المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لأن البيع فيها صحيح على القولين ولم يتفق على الكراهة - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٥

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: لأن البيع فيها صحيح على القولين ولم يتفق على الكراهة

لأن البيع فيها صحيح على القولين ولم يتفق على الكراهة هنا كما اتفق عليها في اشترها ويومئ لتربيحه لأن ما هنا الأخذ بنقد بخلاف ما مر فمؤجل فيقوي جانب السلفية ولا يمين عليه فيما يظهر والفرق بينها وبين قوله أول البيع وحلف وإلا لزم الخ أن تلك سلعة موجودة مع ربها فيمكن الإنشاء في يمينه وما هنا السلعة غير موجودة فيفهم أن القصد الوعد خاصة ويقوِّي هذا جعل الشراء مكروهًا في أحد القولين انظر د (وبخلاف اشترها لي باثني عشر لأجل واشتريها بعشرة نقدًا) فممنوع للسلف من الآمر بزيادة ولا تنافي بين قوله وبين اشتريها المضارع لاحتمال أن معنى لي لأجلي (فتلزم) الآمر (بالمسمى) الاثني عشر لأجل بدليل قوله: (ولا تعجل) للمأمور (العشرة) لأنه يؤدي إلى سلف جر نفعًا لأن الآمر استأجر المأمور على أن يشتري له السلعة ويسلفه عشرة ينتفع بها مدة الأجل ويقضي عنه اثني عشر قاله الشارح وهو يفيد أنه إذا عجل العشرة للبائع الأصلي لم يمتنع ذلك وكذا عجلها للمأمور على أنه إذا جاء الأجل يدفع الآمر للبائع الأصلي الاثني عشر وأما إن كان يدفع له الدرهمين فقط فالظاهر الجواز أيضًا لأنه لم يجتمع إجارة وسلف ولا وجد سلف جر نفعًا ثم ظاهر تعليل المنع في مسألة المصنف ولو رضي الأمر والمأمور بالتعجيل له (وإن عجلت أخذت) أي ردت ولا تبقى عنده للأجل ولا يفسد العقد لأن تعجيلها عقدة سلف مستقلة وقعت بعد عقد بيع صحيح (وله جعل مثله) زاد على درهمين أو نقص لأن الآمر هو السلف سلفًا حرامًا فعومل بنقيض قصده والمسلف في القسمين قبله هو المأمور فعومل بنقيض قصده أيضًا (وإن لم يقل لي فهل لا يرد البيع) الثاني (إذا فات وليس على الآمر إلا العشرة أو يفسخ) البيع (الثاني مطلقًا) فات أم لا وترد عينها (إلا أن تفوت فالقيمة) يوم قبضها الثاني لتعذر رد العين مع الفوات (قولان) فالاستثناء من مقدر كما ذكرنا ولا يتوهم أن ظاهر قوله إلا الخ أنه لا يفسخ مع الفوات على هذا القول وليس كذلك إذ يبعد هذا التوهم أو يمنعه قوله مطلقًا وقوله فالقيمة ومفهوم قوله إذا فات الرد مع عدمه باتفاق القولين.

‌فصل

في الخيار

وهو بيع وقف بته أولًا على إمضاء يتوقع قاله ابن عرفة وقوله أولًا متعلق

ــ

وهو يدل على أن محل القولين إذا نقد الآمر (وبخلاف اشترها لي باثني عشر لأجل وأشتريها بعشرة نقدًا) قول ز فممنوع للسلف من الآمر بزيادة الخ تبع فيه تت وس وعبارة ابن رشد في المقدمات والبيان لأنه استأجر المأمور على أن يبتاع له السلعة بسلف عشرة دنانير يدفعها إليه ينتفع بها إلى أجل ثم يردها إليه أي والآمر يدفع الاثني عشر عند الأجل للبائع الأصلي ونحوه في ضيح وق وح وكأن تت ومن تابعه رعوا أن الآمر أسلف عشرة ليدفع عنها المأمور اثني عشر وهو بعيد لأن السلف لم يكن لأجل الزيادة المذكورة بل لتولية الشراء انظر طفى اهـ.

بيع الخيار

قول ز فهو مستثنى من بيع الغرر الخ ابن عرفة المازري في كونه رخصة لاستثنائه من

ص: 197

بوقف وخرج به ذو الخيار الحكمي أي خيار النقيصة فإن بته لم يوقف أولًا على إمضاء يتوقع فالحد لخيار التروي قال الشافعي ونحوه لابن عبد السلام لولا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاز الخيار أصلًا لا في ثلاث ولا في غيرها أي لأنه غرر فهو مستثنى من بيع الغرر (إنما الخيار) ترويًا أو نقيصة (بشرط) حقيقة في الأول وحكمًا في الثاني حيث جرت عادة فيما ظهر به من عيب إذ هي كالشرط بل حيث جرت بالتروي عمل بها أيضًا فيه لكونها كالشرط وخرج بقوله بشرط خيار المجلس فإنه غير معمول به عندنا وعند أبي حنيفة وهو قول الفقهاء السبعة قيل إلا ابن المسيب وقيل له قولان واشتراطه في العقد يفسده لأنه مجهول فيدخل في قول المصنف أو بمجهول ولما ذكر في الموطأ حديث خيار المجلس قال عقبة والعمل عندنا على خلافه أي وعمل المدينة كالمتواتر وهو يقدم على خبر الآحاد وذكره في موطئه لئلا يتوهم أنه لم يبلغه وهذه أي مسألة عدم لعمل بخيار المجلس إحدى المسائل الثلاث التي حلف عبد الحميد الصائغ بالمشي لمكة لا يفتي فيها بقول مالك الثانية التدمية البيضاء الثالثة جنسية القمح والشعير ويبحث فيه بأنه إن لم يكن علم بأن عمل أهل المدينة على نفي خيار المجلس فهو قصور وإن كان علم به فإن قال يقول مالك عملها مقدم على خبر الآحاد فلا وجه لحلفه وإن لم يقل به لزمه أن يخالف الإمام في كل ما قدم فيه عملها على خبر الآحاد وإن أنكر أن عملهم في هذه على خلاف الخبر المذكور فيه فهو مكابرة لتصريح مالك بذلك وتلقي الناس له بالقبول ومثل هذا يتوجه على ابن حبيب القائل بخيار المجلس وإن كان توجهه على الحالف أقوى قاله عج

ــ

الغرر وحجر المبيع خلاف وفي ثبوت الخيار مدة المجلس دون شرطه قولًا ابن حبيب والمشهور اهـ.

قال الوانوغي تظهر فائدة الخلاف في كون بيع الخيار رخصة أو عزيمة في وجهين: أحدهما في الدليل الدال على جوازه فإن قلنا إنه عزيمة فالدليل الدال على إباحته هو الدليل الدال على إباحة سائر البيوع وإن قلنا إنه رخصة فدليله خاص به والثاني ما صرح به عياض فيما نقله عن ابن عتاب من أن ما رواه سحنون وأصبغ عن ابن القاسم من منع اشتراط الرضا لفلان مبني على أن الخيار لأحد المتبايعين رخصة مستثناة من الغرر والمخاطرة فلا يتعدى إلى غيرها انظر تكميل التقييد.

فائدة: صرح في ضيح في باب الإجارة بأن المشهور من المذهب منع الجمع في عقد واحد بين بيع البت والخيار (إنما الخيار بشرط) قول ز ترويًا أو نقيصة الخ في إدخاله خيار النقيصة في كلام المصنف هنا نظر والظاهر قصره على خيار التروي وأن خيار النقيصة سيأتي وقول ز وهو قول الفقهاء السبعة أي عدم العمل بخيار المجلس هو قول الفقهاء السبعة وهم المجموعون في قول بعضهم:

فخذهم عبيد الله عروة قاسم

سعيد أبو بكر سليمان خارجه

ص: 198

وقد ينتصر للصائغ بموافقته حديث الصحيحين للقطع بصحة مآلهما كما قال في ألفية العراقي:

واقطع بصحة لما قد أسندا

ولما كانت مدة الخيار مختلفة باختلاف المبيع بينهما بقوله: (كشهر) وستة أيام كما في المدونة (في دار) فهو مثال لقد رأى ويختلف الخيار باختلاف المبيع كشهر الخ وفي الموازية والواضحة الشهران وجعله ابن الحاجب خلافًا وابن يونس وابن رشد تفسيرًا للمذهب فكان ينبغي للمصنف التنبيه عليه ومثل الدار الأرض والضيعة وبقية أنواع العقار وما ذكره المصنف من اختلاف مدة الخيار باختلاف المبيع يشمل ما إذا كان الخيار لاختبار المبيع أو للتروي في الثمن وقيل قاصر على الأول وأن الثاني ثلاثة أيام مطلقًا وقيل غير ذلك (ولا يسكن) أي لا يجوز له أن يسكن بأهله كثيرًا بشرط أو بغير شرط لاختبار حالها أم لا ويفسد البيع باشتراطه في هذه الأربعة إن سكن بغير أجر لأنه من بيع العربان وإلا جاز فيها فهذه ثمانية فإن سكن يسير الغير اختبارها جاز بشرط وبغيره بأجر لأن الخراج للبائع لا بغيره فيهما ولاختبارها جاز بشرط وبغيره بأجر وبغيره فهذه ثمانية أيضًا واختبارها وجيرانها ممكن بمبيته ليلًا من غير سكنى بأهله ذكره ح عن أبي إسحاق عند قوله ولبس (وكجمعة في رقيق) فإن بيعت به دار وكل بالخيار اعتبر انقضاء خيار الدار فيها وانقضاء أمد العبد فيه فيلزم بانقضائه دون انقضاء مدة خيار الدار وفائدة ذلك الغلة والضمان والنفقة كذا يظهر كذا كتب الوالد (واستخدمه) بما يحصل به اختبار حاله فقط

ــ

وقول ز لئلا يتوهم الخ صوابه أن يقول ذكره في الموطأ لنفي توهم أنه لم يبلغه وعبارة ح ونسب الحديث ابن حبيب للموطأ لينبه على أنه لا ينبغي أن يقال أن مالكًا يبلغه الحديث بل علمه ورآه ونبه على أنه إنما ترك العمل به لما هو أرجح عنه اهـ.

ولما ذكر أبو الحسن الحديث قال حمل الشافعي الافتراق في الحديث على الافتراق بالأبدان ومذهب الإِمام مالك أنه محمول على الافتراق باللفظ وقال ابن الجلاب خيار المجلس باطل ونقل ابن يونس عن أشهب أن الحديث منسوخ وقول ز للقطع بصحة مآلهما الخ القطع بصحته لا ينافي كونه خبر آحاد وأن عمل أهل المدينة مقدم عليه فلا وجه لهذا الانتصار (كشهر في دار) قول ز يشمل ما إذا كان الخيار لاختبار المبيع الخ هذا القول هو ظاهر كلام أهل المذهب والثاني نقله ابن عرفة عن التونسي والثالث قاله اللخمي وهو كونه في الثاني بحسب قدر الثمن انظر ح (ولا يسكن) يتحصل من كلام ز أنه إن سكن بأجر جاز مطلقًا في صورها الثمان بشرط وبغيره في الكثير واليسير للاختبار ولغيره وإن سكن بغير أجر منع في الكثير في صوره الأربع وفي اليسير في صورتي غير الاختبار وجاز في صورتي الاختبار والله أعلم (وكجمعة في رقيق) قول ز فإن بيعت به دار وكل بالخيار الخ ما ذكره من أنه يعتبر في الدار أمد خيارها وفي العبد أمد خياره ظاهر فإن بقاء الخيار لمشتري الدار فيها بعد انقضاء أمد خيار العبد يوجب بقاء خياره في عبده الذي باعها له فيكون له ملكه وله غلته وخراجه فالظاهر أن الخيار إن قصد به كل منهما اعتبر أمد الأبعد منهما وإن قصد به أحدهما

ص: 199

ويشترط أيضًا أن تكون الخدمة يسيرة لا ثمن لها وأن يكون الرقيق من عبيد الخدمة فإن كان ذا صنعة لم يستعمله إن أمكن معرفتها بدونه وهو عند البائع وإلا استعمله وعليه أجرته وكذا عبد تجارة ولا يجوز اشتراط شيء من كسبه أو تجره للمشتري انظر ح عند قوله ولبس وظاهر المصنف ولو أنثى قال في الشامل وحيل بين الأمة والمتبايعين في زمنه وللمشتري استخدامها دون غيبة عليها اهـ.

(وكثلاثة في دابة) ليس شأنها أن تركب (وكيوم لركوبها) أي التي شأنها أن تركب فهو من باب عندي درهم ونصفه أو يقال الثلاثة فيما شأنها أن تركب ولم يشترط اختبارها له بل لمعرفة أكلها ومشيها ونحو ذلك فإن شرطه فيوم واحد فقط لا ثلاثة وأشار له بقوله وكيوم لركوبها وكذا حل غ وهو المعتمد كما في د لا ما في التوضيح والشارح من أن قصد الركوب كاشتراطه ثم يركب فيه على العادة فقط فإن اشترط الأمرين فثلاثة فالأقسام ثلاثة قال الوالد وينبغي أن يكون مثل ركوبها الحرث عليها والطحن والحمل والدرس والسقي اهـ.

ولم يذكر المصنف مدة الخيار في الفواكه والخضر وهي قدر ما يشاور الناس بقدر الحاجة مما لا يقطع فيه تغيير ولا فساد كما في توضيحه والظاهر أن يابسها كلوز ثلاثة أيام ولما ذكر ما إذا شرط اختبارها بالركوب يومًا داخل البلد كما عليه ح وهو الظاهر أو بالركوب ولم يحدده بمكان كما عليه د ذكر ما إذا شرط اختبارها به خارج البلد على ما لح أو مع تحديد بمكان على ما لد فقال: (ولا بأس بشرط البريد) ونحوه عند ابن القاسم

ــ

اعتبر أمد المقصود منهما بالخيار وفي ح قال ابن عرفة ابن محرز لو باع عرضًا بعرض اعتبر أمد المقصود منهما بالخيار والله أعلم اهـ.

(وكيوم لركوبها) قال طفى ظاهر كلامه في مختصره كتوضيحه تبعًا لابن عبد السلام أن مدة الخيار في الدابة تختلف باختلاف ما يراد منها وهو خلاف ما لعبد الحق وابن يونس وعياض وابن شاس من أن اليوم ليس أمدًا للخيار وإنما هو للركوب مع بقاء أمد الخيار إلى ثلاثة أيام مطلقًا سواء كانت تراد للركوب أم لا ولولا ما في ضيح لأمكن حمل قوله وكيوم لركوبها أي لاشتراطه مع بقاء الخيار إلى ثلاثة أيام اهـ.

باختصار وعلى هذا حمله غ واستدل له بكلام ابن يونس وعبد الحق فإن قلت في تقرير ز ثانيًا جوابًا عن المصنف هنا وفي ضيح بأن مراده يكون الخيار في الدابة يختلف باختلاف ما يراد منها أنه إن لم يقصد به الاختبار الركوب فيوم فقط وإن قصد به اختبار غيره فقط كعلفها فثلاثة وإن قصد اختبار الأمرين فثلاثة أيضًا لكن لا يركب إلا يومًا ويحمل كلام الأئمة على القسم الأخير قلت لا يصح هذا الجواب لأن كلامهم يدل على جواز بيع البداية بالخيار ثلاثة أيام في كل من الأقسام الثلاثة لكن لا يركب إلا يومًا واحدًا وليس في كلامهم ما يقتضي منع جعل الخيار ثلاثة أيام إن قصد الركوب فقط كما يفيده الجواب المذكور فتأمله وقول ز لا ما للتوضيح والشارح من أن قصد الركوب كاشتراط الخ كون قصد الركوب كاشتراطه هو الذي لأبي عمران وصححه

ص: 200

في ركوبها عوضًا عن اليوم كما حل به السنهوري كما في د (أشهب والبريدين وفي كونه خلافًا) لأن الأول يريد أي ذهابًا وإيابًا والثاني بريدين كذلك أو الأول بريد ذهابًا ومثله إيابًا والثاني بريدين ذهابًا ومثلهما إيابًا أو وفاقًا فالبريد ذهابًا فقط والبريدان ذهابًا وإيابًا فالصور ثلاث اثنتان بالخلاف والثالثة التأويل بالوفاق (تردد) حقه تأويلان ولعله عبر به لأنه يرجع إلى الاختلاف في الحكم عن أبي عمران وعياض وكلاهما من المتأخرين ودخل في الدابة لطير كالدجاج والأوز كذا قرر وقال شيخنا ق إن جرى عرف فيهما بشيء عمل به وإلا فلا خيار فيهما فيما يظهر (وكثلاثة في ثوب) وعرض ومثلى وإن كان لا يحتاج في الثوب إلا إلى قياسه ومعرفة ثمنه لأنه قد لا يحسن نظر ذلك لنفسه فيفتقر لغيره فيه فوسع له وانظر الخيار في السفن هل يلحق بالدار أو بالرقيق أو بالثوب (وصح) الخيار (بعد) عقد (بت) أي يصح فيما وقع فيه البيع على البت أن يجعل أحدهما لصاحبه أو كل منهما للآخر الخيار ويجوز ذلك ابتداء (وهل) محل الصحة والجواز (إن نقد) المشتري الثمن للبائع وعليه أكثر الشيوخ لأنه إذا لم ينقد فقد فسخ البائع ماله في ذمة المبتاع في معين يتأخر قبضه إن كان الخيار الطارئ للبائع فإن كان للمبتاع فالمنع لمظنة التأخير لاحتمال اختيار المشتري رد المبيع للبائع أو الصحة والجواز سواء نقد أم لا وهو ظاهرها اللخمي لأنه ليس بعقد حقيقة وإنما القصد به تطييب نفس من جعل له (تأويلان) المعتمد منهما الأول ومحل الثاني إن لم يصرح البائع المجعول له الخيار بأخذها عن الثمن الذي بذمة المشتري حيث لم ينقد ووافقه على ذلك فإن صرح بأخذها فيه منع قطعًا لفسخ ما في الذمة في معين يتأخر قبضه وهو ممتنع حتى فيما فيه خيار لرب الدين (وضمنه حينئذٍ) أي حين وقع الخيار بعد بت (المشتري) لأنه حينئذٍ بائع ولو جعل البائع الخيار له كما في المدونة (وفسد بشرط مشاورة) شخص (بعيد) عن أيام الخيار (أو مدة زائدة) عن أيام

ــ

عياض ومقابله لأبي بكر بن عبد الرحمن ونص عياض ذهب أبو بكر بن عبد الرحمن إلى أنها لا تركب أيام الخيار إلا بشرط وذهب أبو عمران إلى أنه إن لم يشترط ركوبها فله من ذلك ما يجوز اشتراطه إذا كان العرف عند الناس الاختبار في الركوب وهو الصحيح اهـ.

باختصار ونقله في ضيح (وفي كونه خلافًا تردد) قال في التنبيهات ما نصه وقول ابن القاسم البريد وقول أشهب البريد أن حمله بعضهم على البريد في الذهاب والرجوع وكذلك البريد إن فيهما وقال أبو عمران المراد بريد متصل في الذهاب أو بريد أن دون الرجوع وقد يحتمل موافقة القولين بريد في الذهاب على قول ابن القاسم وبريد أن أحدهما في الذهاب وآخر في الرجوع على قول أشهب وإليه يرجع قول ابن القاسم على هذا إذ لا بد من رجوعه ورد الدابة غالبًا اهـ.

وبه نعلم أن اللائق باصطلاح المصنف أن يقول تأويلان (وصح بعد بت) لو قال وجاز لوافق ظاهر المدونة وقال خش قال صح دون جاز لأجل مفهوم قوله وهل إن نقد الخ ونحوه لابن عاشر (وهل إن نقد تأويلان) الأول لبعض شيوخ ابن يونس والثاني للخمي مقيدًا له بما

ص: 201

الخيار بكثرة فقول د ولو كانت أي الزيادة يومًا واحدًا ولا يعارضه ما يأتي من أنه يرد في كالغد لأن هذا في الابتداء ولا يسامح فيه كذا قيل اهـ.

غير ظاهر قال ح: وضمانه من بائعه على الراجح وقيل من المشتري إن قبضه اهـ.

(أو) مدة (مجهولة) ولا يغني عن الأولى المسألتان بعدها لأنه يتوهم جوازها وأن الخيار إنما يكون بعد حضوره ومشاورته بخلاف اللتين بعدها انظر تت ويستمر الفساد فيما ذكر ولو أسقط الشرط وجعل تت من المدة المجهولة أن يجعل له الخيار إلى أن تلد المرأة ولا حمل بها يقتضي أنه لو كان بها حمل لا يكون من المدة المجهولة وهذا ظاهر أن علم وقت حصوله ويحمل على معظم أحواله كتسعة أشهر ولا يقال مدة الخيار لا تكون أكثر من كشهر لأنا نقول يتصور ذلك فيما إذا وقع بيع الخيار بعد ثمانية أشهر من حملها ثم ينبغي أنه إذا مضت التسعة أشهر ونحوها تمت مدة الخيار في كدار ولا ينتظر به وضعها ثم عطف على مشاورة قوله: (أو) بشرط (غيبة) من بائع أو مشتر (على ما) أي مبيع (لا يعرف بعينه) من مثلى كقطن وكتان وقمح وزيت ولم يطبخ عليه ولم يكن ثمر في أصوله وإلا لم يفسد ولم يمنع واعترض ح المصنف في فساده بالشرط مع عدم الطبع بأن نص اللخمي المنع فقط وأنه إن وقع مضى ولم يفسخ وقبله ابن عرفة ولم يحك خلافه اهـ.

وقول الشيخ سالم وتت وظاهره ولو طبع عليه خلافًا للخمي فيه أن ابن عرفة ذكره ولم يحك مقابله ثم إنه ليس كالمثلى عرض لم يعرف بعينه فيجوز اشتراط الغيبة عليه خلافًا لظاهر إطلاقه وقولي من بائع أو مشتر موافق لما في الموازية من امتناع غيبة البائع أيضًا عليه قال وليجز عنهما جميعًا وأجاز بعض الشيوخ بقاءها عند المشتري لأنها عين شيئه قاله الشارح وتت وقوله عند المشتري لعله عند البائع كما في التوضيح ويدل له التعليل المذكور وعلل منع الغيبة بالتردد بين السلفية والثمنية وهو ظاهر في غيبة المشتري وكذا في غيبة البائع وذلك بتقدير أن المشتري كأنه التزم شراء المثلى وأخفاه في نفسه وحين شرط للبائع الغيبة عليه أسلفه له فيكون بيعًا إن لم يرده وسلفًا إن رده أشار له في التوضيح ومفهوم قوله ما لا يعرف جواز شرط الغيبة على ما يعرف وعدم الفساد ويقضي للمشتري بتسلمه إن كان الخيار ليختبر حال المبيع أو ليعيد نظره فيه فإن كان للتروي في ثمنه أي لينظر غلاءه ورخصه مع علمه بحال المبيع لم يقض له بأخذه فإن وقع البيع على الخيار ولم يبين وقوعه لماذا حمل على غير الاختبار فإن اتفقا على وقوعه مطلقًا وادعى

ــ

ذكره ز من قوله ومحل الثاني الخ (أو مجهولة) قول ز ولا يغني عن الأولى المسألتان بعدها الخ هو جواب عما قيل إن في كلام المصنف تكرارًا لأن المشترط مشاورته إما أن يعلم وقت الاجتماع به لكن بمدة تزيد على أمد الخيار الشرعي فهو راجع لشرط مدة زائدة أو لا يعلم وقت الاجتماع به فهو راجع لمدة مجهولة وما أجاب به عن تت بعيد وقال الشيخ أحمد بابا إنما ذكره المصنف لنص المدونة وغيرها عليه بخصوصه اهـ.

ص: 202

كل قصدًا نقيض قصد الآخر فسخ البيع قاله ح قال الشيخ سالم وانظر هل يفسد العقد باشتراط الغيبة على أمة بخيار أولًا أي أو لا يفسد ولكن ينهي عن الغيبة عليها كما تقدم عن الشامل ما يفيده وإن لم يكن في شرط العقد الغيبة عليها (أو) بشرط (لبس ثوب) زمن الخيار لغير قياس عليه (و) إذا فسخ (رد أجرته) للبسه الكثير المنقص وليس كالبيع الفاسد يرد المبيع ولا غلة على المشتري كما قدم المصنف لأنه فيما بيع على البت وما هنا بيع بخيار إذ الملك للبائع زمنه فلم يدخل في ضمان المشتري كالبيع الفاسد على البت بل في ح أن الأجرة والغلة للبائع في بيع الخيار الصحيح كالفاسد ولو كان الخيار في الصحيح للمشتري وأمضى البيع لنفسه ويفيده قول المصنف فيما سيأتي والغلة وأرش ما جنى أجنبي للبائع (ويلزم) المبيع بالخيار من هو بيده من المتبايعين (بانقضائه) وانقضاء ما في حكمه ولذا قال (ورد) بعد انقضاء زمنه المتقدم (في كالغد) اليوم واليومين لقرب ذلك بعد كشهر وكجمعة وكثلاثة وكيوم وظاهره أن القرب ما ذكر ولو كانت مدة الخيار يومًا لا فيما مدة الخيار فيه دونه كالفواكه ولا بعد ثلاثة من مدته لأنها أقل البعد كما لأبي الحسن أي ابتداء البعد ثلاثة ويحتمل بعد انتهائها وعلم مما قررنا أن في المصنف حذف الواو وما عطفت فلا تنافي بين أوله وآخره ومحل المصنف حيث وقع النص على مدته المتقدمة فإن وقع البيع بخيار ولم ينص على مدته لزم بانقضائها من غير زيادة كالغد كما في المدونة وقولي من هو بيده من المتبايعين شامل لأربعة أقسام كما في د عن سند وهي إن كان الخيار للبائع وهي في يده دل انقضاؤه على اختياره الرد وبيد المبتاع دل على الإمضاء وإن كان الخيار للمبتاع والسلعة بيده دل على اختيار الإمضاء وبيد البائع فعلى الرد وظاهر كلام المصنف أن الخيار إذا كان للبائع وهو بيد المشتري أن المبيع يلزم البائع بانقضاء زمن الخيار مع أنه لا يلزمه كما قررنا أي من أنه إنما هو قال فقط على الإمضاء لا ملزم والجواب أن المصنف أطلق هنا اتكالًا على ما سيأتي من قوله ولزماه بمضي المدة وهما بيده اهـ.

وقوله ورد في كالغد مثله الاختيار بالموحدة في الغد فيما يظهر ويتصور ذلك فيما إذا اشترى أحد ثوبين بالخيار في عينه على أنه فيما يختاره بالخيار ومضت أيام الخيار ثم

ــ

(ورد أجرته) قول ز إذ الملك للبائع زمنه الخ صوابه أن يقول إذ الضمان من البائع زمنه إذ لا يفرق بينهما إلا بالضمان وأما الملك فهو للبائع في كل منهما لما تقدم أن الملك لا ينتقل للمشتري في الفاسد إلا بالفوت (ورد في كالغد) قول ز ومحل المصنف حيث وقع النص على مدته الخ تبع فيه عجز وظاهر المدونة كما في ق الإطلاق وفي التهذيب ومن ابتاع شيئًا بالخيار ولم يضربا له أجلًا جاز البيع وجعل له من الأمد ما ينبغي في مثل تلك السلعة اهـ.

وعزا الشبرخيتي تخصيص الرد في كالغد بما نص فيه على المدة لأبي الحسن ولم أجده فيه وقول ز مثله الاختبار بالموحدة الخ صوابه بالمثناة التحتية لقوله الآتي في الاختيار

ص: 203

اختار بالقرب فإن له ذلك (و) فسد بيع الخيار (بشرط نقد) لثمنه وإن لم يحصل بالفعل على المعتمد لتردده مع حصوله بشرط بين السلفية والثمنية ولكون الغالب مع شرطه فقط حصوله فنزل الغالب وإن لم ينقد فيه حتى مضى زمن الخيار منزلة الموجود المحقق وظاهر المصنف الفساد ولو أسقط الشرط وهو كذلك قال في الشامل على المنصوص اهـ.

والفرق بينه وبين صحة البيع في مسألة بيع وسلف عند إسقاط شرط السلف أن الفساد في شرط النقد واقع في الماهية لأنه غرر في الثمن إذ لا يدري هل المقبوض ثمن أو سلف ومسألة شرط السلف الفساد موهوم وخارج عن الماهية قاله في التوضيح ولما شارك هذا الفرع في الفساد بشرط النقد سبع مسائل شبهها به فقال: (كغائب) غير عقار بعدت غيبته وبيع بتا على الصفة بدليل قول المصنف فيما مر ومع الشرط في العقار وفي غيره أن قرب كاليومين (وعهده ثلاث و) أمة (مواضعة) بيعت بتا يمنع شرطه فيها لاحتمال أن تظهر حاملًا فيكون سلفًا أو تحيض فيكون ثمنًا والفرق بينها وبين من تستبرأ أن احتمال الحمل فيها دون احتماله فيمن تتواضع (و) كشرط نقد في كراء (أرض) لزراعة (لم يؤمن ريها) بكسر الراء وفتحها من مطر أو بحر وكلامه هنا أخصر وأحسن من قوله في الإجارة

ــ

لا يلزمه شيء (وبشرط نقد) قول ز عن ضيح شرط السلف خارج عن الماهية الخ بحث فيه بأن شرط السلف يوجب خلله في نفس الثمن لأنه يكسبه جهلًا فليس فساده خارجًا عن الماهية (وأرض لم يؤمن ريها) قال الشارح ظاهر كلام المصنف أن التطوع بالنقد جائز ونص الفاكهاني في شرح الرسالة على خلافه اهـ.

ورده طفى بأن الفاكهاني لم يذكر هذا في كراء الأرض على البت إنما ذكره في كراء الأرض بالخيار وهو من المسائل التي يمنع فيها النقد مطلقًا وأما كراؤها على البت فلا يمنع فيه إلا شرط النقد كما قاله المصنف وفي المدونة قال ابن القاسم لا بأس بكراء أرض المطر عشر سنين إن لم ينقد فإن اشترط النقد فسد الكراء ثم قال وإن اكتراها سنة قرب الحرث وحين توقع الغيث لم يجز النقد حتى تروي ويتمكن من الحرث اهـ.

أبو الحسن قوله إن لم ينقد معناه إن لم يشترط النقد يدل عليه قوله فإن شرط النقد فسد لأنه يصير تارة سلفًا وتارة ثمنًا إن بلغ الزرع كان ثمنًا وإن لم يبلغ كان سلفًا فعاد ذلك مضارعًا لما نهي عنه من بيع العريان وقول لم يجز النقد معناه بشرط اهـ.

ففسر المدونة بالشرط ولما تكلم في المفيد على أرض الأندلس قال ما نصه وذكر ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون أنه لا يجوز النقد فيها بشرط وإنما يكون على التطوع ومذهب ابن عبد الحكم وأصبغ أن النقد فيها جائز بشرط والقضاء عندنا بالأندلس أنه لا يجور النقد فيها بشرط وهو اختيار ابن حبيب اهـ.

ونحوه لابن سلمون ويعني أنه اختلف في أرض الأندلس هل هي من غير المأمونة فلا

ص: 204

وأرض مطر عشرًا إن لم ينقد (و) بشرط نقد (في جعل) على تحصيل آبق مثلًا وكذا فيه تطوعًا كما لابن يونس على المدونة قاله ق وفيه نظر فإن مسألة المدونة التي تكلم عليها ابن يونس إنما هي إجارة اشترط فيها الترك متى شاء واشتراط ذلك فيها لا يخرجها عن كونها إجارة ولفظ المدونة صريح في ذلك ويدل عليه وعلى أن اشتراط ذلك فيها لا يخرجها عن كونها إجارة أن اللخمي صرح بأنه يستحق فيها من الأجر كل يوم مثلًا بحسابه والجعل بخلاف ذلك وبفرض كونها جعالة فهي جعالة على خيار ومسألة المصنف هذه في جعل لا خيار فيه (و) يفسد عقد (إجارة) بشرط نقد أجرة (لحرز) بحاء مكسورة فراء مهملتين فزاي (زرع) أي حفظه وحراسته لأن الزرع ربما تلف فتفسخ فيه الإجارة لتعذر الخلف فهو إن سلم كان إجارة وإن لم يسلم كان سلفًا ولذا عد الغرناطي هذه من النظائر ونقله غيره أيضًا وفي بعض النسخ لجز زرع بجيم مفتوحة فزاي مشددة أي حصده وهي صحيحة أيضًا للعلة المذكورة بناء على أنه لا يجب خلف الزرع إذا تلف وأما على أنه يجب خلفه كما هو مقتضى المصنف في باب الإجارة حيث لم يذكره مع قوله إلا صبي تعلم الخ وهو المذهب فيجوز شرط النقد فيه قال غ بعد ذكر هاتين النسختين وقد التبس على بعض أنه بجزء بالباء مكان اللام وضم الجيم وإسكان الزاي وهمزة بعدها وهو تصحيف فظيع أي لأنه إن كانت الإجارة قبل بدو صلاحه كما هو الواقع فمنعه ظاهر وإن كانت بعده أي ليخدم ما بدا منه فإنه يجوز بشروط الجزاف قاله عج وقوله فمنعه ظاهر أي منع الاستئجار به من أصله ظاهر لعدم جواز بيعه قبل بدو صلاحه والإجارة كالبيع لأنه صحيح وإنما أفسده شرط النقد فيه كما قد يتوهم.

ــ

يجوز فيها النقد بشرط أو عن المأمونة فيجوز (وجعل) ما ذكره ق عن ابن يونس من منع النقد في الجعل ولو تطوعًا هو الظاهر من الضابط الآتي فيما يمنع فيه النقد مطلقًا وما أجاب به ز غير ظاهر إذ الإجارة المشترط فيها الترك متى شاء هي والجعل سواء في ذلك نعم عبارة الأئمة تدل على ما أفاده المصنف من جواز التطوع بالنقد فيه نفي منتفى الباجي ما نصه ومن شرط الجعل أن لا ينقد الجعل رواه ابن المواز وابن حبيب عن مالك قال ابن حبيب إلا أن يتطوع به ووجه ذلك أنه قد لا يتم ما جعل له عليه فبرد ما قبض وقد يتم فيصير له فتارة يكون جعلًا وتارة يكون سلفًا وذلك يمنع صحته اهـ.

ولما ذكر ابن ناجي في شرح الرسالة كلام ابن يونس قال بعده وقال بعض المغاربة يجوز مع التطوع اهـ.

وقال الفاكهاني في شرحها ولا يجوز اشتراطه إذا دخل على وجه الجعل ويختلف إذا تطوع بذلك فقال أشهب في كتاب محمَّد لا خير فيه الخ وعبارة المتيطي ولا يجوز اشتراط النقد في الجعالة اهـ.

فهذه النقول تدل على جواز التطوع في الجعل فانظر ذلك اهـ.

ص: 205

تنبيه: ما ذكره المصنف من أن الموجب للفساد في هذه المسائل شىرط النقد وإن لم يحصل نقد بالفعل هو المعتمد لا ما يفيده قوله في المواضعة وفسد إن نقد بشرط وقوله: في بيع الغائب ومع الشرط في العقار وقوله في كراء الحمام وأرض مطر عشرًا إن لم ينقد وقوله في الجعل ولا نقد مشترط (و) فسد بشرط النقد في أجر (أجير) معين (تأخر) شروعه كما في تت لا استيفاؤه كما في غ (شهرًا) هذا نحو قوله في كراء الدابة وكراء دابة شهرًا إن لم ينقد أي إن لم يشترط النقد وكلامه هنا شامل للعاقد وغيره وقيدنا الأجير بكونه معينًا كالدابة لما يأتي أن الكراء المضمون يتعين فيه تعجيل الأجرة أو الشروع ومقتضى المصنف أنه إذا تأخر دون شهر لا يمتنع فيه شرط النقد وليس كذلك إذ لا يجوز شرطه إذا تأخر نصف شهر ونحوه على ما يفيده ق في مسألة السفينة من منع شرط النقد فيها إن أكريت لتركب بعد نصف شهر ومن منع اجتماع نساء لغزل أكثر من نصف شهر ثم يفرقن ما اجتمع في اليوم الأول للأولى التي غزلن كلهن كتانها فيه وهكذا فإن كان نصف شهر وعينت الأولى ومن يليها جاز ومن أن احرث لي في الصيف أحرث لك في الشتاء لم يوسع فيه وإنما يوسع فيما دون نصف شهر ففي سماع أشهب لا بأس أن يقول الرجل العامل لمثله أعني خمسة أيام وأعينك خمسة في حصاد الزرع ودرسه أشهب لا بأس أن يأخذ الرجل عبد الرجل النجار يعمل له اليوم على أن يعطيه عبده الخراط يعمل له غدًا انظر تت وقال أيضًا ولما ذكر ما يمتنع فيه النقد بشرط أي أو بشرط النقد ذكر أربع مسائل مما يمتنع فيه النقد بشرط وبغيره ولا خصوصية للأربع المذكورة بل هي بحسب حفظ ذاكرها وضابط ذلك كل ما يتأخر قبضه بعد أيام الخيار يمنع النقد فيه فقال: (ومنع وإن بلا شرط في مواضعة وغائب وكراء ضمن) وكذا غيره وإنما امتنع في الكراء بالخيار ولو تطوعًا وجاز في البيع بالخيار تطوعًا لأن اللازم في النقد في البيع بالخيار التردد بين السلفية والثمنية وهذا إنما يؤثر مع الشرط وأما في الكراء فحيث كان فيه الخيار فاللازم

ــ

(وأجير تأخر شهرًا) قول ز لا يجوز شرطه إذا تأخر نصف شهر الخ الصواب أكثر من نصف شهر وإلا فيجوز وقول ز ومن منع اجتماع النساء لغزل أكثر من نصف شهر الخ أي فإن تأخر الشروع في غزل واحدة منهن أكثر من نصف شهر فلا يجوز وقول ز ولا بأس أن يأخذ الرجل عبد الرجل النجار الخ في ق ما نصه ابن المواز يجوز أن يقول خذ حماري اعمل عليه خمسة أيام لك وتعمل لي عليه خمسة أيام ابن رشد فلو قال اعمل عليه شهرًا لنفسك وشهرًا لي لوجب أن يجوز ذلك إن بدأ بالشهر الذي لنفسه ولا يجوز إن بدأ بالشهر الذي لصاحب الدابة لأنه بمنزلة من نقد كراء دابة يركبها إلى شهر هكذا قال اهـ.

قلت تكرر النقل بهذا عن ابن رشد وتفريقه فيه مشكل إذ الظاهر المنع بدأ به أو بالذي لصاحب الدابة إذ كما يمتنع النقد في دابة تأخرت شهرًا كذلك يمتنع في أجير تأخر شهرًا كما في ق عن الإمام وقد يقال في وجه تفريق ابن رشد أن سلامة الآدمي إلى شهر أغلب من سلامة غيره إليه اهـ.

ص: 206

فيه فسخ ما في الذمة في المؤخر وهذا يتحقق في النقد ولو تطوعًا (وسلم) وقيد المنع في المسائل الأربع بقوله: (بخيار) وما مر في المواضعة بيعت بتا بخلافها هنا وما يأتي من جواز تعجيله أو تأخيره ثلاثًا في السلم البت وإنما امتنع فيما فيه خيار لما فيه من فسخ الدين في الدين لأن ما يعجل من النقد زمن الخيار سلف في ذمة المسلم إليه ولا يكون ثمنًا إلا بعد مدة الخيار وانبرام البيع ففي نقده قبل انبرامه فسخ ما في الذمة في مؤخر وهو المسلم فيه وأما النقد في السلم البت فهو ثمن عن شيء يقبضه بعد مدة لا سلف.

تنبيه: قال تت زاد أبو الحسن العهدة لدخولها في الضابط المذكور اهـ.

والمراد عهدة الثلاث ولا يخفى أن كلامه فيها شامل لما إذا وقع البيع بتلا وهو ظاهر أو بالخيار لأن عهدة الثلاث إنما تكون بعد أيام الخيار ولا تدخل في أيامه إذ لو دخلت في أيامه لم يكن لاشتراطها فائدة (و) من باع أو اشتري سلعة على مشورة غيره (استبد) أي استقل (بائع أو مشتر على مشورة غيره) أو لمنع الخلو فشمل كلامه ما لو حصل البيع من المالك والشراء من المشتري على مشورة غيره واتحد من علق كل على مشورته أو تعدد فإن كلا يستبد أيضًا وجعلها لمنع الجمع يقتضي عدم الاستبداد في هذه مع أنه يستقل (لا) على (خياره ورضاه) فلا يستبد كل عنه لأن مشترطهما معرض عن نظر نفسه بخلاف مشترط المشورة فإنه اشترط ما يقوي نظره ولأن مخالفة من استشاره لا تنافي الاستشارة بخلاف من اشترط خياره أو رضاه (وتؤولت أيضًا على نفيه) أي الاستبداد (في مشتر) في الخيار والرضا لا في بائع على خيار غيره أو رضاه فيستبد لقوة تصرفه بملك السلعة (وعلى نفيه) من بائع أو مشتر على خيار غيره (في الخيار فقط) بخلاف الرضا فيستبد والفرق أن الخيار رخصة فحقها أن تكون في المتبايعين قاله تت وفيه نظر إذ

ــ

والله أعلم لكن النص عن الإمام بخلافه (وسلم بخيار) قول ز ففي نقده قبل انبرامه فسخ الخ لو قال ففي نقده بعد انبرامه فسخ لما في الذمة الخ وقول ز شامل لما إذا وقع البيع بتلا الخ هذا غير صحيح بل كلامه فيها خاص ببيع الخيار لأن عهدة الثلاث في بيع البت لا يمتنع فيها النقد مطلقًا بل يشرط فقط وهو الذي قدمه المصنف آنفًا في قوله وعهدة ثلاث (واستبد بائع أو مشتر على مشورة غيره) قيد خش هذا بالمشورة المطلقة قال وأما المقيدة بأن باع على مشورة فلان على أن فلانًا إن أمضى البيع بينهما مضى وإلا فليس له الاستبداد لأن هذا اللفظ يقتضي توقف البيع على اختيار فلان اهـ.

ومثله في ضيح عن المازري عن ابن أبي زمنين عن ابن نافع ونقله أيضًا اللخمي وابن رشد وعياض فزيادة القيد بقوله على أن فلانًا الخ هو الذي أوقفه على اختيار فلان (وعلى نفيه في الخيار فقط) قال طفى وانظر من تأولها على هذا فإني لم أره لغير المؤلف في ضيح ومن تبعه وقد أشبع عياض في تنبيهاته الكلام على المسألة ولم يذكره واقتصر ابن عرفة على أن الخيار مثل الرضا بعد ذكره ما في الخيار من الخلاف اهـ.

وصوابه اقتصر ابن عرفة على أن الرضا مثل الخيار وهكذا رأيت في ابن عرفة وقد ذكر

ص: 207

كون الخيار رخصة لا يتعدى المتبايعين يقتضي أن تعلقه بغيرهما لغو وهذا يوجب الاستبداد فهو ينتج عكس هذا التأويل ويمكن الجواب أي الفرق للمصنف على هذا التأويل بأن البيع أو الشراء على خيار الغير لم يقل أحد بمنعه بخلافهما على رضا الغير فإنه قد قيل بمنعه وبأن الرضا لا تعلم حقيقته لتعلقه بالباطن بخلاف الخيار قاله عج ويمكن الجواب عن تت بأن معناه أنهما لما خرجا عن الرخصة لم يستبدا بنظرهما بل توقف على خيار من جعلا له الخيار (وعلى أنه) أي المجعول له الخيار والرضا (كالوكيل فيهما) فمن سبق منهما برد أو إمضاء اعتبر فعله إلا أن ينضم لفعل الثاني قبض على ما يفيده التشبيه لقول المصنف في الوكالة وإن بعت وباع فالأول إلا لقبض وظاهر تقرير الشارح وجمع خلافه وإن العبرة بالأول مطلقًا وانظر لو اتحد زمن فعل كل أو جهل ما الحكم وينبغي أن يجري على حكم ما إذا باع الوكيل أو الموكل بزمن أو جهل الزمن وسيأتي عن المتيطية أنه إذا جعل أيهما السابق فالمبيع بين المشتريين وكذا إن عقدا بزمن على ما بحثه د وكر وعلم من المصنف أن التآويل الأربعة في الخيار والرضا وإن المشورة يستبد من غير تأويل.

تتمة: قال تت لو مات من اشترط خياره أو رضاه فسد البيع ابن يونس هذا على القول بعدم الاستبداد وأما عليه فإن الخيار يرجع إليه اهـ.

وضمير إليه راجع للبائع والمشتري الجاعل كل الخيار أو الرضا للغير وأفرده لأن العطف بأو وقوله هذا على القول بعدم الاستبداد أي من كل أو من أحدهما فهو شامل لتأويلي النفي وسكت عن جريانه على أنه كالوكيل والظاهر أنه يجري على موت الوكيل والموكل (ورضى) فعل ماض فاعله (مشتر) ووصفه بقوله: (كاتب) لا مصدر عطف على بانقضائه لاقتضائه أنه لا بد من الرضا مع الكتابة وما معها وليس كذلك ونص على الكتابة لأنه رجح فيها القول بأنها بيع فربما يتوهم أنها لا تدل على الرضا كما أن البيع لا يدل عليه كما يأتي وعدّت مفوتًا بناء على ما رجح فيها أيضًا أنها عتق والتدبير أولى وكذا العتق ولو لأجل والإيلاد وبحث بعضهم في تصويره بأن أمد الخيار جمعة على المشهور وشهر على مقابله وبأن مجرد التلذذ كاف في الاختيار فصلًا عن الوطء وأجاب بأنه يتصور في خيار النقيصة اهـ.

وقد يتصور فيما إذا وطئ زمن الخيار وردها ولم يطلع على ذلك حتى ظهر حملها وأقربه قاله تت ويبحث في جواب بعضهم بأن الكلام هنا في خيار التروى لا النقيصة وجواب تت أمس ومما يدل على الرضا حلق رأس الوصيف وحجامته كما نقله ق عن ابن

ــ

ابن الحاجب هذا التأويل قولًا واحدًا فقال بعد ذكر الخلاف في الرضا فإن كان على خياره فقيل مثل رضاه وقيل لا يستبد الخ وقول ز والفرق أن الخيار رخصة الخ رد أيضًا طفى هذا الفرق بأن ضيح ومثله لعياض وأبي الحسن إنما ذكروه على رواية ابن القاسم من منع البيع على خيار الغير أو رضاه فانظره وقول ز البيع أو الشراء على خيار لم يقل أحد بمنعه الخ فيه نظر لما تقدم قريبًا من رواية ابن القاسم المنع في الخيار والرضا ونقله أيضًا أبو الحسن ولما

ص: 208

حبيب ثم إن هذا كله فيما إذا فعله المشتري والخيار له كما أن قوله: بعد وهو ردّ من البائع فيما إذا فعل شيئًا من ذلك والخيار له فإن فعل أحدهما شيئًا من ذلك والخيار لغيره وكان مما يمكن رده وإمضاؤه كعتق وتزويج فيمضي ذلك من البائع أن ردّ المشتري المبيع فإن أمضاه بطل فعل البائع ولا يمضي ذلك الفعل من المشتري ولو أمضى البائع له البيع فإن كان فعل أحدهما مما لا يمكن فيه ردّ ولا إمضاء كوطء المبيع وغرس الأرض وبنائها وتعريب دابة وتوديجها فإن فعله المبتاع مع كون الخيار للبائع وأمضى البيع له مضى فعله وإن ردّ دفع له قيمته منقوضًا بعد سقوط كلفة لم يتولها وإن فعله البائع مع كون الخيار للمشتري ورضي بالمبيع دفع للبائع قيمته منقوضًا وإن وطئ الأمة من لا خيار له فيها واختارها الآخر فهي له مع قيمة الولد ويلحق الولد بالواطىء ولا تكون أم ولد له ولا حدّ عليه للشبهة لأنه إن كان البائع فلأنها في ملكه وضمانه وإن كان المشتري فلأن العقد شبهة وإنما لم تكن به أم ولد لأن وطء الشبهة لا تكون به أم ولد إلا في مسائل ليست هذه منها وانظر في باقي ما يدل على الرضا غير ما ذكرنا والظاهر إنه يجري على جناية البائع على المبيع في خيار المشتري وعكسه حيث كان خطأ فيهما وانظر لو اشترط أحدهما أنه إن فعل شيئًا مما يدل على الرضا لا يكون رضا فهل يعمل بشرطه أم لا والظاهر أنه إن تعلق بما لا يجوز كوطئه الأمة ونحوه لم يعمل به وإلا عمل به كغرس وبناء وتعريب دابة (أو زوج) أمة اتفاقًا (ولو عبدًا) على المشهور وظاهره أن العقد كاف ولو فاسد إلا مجمعًا عليه فيما يظهر (أو) فعل فعلًا كتجريدها وأقر على نفسه أنه قصد بذلك (تلذذًا) ظاهره كالمدونة وإن لم يلتذ فإن جردها للتقليب لا لقصد لذة لم يكن رضا وظاهره كظاهر المدونة ولو التذ (أو رهن) وإن لم يقبضه المرتهن كما هو ظاهره قاله د وهو ظاهر إذ القصد أن هذا الفعل دال على رضا المشتري وإن لم يكن المرتهن أحق به قبل الحوز وبحث ق فيه بأنه إن لم يكن حوز فهو أخف من البيع وما يأتي من قول المصنف ومضى بيعه قبل قبضه إن فرط مرتهنه في بيع ملكه وله قوة التصرف (أو أجر) ولو مياومة (أو أسلم للصنعة) ولو هيئة أو للمكتب (أو تسوق بها) أوقفها في السوق للبيع غير مرة (أو جنى أن تعمد أو نظر) قصدًا ذكر مشتر (الفرج) من أمة كذا للشارح تصويرًا وعزوا للمدونة زاد فيها لأن الفرج لا يجرد في الشراء ولا ينظر إليه إلا النساء ومن يحل

ــ

تقدم قبله عن ابن عرفة من أنهما سواء في الخلاف (أو رهن) قول ز فهو أخف من البيع أي الرهن مع عدم الحوز أخف من بيع المشتري الذي يأتي أنه لا يعد رضا وقول ز وما يأتي من قول المصنف الخ لا مناسبة له هنا فالصواب إسقاطه فتأمله (أو تسوق بها) قول ز غير مرة الخ صوابه إسقاطه قوله غير مرة لأن ظاهر النقل أن إيقافها للسوم رضا وإن لم يتكرر ولفظ المدونة أو ساوم بهذه الأشياء للبيع قال طفى فكان على المؤلف أن يقف مع لفظ الرواية وإنما ذكر التسوق في خيار النقيصة اهـ.

ص: 209

له الفرج ونحوه في التوضيح وهو يقتضي أن نظر الذكر لفرج العبد ونظر الأنثى لفرج العبد لا يدل على الرضا لعدم حل ذلك حالًا ومآلًا وما اقتضاه تعليلها المذكور من حل نظر المرأة لعورة الجارية نظر فيه صر من أنه لا ترى منها إلا ما يراه الرجل من مثله اهـ.

وقد يقال معنى قولها ولا ينظر إليه إلا النساء إن شأنهن أنه ينظرنه في عيوب الفرج في مسائل أخر كما يدل على ذلك ما نقله تت هنا عن المعين وقد علم مما ذكر حكم أربع صور مشتر ذكر أو أنثى والرفيق ذكر أو أنثى (أو عرّب دابة) قصد لها في أسافلها (أوداجها) فصدها في أوداجها (لا إن جرد جارية) فلا يدل على الرضا إلا أن يقصد التلذذ ونحوه في المدونة قاله تت وظاهره أن قصده رضا وإن لم يلتذ بالفعل كما مر (وهو) أي كل ما تقدم إنه رضا من المشتري (رد من البائع) إذا حصل منه في زمان خياره (إلا الإجارة) فليست برد منه لكون الغلة له ما لم تزد مدتها عن مدة الخيار وإلا فرد منه وكالإجارة الإسلام للصنعة ويجري ما ذكر فيها حيث أسلمه بعمله مدة ولكن هذا من الإجارة (ولا يقبل منه أنه) أي من له الخيار بائع أو مشتر ليس بيده المبيع (اختار) الإمضاء (أورد) عقد البيع في المبيع (بعده) أي بعد مضي زمن الخيار وما ألحق به (إلا ببينة) تشهد له بذلك والظاهر ولو بينة مال وينبغي أن يكون الأجنبي المجعول له الخيار كذلك ولو أبدل اختار بأمضى لحسن فإن الرد قسم من الاختيار فلا يكون قسيمًا له وأجاب الشارح تبعًا لابن عبد السلام بأن معناه اختار الإمضاء أو اختار الرد فالتقابل بين تخييرين مقيدين وهما داخلان تحت مطلق التخيير انظر تت وقولي ليس بيده المبيع تحرز عما لو كان بيد المشتري وقت مضى زمنه فإنه يلزمه كما مرّ في قوله ويلزم بانقضائه فلا يقبل قوله: إنه رد

ــ

وهو يوهم أن لفظ تسوق يقتضي التكرار وليس كذلك بل تسوق وساوم بمعنى واحد وأيضًا ما عبر به المصنف من التسوق هو الذي عبر به ابن يونس واللخمي في خيار التروي فكلام طفى قصور والله أعلم. (لا إن جرد جارية) أي للتقليب كما في المدونة ابن يونس ظاهر المدونة أنه جائز إن تجرد للتقليب إذ قد يكون بحبسها عيب اهـ.

(ولا يقبل منه أنه اختار أو رد إلا ببينة) هذا من تتمة قوله السابق ويلزم بانقضائه وهو يشمل من له الخيار من بائع أو مشتر وليس بيده المبيع كما قرره ز ويشمل ما إذا كان الخيار لأحدهما وغاب الآخر ثم قدم بعد انقضاء زمن الخيار فادعى من له الخيار إن كان بائعًا أنه أمضى في زمنه أو مشتريًا أنه رد في زمنه فلا يقبل منه إلا ببينة وقال في المدونة وإذا اختار من له الخيار من المتبايعين ردًّا أو إجازة وصاحبه غائب وأشهد على ذلك حاز على الغائب قال ابن يونس قال بعض أصحابنا إذا كان الثوب بيد البائع والخيار له لم يحتج بعد أمد الخيار إلى الأشهاد إن أراد الفسخ وإن أراد إمضاء البيع فليشهد على ذلك وإن كان الثوب بيد المشتري فأراد إمضاء البيع فلا يحتاج إلى الأشهاد وإن أراد فسخه فليشهد وهذا بين اهـ.

