المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب (الرهن بذل) أي إعطاء (من له البيع) صحة ولزومًا (ما - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٥

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌ ‌باب (الرهن بذل) أي إعطاء (من له البيع) صحة ولزومًا (ما

‌باب

(الرهن

بذل) أي إعطاء (من له البيع) صحة ولزومًا (ما يباع) شرعًا واعترض ابن عرفة هذا التعريف بأن الرهن اسم للشيء المرهون أي على ما هو الغالب عند الفقهاء فلا يصح أن يعرف بإعطاء مصدرًا نعم يطلق نادرًا عندهم على الارتهان فيحمل المصنف عليه وإن كان نادرًا لتعبيره بالمصدر انظر د وعرفة ابن عرفة بالمعنى الأسمى بناء على الاستعمال الكثير الذي هو مال قبض توثقًا في دين وأشار بقوله في دين إلى أن الرهن لا يكون في معين وإنما يصح أن يكون في دين والدين لا يتقرر في المعينات وسيذكره المصنف بقوله لا في معين أو منفعة واحترز بقوله من له البيع عن مجنون وصغير غير مميز فلا يصح منهما ويصح من مميز وسفيه ومحجور ويتوقف لزومه على رضا وليّ كل كما في ح خلافًا لظاهر الشارح وقت من عدم توقفه على رضا وليه وخلافًا له ولد من عدم صحته من سفيه ولعل الفرق على ما لهما بينه وبين البيع أنه معاوضة والأصل عدم الغبن فيه بخلاف الرهن فإنه قد يغبن المميز والسفيه فيرهنان كثيرًا في قليل ويرتهنان قليلًا في كثير إذا تلف ما رهنا قبل رضا وليّ كل فيضمنه المرتهن ضمان عداء حيث علم بعدم اللزوم لرهن كل لا ضمان رهان ورهن السكران كبيعه وظاهر المصنف صحة رهن

ــ

الرهن: (الرهن بذل من له البيع ما يباع) طفى تعريف المصنف بقوله: بذل تبع فيه ابن الحاحب وقال ابن شاس إنه احتباس للعين وثيقة بالحق وفيما قالوه نظر لأن الرهن عند الفقهاء ليس هو نفس الإعطاء أو الاحتباس لا يكادون يطلقونه على ذلك أصلًا بل هو عندهم إما العقد أو الشيء المرهون هذا مسماه في الاصطلاح فمن الأول قول المازري وغيره عقد الرهن لازم بالقول وقولهم يصح رهن كذا ولا يصح رهن كذا واشتراطهم الصيغة فيه أو جعلها ركنًا من أركانه وفي كلام ابن شاس وابن الحاجب ما ينافي ما قالاه قال ابن شاس وأما حكم القبض فليس شرطًا في انعقاد الرهن وصحته ولا لزومه بل ينعقد ويصح ويلزم ثم يطلب المرتهن الإقباض وقال ابن الحاجب يصح الرهن قبل القبض ولا يتم إلا به فأنت ترى القبض والإقباض متأخرين عن الرهن والمتأخر عن الشيء غيره ضرورة إنه ليس عينه ولا سيما على القول بأنه لا بد له من لفظ صريح وهو مذهب ابن القاسم ومن الثاني قولهم وإن جنى الرهن وغلة الرهن وغير ذلك ولذا حده الوانوغي بقوله: عقد لازم لا ينقل الملك قصد به التوثق في الحقوق بعد أن قال لا حفاء في إشكال تعريف شيخنا الرهن بأنه مال قبض توثقًا به في دين لأنه لا يشمل من الرهن إلا ما هو مقبوض ولا خلاف في المذهب إن القبض ليس من حقيقة الرهن اهـ.

ص: 417

المريض المدين لأنه يجوز بيعه حيث لم يحط الدين بماله وقول ح يخرج من قوله من له البيع المريض إذا كانا مدينًا فإن مذهب ابن القاسم أنه يجوز بيعه ولا يجوز رهنه اهـ.

محمول على ما إذا أحاط الدين بماله ويأتي في الفلس تفصيل ذلك مع زيادة ودخل في قوله ما يباع رهن الدين فيجوز من المدين وغيره قال في توضيحه ويشترط في صحة الرهن من المدين أن يكون أجل الدين الرهن مثل أجل الدين الذي فيه الرهن أو أبعد لا أقرب لأن بقاءه بعد محله كالسيف فصار أي الرهن في البيع بيعًا وسلفًا إلا أن يجعل بيد أمين إلى أن يحل أجل الدين الذي رهن فيه اهـ.

