشيوخ على خلاف مرضي ابن الحاجب وإن الرضا بالزائف بعد المفارقة جاز ولو كان رصاصًا أو نحاسًا خالصًا وهو نص المازري وظاهر مالك في المدونة والعتبية وغيرهما وقول ز وأما إن قام به بعد الطول فأرضاه بشيء الخ نحوه في ق عن ابن المواز
وقول المصنف إن قام به أي وأخذ بدله بالفعل وأما إن قام به بعد الطول فأرضاه بشيء ولم يبدله له فهو جائز ولا ينقض الصرف قاله في معين الحكام عن ابن المواز والظاهر إنه إن قام به ولم يأخذ شيئًا بل رضي به بلا شيء كذلك وشبه في النقض لا بقيد القيام قوله: (كنقص العدد) يسيرًا أو كثيرًا اطلع عليه بعد طول أو مفارقة وإن لم يقم به ومثله نقص الوزن فيما يتعامل به وزنًا كما ألحقه به اللخمي (وهل معين ما غش) من الجانبين أو أحدهما (كذلك) ينقض إن قام به مع الطول أو المفارقة (أو يجوز فيه البدل) في هذه الحالة بناء على أنها تتعين بالتعين قال المصنف والفرق بين المعين وغيره إنهما في المعين افترقا وليس في ذمة أحدهما شيء للآخر فلم يزل مقبوضًا إلى حين البدل بخلاف غير المعين فلم تزل ذمة كل منهما مشغولة انتهى ولم يطلع عليه د فتوقف فيه ولا يرد على هذا الفرق أن غير المعينة تتعين بالقبض أو المفارقة فقد افترقا وليس في ذمة أحدهما للآخر شيء لأنا نقول التعين في المعين بذاته أقوى من تعين غيره بالقبض (تردد) على حد سواء في المعين من الجانبين وأما من أحدهما فالراجح النقد إن قام به وإلا فلا وهو يشير به لحكاية طريقين وإن كان في بعضهما تشهير فلا اعتراض عليه وحاصل مسألة المصنف أن العيب أما نقص عدد أو وزن أو رصاص أو نحاس أو مغشوش فإن أطلع على ذلك بحضرة العقد من غير مفارقة ولا طول جاز الرضا به وبالبدل في الجميع ويجبر على إتمام العقد من أباه منهما إن لم تعين الدراهم أو الدنانير فإن عينت فلا جبر وإن كان أطلع على ما ذكر بعد مفارقة أو طول فإن رضي به صح في الجميع إلا في نقص العدد فليس له الرضا به على المشهور فلا بدّ من نقضه سواء قام به أم لا وألحق اللخمي به نقص الوزن فيما يتعامل به وزنًا وأما إن لم يرض به بل قام به فإنه ينقض في الجميع إلا في المغشوش المعين من الجانبين فهل يجوز فيه البدل أو ينقض تردد.
فرع: لو حلف ليقضين فلانًا حقه في أجل كذا فقضاه فيه فاستحق بعد الأجل حنث ولو أجازه المستحق قبل القيام به أو بعده وكذا يحنث بعيبه إن كان نقص عدد أو وزن في متعامل به وزنًا ولو رضي بذلك أو رضي الآخر بإتمامه فإن كان غيرهما من نحاس أو رصاص أو مغشوش حنث إن قام به واجده وأخذ بدله وإلا فلا حنث وقد تقدم ذلك في قوله: في باب اليمين وباستحقاق بعضه أو عيبه بعد الأجل انتهى.
فيفصل في قوله أو عيبه كما ذكرنا هنا (وحيث نقض) الصرف أي بعضه لوجود
ــ
وقال ابن عرفة اللخمي في جواز الصلح عن الزائف بعين أو عرض مطلقًا أو حتى يتفاسخا قولا محمَّد وابن شعبان (كنقص العدد) أدخل فيه طفى ما كان كرصاص وجعل ما قبله خاصًّا بالمغشوش وفيه نظر لما تقدم أن هذا هو مرضي ابن الحاجب وإن أكثر الشيوخ ونص المازري على خلافه نعم إلحاق نقص الوزن بقيده ينقص العدد نقله أبو الحسن عن عياض واللخمي مصرحًا بأنه المشهور فانظر د (تردد) أي طريقتان الأولى لابن الكاتب وعليها جل
نقص أو غش في بعض الدراهم وكان في الدنانير المقابلة للدراهم صغير وكبير (فأصغر دينار) ينقض صرفه (إلا أن يتعداه) موجب النقد ولو بدرهم (فأكبر منه) ينقض صرفه وهكذا ولا ينقض الصغير مع قطعة من الكبير بقدر ما يقابل النقص أو الغش الزائد على الصغير لأن الدنانير المضروبة لا تقطع إذ هو من الفساد في الأرض إلا لسبك كما قال فيما مر لا كسر مسكوك إلا لسبك وقولي أي بعضه لوجود نقص أو غش في بعض الدراهم أي لا كلها لعدم التئامه مع قوله: فأصغر دينار الخ ثم ما ذكره هنا في السكة المتحدة نفاقًا ورواجًا اختلف صاحبها وزمنه كسليم وسليمان أو اتفق أحدهما كسكة عثماني وتتر حيث اتفق رواجهما بزمن واحد ومحل واحد أو اتفقا كسكة سلطان حي بمملكة ويدل على القيد المذكور قوله الآتي وهل ينفسخ الخ (لا الجميع) على المشهور وعن ابن القاسم ينقض الجميع بناء على مقابلة المجموع بالمجموع أو الأجزاء بالأجزاء قاله تت وفيه لف ونشر غير مرتب وقال ق إنما لم ينقض صرف الجميع لأن كل دينار كأنه منفرد بنفسه إذ لا تختلف قيمته من قيمة صاحبه انتهى.
فإن وقع الصرف في تبر وشبهه ووجد عيب ببعضه أو ببعض الفضة نقض مقابلة فقط وإن وقع في مصوغ وتعدد نقض في الجميع المعيب وغيره وجد العيب ببعض المصوغ أو بثمنه إن اختلفت آحاد ذلك المصوغ اختلافًا تختلف به الأغراض فإن اختلف دون ذلك نقض المقابل فقط إن كان العيب في الثمن وهل كذلك إن كان بالمصوغ نفسه أو ينقض الجميع وصوبه الصقلي لأن تعلق الغرض به أقوى من تعلقه بثمنه خلاف (وهل) الحكم المذكور وهو فسخ أصغر دينار إلا أن يتعداه فأكبر منه دون فسخ الجميع (ولو لم يسم لكل دينار) أي سواء سمى عند العقد لكل دينار عددًا من الدراهم أو لم يسم أو إنما ذلك حيث التسمية وأما إن لم يسم فينتقض صرف الجميع (تردد) للمتأخرين في نقل المذهب ولا حاجة لذكره بل هو يشوش الفهم لأن الراجح من الطريقتين إنه إنما ينتقض الأصغر بل قال الباجي إنه لا خلاف في ذلك مع التسمية وليس في كلام المصنف ما يفيده فتأمله منصفًا قاله ح ويجاب بأن المصنف يشير به للطرق وإن كان بعضها مشهور أو لما قدم السكة المتحدة ذكر المعتددة بقوله: (وهل ينفسخ) الصرف لوجود نقص أو غش (في السكك) المختلفة بالعلو والدناءة (أعلاها) لأن العيب من جهة دافع الدراهم المردودة فهو مدلس أن علم بالعيب أو مقصر في الانتقاد إن لم يعلم فأمر برد أجود ما في يديه من الدنانير وعلى هذا القول فإن زاد ما به العيب من الدراهم عن صرف الأعلى وهناك متوسط كبير وأدنى صغير فسخ المتوسط لأنه أعلى من الأدنى (أو) يفسخ (الجميع) لاختلاف الأغراض في السكة المختلفة لا الأعلى فقط (قولان) محلهما إن لم يشترط
ــ
المتأخرين والثانية للخمي وابن عبد الرحمن (وهل ينفسخ في السكك أعلاها أو الجميع قولان) الأول صبغ والثاني: لسحنون وظاهر كلام ابن يونس وابن رشد الباجي ترجيحه انظر
شيء وإلا عمل به كذا ينبغي ويجري مثله في قوله: وحيث نقض فأصغر الخ (وشرط للبدل) حيث أجيز أو وجب على ما مر في قوله: وأجبر عليه إن لم تعين وهو غير شامل لإتمام النقص ولعله أطلق البدل على ما يشمله (جنسية) أي نوعية للمبدل عنه للسلامة من التفاضل المعنوي فلا يجوز أخذ قطعة ذهب بدل دراهم زائفة ولا عكسه لأنه يؤول إلى أخذ ذهب وفضة عن ذهب ولا أخذ عرض عنه لأنه يؤدي إلى دفع ذهب في فضة وعرض إلا أن يكون العرض يسيرًا يغتفر اجتماعه في البيع والصرف ولا يشترط اتفاق الصنفية على المعتمد خلافًا للشارح ودّ فيجوز أن يرد عن الدرهم الزائف أجود منه أو أرد أو أوزن أو أنقص لأن البدل إنما يجوز بالحضرة وما في حكمها ويجوز فيها الرضا بأنقص أو أردأ وليق المراد بالجنسية حقيقتها بل ما مر من النوعية وإلا ورد أن الفضة جنس الذهب من حيث النقدية مع إنه لا يجوز إلا من النوع كما علمت والتقييد بما إذا كان من العين للاحتراز عما إذا كان البدل عرضًا فإنه يجوز على ما مر في الصرف في قوله: أو يجتمعا فيه وكما مر قريبًا (و) شرط (تعجيل) للسلامة من ربا النساء وأجاز ذلك أشهب قال لأن هذا من رفع الخصومة والنزاع لا معاوضة حقيقة ولا يرد على قول المصنف جنسية مسألة الطوق الذهب المباع بدراهم فوجد به عيب فصالح بائعه على دراهم نقدًا فإنه جائز كما في المدونة لأنه صلح لا بدل ولما كان الطارئ على الصرف عيبًا أو
ــ
ح (وشرط للبدل جنسية وتعجيل) قول ز للسلامة من التفاضل المعنوي الخ أخذ العوض ليس فيه تفاضل وإنما فيه اجتماع البيع والصرف فيجري على حكمه كما ذكره آخرًا ولما ذكر ابن الحاجب الخلاف في البدل فرع على الجواز وقال شرط البدل الجنسية والتعجيل خلافًا لأشهب فيهما قال ابن عرفة هذا يقتضي منعه بعرض مطلقًا وليس كذلك بل بشرط عدم يسارة العرض المعتبرة في البيع والصرف ويقتضي عموم قول أشهب في الخصومة وغيرها وليس كذلك بل بشرط الخصومة أو توقعها بقرينة اهـ.
