الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كنفخ جلد لحم قبل سلخه لاحتياجه لذلك ففيه صلاح ومنفعة ويسير ماء في عصير ليتعجل تحلله قال تت ويعاقب الغاش بسجن أو ضرب أو إخراجه من السوق إن اعتاد قاله ابن الماجشون وقال ابن القاسم لا يشترط في إخراجه اعتياده انتهى ولا يرجع إليه حتى تظهر توبته بناء على أن إخراجه يقطع ضرره بعد تأديبه بغير الإخراج لا على أن نفس إخراجه تأديب كما يقتضيه تت لعطفه بأو فلا يمنع أن يرجع إليه بعد مدة يرى أنه قد تاب بها وإن لم تظهر توبته ثم محل تأديبه بإخراجه منه حيث لا يمكن أن يرجع له ولا يعرف به لاتساعه وإلا فأدبه بضرب أو سجن وكذا يقام من السوق الشرير كما في د عن بعض الشيوخ.
فصل علة
حرمة (طعام الربا) المتقدمة في قوله: وحرم في نقد وطعام ربا فضل إذ ما هنا كالمبني على ما تقدم وإضافة طعام إلى ربا من إضافة الموصوف إلى صفته أي الطعام الربوي لكن لفظ الربوي غير لفظ الربا ولذا قال عج فيه تكلف أي علة حرمة الربا في الطعام (اقتيات) أي قيام بالبنية بحيث تفسد عند عدمه وجعل بعض معنى علة علامة قائلًا لأن ما ذكره المصنف علامة الحرمة (وادخار) لا يفسد المقتات بتأخيره إليه وذكر علة الحرمة مع أن مختصره لتبيين ما به الفتوى يقتضي ترك العلة والدليل ليبين الجزئيات المقتاتة والمدخرة وغيرها والذي هو صنف منها وغير صنف كما أشار له القرافي كما في تت بقوله مسائله وإن انتشرت وتشعبت فمبناها على قاعدتين وجوب المناخرة أي مع اختلاف الجنس ووجوب المماثلة مع اتحاد الجنس والبحث في الفروع إنما هو في تحقيق هاتين هل وجدتا أم لا؟ (وهل) يشترط كون ادخاره (لغلبة العيش) ولو كلبن أي كأن يكون غالب استعماله اقتيات الآدمي بالفعل كقمح أو أن لو استعمل كدخن وليس المراد بالغلبة الأكثرية أو لا يشترط ذلك وهو قول الأكثر كما في تت (تأويلات) وتظهر فائدتهما
ــ
فصل في الطعام الربوي
(علة طعام الربا) قول ز علة حرمة طعام الربا الخ فيه حذف مضاف آخر أي علة حرمة ربا طعام الربا أو في الكلام قلب أي علة حرمة الربا في الطعام ولا تكلف في ذلك خلافًا لعج (اقتيات) قول ز بحيث تفسد عند عدمه الخ طفى كان عليه الاقتصار على قيام البنية إذ المقتات ما تقوم به البنية كما قال ح وغيره ولا يزيد بحيث تفسد عند عدمه لعدم التئامه مع ما بعده من الخلاف إلا أن يقال تفسد عند عدمه بتقدير لو لم يكن إلا هو فتأمله انتهى.
(وادخار) ابن ناجي ولا حد للادخار على ظاهر المذهب وإنما يرجع فيه للعرف وحكى التادلي حده بستة أشهر فأكثر اهـ.
ولا بد من كون الادخار معتادًا فلا عبرة بادخار الجوز والرمان لندوره وفي معنى المقتات ما يصلح القوت (وهل لغلبة العيش) قول ز أو أن لو استعمل كدخن الخ لا حاجة لهذا التأويل وجزم المصنف بربوية الدخن بناء على التأويل الثاني في كلامه (تأويلان) الأول
في التين والبيض والجراد والزيت وقد اقتصر المصنف في البيض والزيت على أنهما ربويان بناء على أن العلة الاقتيات والادخار وذكر في الجراد خلافًا في ربويته بناء على الخلاف في العلة وذكر أن التين غير ربوي بناء على أن العلة الاقتيات والادخار وكونه متخذًا للعيش غالبًا ومصلح لقوت كهو على كل منهما لقوله الآتي ومصلحه ونخالة القمح لا الشعير طعام ويحرم ربا الفضل في الطعام الربوي ولو قليلًا فلاتباع حبة قمح بحبتين على الصحيح وترك عله حرمة ربا النساء وهي مطلق الطعمية على وجه الغلبة لا التداوي. واعلم أن الشيء الواحد قد يكون طعامًا ومؤتدمًا في عرف وغير طعام في آخر لقول البرزلي قول ابن عرفة الليم طعام والنارنج غير طعام كأنه أخذه على عرف بلده تونس أن الليم يصبر للإدام والنارنج إنما يصنع للمصبغات ونحوها ولا يؤكل إلا نادرًا ولو عكس أو جرى مجرى الليم في بلد كان طعامًا اهـ قال تت وهو بمصر مقصود بالأكل طريًّا ومصبرًا اهـ.
والظاهر أنهما جنس واحد على أن كلا طعام لتقارب منفعتهما لا جنسان (كحب) أي بر وهو المراد وأطلق اتكالًا على شهرته وعلى قوله وهي جنس فسقط الاعتراض عليه بأن الحب شامل للقمح والشعير والسلت ولغيرها فكيف يقول وهي جنس (وشعير وسلت) حب بين الشعير والقمح لا قشر له يسمى عند المغاربة وبعض المصريين بشعير النبي (وهي) أي الثلاثة (جنس) واحد على المعتمد لتقارب منفعتها خلافًا لقول السيوري وتلميذه عبد الحميد الصائغ أن القمح والشعير جنسان ابن عبد السلام هو الصحيح لخبر البر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء الخ ولعل قوله الصحيح أي في النظر لا في المذهب إذ المعتمد فيه ما للمصنف كما علمت ووجه استدلاله بالخبران قوله في آخره فإذا اختلفت هذه الأجناس يقتضي عدم جنسية الشعير للقمح كما هو ظاهر قال الشارح ورد بأن تقارب منفعتهما يصيرهما جنسًا واحدًا وفي حديث مسلم عن معمر بن عبد الله أنه أرسل غلامه بصاع من قمح فقال بعه ثم اشتر به شعير فذهب وأخذ صاعًا وزيادة بعض صاع فلما أخبر معمرًا قال له رده ولا تأخذ إلا مثلًا بمثل فإني كنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الطعام بالطعام مثلًا بمثل وكان طعامنا يومئذ الشعير قيل فإنه ليس مثله قال إني أخاف أن يضارع ما يقوي المشهور اهـ.
(وعلس) حب مستطيل عليه زغب حبتان منه في قشرة قريب من خلقة البر طعام
ــ
قول القاضيين وتأول ابن رزق المدونة عليه والثاني تأويل ابن رشد والأكثر وهو المعول عليه والمشهور من المذهب وقول ز والظاهر أنهما أي الليم المصبر والطري جنس واحد الخ يقتضي أن الليم ربوي وفيه نظر والذي أثبته ابن عرفة فيه إنما هو الطعمية فيحرم فيه ربا النساء فقط اتحد الجنس أو اختلف (وهي جنس) قول ز وحديث مسلم عن معمر الخ خبر مقدم وقوله ما يقوي المشهور هو مبتدؤه قال القرطبي الظاهر من فتوى معمر أنها كانت تقية وخوفًا ألا ترى أنه قال إني أخاف أن يضارع الربا اهـ.
أهل صنعاء (وأرزودخن) قريب من حب البرسيم قمح السودان (وذرة) بذال معجمة (وهي) أي الأربعة (أجناس وقطنية) بضم القاف وكسرها وسكون الطاء المهملة وكسر النون وتشديد التحتية وتخفيفها عدس ولوبيا وحمص وترمس وفول وجلبان وبسيلة قريبة من الجلبان وقيل هي الماش انظر تت ويعبر عنه عندنا بمصر ببسلة (ومنها) أي القطنية هنا في الربويات دون باب الزكاة (كرسنة) بكسر الكاف وتشديد النون وهي الكشني بوزن بشرى نبت شجرة صغيرة لها ثمر في غلاف مصدع مسهل مبول للدم مسمن للدواب نافع للسعال قاله في القاموس ولعل عدها من الربويات المقتاتة المدخرة باعتبار أنها في بعض البلاد كذلك وإلا فتلك الأوصاف التي لها تقتضي أنها دواء وقال تت قريبة من البسيلة وفي لونها حمرة الباجي هي البسيلة انتهى ولم يختلف قول مالك في الزكاة أنها جنس واحد يضمن بعضها لبعض وذلك والله أعلم لأن الزكاة لا يعتبر فيها المجانسة العينية وإنما يعتبر تقارب المنفعة وإن اختلفت العين بخلاف البيع ألا ترى أن الذهب والفضة جنس واحد في الزكاة وهما جنسان في البيع (وهي) أي القطنية (أجناس) يجوز التفاضل فيها مناجزة وأخبر عنها بأجناس لأنها واقعة على متعدد قاله د. (وتمر وزبيب ولحم طير) ومنه أوز ودجاج وطير ماء ونعامة وإن لم تطر (وهو) أي كل واحد مما ذكر (جنس) ولم يقل وهي أجناس لإيهامه أن أنواع التمر أجناس مع أنها جنس واحد وكذا ما بعده والظاهر أنه يجري في مكروه الأكل من الطير كالوطواط مع مباح الأكل منه ما جرى في مكروه الأكل من ذوات الأربع مع مباح الأكل منها ويأتي (ولو اختلفت مرقته) أي إن لحم الطير جنس واحد ولو طبخ في أمراق مختلفة بإبزار أم لا ولا يخرجه ذلك عن كونه جنسًا واحدًا وما سيأتي من قوله وطبخ لحم بإبزار غير هذا لأنه في نقله عن اللحم النيء قاله د قال عج حقه أن يؤخر هذا عن قوله وذوات الأربع أي ليكون راجعًا لها ولما هنا وما بينهما لا لأنه خاص بذوات الأربع ولعله لم يؤخره لئلا يتوهم رجوعه لما بعد الكاف فقط (كدواب الماء) كلها جنس واحد حتى آدمية وترسه وكلبه وخنزيره على المعتمد خلافًا للمصنف في باب المباح وعليه فيجري فيهما مع مباحة قطعًا ما جرى في مكروه الأكل من النعم مع مباحه ويأتي قال ح والصير إذا ملح لا يصير جنسًا غير جنس السمك انتهى والبطارخ في حكم المودع في السمك وليس من جنسه فيباع أي منفردًا عن السمك
ــ
(ولحم طير) قول ز وطير ماء الخ المراد بطير الماء الذي يألف الماء ويخرج منه إذ هذا من جنس الطير لأنه بري وأما الذي هو داخل الماء ولا يخرج منه فهذا من دواب الماء ولا يصح إدخاله هنا (ولو اختلفت مرقته) لا محل لهذا هنا والأولى تأخيره بعد ذكر ذوات اللحوم ويقول والمطبوخ من جنس جنس ولو اختلفت مرقته كما في المدونة ثم يقول في جنسية المطبوخ الخ وكذا فعل ابن الحاجب انظر طفى (كدواب الماء) قول ز والصير إذا ملح الخ قال في التنبيهات الضمير بالكسر حيتان صغار مملوحة اهـ.
بالسمك متفاصلًا كما يباع الطير ولحمه ببيضه متفاضلًا (وذوات لأربع) إبل وبقر وغنم بل (وإن) كان ذواتها (وحشيًّا) كغزال وحمار وحش وبقرة كلها نصف واحد إن كانت مباحة الأكل فإن منع أو كره ففي المدونة لا بأس بلحم الأنعام بالخيل وسائر الدواب نقدًا أو مؤجلًا لأنه لا يأكل لحمها أي لخيل وبهيمة غيرها الأنعام وأما بالهر والثعلب فمكروه بيع لحم الأنعام بها لاختلاف الصحابة في أكلها ومالك يكره أكلها من غير تحريم انتهى.
ولم يذكر أبو الحسن أن الكراهة في قولها فمكروه بيع لحم الأنعام بها على التحريم وفي الذخيرة أنها عليه وعلى ما في الذخيرة فلحم الأنعام ومكروه الأكل جنس واحد وعلى ما لأبي الحسن جنسان وليس من الطعام هنا خشاش أرض وأفاع كثعبان وبنات عرس كالفأر ولا ضفدع وسلحفاة وسرطان بريات ولا يباع خشاش ولو بعضه ببعض لعدم الانتفاع به ومقتضى ما تقدم من أن الشيء يكون طعامًا بمحل دون آخر جرى مثل ذلك في الفار وشبهه وظاهر المصنف أن ذوات الأربع جنس ودواب الماء جنس آخر فيباح التفاضل بين دواب الماء وبين ذوات الأربع يدًا بيد والفرق بين ذلك وبين لحم الطير حيث جعل كله جنسًا واحدًا بريًّا وبحريًّا كما في تت أن لحم الطير منفعته متقاربة بخلاف ذوات الأربع مع دواب الماء أن ذوات الأربع تراد لغير الأكل كثيرًا فلم تتقارب منفعتها من منفعة دواب الماء وعطف على دواب قوله: (والجراد) جنس وحده غير الطير فيهما لا بأس بالجراد بالطير وليس هو لحمًا وبين الاختلاف في كونه ربويًّا أم لا بقوله: (وفي ربويته خلاف) والجزم بكونه جنسًا مبني على أنه ربوي قاله د ويجاب بأن الجراد مبتدأ حذف خبره وهو لفظ طعام فلا ينافي ذكره الخلاف في ربويته (وفي) اتحاد (جنسية المطبوخ من جنسين) كلحم طير وبقر في إناء أو إناءين بإبزار ناقلة لكل منهما فيصيران بالطبخ بها جنسًا واحدًا يحرم التفاضل فيه لا ما طبخ بغير أبزار لأنه صلق وهو لا يخرجه عن أصله كما يأتي وعدم اتحاده وبقائهما جنسين على أصلهما (قولان) وعلى الأول فيمنع التفاضل بينهما إذا بيع أحدهما بالآخر ويجوز الثاني ويحكم لهما بحكم الغالب إن كان وإلا فمستويان فيما يظهر والظاهر أنه على الأول أيضًا مرق كل كلحمه وإنما تظهر فائدة
ــ
(وفي ربويته خلاف) الأول قال سند والجلاب هو المذهب والثاني قال المازري هو المعروف من المذهب (قولان) صوابه خلاف لأن الأول قال في الجواهر أنه المذهب والثاني اختاره ابن يونس واللخمي وقول ز ويجوز على الثاني ويحكم لهما بحكم الغالب الخ النظر إلى الغالب إنما يظهر فيما إذا طبخا معًا في إناء واحد وقلنا بالقول الثاني فإنه يمتنع التفاضل بينهما وبين ما هو من جنس الغالب منهما ويجوز بينهما وبين ما هو من جنس الأقل وكذا بينهما وبين ما ليس جنسًا لواحد منهما وإن كانا مستويين جاز بينهما وبين ما ليس جنسًا لواحد منهما ومنع بينهما وبين ما هو جنس لواحد منهما وأما على القول الأول فلا معنى لاعتبار الغالب لمنع التفاضل بين المطبوخين مطلقًا وكذا لا معنى لاعتبار الغالب إذا طبخ كل
ذلك وفائدة الغالب في طبخ لحم طير بناقل في إناء ولحم بقر بناقل في إناء آخر فعلى الاتحاد والنظر للغالب يمنع التفاضل بينه وبين آخر من جنس ذلك الغالب طبخ وحده بإبزار ويجوز بينه وبين غير الغالب ويمنع التفاضل بين المرق مع اللحم وبين المرقين ومحل القولين كما مر إذا طبخا معًا بإبزار ناقلة فإن طبخ أحدهما بما ينقل دون الآخر أو طبخ كل بما لا ينقل فجنسان قطعًا (والمرق) اللحم كاللحم فيباع بمرق مثله وبلحم مطبوخ وبمرق ولحم كهما بمثلهما متماثلًا في الصور الأربع (والعظم) في بيع اللحم بلحم نيأ أو مطبوخًا كاللحم بمنزلة نوى التمر حيث لم ينفصل عنه أو انفصل عن اللحم وكان يؤكل وإلا بيع باللحم متفاضلًا إن أخرج ما في العظم من دهن وإلا فكبيع دهن وعرض بلحم من جنسه فيما يظهر وكتب بعض الشيوخ أنه لا ينظر لما في المنفصل من المخ والظاهر خلافه (والجلد) المأكول ولو ببعض بلاد ولو منفصلًا (كهو) أي كاللحم فتباع شاة بأخرى ولا يستثنى الجلد لأنه لحم بخلاف الصوف فلا بد من استثنائه لأنه عرض مع طعام والجلد المدبوغ كعرض (و) على المشهور من أن البيض ربوي فيتحرى إذا بيع بعضه ببعض ولو اقتضى التحري مساواة بيضة ببيضتين و (يستثنى قشر بيض النعام) من الجانبين إذا بيع بمثله وهو لبائعه إذا بيع بيض دجاج مثلًا لما فيه في الأول من بيع عرض وطعام بعرض وطعام وفي الثاني من بيع عرض وطعام بطعام وذلك ممنوع وإنما كان عرضًا لأنه لكثافته له قدر من الثمن قيل المعنى استثناء الشرع له وإن لم يذكر ذلك في عقد البيع وهو مخالف لنقل ق عن ابن يونس من أن المستثنى صاحب بيض النعام وأما إذا بيع بيض النعام بدراهم فلا يستثنى قشره خلافًا لما يوهمه البساطي فالمصنف قاصر على الصورتين السابقتين دون هذه الثالثة وعلى مستثنى قشر بيض النعام أجرة كسر كمن اشترى شاة مثلًا واستثنى جلدها وما أصابه في الكسر من بائعه كمسألة بيع عمود عليه بناء للبائع كذا يظهر ومثل بيض النعام ببيع عسل بشمعه بمثله أو بعسل بدون شمعه فيجوز إن استثنى السمع وإلا فلا وإن بيع بدراهم ونحوها جاز مطلقًا (وذو زيت) يؤكل قال د: وصاحب الزيت أصناف وأخبر بأصناف عن صاحب لكونه شاملًا لمتعدد والرفع أولى من الجر لإفادته كونها أصنافًا بخلاف الجر اهـ.
(كفجل) أي بزر الفجل الأحمر إذ هو الذي يخرج منه زيت طعام ويسميه أهل البر زيت السيمقا وهو غير السماق وأما الأبيض فليس بطعام ودخل بالكاف سلجم وجلجلان وقرطم وزيتون ونحوه واحترزت بقولي يؤكل عن بزر الكتان وزيته فليس بربوى بل ليس
ــ
واحد في إناء وحده ولم يختلطا وهو ظاهر وبذلك تعلم فساد كلام ز والله أعلم (والجلد) قول ز فتباع شاة بأخرى الخ يعني شاة مذبوحة بشاة أخرى مذبوحة وأما بيع الحية بالحية فيجوز من غير استثناء وأما بيع الحية بالمذبوحة فمن بيع اللحم بالحيوان وسيأتي (ويستثنى قشر بيض النعام) قول ز وهو مخالف لنقل ق عن ابن يونس الخ الذي في ق نقل ذلك عن
بطعام على المعتمد فيجوز التفاضل في زيته لأنه لا يراد للأكل غالبًا كما في تت عن التوضيح (والزيوت) المأكولة (أصناف) أي أجناس كأصولها فلا يباع نوع منها بنوعه متفاضلًا مناجزة قاله تت فإذا كانت أصنافًا فأصولها أصناف بالأولى إذ لا فائدة لذلك حيث لم تكن ربوية (كالعسول) المختلفة من نحل وقصب وعسل رطب وعنب وخروب فإنها أصناف يجوز التفاضل بينها مناجزة وكل منها جنس ولو اختلف قاله تت فالتشبيه في كونها أصنافًا وأما كونها ربوية فسيذكره بقوله: وعسل وقد يقال جعلها أصنافًا يفيد كونها ربوية (لا الخلول) فإنها كلها صنف (والأنبذة) كلها صنف أي جنس واحد فنبيذ التمر مع نبيذ الزبيب جنس واحد والخلول مع الأنبذة جنس واحد على المعتمد لتقارب منفعتها وإن كان النبيذ لا ينقل فالأصول أصناف ونبيذها صنف واحد لما ذكرنا انظر د وعج وذكر الشارح إن الخلول جنس والأنبذة جنس آخر وعلى الأول فيباع النحل بالنبيذ متماثلًا لا متفاضلًا على المعتمد ويباع النحل بأصله على القولين ولو متفاضلًا ولا يباع النبيذ بأصله لا متماثلًا ولا متفاضلًا لأنه من بيع الرطب باليابس من جنسه وكلام الشارع يدل على أنه يباع بأصله متماثلًا وهو غير معول عليه فإن قلت لم بيع الخل مع أصله ولو متفاضلًا مع جريان العلة المذكورة قلت الخل يذهب معه أصله بالكلية بخلاف النبيذ الحلو فإن أصله التمر أو الزبيب يبقى معه فإن قيل لم جاز بيع النحل بأصله ومنع بيع القصب بعسله وقطارته قلت لتقارب منفعة القصب والعسل وبعد منفعة الخل من أصله (والأخباز) بالجر عطفًا على الأنبذة كلها صنف واحد (ولو بعضها قطنية) على المشهور وكانت جنسًا واحدًا وجرى في المطبوخ خلاف لأن الخبز أشد من الطبخ لاحتياجه لأمور سابقة عليه أي كالطحن والعجن بخلاف الطبخ فإنه وإن كان ناره أقوى من الخبز هو بالماء وبعض تابل فكان أسهل بهذا المعنى وما زاد على ذلك مجرد تفنن فيه ثم إن كانت الأخباز من جنس واحد اعتبرت المماثلة في دقيقها وإن كانت من أصناف اعتبرت المماثلة في وزنها كما يأتي عند قوله: واعتبر الدقيق في خبز بمثله وإلا سوقة كلها صنف كالأخباز ويجوز التفاضل بين السويق والخبز لاختلاف طعومهما ومنافعهما (إلا الكعك) إذا عجن (بأبزار) أو بزر واحد فالجمع غير مقصود فينتقل عن الخبز وعن كعك بدونها لانتقال الطعم والدهن كالأبزار كما للخمي فالزلابية مع الخبز صنفان والظاهر إنه ليس خلافًا لأنه إذا صار بالأبزار صنفًا منفردًا فأحرى بالدهن قاله تت وقال د وانظر هل الكعك بأبزار صنف وبالدهن صنف آخر أو الجميع صنف واحد واستظهر بعض شيوخنا الثاني اهـ.
ــ
ابن المواز لا عن ابن يونس فانظره (لا الخلول والأنبذة) قول ز والخلول مع الأنبذة جنس واحد على المعتمد الخ هذا هو الذي يفيده ابن رشد ونصه ويحتمل أن يقال النبيذ لا يصلح بالتمر لقرب ما بينهما ولا بالخل إلا مثلًا بمثل لأن الخل والتمر طرفان يبعد ما بينهما فيجوز التفاضل بينهما والنبيذ واسطة بينهما يقرب من كل واحد منهما فلا يجوز بالتمر على كل حال ولا بالخل إلا مثلًا بمثل وهذا أظهر ولا يكون سماع يحيى مخالف للمدونة اهـ.
ومقتضى نقل ق الأول ومثل الأبزار أيضًا السكر فالكعك به ناقل عما بدونه وعن خبز وانظر هل هو أي ما بالسكر مع ذي الأبزار صنف أو صنفان وكذا انظر في الكعكين بأبزار مختلفة بحيث يختلف طعم كل هل الجميع صنف واحد أو مختلف وهو مقتضى التعليل باختلاف الطعم ومثل العجين بأبزار تضميخه بها كالكعك بالسمسم بمصر لا وضع حبَّة سوداء على بعض رغيف (وبيض) هو ما بعده بالجر عطفًا على حب وليس في حيز لا فهو ربوي وصنف واحد من نعام وغيره وبيض ما يطير وما لا يطير وما يستحيا وغيره المازري فيتحرى المساواة وإن اقتضى التحري مساواة بيضة ببيضتين قاله تت وتقدم ذلك وقوله: ليس في حين لا ممنوع إذ كونه في حيز لا يفيد أيضًا أنه ربوي وصنف واحد ولا يدخل في كلام المصنف بيض الحشرات فيما يظهر بل ليس بطعام وكذا لحمها وجزم كر بربوية لحمها لا يظهر (وسكر وعسل) ربويان وكل منهما صنف منفرد وتقدم إن العسل أجناس قاله تت أي وتكلم هنا على كونها ربوية قال د المراد بالعسل نوع خاص كعسل القصب وحينئذٍ فلا يستغنى عنه بقوله كالعسول اهـ.
ويجوز بالسكر بيع القصب وعسله أي مائه بلا طبخ وربه وهو ماؤه المطبوخ ولا يجوز بيع القصب بعسله ولا بربه لأنه من الرطب باليابس إلا أن يدخل ربه أبزار وكذا لا يجوز بيع العسل بربه وينبغي تقييده بما إذا لم يدخله أبزار كالذي قبله ولا يباع سكر نبات بما يقطر منه وهو المسمى بمصر بالقطر القناني ويباع القطر المذكور ربما يباع به السكر الأبيض غير النبات وبنفس السكر الأبيض المذكور قاله عج وشمل قول المصنف وسكر الأبيض بالنبات ومطلق لبن حليب ومخيض ومضروب فيه زيد أولًا من إبل أو بقر أو غنم جنس واحد لأنه مقتات وإن كان لا يدخر فيستخرج منه ما يدخر كالجبن والسمن وأيضًا فاستمراره صيره كالمدخر وبهذا الثاني يدخل لبن الإبل لأنه لا يستخرج منه ما يدخر لكن يستمر في الضرع وشمل لبن الآدمي كما في ابن عرفة لا مكروه الأكل بل ليس بطعام فيما يظهر لعدم صدق حده عليه.
تنبيه: في الذخيرة هل اللبأ جنس غير اللبن لاختلاف الاسم والمنفعة فلا يخرج منه سمن ولا يؤكل إلا مطبوخًا وهو كالدكار لأنه منفحة أو هو من جنس اللبن وهو الظاهر لأنه أصله وإنما اجتمع في الضرع وهو أقرب اللبن من الشعير للقمح بل هو كالعسل الرقيق قال اللخمي ولا بأس ببيع دكار التين بالتين إلى أجل متفاضلًا وغيره (وحلبة) بضم الحاء واللام وتسكن تخفيفًا ربوية (وهل) هي ربوية (أن اخضرت) فيمنع بيعها قبل قبضها والتفاضل فيها لا إن يبست فلا يمنع ذلك فيها أو ربوية مطلقًا (تردد) هذا ظاهر كلامه
ــ
(وعسل) قول ز وتكلم هنا على كونها ربوية الخ يقال عليه لا فائدة في التنبيه عليه لأن كونها ربوية مستفاد من الحكم عليها بأنها أجناس (وهل إن اخضرت تردد) ظاهر المصنف كابن الحاجب أن التردد في كونها ربوية أم لا واعترضه في ضيح بأن الذي في النقل أن الخلاف في الحلبة هل هي طعام وهو قول ابن القاسم أو دواء وهو قول ابن حبيب أو
كابن الحاجب ونحوه للجزولي في شرحه الكبير جاعلًا التردد المذكور قولًا ثالثًا والأول يمنع بيعها قبل قبضها والتفاضل فيها مطلقًا والثاني يجوز مطلقًا والثالث التفصيل كما علمت ففيه شاهد للمصنف كابن الحاجب فيخف به أو يسقط اعتراض الشارح عليه بأن ظاهر كلامه خلاف ما في كلامهم فإن الذي في كلامهم هل الحلبة طعام أو دواء أو الخضراء طعام واليابسة دواء ولم يتعرض ابن القاسم القائل بأنها طعام لكونها من الطعام الربوي أم لا انتهى.
فكأنه لم يطلع على نقل الجزولي أو اطلع عليه ولم يعتبره.
فرع: قال الجزولي وأما النشا وهو شيء يكون عند الجلاد للكتب يلصق به الجلود وهو مصنوع من الطعام فإنه يجوز بيعه قبل قبضه ويجوز فيه التفاضل من غير خلاف مع إنه كان أصله من طعام وإنما ذلك لأنه خرج عن كونه طعامًا اهـ.
قال كله د (ومصلحة) بالرفع مبتدأ حذف خبره أي كذلك وجره عطفًا على حب فيه شيء إذ ليس من أمثلة الطعام بل هو ملحق به والجواب أن المصلح في معنى الاقتيات كالتوابل قاله في التوضيح (كملح وبصل وثوم) أخضرين أو يابسين ربويان بلا خلاف كما في الشارح يمنع فيهما التفاضل خلافًا لقول ابن العربي يجوز التفاضل فيها انظر تت على الرسالة وهما جنسان كما في الشارح لكن يمنع بيع الرطب منهما باليابس (وتابل) بفتح الموحدة وكسرها ومثله بقوله: (كفلفل) بضم الفاءين يابس ربوي وألحق به ابن عرفة الزنجبيل (وكزبرة) بضم الكاف والباء الموحدة وتفتح الباء أيضًا كما نقلهما في المحكم وتبدل الزاي سينًا ربوية إن كانت يابسة لا خضراء إن لم يكن عرف بجعلها كالصلق من المصلح كما يقتضيه ابن عرفة في النارنج كما مر وكرويا بوزن زكريا وروي بوزن تيميا (وأنيسون وشمار) كسحاب (وكمونين) أبيض وأسود ويسمى الثاني حبَّة سوداء وشونيز بفتح الشين المعجمة وهذا الاسم أظهر فيه
ــ
الخضراء طعام واليابسة دواء وهو قول أصبغ وإن المتأخرين اختلفوا على طريقتين وهما هل قول أصبغ تفسير للقولين وأن المذهب على قول واحد أولًا قال فالخلاف فيها إنما هو وهل هي طعام أو دواء لا في أنها ربوية أو لا واعترض الشارح على المصنف بمثل اعتراضه في ضيح وأجاب عج بأن كلام الجزولي في شرحه الكبير يدل لابن الحاجب والمصنف هذا حاصل ما أشار إليه ز وقال ح بعد ذكره اعتراض الشارح ويظهر من كلام ابن عبد السلام أنه يستفاد من الخلاف المذكور الخلاف في كونها ربوية أم لا وذكر كلامه فانظره والظاهر أن المصنف اعتمد ذلك والله أعلم و (مصلحه) قول ز إذ ليس من أمثلة الطعام الخ يقتضي أن المصلح ليس بطعام وليس كذلك ابن عرفة الطعام ما غلب اتخاذه لأكل آدمي أو لإصلاحه أو شربه اهـ.
وفي ق عن اللخمي رواية المدونة أن التوابل طعام اهـ.
وأكثر استعمالًا قاله تت (وهي) أي المذكورات وما أدخلته الكاف أولًا وثانيًا وما عطف على كل واحد من مدخولها (أجناس) فالكمونان جنس واحد كما للشارح وق قال تت بعد أجناس وكذا القرفة والسنبل ولما ذكر ما فيه علة الربا أخرج منه ما ليست فيه فقال (لا خردل) بدال مهملة كما في التنزيل وجاء أعجامها فلا يدخله ربا الفضل وهذا خلاف ظاهر قول ابن الحاجب إنه ربوي اتفافًا ولو أدخل الكاف على خردل ليدخل بزر البصل والجزر والبطيخ والقرع والكراث والحرف وهو حب الرشاد لكان أحسن ويقال في حب الرشاد قوة حتى قيل اسقه الحرف والقه من الجرف اهـ.
