المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في القرض - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٥

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌فصل في القرض

فسخ دين في دين وحط الضمان وأزيدك بخلاف زيادة طول المسلم فيه فإن العقدة الأولى باقية واستأنفا عقدة ثانية ومحل المنع في الأعرض والأصفق ما لم يشترط تعجيل كل فإن شرط جاز بشرط أن يكون ما يأخذه مخالفًا للأول مخالفة تبيح سلم أحدهما في الآخر وإلا كان قضاء قبل الأجل بأردأ أو أجود وتعجيله من غير شرط لا يكفي (ولا يلزم) المسلم إليه (دفعه) أي المسلم فيه بعينه إذا طلب منه (بغير محله) أي السلم أي لا يقضي عليه بدفعه في غير المحل الذي يقضى فيه السلم (ولو خف حمله) كجوهر فإن اتفقا عليه جاز وكذا لا يلزم المسلم قبوله بغير محله ولو خف حمله قيل والمبالغة على هذا أنسب من المبالغة على الدفع وإن كانت صحيحة أيضًا وظاهر المصنف ولو اتحد سعر الموضعين أو كان غير محله أرخص وهو كذلك وكان حقه أن يستثنى العين كما في الفصل بعده.

‌فصل في القرض

بفتح القاف وقيل بكسرها كما في الصحاح والشارح وتت في كبيره خلافًا لقول صغيره بفتح القاف وكسرها وأتبعه بالسلم لمشاركة بينهما من وجه كما في تت وهي قوله: ما يسلم فيه فتوقفت معرفته أو حكمه على معرفته أو حكمه وفي د عن بعض الشيوخ ترجمة المصنف القرض بفصل دون باب لشبهه بالمسلم فيه في الثبوت في الذمة اهـ.

أي فهو شبيه بالسلم في ذلك ولما فيهما من دفع معجل في غيره فلذا ذيله به فقال: (يجوز قرض ما) أي كل شيء (يسلم) أي يصح أن يسلم (فيه) من عرض وحيوان وغيرهما والجواز منصب على قوله: ما يسلم فيه أو أراد به الإذن فلا ينافي قول ابن عرفة

ــ

وأزيدك الخ في العلة الثانية نظر لأن معنى المسألة كما في شيخ عن اللخمي إنه زاده دراهم ليأخذ إذا حل الأجل أعرض وأصفق الخ وعلله بأنه فسخ دين في دين وهو ظاهر ولا يصح حط الضمان لأنه إنما يتصور في القبض قبل الأجل وقد علمت أن القبض هنا بعده.

القرض: القرض في اللغة القطع وسمي هذا قرضًا لأنه قطعة من مال المقرض وفي الشرع قال ابن عرفة دفع متمول في عوض غير مخالف له لا عاجلًا تفضلًا فقط لا يوجب إمكان عارية لا تحل متعلق بالذمة اهـ.

وفيه شيء لأنه أخرج الصور الفاسدة وشأن التعريف شمول الصحيح والفاسد (يجوز قرض ما يسلم فيه) قول ز غير منعكسة الخ فيه نظر بل الصواب إن الكلية المذكورة يصح عكسها بالعكس المستوى كلية كنفسها فيقال كل ما يصح قرضه يصح أن يسلم فيه وما أورده عليها غير وارد أما الأولان فالقول ضيح ما نصه والظاهر أن الكلية التي ذكرها المصنف مطردة منعكسة فأعطى كلامه إن كل ما يصح أن يسلم فيه إلا الجواري يصح أن يقرض وكل ما يصح أن يقرض يصح أن يسلم فيه غير أن هذا العكس لا يحتاج معه إلى استثناء شيء ومن قال بعدم عكس هذه الكلية وصحح أن جلد الميتة