وقول ز ولا يشترط اتفاق الصنفية على المعتمد خلافًا للشارح الخ الذي منعه الشارح من اختلاف الصنفية هو ما دار فيه الفضل من الجانبين لأنه مثل للمنوع يصرف دراهم متوسطة في الجودة اطلع في بعضها على زائف وأخذ عنه درهمًا أجود وأنقص في القدر أو أدون في الصفة وأرجح في الوزن قال طفى وما قاله الشارح أصله لابن عبد السلام ونصه لأنه لو لم يكن من جنسه لأدى إلى التفاضل المعنوي أو الحسي فإنه إذا أعطى عن الدرهم الزائف قطعة من ذهب مع زنة الدراهم التي دفع فقد خرج من يده فضة وذهب وأخذ ذهبًا وذلك تفاضل معنوي وأما التفاضل الحسي فقد تكون المصارفة عن دراهم متوسطة في الجودة مثلًا فيطلع آخذها على درهم زائف فيرده فيدفع عنه درهمًا أجود وأنقص في الوزن أو أدون في الصفة وأرجح في الوزن وهذا تفاضل حسي اهـ.
قلت: ما ذكره ظاهر الوجه إلا أن خروجه بالشرط الأول كما ذكره غير ظاهر لاقتضائه
استحقاقًا وأنهى الكلام على ما ذكر من الأول شرع في الثاني بقوله: (وأن استحق) في الصرف (معين) عند العقد وكذا غيره على المعتمد وإنما قيد به لأجل قوله: وهل أن تراضيا الخ لأن لتردد فيه وأما غير المعين فيجبر الآبي لمن طلب إتمام العقد من غير تردد كما يأتي (سك) وكذا مكسور وتبر (بعد مفارقة) من أحدهما لمجلس الصرف (أو) بعد (طول) من غير افتراق بدن (أو مصوغ مطلقًا) أي حصلت مفارقة أو طول أم لا (نقض) الصرف ووجه النقض مطلقًا في المصوغ أنه يراد لعينه فغيره لا يقوم مقامه ولقائل أن يقول كون غيره لا يقوم مقامه ظاهر بالنسبة إلى عدم لزوم المستحق منه غيره وأما إذا تراضيا بالحضرة على غيره فلم لا يقال بجوازه وكأن الصرف وقع عليه والجواب أن أخذ عوض ما وقع عليه العقد بعد استحقاقه بمثابة من عقد ووكل في القبض جمع حضوره وقول من قال في معنى الإطلاق سواء كان معينًا أم لا غير ظاهر لأنه كيف يتصور اشتراء المصوغ بنقد مع عدم تعيينه اشتراء صحيحًا قاله د وقوله مع حضوره لا يقال لعله مع عدم حضوره لما مر من تقييده المنع بعدم حضور الموكل لأنا نقول كلامه مع المصنف الذي ظاهره إن المنع مطلق (وإلا) يكن استحقاق المعين المسكوك وما ألحق به بعد مفارقة أو طول بل قبلهما (صح وهل) محل الصحة في المعين المسكوك وما شابهه (إن تراضيا) بالبدل ومن أبى لا يجبر أو يصح مطلقًا ومن أبى يجبر لأن استحقاقه نادر الوقوع فلذا جبر بخلاف العيب في المعين إذ الضرر فيه على البائع أقوى كذا ظهر في جبره في استحقاق المعين
ــ
أن المراد بالجنسية اتحاد الصفة وهو يقتضي منع الأجود أو الأردأ وفيه نظر تأمل (وإن استحق معين سك) قول ز وكذا غيره على المعتمد الخ ما ذكره من تسوية غير المعين بالمعين في التفصيل الذي ذكره المصنف هو مذهب ابن القاسم في المدونة وخالفه أشهب فيها وسحنون ففرقا بين المعين ينتقض وغيره فلا ينتقض واختلف الشيوخ في فهمها على تأويلات أحدها لابن رشد وابن يونس أن خلافهما فيما بعد الافتراق أو الطول ويتفقان على الصحة إذا استحق بالحضرة مطلقًا الثاني لابن الكاتب إن خلافهما فيما استحق بالحضرة فعند ابن القاسم يصح مطلقًا وعند أشهب ينقض في المعين ويصح في غيره ويتفقان على النقض بعد الافتراق أو الطول مطلقًا الثالث للخمي حمل الإطلاق في كلام ابن القاسم على تفصيل أشهب وخصه بما استحق بالحضرة فجعله وفاقًا هذا محصل كلام أبي الحسن بمعناه فابن القاسم على التأويلين الأولين يسوي بين المعين وغيره في التفصيل بين الحضرة وغيرها وقال ابن عبد السلام كما في ح أنه المشهور وأشهب على التأويلين الأخيرين يقول إذا حصل التعيين ينتقض الصرف ولو مع الحضرة وإنما التفصيل في غير المعين ووافقه ابن القاسم على التأويل الأخير للخمي وهذا هو الذي شهر ابن الحاجب إذ قال وإن استحق المسكوك بعد المفارقة أو الطول أو التعيين انتقض على المشهور وإلا فالعكس اهـ.
ضيح أي إذا اصطرفا بمسكوك فاستحق بعد المفارقة أو طول المجلس أو كان المسكوك معينًا وإن لم يحصل طول ولا مفارفة فالصرف ينتقض على المشهور اهـ.
على هذا الشق وعدم جبره في المعيب المعين كما مر في مفهوم المصنف وفي الفرق شيء عج (تردد) وأما غير المعين فلا يشترط فيه التراضي اتفاقًا لقوله في العيب وأجبر عليه إن لم تعين وجعل بعضهم التردد جاريًا في المعين وغيره وعليه فالفرق إن الاستحقاق لا ينشأ غالبًا عن تفريط وتدليس بخلاف العيب وما ذكره المصنف في استحقاق الكل وأما استحقاق البعض فيجري على استحقاق بعض المثلى الآتي في قوله: وحرم التمسك بالأقل إلا المثلى وينقض ما يقابل ذلك تقريرًا (وللمستحق) للمصوغ أو المسكوك المصروف (إجازته) أي عقد الصرف وإلزامه للمصطرف في الحالة التي ينقض فيها وذلك بعد مفارقة أو طول في غير مصوغ أو فيه مطلقًا وفي الحالة التي لا ينقض صرف المسكوك فيها وقصره الشارح ود على الأولى لفهم إجازته في الثانية بالأولى وإذا أجازه أخذ ثمنه ممن باعه وليس للمستحق منه عدم الرضا بالإجازة في الحالة الثانية لأن بيع الفضولي لازم من جهة المشتري وله أن لا يرضى في الحالة الأولى وحذف المصنف الشق الثاني للمستحق وهو عدم إجازته فينقضه ويأخذ عينه لظهوره ولأن القيد وهو (إن لم يخبر المصطرف) بكسر الراء اسم فاعل يطلق على من أخذ الدراهم أو الدنانير والمراد به هنا من استحق من يده وهو المشتري لهذا المستحق بأن من صارفه متعد خاص بإجازته بناء على أن هذا الخيار انجر إليه أي خيار حكمي فليس كالشرطي فإن أخبر بتعديه فليس للمستحق إجازته لأنه كصرف الخيار الشرطي والمشهور منعه قاله تت أي كالخيار
ــ
بخ والظاهر من كلام المصنف هو ما شهره ابن عبد السلام كما قرر به ز وغيره وحمله الشارح في كبيره على ما لابن الحاجب فجعل قول المصنف والأصح عامًا أي إذا لم تكن مفارقة ولا طول ولا تعيين وتبعه البساطي ومثله لح في تحصيله وهو بعيد من المصنف وقول ز وإنما قيد به إلى قوله وأما غير المعين فيجبر الآبي الخ تبع فيه س وقد اعترضه طفى ونصه الصحة عند ابن القاسم في الحضرة مطلقًا في المعين وغيره وكذا التردد في قوله وهل إن تراضيا فتخصيص س له بالمعين وإن غير المعين لا يشترط فيه التراضي مستدلًا بقول المصنف في العيب وأجبر عليه إن لم يعين فيه نظر لمخالفته لكلامهم كما يظهر من ضيح وغيره والاستحقاق مخالف للعيب فلا يقاس عليه لأنه في الاستحقاق لا فرق بين المعين وغيره عند ابن القاسم اهـ.
وما ليس هو ظاهر ح لكن نقله يدل على أن التردد في المعين وغيره وقول ز والجواب إن أخذ عوض ما وقع عليه الخ ليس هذا جوابًا عن البحث قبله كما يوهمه كلامه لأنه لا يلائمه وإنما هو تعليل آخر لنقضه بالحضرة واعترض هذا التعليل أيضًا بأنه إذا وقع فيه القبض بالحضرة صح الصرف وهنا لا يصح وقول ز جعل بعضهم التردد الخ تقدم أن هذا الصواب لا ما قبله (وللمستحق إجازته) قول ز وله أن لا يرضى في الحالة الأولى الخ هذا خلاف ما قرر به أولًا من أن المستحق له إلزامه للمصطرف في الحالتين وبه صرح ح ونصه إذا حكمنا بانتقاض الصرف فللمستحق إجازته وإلزامه للمصطرف اهـ.
المشترط في الصرف وهو ممنوع لعدم المناجزة لقوله ومؤخر ولو قريبًا وإذا أخذ عينه وطلب دافع المستحق إعطاء بدله فهو ما مر من قوله هل إن تراضيا الخ قال د: وأما دافع الدراهم المستحقة إذا أراد أن يدفع للمستحق عوض ذلك ويمضي الصرف فمقتضى قولهم ينقض الصرف أنه لا يجاب إلى ذلك ثم إذا أجازه كان له الرجوع على المصطرف في شيئه بما أخذه عوض شيئه فإذا كان المستحق دينارًا وأخذ المصطرف نظير ذلك دراهم فإن له أن يرجع بالدراهم وليس ذلك صرفًا مستأخرًا لأن المناجزة قد وقعت ولأنه لا بد في المصوغ من حضوره كما قيده الإجازة في المدونة بحضور المصوغ المستحق ويقاس غير المصوغ عليه ويقبض الثمن الذي يأخذه المستحق مكانه سواء افترق المتصارفان أم لا بل لو أمضاه المستحق في غيبة البائع ورضي المبتاع بدفع الثمن ليرجع على البائع به جاز كما قال التونسي مع حضور الشيء المستحق فإن قلت ما الفرق بين إجازة المجيز وبين صرف المغصوب حيث اشترط في الأول حضوره ولو غير مصوغ ولم يشترط في الثاني حضوره حيث كان غير مصوغ قلت لأن الإجازة في المستحق تقرير لعقد حصل بعده طول أو مفارقة وهذا ممنوع حيث لم يحضر الشيء المستحق وأما مع حضوره فالإجازة فيه تنزل منزلة عقد مستأنف وأما المغصوب فلم يتقدم فيه عقد حصلت فيه إجازة بعد
ــ
ويفيده ما يأتي عن أبي الحسن وقول ز بأن من صارفه متعد الخ متعلق بقول المصنف إن لم يخبر وقوله خاص بإجازته خبر قوله ولأن القيد وقول ز وإذا أخذ عينه الخ أي إذا أخذ المستحق عينه المستحقة ولم يجز الصرف فيها فإنه لا يتحتم الفسخ بين المصطرفين بل دافعها يعطي بدلها للمصطرف المستحق منه بتراضيهما أو جبرا عليه على التردد السابق لكن هذا مقيد بوقوع الاستحقاق بحضرة الصرف كما تقدم وإلا تحتم الفسخ ومحل كلامه أيضًا إذا لم يكن أخبر المصطرف بالتعدي وإلا وجب نقضه لأنه عقد فاسد كصرف الخيار وقول ز فمقتضى قولهم ينقض الصرف الخ هذا ظاهر إذا أخبر المصطرف بالتعدي بفساد العقد وأما إذا لم يخبر فالظاهر أنه لا مانع من مضيه حينئذٍ تأمل وبالجملة فكلامه غير محرر وقول ز ثم إذا أجازه الخ هذا فيما إذا لم يخبر بالتعدي إذ هذا محل الإجازة كما تقدم وهو ظاهر وقول ز فإن له أن يرجع بالدراهم الخ أي فإن للمستحق أن يرجع بالدراهم عوض الدينار المستحق لأنه أجاز الصرف فيه لكن بشرط أن يقبض الدراهم في الحال لما يذكره قريبًا من أن شرط الإجازة حضور الشيء المستحق وقبض الثمن في الحال كما في المدونة انظر ق وح وقول ز وأما المغصوب فلم يتقدم فيه عقد الخ أي وإنما هو في الذمة وصرف ما في الذمة يجوز من غير شرط حضوره.