فمعنى كلام المصنف على هذا ولا يقبل من البائع ذي الخيار أنه اختار الإمضاء والمبيع بيده أو اختار الرد والمبيع بيد المشتري إلا ببينة ولا يقبل من المشتري ذي الخيار أنه اخّتار

ص: 210

أو كان بيد البائع وقت مضى زمنه فلا يقبل قوله إنه أمضى وحملنا قوله أو رد على ردّ عقد البيع متعين وحمله على ردّ السلعة أي ادعى ردّ السلعة المبيعة بالخيار في زمنه أو بعده وقد صدقه في عدم الإمضاء فيه يؤدي إلى جعل قوله: بعده لا مفهوم له مع ما فيه من الإطلاق في محل التقييد إذ هو فيما يغاب عليه خاصة كما يستفاد من مفهوم قوله في العارية كدعواه ردّ ما لم يضمن (ولا) يدل على الرضا (بيع مشتر) في أيام الخيار ما اشتراه به والخيار له ويمنع من البيع ابتداء كما تدل عليه النسخة الأخرى بتقديم التحتية على الموحدة بصيغة مضارع مجزوم بلا الناهية وأيضًا فهو بيع فضولي (فإن فعل) أي باع أيام الخيار والخيار له ثم ادعى أنه اختار الإمضاء ونازعه البائع (فهل يصدق أنه اختار) الإمضاء (بيمين أو) لا يصدق و (لربها نقضه) وربحه أيضًا وله إجازته وأخذ الثمن (قولان) فإن قيل إذا كانت المنازعة في زمن الخيار والخيار للمشتري فلم لا يصدق بغير يمين ولا مقال للبائع لأنه يقول أنا أختار الآن على تسليم عدم الاختيار فالجواب أنهم عدوًا بيعه كاختياره الرد وحيث اختار الرد فلا كلام له بعد ذلك كذا قال بعض شيوخنا وظهر احتمال آخر وهو ما إذا قبض المشتري المبيع وباعه وقبضه مبتاعه وانقضت أيام الخيار ولا يعارض ذلك قولهم إنها تلزم من هي بيده لأنا نقول لما باعها وقبضها المشتري لم تكن حينئذٍ بيده قاله د وعلم منه لا فرق بين كون التنازع أيام الخيار أو بعدها وقولي والخيار له احتراز عن بيعه زمنه ما هو بيده والخيار للبائع فله ردّه قطعًا فإن فات بيد المشتري الثاني فعلى المشتري الأول الأكثر من الثمن والقيمة وعن بيعه بعد مضي زمنه والخيار للبائع

ــ

الرد والمبيع بيده أو اختار الإمضاء والمبيع بيد البائع إلا ببينة فهذه أربع صور يفتقر فيها إلى البينة فإن أراد البائع ذو الخيار الرد والمبيع بيده أو الإمضاء والمبيع بيد المشتري أو أراد المشتري ذو الخيار الرد والمبيع بيد البائع أو الإمضاء والمبيع بيده لم يحتج إلى بينة كما تقدم فالمجموع ثمان صور وقد حصلها أبو الحسن هكذا والله أعلم (ولا بيع مشتر) قول ز ويمنع البيع ابتداء الخ الذي في رواية على لا ينبغي أن يبيع حتى يختار اهـ.

ومقتضاه الكراهة لكن عبارة المنتخب تفيد المنع ونصه ولا يجوز للرجل أن يبيع شيئًا اشتراه على أن له الخيار فيه قبل أن يختار اهـ.

وهو ظاهر لأنه تصرف في ملك الغير قبل أن ينتقل ملكه إليه والله أعلم (فهل يصدق أنه اختار بيمين) القول الأول حكاه ابن حبيب عن مالك وأصحابه وهو قول ابن القاسم في بعض روايات المدونة وفي الموازية والثاني هو رواية على ابن زياد أن البائع غير إن شاء رد بيع المشتري وإن شاء أجازه وأخذ الثمن بربحه قاله ابن الحاجب وضعف ما قال في ضيح وطرح سحنون التخيير في هذا القول وقال إنما في رواية على أن الربح للبائع لأنها كانت في ضمانه ابن يونس وهذا هو الصواب لأنه إنما يتهم أن يكون باع قبل أن يختار فيقول له البائع بعت سلعتي وما في ضماني فالربح لي وأما نقض البيع فليس ذلك له لأن بيع المبتاع لا يسقط خياره فلو نقض البيع لكان له أن يختار أخذ السلعة فلا فائدة في نقضه اهـ.

ص: 211

أيضًا فليس له عليه إلا الثمن فقط لأنه بمضيه وهو بيد المشتري الأول لم يبق للبائع خيار وهاتان صورتان ومفهوم قوله: مشتران البائع له بيعها وهي بيد المشتري لغيره زمنه ويكون ردًّا لا بعده فإنما له الثمن على المشتري للزوم البيع بانقضاء زمنه وهاتان صورتان إن كان الخيار للبائع فإن كان الخيار للمشتري وباع البائع زمنه فللمشتري رده مع القيام والأكثر من فضل القيمة والثمن الثاني على الأول مع الفوات فإن باع البائع بعد مضي زمنه وهي بيده أي البائع والفرض أن الخيار للمشتري فليس له إلا أخذ ثمنه إن كان قد نقده للبائع وهاتان صورتان أيضًا فتأمل تلك الأربع واستشكل قوله ولا بيع مشتر الخ بما مر من دلالة التسوّق على الرضا فكان البيع أولى قال تت وقد يفرق بأن التسوق لما كان متكرر أدل عليه بخلاف البيع إذ قد يقع من أول وهلة اهـ.

(وانتقل) الخيار (لسيد مكاتب) باع أو ابتاع على أن الخيار له و (عجز) عن أداء الكتابة زمن خياره وقبل اختياره ورق لبقاء حقه لكن لا يبقى بيده لما يلزم عليه من

ــ

ومثله في ق وبه شرح خش أولًا وهو متعين فلو قال المصنف في القول الثاني أو لربها ربحه لتنزل على هذا وقال في ضيح على القول الأول وظاهر الروايات أن هذه اليمين التي يحلفها المشتري يمين تهمة توجهت للبائع وإن لم يحققها زاد في هذا القول وإن قال بعت قبل أن أختار فالربح لربه لأنه في ضمانه وصوّبه اللخمي لأن الغالب فيمن وجد ربحًا لا يدفعه لغيره اهـ.

وقول ز ولربها نقضه وربحه أيضًا الخ صوابه إسقاط قوله وربحه أيصًا وقول ز فلم لا يصدق بغير يمين الخ الحق في الجواب عن هذا أنه إنما يحلف لأجل الربح لأنه يتهم أنه باع قبل أن يختار فيكون الربح حينئذ للبائع وهو يدعي أنه باع بعد الاختيار ليكون الربح له فصدق باليمين والحاصل أن بيع المشتري لما كان لا يسقط خياره كما تقدم عن ابن يونس لزم البيع بإقراره أنه باع بعد الاختيار ولم يكن للبائع نقضه على القولين لكنه من أجل الربح يتهم على البيع قبل الاختيار فيصدق بيمين على القول الأول ويكون الربح للبائع على القول الثاني هذا الذي يفيده كلام ضيح واللقاني وبه تعلم بطلان قول ز فالجواب أنهم عدّوا بيعه كاختياره الرد والله تعالى أعلم وقول ز وظهر احتمال آخر أي في كلام المصنف بأن تفرض المسألة في التنازع بعد انقضاء أيام الخيار وحينئذٍ يكون تخيير البائع في القول الثاني ظاهرًا ويسقط الاعتراض السابق قال في ضيح بعد ذكره تضعيف التخيير في القول الثاني وطرح سحنون له ما نصه وإنما يتم هذا التضعيف إذا كانت أيام الخيار لم تنقض وأما إن انقضت فالمشتري لا يمكنه أخذ السلعة بعد النقض اهـ.

أي لأنه إنما لزم البيع على الفرض السابق لأنه لو نقض البيع لكان له أن يختار الآن وعلى هذا الفرض لم يبق له اختيار لو نقص البيع فلا يكون وجه للزومه والله أعلم وقول ز وعلم منه أنه لا فرق الخ غير ظاهر إذ قد علم الفرق بينهما بكلام ضيح وقول ز فعلى المشتري الأول الأكثر من الثمن والقيمة الخ صوابه الأكثر من الثمنين والقيمة بتثنية الثمن كما

ص: 212

التصرف بغير إذن سيده (و) انتقل الخيار عن مفلس باع أو اشترى على خيار له (لغريم أحاط دينه) بالمفلس وفلس ولو بالمعنى الأعم كما يفيده قول تت وقام عليه قبل انقضاء زمن خياره اهـ.

فلا يحتاج الانتقال إلى حكم بخلع ماله لغريم ثم إذا اختار الغريم الأخذ فإنما له ذلك حيث كان نظرًا للمدين وكان الربح له والخسارة على غريمه وهذا بخلاف ما إذا أدى الغريم الثمن الذي لزم المفلس في بيع لازم فالربح والخسارة للمفلس وعليه والفرق أن الثمن في هذه لازم للمفلس وفيما قبلها ليس بلازم له لأن له الخيار وقد انتقل لغريمه فإن اختار الغريم الترك فيما إذا كان له الخيار والأخذ أرجح لم يجبر بخلاف هبة الثواب فيجبر فيها على الثواب إذا كان أرجح والوصي مع الكبير كالورثة وإن اخلف الأوصياء نظر الحاكم كتعدد الغريم واختلافه في الرد والإجازة كما استظهره د وانظر إعراب

ــ

نقله ابن عرفة عن اللخمي يعني له الأكثر من الثلاثة الثمن الأول والثاني والقيمة وقول ز والأكثر من القيمة والثمن الثاني على الأول الخ (1) صوابه والأكثر من فضل القيمة والثمن الثاني الخ كما في ابن عرفة أيضًا ونصه اللخمي لو فات بيع المبتاع والخيار للبائع فله الأكثر من الثمنين والقيمة وعكسه للمبتاع الفسخ أو الأكثر من فضل القيمة والثمن الثاني على الأول اهـ.

وقول ز وقد يفرق بأن التسوق الخ هذا الفرق مبني على أن التسوق يقتضي التكرار وتقدم رده وأن الذي في النص أوقفها للسوم والحق في الجواب عن الإشكال أن مسألة التسوق السابقة هي لابن القاسم وهو يقول في البيع أنه يدل على الرضا لأنه يقول بالقول الأول هنا كما تقدم وبه تعلم أن نسخة ولا يبع بالمضارع المجزوم هي الصواب (ولغريم أحاط دينه) قول ز والفرق أن الثمن في هذه لازم للمفلس الخ هذا الفرق غير ظاهر لأن الغريم لو لم يؤد الثمن كان يحتمل أن يأخذ البائع عين سلعته فيسقط عن المسلف خسرها وعبارة ابن عرفة الشيخ الربح له والنقصان عليهم بخلاف أخذهم ما ابتاع يدفع ثمنه لاستقلاله ببت عقده فإن تركوا والأخذ أرجح لم يجبر بخلاف هبة ثواب كذلك اهـ.

وقول ز وإن اختلف الأوصياء نظر الحاكم الخ هذا ليس على إطلاقه قال ابن عرفة وفيها لو اختلف وصيان مشتركان رد السلطان أحدهما لأصوبهما والمستقلان أو أحدهما مع كبير كوارثين اهـ.

أي فيجري فيه القياس والاستحسان اهـ.

وقول ز وانظر إعراب المصنف فيه الخ الظاهر أن قوله ولغريم الخ يتعلق بمقدر ويكون من عطف الجمل وليس عطفًا على سيد مكاتب المعمول لانتقل الأول لأن فاعله خيار المكاتب وكذا يقال في قوله ولوارث ونحو هذا في خش.

(1) ما صوبه بن من زيادة فضل هو الذي في نسخ ز بأيدينا اهـ.

ص: 213

المصنف فيه (و) من مات وعليه دين محيط بماله وقد اشترى بخيار فالكلام في ذلك لغرمائه و (لا كلام لوارث إلا أن يأخذ) شيئًا (بماله) بعد ردّ الغرماء ويؤدي ذلك للغرماء فإنه يمكن حينئذٍ من ذلك وهذا الحل مثله في المدونة واقتصار المصنف على إحاطة الدين بالمال يدل على أن المراد ما ذكرناه وأما إذا لم يمت وقد اشترى شيئًا بخيار والدين محيط بماله فلا كلام له وإنما يكون للغرماء إذا فلس وذلك لأنه يمنع حينئذٍ من التصرف المالي كما سيأتي وبيع الخيار منحل فلو كان له كلام فيه لم يمنع من التصرف المال قاله د وفيه إفادة أن المراد بماله الذي في المصنف ماله الذي يملكه سواء ضبط بكسر اللام أو فتحها لا استحقاقه من التركة لتقدم الدين على الإرث وفيما أيضًا إفادة أن الاستثناء في المصنف مقيد برد الغرماء فإن شاؤوا الأخذ فلا كلام للوارث ويعمل بما شاءه الغريم من أخذ عين التركة لانتقالها له بالتفليس ولو بالمعنى الأعم لا بما شاءه الوارث من أخذ عينها ودفع ثمنها للغريم في الفرض المذكور وهو وجود شيء مشتري بخيار ويأتي في باب الفلس ما يوافق هذا حيث قال إن لم يفده غرماؤه ولو بمالهم فإنه يفيد إنه إذا طلب الورثة فداءه من مالهم وأبى الغرماء ذلك فإنه يعمل بقول الغرماء قاله عج وبقي ما إذا مات والدين محيط ولم يكن اشترى شيئًا بخيار وليس له عبد جان وأراد الغريم أخذ عين التركة لاستغراق دينه إياها وطلب الوارث أخذها ودفع قيمتها للغريم فهل القول للوارث للزوم قضائه دين مورثه وانتقال التركة له بمجرد الموت أو للغريم وهو ظاهر قوله في الفرائض ثم الباقي لوارثه (و) انتقل خيار ميت غير مفلس بائع أو مشتر قبل مضي زمنه (لوارث) واحد أو متعدد فهذه مسألة مستقلة ليست من تتمة ما قبلها (والقياس) عند أشهب وهو حمل معلوم على معلوم لمساواته له في علة حكمه عند الحامل وإن خص بالصحيح حذف الأخير قاله في جمع الجوامع (ردّ الجميع) من ورثة المشتري بخيار (أن ردّ بعضهم) جبرًا على من أراد منهم شراء

ــ

(ولا كلام لوارث إلا أن يأخذ بماله) قول ز ويؤدي ذلك للغرماء الخ صوابه ويؤدي الثمن للبائع إذ الفرض أنه أخذه بماله فلا يؤدي للغرماء شيئًا ويحتمل أن يكون مراده ويؤدي الربح للغرماء وهو صواب كقول ابن عرفة إذا أخذه الوارث بماله فالربح للميت ونقله ح وقول ز والدين محيط بماله فلا كلام له الخ هكذا فيما رأيته من النسخ والصواب فالكلام له أي دون الغرماء كما يدل عليه ما بعده وقول ز فهل القول للوارث الخ مقتضى كلام المدونة في القسمة أن للوارث أخذ التركة إذا دفع جميع الدين لا قيمتها فقط ونصها لكل واحد من الورثة أن يفتك ما يباع عليه في الدين بأداء ما ينوبه اهـ.

(والقياس رد الجميع إن رد بعضهم) قول ز وذكر عج أن القياس هنا مركب من أمرين إلى قوله كذا يفيده النقل الخ قال عج بعد هذا ما نصه وكلام المصنف يوهم أو يدل بظاهره على أن القياس في ورثة المشتري عند اختلافهم رد الجميع إن رد بعضهم وإن إجازة الجميع إن أجاز بعضهم ليس من القياس وليس كذلك اهـ.

ص: 214

البعض فقط لأنه لما ردّ بعضهم ملك البائع ذلك ولا يلزمه تبعيض صفقته ولا بيع نصيب من ردّ فتعين ردّ الجميع كذا لد وتت وعلله في المدونة بقوله: لأن الذي ورثوا عنه ذلك لم يكن له إجازة بعض ذلك ورد بعضه فكذلك هم اهـ.

وذكر عج أن القياس مركب هنا من أمرين وهما إما رد الجميع جبرا إن ردّ بعضهم أو إجازة الجميع جبرا إن أجاز بعضهم كذا يفيده النقل اهـ.

ولا يأباه لفظ المصنف (والاستحسان) عنده أيضًا وهو معنى ينقدح في نفس المجتهد تقصر عنه عبارته والمراد بالمعنى دليل الحكم الذي استحسنه لا الحكم لأن المجتهد يذكره وهو هنا (أخذ المجيز) من ورثة المشتري (الجميع) مناب الآبي والمجيز إن شاء جبرا على البائع فإن أبى ردّ الجميع للبائع (وهل ورثة البائع) بخيار ومات قبل مضيه (كذلك) أي كورثه المشتري به فيدخلهم القياس والاستحسان أو إنما يأتي فيهم القياس فقط دون الاستحسان إذ ليس لمن رد أن يأخذ نصيب من أجاز لأن من أجاز إنما

ــ

قال طفى في أجوبته وما قاله عج غير صحيح ولا مساعد له من نقل يوافقه وما ذكره من التفصيل تهافت خرج به عن كلام الأئمة وغره قول المدونة فليس لهم إلا أن يأخذوا جميعًا أو يردوا جميعًا وهذا هو النظر ثم قالت وأستحسن لمن أجاز منهم أن يأخذ مصابة من لم يجز اهـ.

والكلام كله لأشهب ولا دليل لعج في كلامها إذ مرادها ابتداء ليس لهم إلا الرد جميعًا أو الإجازة كذلك وليس لهم التبعيض ولم تقل أنهم يجبرون على الرد كلهم أو على الإجازة كلهم بل الحكم عند الاختلاف ما قاله المازري القياس عند أشهب تكليف من أجاز أن يرد ما في يده ليكمل جميع المبيع لبائعه ولم يقل أحد القياس أن يجبروا على الرد أو الإجازة فيما علمت وقال ابن عرفة فلا إمضاء لبعض الورثة دون بعض ابن القاسم مطلقًا الشيخ عن الموازية للمجيز أخذ الجميع أشهب فيها النظر الأول والاستحسان الثاني اهـ.

والمراد بقوله النظر الأول القياس فعلم أن القياس هو أنه لا إمضاء لبعض الورثة وإنما الكلام لمن رد فيكلف من أراد الإمضاء موافقته ولذا قال ابن عرفة فلا إمضاء لبعض الورثة ولم يقل فلا رد فتدبر ما ذكرناه إذ هو المطابق لكلام المازري وابن عرفة وغير واحد ولا يلتفت إلى ما سواه اهـ.

وقال الأبياري في شرح البرهان قال أشهب إذا اشترى رجل سلعة بخيار ثم مات وله ورثة فاختلفوا فقال بعضهم نرد وقال بعضهم بل نختار الإمضاء فالقياس الفسخ ثم قال وإنما قلنا القياس الفسخ عند رد بعضهم لأن الذي ورثوا عنه الخيار لم يكن له رد بعض السلعة وقبول بعضهم بل إذا رد البعض تعين عليه رد الجميع وهم في ذلك بمنزلة مورثهم فمقتضى القياس عند رد بعضهم أن يفسخ البيع في الجميع اهـ.

(وهل ورثه البائع كذلك) الأول لابن أبي زيد في غير المختصر والثاني لبعض القرويين وقول ز لأن من أجاز إنما أجاز للأجنبي الخ كذا في ضيح ورده اللقاني بأن من رد في مسألة

ص: 215

أجاز للأجنبي أي المشتري لا للوارث قاله تت بخلاف ورثة المشتري فإن المجيز منهم يقول للبائع أنت رضيت بإخراج سلعتك بهذا الثمن فأنا أدفعه لك (تأويلان) وعلى الأول فينزل الراد منهم منزلة المجيز من ورثة المشتري بجامع أن كلا مدخل في الملك وينزل المجيز منهم منزلة الراد من ورثة المشتري بجامع إن كلا مخرج من الملك فيقال القياس إجازة الجميع للمشتري إن أجاز بعضهم لأن القياس العمل على موافقة من أراد الإخراج عن الملك لأن المشتري ملك بعض الصفقة ممن أجاز فالقياس إجازة باقيهم وليس لمن أجاز إلا أخذ ثمن نصيبه والاستحسان أخذ الراد الجميع أن ردّ بعضهم وما وقع في التوضيح والشارح وح وتت من أنه على القياس ليس له إلا نصيبه فصوابه إسقاط إلا لأنه حال إجازة الجميع لم يبق المبيع في ملكهم وإنما صار ملكًا للمشتري أو إنه على حذف مضاف أي ليس له إلا ثمن نصيبه أي أخذ ثمن نصيبه قال د وهذا الجواب حسن اهـ.

ويدل على تقدير المضاف الأول التعليل المذكور إذ هو لازم فالعلاقة اللزومية فلا وجه لقول عج لا دليل عليه (وإن جن) من له الخيار بائع أو مشتر قبل اختياره وعلم أنه لا يفيق أو يفيق بعد طول يضر بالآخر (نظر السلطان) في الأصلح له من إمضاء أو رد فإن لم ينظر له حتى أفاق أثناء الأجل أو بعده فانظر هل يستأنف له الأجل أم لا أو يفرق بين أن يطلع السلطان على ذلك قبل ويؤخر أولًا يطلع حتى أفاق وانظر أيضًا إذا لم ينظر السلطان حتى مضى أجل الخيار أو بعضه فهل يستأنف له أمد الخيار أم لا (ونظر) بالبناء للمجهول أي انتظر (المغمى) عليه أيام الخيار أي انتظرت إفاقته لينظر لنفسه بعدها على المشهور ولو تأخرت على أيام الخيار إلا أن يتضرر الآخر كما أشار له بقوله: (وإن طال) إغماؤه بعد مضي زمن الخيار أو في زمنه كما في الشارح (فسخ) فإن لم يفسخ حتى أفاق بعده

ــ

ورثة المشتري إنما رد أيضًا على الأجنبي لا على أخيه قال وإنما الفرق أن المجيز من ورثة المشتري له أن يقول لمن صار إليه نصيب غيره وهو البائع أنت رضيت بإخراج السلعة بهذا الثمن فأنا أدفعه ولا يمكن الراد أن يقول ذلك لمن صارت له حصة المجيز وهو المشتري انظر طفى وقول ز وما وقع في ضيح والشارح وح وتت من أنه على القياس ليس له إلا نصيبه الخ قد حمله ابن عاشر وطفى على ما إذا رضي المشتري بالتبعيض وإلا فيلزم الراد حينئذٍ الإجازة مع من أجاز هذا مراده (وإن طال فسخ) قول ز بعد مضي زمن الخيار أو في زمنه الخ فيه نظر بل مقتضى كلام المدونة وغيرها أن الطول إنما يعتبر بعد مضي زمن الخيار لقولها إلا أن يطول إغماؤه أيامًا فينظر السلطان فإن رأى ضررًا فسخ البيع وليس له أن يمضيه كالمجنون والصبي وإنما الإغماء مرض اهـ.

ولا يحصل الضرر للبائع إلا بالطول الزائد على أمد الخيار لأن أيام الخيار مدخول عليها بينهما ويدل لذلك قول اللخمي وإذا كان الخيار ثلاثة أيام فأفاق بعد يومين كان الخيار في اليوم الباقي ويومين بعده لأنه إنما اشترى على أن يؤامر نفسه ثلاثًا ولا مضرة على البائع في زيادة يومين اهـ.

ص: 216

استؤنف الأجل كما في الشامل وزاد وفي المفقود قولان أي هل ينظر له الحاكم أم لا بل يفسخ وانظر إذا ارتد من له الخيار هل ينظر له السلطان أيام الاستنابة فيأخذ ولو قتل لحق بيت المال أم لا وتقدم حكم ما إذا مات من جعل له الخيار (والملك) لمبيع بخيار في زمنه (للبائع) لأنه منحل فالإمضاء نقل لا تقرير وقيل للمبتاع بناء على إنه منعقد والإمضاء تقرير لا نقل لكن ملكه أي المشتري غير تام ولذا كان ضمانه من البائع باتفاقهما كما في التوضيح عن المازري فثمرة القولين في الغلة فقط كما أشار له بقوله: (وما يوهب للعبد) المبيع بالخيار في أيام الخيار لمالكه وهو البائع (إلا أن يستثنى) أي يشترط المشتري (ماله) للعبد مطلقًا أو لنفسه بما يجوز بيعه به فيكون ما يوهب له زمن الخيار للمشترط للعبد أو لنفسه كان ماله معلومًا أو مجهولًا أكثر من ثمنه أم لا انظر تت في تناول البناء عند قول المصنف ومال العبد وفيه على الرسالة ونحوه للشاذلي أن مال العبد بالنسبة إلى بيعه كالعدم على المعروف فيجوز أن يشتري بالعين وإن كان ماله عينًا واختار اللخمي اعتباره وكأنه أقرب لقصد الناس إليه اهـ.

(والغلة) الحاصلة أيام الخيار كبيض ولبن (وأرش ما جنى أجنبي له) أي للبائع ولو

ــ

نقله أبو الحسن وأما قول ضيح على قول ابن الحاجب وفي الإغماء يوقف فإن طال فسخ وقال أشهب كالجنون ما نصه قول أشهب مقيد ببقاء أمد الخيار اهـ.

فلا يفيد ذلك بل معناه أن قول أشهب مقابل لقوله وفي الإغماء يوقف لا لقوله فإن طال فسخ لأنه يوافق على الفسخ مع الطول اهـ.

والله أعلم وصرح بذلك أبو الحسن ونصه ابن يونس ابن المواز وقال أشهب له أن يرد أو يجيز في أيام الخيار وليس له بعد زوالها إلا الرد فقط اهـ.

تنبيه: يؤخذ من قول المدونة فإن رأى ضررًا الخ أن الطول الموجب للفسخ هو ما يرى الحاكم حصول الضرر به للآخر ويؤخذ من قولها وإنما الإغماء مرض الفرق بينه وبين الجنون قال أبو إسحاق التونسي أي ليس المغمى ممن يولي عليه وإنما هو مريض فأشبه الغائب نقله أبو الحسن وبذلك يجاب عن قول ابن عاشر انظر ما حد الطول ثم انظر ما الفرق بين المغمى والمجنون اهـ.

وقول ز وفي المفقود قولان الخ في ح وهل المفقود كالمجنون أو كالمغمى عليه قولان وظاهر كلام ابن عرفة ترجيح أنه كالمجنون (وما يوهب للعبد) الخبر محذوف لدلالة ما بعده عليه أي ما يوجب للعبد زمن الخيار لمالكه البائع هذا الذي في المدونة وابن الحاجب وغيرهما وقول البساطي ما يوهب ملك للعبد لا للبائع ولا للمشتري غير صواب وقول ز أو لنفسه بما يجوز بيعه الخ هذا التفصيل في بيع العبد تبع فيه تت وهو الذي صرح به ابن يونس وابن رشد وأبو الحسن كما يأتي نقله في فصل التناول وظاهر ضيح وابن ناجي وغيرهما الجواز مطلقًا بحيث لا يراعى الربابين الثمن ومال العبد قال ابن ناجي مال العبد في بيعه معه كالعدم على المعروف فيجوز بالعين وإن كان ماله عينًا واختار اللخمي اعتباره وكأنه هو الأقرب لقصد الناس إليه اهـ.

ص: 217

كان الخيار لغيره واستثنى المشتري ماله فيهما ولذا أخرهما عن الاستثناء ولعل الفرق أن الأرش بدل عن فائت منه وهو في ملكه والغلة تنشأ عن التحريك غالبًا دون ما يوهب له (بخلاف الولد) فليس للبائع لأنه كجزء المبيع لا غلة ومثله الصوف التام وغيره ولم يقل إلا الولد لإيهامه إنه من الغلة وليس للبائع وما عبر به مفيد لكونه غير غلة وأما الثمرة المؤبرة فكمال العبد للبائع إلا بشرط من المشتري (ولضمان) للمبيع بخيار إذا قبضه المشتري وادعى تلفه أو ضياعه في زمن الخيار (منه) أي من البائع فيما لا يغاب عليه حيث لم يظهر كذب المشتري وفيما يغاب عليه مع بينة على تلفه كما يأتي كان الخيار له أو لغيره كان صحيحًا أم لا (وحلف مشتر) بخيار ما لا يغاب عليه ادعى ضياعه أو تلفه بعد قبضه متهمًا أم لا وقيل إنما يحلف المتهم وصفة يمين المتهم لقد ضاع وما فرطت وغير المتهم ما فرطت خاصة قاله ق (إلا أن يظهر كذبه) كدعواه ضياع أو تلف دابة أول أمس فتشهد بينة برؤيتها عنده أمس أو ضياعها بحضرة فلان فيقول لا علم لي بذلك أو موتها ولم نشاهد فلا تقبل دعواه وعليه الضمان ولا ضمان على البائع واختلف قول ابن القاسم هل كشف ذلك على القاضي أو على من هي بيده ثم قوله: وحلف مشتر هذا إن سلم له البائع ما ادعاه من الزمن فإن ادعى المبتاع هلاكه أيام الخيار وادعى البائع إنه بعدها فإن تصادقا وقت التنازع على انقضاء أيامه فالقول للبائع بيمينه لأن المبتاع يتهم أن يكون أراد نقض البيع وإن تنازعا أيضًا في بقائها فالقول للمشتري بيمينه لأن البائع يريد تضمينه.

فرع: لو اشترى رجلان دابتين من رجل أو رجلين على خيار فادعى كل واحد إنها ماتت بموضع كذا واتفقت صفتهما أو اختلفت ولم يحفظ واحد منهما صفة ما اشترى

ــ

وينبغي حمل كلام ضيح وابن ناجي على التفصيل المذكور وذكر في ضيح أول البيوع الخلاف في اشتراء المال وحده بعد اشتراء العبد وحده هل يعتبر الربا في شراء المال بناء على أن الملحق بالعقد لا يعد واقعًا فيه وهو قول أشهب أولًا يعتبر بناء على أنه يعد واقعًا فيه وكأنه اشتراهما دفعة وهو قول مالك وابن القاسم فانظره قبل بيع الجزاف (وحلف مشتر) قول ز وصفة يمين المتهم لقد ضاع وما فرطت الخ قال ابن هارون زاد ابن حبيب ولقد ذهب قبل أن اختار ونقله أيضًا أبو الحسن وقال فإن نكل عن أحدهما غرم اهـ.

(إلا أن يظهر كذبه) قول ز أو موتها ولم تشاهد الخ هذا كقول المدونة وإن ادعى موتًا وهو بموضع لا يخفى سئل عنه أهل ذلك الموضع لأن الموت لا يخفى عليهم فإن تبين كذبه أو لم يعلم ذلك بالموضع أحد فهو ضامن اهـ.

وقال في غير دعوى الموت كدعوى إباق الرقيق أو انفلات الدابة أو سرقتها يصدق بيمينه ولا يكلف البينة وإن كان بموضع لا يجهل قال أبو الحسن أي لا يجهل إباق الرقيق وانفلات الدابة والفرق ما أشار إليه في المدونة من أن الموت لا يخفى على أهل الموضع بخلاف غيره فإن قيام البينة عليه متعذر إذ العبد لا يرصد لوقت إباقه إلا الخلوة قاله أبو الحسن وقول ز ثم قوله وحلف مشتر هذا إن سلم الخ يعني أن سقوط الضمان عن المشتري

ص: 218

وقال أهل ذلك الموضع لم يمت عندنا إلا دابة واحدة فقيل كل واحد منهما مصدق ولا شيء عليه لأن أحدهما صادق قطعًا والآخر لا يضمن بالشك وقيل يضمن كل واحد منهما النصف وصوبه عبد الحق قاله أبو الحسن وعطف على يظهر قوله: (أو يغاب عليه) فيضمنه في دعوى تلفه أو ضياعه (إلا ببينة) تشهد له بضياعه أو تلفه بغير سببه وتفريطه فالاستثناء راجع لما يغاب عليه فقط لا لما لا يغاب عليه أيضًا إذا ظهر كذبه إذ لا تقبل بينته المعارضة لظهور كذبه كذا يستفاد من تقرير الشارح وبعض الشراح وفي تت ما يقتضي إنه يرجع له أيضًا لأنه قال بعد قوله: إلا ببينة على دعواه فيهما يصدق ولا ضمان عليه حينئذٍ لأنه ضمان تهمة تقطعها البينة اهـ.

فقوله: فيهما أي فيما يغاب عليه وما لا يغاب عليه حيث لم يحلف فيه أو ظهر كذبه فمحل ضمانه إلا لبينة ويحتمل أن ضمير فيهما للتلف والضياع فيما يغاب عليه فقط فيوافق الشارح لكن ليس في تت دعوى ضياعه وإنما اقتصر على دعوى تلفه قال د قوله: أو يغاب عليه ظاهر كلامه إنه لا يمين على المشتري في هذه الحالة وفي باب الرهن جعله يحلف مع الضمان أي حيث قاله فيه وحلف فيما يغاب عليه إنه تلف بلا دلسة وإنه لا يعلم موضعه والفرق بين البابين ظاهر وذلك لأن المشتري قبض المبيع هنا على إنه ملكه فكان جانبه أقوى ممن قبضه على إنه ملك الغير فلذلك حلف هـ4ناك ولم يحلف هنا ونفي اليمين هنا يفهم من قول الشارح فيما إذا ظهر كذبه ولم نحلفه لأنا إنما نحلفه إذا لم يضمنه اهـ.

كلام د وانظر النقل في الحلف في بقية الأبواب التي يفرق فيها بين ما يغاب عليه وغيره ولما بين المحل الذي يضمن فيه المشتري ذكر ما يضمنه فقال: (وضمن المشتري) بخيار وأتلفه أو ضيعه (أن خير البائع) أي إن كان الخيار له (الأكثر) من الثمن أو القيمة يوم القبض لأن من حجته أن يقول أمضيت إن كان الثمن أكثر ورددت إن كانت القيمة

ــ

فيما لا يغاب عليه مقيد بما إذا لم يقع التنازع بعد انقضاء أمد الخيار هل هلكت في زمن الخيار أو بعده وإلا فالقول للبائع بيمينه أنه هلك بعده ويضمن المشتري ونص ابن عرفة محمد عن ابن القاسم من ابتاع عبدًا بخيار له فهلك فقال هلك في أمد الخيار وقال البائع بعده صدق لأن المبتاع يطلب نقض البيع فعليه البينة الشيخ يعني واتفقا على مضي الأمد ولو قال المبتاع لم ينقض صدق مع يمينه لأن البائع يريد تضمينه وقول ز وإن تنازعا أيضًا في بقائها الخ أي بقاء أمد الخيار فالقول للمشتري أنها باقية وينتفي عنه الضمان بيمينه وما ذكره ز في هذه المسودة كله لأبي الحسن (أو يغاب عليه) قول ز ظاهر كلامه أنه لا يمين على المشتري الخ يدل على أنه لا يمين عليه مع الضمان قول المصنف بعده إلا أن يحلف فالثمن فإنه صريح أو كالصريح في أنه إذا غرم القيمة وهي أكثر أو غرم الثمن وهو مساو أو أكثر لا يكلف باليمين وهو ظاهر وقول ز قبض المبيع على أنه ملكه الخ فيه نظر لأن الملك للبائع ثم الفرق واضح في خيار المشتري لأنه لا يتهم على إخفائه وهو قادر على إمضاء البيع فيه وغير واضح في خيار البائع (وضمن المشتري أن خير البائع الأكثر) أي فيما لا يغاب عليه إن نكل

ص: 219

أكثر ولا يقال كيف يتأتي الإمضاء في معدوم لأنا نقول العدم غير محقق فكأنه في موجود كما في د البساطي الذي يقتضيه النظر استفساره قبل إلزام المشتري فإن أمضى البيع فليس له إلا الثمن وإن رد فله القيمة ولا يلزم المشتري الأكثر ابتداء قاله تت (إلا أن يحلف) المشتري أنه تلف أوضاع بغير سببه (فالثمن) يضمنه دون القيمة إن كانت أكثر لا إن كانت أقل أو مساوية فالثمن دون يمين كما يرشد له المعنى ويفيده ق وشبه في ضمان الثمن قوله (كخياره) أي المشتري إن أتلف ما فيه الخيار له فيضمن الثمن وإن كانت القيمة أقل وادعى الرد وحلف على ذلك عند ابن القاسم لأنه يعد راضيًا وقال أشهب: تلزمه القيمة إذا كانت أقل وانظر لو كان الخيار لهما (وكغيبة بائع) على المبيع وادعى تلفه (والخيار لغيره) مشتري أو أجنبي فيضمن فقط الثمن لا الأكثر منه ومن القيمة لقوة تصرفه بملكه بخلاف السابقة وسواء كان مما يغاب عليه أم لا كمن أتلف سلعة وقفت على ثمن فيضمنه حينئذ لا القيمة التي هي الأصل في المتلفات وضمان البائع الثمن يوم الغيبة عليه والمشتري يضمن له الثمن أيضًا ويتقاصان إن وجدت شروط المقاصة وإلا غرم البائع الثمن عند الغيبة والمشتري وقت حلول ما أجل عليه ولما قدم حكم جناية في قوله وأرش ما جنى أجنبي له ذكر جناية البائع أو المشتري زمن الخيار على المبيع وصوره ست عشرة لأن الجناية إما من البائع زمن خياره أو خيار غيره وهي إما عمد أو خطأ وفي كل من هذه الأربع إما أن تتلف أم لا فهذه ثمانية وإما من المشتري وفيها الصور المذكورة وبدأ بحكم جناية البائع زمن خياره عمدًا فقال: (وإن جنى بائع والخيار له عمدًا) ولم يتلف (فرد) أي فعله دال على رد البيع قبل جنايته إذ هذا تصرف يفعله الشخص في ملكه وبهذا التقرير يجاب كما في د عن كلام أشهب الذي في الشارح وتت المقابل للمصنف ثم هذا تكرار مع قوله سابقًا وهو رد من البائع إلا الإجارة اغتفر جمعًا للنظائر (وخطأ فللمشتري) إن

ــ

أو ظهر كذبه وفيما يغاب عليه ولم تقم بينة لكن قوله إلا أن يحلف خاص بالأخير إذ لا يمين مع ظهور الكذب قاله ابن عاشر (كخياره) قول ز وقال أشهب تلزمه القيمة إذا كان أقل الخ يعني إذا حلف قال ابن عرفة أشهب إن كان الخيار للمبتاع غرم الأقل منهما فإن كان الثمن فبدون يمين وإن كان القيمة فبعد يمينه اهـ.

وقول ز وانظر إذا كان الخيار لهما الخ الظاهر أن يغلب جانب البائع كما جزم به هو عند قول المصنف وإن تلفت ضمن الأكثر (وكغيبة بائع) أي فيضمن الثمن فقط بعد حلفه لقد ضاع كما في ق عن اللخمي وقول ز وإلا غرم البائع الثمن الخ الظاهر أنهما يتقاصان مطلقًا لأن البائع يضمن الأكثر على الوجه الذي وقع عليه البيع من أجل أو حلول ولذا قال اللخمي كما في ق فعلى قول ابن القاسم يحلف البائع لقد ضاع ويبرأ اهـ.

وظاهره مطلقًا (وإن جنى بائع والخيار له الخ) قول ز وبهذا التقرير يجاب عن كلام أشهب الخ قول أشهب هو أن ذلك ليس برد قال لأنه قادر على رده سالمًا فرده للبائع بواسطة

ص: 220

أجاز البائع البيع بماله فيه من خيار التروي (خيار العيب) إن شاء تمسك ولا شيء له أو رد وأخذ ثمنه وهذا إن أمضى البائع البيع كما علمت فإن رده فلا خيار للمشتري وإنما لم تكن جنايته خطأ ردًّا كجنايته عمدًا لأن الخطأ مناف لقصد الفسخ قاله الشارح (وإن تلفت انفسخ فيهما) أي في العمد والخطأ ولو اقتصر على قوله وإن تلفت انفسخ كفاه ويكون متعلقًا بمسألة الخطأ فقط إذ مسألة العمد حكم فيها بالرد و (ظاهره) تلف أم لا وهو كذلك لكن قصده إفادة هذه الأحكام بطريق الصراحة (وإن خير غيره) أي غير البائع وهو المشتري ولو قال وإن خير مشتر لكن أخصر لكن كان يبرز ضمير (وتعمد) البائع الجناية ولم تتلف (فللمشتري الرد) للبيع أي نقضه وأخذ ثمنه (أو أخذ) أرش (الجناية) وإمضاء البيع وعدل عن أن يقول أو أخذ قيمة العيب لأنه إذا أوضحه وبرئ على غير شين فله أخذ أرش الموضحة وهو نصف عشر القيمة مع أنه ليس ثم عيب كذا أشار له الشارح وسيأتي أن الموضحة إن كان فيها شيء مسمى كموضحة برأس فيأخذه وإن برئت على غير شين وإن لم يكن فيها شيء مسمى كموضحة بلحى أسفل فإن برئت على غير شين فلا شيء فيها وعلى شين فعلى ما يراه القاضي واستشكل أخذ المشتري أرش الجناية مع أن البائع جنى على سلعته إذ بيع الخيار منحل وأجيب بأنه لما كان الخيار للمشتري ويحتمل أن يمضي فكان البائع عدا على ما للغير فيه حق انظر تت وفي د إنما كان له الأرش لاتهام البائع على قصد الرد بخلاف ما إذا جنى أجنبي وبهذا ظهر الفرق بين المسألتين والجامع بينهما إن الملك للبائع والجناية على ما هو في ملكه (وإن تلفت ضمن) البائع للمشتري (الأكثر) من الثمن إذ من حجة المشتري أن يقول رددت أو القيمة لأنه يقول أخذت وهذا إذا كان الخيار للمشتري كما مر لأجنبي ورضي بما يفعله المشتري وإلا فإن رد فلا كلام للمشتري وإن أجاز ضمن البائع الثمن كذا ينبغي ولا معارضة بين قوله ضمن الأكثر وقوله قبله وكغيبة بائع من ضمانه الثمن فقط لأنه ادعى فقط تلفه وهنا تلفت بالفعل كما هو ظاهر من المصنف (وإن أخطأ) البائع والخيار لغيره (فله أخذه ناقصًا) من غير أرش ولو كان للجناية مال مقرر وبرئت على شين أو غيره لأنه ملكه ولم ينظر لتعلق حق المشتري كما مر لوجود خطأ البائع (أو رده) ولم يقل بدل هاتين الكلمتين فله خيار العيب كما مر مع أنه المراد هنا أيضًا تفننًا وحذرًا من صورة التكرار مع القرب وتبيينا لمعنى خيار العيب وهذا أولى من مراعاة الاختصار (وإن تلفت) بجناية البائع خطأ والخيار للمشتري (انفسخ) البيع ولم يقل هنا فيهما لتبيينه الحكم مختلفًا وهنا تم الكلام على صور جناية البائع الثمانية وشرع في ثمانية المشتري فقال: (وإن جنى مشتر والخيار له ولم يتلفها عمدًا فهو رضا) وهو تكرار مع قوله أو

ــ

تعييبه المبيع لا يصدر عن عاقل (وإن تلفت ضمن الأكثر) قول ز وإن أجاز ضمن البائع الثمن صوابه القيمة وقول ز وهنا تلفت بالفعل الخ هذا الفرق غير صحيح والصواب في الفرق أنه في قوله وكغيبة بائع لم يعلم كون المبيع تلف عمدًا وهنا علم تعمده فما تقدم هو قوله هنا وإن تلفت انفسخ (والخيار له ولم يتلفها) في بعض النسخ وإن جنى مشتر والخيار له أو أتلفها

ص: 221

جنى إن تعمد اغتفر جمعًا للنظائر (وخطأ فله رده وما نقص) لأن الخطأ والعمد في أمواله الناس سواء وله التمسك به معيبًا ولا شيء له لأنه تبين أنه جنى على ملكه ويغرم الثمن للبائع قال المصنف والقياس أن يغرم للبائع الأرش إذا تماسك لأنه في ضمانه ووجه الأول ببنائه على ضعيف وهو أن الملك للمشتري زمن الخيار انظر تت بمعناه ولم يعد خطؤه رضا كجنايته عمدًا لأن المخطيء لا يقصد بفعله التمسك كما لا يقصد به البائع الفسخ (وإن أتلفها) بجنايته عمدًا أو خطأ (ضمن الثمن) وهو تكرار مع قوله كخياره اغتفر لجمع النظائر (وإن خير غيره) أي غير المشتري وهو البائع أو أجنبي (وجنى) المشتري (عمدًا أو خطأ فله) أي للبائع رد المبيع و (أخذ) أرش (الجناية أو الثمن) إن أمضى البيع في العمد والخطأ كما هو ظاهره كظاهر ابن الحاجب وابن شاس وبه شرح الشارح وتت ومن وافقهما والذي يفيده نقل ح عن ابن عرفة إن محل التحيير المذكور للبائع حيث كانت الجناية عمدًا فإن كانت خطأ فالخيار للمبتاع في دفع الثمن وأخذ المبيع وفي ترك المبيع مع دفع أرش الجناية في الحالتين (وإن تلفت ضمن الأكثر) من الثمن الذي وقع به البيع إذ له إمضاء البيع والقيمة إذ له رده وهذا واضح إن كان الخيار للبائع وكذا لأجنبي ورضي بما يفعله البائع وإلا فله الإجازة وأخذ الثمن وله الرد وأخذ القيمة ولا كلام للبائع حينئذ كذا يظهر فإن اشترط الخيار للبائع والمشتري غلب جانب البائع ثم تكلم على الاختيار المجامع للخيار والمنفرد عنه وبدأ بالأول فقال: (وإن اشترى أحد ثوبين) لا بعينه من شخص واحد (وقبضهما ليختار) أي يعين منهما واحدًا وهو فيما يعين بالخيار الشرعي في إمساكه ورده (فادعى ضياعهما ضمن واحدًا) منهما (بالثمن) الذي وقع به البيع لأنه مبيع ولا ضمان عليه في الآخر لأنه فيه أمين واحترزت بقولي وهو فيما يعين بالخيار عما إذا كان الخيار للبائع فإن المشتري يضمن له واحدًا بالأكثر من الثمن أو القيمة إلا أن يحلف فيضمن الثمن خاصة ويجري مثل هذا في قوله أو ضياع واحد (فقط) راجع لقوله واحدًا لا لقوله بالثمن قاله الشارح ولعل وجهه أنه لو رجع لقوله الثمن لتوهم أنه يضمن الآخر

ــ

عمدًا بعطف أتلف على محذوف تقديره ولم يتلفها ولا شك أن هذه أنسب مما في الأصل لأن العمد بقسميه دليل الرضا كما تقدم في قوله أو جنى إن تعمد ولا يحسن التعبير بالضمان في جانب العمد وإنما يقال يعد رضًا وإن كان المؤدي واحدًا قاله ابن عاشر (فله رده وما نقص) الأولى لو عبر بأرش الجناية لما تقدم في قوله أو أخذ الجناية (وإن تلف ضمن الأكثر) هذا تكرار أيضًا مع قوله وضمن المشتري أن خير البائع الأكثر أعاده لتتميم الأقسام (وإن اشترى أحد ثوبين وقبضهما ليختار) قول ز وهو فيما يعين بالخيار الخ حمل ما هنا على الخيار به قرر ح ومثله في ضيح وابن الحاجب ويدل عليه سوق المسألة في باب الخيار ويعينه قول المصنف وله اختيار الباقي لأنه لو كان على الإلزام فيما يختاره لم يكن له إذا ضاع أحدهما أن يختار الباقي بل يلزمه النصف من الباقي والنصف من التالف كما صرح به ابن يونس نقله ق وهم جد عج وخش المصنف في الإلزام والخيار ويرده ما ذكرناه (ضمن واحدًا بالثمن) أي إن لم تقم بينة على التلف لما تقدم في قوله أو يغاب عليه إلا ببينة

ص: 222

بغير الثمن قاله د (ولو سأل) المشتري البائع (في إقباضها) له وقيل إن سأله ضمنهما لكن أحدهما بالقيمة لأنه غير مبيع والآخر بالأقل من الثمن أو القيمة لأنه قادر على التزامه بالثمن ورده فيضمن قيمته إن كان أقل بعد حلفه (أو) ادعى (ضياع واحد) في الفرض المذكور (ضمن نصفه) لعدم العلم بكون الضائع المبيع أو غيره فأخذ بالنصف عملًا بالاحتمالين فلا ضرر ولا ضرار واستشكل بأن ضمانه إن كان للتهمة فكان يضمن جميعه لاستحالة تهمة في نصفه وإن كان لغيرها لم يضمن نصفه ابن عرفة ويرد بأن شرط اتحاد تهمة ضمانه كونها في مشتري له ومشتراه أحدهما مبهمًا ففض عليهما فكان مشتراه نصف كل منهما فصار كثوبين أحدهما مشتري بخيار الآخر والآخر وديعة ادعى تلفها انظر تت (وله) بعد ادعاء ضياع واحد مع بقاء زمن الخيار (اختيار) جميع (الباقي) وله أن لا يختار شيئًا وليس له اختيار نصف الباقي على المشهور لأن ذلك ضرر على البائع وقال محمد إنما له اختيار نصف الباقي وهو القياس لأن المبيع ثوب واحد وإذا اختار جميع الباقي لزم كون المبيع ثوبًا ونصفًا وهو خلاف الفرض وأجيب بأنه أمر جرت إليه الأحكام ومثل هذا يقتنع به في الأمور الظنية وأيضًا فإن في اختيار نصف الباقي ضرر الشركة فلا يرتكب فإن قال كنت اخترت هذا الباقي ثم ضاع الآخر مني لم يصدق كما في المدونة ويضمن نصف التالف فإن قال كنت اخترت التالف ضمنه بتمامه وانظر هل له اختيار الباقي أولًا أو له ذلك بعد يمينه وأشعر ذكره ثوبين وتعبيره بادعى أن المبيع مما يغاب عليه ولم تقم على هلاكه بينة فإن قامت لم يضمن أو كان ما لا يغاب عليه كقبضه عبدين ليختار واحد أو هو فيما يختاره بالخيار فادعى ضياعهما فلا ضمان عليه فيهما أو ضياع واحد فقط فلا ضمان عليه فيه ويخير في أخذ جميع الباقي ورده فإن كان فيما يختاره من

ــ

فالمسألة جارية على التفصيل السابق وإنما أجمل هنا اتكالًا على قرب العهد انظر ح (ولو سأل في إقباضهما) قول ز والآخر بالأقل من الثمن والقيمة الخ فيه نظر والظاهر أنه يضمنه بالثمن مطلقًا لأن المردود بلو هو قول ابن القاسم في الموازية والذي تقدم من مذهبه في قول المصنف كخياره هو الضمان بالثمن وأن القائل يضمن الأقل بعد حلفه هو أشهب لكن وقع في ضيح ما يوهم ما ذكره ونصه فعلى المشهور يضمن واحدًا بالثمن ولا ضمان عليه في الثاني لأمانته فيه وعلى قول أشهب يضمن أحدهما بالقيمة لكونه غير مبيع ويضمن الآخر بالأقل من الثمن والقيمة لأنه قادر إذا كان الخيار له أن يلتزمه بالثمن أو يرده فيضمنه بالقيمة بعد حلفه وعلى القول بالتفرقة إن سأل في إقباضهما فكقول أشهب وإلا فكالمشهور اهـ.