وفي التلقين في الخردل خلاف فأقل مراتبه أن المشهور ربويته (وزعفران) ليس بربوي بل ليس بطعام ابن يونس إجماعًا عبد الحق عن ابن سحنون من منع سلف زعفران في طعام يستتاب فإن لم يتب ضربت عنقه لإجماع الأمة على إجازته فسألت أبا عمران عن ذلك فقال أن ثبت عنده ذلك الإجماع بخبر الواحد لم يستتب وإن ثبت بطريق يحصل له العلم بذلك يستتاب ابن عرفة الصحيح إن الإجماع الذي يستتاب منكره ما كان قطعيًّا وهو ما بلغ عدد قائله عدد التواتر ونقل متواترًا على خلاف فيه ثالث الأقوال إن كان نحو العبادات الخمس وما نقل من الإجماع في الزعفران لم أجده في كتب الإجماع اهـ.
ــ
نعم لو قال ليس من أمثلة المقتات بل ملحق به كان ظاهرًا (وهي أجناس) أي على ما استظهر الباجي قال ابن عرفة في كون التوابل جنسًا أو أجناسًا نقل الشيخ عن محمَّد عن ابن القاسم الشمار والأنيسون جنس والكمونان جنس وقول الباجي الأظهر أنها أجناس لاختلاف منافعها وتباين الأغراض فيها اهـ.
والشمار زريعة البسباس وهو النافع والأنيسون حبَّة الحلاوة (لا خردل) قول ز وهذا خلاف ظاهر قول ابن الحاجب الخ فيه نظر إذ ليس في ابن الحاجب تصريح بالاتفاق وعبارة خش سياق ابن الحاجب أنه ربوي باتفاق واستظهر في ضيح ربويته اهـ.
وهي أقرب لكن استظهار ضيح ليس في الخردل إنما هو في التين ونص ابن الحاجب بعد ذكر الأقوال المتقدمة في العلة فما اتفق على وجودها فيه فربوي كالحنطة والشعير ثم قال والخردل والقرطم وتردد مالك في التين لأنه غير مقتات في الحجاز وإلا فهو أظهر القوتية من الزبيب اهـ.
قال في ضيح الخردل بالدال المهملة والأظهر في التين أنه ربوي لما قاله المصنف أنه أظهر من الزبيب وقد ذكر في التلقين فيه خلافًا اهـ.
وقد علمت به أيضًا أن قول ز وفي التلقين في الخردل خلاف فيه نظر إذ الخلاف في ضيح عن التلقين في التين لا في الخردل وقد رد خ بهذا على البساطي قال بعضهم الخردل هو زريعة الجرجير وهو المعروف بحب الأصناب والقول بأنه الحرمل أو الحرف خطأ (وزعفران) أما اعتراض ابن عرفة على ابن سحنون بأن الإجماع الذي ذكره ليس بمتواتر
وقوله وهو ما بلغ عدد قائله عدد التواتر أي وكان معلومًا بالضرورة عند الناس بأن اشترك في معرفته الخاص والعام وإن لم يعلم المنكر تواتره بل وإن لم يعلمه أصلًا قال الهيتمي على الأربعين والذي يوجب التكذيب أي المقتضى للكفر هو إنكار ما علم من دين محمَّد صلى الله عليه وسلم ضرورة بأن يعلمه بالبديهة حتى العامة كالوحدانية والنبوة والبعث والجزاء ووجوب نحو الصلاة وحرمة الخمر ووطء الحائض وحل نحو البيع والنكاح وندب نحو الرواتب إلى أن قال وقد يكون الشيء متواترًا معلومًا بالضرورة عند قوم أي كتواتر وجوب الصلاة على كل مكلف دون غيرهم أي كمن نشأ بشاهق جبل لم يخالط أحدًا فيكفره من تواتر عنده دون غيره أما المجمع عليه غير المعلوم بالضرورة كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب فلا كفر بإنكاره عندنا وكفره الحنفية إن علم بثبوته قطعًا أو ذكر له أهل العلم إنه قطعي فاستمر على جهله عناد الوجود التكذيب حينئذٍ اهـ.
وقوله: أما المجمع عليه غير المعلوم بالضرورة مفهوم قوله أولًا التكذيب المقتضى للكفر هو إنكار ما علم من دين محمَّد ضرورة فكأنه قال المجمع عليه ثلاثة أقسام قسم يكفر منكره قطعًا وهو ما استوفى الشروط التي ذكرنا ثم ذكر مفهوم الأول وجعله قسمين قسم فيه تفصيل بين المتواتر عند منكره فيكفر وعدمه فلا يكفر وقسم ثالث لا كفر فيه في مذهبه خلافًا للحنفية وعرضته على شيخنا الشمرلسي فاستحسنه ولم يظهر لي ولا له قول عج أن قوله أما المجمع عليه الخ لا يلتئم مع ما صدر به ولعله بناه على أن معنى المعلوم عند المنكر مع أن المراد علم عند الناس واشترك في معرفته الخاص والعام فأنكره إنسان مدعيًا جهله إياه فإنه يستناب ويعلم فإن استمر قتل فتأمله (وخضر) ليس بربوي وإن كان طعامًا (ودواء) وزراريع لا يعتصر منها زيت ليس بطعام بالكلية (وتين) الراجح إنه ربوي كما في نقل في ونص آخره فهذا نص مالك أن التين ربوي اهـ.
وقول عج عقبه فيه نظر لأنه من الفاكهة اهـ.
أراد بالنظر البحث فقط بدليل تعليله لا رد للراجح وظاهره شموله للأخضر واليابس
ــ
فظاهر وأما الأقوال التي قالها ابن عرفة فأصلها لابن الحاجب وتقدم الكلام عليها في الصلاة عند قوله والجاحد كافر فبان أن هذا الخلاف ليس على ظاهره لما نص عليه سعد الدين وغيره من أن جاحد ما علم من الدين بالضرورة كالعبادات الخمس كافر بلا خلاف وأما قول ز أي وكان معلومًا بالضرورة فظاهره أنه تفسير لموضوع الخلاف عند ابن عرفة وليس بصحيح بل موضوعه هو الإجماع المتواتر مطلقًا والتفصيل بين المعلوم بالضرورة وغيره هو القول الثالث فالصواب إسقاط تفسيره وقول ز فكأنه قال المجمع عليه ثلاثة أقسام الخ فيه نظر إذ ليس في كلام الهيثمي إلا قسمان لأن قوله وقد يكون الشيء متواترًا إنما هو من تمام القسم الأول (ودواء) نحو صبر وحرف وحرمل وشاهترج وهو المسمى عندنا ببقول الصيف ولا يدخل فيه أشربة الطيب لأنها ربوية وهي جنس واحد لأن منفعتها متقاربة فلا يجوز التفاضل
وقيل الأول غير ربوي (وموز وفاكهة) كخوخ وإجاص وتفاح وكمثري ورمان وعنب وأترج وبطيخ وقثاء وخيار ليست ربوية (ولو ادخرت) بدال مهملة ويجوز قليلًا إعجامها (بقطر وكبندق) غير ربوي على المشور ودخل بالكاف الجوز واللوز والفستق بفتح التاء لأن ادخارها ليس للاقتيات قاله تت وفي ق عند قوله: وتين ابن عرفة ظاهر اللخمي والقاضي الاتفاق على أن الجوز واللوز ربويان فيشكل دخولهما تحت الكاف لكن المصنف تبع نص ابن يونس عن ابن حبيب اهـ.
بالمعنى أي فلا يغتر بظاهر ما للخمي والقاضي من الاتفاق على ربويتهما (وبلح إن صغر) بأن انعقد واخضر لأنه حينئذٍ علف والطلع أحرى قاله تت وغلبة اتخاده لا كل آدمي بمصر تفكها نادر ثم على إنه علف يجوز بيعه بمثله وبكبير أو بسر أو رطب أو تمر ولو إلى أجل إن كان مجذوذًا أو يجد قبل أن يراد للأكل وإلا منع بيعه بما ذكر إلى أجل
ــ
بين شراب الورد وشراب البنفسج أو شراب جلاب مثلًا انظر ح (وموز وفاكهة) قول ز وعنب الخ يجب ضبطه بضم العين وتشديد النون وهو الزفزف وأما العنب بالكسر والتخفيف فربوي كما تقدم (وكبندق) قول ز والفستق بفتح التاء الخ بل يجوز في التاء منه الضم والفتح لقول القاموس فستق كقنفذ وجندب معروف اهـ.
وقول ز وفي ق عند قوله وتين الخ ما نقله ق هنا عن ابن عرفة وقع له فيه تحريف ونص ابن عرفة واختلف في أنواع لاختلافهم في لعلة ففي كون الجوز واللوز ربوبين نقلا ابن بشير ونحوه قول الباجي من جعل العلة الاقتيات والادخار لم يجعل الجوز واللوز ربويين وظاهر ما تقدم من رد اللخمي تعليل ابن القصار والقاضي الاتفاق على أنهما ربويان اهـ.
بلفظه وأشار بذلك إلى قول اللخمي حين ذكر علة ربا الفضل ونصه وقال ابن القصار وأبو محمَّد عبد الوهاب العلة أنها مأكولة مدخرة للعيش غالبًا وليس هذا التعليل بصحيح وهذه العلة شرط في كل ما تجب فيه الزكاة لأنها إنما تجب فيما كان للعيش غالبًا وإذا كان مقتاتًا مدخرًا وليس للعيش غالبًا يحرم فيه التفاضل وليس تجب فيه الزكاة فالجوز واللوز وما أشبه ذلك يحرم فيه التفاضل لأنه مقتات مدخر ولا تجب فيه الزكاة لأنه ليس بأصل للعيش اهـ.
محل الحاجة بلفظه فمعنى كلام ابن عرفة هو أن ما تقدم من رد اللخمي لتعليل ابن القصار والقاضي يقتضي ظاهره الاتفاق على أنهما ربويان لأن الرد لا يقع إلا بما هو متفق عليه أو مشهور فالذي ظاهره الاتفاق هو اللخمي فقط وأما القاضي فمردود عليه تأمله وقول ز لكن المصنف تبع نص ابن يونس الخ ظاهره أن هذا من كلام ق ولم نره في النسخ التي بأيدينا منه على أن في ق عند قوله كبندق على نص ابن يونس أن الجوز واللوز ربويان خلاف ما نقله عنه ز فانظره والجوز هو البندق كما في القاموس واعلم أنه يؤخذ من كلام الباجي المتقدم ترجيح ما مشى عليه المصنف في الجوز واللوز والجوز خلاف ما أفاده ق والله أعلم لكن في تكميل التقييد أن مذهب المدونة امتناع التفاضل في الجوز واللوز والفستق والبندق ونحوها (وبلح إن صغر) قول ز وإلا منع بيعه بما ذكر الخ أي وإلا بأن كان لا يجد قبل أن
وإنما يجوز يدًا بيد ولو متفاضلًا واعلم أن ثمر النخل سبع فالطلع وإلا غريض لا يتعلق بهما حكم بالأولى مما ذكره المصنف وما عداه إما بلح صغيرًا أو كبير أو بسر أو رطب أو تمر والمراد بالبسر ما يشمل الزهو فالأقسام خمسة لا ستة وكل واحد من الخمسة إما أن يباع بمثله أو بغيره فهي خمس وعشرون صورة المكرر منها عشرة وباقي ذلك خمس عشرة صورة وهي بيع البلح الصغير بمثله وبالأربع بعده وبيع البلح الكبير بمثله وبالثلاثة بعده وبيع البسر بمثله وبالاثنين بعده وبيع الرطب بمثله وبالتمر وبيع التمر بالتمر فالجائز من هذه الصور بيع كل بمثله وبيع البلح الصغير بالأربع بعده ويجوز بيع البسر بالزهو لأنهما شيء واحد كما تفيده المدونة (وماء) ليس بربوي بل ليس بطعام فيجوز فيه التفاضل والنسيئة لا اجتماعهما لأنه سلف بزيادة قاله د ويأتي إيضاحه (ويجوز) بيع الماء (بطعام لأجل) وبيعه قبل قبضه وبيع بعضه ببعض متفاضلًا يدًا بيد لا لأجل أن عجل القليل إذ فيه سلف جر نفعًا وكذا الكثير على ظاهر المدونة ولعله مبني على أن تهمة ضمان بجعل توجب المنع وهو ظاهر المصنف في السلم لا ماله في بيوع الآجال والماء العذب وما في حكمه مما لا يشرب إلا عند الضرورة أي كالقيسوني بمصر جنس واحد والأجاج وهو ما لا يشرب بحال كماء البحر الملح جنس آخر فيجوز التفاضل بينه وبين الحلو فإن قلت قد ثبت أن الماء غير طعام وحينئذٍ فلا تظهر لكون العذب منه والأجاج جنسين فائدة قلت تظهر في بابي البيع والسلم فالأول إذا باع قليلًا منه بكثير لأجل يمتنع إن كانا من جنس واحدًا لأن بيعه بأكثر من جنسه لأجل كسلف بزيادة كما مر لا بأقل إذ فيه تهمة ضمان بجعل وهي غير ممتنعة عند المصنف ولا إن كانا من جنسين والثاني لا يسلم شيء في أكثر أو أجود منه كالعكس كما سيأتي في السلم لكنه قيده بما إذا لم تختلف بهما المنفعة ولا شك في اختلافها بهما وهي في الجنس الواحد (والطحن) لقمح مثلًا لا ينقل عن الحنطة (والعجن) لا ينقل عن الدقيق ولا عن القمح كما للبساطي ويدل
ــ
يراد للأكل منع بيعه لأجل وجاز يدًا بيد هذا ظاهره وهو يقتضي جواز بيعه على أن يبقى في شجره إلى أن يراد للأكل وهو باطل يدل عليه ما في ق عن ابن يونس وما يأتي في التداخل وصوابه وإلا منع بيعه مطلقًا ولو حذف قوله أو يجد قبل أن يراد للأكل لطابق عبارة ق ونصها ابن يونس إنما اشترط فيه كونها يدًا بيد إذا كان في شجره إذ لا يجوز بقاؤه وإنما يجوز على الجذ وإن كان مجذوذًا جاز أن يسلم في تمر أو رطب بصفة معلومة اهـ.
وقول ز واعلم أن ثمر النخل سبع الخ مما يجري على ألسنة الشيوخ في ترتيب درجات ثمر النخل مشيرين بكل حرف لأول كلمة من أسماء تلك الدرجات قولهم (طاب زبرت) وهو الطلع والإغريض والبلح والزهو والبسر والرطب والتمر وقول ز فالجائز من هذه الصور الخ أي فالجائز تسع صور وتبقى ست صور ممنوعة قال في المدونة ولا يجوز تمر برطب أو ببسر أو بكبير البلح ولا كبير البلح برطب أو ببسر ولا بسر برطب على كل حال لا مثلًا بمثل ولا متفاضلًا اهـ.
عليه قوله الآتي كعجين بحطنة أو دقيق فترديد تت فيه غير ظاهر (والصلق) بنار لينة كقمح يسمى بليلة لا ينقل عن أصله لعوده له إذا يبس فيحرم بيعه بأصله ولو متماثلًا لأنه رطب (بيابس إلا الترمس) فينقل صلقه أن نقع في الماء حتى يحلو فأراد بصلقه الناقل هو الهيئة المجتمعة منه ومن نقعه في الماء لا مجرد صلقه كما يتوهم من ظاهره (والتنبيذ) لتمر أو زبيب (لا ينقل) المنبذ عن أصله فلا يباع به ولو متماثلًا وكذا العصر ففي اللخمي لا يجوز بيع زيتون بزيت قال مالك ولو كان هذا الزيتون لا يخرج منه زيت ذكره في عند قول المصنف كزيتون ولا يقال هو عينه لأنا نقول معنى ما مر بيع زيتون بمثله وأما كون عصره ينقله عن أصله أم لا فلم يتكلم عليه المصنف (بخلاف خله) أي تخليل ما ينبذ فإنه ناقل عن أصله فيباع ولو متفاضلًا ويجوز بيع النحل بالنبيذ متماثلًا فقط لأنهما جنس واحد (و) بخلاف (طبخ لحم بأبزار) أي توابل اتحدت أو اختلفت فناقل عن المطبوخ بدونها وعن النيء وطبخ أرز مع لحم بلا أبزار ناقل عن أرز بغير لحم ولو بأزار لا أرز طبخ بأبزار عن أرز طبخ بدونها ودون لحم ولا لحم طبخ بماء وملح لأنهما غير أبزار ابن عرفة فإن أضيف إليهما بصل فقط أو ثوم كان يراه بعض شيوخنا معتبرًا وهو مقتضى آخر كلام ابن حبيب خلاف مقتضى أوله اهـ.
وهو يفيد أن المراد بالأبزار ما يشمل مصلح الطعام وإنه يكتفي بإضافة واحد منها إلى الملح وما نقله عن بعض شيوخه سبقه به أبو الحسن عن أبي محمَّد صالح وكأنه لم
ــ
أبو الحسن الأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن التمر بالرطب أينقص الرطب إذا جف قالوا نعم قال فلا إذا وهو تنبيه على العلة قال مالك وكذلك كل رطب من الثمار بيابسه قال ابن القاسم في العتبية لا يباع شيء من الثمار رطبه بيابسه كان مما يدخر أو لا كان مما يجوز فيه التفاضل أم لا لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الرطب باليابس اهـ.
وقد ذكر ابن رشد في بيع الرطب باليابس في النوع الذي يجوز فيه التفاضل ثلاثة أقوال ونصه في سماع عيسى من السلم الثاني أما الرطب باليابس من صنفين كانا مما يجوز فيه التفاضل أو مما لا يجوز فلا اختلاف في جوازه بكل حال وأما الرطب باليابس من الصنف الذي لا يجوز فيه التفاضل فلا اختلاف في أن ذلك لا يجوز لما جاء في الحديث وأما الرطب باليابس من الصنف الواحد الذي يجوز فيه التفاضل كالتفاح والخوخ فاختلف فيه على ثلاثة أقوال أحدها أن ذلك لا يجوز وإن تبين الفضل بينهما وهو دليل احتجاجه في هذه الرواية وفي سماع أصبغ بعد هذا والثاني أن ذلك جائز وإن لم يتبين الفضل فيه بينهما وهو قول ابن القاسم في رسم باع شاة بعد هذا والثالث أن ذلك جائز إن تبين الفضل بينهما وغير جائز إن لم يتبين الفضل بينهما وهو قول ابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب البيوع اهـ.
بخ (والتنبيذ لا ينقل) قول ز لأنا نقول معنى ما مر الخ صوابه ما يأتي في قوله كزيتون ولحم الخ (وفي لحم بأبزار) قول ز لا أرز طبخ بأبزار الخ ما أفاده من أن طبخ الأرز بالأبزار لا ينقله عن أصله فيه نظر فإن ظاهر كلام ابن بشير كما في ق أن كل ما طبخ بأبزار نقل عن
يقف عليه (و) بخلاف (شيه وتجفيفه) بالنار أو الشمس أو الهواء (بها) أي بالأبزار فناقل وبدونها غير ناقل ولا يباع قديد بأبزار بمشوي بها ولا يخالف هذا قوله: فيما مر وفي جنسية المطبوخ الخ كما هو ظاهر (والخبز) بفتح الخاء المعجمة ناقل عن العجين والدقيق والقمح فيباع المخبوز بكل مما ذكر متماثلًا ومتفاضلًا ويباع الخبز بالنشا متفاضلًا لأن صنعته أخرجته عن منفعة الأكل لغيره وبيعه قبل قبضه والتفاضل فيه بلا خلاف كما مر عن د عن الجزولي عند قوله تردد (وقلبي قمح) وغيره من الحبوب حمص مجوهر وفول حار وأولى منه مدمس فيما يظهر فيهما ناقل لأنه يزيل المعنى المقصود من الأصل غالبًا ولا يعود له إذا يبس والفرق بينه وبين الطحن أنه لا يغير الطعم وإن غير الذات بخلاف القلي فإنه يغير الطعم وإن لم يغير الذات والفرق بينه وبين الصلق أن المصلوق قد يعود لأصله إذا يبس كما مر بخلاف المقلي وإنما كان مغير الطعم ناقلًا وإن لم يغير الذات لأن الطعمية هي المقصودة بالذات من الحب قرره عج (وسويق) ناقل عن قمح بالأولى من مجرد القلي قاله في التوضيح فالمناسب حذفه اكتفاء بما قبله وحمله د على غير ظاهره فقال ليس المراد بالسويق هنا القمح المقلي المطحون لاستفادته مما قبله بالأولى بل المراد به القمح المصلوق المطحون وهذا لا يستفاد مما قبله اهـ.
وهذا تتوقف صحته على أن اجتماع الصلق والطحن ناقل ومقتضى جعل المصنف فيما مر أن الطحن لا ينقل شموله لما صلق قبل الطحن قاله عج وقد يقال جمع الشيئين يؤثر النقل (وسمن) أي تسمين ناقل عن لبن أخرج زبده فيباع به متماثلًا ومتفاضلًا كما في ح وطخ لا عما لم يخرج زبده على المعتمد فلا يكون ناقلًا فيمنع بيعه به للمزابنة (وجاز تمر) أي بيعه (ولو قدم) بضم الدال (بتمر) جديد متماثلًا وأولى جديدين أو قديمين لتحقق المماثلة قطعًا ورد بلو قول عبد الملك بمنع القديم بالجديد واستحسنه اللخمي لكثرة جفاف القديم فلا تتحقق المماثلة انظر تت ولعله لم ينظر هنا للشك في التماثل لسماحة النفوس غالبًا أو لأن التحري ممكن وأما قدم من القدوم فبالكسر وأما من التقدم فبالفتح والكسر كنصر وعلم قاله مع ما مر من ضبط المصنف في القاموس ويلتبس مكسور الدال بالقدوم والتقدم ولعل المتعلق يبين نحو قدم من السفر وعلى أقرانه وظاهر قوله من المتقدم شموله للتقدم المعنوي وهو ظاهر كقدم زيد بالعلم على أقرانه وللمرتبة الزمانية نحو قدم زيد على عمر وبمعنى تقدم سنة عليه أي عاش بعده ولم يقل في هذا الأخير بضم الدال
ــ
أصله بذلك سواء اللحم أو الأرز أو غيرهما (وسويق وسمن) الظاهر كما لح إن الواو في وسمن بمعنى مع وإن مراده أن السويق إذا لت بسمن ينتقل عن السويق غير الملتوت وبهذا يسلم من الاعتراض المذكور في ز ومن اعتراض غ في قوله وسمن بأنه يقتضي أن السمن جنس غير الزبد والحليب انظر غ (ولو قدم) قول ز أو لأن التحري ممكن الخ يقتضي جواز بيع القديم بالجديد مع تحري المماثلة وليس بصحيح بل ظاهر كلامهم أنه لا بد من التماثل
مع وجود المعنى الموجود في ضد الجديد لعدم سماعه إذ لم تقل العرب قدم الرجل إذا طعن في السنن بل كبر بكسر الباء واللغة يقتصر فيها على ما ورد (و) جاز لبن (حليب) من أنعام بمثله (ورطب ومشوي وقديد وعفن) من البلح بمثله ولو قدم هذه الأربعة على حليب لوصل أنواع التمر بقوله وجاز تمر وأخر حليب لوصله بما تولد منه وهذا إن أراد بالمشوي والقديد والعفن من التمر كما قررنا وكذا إن أراد به من اللحم كما قرره عليه عج مقتصرًا عليه ولا يباع المشوي والقديد بمثلهما إذا اختلفت صفة شيه وتقديده ولعل الاختلاف بين التمر القديم والجديد دون الاختلاف بين المشويين والقديدين المختلفين (وزبد وسمن وجبن وأقط) بفتح الهمزة وكسر القاف وهو لبن أخرج زبده ويبس كما في ح وقبل التيبس وبعد إخراج زبده يسمى مخيضًا على صفة معينة ومضروبًا على صفة أخرى فحذف المصنف المخيض والمضروب استغناء بذكر الأقط لاشتراكهما معه في أن كلا أخرج زبده فعلم منه أن اللبن وما تولد منه سبعة أنواع حليب وزبد وسمن وجبن وأقط مخيض ومضروب وبيع هذه السبعة بعضها ببعض من نوعه وغير نوعه تسع وأربعون صورة المكرر منها إحدى وعشرون والباقي بعد إسقاطه ثمان وعشرون الجائز منها قطعًا ست عشرة صورة بيع كل واحد منها بنوعه متماثلًا كما أشار له بقوله: (بمثلها) وبيع المخيض بالمضروب فهذه ثمانية وبيع كل من المخيض والمضروب بحليب أو زبدًا وسمن أو جبن من حليب فهذه ثمانية أيضًا فإن كان الجبن لا من حليب بل من مخيض أو مضروب امتنع بيعهما كما في ح لأنه رطب بيابس وأما بيع المخيض أو المضروب بالأقط فقيل يجوز عليه فلا بد من التماثل وقيل يمنع واستظهره ح قائلًا لأن الأقط مخيض أو مضروب يبس أي فهو من الرطب باليابس وكذا اختلف في جواز بيع الجبن بالأقط ومنعه فعلى الجواز في هذه الصور الثلاث تصير جملة الصور الجائزة تسع عشرة والصور الممتنعة تسعة مفهوم قول المصنف بمثلها وهي بيع الحليب بزبد أو سمن أو جبن أو أقط وبيع الزبد بسمن أو جبن أو أقط وبيع السمن بجبن أو أقط ويزاد بيع مخيض أو مضروب بجبن عما منهما فيمنع ولو متمائلًا كما يفيده ح لأنه من الرطب باليابس كما مر قريبًا واعلم أن الصور الجائزة لا بد فيها من المماثلة في بيع كل من الأنواع السبعة بمثله وكذا إذا بيع المخيض أو المضروب بحليب فإن بيعًا بزبد أو سمن أو جبن لم تعتبر المماثلة.
ــ
بينهما بالكيل أو الوزن أو التفاوت بينهما يلغي ليسارته (ورطب ومشوي) قول ز ولا يباع المشوي والقديد بمثلهما الخ ما ذكره من المنع نقله ق عن ابن حبيب ونقل عقبه عن ابن رشد أنه لا يباع المشوي بالمشوي ولا القديد بالقديد إلا بتحري أصولهما اهـ.
وإذا اعتبرت المماثلة فيهما بتحري الأصول فلا عبرة بالشيّ والتقديد استوى أو اختلف تأمل (بمثلها) قول ز بل من مخيض أو مضروب الخ هذا هو الأقط ففي ح قال عياض الأقط هو جبن اللبن المستخرج زبده وخصه ابن الأعرابي بالضأن وقيل لبن مجفف مستحجر يطبخ به اهـ.
تنبيه: أشعرت المثلية في اللحم المشوي والقديد والعفن أنه لا يباع لحم مشوي لا ناقل به بقديد أو عفن أو لحم نيء أو طبخ بغير أبزار ولو مثلًا بمثل لأنه رطب بيابس وكذا إن كان بالعوضين مما ذكرنا قل بناء على اتحاد جنسية المطبوخ من جنسين فإن وجد الناقل بأحدهما فقط جاز بالآخر ولو متفاضلًا ويتحرى المطبوخ مع مرقته ويتحرى مشوي وما عطف عليه منفردًا إذ لا مرق به ثم شبه في الجواز قوله: (كزيتون) رطب أو يابس بمثله لا طري بيابس فيمنع كيلًا ووزنًا (ولحم) بمثله رطوبة بأن ذبحا بوقت واحد أو متقارب كما قيد به اللخمي وقول تت لم يذكر المصنف تقييد اللخمي أي صريحًا وإلا فالتشبيه يفيده وكذا يفيده قوله: (لا رطبهما بيابسهما) بضمير التثنية كما في بعض النسخ لا كيلًا ولا وزنًا بالجر عطفًا على مدخول الكاف وفي بعضها بضمير الجمع المؤنث بالرفع عطفًا على ما قبل مدخول الكاف فيعود على جميع ما مر فيشمل رطب الجبن أو التمر بيابسه لكن عليها يفوت الكلام على اعتبار ذلك في الزيتون واللحم وهو معظم المقصود فالمخلص رفع رطبها بفعل محذوف ويكون من عطف الجمل أي لا يجوز رطبها بيابسها قاله غ وفي قوله عليها يفوت الكلام الخ نظر إذ التشبيه يفيده لأن الأصل فيه التمام ومحل منع الرطب باليابس في اللحم ما لم يكن في أحدهما أبزار وإلا فهو جنس آخر (و) لا يجوز بيع (مبلول) من قمح وفول ونحوهما (بمثله) من جنس واحد ربوي لا متماثلًا ولا متفاضلًا لا كيلًا ولا وزنًا لعدم تحقق المماثلة في البلد إذ من الحب ما يقبل من الماء ما لا يقبله غيره وهذا ظاهر في الوزن وكذا في الكيل بالنظر إلى أنه قد لا يماثل حالة الجفاف لكون أحدهما يشرب أكثر من الآخر كما في د قال ح: والفرق بينه وبين المشوي والقديد كثرة الاختلاف في المبلول ولأن أسفله لا يساوي أعلاه بخلاف المشوي فإنه لا يختلف في الغالب قال في التوضيح وفيه نظر والفرق بين المبلول والعفن أن العفن لا صنع لهما فيه بخلاف البلل ولأن المبلول يختلف نقصه إذا يبس لأنه قد يكون أحدهما أشد انتفاخًا من الآخر والعفن لا يختلف إذا تساويا في العفن قاله ابن يونس وفرق عبد الحق بأن المبلول يمكن الصبر عليه حتى ييبس والعفن ليس كذلك (و) لا يجوز بيع (لبن) فيه زبده (بزبد) ظاهره سواء أريد أخذ اللبن لإخراج زبده أو لأكله وهو كذلك وقيد بعضهم المنع بما إذا أريد إخراج ذلك وأما للأكل فلا ولم يعتبر المصنف هذا القيد قاله تت (إلا أن يخرج زبده) فيجوز بيعه بالزبد قاله في المدونة قاله تت وكفى بالمدونة شاهدًا للمصنف وكذا يجوز بيعه بسمن وكذا لبن لا زيد فيه كلبن الإبل يباع بزبد كما في ابن الحاجب على ما في د (واعتبر الدقيق) أي قدره (في) بيع خبز (بمثله) من صنف واحد
ــ
وقول ز في التنبيه بناء على اتحاد جنسية المطبوخ الخ لا حاجة لهذا البناء لأن كلامه في الجنس الواحد (واعتبر الدقيق في خبز بمثله) قول ز فإن كانا من صنفين مطلقًا الخ فيه نظر بل إذا كانا غير ربويين أو أحدهما غير ربوي لم يعتبر وزن ولا غيره لأن التفاضل حينئذٍ
ربوى فيعتبر قدر دقيق كل إن عرف وإلا تحرى فإن كانا من صنفين مطلقًا أو واحد غير ربوي اعتبر وزن الخبزين فقط في هذه الأقسام الثلاثة دون الدقيق والفرق بينها وبين موضوع المصنف أنه لما كان فيه الخبزان من صنف واحد وامتنع فيه التفاضل وكانت المماثلة فيه أضبط وأيسر لأن النار قد تؤثر في مخبوز أحدهما أكثر من الآخر والماء المضاف لأحدهما قد يكون أكثر من الآخر روعيت المماثلة في الأصل وأما خبز المصنفين مطلقًا أو الواحد غير الربوي فإنما روعيت المماثلة في وزنهما دون أصلهما لأنه لو روعيت في الأصل اقتضى الجواز حيث وجدت المماثلة فيه وإن اختلف وزنهما واقتضى المنع فيه حيث اختلفت فيه وإن اتحد وزنهما وليس كذلك فيهما إذ منع التفاضل خاص بالجنس الواحد الربوي قال د مقتضى كلامهم أنا إذا اعتبرنا الدقيق وذلك في الجنس الواحد كما تقرر أي في موضوع المصنف وتساويا فيه فالجواز ولو كان وزن أحد الخبزين أكثر من الآخر وعلى هذا فكون الأخباز جنسًا واحدًا أي صنفًا كما قدم المصنف معناه أنه لا يجوز التفاضل فيها لكن على التفصيل المذكور هنا من مراعاة قدر الدقيق في الجنس الواحد ومراعاة الوزن في غيره فليتنبه لذلك قال القباب ولا تكون المساواة في ذلك أي في بيع خبز بخبز من جنسه بتساوي الخبزين قدرًا ووزنًا وإنما ينظر لما دخلهما من الدقيق خاصة اهـ.