تنبيه: قال أبو الحسن: قال ابن محرز: مما نعترض به هذه المسألة إن الإجازة لا تخلو إما أن تكون كابتداء بيع فيشترط رضا المشتري أو تتميمًا لما تقدم فلا يشترط حضور الشيء المستحق وهذا الذي قاله متوجه إلا أن العذر عن اشتراط حضور الشيء المستحق عدّ الإمضاء كابتداء بيع وعن عدم اشتراط رضا المشتري عد المصرف كالوكيل على الصرف إذ لا مضرة على المشتري في الإمضاء لأنه على ذلك دخل وكذلك اعترضها أبو إسحاق بنحو هذا اهـ.
مفارقة أو طول (وجاز) شيء (محلى) بذهب أو فضة كمصحف وسيف حلى بهما أو بأحدهما أي جاز بيعه (وإن) كان المحلى (ثوبًا) طرز بأحدهما أو نسج به حيث كان المحلى ولو غير ثوب (يخرج منه) شيء (إن سبك) فإن لم يخرج منه شيء إن سبك أي أحرق فلا عبرة بما فيه من الحلية ويكون كالمجرد عنها فيباع بما فيه نقدًا أو إلى أجل لأنه كالمستهلك فهو كالعدم ولا يعتبر قدر الذهب خلافًا لما استحسنه اللخمي ولا يمنع كما قيل به معللًا له بأنه غرر (بأحد النقدين) يتنازع فيه بيع المقدر ومحلى ولجواز بيع المحلى شروط أشار لأولها بقوله: (إن أبيحت) تحليته كسيف وحلى مرأة فالمحرم كدواة وسرج وركاب لا يجوز بأحد النقدين أي بل بعرض إلا أن يقل عن صرف دينار كاجتماع البيع والصرف ولا يرد بيع آنية الذهب والفضة لأن الكلام فيما يجوز وهي لا تجوز لكن إن وقع صح قاله تت تبعًا للشارح قلت صحة بيع أواني النقد بعد الوقوع محمولة على بيعها بغير العين أو بها من غير صنفها أو بصنفها لكن مثلًا بمثل يدًا بيد وإلا لم يصح وقولهما إن وقع صح يقتضي أن بيع المحلى المحرم الحلية يصح وإن لم يجتمعا في دينار وليس كذلك قاله عج والفرق أن المحلى فيه بيع لما فيه من عرض وصرف بخلاف الخالص فإنه محض صرف وما فيه علتان أقوى مما فيه علة واحدة ولثانيها بقوله: (وسمرت) على المحلى بمسامير يؤدي نزعها لفساد كمصحف سمرت عليه أو سيف على جفنه أو حمائله فأما مثل قلادة جرز بضم الجيم وسكون الراء ثم زاي نوع من السلاح كما في ح حليت بذهب أو فضة فلا يباع بأحدهما لا بصنفها ولا بغيره من النقد إلا على حكم البيع والصرف وأما بغيره من العرض فيباع وبيع كل واحد من الحلية وما هي فيه على انفراده جائز ومن بيع الحلية المسمرة بيع عبد له أنف أو أسنان من العين ولثالثها بقوله: (وعجل) المبيع المعقود عليه الشامل لكل من العوضين فإن أجل امتنع بالنقد وجاز بغيره (مطلقًا) حال من أحد قال تت ود أي كانت الحلية تبعًا أم لا وقال عج كان البيع بصنفه أم لا انتهى.
وكلاهما صحيح ملائم لقوله: (و) جاز بيع محلى (بصنفه) المحلى به بالشروط
ــ
كلام أبي الحسن (وجاز محلى وإن ثوبًا) قول ز حلى بهما أو بأحدهما الخ الصواب إسقاط قوله بهما لأن موضوع ما هنا في المحلى بأحدهما ويأتي المحلى بهما في قوله وإن حلى بهما لم يجز الخ (وإن أبيحت) لما كان الأصل في بيع المحلى هو المنع لأن في بيعه بصنفه بيع ذهب وعرض بذهب وفيه بغير صنفه بيع وصرف في أكثر من دينار وكل منهما ممنوع لكن رخص فيه للضرورة كما ذكره أبو الحسن عن عياض شرطوا الجواز بيعه هذه الشروط فما كان غير مباح الاتخاذ ليس من محل الرخصة فلذا لا يباع إلا على حكم البيع والصرف كما صرح به أبو الحسن (وسمرت) ذكر في ضيح أن هذا الشرط يؤخذ من لفظ محلى قال لأنه لا يقال على مع الانفصال وقول ز أو سيف على جفنه أو حمائله الخ نحوه في ضيح وح عن الباجي وفيه جواز تحلية الحمائل فانظره (مطلقًا) في بعض النسخ بغير صنفه مطلقًا وهذا هو الملائم لما بعده وينبغي تقديره على نسخة سقوطه ليتناسب الكلام وعلى كل
السابقة وزيادة (إن كانت) الحلية (الثلث) فدون لأنه تبع (وهل) يعتبر الثلث (بالقيمة) أي ينظر إلى كون قيمتها ثلث قيمة المحلى بحليته ولا ينظر لوزن الدنانير والمراد بقيمته بحليته ثمنه بحليته (أو بالوزن) أي إنما ينظر إلى كون وزنها ثلث قيمة المحلى بحليته فيراعى على هذا القول وزن الدنانير لا قيمتها كما في زمننا هذا فإن السبعين دينارًا في زمننا ليس وزنها سبعين مثقالًا بل دون ذلك فيراعى وزنها من المثاقيل وينسب إليه وزن الحلية (خلاف) فإذا بيع سيف على بذهب بسبعين دينارًا ذهبًا وزن حليته عشرون ولصياغتها تساوي ثلاثين وقيمة النصل أربعون فإنه يجوز على القول الثاني وهو مراعاة الوزن لا على مراعاة القيمة قال تت والمعتبر من القيمة أو الوزن إنما هو بالنسبة لقيمة مجموع المبيع على المذهب كبياض المساقاة انتهى.
أي فيضاف وزن الحلية في المثال المذكور إلى قيمة النصل وحده فبه يكون ستين ثم تنسب قيمة الحلية على الأول إلى الستين تكون نصفًا فلا يجوز في الفرض المذكور على الأول ويجوز على الثاني لنسبة وزنها للستين وهو ثلثها (وإن حلى) ثوب (بهما)
ــ
فلا يصح التنازع الذي ادعاه في قوله بأحد النقدين (وهل بالقيمة أو بالوزن خلاف) الأول قال ابن يونس هو ظاهر الموطء والموازية وظاهر ابن الحاجب ترجيحه والثاني قال الباجي هو ظاهر المذهب قياسًا على السرقة والزكاة لعدم اعتبار الصياغة فيهما وقول ز فيراعى على هذا القول وزن الدنانير الخ ظاهر كلامه أن الخلاف كما جرى في حلية المحلى كذلك يجري في الدنانير ومن اعتبر الوزن في الحلية يعتبر الوزن في الدنانير وهذا وإن كان يوافق القياس على السرقة والزكاة في القول الثاني لكن لم أر من ذكره وليس بصحيح بل ظاهر كلامهم قصر الخلاف على حلية المحلى فقط وإن الدنانير معتبرة بسكتها وقول ز أي فيضاف وزن الحلية الخ ظاهره أن الصياغة تلغي من المنسوب إليه على كل قول من القولين وإنما الخلاف هل تعتبر في المنسوب أم لا وليس كذلك بل من اعتبرها يعتبرها في كل من المنسوب والمنسوب إليه ومن يلغيها يقول بلغوها من كل منهما ونص ضيح ما ذكرته من أنه تنسب قيمة الحلية مصوغة أو وزنها غير مصوغة إلى مجموع المبيع فإن كانت ثلثه جاز هو المذهب الذي قاله الناس كما في بياض المساقاة ونسبها ابن بشير إلى قيمة المحلى فإن كان الثلث ذلك جاز وإلا امتنع وليس كذلك لأنه إذا نسب إلى النصل والجفن مثلًا فكانت ثلثهما كانت ربع الجميع انتهى.
وكتب عليه الشيخ ميارة رحمه الله ما نصه حاصله أن المذهب أن تأخذ قيمة الحلية أو وزنها على القولين وتضمه إلى قيمة المحلى وتحفظ المجتمع ثم تنسب الحلية من المجموع وابن بشير نسب الحلية لقيمة المحلى وحده اهـ.
من خطه ونص ابن عرفة والثلث هو من مجموع وزن الحلية أو قيمتها مع قيمة المحلى النصل والجفن وتعقب ابن عبد السلام تفسيره ابن بشير بنسبته للنصل والجفن فقط محتجًا ببياض المساقاة حسن اهـ.
وبجوهر أو لؤلؤ (لم يجز) بيعه (بأحدهما) أي النقدين كانا متساويين أم لا (إلا أن تبعا الجوهر) لذى فيه وهو ما قابل النقد فيجوز بأحدهما كان تابعًا للآخر أو متبوعًا عند ابن حبيب في الواضحة وزاد شرط التعجيل والظاهر أن الشرط الذي ذكره المصنف مزيد على ما تقدم كما في بيعه بصنفه ويمكن أن يقيد كلام المصنف بما إذا بيع بأقلهما ويكون ماشيًا ما عند اللخمي وصاحب الإكمال وقد ذكر ابن بشير القولين قاله د وهل تعتبر التبعية بالقيمة أو بالوزن خلاف وهو إنما يأتي في صنف ما بيع به وأما غيره فلا يتصور اعتبار وزنه بل قيمته قال د وانظر ما الحكم إذا بيع بالنقدين معًا انتهى.