ص: 404

تعسر إباحته أي وإن أمكن تصورها في جلد ميتة دبغ على رأي إذ ليس القرض بيعًا وحكمه من حيث ذاته الندب وقد يعرض ما يوجبه كتخليص مستهلك بقرضه أو كراهته كجلد ميتة دبغ على رأي آخر لتنزيله منزلة البيع أو حرمته كجارية تحل للمقترض وكجره منفعة وهذه الكلية التي ذكرها المصنف مطردة أي كل ما يصح أن يسلم فيه يجوز قرضه غير منعكسة أي ما لا يصح أن يسلم فيه لا يجوز قرضه لرد ذلك بخمسة أشياء جلد ميتة دبغ وجلد أضحية وقرض بمكيال مجهول على أن يرد مثله وقرض ويبات وحفنات فإن هذه الأربعة يجوز قرضها خلافًا لابن عبد السلام في الأول ولا يجوز السلم فيها على أحد قولين في الرابع كما قدمه خامسها الطعام لا يجوز السلم فيه حيث كان رأس المال كذلك وكذا النقد وما أشبه ذلك كما في د ويجوز قرض ذلك وأجيب عنه بجوابين فيهما نظر أحدهما إن هذا تفصيل في مفهومه لا في منطوقه أي وأما ما لا يسلم فيه فتارة يمنع قرضه كأرض ودار وبستان وتراب صائغ ومعدن وتارة يجوز كالخمسة المذكورة قبل ثانيهما منع أن في كلامه كلية إذ ما في قوله ما يسلم فيه بمعنى شيء فالقضية مهملة وهي في قوة الجزئية ويردهما قوله: (فقط) ولما كان السلم في الجواري جائز أو لا يجوز قرضهن أخرجهن بقوله: (إلا جارية تحل للمستقرض) ولم يتعذر وطؤه لها فلا يجوز قرضها لما في ذلك من عارية الفروج ولذا انتفى المنع أن حرمت عليه أو تعذر وطؤه لها لصغره أو كونه شيخًا فانيًا أو كونها في سن من لا توطأ مدة القرض في الثلاثة أو كان المقترض امرأة فيجوز قرضها ولم يعبر بمقترض مع كونه أخصر نظر الحرمة القرض وإنما المستقرض طالبه فقط كما تقتضيه السين (و) أن وقع إنه استقرض جارية تحل له (ردت) وجوبًا (إلا أن تفوت) عنده (بمفوت البيع الفاسد) بكوطء أو حوالة سوق أو غيبة عليها وإن لم يحل سوقها خوف أن يكون وطئها قاله تت وفي الشيخ سالم عن التوضيح الغيبة عليها ليست فوتًا ويؤيده أن المصنف لم يذكرها في المفوتات وفي د عن ابن عرفة ثلاثة أقوال في الغيبة عليها (فالقيمة) لازمة للمقترض بفوتها بوطء تحقيقًا أو ظنًّا كغيبة عليها ولا يجوز التراضي على ردها حينئذٍ وكذا إن فاتت بحوالة سوق ونحوه إن لم يتراضيا

ــ

المدبوغ يصح قرضه ولا يصح إن يسلم فيه فقوله غير صحيح بكل اعتبار والله أعلم اهـ.

ويؤيده قول ابن عرفة دفع متمول الخ وأما الثلاثة الأخيرة فغير واردة لأن الطعام مثلًا من حيث ذاته يجوز قرضه والسلم فيه والاختلاف من حيث الوصف لا يضر (إلا جارية تحل للمستقرض) في ضيح أجاز ابن عبد الحكم في الحمديسية قرضهن إذا اشترط عليه أن لا يرد عينها وإنما يرد مثلها ثم قال وعلى هذا وهو نقل الموثوق بهم لا تبعد موافقته للمشهور اهـ.

ونحوه لابن عبد السلام (إلا أن تفوت بمفوت الخ) قول ز وفي د عن ابن عرفة ثلاثة أقوال الخ نص ابن عرفة وفي فوتها بمجرد الغيبة عليها ثالثها إن كانت غيبة يشبه الوطء فيها للصقلي عن بعض الأصحاب وظاهر نقل اللخمي عن المعونة والمازري بزيادة وظن بالقابض الوطء اهـ.