ببعض إيضاح وقد يقال مراده بقوله فكقول أشهب في كونه يضمنهما معًا وليس تشبيهًا تامًّا والله أعلم (وله اختيار الباقي) قول ز فإن قال كنت اخترت التالف إلى وانظر هل له اختيار الباقي الخ الذي يفيده ما في ح عن الرجراجي وابن يونس وهو الظاهر أنه ليس له اختيار الباقي حيث قال كنت اخترت الذي ضاع بل يلزمه رد الباقي وثمن التالف وقول ز والثاني لازم للمبتاع الخ هذا إنما نقله ابن يونس عن قول أشهب في غير المدونة كما في أبي الحسن ومثله في ح والموافق للمدونة أن المبتاع يلزمه النصف من كل لأن البيع على الإلزام

ص: 223

العبدين باللزوم وادعى ضياع واحد فمن البائع والثاني لازم للمبتاع ذكره ابن يونس عن غير المدونة فإن تلفا في الفرض المذكور وهو فيما يختاره من العبدين باللزوم ضمن واحدًا وسيأتي في قوله وفي اللزوم لأحدهما الخ أن ح يعمها حتى في العبدين وقولي من شخص واحدًا احتراز عن اشترائه بالخيار ثوبين من رجلين في عقد فاختلطا عنده أيامه فإن البيع يلزمه مع بقائهما بالثمن بعد حلف كل من البائعين أن ثوبه لبس واحدًا منهما وقسم ثمنهما بينهما وليس له رد واحد منهما إن لم يعرفه هو أو غيره وإلا حلف ورده فإن ادعى ضياعهما أو ضياع واحد ضمن على قاعدة ضمان ما ضاع أيام الخيار إلا لبينة وانظر بسط ذلك في تت الكبير وشبه في مطلق الضمان قوله (كسائل) رجلًا (دينارًا) قضاء عن دين أو قرضًا (فيعطي) السائل (ثلاثة ليختار) على أن له أحدها غير معين من حين القبض وقولي في مطلق الضمان ظاهر لأنه لا يتأتى هنا أنه تارة يكون فيما يختاره منها بالخيار أو اللزوم (فزعم تلف اثنين) أو قامت له بينة كما في د عن أبي الحسن فلا مفهوم لزعم الذي هو قول لا دليل عليه وصرح بما يفيده التشبيه لخفائه بقوله: (فيكون شريكًا) بالثلث في السالم والتالف فله في السالم ثلثه وعليه ثلث كل من التالفين لا نصفهما وهذا أيضًا ثمرة قولي في مطلق الضمان وأيضًا ليس له اختيار الباقي وتركه كما يفهم من قوله فيكون شريكًا والفرق بينه وبين الثوبين سهولة الصرف فلا ضرر في الشركة بخلافهما ويحلف المتهم على الضياع ليبرأ من ضمان الثلثين فإن لم يحلف ضمنهما وقولي على أن له أحدهما غير معين من حين القبض احتراز عما إذا قبضها ليريها أو يزنها على أنه إن وجد فيها طيبًا وازنًا أخذه وإلا رد جميعها فلا شيء عليه لأنها أمانة فإن قبضها لتكون رهنًا عنده حتى يقتضي منها أو من غيرها ضمن جميعها إلا أن يثبت الضياع فإن ادعى عليه الدافع أنه أخذ واحدًا من حين القبض وادعى الآخذ أنه أخذ واحد بعد ما رآها جيادًا أو الذي أخذه فقط صدق الآخذ بيمينه وعاد لتتميم أقسام مسألة الثوبين بادئًا بقسيم قوله أحد كما في د فقال: (وإن كان) اشتراهما معًا على أن له فيهما خيار التروي وقبضهما بالواو (ليختارهما) أو يردهما فالمراد باختيارهما أنه فيهما بالخيار لا الاختيار القسيم للخيار لعدم تصوره هنا مع فرض شرائهما معًا بدليل قوله: (فكلاهما مبيع) وأتى بقوله: (ولزماه

ــ

(فزعم تلف اثنين) هكذا في المدونة زاد سحنون في الأمهات ومعناه أن تلف الدينارين لا يعلم إلا من قوله وأسقطه أبو محمد بن أبي زيد واعترضه على سحنون غير واحد ولذا قال ابن يونس والصواب أن لا فرق بين أن لا يعلم ذلك إلا بقوله أو بالبينة أي لأنه قبضهما على وجه الإلزام وقال ابن عرفة الأظهر ما قاله سحنون في الدنانير لأنه لا يلزم من لزوم الضمان في مسألة الثياب مع قيام البينة لزومه في الدنانير مع قيام البينة فإن أحد الثوبين وجب للمشتري بالعقد والمترقب باختياره تعيينه لا لزومه من حيث كونه أحدهما والدنانير لم يجب له أحدها من حيث هو أحدها بمجرد قبضها لتوقف ما يجب له منها على كونه دانقًا (فكلاهما مبيع) يؤخذ منه أنه إذا ادعى ضياعهما معًا لزماه معًا بالثمن وإن ادعى ضياع واحد

ص: 224

بمضي المدة) وإن استفيد من قوله فيما مر ويلزم بانقضائه ليرتب عليه قوله: (وهما بيده) مع أنه مستفاد أيضًا من قوله ورد في كالغد فذكره هنا لتتميم أحكام مسألة الثوبين واحترز به عما إذا كانا بيد البائع فلا يلزم المشتري شيء منهما لأنه ليس هنا إلا بيع خيار فقط فإذا مضت مدته والمبيع بيد البائع لم يلزم المشتري شيء خلافًا فالقول بعض الشراح يلزمه النصف من كل ثم إذا كانا بيد المشتري وادعى ضياعهما ضمنهما وهذا معلوم مما سبق وكأنه ذكره ليرتب عليه ما بعده قاله د ثم ذكر الاختيار المنفرد عن الخيار بقوله: (و) إن اشترى ما يغاب عليه أم لا كثوب أو عبد يختاره من ثوبين أو عبدين وهو فيما يختاره (في اللزوم) أي به لا بالخيار (لأحدهما) ومضت أيام الاختيار وتباعدت وهما بيد البائع أو المبتاع ولم يختر ولم يدع ضياع شيء منهما فإنه (يلزمه النصف من كل) منهما لأن ثوبًا قد لزمه ولا يعلم ما هو منهما فوجب أن يكون فيهما شريكًا كذا قرره الشارح ق وغيرهما وقرره ح على أنه ادعى ضياعهما أو ضياع واحدًا أو قامت له بينة كانا بيد البائع أو المبتاع فالمصنف على الأول سورة واحدة وعلى الثاني صورتان وعلى التقريرين لا فرق بين كونهما بيد البائع أو المبتاع كما مر سواء مضت أيام الاختيار كما في الشارح كما قدمنا عنه أم لا كما يفيده ح (و) إن اشترى أحدهما ليختاره وهو فيما يختار بالخيار كما أشار له بقوله: (في الاختيار) فمراده به الخيار فمضت مدة الخيار وما في حكمها وهما بيده ولم يختر فإنه (لا يلزمه شيء) منهما إذا لم يقع البيع على معين حتى يلزمه ولا على إيجاب أحدهما حتى يكون شريكًا ومن باب أولى إذا كانا بيد البائع ولا يعارض كلامه هنا قوله فيما مر ويلزم بانقضائه لأنه فيما إذا كان المبيع معينًا وما هنا واحدًا لا بعينه يختاره من متعدد ولا يستغنى عن هذه بقوله: وإن اشترى أحد ثوبين الخ لأن تلك في الكلام عليها من حيث الضمان وعدمه عنده دعوى ضياعهما أو واحد وهذه من حيث عدم اللزوم مع بقائهما وإن كان في كل منهما خيار واختيار ومحصل المصنف في مسألة الثوبين ثلاثة

ــ

فقط لزمه بحصته من الثمن كما في المدونة ابن يونس قال بعض فقهائنا القرويين ولو كان الهالك منهما وجه الصفقة لوجب أن يلزماه جميعًا كضياع الجميع ويحمل على أنه غيبه اهـ.

قال في تكميل التقييد حكى ابن محرز هذا التقييد عن بعض المذاكرين ثم قال وهذا غلط والصواب أن له رد الباقي كان الوجه أو التبع وذلك لأن ضمانه إياه بثمنه إنما هو حكم من أجل التهمة وليس يحتم عليه بأنه احتبسه لنفسه ولو حتمنا عليه بذلك لم يكن له رد الباقي كان الوجه أو التبع اهـ.

(وفي اللزوم لأحدهما يلزمه النصف من كل) قول ز ومضت أيام الاختيار الظاهر أنه كأمد الخيار السابق وقول ز فالمصنف على الأول صورة واحدة وعلى الثاني صورتان الخ الأولى حمله على الصور الثلاث لأنه يلزمه النصف من كل إن مضت المدة أو ضاعا أو أحدهما وهذا التقرير هو الظاهر من ح وسواء قامت بينة على الضياع أولًا لأن البيع على

ص: 225

أقسام في كل قسم ثلاث صور بقاؤهما وادعاء ضياعهما أو واحد القسم الأول ما فيه خيار واختيار وأشار له بقوله: وإن اشترى أحد ثوبين إلى قوله وله اختيار الباقي وأشار إلى حكم بقائهما مع مضي أيام الخيار والاختيار فيها بقوله وفي الاختيار لا يلزمه شيء القسم الثاني ما فيه خيار فقط وأشار له بقوله وإن كان ليختارهما فكلاهما مبيع إلى قوله بيده القسم الثالث ما فيه اختيار فقط وأشار له بقوله وفي اللزوم لأحدهما يلزمه النصف من كل أي سواء ضاعا أو أحدهما أو بقيا حتى مضت أيام الاختيار كما مر ففي كل قسم ثلاث صور كما مر وصرح بالثلاثة في القسم الأول وصرح هنا في الثاني بمضي المدة وهما بيده وذكر فيما مر حكم دعواه ضياعهما أو أحدهما بقوله وحلف مشتر إلا أن يظهر كذبه أو يغاب عليه إلا ببينة وقد علمت تعميم الثالث وقول تت ذكر خمس صور صحيح بالنظر لما صرح به المصنف بحسب الصورة وإن رجع بحسب التعميم لما قلنا أنه ذكر أقسامًا ثلاثًا في كل قسم ثلاثة صور واعترض شيخنا ق عبارته بقوله كلام غير محرر اهـ.

أي في القسم الثاني والثالث من تت ولما أنهى الكلام على خيار التروي أتبعه بخيار النقيصة أي العيب فقال: (ورد) المبيع المفهوم من السياق أي ثبت الخيار في رده (بعدم) وجود وصف (مشروط) ذلك الوصف للمبتاع وله (فيه غرض) كان فيه مالية ككونها طباخة فلا توجد كذلك أو لا مالية (كثيب) أي شرط في أمة اشتراها أنها ثيب (ليمين) عليه أن لا يطأ بكرًا (فيجدها بكرًا) ويصدق في دعواه أن عليه يمينًا ولا يصدق في غيره إلا ببينة أو بوجه كما إذا اشترط أنها نصرانية ليزوجها لغلامه النصراني الثابتة نصرانيته فوجدها مسلمة كما في تت وح والفرق أن اليمن مظنة الخفاء ولا كذلك غيرها وفي تمثيل غ وتت بحلفه أن لا يملك بكر انظر لحنثه بمجرد الشراء البت الذي الكلام فيه هنا ولو

ــ

اللزوم ولا فرق في ذلك بين ما يغاب عليه وغبره (كثيب ليمين) قول ز وفي تمثيل غ وتت بحلفه أن لا يملك بكر انظر الخ تعبير وقت بأن لا يملك هو الموافق لعبارة ابن عرفة وأصله في البيان عن أبي الأصبغ بن سهل ونصه قال القاضي أبو الأصبغ كتب إليّ من فاس بمسائل منها رجل ابتاع جارية وشرط أنها ثيب فألفاها بكرًا فأراد ردها هل له ذلك فأفتيت إن كان شرط أنها ثيب لوجه يذكره معروف من يمين عليه أن لا يملك بكرًا أو أنه لا يستطيع افتضاض الأبكار وشبه ذلك من العذر الظاهر المعروف فله ردها وإلا فلا رد له كما في الواضحة اهـ.

قال طفى فقول عج في التمثيل به نظر لأنه بمجرد الشراء يحنث كمن حلف أن لا يشتري فاشترى شراء فاسدًا غير ظاهر وقياسه غير صواب اهـ.

وهو ظاهر لأن من حلف أن لا يشتري فاشترى شراء فاسدًا قد وجدت منه حقيقة الشراء فلذا يحنث وفيما هنا حلف أن لا يملك بكرًا فاشترى بشرط الثيوبة فحيث انتفى الشرط لم يلزمه الشراء فلم يقع ملك يحنث به فتأمل وبهذا يرد ما اختاره بعضهم من الحنث مع الرد جمعًا بين ما هو المنصوص من الرد وبين ما لعج ويرد أيضًا بأن المبتاع إنما يثبت له الخيار من أجل اليمين وخشية الحنث منها فإذا حنث وانحلت اليمين فلا موجب للخيار تأمل.

ص: 226

فاسدًا ولو على أن الرد نقض للبيع مراعاة للقول بأنه ابتداء بيع لوقوع الحنث بأدنى سبب فلا يمكن من الرد وإذا كان شرط الثيوبة معمولًا به فأولى شرط البكارة فإن ادعى المشتري أنه وجدها ثيبًا والبائع أنه باعها بكر انظرها النساء فإن قطعن بشيء عمل به ولا يمين على من قطعن له إن لم يقطعن ورأين أثرًا قريبًا حلف البائع أنه باعها بكرًا إلا أن المبتاع أزالها إذ قد تزول بوثبة إلا أن يتحقق إزالة المشتري لها فيحلف على ذلك وإن لم يرين أثرًا قريبًا حلف المبتاع وردها فإن نكل لزمته بعد حلف البائع (وإن) حصل الشرط (بمناداة) عليها إنها طباخة مثلًا فترد بعدمه ولا يكون ذلك من تلفيق السمسار وإذا شرط سمن بقر فوجده سمن غنم فلا رد لأنه أجود كما في السماع ولكن قال ابن رشد سمن البقر عندنا أجود من سمن الغنم أي وكذا عدنا بمصر وإن وجد أدنى مما شرط فله الرد وإن أشكل هل ما شرطه أفضل أو ما وجده فله الرد لأن الأصل أعمال الشرط (لا إن انتفى) الغرض ويلزم منه انتفاء المالية فيلغي الشرط كعبد للحراثة ويشترط أنه غير كاتب فيوجد مع ذلك كاتبًا فهو من أفراد ما إذا وجد أعلى مما اشترط (و) رد (بما العادة السلامة منه) مما ينقص الثمن أو المبيع أو التصرف (كعور) وأولى عمي والمبيع غائب أو المبتاع لا يبصر حيث كان ذلك ظاهرًا فإن كان خفيًّا رد ولو مع حضور المبيع وإبصار المشتري على ما يأتي في قوله ولم يحلف مشتراه عيت رؤيته الخ وذهاب بعض نور العين كذهاب كله حيث كانت العادة السلامة منه وأدخلت الكاف الإباق والسرقة ولو في الصغير فإنه ينقص الثمن وإن لم ينقص المبيع (وقطع) ولو لأنملة كوجود الرقيق بأصبع زائدة لها إحساس ويتعيب المبيع بوجودها وإلا لم ترد به كذا يظهر (وخصاء) بالمد وإن زاد في ثمن رقيق بمصر ونحوها لأن ذلك منفعة غير شرعية كزيادة ثمن الجارية المغنية فإنه إذا وجدها مغنية فله ردها قاله في الجلاب والمجبوب كالخصي وقد يبحث في ذلك بقوله وبما العادة السلامة منه والعادة بمصر ونحوها ارتفاع الثمن بما ذكر ثم كلام المصنف في غير فحل غنم أو بقر معد لعمل فإن الخصاء ليس عيبًا فيه لجريان العادة بأن لا يستعمل في ذلك إلا الخصي وإذا لوحظ أن قوله وخصي مثال لما العادة السلامة منه كان مفيدًا لذلك ليطابق الممثل له قاله د. وزعم بعضهم أن لحم فحل الغنم أطيب من خصيه ولو أسمن والحق الرجوع للعادة قاله عج ولعله عبر بزعم لمنافاته لقول المصنف في الضحية وفحل إن لم يكن الخصي أسمن مع قولهم المطلوب في الضحية طيب اللحم (واستحاضة) في وخش أو عليّ إن حاضت عند البائع لا إن حاضت حيضة الاستبراء ثم استمرت مستحاضة فمن المبتاع ولا رد له قاله في الشامل أي لأنه ليس بقديم إلا بشهادة

ــ

تنبيه: قول ابن سهل لوجه يذكره معروف من يمين عليه الخ يدل على أنه لا يصدق فيما ادعاه من اليمين كما لا يصدق فيما ادعاه من غيرها وأنه لا بد من ثبوت ذلك وهو خلاف ما ذكره ح وتبعه ز وغيره من تصديقه في اليمين فتأمله (واستحاضة) في الشامل إن حاضت حيضة استبراء ثم استمر بها الدم فهو من المبتاع ولا رد اهـ.

ص: 227

عادة للمشتري كما يأتي وفي التوضيح حدًّا لاستحاضة التي ترد بها بأن كانت عند البائع شهرين وتبعه الشارح وكتب والدي على الشارح إن هذا ضعيف لأنها مرض وهو لا يفرق فيه بين قليل وكثير اهـ.

أي ولتضرر المشتري بذلك لكن في تت ولم يحده مالك وعنه في المدونة الشهران كثير اهـ.

وقد فرق في البرص بين قليله وكثيره كما يأتي (ورفع) أي تأخير (حيضة استبراء) عن وقت مجيئها رفعًا لا بتأخر لمثله فيمن تتواضع علية أو وخشا وأما من لا تتواضع فإن تأخرها بعد الشراء عيب حادث عند المشتري لدخولها في ملكه بمجرد العقد ولا رد له بالحادث إلا أن تشهد عادة بقدمه كما سيأتي.

فرع: من يأتيها الحيض بعد كل ثلاثة أشهر مرة فلمبتاعها ردها بذلك لأنه يقول إذا بعتها لا أقبض ثمنها إلا بعد ثلاثة أشهر وهو ضرر وهذا واضح فيمن تتواضع وينبغي أن الشهرين كذلك وله ردها برتقها وإفضائها وظاهره ولو كانت وخشا وأما عنة الذكر واعتراضه فلا رد بذلك فيما يظهر (و) له الرد العيب (عسر) بفتحتين وهو البطش باليسرى دون اليمنى في ذكر أو أنثى عليّ أو وخش (وزنا) شمل الغصب واللواط أي إن كان فاعلًا

ــ

ومحله إذا قبضها في نقاء من الحيض أما إن قبضها في أول الدم ثم تمادى استحاضة فإن له أن يرد نقله ابن عرفة عن اللخمي وقول ز لأنها مرض الخ فيه نظر بدليل ما يأتي في البرص والحق ما في ضيح عن الموازية ونحوه في ح عن ابن عرفة عن ابن المواز وقول ز عن تت وعنه في المدونة الشهران الخ صوابه في الموازية (ورفع حيضة استبراء) قول ز فيمن تتواضع الخ بهذا قيده ابن سهل في نوازله ونصه الذي في المدونة أن ارتفاع الحيض إنما هو عيب في المرتفعة التي فيها المواضعة لا في الوخش التي لا مواضعة فيها وكذلك في المقرب والمختصر ثم ذكر أن ابن عتاب أفتى بأنه عيب حتى في الوخش التي لا مواضعة فيها وأنه احتج بأن للمبتاع أن يقول لا أصبر على ارتفاع حيضها كما أن الحمل فيها عيب وإن كانت وخشًا وإلى هذا ذهب ابن العطار وقد رأيت لأصبغ عن ابن القاسم ما قاله ابن عتاب اهـ.

منه هذا كله إذا ارتفع حيضها في الاستبراء ولم يعلم قدم ذلك أما إن علم أنها لا تحيض من قبل فهو عيب مطلقًا قال ابن يونس قال ابن القاسم وإذا علم أنها لا تحيض وقد بلغ سنها ست عشرة سنة وشبه ذلك فهو عيب في جميع الرقيق فارهة أو دنية أو من سبي العجم اهـ.

من أبي الحسن وقول ز وهذا واضح فيمن تتواضع الخ بل هو مطلقًا على فتوى ابن عتاب ولأنه قد يطأ الوخش فيحتاج في بيعها إلى المواضعة وقول ز وينبغي أن الشهرين كذلك الخ ضيح قال في المدونة وإن تأخر حيضها قال في الأمهات شهرين أو ثلاثة فذلك عيب اهـ.

(وزنًا) قول ز أي إن كان فاعلًا الخ راجع لما قبله يليه وهو اللواط فقط بدليل ما بعده وقول ز والاختلاف حكمهما الخ غير صحيح لما يأتي هناك عن أبي عمران من أن الفعل لا

ص: 228

مفعولًا وإن كان عيبًا أيضًا لذكره بعد في قوله وتحنث عبد ولاختلاف حكمهما لأنه لا يعتبر هنا الاشتهار بذلك كما هو ظاهر كلامهم بخلاف التخنث فإنه يعتبر فيه ذلك ولو على التأويل بأن المراد به الفعل كما نبينه (وشرب) لمسكر أو بوظة أو أكل نحو أفيون أو حشيش (وبخر) بفم ولو لذكر كما في ح لتأذي سيده بكلامه أو فرج في وخش أو على (وزعر) أي عدم نبات شعر عانته ولو لذكر خلاف ما يوهمه د من قصره على الأنثى لدلالته على المرض لا لدواء لانتفاء العلة وألحق بذلك عدم نباته في غير العانة مما هو دليل على المرض عادة قاله البساطي (وزيادة سن) على الأسنان أو طول أحدها الذكر أو أنثى على أو وخش بمقدم الفم أو لا حيث علت الزائدة على الأسنان أما بموضع من الحنك لا يضر بالأسنان فلا (وظفر) بالتحريك لحم ثابت في شفر العين وكذا الشعرة فيها وإن لم تمنع البصر وحلف مشتر أنه لم يره (وعجر) بضم العين المهملة وفتح الجيم فسره في التوضيح بكبر البطن وابن عرفة بالعقدة على ظهر الكف أو غيره من الجسد والشارح بما ينعقد في العصب والعروق (وبجر) بضم الموحدة وفتح الجيم وهو ما ينعقد في ظاهر البطن (و) وجود أحد (والدين) دنية وأولى وجودهما جميعًا ولولا تقدير أحد لتوهم أنه لا رد إلا بوجودهما جميعًا وليس بمراد ولعل المراد بوجودهما ظهورهما ببلد شراء الرقيق أو أنثى لا مجيئهما من بلدهما بعد وكذا يقال في قوله: (وولد) وإن سفل للحنان والشفقة وكذا له الرد إن وجد للأمة زوجًا حرًّا أو عبدًا أو للعبد زوجة حرة أو أمة قاله ابن الحاجب وسيفيده المصنف بقوله: وفي زواله بموت الزوجة على ما نقرره (لا جد) من قبل أبيه أو أمه فلا يرد به (ولا أخ) شقيق أو لأب أو لأم وأعاد لا لئلا يتوهم عطفه على المثبت كما في الذي بعده وذكر ما فيه الرد مما ليس فيه نقص المبيع ولا الثمن لكن تخشى عاقبة حصوله بالمبيع بقوله: (وجذام أب) وإن علا وكذا أم وإن علت لأن المني حاصل منهما لأنه يعلى ولو بعد أربعين جدًّا فالمراد جذام أصل وانظر هل يشمل الحادث بالأصل بعد الشراء للفرع لدلالة ظهوره به على أنه كان كامنًا عنده أم لا والظاهر الرجوع لقول أهل المعرفة بسريانه للمبيع أم لا ومثل الجذام البرص الشديد وسائر ما تقطع العادة بانتقاله للفرع لا للبرص الخفيف انظر د (أو جنونه) أي الأصل ذكرًا أو أنثى (بطبع) بسكون الموحدة أي جبلة بكسر الجيم والموحدة أي من الله أو وسواس أو صرع مذهب

ــ

يعتبر فيه قيد الاشتهار تأمل (وعجر وبجر) ضبطها ز بضم ففتح وهما حينئذٍ جمع عجرة وبجرة بالضم الجوهري العجرة بالضم العقدة في الخشب أو في عروق الجسد وفي مختصر العين الأبجر العظيم البجرة وهي السرة ويصح ضبطهما في كلام المصنف بفتح الأول والثاني مصدرين ففي الصحاح البجر بالتحريك خروج السرة ونتوها وغلظ أصلها وفيه أيضًا العجر بالتحريك الحجم والنتوّ يقال رجل أعجر بين العجر أي عظيم البطن اهـ.

(أو جنونه بطبع) ذكر ز وغيره أن الطبع هو الجبلة قالوا وهو يكون وسواسًا وصرعًا

ص: 229

للعقل لخشية حصوله بالولد (لا) إن حدث بغير جبلة بل (بمس جن) فلا يرد به الفرع لعدم سريانه له إلا أن يجزم أهل المعرفة بسريانه وهو راجع للجنون ويبعد رجوعه للجذام أيضًا (وسقوط سنين) وإن لم يكونا من الأضراس (وفي الرائعة الواحدة) ولو في غير مقدم كوخش أو ذكر من مقدم فقط نقص ذلك الثمن أم لا وهذا تفصيل في مفهوم الرائعة فلا يعترض به (وشيب بها) أي بالرائعة الشابة التي لا يشيب مثلها (فقط) لا بوخش أو ذكر مطلقًا إلا أن يكثر جدًّا بحيث يقل ثمن كل منهما (وإن قل) شيب الرائعة خلافًا لأشهب (وجعودته) أي كونه غير مرجل أي مرسل بأن يكون فيه تكسيرات من لفه على عود ونحوه في رائعة أو وخش لا من أصل الخلقة لأنه مما يتمدح به (وصهوبته) أي كونه يضرب إلى المرة في رائعة فقط إن لم ينظره المشتري عند البيع ولم يكن من قوم عادتهن ذلك فلا رد ولا في وخش لعدم سلامتها منه عادة ولعدم إرادتها للتمتع غالبًا بل للخدمة فزعم إن ظاهر المصنف الإطلاق ممنوع وسنده ذكره ذلك في جزئيات الضابط الذي قدمه (وكونه) أي المبيع (ولد زنا ولو وخشا) لكراهة النفوس ذلك عادة ويتصور ذلك في بيع ولد من جارية مسلم وفي مجلوب ثبت كونه ليس ابن أبيه في زعمهم فلا يرد ما مر من أن أنكحتهم فاسدة (وبول في فرش) أي في نومه (في وقت) أي في زمن (ينكر) فيه بول

ــ

ومس الجان يكون بالصرع وكأنه عندهم هو الوارد أحيانًا قلت والواضح من هذا إن الجنون بالطبع هو ما يكون من السكان في الإنسان فمتى خلقه الله سبحانه وتعالى خلق سكانه معه فصار صرعهم ووسوستهم له بالطبع أي في أصل الخلقة ومس الجن هو الصرع العارض من الجن الأجنبي الذي لا يسكن في المصروع بل يعرض له أحيانًا اهـ.

من خط شيخنا ابن مبارك (لا بمس جن) ابن عاشر تأمل كيف جعلوا هنا مس الجن ليس بعيب مع أن عيوب الرقيق يرد بقليلها وكثيرها وجعلوا الجنون في الزوجين ولو مرة في الشهر عيبًا مع أن عيوبهما قليلة اهـ.

وأجيب عنه بأن الجنون في النكاح في نفس الزوج بخلافه هنا فإنه في الأصل وهو أضعف كما هو ظاهر (وجعودته) قول ز أي كونه غير مرجل الخ غير ظاهر بل المراد كونه جعدًا قططًا مع كون المبيع من قوم ليست عادتهم ذلك كذا قيل والصواب ما ذكره ز ففي المدونة من اشترى جارية فوجد شعرها قد سود أو جعد فإنه عيب يرد به اهـ.

اللخمي إن جعد شعرها فكان ذلك مما يزيد في ثمنها رد به أبو الحسن والتجعيد أن يكون شعرها أسبط فيفتل على عود لأن الأجعد أحسن من الأسبط وعليه فكان على المصنف لو قال وتجعيده (ولو وخشا) ح والظاهر رجوعه للمسائل الثلاث قبله أي الجعودة والصهوبة وكونه ولد زنا اهـ.

وفيه نظر ففي أبي الحسن قال عياض مفهوم المدونة أن الصهباء لو سود شعرها لكان له القيام لأن هذا غش وتدليس قال أبو محمد بن حبيب وذلك في الرائعة وليس في غيرها عيبًا ثم قال: قال ابن القاسم ولا أرى أن يردها إلا أن تكون رائعة أو يكون ذلك عيبًا يضع من ثمنها انظر

ص: 230

الصغير غالبًا (إن ثبت) ببينة حصول ذلك (عند البائع وإلا) يثبت حصوله عنده (حلف) البائع على عدم حصوله ولا رد عليه (إن أقرت) الذات المبيعة (عند غيره) أي غير المشتري وبالت عنده كما هو المقصود ويدل عليه حلف البائع عند المنازعة قال غ ولو حذف ضمير غيره وأتى به منكرًا كان أحسن أي لأن ذكره يقتضي حلف البائع ولو كانت عنده لأنه ما يشمله غير المشتري مع أن المراد أقرت عند غير المشتري والبائع معًا بل عند أجنبي من امرأة أو رجل ذي زوجة ويقبل خبر المرأة أو الزوج عن زوجته ببولها قاله ابن حبيب وصححه ابن رشد وليس بمعنى الشهادة وإنما حلف البائع هنا مع أن القول له في نفي العيب بلا يمين كما يأتي لتقوي جانب المشتري بوضعها عند غيره وبالت قال ع ولو قال إن بالت عند أمين لكان أبين من هذا كله اهـ.

أي لأنها أن أقرت عند أمين ولم تبل لم يحلف البائع ودل قوله: إن أقرت الخ على أن اختلافهما في وجوده وعدمه لا في حدوثه وقدمه إذ لا يحسن حينئذٍ أن يقال إن أقرت الخ واختلافهما في حدوثه وقدمه القول لمن شهدت العادة له أو ظنت بلا يمين وإن لم تقطع لواحد منهما بأن شكث أو لم توجد عادة أصلًا فللبائع بيمين كما يأتي قال د قوله: إن أقرت الخ مثل ذلك ما إذا أقام بينة على البول عنده (وتخنث عبد وفحولة أمة إن اشتهرت) تلك الصفة من كل منهما والأظهر أن يقول اشتهرا بألف التثنية كما في نقل ق والشارح لئلا يتوهم عوده للأمة فقط (وهل هو) أي ما ذكر من الأمرين (الفعل) بأن يؤتى الذكر وتفعل الأنثى فعل شرار النساء وإلا لم يرد ولا يعارض قوله: فيما مر وزنى لأنه في الفاعل وما هنا في المفعول كما قرره (أو التشبه) بأن يتكسر العبد في معاطفه ويؤنث

ــ

تمامه وبه تعلم أن ما ذكره ز هو الصواب والله أعلم (وإلا حلف إن أقرت عند غيره) قول ز مع أن القول له في نفي العيب بلا يمين الخ ليس التنازع هنا في نفي العيب لأن العيب موجود بأخبار من أقرت عنده وإنما النزاع في قدمه وحدوثه لكن يرد هنا أنهم أطلقوا لزوم اليمين ويأتي أن البائع إنما يحلف على نفي القدم إن رجحت العادة قوله أو شكت والله أعلم وقول ز ودل قوله إن أقرت الخ فيه نظر لأنه بعد أن أقرت عند الغير وأخبر بالعيب فقد ثبت وإنما حلفه على نفي قدومه كما ذكرنا وقول ز بلا يمين وإن لم تقطع الخ فيه نظر ويأتي وحلف من لم تقطع له بصدقه (وفحولة أمة إن اشتهرت) قول ز والأظهر أن يقول اشتهرا بألف التثنية كما في نقل ق الخ هو كذلك في نقل ق عن الواضحة لكنه خلاف ظاهر المدونة كما نقله ق أيضًا عنها قال في ضيح أبو عمران وإنما خص هذا القيد بهذا القيد في الأمة ولم يجعل الرجل مشاركًا لها فيه لأن التخنث في العبد يضعفه عن العمل وينقص نشاطه والتذكير في الأمة لا يمنع جميع الخصال التي في النساء ولا ينقصها ذلك فإذا اشتهرت بذلك كان عيبًا لأنها ملعونة في الحديث وجعل في الواضحة الاشتهار عائدًا على العبد والأمة عياض ورأيت بعض مختصري المدونة اختصرها على ذلك اهـ.

فتبين بهذا أن الإفراد في الاشتهار كما في المصنف هو الموافق لظاهر المدونة ونحوه لابن الحاجب (وهل هو الفعل أو التشبه) الأول تأويل عبد الحق والثاني لابن أبي زيد سببهما

ص: 231

كلامه كالنساء وتغلظ الأمة كلامها كالرجل (تأويلان) عياض ينبغي أن يكون التشبه في الرائعة عيبًا اتفاقًا إذ المراد منها التأنيث (و) ردّ بالاطلاع على (قلف) بفتح القاف واللام (ذكر) أي ترك ختانه (و) على ترك خفاض (أنثى) مسلمين رائعين أو وخشين على المعتمد الأنثى من ثلاثة أقوال (مولد) كل منهما ببلد الإسلام وفي ملك مسلم (أو طويل الإقامة) بها بين المسلمين وفي ملكهم كما في ابن عرفة وفات وقته منهما بأن بلغا طورًا يخشى مرضهما أن ختنا وفهم مما قررنا إنه ترك ثلاثة قيود كونهما مسلمين وفوات وقت الفعل وكون المولود منهما ولد في ملك مسلم أو طويل الإقامة في ملكه فمتى انتفت أو بعضها لم يكن عيبًا فلا ردّ له به بل وجوده عيب في المجلوب خاصة كما أشار له بقوله: (وختن مجلوبهما) خوف كونهما من رقيق أبق إليهم بخلاف ما إذا أسلما ببلد الحرب وطالت إقامتهما به لم يردا بالقلف فإن قلت كيف يسلم بدار الحرب ويسترق مع قول المصنف وعبد الحربي يسلم حرّ إن فر أو بقي حتى غنم قلت إذا أسلم وأسلم سيده قبل أن يغنم كان رقًّا له كما قيد به فيما مرّ.

تنبيه: إنما يطلق الخفاض على الأنثى وأما الختان فعلى الذكر وكذا الأنثى على قلة كما في المصباح وقد ذكر المتبولي في شرح حديث اخفضي ما نصه وروى أحمد وأبو داود عن أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر خاتنة تختن فقال إذا ختنتي فلا تنهكي اهـ.

فقول د أطلقه أي الختن على الذكر والأنثى تغليبًا معناه بالنظر لما اشتهر وكثرتم شبه في قوله: ورد بعدم مشروط فيه غرض قوله: (كبيع بعهدة) أي عدم براءة أصلًا أو براءة لا تمنع ردًّا كتبرّيه في رقيق من عيب يعلم به أو لا يعلم به حيث لم تطل إقامته وكتبريه في غير رقيق من عيب قديم (ما اشتراه ببراءة) من عيب تمنع ردًّا به سواء كانت صريحة أو حكمًا كان وهب له أو ورثه أو اشتراه من ميراث كما في سماع أشهب ببراءة ولم يبين عند البيع إنه هبة أو ميراث فللمشتري الردّ لأنه يقول لو علمت إنك ابتعته ببراءة أو وهب لك أو ورثته لم اشتره منك بعهدة إذ قد أصيب به عيبًا وتفلس أنت أو تكون عديمًا فلا يكون لي رجوع على بائعك أو واهبك وتفسير العهدة بما ذكرنا متعين ولا يصح تفسيرها بعهدة الإسلام وهي درك الاستحقاق لأنها تثبت ولو اشترطا إسقاطها فإذا اشترى بإسقاطها ثم باع لآخر بها ما اشتراه ببراءتها واستحقت من يد المشتري الثاني فله الرد على البائع الأول ولا يعمل بإسقاط البائع الثاني لها عن الأول لأنه إسقاط للشيء قبل وجوبه ولا بعهدة الثلاث أو الستة لانتفاء العلة المذكورة لأن ما يحدث فيهما يكون من

ــ

أنه في المدونة عبر بتخنيث العبد وتذكير الأمة وفي الواضحة صرح بأنهما يردان بالفعل دون التشبه فجعله عبد الحق تفسيرًا لها وجعله ابن أبي زيد خلافًا واحتج أبو عمران بأنه لو رأى الفعل لكان عيبًا ولو مرة واحدة ولا يحتاج إلى قيد الاشتهار في الأمة نقل في ضيح وقول ز ولا يعارض قوله فيما مر الخ انظر أيّ معارضة تتوهم هنا حتى يحتاج للجواب عنها

ص: 232

المشتري الأول بخلاف العيب القديم فإنه من البائع الأول وهو ظاهر كما في د وأما عكس كلام المصنف وهو بيعه ببراءة ما اشتراه بعهدة فهل للمبتاع الرد أيضًا لأن ذلك داعية للتدليل بالعيوب وظاهر اختصار المتيطية ترجيحه أو لا ردّ له بل يمضي ويكره فعل ذلك قولان.

تتمة: قال ابن يونس قال بعض فقهائنا لو ابتاع أختين ولم يعلم إنهما أختان فهو عيب يرد به لأنه إذا وطئ إحداهما لم تحل له الأخرى حتى يحرم فرج الأولى أي وهذا غرض سواء كان فيه مالية أم لا وقيل هذا خفيف إذا بقي له فيها أكثر المنافع سوى الوطء والأول أبين اهـ.

وكذا باقي محرمتي الجمع ثم تكلم على العيوب الخاصة بالدواب ولذا عطفه مكررًا بكاف الشبيه فقال: (وكرهص) وقرة نصيب باطن الحافر من إصابة حجر محرك الهاء من باب فرح وحكى سكونها (وعثر) كضرب ونصر وكرم عثرا وعثارا وتعثرا كبا قاله في القاموس وهذا إن ثبت عند البائع أو قال أهل النظر إنه لا يحدث بعد بيعها أو كان بقوائمها أو غيرها أثره وإلا فإن أمكن حدوثه حلف البائع ما علمه عنده فإن نكل حلف المبتاع ورد إن كانت دعواه دعوى تحقيق وإلا ردّ بمجرد نكول البائع (وحرن) وهو ما لا ينقاد وإذا اشتد به الجري وقف وذكر غ عن الجوهري أن مصدره حرون وعن مختصر العين أن مصدره حران أيضًا فالآتي عليهما أن يقول المصنف وحرون أو حران اهـ.

وقد يقال حرن اسم مصدر فما أتى به المصنف صحيح ودخل بالكاف ما شابه الثلاثة كدبر وتقويس ذراعين وقلة أكل ونفور مفرطين وشراء ثور على أن يحرث أو في أبانها بثمن أثوارها أو على أن يحرث برأسه فوجد يحرث بعنقه حيث عادتهم الأول (وعدم حمل) على ظهرها (معتاد) لمثلها فله الرد وصدر الشارح بأن معناه إذا اشترط المشتري عند الشراء حمل الدابة فوجدها غير حامل فله الرد حيث اعتيد حملها قاله د وهو غير سديد لأنه لما اشترط المشتري العمل جعل للمجنين ثمنًا وذلك مفسد للبيع فلا يتأتى الرد اهـ.

ونحوه لتت وعطف على عدم قوله: (لا) ردّ في (ضبط) وهو عمله بكلتا يديه لأنه غير عيب ويسمى أعسر يسر وكان عمر رضي الله عنه كذلك وهذا حيث لم تنقص قوة اليمين عن قوتها المعتادة لو كان العمل بها وحدها أقوى وإن ساوت اليسار الآن وإلا فعيب وماضيه بوزن علم ويقال للمرأة ضبطاء (و) لا بالإطلاع على (ثيوبة) فيمن يفتض

ــ

(وكرهص وعثر) وجدت بخط غ ما نصه قيل العمل اليوم إن من اشترى فرسًا فأقام عنده شهرًا لم يمكن من رده بعيب قديم فانظر هل يصح هذا اهـ.

قلت: وقد استمر هذا العمل ففي نظم العمليات:

وبعد شهر الدواب بالخصوص

بالعيب لا ترد فافهم النصوص

ص: 233

مثلها ولو رائعة وتحمل على أنها قد وطئت (إلا فيمن لا يفتض مثلها) لصغرها فعيب في رائعة مطلقًا كوخش إن اشترط إنها غير مفتضة ذكره في توضيحه متعقبًا به إطلاق ابن الحاجب ثم تبعه هنا واستشكل ما ذكره المصنف في هاتين وفيما بعدهما بأن ذلك داخل في قوله: وبما العادة السلامة منه نفيًا وإثباتًا إن لم يشترطه وإلا ففي قوله: ورد بعد مشروط فيه غرض (وعدم فحش ضيق قبل) فإن تفاحش ضيقه فعيب بجارية وطء فيما يظهر لأنه كالمقص في الخلقة وكذا السعة المتفاحشة واختلاط مسلكي البول والوطء لجري العادة بالسلامة منه فإن تنازعا في تفاحشه نظرها النساء وفي بعض النسخ صغر بدل ضيق (و) عدم فحش (كونها زلاء) فهو عطف على ضيق فالقيد مستفاد من كلامه والزلاء قليلة لحم الأليتين وتسمى الرسحاء براء فسين فحاء مهملات (و) لا رد باطلاعه على (كيّ) بآدمى أو حيوان غيره (لم ينقص) الثمن فإن نقصه ردّ به وإن لم ينقص الجمال أو القيمة فالمدار في الرد على نقص الثمن فقط على المعتمد في هذا ففي الشامل لا كي خف ولم ينقص الثمن وقيل إلا أن يخالف لون الجسد أو يكون متفاحشًا في منظره أو كثيرًا متفرقًا أو في الفرج أو ما والاه أو في الوجه وقيل من البربر فلا ردّ بخلاف الروم اهـ.

لأن عادة البربر الكيّ لغير علة بخلاف الروم فلا يكون إلا لعلة كما في تت (و) لا ردّ باطلاعه على (تهمة) سبقت له عند البائع (بسرقة حبس فيها) أي بسببها وأولى إن لم يحبس (ثم ظهرت براءته) منها بثبوت أن غيره سرق ما اتهم به نقله ابن عرفة عن ابن يونس ونقله عنه الشارح لكن بلفظ مثل أن يثبت أن غيره سرقه والأول يقتضي حصر ظهور البراءة فيما ذكر لإسقاطه لفظ مثل وإن المسروق منه إن قال وجدت متاعي عند شخص آخر على وجه السرقة أو غيرها أو وجدته عندي لم يسرق فإن براءة العبد من العيب لا تحصل بذلك مع أن الظاهر أن المسروق منه لا يتهم في إقراره المذكور وأشعر كلام المصنف بأن العبد لو كان متهمًا في نفسه أو مشهورًا بالعداء فعيب يرد به وهذا غير ما تقدم من قولي وأولى إن لم يحبس (و) لا ردّ بنقص في (ما لا) يمكن إنه (يطلع عليه) عند العقد (إلا بتغير) في ذاته ولو طلب الاطلاع عليه أو لم يطلع عليه بالفعل بعد العقد

ــ

(وكونها زلاء) جعله ز عطفًا على ضيق وهو الصواب كما في ح لأنه وإن أطلق في المدونة أن كونها زلاء ليس بعيب فقد قال ابن عرفة بعدها الشيخ روى محمد إلا أن تكون ناقصة الخلقة المازري لهذا أولها المتأخرون بيسيرة وعدم كونه غير معتاد اهـ.

وقال ابن الحاجب وفيها كونها زلاء ليس بعيب وقيد باليسير اهـ.

(وكيّ لم ينقص) قول ز وإن لم ينقص الجمال أو القيمة الخ لعل صوابه أو الخلقة وإلا فلا معنى لقوله أو القيمة إذ المراد بالثمن أولًا هو القيمة ومقتضى تقييده النقص بالثمن أنه إذا لم ينقص الثمن لا رد به ولو نقص الجمال وهو مفاد الشامل كما في ح وكلام ق يخالفه فيفيد أنه متى نقص الثمن أو الجمال أو الخلقة فهو عيب وهو الظاهر (وما لا يطلع عليه إلا بتغير) قول ز ولا رد

ص: 234

ويمكن الاطلاع عليه من بعض دون بعض كما هو مقتضى اللخمي حيوانًا أو غيره كخضرة بطن شاة و (كسوس الخشب) بعد شقه (و) فساد بطن (الجوز) هندي وغيره والتين (ومرقثاء) وبطيخ وجده غير مستو قال المصنف: وينبغي العمل بشرط السلامة من ذلك اهـ.

أي في جميع ما ذكر لأنه شرط فيه غرض ومالية والعادة كالشرط فيما يظهر (و) إذا لم يكن له الردّ فيما ذكر فاته (لا قيمة) للمشتري في نقص هذه الأشياء وأشار لمفهوم إلا بتغير بقوله: (ورد البيض) لفساده لأنه قد يظهر قبل كسره فإن كسره المبتاع فلا شيء عليه وإذا ردّ رجع المبتاع بجميع ثمنه إن لم يجزأ كله لنتنه سواء كسره أم لا دلس بائعه أم لا أو جاز أكله مع عيبه كالممروق أن دلس بائعه سواء كسره المبتاع أم لا فإن لم يدلس رجع المبتاع بما بين قيمته سالمًا ومعيبًا حيث كسره فيقوّم يوم البيع على إنه صحيح غير معيب وصحيح معيب فإذا قيل قيمته صحيحًا غير معيب عشرة وصحيحًا معيبًا ثمانية فإنه يرجع بنسبة ذلك من الثمن وهو الخمس وما أشبه ذلك فإن لم يكسره رده لأنه عيب انظر د وتأمل حسن هذه الصور الثمانية وما ذكره من إنه يقوّم يوم البيع واضح في غير ما فيه حق توفية لدخوله بالعقد في ضمان المشتري وأما ما فيه حق توفية فيوم القبض ابن القاسم هذا أي ردّ البيض إذا كسره بحضرة البيع فإن كان بعد أيام لم يرد لأنه لا يدري أفسد عند البائع أو المبتاع وقاله مالك اهـ.

وقال عج ظاهر الشارح أن كسره من المخرج عن المقصود أي لأنه يقصد للصبغ والترقيد ولا كله فإذا كسر فات الأولان وبقي الثالث ولما كان المذهب وجوب اقتضاء العيب الرد ولو قلّ سوى الدار لأن عيبها يصلح ويزول بحيث لا يبقى منه شيء بخلاف غيرها وفرق بينهما بغير ذلك أيضًا كما في تت وقسم ابن أبي زيد وعبد الحق عن بعض شيوخه عيبها ثلاثة أقسام يسير جدًّا لا ردّ به ولا أرش ومتوسط فيه الأرش وكثر ترد به تبعهم المصنف فقال: (و) لا ردّ بسبب (عيب قلّ بدار) كشرافة ولا أرش له (وفي) رجوع (قدره) أي قدر يسير أكثر من هذا للعرف أو ما نقص عن معظم الثمن أو عن الثلث أو عن الربع أو عن العشرة من المائة (تردد) وأشار للقسم الثاني بقوله: (ورجع بقيمته) أي العيب إن لم يكن يسيرًا جدًّا بل متوسطًا (كصدع جدار لم يخف عليها منه) السقوط سواء

ــ

بنقص فيما لا يمكن أنه يطلع عليه الخ الصواب في حل كلام المصنف أن يقول ولا رد باطلاعه على ما لا يطلع عليه إلا بتغير الخ (وعيب قل بدار) قول ز في التوطئة لأن عيبها يصلح ويزول الخ هذه العلة هي التي صححها ابن محرز بعد رده ما عللت به من العلل غير هذه فقد قيل إنها لا تنفك عن عيب فلو ردت باليسير لأضر بالبائع وعلل عبد الحق بأن الدار تشترى للقنية بخلاف غيرها وقيل غير ذلك انظر ما في ضيح وقال غ في تكميل التقييد واعترض ابن محرز حل العلل وصحح الإصلاح يذهب الخلل (كصدع جدار) قول ز سواء خيف على الجدار الهدم أم لا الخ هكذا في الأمهات قال في ضيح وصرح به اللخمي وعياض خلافًا لما اختصرها عليه أبو سعيد

ص: 235

خيف على الجدار الهدم أم لا قاله تت باختصار ومثل الدار بقية العقار كما يفيده ابن عاصم لتعبيره بالأصول وبقيد الجميع كالمصنف بما لم يبلغ بالنقص المذكورة والصدع إلى نقص الثمن وعلم من تت أن المصنف أراد بالقليل ما قابل الكثير الذي ترد به فيصدق بفردين ما لا أرش فيه وما فيه أرش وهذا الفرد الثاني يسمى أيضًا متوسطًا فلا منافاة بين تسميته وسطًا لأنه أرقى مما لا أرش فيه وبين تسميته قليلًا بمعنى لا ردّ به وعلم من قولي أي قدر يسير أكثر من هذا أن التردد في المتوسط وأن ضميري قدره وقيمته في المصنف راجعان للمتوسط الذي هو أحد فردى القليل وعود الضمير على بعض أفراد العام جائز كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} إلى قوله تعالى: {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] وبجعل التردد في المتوسط يعلم منه التردد في الكثير لكونه ما زاد على المتوسط على كل الأقوال وذكر ابن عرفة وق أن التردد في حد الكثير ويعلم منه أيضًا جريانه في المتوسط دون القليل زاد ق فلو قال خليل لا أن كثر وفي قدره تردد لتنزل على ما للمتيطي وهو صحيح من حيث عزوه ويمكن تنزيله عليه بجعل التردد عائدًا على مفهوم قل لكنه لا دليل عليه قال د قوله: ورجع بقيمته أي العيب الذي في قدره تردد ثم مثل بمثال متفق على إنه من العيب القليل الذي لا ترد به فقال كصدع جدار وفي بعض النسخ بحذف الضمير وإضافة قيمة لكصدع وفيه نظر لاقتضائه أن العيب القليل مطلقًا فيه تردد مع أن التردد إنما هو في العيب القليل الذي يرجع بقيمته اهـ.

ــ

ونصه ومن ابتاع دارًا فوجد فيها صدعًا فأما ما يخاف منه على الجدار فليرد به وإلا فلا اهـ.

وتعقب عليه وقول ز ومثل الدار بقية العقار كما يفيده ابن عاصم الخ بل هو الذي يفيده ابن رشد وابن الحاج والمتيطي كما نقله ق وقول ز وبقيد الجميع الخ غير صحيح لمناقضته لما قدمه هو قريبًا في قوله وفي قدره تردد وقول ز أن المصنف أراد بالقليل ما قابل الكثير الذي ترد به الخ الذي استظهره غ وح هو حمل القليل في كلام المصنف على المتوسط فقط بدليل قوله ورجع بقيمته بإضافة قيمة إلى ضمير العيب كما هو في أكثر النسخ ويؤخذ من المصنف عدم الرد باليسير الذي لا ينقص الثمن من باب أحرى وهو ظاهر إذ قد يقال أن الذي لا ينقص الثمن ليس بعيب رأسًا وهو أحسن من تكلف ز وقول ز ثم مثل بمثال متفق على أنه من العيب القليل الخ في الاتفاق نظر لما تقدم عن اختصار أبي سعيد من أن الصدع الذي يخاف منه سقوط الجدار دون الدار عيب كثير ترد به وعليه ابن سهل وغيره كما في ضيح وح وإن كان ما ذكره المصنف هو الراجح إذ هو الذي في الأمهات وصرح به اللخمي وعياض كما تقدم وقول ز وحكى في نوازل ابن الحاج قولًا أن له ردها الخ ليس هو هكذا في نوازل ابن الحاج وقد نقل كلامه ابن سلمون وق وغيرهما ونص ق الذي أتحمل عهدته في هذا فتي ابن الحاج في نوازله قال ما نصه إذا كان العيب في العقار يسيرًا فلا يرد به المبيع وللمبتاع الرجوع بقيمة العيب إلا أن يقول البائع اصرف على ما بعثه منك وخذ الثمن فمن حقه ذلك إلا أن يفوت المبيع فيكون فيه قيمة العيب اهـ.

ص: 236

وأشعر قوله: ورجع بقيمته إنه لا خيار له في ردها وهو كذلك وحكى في نوازل ابن الحاج قولًا إن له ردها (إلا أن يكون) الحدار أو الصدع أو العيب (واجهتها) ونقص الثلث أو الربع على الاختلاف في حد الكثير الذي ترد به كما أشرت له في قوله: وفي قدره ونصبه خبر يكون بنزع الخافض أي في واجهتها (أو بقطع منفعة) من منافعها فله ردها ولا قيمة ومثل لذلك بقوله: (كملح بئرها بمحل الحلاوة) أو تهويرها أو غور مائها أو تعفن قواعدها أو فساد مطمر مرحاض الدار أو لا مرحاض بها أو كونه على بابها أو دهليزها أو بها بق أو نمل وكثرة البق في السرير والقمل في الثوب عيب انظر ح وقوله والقمل بالجر عطف على البق فيقيد الثوب بالكثرة أيضًا ولم يقيد بق الدار بالكثرة وفي تت عن ابن فرحون تقييده بها وفي ح ما يفيد تقييد النمل في الدار بالكثرة وزيد كون مرحاضها بقرب الحيطان أو البيوت أو تحتها السقوف وجريان ماء غيرها عليها أو شؤمها أو سوء جيرانها ولما كان شرط الرد بالعيب ثبوته في زمن ضمان البائع كما مر ذكر هذه المسألة لتفرعها على ذلك فقال: (وإن قالت) أمة لمشتريها (أنا مستولدة) لبائعي وأولى حرة وكذا الذكر وثبت إنها كانت قالت هي أو الذكر ذلك قبل عقد البيع أو بعده وقبل الدخول في ضمان المشتري بل في عهدة ثلاث أو استبراء يعني مواضعة بمعنى أن المشتري اطلع على أنها ادعت على البائع ذلك (لم تحرم) بذلك القول على المشتري لاتهامها على الرجوع للبائع (لكنه عيب) له الرضا به والرد وقوله: (إن رضي به بين) شامل للصورتين المتقدمتين ولثالثة وهي ما إذا لم تقل ذلك إلا وهي في ضمان المشتري فلا ردّ ولا تحرم عليه بقولها أيضًا ولكنه أن باعها بين لأن ذلك مما تكرهه النفوس فلو قال وكفى قوله: أنا حر ونحوه وله ردّه به أن قاله في ضمان بائعه وبينه إن باعه مطلقًا لوفى بالمسألة مع كونه أظهر وأبلغ

ــ

قال الشيخ ميارة في شرح التحفة وبفتي ابن الحاج جرى العمل بفاس وذكر صاحب العمليات عن بعض شيوخه أنا الذي جرى به العمل هو الرد بالمتوسط مطلقًا كالكثير قال فيها:

وبالكثير المتوسط لحق فيما من العيب الأصول قد يحق (كملح بئرها بمحل الحلاوة) قول ز انظر ح ليس في ح اللفظ الذي ذكره عنه ولعله وقع في الرمز تحريف وقول ز ولم يقيد بق الدار بالكثرة الخ نحوه في التحفة إذ قال:

والبق عيب من عيوب الدور

ويوجب الرد على المشهور

وتعقبه ولده في الشرح بأنه لا بد من قيد الكثرة وأصلحه بقوله:

وكثرة البق تعيب الدورا

وتوجب الرد لأهل الشورا

وقول ز أو تحتها السقوف الخ عبارة خش أو تحتها أي الدار السقوف المخوفة (لكنه عيب إن رضي به بين) قول ز كدعوى إغارة عدو الخ هذا الأمر كثير في أرقاء السودان ذكر شيخنا أبو العباس بن مبارك عن بعض الثقات ممن يجاور السودان قال من المتواتر عندهم أن ما يجلب من ناحيتهم من الإرقاء جلهم أحرار يغار عليهم في بلادهم وقد ألف الشيخ أحمد

ص: 237

لأن دعوى الحرية أبلغ من دعوى الاستيلاد وظاهر المصنف عدم الحرمة ولو قامت قرينة على صدقها وكذا في دعوى الحرية كدعوى إغارة عدو على بلدها وسبيها مع حريتهم وشهرة الإغارة المذكورة وتصديق البائع على شرائه لها من تلك الناحية وفي ذلك خلاف فقيل الأمر كذلك ولا تحرم وعليها إثبات الحرية وقيل على من اشتراها من الناحية إثبات الرقية هذا وذكر الشارح أن العبد إذا سرق في عهدة الثلاث رد بذلك وإن أقر بالسرقة وكانت سرقته لا توجب القطع لم يرد لأنه يتهم على إرادة الرجوع لسيده اهـ.