والذي تقتضيه قواعد المذهب المنع لأنه بيع ذهب بذهب وفضة وبيع فضة بفضة وذهب وأشعر قوله تبعًا الجوهر أن المصوغ من الذهب والفضة من غير عرض فيه أصلًا لا يجوز بيعه بأحدهما ولا بهما بحال وهو ما رواه ابن القاسم في المدونة واختاره ورجع له الإمام وهو المشهور وروي على الجواز إذا كان أحدهما الثلث وبيع بصنف الأقل واختاره اللخمي ومحل هذا الخلاف حيث جاز اتخاذه كملبوس المرأة وإلا منع ولو بيع بالتابع كركاب فضة مطلي بذهب ونحوه انظر ق وفي تت نظر (وجازت مبادلة القليل) بشروط ذكر منها ثلاثة أحدها قوله القليل وثانيها قوله (المعدود) أي المتعامل به عددًا وبين القليل بقوله: (دون سبعة) أراد ستة لا ما زاد عليها ولم يبلغ سبعة فإنه يمنع كما هو مقتضى كلامهم وإن اقتضى كلامه جوازه كما لا تجوز في المتعامل به وزنًا وأشار لما يتضمن موضوع المسألة مع الشرط الثالث بقوله: (بأوزن منها بسدس سدس) أي تكون
ــ
(إلا أن تبعا الجوهر) قول ز وأما غيره فلا يتصور اعتبار وزنه الخ فيه نظر إذ الخلاف مبني على اعتبار الصياغة وعدم اعتبارها وذلك ممكن في صنف ما بيع منه وفي غيره فتأمل (بسدس سدس) هذا ذكره ابن شاس وابن الحاجب وابن جماعة لكن قال القباب أكثر الشيوخ لا يذكرون هذا الشرط وقد جاء لفظ السدس في المدونة وهو محتمل للتمثيل والشرطية اهـ.
وقال ابن عبد السلام وعندي أن السدس كثير ولا ينبغي أن يجوز من ذلك إلا ما جرت العادة أن يسمح به عند رخص الفضة أو كساد البيع اهـ.
وقال ابن عرفة أطلق اللخمي والصقلي والمازري والجلاب والتلقين وغير واحد القول في قدر النقص وهو ظاهر ما نقله الشيخ اهـ.
وقال أيضًا ابن عرفة وعزا ابن عبد السلام هذا الشرط للمدونة وفيه نظر لأنها لم تذكره تحديدًا بل فرضًا ونصها لو أبدل ستة تنقص سدسًا بستة وازنة فلا بأس اهـ.
انظر ح وقول ز وأن تكون واحدًا بواحد الخ هذا شرط ذكره ابن جماعة وغيره لكراهة مالك في سماع أبي زيد إبدال الدينار بأربعة وعشرين قيراطًا من الذهب ابن رشد وأجازه ابن القاسم استحسانًا على وجه المعروف في الدينار الواحد قال القباب وهذا والله أعلم ما لم يتبين أن الدينار أنقص من القراريط أو بالعكس فتصح المسألة اهـ.
الزيادة في كل دينار أو درهم سدسًا على مقابله من الجانب الآخر وهو دانق لأنه الذي تسمح به النفس غالبًا ومقتضى النظر منعه لطلب الشارع المساواة في النقود المتحدة الجنس وقصد المعروف بانفراده لا يخصص العمومات الدالة على منع ذلك فإن ذلك حق لله وليس بحق آدمي إلا أن لتعامل لما كان بالعدد صار النقص اليسير غير منتفع به فجرى مجرى الرداءة والزيادة مجرى الجودة فقط زاده معروفًا والمعروف يوسع فيه ما لا يوسع في غيره بخلاف التبر وشبهه انتهى.
وأولى في الجواز إذا كانت الزيادة في كل أقل من سدس أو بعضها أقل وبعضها قدره والتعليل المتقدم قريبًا ربما يقتضي منعها في دينار غير شرعي كمجوز فإن سدسه كثلث الشرعي وكذا درهم كبير ويحتمل اغتفار ذلك وبقي من شروطها ثلاثة أيضًا إن تقع بلفظ المبادلة فقوله وجازت مبادلة أي وجاز العقد معبرًا عنه بهذه الصيغة وأن تكون واحدًا بواحد مناجزة كما في الشيخ سالم لا واحدًا باثنين وإن يقع الزائد لمحض المعروف وسابع وهو أن تكون في مسكوك ونحوه كما يؤخذ من قوله المعدود لا مكسور وتبر لا يشترط اتحاد السكة خلافًا للخمي وإن اقتصر عليه د إذ يرده ما يأتي في مسألة الهاشمي بالعتيق وجعل ح قوله بسدس سدس شرطًا رابعًا في المصنف وهو صحيح وسدس الثاني معطوف على الأول بحذف حرف العطف وهو جائز في السعة وحذف المصنف أيضًا الواو وما عطفت في أربع بعد الثاني المذكور حتى تكون المتعاطفات على الأول خمسة بقدر ما فيه المبادلة ويكون حينئذٍ من مقابلة الجمع بالجمع المقتضية لانقسام الآحاد على الآحاد وأشعر قوله بسدس سدس أنه لو كانت الدنانير أو الدراهم من أحد الجانبين مساوية للجانب الآخر جازت في القليل والكثير من غير شرط من شروط المبادلة وهو كذلك.
فائدة: مر أن السدس وزن دانق وأنه شامل لدانق الدينار والدرهم وما قيل إنه يؤخذ للمظلوم بأخذ ماله من حسنات ظالمه في كل دانق سبعون صلاة مقبولة زاد بعض مشايخ الحنفية في جماعة يصدق بدانق الدينار والدرهم لكن إن ثبت حمله على دانق الدرهم فدانق الدينار يؤخذ فيه أكثر ولما كان السبب في الجواز المعروف وشرط تمحضه وحصوله من جهة واحدة أشار إلى منع دورانه من جهتين بقوله: (و) النقد (الأجود) جوهرية حالة كونه (أنقص) وزنًا ممتنع إبداله بأردأ جوهرية كامل وزنًا لدوران الفضل من
ــ
هكذا نقله طفى عنه وقال عقبه يعني تصح التمحض المعروف وظاهر قوله فتصح المسألة من غير خلاف حينئذٍ اهـ.
بخ قلت قوله فتصح المسألة تحريف وقع في نسخته من القباب والذي رأيته في نسخة عتيقة من القباب بخط العلامة سيدي يحيى السراج تلميذ القباب مصححة مقروء بها على مؤلفها فتقج المسألة أي فيتعين منعها باتفاق القولين وهكذا في نسخة أخرى موقفة بخط شيخ شيوخنا أبي علي المعداني وهذا هو الظاهر وبه نعلم بطلان ما فرعه طفى على هذا التحريف
الجانبين لأن صاحب الأجود الناقص يرغب في الأردأ لكماله وصاحب الأردأ الكامل يرغب في الناقص لجودته (أو أجود) بالرفع عطف على الأجود أي وهو أنقص فحذف منه لدلالة ما قبله عليه كما حذف مما قبله جوهرية لدلالة قوله في هذا (سكة) عليه ففيه شبه احتباك والمراد أجود سكة وأنقص جوهرية ووزنًا ويقابله رديء السكة وكامل وزنًا وجوهرية (ممتنع) لدوران الفضل من الجانبين أيضًا بل لو كان مقابل الأجود سكة كاملًا وزنًا فقط أو أجود جوهرية فقط لمنع أيضًا للعلة المذكورة فتدخل مسألة مالك في المدونة ففيها عن سحنون قلت لابن القاسم فإن كانت سكة الوازن أفضل فقال: قال مالك: لا خير في هاشمي ينقص خروبة بقائم عتيق وازن فتعجبت منه فقال لي ابن كامل لا تعجب قاله له ربيعة ابن القاسم لا أدري من أين أخذه ولا بأس به عندي انتهى.
ابن عرفة تبعًا لابن عبد السلام وجه قول مالك أن العتيق جيد الجوهرية وكامل الوزن ورديء السكة لأنه ضرب بني أمية والهاشمي رديء الجوهرية وناقص الوزن وجيد السكة لأنه ضرب بني العباس فبطل تعجب ابن القاسم (وإلا) أي وإن لم يكن الأجود جوهرية أنقص بل كان مساويًا في الوزن أو أوزن أو لم يكن الأجود سكة أنقص بل كان مساويًا أو أوزن (جاز) عند ابن القاسم لتمحض الفضل من جانب واحد ولما قدم الصرف والمبادلة ذكر المراطلة بقوله: (و) جازت (مراطلة عين) ذهب أو فضة (بمثله) أي بعين مثله ذهب بذهب أو فضة بفضة وذكر ضمير المؤنث باعتبار أنها نقد لا ذهب بفضة وتكون في مسكوك وكذا غير مسكوك اتفاقًا كما في تت عند قوله أو كفتين فأراد بالعين ما قابل العرض والطعام بدليل قوله في بيوع الآجال من عين وطعام وعرض لا المسكوكة فقط وتكون في المتعامل به عددًا أو وزنًا وسواء في المسكوك اتحدت السكة أم لا ويدل عليه تمثيلهم بالمغربي والسكندري والمصري وحينئذٍ يشمل الإنصاف مع الكبار كإنصاف البنادقة مع البنادقة وكالعثمانية مع السليمانية وهذا بخلاف المبادلة لا بد من أن تكون واحد بواحد لا واحدًا باثنين كما تقدم والظاهر أنه لا يشترط فيها الصيغة لوجود ما يميز وهو الوزن بخلاف المبادلة فإنها لا يتميز عن الصرف إلا بصيغتها انظر د كما مر وأيضًا المبادلة رخصة مستثناة من بيع الذهب بمثله أو الفضة بمثلها متفاضلًا بخلاف المراطلة وأشار إلى أن المراطلة على وجهين (بصنجة) معلومة القدر أم لا في إحدى الكفتين والذهب أو الفضة يوضع في الأخرى وهي بفتح الصاد وبالسين أفصح كما في القاموس فاقتصار الجوهري على قول ابن السكيت بالصاد ولا يقال بالسين قصور (أو كفتين)
ــ
من الجواز مع تمحض الفضل وتعلم أن الذي في كلام ابن رشد إنما هو اغتفار ما عسى أن يكون وقع من النقص القليل بسبب تفرق الأجزاء وأما النقص البين فلا دليل على اغتفاره والله أعلم وقول ز وإن يقع الزائد لمحض المعروف الخ هذا الشرط يؤخذ من قول المصنف والأجود أنقص (بصنجة أو كفتين) قول ز وأو في المصنف إشارة لقولين الخ يعني القولين في قول ابن الحاجب والوزن بصنجة جائز وقيل في كفتين اهـ.