ص: 405

على ردها فيجوز وليس فيه تتميم للفاسد لأن ذاتها عوض عما لزمه من القيمة ولا محذور في ذلك وحينئذٍ فقولهم للمقترض أن يرد المثل أو العين إن لم تتغير محمول على القرض الصحيح انظر د وأتى بقوله: (كفاسده) أي كفاسد البيع وإن علم مما قبله ليفيد اعتبارها يوم القبض كما في د وليفيد أن القرض إذا فسد يرد إلى فاسد أصله وهو البيع لا إلى صحيح نفسه الذي يجب فيه رد العين أو المثل ولعل وجه كون البيع أصلًا للقرض إنه دفع متمول في عوض وإن كان تفضلًا والبيع مكايسة وإذا أولدها لم يلزمه قيمة ولدها ولا تكون به أم ولد لأنه وطء شبهة وهي لا تكون به أم ولد إلا في بعض صور ليست هذه منها كما سيأتي والفرق بينها وبين ضمان قيمة ولد الغارّة والمستحقة شبهة الخلاف هنا فكأنها مملوكته والغارّة والمستحقة حملًا وهما في ملك الغير حقيقة (وحرم هديته) أي المقترض لرب المال لأنه مدين أي وكذا المدين من بيع فيؤول للسلف بزيادة قاله تت وأفاد بجعل ضمير هديته للمقترض أن هدية مصدر مضاف لفاعله وكذا فيما بعده إلا في ذي الجاه والقاضي فالمصدر مضاف لمفعوله إن لم يقدر ضمير عائد على المهدي اسم فاعل وإلا فمضاف لفاعله إذ أصل الحرمة متعلقة به وإن تعلقت بالمهدي اسم مفعول أيضًا لسبق الأول بالنية فلا ينافي قول تت والظاهر أن الحرمة متعلقة بالآخذ والمعطي في المسائل الأربع رب المال وعامله وذي الجاه والقاضي اهـ.

ثم الحرمة ظاهرًا وباطنًا إن قصد المهدي بهديته تأخيره بالدين ونحوه ووجب ردها إن كانت قائمة فإن فاتت بمفوت البيع الفاسد ردّ مثل المثلى وقيمة المقوم يوم قبضها وظاهرًا فقط إن قصد بها وجه الله كمكافأة لرب الدين لخبر من صنع معكم معروفًا فكافؤه فإن لم تكافؤه فادعوا له حتى تظنوا أنكم كافأتموه أو ما هذا معناه ولا يحرم عليه فيما بينه وبين الله ولا على رب الدين القبول حينئذٍ باطنًا أيضًا وإنما يكره لمن يقتدى به الدفع أو القبول حيث لا يقصد تأخير الدين لئلا يكون ذريعة لفعل الذي يقتدى لما لا يجوز ومثل هدية المديان لرب الدين إطعامه رجاء أن يؤخره ويحرم على ربه أكله إذا علم ذلك من غريمه وقال أبو الحسن يجوز لرب الدين أكل طعام الغريم إذا جاءه ليقتضي دينه ذكره في النوادر ولعل محل الجواز ما لم يزد في ضيافته ويعلم أن تلك الزيادة لأجل تأخيره الدين إذ لا يلزم من اقتضائه أي طلبه دينه دفع الدين له حينئذٍ (إن لم يتقدم مثلها) فإن تقدم مثلها من المهدي للمهدي له صفة وقدرًا واعتادها قبل الدين وعلم أن تلك السابقة ولو بسنين ليست لأجل الدين اللاحق فيجوز (أو) إن لم (يحدث موجب) كصهارة أو جوار

ــ

(كفاسده) قول ز أي كفاسد البيع الخ يصح أن يكون المراد كفاسد القرض أي كفاسد جميع مسائل القرض وهذا مفاد ضيح وقول ز ولا تكون به أم ولد الخ فيه نظر لأن لزوم قيمتها بمجرد الوطء أو الغيبة يوجب إنها حملت وهي في ملكه فيلزم أن تكون به أم ولد وقد صرح ابن عرفة بأنه لا حد عليه (وحرم هديته) قول ز إن لم يقدر ضمير عائد على المهدي