فإن كانت توجبه قطعًا قطع وكان عيبًا فإن رجع عن إقراره قبل القطع لم يرد لأنه عيب زال ولما تكلم على العيوب الذاتية تكلم على ما هو كالذاتي وهو التغرير الفعلي وهو كما قال ابن شاس أن يفعل البائع في المبيع فعلًا يظن به المشتري كما لا ولا كمال به وذكر أنه كالمشترط بقوله: (وتصرية الحيوان) شاة أو بقرة أو حمارة أو أمة لرضاع أي ترك حلبها ليعظم ضرعها ويحسن حلابها ثم تباع (كالشرط) باللفظ فله الردّ بذلك لأنه غرور فعلي بخلاف القوليّ كمن قال لشخص بيع سلعتك من فلان أو عامله فإنه ثقة ملىء وهو يعلم خلاف ذلك أو قال صيرفي نقد دراهم بغير أجرة طيبة وهو يعلم خلاف ذلك أو أعار شخصًا إناء مخروقًا وهو يعلم به وقال إنه صحيح فتلف ما وضع فيه بسبب الخرق فلا ضمان في جميع ذلك على المشهور مع الأدب ويخرج الصيرفي من السوق أن تكرر ذلك منه وهذا ما لم ينضم للغرور القولي عقد فيما يمكن فيه ذلك كصير في نقد بأجر وكإيجار إناء فيه خرق يعرفه المؤجر فتلف بسببه ما وضعه فيه المستأجر فالضمان ويفرق بأن المعير والناقد بغير أجرة فعل معروفًا بخلاف المؤجر قاله عج وانظر هل البيع كالإجارة لظلم البائع فهو أحق بالحمل عليه فيجتمع عليه ردّ السلعة وغرم ثمنها وما أتلفته أم لا ثم شبه في الحكم قوله: (كتلطيخ ثوب عبد بمداد) أو بيده دواة وقلم أن فعله السيد أو أمر به فإن فعله العبد فلا لاحتمال كراهة بقائه في ملكه وليس بمثال ثانٍ لأن الأول المبيع فيه عيب والثاني غير معيب لكن فعل ذلك فيه ليظن إنه من أعالي جنسه وقبل قول

ــ

بابا السوداني تأليفًا صغيرًا فيهم بين فيه بلاد المسلمين من بلاد الكفار (وتصرية الحيوان) قول ز أو حمارة أو أمة الخ ابن عرفة المازري لو كانت التصرية في غير الأنعام كالحمر والآدميات فللمبتاع مقال فإن زيادة لبنها يزيد في ثمنها لتغذية ولدها قاله الشافعية ويجب تسليمه اهـ.

(كتلطيخ ثوب عبد بمداد) قول ز وليس بمثال ثان الخ فيه نظر بل الصواب أنه مثال ثانٍ للتغرير وقوله لأن الأول المبيع فيه معيب فيه نظر أيضًا بل الأول إنما فيه إيهام كثرة اللبن وهو يشمل المعيب وغيره وليس في تعريف ابن شاس للتغرير الذي اقتصر عليه أولًا ما يفيد أنه لا بد من العيب وقد قال ح أن تفسير ابن شاس للتغرير أحسن من قول الشارح وضيح تبعًا لابن عبد السلام هو أن يفعل البائع بالمعيب فعلًا يستر به عيبه فيظهر أنه سالم اهـ.

ص: 238

البائع أن نازعه المشتري في أنه فعله السيد أو أمر به (فيرده) أي ما وقع فيه التصرية وهذا عام في الأنعام وغيرها وقوله: (بصاع) أي معه خاص بالأنعام وأتى بقوله: فيرده وإن استفيد من قوله: كالشرط ليرتب عليه ما بعده وظاهره صاع واحد ولو تكرر حلبها حيث لا يدل على الرضا ونحوه لابن محرز وهو ظاهر قوله: وتعدد بتعددها قال د ومثل الصالح الإرطال ويرد الصاع (من غالب القوت) لمحل المشتري عوضًا عن اللبن الذي حلبه المشتري ولو كثر أن اختلف قوت محله كحنطة وتمر وأرز وشعير وذرة وذخن وهذا مذهب المدونة الباجي وهو المذهب وقيل يتعين رد التمر لقول مالك في المدونة في خبر لا تصروا الإبل والغنم فمن اشتراها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعًا من تمر هذا حديث متبع ليس لأحد فيه رأي ولذا قدمه ابن شاس وابن الحاجب وأجيب للمشهور بأنه اقتصار على غالب قوت المدينة إذ ذاك وتصروا بضم أوله وفتح ثانيه والإبل مفعوله قاله تت وما اقتصر عليه من الضبط رواية المتقنين كما للأبي عن عياض من صرى رباعيًّا كزكى كقوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] وكقول المصنف: فيما يأتي مصراة ورواية غير المتقنين بفتح أوله وضم ثانيه ونصب الإبل على المفعولية وبها صدر النووي من صر ثلاثيًّا ويقال فيه مصرورة ولم يسمع وروي أيضًا لا تصر الإبل ببناء تصر للمجهول ورفع الإبل على النيابة عن الفاعل وهي من صر ثلاثيًّا أيضًا وانظر لو كان غالب قوتهم للبن والظاهر ردّ صاع منه من غير لبنها قال تت وعلى المذهب إن لم يكن في القوت غالب فقال البساطي مما شاء من القوت وقال بعض مشايخي من الوسط اهـ.

أي وسط المستوى (وحرم ردّ اللبن) الذي حلبه منها بدلًا عن صاع من غالب القوت ولو بتراضيهما غاب عليه أم لا لأن فيه بيع الطعام قبل قبضه وذلك لأنه لما رد

ــ

(فيرده بصاع الخ) دليله لا تصروا الإبل والغنم الخ وقال أشهب لا تأخذ به لأنه قد جاء ما هو أثبت منه وهو الخراج بالضمان ابن يونس وحديث الخراج بالضمان عام وحديث المصراة خاص والخاص يقضي به على العام ابن عرفة وإذا رد للتصرية ففي لغو لبنها ورد صاع بدله سماع القرينين والمشهور بناء على نسخ حديث المصراة بحديث الخراج بالضمان وتخصيصه به الباجي لأن حديث المصراة أصح قلت ضعف حديث الخراج بالضمان غير واحد اهـ.

وكذلك ذكر ابن حجر أن حديث المصراة أصح وأثبت وقول ز من صرى رباعيًّا الخ يصح في اشتقاقه وجهان أحدهما أن يكون من صرر الشيء فأبدلت الراء الأخيرة ياء من باب تظنيت وأنت تريد تظننت والوجه الآخر أن يكون من صريت المال أي جمعته وقول ز ويقال فيه مصرورة ولم يسمع أي لم يسمع مصرورة وأما صر ثلاثيًّا فهو مسموع ففي القاموس صر الناقة يصرها بالضم صرًّا شد ضرعها وقال أبو الحسن عن عياض لو كان من صر لقيل مصرورة وفي موضع من الكتاب مصرورة وقد أصلحناه في كتاب ابن عتاب اهـ.

ص: 239

المصراة على البائع وجب له على المشتري صاع بر مثلًا عوضًا عما حلبه من شاته باعه باللبن الذي أخذه فتوالى عقدتا بيع فيه لم يتخللهما قبض وهذا التعليل يفيد حرمة أخذ غير اللبن أيضًا عنه بل ربما يقال إنه أولى بهذا فلا يعترض عليه في اقتصاره على اللبن وأيضًا اقتصر عليه لأنه كما في د يتوهم إن ردّه هو الأصل لأنه عين شيء البائع فنص على حرمته ويفيد إنه لو ردّ الحيوان بعيب التصرية قبل أخذه اللبن فلا صاع عليه وإنه لو ردّه مع الصاع فلا حرمة ويحرم ردّ غير غالب القوت مع وجود الغالب (لا إن عملها) المشتري (مصراة) وعلم بمعنى عرف ولذا عداه لمفعول واحد ونبه على هذا لأنه ربما يتوهم أن المصراة ليست كغيرها فيردها مطلقًا قاله د وكأنه لم يثبت عنده ما في بعض النسخ مصراة إذ عليه يكون علم على بابها متعديّة لمفعولين (أو لم تصر وظن كثرة اللبن) لكبر ضرعها فتخلف ظنه فلا ردّ لي (إلا) بثلاثة شروط فله الردّ عند وجودها حيث نقص حلابها عما ظنه من كثرته وهي (أن قصد) منها اللبن لا غيره من لحم وعمل (واشتريت) في (وقت) كثرة (حلابها) كوقت الربيع أو وقت ولادتها أو قربها (وكمته) أي قلة لبنها عما ظنه المشتري وفي وقت كثرته فيردها بغير صاع إذ ليست من مسائل التصرية بل من باب الرد بالعيب وقد فهم مما قررنا أن قوله: إلا فيه حذف المستثنى وليس هو أن قصد إذ جملة الشرط لا تقع مستثناة عند بعضهم وعلم من المصنف منطوقًا ومفهومًا ثلاث مسائل:

أحدها: أن يشتريها فيجدها مصراة.

ــ

(لا إن علمها مصراة) اللخمي إن اشتراها وهو عالم أنها مصراة لم يكن له رد إلا أن يجدها قليلة الدر دون المعتاد من مثلها اهـ.

(إلا أن قصد واشتريت وقف حلابها) قال طفى ظاهره أن الشروط في فرض المسألة وهو ظن كثرة اللبن وعليه شرحه من وقفت عليه من الشراح وقيد س وتبعه عج ذلك بكونها تحلب حلاب مثلها وإلا فله الرد وإن لم تتوفر الشروط وليس كذلك لا في الفرض ولا في القيد لأن مسألة الشروط ليست مقيدة بكثرة اللبن وإنما هي مسألة مستقلة في كلام أهل المذهب وغير مقيدة أيضًا بكونها تحلب حلاب مثلها ففيها ومن باع شاة حلوبًا غير مصراة في إبان الحلاب ولم يذكر ما تحلب فإن كانت الرغبة فيها إنما هي للبن والبائع يعلم ما تحلب وكتمه فللمبتاع أن يرضاها أو يردها كصبرة يعلم البائع كيلها دون المبتاع وإن لم يكن علم ذلك فلا رد للمبتاع وكذلك ما تنوفس فيه للبن من بقر أو إبل ولو باعها في غير إبان لبنها ثم حلبها المبتاع حين الإبان فلم يرضها فلا رد له كان البائع يعلم حلابها أم لا اهـ.

وفي الجواهر لو ظن غزارة اللبن لكبر الضرع فكان ذلك لحمًا لم يثبت له الخيار وكذلك لو اشترى شاة غير مصراة فوجد حلابها قليلًا فلا رد له إلا أن يعلم البائع مقدار حلابها فباعها له في إبان الحلاب ولم يعلمه بما يعلم منها فله الخيار لأن البائع صار كبائع طعام يعلم كيله دون المشتري فله رده ولو كان في غير إبان لبنها فلا رد له ولو علم البائع منها ما لم يعلمه المشتري اهـ.

ص: 240

الثانية: الشراء وهو يظن كثرة لبنها عن معتاد مثلها.

الثالثة: أن يشتريها فيجدها ينقص حلابها عن معتاد مثلها وهذه يردها سواء اشتراها وهو يظن كثرة لبنها أم لا أو اشتراها عالمًا بتصريتها كما قد يفهم من قوله: وظن كثر الخ (ولا) أن ردّ المصراة (بغير عيب التصرية) فلا يرد معها صاعًا (على الأحسن) عند التونسي وروى أشهب يرد معه صاعًا لأنه يصدق عليه إنه ردّ مصراة (وتعدد) الصاع (بتعددها) أي الشياه مثلًا المشتراة في عقد واحد فوجد كلا مصراة وحلب الجميع (على المختار والأرجح) وقال الأكثر: يكتفي بصاع واحد لجميعها لأن غاية ما يفيده التعدد كثرة اللبن وهذا غير منظور إليه بدليل اتحاد الصاع في الشاة وغيرها اهـ.

فإن كانت بعقود تعدد اتفاقًا (و) المصراة (إن حلبت) بالبناء للمجهول وبابه قتل (ثالثة) أي في يوم ثالث فحلبها في يوم واحد ثلاث مرات لا يكون رضا بل بمنزلة حلبة واحدة (فإن حصل الاختبار بالثانية فهو) أي حلبها ثالث (رضا) بها فلا رد له (وفي الموازية له ذلك) أي ردها بعد الثالثة مع حلفه إنه ما رضي بها (وفي كونه خلافًا) أو وفاقًا فيحمل ما في الموازية على ما إذا لم يحصل الاختبار بالثانية (تأويلان) قال د قوله: وفي الموازية له ذلك أي حلبها ثالثة ويحتمل له ردها بحلبها ثالثة وظاهره حيث حصل الاختبار بالثانية كما فرض ذلك أو لا وحينئذٍ فلا يتأتى التوفيق والجواب أن قوله: وفي الموازية له ذلك أي له ذلك مطلقًا لا بالتقييد بالقيد السابق اهـ.

ومحل قوله: وإن حلبت ثالثة إذا حلبت بحضور المشتري وأما في غيبته فله إذا قدم الردّ ولو حلبت مرارًا كما لابن محرز ومحله أيضًا في الحلب الحاصل في غير زمن الخصام فما حصل في زمنه لا يمنع وإن كثر لأن الغلة للمشتري فيه وانظر إذا ادعى البائع إنه إنما حلب ثالثة بعد الاختيار بالثانية هل يحلفه أم لا والظاهر أنه يجري على قوله ولا الرضا به إلا بدعوى مخبر ولما ذكر خيار النقيصة ذكر موانعة وهي ضربان ما يمنع مطلقًا وهو أربع سيذكرها وهي البراءة من العيب وفوات المقصود من المبيع حسًّا أو حكمًا وما يدل على الرضا وزوال العيب قبل القيام به ومانع مقيد وهو اثنان أولهما

ــ

وقد ظهر لك أن مسألة الشروط مسألة مستقلة وأن كلامهم فيها مطلق غير مقيد بكونها تحلب حلاب مثلها ولم أر من قيد بذلك غير من تقدم اهـ.

كلام طفى بخ (على المختار والأرجح) وكذا استظهره ابن رشد في سماع القرينين من جامع البيوع الثاني (وإن حلبت ثالثة) قول ز أي في يوم ثالث الخ تبع عج في جعل المراد بالحلبة اليوم وتعقبه طفى قائلًا أنه غير ظاهر لمخالفته لكلام أهل المذهب وساق كلام الأئمة قال بعض أشياخنا وعليه فلا بد أن يقيد بالحلب المعتاد كبكرة وعشية مثلًا تأويلان الأول اللخمي والمازري وابن زرقون والثاني لابن يونس وإذا تاملت كلام المصنف والمدونة وما فيها من التفصيل وجدتها لا تقبل تأويلين لتصريحها بالتفضيل وتبين لك أن التأويلين في كلام

ص: 241

وقوله: (ومنع منه) أي من الرد بالعيب لا الاستحقاق انظر د (بيع حاكم) رقيقًا لمدين ومغنم وغائب ونحوها من أموال الناس اهـ.

ويفهم منه أن ما يبيعه أمين بيت المال ليضعه ببيت المال ليس حكمه كذلك (ووارث) لقضاء دين وتنفيذ وصية وكونه لقسمة كذلك قولان (رقيقًا فقط) راجع لهما أن (بين) الوارث بدليل قوله: (أنه إرث) وأما الحاكم فلا يشترط فيه ذلك خلافًا لترجيع تت القيد له أيضًا ولا يشترط أيضًا أن يبين أنه حاكم فإن لم يبين الوارث أنه إرث لم يكن بيع براءة وظاهره ولو علم المبتاع أن البائع وارث ولكن ينبغي أن يكون علمه بأنه إرث كبيان أنه إرث قاله د وفي ق عن المدونة وابن المواز ما يفيده صريحًا ثم إنه إنما يكون بيع الحاكم والوارث بشرطه مانعًا من الرد حيث لم يعلم كل بالعيب ويكتمه فإن علمًا أو علمه المدين وإن لم يعلم الحاكم به لم يكن بيع براءة كما يفيده نقل ق لأن كتم ذلك تدليس ويستثنى من قوله بيع حاكم ما إذا كان وارثًا فلا بد من قيده الذي ذكره المصنف فيه وما إذا باع عبدًا مسلمًا على مالكه الكافر فليس بيع براءة كما قدم المصنف من قوله وجاز رده عليه بعيب ومفهوم رقيقًا فقط عدم منعه في غيره من عروض ودواب شرط فيها البراءة

ــ

الموازية في كلام المدونة على خلاف اصطلاحه فيهما قاله ابن عاشر (ومنع منه بيع حاكم) قول ز ومانع مقيد وهو اثنان الخ. هذا غير صواب بل المانع المقيد كما في الجواهر هو المقيد بوجه دون وجه وهو تغيير المبيع عند المشتري فإنه يمنع الرد إن كثر وأخرج عن المقصود لا إن قل أو توسط كما يأتي للمصنف وأما بيع الحاكم والوارث وتبري غيرهما مما لم يعلم فهما عند ابن شاس ومن تبعه نوعان من شرط البراءة الذي هو أحد أقسام المانع المطلق وليسا هما المراد بالمانع المقيد انظر ق فقول المصنف ومنع منه بيع حاكم الخ قال المتيطي وكذا الوصي إذا باع لمن بلي عليه النفقة وغيرها وبين ذلك فلا تباعة عليه ويرجع المشتري بالثمن إن كان قائما فإن أنفقه على الأيتام لم يكن عليه شيء اهـ.

وهو عنده عام في الرقيق وغيره (بين إنه إرث) ظاهر المصنف أنه شرط في الوارث فقط وهو ظاهر المدونة قال في التهذيب وبيع السلطان الرقيق في الديون والمغنم وغيره بيع براءة وإن لم يشترط البراءة وكذلك بيع الميراث في الرقيق إذا ذكر أنه ميراث وإن لم يذكر البراءة اهـ.

فظاهره أن بيع الحاكم براءة مطلقًا وإن لم يعلم المشتري أنه حاكم بخلاف بيع الوارث وفرق بينهما بأن الحاكم لا يكاد يخفي لكن يعكر على حمل المصنف على هذا قوله بعده وخير مشتر ظنه غيرهما إذا ثبت التخيير للمشتري من الحاكم عند جهل أنه حاكم فلو أراد المصنف ظاهر المدونة لقال وخير مشتر لم يعلم ويكون خاصًّا بالوارث ويبقى قوله ومنع منه بيع حاكم على إطلاقه ولهذا حمل ق وغيره كلام المصنف على قول ابن المواز ونصه قال مالك بيع الميراث وبيع السلطان بيع براءة إلا أن يكون المشتري لم يعلم أنه بيع ميراث أو سلطان فهو مخير بين أن يرد أو يحبس بلا عهدة ابن يونس هذا أحسن من قول ابن حبيب أنه بيع براءة وإن لم يذكر متوليه أنه بيع ميراث أو مفلس اهـ.

ص: 242

باعها وارث أو وصي أو سلطان فللمبتاع القيام بما وجده من عيب ولا يكون بيع الحاكم في ذلك بيع براءة (وخير مشتر) في الرد والتماسك بلا عهدة على البائع وإن لم يطلع على عيب (ظنه) أي ظن المشتري كون البائع (غيرهما) أي غير الحاكم والوارث وأولى إن اعتقده غيرهما ثم تبين أنه وارث أو حاكم وتنفعه دعوى جهله خلافًا لقول ابن حبيب ليس له الرد لأن الجهل في الأحكام لا يمنع من توجه الحكم بن عبد السلام وهو أقرب ولا يخفى أن الظن المذكور في الحاكم ظاهر دون الوارث إذ مع شرط أن يبين أنه إرث لا يتأتى ظن المشتري أنه غير وارث فلو أخر المصنف حاكم عن وارث وشرطه ثم قال هنا وخير مشتر ظنه غيره أي غير الحاكم كان أولى وأجيب بأنه قد يتصور ظن المشتري أنه غير وارث مع تبيينه أنه إرث وذلك بأن يكذبه المشتري في دعوى إنه إرث ويظن خلافه ثم يثبت ما ادعى وبأن في مفهوم قوله بين إنه إرث تفصيلًا أي فإن لم يبين أنه إرث فإن ظنه المشتري غير وارث أو اعتقد ذلك خير وإلا فلا رد له وأشار للمانع الثاني المقيد بقوله: (و) منع من الرد (تبري غيرهما) أي الحاكم والوارث (فيه) أي في الرقيق بشرطين أحدهما قوله: (مما لم يعلم) به البائع من عيب إن وجد به بعد الشراء والثاني قوله: (إن طالت إقامته) بحيث يغلب على الظن أنه لو كان به عيب لظهر له فتنفعه البراءة فبهذين الشرطين فلا رد كما مر لا إن باعه بفور شرائه وشرط البراءة فلا تنفعه على المشهور

ــ

فهذا هو الذي اعتمده المصنف بدليل قوله ظنه غيرهما وبه يتبين أن قول المصنف بين أنه إرث مراده ما يشمل حقيقة البيان أو حصول العلم للمشتري من غيرهما إذ المراد حصول العلم وعليه المدار كما صرح به في التنبيهات وإن هذا القيد محذوف من الأول لدلالة الثاني عليه وأنه لا فرق بين الحاكم وغيره فما حمله عليه تت وهو الصواب ورد عج عليه غير صواب وقول ز ويستثنى من قوله بيع حاكم الخ الصواب إسقاط كل من المستثنى الأول والثاني أما الأول فلما ذكرنا أن المعتمد عند المصنف أن لا فرق بين الحاكم والوارث وأما الثاني فقد تقدم أول البيوع عند قوله وجاز رده عليه بعيب أن لا منافاة بينه وبين ما هنا لأن محله في بيع الكافر عبده الكافر لمسلم ثم أسلما عند المشتري واطلع فيه على عيب قديم فله رده به وهكذا المسألة مفروضة عند ابن عبد السلام وابن عرفة وغيرهما وليست مفروضة في بيع الحاكم عبد الكافر بعد إسلام العبد حتى يحتاج إلى استثنائها هنا بل بيع براءة قطعًا لما تقدم من قول المدونة وبيع السلطان الرقيق في الديون والمغنم وغيره بيع براءة فقولها وغيره يشمل هذا وغيره وقول ز شرط فيها البراءة الخ وأحرى إن لم يشترط (وخير مشتر ظنه غيرهما) صوابه وخير مشتر جهلهما ليشمل ما إذا ظنه غيرهما أو لم يظن شيئًا بدليل ما تقدم عن ابن المواز قول ز ولا يخفى أن الظن المذكور في الحاكم الخ لا يخفى عليك بطلان هذه المسودة لما تقدم أن المدار على حصول العلم للمشتري وأنه يخير عند نفي العلم فتأمله (إن طالت إقامته) حد بعضهم الطول بستة أشهر وذكره الجنان وقول ز تتمة قال تت الخ نص ضيح في هذا قالا أي الباجي والمازري وكذلك لا يجوز التبري في عقد القرض لأنه إذا أسلفه عبدًا وتبرأ من عيوبه دخله سلف جر منفعة اهـ.

ص: 243

والبراءة التزام المشتري عدم المطالبة بعيب قديم أو مشكوك فيه وإنما تنفع في الرقيق خاصة كما قال المصنف وأما في غير الرقيق فإن التبري فيه لا يمنع الرد فشرط البراءة فيه باطل والعقد صحيح كشرط أن لا عهدة والفرق أن الرقيق قد يكره بعض السادات ويرغب في بعض فيظهر من العيوب ما ليس فيه ويكتم ما فيه تحيلًا على انتقال الملك فلمالكه عذر في البراءة بخلاف غيره فإنه يمكن اختبار حاله فليس لمالكه عذر في البراءة انظر التوضيح قاله د.

تتمة: قال تت على الرسالة لا يجوز التبري في عبد القرض كما لو أسلف عبدًا وتبرأ من عيوبه لدخول سلف جر نفعًا نص على ذلك الباجي وقبله الشيخ وأشار له بعض أشياخي بقوله هذا في المعاوضات التي لا تحتاج إلى المماثلة وأما أخذ القرض فلا تنفع البراءة فيه لا أخذًا ولا ردًّا اهـ.

كلام تت ولو أسقط لفظ أخذ الواقع بعد أما لكان أحسن قاله عج أي لتهافته ومنافاته لقوله بعده لا أخذًا ولا ردًّا وفي بعض نسخه وأما عقد القرض فلا ينفع الخ وهذه ظاهرة ثم لا يخفى أن العلة ظاهرة في الأخذ دون الرد وتقدم لتت نفسه أنه قرر قول المصنف ومقرض أنه يحرم على آخذه التصديق فيه اهـ.

أي وأما رده فلا ولعل حرمته هنا في الرد بناء على التحريم في تهمة ضع وتعجل إذ قد يكون الراد معدمًا ولا يخفى أن معنى سلف العبد رد غيره لا عينه وإلا كان عارية ولما كان الواجب على كل من علم من أمر سلعته شيئًا يكرهه المبتاع أو كان يبخس في الثمن أن يبينه أشار لذلك بقوله: (و) عيب المبيع رقيقًا أو غيره (إذا علمه) البائع البالغ حاكمًا أو وارثًا أو غيرهما ولا يعتبر علم غير البالغ ممن ذكر (بين أنه به و) بعد الإخبار به (وصفه) إن كان مما يخفى كالإباق والسرقة وصفًا شافيًا كاشفًا عن حقيقته لأنه قد يغتفر في موضع دون آخر (أو) إن كان ظاهرًا (أراه له) والأولى إياه كما في د إن كان مما يرى كالقطع وبما قررنا علم أن قوله ووصفه ليس تفسيرًا لقوله بين أنه به قاله د (و) إذا وصفه (لم يجمله) في نفسه أو مع غيره بل يذكره مفصلًا ووحده كزنى مرة فإن أجمله مع غيره

ــ

وأما رد القرض بلا وجه لمنع البراءة فيه إلا إذا وقع الرد قبل الأجل لتهمة وتعجل وتقدم منع التصديق في معجل قبل أجله وأما قوله ز إذ قد يكون الراد معدمًا فلا معنى له فتأمل.

تنبيه: قال ابن عرفة ولا يرد في بيع البراءة بما ظهر من عيب قديم إلا ببينة أن البائع كان عالمًا فإن لم تكن بينة وجب حلفه ما كان عالمًا به وإن لم يدع المبتاع علمه على رواية ابن حبيب ونقله عن أصحاب مالك المتيطي وهو المشهور وفي كون حلفه على البت في الظاهر والعلم في الخفي أو على العلم مطلقًا قولًا ابن العطار وابن الفخار متعقبًا قوله: بأنه إنما يرد في البراءة بما علم وحكى ابن رشد الاتفاق على الثاني اهـ.

بخ (ولم يجمله) قول ز وعليه البساطي والنقل يوافقه الخ كلام المدونة والنوادر

ص: 244

من غير جنس كقوله زان سارق وهو سارق فقط لم يكف لأنه ربما علم المشتري سلامته من الأول فظن إن ذكر الثاني معه كذكر الأول فإن أجمله في جنسه مع تفاوته في إفراده كقوله سارق فهل ينفعه ذلك في يسير السرقة دون كثيرها وعليه البساطي والنقل يوافقه أولًا وعليه بعض معاصريه والظاهر أن النظر في كونه يسيرًا أو كثيرًا لأهل المعرفة وموضوع ما للبساطي كما هو صريحه فيما إذا أتى بلفظ يحتمل القليل والكثير وأما إن أتى بلفظ يشمل العيوب كلها كثيرة وقليلة وهو يعلم بعضها فيه كأبيعك عظمًا في قفة كما يقع عندنا بمصر في بعض المبيعات فانظر هل يجري فيه بحث البساطي وبعض معاصريه أم يتفقان على أنه لا ينفع في هذا بشيء وأشار لفرد من أفراد ثلاثة الضرب الأول أي المانع المطلق بقوله: (و) منع من الرد (زواله) أي العيب الكائن حين البيع أو قبله قبل القيام به على وجه تؤمن عودته عادة فلا رد به (إلا) أن يكون ما زال (محتمل العود) كبول بفرش بوقت ينكر وسلس بول وسعال مفرط واستحاضة ونزول دم من قبل ذكر وبياض العين ونزول ماء منها مستمر وبرص وجذام حيث قال أهل الطب إنه يعود فإن زواله ولو قبل البيع لا يمنع الرد ولو وقع الشراء حال زواله وعلم المشتري حينئذ سلامته لقول ابن حبيب على البائع أن يبين حصول البول في الفراش وإن انقطع لأن عودته لا تؤمن اهـ.

وهذا بخلاف الحمى إذا زالت (وفي زواله) أي عيب التزويج (بموت الزوجة) المدخول بها أو الزوج الذي دخل بها إذ الأقوال الثلاثة فيه أيضًا فلو حذف التاء كان أحسن وكان يقول أو طلاقه مصدرًا مضافًا للفاعل أو المفعول بدل (وطلاقها) الواو بمعنى أو وكالطلاق الفسخ بغيره (وهو المتأول) عند فضل على المدونة (والأحسن أو) يزول (بالموت) من أحدهما (وهو الأظهر) لكن موتها الذي هو فرض المصنف مطلق عليه أو وخشًا وموته إنما يزول به عيب الوخش دون الرائعة على هذا التأويل (أولًا) يزول بموت ولا طلاق لاعتياد كل بالزوجية البساطي لا ينبغي أن يعدل عن هذا لأن من اعتاده من ذكر أو أنثى لا يصبر عنه غالبًا اهـ.

ــ

كالصريح فيما قاله البساطي كما في نقل ق وح وصرح أبو الحسن بذلك اهـ.

وقول ز فانظر هل يجري فيه بحث البساطي الخ ظاهر المدونة أنه لا ينتفع بهذا في شيء ففيها لو كثر في براءته ذكر أسماء العيوب لم يبرأ إلا من عيب يريه إياه ويوقفه عليه وإلا فله الرد إن شاء اهـ.

(وفي زواله بموت الزوجة وطلاقها) قول ز أو الزوج الذي دخل بها إذا الأقوال الثلاثة فيه أيضًا الخ صحيح وبذلك صرح ابن رشد ونصه أما عيب الزوجية في الأمة والعبد فاختلف هل يذهب بارتفاع العصمة بموت أو طلاق أولًا ثلاثة أقوال ثم ذكرها فهو صريح في أن الأقوال في كل من العبد والأمة ومثله في ضيح ولما لم يقف ابن عاشر على ذلك قال وانظر موت زوج الأمة وطلاقه اهـ.

ص: 245

(أقوال) وهي في التزويج بإذن السيد من غير تسلط العبد عليه مع الوطء لا بغير إذنه أو به مع تسلط عليه فعيب ولو لم يطأ ولا بإذنه من غير تسلط ولم يطأ فغير عيب وأشعر جعلها في التزويج أن من وهب لعبده أمة وطئها ثم انتزعها منه فلا يلزمه بيان ذلك عند بيعه له وبه صرح التونسي وبحث فيه ابن عبد السلام بجريان علة تعلق القلب فيه وأشار إلى أول الأربعة المطلقة بقوله: (و) منع من الرد بالغيب برقيق أو غيره (ما يدل على الرضا) بعد الاطلاع عليه مما تقدم نظيره في خيار التروي من قوله ورضا مشتر كاتب أو زوج الخ إلا الإجارة والإسلام للصنعة لأن الغلة للمشتري كما أنهما لا يدلان على الرد من البائع هناك للعلة المذكورة واستثنى منقطعًا (إلا مالًا ينقص كسكنى الدار) بنفسه أو إسكانها لغيره على ما يفيده قوله الآتي وقف في رهنه وإجارته لخلاصه وأدخلت الكاف القراءة في المصحف والمطالعة في الكتب واغتلال الحائط زمن الخصام أي أنه يخاصم البائع بعد الاطلاع على العيب وكذا ما نشأ لا عن تحريك كلبن وصوف ولو في غير زمن الخصام إلا لطول سكوته بعد علم العيب فلا كسكنى دار واغتلال حائط غير زمنه بعد الاطلاع على العيب وكذا استعمال الدابة وعبد ولوز منه فدال على الرضا لأن شأنه تنقيصهما بخلاف سكنى الدار ونحوها ولا ينافي هذا ما يأتي من أن الغلة له للفسخ لأن ما يأتي في غلة تجامع الفسخ وهي ما حصلت زمن الخصام ولا تنقص كلبن وفيما حصل قبل الاطلاع على العيب نقصت أم لا لا فيما ينقص وحصل بعد العلم بالعيب ولو كان حصولها زمن الخصام ولا في التي لا تنقص وحصلت قبل زمن الخصام بعد علم العيب فدالة على الرضا فتأمل تلك الأقسام الأربعة وصورها (وحلف إن سكت بلا عذر في كاليوم) ونحوه ورد فإن سكت أقل من كاليوم رده بلا يمين وأكثر فلا رد له وانظر ما المراد بنحوه فإن سكت لعذر فله الرد مطلقًا ولما قدم إن تصرف المشتري اختيارًا يمنع

ــ

والأول منها تأوله فضل عن المدونة واستحسنه التونسي والثاني قول ابن حبيب وأشهب واستظهره ابن رشد والثالث رواية ابن القاسم عن مالك (وما يدل على الرضا) قول ز إلا الإجارة والإسلام للصنعة الخ نحو لخش وفيه نظر والظاهر عدم الاستثناء وإن الإجارة والإسلام لصنعة يدلان على الرضا إذا وقعا بعد الاطلاع على العيب وما استدل به على الاستثناء من قوله لأن الغلة للمشتري يجاب عنه بأن الغلة إنما تكون للمشتري إذا لم تنقص كسكنى الدار واجتناء الثمرة فإنها لا تنقص الأصل المشتري قاله الشيخ المسناوي وفي ضيح الحكم في العبد والدابة ونحو ذلك كالثياب مخالف للدار لأن العبد والدابة يغيرهما الاستعمال اهـ.

(إلا ما لا ينقص) الاستثناء هنا منقطع لأن ما لا ينقص لا يدل على الرضا ولو دل على الرضا لمنع الرد انظر ضيح وابن عاشر والحاصل من كلام ز وغيره إن الاستقلال إما أن يكون قبل الاطلاع على العيب أو بعده وقبل زمن الخصام أو في زمن الخصام أما الأول فلا يعد رضا مطلقًا وأما الثاني فهو رضا مطلقًا وأما الثالث فيفصل فيه بين ما ينقص كالركوب فهو رضا أو لا ينقص كسكنى الدار فلا (وحلف إن سكت بلا عذر في كاليوم) هو قوله في

ص: 246

الرد أخرج منه مسألتين أولاهما قوله: (لا) يدل على الرضا في غيب دابة اطلع عليه بسفر ونحوه ركوب (كمسافر) ومكره (اضطر لها) في الركوب بل ولغير اضطرار على المعتمد لعذره بالسفر حيث لا يمكنه ردها ففي الشامل وعذر مسافر ولا يلزمه ردها إلا فيما قرب وخفت مؤنته ويستحب له أن يشهد أن ذلك ليس منه رضا اهـ.

والرقيق كالدابة وليس عليه كراء في ركوبها واستعماله وثانيتهما قوله: (أو تعذر قودها) بسكون الواو لعسرها أو من جهته لكونه من ذوي الهيآت (لحاضر) ركبها لغير الرد بل لمحله مثلًا بعد اطلاعه على عيبها وأما ركوب الرد ولو اختيارًا فلا يمنعه (فإن غاب بائعه) فاطلع على العيب (أشهد) شاهدين أنه لم يرض به ولا يشترط إشهادهما بالرد ثم رد عليه بعد حضوره إن قرنت غيبته أو على وكيله الحاضر (فإن عجز) عن الرد المفهوم من رد المقدر كما قلنا لبعد غيبته وعدم وكيل يرد عليه (أعلم القاضي) بعجزه وما ذكره من قوله اشهد الخ ضعيف والمعتمد كما في ابن عرفة أنهما غير شرط في الرد فله انتظاره عند بعد غيبته وعدم وكيل له حتى يحضر فيرد عليه المبيع المعيب إن كان قائمًا ويرجع بأرشه إن هلك وإن لم يشهد ولا أعلم الحاكم وعلله ابن القاسم كما في ابن عرفة بقوله لثقل الخصومة عند القضاة اهـ.

وليس له أخذ جميع ثمنه إن هلك المعيب لما يأتي للمصنف من أنه لا يدخل في ضمان بائعه إلا أن رضي بالقبض أو ثبت العيب عند حاكم وإن لم يحكم به وكان الرد على حاضر وإلا فلا بد من القضاء كما يأتي في قوله ثم قضى وقيل ذلك في ضمان المشتري فلا يصلح حمل قوله فإن غاب الخ على ما إذا هلك وأراد الرجوع بثمنه كما

ــ

المدونة وكذلك لو مضى بعد علمه وقت في مثله يرد ولكن لا يعد فيه راضيًا لقربه كاليوم ونحوه ويحلف بالله أنه لم يكن منه رضا ولا كان إلا على القيام اهـ.

(لا كمسافر اضطر لها) قول ز بل ولو لغير اضطرار على المعتمد الخ صحيح إذ هذا هو قول ابن القاسم وروايته عن مالك في العتيبة وبه أخذ أصبغ وابن حبيب قال ابن رشد في البيان وابن نافع يقول إنه لا يركبها ولا يحمل عليها إلا أن لا يجد من ركوبها أو الحمل عليها بدا في السفر أو الغزو فليشهد على ذلك ويركبها أو يحمل إلى الموضع الذي لا يجوز له أن يركبها فيه اهـ.

ونقله في ضيح أيضًا وهذا الثاني هو ظاهر المصنف لكن يجب حمله على الأول لأنه الراجح (أو تعذر قودها لحاضر) اللام بمعنى على وأصل هذا الكلام أو حاضر تعذر قودها عليه وقول ز ركبها لغير الرد بل لمحله الخ نحوه في ضيح فانظره (فإن عجز أعلم القاضي) اعتراض ابن عرفة على ابن شاس وابن الحاجب إنما هو في شرط الإشهاد وأما أعلام القاضي فلا بد منه إذا أراد القيام في غيبة البائع ونص ابن عرفة بعد كلام ابن القاسم فقول ابن الحاجب إن كان البائع غائبًا فليستشهد شاهدين يقتضي أن الشهادة شرط في رده أو في سقوط اليمين عنه إن قدم ربه ولو لم يدع عليه ولا أعرف هذا لغير ابن شاس ابن عرفة وله أيضًا

ص: 247

قرره به بعضهم قائلًا فلا يخالف ما لابن عرفة لأنه يخالف ترتيب المصنف أي قوله أشهد فإن عجز الخ هذا وللبائع إذا قدم تحليف المشتري على عدم الرضا بالعيب وإن لم يقل أخبرني مخبر برضاك فيستثنى من قوله الآتي ولا الرضا إلى آخر مسألة الغائب هذه ثم قول ابن عرفة عن ابن القاسم كما في تت لثقل الخصومة عند القضاة إنما يظهر في قوله فإن عجز أعلم القاضي دون ما قبله من قوله أشهد قاله عج قلت يمكن جريانه فيه بأن معناه حيث قيل بأن الأشهاد شرط فلو لم يشهد لاحتاج للرفع للقاضي عند قدوم البائع ثم إذا أعلم القاضي (فتلوم) يسيرًا (في بعيد الغيبة) كالعشرة مع الأمن أو اليومين مع الخوف (أو إن) ظرف زمان مضاف إلى (رجى قدومه) لا إن لم يرج قدومه فلا يتلوم له وأما قريب الغيبة كيومين مع الأمن فهو في حكم الحاضر فيكتب إليه ليحضر فإن أبى حكم عليه بالرد كالحاضر (كأن لم يعلم موضعه) فيتلوم له إن رجى قدومه (على الأصح) ولا يلزم من جهل موضعه عدم رجاء قدومه كالعطارين عندنا بمصر ببلاد الفلاحين يطوفونها لبيع العطريات فيتحقق أو يرجى قدومهم لوطنهم مع جهل موضعهم وما تقدم من التلوم لبعيد الغيبة وقع في المدونة في موضع (وفيها) في موضع آخر (أيضًا نفى) ذكر (التلوم) وقدرناه على حذف مضاف لأن الذي فيها في الموضع الآخر السكوت عن التلوم لا إن فيها أنه لا يتلوم له إذ لا يتأتى حينئذ الوفاق الآتي أو لا يقدر مضاف ويراد بنفيه انتفاؤه أي عدم ذكره (وفي حمله) أي المحل الذي سكت فيه عنه (على الخلاف) للمحل الذي فيه التلوم أو الوفاق يحمل المطلق أي المسكوت فيه على المقيد أي يحمل على ما إذا لم يرج قدومه أو يحمل المطلق على ما إذا خيف على العبد الهلاك أو الضياع فيباع ويحمل المحل الذي

ــ

القيام في غيبته فيها لمالك إن رفع للسلطان سأله البينة على شرائه بعهدة الإسلام وبيعه إلى آخر كلامه فانظره فقول المصنف فإن عجز أعلم القاضي أي إذا أراد القيام في غيبة بائعه بدليل ما بعده. وقول ز قلت يمكن جريانه الخ لا معنى لهذا الجواب (وفيها أيضًا نفي التلوم) قول ز لأن الذي في الموضع الآخر السكوت عن التلوم الخ نحوه لغ ولهذا قدر في كلام المصنف مضافًا أي نفي ذكر التلوم وأصله للمتيطي ونصه وفي التجارة لأرض الحرب منها إن بعدت غيبته قضى عليه ولم يذكر تلومًا اهـ.

ونقله ق وغ ونقله أيضًا ابن عرفة وأقره ونحو ما للمتيطي لأبي الحسن ورده بعض الشيوخ بأن كتاب التجارة لأرض الحرب مصرح فيه بنفي التلوم لا مسكوت عنه كما ذكروه ويتبين ذلك بكلام ابن سهل في أحكامه فإنه بعد أن ذكر قول المدونة في كتاب العيوب وأما البعيد فيتلوم له إن كان يطمع بقدومه فإن لم يأت قضى عليه قال ما نصه قال في هذه المسألة أنه يتلوم للغائب إن كان بعيد الغيبة وقال في كتاب التجارة لأرض الحرب فيمن أسلم عبده النصراني والسيد غائب إن كان قريبًا انظر السلطان فيه وكتب في ذلك وإن كان بعيد أبي ع عليه ولم ينتظر لأن مالكًا قال في النصرانية تسلم وزوجها غائب إن كان قريبًا نظر الحاكم في ذلك خوف أن يكون قد أسلم قبلها وإن كان بعيدًا أو كان لم يدخل بها تزوجت مكانها ولم ينتظر

ص: 248

فيه التلوم على ما إذا طمع في قدومه ولم يخف على العبد ذلك (تأويلان ثم) بعد مضي زمن التلوم (قضى) القاضي للمشتري على الغائب بالرد عليه (إن أثبت) المشتري عند القاضي (عهدة) أي شراءها أي إن البائع لم يتبرأ مما يمنع الرد بالعيب القديم في الرقيق وغيره وقبلت الشهادة وإن كانت بالنفي لأنه نفي محصور أي متعلق بمعين وليس المراد هنا عهدة الثلاث أو السنة أو الإسلام وهي درك المبيع من الاستحقاق لأن البراءة منها لا تنفع على المعتمد فإذا استحق رد ولا يعمل بتبريه منه ويسقط لشرط ويصح البيع كما مر فلا يحتاج المشتري حينئذٍ إلى إثبات شرائه عليها وتفسير بعضهم لعهدة الإسلام بدرك المبيع من العيب والاستحقاق متعقب بأن المعتمد اختصاصها بالثاني (مؤرخة) صفة عهدة ليعلم من تاريخها قدم العيب أو حدوثه وإسناد التاريخ لها مجاز إذ المؤرخ حقيقة زمن البيع (و) أثبت أيضًا (صحة الشراء) خوف دعوى البائع إذا حضر فساده فيكلفه اليمين بالصحة وإنما يلزمه إثبات هذين الأمرين (إن لم يحلف عليهما) فإن حلف عليهما لم يحتج لإثبات اشترائه بهما لأن القول قول المشتري مع يمينه على نفي البراءة زاد الموثقون ويحلف أيضًا أنه لم يتبرأ له من العيب ولا اطلع عليه بعد البيع ورضيه ولا استخدم الرقيق بعد الاطلاع وإن أراد أخذ الثمن حلف أنه نقده وأنه كذا قاله في المدونة وله أن يجمع هذه المفصول في يمين واحدة على خلاف في ذلك قاله أبو الحسن قال في التوضيح ابن رشد وغيره إلا أن يكون قد مضى من المدة ما لو أنكر البائع القبض كان القول قوله أي المشتري مع يمينه أنه دفعه إليه كعام أو عامين على ما قال ابن حبيب وعشرين ونحوها على ما ذهب إليه ابن القاسم قاله تت ولعل قول ابن القاسم هنا ضعيف

ــ

قدومه ولا عدة عليها فأسقط في هاتين المسألتين التلوم في بعيد الغيبة وإلى هذا الخلاف أشار أبو عمر بن القطان في جوابه في التلوم في بعيد الغيبة اهـ بلفظه فأنت ترى المدونة في كتاب التجارة صرحت بعدم الانتظار مرتين وهو عدم التلوم فقول المصنف فيها أيضًا نفي التلوم معناه على ظاهره أي وفيها التصريح بأنه لا يتلوم له وهو ظاهر وقول ز إذ لا يتأتى حينئذ الوفاق الخ بل يتأتى لأنه يحمل على ما إذ لم يرج قدومه (إن أثبت عهدة) هذا شرط في قوله ثم قضى وفي قوله قبله فتلوم في بعيد الغيبة الخ لأن التلوم إنما يكون بعد إثبات الموجبات قال أبو الحسن يثبت الحكم في هذه المسألة بتسعة شروط وثلاثة أيمان أحدها أن يثبت أنه ابتاع الثاني مقدار الثمن الثالث أنه نقده الرابع أمد التبايع الخامس ثبوت العيب السادس أنه ينقص من الثمن السابع أن العيب أقدم من أمد التبايع الثامن ثبوت الغيبة التاسع كونها غيبة بعيدة أو بحيث لا يعلم وأما ثلاثة أيمان فإنه يحلف أنه ابتاع بيعًا صحيحًا وأنه لم يتبرأ إليه من العيب ولا بينة له ولا أراه إياه فرضية والثالث أنه ما رضي بالعيب حين علم به وله أن يجمعها في يمين واحدة اهـ.

وانظر ضيح وح (مؤرخة) صفة لعهدة وفيه تجوز والتاريخ في الحقيقة للشراء (إن لم يحلف عليهما) قول ز حلف أنه نقده وأنه كذا الخ الذي في المدونة أنه لا بد من إثبات أنه

ص: 249

كما في بعض التقارير قال عج والضمير في عليهما للعهدة وصحة الشراء وأما التاريخ فلا بد من ثبوته بالبينة كملك البائع له لوقت بيعه فلا يكفي الحلف على هذين بخلاف الحلف على عدم اطلاعه عليه بعد البيع وعدم الرضا فلا بد منه ولا تكفي البينة إذ لا يعلم إلا من جهته وقد يخبر بخلاف ما في ضميره اهـ.

قال د في قوله وصحة الشراء الخ لقائل أن يقول الرد بالعيب كما يكون في البيع الصحيح يكون في الفاسد هنا فلم ألزموه اليمين أي أو إثبات أنه وقع صحيحًا انظر أبا الحسن اهـ.

وفيه نظر إذ لا يتصور في البيع الفاسد أخذ أرش العيب ولا الرد به لأنه إن لم يفت وجب رده وإن فات فليس له رد ولا أرش وإنما يدفع القيمة يوم القبض ولو مختلفًا في فساده ولا يقال المختلف فيه يمضي بالثمن لأنا نقول للثمن الذي جعله فيه إنما هو لاعتقاد سلامته من العيب وأشار للمانع الرابع من الموانع العامة للرد بعيب قديم بقوله: (وفوته) أي المبيع (حسًّا) كتلف عمدًا أو خطأ أو غصب منه أو حكمًا (ككتابة وتدبير) وعتق وصدقة وهبة لغير ثواب قبل اطلاعه على العيب فيمنع خيار المشتري بالفوت والأرش للواهب والمتصدق لا للمعطي إذ لم يخرج عن ملك المعطي إلا المعيب فالأرش لم يتناوله عقد العطية قاله تت وح وعلم مما قررته أن قوله ككتابة تمثيل لشيء لم يذكره وأنه ترك تمثيل ما ذكره لظهوره ويحتمل أنه تشبيه بما قبله في منع الرد والأول أولى لدخول غير ما ذكر بخلاف كاف التشبيه فلا تدخل شيئًا وظاهره لفوات بها ولو عجز المكاتب قبل أخذ الأرش أو بعده أو مرض العبد مرضًا فات به المقصود ثم زال لكن في الشامل ما يفيد أن له الرد إن فات قبل أخذ الأرش ونصه ولو أخذ الأرش لمرض العبد عنده أو كتابته ثم صح أو عجز فات اهـ.

ــ

نقده وأنه كذا بالبينة وقد تقدم ذلك أيضًا عن أبي الحسن وعليه يصح ترتيب الاستثناء الذي ذكره بعد في قوله إلا أن يكون مضى من المدة الخ ولو كانت اليمين تكفي ابتداء كما قال لم يكن للاستثناء المذكور وجه وإن صدق المشتري في الطول فلا بد من اليمين المحققة لقوله وانظر ح وق وقول ز كملك البائع له لوقت بيعه الخ. هذا الفصل زاده المصنف في ضيح على التسعة المتقدمة عن أبي الحسن وقاله أيضًا ابن عبد السلام أي لا بد من إثبات صحة ملك البائع إلى حين الشراء وقول ز وفيه نظر إذ لا يتصور في البيع الفاسد الخ في نظره نظر إذا الفاسد لا ينافي الرد بالعيب وغاية الأمر في البيع الفاسد إذا فات ومضى بالقيمة أن يصير كبيع صحيح إن اطلع فيه على عيب قديم جرى على حكمه فما قاله الشيخ أحمد ظاهر والله أعلم ثم رأيت عند ابن عرفة ما نصه وفيها قلت إن كان ذلك في بيع فاسد قال لم أسمعه وأرى إن أقام البينة أنه ابتاعه بيعًا حرامًا ونقد ثمنه ولم يفت بحوالة سوق حكم فيه كالصحيح وإن فات جعله القاضي عليه بقيمته ويردان الفضل متى التقيا اهـ.

وبه يرتفع الإشكال (وفوته حسًّا الخ) بين به أن فوته بذهاب عينه وخروجه من يد المشتري بلا عوض هو محل الأرض وأما خروجه من يده بعوض فلا أرش فيه وسيقول فيه

ص: 250

أي لأن أخذ الأرش يدل على الرضا بالعيب فزوال المفوت بعده لا يوجب ردًّا إذ لا رد بعد الرضا به بخلاف زواله قبل الأرش فإنه زوال قبل حصول ما يدل على الرضا بالعيب فله الرد ثم إذا فات رده ووجب للمبتاع الأرش (فيقوم) المبيع يوم ضمنه المشتري مقومًا أو مثليًّا (سالمًا) بمائة مثلًا (ومعيبًا) بثمانين (ويؤخذ) للمشتري (من الثمن بالنسبة) أي نسبة نقص قيمته معيبًا إلى قيمته سليمًا وهي الخمس في المثال المذكور فيرجع على البائع بخمس الثمن وانظر في الأصل مسألة بيع الشعير والحناء (و) لو تعلق بالمبيع المعيب حق من رهن المشري له أو إجارته قبل علمه بالمعيب (وقف رهنه وإجارته) ونحوهما كإخدامه وعاريته (لخلاصه و) لم يكن الفعل المذكور مانعًا من الرد بل (رد) بعد خلاصه (إن لم يتغير) فإن تغير جرى فيه ما يأتي من التغير القليل والمتوسط والمخرج عن المقصود وظاهره أن له الرد وإن لم يشهد حين علم بعيبه بعد رهنه مثلًا أنه ما رضي بالعيب وهو كذلك وظاهر أيضًا أن له الرد بشرطه ولو قام به على البائع حين تعلق الرهن ونحوه به وحكم عليه بأنه لا أرش له حينئذٍ وهو كذلك فإن حكم عليه بأنه لا رد له رجع لمذهب الحاكم سواء كان مذهبه لا رد له ما دام في الرهن ونحوه فقط أو لا رد له مطلقًا انظر ح ثم شبه في قوله ورد إن لم يتغير قوله (كعوده له) بعد خروجه من ملكه غير عالم بالعيب (بعيب) كان هو القديم فقط أو حدث عند المشتري زمن العهدة حيث اشترى بها فله رده على البائع وعده لتفليس أو فساد كذلك (أو) عوده له (بملك مستأنف كبيع) من غيره له (أو هبة) كذلك (أو إرث) لو اشتراه الآن عالمًا يعيبه لأنه يقول اشتريته لأرده على بائعي وله ذلك ولو تعددت البياعات فيه عند ابن القاسم وقال أشهب إن عاد إليه وقد تكرر فيه البيع خير بين رده على بائعه الأول وبين رده على بائعه الثاني وأشعر قوله كعوده بعوده كله فإن عاد له بعضه كعبد باعه ثم اشترى نصفه خير البائع الأول بين قبول النصف المذكور وبين دفع قيمة ما ينوبه من أرش العيب هذا إذا كان المبيع مما لا ينقسم كما مثلنا فإن كان مما ينقسم كثوب من ثياب فله رده على بائعه كما يأتي في قوله ورد بعض

ــ

فإن باعه لأجنبي الخ (ووقف في رهنه وإجارته لخلاصه) هذا مقيد بما إذا عجز حين اطلع على العيب عن استخلاصه من الرهن أو الإجارة كما في ضيح وابن عرفة ونصه وإن علم عيبه بعد رهنه أو إجارته ففي وجوب كونه كفوته إن عجز عن استخلاصه وبقائه على حكم رده لاستخلاصه ثالثها أن بعد كالشهر والسنة فالأول وإن قرب كالشهر ونحوه فالثاني لأشهب وابن القاسم فيها وغير واحد عن ابن حبيب اهـ.