يوضع عين أحدهما في كفة وعين الآخر في الأخرى تثنية كفة بكسر الكاف لكل ما استدار ككفة الميزان ويجوز فتحها قاله تت عن القاموس ونحوه في د عنه وهو يشعر بقلته وقول عج بفتح الكاف وكسرها يشعر بتساويهما وأو في المصنف إشارة لقولين كما في تت لا للتخيير والأول أرجح عند المتأخرين لحصول التساوي به بين النقدين وإن لم تعدل الميزان وظاهر هذا عدم اغتفار الزيادة في المراطلة وهو كذلك انظر ق وبالغ على جوازها بكفتين فقط بقوله: (ولو لم يوزنا) أي العينان قبل وضعهما في الكفتين (على الأرجح) خلافًا لقول القابسي لا يجوز إلا بعد معرفة وزن العينين لئلا يؤدي إلى بيع المسكوك جزافًا انتهى.
فمحل الخلاف في ذهب أو فضة يمتنع بيعه جزافًا كالمتعامل بهما عددًا وأما المتعامل بهما وزنًا فيتفق على جوازه وإن لم يوزنا وتجوز المراطلة (وإن كان أحدهما) أي أحد النقدين كله أجود من جميع مقابله كدنانير مغربية تراطل بمصرية أو سكندرية (أو بعضه أجود) وبعضه الآخر مساوٍ للآخر في جودته وقول تت في رداءته صوابه ما قلت بدليل تمثيله بقوله كدرهمين مغربيين في مقابلة درهم مغربي ودرهم مصري وبدليل قول
ــ
لكن تعقبه في ضيح تبعًا لابن عبد السلام بأنه لا خلاف في جوازهما وإنما الخلاف في الأرجح وكذا قال ابن عرفة كلام ابن الحاجب يقتضي وجود القول بمنعه في الصنجة ولا أعرفه اهـ.
ورده طفى بقول عياض في الإكمال اختلف في جواز المراطلة بالمثاقيل فقيل لا تجوز المراطلة إلا بكفتين وقيل بالمثاقيل وهو أصوب اهـ.
قال وما صوبه سبقه إليه المازري وصرح بذلك ابن شاس تبعًا لهما والمراد بالمثاقيل كما قاله الأبي الصنجة (ولو لم يوزنا على الأرجح) قول ز وبالغ على جوازها بكفتين فقط الخ تخصيصه الخلاف بكفتين هو مقتضى قول المتيطي ما نصه قال أبو الحسن القابسي وأبو القاسم بن محرز إذا كان الذهبان مسكوكين أو أحدهما فلا تجوز المراطلة بهما في كفتين إلا بعد المعرفة بوزن أحدهما لأن ذلك من باب بيع المسكوك جزافًا وهو خطر لا يجوز اهـ.
لكن تعليله بالجزاف يفيد الخلاف أيضًا في الصنجة إذا جهل قدرها وهو ظاهر قال في ضيح عياض على قول القابسي إذا كان عددًا فلا بد من معرفة عدد الدراهم من الجهتين أو الدنانير بخلاف الوزن لأن معرفة وزن أحدهما معرفة لوزن الآخر اهـ.
(أو بعضه أجود) قول ز كدرهمين مغربيين في مقابلة درهم مغربي ودرهم مصري الخ هكذا رأينا هذا المثال في النسخ وهو في نفسه صحيح لكن لا يصلح مثالًا لتقرير تت ولا ز ولو أبدل مغربيين بمصريين لصلح لكل منهما لأن المغربي أجود من المصري والمصري أجود من الإسكندري وكل من التقريرين صحيح لقول ابن يونس تحصيل ذلك إن كانت المنفردة متوسطة لكونها أجود من بعض مقابلتها وأردأ من البعض الآخر فامنع وإلا فأجز اهـ.
المصنف (لا) إن كان نقد أحدهما بعضه (أدنى) من بعض الآخر (و) بعضه (أجود) والبعض الآخر كله متوسط مثل أن يكون نقد أحدهما بعضه مغربي وبعضه سكندري وكل نقد الآخر مصري فيمنع لدوران الفضل من الجانبين فإن المغربي أعلى والسكندري أدنى والمصري متوسط ولما ذكر أن دوران الفضل من الجانبين يحصل بالجودة والرداءة ذكر دورانه بالسكة والصياغة بقوله: (والأكثر على تأويل السكة) في المراطلة كالجودة فيشمل دنانير سكة واحدة بدنانير سكتين ومسكوك بتبرين أو تبر ومسكوك قاله تت (و) الأكثر على تأويل (الصياغة) في المراطلة (كالجودة) فيدور الفضل بها مع مقابلها من مكسور ونحوه وهذا بخلاف ما في توضيحه عن ابن عبد السلام وأقره من أن الأكثر عدم اعتبارهما فصوابه ليسا كالجودة والقول بأنهما كهي محله إذا قابل كلًّا منهما مكسور ونحوه وأما فيما بينهما ففي الذخيرة يجري مراطلة المسكوك بالمصوغ على هذا أي الخلاف فعلى القول باعتبارهما يمتنع إلا أن يكون الفضل من جهة واحدة انتهى.
أي بأن تكون إحداهما تفضل الأخرى قطعًا (و) جاز بيع (مغشوش) كذهب فيه فضة (بمثله) مراطلة أو مبادلة أو غيرهما قال د وظاهره تساوي الغش وهو واضح (و) جاز بيع مغشوش على أي وجه ولو بعرض و (بخالص) على المذهب (والأظهر خلافه) راجع للثاني ولذا أعاد فيه العامل والخلاف في المغشوش الذي لا يجري بين الناس كغيره وإلا جاز اتفاقًا على ما يظهر من التوضيح وظاهر ابن رشد دخول الخلاف فيه أيضًا وشرط جواز بيع المغشوش مراطلة أو مبادلة أو غيرهما ولو بعرض أن يباع (لمن يكسره أو لا يغش به) بعد الكسر وإلا فلا بد من تصفيته كما في المدونة ولو قال لمن لا يغش به كان أخصر وأظهر في إفادة المراد قال غ ولمن يكسره كذا هو بواو العطف في أوله فهو أعم من أن يكون في بيع أو صرف أو مراطلة انتهى.
وكأنه في نسخته كذلك والموجود في النسخ بغير واو وهو صحيح لأنه وإن كان سياق الكلام في المراطلة فحكم البيع بها وصرفها يستفاد من ذلك لأن العلة إنما هي خوف الغش قاله ح وأحسن منه د وعلى نسخة غ فهو معطوف على جملة ومراطلة عين بمثله أي وجازت مراطلة عين بمثله وجازت معاقدة مغشوش لمن يكسره أعم من أن يكون في بيع أو غيره والمغشوش الذي لا منفعة فيه إلا الغش لا يجوز بيعه بحال
ــ
(لا أدنى) قول ز من بعض الآخر الخ صوابه من كل الآخر بدليل المثال بعده (ومغشوش بمثله) قول ز وظاهره تساوي الغش الخ فيه نظر وقال اللقاني ولو لم يعرفا قدر ما فيه من الغش على المذهب خلافًا لابن عبد السلام والمثلية لا تستلزم تساوي الغش وقال ح ظاهره ولو لم يتساو غشهما وهو ظاهر ابن رشد وغيره ولم يلتفت المصنف رحمه الله إلى قول ابن عبد السلام ولعل ذلك مع تساوي الغش لأنه لم يجزم به ويعسر تحقق ذلك اهـ.
قلت صرح أبو عمر كما في المواق بأنه لا يجوز بيع بعضهما ببعض إلا أن يحيط العلم بأن
(وكره) بيعه (لمن لا يؤمن) أن يغش به المسلمين أي يشك في غشهم كالصيارفة كما في البيان واقتصر عليه الشارح وق وعج وجعل تت الصيارفة ممن يفسخ تبعًا لمنازعة ابن عرفة ابن رشد في جعلهم ممن يكره البيع لهم قلت والظاهر أنه خلاف في حال إذ لعلهم كانوا في زمن ابن رشد ممن لا يؤمن غشهم وفي زمن ابن عرفة ممن يتحقق غشهم وظاهر النقلين مسلمين كانوا أو غيرهم (وفسخ) بيعه إن كان قائمًا (ممن) يعلم أنه (يغش) به وقدر عليه فيجب رده (إلا أن يفوت) حقيقة بذهاب عينه أو حكمًا بتعذر المشتري كما في البيان وهل صياغته فوت أم لا لأنه إنما تغيرت صفته فقط نظر فيه د وليس في البيان ما يرده كما توهم وإذا فات (فهل يملكه)
أي فهل يتجدد ملكه لعوض المغشوش بفواته ولا يلزمه التصدق به بل يندب فقط وبهذا سقط ما يقال هو ملكه فكيف يقال فهل يملكه انظر د والمعنى هل يستمر مالكًا له (أو يتصدق) وجوبًا (بالجميع) أي جميع العوض (أو) يتصدق (بالزائد على من لا يغش) به لو بيع له ويندب بغير الزائد (أقوال) ثالثها أعدلها إذ لم يخرج عليه إلا فيما وقع به التعدي وهو الذي تميل إليه النفس ويوافق قوله في الإجارة وتصدق بالكراء وبفضلة الثمن على الأرجح انتهى.
فهو أرجحها والظاهر أن الفوات في المصوغ بما يفوت به العروض وفي المسكوك بما يفوت به المثلى وسيأتي فيهما المفوّت في كلم المصنف.
تتمة: قال الأبي انظر لو تابت البغيّ هل يلزمها التصدق بالمهر الذي أخذته قياسًا على المسلم يبيع خمرًا فإنه يتصدق بثمنها أو ترده لمن أخذته منه أي حيث علمته ولم يتعذر قياسًا على من باع أم ولده لم أر في ذلك نصًّا وتشبيهها بمسألة الخمر أولى اهـ.
ولما كان بين المراطلة وقضاء الدين موافقة في أن كلًّا منهما ينظر فيه لدوران الفضل فيمنع وعدمه فيجوز ذكره عقبها فقال (و) جاز (قضاء قرض بمساوٍ) للدين المقضى عنه وزنًا كقرش كلب أو ريال أو بندقي عن مثله سواء كان التعامل عددًا أو وزنًا أو عددًا ووزنًا حل الأجل أم لا وبمساوٍ كيلًا وصفة كقمح عن مثله (وأفضل) منه (صفة)
ــ
الداخل فيهما سواء نحو السكة الواحدة (وكره لمن لا يؤمن) مثله ابن رشد بالصيارفة ونازعه ابن عرفة بأن التمثيل بهم وقع في الموازية لمن يغش لا لمن لا يؤمن انظر ح وبه يبطل الجمع الذي ذكره ز بينهما (أقوال) قول ز والظاهر أن الفوات في المصوغ الخ ما استظهره خلاف المنصوص الذي قدمه عن البيان وقول ز في التتمة ناقلًا عن الأبي لم أر في ذلك نصًّا الخ قد حكى ح في كتاب الالتزامات قولين بالتصدق والرد في مهر البغي والقواد والمخنث وذكر الشيخ زروق قولًا ثالثًا بالتفصيل إن كان عاشقًا رد له لأنه مغلوب وإن لم يكن عاشقًا تصدق به اهـ.