ص: 406

فلا تحرم والظاهر التقييد أيضًا بأن يعلم أن هديته له بعد الموجب لا لأجل دينه (كرب القراض وعامله) تشبيه تام فتحرم هدية كل منهما للآخران لم يتقدم مثلها أو يحدث موجب وبالغ على قوله وعامله فقط فقال: (ولو بعد شغل المال عى الأرجح) نظرًا للمال أي تمنع هدية العامل لربه بعد شغل المال نظرًا لما بعد نضوض المال ليريد أن يشغله به ثانيًا أي فيتهم إنه إنما أهدى لربه ليبقى المال بيده بعد نضوضه ليعمل به ثانيًا وقيل يجوز نظرًا للحال بالحاء المهملة لعدم القدرة على فسخه بعد الشغل وما في تت مقلوب (وذي الجاه) تحرم الهدية له إن لم يتقدم مثلها أو يحدث موجب (والقاضي) تحرم الهدية له ويأتي في القضاء أن في جواز التي اعتادها قبل الولاية قولين قلت ولعل الفرق شدة حرمة الرشوة إذ لم يقل بها أحد بخلاف ما قبله فإن الشافعي يجوز الأخذ على الجاه ومحل الحرمة على الدافع للقاضي إلا أن لا يمكنه خلاص حقه أو دفع مظلمته عنه بدونه فالحرمة على القاضي فقط.

تتمة: في ح على المناسك فيمن توجه عليه وعلى جماعة مظلمة بقدر معين يوزعونه بينهم وكان إذا احتمى شخص من دفع ما عليه يتحقق إنها تؤخذ من باقيهم ثلاثة أقوال عدم الجواز لابن المنير أي وهو قول سحنون كما في ق والجواز للداودي والثالث وهو اختيار الشيخين إنه لا ينبغي فإن جعل الظالم على كل واحد شيئًا معينًا يأخذه أو على كل حمل أو جمل من غير نظر لغيره وتحقق إنه إذا احتمى منه شخص لا يجعل حصته على غيره فيجوز الاحتماء منه قطعًا فإن جهل هل يجعلها على غيره أم لا ففي

ــ

أي بأن يقدر في ذي الجاه الخ وحرم هديته لذي الجاه والقاضي وهو تكلف (وذي الجاه والقاضي) قال أبو علي في شرحه التحقيق أنه لا يمنع الأخذ على الجاه إلا إذا كان الإنسان يمنع غيره بجاهه من أمر يجب على ذي الجاه دفعه عنه بأن يكون من غير مشي ولا حركة وإن قول المصنف وذي الجاه مقيد بهذا أي من حيث جاهه فقط كما إذا احترم زيد مثلًا بذي جاء ومنع من أجل احترامه فهذا لا يحل له الأخذ من زيد وكذا قول ابن عرفة تجوز المسألة للضرورة إن كان يحمي بسلاحه فإن كان يحمي بجاهه فلا لأنها ثمن الجاه اهـ.

يجب أن يقيد بما ذكر وبيانه إن ثمن الجاه إنما حرم لأنه من باب الأخذ على الواجب ولا يجب على الإنسان أن يذهب مع كل أحد اهـ.

وفي المعيار سئل أبو عبد الله القوري عن ثمن الجاه فأجاب بما نصه اختلف علماؤنا في حكم ثمن الجاه فمن قائل بالتحريم بإطلاق ومن قائل بالكراهة بإطلاق ومن مفصل فيه وإنه إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر فأخذ مثل أجر نفقة مثله فذلك جائز وإلا حرم اهـ.

قال أبو علي وهذا التفصيل هو الحق وفي المعيار أيضًا سئل أبو عبد الله العبدوسي عمن يجوّز الناس من المواضع المخوفة ويأخذ منهم على ذلك فأجاب ذلك جائز بشروط أن يكون له جاء قوي بحيث لا يتجاسر عليه عادة وأن يكون سيره معهم بقصد تجويزهم فقط لا لحاجة له وأن يدخل معهم على أجرة معلومة أو يدخل على المسامحة بحيث يرضى بما يدفعونه له اهـ.