ونص ضيح فإن تعذر رد عين المبيع مع بقاء الملك فيه لتعلق حق آخر وكما لو أجرها أو رهنها ثم اطلع فيها على عيب وهي بيد المستأجر أو المرتهن فقال ابن القاسم في المدونة يبقى الأمر في العيب موقوفًا حتى يفتكها من الإجارة والرهن اهـ.

ص: 251

المبيع بحصته ولما كان في حكم الفوات بعوض تفصيل ذكره فقال: (فإن باعه) المشتري (لأجنبي) أي غير البائع ولو ابنه أو أباه سقط حقه من القيام بالعيب فلا رد له (مطلقًا) أي باعه بمثل الثمن أو أقل أو أكثر بعد اطلاعه على العيب أو قبله ما دام لم يعد إليه وإلا رد في الأخير دون ما قبله واعترض ح قول الشارح يرد بعد اطلاعه بأن صوابه قبل وسواء كان البائع مدلسًا أم لا (أو) باعه المشتري (له) أي لبائعه (بمثل ثمنه) فلا رجوع له على بائعه الذي اشتراه الآن سواء باعه بعد اطلاعه على العيب أم لا دلس أم لا غير أن للمشتري الثاني وهو بائعه الأول رده عليه إذا باعه بعد اطلاعه على العيب لأنه بمنزلة ما حدث عنده (أو) باعه قبل اطلاعه على العيب لبائعه (بأكثر) من الثمن الأول (إن دلس) البائع الأول (فلا رجوع) له على بائعه الذي هو المشتري الأول بما أخذه من الزيادة وليس له رد المبيع عليه بظلمه بتدليسه ولقد أحسن في حذف متعلق فلا رجوع لاختلافه في المسائل المذكورة (وإلا) يكن البائع مدلسًا (رد) المبيع على المشتري الأول (ثم رد عليه) أي على البائع الأول إن لم يرض المشتري بالتمسك به وقولي قبل اطلاعه على العيب احتراز عما إذا باعه له بأكثر بعد اطلاعه على العيب فيرجع البائع الأول بزائد الثمن إن كان غير مدلس وكذا إن كان مدلسًا حيث لم يعلم بالعيب حين شرائه الثاني لتجويزه أنه قد زال فيما يمكن زواله وله رده عليه لأنه لما اطلع المشتري الأول عليه قبل البيع فكأنه حدث عنده (و) إن باعه المشتري الأول قبل اطلاعه على العيب (له) أي للبائع الأول (بأقل) من الثمن الأول (كمل) البائع الأول الثمن الأول دلس أم لا فإن باعه بعد اطلاعه عليه بأقل لم يكمل له دلس أم لا ابن عبد السلام في تكميله له إذا لم يكن مدلسًا نظر لإمكان كون النقص من حمولة سوق كما هي حجة ابن القاسم إذا باعه بأقل لأجنبي قال

ــ

(فإن باعه لأجنبي مطلقًا) أما إذا باعه بمثل الثمن أو أكثر فواضح أنه لا رجوع وأما إذا باعه بأقل فقال ابن القاسم لا رجوع له لأنه إن باعه بعد اطلاعه على العيب فبيعه رضا بذلك أو قبله فالنقص لحوالة الأسواق لا للعيب وقال ابن المواز إلا أن يكون النقص من أجل العيب مثل أن يبيعه بالعيب ظانًّا إن العيب حدث عنده أو يبيعه وكيله ظانًّا ذلك أيضًا فيرجع على بائعه بالأقل مما نقصه من الثمن أو قيمته وجعل ابن رشد وابن يونس وعياض قول ابن المواز تفسيرًا لقول ابن القاسم فكان على المصنف أن لو نبه على ذلك (وإلا رد ثم رد عليه) قول ز فيرجع البائع الأول بزائد الثمن الخ فيه نظر بل الظاهر أن البائع الأول مخير بين أن يرد أو يتماسك وإذا رد فليس للبائع الأول خير بين أن يرد أو يتماسك وإذا رد فليس للبائع الثاني أن يرد عليه لأنه باع بعد علمه بالعيب فقد رضي به وقول ز عن ابن عبد السلام في تكميله له إذا لم يكن مدلسًا نظرًا الخ نحوه في ضيح وقد يفرق بين المحلين بأن ما هنا لا ضرر على البائع فيه لرجوع سلعته ليده بخلاف ما هناك فضرره أشد قاله ص وقول ز فالجواب أنه لما باعه بأكثر الخ أولى من هذا أن يقال إن الرد من المشتري الثاني لأجل العيب إنما يكون

ص: 252

د لو قال المصنف وبأقل كمل كفاه قال السنهوري إنما كرر له لوجود الفاصل الذي ربما أثار تشويشًا على الفهم اهـ.

ثم قال د فإن قيل لم لم يكن الحكم هنا أنه يرد ثم يرد عليه أي حيث لم يكن مدلسًا كما في بيعه بأكثر فالجواب أنه لما باعه بأكثر يحتمل أن يتماسك به لأنه إنما رغب فيه أي في بيعه بأكثر للزيادة بخلاف ما إذا باعه بأقل فإنه يبعد أن يتمسك به فلذلك لم يكن له هنا إلا التكميل كذا قال بعض شيوخنا وهو حسن اهـ.

ثم ذكر أقسام تغير المبيع عند المشتري مع وجود العيب القديم جاعلًا ذلك مفهوم قوله ورد إن لم يتغير سواء خرج من يده ثم عاد إليها أم لم يخرج وسواء كان التغير في عينه من غير سببه أو من سببه كما يأتي في قوله: وفرق بين مدلس الخ أو كان في حالة كالتزويج والسرقة وإن تغيره متوسط ويسير وكثير واستوفاها على هذا الترتيب فقال: (وتغير المبيع) المعيب بعيب آخر حدث عند المشتري زمن ضمانه بغير سببه (إن توسط) الحادث بين المخرج عن المقصود والقليل (فله) التمسك به و (أخذ) أرش العيب (القديم و) له (رده) أي المبيع (ودفع) أرش (الحادث) عنده ومحل التخيير إن لم يقبله البائع بالحادث بغير أرش فيخير بين أن يتماسك ولا شيء له أو يرد ولا شيء عليه كما يأتي في قوله إلا أن يقبله بالحادث وإنما كان الخيار له دون البائع لأنه هو المالك لذلك ويستثنى من هذا التخيير حدوث سمن الدابة المعيبة بقديم فإنه إن تماسك أخذ أرش القديم وإن رد فلا شيء عليه في السمن على المعتمد خلافًا لما يأتي له من عده من المتوسط وأشعر كلامه أن التخيير المذكور قبل التقويم وهو كذلك على ظاهر المدونة بخلاف الاستحقاق فيجب فيه التقويم قبل التخيير لئلا تؤدي البداءة به إلى التمسك بثمن مجهول واغتفر ذلك في العيب لما عليه من الضرر بالغرم إن رد قاله ح وأجرة المقوم على المتابعين في باب

ــ

باختياره ومن شأنه أن يختار الرد إن اشترى بأكثر والتمسك إن اشترى بأقل فلذا عبر في الأول بالرد وفي الثاني بتكميل الثمن (وتغير المبيع إن توسط الخ) قول ز ومحل التخيير إن لم يقبله البائع بالحادث الخ. ومحله أيضًا في غير المدلس فإن كان البائع مدلسًا وحدث عند المشتري في المبيع عيب ففيه تفصيل يأتي قوله: إلا أن يهلك بعيب التدليس الخ. وقول ز إن التخيير المذكور قبل التقويم الخ ظاهر المدونة وفي المتيطي قال بعض القرويين إنما يخير المبتاع بعد التقويم والمعرفة بالعيب القديم وما نقصه العيب الحادث وأما قبل ذلك فلا يجوز لأن المبتاع يدخل في أمر مجهول لا يعرف مقداره اهـ.

وقول ز بخلاف الاستحقاق فيجب فيه التقويم قبل التخيير الخ هذا غير صحيح ولم يقله ح وحاصل ما في ح أن أبا الحسن ذكر المعارضة بين جواز التمسك هنا وبين منع التمسك بالأقل في استحقاق الأكثر من أن كلا فيه التمسك مع جهل الثمن وفرق بينهما بأنه في العيب لما فات بعض المبيع ووجب أن لا يرد إلا بما نقصه سومح في أن يمسك ويرجع بقيمة القديم وفي الاستحقاق لا يجب عليه غرم إذا رد اهـ.

ص: 253

الفساد والظاهر أن هنا كذلك ولما كان العيب عرضًا لا يقوم بنفسه بل بغيره وقدم إنه إذا فات المبيع يقوم سالمًا ومعيبًا ذكر هنا ما إذا لم يفت وحدث فيه عنده عيب وأشار إلى بيان معرفة قيمته مرتبًا له على قوله ورده فقال: (وقومًا) أي القديم والحادث (بتقويم) أي مع تقويم (المبيع) صحيحًا فيجعل الباء للمعية دل كلامه على ثلاث تقويمات وجعلها الشارح للسببية يدل أيضًا على الثلاث وبقولنا مرتبًا على قوله ورده علم أن الثلاث تقويمات إنما هو حيث اختار الرد فإن اختار التماسك قوم تقويمين صحيحًا وبالقديم فقط ليعلم النقص بينهما حتى يرجع به أو يسقط بنسبته من الثمن ويصير الثمن ما عداه مثال الثلاث أن تكون قيمته صحيحًا عشرة وبالقديم ثمانية وبالحادث ستة فنقصه القديم الخمس وكذا الحادث فإن تمسك رجع بخمس الثمن قل أو كثر وإن رد أعطى خمس الثمن قل أو كثر فإذا كان الثمن في المثال المذكور عشرين فإن تمسك أخذ أربعة وإن رد أعطى أربعة وهكذا وبهذا ظهر لتقويمه صحيحًا فائدة قاله في التوضيح وبالجملة فاجعل القيمة كالميزان قاله د بإدخال شيء فيه والمعتبر في التقويمات الثلاثة أو التقويمين (يوم ضمنه المشتري) لا يوم العقد ولا يوم الحكم ولا كما قال ابن المعدل القديم يوم ضمان المشتري والحادث يوم الحكم قاله تت ولا الحادث يوم حدوثه وإن كان هو المناسب لو قيل به لأنه قبل ذلك صحيح كما بحثه د ثم إن تقويمه سالمًا وبالقديم في الوقت المذكور يجري في البيع الصحيح والفاسد وأما تقويمه بالحادث فلا يجري في الفاسد قطعًا خلافًا لما يوهمه د لأن حصول المتوسط فيه عند المشتري مفيت لرد المبيع فاسدًا كما مر في قوله وبتغير ذات غير مثلى وحينئذ فإن كان متفقًا على فساده مضى بالقيمة يوم القبض ولا يقوم صحيحًا ولا بالحادث وإن كان مختلفًا في فساده مضى بالثمن ويقوم صحيحًا وبالقديم ليعلم مقدار ما ينوبه من الثمن الذي وقع العقد عليه إذ لا يلزم دفعه كله لأنه إنما دفعه على أن المبيع سالم فتبين خلافه كما مر لكن مر أنه يمضي بالقيمة ولو مختلفًا في فساده (وله) أي للمشتري (إن) لم يحدث عنده عيب بل (زاد) عنده (بكصبغ) ولو بإلقاء

ــ

(وقومًا بتقويم المبيع) قال عياض تقوم إذا أراد الرد ثلاث قيم سالمًا وبالقديم وبالعيبين معًا وهو الصواب خلاف قول ابن أخي هشام أنه لا يحتاج فيها إلا إلى قيمتين قيمتها أولًا بالعيب القديم وآخر بالحادث عند المشتري قال عياض وفيه ظلم على المشتري يعني أنه على هذا إذا رد قدر ما بين القيمتين من الثمن رد في المثال المذكور مثلًا ربع الثمن وإنما العدل أن يرد خمس الثمن كما في المدونة قاله غ في التكميل (يوم ضمنه المشتري) قول ز لأن حصول المتوسط فيه عند المشتري مفيت لرد المبيع فاسد الخ فيه نظر لأن حصول التغير إنما يفيت رده من حيث الفساد وأما رده من أجل العيب فلا يفيته حدوث التغير المتوسط لأنه إذا لم يفته في البيع الصحيح فأحرى في الفاسد هكذا ظهر لي ثم رأيت في كلام ابن عرفة ما يوافق كلام ز وتقدم نقله قريبًا (وله إن زاد بكصبغ أن يرد) قول ز وهو بكسر الصاد الخ نحوه. قول ضيح والصبغ بكسر الصاد ما يصبغ به وهو مراد المصنف اهـ.

ص: 254

الريح الثوب في الصبغ وكخياطة وكمد وكل من أضاف له من ماله ما لا ينفصل عنه أو بفساد وهو بكسر الصاد ما يصبغ به لأنه لا يفتحها الذي هو المصدر (أن) يتماسك ويأخذ أرش القديم أو (يرد ويشترك بما زاد) بصبغه على قيمته غير مصبوغ معيبًا كما في ق لأنه خرج من يد البائع كذلك فإذا كانت قيمته مصبوغًا خمسة عشر وقيمته معيبًا غير مصبوغ عشرة فإنه يكون شريكًا بالثلث دلس البائع أم لا وفرق بين الصبغ مع العيب بقيده بالزيادة وبينه مع الاستحقاق حيث جعل شريكًا بقيمة الصبغ زاد أم لا بأنه فيه أخذ من يده قهرًا وقد لا يزيده الصبغ فيذهب عمله باطلًا بخلاف العيب فإن خيرته تنفي عنه الضرر وقال أصبغ في عامل القراض يصبغ الثوب من عنده فإن أعطاه رب المال ما صبغه به وإلا كان شريكًا به وإن لم يزد وفرق بأن له حصة في السلعة وهو مأذون له في تنمية المال فكان صبغه بإذن ربه ويأتي في الإجارة وإن ادعاه وقال سرق مني وأراد أخذه دفع قيمة الصبغ بيمين إن زادت دعوى الصانع عليها وإن اختار تضمينه فإن دفع الصانع قيمته أبيض فلا يمين وإلا حلفًا واشتركا ويأتي في باب الغصب كصبغه في قيمته وأخذ ثوبه ودفع قيمة الصبغ وفي الفلس يشارك بقيمة الصبغ حيث قال في ما لا النسج فكالمزيد يشارك بقيمته ومفهوم قوله هنا إن زاد شيئان لم يزد ولم ينقص بالصبغ فهو بمثابة ما لو لم يحدث عنده شيء فله رده على البائع مدلسًا أم لا وله التماسك وأخذ أرش العيب قاله في المدونة قاله الشيخ سالم ثانيهما نقصه يأتي في قوله وفرق بين مدلس وغيره إن نقص فإن دلس البائع فله رده عليه من غير أرش فإن لم يدلس فله حكم العيب الحادث والتقويم (يوم البيع على الأظهر) صوابه على الأرجح قال غ وقد رأيت في نسخة شيخنا القوري مصلحًا ويشترك بما زاد يوم البيع على الأرجح والحكم على الأظهر اهـ.

ــ

واختار ابن عاشر ضبطه بالفتح مصدرًا وهو الظاهر من عبارة المدونة ونصها ولو فعل بالثوب ما زادت له قيمته من صبغ أو غيره فله حبسه وأخذ قيمة العيب أو رده ويكون بما زادت الصنعة شريكًا اهـ.

تنبيه: قال ابن عرفة قال أبو عمران الشركة بالصبغ في خمس مسائل مسألتا العيب ومن ألقت الربح ثوبه في قصرية صباغ الشركة فيهما بما زاد ومسألتا الاستحقاق ومن فلس بعد صبغه ثوبًا اشتراه فأخذه بائعه الشركة فيهما بقيمة الصبغ ومسألة كتاب القراض من المدونة في العامل يصبغ ثياب القراض بمال نفسه شريكًا بما أدى ولا شركة بالصبغ في ثلاث من صبغ ما غصب لربه أخذه مجانًا أو قيمته ومن دفع ثوبًا لمن اشتراه منه فبان أنه غيره بعد صبغه إن لم يدفع بائعه قيمة صبغه غرم له قيمته أبيض والقصار يخطئ كذلك اهـ.

ولعل صوابه والصباغ يخطئ كذلك قال في ضيح وقالوا فيمن دفع ثوبه للصباغ فأخطأ وصبغه غير ما أمر به فاعترف الصباغ بذلك أن له أن يعطيه قيمته ويأخذ ثوبه أو يضمنه قيمته يوم قبضه كالغاصب اهـ.

(يوم البيع على الأظهر) قول ز قاله ح الخ هكذا في النسخ قاله بالضمير وهو تحريف

ص: 255

كذا في نسخة صحيحة من غ بعضها بخط تت وفي خطه في شرحه الكبير عن القوري لا الحكم على لا ظهر والظاهر أن المراد بيوم البيع يوم ضمان المشتري كما أشار إليه بعض وأعربناه خبرًا لمبتدأ محذوف ويصح جعله حالًا من فاعل زاد أي حال كون ما زاد معتبرًا يوم البيع وليس متعلقًا بقوله زاد لأن الزيادة ليست يوم البيع بل معتبرة فيه وتكلم المصنف على الزيادة بإضافة مال وعلى الزيادة في عين المبيع كسمن الدابة وكبر الصغير فيما يأتي وبقي من أقسامها الزيادة بحوالة سوق وهي غير معتبرة كما لا يعتبر ذهاب المرة ومال العبد فيرد ولا شيء فيما ذهب إذا وقع الشراء قبل طيب الثمرة كان قبل الإبار أو بعده قاله ح ولو تعلم العبد صنعة فزادت قيمته فكذلك وأما الزيادة المضافة للمبيع من غير جنسه كحدوث مال لعبد أو ثمر لكنخل فلا خلاف أن ذلك لا يسقط خياره لكنه يخير بين رد العبد بماله والنخل بثمره ما لم يطلب ويرجع بالسقي والعلاج أو يتمسك ولا شيء له في الوجهين (وجبر به) أي بالزائد العيب (الحادث) عند المشتري فإن ساواه فواضح أنه لا شيء له إن تماسك ولا غرم عليه مع الرد وإن نقص غرم تمام قيمته معيبًا إن رده فإن تماسك أخذ أرش القديم وإن زاد فإن تماسك أخذ أرش القديم وإن رد كان شريكًا بالزائد فلو كانت قيمته سالمًا مائة وبالقديم تسعين وبالحادث ثمانين وبالزيادة تسعين لساوى الرائد النقص فإذا رد فلا غرم وإن كان خمسة وثمانين غرم مع الرد نصف عشر الثمن وخمسة وتسعين شارك بمثل ذلك وهذه التقويمات الأربع إنما هي مع الرد وإن تمسك لم يزد على القيمتين الأوليين كما في تت واعلم أن مسألة المصنف ثمانية أقسام لأن الحادث عند المشتري إما عيب فقط أو زيادة فقط أو عيب وزيادة لا تجبر الحادث أو تجبره فهذه أربع وفي كل منها إما أن يريد المشتري الرد بالقديم أو التمسك فيقوم ثلاث تقويمات في صورتين فقط وهما إذ حدث عنده نقص أو نقص وزيادة

ــ

إذ ح لم يقله وإنما قال ما بعده عن ابن رشد فالصواب قال ح بعدم الضمير (وحبر به الحادث) قول ز فإن ساواه الخ تبع فيه عج وفيه نظر بل المنصوص كما في ق عن ابن يونس قبيل هذا أنه إن تماسك فله أخذ أرش القديم وإن رد فلا شيء عليه وقد قدم هو نحو هذا في صبغ الثوب عن المدونة وهو الذي يفيده كلام ضيح هنا وكلام ابن عرفة عن اللخمي ولهذا قالوا إذا تماسك به لا يقوم إلا بتقويمين سالمًا وبالعيب القديم فلو كان في أرش القديم تفصيل عند التماسك لاحتيج أيضًا إلى تقويمه بالحادث وبالزيادة ليعلم هل ساوى أو لم يساو وتأمل وقول ز وهذه التقويمات الأربع الخ الاحتياج إلى أربع تقويمات عند الرد هو ما قاله ابن الحاجب واعترضه ابن عبد السلام بأنه لا احتياج إلى تقويمه صحيحًا بل ذكر التقويم صحيحًا يوهم أن يكون البائع شريكًا بقيمته صحيحًا ولا يصح لأنه إنما خرج من يده معيبًا وكذبك أيضًا لا احتياج إلى تقويمه بالحادث لأن الزيادة إنما تظهر بعد جبره بالصنعة المزيدة فلو شارك المشتري البائع بما زادته الصنعة على مجموع العيبين مع أن العيب الثاني إنما حدث في ملك المشتري لكان في ذلك حيف على البائع اهـ.

ص: 256

لا تجبره وأراد الرد فيهما ويقوم تقويمتين في سنة هاتان الصورتان إذا أراد التماسك ثالثها ورابعها حدث عنده نقص وزيادة تجبره وأراد التماسك أو الرد خامسها وسادسها حدث عنده زيادة فقط وأراد التماسك أو الرد ثم ذكر قسيم قوله إن زاد فقال (وفرق) بالبناء للمجهول مخففًا (بين) بائع (مدلس وغيره إن نقص) المبيع المعيب قديمًا عند المشتري بسبب ما فعله فيه كصبغه مثلًا صبغًا لا يصبغ به مثله فإن كان البائع مدلسًا رده المشتري فلا أرش عليه للنقص وإن تماسك أخذ أرش القديمين وإن كان غير مدلس فإن رد أعطى أرش الحادث وإن تماسك أخذ أرش القديم وقيد قوله وفرق الخ بثلاثة قيود أن يكون النقص معتادًا وإلا فات المبيع ولو دلس لبائع وللمشتري حينئذ أرش القديم الثاني أن يكون لنقص لا عن انتفاع المشتري فإن نشأ عنه كلبس ثوب لبسًا ينقصه رد معه قيمة اللبس ولو دلس البائع لأن المشتري صون به ماله الثالث أنه خاص بالثياب لكثرة التدليس بها دون العقار والحيوان لندوره بهما فيرد المشتري أرش الحادث عنده إن رد للبائع ولو دلس لكن يقدح في التخصيص بالثياب قوله الآتي إلا أن يملك بعيب التدليس وعرف المدلس بمن يعلم العيب حين البيع ويكفه فمن نسيه حينه ولم يذكره للمبتاع حتى قام عليه فلبس بمدلس فإن ذكره بعد البيع وقبل قيام المبتاع ولم يذكره له فتردد ح في كونه مدلسًا أم لا أو يقال إن تذكره والمبيع في ضمانه ولم يذكره للمشتري فمدلس وإلا فلا ثم شبه خمس مسائل بما قبله يفرق فيها بين المدلس وغيره الأولى قوله: (كهلاكه من التدليس) وغيره ففيه حذف الواو مع ما عطفت بدليل تشبيهه بما يفرق فيه بين المدلس

ــ

من التوضيح ورده في ضيح وكذا ابن عرفة قائلًا وهو وهم لأن تقويمه سليمًا ليس لما زعمه من شركته بقيمته بل لمعرفة ما زاده في المبيع هل جبر نفص العيب الحادث اللازم للمبتاع أم لا ولا يعلم هل جبره أم لا إلا بعد معرفة قدر العيب الحادث من الثمن المسمى ولا يعلم هذا إلا بعد معرفة قيمة المبيع سليمًا اهـ. فدل على أن التقويمات الأربع لا بد منها كما في ابن الحاجب وهو الظاهر وقول ز مسألة المصنف ثمانية أقسام الخ ينتقد عليه في صورتين منها وهما نقص وزيادة لا تجبره وأراد الرد ذكر فيها ثلاث تقويمات ونقص وزيادة تجبره وأراد الرد أيضًا ذكر فيها تقويمين مع أنه قدم فيهما آنفًا أربع تقويمات وهو الذي لابن الحاجب وارتضاه ابن عرفة وغيره. (وفرق بين مدلس وغيره إن نقص) هذا مفهوم قوله إن زاد بكصبغ فرق بين مدلس الخ كما يدل عليه أي وإن نقص كصبغ تقرير ضيح حيث قال في قول ابن الحاجب وإن حدثت زيادة كالصبغ أخذ الأرش أو يرد ويكون شريكًا الخ ما نصه فلو كان الصبغ منقصًا كان له الرد بغير غرم إن كان البائع مدلسًا أو حبسها وأخذ الأرش اهـ.

وهذا مراده في مختصره وبه قرر ز أو لا وهو ظاهر ولا يصح تعميمه في كل نقص حصل بسبب فعل المشتري لأن كلامه هنا إنما هو في معرض الكلام على الزيادة وتفصيلها وسيتكلم على التغير الحادث بسبب فعله انظر طفى وح فلا حاجة إلى القيود التي ذكرها ز بل

ص: 257

وغيره فسقط الاعتراض عليه بأنه كونه كيف يفرق بينهما مع فرض أنه هلك من التدليس وأنه لو قال من العيب لسلم من هذا فإذا سرق المبيع فقطعت يده أو أبق فهلك فيه فإن كان البائع دلس بذلك فلا شيء على المشتري ويرجع بجميع ثمنه وإن لم يدلس فمن المشتري وما هلك بسماوي زمن عيب التدليس فهو بمثابة ما هلك بعيب التدليس فليس داخلًا في الغير ويدل على هذا ما سيذكره المصنف والثانية قوله: (وأخذه) أي شرائه أي البائع (منه) أي من المشتري (بأكثر) وهي المتقدمة في قوله أو بأكثر إن دلس وإلا رد ثم رد عليه فأعادها لجمع النظائر والثالثة قوله: (وتبرأ مما لم يعلم) في زعمه أي إذا قال لا أعلم به عيبًا فإن كان في نفس الأمر كذلك فغير مدلس وإلا فمدلس كما في د ويتبين كونه في نفس الأمر كذلك أم لا بإقراره أو بشهادة بينة عليه وقصد بقوله في نفس الأمر الخ وبقوله في زعمه دفع ما يرد على المصنف من أن جعله هذا مما يفرق فيه بين المدلس وغيره لا يتأتى مع فرض أنه لم يعلم بالعيب وتبرأ منه ثم هذا خاص بالرقيق كما قدمه المصنف وأجيب أيضًا بأنه يتصور كونه مدلسًا مع تبرئه مما لم يعلم بأن يصفه له ويجمله أو لم يره إياه وإطلاق البراءة على هذا تجوّز وبان في الكلام حذف الواو وما عطفت أي وتبرأ مما لم يعلم ومما علم وأجاب أيضًا بجواب آخر وصدر به فقال أي إذا تبرأ البائع مما لم يعلمه في الرقيق المبيع فإنه يفرق في ذلك بين المدلس وغيره فمن شأنه التدليس إذا تبرأ من عيب لا يعلمه فإنه لا ينفعه ذلك بخلاف من ليس شأنه وذلك فإنه إذا تبرأ ينفعه وهذا الجواب بعيد اهـ.

أي بشقيه ووجه بعده فيهما أن المدلس من يعلم العيب بالفعل ويكتمه كما مر فإذا لم يعلمه بالفعل وتبرأ منه نفعه وإذا علمه بالفعل وكتمه لم ينفعه سواء كان فيهما شأنه التدليس أم لا كما تقدم عند قوله وتبرئ غيرهما فيه مما لم يعلم ومفهوم قول المصنف هنا مما لم يعلم أن تبرأه مما علم لا يفرق فيه بل لا يتأتى فيه كونه مدلسًا وغير مدلس إذ هو مدلس قطعًا والرابعة قوله: (ورد سمسار جعلًا) أخذه من البائع أي يرد السمسار الجعل للبائع إن كان غير مدلس ورد المبيع عليه دلس السمسار أم لا ابن يونس إذا رد بحكم حاكم أما إن قبله البائع متبرعًا لم يرد كالإقالة والاستحقاق في رد الجعل للبائع كالعيب يفرق فيه بين المدلس وغيره فإن دلس البائع لم يرد السمسار الجعل رد المبيع أم

ــ

الصواب إسقاطها وقول ز وإن تماسك أخذ أرش القديم الخ هذا قول ابن القاسم وقال أصبغ وابن المواز إن تماسك فلا شيء له إن نقص بغير صناعة كالقطع وإنما له الأرش إن نقص بصناعة كالصبغ وشبهه ابن رشد وكلاهما له وجه من النظر انظر ح وعلى الثاني اقتصر ق عن اللخمي (وتبرأ مما لم يعلم) قول ز وأجيب أيضًا بأنه يتصور الخ هذا الجواب والذي بعده كلاهما غير صحيح والصواب هو الجواب الأول وهو الذي في ح ويدل عليه تقرير ضيح (ورد سمسار جعلا) قول ز فإن علمه فكذلك إلى قوله رد المبيع أم لا صرح بأن ابن يونس

ص: 258

لا بل يفوز به إن لم يكن السمسار عالمًا بالعيب فإن علمه فكذلك عند ابن يونس إلا أن يتفق مع البائع على التدليس فله جعل مثله رد المبيع أم لا وعند القابسي له جعل مثله في عمله إن لم يرد المبيع فإن رد فلا شيء له ولم يفصل بين اتفاقه مع البائع وعدمه وله تحليف البائع إنه لم يدلس وجعلي موضوع المصنف أخذ الجعل من البائع تحرز عن أخذه من المشتري فإنه يرجع به إذا رده على البائع ثم البائع إن كان غير مدلس يرجع به على السمسار وإلا فلا وأما ما دفعه المشتري حلاوة للسمسار على تحصيل المبيع فلا يرجع به إلا أن يعلم السمسار عيبًا بالمبيع هذا والمأخوذ منه المدونة إن جعل السمسار على البائع عند عدم الشرط والعرف والخامسة قوله (و) على بائع مدلس رد (مبيع) نقله المشتري لموضعه ثم اطلع على عيب قديم (لمحله) أيضًا موضع قبضه من البائع المدلس (إن رد) على البائع المدلس (بعيب) وعليه أيضًا أجرة نقل المشتري له إلى بيته ولا يرجع عليه بأجرة حمله إذا سافر به إلا أن يعلم أن المشتري ينقله لبلده فكنقله لداره ولو كان المبيع مكيلًا أو موزونًا فنقله لبلد ثم اطلع على عيب به كان للمشتري حبسه وغرم مثله في بلد الشراء وتسليمه ويجبر البائع على أخذه إن دلس وإلا لم يجبر على أخذه قاله بعض الشراح (وإلا) يكن البائع مدلسًا (رد) أي كان رده على المشتري (إن قرب) الموضع الذي نقله له وهو ما لا كلفة في نقله له (وإلا) بأن بعد (فات) الرد ورجع المشتري بأرش العيب ثم مثل للعيب المتوسط الحادث عند المشتري مع وجود عيب قديم عند البائع بقوله: (كعجف) أي هزال (دابة وسمنها) سمنًا لينًا لا ما صلحت به فليس بعيب وجعله السمن من المتوسط ضعيف والمعتمد إنه إن رد بالقديم لا يلزمه أرش السمن وإن تماسك أخذ أرش القديم وعلى هذا فليس السمن من المتوسط ولا من المفيت وأجيب بأنه لعله عده من المتوسط أراد في المطلق التخيير أو أنه حدث بسببه عيب متوسط فهو المنظور إليه حينئذ لا سببه وهو السمن ومفهوم دابة أن السمن والهزال في غيرها كعبد وأمة ليس بعيب وهو كذلك إلا أن يحدث عن ذلك عيب متوسط (وعمى وشلل وتزويج أمة) لا عبد ولا يخفى عليك الفرق قاله المصنف أي بأن تزويج الأمة فيه تفويت منفعة الوطء على البائع بخلاف تزويج العبد فلا تفويت قاله صر ولكن نقل الرجراجي وغيره أن مثلها العبد

ــ

يقول بأن له الجعل في علمه رد المبيع أم لا نحو وهذا يوهمه في ضيح واعترض بأنه لا خلاف بين القابسي وابن يونس أنه لا شيء له إذا رد المبيع مع علم السمسار بالتدليس إنما خلافهما إذا تم البيع خاصة فابن يونس يقول له الجعل المسمى إن لم يتفق مع البائع على التدليس وإلا فجعل مثله والقابسي يقول له جعل مثله في علمه مطلقًا اتفق مع البائع أم لا أما إن رد البائع فلا خلاف بينهما أنه لا شيء له في علمه كما يفيده ابن عبد السلام وابن عرفة انظر طفى (وتزويج أمة) قول ز وإن اقتصر عليه في الشامل الخ لم يقتصر عليه في الشامل بل بعد نقله عنه قال وهل خلاف فيه نظر اهـ.

ص: 259

وترجى د له قصور وقيد تزوج الأمة بما إذا كان ينقص من ثمنها وبقيت على الزوجية وإلا جرى فيها الأقوال السابقة في شرائها فتوجد متزوجة كما للرجراجي ودخل بالكاف ما كان من عيوب الأخلاق كزنى وشرب وسرقة وأباق حدث عند المشتري ثم اطلع على قديم فمن المتوسط كما شهره الرجراجي خلافًا لجعل ابن حبيب له من القليل وإن اقتصر عليه في الشامل (وجبر) العيب الذي حدث بالمبيع عند المبتاع وإن لم يكن عيب تزويج (بالولد) الحاصل عنده بحيث يصير بمنزلة ما لم يحدث فيه عنده عيب فإن رد فلا غرم وإن تماسك فلا شيء له وهذا إذا كانت قيمته تجبر النقص أي تساويه عند الأكثر وهو الصحيح وظاهر المدونة فإن نقصت رد مع الولد ما بقي فإن زادت فليس على البائع الزائد إن رد عليه المبيع ولا يشارك به المشتري والفرق بينه وبين الصبغ أنه من سببه بخلاف الولد ثم استثنى من قوله فله أخذ القديم ورده ودفع الحادث قوله (إلا أن يقبله) البائع (بالحادث أو يقل) العيب جدًّا بحيث لا يؤثر نقصًا كما في الأمثلة الآتية (فكالعدم) في المسألتين فلا خيار للمشتري في التماسك وأخذ الأرش بل إنما له التماسك ولا شيء له أو الرد ولا شيء عليه لأنه إنما كان له التماسك وأخذ القديم لخسارته لأجل العيب الحادث فحيث أسقط عنه البائع حكم العيب الحادث انتفت العلة وإنما كان له الرد بالقديم ولو قل بخلاف الحادث لأن البائع قد يتوقع تدليسه بخلاف المشتري وهذا استحسان والقياس التسوية قاله في شرح الشامل ومثل القليل بقوله: (كوعك) بسكون العين وهو أمراض يعارض بعضها بعضًا فيخف ألمها قاله البساطي وهو أحسن من تفسيره

ــ

(وجبر بالولد) قول ز وإن تماسك فلا شيء له الخ الذي لابن عاشر أنه إذا تماسك أخذ أرش القديم وإذا رد فلا شيء عليه وهذا هو الموافق لما مر في قوله وجبر به الحادث لكن ما في ز هو الذي ذكره ابن عرفة ومثله في تكميل التقييد ونصه قال أبو إسحاق وابن محرز والمازري صفة التقويم أن يقال قيمتها سالمة مائة وبالعيب القديم ثمانون ثم إن كانت قيمتها به وبعيب النكاح وزيادة الولد ثمانين فقد جبر الولد عيب النكاح فللمشتري أن يحبسها ولا شيء له أو يردها ويأخذ جميع ثمنه وإن كانت قيمتها بما ذكر سبعين خير في إمساكها مع رجوعه بالعيب القديم وهو خمس الثمن وردها مع ما نقص عنده وهو العشر اهـ.

وهو معنى ما عند ابن يونس اهـ.

كلام التكميل وذكر ابن عرفة عن سماع ابن القاسم من ابتاع جارية فزوجها فولدت ثم وجد بها عيبًا قديمًا له ردها بولدها أو حبسها ولا شيء له وقاله ابن القاسم اهـ.

(أو يقل فكالعدم) ضيح واختلف في اليسير فقيل ما أثر نقصًا يسيرًا في الثمن وإليه أشار في المدونة وقيل ما لا يؤثر فيه نقصًا أصلًا وإليه ذهب الأبهري اهـ.

(كوعك) قول ز وظاهره يشمل ما إذا برئت على شين الخ الذي في ح وأما إذا برئت على شين فإن رد العبد رده مع ما شأنه نقله في المنتقى اهـ.

ص: 260

بأنه مغث الحمى أي ما ليس بشديدها لتكرره مع قوله: وخفيف حمى وأدخلت الكاف نحو الموضحة ففي الشامل ولو حدث عنده موضحة أو منقلة أو جائفة ثم برئت لا شيء عليه ولو أخذ لها أرشًا اهـ.

وظاهره يشمل ما إذا برئت على شين وعليه حمله شارحه ولم يقيده بما إذا برئت على غير شين ولعله لأن شينها من العيب القليل وقوله فلا شيء عليه أي إن رد ولا شيء له إن تماسك (ورمد وصداع) بضم أوله وجع الرأس (وذهاب ظفر) ولو من رائعة وأما ذهاب الأنملة فمتوسط في الرائعة وذهاب الأصبع من المتوسط مطلقًا اهـ.

وانظر هل المراد الظفر الواحد أو ولو كثر والظاهر أن ما زاد على واحد متوسط في رائعة فقط وانظر ذهاب أكثر من أنملة (وخفيف حمى) وهي ما لا تمنعه التصرف (ووطء ثيب وقطع معتاد) للمشتري أو ببلد التجربة مقطع الشقة نصفين دلس البائع أم لا وكجعلها قميصًا أو قباء إن دلس وإلا فمتوسط ومفهوم معتاد فوته بغيره كما يأتي كجعل الشقة قلاعًا ونحوها إن كانت حريرًا وأشار للقسم الثالث بقوله: (و) التغير الحادث عند المشتري (المخرج عن المقصود مفيت) لرده بالقديم وإذا فات (فالأرش) للقديم متعين للمشتري على البائع دلس أم لا فيقوم سالمًا ومعيبًا بالقديم ويأخذ المشتري من الثمن النسبة وتقديرنا التغير موصوف المخرج متعين بدليل قوله قبل وتغير المبيع وتقدير الموصوف العيب فاسد لأن كبر الصغير ليس عيبًا وليس هذا مكررًا مع قوله وفوته حسًّا الخ لأنه فيما لم يحصل عند المشتري عيب بخلاف ما هنا فهو مغاير لما سبق لا أعم منه كما في عج وظاهر المصنف تعين الأرش وهو ظاهر عند التنازع وأما عند التراضي فعلى ما تراضيا عليه وظاهره أيضًا تعين الأرش ولو رضي البائع بقبوله بالحادث الذي لا يذهب عينه ويرد جميع الثمن وعليه فيطلب الفرق بينه وبين قوله المار في المتوسط إلا أن يقبله بالحادث وظاهره أيضًا ولو حدث عند المشتري جابر للحادث عنده وهو ظاهر كلام غيره أيضًا إذا لم يذكروه إلا في المتوسط كما مر وفي الشيخ سالم قياسه على المتوسط بحثًا (ككبر صغير) عاقل أو غيره ولو إبلًا كما هو ظاهره ويدل له تعليل الشارح بأن الصغير جنس والكبير جنس خلافًا لمن قال الكبر في الإبل لا يفيت الرد (وهرم) وهو ما أضعف القوى والمنفعة أو أكثرهما وجعله الكبر مخرجًا عن المقصود في مبيع يراد لصغره كدخول على النساء وصغير غنم يراد لحسن لحمه كما يفهم ذلك من جعله مثالًا للمخرج عن المقصود

ــ

وعليه فهي مع الشين من المتوسط ومثله في ابن عرفة (والمخرج عن المقصود مفيت) قول ز لأنه فيما لم يحصل عند المشتري عيب الخ هذا مناف لقوله وتقدير الموصوف العيب فاسد ولو قال لأنه فيما خرج من يده وما هنا فيما بقي وحدث فيه تغير مفيت لكان صوابًا ويصح أن يكون ما هنا أعم كما قاله عج وقول ز وفي الشيخ سالم قياسه على المتوسط الخ في القياس نظر لأن عليه ضررًا كثيرًا بسقوط الزائد فتأمله.

ص: 261

ولعل الفرق بين الاختلاف هنا بالصغر والكبر وبين اتحادهما في السلم في الآدمي والغنم إن فيه سلم الشيء في جنسه فيؤدي إلى المزابنة (واقتضاض) بالقاف وبالفاء كما في القاموس واقتصر الصحاح على الأول (بكر) عليه أو وخش وما ذكره المصنف ضعيف حكاه في الشامل بقيل والمنصوص وهو قول مالك أنه من المتوسط كما في الشارح وغ وقيده الباجي بالعلية وارتضى ح ما للشارح وغ وقول تت المشهور أنه مفيت كما في المذهب أي كتاب المذهب في تحرير المذهب لابن راشد خلاف قول الإمام أنه متوسط (وقطع غير معتاد) كجعل الشقة برانس أو قلاعًا للمراكب أو ثوب الوشي أي الحرير تبا بين قاله تت وهو بالتخفيف بوزن فعاعيل جمع تبان مثقل قال ابن حجر على البخاري تبان بضم المثناة الفوقية وتشديد الموحدة وهو على هيئة السراويل ليس له رجلان يتخد من جلد اهـ أي غالبًا وفي القسطلاني بعد الضبط المذكور أنه سروال صغير يستر لعورة المغلظة فقط اهـ.

وفي الكرماني أنه نحو شبر ولا فرق في القطع المذكور بين كون البائع مدلسًا أم لا وأما قطع الشقة نصفين فمعتاد دلس البائع أم لا وقمصًا ونحو قليل بالنسبة للبائع المدلس متوسط لغيره كما مر فلها ثلاثة أحوال واستثنى من قوله فالأرش قوله: (إلا أن يهلك بعيب) أي بسبب عيب (التدليس) من البائع على المشتري بأن علم به وقت البيع وكتمه كتدليسه بحرابته فحارب فقتل (أو) يهلك (بسماوي زمنة) أي زمن عيب التدليس ولو تأخر ظهور عيبه عن زمن تدليس البائع (كموته في إباقة) بأن اقتحم نهرًا أو تردى أو دخل جحرًا فنهشته حية فمات أو غاب فلم يدر أمات أم لا كما قال ابن رشد أو تدليسه بجنون فاختنق فمات أو بحمل فمات من النفاس فيرجع المشتري بجميع الثمن لا بالأرش فقط واحترز بقوله زمنه وبقوله في إباقة عما لو مات بسماوي في غير حال تلبسه بعيب التدليل فلا يرجع بثمنه بل بأرش القديم فقط خلافًا لما يوهمه ابن الحاجب من رجوعه بثمنه فزاد قوله زمنه وقوله في إباقة ردًّا على ابن الحاجب والظاهر أن القول للمشتري أنه هلك بسماوي حال تلبسه بعيب التدليس لا قول البائع إن هلاكه قبل إباقة ومثل هلاكه بعيب التدليس ما لو تنامى به العيب القديم عند المشتري كالمسمى في مصر بمرض القصبة فله رده وأخذ جميع الثمن بخلاف ما إذا لم يكن مدلسًا فإنه إن رده رد ما تنامى قاله ح ومثل الإباق السرقة حيث قطع فمات فإن لم يمت منه رده ولا أرش عليه فإن لم يدلس البائع

ــ

(كموته في إباقه) قول ز أو تدليسه بجنون الخ هذا وما بعده من أمثلة ما هلك بعيب التدليس وقول ز أو يفديه ويرده على البائع ليس أم لا الخ فيه نظر لأن البائع إذا كان مدلسًا فإن أرش الجناية حيث رد المشتري يكون عليه أي على البائع لا على المشتري انظر ح وقول ز وانظره مع ما تقدم الخ لا وجه لهذا النظر ولا إشكال لأن ما تقدم محله في النقص بما زاده المشتري في المبيع كالصبغ وهذا في نقصه من العيب القديم فهو من قوله كهلاكه من التدليس يعني أو نقصه منه كما تقدم وقول ز في التنبيه وما هنا حدث به آخر الخ فيه نظر بل ما هنا هو ما هناك لا غير

ص: 262

رد، وما نقصه القطع وإن لم يقطع خير المبتاع بين أن يسلمه للمسروق منه ويرجع بالأرش أو يفديه ويرده على البائع دلس أم لا وإن سرق من المبتاع ولم يدلس البائع ورده المبتاع فهو في ذمته وإن دلس فإن سرق من موضع أذن له فيه ففي ذمته أيضًا ومن غيره ففي رقبته قاله ح أيضًا وانظره مع ما تقدم عند قوله وفرق بين مدلس وغيره إن نقص من أنه خاص بالثياب.

تنبيه: قوله: إلا أن يهلك بعيب التدليس غير مكرر مع قوله: المار كهلاكه من التدليس لأنه فيه لم يحدث عند المشتري عيب مفيت وإنما هلك بالقديم فقط وما هنا حدث به آخر عند المشتري مفيت وهلك بالقديم أيضًا فلما توهم إنه لا يرجع هنا إلا بالأرش نظرًا لما حدث عنده نبه على إنه يرجع بجميع الثمن في هذه الصورة المركبة ولما ذكر هلاكه عند المشتري بعيب التدليس ذكر ما إذا هلك عند غير المشتري منه بذلك فقال: (وإن باعه المشتري) قبل اطلاعه على العيب (وهلك) عند المشتري منه (بعيبه) أي التدليس من البائع الأول (رجع) المشتري الثاني (على) البائع الأول (المدلس إن لم يمكن) رجوعه (على بائعه) وهو المشتري الأول بأن أعدم أو غاب غيبة بعيدة ولا مال له قال د (بجميع الثمن) المأخوذ من الثاني (فإن) ساوى الثمن الأول فواضح وإن (زاد) الثمن الأول على ثمن المشتري الثاني (فللثاني) أي الزائد للبائع الثاني فإن قبضه المشتري الثاني ردّه للبائع الثاني قال المصنف: وفيه أي في قبضه الزائد على ثمنه من البائع الأول نظر لأنه أي الثالث غير وكيل في الزائد حتى يقبضه وقد يبرئ الثاني الأول منه ووجه المازري المشهور بأنه وإن لم يدلس على المشتري الثاني فقد دلس على من اشترى منه فهو يقول لو أعلمته لا علمني فلم أشتر منه أو كان مدلسًا فآخذ جميع ثمني منه فأنت سبب في إتلاف الثمن عليّ قاله تت وفيه نظر إذ غاية ما ينتج هذا أخذ الثالث من الأول ثمنه لا الزائد عليه وأيضًا من حجة المدلس أن يقول للثالث معاملتي لم تكن معك ولولا الثمن الذي خرج من يدك لم يكن لك عليّ مقال فلا يكون لك غيره (وإن نقص) الأول عن ثمن المشتري الثاني ولم يعطه المدلس غير ما دخل يده (فهل يكمل) البائع (الثاني)

ــ

وإنما ذكره هناك لجمع النظائر وهذا محله (بجميع الثمن) قول ز المأخوذ من الثاني الخ أي الذي أخذه المدلس من البائع الثاني وهو المشتري الأول بدليل قوله فإن زاد الخ وقول ز وفيه نظر إذ غاية ما ينتج هذا الخ هذا النظر مبني على ما فهمه هو من أن توجيه المازري لأخذ الثالث الزائد على ثمنه من الأول وليس كذلك وإنما هو توجيه لرجوع الثالث بالثمن مع أنه غير مدلس عليه ويدل على ما ذكرناه كلام ضيح فانظره (وإن نقص فهل يكمل الثاني) قول ز وقال طخ وتبعه بعض الشراح الخ ما قاله طخ هو قول ابن القاسم في سماع أصبغ وهو الذي صرح به ابن عبد السلام ونصه فإن وجد المشتري الثاني بائعه وهو المشتري الأول لم يرجع عليه إلا بقيمة العيب لأنه لم يدلس ثم إن وجد المشتري الأول البائع الأول المدلس عليه أخذ منه ثمنه

ص: 263

للمشتري منه لأنه قبض منه الزائد فيرجع عليه به أولًا يكمله لأنه رضي باتباع الأول فلا رجوع له على الثاني (قولان:) فإن قيل على القول الثاني إنما رضي باتباعه لضرورة إنه لم يمكنه الرجوع على الثاني فالجواب إنه كان يمكنه أن يصبر حتى يحضر الثاني فلما لم يصبر لم يكن له رجوع عليه قاله د وقيد الثاني في توضيحه بأن لا يكون الثمن الأول أقل من قيمة العيب من الثمن الثاني فإن كان أقل رجع على بائعه بتمام قيمة عيبه كما لو باعه الثاني بمائة وكان قد اشتراه بعشرة والعيب ينقصه الخمس وخمس المائة عشرون فيكمل للثالث أرش العيب بعشرة ومفهوم قوله إن لم يمكن على بائعه إنه إن أمكن رجوعه عليه لم يرجع على المدلس بشيء وإنما يرجع بالأرش ابتداء فقط على بائعه ثم هو يرجع على المدلس بالأقل من الأرش أو كمال الثمن الأول قاله د وهو ظاهر إذ من حجة المدلس أن يقول إن كان الأرش أقل لم ينقص عليك بتدليسي سوى ما دفعته من الأرش وإن كان الثمن أقل فلا رجوع لك علي لو هلك ببدك إلا بما دفعته لي وقال طخ وتبعه بعض الشراح يرجع على المدلس بجميع الثمن أي لأن من حجته أن يقول له يد المشتري مني كيدي وهو لو هلك بيدي رجعت عليك بجميع الثمن فإذا أخذه منه كمل منه للثالث بقية رأس ماله ولما أنهى الكلام على العيب الثابت للمشتري به الرد شرع في الكلام على تنازع المتبايعين في العيب أو في سبب الرد به فقال: (ولم يحلف) بضم أوله وتشديد ثالثة مفتوحًا كثانية وبفتح أوله وسكون الحاء وكسر اللام أي لم يقض الشرع بتحليف (مشتر ادعيت رؤيته) عند البيع للعيب المدلس به عليه وأنكر بل يرد من غير حلف (إلا) أن يحقق عليه البائع رؤيته (بدعوى الإراءة) أو كان العيب ظاهرًا لا يخفى ولو لغير المتأمل كخفي أن أشهد على نفسه إنه قلب وعاين ورضي فيحلف في الثلاثة ويرد فاقتصر المصنف على الأولى تبعًا للمدونة ولا يكون إشهاده على نفسه بما ذكر في الخفي مانعًا من الرد مع اليمين أي له ذلك كما قاله ابن أبي زمنين: فإن لم يحلف فلا ردّ له في الثلاثة كما إذا كان ظاهرًا وأشهد على نفسه إنه قلب وعاين ورضي فلا ردّ له ولا يمين له (و)

ــ

فأعطى منه مشتريه بقية رأس ماله وما بقي فهو له فإن تعذر الرجوع على المشتري الأول بالعلم مثلًا رجع على البائع الأول اهـ.

وما نقله أحمد نقله في البيان عن ابن المواز (إلا بدعوى الآراءة الخ) قول ز أو كان العيب ظاهرًا لا يخفى ولو لغير متأمل الخ ما ذكره من الحلف والرد في هذا خلاف ما سيأتي له عند قول المصنف وحلف من لم يقطع بصدقه وخلاف ما حققه ابن عرفة فيه من عدم الرد به وحكى عليه الاتفاق ونصه كلام المتقدمين والمتأخرين يدل على أن العيب الظاهر مشترك أو مشكك يطلق على الظاهر الذي لا يخفى غالبًا على كل من اختبر المبيع تقليبًا ككون العبد مقعدًا أو مطموس العينين وعلى ما يخفى عند التقليب على من لم يتأمل ولا يخفى غالبًا على من تأمل ككونه أعمى وهو قائم العينين فالأول لا قيام به والثاني يقام به اتفاقًا فيهما ثم استدل

ص: 264

كذا (لا) يحلف أن ادعى عليه (الرضا به) حين اطلع عليه وكلا الصورتين الدعوى بعد العقد لكن الأولى ادعى إنه رآه حين العقد وهذه ادعى إنه رآه بعده ولكن رضي به فلا يقال أحدهما يغني عن الآخر (إلا) أن حقق عليه ذلك (بدعوى مخبر) أي دعوى البائع أن مخبرًا ولم يسمعه أخبره برضا المشتري بالعيب حين اطلاعه عليه فيحلف كما في المدونة وهو المعتمد وقال ابن أبي زمنين يحلف البائع قبل المشتري أن مخبر صدق أخبره برضاه ثم يحلف أنه ما رضي ويرد اهـ.

فإن سمّاه وكان أهلًا للشهادة وصدق البائع في أن المشتري أخبره بالرضا حلف البائع ولا ردّ للمشتري فإن كذب البائع أو ردّ اليمين على المشتري حلف على عدم الرضا ورد وإن كان المخبر مسخوطًا حلف المشتري فقط أيضًا رود (و) من ابتاع عبدًا فأبق عنده (لا) يحلف (بائع إنه) بفتح الهمزة وكسرها (لم يأبق) بفتح الموحدة وكسرها عنده (لإباقه) عند المشتري (بالقرب) لأنه لو مكن من تحليف البائع لا حلفه كل يوم على ما شاء من عيب يسميه إنه لم يبعه وهو به قاله في المدونة وظاهرها سواء اتهمه بأنه أبق عنده أو حقق عليه الدعوى بأن قال: إن مخبر صدق أخبرني بإباقه عندك وهو ظاهر ما لأبي الحسن وقال اللخمي وصححه في الشامل يحلف البائع في هذه الثانية وعليه فيقصر المصنف على الأولى وهو ظاهر قوله: لإباقه إذ ظاهره إنه اتهمه بإباقه عنده بسبب إباقة عند المشتري وينبغي جري تعيينه هنا وعدمه كالتي تقدمت قريبًا قيل الآبق من هرب بلا سبب والهارب من فر لزيادة شغل أو عمل ولما أنهى الكلام على العيب المعين جميعه أو المكتوم جميعه شرع يتكلم على ما إذا

ــ

على ذلك بكلام اللخمي انظر غ (إلا بدعوى مخبر) قول ز فإن سماه وكان أهلًا الخ يعني أن المخبر يسأل فإن صدق البائع وكان أهلًا للشهادة وقام بها البائع حلف معه البائع لأنه شاهد عدل وسقط الرد عليه وإن كان مسخوطًا أو أهلًا ولم يقم البائع بشهادته حلف المشتري إنه ما رضي ورد وإنما وجبت عليه وإن كان المخبر مسخوط لأن تصديقه مما يرجح دعوى البائع في الجملة فإن كذب المخبر البائع فالظاهر لا يمين على المشتري إنه ما رضي سواء كان المخبر عدلًا أو مسخوطًا وهذا هو الذي نقل عن الشيخ مس خلاف ما ذكره ز من اليمين فتأمله ثم هذا التفصيل كله خلاف ما عراه ابن عرفة للمدونة والواضحة ونصه قلت ففي حلفه أي المشتري بقول البائع أخبرت برضاك بالعيب مطلقًا ثالثها أن عين المخبر ولو كان مسخوطًا أو حلف أن مخبرًا أخبره بذلك ورابعها هذا بزيادة مخبر صدق وخامسها لا يحلف إلا بتعيين مخبر مستور الأول للمدونة والواضحة والثاني لأشهب والثالث لابن أبي زمنين مع ابن القاسم والرابع لبعض الشيوخ والخامس للخمي اهـ.