فانظره (وقضاء قرض بمساوٍ وأفضل صفة) ابن عرفة الاقتضاء عرفًا قبض ما في ذمة غير القابض فيخرج قبض المعين والمقاصة وينقض بقبض الكتابة لإطلاقها على قبضها اقتضاء وبقبض منافع معين لإطلاقهم اقتضاء منافع من دين وليسا في ذمة فيقال قبض ما وجب منفعة أو غير معين في غير ذمة قابضه اهـ.
كريال عن كلب لاتحاد وزنهما وفضل صفة الريال حل الأجل أم لا لأن الحق في العين لمن عليه الدين فلا يدخل حط الضمان وأزيدك وفيه حسن قضاء وكقضاء قمح جديد عن مثله كيلًا قديم لأنه حسن قضاء وكقضاء دقيق عن قمح مثل كيله أي القمح حيث لم يكن الدقيق أجود وإلا منع ولو بعد حلول الأجل لأنه باع فضل ربع القمح بجودة الدقيق أي كما يمنع إذا كان الدقيق أقل من كيل القمح ولم يحل الأجل فإن حل جاز إن لم يكن الدقيق أجود وإلا منع وقيد قوله وأفضل صفة بقيدين أحدهما أن لا يشترط ذلك عند القرض وإلا منع وفسد كاشتراط زيادة القدر قاله في الجواهر ويدل عليه قوله في القرض كشرط عفن بسالم والعادة كالشرط كما في الرسالة الثاني أن يتحد نوعهما أو يختلف ولكن حل الأجل فإن لم يحل منع كقضاء أردب قمح عن أردب شعير لأن فيه حط الضمان وأزيدك كما يمنع عكسه قبل حلوله أيضًا لأن فيه ضع وتعجل ولا يرد على هذا القيد ما أورده بعضهم من أنه يقتضي منع قضاء السمراء لأنها أجود عن المحمولة أي البيضاء قبل الأجل مع أن فيه خلافًا فالقول الراجح من قولي ابن القاسم في المدونة الجواز لاستحسان سحنون له ولاتحادهما نوعًا وإن اختلفا صنفًا والدليل على أن قوله وأفضل صفة شامل لما إذا حل الأجل وما لم يحل مع اتحاد نوعهما تقييده ما بعده بقوله:
ــ
وقول ز لأن الحق في العين لمن عليه الدين الخ يوهم أن في القضاء بأفضل صفة هنا تفصيلًا بين العين والعروض وليس كذلك بل هذا دين قرض والحق في الأجل فيه مطلقًا لمن عليه الدين فلا يدخل حط الضمان وأزيدك في القرض مطلقًا ولا فرق بين العين والعروض حل الأجل أم لا وإنما التفصيل في دين البيع كما يأتي فتأمل وقول ز وكقضاء دقيق عن قمح مثل كيله الخ مراده من غير ريع كما يدل عليه ما بعده وحينئذ فيكون من القضاء بالأقل لفضل القمح بريعه ولا يصلح مثالًا لما هنا فالصواب إسقاطه وقد ذكره ح في قوله وإن حل الأجل بأقل صفة أو قدرًا عن المدونة فظاهره أن جوازه مقيد بحلول الأجل وهو ظاهر قال عياض دليله جواز بيع الدقيق بالقمح كيلًا لقولها ويجوز إن أخذ أقل كيلًا اهـ.
نقله أبو الحسن فانظره وقول ز فإن لم يحل منع كقضاء أردب قمح عن أردب شعير لأن فيه حط الضمان وأزيدك الخ قد تقدم أن الحق في أجل القرض لمن عليه الدين مطلقًا فلا يدخل فيه حط الضمان وأزيدك وما ذكره من المنع خلاف الراجح بل الراجح من قولي ابن القاسم هو الجواز واستحسنه سحنون ولا فرق بين ما اتحد نوعه أو اختلف ففي السلم الأول من المدونة وإن أسلمت في محمولة أو سمراء أو شعير أو سلت أو أقرضت ذلك فلا بأس أن تأخذ بعض هذه الأصناف قضاء عن بعض بمثل تلك المكيلة إذا حل الأجل وهو بدل جائز وكذلك أجناس التمر ولا يحل ذلك كله قبل محل الأجل في بيع ولا قرض قال أبو الحسن وقد تقدم لابن القاسم قول بإجازته من قرض قبل الأجل سحنون وهو أحسن إن شاء الله اهـ.
وذكر أبو الحسن أيضًا في كتاب الصرف عن ابن يونس واللخمي ترجيح الجواز وقد علمت أن الخلاف ق كل من اختلاف النوع كالقمح والشعير ومن اختلاف الصفة كالسمراء والمحمولة
(وإن حل الأجل) أو كان حالًا ابتداء جاز القضاء (بأقل صفة وقدرًا) معًا كنصف أردب قمح رديء عن أردب قمح كامل جيد وكدقيق عن قمح أقل من كيله لا إن لم يحل لأن فيه ضع وتعجل أو كان الدقيق أجود لأن فيه حط الضمان وأزيدك وأولى من المصنف في الجواز قضاء بأقل صفة فقط كأردب شعير أو قمح رديء عن أردب قمح جيد وككلب عن ريال من غير زيادة شيء مع الكلب أو قدرًا فقط ككلب أو ريال عن بندقي لأن ذلك كله حسن اقتضاء فإن لم يحل امتنع إذ يدخله ضع وتعجل وظاهر المصنف شموله للنقد المتعامل به عددًا أو وزنًا وهو ظاهر الشارح وق (لا) يجوز قضاء قرض (أزيد عددًا) من المقضى عنه في المتعامل به عددًا كعشرة أنصاف فضة عن ثمانية وكقرش كلب مع عشرة أنصاف عن قرش ريال لأنه سلف بزيادة وسواء كان المقضى عنه أزيد وزنًا لدوران الفضل من الجانبين أم لا للسلف بزيادة وسواء حل الأجل للريا أم لا لحط الضمان وأزيدك وقولي في المتعامل به عددًا احتراز عن المتعامل به وزنًا فلا يضر زيادة العدد في القضاء مع اتحاد الوزن كقضاء نصفي قرش أو أربعة أرباع قرش عن كامل فإنه جائز لأن المتعامل به عددًا ووزنًا كالقروش عندنا بمصر يلغى فيه جانب العدد ويعتبر فيه الوزن كما في نصوص ذكرها عج وكما في نظمه فإن اتحد جاز القضاء ولو زاد العدد كما مثلنا وإن لم يتحد امتنع مع زيادة العدد في القضاء لدوران الفضل من الجانبين كما تفيده المدونة وتعليل أبي الحسن وابن ناجي وغيرهما لها (أو وزنًا) في المتعامل به وزنًا فلا يجوز حل الأجل أم لا للسلف بزيادة كبندقي عن كلب أو عن ريال لأن ما تعومل به عددًا ووزنًا يلغى فيه العدد كما مر فإن فرض تعامل بعدد فقط ويقطعون النظر عن الوزن أي كالفضة الطيبة جاز القضاء بأزيد وزنًا مع اتحاد العدد قاله أبو الحسن (إلا) أن تكون زيادة الوزن يسيرة جدًّا (كرجحان ميزان) على ميزان فيجوز في متعامل به وزنًا كما علمت قال عج:
ــ
وأن الراجح فيهما هو جواز القضاء بالأفضل قبل الأجل وأحرى بعده وحينئذ فالصواب عدم تقييد كلام المصنف باتحاد النوع فتأمله وقول أبي الحسن وقد تقدم لابن القاسم الخ يعني في المدونة في كتاب الصرف نقله عنه سحنون في المحل المذكور وقد صرح في ضيح بأن قضاء القرض قبل الأجل بالأفضل في النوعية فيه خلاف في المدونة وغيرها انتهى.
فانظر قوله في النوعية الخ (وإن حل الأجل بأقل صفة وقدرًا) قول ز وكدقيق عن قمح أقل من كيله الخ صوابه أكثر من كيله إلا أن يكون أقل صفة لدقيق وقوله لأن فيه حط الضمان وأزيدك الخ تقدم أن هذه العلة لا تدخل في القرض وصوابه التعليل هنا بدوران الفضل لا أزيد عدد أو وزنًا قول ز وسواء حل الأجل للربا أم لا لحط الضمان وأزيدك الخ الصواب في هذا كله هو التعليل بالزيادة في السلف وأما حط الضمان فقد مر أنه لا يدخل القرض وقول ز لأن المتعامل به عددًا ووزنًا كالفروس عندنا يلغي فيه جانب العدد الخ الذي في خش هو ما نصه وأما إن كان التعامل بهما فيلغي الوزن وهو صريح المدونة وعليه حملها أبو الحسن ونقل الباجي أنه يلغي العدد وقد علمت أنه خلاف ظاهرها اهـ.
والظاهر جواز قضاء ريال عن كلب وما معه من الفضة إن حل الأجل لأن الجودة في المتعامل به وزنًا ملغاة وهو أقل وزنًا من الكلب وما معه من الفضة وقس على ذلك قضاء كلب أو ريال مع بعض من الفضة عن بندقي وعكسه ويجوز قضاء فضة عن قرش حيث استوى وزنها مع وزنه فإن زاد وزن أحدهما أي كزيادة قرش عن صرفه بفضة مقصصة لم يجز إلا إذا كان التعامل به عددًا أي كرواج المقصصة في بعض الأحيان كالطيبة فيجوز على ما ذهب إليه اللخمي وابن رشد وابن عرفة اهـ.
قال د: وأدخلت الكاف الكيل وعطف على معنى أزيد عددًا قوله (أو دار) أي لا إن زاد عدد القضاء ولا إن دار (فضل من الجانبين) فلا يجوز كعشرة يزيدية عن تسعة محمدية وعكسه لترك فضل العدد لفضل المحمدية وكعشرة أنصاف مقصصة عن ثمانية طيبة (وثمن المبيع) المترتب في الذمة (من العين) بيان الثمن (كذلك) يجري في قضائه ما جرى في قضاء القرض من منعه عند دوران الفضل من الجانبين ومن جوازه بالمساوي وأفضل من صفة قبل الأجل وبعده وبأقل صفة وقدرًا إن حل لا قبله إلا في حالة واحدة أشار لها بقوله: (وجاز) قضاء ثمن المبيع إذا كان ذلك الثمن عينًا (بأكثر) عددًا أو وزنًا مما وقع عليه عقد البيع فكأنه قال لكنه أو إلا أنه يجوز بأكثر لأن علة منع ذلك في الفرض وهي السلف بزيادة منتفية في قضاء ثمن المبيع وظاهره قضاء أكثر من قبل الأجل أو بعده لأنه إذا كان الثمن نقدًا وأتى به لربه قبل الأجل لزمه قبوله ولا يدخله حط الضمان
ــ
وقول ز عن عج والظاهر جواز قضاء ريال إلى قوله لأن الجودة في المتعامل به وزنًا ملغاة الخ غير صحيح بل ما ذكره ممنوع لدوران الفضل والجودة معتبرة فيما يتعامل به وزنًا وفيما يتعامل به عددًا ففي ق عن الباجي لو ثبت له في ذمته ذهب مصوغ أو مسكوك لم يجز أن يأخذ تبرًا أفضل لأن الصياغة ثبتت في ذمته فتركها عوضًا عن جودة التبر انتهى.