وفرضه في رهن دين مؤجل في دين مؤجل من بيع فإن كان الدين غير مؤجل أو الدين الذي وقع فيه الرهن كذلك أو كان من قرض لم يعتبر في صحة رهنه من المدين هذا الشرط اهـ.

وإذا رهنه عند غير المدين اشترط قبضه بالإشهاد في حوزه ودفع الوثيقة والجمع بينهما شرط كمال ولا يشترط إقرار المدين ولا كونه ممن تأخذه الأحكام فليس كبيع الدين في هذين لأنه لا يلزم من عدم أخذ الحق من هذا المدين ضياع حق المرتهن قطعًا لرجوعه به على الراهن ودخل فيه أيضًا رهن وثيقة سائر ما يملك ووثيقة الحق وأخرجها ابن عرفة من تعريفه والظاهر صحة رهن مكتوب وقف من موقوف عليه لاشتماله على استحقاق المنافع وهي مما تباع ووثيقة لوظيفة على القول بصحة النزول عن الوظائف بعوض ورهن المغصوب من غاصبه ويسقط عنه حينئذ ضمانه ضمان العداء ويضمنه ضمان الرهن ومقتضى كلام التوضيح إن حوزه غير كاف وعليه فلو حصل مانع للراهن

ــ

وقول ز يطلق نادرًا على الارتهان فيحمل المصنف عليه الخ فيه نظر لما علمت إن الرهن إنما يطلق على العقد أو على الشيء المرهون وأيضًا الارتهان بمعنى قبض الرهن والبذل في المصنف بمعنى الإعطاء لا بمعنى القبض فلا يصح حمله عليه وقول ز إن الرهن لا يكون في معين الخ لا يرد عليه أخذ الرهن في العارية لأنه ليس في ذاتها بل في قيمتها إن هلكت كما يأتي وقول ز عن ح يخرج من قوله من له البيع الخ هذا وارد على المصنف وليس في كلامه ما يخرجه إلا أن يحمل كلامه على ما في الوثائق المجموعة من جواز بيع المريض ورهنه فلا بحث حينئذٍ لكن ما في الوثائق من الجواز محله الرهن في معاملة جديدة ومحل المنع رهنه في دين سابق تأمل وقول ز فإن كان الدين غير مؤجل الخ ما ذكره من جواز رهن الدين الح الذي الدين المؤجل غير صحيح لأنه يؤدي إلى بقاء الحال إلى أجل المؤجل فيكون بيعًا وسلفًا كما علل به في المؤجل وهذا ظاهر من كلام ضيح وقوله أو كان من قرض لم يعتبر الخ هو ظاهر ضيح ونقل ابن عرفة عن الباجي إذ قيدوا بالبيع لكن يأتي في القرض أسلفني وأسلفك إذا كان أجل دين الرهن أقرب تأمله وقول ز دخل فيه أيضًا رهن وثيقة سائر ما يملك الخ فيه نظر لأن الوثائق ليست مما يباع وإنما يباع ما فيها فلا تدخل في كلام المصنف كما لم تدخل في كلام ابن عرفة اهـ.