فالتفصيل المذكور لابن أبي زمنين مع ابن القاسم وهو مقابل لمذهب المدونة كما رأيت (لإباقه بالقرب) قول ز قيل الآبق من هرب الخ هذا نقله ح أول الفصل عن الثعالبي في

ص: 265

بين بعضه وكتم بعضه فقال: (و) إن أقر البائع ببعض عيب المبيع وكتم بعضه وهلك المبيع فاختلف (هل يفرق بين) بيان (أكثر العيب) كقوله: أبق خمسة عشر يومًا وكان أبق عشرين فهذا (يرجع) المشتري (بالزائد) الذي كتمه البائع فقط أي بأرشه فيقال ما قيمته سليمًا فإن قيل عشرة قيل وما قيمته على أنه يأبق خمسة أيام فإن قيل ثمانية رجع بخمس الثمن (و) بين بيان (أقله) كخمسة أيام في المثال المذكور فيرجع (بالجميع) لأنه لما بين الأقل كأنه لم يبين شيئًا إذ الأقل تبع ولا فرق بين هلاكه فيما بين وفيما كتم والمسافة كالزمن على هذا القول وانظر إذا بين النصف على هذا القول ما الحكم وينبغي الرجوع بالزائد (أو) يرجع (بالزائد مطلقًا) بين الأقل أو الأكثر هلك فيما بين أم لا واعترضه ق بأن الذي نقله ابن يونس في هذا الثاني إنما فرضه فيما إذا بين النصف (أو) يفرق (بين هلاكه فيما بينه) فيرجع المشتري عليه بقيمة العيب فقط لأنه ليس كالمدلس (أولًا) يهلك فيما بينه بل فيما لم يبينه فيرجع بجميع الثمن (أقوال) وانظر لو ادعى أنه هلك فيما بينه وادعى المشتري إنه فيما لم يبينه والظاهر العمل بقول المشتري ولو قال بدل أولًا وغيره كان أظهر إذ ربما يسري للفهم أن قوله: أولًا رابع وإنه قسيم قوله: هل يفرق وليسلم من عطفه بأو مع أن البينية لا تكون إلا بين شيئين ويجاب بأن أو بمعنى الواو كقول حميد بن ثور الهلالي الصحابي رضي الله عنه.

قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم

ما بين ملجم مهره أو سافع

قاله د وانظر لو اختلف الآباق بالمكان وبين زمنه ولم يبين مكانه وكان إباقه في

ــ

سر اللغة وذكر عقبه أن الفقهاء يطلقون الآبق على الاثنين (وهل يفرق بين أكثر العيب) قول ز فيقال ما قيمته سليمًا الخ نحوه في خش وصوابه ما قيمته معيبًا بالمعين فقط ثم يقال ما قيمة معيبًا به وبالزائد ويرجع بما بينهما مثل أن يقال يأبق خمسة عشر يومًا وهو يأبق عشرين يومًا فيقوم على إنه يأبق خمسة عشر يومًا بعشرة وعلى إنه يأبق عشرين يومًا بثمانية فيرجع باثنين (أو بالزائد) قول ز واعترضه ق بأن الذي نقله ابن يونس الخ نحوه في طفى وزاد بعده مع إنه يحتمل أن يوافق ما قبله في بيان الأقل والأكثر وأن لا يوافقه اهـ.

وهذا منهما اغترار بأول كلام ابن يونس وليس كما فهما ونص ق وأما القول بأنه يرجع بالزائد مطلقًا فلم يعزه ابن يونس أيضًا ونصه وقال غيره إذا قال أبق مرة وقد كان أبق مرتين فأبق عند المشتري فهلك بسبب الآباق فإنما يرجع بقدر ما كتمه بخلاف إن دلس بجميع الآباق اهـ.

فانظر قوله بخلاف الخ فإنه دليل على أن المراد بالنصف ما عدا الجميع فيصدق على الأقل والأكثر كما فهمه المصنف فلم يشرف بما ذكر للاعتراض نعم فيه اعتراض آخر ونصه هذه الأقوال في ابن يونس ليست خلافًا في صورة واحدة ومقتضى إطلاق خليل إن كل صورة من الصور الثلاث يكون فيها ثلاثة أقوال فانظر أنت في ذلك هو جوابه أن مقتضى المصنف أن الأقوال فيما إذا بين بعض العيب فبعضها ينظر للأقل والأكثر وبعضها لا وذلك صحيح

ص: 266

مكان يخشى منه ضيعة وفي غيره لا يخشى ما حكمه (و) أن اطلع المشتري بعد البيع على عيب ببعض مبيع (ردّ بعض المبيع) المعين المتعدد غير المثلى إذا بيع صفقة واحدة لا الشائع والمثلى فسيأتيان (بحصته) من الثمن ولزمه التمسك بالباقي فإذا ابتاع عشرة أثواب بعشرة ثم اطلع على العيب بواحد منها فإذا قومت كلها وتساوت مثلًا فإنها تقوم ثانيًا دون المعيب فإن ساوت ثمانية فحصة المعيب خمس الثمن فيرجع به هذا إذا كان الثمن عينًا أو مثليًّا فإن كان سلعة فهو قوله: (ورجع بالقيمة) أي قيمة ما يقابل المعيب من السلعة (إن كان الثمن سلعة) أي بقيمة الحصة التي قابلت المردود وفي الشارح وقت وق كالتوضيح يرجع بنسبته من قيمة السلعة وقال تت كست كتب بدار ثم اطلع على عيب بأحدها ورد فإنه يرجع بنسبته من قيمة الدار لا بجزء من الدار على الأصح لضرر الشركة فإذا كانت تساوي ستمائة وكل كتاب مائة أخذ مائة على الأصح لا سدس الدار خلافًا لأشهب والتقويم يوم البيع لا يوم الحكم اهـ.

واستثنى من قوله: ورد بعض المبيع أي وتمسك بالباقي لا من قوله: ورجع بالقيمة الخ فقال: (إلا أن يكون) لبعض المعيب (الأكثر) من النصف ولو بيسير فليس له ردّه بحصته من الثمن بل إما أن يتماسك بالجميع أو يرد الجميع أو يتماسك بالبعض المعيب أو السليم بجميع الثمن لأن من حجة البائع أن يقول إنما بعث على أن يحمل بعضه بعضًا ولو تراضيا لما فيه من الجهل وانتفاؤه حق لله ومحل منع التمسك بالأقل حيث كان المبيع كله قائمًا أما إن هلك ووجد الباقي معيبًا فإن كان الثمن عينًا أو عرضًا قد فات فإنه يرد المعيب بحصته ويتمسك بالسليم بحصته كان المعيب وجه الصفقة أو دونه لأنه إنما صار التراجع في مثليّ وهو العين أو قيمة العرض الفائت فكان المبيع مثلي ولو ردّ الهالك أيضًا ردّ قيمته وهو قد لزمه بحصته وهي معلومة لا جهل فيها بخلاف ما إذا كان الثمن عرضًا

ــ

والله أعلم بالصواب (ورد بعض المبيع) أي فليس له رد الجميع إلا يرضا البائع كما أن البائع ليس له أن يقول إما أن تأخذ الجميع أو ترد الجميع قاله ابن يونس وقال ابن عرفة وهو ظاهر المدونة خلافًا للتونسي انظر ح وقول ز فإذا قومت كلها وتساوت مثلًا الخ صوابه وساوت عشرة مثلًا بدليل ما بعده (إلا أن يكون الأكثر) قول ز أو يتماسك بالبعض المعيب أو السليم الخ صوابه إسقاط المعيب وهو ظاهر وقول ز لأنه إنما صار التراجع في مثلى الخ كلامه غير ظاهر على أن علته تجري أيضًا فيما إذا كان المبيع كله قائمًا والذي في ح لأنه إن كلف أن يرد قيمة الهالك رد قيمة ذلك عينًا ورجع في عين ولا فائدة في ذلك اهـ.

وهو ظاهر فتأمله وأصله لعبد الحق ونص ابن عرفة وإذا رد أعلى المبيع وفات أدناه وعوضه عين أو غير مثلى قد فات ففي مضي الأدنى بمنابه من الثمن ورد قيمته لأخذ كل الثمن مطلقًا ثالثها إن لم تكن أكثر من منابه من الثمن اهـ.

وعزا الأول لعبد الحق عن المذهب مع اللخمي عن ابن القاسم ثم قال ووجه عبد الحق نقله بأنه لا فائدة في رد عين وأخذ عين اهـ.

ص: 267

لم يفت والمعيب وجه الصفقة فلو تمسك بالسليم بحصته من الثمن الذي هو العرض القائم لكان متمسكًا بشيء مجهول إذ لا يعلم ما يخص السليم من العرض القائم إلا بعد التقويم فيتعين ردّ الجميع وهو القائم وقيمة الهالك في يده ويرجع في عين عرضه فإن اختلفا في قيمة الهالك تواصفاه ثم قوم فإن اختلفا في صفته فالقول للبائع أن انتقد وللمشتري إن لم ينقد وقيل القول للبائع مطلقًا وبه أخذ محمَّد وعطف على الأكثر قوله: (أو) يكون المعيب (أحد مزدوجين) لا يستغنى بأحدهما عن الآخر حقيقة كأحد خفين أو نعلين أو مصراعين أو حكمًا كأحد قرطين أو سوارين لجري العرف بعدم الاستغناء بأحدهما عن الآخر فليس له ردّ المعيب بحصته من الثمن والتمسك بالسليم ولو تراضيا على ذلك لما فيه من الفساد الذي منع الشرع منه (أو أما) والواو في قوله: (وولدها) بمعنى أو وبقاؤها على بابها فاسد إذ تقديره حينئذٍ أو يكون البعض أما وولدها وليس مراد أو إنما معناه إذا اشترى أمة وولدها ثم اطلع على عيب بأحدهما فيتعين ردهما معًا لأن الشارع منع من التفرقة بينهما إلى الأثغار وهذا ما لم ترض الأم حيث كان المعيب غير وجه الصفقة وانظر إذا استحق أحدهما هل له التمسك بالباقي بجميع الثمن لأن من حجته أن يقول التفرقة لازمة سواء رددته عليك أو أبقيته بيدي أم لا ولما كان الاستحقاق أصلًا والعيب فرعًا أتى به مصرحًا بحكمه مفرعًا عليه ما بعده فقال: (و) إذا اشترى متعددًا كثياب مثلًا فاستحق أكثرها وبقي أقلها فإنه (لا يجوز) للمشتري (التمسك بأقل استحق أكثره) أي المبيع أو تعيب أكثره أو تلف أكثره لأن تمسكه بالباقي القليل كإنشاء عقده بثمن مجهول إذ لا يعلم ثمنه إلا بعد تقويم المبيع كله أو لا ثم تقويم كل جزء من الأجزاء أما إن كان المبيع متحدًا كدار مثلًا فاستحق بعضها قليلها أو كثيرها فإن المشتري يخير في الرد والتماسك كما يأتي في قوله: أو استحق شائع وإن قل وأما إن كان موصوفًا فلا ينقض البيع ويرجع بالمثل ولو استحق الأكثر ولما ذكر أن المبيع إذا استحق أكثر تنفسخ العقدة من أصلها أتى بفائدة ذلك ولو أتى بالفاء لكان أولى لأن كلامه يوهم الاستئناف أو العطف فقال: (وإن كان درهمان وسلعة) عطف على اسم كان أو مفعول معه (تساوي

ــ

(أو أحد مزدوجين) قول ز ولو تراضيا على ذلك لما فيه من الفساد الخ نحوه لخش وأصله لعج قال طفى في بعض طرره وهو غير صحيح والذي أفهمه عند التراضي الجواز حسبما ذكروه في باب القسمة إذ لا فساد فيه اهـ.

وهو ظاهر وسيأتي لز نفسه في باب القسمة عند قول المصنف أو فيه فساد الخ التصريح بجواز القسمة مراضاة في كخفين قال لإمكان شراء كل واحد من الشريكين فردة أخرى يكمل بها الانتفاع اهـ.

(وإن كان درهمان وسلعة) قول ز في التوطئة ولما ذكر أن المبيع إذا استحق أكثره تنفسخ العقدة الخ نحو لتت قال طفى وهذا التفريع مبني على إن الفسخ مطلق فات العرض أم لا مع إن المعتمد لا فسخ مع الفوات وقد أطبق من وقفت عليه من الشراح على تقييد حرمة

ص: 268

عشرة) وخبر كان محذوف دل عليه متعلقة أي بيعًا (بثوب فاستحقت السلعة وفات الثوب) بحوالة سوق فأعلى (فله) أي من استحقت منه السلعة أخذ (قيمة الثوب بكماله و) عليه (ردّ الدرهمين) واستشكل قوله: فله قيمة الخ مع التفريع على حرمة التمسك بأقل الخ وأجيب بأن قسيم ما ذكر أن له أن يرضى بالدرهمين في نظير الثوب كله لا في مقابلة سدسه فقط وبأن اللام بمعنى على (و) جاز (رد أحد المشتريين) نصيبه من مبيع متحد أو متعدد اشترياه صفقة واحدة وأطلعا فيه على عيب فلأحدهما أن يرد ولو أبى البائع وقال: لا أقبل إلا جميعه وهو المشهور بناء على تقدير تعدد العقد الواحد بتعدد متعلقه ومشتريه وهذا إذا لم يكونا شريكي تجارة وأما هما إذا اشتريا معيبًا صفقة واحدة وأراد أحدهما الرد فلصاحبه منعه منه ويقبل الجميع لأن كلا وكيل عن صاحبه كما قال في الشركة عاطفًا على ما يجوز ويقبل المعيب وإن أبى الآخر (و) جاز رد مشتر متحد أو متعدد من بائعين مثلًا (على أحد البائعين) نصيبه من المبيع المعيب ولا يرد الجميع إلا أن يكون البائعان شريكي تجارة بدليل قوله: في الشركة وكل وكيل فيرد على حاضر لم يتول ولما أنهى الكلام على العيب الثابت وجوده وقدمه ذكر تنازع البائع والمشتري في وجوده أو قدمه فقال: (والقول للبائع في) نفي (العيب) الخفي كالزنا ونحوه (أو) نفي (قدمه) بلا يمين في الأولى لتمسكه بالأصل وهو سلامة المبيع عن العيب إلا لضعف قوله: فيحلف كما قدمه في قوله: وبول في فرش في وقت ينكر أن ثبت عند البائع وإلا حلف أن أقرت عند غيره وبيمين في الثانية تارة وبعدمها أخرى كما يأتي قريبًا ومحل كون القول للبائع في نفي قدمه ما لم يكن فيه قديم غير المتنازع فيه أو به قديم رضي به المبتاع فإن كان به قديم لم يطلع عليه

ــ

التمسك بالأقل بعدم الفوات في العيب والاستحقاق ولم ينبهوا على هذه ولما ذكر ابن عرفة مسألة الدرهمين هذه عن ابن الحاجب قال ونفس هذه المسألة لا أعرفها لغيره وما ذكره من القولين المذكورين فيها تقدما في العيوب فيمن رد أعلى المبيع وفات أدناه لأن المردود كالمستحق وفوات الأدنى كالدرهمين اهـ.

وقد تقدم قريبًا نقل كلامه الذي أشار إليه وفيه ترجيح عدم الفسخ مع الفوات لكن قوله: لا أعرفها لغيره اعترضه ق بأن ابن يونس قد ذكرها فيه انظر كلامه فيه قلت والعذر لابن عرفة إن ابن يونس لم يذكرها في كتاب الاستحقاق الذي هو مظنتها وإنما ذكرها في أوائل كتاب الجعل والإجارة من ديوانه وقول ز واستشكل قوله: فله قيمة الخ لا إشكال فيه لأن ضمير له يعود لمن استحق منه السلعة كما قرره هو واللام للاستحقاق والظاهر ضبط قوله: ورد الدرهمين بالفعل الماضي والدرهمين مفعول والفعل يفيد وجوب الرد ولا إشكال فيسقط الجوابان فتأمله (والقول للبائع في العيب) قول ز فيحلف كما قدمه في قوله وبول في فرش الخ هذا يوهم أن ما تقدم من التنازع في وجود العيب وأن اليمين فيه على نفي العيب وليس كذلك كما تقدم وقول ز ومحل كون القول للبائع الخ نحوه قول خش ولذا لو صاحب العيب الخ وهو غير ظاهر لأنه حيث علم به ودخل عليه صار كالعدم ولا يلزم من وجود

ص: 269

المبتاع أو لم يرض به وقطع بقدمه فالقول للمشتري بيمين في المتنازع في حدوثه أيضًا إنه قديم وقيد المصنف قوله: أو قدمه فقط بقوله: (إلا بشهادة عادة للمشتري) حققت قدمه فالقول له بلا يمين فلو قال: بدل قوله: أو قدمه كقدمه إلا الخ كان أظهر (وحلف من لم يقطع بصدقه) بائع أو مشتر بأن ظنت قدمه فللمشتري بيمين أو ظنت حدوثه أو شكت فللبائع بيمين ومفهومه إن قطعت بقدمه فللمشتري بلا يمين كما مر أو حدوثه فللبائع بلا يمين فالصور خمس ومعنى شهادة العادة أن يستدل بها أهل المعرفة على القدم أو الحدوث وإذا عمل بقولهم الذي استندوا فيه لدلالة العادة فأولى ما مستندهم فيه المعاينة ونحوها ومحل قوله: إلا بشهادة الخ في عيب يخفى عند التقليب على من لم يتأمل ويظهر لمن تأمل غالبًا ككون العبد أعمى وهو قائم العينين وأما الظاهر الذي لا يخفى على من اختبر المبيع تقليبًا ككونه مقعد أو مطموس العينين فلا قيام به فلا ينفع المشتري شهادة العادة بقدمه ولو قطعت بذلك لأنه يحمل على أنه علمه ورضيه انظر ابن عرفة فإن اختلف أهل المعرفة عمل بقول الأعرف إن لم يتكافأ في العدالة فإن تكافأ فيها سقطت لأنه تكاذب انظر تت فإن لم يكن أعرف فكالشك كما لو لم يوجد أحد كذا يظهر (وقبل) في معرفة العيب المتنازع فيه وفي إنه قديم أو حادث (للتعذر غير عدول) إن كان غير العدول مسلمين عارفين بقدمه أو حدوثه بل (وإن) كانوا (مشركين) لأنه خبر لا شهادة ولذا يكتفي بالواحد على المشهور بشرط سلامته من جرحة الكذب وإلا لم يقبل اتفاقًا

ــ

عيب بالمبيع وجود غيره من العيوب به وأما إذا اطلع على آخر قديم ولم يرض به فالرد بهذا القديم نعم يظهر الأثر إذا طلب البائع أن يرد معه الأرش لحدوثه فالقول حينئذٍ للمشتري بيمينه إنه ما علم إنه حدث عنده عند ابن القاسم لأنه مدعى عليه كما أفصح به بعض الشراح ويفيده كلام ضيح ونصه واعلم أنه إنما يكون القول قول البائع في العيب المشكوك فيه إذا لم يصاحبه عيب قديم وأما إن صاحبه عيب قديم فالقول قول المشتري إنه ما حدث عنده مع يمينه لأن البائع قد وجب الرد عليه بالعيب القديم فصار مدعيًا على المبتاع في الحادث وبه أخذ ابن القاسم واستحسنه اهـ.

ومثله في ابن عرفة عن ابن رشد قائلًا لأن المبتاع قد وجب له الرد بالقديم وأخذ جميع الثمن والبائع يريد نقصه من الثمن بقوله حدث عندك فهو مدع ابن عرفة سبقه بهذا التوجيه الباجي (وحلف من لم يقطع بصدقه) قول ز فإن اختلف أهل المعرفة عمل بقول الأعرف إن لم يتكافآ الخ يظهر لي إن هذا الكلام مختل أصله بعد قوله عمل بقول الأعرف هكذا فإن استويا في المعرفة حكم بقول الأعدل فإن تكافآ في العدالة سقطا الخ ونص ابن عرفة فلو اختلف أهل البصر في العيب فقال بعضهم يوجب الرد وقال بعضهم لا يوجبه فللمتيطي عن الموازية وابن مزين وغيرهما تسقطان لأنه تكاذب قال بعض الموثقين إن تكافأتا في العدالة وإلا حكم بالأعدل قلت الجاري على قول الغير فيها إن تقدم بينة الرد لأنها زادت لقولها الأصل السلامة ثم وجدت لابن سهل أن ابن القطان أفتى بذلك وقال هو معنى المدونة والعتبية اهـ.

ص: 270

كما قال ابن عرفة ومفهوم للتعذر عدم قبول غير العدل المسلم مع وجود العدل المسلم وهو كذلك عند الباجي والمازري وكلام ابن شاس يقتضي أن الترتيب بينهما على وجه المال فقط وفي الاكتفاء بشهادة امرأتين على ما بداخل جسد الجارية غير الفرج والبقر عنه ونظر الرجال له قولان وما بفرجها فامرأتان وما تقدم من الاكتفاء بواحد مقيد بما إذا وجهه قاض ليقف على عيب عبد حي حاضر فإن أوقف المشتري عليه بنفسه أو غاب العبد أو مات فلا بدّ من اثنين اتفاقًا وأراد المصنف بالشرك مطلق الكفر لا خصوص من يشرك مع الله غيره فقط (ويمينه) أي البائع حال قبول قوله: في عدمه أو حدوثه مع توجهها عليه فيهما كما مر صفته في غير ذي التوفية وهو ما يدخل في ضمار المشتري بمجرد العقد والله لقد (بعته) وما هو به (و) يزيد (في ذي التوفية) مكيل أو موزون أو معدود أو غائب أو مواضعة أو ثمار على رؤوس شجر أو ذي عهدة أو خيار (وأقبضته وما هو به) أي المبيع لأنه إنما يدخل في ضمان المشتري بقبضه (ينافي) العيب (الظاهر) كالعمى والعرج والعور وضعف البصر (وعلى) نفي (العلم في الخفي) كالزنا والسرقة وقولي مع توجهها عليه يندفع به استشكال اليمين على البائع بأن القول قوله: في نفيه بلا يمين كما مر وأجيب أيضًا بأنه يتصوّر فيما إذا قام للمشتري شاهد على العيب ونكل عن اليمين وتوجهت على البائع واستشكل قوله: وما هو به بأنه ليس نقيض دعوى المشتري قدمه ومتعلق اليمين يجب أن يكون نقيض الدعوى كما هو مقتضى القواعد والأصول وأجيب بأنه متضمن لنقيضه وسكت عن يمين المبتاع إذا توجهت عليه كما تقدم وفيها ثلاثة أقوال قيل: يحلف على العلم فيهما لأن التدليس يكون من جهة البائع دون المشتري وقيل كالبائع وقيل على البت فيهما انظر الشارح (والغلة) التي لا يكون استيفاؤها دليلًا على الرضا سواء نشأت عن غير تحريك كلبن أو صوف أو عن تحريك قبل الاطلاع على العيب وكذا بعده في زمن الخصام كسكنى دار لا ينقص (له) أي للمشتري من حين العقد اللازم (للفسخ) للبيع بسبب العيب أي الدخول في ضمان البائع بأن يرضى بالقبض أو بالثبوت عند حاكم وإن لم يحكم كما يأتي للمصنف قربيًا وأما البيع غير اللازم كبيع الفضولي فإنه لا غلة فيه للمشتري مع علمه لأنه حينئذٍ كالغاصب إلا أن يجيز المالك البيع فإن الغلة للمشتري وبهذا التقرير لا تخالف بين ما هنا وبين قوله: وما يدل على الرضا إلا مالًا ينقص كسكنى الدار وتقدم ذلك أيضًا ودخل في كلامه الثمرة غير المؤبرة حين الشراء إن جذها ولو قبل زهوها أو أزهت قبل الرد بالعيب وإذا جذها قبل طيبها كان من المتوسط عند المشتري (ولم ترد) صرح به ليفيد عود ضمير له للمشتري لتقدم البائع أيضًا وإن أبعد ذلك قوله: للفسخ وليخرج منه قوله: (خلاف ولد) لإبل أو غنم اشتريت حاملًا

ــ

كلام ابن عرفة (والغلة له) قول ز التي لا يكون استيفاؤها دليلًا على الرضا الخ تقدم إنها هي التي استغلها قبل الاطلاع مطلقًا والتي لا تنقص المبيع واستغلها زمن الخصام

ص: 271

أو حملت عند المشتري ثم بعد ولادتها وجد بها عيبًا فيرد ولدها معها ولا شيء عليه في ولادتها إلا أن تنقصها فيرد معها ما نقصها إلا أن يجبر بالولد (وثمرة أبرت) حين الشراء معيبًا واشترطها مع الأصل إذ لا تدخل في عقد البيع إلا بشرط كما يأتي فإذا ردّ الأصول بعيب ردّ معها الثمرة (وصوف تم) وقت الشراء وإن لم يشترطه لدخوله بغير شرط فليس شيء منهما غلة فيرد للبائع مع ردّ المعيب ولو طابت الثمرة أو جذت فترد إن كانت قائمة ومكيلتها إن علمت وفاتت ببيع وأكل أو بسماوي لضمانه لها فيه بعد جذها على الأصح كما في الشامل لأنها مستقلة ولا يضمنها قبل الجذ لأنها متابعة فإن لم تعلم المكيلة في جميع ذلك ردّ قيمتها إن لم يبعها وثمنها إن باعها وعلم قدره وإلا ردّ قيمتها أيضًا وله على كل حال أجر سقيه وعلاجه ما لم يجاوز قيمة الثمرة أو ثمنها فليس له إلا قيمتها أو ثمنها وإذا جز الصوف ردّ وزنه إن علم وإلا ردّ الغنم بحصتها من الثمن والفرق بين الصوف والثمرة فيما إذا جز أو جهلًا إنه لو قيل برد الأصول بحصتها من الثمن كما قيل بذلك في الصوف لأدى إلى بيع الثمرة مفردة قبل بدو صلاحها وهو لا يجوز إلا بشروط منتفية هنا وأخذ القيمة ليس ببيع بخلاف ردّ الغنم بحصتها من الثمن وظاهر قوله: وثمرة أبرت ردها ولو لم يرد أصولها حتى ظهر فيها أخرى وأبرت وقد يقال بعدم ردّها قياسًا على ما للخمي في الصوف التام المجزوز من عدم ردّه إن لم يرد الغنم حتى تم غيره على ظهورها قال وهو أبين من الجبر بالولد لأنه إذا حصل الجبر بما ليس للمبتاع أخذه في حالة أصلًا فأولى بماله أخذه في بعض الأحوال ثم شبه بقوله: ولم ترد خلافًا لغ قوله: (كشعفة واستحاق وتفليس وفساد) فالغلة لمن أخذ منه الشقص بالشفعة أو الشيء المستحق أو الشيء لتفليسه أو لفساد البيع وهذا في غلة غير ثمرة وفيها إن فارقت الأصول

ــ

(كشفعة واستحقاق الخ) أعلم أن الغلة للمشتري في المسائل الخمس وهي العيب والشفعة والاستحقاق والتفليس والفساد ولكن إن كانت غير ثمرة أو ثمرة غير مؤبرة يوم الشراء وجدها المشتري فظاهر وإن لم يجدها ففي العيب والفساد يستحقها بمجرد الزهو وفي الشفعة والاستحقاق باليبس وفي التفليس بالجذاذ وهو القطع وإلى هذا أشار غ بقوله:

والجذ في الثمار فيما انتقيا

يضبطه تجذ عفزا شسيا

قال التاء في تجذ للتفليس والجيم وحدها أو مع الذال للجذ والعين والفاء في عفزا للعيب والفساد والزاي للزهو والسين والشين في شسيا للشفعة والاستحقاق والياء لليبس اهـ.

بخ وقال غيره:

الفائزون بغلة هم خمسة

لا يطلبون على الإطلاق

من رد في عيب وبيع فاسد

وبشفعة فلس مع استحقاق

فالأولان بزهوها فازا بها

والجذ في فلس ويبس الباقي

ص: 272

وإلا ردت في الشفعة والاستحقاق ما لم تيبس وفي البيع الفاسد والعيب ما لم تزه وفي الفلس ما لم تجذو هذا كالشرح لما في نظمها المشهور الذي من حملة قول غ:

والجذ في الثمار فيما انتقيا

يضبطه تجد عفزا شسيا

ثم إن المشتري فاسدًا لا يرد ولو علم بالفساد إلا في الوقف على غير معين فإن المشتري إذا علم بالوقفية يرد الغلة (ودخلت) سلعة ردت بعيب (في ضمان البائع) بأحد أمرين أشار لا ولهما بقوله: (وإن رضي بالقبض) لها من المبتاع ولو لم يقبضها ولا مضى زمن يمكن قبضها فيه قاله تت فبالقبض متعلق برضى لا بدخلت ولثانيهما بقوله: (أو ثبت) العيب الموجب للرد (عند حاكم وإن لم يحكم به) وكان الرد على حاضر وإلا فلا بد من القضاء كما مر عند قوله ثم قضى أن أثبت عهدة الخ وظاهر قوله إن رضي بالقبض أنه لو وافقه على أن العيب قديم ولم يرض بقبضها أنها لا تدخل في ضمانه لأنه قد يدعي عليه أنه تبرأ من ذلك العيب ولما أنهى الكلام على موجب الرد وهو الخيار الشرطي والحكمي شرع فيما اختلف فيه والمشهور عدم الرد به وقسمه إلى نوعين فأشار إلى الأول بقوله: (ولم يرد) المبيع (بغلط) فيه أي جهل اسم المبيع الخاص ففي إطلاق الغلط عليه تجوز (وإن سمى باسمه) العام الذي يطلق عليه على وجه العموم مع العلم بالمعقود عليه بشخصه فلا ينافي ما مر من شرط علم المعقود عليه كان يبيع أو يشتري حجرًا معينًا برخص ثم تبين أنه ياقوتة مثلًا لأنه يسمى حجرًا فيفوز به المشتري ولا كلام للبائع عليه وأولى إن لم يسمه أصلًا ولا فرق بين حصول الغلط بالمعنى المذكور من المتبايعين أو من إحداهما مع علم الآخر كما يفيده نقل ح ومفهومه أنه لو سماه بغير اسمه كأبيعك هذه

ــ

(ولم يرد بغلط إن سمى باسمه) قول ز وكان القياس العكس الخ فيه نظر بل القيام به في المرابحة كما ذكره ابن رشد هو الظاهر لدخولهما فيها على مراعاة الثمن الأول فإذا غلط البائع فيه لزم إنه خلاف ما عقدا عليه فيجب القيام وما ذكره ز غير ظاهر وقول ز وانظر هل يجري مثله في المساومة أم لا الخ بل الظاهر إنه يجري في المساومة كالمرابحة وقد وقعت المسألة في رواية أشهب فقال ابن رشد ليس في الرواية بيان أن البيع وقع مساومة أو مرابحة اهـ.

وقول ز وهاتان المسألتان ليستا مما هنا الخ فيه نظر بل الرد فيهما في المساومة والمرابحة انظر ح (ولا بغبن ولو خالف العادة) المردود بلو هو قول ابن القصار قال ابن رشد بعد ذكر المشهور ما نصه وحكى بعض البغداديين عن المذهب وأراه ابن القصار إنه يجب الرد بالغبن إذا كان أكثر من الثلث وليس ذلك بصحيح لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض اهـ.

وقال المتيطي قال بعض البغداديين إن زاد المشتري في المبيع على قيمته الثلث فأكثر فسخ البيع وكذلك إن باع بنقصان الثلث من قيمته فأعلى قاله القاضي أبو محمد وغيره قال والأصل في هذا أن ينظر إلى مدعي الجهل فإن كان معروفًا بذلك اجتهد له الحاكم اهـ.

ص: 273

الياقوتة فتوجد حجرًا أو قزديرًا أو أبيعك هذه الزجاجة فتوجد ياقوتة ولم يعلم بها البائع إلا بعد البيع فلا يلزم المشتري شراء في الأول لأن البائع إما مدلس إن كتمه أو ظهر بالمبيع عيب ولا يلزم البائع بيع في الثانية والفرق إن التسمية بغير اسمه مظنة الجهل فكان له الرد بل كان القياس أن لا يصح البيع وأما التسمية باسمه العام فمظنة معرفته فلم تقبل دعواه خلافها إذ هو خلاف الغالب قاله الشيخ علي السنهوري قال تت وظاهر المصنف كان البيع مرابحة أو مساومة ولابن رشد الاتفاق على القيام به في المرابحة دون المساومة على المشهور اهـ.

وكان القياس العكس ولكن الفرق أن الربح يزيد وينقص بالنسبة إلى المبيع في نفس الأمر فللبائع القيام في المرابحة لأنه يخبر في الربح باعتبار المبيع في نفس الأمر بخلاف المساومة والفرق بين حقيقة هذا البيع وبين حقيقة بيع الغبن أن المبيع فيه معلوم الحقيقة والاسم الخاص والجهل متعلق بالقيمة وهنا ليس كذلك ومحل المصنف إذا كان البائع غير وكيل والأرد بالغلط بلا نزاع.

تنبيه: الغلط بالنقص في الثمن ليس مما هنا ففي سماع أشهب من قال أخرج لي ثوبًا مرويًّا بدينار فأخرج له ثوبًا أعطاه إياه ثم وجده من أثمان أربعة دنانير وصدق بشهادة أو رقم هذا يحلف ويأخذ ثوبه اهـ.

ذكره المصنف في المرابحة وانظر هل يجري مثله في المساومة أم لا فليس هذا غلطًا في اسمه الخاص ولا تسميته باسمه العام وكذا لو ظن أن المبيع على صفة أعلى كظنه القرط ذهبًا فإذا هو نحاس مموه بذهب وهاتان المسألتان ليستا مما هنا وإنما يذكر أن في فصل المرابحة وأشار للنوع الثاني بقوله: (ولا) يرد المبيع (بغبن) أي بشيء كثير في ثمنه على المشتري أو بشيء يسير جدًّا على البائع (ولو خالف العادة) أي خرج عن المعتاد وقيل أن يزيد على الثلث وقيل الثلث (وهل إلا أن يستسلم) البائع شيئًا لنفسه أو المشتري لها (ويخبره بجهله) عطف تفسير كبعني أو اشتري مني كما تبيع الناس أو تشتري منهم فإني لا أعلم القيمة (أو يستأمنه) تنويع لعطف التفسير لا قسيم له أي إن الاستسلام

ــ

وبهذا أفتى المازري وابن عرفة والبرزلي وابن لب ونظمه في التحفة فقال:

ومن بغبن في مبيع قاما

فشرطه أن لا يجوز العاما

وأن يكون جاهلًا بما صنع

والغبن بالثلث فما زاد وقع

وعند ذا يفسخ بالأحكام

وليس للعارف من قيام

قلت والعمل به مستمر عندنا والله تعالى أعلم (وهل إلا أن يستسلم ويخبره بجهله الخ) قال الشارح في الكبير حصل بعض الأشياخ في القيام بالغبن وعدم القيام به ثلاثة طرق الأولى للقاضي عبد الوهاب ثبوت الخيار لغير العارف اتفاقًا وفي العارف قولان الثانية للمازري أن استسلم أو أخبر المشتري البائع إنه غير عارف بقيمته فقال له البائع قيمته كذا فله الرد وإن كان عالمًا بالمبيع

ص: 274

أن يخبره بجهله أو يستأمنه فيقول البائع له قيمة كذا والأمر بخلافه فله الرد حينئذٍ باتفاق وهو تنويع ظاهري وإلا فمؤداهما واحد كالمسترسل أو لا يرد مطلقًا (تردد) والمعتمد الأول فلو قال بعد قوله العادة إلا المسترسل لطابقه ثم هذا ظاهر إن لم تقم قرينة على كذبه في دعوى الجهل وإلا عمل عليها فلا رد له وقولي لنفسه ولها احتراز عن بيع الوكيل أو الوصي أو شرائهما بما لا يتغابن بمحله فيرد ويرجع على المشتري أو على البائع إن فات بما حابى به نقله ق ونقل أيضًا أن المبيع إذا كان أمة وأولدها المبتاع المحجور أن فوت ويرجع المحجور على الوصي اهـ.

ولا تنافي بين الكلامين إذ كلاهما غريم ولكن الرجوع على الوصي مشروط بتعذر الرجوع على المشتري أو على البائع في مسألة البيع ويستفاد من هذا أنه إذا أجر الناظر بدون أجرة المثل فيرجع عليه إن تعذر الرجوع على المستأجر ويأتي نحوه في باب الإجارة عند قوله

ــ

وبثمنه فلا ردّ له ولا خلاف في هذين القسمين وفيما عداهما قولان الثالثة لصاحب المقدمات أن البيع أو الشراء إذا وقع على جهة الاسترسال أو الاستئمان وجب القيام بالغبن كقوله: اشتري مني سلعتي كما تشتري من الناس وإن وقع على جهة المكايسة فلا قيام به باتفاق فأشار المصنف للأولى بصدر المسألة وللثانية بقوله: وهل الخ وللثالثة بقوله أو يستأمنه اهـ.

وفيه أمور أحدها أن قوله: أشار المصنف للأولى بصدر المسألة الخ فيه نظر بل طريقة عبد الوهاب لا تأخذ من كلام المصنف ولذا قال غ اقتصر المصنف هنا على طريقين من الثلاثة التي ذكر في ضيح وترك منها طريق عبد الوهاب في المعونة فلو قال هنا وهل إلا لغير عارف أو إلا أن يستسلم الخ لاستوفى الثاني أن ما نقله عن طريقة عبد الوهاب نحوه في ضيح عنه في المعونة واعترضه ح بأن الذي في المعونة لعبد الوهاب عكس ما نسب لها وهو أن العارف لا رد له وفي غيره قولان ونقل نص المدونة وغيرها فانظره الثالث أن مقابلته بين طريقي المازري وابن رشد وإن المصنف أشار بالتردد لهما وتبعه غ في ذلك وهو ظاهر المصنف اعترضه ح فقال حكاية المصنف للطريقتين الأخيرتين غير ظاهر لاقتضائه أن الثانية منافية للثالثة وليس كذلك بل متفقتان في الوجه الذي يثبت به القيام في الغبن ثم قال فتحصل أن القيام بالغبن في بيع الاستئمان والاسترسال هو المذهب وإنه لا يقوم به غيره إما اتفاقًا أو على المشهور فلو قال المصنف ولا بغبن ولو خالف العادة إلا المسترسل لكان مقتصرًا على الراجح من المذهب ولما رأى ز هذا الاعتراض جعل الطريقين في كلام المصنف طريقة واحدة وقدر الطريق الثانية أو لا يرد مطلقًا الخ فيه نظر لأنه يقتضي أن هذه الطريقة تقول لا قيام بالغبن ولو استسلم وأخبره بجهله قال ح ولم أقف على هذه الطريقة إلا إذا حملت طريقة القاضي عبد الوهاب التي ذكرناها عن المعونة والتلقين على إطلاقها اهـ.

وقد قرر تت قول المصنف ولا بغبن بعدم القيام بالغبن مطلقًا سواء استسلم له أو أخبره بجهله أو استأمنه قائلًا قال في توضيحه وهو المشهور من المذهب وقد اعترضه طفى بأنه لا دليل في كلام ضيح لأنه نقل قول ابن عبد السلام ومشهور المذهب عدم القيام بالغبن اهـ.

ص: 275

وكراء وكيل بمحاباة وأما إذا أجر بأجرة المثل فصحيحة ولا تنفسخ لزيادة عن أجرة المثل (ورد) الرقيق خاصة (في عهدة الثلاث بكل) عيب (حادث) بدينه أو خلقه أو بدنه ولو موتًا أو غرقًا أو حرقًا أو سقوطًا من عال أو قتل نفسه قاله ح ويستثنى من الكلية ذهاب ماله المشترط إذا ذهب زمن العهدة فلا يرد به ابن رشد لأنه لا حظ له في ماله اهـ.

أي لا شيء له منه فهو غير منظور إليه وهو يفيد أن محل ذلك إن اشترط للعبد ولو كان جل الصفقة وأما للمشتري فله رده بذهابه (إلا أن يبيع ببراءة) من قديم بشرطه المتقدم في قوله وتبرئ غيرهما فيه مما لم يعلم إن طالت إقامته فلا يرد بحادث في زمنها ولو مثل ما تبرأ منه فإذا تبرأ له من إباقة وقد باعه بالعهدة فأبق في زمنها ولم يتحقق هلاكه بل سلم فلا رد له بالإباق لأنه تبرأ منه فتنفعه البراءة فيه إما أن تحقق هلاكه زمنها فضمانه

ــ

ولم يقل سواء استسلم الخ لا هو ولا ابن عبد السلام فيحمل المشهور الذي ذكره على غير الاستسلام والاستئمان وهو الظاهر من كلام ابن عبد السلام لأنه ذكره عقب ذكر القولين في طريقة المازري وتت تبع الشامل وقد اعترضه ح واعتراضه صواب وكيف يقول يمضي بيع المسترسل على المشهور مع أن بيعه غش وخديعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم غبن المسترسل ظلم اهـ.

كلام طفى فتبين أن قول ز أو لا يرد مطلقًا غير صحيح كيف وقد قال ابن رشد القيام بالغبن في بيع الاسترسال والاستئمان واجب بإجماع نقله ق ومثله قول المتيطي القيام بالغبن في البيع والشراء إذا كان على وجه الاسترسال سائغ بإجماع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم غبن المسترسل ظلم اهـ.

وقول ز بما لا يتغابن بمثله أي بغبن كثير مخالف للعادة وقول ز ويرجع على المشتري الخ أي يرجع على المشتري من الوكيل أو الوصي في بيعهما بغبن وعلى البائع لهما في شرائهما بغبن كما صرح به ابن عات في طرره وغيره وقول ز وأولدها المبتاع المحجور الخ صوابه إسقاط لفظ المحجور ونص ق وفي نوازل ابن سهل أن المبيع إن كان أمة فأولدها المشتري إن ذلك فوت ويرجع المحجور على الوصي اهـ.

وهل يتقيد الغبن في بيع الوصي والوكيل بالثلث كالغبن في بيعه مال نفسه وهو ظاهر قول أبي عمران أو لا يتقيد به بل ما نقص عن قيمته نقصًا بيناً وإن لم يكن الثلث قال ابن عرفة وهو الصواب وهو مقتضى الروايات في المدونة اهـ.

(ورد في عهدة الثلاث بكل حادث) قول ز ابن رشد لأنه لا حظ له في ماله الخ كلامه يوهم أن موضوع كلام ابن رشد في ذهاب مال العبد المشترط وليس كذلك بل إنما قاله ابن رشد في غير المشترط كما في ح ونصه قال ابن عرفة وفي سماع يحيى عن ابن القاسم لا يرد العبد بذهاب ماله في الثلاث قال ابن رشد لأنه لا حظ له في ماله ولو تلف في العهدة وبقي ماله انتقض بيعه وليس لمبتاعه حبس ماله يثمنه اهـ.

(إلا أن يبيع ببراءة) قال الشيخ أحمد بابًا يحتمل أي يكون الاستثناء متصلًا فيكون المعنى إلا أن يبيع ببراءة من عيب معين كالآباق والسرقة ونحو ذلك فلا ردّ له إذا حدث مثله

ص: 276

من البائع لأنه إنما تبرأ له من الإباق فقط لا منه ومما يترتب عليه ثم كلام المصنف إن اشترطت أو اعتيدت كما سيذكر المصنف وهو ظاهر المدونة أو حمل الناس السلطان عليها وخص الشمس اللقاني قوله إلا أن يبيع الخ بالمعتادة فقط قائلًا أما البيع بالبراءة المشترطة أو المحمول عليها من السلطان فيرد فيها بالحادث دون القديم الذي بيع بالبراءة منه فالأقسام ثلاثة يرد بالقديم والحادث إن لم يبع البائع ببراءة من قديم وإلا سقط حكمها مطلقًا إن جرى بالبيع بها عرف فإن اشترط البيع بها أو حمل السلطان عليه رد بالحادث دون القديم على تقدير الشمس ولا رد على ما يأتي للمصنف وهو ظاهر المدونة (ودخلت) عهدة الثلاث (في) زمن (الاستبراء) أي المواضعة بأن تنتظر أقصاهما حتى تخرج من ضمان البائع فإن رأت الدم في اليوم الأول انتظرت الثاني والثالث وتداخلا في الأول وإن تأخر عن الثلاثة انتظرته وأما الاستبراء من غير مواضعة فتدخل بمجرد العقد في ضمان المشتري فتستقل العهدة بنفسها ولا تدخل مع شيء فإن اجتمعت مع خيار كانت بعده واستؤنفت سنة بعد عهدة ثلاث وكذا بعد خيار ومواضعة ودخل استبراء في عهدة سنة فالأمور خمسة علمت مع أحكامها وحيث علم انتظارها أقصى المواضعة وعهدة الثلاث وأنها في ضمان البائع حتى تحيض علم أنه ليس له وطؤها قبل الحيض وبعض الثلاث فإن طهرت منه بأن انقطع عقب مجيئه يومًا وبقي من الثلاثة شيء فالظاهر أنه لا يحل له وطؤها قبل تمامها ودخولها في ملكه بعد الحيض كما يأتي في غير ما فيه عهدة وما هنا فيما فيه عهدة وهي في زمانها ملك للبائع (والنفقة) مبتدأ على الرقيق وكسوته أي ما يقيه من الحر والبرد لا ما يستر عورته فقط خلافًا لتت في عهدة الثلاث على البائع (والأرش) بجناية عليه زمنه (كالموهوب) له أي ما وهب للعبد زمنها كائنان (له) أي للبائع وقدرنا الخبر كائنان وله متعلق به وهو بالنسبة للنفقة بمعنى عليه وبالنسبة لما بعدها اللام

ــ

في زمن العهدة ويرد فيما عداه وبهذا قرره تت أو يكون منقطعًا فيكون معناه إنه يرد في عهدة الثلاث بكل حادث لا أن يشترط البائع سقوطها وقت العقد بالتبري من جميع العيوب لأنه إذا تبرأ من جميع العيوب لم تكن ثم عهدة وبهتًا قرره بعضهم وهو الموافق للمدونة قال الشيخ أحمد بابًا وهذا الثاني أولى لأن الأول يدخل في هذا ولا عكس بل يستغنى عن الأول بقول المصنف سابقًا وإذا علمه بين إنه به الخ فإنه هو هذا الخ وبه يتبين لك إن ز خلط بين الاحتمالين فتأمله ابن عرفة وفيها من ابتاع عبدًا فأبق في الثلاث فهو من بائعه لا أن يبيعه بيع براءة اهـ.

وقول ز ثم كلام المصنف أن اشترطت الخ إنما يصح على الاحتمال الأول وهو بيعه على البراءة من عيب معين إما على الاحتمال الثاني فلا يظهر إلا في المعتادة كما ذكره عن اللقاني وقول ز أما البيع بالبراءة المشترطة صوابه بالعهدة المشترطة (ودخلت في الاستبراء) قول ز وهي في زمانها ملك للبائع الخ فيه نظر بل ظاهر كلامهم إنها زمن العهدة في ملك المشتري ولذا قال ابن شاس وكأن هذه المدة مضافة لملك البائع ولذلك تكون النفقة والكسوة عليه إلا أن الغلة ليست له اهـ.

ص: 277

على بابها للملك ونائب فاعل الموهوب مقدر بلفظ له وهو من باب الحذف والإيصال ويجوز كون له نائب الفاعل والخبر محذوف مقدر مثل الموجود واستثنى مما بعد الكاف فقط كما لغ وهو حكمة إتيانه بها قوله: (إلا المستثنى ماله) للمشتري أو للعبد فما يوهب له زمنها وكذا زمن المواضعة للمشتري وأما أرش الجناية زمنها فللبائع ولو استثنى المشتري ماله خلافًا للبساطي من ترجيعه الاستثناء لما قبل الكاف أيضًا وأما النفقة فعلى البائع مطلقًا وله الغلة زمنها مطلقًا أيضًا بالأولى من الأرش لكونه في مقابلة جزء المبيع وتقدم أول الفصل والغلة وأرش ما جنى أجنبي له أي للبائع ولو استثنى المبتاع ماله (و) رد (في عهدة السنة بجذام وبرص وجنون) بالرقيق وهو فساد التخيل واختلاطه سواء كان (بطبع أو مس جن لا) إن كان (بكضربة) وطربة وخوف لا مكان زواله بمعالجة دون الأولين وقدم رده بجنون أصله بطبع فقط لسريانه لا بمس جن أو ضربة لعدم سريانه وذكر هنا رده بالأولين حيث بيع بعهدة سنة فإن بيع بغيرها رد أيضًا به بطبع أو مس جن لا بكضربة لقوله وبما لعادة السلامة منه فإن قطعت بحدوثه في الأولين أو قدومه في الثالث عمل بها ومحل العمل بالعهدتين (إن شرطا) عند العقد ولو يحمل السلطان الناس عليهما (أو اعتيدا) فإن انتفيا لم يعمل بهما في الرد بحادث ولو قال المشتري اشتري على عهدة الإسلام لاختصاصها بدرك المبيع من الاستحقاق فقط دون العيب كما مر وجرد الفعلين من علامة التأنيث نظرًا إلى أن العهدة في معنى الضمان أو الزمان أي إن شرط الضمانان أو الزمانان أو نظرا إلى أن العهدة في معنى الإلزام أي إن شرط الإلزامان أو اعتيدا (وللمشتري إسقاطهما) أي العهدتين عن البائع إذا وقع العهد عليهما بشرط أو عادة لأنه حق له فله ترك القيام بما يحدث زمنهما ولا يقال هو إسقاط للشيء قبل وجوبه لأنا نقول سبب وجوبه جرى وهو زمان العهدة وللبائع ذلك قبل العقد لا بعده ولا يخالف ذلك قوله الآتي وإن لا عهدة لأن المراد بالمنفية الآتية التي يصح فيها البيع ويبطل الشرط ضمان

ــ

فانظر قوله: مضافة ولم يقل هي ملكه إلا أن قول ابن شاس أن الغلة للمشتري نحوه لابن الحاجب واعترضه ابن عرفة بإنه لا نص للمتقدمين في الغلة لمن تكون والجاري على القواعد إنها للبائع ورأى بعض المتأخرين إنها للبائع لأن الخراج بالضمان اهـ.

وكذا اعترضه في ضيح قائلًا المنصوص هنا إن ذلك للبائع (وفي عهدة السنة بجذام) ابن شاس إنما اختصت عهدة السنة بهذه الثلاثة لأن هذه الأدواء تتقدم أسبابها ويظهر منها ما يظهر في فصل من فصول السنة دون فصل بحسب ما أجرى الله فيه من العادة باختصاص تأثير ذلك السبب بذلك الفصل اهـ.

(إن شرطا أو اعتيدا) هذه رواية المصريين إنه لا يقضى بالعهدة في الرقيق إلا بشرط أو عادة أو حمل السلطان الناس عليها وروى المدنيون إنه يقضى بها في كل بلد إن لم يكن شرط ولا عادة وفي البيان قول ثالث لابن القاسم في الموازية لا يحكم بينهم بها وإن

ص: 278

درك المبيع من عيب قديم أو استحقاق والكلام في العهدتين هنا فيما يحدث (و) العيب (المحتمل) حدوثه زمنهما وقدمه المطلع عليه (بعدهما) أي بعد انقضاء زمنهما (منه) أي من المشتري إلا أن تقطع أو تظن عادة بحدوثه زمنهما فمن البائع دون يمين المشتري في الأولى وبها في الثانية فإن قطعت بأنه بعدهما فمن المشتري بدون يمين على البائع كأن ظنت أو شكت ولو في موت فمن المشتري لأن الأصل في المبيع السلامة والعيب طارئ عليه مع يمين البائع على قياس ما مر وبما قررنا علم أن الظرف متعلق بمقدر لا بالمحتمل لإيهامه أن تنازعهما في انقضاء مدة العهدتين وعدمه وليس بمراد إذ الأصل حينئذٍ بقاؤها لاتفاقهما عليه ولما استثنى المتيطي إحدى وعشرين مسألة لا عهدة فيها لا سنة ولا ثلاث على المشهور درج المصنف على ذلك كما عدها في توضيحه فقال عاطفًا على مقدر وهو ربما مر في غير رقيق منكح به (لا في منكح به) دفعه زوج صداق زوجته لأن طريقه المكارمة إن جرى بها عرف البلد فإن اشترطت عمل بها فيه وفيما بعده لأنه شرط فيه غرض أو مالية أو هما كما يفيده كلام د عن ابن محرز (أو مخالع به) من زوجة لزوجها فلا عهدة له عليها لأن طريقه المناجزة (أو مصالح به في دم عمد) فيه قصاص سواء كان الصلح على إنكار أو على إقرار وأما غير ذلك من العمد الذي فيه مال ككونه من المتالف أو من الخطا سواء كان المصالح به في الذمة أو معينًا فإن وقع فيه الصلح على إنكار فكذلك لا عهدة فيه وإن وقع فيها على إقرار أو بينة ففيه العهدة لأنه بيع كما علل في

ــ

اشترطوها وعلى رواية المدنيين يجب حمل الناس عليها وعلى رواية المصريين فروى ابن القاسم يستحب حمل الناس عليها وروى أشهب لا يحمل أهل الآفاق عليها انظر ضيح (والمحتمل بعدهما منه) قول ز المحتمل حدوثه زمنهما وقدمه الخ صوابه المحتمل حدوثه ز منهما وبعده بدل قوله وقدمه (لا في منكح به) قول ز في توطئة استثنى المتيطي إحدى وعشرين ثم قال كما عدها في ضيح الخ في ضيح نقل عن المتيطي إنها إحدى وعشرون ولم يذكر إلا عشرين كما في مختصره وقد نبه على ذلك اللقاني في حاشيته قال طفى وإنما أسقط المصنف في ضيح ومختصره مما عده المتيطي المقال منه ولذا لما عدها ق كما في المتيطي قال وما ترك خليل إلا المقال منه فلعله سقط للناسخ اهـ.