فقد اعتبر الجودة في التبر وهو لا يتعامل به إلا وزنًا وهو واضح ويأتي له هذا في قول المصنف ودار الفضل بسكة وصياغة الخ وما فهمه اللخمي من مسألة المدونة وهي إذا باع قائمة بالوزن أو أسلف قائمة بالوزن جاز أن يأخذ مجموعة وزنها من أنه قد ألغى الجودة إذ لو اعتبرها لمنع اقتضاء المجموعة عن القائمة لأن القائمة فضلت المجموعة بالجودة والمجموعة فضلت القائمة بالعدد فخرج عليهما إلغاء السكة والصياغة قد رده ابن بشير بأن العدد إنما يعتبر إذا كان التعامل به وأما إذا كان بالوزن فلا لأن العدد حينئذ مطرح لكونه لم يدخل عليه قاله في ضيح فلأجل إلغاء العدد في المجموعة لم يدر الفضل لا لأجل إلغاء الجودة في القائمة والله تعالى أعلم. (أو دار الفضل من الجانبين) هذا كالتقييد لقوله وإن حل الأجل الخ وتمثيل ز تبعًا لتت بقوله كعشر يزيدية الخ مقلوب لأن منعه علم من قوله لا أزيد عددًا فصواب المثال كما في ضيح والشارح كقضاء لسعة محمدية عن عشرة يزيدية فلو اقتصر على قوله وعكسه كان أولى ومثل ذلك يقال في مثاله الثاني فالصواب عكسه (وجاز بكثر) قول ز كأن حل وقضاه أزيد الخ لا فرق في هذا لتفصيل بين ما كان مؤجلًا وحل وبين الحال
وأزيدك لأنه لا يدخل العين خلافًا للرجراجي واحترز بقوله: من العين عما إذا كان ثمن المبيع عرضًا أو طعامًا فيجوز قبل أجله بمثل صفته وقدره لا أزيد أو أقل لحط الضمان وأزيدك وضع وتعجل فإن كان حالًا ابتداء جاز كأن حل وقضاه أزيد قدرًا أو أجود صفة كأقل قدرًا إن كان الثمن عرضًا كأن كان طعامًا وجعل الأقل في مقابلة قدره فقط ويبرئه مما زاد لا إن جعل في مقابلة الجميع فيمنع لما فيه من بيع طعام بطعام متفاضلًا وكل ذا في قضائه بجنسه فإن قضاء بغير جنسه جاز إن كان الثمن المأخوذ عنه خلاف جنسه غير طعام وأن يباع المأخوذ بالمأخوذ عنه مناجزة وأن يسلم فيه رأس المال كما يأتي للمصنف تأمل (ودار الفضل) في قضاء القرض (بسكة) في أحد العوضين (وصياغة) في العوض الآخر وقال تت: بسكة في أحد العوضين ويقابله تبرأ وقراضه أو صياغة رديئة عن غير مصوغ جيد وعكسه (وجودة) أي معها فالواو في صياغة بمعنى أو على تقرير تت وفي جوده بمعنى مع على التقريرين فلا يقتضي عشرة تبر أو قراضة أجود عن مثلها مسكوكة ولا عكسه ولا مصوغ رديء عن مثله طيب غير مصوغ وعكسه واختلف في ذلك في المراطلة على ما تقدم ومذهب الأكثر دوران الفضل فيها بالجودة فقط لا بالسكة والصياغة فرق ابن رشد بأن المراطلة لم يجب فيها لأحدهما قبل الآخر شيء حتى يتهم أنه ترك الفضل في المسكوك والمصوغ لفضل الجودة والمصنف يشمل الصورة الأولى قبل كلام تت لكنها مقيدة بما إذا اختلف وزنهما فإن اتفق لم يدر الفضل بسكة وصياغة ولو اختلف العوضان جودة ورداءة لضعف اختلاف الأغراض عند اتفاق الوزن فينزل منزلة العدم وقوتها مع اختلاف الوزن ولما كانت النقود وما في حكمها مما يقع به التعامل كالفلوس من المثليات تضمن بمثلها شرع في الكلام على قضائها إذا ترتبت في الذمة من بيع أو قرض أو غيرهما ثم حصل خلل في المعاملة بها بقوله: (وإن بطلت فلوس) ترتبت
ــ
ابتداء خلاف ما يقتضيه ظاهره (ودار الفضل بسكة الخ) قول ز في قضاء القرض الخ فيه نظر بل لا فرق بين قضاء القرض وغيره وقد فرضها في النوادر في دين الصداق انظر ق وتقرير تت بجعل الواو الأولى بمعنى أو والثانية بمعنى مع هو الصواب ابن الحاجب والسكة والصياغة في القضاء كالجودة اتفاقًا ضيح والاتفاق الذي حكاه المصنف إنما هو فيما بين المسكوك أو المصوغ وغيرهما لا فيما بين المصوغ والمسكوك لأنه اختلف في جواز اقتضاء المسكوك عن المصوغ وعكسه على قولين حكاهما ابن عبد السلام وغيره اهـ.
ومذهب ابن القاسم كما في ق عن ابن محرز الجواز وبتقرير تت تخرج هذه الصورة من كلام المصنف وهو الصواب واعلم أن من صور دوران الفضل بسكة لمجموعة والقائمة والفرادى وهي في المدونة انظرها في ق وضيح وقال في تكميل التقييد عن أبي الحسن ما نصه تحصيل ما في المدونة أن القائمة يجوز اقتضاؤها من كل شيء والمجموعة لا يجوز اقتضاؤها من شيء والفرادى يجوز اقتضاؤها من القائمة ولا يجوز اقتضاؤها من المجموعة وقد جمعتها في بيت من الرجز وهو خذ قائمًا عن كلها لا ما اجتمع. والفرد خذ عن ذاك لا عن ذا فدع اهـ.
لشخص على آخر أي قطع التعامل بها بالكلية وأولى تغيرها بزيادة أو نقص مع بقاء عينها (فالمثل) على من ترتبت في ذمته قبل قطع التعامل بها أو التغير ولو كانت حين العقد مائة بدرهم ثم صارت ألفًا به كما في المدونة أي أو عكسه لأنها من المثليات (أو عدمت) جملة في بلد تعامل المتعاقدين وإن وجدت في غيرها (فالقيمة) واجبة على من ترتبت عليه مما تجدد وظهر وتعتبر قيمتها (وقت اجتماع الاستحقاق) أي الحلول (والعدم) معًا ولا يجتمعان إلا وقت المتأخر منهما فأشبه وقت الإتلاف فإذا استحقت ثم عدمت فالتقويم يوم العدم وإن عدمت ثم استحقت فالقيمة يوم استحقت كأقصى الأجلين في العدة قاله تت ولو آخره أجلًا ثانيًا بعد عدمها وقد عدمت عند الأجل الأول أو قبله لزمه قيمتها عند الأجل الأول لأن التأخير الثاني إنما كان بالقيمة ولو أخر بها بعد حلول أجلها وقبل عدمها ثم عدمت أثناء أجل التأخير لزمه قيمتها عند حلول أجل التأخير كما يفيده أبو الحسن أي لأن التأخير لم يكن للقيمة بل للمثل وقد عدم ويفهم منه أنه إذا تأخر عدمها عن الأجل الثاني أن قيمتها تعتبر يوم عدمها وهذا كله على مختار المصنف هنا تبعًا لابن الحاجب تبعًا للخمي وابن محرز والذي اختاره ابن يونس وأبو حفص أبو القيمة تعتبر يوم الحكم قال أبو الحسن وهو الصواب البرزلي وهو ظاهر المدونة فكان على المصنف أن يذكر القولين أو يقتصر على الثاني وعليه فانظر إذا لم يقع تحاكم هل يكون الحكم ما مشى عليه المصنف أو تعتبر قيمتها يوم حلولها إن كانت مؤجلة ويوم طلبها إن كانت حالة أو يقال طلبها بمنزلة التحاكم وظاهر كلام المصنف كالمدونة سواء مطله بها أم لا وقيدها
ــ
(أو عدمت فالقيمة) وتعتبر القيمة في بلد المعاملة وإن كان حين القبض في غيرها ذكره ح عن البرزلي وقول ز وقيدها لوانوغي الخ هذا القيد قال في تكميل التقييد هو تقييد حسن غريب قال صاحب تكميل المنهاج وهو ظاهر إذا آل الأمر إلى ما هو أرفع وأحسن وأما إن آل إلى ما هو أقبح وأردأ فإنه يعطيه ما ترتب في ذمته والله أعلم اهـ.
وبحث بدر الدين القرافي مع الوانوغي فقال تقييد الوانوغي لم يذكره غيره من شراح المدونة وشراح ابن الحاجب وللبحث فيه مجال ظاهر لأن مطل المدين لا يوجب زيادة في الدين وله طلبه عند الحاكم وأخذه منه كيف وقد دخل عند المعاملة معه على أن يتقاضى حقه كما دفعه وأن يمطله وعلى أن يفلس أو يموت مفلسًا قال وبحث فيه أيضًا بعض أصحابنا بأن غايته أن يكون كالمغصوب والغاصب لا يتجاوز معه ما غصب اهـ.
قال بعضهم وإذا رأيت أن إطلاق المدونة عند الشيوخ يقوم مقام النص كما قال ابن عرفة في باب الشفعة خصوصًا وقد تابع الشيوخ بعضهم بعضًا على قولها وأبقوه على ظاهره ظهر ما قاله البدر القرافي وبعض أصحابه اهـ.
وقد ذكر في نوازل الرهون من المعيار أن ابن لب سئل عن النازلة نفسها فأجاب بأنه لا عبرة بالمماطلة ولا فرق بين المماطل وغيره إلا في الإثم انتهى.
الوانوغي وأقره المشذالي وغ في التكميل بما إذا لم يكن من المدين مطل وإلا وجب عليه لمطله ما آل إليه الأمر من السكة الجديدة الزائدة على القديمة كما هو ظاهر ويدل عليه ما نقله عج عن السيوطي لا الناقصة عنها ولا القيمة لأنه ظالم بمطله فإن قلت ما الفرق بين الظالم هنا وبين الغاصب الذي يضمن المثلى ولو بغلاء كما سيأتي للمصنف مع أنه أشد ظلمًا من المماطل أو مثله قلت أجيب بأن الغاصب لما كان يغرم الغلة في الجملة خفف عنه ولا كذلك المماطل وبأن النهي هنا خاص وهو أقوى من النهي العام في الغاصب كما أن الحذر من العد والخاص أقوى من العدوّ العام على أنه قد وقع في كلامهم ما يدل على التخفيف على الغاصب ما لا يخفف على غيره ممن هو دونه في الظلم فمن ذلك البائع إذا أتلف ما باعه بالخيار للمشتري عمدًا فإنه يضمن الأكثر من قيمته وثمنه مع أن ظلمه دون ظلم الغاصب لأن ما أتلفه ملكه وفي ضمانه ومنها أن المستأجر والمستعير إذا حبسا الدابة حتى تغير سوقها فإن لربها أن يضمنهما قيمتها والغاصب لا ضمان عليه في تغير السوق.