كلام د وهو نفيس.
تنبيه: ما حملنا عليه المصنف من أنه في بيع الخبز بمثله هو الظاهر وهبة الثواب مثله وأما في القرض فيكفي وزن الخبزين لصعوبة تحري الدقيق ولأنه باب معروف قل ذلك القرض أو كثر كما يفيد نقل ق بل في الأقفهسي ما يفيد إلغاء الوزن أيضًا وأنه يكفي العدد لأنهم لا يقصدون بذلك المبايعة وفي التوضيح نحوه لكنه قيده بالسلف القليل قال كرغيف اهـ.
والظاهر إلغاء تقييد القلة ويؤيد ذلك قول طخ ابن شعبان لا بأس أن يستسلف الجيران فيما بينهم الخبز والخمير ويقضون مثله وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يستسلف أهل المنازل فيما بينهم الخبز والخمير ويتعاطون السراج فإن ذلك زيادة في الرزق اهـ.
(كعجين) بيع (بحنطة أو دقيق) فيعتبر قدر الدقيق في المسألتين تحرّيا من الجانبين
ــ
يجوز واعلم أن المصنف أطلق كابن الحاجب فظاهره اعتبار الدقيق سواء كان الخبز إن من جنس واحد أو من جنسين وتعقبه في ضيح تبعًا لابن عبد السلام بأن الباجي قيده بالصنف الواحد وأن ابن رشد قال لا خلاف في اعتبار الوزن إذا كان أصلهما مختلفًا قال طفى والقيد مذكور لابن القاسم في العتبية وقال ابن رشد فيه أنه الصحيح وقد ذكره عنه ابن عرفة فعزوه للباجي فصور اهـ.
وقول ز لأنه لو روعيت في الأصل اقتضى الخ هذا غير ظاهر في الفرق بينه وبين ما قبله إذ هذا هو الثابت فيما قبله فما المانع منه في هذا أيضًا والظاهر في الفرق أن لو قيل لو روعيت في الأصل اقتضى الجواز مع التماثل والتفاضل في الدقيقين وفي الخبزين لعدم صنفية
في الأولى ومن العجين في الثانية إذا كان أصلهما من جنس واحد ربوي وإلا جاز من غير تحرّ بالكلية لدقيقهما لكن لا بد من علم قدر العجين ومقابله ولو بالتحري فيما يكون فيه التحري ليقع العقد على معلوم (وجاز قمح) أي بيعه (بدقيق) لأن الطحن غير ناقل (وهل) الجواز (إن وزنًا) وهو حمل ابن القصار لا إن كيلًا فيمنع أو الجواز مطلقًا وزنًا أو كيلًا وهو حمل غيره (تردد) ابن عبد السلام وحمل ابن القصار غير صحيح لأنه فسر قول مالك بما نص على خلافه وذلك أن مالكًا منع في المدونة بيع القمح وزنًا بدراهم لأنه عدول به عن مكياله خشية الوقوع في الغرر فكيف يباع وزنًا بما يمنع التفاضل بينه وبينه وهو دقيقه ابن عرفة وكنت أجبته بأنه في البيع غرر فيؤدي وزنه لجهل قدر المبيع وفي المبادلة بين القمحين أن المقصود اتحاد قدر ما يؤخذ وما يعطي وهو حاصل في الوزن قاله غ ويرد جوابه قول المصنف كغيره (واعتبرت المماثلة) في ربوي طلبها الشارع فيه (بمعيار الشرع) وهو الكيل فيما معيار الشرع فيه الكيل كقمح والوزن فيما معيار الشرع فيه الوزن كنقد فلا يجوز بيع قمح بقمح وزنًا ولا نقد بنقد كيلًا والمراد بالشرع ما وضعه السلطان لا عين الكيل أو الصنجة الموجودين في زمنه عليه الصلاة والسلام فقط (وإلا) يكن للشرع فيه معيار بكيل ولا وزن (فبالعادة) العامة كلحم وجبن لأنهما بالوزن في كل بلد فإن لم تكن فالخاصة كجوز ورمان وأرز وسمن ولبن وزيت وعسل فإنه يختلف باختلاف البلدان فيعمل في كل محل بعادته والبصل والملح ببعض البلدان بالكيل وببعضها بالوزن وببعضها أحدهما بالكيل والآخر بالوزن فإن اختلفت العادة قدر بأيهما إن تساويا وإلا قدر بالأكثر (فإن عسر الوزن) فيما هو معياره لأجل سفرًا وبادية (جاز التحري إن لم يقدر على تحريه) أي لم تمتنع القدرة عليه (لكثرته) لا جدًّا فإن امتنعت القدرة على
ــ
الأصلين تأمله والله أعلم (وهل إن وزنا تردد) قال ابن شاس اختلف في بيع القمح بالدقيق فقيل بالجواز مطلقًا وقيل بنفيه كذلك وقيل بجوازه بالوزن لا بالكيل وبعض المتأخرين يرى أن هذا تفسير للقولين ويجعل المذهب على قول واحد وبعضهم ينكر ذلك اهـ.
وإلى هذين الطريقين أشار المصنف بالتردد (واعتبرت المماثلة بمعيار الشرع) قول ز والمراد بالشرع ما وضعه السلطان يعني مع مراعاة جنس الكيل فيما حفظ عن الشارع فيه الكيل كالحنطة وجنس الوزن فيما حفظ عنه فيه الوزن كالنقد لا عين الكيل والصنجة إلى آخر كلامه (فإن عسر الوزن جاز التحري) حاصل ما لابن رشد في سماع عيسى من السلم الثاني أن كل ما يباع وزنًا ولا يباع كيلًا مما هو ربوي تجوز فيه المبادلة والقسمة على التحري وهو في المدونة وكل ما يباع كيلًا لا وزنًا مما هو ربوي فلا تجوز فيه المبادلة ولا القسمة بالتحري بلا خلاف وأما ما ليس بربوي فاختلف في جواز القسمة فيه والمبادلة على التحري على ثلاثة أقوال:
أحدها: الجواز فيما يباع وزنًا لا كيلًا وهو مذهب ابن القاسم فيما حكى ابن عبدوس.
والثاني: الجواز مطلقًا وهو مذهب أشهب وقول ابن القاسم في العتبية وابن حبيب.
تحريه لكثرته جدًّا لم يجز أي ويباع كل على حدته ونحو هذا التقرير لتت وللشارح لكنه قال لعل قوله إن لم يقدر مصحف أصله إن لم يتعذر أي ويسقط على أو سقط منه لا قبل إن وحينئذٍ يقدر بعد لكثرته جدًّا فحذف لا جدًّا على الأولى وجدًّا على الثانية صحيح والقرينة عليه توقف صحة الكلام عليه لحذف الصفة كما في قوله تعالى: {الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} [البقرة: 71] أي الواضح إذ ما قبله حق أيضًا وأشعر قوله عسر الوزن بأن الكيل والعدد لا يعسران وهو واضح إذ يجوز هنا الكيل بغير المعهود ثم تقييده بالعسر هو قول الأكثر وفي ابن عرفة والمدونة أنه يجوز التحري في الموزون وإن لم يعسر الوزنا نظر ق
ــ
والثالث: عدم الجواز مطلقًا وهو الذي في آخر كتاب السلم الثالث من المدونة اهـ.
منه بخ ومقتضاه ترجيح القول الثالث ونقل ابن عرفة عن الباجي أن المشهور جواز التحري في الموزون دون المكيل والمعدود رواه محمَّد وغيره اهـ.
وهو القول الأول في كلام ابن رشد وقد تحصل أن الصور أربع وأن الترجيحين اختلفا في صورة واحدة وهي الموزون من غير الربوي وقول ز فإن امتنعت القدرة على تحريه لكثرته جدًّا لم يجز الخ تقييده بالكثرة جدًّا تبع فيه تت التابع لابن عبد السلام حيث قال في قول ابن القاسم في التحري في الموزون وذلك إذا أمكنه التحري ولم يكثر حتى لا يستطاع تحريه ما نصه ولا يريد ابن القاسم هنا ما ذكره المصنف في القول الثالث يعني في قول ابن الحاجب فإن عسر الوزن فثالثها يتحرى في اليسير وإنما أراد ما لم يكثر جدًّا وليس مطلق الكثرة اهـ.
ولذا عزا تت ما قرر به للقول الأول في كلام ابن الحاجب وتعقب ذلك طفى فقال وتفريق ابن عبد السلام بين الكثير جدًّا والكثير لا جدًّا لم أره لغيره وإن تبعه تت وقد نقل ابن رشد قول ابن حبيب بمنع التحري في الكثير وجعله موافقًا لقول ابن القاسم المتقدم وكذا ابن عرفة وعلى هذا فقول ابن الحاجب ثالثها يتحرى في اليسير الثالث فيه هو قول ابن القاسم في العتبية المتقدم وابن حبيب موافق له والقول الأول الجواز مطلقًا ولو في الكثير جدًّا والثاني المنع مطلقًا اهـ.
قلت: وهو قصور فإن ما ذكره ابن عبد السلام أصله لابن رشد في رسم أخذ يشرب خمرًا من سماع ابن القاسم ونصه والتحري فيما يوزن جائز قيل فيما قل أو كثر ما لم يكثر جدًّا حتى لا يستطاع تحريه وهو ظاهر هذه الرواية وقيل لا يجوز ذلك إلا فيما قل وإلى هذا ذهب ابن حبيب وعزاه إلى مالك اهـ.
المراد منه وبه نعلم أن ابن حبيب ليس موافقًا لابن القاسم خلافًا لطفى وأن الأول في كلام ابن الحاجب هو قول ابن القاسم كما قال تت وأن الثالث في كلامه هو قول ابن حبيب خلافًا لطفى أيضًا فتأمله نعم وقع في ضيح أنه لما ذكر القول الأول وهو الجواز فيما قل أو كثر قال وقيده ابن رشد بأن لا يكثر جدًّا حتى لا يستطاع تحريه وتعقبه طفى بأن القيد لابن القاسم في العتبية كما تقدم لا لابن رشد ثم قال والعجب من المصنف في ضيح كيف عزا القيد لابن رشد مع تصريح ابن عبد السلام بما تقدم والغالب عليه متابعته اهـ.
وتت ويعتبر في التحري من شروط الجزاف ما يمكن منها فيه (وفسد منهي عنه) لذاته كخمر وميتة أو لوصفه كبيع غاصب لمغصوب لأن النهي يقتضي الفساد شرعًا (إلا لدليل) شرعي يدل على صحة ذلك المنهي عنه كالنجش والمصراة كما يأتي فلا فساد ويكون حينئذ مخصصًا لتلك القاعدة أو على أن بيعا خاصًّا لا ينقض كتلقي الركبان وكتفريق أم من ولدها فإنه فاسد ولكن لا ينقض في حالة جمعهما بملك كما سيذكر وحينئذ فالمنهي عنه ثلاثة أقسام فاسد ينقض أو لا ينقض بعد وقوعه والثالث صحيح كالنجش والمصراة وقيد الشارح الدليل بمنفصل ولعله لعدم وجود المتصل قال د وانظر لو دل على النهي دليل وذكر في ذلك الدليل عدم النقض هل هذا الدليل من المنفصل أم لا وكلام المصنف هنا في المعاملات كما هو سياقه قال الشارح في الكبير وأحرى في العبادات اهـ.
وصحة الصلاة في الدار المغصوبة والوضوء بالماء المغصوب لدليل ويحتمل لأمر خارج كما توقف في ذلك عج وقال: وتقدم للمصنف وقطع محرم بوقت نهي وهو يدل على انعقادها وهذه المنهيات بعضها مستفاد من شروط البيع السابقة فانظر ما حكمة إعادته في بعضها حيث لم يكن أعاده لما فيه من التفضيل بين أن يقع على اللزوم أم لا كما في مسألة بيع الغرر وبيع الملامسة والمنابذة اهـ.
ولعل إعادته للتنبيه على منع ما كان في الجاهلية من هذه الجزئيات وإن كان هذا من مقام المشرع لا الملخص للشرع لكنه وقع غالبًا في موطأ الإِمام وقوله مستفاد من شروط البيع السابقة أي كقوله وعدم نهي وجهل بمثمون أو ثمن على أن قوله هنا وفسد
ــ
وقد يقال إنما عزاه لابن رشد من أجل أنه بين الكثرة بكونها جدًّا وليس ذلك في كلام ابن القاسم فتأمله وقول ز ثم تقييده بالعسر هو قول الأكثر وفي ابن عرفة والمدونة أنه يجوز التحري في الموزون وإن لم يعسر الوزن الخ ونحوه قول ابن عبد السلام تقييد ابن الحاجب هذه المسألة بتعذر الوزن هو مذهب الأكثر وظاهر المدونة عدم الشرط قال في ضيح وكذا ذكر ابن رشد أن ظاهر المدونة جواز التحري وإن لم تدع إليه ضرورة اهـ.
قلت: وبعد أن ذكر ابن رشد هذا عن ظاهر المدونة قال ما نصه وهذا في المبايعة والمبادلة ابتداء وأما من وجب له على رجل وزن من طعام لا يجوز فيه التفاضل فلا يجوز له أن يأخذه منه تحريًا إلا عند الضرورة بعدم الميزان على ما قاله في نوازل سحنون من جامع البيوع اهـ.
(وفسد منهي عنه إلا لدليل) قول ز أو على إن بيعا خاصًّا لا ينقض مع قوله بعده فالمنهي عنه ثلاثة أقسام فاسد ينقض أو لا ينقض بعد وقوعه الخ فيه نظر إذ لا يجتمع الفساد وعدم النقض من غير فوات لأن عدم النقض هو دليل الصحة وأن الصحة عند أهل الأصول في المعاملات مفسرة بترتب آثارها عليها كترتب الملك على البيع والفساد فيها هو عدم ترتب آثارها عليها كما أفاده ابن التلمساني والقرافي وابن عرفة وحينئذٍ قام الدليل على إمضائه وترتب آثاره عليه من غير فوات فهو صحيح لا فهو الفاسد قال في شرح التنقيح وآثار العقود هي التمكن من البيع والهبة والأكل والوقف وغير ذلك اهـ.
منهي عنه هو مؤدى قوله وعدم نهي وعدم حرمة إذ الشرط إنما يؤثر في جانب العلم فإذا وجد النهي فلا بيع إلا أن يقال هذا هو الأصل وما هنا حكم عليه بوجود البيع مع فساده فهو أخص مما استفيد من قولنا لا بيع الذي هو مفاد الشروط المتقدمة فأعاده هنا لذلك ولقوله إلا لدليل فكأنه قال وفسد منهي عنه قدمته في قولي وعدم نهي وعدم حرمة وجهل بمثمون أو ثمن إلا بدليل ومثل للفاسد بقوله: (كحيوان) من ذوات الأربع بيع (بلحم جنسه) منها لأنه معلوم بمجهول وهو معنى المزابنة وكذا بمكروه الأكل على ما للقرافي من حمل ما في المدونة من كراهة بيع مكروهة بمباحة على التحريم وأما على حملها على بابها كأبي الحسن كما مر فالمراد بجنسه هنا مباح الأكل خاصة (إن لم يطبخ) فإن طبخ جاز يحتمل بأبزار كما قيده به المغيلي وجد عج قائلين كما هو ظاهر كلامهم ويحتمل أن مجرد الطبخ كاف في نقله ونحوه عمم الأقفهسي لبعده عن الحيوان بخلاف ما مر فإنه في بيع اللحم بمثله وأبدى حلولو الاحتمالين على حد سواء ومفهوم الشرط كالتمثيل لدليل عدم النهي وشمل قوله كحيوان ما يراد للقنية وفيه منفعة كثيرة كالإبل وما لا تطول حياته ولا منفعة فيه إلا اللحم أو قلت وهذا في بيع حيوان بلحم جنسه والآتية للمصنف في بيع حيوان بحيوان آخر واحترز بقوله بلحم جنسه عن بيعه بلحم غير جنسه فيجوز نقدًا لا إلى أجل إلا أن يكون الحيوان مقتنى كفرس أو حمار فيجوز بلحم غنم أو طير نقدًا وإلى أجل
ــ
فبان بهذا أن الصواب سقوط القسم الثاني في كلامه والله أعلم وقول ز وقيد الشارح الدليل بمنفصل الخ أصله لابن عبد السلام قال طفى ولم أر التقييد بذلك لغيره والمدار على وجود دليل عدم الفسخ متصلًا أو منفصلًا (كحيوان بلحم جنسه) قول ز ومفهوم الشرط كالتمثيل لدليل عدم النهي الخ ظاهره يقتضي أن هذا المفهوم مثال للمستثنى في قوله إلا لدليل وفيه نظر لأن المراد بالدليل في كلام المصنف دليل عدم الفساد مع وجود النهي كما هو صريح المصنف لا دليل عدم النهي كما في مفهوم الشرط كما هنا فتدبره وقول ز وشمل قوله كحيوان ما يراد للقنية الخ هذا هو المشهور قال ابن عرفة وفي خصوص النهي بالجنس الواحد مطلقًا أو بتقييده بحيه الذي لا يراد إلا للحم مشهور المذهب ونقل ابن محرز عن القصار مع الطرطوشي عن القاضي واللخمي عنهما وعن الأبهري وغيرهم من البغداديين اهـ.
وقول ز إلا أن يكون الحيوان مقتنى كفرس أو حمار الخ لا خصوصية لهما بل وكذلك إذا كان المقتنى مباح الأكل كإبل فإنه يجوز بيعه بلحم غير جنسه نقدًا وإلى أجل كما في المدونة انظر ح ونصها على نقل ابن عرفة فيجوز لحم كل جنس بحي الآخر لا بجنسه ولو نقدًا ولا بأس بلحم الحيوان بالخيل وسائر الدواب ولو لأجل اهـ.
على أن إدخال محرم الأكل في المفهوم أصله للشارح وفيه نظر لأن بيع فرس بلحم غنم مثلًا إنما أجيز لكون الفرس محرم أكل وكلًّا منا في مباحه لا لأنه جنس آخر قال في المدونة ولا بأس بلحم الأنعام بالخيل وسائر الدواب نقدًا أو مؤجلًا لأنها لا تؤكل لحومها اهـ.
سواء قدم المقتني أو اللحم لأن كونه غير مأكول اللحم صيره جنسًا مستقلًا فقوله كحيوان أي مأكول اللحم بدليل قوله بلحم جنسه (أو) كحيوان (بما) أي بحيوان (لا تطول حياته) كطير ماء (أو) بحيوان (لا منفعة فيه إلا اللحم) كخصي معز (أو قلت) منفعته كخصي ضأن إذ منفعته وهي الصوف يسيرة فإن كثرت كصوف ولبن من أنثى وقصد منها الولادة جاز بيعه بحيوان مثله وبلحم كما في الشيخ سالم أي من غير جنسه إذ ليست كاللحم (فلا يجوز أن) ما لا تطول حياته وما لا منفعة فيه إلا اللحم أو قلت بجعل هذه مع ما قبلها شيئًا واحدًا لأجل ضمير التثنية (بطعام لأجل) لأنه طعام بطعام نسيئة في الجنسين ولا يؤخذ منها كراء أرض ولا قضاء عن دراهم أكريت بها الأرض ولا يؤخذ في ثمنها طعام اهـ.
انظر ح (كخصي ضأن) مثال ما قلت منفعته كما مر إلا أن يقتنى لصوفه فيجوز وكذا خصي معز اقتنى لشعره كما تفيده التبصرة ونسب للزقاق التعرض له وفي ق ما ظاهره خلافه. واعلم أن صور بيع اللحم بالحيوان وبيع الحيوان بعضه ببعض خمس وعشرون من ضرب خمس وهي لحم وحيوان يراد لقنيته وله منفعة كثيرة وما لا تطول حياته وما لا منفعة فيه إلا اللحم أو قلت في مثلها المكرر منها عشرة والباقي خمس عشرة بيع لحم بمثله وبحيوان يراد لقنيته وله منفعة كثيرة وبما لا تطول حياته وبما لا منفعة فيه إلا اللحم وبما قلت وبيع حيوان يراد للقنية بمثله وبالثلاثة بعده وبيع حيوان لا تطول حياته بمثله وبالاثنين بعد وبيع ما لا منفعة فيه إلا اللحم بمثله وبما بعده وبيع ما قلت منفعته بمثله والجائز من هذه الخمس عشرة صورة اثنتان بيع اللحم بلحم على تفصيله المتقدم وبيع الحيوان الذي يراد للقنية بمثله فصور بيع الحيوان بمثله عشر يجوز منها واحدة كما علمت ويمتنع تسعة وهي بيع ما لا تطول حياته بمثله وبما تطول حياته وفيه منفعة كثيرة غير اللحم وبما لا منفعة فيه إلا اللحم وبما قلت وبيع ما تطول حياته وفيه منفعة كثيرة غير اللحم بما لا تطول أو لا منفعة فيه إلا اللحم أو قلت وبيع ما لا منفعة فيه إلا اللحم بمثله وبما قلت وكلام المصنف مشتمل على ثلاث عشرة صورة من الخمس عشرة إذ قوله
ــ
انظر طفى (أو بما لا تطول حياته) يشترط الجنس في بيع الحيوان بالحيوان في هذه الأقسام كما يشترط في بيعه باللحم لأن الحيوان يقدر في هذه الأقسام لحمًا وقول ز فإن كثرت كصوف ولبن من أنثى وقصد منها الولادة الخ بل ولو قصد ذبحها صرح بذلك في المدونة وقول ز وكذا خصي معز اقتنى لشعره الخ هذا ما عليه اللخمي ونقله ابن عرفة عنه ونصه الاقتناء قال اللخمي والباجي الاتحاد للولادة واللبن والصوف اللخمي والشعر في التيس اهـ.
وقول ز واعلم أن صور بيع اللحم بالحيوان الخ صوابه أن يزيد بيع اللحم باللحم لتكمل بذلك الصور وقول ز ويمتنع تسعة وهي بيع ما لا تطول حياته الخ هذه الصور التسع كرر منها صورة واحدة وهي بيع ما لا تطول حياته بما فيه منفعة كثيرة وأسقط منها صورة وهي بيع ما قلت منفعته بمثله والصواب في بيان التسع أن لو قال هي بيع ما فيه منفعة كثيرة بما لا تطول حياته أو لا منفعة فيه أو قلت وبيع ما لا تطول حياته بمثله أو بما لا منفعة فيه أو
كحيوان يشمل أربعًا كما مر وكذا قوله أو بما لا تطول حياته وكذا قوله أو لا منفعة فيه إلا اللحم ما عدا صورة وهي ما لا تطول حياته بما لا منفعة فيه إلا اللحم لدخولها فيما قبلها وشمل قوله أو قلت أربع صور أيضًا غير أنه يتكرر منها صورتان وهما بيع ما لا منفعة فيه إلا اللحم أو قلت بما لا تطول حياته لدخولهما فيما قبلهما فهو يشمل ست عشرة يتكرر منها ثلاث (وكبيع الغرر كبيعها بقيمتها) عند أهل المعرفة حالة جهل كل أو أحدهما بالثمن ففاسد لأنه بيع مجهول (أو) بيعها (على حكمه) أي العاقد بائع أو مشتر (أو حكم غيره) أجنبي أي بما يحكم به أي جعلا العقد بتا وصيرا الثمن لحكم الغير (أو رضاه) بقدره وهذه تقع من العاقد كما في الإقرار فلا يقال حذف رضاه أولى لأن الحكم أخص منه والفرق بين الحكم والرضا أن الحكم يرجع للإلزام والجبر بمعنى أن المحكم يلزمهما البيع جبرًا عليهما بخلاف الرضا فإنه لا يلزمهما ذلك بل إن رضيا فظاهر وإلا رجعا وليس له الإلزام (أو توليتك سلعة) اشتراها رجل (لم يذكرها) البائع ولا غيره لمن ولاه (أو) ذكرها ولم يذكر (ثمنها بإلزام) راجع لما بعد الكاف فإن كان على الخيار صح في الجميع والسكوت كالإلزام إلا في التولية فيصح وله الخيار كما سيأتي والمضر إلزامهما أو أحدهما في بيعها بقيمتها أو على حكم غير المتبايعين أو رضاه وأما على حكم أحد المتبايعين أو رضاه فالمضر إلزام غير من له الحكم والرضا منهما وأما في التورية فالمضر إلزام الجاهل بالثمن ويتصور ذلك من كل منهما ثم البيع على الوجه المذكور فاسد ولو حصل ما يدل على المكارمة للغرر وهو حق لله ليس لهما ولا لأحدهما إسقاطه لكنه إن فات حال المكارمة لم يرد ويمضي بالقيمة ما لم تزد على ما سماه البائع أو تنقص عما سماه المبتاع وفي حال عدم المكارمة ترد إلا لفوت فبالقيمة مطلقًا كحال المكارمة إن لم تحصل تسمية ثمن لا منهما ولا من أحدهما (وكملامسة الثوب) الذي يشتريه ولا ينشره
ــ
بما قلت منفعة وبيع ما لا منفعة فيه بمثله أو بما قلت وبيع ما قلت منفعته بمثله (وكبيع الغرر) المازري هو ما تردد بين السلامة والعطب ابن عرفة يرد بعدم انعكاسه بخروج غرر فاسد صور بيع الجزاف وبيعتين في بيعة ونحوهما إذ لا عطب فيهما والأقرب إن بيع الغرر ما شك في حصول أحد عوضيه أو مقصود منه غالبًا فيدخل بيع بيعتين في بيعة اهـ.
(أو على حكمه أو حكم غيره أو رضاه) قول ز والفرق بين الحكم والرضا الخ هذا الفرق غير صواب لأنه يناقض قوله بإلزام وقال ابن عاشر فرق شيخنا السراج بين الحكم والرضا بأن الأول من العارف بقيمة المبيع والثاني من الجاهل اهـ.
(أو توليتك سلعة لم يذكرها) قول ز والسكوت كالإلزام إلا في التولية الخ الذي نقله ح عن أبي الحسن في السلم الثالث أن السكوت مثل الخيار مطلقًا في التولية وغيرها خلاف ما قاله ز تبعًا لعج لكن قال الشيخ المسناوي الظاهر ما قاله عج لأن الأصل في البيع أن يقع على اللزوم فعند السكوت يحمل على الأصل إلا في التولية فإنها من باب المعروف فحيث بدئت بالمعروف ناسب إتمامها به اهـ.
لا يعلم ما فيه أو بليل ولو مقمرًا ولا يتأمله أو ثوب درج لا ينشر من جرابه بل يكتفي بلمسه في جميع ذلك فالمفاعلة على غير بابها إذ المراد لمس الثوب ومثل الثوب شراء بهيمة الأنعام بليل ولو مقمرًا عند بن القاسم وقال أشهب شراء ما يؤكل لحمه بليل جائز لأن الخبرة باليد تبين الغرض المقصود منه من سمن وهزال وأما شراء ما ليس من بهيمة الأنعام كحمير فيجوز في الليل المقمر قاله تت في شرح الرسالة وانظر حكم شراء الحوت ونحوه في الليل المقمر والظاهر أنه كبهيمة الأنعام وانظر أيضًا حكم شراء الحبوب بالليل المقمر وفي مختصر البرزلي إذا كان يصل إلى معرفة المبيع ظاهرًا وباطنًا بالقمر مثل النهار جاز البيع قلت ظاهر الأمهات لا يجوز بناء على أنه لا تدرك حقيقته فهو خلاف في شهادة اهـ.
(أو منابذته) وهي أن تبيعه ثوبك بثوبه وتنبذه إليه وينبذه إليك من غير تأمل منكما قاله في المدونة ولذا عبر بمفاعلة لأنه هو الذي كان في الجاهلية ووقع في الخبر النهي عنه وإلا فشراء أحدهما ذلك بدراهم مع نبذة كذلك والمفاعلة في الملامسة غير حقيقية قطعًا كما مر ولكن عبر بها تبركًا بلفظ الحديث فيها كما في المنابذة (فيلزم) فيهما فإن كان بالخيار جاز (وكبيع الحصاة) لخبر مسلم عن أبي هريرة نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر (وهل هو بيع) قدر من أرض (منتهاها) أي قدر ما انتهت إليه رميتها كان الرامي البائع أو المشتري أو غيرهما فممنوع للجهل لاختلاف قوة الرامي وضعفه بإلزام فإن وقع بخيار جاز بشرط علم ما يباع حيث اختار الإمضاء وإلا لم يجز ولا يخفى إن في كلامه حذف مضاف أي بيع ذي منتهاها أي صاحب منتهاها أي ما بين مبدئها وبين منتهاها أي ما بين الرامي وبين منتهاها لا أن منتهاها هو المبيع فقط كما هو ظاهر العبارة إذ لم
ــ
قلت راجعت أبا الحسن آخر السلم الثالث فلم أره ذكر أن السكوت كالخيار إلا في التولية خلاف ما نقله ح عنه فانظره وقول ز ثم البيع الخ حقه أن لو قدم هذه المسألة قبل قوله أو توليتك سلعة الخ كما فعل غيره إذ هو محلها وقول ز فاسد ولو حصل ما يدل على المكارمة الخ هذا هو ظاهر كلام المدونة الذي نقله في وغيره لكن لم يتركها اللخمي وأبو الحسن على ظاهرها بل قيداها بقولهما إلا أن يقوم دليل على أن القصد بالتحكيم المكارمة فيجوز كالهبة للثواب اهـ.
واعتمده ح وهو الموافق لما حمل عليه الباجي كلام ابن القاسم كما نقل ابن عرفة ونصه الباجي واللخمي عن ابن القاسم من قال بعتكها بما شئت ثم سخط ما أعطاه إن أعطاه القيمة لزمه محمَّد معناه إن فاتت الباجي حمله ابن القاسم على المكارمة كهبة الثواب واعتبر محمَّد لفظ البيع اهـ.