أي أسقطه من نسخة المتيطي (أو مخالع به) قول ز لأن طريقه المناجزة الخ في هذا العليل نظر وإن كان أصله لابن رشد لأن المخالع به يكون حالًا ويكون مؤجلًا كما تقدم في الخلع والظاهر التعليل بجواز الغرر فيه فلذا سامحوا فيه بسقوط العهدة (أو مصالح به في دم عمد) قول ز وإن وقع على إقرار أو بينة ففيه العهدة الخ يعني إذا أقر بما فيه المال أو ثبت ببينة فصالح عنه بعبد ففيه العهدة وهو غير صحيح لأن العبد حينئذٍ يكون مأخوذًا عن دين ولا عهدة في المأخوذ عن دين مطلقًا كما يأتي وقد وقع في كلام ابن رشد أن المصالح به على الإقرار فيه العهدة لكن محل كلامه إذا كان على الإقرار بمعين لا بما في الذمة هذا الذي يدل عليه كلامه في نوازل سحنون ونصه وأما المصالح به فمعناه المصالح به على الإنكار وأما

ص: 279

الذخيرة بذلك (أو مسلم فيه) كسلم دينار في رقيق فلا عهدة للمسلم على المسلم إليه (أو به) كسلم رقيق في بر مثلًا لأن السلم لما أرخص فيه طلب التخفيف فيما يدفع فيه أو يؤخذ عنه (أو قرض) أي لا عهدة في الرقيق المدفوع قرضًا فإذا اقترض رقيقًا ثم حدث به عيب يرد به في العهدة أن لو كانت فإنه يلزمه أن يرد غيره إلا أن يرضى المقرض برده لأنه حسن اقتضاء فهو معروف والمأخوذ عن قضائه كذلك ويشمله قوله فيما يأتي أو مأخوذ عن دين (أو) رقيق غائب بيع (على صفة) لا عهدة فيه لعدم المشاحة فيه بخلاف المرئي والمبيع على رؤية مقدمة ففيه العهدة (أو مقاطع به مكاتب) لأنه إن كان معينًا فكأنه انتزاع وإن كان غيره أشبه المسلم فيه فلا عهدة لتشوف الشارع للحرية لأن العهدة ربما أدت لعجزه فيرق ومقتضى هذا التعليل أن المقاطع به غير المكاتب مثله وهو خلاف ظاهر المصنف وقد يفرق بأن المقاطع به مكاتب فيه مع تشوف الشارع زيادة التساهل بخلاف ما قوطع به غيره (أو مبيع على كمفلس) وتقدم في العيب القديم أنه يمنع من الرد به بيع حاكم على كمفلس وأنه مقيد بما إذا علم المشتري أن البائع حاكم وما هنا في الحادث زمن العهدة لو قيل بها في ذلك لا يتأتى هنا القيد ودخل بالكاف مبيع على سيفه أو غائب لدين أو غيره كنفقة زوجة (أو مشتري للعتق) أي على إيجابه أو على أنه حر بالشراء أو على التخيير أو على الإبهام لا عهدة فيه للتشوف للحرية ولأنه يتساهل في ثمنه (أو) عبد (مأخوذ عن دين) ثابت ببينة أو إقرار على وجه الصلح لأن تخليص الحق يغتفر فيه مثل هذا وأكثر عادة وللحث على حسن الاقتضاء ولوجوب المناجزة لئلا يكون فيه دين بدين فإن كان عن إنكار أو على غير وجه الصلح بل على وجه البيع ففيه العهدة (أو رد بعيب)

ــ

المصالح به على الإقرار فهو بيع من البيوع تكون فيه العهدة وإنما لم يكن في المصالح به على الإنكار عهدة لأنه أشبه الهبة في حق الدافع ولأنه يقتضي المناجزة لأنه أخذه عن ترك خصومة فلا تجوز فيه عهدة ولو استحق لما رجع بالعوض على حكم البيوع وأما المأخوذ عن دين أو دم فإنما لم تكن في ذلك العهدة لوجوب المناجزة في ذلك اتقاء للدين بالدين اهـ.

منه فما علل به سقوط العهدة في المأخوذ عن دين دليل على إنه لا فرق فيه بين الإنكار والإقرار كما أطلق المصنف وإن ما ذكره من ثبوت العهدة أولًا في المصالح به على إقرار يحمل على الإقرار بمعين كما ذكرناه فتأمله منصفًا (أو مبيع على كمفلس) قول ز فلا يتأتى هنا القيد الخ بل هو متأت هنا والذي يظهر إنه لا بد منه فانظره (أو مأخوذ عن دين) قول ز فإن كان عن إنكار إلى قوله ففيه العهدة الخ فيه نظر وقد تقدم النص عن ابن رشد أن المصالح به على الإنكار لا عهدة فيه (أو رد بعيب) قول ز والإقالة كذلك عند سحنون في أحد قوليه الخ على هذا القول اقتصر ابن رشد ونصه واختلف في العهدة في العبد المستقال منه فقال ابن حبيب وأصبغ فيه العهدة وقال سحنون لا عهدة فيه وهذا عندي إذا انتقد وأما إذا كان لم ينتقد فلا عهدة في ذلك قولًا واحدًا لأنه كالعبد المأخوذ عن دين اهـ.

ص: 280

فلا عهدة فيه للبائع على الراد لأنه حل لا بيع ثانٍ والإقالة كذلك عند سحنون في أحد قوليه والثاني مع ابن حبيب وأصبغ لا تسقط ومحلهما إن انتقد وإلا سقطت اتفاقًا لأنه كالمأخوذ عن دين قاله ابن عرفة (أو ورث) أي إن الورثة إذا اقتسموا التركة وخص بعضهم رقيقًا فلا عهدة فيه على بقية الورثة وكذا لو بيع الرقيق الموروث لأجنبي فلا عهدة فيه وظاهره علم المشتري أنه إرث أم لا وتقدم في العيب القديم أن بيع الوارث بيع براءة إن بين أنه إرث وهذا بالنسبة لما يحدث فلا يساويه في حكمه انظر د (أو وهب) لثواب فلا عهدة للموهوب على الواهب لأنه فعل معروفًا فلا يكلف معروفًا آخر قاله غ فأحرى لغير ثواب (أو اشتراها زوجها) فلا عهدة للزوج المشتري على بائعها له لما بينهما من المودة المقتضية لعدم ردها بما يحدث فيها في ثلاث أو سنة وله ردها بقديم وهذا التعليل يقتضي أن شراءها له كذلك والمعتمد خلافه كما يفيده تخصيص المصنف فلها على بائعه العهدة لحصول المباعدة بينهما بفسخ النكاح ولأن المودة الدائمة توجد في شرائه لها دون شرائها له إذ قد يكون لرفع تحكمه عليها وكونها في عصمته (أو موصي ببيعه من زيد) هو ظاهر حيث اشتراه عالمًا بالوصية وإلا فكيف يضر المشتري لتنفيذ غرض الموصي فيحمل على ذلك انظر د (أو) موصي ببيعه (ممن أحب) الرقيق البيع له فأحب شخصًا فلا عهدة لئلا يفوت غرض الميت (أو) موصي (بشرائه للعتق) وهذا غير قوله أو مشتري للعتق كما هو بين وهذا إذا كان الموصى به معينًا وإلا ففيه العهدة لأنه إذا رد بحادث يشتري غيره فلم يفت غرض الميت (أو مكاتب به) أي وقعت الكتابة به ابتداء فهو غير قوله أو مقاطع به مكاتب (أو المبيع فاسدًا) إذا رد لا عهدة فيه على الراد لفسخه ونص عليه لدفع توهم أن رده بيع مؤتنف يكون به على المشتري العهدة بل لو فات وأخذ قيمته فلا عهدة فإن فات بالثمن وأخذ به عبدًا ففيه العهدة (وسقطتا) أي العهدتان (بكعتق) ناجز وكتابة وتدبير من مشتر حدث منه ذلك (فيهما) أي في زمنهما فلا قيام له بما اطلع عليه بعد العتق ونحوه من عيب حدث قبل انقضاء مدتهما وهو أحد أقوال ابن القاسم واقتصر عليه هنا مع قوله هو وسحنون وأصبغ بالرجوع بقيمة العيب اللخمي وهو أحسن على أنه اشتهر على ألسنة الشيوخ متى وجد قول ابن القاسم وسحنون لا يعدل عنه قاله تت ولما ذكر ما ينقل الضمان في الفاسد والخيار مما ليس فيه حق توفية أردفه بما ينقله في غيرهما مما فيه حق توفية وغيره وبدأ بالأول فقال: (وضمن بائع) مبيعًا (مكيلًا) وغاية ضمانه

ــ

من نوازل سحنون وقال ابن عرفة عن ابن زرقون وحكى فضل عن سحنون كقول أصبغ في الإقالة خلاف قول ابن رشد عنه اهـ.

فثبت له القولان:

تنبيه: وقد وقع في ح بعد ذكر الخلاف المتقدم عن ابن رشد ما نصه وهذا عندي إذا لم ينتقد وأما إذا كان قد انتقد فلا عهدة في ذلك قولًا واحدًا اهـ.

ص: 281

(لقبضه) مبتاعه (بكيل) فيما يكال والباء ظرفية أو للمعية متعلقة بمكيلًا أو بقبضه وأراد بالكيل فعله لا آلته بدلبل قوله: (كموزون ومعدود) فيما يوزن ويعد والمراد أن كل ما قيل أو وزن أو عد من المعقود عليه ولو البعض فضمانه من مبتاعه وليس المراد أن ضمان ذلك يتوقف على كمال كيله أو وزنه أو وعده ولا إن فعل بعض ذلك كان في ضمان الجميع بل كل ما علم بمعياره ضمنه المشتري إذ هو قبض شرعي وإن لم يحصل قبض حسي إلا قربة السقاء إذا تلف فيها الماء بعد عقد البيع عليها وقبل القبض الحسي فمن البائع لكونه على البلاغ كما رواه عيسى عن ابن القاسم أو على الجزاف كما لابن رشد أي شبه الجزاف لا جزاف حقيقة إذ هو مكيال الماء عادة ودخل في قولي كل ما علم بمعياره صورتان إحداهما وزنه وحده ثم تفريغه في جرار المشتري فضمانه منه كما في ابن عرفة ثانيهما وزنه وحده أيضًا دون جرار البائع ثم فرغ فيها ليذهب بها ليفرغها ببيت المشتري فتلفت من البائع فضمانها من المشتري أيضًا لا من البائع ولا يقال الخطأ كالعمد في أموال الناس لأنا نقول البائع حملها على وجه الوكالة عن المشتري فحيث لم يتعمد تلفها لم يضمن ومثل ذلك لو وزن بزقاق البائع كما سمع عيسى بن القاسم على ما في تت في زقاق زيت أي لمعرفة قدر الزقاق بخفتها غالبًا بل ولو وزن بجراره بعد عقد البيع فذهب بها البائع ليفرغها للمشتري ثم يوزن فارغ الجرار ليسقط من الوزن الأصلي كما عندنا بمصر فتلفت من البائع فضمانها من المشتري كما في عج عن سماع عيسى في مشتري سمن يوزنه في جراره فله أي للمشتري بعد وزنه في جراره أي جرار البائع بيعه قبل وزن الجرار إذ لو تلفت كانت مصيبته منه أي من المشتري إذ لم يبق إلا وزن الجرار وذلك ممكن بعد تلف السمن اهـ.

وظاهره ولو تلف من البائع بغير تفريط اهـ.

كلام عج أي لأنه كوكيل عن المشتري وقوله بغير تفريط حال من البائع أي حال كونه البائع تلف منه بغير تفريطه فإن فرط ضمن (والأجرة) للكيل والوزن والعد الذي يحصل به التوفية للمشتري (عليه) أي على البائع لأن التوفية واجبة عليه ولا تحصل إلا بذلك وأجرة الثمن إن كان مكيلًا أو موزونًا أو معدودًا على المشتري لأنه بائعه إلا لعرف أو شرط في المسألتين كذا ينبغي وانظر لو تولى المشتري الكيل أو الوزن أو العد بنفسه هل له طلب البائع بأجرة ذلك أم لا وكذا لو تولى البائع للمشتري عد ثمنه ووزنه فهل له طلب المشتري بأجرة ذلك أم لا (بخلاف الإقالة والتولية والشركة) بعد القبض إذا أقال المشتري أو ولى غيره ما اشتراه أو أشركه فلا أجرة عليه لأنه فعل معروفًا وإنما هي على

ــ

وهو مقلوب ولفظ ابن رشد هو ما تقدم عنه (لقبضه بكيل) الظاهر أن الباء للسببية أو بمعنى بعد متعلقة بقبضه فهو كقول ابن الحاجب والقبض في المكيل بكيل الخ وقول ز ثم تفريغه في جرار المشتري فضمانه منه كما في ابن عرفة الخ فيه نظر بل إذا هلك من يد البائع عند تفريغه

ص: 282

المقال والمولى والمشرك بالفتح (على الأرجح) ولذا لو كان السائل المقيل أو المولى أو المشرك بالكسر فلا أجرة على مجيبه الذي هو بالفتح والأولى أن يقال قوله بخلاف الخ أي فالأجرة على سائل الإقالة والتولية والشركة لا على مسؤولها لأنه فعل معروفًا قال تت ولما كان القرض أصلًا لهذه الثلاثة في أن الأجرة على المقترض وهي مقيسة عليه بجامع المعروف قال (فكالقرض) والفاء سببية وهي مقام لام العلة فكأنه قال لأنها كالقرض ولو أراد التشبيه في مطلق المخالفة لأسقطها والعهدة في الإقالة بعد وقوعها على البائع اهـ.

فمن اقترض أردب قمح مثلًا فأجرة كيله على المقترض وإذا رده فأجرة كيله عليه بلا نزاع ومحل التوهم الأول (واستمر) ضمان ما فيه حق توفية (بمعياره) على البائع حتى يقبضه المشتري أو أجيره أو وكيله من البائع أو أجيره ويدخل في قبضه له ما إذا ناوله البائع للمشتري مملوءًا أي معلوم القدر ليفرغه فسقط منه بعده مسكه قبل تفريغه فإنه من المشتري باتفاق حكاه ابن عرفة عن ابن رشد وناقشه في الاتفاق قاله تت وهو وإن نوقش في الاتفاق فأقل أحواله أن يكون هو المشهور ولا يعارض هذا قوله (ولو تولاه المشتري) لأن معناه تولى كيله أو وزنه أو عده نيابة عن البائع وأما إذا اكتاله أو وزنه أو عده البائع وناوله للمبتاع فقد تم القبض بأخذه وليس نائبًا عن البائع حينئذٍ وأتى بقوله واستمر الخ مع استفادته من قوله وضمن بائع الخ لأجل قوله ولو الخ ولذا جعل بعض الواو للحال والضمير في تولاه لما ذكر من الكيل أو الوزن أو العد فإذا سقط المكيال من يده فهلك ما فيه قبل وصوله إلى غرائره أو إنائه فمصيبته من بائعه على ما رواه يحيى عن ابن القاسم وأشهب عن مالك خلافًا لسحنون وسواء كان المكيال له أو للبائع إلا أن يكون المكيال

ــ

فضمانه منه عند ابن رشد اتفاقًا كما يأتي (فكالقرض) قول ز والعهدة في الإقالة بعد وقوعها على البائع يعني المقيل بالكسر (واستمر بمعياره ولو تولاه المشتري) أعلم أن الصور هنا حاصلها أربع الأولى أن يتولى البائع الوزن مثلًا ثم يأخذ الموزون ليفرغه في ظرف المشتري فيسقط من يده فالمصيبة من البائع اتفاقًا الثانية مثلها ويتولى المشتري التفريغ أي يأخذه من الميزان ليفرغه في ظرفه فيسقط من يده فالمصيبة من المشتري اتفاقًا حكاه ابن رشد فيهما ونازعه ابن عرفة بالنسبة للأولى فقال قلت قوله في هلاكه بيد البائع إنه منه اتفاقًا خلاف حاصل قول المازري واللخمي في كونه من بائعه أو مبتاعه ثالثها أن تولى مبتاعه كيله فمنه اهـ.

وزعم تت وتبعه ز أن ابن عرفة نازع ابن رشد في الثانية وليس كذلك الثالثة أن يتولى المشتري الوزن والتفريغ فيسقط من يده فقال ابن القاسم ومالك المصيبة من البائع لأن المشتري وكيل عن البائع ولم يقبض لنفسه حتى يصل إلى ظرفه وقال سحنون المصيبة منه لأنه قابض لنفسه ولم يجر هذا الخلاف في الثانية لأن البائع لما تولى بنفسه الوزن دل على أن قبض المشتري منه ليفرغ قبض لنفسه الرابعة أن لا يحضر ظرف المشتري ويريد حمل الموزون في ظرف البائع ميزانًا أو جلودًا أو أزيارًا فالضمان من المشتري بمجرد الفراغ من الوزن لأنه قابض لنفسه في ظرف البائع ويجوز له بيعه قبل بلوغه إلى داره لأنه قد وجد

ص: 283

الذي يتصرف فيه المبتاع إلى منزله ليس له إناء غيره فضمان ما فيه من المشتري ولو استعاره من البائع رواه ابن جعفر عن ابن وهب انظر الشارح ولما كان معنى ما قدمه إن قبض المثلى بالكيل عطف على ذلك المعنى قوله (وقبض العقار) الأرض وما اتصل بها من بناء وشجر الموجب لنقل الضمان عن البائع للمبتاع (بالتخلية) بينه وبين المبيع وتمكنه من التصرف فيه بتسليم المفاتيح إن وجدت وإلا اكتفى بالتخلية وإن لم يخل البائع متاعه وفائدة ذلك انتقال ضمان الدار مثلًا للمشتري ولو انهدمت قبل أن يخلي البائع متاعه إلا في دار السكنى فلا تنتقل لضمان المبتاع إلا بإخلائها وانظر لو مكنه من التصرف في غير دار السكنى ومنعه المفاتيح هل يكون ذلك قبضًا أم لا وهو ظاهر كلام الشارح (و) قبض (غيره بالعرف) بين الناس كاحتياز الثوب وتسليم مقود الدابة واعترض ق قول المصنف وقبض العقار الخ بأن بيان كيفية القبض لا يظهر لها فائدة في البيع الصحيح لدخوله في ضمان المشتري بالعقد وإنما تظهر فائدته في الفاسد وفي كل ما يحتاج لحوز كالوقف والهبة والرهن قال فلو أتى خليل بهذا عند قوله وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض لكان أنسب اهـ.

وقد يجاب عنه بأن هذه لما كانت تشبه ما فيه حق توفية اشترط فيها القبض (وضمن) بالبناء للمفعول أي ضمن المشتري ما اشتراه وليس فيه حق توفية ولا عهدة ثلاث (بالعقد) الصحيح كما في الشارح لازمًا أم لا أو اللازم من الجانبين كما في بعض التقارير وفائدة ضمانه بالعقد أن له منعه بعده من البائع في السوق ولو طلب الثوب المبيع مثلًا ليلبسه لبيته ثم يدفعه للمشتري فإن اختلسه البائع المذكور فتلف فمصيبته من المشتري فإن استعاره البائع فتلف فمنه إلا ببينة فمن المشتري وقولي ولا عهدة ثلاث تحرز عما هي فيه فإنما يضمن بعد تمامها فكان الأولى ذكرها مع المستثنيات الآتية وقولي أو اللازم من الجانبين تحرز عن العقد مع فضولي أو عبد أو سفيه أو صغير بغير إذن وليهما أو خيار فإنه إنما يضمن بعد إجازة المالك والسيد الولي ومضى الخيار كما قدمه واستثنوا من ضمان البيع صحيحًا في بعضها بالعقد

ــ

القبض حقيقة فليس فيه بيع الطعام قبل قبضه فعليك بهذا التحرير فإنه زبدة الفقه وقرره بعض شيوخنا (وغيره بالعرف) قول ز وقد يجاب عنه بأن هذه لما كانت تشبه الخ تأمل هذا الجواب الحائد عن الصواب إذ لا وجه لكونها تشبه ما في حق توفية ولأن اشتراط القبض ينافي قول المصنف وضمن بالعقد تأمل (وضمن بالعقد) قول ز لازمًا أم لا واللازم من الجانبين الخ أي فهما تقريران والثاني منهما هو المتعين والأول غير صحيح لأنه إذا كان غير لازم كالبيع بالخيار أو لكونه غير رشيد فالضمان من البائع والملك له كما تقدم في الخيار وقول ز وفائدة ضمانه الخ هذه فائدة الملك لا الضمان وإنما فائدة ضمانه أن الهلاك منه قول ز فإن اختلسه البائع الخ يجب ضبطه مبنيًّا للمفعول وقول ز فإن استعاره البائع الخ صوابه كأن استعاره الخ

ص: 284

خمس مسائل أشار لها بقوله: (لا) السلعة المبيعة (المحبوسة) عند البائع (للثمن) أي لإتيان المشتري بثمنها الحال (أو للإشهاد) من البائع على تسليمها للمبتاع أو على أن ثمنها حال في ذمته ولم يقبضه أو مؤجل (فكالرهن) أي فيضمنها البائع كضمان الرهن من حيث إنه يفرق فيه بين ما يغاب عليه فيضمنه البائع في دعواه تلفه إلا لبينة وبين غيره فلا ضمان عليه في دعوى تلفه إلا أن يظهر كذبه وما ذكره في الثانية مسلم وأما الأولى فعلى المشهور من قولي ابن القاسم وأما قوله الآخر: هو رأي جميع أصحاب مالك أن ضمانها من البائع انظر الشارح ولا يلزم من كونه مشهور قولي ابن القاسم أن يكون هو المشهور في المذهب كما يوهمه قول تت عقب المتن عند ابن القاسم وهو المشهور اهـ.

فكان يقول وهو المشهور من قوليه ومفهوم قوله: المحبوسة للثمن أن المشتري لو تركها عنده على غير قصد الحبس فكالوديعة وتقدم إنه لا فرق في الحبس للإشهاد على الثمن بين كونه حالًا أو مؤجلًا وإنه إنما له حبسها لقبض الثمن الحال لا المؤجل فليس له حبسها إلى أجله فإن تلفت ضمنها مطلقًا وهل ما حل بعد تأجيله كذلك ليس له حبسها لقبضه لأنه رضي بتسليمها دون قبض أو كالحال خلاف وقولي من حيث إنه الخ أي التشبيه بالرهن من هذه الحيثية فقط إذ لو وطئها البائع لم يحد لشبهة ملكه وعليه للمشتري قيمة ولد نشأ عن وطئها وأما لو وطئها المشتري فعله ظاهر بخلاف وطء المرتهن فيحد كما يذكره المصنف في بابه مع قيده وقولي صحيحًا تحرز عن المبيع فاسدًا إذا حبسه للثمن أو للإشهاد فقيل كذلك في التفصيل وقيل من البائع مطلقًا وقيل من المبتاع حكى الثلاثة ابن عمر على الرسالة ولعل الراجح الثاني لأنه لا ينتقل ضمانه إلا بالقبض كما

ــ

بالكاف لأن هذا مثال لما قبله (إلا المحبوسة للثمن أو للأشهاد) فول ز وما ذكره في الثانية مسلم الخ تفريقه بين المسألتين غير ظاهر بل ما جرى في إحداهما يجري في الأخرى لقول ابن بشير وفي معنى احتباسه بالثمن احتباسه حتى يشهد اهـ.

نقله ق وقول ز ولا يلزم من كونه مشهور قولي ابن القاسم الخ ما ذكره تبعًا لعج نحوه في طفى إذ قال ومثل ما في تت وقع في ابن عبد السلام إذ قال المشهور أن المحبوسة للثمن تضمن ضمان الرهبان اهـ.

فقال طفى ولعل ابن عبد السلام أخذ ذلك من قول ابن رشد المشهور من قول ابن القاسم أنه كالرهن وفيه نظر إذ لا يلزم من كونه مشهورًا من قوله أن يكون المشهور كأنه قال المعلوم من قوله فهذا إشارة منه إلى أن الرواية الأخرى غير معلومة من قوله اهـ.

وذكر أيضًا طفى أن المصنف كأنه غره كلام ابن عبد السلام المذكور حتى درج على قول ابن القاسم وخالف مذهب المدونة قلت قال ابن يونس في كتاب الأكرية ما نصه ومن المدونة قال ابن القاسم وكذلك في المبيع يحبسه البائع للثمن فهو منه إلا أن تقوم بينة بهلاكه فيكون كالحيوان أن ضمانه من المبتاع والبيع تام اهـ.

ص: 285

قدمه المصنف وقول تت على الرسالة استثنوا منه أي من المبيع فاسدًا خمس مسائل فيه شيء كما مر بل كان يخطر بالبال إنه لا يتأتى الحبس للثمن أو للإشهاد في مثل هذا لعدم دخول المبيع في ملك المشتري وانظر هل يجري في ضمان ما ذكره المصنف هنا نظير الأقول في يوم الضمان المذكور في باب الرهن من قوله: وهل يوم التلف أو القبض أو الرهن وينزل يوم البيع هنا منزلة يوم الرهن ويوم الحبس منزلة يوم القبض أم لا ثم ظاهر كلامهم إنه لا خيار للمشتري في هذه المسألة فلا يدخل في قوله: وخير المشتري أن غيب (وإلا) المبيع (الغائب) على صفة أو رؤية متقدمة (فبالقبض) أي فإنما ينتقل ضمانه للمشتري بالقبض في فاسد مطلقًا كصحيح غير عقار إلا لشرط ضمانه على المبتاع كعفار بيع مذارعة أو جزافًا وتنازع مع المشتري في أن العقد أدركه سالمًا أم لا لا إن توافقا على السلامة فمن المشتري بالعقد (وإلا المواضعة فبخروجها من) الطهر الذي بيعت فيه إلى (الحيضة) يضمنها المبتاع أو من بمعنى إلى إذ لا يشترط طهرها منها على المعتمد خلافًا لظاهر المصنف والتوضيح والشارح انظر ح والمبيعة فاسدًا كذلك مع قبض بعد رؤية دم أو معها فقد افترق الصحيح والفاسد في هذا كما مر افتراقهما في المحبوسة (وإلا الثمار) المبيعة بيعًا صحيحًا وذلك بعد بدو صلاحها على رؤوس الشجر فيضمنها بائعها (للجائحة) أي إلى وقت أمن الجائحة أي إلا من منها وهو تناهيها كما سيقول وإن تناهت الثمرة فلا جائحة وبما قررنا علم أن اللام بمعنى إلى وإن في الكلام حذف مضاف أو مضافين ومفهوم قوله: للجائحة أن ما يحصل فيها من غير جائحة كغصب إنسان معين لها فمن المبتاع كما في ق فلو قال وإلا الثمار فتضمن الجائحة فيها لا منها لكان جليًّا

ــ

فعزاه للمدونة مقتصرًا عليه وقال أبو الحسن في كتاب التدليس ما نصه ابن يونس قال ابن المواز إنما يختلف قول مالك في هذا إذا لم ينقد فروى أشهب عنه أن ضمان ذلك من البائع إلى أن يدعي المبتاع إلى قبضه وبهذا أخذ أشهب وروى عنه ابن القاسم أن ضمانها من المبتاع وإن كان البائع احتبسها للثمن وبهذا أخذ ابن القاسم وسبب الخلاف أن حقيقة البيع هل هي التقابض أو التعاقد ثم قال ابن يونس بعد توجيه ما لابن القاسم ووجه رواية أشهب أن البائع لم يملكها له ولا تم له بيع حتى يقبض الثمن ثم ذكر عن ابن حبيب وأصبغ مثل ما لابن القاسم اهـ.

فيدل عزوه وتعليله على ترجيح قول ابن القاسم فتأمله وقال القرافي في التقريب في شرح قولها وكذلك في المبيع يحبسه البائع للثمن ما نصه أي حتى يقبض الثمن وفيه قولان المذهب أنه كالرهن في الثمن فهو من المبتاع لأنه في حكم المقبوض ولأنه الممتنع من قبضه بتأخير الثمن وقيل هو من البائع مطلقًا لأنه لم يكن المبتاع منه فليس كالرهن والقولان عن مالك اهـ.

على نقل بعض الشيوخ وما جعله المذهب قال صاحب المفيد هو الأظهر وبه القضاء فانظره فهذا كله يشهد لما قاله ابن عبد السلام واعتمده المصنف والله تعالى أعلم لكن لا يحسن الاستثناء في الصورتين الأوليين على ما درج عليه لأن كون ذلك كالرهن لا يخرجه عن ضمان المشتري إذ البائع إذا ضمنه يضمنه ضمان تهمة (وإلا الثمار للجائحة) قول ز

ص: 286

وضمانها في الفاسد من البائع ما دامت في رؤوس الشجر حتى يجذها المشتري إن كان الفساد لشرائها قبل طيبها فإن اشتريت فاسدًا بعده فضمانها من المبتاع بمجرد العقد لتمكنه من أخذها فننزل منزله القبض ويلغز بها فيقال لنا فاسد يضمن بالعقد (وبدئ المشتري) بالجبر على دفع الثمن النقد (للتنازع) أي عنده مع بائع العرض أو المثلى لأنه في يده كالرهن في الثمن فكلامه في بيع عرض أو مثلي بنقد وإلا لم يجبر واحد منهما على التبدئة ثم إن كانا نقدين مراطله أو صرفًا قيل لهما أن تراخي قبضكما انتقض الصرف والمراطلة وإن كانا مثليين غير ما ذكر تركا حتى يصطلحا فإن ترافعا في شيء من ذلك كله لقاض وكل من يمسك كفة ميزان المراطلة ومن يأخذ عينهما في الصرف فيدفع لكل مناجزة وفي المثليين كذلك لكن لا يضر التأخير انظر ح ولما ذكر أن ما فيه حق توفية إنما يضمنه المشتري بالقبض تكلم على ما يتريب على تلفه وغيره: (والتلف) للمبيع بعقد صحيح منبرم (وقت ضمان البائع) بأن يكون مما فيه حق توفية أو ثمارًا قبل أمن جائحتها مواضعة أو غائبًا (بسماوي) أي بأمر من الله تعالى وثبت أو تصاقًا عليه (يفسخ) العقد فلا يلزم البائع الإتيان بغير المعين المعقود عليه بخلاف تلف المسلم فيه عند إحضاره وقبل قبض المشتري فيلزم مثله لوقوع العقد على ما في الذمة لا على معين وبخلاف المحبوسة للثمن أو للإشهاد لتقدم حكمهما في كلامه فلا يدخلان هنا وبخلاف بيع الخيار لتقدم حكمه في قوله: وإن جنى بائع وإن جنى مشتر وسيذكر إتلاف البائع والمشتري والأجنبي بقوله: وإتلاف المشتري قبض والبائع والأجنبي يوجب الغرم ولعل ناسخ المبيضة أخرهما عن موضعهما إذ موضعهما هنا وبخلاف دعواه التلف بسماوي من غير ثبوته ولا تصادقهما عليه فأشار له بقوله: (وخير المشتري) بتا (إن غيب) بغين معجمة

ــ

ومفهوم قوله للجائحة الخ هذا إنما يفهم من المصنف لو جعلت اللام في قوله للجائحة للتعليل أما إن جعلت بمعنى إلى كما قرره به فلا (والتلف وقت ضمان البائع بسماوي) قول ز فلا يدخلان هنا الخ هو الصواب على ما مشى عليه المصنف فيهما من أن ضمانهما كالرهن فإن الضمان أصالة من المشتري وضمان البائع تهمة كما تقدم فإذا ثبت التلف بسماوي أو تصادقا عليه فهو من المشتري لا من البائع كما يعلم من كونه كالرهن وعلى ما مشى عليه ابن الحاجب من أن المحبوسة للثمن من البائع مطلقًا تكون داخلة هنا وعلى ذلك قرره في ضيح (وخير المشتري إن غيب) لا تدخل أيضًا هنا المحبوسة للثمن أصلًا على ما درج عليه المصنف أنها كالرهن إذ لا تخيير للمشتري فيها وإنما له القيمة بلغت ما بلغت كما تقدم لأن الضمان منه فلا موجب لتخييره فإدخال س ومن تبعه لها هنا غير ظاهر قاله طفى وقول ز وقول الشارح وتبعه تت الخ فيه نظر ما فيهما مثله في ضيح وابن عبد السلام وهو الذي يفهم من كلام ابن رشد وما للمصنف في السلم طريقة أبي محمد نعم لو قال ز الأولى أن يقولا بعد نكوله ليتوافق المحلان لا أن ما فيهما غير صواب ولا سيما أن لهما سلفًا في تقريرهما كما علمت ثم إن ما في السلم من التخيير فيما وضع للتوثق جار على قول مالك أن

ص: 287

البائع المبيع أي أخفاه وادعى هلاكه ولم يصدقه المشتري ونكل البائع عن اليمين فيخير المشتري وبين الفسخ لعدم تمكنه من قبض المبيع وبين تمسكه وطلبه للبائع بمثله أو قيمته إلا أن يحلف فليس إلا الفسخ كما يأتي في قوله في السلم ومنك أن لم تقم بينة ووضع للتوثق ونقض السلم وحلف والأخير الآخر وقول الشارح وتبعه تت يخير بعد يمين البائع

ــ

الضمان في المحبوسة للثمن من البائع أصالة ولذا ثبت الخيار للمشتري وهو أحد قولين في المدونة كما تقدم وعلى هذا القول يدخل في قوله والتلف وقت ضمان البائع بسماوي يفسخ فتأمل ما قلناه في هذا المحل مما لم نسبق إليه وشد يدك عليه إذ لم نر من حققه من الشراح اهـ.

من طفى بخ وما ذكره من أن تخيير المشتري في المحبوسة للثمن بين الفسخ وطلب القيمة إنما يجري على قول مالك فيها أن الضمان من البائع أصالة وأن ما في السلم جار عليه وأنها لا تدخل هنالك فذلك كله فيه نظر بل صرح ابن رشد في سماع سحنون من جامع البيوع بأن تخيير المشتري بين الفسخ والقيمة يجري أيضًا على قول ابن القاسم أن ضمانها كالرهن وعليه فتدخل المحبوسة للثمن هنا في قوله وخير المشتري إن غيب وعليه يجري ما يأتي في السلم ويتوافق المحلان ونص كلام ابن رشد الذي يتحصل في تلف السلعة المحبوسة للثمن إن قامت بينة على تلفها قولان:

أحدهما: أن مصيبتها من البائع وينفسخ البيع.

والثاني: أن مصيبتها من المشتري ويلزمه الثمن وإن لم تقم بينة على تلفها أربعة أقوال:

أحدها: أن البائع مصدق مع يمينه على ما ادعاه من تلفها كانت قيمتها مثل الثمن أو أقل أو أكثر ويفسخ البيع وهو قول سحنون.

والثاني: أنه يصدق مع يمينه في ذلك ويفسخ البيع إلا أن تكون قيمتها أكثر من الثمن فلا يصدق إلا أن يصدقه المبتاع ويكون بالخيار بين أن يصدقه فيفسخ البيع أو يضمنه القيمة ويثبت البيع وهو قول ابن القاسم وهذان القولان على قياس القول بأن المصيبة من البائع ويفسخ البيع إذا قامت البينة على التلف.

والثالث: أن البائع يصدق مع يمينه لقد تلفت ويلزمه قيمتها كانت أقل من الثمن أو أكثر ويثبت البيع وهو الذي يأتي على المشهور من قول ابن القاسم في أن السلعة المحبوسة للثمن حكمها حكم الرهن والرابع أن البائع مصدق مع يمينه لقد تلفت ويلزمه قيمتها إلا أن تكون قيمتها أقل من الثمن فلا يصدق في ذلك لأنه يتهم في أن يدفع القيمة ويأخذ الثمن وهو الأكثر إلا أن يصدقه المبتاع على هذا بالخيار بين أن يصدقه فيأخذ منه القيمة ويدفع إليه الثمن وإن كان أكثر وبين أن لا يصدقه وينقض البيع وهذان القولان الثالث والرابع على قياس القول بأن مصيبة السلعة المحبوسة بالثمن من المبتاع إذا قامت البينة على تلفها على حكم الرهن اهـ.

منه بلفظه ونقله في ضيح وابن عرفة وتبين لك بقوله وهذان القولان الثالث والرابع أن تخيير المشتري بين الفسخ وأخذ القيمة مع عدم البينة يجري على القول بأن ضمان المحبوسة كالرهن الذي مشى عليه المصنف كما يجري على مقابله وأن المحبوسة يصح أن تدخل هنا

ص: 288

صوابه بعد نكول البائع (أو عيب) بعين مهملة فيخير المشتري بين الرد والتماسك بغير أرش في الخطأ ومعه في العمد كما ذكره صر وهذا يخصص قولهم الحادث بعد العقد في ضمان البائع بمنزلة القديم فإن تماسك المشتري فلا شيء له في تعييبه عمدًا لأنه كأنه مدخول عليه فيخص منه هذا لأنه أن تماسك أخذ أرش التعييب العمد فإن عيب البائع أو عيب عمدًا أو خطأ وقت ضمان المشتري ولو قبل قبضه على المعتمد فكأجنبي يضمن عوض المبيع في الأول وأرشه في الثاني ولا يتأتى خيار للمشتري حينئذٍ وقولي بتا تحرز عما إذا غيب البائع المبيع على خيار للمشتري وادعى ضياعه فإنه يضمن الثمن كما قدمه بقوله: وكغيبة بائع والخيار لغيره وإنما خير المشتري هنا مع إن السلعة في المسألتين في ضمان البائع لأن العقد هنا منبرم فتعلق المشتري أقوى لكون السلعة على ملكه وما تقدم كانت على ملك البائع ووجه كونه له الرد هنا إن السلعة في ضمان البائع (أو استحق) من مبيع في ضمان بائع أو مشتر جزء (شائع وإن قل) فيخير المشتري بين التماسك بالباقي فيرجع بحصة المستحق وبين الرد فيرجع بجميع ثمنه أن كثر المستحق كثلث أو أكثر مطلقًا أي انقسم أم لا متخذ الغلة أم لا كان أقل عن ثلث إن لم ينقسم كحيوان وشجر ولم يتخذ لغلة فإن انقسم أو كان متخذ الغلة منقسمًا أم لا فلا خيار له بل يلزمه الباقي بحصته من الثمن فالصور ثمان وعلم إنه يفيد قوله: قل الذي هو المبالغ عليه بغير المنقسم وغير متخذ لغلة فإن انقسم أو اتخذ لها منقسمًا أو غيره لم يخبر بل يلزمه الباقي القليل بحصته من الثمن قال تت واحترز بشائع عن استحقاق لمعين فيحرم التمسك بباقيه للجهل بالثمن اهـ.

ــ

وأن مسألة السلم الآتية تجري على ما هنا أيضًا لكن التخيير في كلام ابن رشد بين يمين البائع والمصنف فيما يأتي ذكر أنه بعد نكوله على طريقة ابن أبي زيد كما تقدم ونقلهما عنه ابن يونس ونقله ق والله تعالى أعلم وقد أجرى ابن يونس في كتاب الأكرية مسألة السلم الآتية على حكم ضمان الرهن وذكر فيها تخيير المشتري بعد نكول البائع بين الفسخ والقيمة كما ذكره المصنف فيما يأتي (أو عيب) طفى ينبغي أن يتعين أن يقرأ عيب بالبناء للمجهول أي خير المشتري أن تعيب بسماوي زمان ضمان البائع وهكذا فرض المسألة في الجواهر وابن الحاجب وابن عرفة وتقريره على كون البائع عيبه يوجب التناقض مع ما يأتي من قوله وكذلك تعييبه أي يوجب غرم الأرش ويفوت الكلام على العيب السماوي وبحث الناصر اللقاني مع ضيح بمثل هذا ثم قال إلا أن يقال لا تنافي بين الخيار والغرم لأنه يغرم الأرش إن اختار المشتري التمسك لكن هذا يظهر إن كان التعييب عمدًا وإن كان خطأً فينبغي أن يكون كالسماوي ويخير المشتري أن يرد ويأخذ الثمن أو يتماسك ولا شيء له اهـ.

فجزم ز بتوفيق الناصر وقرر به كلام المصنف هنا مع أن طفى اعترضه فقال توفيقه بين الخيار والغرم يحتاج لنقل يعضده لأن ظاهر كلامهم الغرم بلا تخيير اهـ.

وقول ز فلا شيء له في تعييبه عمدًا الخ الصواب إسقاط قوله في تعييبه عمدًا وإلا كان فيه إخراج الشيء من نفسه (أو استحق شائع وإن قل) قول ز بل يلزمه الباقي القليل الخ صوابه

ص: 289

وتقدم نحوه للمصنف مع تقييده بمعين بدليل قوله: هنا شائع والكثير في المثلى والدار الواحدة الثلث وفيما تعدد من الدور ما زاد على النصف كالحيوان والعروض والنصف في الأرض كثير (وتلف بعضه) أي المبيع وهو في ضمان البائع (أو استحقاقه) أي البعض المعين كان في ضمان البائع أم لا (كعيب به) فينظر في الباقي بعد التلف أو الاستحقاق فإن كان أكثر من النصف لزم الباقي بنسبته من الثمن أن تعدد المبيع فإن اتحد خير المبتاع كما قدمه بقوله: وبما العادة السلامة منه كما إنه يخير إن كان النصف فله التمسك به بنسبته من الثمن (و) إن كان أقل (حرم التمسك بالأقل) لأن البيع قد اختل بتلف جله أو استحقاقه وتمسك المشتري بباقيه كإنشاء عقده بثمن مجهول إذ لا يعلم نسبة الجزء الباقي إلا بعد تقويم أجزاء المبيع على الانفراد ونسبة كل واحد من تلك الأجزاء المعينة لمجموع الصفقة قاله تت وقلنا في استحقاقه أي البعض المعين لأنه قدم الشائع وإنما لم أقيد تلفه كما فعل تت بمثل ذلك وكذا كعيب به لأن البعض التالف والبعض المعيب لا يكون كل منهما إلا معينًا ويجاب عن تكرار قوله: وحرم التمسك بالأقل مع قوله: فيما تقدم ولا يجوز التمسك بأقل استحق أكثره بقصوره على الاستحقاق كما هو لفظه وما هنا عام فيما استحق أو تلف أو تعيب أكثره وللتنبيه على قوله: (إلا المثلى) فلا يحرم التمسك بالأقل وقول الشارح فيلزم التمسك صوابه فلا يحرم التمسك بالأقل بل يخير والتخيير مختلف ففي الاستحقاق والتلف يخير بين الفسخ والتمسك بالباقي بحصته من الثمن وفي التعييب يخير بين الفسخ فيرد الجميع وبين التمسك بجميع المبيع لا بالسليم فقط بما ينوبه من الثمن لأن من حجة البائع أن يقول أبيعه يحمل بعضه بعضًا يفيده قول المصنف فيما يأتي وليس للمشتري التزامه بحصته مطلقًا.

ــ

الغير القليل وقول ز فيحرم التمسك بباقيه الخ يعني إذا كان المستحق وجه الصفقة كما تقدم (وتلف بعضه أو استحقاقه الخ) قول ز فإن كان أكثر من النصف الخ هكذا في عبارة ضيح وابن عرفة والصواب كما يعلم مما تقدم أن يقول فإن كان الباقي النصف فأكثر لزم بحصته الخ لأن بقاء النصف كبقاء الجل فيلزم المشتري وقد صرح به اللقاني وقول ز ويجاب عن تكرار قوله الخ يجاب عنه أيضًا كما في ابن عاشر بأن ما هنا مفروض كله فيما يعرض حال ضمان البائع وذلك مفروض فيما يعرض بعد انتقال الضمان قال نعم قد يستغنى عن هذا بجعل التشبيه تامًّا لقوله في العيب إلا أن يكون الأكثر ويجاب بأنه كرره ليرتب عليه الاستثناء اهـ.

(إلا المثلى) قول ز في التعييب يخير بين الفسخ الخ يدل على هذا قول المصنف بعد وليس للمشتري التزامه بحصته ثم هذا التخيير هو الثابت في المقوم إذا وجد العيب بأكثره وبقي الأقل كما مر في قوله إلا أن يكون الأكثر وحينئذٍ فيتحد في العيب حكم المستثنى والمستثنى منه وهو لا يصح فالصواب رجوع الاستثناء للتلف والاستحقاق فقط ويدل عليه عبارة ابن الحاجب إذ قال بخلاف المثلى فيهما فقال في ضيح أي في التلف والاستحقاق فيخير المشتري في الأقل الباقي وفي الفسخ اهـ.

ص: 290

تنبيه: تقدم إن الثلث في الدار الواحدة كثير فلا يتمسك بباقيها في الاستحقاق والفرق بينه وبين ما مر في عيبها المتوسط في أنه يأخذ الأرش واختلفوا في قدره كما مر أن ضرره محقق في الاستحقاق لو شارك المستحق بخلاف عيبها فإنه يأخذ أرشها ويصلحها به ويستقل بها.

تتمة: الإجارة لبيع في التفصيل السابق كما في المدونة وينبغي أن ما شابههما مثلهما كالجعل لا كالصرف وتقدم بيان الاستحقاق فيه وليس الغصب والعطش في الإجارة من باب الجائحة بل من باب الاستحقاق وهو مما ينبغي التفطن له ولما قسم ابن رشد العيب الموجود في الطعام المثلى وما في معناه من مكيل كحناء وكتان وعصفر وموزون ومعدود بيع المكيل كيلاف أو جزافًا خمسة أقسام استوفاها المصنف باختصار وأشار لأولها بقوله: (ولا كلام لواجد) عيبًا (في) مثلى ونحوه (قليل) وهو ما لا يزيد عن المعتاد مما (لا ينفك) عنه بأن تقول أهل المعرفة أنه من غير أمر طارئ عليه (كقاع) لبيت طعام أو أندر به بلل يسير فلا يحط عنه شيء من الثمن ولثانيها وثالثها بقوله: (وإن انفك) العيب القليل عنه ولا خطب له كابتلال بعضه بمطر أو ندا أوله خطب كالربع وهو ثالثها والمراد به ما دون الثلث (فللبائع التزام الربع) المعيب (بحصته) من الثمن وإلزام المشتري السالم بما ينوبه من الثمن وفي بعض النسخ فللبائع إلزام الربع بحصته وهي على حذف مضاف لتوافق الأولى أي ذي الربع المعيب بحصته أي إلزامه للمشتري الثلاثة الأرباع السالمة وأشار للرابع والخاص بقوله: (لا أكثر) من الربع بالمعنى المتقدم بأن يكون ثلثًا فما فوق فليس للبائع الزام المشتري بالسالم بحصته ويلتزم المعيب لنفسه (وليس للمشتري التزامه) أي السالم بحصته وردّ المعيب للبائع (مطلقًا) في الأقسام الأربعة لأن من حجة البائع أن يقول أبيعه يحمل بعضه بعضًا نعم له التزام السالم والمعيب بجميع الثمن كما أشعر به قوله: بحصته وكذا التزام السالم بجميع الثمن ورد المعيب فيما يظهر وفي بعض التقارير منع ذلك للحوق المعرة للبائع وفيه شيء وما تقدم من أن واجد بالجيم هو كذلك

ــ

وقول ز في التنبيه فلا يتمسك بباقيها في الاستحقاق الخ غير صحيح كما يدل عليه ما قدمه قبله (ولا كلام لواجد في قليل لا ينفك الخ) أشار المصنف إلى الأقسام الخمسة التي ذكرها ابن رشد في العيب الموجود في المثلى طعامًا كان أو غيره وقد نقل كلامه غ وغيره قال في تكميل التقييد بعد نقل كلام ابن رشد وإذا اقتصرنا على المشهور في أقسام ابن رشد رجعت الخمسة إلى ثلاث لاستواء حكم الثاني والثالث وحكم الرابع والخامس وقد جمعت هذه الثلاثة في ثلاثة أبيات من الرجز تقريبًا للحفظ فقلت:

عن ابن رشد الرضا المرضي

ألغ معيب العرف في المثلى

وسقصن للشار لا للمشتري

في الربع فالدون على المشتهر

والثلث والنصف امنعن كالجل

تشقيصها إلا بوفق الكل

ص: 291

في نسخ وفي البساطي بالحاء المهملة أي لا كلام لواحد منهما ومعناهما واحد لأنه إذا لم يكن لواجده المشتري كلام فالبائع كذلك وفي بعض النسخ موضع التزامه إلزامه أي الزام البائع بالمعيب ويأخذ السالم (و) إذا كان المبيع مقومًا متعددًا كعشرة شياه بمائة وسمو الكل شاة عشرة فاستحق منها بعضها أو ظهر معيبًا وليس وجه الصفقة ووجب التمسك بباقي الصفقة بما يخصه من الثمن (رجع) في كل ذلك (للقيمة) ونسبت للثمن فما خرج فهو للمشتري فإذا وجدت قيمة البعض المستحق أو المعيب عشرين فنسبتها للثمن الخمس فيرجع بخمس الثمن وهكذا (لا للتسمية) التي سموها عند العقد لكل سلعة لجواز اختلاف الأفراد بالجودة والرداءة لأنه لما اشتراها مجتمعة فقد يسمى لبعضها عشرة وهي تساوي أقل ويغتفر ذلك الزائد لكون غيره يساوي أكثر مما سمى له (وصح) البيع أن شرطا الرجوع للقيمة بل (ولو سكتا) عند العقد عن بيان الرجوع لها أو للتسمية ويرجع للقيمة (لا أن شرط الرجوع لها) أي للتسمية فلا يصح البيع أن اختلف مع القيمة والأصح فهذه المسألة من تتمة قوله: سابقًا وردّ بعض المبيع بحصته ورجع للقيمة إن كان الثمن سلعة والقيمة هناك قيمة السلعة المرجوع فيها وهنا المرجوع بها ولما قدم إن التلف وقت ضمان البائع بسماوي يفسخ تكلم على ما إذا من مشتر أو بائع أو أجنبي ولو قدمه عند المتقدم كان أولى كما مرت الإشارة إليه فقال (وإتلاف المشتري) لمبيع على البت وقت ضمان البائع (قبض) لما أتلفه مقومًا أو مثليًّا فيلزمه ثمنه سواء كان في كل المبيع أو بعضه ولو أكثره وليس له في إتلافه أكثره التمسك بما بقي بحصته من الثمن لأنه تمسك بثمن مجهول وأما تمسكه به وبالباقي بجميع الثمن فلا شك في جوازه وقيدت بالبت لأن المبيع على الخيار قدمه بقوله: وإن جنى بائع الخل (و) إتلاف (البائع) لمبيع على البت وهو في ضمانه أو ضمان المبتاع (و) إتلاف (الأجنبي) ليست بضمان بائع أو مشتر (يوجب الغرم)

ــ

(ورجع للقيمة لا للتسمية) قول ز فنسبتها للثمن الخمس الخ فيه نظر فإن قيمة المعيب أو المستحق لا تنسب إلى الثمن بل تنسب إلى قيمة المجموع على أنه سالم ثم يقع الرجوع بتلك النسبة من الثمن فإذا قوم مجموع الغنم بمائة وعشرين وقوم البعض المستحق بعشرين كانت نسبة العشرين إلى قيمة المجموع السدس فيرجع عليه بسدس الثمن وهكذا إن كانت قيمة المجموع مثل الثمن أو أقل ومثل ما ذكرناه في خش وهو صواب (وإتلاف المشتري قبض) قول ز وليس له في إتلافه أكثره التمسك الخ لا معنى لهذا الكلام فالصواب إسقاطه لأنه إنما أتلف ما في ملكه تأمله (والبائع والأجنبي يوجب الغرم) قيد خش تبعًا لتت غرم البائع بأن يختار المشتري الإمضاء أي وله اختيار الفسخ ولا سلف لهما في تخيير المشتري بل كلام المدونة صريح في خلافه ففيها في كتاب الاستحقاق ما نصه ومن ابتاع من رجل طعامًا بعينه ففارقه قبل أن يكتاله فتعدى البائع على الطعام فعليه أن يأتي بطعام مثله ولا خيار للمبتاع في أخذ دنانيره ولو هلك الطعام بأمر من الله سبحانه وتعالى انتقض البيع وليس للبائع أن يعطي طعامًا مثله ولا ذلك عليه اهـ.

ص: 292

على كل لقيمة مقوم ومثل مثلى لمن الضمان منه من بائع أو مشتر (وكذلك إتلافه) أي من ذكر وأراد إتلاف بعضه بمعنى تعييبه لتضمنه إتلاف بعضه ولو قال تعييبه لكان أصرح فليس مكررًا مع ما قبله لأنه في إتلاف جميع المبيع وهذا في بعضه فتعيب المشتري قبض له وتعييب الأجنبي مطلقًا والبائع ما في ضمان المبتاع يوجب غرم أرش العيب عمدًا أو خطأ من كل فلا خيار للمشتري لأن البائع كاجنبي وأما تعييب البائع عمدًا أو خطأ ما في ضمانه فيخير المشتري كما قدمه بقوله: وخير المشتري أن غيب أو عيب ففي العمد بين التماسك والرجوع بأرش العيب وبين الردّ وفي الخطأ بين الردّ وبين التماسك ولا رجوع له بأرش كما مر فيما إذا تعيب بسماوي وقت ضمان البائع هذا ما عليه صر قائلًا إنه الذي ينبغي اعتماده أي هنا خلافًا لما في الشارح من أنه تماسك في الخطأ أخذ أرش القديم ولصر كتابة أخرى توافق الشارح وعليها اقتصر بعض الشراح في نقله عن صر ولم ينقل الأولى (وإن أهلك) عمدًا (بائع صبرة) من مثلى طعام أو غيره كحناء وكتان وعصفر بيعت (على الكيل) أو الوزن أو العد بأن قال للمشتري أبيعك هذه الصبرة كل صاع أو كل أردب بكذا وكان إهلاكه لها قبل معرفة قدرها (فالمثل) لازم له (تحريا) لما فيها من الصيعان أو الأرادب (ليوفيه) للمشتري (ولا خيار لك) يا مشتري في ردّ البيع والتماسك وأخذ القيمة ولو مع رضا البائع لأنه يؤدي لبيع الطعام قبل قبضه لأنه لما وجب له المثل باعه قبل أن يقبضه وأما لو وقع البيع على آصع من صبرة أي ثم أهلكها فيلزمه عدد تلك الآصع في ذمته قاله د وأراد آصعًا معينة بدليل قوله: فيلزمه عدد الخ وبهذا لا يخالف قول المصنف

ــ

(وكذلك إتلافه) ابن عاشر الذي في ابن الحاجب وكذلك تعييبه وكذا في نسخ ابن مرزوق ثم قال والظاهر أن قوله وكذلك إتلافه تصحيف صوابه ما في ابن الحاجب وكذلك تعييبه فقال في ضيح أي تعييب المبيع كإتلافه فيفصل فيه بين البائع والمشتري والأجنبي كما تقدم اهـ.