تنبيه: قال د مثل الفلوس النقد واقتصر عليها لأنها محل التوهم إذ يتوهم فيها لكونها كالعرض أن فيها القيمة كذا قيل وهو غير ظاهر لأن العرض ينقسم إلى مثلي ومقوم فالمثلى يلزم فيه المثل والمقوم يلزم فيه القيمة وانظر لو قضاه بما تجدد التعامل به هل يجوز أم لا لكونه صار سلفًا بزيادة وقد أفتى بعض شيوخنا بالجواز انظر شرح منظومة ابن عاصم.
تتمة: سئل الوالد عن رجل اشترى من آخر فرسًا بمبلغ قدره عشرة شريفية ولم يبين هل من الذهب أو الفلوس النحَّاس أو الفضة والحال أنه في زمن كانت المعاملة ستة أفلس بنصف ودفع في زمن تلك المعاملة من المبلغ قدرًا خمسون نصف نحاسًا بشريفي ودفع له شريفيًّا ذهبًا بخمسين نصفه نحاسًا وبقي بقية المبلغ وصار النصف بثمانية جدد فهل يدفعه ذهبًا أو فضة أو نحاسًا على زمن المعاملة القديمة التي هي الستة جدد فأجاب بقوله يلزمه الذهب الشريفي ولا يأخذ غيره إلا بالتراضي من غير جبر والله أعلم كتبه يوسف الزرقاني المالكي انتهى ومن خطه نقلت وكتب تحته عج ما نصه الحمد لله هذا خطأ لأن العرف في مثل هذا دفع خمسين نصفًا عن كل شريفي إذ لفظ الشريفين حيث لم يقيد بنحو ذهب سكة المراد به خمسون نصفًا وما يعدلها في عرف أهل مصر والعمل بالعرف واجب في مثل هذا كما هو بين ويدل عليه ما ذكروه في قول الشيخ خليل ودرهم المتعارف وإلا فالشرعي كتبه على الأجهوري المالكي اهـ.
ومن خطه نقلت قلت لا يخفى أن ما ذكروه في الإقرار لا يجري عليه ما في الذمة من دفع عوض في مقابلة معوض وقد وقع العقد كما في السؤال على الشريفية فالمتبادر
ــ
وقول ز في التنبيه وانظر لو قضاه بما تجدد الخ الظاهر أن هذا جائز وأنه من باب صرف ما في الذمة لأن المعدومة إن كانت دراهم فقد ترتب في ذمته قيمتها ذهبًا وله أخذ الدراهم الجديدة عنها صرفًا وكذا عكسه وأما قوله إنه سلف بزيادة فغير صحيح تأمله والله
من قول المصنف وإن بطلت فلوس فالمثل وتقييده بعدم المطل كما مر أن اللازم الذهب كفتوى الوالد والله أعلم. ولما أنهى الكلام على أنواع البيع ومتعلقاته شرع في الكلام على شيء من متعلقات الغش لوقوعه غالبًا في البياعات وهو ضد النصيحة وبدأ من أحكامه بقوله: (وتصدق) وجوبًا (بما غش) أي أحدث فيه الغش وأعده ليغش به الناس فيحرم عليه بيعه ويفسخ فإذا رد له تصدق به على من يعلم أنه لا يغش به أدبًا للغاش لئلا يعود لارتكاب المحرم لخبر من غشنا فليس منا أي ليس على مثل هدينا وسنتنا فإن أحدث فيه الغش لا ليبيعه أو ليبيعه مبينًا غشه من يؤمن أن لا يغش به أو يشك في حاله فإنه لا يتصدق به فإن لم يبين للمشتري وكان لا يغش به إذا بقي عنده فله التمسك به ويرجع بما بين الصحة والغش أن علم قدره وإلا فسد البيع وأفهم قوله: تصدق بما غش أنه لا يكسر الخبز ولا يراق اللبن وطرح عمر له في الأرض ليس مذهبنا وبتسليمه فيحمل على القليل وأما الكثير فقال أبو الحسن: لا قائل بأنه يراق وقول الشارح أي في الوسط لا فرق بين القليل والكثير غير ظاهر ويرد الخبز لمكسور لربه إن كان غشه نقص وزن فإن كان بإدخال شيء فيه بيع عليه ممن يؤمن أن يغش به وأشار بقوله: (ولو كثر) لقول مالك ورد القول ابن القاسم لا يتصدق بالكثير بل يؤدب صاحبه ويترك له أي حيث يؤمن أن يغش به وإلا بيع ممن يؤمن كما تقدم قريبًا في الخبز القليل إذا تجرأ كسره وكان غشه غير نقص الوزن قال الشيخ سالم وفي كون المصنف أشار بالمبالغة لقول مالك نظر لأن اللخمي ذكر عنه أن التصدق بالكثير جائز لا واجب كما قررنا تبعًا لتت اهـ.
بالمعنى ولو حمل تصدق على الجواز مخالفًا لتت لصح إذ المصنف أشار بالمبالغة لقول مالك وأما بقاء حمل تصدق على الوجوب وجعل المبالغ عليه فقط في مقدر هو الجواز الدال عليه كلامهم فكأنه حذف لقرينة فبعيد لوجود لو وإن جعلت الواو للحال (إلا أن يكون اشترى كذلك) أي مغشوشًا فلا يتصدق به ولا ينزع منه ولكن لا يمكن من بيعه (إلا العالم) بغشه يشتريه كذلك (ليبيعه) لمن يغش به فيتصدق به عليه قبل أن يبيعه أو
ــ
أعلم (وتصدق بما غش) قول ز وجوبًا الخ الصواب جوازًا لما يذكره آخرًا من أن قوله ولو كثر هو قول مالك والتصدق عنده جائز لا واجب وقول ز في قول الشارح لا فرق بين القليل والكثير غير ظاهر الخ فيه نظر بل كلام الشارح صحيح لأنه راجع لكلام المصنف انظر طفى ثم ما ذكره عن التصدق هو المشهور وقيل يراق اللبن وتحرق الملاحف الردية قاله ابن العطار وأفتى به ابن عتاب في أعماله الخزارين إذا غشوا فيها وقيل تقطع خرقًا خرقًا وتعطى خرقًا للمساكين قاله ابن عتاب وقيل لا يحل الأدب في مال امرئ مسلم حكى هذه الأقوال ابن سهل قال ابن ناجي واعلم أن هذا الخلاف إنما هو في نفس المغشوش هل يصح فيه الأدب أم لا وأما لو زنى رجل مثلًا فإنه لا قائل فيما قد علمت أنه يؤدب بالمال وما يفعله الولاة في ذلك فجور لا شك فيه انتهى.
بعده ورد عليه فإن تعذر رد عليه بفواته أو ذهاب المشتري ففي ثمنه الأقوال الثلاثة التي قدمها المصنف فالتصديق به عليه قبل أن يبيعه كما قدمنا محمول على ما إذا فات رده لبائعه وما مر من فسخه ممن يغش فيما إذا لم يفت فلا منافاة بين قوله: هنا يتصدق به على مشتريه عالمًا بغشه ليغش به وبين ما مر من فسخه وفي عج أجوبة ثلاثة زائدة عن هذا ومفهوم قوله ليبيعه أن شراءه مع علمه بغشه ليأكله أو يدخره لا يتصدق به عليه وهو كذلك ثم ذكر بعض جزئيات الغش مدخلًا ما لم يذكره تحت الكاف فقال: (كبل الخمر) بضم الخاء المعجمة جمع خمار بكسرها خز أو حرير أو غيرهما (بالنشا) ليظهر أنها صفيقة وتصميغ حاكة الديباج صنعتهم وخير مشتر ولو علم أن أصل النشا والصمغ فيه لأنه قد يخفى عليه قدر ما فيه قال ابن حبيب أي بين التماسك والرد فإن فاتت ردت للأقل من الثمن والقيمة (وسبك ذهب جيد برديء) أي معه ليوهم جودة جميعه وكذا الفضة فإن في الجواهر ويكسر أن خيف التعامل به قال تت الفاكهاني ومن خلط الجيد بالرديء خلط لحم الذكر بلحم الأنثى انتهى وحرم خلط جيد برديء كانا من نصف أو كل واحد من صنف ولو دخل على تبيين قدر كل واحد قبل الخلط وصفته لاحتمال غش من يشتريه به ووجب تخليص كل قبل البيع إن أمكن فإن عسر كقمح بشعير صح البيع بعد الوقوع وكذا فيما يمكن وهذا كله إن لم يكن الرديء تبعًا وإلا جاز خلطه وبيعه من غير بيان وليس للمبتاع كلام (ونفخ اللحم) بعد سلخه كما يفيده إضافة نفخ إلى اللحم فليس قولنا بعد سلخة قيدًا زائدًا على المصنف لأنه يغير طعم اللحم ويظهر أنه سمين ونفخ الحوت ليظهر طيبه وخلط الزعفران أو المسك وخلط اللبن بماء إلا يسيرًا لاستخراج زبده
ــ
وقال الشيخ عبد الواحد الوانشريسي أما مسألة العقوبة بالمال فقد نص العلماء على أنها لا تجوز بحال وفتوى البرزلي بتحليل المغرم الملقب بالخطأ لم يزل الشيوخ يعدونها من الخطأ ويقبضون عن متابعاتها الخطأ وما وقع من الخلاف في طرح المغشوش أو التصدق به وحرق الملاحف الردية النسج وشبه ذلك إنما هو من باب العقوبة في المال لا من العقوبة به ومنه التصديق بأجرة المسلم المؤاجر نفسه من كافر في عصر الخمر ورعي الخنزير أن اطلع عليه بعد الفوت بالعمل والتصدق بأثمان الخيل والسلاح المبيعة ممن يقاتل بها المسلمين وما روي عن مالك من حرق بيت الخمار كما في نوازل البرزلي فهو رواية شاذة وهو راجع لذلك أيضًا لأن المراد البيت الذي يوجد فيه الخمر ليبيعها فيه فهو راجع إلى العقوبة في المال الذي عصى الله فيه كما هو لائح من كلام ابن رشد في سماع القرينين واستحسان البرزلي ما يفعله حكام قرى تونس من إغرام مرسل البهائم في الكروم شيئًا مدخولًا عليه جار على مذهبه إلا أن يكون ما يغرمهم قدر ما أتلفته البهائم فيكون من باب غرم المتلف لا من باب العقوبة بالمال انتهى.
من بعض أجوبته (وسبك ذهب جيد تردئ) قول ز وإلا جاز خلطه وبيعه الخ فيه نظر بل ظاهر كلام ابن رشد أن خلطه حرام مطلقًا وأن الذي يجوز إن كان تبعًا هو بيعه من غير بيان انظر كلام ابن رشد مبسوطًا في ح والله أعلم.