والحاصل أن ظاهر المدونة مع ظاهر كلام ابن القاسم مختلفان لكن رد ابن المواز كلام ابن القاسم لظاهر المدونة واللخمي وأبو الحسن ردًّا كلامها لظاهر كلام ابن القاسم فقيدها به وهو ظاهر الباجي فهما وفاق عند الجميع فتأمله وبه تعلم أن اعتماد عج وطفى على ظاهر
يفسر أحد الحديث به (أو) بيع (يلزم بوقوعها) من يد أحد المتبايعين أو غيرهما أي متى سقطت ممن هي معه باختياره لزم البيع ففاسد لجهل زمن وقوعها ففيه تأجيل بأجل مجهول فلو عين لوقوعها أجلًا معلومًا وكان قدر زمن الخيار وعلم الثمن لم يفسد فإن جعل لزومه بوقوعها باختياره أو بغيره كسهو أو نعاس فسد البيع مطلقًا وقوله أو يلزم معطوف على منتهاها أي أو بيع يلزم بوقوعها كما قررناه أو معطوف على بيع ويقدر موصول أي أو بيع ما يلزم بوقوعها لأن بيع مصدر وهو لا يشبه الفعل فلا يعطف عليه (أو) بيع يلزم (على ما تقع عليه) من كثوب (بلا قصد) منه لشيء معين للجهل بعين المبيع والظاهر أن قوله بلا قصد خاص بهذه وجعله بعضهم للتي قبلها أيضًا قاله تت والظاهر ما استظهره لما علمت من التفصيل في قوله أو يلزم بوقوعها المفيد عدم صلاحية رجوع هذا القيد له ومفهومه أنه لو كان به جاز إن كان من المشتري وكذا من البائع بشرط جعل الخيار للمشتري لا للبائع وهذا كله حيث اختلفت السلع فإن اتفقت جاز كان الوقوع بقصد أو بغيره (أو بعدد ما تقع) مرات معلومة كما في د وقال عج بأن يقول البائع للمشتري ارم بالحصاة فما خرج فلي بعدده دراهم أو دنانير كذا عراه بعضهم للمعلم وعزا له في توضيحه كابن شاس أن يقول ارم بالحصاة فما خرج ذلك بعدده دنانير أو دراهم وتبعه الشارح قاله تت ولعل معناه أنه يأخذ جملة من الحصى بكفيه أو بكف واحدة ويقول له حرك ما فيه الحصى مرة أو مرتين أو ثلاثًا وهكذا على ما يعين فما وقع فلي بعدده دنانير أو دراهم وفسره المغيلي بأن عقد على اللزوم على ثوب ثمنه بعدد ما يقع من المشتري في رميه بعشر حصيات مثلًا للأعلى ويلقاها بظهر كفه اهـ.
ولفظ الحديث ينبو عنه لتعبيره بالمفرد وأبعد من هذا قول من قال بعدد ما يقع فيه الحصاة أي يكون له من الدراهم بعدد ما عده العاد من حين رميها إلى حين وقوعها اهـ.
والأحسن أن يقول له ارم بالحصاة فما خرج أي وقع من أجزائها المتفرقة بسبب الرمي ذلك بعدده دراهم وإنما كان هذا أحسن لأن فيه تبقية لفظ الحصاة على مقتضاه من الوحدة قاله بعض من حشاه وقوله ولفظ الحديث الخ يجري فيما قبله أيضًا (تفسيرات) للحديث وعدل عن تأويلات لئلا يتوهم عودها على المدونة كما هو اصطلاحه (وكبيع ما في بطون الإبل) من جنين واقتصر على الإبل للتفسير الآتي وتبركًا بالخبر وإلا فالحكم
ــ
المدونة غير ظاهر لتقييد اللخمي وأبي الحسن لها (أو يلزم بوقوعها) قول ز معطوف على منتهاها الخ لا يصح إلا بتقدير موصول أو موصوف أي ما يلزم وإلا لزم من عطف يلزم على منتهاها إضافة بيع إلى الجملة وهو لا يجوز لأنه ليس من الأسماء التي تضاف للجملة وأما عطفه على بيع فصحيح أيضًا بتقدير ذلك أي أو بيع يلزم بجعل يلزم صفة لبيع وفي كلام ز تخليط واضح (أو بعدد ما تقع) عليه بالتاء أي الحصاة وأحسن ما يفسر به أن يتفقا على رمي الحصاة ولفظها عددًا معلومًا كثلاثين مرة وأن له من الدراهم بقدر ما تسقط من يده فإن
عام (أو) بيع ما في (ظهورها) أي فحول الإبل أو إبل أخرى إذ الأولى إناث دون هذه فهو من باب عندي درهم ونصفه قال د كان يشتري شخص نزوهًا على وجه الأبد بأن يتنزل منزلة ربها في ذلك بخلاف العسيب فإنه الاستئجار كما يأتي أي الاستئجار على الفعل أي نزوله وصعوده عليها فلا تكرار ويحتمل أن يكون ما يأتي تفصيلًا لهذا فمنع هذا من حيث الجملة ويحتمل أن يكون المعنى أنه باعه ما يأتي من الأولاد أي المتكونة من ماء الفحل اهـ.
(أو) اشترى شيئًا وأجل ثمنه (إلى أن ينتج) بالبناء للمفعول ليس إلا قاله د وفي المصباح ما يقتضي أنه لكثير فقط (النتاج) بكسر النون أي إلى أن تلد الأولاد فالشراء مؤجل بأجل مجهول وأما لو أجله بمدة حمل امرأة فيعتبر معظمه وهو تسعة أشهر أو بمدة حمل دابة مأكولة أم لا اعتبر معظمه أيضًا وفسر المصنف الثلاثة لفًّا ونشرًا مرتبًا بما في الموطأ فقال: (وهي المضامين) بتخفيف الميم الثانية وغلط من شددها جمع مضمون ابن عرفة ونقل ذلك الصقلي لا بقيد كونه من الإبل (والملاقيح) جمع ملقوح (وحبل الحبلة) بفتح الحاءين والباءين (وكبيعه بالنفقة عليه حياته) لم يرد في هذا نهي بخصوصه فليس على طريقه ما قبله وإنما هو من أفراد الغرر وإنما ذكره لما فرعه من قوله: (ورجع بقيمة ما أنفق) إن كان مقومًا مطلقًا أو مثليًّا مجهول القدر كما إذا كان في عياله (أو بمثله إن علم) المثلى الذي أنفقه عليه فالصور أربع يرجع بالقيمة في ثلاث بالمثل في واحدة وقول تت إن علم في الحالين فيه نظر بل يرجع بقيمة المقوم مطلقًا وبقيمة المثلى المجهول والرجوع في الأربع مختلف فالمقوم المعلوم يرجع بقيمته والمجهول من مقوم أو مثلى يرجع عليه بقيمة ما يأكل كل يوم وفهم من قوله ورجع الخ أنه ليس له حبس المبيع مع قيامه في النفقة وهو كذلك والغلة له على قاعدة البيع الفاسد (ولو سرفا) بالنسبة للمنفق عليه إن كان قائمًا فإن فات لم يرجع به ولا بعوضه قاله ق (على الأرجح) لم يذكر ابن
ــ
سقطت من يده مرتين كان له درهمان وهكذا فإن لم تسقط أصلًا فلا شيء له قاله بعض (ولو سرفًا على الأرجح) اعلم أنه لما ذكر ابن يونس مسألة بيع الذات ذكر أنه لا يرجع بالسرف الزائد إلا في قيامه ولا يرجع به في فواته ثم ذكر مسألة الإيجار وقال بعدها ما نصه واختلف إذا أنفق عليه سرفًا هل يرجع عليه بالسرف فقال بعض أصحابنا يرجع عليه لأن الزائد على نفقة الوسط كهبة من أجل البيع فإذا انتقض البيع وجب الرجوع بها وقال غيره لا يرجع إلا بنفقة وسط كمن أنفق على يتيم وله مال فإنما يرجع عليه بالوسط فكذلك هذا ابن يونس والأول أقيس وأولى اهـ.
والظاهر من العلة شموله للمسألتين بل هي ظاهرة في مسألة البيع فلا وجه للفرق بينهما وحينئذٍ يرجع ولو فات فيهما فتأمله ولما نقل ق كلام ابن يونس قال ما نصه ولم يذكر خليل مسألة الإيجار وفي هذه المسألة ذكر ابن يونس الخلاف في الرجوع بالسرف ورجح الرجوع قال لأنه كهبة من أجل البيع فانظر قول ابن يونس من أجل البيع ولم يقل من أجل الكراء وانظر لم يذكر هذا الخلاف في البيع وقد نقلت كلام ابن يونس بنصه فانظره اهـ.
يونس ترجيح الرجوع في مسألة بيع الذوات وإنما ذكره في مسألة ما إذا أجر داره لمن ينفق عليه حياته والمصنف لم يذكرها قاله في قلت قوله وكبيعه يشمل بيع الذوات والمنافع فيرجع في الإيجار بما مر ولو سرفًا أو فات قاله في أيضًا والفرق أن مشتري الذات يملك فيه الغلة لملكه الرقبة فلذا لم يرجع مع الفوات بالسرف والإجارة لا يملك فيها غلة لعدم ملكه الرقبة ويلزمه أجرة المثل فلذا رجع بالإنفاق ولو فات (ورد) المبيع ذاتًا أو منفعة (إلا أن يفوت) بهدم أو بناء فيغرم المبتاع قيمته يوم قبضه ويقاصصه بما أنفق وهذا مفهوم من قوله ورجع بقيمة ما أنفق أو مثله لأن الرجوع لا يكون إلا بعد رد المبيع بعينه إن كان قائمًا ومفهوم حياته أنه لو كان لمدة معلومة جاز وهو كذلك إن كان على إن مات البائع قبلها رجع ما بقي من المدة لوارثه أو لبيت المال فإن كان على أنه هبة للمشتري لم يجز (وكعسيب الفحل) وهو شراء ضرابه (يستأجر) قال الشارح جملة حالية أي من عسيب أي النهي في هذه الحالة اهـ.
وفيه نظر لأن النهي لم يكن في هذه الحالة والمناسب أن تكون الجملة المذكورة تفسير فإنه د وتعقبه تت أيضًا بخلوها من رابط إذ ضميرها للفحل وليس صاحب الحال اهـ.
(على عقوق الأنثى) حتى تحمل والظاهر أنه بفتح العين قاله ح وفيه نظر لأن المصادر الآتية على فعول بالفتح خمسة وهي القبول والوقود والولوع والطهور والوضوء وما عداهن بالضم كالدخول والخروج ويجوز النطق بالضم قياسًا فيما ورد بالفتح واحترز بالمصادر من الأسماء فإنها تأتي كثيرًا على فعول بالفتح كصبور وشكور وغفور (وجاز زمان) كيوم أو يومين (أو مرات) ولو في يوم لانتفاء علة الفساد وهي الجهل بالزمن أو
ــ
كلام ق قلت لم ينقل ق كلام ابن يونس بتمامه وقد راجعت كلامه في أصله فوجدت ما قاله أولًا في بيع الذات لم يقله من عنده إنما نقله عن أبي إسحاق التونسي وقوله بعد ذكر المسألتين واختلف إذا أنفق الخ هو كلامه من عنده عزاه لنفسه فيفهم منه أنه راجع لأصل المسألتين هما البيع والإيجار ولا يخص بمسألة الإجارة كما فعل ق وقد نقل أبو الحسن كلام ابن يونس إثر مسألة البيع ونصه انظر هل يرجع عليه بالزائد على نفقة المثل من السرف حكى ابن يونس في ذلك قولين وكذلك ابن بشير قال ابن بشير وسبب الخلاف بين القولين فيمن تسلط على مال غيره غلطًا منه هل يرجع بذلك أم لا اهـ.
فأنت تراه رد الخلاف الذي عند ابن يونس إلى مسألة البيع وكذلك عبد الحق ذكر الخلاف في مسألة البيع وصحح الرجوع مطلقًا نقله عنه أبو علي والله أعلم (على عقوق الأنثى) صوابه أعقاق بلفظ الرباعي أو عقاق كسحاب وكتاب وأما عقوق فوصف كصبور لا مصدر قال في القاموس فرس عقوق كصبور حامل أو حائل ضد أو هو على التفاؤل الجمع علق بضمتين جمع الجمع ككتاب وقد عقت تعق عقاقًا وعققًا محركة وأعقت والعقاق كسحاب وكتاب الحمل بعينه اهـ.
المرات وعبر عنها ابن الحاجب بأكوام وأتى بأو لأنه لو سماهما معًا لم يجز (فإن أعقت) الأنثى ودليله إعراضها عن الفحل (انفسخت) الإجارة فيهما كما هو ظاهره وارتضاه ابن عرفة كما في ح وعليه بحساب ما انتفع ويستثنى انفساخها في المرات حيث أعقت في بعضها من قاعدة عدم فسخ الإجارة بتلف ما يستوفي به المنفعة لمشقة ربها لو كلف أن يأتي بأخرى كما يأتي للمصنف من قوله: وفرس نزو وجعل الفسخ ابن الحاجب وتبعه ابن عبد السلام والشارح عائد على المرات فقط قال وأما في الزمان فلا فسخ بعقوقها أوله أو أثناءه بل إما أن يأتي بأنثى تستوفي بها المنفعة أو يؤدي جميع الآجرة ولم يرتضه ابن عرفة (وكبيعتين) جعلهما بيعتين باعتبار تعدد المثمن في السلعتين والثمن في السلعة الواحدة (في بيعة) أي في عقد واحد فالمراد بالبيعة العقد أو في للسببية أي بسبب بيعة أي بيعة متضمنة بيعتين كسلعة (يبيعها بإلزام بعشرة نقدًا أو أكثر لأجل) ويختار بعد ذلك فإن قال البائع ذلك لا على الإلزام وقال المشتري اشتريت بكذا فلا منع كما بمصر (أو سلعتين مختلفتين) في الجنسية كثوب ودابة أو الصفة كرداء وكساء أو الرقم يبيع إحداهما بثمن واحد فيهما (إلا) إن كان اختلافهما (بجودة ورداءة) مع اتفاقهما فيما عدا الجودة والرداءة والثمن واحد فيجوز بيع إحداهما على اللزوم بثمن واحد لأن الجودة والرداءة ليستا بجوهر زائد فكأنهما سلعة واحدة أو لأن الغالب الدخول على الأجود كما في د (وإن اختلفت قيمتهما) الواو للحال أو أراد ثمنهما إذ اختلافهما بالجودة والرداءة يوجب اختلاف قيمتهما قطعًا فلا معنى للمبالغة حينئذٍ وإنما الذي يتحد مع اختلافهما بالجودة والرداءة تارة ويختلف تارة هو ثمنهما لأن الثمن يتبع الرغبات بخلاف القيمة والمراد اختلف ثمنهما بحسب الأصل ولكن دخلا على أن الثمن واحد كما قدمته فلا معارضة وقال أي بأن كانت قيمة الرديء أكثر من قيمة الجيد للرغبة فيه اهـ.
ــ
(يبيعها بإلزام) أي إلزام لهما أو لأحدهما فإن كان ذلك بخيار لهما معًا جاز هكذا في المدونة ووقع للشارح أنه قال فإن كان ذلك على وجه خيار لهما أو لأحدهما جاز قال ح وهو سهو ظاهر (إلا بجودة ورداءة) هذه المسألة هي بيع الاختيار دون الخيار ابن عرفة زاد في البيان بعد الإحاطة بمعرفة خيارها وشرارها وظاهر المصنف كان الخيار للبائع أو للمشتري قال طفى وفيه إجمال تفصيله إن كان الاختيار للمشتري جاز مطلقًا وإن كان للبائع جاز إن كان ما يختاره لنفسه الثلث فأقل هذا مذهب المدونة ونصها وكل شيء ابتعته من سائر العروض والماشية عدا الطعام على أن تختار منه عددًا يقل أو يكثر بثمن مسمى فذلك جائز في الجنس الواحد ويجوز للبائع أن يستثنى لنفسه خيار شاة من مائة أو ما يقل عدده فإما أن يستثنى البائع لنفسه خيار أكثر العدد كتسعين من مائة أو ما يكثر لم يجز اهـ.
بخ ابن عرفة والذي يجوز للبائع أن يستثنى اختياره الثلث فأقل فإن كان أكثر من الثلث لم يجزه ابن القاسم وأجازه سحنون ثم قال ففي جواز استثناء البائع اختيار أكثر من الصنف
(لا طعام) بالجر عطف على مقدر أي إلا بجودة ورداءة فيجوز ذلك في غير طعام لا في طعام من الجانبين فلا يجوز بيع إحدى صبرتي طعام ولو اتحد جنسهما وصفتهما بل (وإن مع غيره) كصبرة وثوب وبالغ عليه لئلا يتوهم الجواز وإن الطعام تبع غير منظور إليه وفرض المصنف إن الطعام مختلف بجودة ورداءة كما يفيده العطف فإن اتفق جودة ورداءة وكيلًا جاز وهو واضح بل المشهور الجواز قيمًا إذا اختلفا جودة ورداءة واتفقا فيما عدا ذلك فيحمل قوله لا طعام على ما إذا اختلفا كيلا واتحد جنسهما فإن اتفقا في الكيل جاز ولو اختلفا جودة ورداءة والوزن كالكيل فيما يظهر فعلم أن الأقسام ثلاثة:
أحدها: متحد النوع والكيل والصفة فيجوز.
ثانيها: مختلف الثلاثة فيمنع قطعًا.
ثالثها: متحد النوع والكيل مختلف الصفة فيجوز ووجهه عبد الحق بما نصه وليس يدخله بيع الطعام قبل قبضه لأنه لو أسلم في محمولة جاز أن يأخذ سمراء مثل الكيل بعد الأجل اهـ.
وقد ضبط ابن عرفة هذا الفصل فقال وشراؤه الطعام على الاختيار لزومًا لا يجوز في غير متماثلين مطلقًا ولا فيهما ربويين جزافًا ولا كيلًا أن اختلف قدره اهـ.
ــ
وقصره عليه ثالثها على الثلث فقط ورابعها على ما دون النصف لابن حبيب وسحنون وابن رشد عن ابن القاسم واللخمي مع غيره عنه اهـ.
قال طفى ولعدم استحضار هذا وقع لبعضهم خطأ في تقرير كلام المصنف في فصل الصداق وهو قولة كعبد تختاره هي لا هو كما نبهنا عليه هناك اهـ.
وقول ز والمراد اختلف ثمنهما بحسب الأصل يعني به الثمن الذي اشتراهما به البائع لا الثمن الذي وقع به البيع الآن لأنهما دخلا على ثمن واحد (لا طعام) قول ز لا في طعام من الجانبين الخ الصواب إسقاط قوله من الجانبين لأن المسألة ليست مفروضة في بيع الطعام بالطعام بل المراد بها بيع أحد طعامين بثمن واحد على أن يختار وقول ز ولو اتحد جنسهما وصفتهما الخ صوابه جنسهما وكيلهما لأن الفرض أن الطعام مختلف الصفة بالجودة والرداءة كما قاله بعده فتأمله (وإن مع غيره) قول ز كصبرة وثوب أي معها صبرة وثوب آخر على أن يختار المشتري إحدى الصبرتين أو أحد الثوبين بإلزام وقول ز بل المشهور الجواز فيما إذا اختلفا جودة ورداءة الخ هذا هو الذي نسبه فضل لظاهر المدونة قال ابن زرقون قال فضل ابن مسلمة ظاهر المدونة يدل على أنه إن اتفق الكيل والصنف جاز ابن عرفة لم أجد في المدونة ما يدل على ما قاله فضل بحال اهـ.
وقال غ في تكميله ما قاله فضل يؤخذ من قول المدونة في تعليل المنع لأنه لم يدع هذه الصبرة وقد ملك اختيارها ويأخذ هذا وبينهما فصل في الكيل ومن قولها وكذلك إن اشترى منه عشرة آصع محمولة بدينار أو تسعة سمراء على الإلزام لم يجز إذ مفهومها لو
انظر غ ومثل للطعام مع غيره بقوله: (كنخلة) أي كبيع نخلة (مثمرة) على اللزوم يختارها المشتري (من نخلات) مثمرات فلا يجوز ذلك البيع بناء على أن من خير بين شيئين يعد منتقلًا فإذا اختار واحدة يعد أنه اختار قبلها غيرها وانتقل عنه إلى هذه فيؤدي إلى التفاضل بين الطعامين إن كانا ربويين أو أحدهما لأن المنتقل إليه يحتمل أن يكون أقل من المنتقل عنه أو أكثر أو مساويًا والشك في التماثل كتحقق التفاضل وإلى بيع الطعام قبل قبضه إن كانا مكيلين أو أحدهما ولما كانت العلة المذكورة موجودة فيمن باع بستانه المثمر واستثنى منه عدد نخلات مثمرة يختارها أشار لجوازه بقوله: (إلا البائع) لجنانه المثمر (يستثنى خمسًا من جنانه) المبيع على أن يختارها منه فيجوز كما أجاب به الإِمام بعد أن وقف فيها أربعين ليلة وأجازه إما لأن المستثنى مبقي وإما لأن البائع يعلم جيد حائطه من رديئه فلا يختار ثم ينتقل ولا بد أن يكون ثمر الخمس قدر ثلث الثمر كيلًا ولا يخفى أن المستثنى هنا الثمرة مع الأصول لأن الكلام في الطعام مع غيره وحينئذٍ ينتفي التكرار مع قوله: سابقًا وصبرة وثمرة واستثناء قدر ثلث لأن المبيع هناك الثمرة فقط وقيدنا بيختارها منه احترازًا عما لو استثناها على وجه اللزوم فيجوز ولو زاد المستثنى على الثلث لأنه بمنزلة ما إذا استثنى جزءًا معينًا كثلث أو نصف فإنه يكون شريكًا بنسبة العدد الذي سماه من ثمر نخله ذكره طخ فيما إذا استثنى ثمر النخل كما قدمه المصنف بقوله: وصبرة وثمرة واستثناء قدر ثلث وكلام المصنف هنا في استثناء النخل مع ثمره كما علمت ولا فرق بينهما ثم إذا هلكت الثمرة في مسألة طخ فعلى البائع ضمان حصته فقط وأما في مسألة المصنف فقال الشارح: ولو هلكت النخل كلها قبل اختيار البائع لكان ضمان المبيع منه أي من البائع ويفسخ اهـ.
ــ
تساويا في الكيل لجاز قاله أبو إبراهيم الفاسي وما نسبه فضل لظاهر المدونة وهو المشهور وعليه اقتصر ابن جماعة في مسائله والقباب في شرحه اهـ.
بخ وقول ز فيحمل قوله لا طعام على ما إذا اختلفا كيلًا يعني أو جهل الكيل وهذا الحمل وإن وافق المشهور بعيد من المصنف (كنخلة مثمرة من نخلات) قول ز إن كانا ربويين أو أحدهما الخ صوابه إسقاط قوله أو أحدهما لجواز التفاضل بين ربوي وغيره ولأن الاختلاف حينئذٍ يكون في الجنس أيضًا وتقدم قريبًا عن ابن عرفة أن اختلاف الجنس يوجب المنع مطلقًا (إلا البائع يستثنى مسًّا من جنانه)(1) قول ز زاد المستثنى على خمس أو نقص خلافًا لظاهر وما في ضيح الخ الذي في المدونة أربع نخلات أو خمس هذا قد أجازه مالك وجعله كمن باع غنمه على أن يختار البائع منها أربعة أكباش أو خمسة اهـ.
بخ وزاد ابن الحاجب التقييد باليسارة وفسر في ضيح اليسير بالثلث قال طفى ولم يحد به في المدونة ولا ابن عبد السلام ولا ابن عرفة اهـ.
(1)(قول البناني قول ز زاد المستثنى على خمس الخ الذي في النسخ بأيدينا ما ترى اهـ).
ولعل وجه الضمان إنه لم يتعير للمشتري شيء فهو يشبه ما فيه حق توفية وانظر إذا لم يبق من النخل إلا قدر ما استثنى البائع فهل يكون بينهما على حسب ما لكل كما لو استثنى لا على وجه الاختيار أم تكون كلها للبائع المستثنى وهو الظاهر قياسًا على ما رجحه بعضهم في هلاك صبرة وثمرة واستثنا قدر ثلث إلا قدر المستثنى من أنه للبائع لا بينهما وظاهر ابن عرفة استواء القولين: (وكبيع حامل بشرط الحمل) أن قصد استزادة في الثمن بأن يكون مثلها لو كانت غير حامل تباع بأقل مما بيعت به فإن قصد التبري جاز في الحمل الظاهر في لعلى وكذا لوخش إلا أن يطأها ولم يستبرئ وفي الخفي في الوخش إذا قد يزيد ثمنها به دون الرائعة لنقصه من ثمنها كثيرًا فيكثر الغرر فإن لم يصرح بما قصد حمل على الاستزادة في الوخش لأنه يزيد في ثمنها وكذا الحكم في حيوان غير آدمي لأن النسل يقصد من البهيمة كثيرًا وعلى التبري في الرائعة لنقص ثمنها بالوطء غالبًا كما مر وعلم مما مر في العاقل أنه متى قصد استزادة الثمن امتنع في ثمان صور وهي علية أو وخش ظاهرة الحمل أم لا وطئها وادعى استبراء أم لا ومتى قصد التبري امتنع أيضًا إن وطئ ولم يستبرئ عليه أو وخشا ظاهرته أو خفيته فإن لم يطأ أو استبرأ جاز التبري في ظاهرته علية أو وخشًا وفي خفيته في الوخش دون العلية قال د فإن قال البائع قصدت الاستزادة في الثمن لقصد فسخ البيع وقال المشتري إنما وقع الشرط على وجه التبري فينظر في الثمن فإن دل للبائع لكثرته قبل قوله: وإن دل للمشتري لعدم كثرته قبل قوله: وليس هذا من الاختلاف في الصحة والفساد كذا وقع في مجلس المذاكرة اهـ.
ــ
قلت هو قصور ففي المتيطي وإن لم يعين النخلات وشرط الخيار لنفسه جاز ذلك عند مالك إن كانت الثلث فدون وإن كان الخيار للمبتاع لم يجز اهـ.
وفي أبي الحسن ما نصه قال عبد الحق إنما قال مالك في البائع لأصل حائطه يجوز أن يستثنى منه خيار أربع نخلات أو خمس قال سحنون قدر الثلث فأقل وإن كان أكثر لم يجز اهـ.
فقد حده بالثلث مثل ما في ضيح وظاهر ما ذكر من النقل أن الأربِع ليست بحد بل المدار على الثلث خلافًا لما يقتضيه ضيح من اعتبار كونه أربعًا أو خمسًا مع التقييد بكونه الثلث فدون فإنه لما قال ابن الحاجب بخلاف البائع يستثنى أربع نخلات أو خمسًا من حائطه إن كانت يسيرة يختارها الخ قال في ضيح لم يكتف المصنف بالأربع عن التقييد باليسير لأن الحائط قد تكون نخلاته كلها يسيرة ومراده باليسير قدر الثلث فأدنى اهـ.
وقول ز احترازًا عما لو استثناها على وجه اللزوم الخ يعني بحيث تبقى مبهمة في الحائط فيكون استثناؤها كاستثناء الجزء الشائع (وكبيع حامل بشرط الحمل) قول ز فإن لم يصرح بما قصد حمل على الاستزادة الخ الذي في تكميل التقييد هو ما نصه فإن نص على شرط الحمل براءة أو رغبة فواضح وإلا فقال اللخمي إن كان مشتريها حضريًّا فشرطه براءة وإن كان بدويًّا فليس ببراءة لرغبة أكثرهم في نسل الإماء اهـ.
وهو الظاهر وقول ز وطئها وادعى الاستبراء أم لا الخ اعلم أنه إن اعترف بالوطء ولم
فرع: إذا باع الأمة الحامل واستثنى جنينها فإنه أيضًا بيع فاسد ويرد فإن وضعت أو فاتت بحوالة سوق قبل الوضع فعلى المشتري القيمة يوم القبض على أنها حامل فإن جهل البائع وأخذ الولد باستثنائه رد فإن فات بيده بمفوت الفاسد فعليه قيمته وأجبرا على جمعهما بملك أما بيع أحدهما من صاحبه أو بيعهما جميعًا ولما كان الغرر ثلاثة أقسام ممتنع إجماعًا كطير في هواء وسمك في ماء وجائز جماعًا كأساس دار ونحوه ومختلف فيه كبيع سلعة بقيمتها وقدم ما يفيد القسم الأول والثالث أشار للثاني بقوله: (واغتفر غرر) بقيود ثلاثة:
أحدها: (يسير) إجماعًا للضرورة كأساس دار فإنها تشتري من غير معرفة عمق أساسها وعرضه وإجارتها مشاهرة مع احتمال نقصان الشهر وكجبة محشوة ولحاف والحشو مغيب وشرب من سقاء ودخول حمام مع اختلاف الشرب والاستعمال وأما بيع نحو طراحة محشوة فليس من ذلك بل من الغرر الكثير فلا يجوز إلا بالوزن ويتحرى ظرفه أو يوزن أو يلغى كما تقدم في بيع السمن بظروفه.
ثانيها: (للحاجة).
ثالثها: (لم يقصد) أي لم تكن العادة قصده فبقيد اليسارة خرج الكثير كبيع الطير في الهواء والسمك في الماء فلا يغتفر إجماعًا وبقيد عدم القصد خرج بيع الحيوان بشرط الحمل على ما مر ولم أرهم تعرضوا لقيد الحاجة أي لما خرج به وكأنه لبيان الواقع إذ البيع من أصله من الأمور الحاجية قاله بعض الشارحين أي فهو تنبيه على العلة التي لأجلها جاز البيع ثم عطف جزئيًّا من جزئيات الغرر عليه لورود النهي فيه بخصوصه فقال: (وكمزابنة) بالتنوين من الزبن وهو الدفع من قولهم ناقة زبون إذا دفعت عن حلابها ومنه لزبانية لدفعهم الكفار في النار وفسرت في الحديث بأنها بيع ثمر النخل بالتمر كيلًا وبيع الزبيب بالعنب كيلًا وفسرها المصنف تبعًا لأهل المذهب بما هو أعم فقال بمدلًا مما قبله أو عطف بيان عليه أو خبر مبتدأ محذوف (مجهول) أي بيعه (بمعلوم) ربوي أو غيره (أو) بيع مجهول (بمجهول) فهو عطف على بمعلوم (من جنسه) فيهما للغرر بسبب المغالبة فإن تحققت المغلوبية في أحد الطرفين فلا منع كما أشار له بقوله: (وجاز) بيع مجهول بمثله أو بمعلوم (أن كثر أحدهما) كثرة بينة حالة كون العقد واقعًا (في غير ربوي)
ــ
يدع الاستبراء لم يجز له البيع مطلقًا شرط الحمل أم لا لأن حملها يلزمه وتكون به أم ولد والكلام هنا إنما هو في تفصيل شرط الحمل فيما يجوز بيعه هل يفسد البيع أم لا فلو أسقط من هذه الصور دعوى الوطء والاستبراء كان أولى وأوضح (للحاجة لم يقصد) قول ز ولم أرهم تعرضوا لقيد الحاجة الخ أصله للشارح وتبعه عج وتعقبه طفى بقول ابن عرفة الاتفاق على صحة بيع الجبة المحشوة بحشوها المجهول وعلى فساد بيع جملة ثياب قيمتها ضعف قيمة الجبة مع حشو الجبة دونها صفقة واحدة ولا مفرق غير الحاجة للحشو في بيعه مع جبته وعدمها في بيعه مع الأثواب اهـ.