وما في خش من أنه في تعييب المشتري يقوم سالمًا ومعيبًا الخ يخالف ذلك ولم أر من قاله وانظر هل يصح حمله على ما إذا كان التعييب من المشتري خطأ (وإن أهلك بائع صبرة الخ) قال تت فهم منه أنه لو أهلكها المشتري لكان ذلك قبضًا فاللازم فيها قيمتها لقول ابن الحاجب وإتلاف المشتري والأجنبي الطعام المجهول قبل كيله يوجب القيمة لا المثل اهـ.

قال في ضيح وقد تبع المصنف في هذا أي في لزوم القيمة ابن بشير وفصل المازري فجعل هذا في الأجنبي فقط وأما المشتري فقالوا يعد إتلافه قبضًا لما يتحرى فيه من المكيلة اهـ.

وفي ابن عرفة اللخمي عن المذهب من أتلف طعامًا ابتاعه على الكيل قبل كيله وعرف كيله فهو قبض له وإن لم يعرف كيله فالقدر الذي يقال إنه كان فيها إن قيل قفيز غرم ثمنه ومثله للمازري فقول ابن الحاجب إتلاف المشتري الطعام المجهول قبل كيله يوجب القيمة لا المثل ولا يفسخ على الأصح وقبول ابن عبد السلام نقله إيجاب القيمة وهم وتعقبه عليه مقابل الأصح صواب اهـ.

ص: 293

لا منها وأريد البعض وعلم مما قررنا أنه لا مفهوم لقوله: على الكيل وأشعر قوله: أهلك أن هلاكها قبل الكيل لو كان بأمر سماوي لكانت من البائع وانتقض وهو كذلك كما قدمه بقوله: والتلف وقت ضمان البائع بسماوي يفسخ ومثله الخطأ فيما يظهر من تعبير المصنف بأهلك كالمدونة وجعله الشيخ سالم كالعمد أي فيغرم المثل تحريًا لأنه كالخطأ في أموال الناس قال في الذخيرة فإن جهل هل كان الهلاك من سماوي أو من متلف فقال ابن القاسم لا يصدق وعليه أن يوفي ما باع وإن أهلكها المشتري وعرفت مكيلتها غرم الثمن فإن جهلت لزمه تحريًا اهـ.

(أو) أهلك (أجنبي) عمدًا قبل معرفة قيل الصبرة (فالقيمة) يوم التلف لازمة له (إن جهلت المكيلة) ولا يلزمه المثل إذ الجزاف مقوم والفرق بين الأجنبي والبائع أنا لو غرمنا الأجنبي المثل لكان مزابنة لأنها بيع مجهول بمعلوم من جنسه والغالب على البائع علم مكيلة ما باعه فإن عرفت فمثلها (ثم) إذا غرم القيمة للبائع (اشترى البائع) بها أو ببعضها (ما يوفي) قدر تحري ما فيها من الصيعان (فإن فضل) شيء من القيمة لحصول رخص (فللبائع) إذ لا ظلم على المشتري إذا أخذه مثل ما اشترى ولأنه كما في الشيخ سالم لما كان عليه أي البائع التوى أي بمثناة فوقية أي الهلاك أي قيمته كان له النماء (وإن نقص) ما اشترى بالقيمة عن قدر تحري ما فيها من الصيعان لحصول غلاء (فكالاستحقاق) فإن كثر النقص أي كان الثلث فما فوقه فللمشتري الفسخ والتماسك بما يخص ذلك من الثمن وإن نقص عن الثلث سقط عنه حصته من الثمن وفهم من قوله اشترى البائع أنه هو الذي يتولى الشراء وهو كذلك ابن أبي زمنين وهو الذي عليه لفظ الكتاب وقيل المشتري وقيل الحاكم لأنه الملزم لذلك أو نائبه انظر الشارح فإن أعدم الأجنبي أو فقد فعلى البائع المثل فإن أعدم أيضًا ابتع أو لهما يسارًا واحترزت بقولي عمدًا عن إهلاك الأجنبي لها خطأ فليس للمشتري رجوع بما يوفي إذا رجع البائع على المخطئ بالقيمة أو المثل ولما كان المذهب جواز تصرف المشتري فيما اشتراه بكل وجه من الوجوه التصرفات نبه على تصرفه بعوض فبغيره أخرى بقوله: (وجاز) لمشتر وموهوب شيئًا (البيع قبل القبض) له من بائعه أو واهبه (إلا مطلق طعام المعاوضة) في مقابلة شيء وأراد بمطلقه ربويًّا كقمح

ــ

(وإن نقص فكالاستحقاق) قول ز فإن أعدم الأجنبي أو فقد فعلى البائع المثل الخ مثله في خش وهو غير صحيح كما يفيده قول المصنف وإن نقض فكالاستحقاق والحكم أن لا غرم على البائع والمشتري يخير بين فسخ البيع وعدم الفسخ فينظر للأجنبي قال ابن عرفة قال التونسي ولو لم يوجد التعدي لكان للمبتاع الخاصمة في فسخ البيع عنه لضرره بتأخره لوجود المتعدي اهـ.

المازري وكذلك لو كان المتعدي معسرًا لكان للمبتاع الفسخ أو التأخير كعيب وجده ولو تطوع البائع بما لزم المتعدي ارتفع خيار المشتري اهـ.

والله تعالى أعلم (إلا مطلق طعام المعاوضة) ورد النهي عن ذلك في الموطأ والبخاري

ص: 294

وشعير وغيره كتفاح ورمان وكل فاكهة فيمنع بيعه قبل قبضه وصابط منع بيع الطعام قبل قبضه أن يتوالى فيه عقدتا بيع لم يتحللهما قبض وبالغ على ما فيه معاوضة بقوله (ولو) كان طعام المعاوضة (كرزق قاض) لأن حكمه بمنزلة العوض خلافًا للقول بجوازه لأنه عن فعل غير محصور فأشبه العطية وبما قررناه علم أن المراد برزقه هنا خصوص الطعام لا مطلق ما ينتفع به والكاف مزحلقة عن محلها إذ الأصل ولو رزق أي طعام كقاض ودخل بها من هوق قائم بمصالح المسلمين كأئمة المساجد والمؤذنين وأصحاب السوق أي مشايخه والقسام والكتاب والجند ممن جعل لهم ذلك في بيت المال كما في تت وكذا العلماء إن جعل لهم ذلك في مقابلة تعليمهم للناس لا على وجه الصدقة ولا من اشترى علوفة بشون حيث كان من أهل الصدقة إذ الأصل أن السلطان وضعها للصدقة وأخذ الثمن من المشتري تعد فيجوز بيع كل قبل قبضه فإن لم يكن من أهل الصدقة لم يجز له البيع قبل القبض كما لا يجوز له أصل الشراء قرره عج ودخل بالكاف أيضًا طعام جعل صداقًا أو خلعًا فيمنع بيعه قبل قبضه لا مأخوذ عن مستهلك عمدًا أو خطأ فيجوز بيعه قبل قبضه والظاهر أن المثلى المبيع فاسد إذا فات ووجب مثله ليس بمنزلة ما أخذ عن متلف لأن صار بمنزلة ما بيع صحيحًا ومنع بيع الطعام قبل قبضه إنما هو حيث (أخذ) أي بيع (بكيل) أو وزن أو عدد لا جزافًا فيجوز بيعه قبل قبضه على الأصح لأن الجزاف مقبوض بنفس العقد فليس فيه حق توفية فليس فيه توالي عقدتي بيع لم يتخللهما قبض فقوله أخذ إما حال من طعام أو صفة له والمعنى أن الطعام المنهي عن بيعه قبل قبضه هو ما أخذ بكيل وعطف على محل المبالغة قوله: (أو) أي ولو كان الطعام (كلبن شاة) أي لبن كشاة

ــ

ومسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله قال في ضيح والصحيح عند أهل المذهب أن منع بيع الطعام قبل قبضه تعبد وقيل معقول المعنى لأن أهل العينة كانوا يتوصلون إلى الفساد ببيعه قبل قبضه فنهى عن ذلك سدًّا للذريعة وقيل لكون الشرع له غرض في ظهوره فلو أجيز لباعه أهل الأموال بعضهم من بعض من غير ظهور بخلاف ما إذا منع من ذلك فإنه ينتفع به الكيال والحمال ويظهر للفقراء وتقوى به قلوب الناس سيما في زمن مسبغة أو شدة اهـ.

تنبيه: قال ابن عرفة والمواعدة على الطعام قبل قبضه كالمواعدة على النكاح في العدة والتعريض في بيع الطعام قبل قبضه كالتعريض في نكاح المعتدة اهـ.

(ولو كرزق قاض) قول ز ولا من اشترى علوفة بشون الخ هي خراج من الطعام حبسه السلطان على ذي صفة يستحقه من يسكنها ثم يشتري أجنبي رفع اليد ممن فيها عنه بدراهم مثلًا فللمشتري بيعه قبل قبضه لأنه في الأصل صدقة وقول ز ليس بمنزلة ما أخذ عن متلف الخ فيه نظر بل هو كالمأخوذ عن متلف لأن لزوم المثل فسخ للفاسد لا إمضاء تأمل ما تقدم (أو كلبن شاة) حمله تت وتبعه ز وخش على الواحدة لقولهم لبن شاة أو شياه كما هو ظاهر

ص: 295

أو بقرة أن ناقة فالكاف داخلة على شاة عملًا بقاعدة المصنف من إدخالها على المضاف وإرادة المضاف إليه كقوله وكطين مطر فيمنع بيعه قبل قبضه لأنه يشبه الطعام المكيل على المشهور عند ابن القاسم نظرًا إلى كونه في ضمان البائع وأجازه أشهب نظرًا إلى كونه جزافًا ومثله شراء ثمر حائط غائب على الصفة جزافًا فيمنع بيعه قبل قبضه قال غ هذا العطف يؤدي للتشتيت في الكلام ويفوت معه التنبيه على مناسبتها في الضمان المذكور ثم قال هو عطف على أخذ بكيل أي أو كان كلبن شاة وهو مناسب لاجتماعهما في كونهما في ضمان البائع قبل القبض اهـ.

وسيأتي في السلم جواز بيع لبن شاة أو شياه بالمدة إذا علم قدر ما تحلب تحريًا وإنما يجوز إذا كانت معينة وإن تكثر كالعشرة لا ما يفعله الفلاحون ويسمونه الضمان فإنه فاسد فيرجع مالك البهيمة بمثل اللبن إن علم قدره وإلا فبقيمته وقت قبضه ويرجع عليه الآخذ بكلفة البهيمة كما أفتى به الوالد ولما كان لا بد في جواز بيع الطعام من قبض قوي لا ضعيف فلا يكفي أشار للضعيف بقوله: (ولم يقبض من نفسه لنفسه) كما إذا وكل على شراء طعام فاشتراه وصار بيده أو على بيعه فقبضه من الموكل ليبيعه فيمنع في الصورتين أن يبيعه لنفسه ولو أذن له موكله ويمنع أيضًا أن يقبضه لنفسه في دين له على موكله ولو بإذنه لأنه في كلا وجهي بيعه لنفسه وقبضه في دينه يقبض في نفسه لنفسه وليس ممن يتولى الطرفين فقبضه كلا قبض فهذه أربع صور ممتنعة ثنتان في وكيل البيع وثنتان في وكيل الشراء فإن قلت قد جعل علة المنع فيها قبضه من نفسه لنفسه وليس هو من يتولى

ــ

المصنف وهو غير صحيح ولذا قال ق ولو قال لبن شياه لكان أصوب قال طفى لأن الحكم يمنع البيع قبل القبض فرع كون العقد المشترط فيه القبض جائزًا واشتراء لبن شاة جزافًا أو شاتين جزافًا غير جائز إنما يجوز في العدد الكثير كالعشرة كما في المدونة إلا أن يراد بالشاة الجنس ففيها في كتاب التجارة ومن اشترى لبن غنم بأعيانها جزافًا شهرًا أو شهرين أو إلى أجل لا ينقضي اللبن قبله فإن كانت غنمًا يسيرة كشاة أو شاتين لم يجز إذ ليست بمأمونة وذلك جائز فيما كثر من الغنم كالعشرة ونحوها إن كان في الإبان وعرفا وجه حلابها وإن لم يعرفا وجهه لم يجز ذلك اهـ.

أبو الحسن فالشروط خمسة أن يكون إلى أجل وأن يكون الأجل لا ينقضي اللبن قبله وأن تكثر الغنم وأن يعرفا وجه الحلاب وأن يكون في الإبان اهـ.

وكلها مأخوذة من المدونة (ولم يقبض من نفسه) هذا نحوه لابن الحاجب وما فسره به ز هو أحد تفسيرين فسر بهما المصنف في ضيح واستدل له بقول المدونة وإن أعطاك بعد الأجل عينًا أو عرضًا فقال لك اشتري به طعاما ما وكله ثم اقبض حقك لم يجز لأنه بيع لطعام قبل قبضه إلا أن يكون رأس مالك ذهبًا أو ورقًا فيجوز بمعنى الإقالة اهـ.

وقد اعتمد الشارح هذا التفسير وتبعه تت وهو غير صحيح وليس في شيء من صوره

ص: 296

الطرفين ولم تجعل بيع الطعام قبل قبضه الذي الكلام هنا فيه قلت هي آيلة لها لأن قبضه من نفسه لنفسه قبض ضعيف فهو كلا قبض ففد وجد في الطعام عقدتا بيع لم يتخللهما قبض ويبحث في ذلك بعدم وجودهما فيما إذا وكله على بيعه فيحمل على أن معناه أن الموكل وكله على بيع طعام اشتراه الموكل ولم يقبضه وقبضه الوكيل ثم اشتراه لنفسه وقوله ولم يقبض من نفسه ليس معطوفًا على الحال المتقدمة وهي أخذ بكيل بل هو حال من مقدر بعد الاستثناء أي إلا مطلق طعام المعاوضة فيمنع بيعه قبل قبضه ويجوز بيعه بعد قبضه حال كونه لم يقبض من نفسه فإن قبض من نفسه منع بيعه بهذا القبض لأنه كلا قبض فيلزم وجود علة المنع (إلا) أن يكون القابض من نفسه ممن يتولى طرفي العقد (كوصي ليتيمه) ووالد لولديه الصغيرين وسيد لعبديه ممن قبضه قوي فإذا باع طعام أحدهما وتولى البيع والشراء عليهما كان له أن يبيع ذلك الطعام على من اشتراه له لأجنبي قبل أن يقبضه قبضًا ثانيًا كذا صوّرة في توضيحه عن ابن عبد السلام كما في د والفرق بين الوصي والوكيل أن الأول لا يعزل إلا بجنحة بخلاف الثاني فللموكل عزله إن لم يتعلق به حق لغيره كما يأتي وصرح بمفهوم أخذ يكيل بقوله (وجاز بالعقد جزاف) أي بيع طعام اشترى جزافًا قبل قبضه إذا كان ليس في ضمان البائع إذ ما في ضمانه كالمكيل كما قدمه

ــ

بيع الطعام قبل القبض أما ما وكل على شرائه فباعه لنفسه فقد قبضه الوكيل قبل بيعه لنفسه ويد الوكيل كيد الموكل وأما ما وكل على بيعه فباعه لنفسه فليس فيه عقدتا بيع أصلًا وعلل المنع في ضيح بكونه يقبض من نفسه لنفسه في غير الأب والوصي قال طفى وهذا الذي قاله المصنف لم يقله أحد فيما علمت وكتب المالكية مصرحة بجوازه مع الإذن ومنعه مع عدمه كما يأتي في الوكالة ولا دليل له في كلام المدونة لوجود علة المنع وهي بيع الطعام قبل قبضه اهـ.

أي لأن من له دين الطعام إذا وكله المدين على شرائه وقبضه لنفسه يتهم على عدم الشراء وإمساك الثمن لنفسه فيكون قد باع به طعام ثمن الدين قبل قبضه فليست علة المنع فيها هي القبض من نفسه بل اتهامه على بيعه ما في ذمة الموكل من الطعام قبل قبضه ويجوز على بعد أن يحمل كلام المصنف وابن الحاجب على مسألة المدونة المذكورة فيكون معناه أنه لا يجوز أخذ ثمن من المسلم إليه ليشتري به طعامًا ويقبضه من نفسه وأما التفسير الثاني الذي في ضيح فقد نقله فيه عن ابن عبد السلام وهو أن من كان عنده طعام وديعة وشبهها فاشتراه من مالكه فإنه لا يجوز له بيعه بالقبض السابق على الشراء لأن ذلك القبض السابق لم يكن قبضًا تامًّا بدليل أن رب الطعام لو أراد إزالته من يده ومنعه من التصرف كان له ذلك إلا أن يكون ذلك القبض قويًّا كما في حق الوالد لولديه الصغيرين فإنه إذا باع طعام أحدهما من الآخر وتولى البيع والشراء عليهما كان له بعد ذلك أن يبيع ذلك الطعام على عن شتراه له قبل قبضه قبضًا ثانيًا حسيًّا وكذلك الوصي في يتيمه والأب فيما بينه وبين ابنه الصغير وفي النفس شيء من جواز هذه المسألة لا سيما والصحيح عند أهل المذهب أن النهي عن بيع الطعام قبل قبضه متعبد به فإن لم يكن اتفاق في المسألة فأصول المذهب تدل على جريان الخلاف فيها والأقرب منعها والله أعلم اهـ.

ص: 297

بقوله أو كلبن شاة وصرح بمفهوم طعام المعاوضة بقوله: (وكصدقة) بطعام وهبة لغير ثواب كمثل فعل عمر لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم من ترتيب طعام لهن من بيت المال فإذا فعل حاكم زمننا مثل ذلك لزوجة عالم مثلًا فلها بيعه قبل أن تقبضه كما قال مالك لعدم توالي عقدتي بيع ليس بينهما قبض وأسقط الشيخ سالم لفظة مثل فاستشكل بأن مالكًا لا يحكم ولا يفتي بما يتعلق بحياة أزواج النبي (و) من كاتب عبده بطعام جاز للسيد (بيع ما) أي طعام (على مكاتب منه) أي من المكاتب بعرض أو عين قبل قبضه منه في نجوم الكتابة لأنه يغتفر بين السيد وعبده ما لا يغتفر بين غيرهما كذا قرر ق المصنف ويحتمل أن يريد أن العبد إذا اشترى طعامًا من غيره ولم يقبضه فإنه يجوز لسيده أن يكاتبه عليه ويقبضه ممن اشتراه العبد منه وانظر هل للسيد في هذه أن يبيعه ثانيًا للمكاتب قبل قبضه من بائعه وهو ظاهر التعليل المار وإن توالى في هذه ثلاث عقد بيع لم يتخللهما قبض أم لا والضمير في منه يحتمل رجوعه للمكاتب كما مر ويفهم أن المبيع طعام من كون البحث فيه ويحتمل روعه للطعام كما قال البساطي أي بيع السيد ما على مكاتبة من الطعام قبل أن يقبضه لذلك المكاتب لا لأجنبي وإن شمله كلامه على تقرير البساطي ولذا قال د عقبه وفيه شيء اهـ.

أي لشموله لبيع السيد ذلك الطعام لأجنبي وأجاب عنه عج بأنه يفهم كون المشتري له المكاتب لا الأجنبي من المعنى (وهل) محل الجواز (إن عجل العتق) بأن يبيعه جميع ما عليه كما في تت أو بعض النجوم ويعجل العتق على بقاء الباقي في ذمه كما في ق أو الجواز وإن لم يعجل العتق لأن الكتابة ليست دينًا ثابتًا في الذمة ولا يحاصص بها السيد الغرماء في موت أو فلس ويجوز بيعه للمكاتب بدين مؤجل ولا تباع لأجنبي بذلك (تأويلان) جاز لمن اشترى طعامًا (إقراضه) قبل قبضه (أو وفاءه) قبل قبضه (عن قرض) عليه إذ ليس في ذلك توالي عقدتي بيع لم يتخللهما قبض وأما وفاءه عن دين فيمنع قبل

ــ

ورد ابن عرفة قوله والأقرب منعها بأن ما ذكره ابن الحاجب وابن شاس هو ظاهر السلم الثالث من المدونة اهـ.

وذكر طفى أن تفسير ابن عبد السلام هو المتعين وعليه حمل ق (وكصدقة) يقيد الجواز بما إذا لم يكن المتصدق اشتراه وتصدق به قبل القبض وإلا فالمتصدق عليه لا يبيعه حتى يقبضه انظر ق قال في الجلاب من ابتاع طعامًا بكيل ثم أقرضه رجلًا أو وهبه له أو قضاه رجلًا من قرض كان له عليه فلا يبيعه أحد ممن صار إليه ذلك الطعام حتى يقبضه اهـ.

(وبيع ما على مكاتب منه) قول ز ويحتمل أن يريد أن العبد الخ هذا احتمال بعيد من كلام المصنف (أو وفاؤه عن قرض) ق وأما عكس هذا فقد نص ابن المواز أنه لا يجوز أن تحيل بطعام عليك من بيع على طعام لك على شخص من قرض قال ولكن لا يبيعه هو قبل قبضه إلا أن يأخذ فيه مثل رأس المال اهـ.

ووجهه أن المشتري منك إذا أحلته فقد باع لك الطعام الذي له في ذمتك من بيع بغيره

ص: 298

قبضه لوجود علة المنع (وببعه لمقترض) الجار مع المجرور يتعلق بجاز المدلول عليه بالعطف أي حاز لمقترض طعام غير المعاوضة بيعه قبل قبضه أي ويجوز لمن اقترض أردب حنطة مثلًا أن يبيعه قبل قبضه وسواء باعه لأجنبي أو للمقرض لأن القرض يملك بالقول وإن لم يقبض ومحل الجواز إذا اقترضه من ربه وأما إن اقترضه ممن اشتراه من ربه قبل أن يقبضه المشتري فلا يجوز للمقترض أن يبيعه قبل قبضه وأما طعام المعاوضة فليس لمقترضه بيعه قبل قبضه وله ذلك بعده ثم يشترط في جواز بيع طعام غير المعاوضة لمقرضه إذا باعه بطعام أن يكون حالًا لا إلى أجل للزوم بيع طعام بطعام لأجل وإذا باعه بنقد فيشترط أن لا ينقص أجل القرض عن أجل السلم لأن إقراضه الطعام يعد لغوًا وكأن المقرض أسلم المقترض دينارًا ليأخذ عنه بعد ذلك طعامًا فيشترط في القرض حينئذ أجل السلم (و) جاز لمن اشترى طعامًا على وجه السلم أم لا (إقالة من الجميع) أي جميعه أي جميع أنواع طعام المعاوضة المشتري قبل قبضه بأن يرده لربه على الثمن وصفة العقد لأنها حل بيع ويشترط كون الطعام ببلد الإقالة وإلا لم يجز لأنه في ضمان المشتري وكونها بمثل الثمن الأول لا بزيادة أو نقص فيمنع في الجميع لأنها حينئذ بيع مؤتنف لأجله وإذا كانت في سلم وجب فيه تعجيل رأس المال لئلا يؤدي إلى فسخ دين في دين بخلاف تأخير رأس مال السلم في غير الإقالة فيجوز ثلاثًا كما سيذكر المصنف ولو بالشرط لأن اللازم فيه ابتداء دين بدين وهو أخف من فسخ في دين الذي هو لازم هنا وسواء فيما ذكره المصنف كان رأس المال عينًا أو عرضًا غاب عليه المسلم إليه أو البائع

ــ

قبل قبضه منك وهو ظاهر والله أعلم (وبيعه لمقترض) قول ز أي جاز لمقترض الخ هذا صريح ابن الحاجب ويحتمل كلام المصنف أن تكون اللام بمعنى من والمعنى أن من أقرض شخصًا طعامًا جاز له أن يبيع من المقترض ما عليه من الطعام قبل قبضه وبهذا الفرع قرر ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب بشرط كونه معاوضة بخلاف القرض اهـ.

ويقيد الجواز أيضًا بأن يكون اقترضه من ربه وأما إن اقترضه ممن اشتراه قبل أن يقبضه المشتري فلا يجوز قال في المدونة وإن ابتعت طعامًا فلم تقبضه حتى أسلفته رجلًا فقبضه المتسلف فلا يعجبني أن تبيعه منه قبل قبضه اهـ.

وقول ز ثم يشترط إلى قوله إذا باعه بطعام أن يكون حالًا الخ فيه نظر بل بيعه لمقرضه بطعام يمنع مطلقًا سواء باعه بطعام حال أو مؤجل لأن القرض يستلزم الأجل في المقرض فيدخله ربا النساء مطلقًا ابن عرفة ظاهر ابن عبد السلام جواز بيعه ممن أقرضه مطلقًا وليس كذلك لأنه إذا دفع فيه المقرض لمن أقرضه ثمنًا فإنما هو ثمن عما يقبضه منه بعد ذلك وما خرج من اليد وعاد إليها كأنه لم يخرج فعلى هذا لو استقرضه قفيز قمح لم يجز له بيعه بزيت ونحوه لأنه طعام بطعام إلى أجل ولا بدراهم إلا أن يكون القرض إلى مثل أجل السلم اهـ.

(وإقالة من الجميع) أي جميع المبيع فقول ز أي جميع أنواع الخ نحوه في خش وهو

ص: 299

أم لا ومفهوم من الجميع المنع من إقالة على البعض وأخذ البعض بعد الأجل أو قبله كما في د عن المدونة بعد غيبة البائع على ثمنه مثليًّا بأن لا يعرف بعينه طعامًا أو غيره لأنه بيع وسلف مع ما في الطعام من بيعه قبل قبضه ولو أحضر المثلى عند الإقالة لأن الغيبة عليه تعد سلفًا فإن لم يغب عليه أو كان مما يعرف بعينه كعرض جازت من البعض ففي المفهوم تفصيل وبالغ على جوازها في الإقالة من جميعه بقوله: (وإن تغير سوق شيئك) يا مشتري المدفوع ثمنًا ولو دابة في الطعام المقال فيه قبل قبضه بغلاء أو رخص لأن المدار على عينه وهي باقية وعدل عن ثمنك إلى شيئك لئلا يتوهم أن المراد بالثمن العين أي الذهب والفضة إذ هي الغالب فيه (لا) أن تغير (بدنه كسمن دابة وهزالها) فلا تجوز الإقالة لأنها حينئذ بيع مؤتنف لتغير رأس المال فيلزم بيع الطعام قبل قبضه قاله د وقال تت والمنع هنا لعدم صحة الإقالة لأن التغير يفيت الإقالة لا لكونه طعامًا اهـ.

وقوله: لا لكونه طعامًا أي فقط فلا يخالف ما قبله (بخلاف) تغير (الأمة) بسمن أو هزال فلا يفيت الإقالة والعبد أولى وفرق بأن الدواب تشتري لشحمها والرقيق ليس كذلك وقال ابن عرفة الأظهر ما يراد من الرقيق للخدمة كالدابة وقال يحيى الرقيق والدواب سواء في المنع ابن يونس هو الصواب قاله تت وظاهره كانت أمه وطء أم لا وقولنا بسمن أو

ــ

غير صواب ويدل له ما ذكره من المفهوم بعده ابن عرفة الإقالة ترك المبيع لبائعه بثمنه وأكثر استعمالها قبل قبض المبيع وهي رخصة وعزيمة الأولى فيما يمتنع بيعه قبل قبضه وشرطها عدم تعبير الثمن بما تختلف فيه الأغراض غالبًا فلا تجوز بغير الثمن ولا عليه وأخذ غيره عنه ولا به مع زيادة عليه ولا مع تأخيره ولو ساعة ولو برهن أو حميل أو حوالة اهـ.

وقول ز ويشترط كون الطعام ببلد الإقالة وإلا لم يجز لأنه في ضمان المشتري الخ هذا الكلام نقله غيره عن ابن يونس وهو لا يصح هنا ولم نر من ذكره هنا لأن كلام المصنف في الإقالة من الطعام قبل قبضه وهو في ضمان بائعه فكيف يشترط فيه ما ذكر وإنما ذكره ابن يونس في كون الطعام رأس مال سلم ونصه ومن المدونة لو كان رأس المال عرضًا يكال أو يوزن أو يعد أو طعامًا ما أسلمه لك في عرض فأقالك لم يكن له إلا ذلك بعينه لأن ذلك يباع لعينه والدراهم لا تباع لعينها ثم قال فإذا نقلته فإن كان الموضع الذي نقلته إليه بعيدًا صارت إقالة على تأخير فلا يجوز ذلك وذكر عن الأبياني فيما كان بالقرب فكان لنقله ثمن فإن كان الذي له الطعام هو السائل في الإقالة فعليه أن يرده إلى الموضع الذي أخذه منه هان كان هو البائع فعليه أن يأخذه في الموضع الذي وجده واستحسن ذلك أبو محمد وأبو الحسن بن يونس وإن كان الطعام بغير البلد لم تجز الإقالة لأنه يحتاج إلى زيادة وهو في ضمانه إلى أن يصل اهـ.

بلفظه ويبينه كلام ابن عرفة ونصه ولو كان رأس المال حين الإقالة بغير موضعه يوم البيع وافتقر في نقله لأجر ففي كونه على مبتاعه مطلقًا أو على طالبها منهما نقلًا عبد الحق عن بعض القرويين والأبياني واستحسنه الشيخ والقابسي وقيدوا الأول يكون محل النقل قريبًا ولو بعد كانت الإقالة على تأخير اهـ.

ص: 300

هزال مثله في المدونة ويفهم من ذلك أن الأمة لو تغيرت بعور أو قطع عضو لكان ذلك مفيتًا وهو ظاهر قاله د وولادة الأمة يمنع الإقالة في طعام السلم لتغيرها بزيادة الولد فإن مات وزال تغير نفاسها جازت وعطف على الممنوع وهو بدنه من حيث المعنى قوله: (و) لا تجوز إقالة من طعام سلم قبل قبضه على أن يرد لك عوضًا عن رأس مالك (مثل مثليك) الذي دفعته ثمنًا ثم تقابلتما فلا تجوز إلا على عين قمحك مثلًا المدفوع ثمنًا ولا الإقالة عليه ثم التراضي على أخذ غيره عنه ولا مع زيادة عليه أو تأخيره ولو ساعة ولو برهن أو حميل أو حوالة قاله في المدونة لأنه رخصة لا يتجاوز ما ورد فيه ولا يقارنها بيع قاله ابن يونس وإنما قلت من حيث المعنى لأنه لا يصح تسلط تغير على المعطوف وإنما المعنى ولا مثل مثليك والمنع سواء كان رأس المال المثلى قائمًا أو فات لما يلزم على ذلك من بيع الطعام قبل قبضه وأما لو أسلم المثلى في غير طعام فيجوز التقابل على مثله كما في د (إلا العين) فتجوز الإقالة قبل قبض الطعام على مثلها وكذا طعام غير السلم تجوز الإقالة فيه على مثل المثلى كما مر (وله) أي للبائع (دفع مثلها وإن كانت بيده) شرط المشتري استرجاعها بعينها أم لا لأنه لما قبضها وصارت في ذمته فإذا أعطاك مثلها لم يظلمك وهذا إن لم يكن البائع من ذوي الشبهات لأن الدراهم والدنانير تتعين في حقه وكلامه فيما إذا أسلم مثليًّا غير طعام في طعام وذكر تت ما يفيد أنه إذا أسلم طعامًا في عرض أن حكمه كذلك ولا شك أن الخطاب للمشتري كما أن الخطاب فيما قبله كذلك والضمير المذكور في قوله فله دفع مثلها للبائع وهو يفيد أن قوله ومثل مثليك في الثمن وما ذكره جد عج عن نصها وشرح به كلام المصنف غير ظاهر لأن كلامها في المثمن فهو فرع آخر انظر عج (والإقالة بيع) فيشترط فيها ما يشترط فيه ويمنعها ما يمنعه وإذا وقعت وقت نداء الجمعة فسخت وظاهر المصنف في فصل الجمعة حتى في المستثنيات الثلاثة الآتية ولو حدث بالمبيع عيب وقت ضمان المشتري ولم يعلم به البائع إلا بعد الإقالة فله

ــ

(ومثل مثليك إلا العين) قيده ح وتبعه ز بالسلم قال وأما في البيع فتجوز الإقالة على مثل المثلى قاله في أواخر السلم الثاني من المدونة ونصها وكل ما ابتعته مما يوزن أو يكال من طعام أو عرض فقبضته فأتلفته فجائز أن تقيل منه وترد مثله الخ قلت وفيهه نظر بل لا فرق بين السلم والبيع وما استدل به من كلام المدونة لا دليل فيه لأن الإقالة فيما استدل به مفروضة بعد القبض وكلامنا في الإقالة من الطعام قبل قبضه وأيضًا المردود مثله في كلام المدونة هو المبيع وفي مسألتنا هو الثمن فتأمله وقول ز فلا يجوز إلا على عين قمحك الخ صوابه لو قال إلا على عين شيئك لأن القمح لا يصلح ثمنًا للطعام المسلم فيه لأن فيه بيع طعام بطعام إلى أجل (وله دفع مثلها وإن كانت بيده) قول ز وذكر تت ما يفيد أنه إذا أسلم طعامًا في عرض أن حكمه كذلك الخ يعني لا تجوز الإقالة على مثله وإنما تجوز على عينه وهذا مثله في ق عن المدونة وتقدم عن ابن يونس عند قوله وإقالة من الجميع وهو مشكل إذ لا وجه لمنع الإقالة على المثل في طعام أسلم في عرض وأجاب أبو الحسن بأن معنى ما في المدونة بالنظر إلى السلم في غير

ص: 301

الرد به (إلا في الطعام) قبل قبضه فليس لها حكمه إن وقعت بمثل الثمن الأول فيه فإن وقعت بزيادة أو نقص عنه فيبيع مؤتنف بدليل ما يذكره في المرابحة (و) إلا الإقالة في (الشفعة) أي في الأخذ بها فليست ببيع على الإطلاق ولا حله على الإطلاق بل هي بيع في الجملة وحله في الجملة وذلك لأنها لو كانت بيعًا من كل وجه لكان يأخذ بالبيع الأول أو الثاني ويكتب عهدته على من أخذ ببيعه مع أنه إنما يأخذ بالبيع الأول ولو كانت حل بيع لم تثبت شفعته وإنما كانت بيعًا في الجملة لثبوت الشفعة وكانت حل بيع في الجملة لكون العهدة فيها على المشتري الأول فقط وإنما لم تكن حل بيع حقيقة بحيث تسقط الشفعة بها لاتهامهما على قطع شفعة الشفيع قاله عج وقال د وظاهره أي المصنف أن الإقالة حين أخذ الشفيع بالشفعة صحيحة ولكن لا تعد بيعًا وليس كذلك بل هي حينئذ باطلة لا عبرة بها اهـ.

ونحوه قول تت فمن ابتاع شقصًا له شفيع ثم أقاله منه فالشفة للشفيع وتبطل الإقالة اهـ.

(والمرابحة) فإذا اشترى شيئًا بعشرة مثلًا وباعه مرابحة بخمسة عشر ثم تقابلا على الثمن الثاني فلا يبيع به مرابحة إلا مع بيان الإقالة لأنها غير بيع وإنما يبيعه مرابحة على عشرة مع بيان أنه وقعت فيه إقالة لكراهة النفوس لما رد كما بحثه د عند قول المصنف فيها بقوله: وإقالة مشتريه ويأتي أن المعتمد عدم بيانه إذا باع على عشرة مرابحة ثم عطف بقية الرخص التي سبيلها المعروف على الرخصة الأولى المتقدمة وهي إقالة من الجميع فقال: (وتولية) في طعام قبل قبضه (وشركة) فيه قبل قبضه ووجه جواز الإقالة والشركة والتولية في الطعام قبل قبضه أنها أشبهت القرض ولخبر أبي داود وغيره من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه إلا ما كان من شركة وتولية وإقالة ومحل الجواز فيهما بشرطين الأولى (إن لم يكن على) شرط (أن ينقد) المولى أو المشرك بالفتح (عنك) يا مولى أو مشرك بالكسر جميع الثمن أو حصتك منه وإلا لم يجز لأنه بيع وسلف منه لك ويفسخ إلّا أن يسقط مشترط السلف شرطه فيصح كذا جعل تت الشرط لهما ورجعه الشارح للشركة فقط وتبعه ق وح ود وهو الذي يظهر فيه التعليل بالبيع والسلف إذا ما يدفعه المولى

ــ

الطعام أنه لا يمضي على البائع إلا برضاه لا أن معناه لا يجوز فانظره (إلا في الطعام) قال في تكميل التقييد زيد على الثلاثة الإقالة من أمة تتواضع اهـ.

(والشفعة) قول ز فليست ببيع ولا حله أي بل هي باطلة شرعًا فهي كالمعدوم حسًّا وقول ز وإنما كانت بيعًا في الجملة لثبوت الشفعة الخ غير صحيح والشفعة ليست مرتبة على كون الإقالة بيعًا بل على البيع الأول كما هو ظاهر فالصواب أنها لغو فتأمله (والمرابحة) ابن عرفة الإقالة في المرابحة بيع وإنما وجب التبيين من أجل أن المبتاع قد يكره ذلك اهـ.

(إن لم يكن على أن ينقد عنك) هذا يتعين رجوعه للشركة فقط كما في ح وق وهو الذي في المدونة وابن عرفة وغير واحد وما في تت من رجوعه للتولية أيضًا لا يساعده نقل

ص: 302

بالفتح لا يرجع به فإنه إنما دفع عن نفسه ويمكن توجيه ما لتت بأن البائع ليس له مطالبة إلا على المولى بالكسر فينتفع باشتراطها على المولى بالفتح لرفع طلب البائع فكان فيه سلفًا جر نفعًا ولا يخفى أن التعليل بالبيع والسلف يجري في غير الطعام ولكن الشرط المذكور هنا في المصنف خاص بالطعام (و) الشرط الثاني أن يكون (استوى عقداهما) أي عقد كل من المولى والمشرك بالكسر والفتح قدرًا وأجلًا وحلولًا ورهنًا وجميلًا (فيهما) أي في التولية والشركة الواقعتين في طعام قبل قبضه وبقي شرط ثالث وهو أن يكون رأس المال عينًا لا عرضًا لا يكال ولا يوزن فتمنع لأن ذلك يؤول إلى القيمة فيكون من بيع الطعام قبل قبضه وكذا إن كان مكيلًا أو موزونًا فتمنع عند ابن القاسم أي لأنها رخصة فيقتصر فيها على ما ورد وأجاز هما فيه أشهب اللخمي وهو أحسن إذا كان مما لا تختلف فيه الأغراض وقول بعض الشراح وتبعه عج أن حكم الإقالة في هذا حكمهما ضمير هذا راجع لقوله: واستوى عقداهما فلا ينافي ما تقدم في مفهوم من الجميع والذي في الشارح أن خلاف ابن القاسم وأشهب إنما هو في التولية والشركة فقط ولعل المصنف استغنى عن شرط كون الثمن عينًا بقوله: واستوى عقداهما فيهما لأنه إذا كان مقومًا يؤول إلى القيمة وقد تختلف فيؤدي إلى اختلاف الثمن (وإلا) بأن شرط المولى أو المشرك بالكسر النقد على المولى والمشرك بالفتح أو اختلف عقداهما بوجه من وجوه الاختلاف (فبيع كغيره) يعتبر فيه شروطه وانتفاء موانعه كعدم القبض وتبطل الرخصة في الثلاثة فتمنع الإقالة والتولية والشركة في الطعام قبل قبضه لا بعده ولا على غير الطعام إن لم يكن على أن ينقد عنه كما مر (و) إن ابتعت سلعة بعينها فلم تقبضها حتى أشركت فيها ثم هلكت السلعة قبل قبض المشرك (ضمن) المشرك بفتح الراء ورفع الكاف بالشيء (المشتري) بفتح الراء (المعين) وهو الحصة التي حصلت له بالشركة فقط فيرجع المشرك بالكسر عليه بنصف الثمن مع عدم قبضه المثمن ولو طعامًا لأن المشرك بالكسر فعل معروفًا ولا يرجع بجميع الثمن إذا لا يضمن حصة المشرك بالكسر وادعى غ أن الصواب وضمن المشرك المعين وإن ما عدا ذلك تصحيف وهو بناء منه على أن المشتري بكسر الراء وإنه فاعل

ــ

وما وجهه به غير صحيح (واستوى عقداهما فيهما) قول ز مناف لما تقدم في مفهوم من الجميع الخ بل لا منافاة بينهما وكلام ز قصور لثبوت الخلاف المذكور بنفسه في الإقالة قال أبو الحسن عن اللخمي واختلف إذا كان رأس المال شيئًا مما يكال أو يوزن هل تجوز الإقالة على مثله ابن القاسم لا تجوز أشهب تجوز اللخمي وهو أحسن اهـ.

وقال ابن عرفة ويطلب كون الإقالة على نفسه رأس المال غير مغير عن حاله حين العقد فإن كان غير مثلى فغيره مثله يبطلها وعينًا فمثله كعينه وفي كون غير المعين مثليًّا كالأول أو الثاني نقلا اللخمي عن ابن القاسم في المدونة وأشهب وصوبه إن كان المثلى لا تختلف فيه الأغراض كالحديد والنحاس ابن عرفة ما عزاه للمدونة هو قولها آخر السلم الثاني اهـ.

ص: 303

ضمن وإن المعين مفعوله وإنه يفيد أن المشتري يضمن جميع السلعة مع أنه إنما يضمن جميع ما اشتراه منها وبما قررناه من جعل المشرك بفتح الراء المستتر فاعل ضمن والمشتري بالفتح مفعوله والمعين صفته لا يحتاج لتصويب وهو يفيد فقه ما صوبه وادعى بعض مشايخ تت إن ما هنا تكرار مع قوله وضمن بالعقد وأجيب بأن ما مر في ضمان جميع المبيع وما هنا في ضمان بعضه بسبب الشركة وقد يبحث فيه بأن المعقود إذا كان نصفًا مثلًا يصدق عليه أنه مبيع وأجاب الفيشي بأن ما مر في غير الطعام وما هنا أعم وفيه أن المصنف ذكر غير الطعام بقوله وضمن بالعقد والطعام بقوله وضمن بائع مكيلًا الخ وأيضًا لو كان ما هنا أعم لتكرر الطعام مع قوله: (و) ضمن المشرك والمولى بالفتح (طعامًا كلته) يا مولى أو مشرك بالكسر (وصدقك) الذي أشركته أو وليته ثم تلف فهو راجع للمشرك فيه كما لغ وللمولى فيه أيضًا كما للشارح وقت فلعل المصنف أشار بهذه المسائل هنا طعامًا أو غيره إلى أن التولية والشركة والسلم في طعام أو غيره خارجة عن قوله وضمن بائع الخ (وإن أشركه) أي أشرك المشتري شخصًا سأله في الشركة لما اشتراه

ــ

(وطعامًا كلته وصدقك) جعل ز وغيره الخطاب في قول المصنف كلته وصدقك للمولى والمشرك بالكسر وجعل المصدق هو المولى والمشرك بالفتح وفيه نظر لأن المشتري إذا ولي أو شرك بعد أن اكتاله ضمنه المولى والمشرك بالفتح من غير شرط التصديق كما في المدونة ونصه وإن ابتعت طعامًا فاكتلته ثم أشركت فيه رجلًا فلم تقاسمه حتى هلك الطعام فضمانه منكما وترجع عليه بنصف الثمن اهـ.

وليس فيه شرط التصديق وفي الأمهات قال ابن القاسم إن أشركته فضمانه منكما إن لم يكله قال سحنون يريد وقد اكتلته أنت قبل شركته أبو الحسن قال ابن يونس يريد وإلا كان ضمانه من البائع لا منك عياض قال ابن محرز وأنكر سحنون المسألة وكتب عليها مسألة سوء كأنه رأى أن الضمان من المشرك بالكسر حتى يكيله البائع عياض حكى فضل في التولية أنها من المولى حتى يكيله وكذلك ينبغي أن تكون من المشرك أي بالكسر فيهما وعليه حمل إنكار سحنون المسألة قال أبو عمران ولا يعرف هذا إلا من فضل ومذهب ابن القاسم أنها من المولى بالفتح إذ بنفس العقد دخل في ضمانه كمشتري الصبرة جزافًا ابن محرز وإن وجدوا زيادة في الكيل أو نقصًا فذلك لهما وعليهم وذلك خلاف البيع لأن زيادة الكيل للبائع ونقصانه عليه إلا أن يشتريه على التصديق اهـ.

من أبي الحسن ببعض اختصار وهو صريح في أن الضمان ينتقل في التولية والشركة في الطعام بمجرد العقد من غير شرط تصديق على مذهب المدونة بخلاف البيع فإن قلت وقع في المدونة بعد ما تقدم بيسير ما نصه وإن ابتعت طعامًا فاكتلته ثم أشركت فيه رجلًا أو وليته على تصديقك في كيله جاز وله أو عليه المتعارف من زيادة الكيل أو نقصانه وإن كثر ذلك رجع عليك بحصة النقصان من الزمن ورد كثير الزيادة اهـ.

وهو يفيد شرط التصديق قلت هو إنما يقتضي شىرط التصديق في الزيادة والنقص لا في

ص: 304

فقال: أشركتك (حمل و) الحال (إن أطلق على النصف) لأنه الجزء الذي لا ترجيح فيه لأحد الجانبين فإن قيد بقدر فهو ما دخلا عليه ولا يقال حمل على ما قيد به إذ مع التقييد لا يتأتى الحمل على النصف إذ جعلها للمبالغة يقتضي أنه يحمل على النصف مع التقييد بربع مثلًا ولا يقوله أحد كما قال تت (وإن سأل ثالث شركتهما) أي اثنين اشتريا عبدًا مثلًا واتفق نصيبهما بأن صار لكل منهما النصف وسألهما بمجلس بلفظ أفراد أو تثنية أو بمجلسين بلفظ تثنية (فله الثلث) فيما أشركاه فيه في هذه الصور الثلاث لا بمجلسين بلفظ إفراد فله نصف مالك ما كان اختلف نصيبهما وسألهما بمجلس أو مجلسين بلفظ إفراد أو تثنية فالصور ثمان له الثلث في الثلاث ونصف ما لكل في خمس ففي الأولى منها يكون لكل منهما الربع وفي الأربعة الباقية إذا كانا بالثلث والثلثين لكان له نصف الثلث ونصف الثلثين فيكون له النصف وللأول السدس وللآخر الثلث قاله سند (وإن وليت) شخصًا (ما اشتريت) ولم تذكره (بما) أي بمثل ما (اشتريت) ولم تذكر ثمنه (جاز إن لم تلزمه) المبيع (وله الخيار) إذا رآه وعلم الثمن عينًا كان أو طعامًا أو عرضًا أو حيوانًا كما في المدونة وإذا اختاره وعلم الثمن ولو مقومًا فعليه مثله حاضرًا عند ابن يونس لئلا يدخله بيع ما ليس عندك ومفهوم الشرط إن دخل على الإلزام لم يجز للقمار والمخاطرة والجهل مفسد سواء كان من جانب أو من جانبين ونفي اللزوم مع الجهالة لا يفسد مع أي جانب منهما قاله العوفي وانظر هل السكوت غير مضر من كل منهما فقد نصوا على جوازه مع جهل المولى بالفتح وانظر في جانب المولى بالكسر قاله الشيخ سالم فإن قلت تقدم إن شرط التولية أن يكون الثمن عينًا قلت ذاك في التولية في الطعام قبل القبض وأما فيه بعده أو في غيره مطلقًا فتجوز وإن كان الثمن غير عين وحمل د ما تقدم على التولية على الإلزام وما هنا على غيره ثم ما ذكره المصنف هنا مفهوم قوله فيما مر أو توليتك سلعة لم تذكرها أو ثمنها بإلزام وصرح بها هنا لأنه مفهوم غير شرط ولأن غالب ماله هنا في مسائل الطعام وما مر أعم وظاهر قوله جاز إن لم تلزمه ولو كانت السلعة في البلد وهذا بخلاف بيع الغائب والفرق بينهما أن التولية رخصة يتسامح فيها بخلاف البيع (وإن رضي) المولى

ــ

التلف فتأمله وبما ذكرنا تظهر فائدة إعادة الكلام على الضمان هنا مع تقدمه ولذا حمل طخ وس كلام المصنف على ما إذا اشترى شخص طعامًا وصدق البائع في كيله ثم ولى غيره أو تركه فيه ضمنه المولى والمشرك بمجرد التولية والشركة وعليه فالخطاب لبائع المولى والمشرك بالكسر وهو بعيد من المصنف (حمل وإن أطلق على النصف) قول ز ولا يقال حمل على ما قيد به الخ لا تخفى ركاكة هذا الكلام وقال بعضهم في كلام المصنف حذف متعلق حمل أي وإن أشركه حمل على ما قيد به وقوله وإن أطلق شرط وجواب لا مبالغة وهو بعيد مع ما فيه من حذف فاء الجواب اختيارًا وهو شاذ والصواب ما في بعض النسخ حمل إن أطلق بدون واو (جاز إن لم تلزمه) قول ز وهذا بخلاف بيع الغائب فيه نظر لا وبيع الغائب ولو كان في البلد يجوز بغير إلزام كما هنا وإنما يمتنع في البلد إذا كان بيعه بإلزام فلا فرق

ص: 305

بالفتح (بأنه) أي المبيع الذي ولاه له مبتاعه (عبد) مثلًا ولم يعلم بثمنه (ثم علم بالثمن فكره) لغلوه مثلًا أو رضي بالثمن ولم يعلم بالمثمن ثم علم به فكره فالمراد رضي بأحد العوضين ثم علم بالآخر فكره (فذلك له) لأنه من ناحية المعروف ويلزم المولى بالكسر دون المولى بالفتح إلا أن يرضى وجعل الشارح ضمير أنه للثمن أي أجبر المولى بالكسر المولى بالفتح بأن الثمن عبد فرضي ثم علم أن الثمن غيره فكره فذلك له ويحتمله كلام المصنف وهو ظاهر قاله تت ولا يبعده قول المصنف ثم علم بالثمن لأن معناه ثم علم بأن الثمن غيره كما قال وما في عج من العز وللشارح تحريف فإن الذي فيه كما في تت (وإلا ضيق) في الأبواب المعتبرة فيها المناجزة (صرف) لما مر من حرمة تأخيره ولو قريبًا أو غلبة (ثم) يلي الصرف في الضيق (إقالة الطعام) حيث كان من سلم أي تأخير الثمن فيها لأنهم اغتفروا فيه أن يذهب إلى بيته أو ما قرب منه ليأتي به بخلاف الصرف وعلة منع التأخير في الإقالة المذكورة تأديته لفسخ دين في دين ولم يكن في مرتبته الآتية لتقوية هنا بانضمام علة بيع الطعام قبل قبضه له فارتفعت مرتبته في الأضيقية فإن قيل الإقالة في الطعام ليست بيعًا فيكف يكون فيه بيع الطعام قبل قبضه فالجواب إن هذه الإقالة لما قارنها التأخير عدت بيعًا قاله د باختصار (ثم) يلي ما تقدم (تولية وشركة فيه) أي في طعام السلم المولى فيه أو المشرك قبل قبضه أي تأخير الثمن في التولية والشركة في طعام السلم فيما قارب اليوم فهما أوسع من الإقالة وعلة منع التأخير فيما ذكر أنه يؤدي لبيع دين في دين مع بيع الطعام قبل قبضه ولذلك كان أعلى رتبة مما بعده وما قباله (ثم) يلي ما تقدم في منع تأخير الثمن (إقالة عروض) مسلم فيها لأنه يؤدي لفسخ الدين في الدين أي يلزمه ذلك فهو كصريح فسخ دين في دين ولذا عطف صريحه على ما يلزمه ذلك بالواو لاستواء حكمه له فقال: (وفسخ الدين في الدين) أي ومنع تأخير الثمن حيث دخلا على فسخ الدين في الدين كما إذا كان عليه دين فسخه فيما يتأخر قبضه إلا ما كان يسيرًا بقدر ما يأتي بمن يحمله فإن كان طعامًا كثيرًا جاز أيضًا مع اتصال العمل لو شهرًا قاله أشهب قال وهذا إذا كان ما يأخذه منه حاضرًا أو في حكمه كمنزلة أو حانوته لا ما كان غائبًا فيمنع وقال ق ويجوز في فسخ الدين في الدين أن يأتي بدوابه أو بما يحمل فيه ما يأخذه وإن دخل عليه الليل ترك بقية الكيل ليوم آخر (ثم بيع الدين) المستقر في الذمة كبيع عرض من سلم لغير من هو عليه فإنه أوسع مما قبله لجواز تأخير ثمنه اليوم واليومين

ــ

بينهما ويجوز بيع الغائب في البلد بالخيار إذا رآه صرح به في المدونة ونقله غ هنا وق (وإلا ضيق صرف) الترتيب هنا إنما هو بين الصرف وبين ابتداء الدين بالدين فشددوا في الصرف وخففوا في الأخير وأما ما بينهما من المسائل فلا ترتيب بينها من هذه الحيثية وإنما هو من جهة قوة الخلاف وضعفه انظر ح (ثم تولية وشركة) قول ز ولذلك كان أعلى رتبة مما قبله وما بعده الخ أي أنه أعلى مما قبل بيع الدين فيما يأتي وما بعده.

ص: 306