ص: 407

القسم الأول المنع لأن الأصل فيما يدفعه عن نفسه أخذه من غيره وفي الثاني الجواز (ومبايعته) أي من تحرم هديته من المدين وذي الجاه والقاضي تحرم مبايعته (مسامحة) أي بغير ثمن المثل فإن وقع رد إلا أن يفوت بمفوت البيع الفاسد ففيه القيمة في المقوم والمثل في المثلى وأما مبايعته من غير مسامحة فقيل يجوز وقيل يكره وأما عكس كلام المصنف وهو بيع رب الدين للمدين مسامحة فيكره فقط خشية أن يحمله ذلك على أن يزيده المدين في الثمن ليؤخره أو يعملا على فسخ الدين في الدين (أو جر منفعة) الأصوب ضبطه مصدرًا مرفوعًا مضافًا لمنفعة معطوفًا بالواو على هديته كما في بعض النسخ أي وحرم جر منفعة أي في القرض قاله غ وفيه نظر لأن أو للتنويع إذ الهدية نوع وهذا نوع آخر وحينئذٍ فالإتيان بأو ظاهر وجر مصدر معطوف على هديته ومنفعة مخفوض بسبب الإضافة أي أو جر منفعة بالقرض ويصح جعله فعلًا ماضيًا أما صلة لموصول محذوف وهو جائز أي أو ما جر منفعة وما بمعنى الذي وأما صفة لموصوف محذوف أي أو قرض جر منفعة بناء على ما ذهب إليه بعضهم وإن كان ضعيفًا من جواز ذلك بدون شرط مستدلًا بقول الشاعر:

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

متى أضع العمامة تعرفوني

أي ابن رجل جلا ومثل للممنوع بقوله: (كشرط) قضاء (عفن بسالم) أي فيه فالباء للظرفية والعادة العامة أو الخاصة كالشرط (و) شرط دفع (دقيق أو كعك ببلد) هما به ليوفيه ببلد آخر ولو لكحاج لما فيه من تخفيف مؤنة حمله ومفهومه الجواز مع عدم الشرط وهو كذلك خلافًا لما في الحمديسية من جواز ذلك ولو مع الشرط للحاج ونحوه ثم إن هذا داخل في قوله: أو عين عظم حملها (أو) شرط (خبز فرن بملة) بفتح الميم رماد حار يخبز به أو حفرة يجعل بها رماد حار يخبز به وعليهما ففيه حذف مضاف أي بخبز ملة وقيل هي اسم لنفس خبز الرماد الحار وعليه فلا تقدير ولعل خبز الملة هو المعبر عنه في مصر بخبز الحصى وهو أحسن من خبز الفرن وأما خبز فرن بمثله أو خبز ملة بمثله فجائز مع تحري ما فيهما من الدقيق ولا يكفي وزن الخبزين من غير تحري دقيقهما وتقدم ذلك عند قوله: واعتبر الدقيق في خبز بمثله وذكر اللخمي اعتبار وزنهما وتحري دقيقهما إن كانا من جنس واحد ربوي فإن كانا من جنسين أو من واحد غير ربوي اعتبر وزنهما فقط عنده (أو عين) أي ذات نقدًا أو حبًّا أو عسلًا أو نحو ذلك (عظم حملها) يحرم قرضها بشرط أخذ بدلها بموضع آخر لانتفاع المقرض بسقوط الحمل عنه في الطريق فهذه أمثلة لما جر منفعة للمقرض ولو قلت وكذا لهما أو لأجنبي بخلاف ما إذا

ــ

وفي المعيار أيضًا سئل بعضهم عن رجل حبسه السلطان أو غيره ظلمًا فبذل مالًا لمن يتكلم في خلاصه بجاهه أو غيره هل يجوز فأجاب نعم يجوز صرح به جماعة منهم القاضي الحسين ونقله عن القفال اهـ.