أي فيما لا ربًا فضل فيه فشمل كلامه ما يدخله ربا النساء وما لا يدخله ربًا أصلًا فيجوز بيع فاكهة بمثلها من جنسها إذا تبين الفضل لكن بشرط النقد كما يفهم من قوله في السلم وأن لا يكونا طعامين قال د تعريف المزابنة بما ذكر غير جامع لعدم تناوله بيع الشيء بما يخرج منه كبيع الحب بدهنه اهـ.
انظر ابن عرفة ومفهوم في غير ربوي أن الربوي لا يجوز مع كثرة أحدهما للتفاضل في الجنس الواحد وأما أن اختلف الجنس فلا نزاع في الجواز كما لا يخفى ولما قيد المزابنة باتحاد الجنس فمع اختلافه ولو بدخول ناقل لا مزابنة عطف على فاعل جاز قوله: (و) حاز (نحاس) مثلث النون أي بيعه (بتور) بمثناة فوقية مفتوحة إناء من نحاس يشرب فيه وقد يكون أكبر من إناء الشرب وسواء كانا جزافين أو الجراف أحدهما والجواز أن بيع نقد أو كدًّا مؤجلًا وقدم النحاس حيث لم يمكن عمل المؤجل من المقدم فإن أمكن منع وهل كذا لمنع أن قدم المصنوع لأنه يعود وهو الموافق لما يأتي في السلم أولًا نظرًا للإصلاح حينئذٍ لا لأنه يعود وهو ظاهر ما كتبه جد عج انظره وكذا يجوز بيع الأواني النحاس التي يطبخ فيها بفلوس لأنهما مصنوعان وأما ما يكسر من الأواني المذكورة فلا يجوز بيعه بفلوس وكذا الفلوس التي بطل التعامل بها لا يجوز بيعها بفلوس تجددت لأنها صارت نحاسًا وهذان داخلان كما قال د تحت قوله: (لا فلوس) عطف على تور أي لا يباع نحاس بفلوس لعدم انتقال الفلوس صنعتها بخلاف صنعة الإناء ومحل المنع حيث جهل عددها سواء علم وزن النحاس أم لا أكثر أحدهما كثرة تنفي المزابنة أم لا أو علم عددها وجهل وزن النحاس حيث لم يتبين فضل أحد العوضين وإلا جاز كماذا علم عدد الفلوس ووزن النحاس فالأقسام ثلاثة وذكر المصنف صورتين وانظر الفرق بين حكميهما في تت وغيره وترك اثنتين:
ــ
ولذا عبر المازري عن قيد الحاجة بالضرورة وهي أخص من الحاجة لكن الخطب سهل (ونحاس بتور) قول ز أو لا نظرًا للإصلاح لأنه يعود الخ (1) لعل صوابه لا لأنه يعود الخ بزيادة حرف النفي فتأمل وهذا الخلاف نقله في ق باب السلم عن اللخمي ونصه وإن قدم المصنوع فقال للخمي قال يحيى لا بأس أن تسلم سيوف في حديد ومنع ذلك سحنون قائلًا ليس ضرب السيف صنعة تخرجه عن الحديد لأنه يعود حديدًا اللخمي والأول أحسن وليس هذا مما يفعله ذو عقل أن يعيد السيف حديدًا ولو فعله لعوقب عليه لأن ذلك الفساد وإضاعة المال اهـ.
(لا فلوس) قال في ضيح استشكلت الأشياخ المنع في الفلوس وقالوا القياس جوازه لأن الصنعة نقلته كما في التور والفرق الذي ذكره المصنف يعني ابن الحاجب لابن بشير وفيه نظر اهـ.
وأشار إلى قول ابن الحاجب واستشكله الأئمة وفرق بقلة الصنعة في الفلوس اهـ.
(1)(ما ترجى صوابيته البناني بلا لأنه الخ) هو الذي هو في نسخ ز بأيدينا اهـ.
إحداهما: بيع فلوس بفلوس فيجوز أن استوى عدد كل فإن اختلف منع ولو عرف وزن كل.
ثانيتهما: بيع تور بفلوس فيجوز أن علم عددها ووزنه وكذا إن جهل وزنه لكن وجدت شروط الجزاف فيجوز وإن لم يكثر كثرة تنفي المزابنة لنقل الصنعة له فإن لم توجد شروطه منع كما لو جهل عدد الفلوس ووزن التور (وككالئ) أي بيع دين (بمثله) مهموز من الكلاءة بكسر الكاف وهي الحفظ واستشكل بأن الدين مكلوء لا كالئ وإنما الكالئ صاحبه لأن كلا من المتبايعين يكلأ صاحبه أي يحرسه لأجل ماله قبله ولذا وقع النهي عنه لإفضائه للمنازعة والمشاجرة أجيب بأنه مجازًا ما في المفرد فأطلق الكالئ على المكلوء لعلاقة الملازمة أي ملازمة كل للآخر إذ يلزم من الحافظ المحفوظ وعكسه كدافق أي مدفوق وأما في الإسناد وهو إسناد الشيء لغير ما هو له لعلاقة الملابسة كعيشة راضية أي راض صاحبها فهي مرضية له فالمعنى كمالئ صاحبه فهو مكلوء له فهو مجاز عقلي وأما من مجاز الحذف أي بيع مال كالئ بمال كالئ وتقدير مال على هذا الأخير وبيع عليه وعلى الأولين ولما كانت حقيقته تشتمل على ثلاثة أقسسام اثنان ممنوعان قطعًا وهما فسخ الدين في الدين وبيع الدين بالدين وثالثها جائز وهو ابتداء الدين بالدين كما يأتي في بيوع الآجال وأما الثالث هنا الممنوع ففي شيء خاص كما يأتي بدأ بأشدها لأنه ربا الجاهلية كأن يقول رب الدين لمدينة أما أن تقضيني ديني وأما أن تربي لي فيه فقال: (فسخ ما في الذمة) أي ذمة المدين (في مؤخر) قبضه عن وقت الفسخ حل الدين أم لا إذا كان المؤخر من غير جنسه كمن جنسه حيث كان أكثر فإن كان مساويًا أو أقل جاز إلا أن يكون طعامًا من بيع أو نقدًا لما فيه من بيع الطعام قبل قبضه والبدل المؤخر وفي إطلاق الفسخ على المؤخر من جنسه وهو مثله تجوّز لأنه لم يدخل في قوله: فسخ إذ حقيقته الانتقال عما في الذمة إلى غيره فانتقاله إلى مثله ليس بفسخ وكذا انتقاله إلى دونه إذ هو حطيطة.
تنبيه: دخل في كلام المصنف ما إذا أخذ منه في الدين شيئًا ثم رده له بشيء مؤخر
ــ
قلت كان الشيخ مس رحمه الله وغيره من المحققين يذكر أن هذا إنما هو في الفلوس التي كانت في القديم لأنها كانت قطعًا من نحاس من غير كبير صنعة فيها وأما فلوس وقتنا فصنعتها كبيرة لأنها منقوشة فيجوز بيعها بالنحاس كالأواني وقول ز أكثر أحدهما كثرة تنفي المزابنة أم لا الخ إنما منع هذا مع تبين الفضل لمنع الجزاف في الفلوس على المشهور كما تقدم عند ز في قوله ونقد أن سك الخ لا للمزابنة لقوله وجاز إن أكثر (فسخ ما في الذمة في مؤخر) قال المتيطي فمن كان له قبل رجل دين من بيع أو قرض فلا يجوز أن يأخذ عنه قبل محل أجله ولا بعده سلعة معينة يتأخر قبضها ساعة إلا بقدر ما يلج البيت فإن كان طعامًا فيقدر ما يأتي بحمال أو مكيال فإن كان كثيرًا وغابت الشمس من قبل استيفائه استوفاه من الغد قال أشهب: ولو تمادى ذلك شهرًا لكثرته لم يضره إذا اتصل أخذه فإن انفصل وطال ذلك فقال ابن المواز يرد ما أخذ ويرجع إلى دنانيره اهـ.
من غير جنس الدين أو من جنسه وهو أكثر لأن ما خرج من اليد وعاد إليها بعد لغوًا وسيأتي نحوه في أول بيوع الآجال عن صر وقوله: فسخ أي ولو اتهامًا كما لو قضاك دينك ثم رددته له سلمًا وهاتان الصورتان يقعان كثيرًا بمصر للتحيل على التأخير بزيادة (ولو) كان المفسوخ فيه شيئًا (معينًا يتأخر قبضه كغائب) عقار أو غيره بيع العقار مذارعة أو جزافًا فإن قلت العقار المبيع جزافًا يدخل في ضمان المشتري بالقعد فليس فيه بيع معين يتأخر قبضه قلت تأخر القبض الحسي هو المعتبر هنا كما يفيده ابن يونس كاللخمي معللًا المنع بأن ثمنها حاضرة أكثر منه غائبة فما بينهما ترك لمكان التأخير أي ففيه سلف جرّ نفعًا وهذه العلة تجري في أخذ الغائب في الدين ولو غير عقار فقول الشارح وتبعه الشيخ سالم إن ما في المدونة من منع أخذ الدار الغائبة في الدين محمول على ما إذا بيعت مذارعة لأن فيها حق توفية فإن بيعت على غير ذلك جاز لأنها كالمقبوضة بنفس العقد لدخولها في ضمان مبتاعها بالعقد مخالف لما يفيده ابن يونس واللخمي ويرد عليه أن كلامه يقتضي جواز بيع الدار لغائبة بالصفة غير مذارعة وقد تقدم أن ذلك لا يجوز على اللزوم (و) أمة (مواضعة) في حال مواضعتها فسخها في دينه مشتريها وكذا بائعها لكونها في ضمانه ولمنعه كالمشتري من التصرف فيها حين المواضعة وإذا منع الفسخ في هذه فيمنع فيمن تتواضع قبل دخولها في المواضعة بالأولى ولذا عطفه المصنف على مثال
ــ
وقول ز إلا أن يكون طعامًا من بيع أو نقدًا الخ هذا الاستثناء غير صحيح والصواب جواز الصورتين في الطعام وغيره إذ ليس فيهما بيع ولا بدل إنما فيهما التوسعة وحدها أو مع الإسقاط وليس ذلك من الفسخ في شيء وما أحسن قول خش أما لو أخر العشرة أو حط منها درهمًا وأخره بالتسعة فليس من ذلك بل هو سلف أو مع حطيطة انظره ونظم ذلك بعضهم فقال:
وشرط فسخ الدين أن يفسخ في
…
جنس مخالف أو أكثر يفي
وقول ز.
تنبيه: دخل في كلام المصنف الخ قال ابن عرفة والتهمة على فسخ الدين في الدين معتبرة في صرفها إن قبضت من غريمك دينارًا فلا تعده إليه مكانك سلمًا في شيء ولو أسلمت إليه دنانير ثم قضاكها بحدثان ذلك من دين له عليك بغير شرط لم يجز اهـ.
وقول ز لو قضاك دينك الخ هذه هي صورة صر التي ذكرها قبلها لا غيرها (كغائب) قول ز عن الشارح وس إن ما في المدونة من منع أخذ الدار الغائبة في الدين محمول على ما إذا بيعت مذارعة الخ هذا التأويل هو الذي نقله عياض عن فضل وابن أبي زمنين والأندلسيين وأبي إسحاق التونسي قائلًا إنما لا يجوز أن يأخذ فحها عقارًا غائبًا إذا أخذه على صفة أو تذريع إذ لا يكون في ضمانه إلا بعد القبض ووجودها على الصفة فأما إذا كان على رؤية ومعرفة ولم يشترها على التذريع فهو قبض ناجز كالنقد وقد برئ منها وهي من المشتري ونحوه لأشهب عن مالك في العتبية اهـ.
مدخول لو وعطف على مدخولها أيضًا قوله: (أو) كان المفسوخ فيه (منافع عين) يقبضها شيئًا فشيئًا فأراد بالعين المعين كركوب دابة وخدمة عبد معينين مدة لأن المنافع وإن كانت معينة في الدابة والعبد فهي كالدين لتأخير أجزائها فيمنع عند ابن القاسم ورد بلو المقدّرة قول أشهب بإجازتها في المعين قال لأنها إذا أسندت لمعين أشبهت المعينات المقبوضة وصححه المتأخرون لأنها لو كانت كالدين يمنع فسخ الدين فيها لامتنع اكتراؤها بدين والمذهب جوازه أي كذا شراؤها به اتفاقًا كما في ق وفرق للمشهور بأن اللازم في محل المنع فسخ الدين في الدين وفي محل الجواز ابتداء الدين بالدين وهو أخف واحترز المصنف بالعين أي المعين عن المضمونة فقد اتفق ابن القاسم وأشهب على منع فسخ الدين في منافع مضمونة كركوب دابة غير معينة وسكنى دار كذلك قاله الشارح واعترض بأن الدار والحانوت لا بدّ من تعيينهما في الكراء ولو اكتريا بالنقد اهـ.
من عج تبعًا لبعض الشارحين أي فكيف يتأتى أن تكون المنافع مضمونة وقد يقال لا مانع كما يفيده ما مر في الحج من قوله: فالمضمونة كغيره وما يأتي في قوله: وإن ضمنت فجنس وظاهر كلام المصنف أنه لا فرق بين كون الدين حالًا أو مؤجلًا وإذا كان مؤجلًا فلا فرق بين كون المنافع تستوفي من المعين قبل حلول الأجل أو معه أو بعده بقرب أو بعد وهو ظاهر قول مالك وابن القاسم في المدونة وأجازه أشهب بل في ق إن في المدونة من واجر نفسه أو عبده في خياطة شهرًا لم يجز أن يفسخ ذلك في قصاره أو غيرها لأنه دين بدين إلا أن تكون الإجارة يومًا ونحوه قال ابن سراج فلم يجعل في المدونة اليوم واليومين أجلًا فيجوز فسخ الدين في خدمة المعين اليوم واليومين ولا إشكال في ذلك على قول أشهب وقد رشحه أي رجحه ابن يونس ومنه يستفاد جواز من
ــ
وما شرح به ز أولًا من الإطلاق هو تأويل ابن يونس واللخمي وابن محرز وخطؤوا التأويل الأول وقالوا لأن ما يسقط الضمان ها هنا لا يتنزل منزلة القبض فلا يجوز له أن يأخذ في دينه عقارًا غائبًا وإن دخل في ضمانه بالعقد نقله أبو الحسن وقد اقتصر في ضيح تبعًا لابن عبد السلام على التأويل الأول وتبعه الشارح وس والرد عليهم بمخالفة ما لابن يونس ومن معه كما فعل ز وطفى يقتضي ترجيحه ولم يرجحه أبو الحسن ولاغ في تكميل التقييد فانظر من رجحه والله أعلم وقول ز ويرد عليه أن كلامه يقتضي الخ فيه نظر أما أولًا فلا احتمال أن يريد البيع بتقدم الرؤية لا على الصفة وأما ثانيًا فلأن منع بيع الدار بالصفة جزافًا أصله لسماع القرينين وقاله سحنون لكن تقدم عن طفى أن كلام ابن عرفة وغيره يدل على أنه خلاف المشهور من الجواز مطلقًا (أو منافع عين) قال ابن رشد في هذا إنما يمنعه ابن القاسم في الاختيار وأما في الضرورة فهو عنده جائز مثل أن يكون في صحراء ولا يجد كراء ويخشى على نفسه الهلاك فيجوز له أخذ منافع دابة عن دينه قاله في رسم السلم من سماع عيسى من البيوع وقول ز وكذا شراؤها به اتفاقًا الخ هذا يرجع إلى الغائب والمواضعة كما في ق وقول
ز وقد يقال لا مانع الخ هذا غير صحيح إذ ما تقدم في الحج وما سيأتي كلاهما في غير
له عند شخص دين فيقول له احرث معي اليوم أو تنسج اليوم وأعطيك مما عليك من الدين في نظير هذا درهمًا وكذا إذا استعمله في زمن كثير على غير شرط أن يقتطع له أجرة مما عليه فله أن يقاصد مما ترتب له في ذمته من الأجرة من الدين الذي له عليه على قول أشهب وبه أفتى ابن رشد لكنه مخالف لابن القاسم ولم يكن يخفى على ابن رشد قول ابن القاسم وما خالفه إلا لظهوره أي قول أشهب عنده اهـ.
باختصاره وبعض إيضاح قلت وبهذا يخرج عن حرمة تقليد الضعيف لما رجحه الأشياخ وصححه المتأخرون وأفتى به ابن رشد ولعل وجه ظهوره إنه ليس في هذه فسخ دين في دين وإنما فيه المقاصة كما أشار له بقوله يقاصه بل الظاهر أن ابن القاسم لا يخالف في هذه حيث لا شرط ولا عرف ولا نوى الاقتطاع ولكن المتبادر من فتوى ابن رشد جوازه مع نية الاقتطاع أيضًا حيث لم يشترطه وأشار للقسم الثاني بقوله: (وبيعه) أي الدين ولو حالًا (بدين) لغير من هو عليه ولا يمتنع في هذا القسم بيعه بمعين يتأخر قبضه ولا بمنافع معين ولذا لم يقل وبيعه بما ذكر ثم أقل ما يتحقق بيع الدين للغير بين ثلاثة وما يأتي في بيوع الآجال من قوله: كتساوي الأجلين أن شرطا نفي المقاصة للدين بالدين من كون ذلك من اثنين ليس من بيع دين بدين وهو ظاهر ولا من فسخ الدين في الدين أيضًا وإنما هو من ابتداء الدين بالدين وهو ليس من الكالئ بالكالئ الممنوع وأشار للقسم الثالث بقوله: (وتأخير رأس مال سلم) أكثر من ثلاثة أيام وهو من أحد النقدين لما فيه من ابتداء الدين بالدين لأنه لا تعمر فيه الذمة إلا عند المعاقدة وهو أخف من بيع الدين بالدين الذي هو أخف من فسخ الدين في الدين ولما تكلم على منع الكالئ بالكالئ وعلى منع بيع دين بدين ذكر بيعه بالنقد وإنه لا يخلو من هو عليه من أن يكون ميتًا أو حيًّا غائبًا أو حاضرًا فقال: (ومنع) بيع (دين ميت) أي له منع بيع دين عليه فالإضافة بمعنى اللام وهي بمعنى على وكذا تمنع الحولة عليه (و) منع بيع دين على غائب (ولو قربت غيبته) أو ثبت ببينة وعلم ملاؤه بخلاف الحوالة عليه فإنها جائزة كما يأتي في قوله: لا كشفه عن ذمة المحال عليه (و) منع بيع دين على (حاض) لو ببينة (إلا أن يقر) والدين مما يباع
ــ
الرباع وسيقول وعين متعلم ورضيع ودار وحانوت وقول ز وهو ظاهر قول مالك وابن القاسم الخ الذي في ق من نقل ابن يونس عن مالك أن استعمال المدين في اليسير والدين لم يحل جائز وإن حل فلا يجوز في يسير ولا كثير اهـ.
وقول ز لكنه مخالف لابن القاسم الخ غير صحيح وليس ذلك في ق بل هو تحريف لكلامه ونصه وكان ابن سراج يقول إذا خدم معك من لك عليه دين بغير شرط فإنه يجوز لك أن تقاصه عند الفراغ من الدين الذي عليه قال وبهذا أفتى ابن رشد في نوازله لظهوره عنده إذ ما كان ابن رشد يخفى عليه قول ابن القاسم اهـ.
فهذا يدل على موافقته لابن القاسم لا مخالفته له تأمله (إلا أن يقر) قول ز واشتراط
قبل قبضه وبيع بغير جنسه وليس ذهبًا فضة ولا عكسه وليس بين مشتريه ومن عليه عداوة ولا قصد أعناته فلا بدّ من هذه الخمسة شروط لجواز بيعه زيادة على قوله: يقر واشتراط حضوره ليعلم حاله من فقر أو غنى إذ لا بدّ من علم ذلك لاختلاف مقدار عوضه باختلاف حال المدين من فقر أو غنى والمبيع لا يصح أن يكون مجهولًا قاله المازري: واشتراط جواز بيعه قبل قبضه للاحتراز عما لو كان طعامًا من بيع واشتراط بيعه بغير جنسه لأنه إذا بيع بجنسه وكان المبتاع غير حال فقد يتغير سوقه عند حلوله بزيادة ففيه سلف بزيادة فمنع بجنسه ولو حالًا ولم يتغير سوقه سدًّا للذريعة لظهور التعليل في بعض الصور فقوله ومنع دين ميت أي بالنقد وأما بالدين فهو ما قبله.
تتمة: من اشترى دينًا أو وهب له أو أحيل به وكان فيه رهن أو حميل لم يدخل فيه ذلك الرهن أو الحميل إلا أن يشترط دخولهما ويحضر الحميل ويقر بالحمالة وإن لم يرض بالتحمل لمن ملكه للسلامة من شراء ما فيه خصومة لكن لرب الرهن أن يطلب وضعه عند أمين هذا هو المطابق للنقل كما في ح وإفتاء صر بدخول الرهن من غير شرط غير مستند لنقل فلا يعول عليه وأما من ورث دينًا برهن أو حميل فإنه يكون له برهنه وحميله وإن لم يشترط ذلك وللراهن طلب وضعه عند أمين غير الوارث كذا ينبغي ثم عطف على كحيوان قوله (وكبيع العربان) ويقال أربان بضم أول كل وعربون وأربون بضم أولهما وفتحه ففيه ست لغات وهو (أن) يشتري سلعة بثمن أو يستأجر شيئًا على أن (يعطيه) أي يعطي المشتري البائع (شيئًا) من الثمن (على أنه) أي المشتري (إن كره البيع لم يعد) ما دفعه للبائع (إليه) وإن أحبه حاسب البائع به من الثمن أو تركه له مجانًا لأنه من أكل أموال الناس بالباطل قال عيسى ويفسخ العقد فإن فاتت مضت بالقيمة فإن أعطاه على أنه إن كره البيع أخذه وإن رضيه حاسبه به جاز ويختم عليه إن كان لا يعرف بعينه قال ق أي لئلا يتردد بين السلفية والثمنية (وكتفريق أم) أي والدة بنسب مسلمة أو كافرة غير حربية مجنونة أو عاقلة (فقط) لا أب أو خالة (من ولدها) وإن من زنا وظاهره ولو مجنونًا وأمه كذلك إلا أن يخاف من أحدهما حصول ضرر بالآخر ولو كان الجنون
ــ
بيعه بغير جنسه لأنه إذا بيع بجنسه الخ هذا التعليل غير ظاهر إذ لو اقتضى المنع لكان كل سلف في العروض ممتنعًا لاحتمال أن يرتفع ثمنه وليس كذلك إذ الزيادة التي تقتضي منع السلف هي الزيادة الذاتية (وكبيع العربان) قول ز بضم أولهما مع فتحه الخ المراد فتح الأول مع فتح الراء كما في القاموس إذ قال والعربان والعربون بضمهما والعربون محركة وتبدل عينهن همزة اهـ.
(وكتفريق أم فقط من ولدها) قول ز أي والدة بنسب الخ الصواب إسقاط قوله بنسب لما علم أن النسب من الأب لا من الأم وقول ز أو كافرة غير حربية الخ انظر من قيده بغير حربية وقد اقتصر ابن يونس على قوله وسواء كانت الأم مسلمة أو كافرة اهـ.
بأحدهما فقط فتمنع التفرقة في العاقلين والمجنونين وأحدهما ولعل وجه منعها في جنونها مع عدم تولهها احتمال عود عقلها قبل إثغاره وفسرناها بالوالدة لتخرج أم الرضاع واحترزنا بغير حربية عن تفرقة أم حربية من ولدها بأرض حرب غنيمة أو شراء أحدهما بأرضها فيجوز واعلم أن التفرقة ممتنعة سواء كانت في الملك أو في الحوز بأن يكونا في ملك واحد وأحدهما في جهة والآخر في جهة أخرى بعيدة وقوله بعد وفسخ الخ خاص بتفرقة الملك (وإن) كان التفريق (بقسمة) ولو قسمة قرعة كما في د فإذا ورث جماعة الولد وأمه لم يجز لهم أن يقتسموهما ولو بالقرعة وإن شرطوا عدم التفرقة لافتراقهما في الملك وبالغ بقوله (أو بيع أحدهما لعبد سيد الآخر) ولو غير مأذون له وتقييد المدونة بالمأذون غير معول عليه لئلا يتوهم أن العبد وما ملك لسيده أي لا يجوز لمن ملك أما ولدها أن يبيع الأم لرجل وولدها لعبد ذلك الرجل لاحتمال أن الرجل يعتق عبده وأولى لولد سيد الآخر (ما لم يثغر) بفتح أوله وتشديد ثانيه وهو بمثناة فوقية أو ثاء مثلثة مفتوحة ويجوز أيضًا ضم أوله وسكون ثانيه مع المثلثة فقط أي ينبت بدل رواضعه بعد سقوطها والظاهر أن المراد نبات كلها لا بعضها ولو المعظم والظاهر أيضًا أنه إذا انبتت كلها جاز التفريق وإن لم ينته نباتها وأنه يراعي زمن السقوط المعتاد حيث لم يسقط بالفعل ولا بد من كون الإثغار (معتادًا) فلا تفريق إذا عجل به الأثغار وأسنان الرواضع ما نبت مدة الرضاع (وصدّقت المسبية) هي وولدها وقدم بهما بأرض الإسلام في دعواها الأمومة فلا يفرق بينهما اتحد سابيهما أو اختلف صدقها السابي أم لا إلا لقرينة على كذبها وينبغي حالة الإشكال إن تصدق بيمين إن اتهمت وإلا فبدونه ولا يختلي بها إن بلغ (ولا توارث) بينهما من الجانبين كما تقتضيه صيغة المفاعلة إذ لا إرث
ــ
وقوله بعد وصدقت المسبية يبطل القيد المذكور فإن كان مراده أن الأم غنمت دون ولدها أو العكس فهذا لا يصح الاحتراز عنه لأن موضوع المسألة أنهما مملوكان معًا وإذا غنم أحدهما فقط فالآخر غير مملوك (وإن بقسمة) قول ز وأما بالرهن والإجارة الخ الصواب أن المراد بالإجارة والنكاح اللذين لا يؤديان إلى التفرقة في الملك أن يؤاجر أحدهما أو تزوج الأم فإن ذلك ليس بتفرقة في الملك فالإجارة والنكاح صحيحان لكن يجبر على جمعهما في الحوز وعلى ذلك يحمل ما في ضيح وغيره وأما الإجارة والنكاح بالمعنى الذي ذكره ز ومثله في خش فهما من التفرقة في الملك كما ذكره غير واحد من الشراح في قوله وفسخ إن لم يجمعاهما في ملك قول بن قول ز وأما بالرهن الخ ليس في نسخ ز بأيدينا ذلك اهـ.
(ما لم يثغر) قول ز وهو بمثناة فوقية أو شاء مثلثة الخ أي لأن أثغر افتعل من الثغر فيجوز إبدال فائه وهي المثلثة من جنس شاء الافتعال لإدغامها فيها ويجوز إبدال تاء الافتعال من جنس فائه وهذان الوجهان معًا ذكرهما في التسهيل وزاد سيبويه وجهًا ثالثًا وهو الإظهار قال وهو عربي جيد (وصدقت المسبية) قول ز أن تصدق بيمين إن اتهمت الخ لو أسقط قوله إن اتهمت كان أولى (ولا توارث) قول ز هل تصح مطلقًا الخ لا يقول أحد أن الوصية تصح
بشك فهي لا ترثه قطعًا ولا هو إن كان لها وارث ثابت النسب يأخذ جميع المال وينبغي أن يجري هنا قوله وخصه المختار بما إذا لم يطل الإقرار فإن لم يكن لها وارث على الصفة المذكورة ورثها المقر به وإقرارها به ليس استلحاقًا لقوله إنما يستلحق الأب بل هو كإقرار شخص بأخ وانظر لو أوصت له مع وجود وارث يحوز جميع المال هل تصح مطلقًا لكونه حينئذٍ كأجنبي أو تبطل مطلقًا لأنه وارث في الجملة لولا الأصلي أو تصح بالثلث كإيصاء بمرض لأجنبي لا بأزيد والأصل في منع التفرقة خبر الترمذي وقال حسن صحيح من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبابه يوم القيامة كذا في عج تبعًا للشيخ سالم وفي تت أحبته كالشارح في شروحه الثلاثة المصححة وهو الصواب فهو الذي عزاه ق والسيوطي والسخاوي للترمذي وهما أدرى بالحديث من الشيخ سالم إن فرض أن خطبه أحبابه وإلا فهو تحريف من النساخ وخبر ألا لا توله والدة بولدها وتوله بمثناة فوقية مضمومة فواو مفتوحة فلام مفتوحة مشددة فهاء أي لا يفعل معها ما يوجب الوله أي ذهاب العقل بالتفريق (ما لم ترض) بالتفريق فيجوز لأنه حق لها على المشهور وقيل للولد واختاره ابن يونس واللخمي وغيرهما وفي المصنف إفادة أنه خاص بالعاقل ابن ناجي هي جائزة في الحيوان البهيمي على ظاهر المذهب اهـ.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيها أي وكذا سمع يحيى بن القاسم كما في د لا تجوز في البهيمي وأن حد التفرقة أن يستغني عن أمه بالرعي نقله المغربي والتادلي وأظنه في العتبية ولا أتحققه اهـ.
ابن الفاكهاني هو ظاهر الحديث ولم أقف عليه نصًّا في غير العقلاء فمن وجده فليضفه لهذا الموضع راجيًا ثواب الله تعالى اهـ.
وقد وجد ذلك في ابن ناجي كذا الأقفهسي وقول تت أن قوله ما لم يثغر يشعر باختصاص منع التفرقة بالعاقل غير مسلم إذ الأثغار في غيره كما يفيده قول المصنف في الصحبة ومكسورة سن لغير أثغار وانظر قول ابن الفاكهاني لم أقف عليه نصًّا في غير العقلاء مع ما مر عن رواية عيسى عن ابن القاسم إلا أن يريد نص حديث كما يؤخذ من قوله هو ظاهر الحديث قال عج وإذا فرق بينهما بالبيع فإنه لا يفسخ فليست كالتفرقة بين العاقلة وولدها اهـ.
وهل يجبر أن على جمعهما حينئذٍ بحوز واحد أم لا فإن قلت في قوله ما لم يثغر ما لم ترض توالي ظرفين من غير عطف وهو ممتنع قلت الظرف الثاني حال والعامل فيه المنع المفهوم من النهي عن التفرقة أي ومنع التفرقة عدم الأثغار حالة كون المنع مدة عدم
ــ
في أكثر من الثلث إذا لم يجزها الوارث فلا معنى للتردد في ذلك والصواب أنها هنا تصح في الثلث لأنه مع وجود وارث كأجنبي ولا وجه للتردد تأمل (ما لم ترض) قول ز واختاره ابن يونس واللخمي الخ الصواب والمازري عوض قوله واللخمي لأن اللخمي اختار الأول انظر
الرضا انظر د (وفسخ) العقد المتضمن للتفرقة (إن لم يجمعاهما في ملك) ومحل الفسخ حيث لم يفت المبيع وإلا لم يفسخ ويجبر أن على جمعهما في حوز قاله اللخمي ومثل فسخ البيع أن لم يجمعاهما في ملك فسخ هبة الثواب ودفع أحدهما صداقًا والمخالعة به لا إجارة أحدهما أو تزويج الأم فلا فسخ لعدم التفرقة في الملك وأجبرا على جمعهما في حوز وليس للزوج حيث لم يعلم به الامتناع من ذلك وهذا لا يخالف قوله في النفقات مشبهًا في الامتناع كولد صغير لأحدهما إن كان له حاضن الخ لاختصاصه بالحر قال تت ابن حبيب يضرب بائع التفرقة ومبتاعها ضربًا وجيعًا اهـ.
أي إن علما حرمتها لا أصل الولدية فقط وظاهره ضربهما مع علمهما حرمتها اعتادا ذلك أم لا ويأتي في بيع الحاضر للبادي قولان في تقييد أدبه بالاعتياد مع العلم ولعل الفرق إن منع التفرقة أشد ولا أدب مع عذر بجهل وكذا يأتي نحو ذلك في مسألة التلقي (وهل) التفرقة الحاصلة (بغير عوض) كهبة أحدهما أو الوصية به أو وهبهما مشتر لشخصين أو ورثا الشخصين (كذلك) أي لا بد من جمعهما في ملك ببيع أو غيره بجامع التفرقة وكون ذلك بعوض وصف طردي وأما الفسخ فلا فالتشبيه غير تام (أو يكتفي) في جمعهما (بحوز) لأن السيد لما ابتدأ بفعل المعروف علم أنه لم يقصد الضرر فناسب التخفيف وشبه في التأويل الثاني قوله: (كالعتق) لأحدهما فيكتفي بجمعهما في حوز اتفاقًا فقوله: (تأويلان) راجع لما قبل التشبيه وقد علم من المصنف حكم ما يجب في تفرقتهما بالبيع ومثله هبة الثواب كما مر وما يجب في تفرقتهما بغير هبة ثواب ونحوها وما يجب في تفرقتهما بالعتق ولم يعلم من كلامه حكم ما يجب إذا وجد الولد في ملك شخص والأم في ملك آخر ولم يعلم هل صارا إليهما بمعاوضة أو غيرها والحكم في هذا
وجوب جمعهما بملك ولا يكفي بحوز (وجاز بيع نصفهما) مثلًا لواحد أو اثنين اتفق الجزء أو اختلف (و) جاز (بيع أحدهما للعتق) الناجز كما يفيده ح وهو قيد في الثانية فقط خلافًا لتت وقال أيضًا وربما أشعر كلامه بأنه إذا أعتق أحدهما لا يجوز له بيع لآخر وهو كذلك قاله ابن القاسم إلا في فلس أو ضرورة وكذا لو دبر أحدهما لم يجز له بيع الباقي بعد المدبر ولا بيع خدمة لآخر اهـ.
ــ
غ (وهل بغير عوض كذلك) قول ز أي لا بد من جمعهما في ملك الخ قال في ضيح فإن قلت يلزم هنا وفيما إذا فرقًا بعوض جمع رجلين سلعتيهما في البيع كما أشار إليه بعضهم قيل يمكن أن يدفع ذلك بأن يقوَّم كل من الولد والأم قبل البيع ثم يفض الثمن عليهما فلا تقع جهالة أو أجيز ههنا للضرورة الداعية إلى ذلك بخلاف الاختيار أجاب بالأول غير واحد وبالثاني عياض اهـ.
قلت أصل السؤال غير وارد إذ لا يلزم بيعهما في صفقة واحدة والله أعلم (وبيع أحدهما للعتق) قول ز عن ابن رشد لا أدري لم أوجبوا الخ قد يقال أوجبوا ذلك لكون عدم
وما عزاه لابن القاسم عزاه ابن عرفة وتبعه تكميل التقييد لسحنون وأن الذي في المدونة أنه إذا عتق أحدهما يجوز له بيع الآخر ويشترط على مشتري الأم نفقة الولد المعتق ومؤنته وأن لا يفرق بينهما للأثغار ابن رشد لا أدري لم أوجبوا على من أعتق صغيرًا فباع أمه أن يشترط نفقته على مشتري الأم وما المانع من كونه مع أمه عند المشتري ونفقته على معتقه اهـ.
وقوله ولا بيع خدمة الآخر كذا بخط تت بموحدة فتحتية ونحوه في الشارح والذي في المدونة ولا مع بميم وعين ونصها وإذا دبر أحدهما لم يجز له بيع الباقي وحده ولا مع خدمة الآخر اهـ.
(و) جاز بيع (الولد مع) بيع (كتابة أمه) لرجل واحد وكذا يجوز بيع الأم مع بيع كتابة الولد قال الشارح ويشترط عليه أن لا يفرق بينهما ذ أعتقت الأم إلى وقت الأثغار اهـ.
ويجري مثله في بيع أحدهما للعتق فإن لم يفعل بالشرط فالظاهر عدم الفسخ ويجبر أن على الجمع (ولمعاهد) حربي قدم بأمان تاجر أم لا ومعه أمة وولدها (التفرقة) بين الأم وولدها ببيعها وغيره (وكره) لنا (الاشتراء منه) على التفرقة ويجبر المشتري والبائع على الجمع في ملك مسلم غيرهما أو ملك المشتري ولا يفسخ البيع خلافًا لابن محرز لأنه إذا فسخ رجع إلى ملك المعاهد وهذا في الصغير كما هو موضوع المصنف وأما الكبير فيجري على بيع المسلم الكبير للكافر والكراهة هنا على التحريم كما في أبي الحسن نقله د وانظر هل يجبران على الجمع أيضًا إذا حصلت التفرقة بغير عوض على أحد القولين السابقين أو يكتفي بجمعهما بحوز في هذا اتفاقًا وفهم من قوله معاهد أن الذمي يمنع من التفرقة وهو كذلك لأنه من التظالم اللخمي هذا إن كانت التفرقة في دينهم ممنوعة وإلا ففيه نظر وبعض أشياخي أطلق القول بمنعهم انظر تت وعطف منهيًّا عنه على مثله بقوله: (وكبيع وشرط يناقض المقصود) من المبيع أو يخل بالثمن كما يأتي فالأول (كان لا يبيع) عمومًا أو إلا من نفر قليل وأما أن لا يبيع من فلان أو من نفر قليل فيجوز قاله اللخمي
ــ
اشتراط نفقة الصغير مظنة التفريق بينهما الوانوغي يؤخذ من كلام ابن رشد أن المراد يقول المدونة ويشترط على مشتري الأم الخ الأمر وهو خلاف ما في تعليق القابسي من قول بعض الشيوخ يريد أن اشتراط النفقة على المشتري جائز (وكره الاشتراء منه) قول ز اللخمي هذا إن كانت التفرقة في دينهم ممنوعة الخ هذا الكلام ليس للخمي بل للمازري وبعض أشياخه هو اللخمي ونص ابن عرفة اللخمي أرى إن كانا معًا لنصراني ذمي فباع أحدهما من نصراني أن يجبرا على الجمع لأنه من التظالم المازري هذا إن كانت التفرقة عندهم ممنوعة لا تجوز فإن كان ذلك في دينهم سائغًا ففيه نظر وبعض أشياخي أطلق القول بمنعهم اهـ.
(وكبيع وشرط) قول ز لا ينافي جواز الإقالة التي وقع فيها شرط المبتاع الخ قد تقدم صدر البيوع أن المشهور فساد الإقالة أيضًا بهذا الشرط وأنه لا فرق بينها وبين البيع فراجعه
ومثل قوله أن لا يبيع لا يهب أو لا يخرج به من بلد أو على أن يتخذها أم ولد أو يعزل عنها أو لا يجيزها البحر أو على الخيار إلى أمد بعيد أو على أنه إن باعها فهو أحق بها بالثمن فكل ذلك من الشرط المناقض للبيع وما ذكر في الأخير لا ينافي جواز الإقالة التي وقع فيها شرط المبتاع على البائع أنه إن باعها من غيره كان أحق بها لأنه يغتفر في الإقالة ما لا يغتفر في غيرها وبقي شرط يقتضيه العقد كشرط تسليم المبيع والقيام بالعيب وشرط لا يقتضيه ولا ينافيه كشرط رهن ونحوه كما يأتي وكلاهما جائز (إلا) شرطًا ملتبسًا (بتنجيز العتق) فإنه جائز وإن كان مناقضًا لمقتضى العقد فهو مستثنى من قوله وشرط مع صفته وفي الحقيقة من مقدر دل عليه هذا أي وكبيع وشرط ملتبس بكل كيفية من كيفيات البيع والشرط إلا شرطًا ملتبسًا بتنجيز العتق فهو مستثنى من عموم الأحوال وقول غ الصواب تجريده من باء الجر ونصبه على الاستثناء من قوله وشرط غير مسلم لجعلها للملابسة كما علمت ولا يقال الملتبس بالشيء غيره فلا يفيد المقصود وهو أن الشرط تنجيز العتق لأنا نقول الشرط الملتبس بتنجيز العتق هو الشرط بالمعنى الكلي والتباس الكلي بالجزئي حاصل لأن التباس الكلي هو مطلق التعلق وبين الكلي والجزئي تعلق وهو صدقه وإيضاحه أن الشرط هنا كلي وتحته أفراد منها تنجيز العتق والكلي ملتبس بالجزئي بمعنى أنه صادق عليه أو أنه داخل في ضمن الجزئي ومثل شرط تنجيز العتق شرط الهبة والصدقة عند مالك خلافًا للشافعي قاله في الذخيرة وكذا الوقت كما في الشيخ سالم واحترز بالتنجيز عن التدبير والعتق لأجل ولو قرب واتخاذ الأمة أم ولد ثم أشار إلى أن لشرط تنجيز العتق وجوهًا أحدها قوله: (ولم يجبر) المشتري على العتق مع إبايته (إن أبهم) البائع في شرطه العتق على المبتاع أي وقع البيع على شرط العتق مبهمًا بأن قال أبيعك بشرط أن تعتقه ولم يقيد ذلك بإيجاب ولا خيار عند ابن القاسم وقال أشهب وسحنون يلزم اللخمي وهو أحسن وشرط النقد في هذا يفسده لتردده بين السلفية والثمنية لتخيير المبتاع في العتق فيتم البيع وفي عدمه فيخير البائع في رده وإمضائه فإن رد بعد أن فات فعليه القيمة كما في المدونة انظر د وثانيها قوله (كالمخير) في العتق وفي رده لبائعه أي وقع البيع على أن المشتري مخير بين أن يعتق أو يرد البيع فإنه لا يجبر على العتق ويثبت للبائع الخيار ويمتنع النقد بشرط أيضًا لتردده بين السلفية والثمنية هذا هو الذي يجب حمل كلامه عليه ويدل له التعليل المذكور وليس مراده التخير بين العتق وعدمه كما يقتضيه تصوير تت لأنه لا يتأتى فيه التعليل المذكور وأيضًا فهذا أمر له وإن لم يشترطه
ــ
(إلا بتنجيز العتق) قول ز لأنا نقول الشرط الملتبس الخ لا يخفي ما في هذا من التكلف كما قاله طفى وأولى من ذلك أن تجعل الباء للمصاحبة والمستثنى مقدر والمعنى نهي عن كل بيع وشرط إلا بيعًا مصحوبًا بشرط التنجيز فتأمله (كالمخير) قول ز في العتق وفي رده الخ صوابه في أن يعتق أو يثبت الخيار لبائعه في الرد والإمضاء والمخير في كلام المصنف هو المشتري
عليه ولأنه ليس للبائع خيار حيث لم يعتقه في هذه بخلاف ما شرحنا عليه المصنف فإنه يثبت له الخيار حيث لم يعتقه المشتري كما مر وثالثها قوله: (بخلاف الاشتراء على) شرط (إيجاب العتق) أي التزامه بأن قال أبيعك على شرط أن تعتق وهو لازم لك لا تتخلف عنه فرضي بذلك فإنه يجبر عليه فإن امتنع أعتقه الحاكم (كأنها حرة بالشراء) تشبيه في وجوب العتق لا في الجبر لأنها تتحرر بنفس الشراء فهو تشبيه في مطلق اللزوم ثم عطف على يناقض المقصود قوله (أو يخل بالثمن) بأن يؤدي الشرط إلى جهل فيه إن كان السلف من المشتري فإن كان من البائع فالجهل في المثمون إذ الانتفاع غير معلوم ولو ضرب له أجل لكن هو ثمن أيضًا بالنظر إلى ذلك الجانب وربما يندفع هذا التعليل بما إذا عين ما ينتفع به فيه ولذا علل كثير من علمائنا المنع بأنه يؤدي لسلف جرّ نفعًا انظر د (كبيع وسلف) أي كاشتراط سلف مع البيع وأما جمعهما من غير شرط فلا يمتنع على المعتمد وما يأتي أول بيوع الآجال من الامتناع حتى مع التهمة على البيع والسلف ضعيف والمعتمد ما هنا والظاهر أن المراد بالشرط ولو بحسب ما يفهم من حالهما قياسًا على ما يأتي في الثنيا مما يجري به العرف وسواء كان السلف من البائع أو المشتري كما يأتي في قوله وفيه إن فات الخ (وصح) البيع (إن حذف) شرط السلف قبل الفوات (أو حذف شرط التدبير) ونحوه مما يناقض العقد.
ــ
(أو يخل بالثمن) قول ز بأن يؤدي الشرط إلى جهل فيه إن كان السلف من المشتري الخ هذا بالنظر إلى أن الانتفاع ثمن في الأول ومثمن في الثاني ولك أن تعتبر الجهل من جهة أن السلف من المشتري يقابله بعض المثمون فيكون البعض الآخر المقابل للثمن مجهولًا وإن كان من البائع فالعكس وحينئذٍ ينعكس الكلام (كبيع وسلف) قول ز وما يأتي أول بيوع الآجال إلى قوله ضعيف الخ فيه نظر بل ما يأتي في بيوع الآجال من قوله كبيع وسلف أي كتهمة بيع وسلف لا يخالف ما أجازوه هنا وذلك لأن الصور ثلاث بيع وسلف بشرط ولو بجريان العرف وهي التي تكلم عليها المصنف هنا وبيع وسلف بلا شرط لا صراحة ولا حكمًا وهي التي أجازوها هنا أيضًا وتهمة بيع وسلف وذلك حيث يتكرر البيع وهي التي تكلم عليها المصنف رحمه الله هناك فما أجازوه هنا غير ما منعوه هناك لأن ما هناك فيه التهمة بالدخول على شرط بيع وسلف وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يدل على أن المنع فيه هو المذهب والله أعلم (وصح إن حذف) قول ز قبل الفوات الخ هذا هو ظاهر المذهب عند المازري قال في ضيح ظاهر إطلاقاتهم وإطلاق ابن الحاجب أنه لا فرق بين أن يكون الإسقاط قبل فوات السلعة أو بعد فواتها لكن ذكر المازري أن ظاهر المذهب أنه لا يؤثر إسقاطه بعد فواتها في يد المشتري لأن القيمة حينئذٍ قد وجبت عليه فلا يؤثر الإسقاط بعده اهـ.
وقوله لأن القيمة قد وجبت الخ يخالف قول المصنف الآتي وفيه إن فات أكثر الثمن الخ افهم (أو حذف شرط التدبير) يريد وكذا كل شرط مناقض إلا ما استثنى ولذا قال غ إن في بعض النسخ كالتدبير بإدخال الكاف على التدبير وقول ز وذلك أربعة أشياء الخ أي يفسخ
تنبيه: أشعر قوله أو حذف شرط التدبير أن حذف غيره مما يناقض لا يصح البيع عند حذفه وذلك في أربعة أشياء:
أحدها: من ابتاع سلعة بثمن مؤجل على أنه مات فالثمن عليه صدقة فيفسخ البيع ولو أسقط هذا الشرط لأنه غرر قاله في النوادر ومثله شرط إن مات لم يطلب البائع ورثته بالثمن.
ثانيها: شرط ما لا يجوز من أمد الخيار فيلزم فسخه وإن أسقط لجواز كون إسقاطه أخذ به.
ثالثها: من باع أمة وشرط على المبتاع أن لا يطأها وأنه إن فعل فهي حرة أو عليه دينار مثلًا فإن هذا يفسخ البيع ولو أسقط الشرط لأنه يمين قاله ابن رشد انظر تت.
رابعها: شرط الثنيا يفسد البيع ولو أسقط ويعبر عنها في مصر بالبيع المعاد وحقيقتها أن يقول البائع للمشتري متى أتيتك بالثمن عاد المبيع لي فاشتراط ذلك في عقد البيع يفسده ولو حذف وأما إن تطوع المشتري له بذلك بعد عقد البيع فلا فساد بل تجوز سواء قيد بمدة أو أطلق بأن قال له متى أتيت لي بالثمن أعدت لك سلعتك ولا يجوز للمشتري بيعها لغيره في المقيدة بمدة ويرد بيعه لغير البائع فيها أو بعدها بيوم ويأخذها البائع إن أراد لا بعد زيادة على يوم وكذا ليس للمشتري في المطلقة تصرف ببيع وعتق ونحوهما قبل تخيير البائع ويمنعه الحاكم فإن تصرف بما ذكر بعد منعه رد إن كان قيام البائع الأصلي بقرب بيع المشتري لغيره لا بعد بعد مع علمه بتصرفه وإذا مات المتطوع بالثنيا قبل أجل المتطوع له بها فقيل تبطل بناء على أنها هبة وهي تبطل بموت الواهب قبل حوز الموهوب وقيل لا تبطل لأنها بيع وإذا ادعى أحد المتعاقدين أن الثنيا وقعت في العقد وادعى الآخر أنها وقعت على التطوع فالقول للآخر بيمينه لأنه مدعي الصحة إلا أن يجري عرف بوقوعها في العقد ويكتب في الوثيقة أنها على التطوع كما بمصر فالقول لمدعي ما جرى به العرف على ما قاله ابن رشد وقال عصريه ابن الحاج العمل على ما كتب والأول يوافقه ما لح هنا في الثنيا للمتطوع بها إذا لم يقبض المشتري المبيع فإنه قال
ــ
فيها البيع ولو أسقط الشرط فهي مستثناة من الحكم السابق أما المسألة الثانية والثالثة فذكرهما ابن رشد وابن عرفة وغيرهما وأما المسألة الأولى فذكرها في النوادر وفي العتبية ففي رسم القبلة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع سمعت مالكًا رحمه الله يقول لا أحب أن يبيعه على أنه إن وجد ثمنًا قضاه وإن هلك ولا شيء عنده فلا شيء عليه قال ابن القاسم فإن وقع هذا الشرط وفات لزم المشتري قيمتها يوم قبضها قال ابن رشد هذا الشرط من الشروط التي يفسد بها البيع لأنه غرر فالحكم فيه الفسخ مع قيام السلعة شاءا أو أبيا ويصح في فواتها بالقيمة بالغة ما بلغت وهو ظاهر قول ابن القاسم وتفسير لقول مالك اهـ.
فيؤخذ من قوله لأنه غرر أن البيع يفسخ وإن حذف الشرط لتصريح ابن رشد في المقدمات بأن كل شرط يؤدي إلى جهل أو غرر فإنه يوجب فسخ البيع على كل حال ولا خيار لأحد المتبايعين في إمضائه فإن فاتت السلعة ردت قيمتها بالغة ما بلغت اهـ.
وأما ما يقع في عصرنا هذا وهو مما عمت به البلوى من أن الشخص يشتري البيت مثلًا بألف دينار أي شراء ثنيا يؤجره لبائعه بمائة دينار قبل أن يقبضه المبتاع وقبل أن يخليه البائع من أمتعته بل يستمر البائع على سكناه إياه إن كان محل سكنه أو على وضع يده عليه وإجارته ويأخذ المشتري منه كل سنة أجرة مسماة يتفقان عليها أي ثم يأخذ المشتري جميع الثمن من البائع ويعيد له ملكه فهذا لا يجوز بلا خلاف لأن هذا صريح الربا ولا عبرة بما سمياه من العقد الخ فقد راعى في هذا ما في نفس الأمر ولم يراع الكتب وتقدم عند قوله وجهل بمثمون أو ثمن ما يفيد أن العبرة بما كتب عند ابن رشد وهو خلاف ما مر عنه هنا كما علمت والغلة في بيع الثنيا الفاسد للمشتري على الراجح كما في ح عند قوله ورد ولا غلة أي لا يرد غلة وقال د المشهور للبائع أي وهو ظاهر من جهة المعنى وهو توافقه مع المشتري على أن يرد له المبيع.
تنبيه: قد علمت حقيقة الثنيا وأما عكسها وهو أن يبيع شيئًا لمشتر بثمن لأجل على أنه إن لم يأت بالثمن لذلك الأجل فلا بيع فالبيع فيها صحيح ويبطل الشرط كما سيذكره المصنف في فصل تناول البناء والشجر الأرض بقوله عاطفًا على الصحة أو على إن لم يأت بالثمن لكذا فلا بيع ونقله تت في النكاح عند قول المصنف عاطفًا على ما لا يصح أو على إن لم يأت بالصداق لكذا فلا نكاح وجاء به اهـ.
وأولى إن لم يجيء به والفرق أن الخيار ينافي النكاح بخلاف البيع وتقدمت هذه المسألة أول البيع بأتم مما هنا وشبه في الصحة لكن مع بقاء الشرط ولزومه قوله:
ــ
باختصار وسيأتي كلام ابن رشد بأوسع من هذا وبه تعلم أنه لا وجه لاستثناء هذه المسألة هنا لأنها ليست من قسم الشروط المناقضة بل من الشروط المؤدية إلى غرر أو جهل والكلام إنما هو في القسم الأول كما سيتبين وأما المسألة الرابعة وهي مسألة بيع الثنيا فذكرها الحطاب عن الرجراجي قائلًا المشهور فيها البطلان مطلقًا وإن حذف الشرط فانظره وتزاد مسألة خامسة يبطل فيها البيع أيضًا وإن حذف الشرط وهي مسألة شرط النقد في بيع الخيار قال ابن الحاجب ولو أسقط شرط النقد لم يصح بخلاف مسقط السلف وقيل مثله قال في ضيح والفرق بينهما على المشهور أن الفساد في اشتراط النقد واقع في الماهية لأنه غرر في الثمن إذ المقبوض لا يدري هل هو ثمن أم لا ومسألة شرط السلف الفساد فيها موهوم وخارج عن الماهية اهـ.
ويأتي فيها ما قلنا، في المسألة الأولى وقول ز وكذا ليس للمشتري في المطلقة الخ في كلامه خلل والذي في معين الحكام كما في ح ما نصه وإن لم يضربا لذلك أجلًا فللبائع أخذه متى جاءه بالثمن في قرب الزمان أو بعده ما لم يفوّته المبتاع فإن فوته فلا سبيل إليه فإن قام عليه حين أراد التفويت فله منعه بالسلطان إذا كان ماله حاضرًا فإن باعه بعد منع السلطان له رد البيع وإن باعه قبل أن يمنعه السلطان نفذ بيعه اهـ.
ونحوه لابن سلمون وهو مختصر من المتيطية وقول ز فقيل إنها تبطل الخ هذا القول
(كشرط رهن وحميل) يشترطه البائع على المشتري (و) كشرط (أجل) معلوم وهذه الثلاثة من الشرط الذي لا يقتضيه العقد ولا ينافيه كما قدمناه ومحل كلامه إن كان المتعاقدان حاضرين أو قريبي الغيبة فإن بعدت غيبتهما ففي الحميل لا يجوز البيع ويفسد ولعله في الحميل المعين وفي الرهن يجوز كبيعه وتوقف السلعة حتى يقبض وقال أشهب يمنع كالحميل وفي النوادر الجواز في الرهن البعيد إذا كان عقارًا وقبض المشتري السلعة المبيعة قاله حلولو وبالغ على صحة البيع إذا أسقط مشترط السلف سلفه وكان المبيع قائمًا بقوله: (ولو غاب) المتسلف على السلف فيصح البيع ويرد السلف لربه فهو راجع لقوله وصح إن حذف ولو ذكره عنده كان أولى (وتؤولت بخلافه) وهو نقض البيع مع الغيبة على السلف ولو أسقط شرط السلف لتمام الربا بينهما وهذا ضعيف والراجح الأول ثم ذكر ما إذا فات المبيع في العقد المشتمل على البيع والسلف بشرط فقال: (وفيه) أي في المبيع بشرط السلف ولو أسقط الشرط لأن إسقاطه مع الفوات لا يوجب الصحة (إن فات
ــ
لأبي الفضل راشد واختاره أبو الحسن وهو المشهور كما ذكره الشيخ ميارة في شرح التحفة والقول باللزوم لأبي إبراهيم الأعرج وقول ز على الراجح كما في ح عند قوله ورد ولا غلة الخ ليس في ح عند قوله ورد ولا غلة شيء من ذلك وإنما قال ذلك هنا عند قول المصنف وكبيع وشرط يناقض المقصود الخ فقد ذكر عن الرجراجي أنه اختلف في بيع الثنيا هل هو بيع فالغلة فيه للمشتري بالضمان أو هو رهن فالغلة للبائع والضمان منه وبالأول صرح مالك في العتبية قال ح والراجح أنها للمشتري كما نقله ابن رشد وصاحب المعيار وابن سلمون وأبو الحسن وغيرهم اهـ.
باختصار (كشرط رهن أو حميل) قول ز إن كان المتعاقدان حاضرين الخ صوابه إذا كانا حاضرين بضمير التثنية العائد على الرهن والحميل وهكذا عبارة عج فتوهم ز عود الضمير على المتعاقدين وليس كذلك وقول ز وفي الرهن يجوز كبيعه الخ أي كما يجوز بيع الشيء الغائب على صفة أو رؤية متقدمة كما تقدم (وتؤولت بخلافه) قول ز وهذا ضعيف والراجح الأول الخ نحوه قول تت إلا أن الأول هو المشهور وقول ابن القاسم وتأول الأكثر عليه المدونة وهو تبع الشارح وأصله في ضيح فإنه قال وصرح ابن عبد السلام بمشهوريته قال طفى وفيه نظر لأن ابن عبد السلام صرح بمشهورية إسقاط السلف في غير الغيبة وأما مع الغيبة فذكر الخلاف ولم يصرح بمشهورية وإنما نسب الصحة لأصبغ فقط فإنه لما عزا عدم الصحة لسحنون وابن حبيب ويحيى عن ابن القاسم قال وخالف أصبغ ورأى أن الغيبة على السلف لا تمنع تخيير المشترط اهـ.
وكذا فعل عياض ثم قال وذهب أكثر شيوخ القرويين إلى أن قول سحنون وفاق للكتاب وبعضهم يجعله خلافًا اهـ.
قال طفى: فانظر كيف عزا للأكثر خلاف ما عزا له المؤلف ومن تبعه وإذا علمت ما تقدم ظهر لك أن المعتمد عدم الصحة في الغيبة اهـ.
أكثر الثمن أو القيمة) يوم القبض (إن أسلف المشتري) البائع كاشترائها بعشرين والقيمة ثلاثون فتلزم المشتري القيمة لأنه لما أسلف أخذها بالنقص فعومل بنقيض قصده (وإلا) بأن كان المسلف الباقي (فالعكس) أن يكون على المشتري الأقل من الثمن والقيمة لأنه أسلف ليزداد فعومل بنقيض قصده فيكون له في المثال المذكور عشرون هذا هو المذهب قال ح وينبغي أن يقيد هذا أي السلف من البائع بما إذا لم يغب المشتري على السلف مدة يرى أنها القدر الذي أراد الانتفاع بالسلف فيها فإن وجد ذلك كانت فيه القيمة ما بلغت كما يؤخذ من كلام ابن رشد الآتي في شرح قول المصنف في فصل العينة وله الأقل من جعل مثله أو الدرهمين فيهما وتعرض المصنف إذا فات ما وقع فيه الشرط المخل بالثمن ولم يتعرض لحكم ما وقع فيه الشرط المناقض للمقصود والحكم أن للبائع الأكثر من قيمتها يوم قبض المبتاع أو الثمن لوقوع البيع بأنقص من الثمن المعتاد لأجل الشرط انظر المدونة ثم إن كلام المصنف كما علم مما قررنا فيما فات ولم يحذف فيه الشرط أو حذف بعد الفوات وأما إن حذف قبله فالواجب فيه الثمن الذي وقع عليه العقد سواء فات بعد الحذف أم لا لصحته كما مر وليس للبائع أن يقول حيث كان المسلف المشتري قد أرخصت لك لأجل سلفك ولا للمشتري أن يقول للبائع حيث كان هو
ــ
(وإلا فالعكس) قول ز عن ح وينبغي أن يقيد الخ تبع ح في هذا القيد س وعج ومن بعدهما وتعقبه طفى قائلًا إنه قصور منه إذ هو قول في المسألة مقابل لما درج عليه المصنف كما في ابن عرفة وكأنه لم يقف عليه ونصه في إيجاب الغيبة على السلف لزوم فسخه والقيمة ما بلغت في فوته وبقاء تصحيحه بإسقاط الشرط ثالثها إن غاب عليه مدة أجله أو قدر ما يرى أنه أسلفه إليه للباجي مع غير واحد عن سحنون مع ابن حبيب وعن أصبغ وتفسير ابن رشد قول ابن القاسم اهـ.
فتأمله وقول ز ولعل وجه ذلك أن إسقاط الشرط أن يكون برضاهما الخ فيه نظر بل وجه ذلك أن إسقاط الشرط إنما يكون من مشترطه ولا يتوقف على رضاهما ومشترطه إن كان هو المشتري فقد رضي بالزيادة في الثمن وإن كان البائع فقد رضي بالنقص فيه.
تنبيه: قسم ابن رشد في المقدمات الشروط المتعلقة بالبيع على أربعة أقسام وفي المصنف إشارة إلى جميعها ولنذكر طرفًا من حكمها فنقول:
القسم الأول: شرط ما يقتضيه العقد كتسليم المبيع والقيام بالعيب ورد العوض عند انتقاض البيع أو ما لا يقتضيه ولا ينافيه ككونه لا يؤول إلى غرر وفساد في الثمن أو المثمن ولا إلى الإخلال بشرط من الشروط المشترطة في صحة البيع وفي مصلحة أحد المتبايعين كالأجل والخيار والرهن والحميل وبيع الدار واستثناء سكناها أشهرًا معلومة أو سنة وكبيع الدابة واستثناء ركوبها ثلاثة أيام ونحو ذلك أو إلى مكان قريب فهذا القسم من الشروط صحيح لازم يقضي به مع الشرط ولا يقضي به دون شرط إلا ما كان يقتضيه العقد فإنه يقضي به ولو لم يشترط ويتأكد مع الشرط وأشار المصنف إلى هذا القسم بقوله كشرط رهن وحميل وأجل.