(أو جر منفعة) قول ز وحينئذٍ فالإتيان بأو ظاهر الخ غير صحيح والصواب ما لابن

ص: 408

تمحضت المنفعة للمقترض فيجوز كما يأتي ومن مثل الحرام الداخل تحت كاف التمثيل سلف شاة مسلوخة ليأخذ عنها كل يوم رطلين مثلًا وكدفع قدر معين من دقيق أو قمح لخباز في قدر معين من خبز على أن يأخذ منه كل يوم قدرًا معينًا وكبيع دقيق أو قمح أو شاة حية أو مذبوحة بدراهم معينة على أن يعطيه بها قدرًا معينًا من الخبز أو القمح أو اللحم لأنه اقتضاء عن ثمن الطعام بطعام أو لحم وشبه في المنع قوله: (كسفتجة) بسين مهملة مفتوحة ففاء ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة فجيم لفظة أعجمية جمعها سفاتج والمراد بها كتاب المقترض لوكيله ببلد غير بلده ليدفع للمقرض نظير ما أقرضه ومنعت لانتفاع المسلف بحرز ماله من آفات الطريق ويحتمل إنه مثال أيضًا لما جر منفعة (إلا أن يعم) أي يغلب (الخوف) في جميع طرف المحل الذي يسير به المقرض غلبة يغلب بها على الظن الهلاك أو قطع الطريق فيجوز أي يؤذن إذ هو مندوب كما في الشارح وحلولو تقديمًا لمصلحة حفظ النفس أو المال على مضرة سلف جر نفعًا فإن شك في الهلاك أو قطع الطريق أو غلب لا في جميع طرقه بل في بعضه ولو كان غيره أبعد أو غلب في جميعه لكن بالنسبة لغيره لا له فإنها لا تجوز (وكعين) أي ذات قمح أو فول أو غيرهما (كرهت إقامتها) عند مالكها خوف تلفها بسوس أو عفن مثلًا فيحرم سلفها ليأخذ بدلها لأنه سلف جر نفعًا لأنه قصد نفع نفسه فقط ومحل المنع مع الشرط أو العرف كما مر لا إن فقدا (إلا أن يقوم دليل) أي قرينة (على أن القصد نفع المقترض فقط) فيجوز (في الجميع) أي جميع المسائل الخمس السابقة كما إذا كان المسوس أو القديم الذي خاف أن يسوس إذا باعه أتى ثمنه بأضعاف ما يأتي له بدل القرض لمسغبة أو غلاء قبل نبات ما يحصل ومفهومه المنع أن قصد المقرض نفع نفسه مع نفع المقترض كما يقع لملتزمي البلاد بمصر أو نفع المقرض فقط أو نفع أجنبي كما أفتى به ابن ناجي وشيخه وشبه في المستثنى المتصل الجائز أو مثل له فقال: (كفدّان) بشد المهملة وقد يخفف جمعه أفدنة وفدادين وفدن (مستحصد) بكسر الصاد المهملة اسم فاعل من أحصد وهو لازم كما في المصباح أي طالب الحصد بأن حان حصده (خفت مؤنته عليه) أي على المقرض في حصده ودرسه وذروه ليسارته في جانب زرعه فأخذه المقترض حال كونه (يحصده) بكسر الصاد وضمها (ويدرسه) ويذروه وينتفع به ولم يقصد المقرض نفع نفسه بفعل المقترض كما في ق عن المدونة والتشبيه يفيده فلم يخل المصنف به كما ظنه بعضهم قائلًا لأنه لا يلزم من خفته عليه عدم قصده نفع نفسه (ويرد مكيلته) على المقرض وتقدم الكلام على التصديق فيها بقوله: ومقرض وتبنه لمقرضه بكسر الراء فإن هلك الفدان قبل حصد المقترض له لم يضمنه بل من ربه لأنه مما فيه حق توفية كما هو الظاهر وتقدم نظير ذلك (وملك) القرض بدفعه للمقترض قاله تت كالشارح وقصراه على الدفع وإن لزم بالعقد

ــ

غازي من تعين الواو والله تعالى أعلم (وملك) قول ز وإن لزم بالعقد الخ بل ويملك بالعقد خلافًا لمفاد تت والله أعلم.

ص: 409