المسلف قد زدت علي في الثمن لأجل سلفك كما هو ظاهر إطلاقهم وصرح به اللخمي ولعل وجه ذلك أن إسقاط الشرط إنما يكون برضاهما وهذا يتضمن الرضا بالثمن الذي وقع العقد عليه ثم إنه يجري في حذف الشرط المناقض مثل ما جرى في حذف الشرط المخل حيث لم يحصل فوات وتعبير المصنف بالقيمة يشعر بأن كلامه في المقوم وأما المثلى فإنما فيه مثله لأنه كعينه فلا كلام لواحد منهما بمثابة ما إذا كان قائمًا ورد عينه (وكالنجش) أي بيعه لأن هذا من جملة البياعات المنهي عنها والنهي يتعلق بالبائع حيث علم بالناجش وإن لم يعلم به تعلق بالناجش فقط قاله د وجعله من البياعات باعتبار بناء غيره عليه مستقبلًا وهو الذي (يزيد) في سلعة على ثمنها المعتاد من غير إرادته شراءها (ليغر) غيره فيقتدي به كذا فسره في الموطأ ويحتمل أن يكون المعنى يزيد في السلعة سواء كان قدر ثمنها أي المعتاد أو أقل ليقتدي به غيره كما فسر به المازري وغيره وجزم في توضيحه بأن قول ابن الحاجب وهو أن يزيد ليغر هو معنى تفسير الموطأ وهو خلاف قول غ أي وتت أنه نحو تفسير المازري وغيره وهو خلاف تفسير الموطأ اهـ.
ــ
القسم الثاني: ما يؤول إلى الإخلال بشرط من الشروط المتقدمة في صحة البيع كشرط ما يؤدي إلى جهل وغرر في العقد أو في الثمن أو في المثمن أو إلى الوقوع في ربا الفضل أو في ربا النساء كشرط مشاورة شخص بعيد أو شرط الخيار إلى مدة مجهولة أو تأجيل الثمن إلى أجل مجهول فهذا النوع يوجب فسخ البيع على كل حال فاتت السلعة أو لم تفت ولا خيار لأحد المتبايعين في إمضائه فإن كانت السلعة المبيعة قائمة ردت بعينها وإن فاتت ردت قيمتها بالغة ما بلغت ويستثنى من هذا النوع مسألة البيع بشرط السلف فإنه لا يجوز لأنه يؤدي إلى الجهل بالثمن لكن إنما يفسخ ما دام مشترط السلف متمسكًا بشرطه فإن أسقط شرطه صح البيع وهذا القسم أشار له المصنف رحمه الله بالشروط المتقدمة مع قوله بعدها وفسد منهي عند إلا بدليل.
القسم الثالث: ما يكون من الشروط منافيًا لمقتضى عقد البيع لأن فيه تحجيرًا على المشتري مثل أن يبيع السلعة على أن المشتري لا يبيعها ولا يهبها أو على أن يتخذ الجارية أم ولد أو على أن لا يخرج بها من البلد أو على أن لا يعزل عنها أو على أنه إن باع المشتري السلعة فالبائع أحق بها بالثمن الذي يبيعها به أو على الخيار إلى أمد بعيدًا وما أشبه ذلك مما يقتضي التحجير فالمشهور في هذا النوع أنه يفسخ ما دام البائع متمسكًا بشرطه فإن ترك الشرط صح البيع هذا إذا كانت قائمة فإن فاتت كان فيه الأكثر من الثمن أو القيمة يوم قبضه قال في البيان ويستثنى من هذا الحكم مسألتان:
إحداهما: إذا باع الأمة وشرط على المشتري أن لا يطأها وأنه إن وطئها فهي حرة أو فعليه كذا وكذا فهذا يفسخ على كل حال على حكم البيع الفاسد ولا يكون للبائع أن يترك الشرط من أجل أنها يمين لزمت المشتري.
الثانية: أن يشترط الخيار إلى أمد بعيد فإن البيع يفسخ فيها على كل حال ولا يمضي إن رضي مشترط الخيار ترك الشرط لأن رضاه بذلك ليس تركًا منه للشرط وإنما هو اختيار للبيع على الخيار الفاسد اهـ.
والمناسب أن يقول أنه محتمل كما قررنا انظر د وقد يقال ما قاله المصنف من أن قول الحاجب هو معنى تفسير الموطأ واضح لأن لفظه غير ظاهره في الزيادة على ثمنها المعتاد إن أراد بزيادته عدم شرائها قال معناه تت ونحوه قال في لفظ المصنف هنا واستفيد من قول غ هذا نحوه ومن قول توضيحه هو معنى أن لفظه ليغر لم تقع في الموطأ ولا في المازري وهو كذلك كما يفيدهما نصهما في تت وغ وإنما تبع المصنف ابن الحاجب اختصار إذ هي مؤدى التفسيرين وخرج بها استفتاح نحو شيخ سوق ليبني عليه غيره فإنه جائز لئلا يستفتح من يجهل قيمتها كما لابن عرفة (فإن علم) البائع بالناجش (فللمشتري رده) أي المبيع إن كان قائمًا وله التماسك به (فإن فات فالقيمة) يوم القبض إن شاء وإن شاء أدى ثمن النجش هذا هو المعتمد وحينئذ فتقييد الشارح تبعًا لابن الحاجب قول المصنف فالقيمة بما لم تزد على الثمن الذي رضي به البائع وهو ثمن النجش لا يظهر له فائدة إلا على أن القيمة متحتمة وأما تقييد ابن عبد السلام بما لم تنقص عن الثمن الذي كان قبل النجش فله فائدة ولو على أن القيمة غير متحتمة (وجاز) لحاضر سوم سلعة يريد
ــ
وإلى هذا القسم أشار المصنف بقوله وكبيع وشرط يناقض المقصود.
القسم الرابع: ما يكون فيه الشرط غير صحيح إلا أنه ضعيف فلم تقع له حصة من الثمن فيصح البيع ويبطل الشرط وإلى هذا القسم بفروعه أشار المصنف رحمه الله تعالى في فصل التناول بقوله كمشترط زكاة ما لم يطلب وإن لا عهدة ولا مواضعة الخ هذا تفصيل الإمام مالك رضي الله تعالي عنه في بيع الشروط وذهب أبو حنيفة رضي الله عنه إلى تحريمه مطلقًا لما ورد من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط وذهب ابن شبرمة إلى الجواز مطلقًا عملًا بما في الصحيحين من أن جابرًا رضي الله تعالى عنه باع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة واشترط حلابها وظهرها إلى المدينة وذهب ابن أبي ليلى إلى بطلان الشرط مع صحة البيع لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أشتري بريرة وأعتقها وإن اشترط أهلها الولاء فإن الولاء لمن أعتق فجاز البيع وبطل الشرط وعرف مالك رضي الله تعالى عنه الأحاديث كلها فاستعملها في مواضعها وتأولها على وجوهها ولم يمعن غيره النظر ولا أحسن تأويل الأثر قاله ابن رشد رحمه الله انظر ق عند قوله وكبيع وشرط ونظم ابن غازي رحمه الله تعالى هذه الأقوال فقال بيع الشروط الحنفي حرمه. وجابر سوغ لابن شبرمة وفصلت لابن أبي ليلى الأمة. ومالك إلى الثلاث قسمه وحاصل ما للإمام أن ما كان من الشروط من مقتضيات العقد أو من مصلحاته صح فيه البيع والشرط وما كان منافيًا للعقد أو يؤدي إلى الغرر والجهل بالمبيع فسد فيه البيع والشرط قال الأبي وكان ابن عرفة يقول ما لا يفيد مصلحة في البيع ولا يفسد البيع ولا يزاد في الثمن ولا ينقص منه لأجله فهو الذي يقول فيه أصحابنا يصح البيع ويبطل الشرط اهـ.
(فإن علم فللمشتري رده) فإن لم يعلم فلا شيء على البائع ولا يفسد البيع والإثم على من فعل ذلك انظر ق (فإن فات فالقيمة) قول ز إن شاء وإن شاء أدى الثمن الخ هكذا قال ابن
شراءها (سؤال البعض) من الحاضرين للسوم (ليكف عن الزيادة) فيها ليشتريها السائل برخص عكس النجش (لا الجميع) ولو حكمًا كالأكثر أو الواحد الذي كالجماعة في كونه يقتدي به فإن وقع سؤال الجميع ولو حكمًا وثبت ببينة أو إقرار خير البائع في قيام السلعة بين ردها وعدمه فإن فاتت فله الأكثر من الثمن والقيمة فإن أمضى بيعها أي في قيامها فهم فيها شركاء بتواطئهم على ترك الزيادة زادت أو نقصت أو تلفت أي بعد الإمضاء ومن حق المبتاع أن يلزمهم الشركة إن نقصت أو تلفت أي بعد الإمضاء ومن حقهم أن يلزموه ذلك أن زادت أو كان فيها ربح وظاهره سواء كان هذا في سوق السلعة أو في غيره أرادوها للتجارة أو لغيرها كانوا من أهل تلك التجارة أم لا قاله تت قلت لم يجعلوا هذا كمسألة شركة الجبر الآتية في قول المصنف وأجبر لها كل أن اشترى شيئًا بسوقه لا لكسفر أو قنية وغيره حاضر لم يتكلم من تجارة وهل في الزقاق لا كبيته قولان ولعل الفرق استواء الجميع هنا في الظلم إذ السائل ظالم بسؤاله الجميع ولو حكمًا وهم ظالمون بإجابته بخلاف مسألة شركة الجبر وقول تت فإن أمضى بيعها فهم فيها شركاء ظاهر في أن الاشتراك إنما هو في قيام السلعة وإجازة البيع كما قدمته وأما إن فاتت ولزم المشتري الأكثر من الثمن والقيمة فلا اشتراك بينه وبينهم ويختص بها المشتري فإن قال كف عني ولك دينار جاز ولزمه الدنيار اشترى أو لم يشتر ابن رشد ولو قال كف عني ولك بعضها على وجه الشركة جاز وإن كان على وجه العطاء مجانًا لم يجز لأنه أعطاه على الكف ما لا يملك ابن عرفة في إجازته الدينار نظر أي بحث لأن إعطاءه ليس هو للكف لذاته بل
ــ
حبيب فقال ابن يونس قول ابن حبيب إن شاء يريد إن كانت أقل يدل على ذلك قوله يؤدي القيمة إن شاء ولا يشاء أحد أن يؤدي أكثر مما عليه فصح أن ما عليه الأقل من الثمن الذي اشتراها به أو القيمة اهـ.
منه وهذا الذي قاله ابن يونس هو معنى تقييد الشارح تبعًا لابن الحاجب القيمة بما إذا لم تزد على الثمن فقول ز أنه لا تظهر له فائدة إلا على أن القيمة متحتمة غير صحيح فتأمله وقول ز وأما تقييد ابن عبد السلام الخ قال ابن عرفة بن عبد السلام ما لم تنقص القيمة عن ثمن المبيع قبل زيادة الناجش إن كان هناك مزايد ابن عرفة إن أراد والثمن الكائن قبل النجش كان من المشتري فحسن د إلا فلا إذ لا يلزم أحدًا ما التزمه غيره اهـ.
وقول ز ولو على أن القيمة متحتمة الخ (1) الصواب ولو على أن القيمة غير متحتمة (لا الجميع) قول ز ومن حق المبتاع أن يلزمهم الشركة الخ فيه نظر بل غير صحيح فتأمله فإن الضرر في سؤالهم إنما كان على البائع وهو قد رضي حيث أمضى البيع وأما المشتري فقد سلموا له لما سألهم ورضي هو بالشراء وحده فلا يجبر واحد منهم على الشركة بحال وقول ز الآتية في قول المصنف وأجبر لها كل إن اشترى الخ ليس هذا لفظ المصنف بل لفظه
ــ
(1)
قول البناني الصواب ولو على أن القيمة غير متحتمة هو كذلك في نسخ ز التي بأيدينا اهـ مصححة.
لرجاء حصول السلعة وهي قد لا تحصل وظاهر قول المازري وإنما يجوز في الواحد إن كان الترك تفضلًا وإن كان على أن له نصفها أي مجانًا لم يجز لأنه دلسة منعه بالدينار وهو خلاف نقل ابن رشد اهـ.
وقوله ظاهر مبتدأ خبره منعه قلت قد يفرق بأن المدلسة في الشركة محققة لجعله ذلك عقدًا الآن للشركة بخلاف الدينار فلا دلسة فيه تتعلق بالمبيع لتحققه ووجوده الآن معه وسئل عج عمن قال لشخص أريد أن أسعى على رزقة كذا فكف عني ولك كذا فأجاب بأنه يجري على مسألتنا هذه ومثله من أراد تزوج امرأة فقال لرجل كف عن خطبتها ولك كذا لكن لا يتأتى كف عني ولك نصفها وهو ظاهر ثم عطف منهيًّا عنه على منهي عنه بقوله: (وكبيع حاضر) لحاضر سلعًا (لعمودي) قدم بها لحاضرة ولا ثمن لها عنده ولا يعرف ثمنها بحاضرة فلا يمنع بيع حاضر لعمودي سلع عمودي مثله ولا بيع حاضر لحاضر سلع عمودي يعرف سعرها بحاضرة أو اشتراها لتجر فيجوز تولي بيعها له كما في د عن الأبي ولا شراء حاضر لعمودي فيجوز كما يأتي للمصنف ودليل النهي في مسألة المصنف خبر مسلم لا بيع حاضر لباد ولفظ البخاري لا يبيع بإثبات التحتية بعد الموحدة قال السيوطي وللكشميهني لا يبع فالأول من تصرف الرواة أو خبر بمعنى النهي اهـ.
أي لا يكون سمسمارًا له في سلعة قادم بها هذا هو المراد لا نهي الحاضر عن البيع
ــ
وأجبر عليها إن اشترى شيئًا بسوقه الخ وقول ز فإن قال كف عني ولك دينار جاز الخ قال غ أول باب المرابحة من تكميله كان ابن ملال يستشكل قول ابن رشد في جواز المعاوضة على ترك الزيادة في سلعة المزايدة ويقول هو من أكل أموال الناس بالباطل ولا سيما إذا لم يبعها ربها وقال العبدوسي لا إشكال فيه لأنه عوض على ترك وقد ترك اهـ.
(وكبيع حاضر لعمودي) قول ز ولا ثمن لها عنده الخ هذا القيد ذكره الأبي في شرح مسلم عن أبي عمر بن عبد البر واعتمده س وعج ولم يذكره ابن عرفة ولا ابن عبد السلام ولا المصنف في ضيح ولا الشارح في شروحه الثلاثة ولا في شامله ولا صاحب الجواهر ممن وقفت عليهم وإطباقهم على تركه دليل على عدم اعتماده ويدل على ذلك ذكرهم الخلاف في بيع البلدي للبلدي قاله طفى قلت كلام الباجي في المنتقى ظاهر في عدم اعتبار الشرط المذكور ونصه والأصل في النهي عن ذلك الحديث ومن جهة المعنى أنهم لا يعرفون الأسعار فيوشك إذا تناولوا البيع لأنفسهم استرخصوا ما يبيعون لأن ما يبيعونه أكثره لا رأس مال لهم فيه لأنهم لم يشتروه وإنما صار إليهم بالاستغلال فكان الرفق بمن يشتريه أولى مع أن أهل الحواضر أكثر الإسلام وهي مواضع الأئمة فيلزم الاحتياط لها والرفق بمن يسكنها اهـ.
فقوله أكثره لا رأس مال لهم فيه ظاهر في عدم اعتبار الشرط المذكور بل هو صريح في الإطلاق وقال الباجي أيضًا بعد ما تقدم ينقسم الأمر إلى ثلاثة أقسام البدوي ولا يباع له سواء عرف السعر أو لم يعرفه والقروي إن كان بعرف الأسعار فلا بأس أن يباع له وإن كان لا يعرفها لم يبع له اهـ.
للبادي شيئًا من السلع التي للحاضر لعموم وأحل الله البيع ولا يشير عليه ولا يخبره بالسعر ودليل النهي أيضًا ما في الشارح عنه عليه الصلاة والسلام دع الناس في غفلاتهم يرزق الله بعضهم من بعض قال عج في غفلاتهم مدرج ليس من الحديث وكذا في ابن هارون وحلولو من حديث مسلم دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعضهم اهـ.
وفي قوله مدرج مسامحة لقول الألفية:
المدرج الملحق آخر الخبر
…
من قول راو ما بلا فصل ظهر
اهـ.
وفي غفلاتهم لبس آخر الخبر وليس من قول راو أصلًا كما يفيده قول ابن حجر الهيتمي وقع لبعضهم أنه زاد في غفلاتهم كما هنا ونسبه لمسلم وهو غلط إذ لا وجود لهذه الزيادة في مسلم بل ولا في كتب الحديث كما قضى به سبر ما بأيدي الناس اهـ.
(و) المنع الثابت و (لو بإرساله) أي العمودي (له) أي للحاضر ليبيع له (وهل) يمنع بيع الحاضر (لقروي) أي ساكن قرية صغيرة كما يمنع لبدوي بناء على أن الحديث يتناولهم أولًا لأنهم ليسوا أهل بادية (قولان) لمالك محلهما حيث جهل القروي السعر كالبادي كما مر وإلا جاز قطعًا وخرج بالقروي المدني فيجوز بيعه له على أحد قولين والآخر كالقروي وهما متساويان أيضًا ولم يذكرهما المصنف إما لأنه لا يلزمه ذكر كل مسألة فيها قولان وأما لأنه ظهر له ترجيح الجواز أن قلنا خرج بالقروي المدني كما مر قال عج وانظر حكم المشترك بين حاضر وباد هل يقسم حيث يمكن قسمه ويجري كل على حكمه أو يصبر الحاضر حتى يبيع البادي حصته أم كيف الحال اهـ.
قال الشارح وإنما قال لعمودي لما روى عن مالك أن الحديث محمول على أهل العمود خاصة لجهلهم بالأسعار اهـ.
وبه يعلم وجه عدول المصنف عن باد (وفسخ) إن لم يفت بمفوت البيع الفاسد وإلا مضى بالثمن وقيل بالقيمة قاله تت (وأدب) كل من الحاضر والمالك والمشتري إن لم يعذر بجهل وهل وإن لم يعتده وهو ظاهر قوله وعزر الإِمام لمعصية الله أو لحق آدمي أو
ــ
وهذا أيضًا صريح في عدم اشتراط جهل البدوي بالسعر ومثله في نقل ق عن ابن رشد وقول ز لا يكون له سمسارًا الخ المراد بالسمسار هنا هو المتولي للعقد كالسماسرة الجالسين في الحوانيت وليس من باب بيع الحاضر للبادي بيع الدلال اليوم لأن الدلال إنما هو لإشهار السلعة فقط والعقد عليها إنما هو لربها وبيع الحاضر إنما هو أن يتولى الحاضر العقد أو يقف مع رب السلعة يزهده في البيع ويعلمه أن السلعة لم تبلغ الثمن ونحو ذلك والدلال على العكس لأن له رغبة في البيع قاله الأبي والسنوسي في شرح مسلم وهو ظاهر ولما نقله ح قال ما نصه وانظر هذا الذي ذكره مع قوله في الحديث لا تكن له سمسارًا اهـ.
إن اعتاده وإلا زجر قولان (وجاز الشراء له) بالسلع التي لا ينهي حاضر عن بيعها وأولى بنقد منه لا بسلع نهي حاضر عن بيعها له لفسخه كما مر (وكلتلقي السلع) التي مع صاحبها قبل هبوطه البلد لخبر البخاري عن ابن عمر كنا نتلقى الركبان نشتري منهم الطعام فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم والطعام خصوص فرض والنهي عام كما يدل عليه خبر مسلم لا تلقوا الجلب ونسب المصنف التلقي للسلع لا للركبان كما في الخبر الأول أو الجلب كما في الثاني لأن المقصود من تلقيهم تلقيها وأيضًا عدل عن لفظه ليبين الوجهين اللذين ذكرهما بقوله: (أو) تلقي (صاحبها) قبل هبوطه ليشتري منه ما وصل قبله أو يصل بعده (كأخذها في البلد) أي شرائها من صاحبها المقيم أو الذي قدم قبل وصول السلع له أو لسوقها إن كان لها سوق (بصفة) فيمنع ولو لقوته فإن لم يكن لها سوق جاز ولو قيل مرورها على بيته شراؤها ولو للتجارة بعد هبوطها البلد وهو من أهل البلد في جميع ذلك ولا يخرج لها في ذلك كله واختلف هل النهي عن التلقي تعبد أو معقول المعنى وعليه فهل لأن الحق لأهل البلد وهو لمالك أو للجالب وهو للشافعي أولهما وهو لابن العربي اهـ.
وانظر هذا مع ما لابن القاسم لم يختلف أهل العلم في أن النهي عن بيع الحاضر لباد إنما هو لنفع الحاضرة ولا فرق بينه وبين التلقي في المعنى قاله الشيخ سالم ويدل له ظاهر خبر دعوا الناس الخ أي فقياس ذلك هنا أن العلة كون الحق لأهل البلد كما لمالك لا لهما كما لابن العربي من أئمتنا ولعل تنظيره فيما لابن العربي لا فيما للشافعي أيضًا إذ ذاك يتوقف على معرفة علة منع بيع الحاضر للبادي عنده هذا وقد يفرق بأن ما مر لما لم يكن لسلع البادي القادم بها ثمن عندهم أطبقت كلمتهم على أن العلة نفع الحاضر وهنا القادم سلعته لها ثمن اهـ.
فتأمله وفي حد التلقي المنهي عنه الذي إذا زاد عليه في البعد لا يتناوله النهي ثلاثة أقوال ميل وفرسخان ويومان وللباجي رابع وهو منع التلقي قرب أو بعد وهذا ظاهر المصنف هذا كله فيمن منزله بالبلد (ولا يفسخ) البيع بل صحيح وحينئذ فيضمن المبيع
ــ
وإذا علمت أن المراد بالسمسار في الحديث متولي العقد كالجالس في الحوانيت انتفت المعارضة قاله طفى في أجوبته (وجاز الشراء له) قول ز بالسلع التي لا ينهي حاضر عن بيعها الخ هذا جار على تقييد قوله وكبيع حاضر الخ بالسلع التي نالوها بغير ثمن كما تقدم عن الأبي وقد تقدم ما فيه وعلى عدم اعتماده يبقى النهي في البيع على عمومه ويخص قوله وجاز الشراء له بالنقد وهذا هو الظاهر من كلام الأئمة كما مر (ولا يفسخ) قول ز وعلى ما لابن سراج ليس هذا من التلقي الخ الذي لابن سراج أنه يمنع الأخذ مطلقًا لمن منزله بالبلد وللسلعة سوق قبل هبوطها لسوقها ويجوز مطلقًا لمن منزله بالبلد ولا سوق لها إذا وصلت إلى البلد ولا يخرج لها في الحالتين ويجوز لمن منزله خارج البلد وللسلعة سوق أن يأخذ لقوته لا للتجارة وأما إن لم يكن لها سوق فيأخذ لقوته وللتجارة اهـ.
المشتري بالعقد وهل يختص بها وشهره المازري أو يعرضها على طالبها فيشاركه فيها من شاء منهم وشهره عياض روايتان ولم يذكر المصنف في هذه أنه يؤدب ولابن المواز روى ابن القاسم عن مالك ينهي عنه فإن عاد دب وهو يقتضي أنه لا أدب عليه في فعل ذلك ابتداء ولو عالمًا بحرمته وهو يخالف قول المصنف فيما يأتي وعزر الإِمام لمعصية الله أو لحق الآدمي فما قيل استغنى المصنف بما يأتي عن ذكره الأدب في هذه فيه نظر لما علمت أن الأدب في هذه مقيد بعوده كما مر عن الرواية هنا وإن لم يطابق ما يأتي وأشعر قوله تلقي السلع أن الخروج للبساتين لشراء ثمر الحوائط ونحوها التي يلحق أربابها الضرر بتفريق بيعها ليس من التلقي سواء الطعام وغيره وهو كذلك فقد روى ابن القاسم عن مالك لا بأس به وقاله أشهب وكذا شراء الطعام وغيره من السفن بالساحل إلا أن يأتي من ذلك ضرر وفساد فكالاحتكار قال ق الذي يظهر الجواز في تلقي كراء الدواب والخدم من غير الموقف المعتاد اهـ.
وانظر شراء الخبز من الفرن وتلقي جمال السقائين من البحر وعلى ما لابن سراج ليس هذا من التلقي إذ الماء لا سوق له (وجاز لمن) منزله أو قريته (على كستة أميال) ونحوها في البعد من البلد المجلوب لها السلعة (أخذ محتاج إليه) لقوته لا للتجارة إن كان لها سوق بالبلد القادمة عليها وإلا أخذ ولو للتجارة بل في ق واعتمده عج أن له الأخذ للتجارة ولو لماله سوق حيث كان على مسافة زائدة على ما يمنع تلقي البلدي منه فإن كان خارج البلد لكنه فيما يمنع التلقي منه أخذ مما له سوق لقوته لا للتجارة ومما لا سوق له ولو للتجارة (وإنما ينتقل ضمان) المبيع المنتفع به شرعًا في البيع (الفاسد) على البت إلى المشتري (بالقبض) المستمر نقد المشتري الثمن أم لا كان المبيع يدخل في ضمان المشتري في البيع الصحيح بالعقد أو بالقبض إذ الفرض هنا أن البيع فاسد وما يأتي للمصنف من قوله إلا المحبوسة للثمن إلى آخر المسائل الخمس فإنما الاستثناء من البيع الصحيح لا الفاسد كما يوهمه تت على الرسالة وقولي المنتفع به شرعًا مخرج لشراء الميتة والزبل فضمانه من بائعه ولو قبضه المشتري بل ولو أتلفه فلا ضمان عليه لأنه
ــ
ملخصًا لكن يقيد تفصيله فيمن منزله خارج البلد وللسلعة سوق بما إذا كان على مسافة يمنع التلقي منها وإلا فيجوز له الأخذ ولو للتجارة قال الشبرخيتي بعد هذا ولا شك في مخالفة هذا لكلام المصنف لأن قوله وجاز لمن على كستة أميال الخ إن حمل على سلعة لها سوق لم يصح لأنه يجوز الشراء لحاجته قرب المحل أو بعد وإن حمل على سلعة لا سوق لها جاز قرب مكانه أو بعد سواء كان الشراء لحاجته أو للتجارة اهـ.
(وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض) قول ز المنتفع به شرعًا الخ إخراجه بهذا القيد الزبل والكلب المأذون في اتخاذه ليس على ما ينبغي لأنهما منتفع بهما شرعًا وصوابه لو قال أولًا المبيع الغير المنهي عن بيعه ليصح الاحتراز عما ذكر.
لا قيمة له شرعًا ويرجع على البائع بالثمن إن كان اقبضه له والمشتري كلب مأذون في اتخاذه وقبضه فضمانه إذا تلف بغير صنع المشتري كسماوي من بائعه على المشهور وقيل من المشتري وسواء هلك قبل نقد الثمن أو بعده فيرجع بثمنه على البائع فإن قتله المشتري ضمن قيمته كإتلافه جلد الميتة لكن لا من حيث حل البيع بل من حيث التعدي فيما تضمن قيمته شرعًا وقولي على البت احتراز عن المبيع فاسدًا على الخيار فضمانه من بائعه بعد قبض المشتري لأنه منحل وقولي المستمر احتراز عن الأمة المبيعة فاسدًا المتواضعة إذا قبضها المشتري قبل حيضها ولم يقبضها بعد وضعها عند أمينة وبعد حيضها فإن ضمانها من البائع لأن قبض المشتري لها السابق على المواضعة ليس مستمرًا أو احتراز عن قبض المشتري للسلعة في الفاسد ثم ردها للبائع على وجه الأمانة أو غيرها كما لو استثنى ركوب دابة وأخذها بعد قبض المشتري لها فاسدًا ثم هلكت فالضمان على البائع.
تنبيه: يفهم من قوله وإنما ينقل الخ أن من اشترى عبدًا آبقًا وحصل بجعل فهو على البائع لأنه لا يدخل في ضمان المشتري إلا بالقبض فإن فات أسقط الجعل من القيمة (و) إذا قبض المشتري المبيع فاسدًا (رد) لربه وجوبًا إن كان باقيًا (ولا غلة) على المشتري للبائع أي لا يردها له حين رد المبيع بل يفوز بها ولا يرجع على البائع بالنفقة لأن من له الغلة عليه النفقة فإن أنفق على ما لا غلة له رجع بما أنفق فإن أنفق على ماله غلة لا تقي بالنفقة رجع بزائد النفقة وقد يرجع بالنفقة مع كون الغلة له وذلك فيما إذا أحدث في المبيع فاسدًا ما له عين قائمة كبناء وصبغ فيرجع بذلك مع كون الغلة له كسكناه ولبسه فالأقسام ثلاثة:
تنبيه: ظاهر قوله ولا غلة ولو كان المشتري عالمًا بالفساد ووجوب الرد وفي تت تبعًا لشيخه السنهوري كما في التقييد بما قبل علمه بوجوب الرد قال د وهو مخالف لظاهر كلام المصنف اهـ.
ــ
تنبيه: لا يتوقف القبض على الحصاد أو جذ الثمرة إن كان المبيع يستحق الحصاد أو الجذ حين البيع فإن بيع قبل استحقاقهما توقف القبض على حصول الحصاد والجد ففي ابن يونس ما نصه في سماع سحنون قال ابن القاسم في الرجل يشتري الزرع بعد ما طاب ويبس بثمن فاسد فتصيبه عاهة فيتلف فإن ضمانه من مشتريه لأنه قابض له وإن لم يحصده بخلاف أن لو اشتراه قبل بدو صلاحه على أن يتركه فيصاب بعدما يبس فمصيبة هذا من بائعه لأنه لم يكن قبض ما اشترى حتى يحصده اهـ.
منه وانظر ق (ورد ولا غلة) قول ز وهو مخالف لظاهر كلام المصنف الخ ومخالف أيضًا لإطلاق المدونة وابن الحاجب وابن عبد السلام وابن عرفة وضيح قال طفى والإطلاق هو المطابق للخراج بالضمان إذ علمه بوجوب الرد لا يخرجه عن ضمانه اهـ.
وقول ز ممن هو في يده بشراء الخ يعني بشراء من المحبس عليه يدل على أن المحبس عليه هو البائع عبارة عج ونصها وإذا أخذ المحبس عليه الحبس ممن هو في يده وقد كان اشتراه ممن أخذه منه فإنه يرجع عليه بثمنه اهـ.
نعم التقييد في الاستحقاق ففي ح في الاستحقاق أنه إذا استحقت الأرض بحبس فالغلة للمستحق منه حيث لم يعلم بالحبس فإن علم رجع عليه بالغلة إلا إن كان المستحق لا هو المحبس عليه وهو كبير أي رشيد عالم بالحبس فلا رجوع له بالغلة مع علم المستحق منه بالحبس وإذا أخذ المحبس عليه الحبس ممن هو في يده بشراء رجع على بائعه بثمنه فإن أعلم استوفى من غلة الحبس فإن مات المحبس عليه قبل استيفائه ضاع عليه باقي ثمنه ورجع الحبس إلى مستحقه بعده والظاهر أن يقال مثل ذلك في البيع الفاسد وفي الرد بالعيب (فإن فات) المبيع فاسدًا بيد المشتري (مضى المختلف فيه) بين العلماء ولو خارج المذهب (بالثمن) مثال المختلف فيه أن يسلم في ثمر حائط بعينه وقد أزهى ويشترط أخذه تمرًا فيفوت بالقبض قاله غ ولا يضر اتفاق المذهب على منع هذا لما علمت أن المراد المختلف فيه ولو خارج المذهب وكاجتماع البيع والصرف وكمضي بيع حب افرك قبل يبسه بقبضه وكقوله في فصل العينة بخلاف اشترها لي باثني عشر لأجل وآخذها بعشرة نقدًا فتلزم بالمسمى أي الاثني عشر لأجلها ولا تعجل العشرة إلى أن قال وإن لم يقل لي فهل لا يرد البيع إذا فات أو يفسخ الثاني مطلقًا إلا أن يفوت فالقيمة قولان اهـ.
والغرض منه وإن لم يقل لي الخ لكن لا يخفى أن القول الثاني مخالف لقول المصنف هنا فإن فات مضى المختلف فيه بالثمن كما أنه يخالف أيضًا قوله في بيوع الآجال وصح أول من بيوع الآجال فقط إلا أن يفوت الثاني فيفسخان فلم يمض بالفوات بالثمن مع أنه مختلف فيه وذكر ق هناك أن ما ذكره المصنف من الفسخ هو المشهور وإن القول بالإمضاء بالثمن ضعيف والجواب أن قوله هنا مضى المختلف فيه بالثمن أكثري لا كلي ومن أمثلة المختلف فيه أيضًا جمع الرجلين سلعتيهما في البيع (وإلا) يكن مختلفًا فيه بل متفقًا على فساده (ضمن قيمته حينئذ) أي حين القبض كما قدمه في باب الجمعة وفي كلام تت هنا نظر وهذا أيضًا أكثري إذ قد تكون القيمة يوم البيع كما يأتي في قوله وفي بيعه قبل قبضه مطلقًا تأويلان من أنه على القول بالفوات تضمن القيمة يوم البيع (و) ضمن (مثل المثلى) إذا بيع بكيل أو وزن ولم يجهل ذلك بعد ووجد المثل وإلا ضمن القيمة يوم القضاء عليه بالرد ومحل القيمة في الجزاف حيث لم تعلم مكيلته بعد فإن علمت وجب رد مثله وبين مفوتات البيع الفاسد بقوله (بتغير سوق غير مثلى و) غير (عقار) كحيوان
ــ
وقول ز والظاهر أن يقال مثل ذلك الخ فيه نظر إذ المبيع فاسدًا يمكن استيفاء الثمن من ذاته ببيعه للغير بيعًا صحيحًا فلا يحتاج إلى أن يستوفي من غلته كالمحبس وكذا يقال في المعيب (فإن فات مضى الخ) قول ز فيفوت بالقبض الخ نحوه في ضيح عن ابن القاسم وكأنه المشهور في خصوص هذا الفرع وفي بيع حب أفرك ويكون مثالًا لمجرد المختلف فيه وإلا فالذي في كلام المصنف هو المضي بالفوات لا بالقبض (بتغير سوق غير مثلى) كون المثلى لا تفيته حوالة الأسواق مقيد بما إذا لم يبع جزافًا وإلا فيفوت بحوالة السوق وغيرها انظر ما يأتي عن النوادر
وعروض وأما المثلى والعقار فلا يفتيهما تغير السوق على المشهور وظاهره ولو اختلفت الرغبة فيهما باختلاف الأسواق (وبطول زمان حيوان) ولو آدميًّا (وفيها شهر) فوت (وشهران) ليسا بفوت هذا مراده وإلا لم يكن له فائدة مع ما قبله ولم يصح قوله: (واختار أنه خلاف) معنوي (وقال بل في شهادة) أي مشاهدة أي في حال أي أنه خلاف لفظي لا معنوي فالمحل الذي فيه الشهر فوت في حيوان صغير والذي قال فيه الشهران ليسا بفوت في حيوان ليس مظنة للتغير في شهرين كإبل وبقر واعلم أن المحل الذي في المدونة أن الشهرين ليسا بفوت قال فيه أن الثلاثة ليست بفوت أيضًا فكان ينبغي للمصنف أن يقول وشهران أو ثلاثة أو يقول بعد قوله: وشهر وفيها ثلاثة ويستفاد منه الشهران بطريق الأولى إذ ما ذكره يدل على أن الثلاثة فوت باتفاق المحلين وليس كذلك واعلم أيضًا أن كلام المصنف كالمدونة في طول ليس فيه تغير ذات ولا سوق كما يدل عليه كلامه لذكره تغير السوق قبل وتغير الذات فيما يأتي وكما يدل عليه اللخمي والمازري وبهذا يتبين أن اعتراض المازري على اللخمي غير ظاهر لأن في كلام اللخمي ما يدل
ــ
(وقال بل في شهادة) نص كلام المازري بعد ذكر ما في الموضعين من المدونة اعتقد بعض أشياخي أنه اختلاف قول على الإطلاق وليس كذلك إنما هو اختلاف في شهادة بعادة لأنه أشار في المدونة إلى المقدار من الزمان الذي لا يمضي إلا وقد تغير الحيوان فيه فتغيره في ذاته أو سوقه معتبر اتفاقًا وإنما الخلاف في قدر الزمان الذي يستدل به على التغير فقال ابن عرفة في رده على اللخمي تعسف واضح لأن حاصل كلامه أن الخلاف إنما هو في قدر الزمان الذي هو مظنة لتغيره لا في التغير وهذا هو مقتضى كلام اللخمي لمن تأمله وانصف اهـ.
والصواب أن مراده اتفاق كلام اللخمي والمازري على أنه خلاف في شهادة لأنهما يتفقان على أن ما هو مظنة لتغير الحيوان فوت قطعًا وأن الخلاف بين الموضعين في الشهر إلى الثلاثة هل هو مظنة للتغير فيكون فوتًا أو لا فلا يكون فوتًا وفهم بعضهم أن مراد ابن عرفة أن الخلاف حقيقي عند اللخمي والمازري وفيه نظر يتبين بما قيده بعض شيوخ شيوخنا في الفرق بين الخلاف في حال والخلاف في شهادة من أن الأول يقال حيث يكون للشيء حالان فيقول القائل بجوازه باعتبار إحدى الحالتين وهي الحاضرة في ذهنه حين القول ويقول الآخر بمنعه باعتبار الحالة الأخرى لأنها هي التي حضرت في ذهنه حينئذٍ ولو حضر في ذهن كل واحد من القائلين ما حضر في ذهن الآخر لوافقه فهذا ليس بخلاف في الحقيقة وأن الخلاف في شهادة يقال حيث يكون القول من كل منهما مرتبًا على إحدى الحالتين وهو مع ذلك ينفي الأخرى ومثلوا لهما بالمال المجعول في الفم اختلف في التطهير به فإن كان هذا الخلاف من أجل أن الماء قد ينضاف بذلك وقد لا فمن منع تكلم على حال الإضافة ومن أجاز تكلم على حال عدمها وكل يسلم وقوع الحالين فهو خلاف في حال وإن كان هذا الخلاف من أجل أن القائل بالمنع يرى أنه ينضاف ولا بد ولا يمكن بمجرد العادة عدم إضافته والقائل بالجوازيري نقيض هذا فهو خلاف في شهادة اهـ.
على أن التغير بالفعل فوت اتفاقًا انظر ابن عرفة في تت (وبنقل عرض) كثياب (ومثلى) كقمح من بلد العقد (البلد) آخر أو من بلد آخر لبلد العقد وكذا لمحل آخر كما في اللخمي وإن لم يكن لبلد إذا كان ذلك (بكلفة) في نفس الأمر وإن لم يكن عليه هو كلفة كحمله له على دوابه وصحبة عبيده قال د: ويضمن مثله بموضع قبضه اهـ.
واحترز به عما ليس في نقله كلفة كعبد وحيوان ينتقل بنفسه فليس بفوت فيرد إلا أن يكون في الطريق خوف لص أو أخذ مكاس فالقيمة قاله تت والشارح الصغير والوسط وما في الكبير من عطف أخذ مكاس بالواو فهي بمعنى أو كما قاله في غيره (وبالوطء) لامة من المشتري فاسدًا بكر أو ثيب فيفيت وعلل باحتمال تعلق القلب بالواطئ فلا ينتفع بها غيره باستلزامه المواضعة المستلزمة لطول الزمان وتقدم أنه فوت قاله تت وهو يدل على أن الواطىء بالغ وهي مطيقة لا صغير لعدم تعلق قلبها بوطئه غالبًا إلا أن يقتضها فتفوت لأجل تغير ذاتها لا لتعلق قلبها به وهل يشمل وطء البالغ بدبرها فيفيت لأنه قد قيل به وإن كان ضعيفًا جدًّا أو لا لعدم ظهور التعليل بتعلق القلب انظره وأما في الذكر فليس بمفيت قطعًا فيما يظهر لأنه لم يقل به أصلًا والمعدوم شرعًا كالمعدوم حسًّا وفهم من قوله بالوطء أن الغيبة عليها ليست بفوت وهو كذلك إلا أن يدعي وطأها فيصدق عليه أو وخشا صدقه البائع أو كذبه فتفوت في هذه الأربع صور فإن لم يدعه بل ادعى عدمه
ــ
والخلاف في مسألتنا من هذا الثاني لأن من قال إن الثلاثة وما دونها فوت يرى إنها مظنة للتغير ولا بد ومن قال إنها ليست بفوت يرى أنها ليست بمظنة للتغير ولا بد هذا ما فهمه ابن عرفة كما يفيده ما تقدم فافهم وأما قول ز فالمحل الذي قال فيه الشهر فوت الخ فهو توفيق لم يقله المازري ولا هو معنى كلامه كما تقدم على أن ما بين به الخلاف إنما هو معنى الخلاف في حال لا معنى الخلاف في شهادة كما يدل عليه ما تقدم اهـ.
تنبيه: اعترض المغيلي على اللخمي والمازري ومن تبعهما في المعارضة بين كلامي المدونة بأن قولها الثلاثة ليست بطول إنما هو في الإقالة من المسلم فيه إذا كان طعامًا ورأس المال حيوان فإن كانت الإقالة على عين رأس المال ولم يتغير في حاله جاز ذلك وإلا منع لبيع الطعام قبل قبضه فقال فيها في كتاب السلم الثالث أن طول زمان الحيوان المدة المذكورة بمجرده ليست بفوت ولا مانع من الإقالة ولا يلزم أن يقول في البيوع الفاسدة بذلك لأن الإقالة معروف وقد عدوا حوالة الأسواق فيها غير مفيتة مع القطع بأنها مفيتة هنا اهـ.
وهو ظاهر (وبنقل عرض ومثلى) قول ز ويضمن مثله بموضع قبضه الخ نحوه لتت وتعقبه طفى قائلًا من قال بفوات المثلى بالنقل قال يلزمه قيمته ومن قال بعدم فواته قال عليه رده من حيث نقله ثم استدل بظاهر نقل ابن عرفة عن ابن رشد وفيه نظر ففي النوادر ما نصه وإن ابتاع طعامًا جزافًا بيعًا فاسدًا فإن حوالة الأسواق تفيته وغير ذلك من أوجه الفوت ولو بيع على كيل أو وزن لم يفته شيء ويرد مثله بموضع قبضه وكذلك ما يكال أو يوزن من سائر العروض كالحناء وغيره لا فوت فيه اهـ.
صدق في الوخش صدقه البائع أو كذبه وترد ولا استبراء كعلية إن صدقه البائع فترد ولكن تستبرأ فإن كذبه فاتت بها (وبتغير ذات غير مثلى) كعقر وعرض وحيوان فيفوت العقار بذهاب عينه واندراسه والدور بهدمها وبنائها والأرض بغرسها وقلع الغرس منها وسيأتي ويفوت العرض بتغير ذاته بنقص وزيادة وأما المثلى فلا يفيته ذلك لقيام مثله مقامه إن فات وإلا رده مع رد إرش ما حصل فيه ويحتمل رد مثله حين تغيره وإن لم يفت لكن في ابن الحاجب كالجواهر وأقره في الذخيرة هو وابن عبد السلام إن تغير ذاته مفيت فيرد مثله واعتمده عج فقال الواجب حذف غير مثلى قلت لكن في تت تبع المصنف اللخمي والمازري وابن بشير وناهيك بالثلاثة اهـ.
ومن تغير الذات تغير الدابة بالسمن أو الهزال والأمة بالهزال دون سمنها وهذا مخالف لما يأتي في الإقالة من أن هزال الأمة وسمنها غير مفيت للإقالة (وخروج عن يد) ببيع صحيح أو هبة أو صدقة أو حبس من المشتري عن نفسه فالبيع الفاسدة غير مفيت وقيدنا الحبس بكونه من المشتري عن نفسه احتراز مما إذا أوصى ميت بشراء دار أو بستان وأن يحبس فاشترى الوصي ذلك شراء فاسدًا أو حبسه فالذي يظهر على ما يأتي في الرد بالعيب أنه يفسخ البيع الفاسد فتأمله ثم إن بيع البعض فيما لا ينقسم وإن قل كبيع الكل وأما فيما ينقسم فإن بيع أكثره وهو ما زاد على النصف كبيع كله وإلا فات منه ما وقع فيه البيع قال ح ولا يحصل بالتولية والشركة فوت وفي الإقالة نظر اهـ.
وحرم على مشتر فاسد انصرف فيه وكذا يحرم على من علم شراؤه منه أو قبول هبته ونحو ذلك ثم الخروج عن اليد مفيت بعد القبض وأما قبله ففيه تفصيل يأتي في قوله وفي بيعه قبل قبضه الخ (وتعلق حق كرهنه) ولم يقدر الراهن على فكه لعسر ونحوه (وإجارته) اللازمة حيث لم يتراضيا على الفسخ وإلا فلا تفيت وهذا في رهن وإجارة بعد القبض لا قبله فيأتي في قوله وفي بيعه قبل قبضه ودخل بالكاف أخدامه مدة معينة إلا أن
ــ
فهذا يرد قوله ومن قال بعدم فواته الخ وقول تت ومن تبعه بالمثل مع الفوات يجري على قول المصنف أولًا ومثل المثلى وهي طريقة كما ستعرفه (وبتغير ذات غير مثلى) قول ز تبع المصنف اللخمي والمازري وابن بشير الخ طريقة هؤلاء الشيوخ غير الطريقة التي جرى عليها المصنف أولًا في قوله وإلا ضمن قيمته ومثل المثلى قال طفى اعتمد المصنف هنا قوله في توضيحه الذي للخمي والمازري وابن بشير أن المثلى لا يفوت لأن المثل يقوم مقام مثله اهـ.
وهو غير ملتئم مع ما قدمه من قوله ومثل المثلى لأن المثل هو المرتب على الفوات عنده وتلك طريقة ابن شاس وابن الحاجب وتبعهما المصنف وأصلها لابن يونس وعزاها لابن القاسم في غير المدونة فهما طريقتان:
إحداهما: لابن يونس ومن تبعه أن اللازم في الفوات القيمة في المقوم والمثل في المثلى إلا أن عدم كثمر في غير إبانه فقيمته.
يتراضيا على فسخها ولما قدم أن تغير الذات مفيت وشمل الأرض وكان فيها تفصيل وخفاء بينة بقوله: (وأرض ببئر) لا لماشية (وعين) ولو لماشية ولا يراعي فيهما عظم المؤنة لأن ذلك شأنهما والواو بمعنى أو وكذا في قوله: (وغرس وبناء عظيمي المؤنة) صفة لغرس وبناء فقط ولا يرجع لبئر وعين فهو مثنى لا جمع والهدم والقلع كهما وينبغي تقييدهما بعظيمي المؤنة أيضًا ثم الغرس أو البناء يفيت الأرض كلها إن وقع بكلها أو معظمها وإن لم يحط بها ويحمل على أنه عظيم المؤنة وإن لم يكن عظيمها وإن أحاط بكلها ولم يكن بمعظمها فكذلك أي عظمت مؤنته وإلا لم يفت شيئًا وإن وقع فيما دون الجل فأشار له بقوله: (وفاتت بهما) أو بأحدهما (جهة هي الربع) أو الثلث وكذا النصف عند أبي الحسن وظاهر ابن عرفة ود إنه كوقوعه بجلها فقوله: (فقط) راجع لقوله جهة أي لا الجميع فلم يحترز به عن الثلث أو النصف على ما لأبي الحسن وهذا أولى من دعوى أن الصواب حذفها ولم يحترز بها عن أقل لتصريحه به بقوله: (لا أقل) من الربع فلا يفيت شيئًا منها ولو عظمت مؤنته وكذا غير عظيم المؤنة فيما اعتبر فيه عظم المؤنة فلا يفيت شيئًا وإن أحاط بها كما مر ويعتبر كون الجهة الربع أو أقل أو أكثر بالقيمة يوم القبض لا بالمساحة وانظر تمثيله في د وما لعج عليه ورتب على قوله لا أقل قوله (و) ما لم يفت به مما مر تفصيله ووجب رده (له) أي للمشتري (القيمة) يوم الحكم فيما غرسه أو بناه (قائمًا) لأنه فعله بشبهة (على التأبيد) لشبهة بمن بنى في ساحة فاستحقت قاله
ــ
والثانية: لابن رشد وابن بشير واللخمي والمازري أن اللازم مع الفوات هو القيمة مطلقًا في المقوم والمثلى وهذه الطريقة هي التي انتحلها ابن عرفة وغيره من المتأخرين وعليها يأتي التفريع والخلاف في حوالة الأسواق والنقل والتغير هل تفيت المثل أم لا فمن أوجب فيه المثل وهو المشهور قال بعدم الفوات فيه ومن أوجب فيه القيمة قال بالفوات وأما رده متغيرًا مع أرش النقص كما توهم عج فلا قائل به انظر طفى وفاتت بهما (جهة هي الربع) قول ز وكذا النصف عند أبي الحسن الخ بل وكذا كلام ابن رشد يفيد أن النصف كالربع لأنه قال وإذا كان الغرس بناحية منها وجلها لا غرس فيه وجب أن يفوت منها ما غرس ويفسخ البيع في سائرها إذ لا ضرر على البائع في ذلك إذا كان المغروس من الأرض يسيرًا كما لو استحق من يد المشتري في البيع الصحيح لزمه البيع ولم يكن له أن يرده اهـ.
فأنت تراه أحال القدر الذي يفوت بالغرس دون ما لم يغرس على القدر الذي لو استحق من يد المشتري في البيع الصحيح لزمه الباقي وقد قال المصنف ورد بعض المبيع بحصته إلا أن يكون الأكثر ثم قال وتلف بعضه واستحقاقه كعيب به والله أعلم (لا أقل) قول ز وانظر تمثيله في أحمد وما لعج عليه الخ نص كلام أحمد قوله هي الربع يريد أو الثلث وذلك معتبر بالقيمة فيقال ما قيمة هذه الجهة وما قيمة الجهة الباقية فإن قيل قيمة الجهة المغروسة مائة وقيمة الجهة الأخرى مائتان أو ثلاث فاتت تلك الجهة ورد الباقي وقاص بتلك القيمة من الثمن اهـ.
التونسي (على المقول والمصحح وفي بيعه) أي أحد المتعاقدين الشيء المشتري شراء فاسدًا بيعًا صحيحًا (قبل قبضه) أي قبل قبض أحد المتبايعين للمبيع فاسدًا ممن هو بيده منهما وذلك بأن يبيعه المشتري وهو بيد بائعه أو يبيعه البائع وهو بيد المشتري بسبب قبضه له منها (مطلقًا) سواء كان مما يفتيه حوالة السوق أم لا ولا يصح تفسير الإطلاق سواء كان البيع الثاني صحيحًا أو فاسدًا إذ لا يحصل الفوات بالبيع الفاسد اتفاقًا (تأويلان):
أحدهما: أنه فوت وعليه فإن كان البائع له المشتري قبل قبضه من البائع لزمه قيمته لبائعه يوم بيعه أي بيع المشتري له وهذه تخصص ما تقدم من أنه تضمن القيمة في البيع الفاسد يوم القبض وإن كان البائع له البائع بعدما قبضه المشتري وقبل قبضه منه فإن بيعه
ــ
ونص عج عقبه فإن قلت هذا يخالف ما تقدم من أن ما غرسه يمضي بمنابه من قيمة جميعها لا بقيمته مفردًا كما ذكره ابن عرفة قلت اعلم أن لنا أمرين أحدهما التقويم ليعلم قدر قيمة المغروس وقدر قيمة غيره وهذا إنما كان بتقويم ما غرس مفردًا وتقويم غيره كذلك الثاني التقويم ليعلم ما ينوب المغروس من قيمة الجميع وما ينوب غيره منها وهذه إنما تكون بتقويم الجميع وفض القيمة على كل منهما وحاصل هذا الثاني تقويم الجميع لفض القيمة على قيمة كل منهما مفردًا وكلام أحمد في الأول إلا أن قوله وقاص بتلك القيمة من الثمن يقتضي أنه يرجع بنسبة القيمة المذكورة من الثمن وليس كذلك اهـ.
قلت: ففائدة تقويم كل من الجهتين مفردة فض قيمة الجميع عليها ليعرف مناب الجهة المغروسة من الجميع وهو ظاهر غير أن قوله يقتضي أنه يرجع الخ غير صحيح وذكر الفيشي وس لذلك وجهًا آخر وهو أن تقوم الجهة المغروسة مفردة يوم القبض لتعرف القيمة التي بها يمضي البيع فيها إذا فاتت وحدها ويقوم الجميع لتعرف نسبة قيمة الجهة المغروسة من قيمة الجميع هل النصف فأقل إلى الربع فتفوت وحدها أو أكثر فيفوت الجميع والوجهان معًا يحتملهما كلام ابن رشد ونصه بعدما تقدم عنه ووجه العمل في ذلك أن ينظر إلى الناحية التي فوتها بالغرس ما هي من جميع الأرض فإن كانت الثلث أو الربع فسخ البيع في الباقي بثلث الثمن أو ثلاثة أرباعه فسقط عن المبتاع إن كان لم يدفعه ورد إليه إن كان دفعه وصح البيع في الناحية الفائتة بالقيمة يوم القبض فمن كان له منهما على صاحبه فضل في ذلك رجع به عليه إذ قد تكون قيمة تلك الناحية أقل مما نابها من الثمن أو أكثر وهذا هو القياس اهـ.
(وفي بيعه قبل قبضه الخ) قول ز أي أحد المتعاقدين الخ يعني البائع والمشتري وتبع في هذا تت وح وفسر به الإطلاق في كلام المصنف وتعقبه طفى بأن الخلاف وإن كان موجودًا في البائع والمشتري لكن محل التأويلين في بيع المشتري كما في كلام عياض وغيره وقد نقل ح كلام عياض ولم يتنبه لمحل التأويلين واستدل على تعميم التأويلين بكلام ابن شاس مع أن ابن شاس إنما ذكر الخلاف ولم يتعرض للتأويلين فلذا عمم فتأمله اهـ.
(تأويلان) الأول لابن محرز وجماعة والثاني لفضل وابن الكاتب وقول ز وإن كان البائع له البائع كان بمنزلة ما إذا باعه الخ فائدته حينئذٍ تظهر فيما إذا حصل فيه مفوت عند
يمضي ويكون نقضًا للبيع الفاسد من أصله ويرد الثمن للمشتري لا أنه يلزم المشتري قيمته فإن زادت على الثمن رد الزيادة للبائع كما توهم ذلك في معنى فوته.
ثانيهما: أنه ليس بفوت وعليه فإن كان البائع له المشتري لم يجب عليه قيمته ويرجع لمالكه الأصلي ويرد ثمنه إن كان قبضه من مشتريه فاسدًا وإن كان البائع له البائع كان بمنزلة ما إذا باعه بيعًا فاسدًا أو قبضه المشتري ولم يحصل من بائعه فيه بيع بعد قبض المشتري له وضمانه إن حصل فيه ما يوجب الضمان منه فعلم أن التأويلين شاملان للصورتين المذكورتين وهما بيع المشتري أو البائع وبقيت ثالثة هما فيها أيضًا وهي أن يبيعه البائع بيعًا صحيحًا بعد ما باعه فاسدًا قبل قبض المشتري فاسدًا له ولكن كان مكنه من قبضه وأما قبل تمكينه فبيعه ثانيًا صحيحًا ماض اتفاقًا فلا تدخل هذه الرابعة في كلامه ومفهوم قوله قبل قبضه أنه لو باعه بعد قبضه لا يكون الحكم كذلك وفيه قولان حيث باعه البائع ولعل القول بأنه فوت محمول على ما إذا أجازه المشتري وإلا فيتفق على أنه ليس بفوت كذا في بعض التقارير.
تنبيه: قال ح والظاهر من القولين فيما إذا باعه مشتريه قبل قبضه من بائعه الإمضاء قياسًا على العتق والتدبير والصدقة ففي المدونة عتق المشتري بأنواعه وهبته قبل قبضه فوت إن كان المشتري مليًّا بالثمن فإن كان معدمًا رد عتقه ونقض بيعه ورد لبائعه اهـ.
باختصار واعلم أنه يمضي عتق كل من المتبايعين فاسدًا ولو كان المبيع في يد الآخر فإن أعتقا معًا مضى عتق الأول منهما فإن جهل الأول مضى عتق من هو بيده قاله صروح وانظر إذا أعتقاه معًا في آن واحد والظاهر عتقه على البائع (لا إن) علم المشتري بالفساد وباعه قبل قبضه أو بعده و (قصد بالبيع الإفاتة) فلا يفيته بيعه المذكور معاملة له
ــ
المشتري قبل فسخ الفاسد فإنه يمضي لمشتريه فاسدًا ويفسخ البيع الصحيح الواقع من البائع والله أعلم وقول ز وبقيت صورة ثالثة هما فيها أيضًا الخ فيه نظر وإنما في هذه وهي إذا مكن البائع المشتري من السلعة في الفاسد ولم يقبضها المشتري قولان قول ابن القاسم أن الضمان من البائع وعليه قول المصنف وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض وقول أشهب ينتقل ضمانه للمشتري بالتمكين ولم أر من ذكر التأويلين في بيع البائع قبل قبض المشتري وبعد تمكينه انظره وقول ز وفيه قولان حيث باعه البائع يعني باعه البائع بعد أن قبضه من المشتري فاسدًا ولا معنى لجريان القولين في هذا ولم أر من ذكرهما لأن البيع الصحيح وقع من البائع بعد فسخ الفاسد ورجوع المبيع ليد بائعه فكيف يقال إن بيعه لا يمضي وبه تعلم أن قول ز ولعل القول بأنه فوت محمول على الخ لا معنى له لأن مضيه متعين لصدوره بعد فسخ الفاسد فكيف يتوقف على إجازة المشتري والله أعلم وقول ز إذا أعتقاه معًا في وقت واحد الخ في كلامه نظر والظاهر في هذا ما قاله ح والناصر فيما قبله من أنه يمضي عتق من هو بيده (لا إن قصد بالبيع الإفاتة) قول ز عن ق لأن فعله ذلك رضًا منه بالتزام القيمة الخ فيه أن رضاه بالتزام القيمة وهي مجهولة رضا بالشراء الممنوع لا يلزم فالظاهر أنه ليس للبائع أن يلزمه
بنقيض قصده ويفسخ وجوبًا كبيع فاسد لم يحصل فيه إفاتة كذا يفيده الشارح وفي ق أن للبائع إجازة فعله ويضمنه قيمة المبيع يوم القبض لأن فعله ذلك رضا منه بالتزام القيمة وله رده وأخذ مبيعه وليس له إجازته وأخذ الثمن إذ ليس بمتعد صرف لبيعه ما في ضمانه هذا كله إن كان بيع المشتري بعد قيام البائع بفساد البيع وإرادته فسخه فإن كان قبله تحتم فسخه لأنه بيع فاسد لم يحصل فيه مفوت وهذا في غير العتق فإنه ليس له الخيار فيه المذكور بل يتحتم إمضاؤه بالقيمة سواء حصل بعد قيام البائع بالفسخ أو قبله لحرمة العتق اهـ.
بالمعنى وصدق بيمينه في دعواه قصد الإفاتة أو عدمه حيث لم يقم دليل على كذبه كذا ينبغي ومثل البيع الهبة والصدقة حيث قصد بهما الإفاتة لا العتق فمفيت ولو قصد به الإفاتة لتشوف الشارع للحرية ومثل المشتري البائع حيث قصد بالبيع الإفاتة على القول بأن بيعه فوت (و) إن حصل المفيت في البيع الفاسد ووجبت القيمة في المقوم والمثل في المثلى دفع ذلك أم لا ولم يحصل حاكم بعدم رده ثم عاد المبيع للمشتري فاسدًا فقد (ارتفع المفيت إن عاد) فيكون بمنزلة ما لم يحصل فيه مفوت فيرده لربه الأصلي سواء كان عوده باختياره كشرائه أو بغيره كحصوله بإرث فإن حكم حاكم بعدم رده مضى ولم يرد ربه بعد عوده وأشعر قوله إن عاد إن ما لا يمكن عوده إما حسًّا كطول زمان حيوان وإما شرعًا كالعتق والتدبير ونحوهما حيث لم يرد ذلك شرعًا فلا يتأتى ارتفاعه (إلا بتغير سوق) فيما يفيت رد المبيع فاسدًا تغيره ثم عاد لما كان عليه فلا يرتفع المفيت فلا يرد لربه الأصلي لأن تغيره ليس من سببه فلا يتهم فيه بخلاف غيره ولا يرد أن تغير الذات قد لا يكون من سببه لأن الغالب حصوله عن تفريطه في صونه والقيام به ويحمل غير الغالب عليه وصار كأنه بسببه وفرق أيضًا بأن تغير السوق لا ينضبط لسرعة تقلبه فالغي بخلاف غيره من باقي المفوتات فإنه منضبط.
ــ
القيمة لكن إن تراضيا فلهما ذلك بعد معرفتهما والله أعلم وقول ز عن ق أيضًا فإن كان قبله تحتم فسخه لأنه بيع فاسد الخ وقع في نقله تحريف ونص ما في ق بعد أن ذكر عن السماع أن بيعه بعد قيام البائع عليه بفسخه لا يمضي ابن رشد هذا صحيح لأنه متعد فيما فعل بعد القيام عليه إنما يجوز له ذلك قبل القيام عليه لأنه قد أذن له في ذلك حين ملكه المبيع بالبيع الفاسد اهـ.
فصواب ز أن يقول تحتم إمضاؤه ويحذف قوله لأنه الخ ثم ما ذكره من التفصيل بين كونه بعد قيام البائع أولًا عليه اقتصر ق وهو أحد ثلاثة أقوال: الثاني للخمي يفوت مطلقًا وقال إنه المذهب والثالث لا يفوت مطلقًا وحكى عياض عليه الاتفاق وهو ظاهر المصنف لكن اعترض ابن ناجي حكاية الاتفاق كما في ح والله تعالى أعلم وقول ز ومثل المشتري البائع حيث قصد بالبيع الإفاتة الخ لا معنى لهذا فتأمله (إلا بتغير سوق) قول ز لأن تغيره ليس من سببه الخ هذا الفرق لابن يونس وعبد الحق ورده المازري بأن رجوع السلعة له بإرث ليس أيضًا من سببه وقد باينوا بينهما في الحكم ولذلك قال أشهب بعدم الارتفاع في حوالة السوق وغيرها انظر ضيح اهـ.