ص: 418

قبل حوز الرهن يكون المرتهن أسوة الغرماء وهو ظاهر على القول بأنه إنما يكتفي بالتحويز وأما على أنه يكفي الحوز في الرهن فاستمراره بيد الغاصب بعد الرهن كاف وانظر هل يأتي هنا التردد الواقع في بيع المغصوب من غاصبه وهو هل أن رد لربه مدة أو يتفق هنا على العزم (أو غررًا) معطوف على ما يحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أي أو ذا غرر (ولو اشترط) الرهن (في العقد) لعدم سريانه لعقد البيع لأن للمرتهن دفع ماله بغير وثيقة فساغ أخذ لما فيه غرر لأنه شيء في الجملة وهو خير من لا شيء ويكون الرهن (وثيقة) عند المرتهن (بحق) موجود أو سيوجد بدليل قوله الآتي وارتهن أن أقرض ولازم أو آيل له ولذا صح في الجعل ولم يصح في كتابة من أجنبي كما يأتي له فله حبسه فيما يصح فيه إلى أن يستوفي حقه منه أو من منافعه ثم يحتمل تعلق بحق بقوله وثيقة فالباء سببية أو بمعنى في وتعلقه ببذل فهي بمعنى في ومثل لمن له لبيع بقوله (كولي) أب أو غيره يرهن مال محجوره لمصلحته ككسوته أو طعامه لا لمصلحة الولي والظاهر أن الوصي محمول على النظر ولو في رهن ريع فليس كالبيع لتحقق الإخراج فيه دون الرهن (ومكاتب) لأنه أحرز نفسه وماله (ومأذون) له في تجارة وإن لم يأذن سيدهما في الرهن لأن الإذن في التجارة إذن في توابعهما والكتابة إذن في الرهن بخلاف ضمانهما فلا بد من إذنه لهما فيه لحصول اشتغالهما به عن مصلحة السيد دون الرهن وقيد كلامه بما إذا أصابا وجه الرهن لا إن رهنًا كثيرًا في قليل لأن فيه حبس بعض ما لهما عن الانتفاع به ولئلا يدعى عليهما المرتهن بقدر بقيمة الرهن فيكون كالشاهد له ومثل ذلك إذ ارتهنا قليلًا في كثير (و) رهن (آبق) والمصدر المقدر مضاف هنا للمفعول بخلاف الثلاثة قبله فللفاعل فالمعنى في هذا أنه يصح لسيد آبق أن يرهنه في دين يأخذه من شخص لصحة رهن الغرر فهو راجع لقوله أو غررًا أو كبعير شارد ليسارة الغرر في ذلك ولهذا لا يصح رهن الجنين كما سيذكره لقوّة الغرر فيه فالتنوين في غررًا للنوعية ثم إن المرتهن يختص بالآبق أو البعير الشاردان حصله وقبضه قبل حصول المانع للراهن وإلا فأسوة الغرماء كما إذا قبضه قبل المانع ثم أبق ثانيًا فحصل المانع وأما إن رهنه عبدًا حاضرًا عنده وقبضه المرتهن ثم أبق منه فحصل المانع ثم عاد فيختص به ولا يكون أسوة الغرماء فيما يظهر ومثل الآبق الغائب فيصح رهنه ويختص به أيضًا أن قبضه هو أو وكيله قبل المانع كما في هبته قال

ــ

(ولو اشرط في العقد) ابن رشد المشهور جواز رهن الغرر في عقد البيع وهو ظاهر قول ابن القاسم في إطلاقه في المدونة إجازة رهن الثمرة والزرع قبل بدو صلاحهما نقله ابن عرفة اهـ.

(ومكاتب ومأذون) قول ز لحصول اشتغالهما به الخ الصواب في الفرق بين الرهن والضمان أن الرهن معاوضة والضمان تبرع وهما مأذون لهما في المعاملات دون التبرعات (وآبق) قول ز كما إذا قبضه قبل المانع ثم أبق ثانيًا فحصل المانع الخ أي فيكون فيه أسوة الغرماء وهذا فيه نظر إذ لا وجه لتفريقه عما بعده وهو قوله: وأما إن رهن الخ ولأن ما ذكره

ص: 419

ح والظاهر أن الإشهاد في رهن الغائب كاف في قبضته كما في رهن الدين اهـ.

ومثله الآبق ولفظ الغائب يشمله قاله عج ومعناه الكفاية في صحة رهن الآبق وأما الاختصاص به فلا بد من قبضه بالفعل كما مر وأما الغائب فبحث ح فيه مسلم وعطف على ولي قوله: (و) رهن (كتابة) ومكاتب (واستوفى منها) في القسمير (أو) من ثمن (رقبته إن عجز) فإن فلس السيد أو مات قبل الاستيفاء لم يلزم المرتهن الصبر لقبض النجوم شيئًا فشيئًا بل تباع الكتابة ويأخذ ثمنها ناجزًا فقوله أو رقبته عطف على ضمير الجر من غير إعادة الجار كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1] على قراءة الجر وقد علمت أن مثل الكتابة رهن المكاتب وعدل عن قول ابن الحاجب ويجوز رهن المكاتب لأن المكاتب لا يباع والكتابة تباع ولئلا يتوهم عند عدم التأمل أنه تكرار مع قوله ومكاتب وإن كان الأول راهنًا وهذا مرهون (وخدمة مدبر) ومعتق لأجل وولد أم ولد (وإن رق جزء فمنه لا) رهن (رقبته) أي المدبر فلا يصح لتباع الآن أي قبل موت السيد في دين متأخر عن التدبير لا في متقدم عنه ولا على أن تباع بعد موت السيد مطلقًا فيصح رهنها في هذه الأقسام الثلاثة لبطلان التدبير فيها كما قال عج:

ويبطل التدبير دين سبقا

إن سيد حيا وإلا مطلقا

وانظر إذا رهنه وأطلق والظاهر صحته وحمله على الثاني فإن رهنه على أن تباع رقبته متى وجب الحق فالظاهر المنع كالأول وعلم مما قررنا إنه لا مفهوم لقوله: خدمة مدبر وإنما خصه لأجل ما بعده من التفصيل والخلاف الذى أشار له بقوله: (و) أن رهن مدبرًا على إنه فن فثبت إنه مدبر (هل ينتقل) الرهن (لخدمته) فتباع له وقتًا بعد وقت أو يبطل الرهن ويصير الدين بلا رهن (قولان) وأما لو رهن رقبته على إنه مدبر فيبطل الرهن ولا ينتقل للخدمة قطعًا ولا يشمل كلامه هذه كذا يفيده نقل ق قائلًا فلو قال خليل: فلو رهنه عبدًا فظهر إنه مدبر فهل ينتقل الخ لتنزل على ما ذكرنا اهـ.

ــ

في هذا من إنه أسوة الغرماء لا يصح إلا في صورة خاصة وهي ما إذا أبق منه ورجع إلى سيده الراهن وعلم المرتهن بذلك وسكت لتفريطه كما يفيده ابن عرفة وهذا في كلتا الصورتين وهما عقده عليه آبقا أو حاضرًا فهرب منه بعد تحصيله في الأولى وأما إذا لم يرجع إلى سيده الراهن بل أبق ولم يرجع إليه أو رجع إليه ولم يعلم بذلك المرتهن فإنه يختص به فيهما وإنما يكون أسوة الغرماء إذا علم به ورجع إليه في كلتيهما والله أعلم انظر ق عند قوله الآتي وغصبًا فله أخذه مطلقًا (لا رقبته) قول ز ولا على أن تباع بعد موت السيد مطلقًا فيصح رهنها الخ هذا ظاهر إذا رهنها بعد العقد وأما إذا كان في صلب العقد فيجري على الخلاف في رهن الغرر إذ لا يدري متى يموت السيد والله أعلم وقول ز وانظر إذا رهنه وأطلق الخ هذه والتي بعدها هما عين الصورة الآتية عن اللخمي في محل القولين فلا وجه للتنظير فيهما (وهل ينتقل لخدمته) قول ز كذا يفيده نقل ق الخ لم يقتصر ق على هذا البحث بل قال في

ص: 420

قال الشيخ سالم عقب ذكره كلامه لكن في القولة الآتية لا عبرة به لأن المصنف ثقة أمين على العلم اهـ.

واعترضه عج بعدم صحة بنائه على المسألة الآتية لتغاير الموضوع وبأنه على فرض صحته يكون دليلًا لق وحمله تت كالشارح على ظاهره فهي من تتمة قوله: لا رقبته وفي ح عن اللخمي ما يفيده ويكفي هذا شاهدًا للمصنف وينبغي جري القولين في المعتق لأجل وفي ولد أم الولد الحادث بعد الإيلاد وفي المكاتب على القول بأنه لا يصح رهنه وشبه في القولين قوله: (كظهور حبس دار) على من رهنها على إنها ملكه فثبتت وقفيتها عليه فهل ينتقل الرهن لمنفعتها وكرائها لأن المنفعة كجزء منها يجوز رهنه ولا يبطل هذا الجزء ببطلان ما أخذ منه أو يبطل الرهن ولا يعود لمنفعتها لأنه إنما رهنه الرقبة قولان فإن ظهرت حبسًا على غير راهنها أو انتقل الحق لغيره بموته أو بانقضاء مدة معينة شرطها الواقف له فلا ينتقل الرهن لمنافعها قطعًا وعطف على آبق قوله: (و) صح رهن (ما) أي ثمر وزرع تخلق و (لم يبد صلاحه) لما علمت من جواز الغرر في الرهن وأما إن لم يتخلق فلا يصح رهنه كرهن الجنين هذا هو ظاهر قوله: لم يبد صلاحه كظاهر المدونة وقال ابن عرفة ظاهر الروايات جواز رهن ما لم يخلق (وانتظر) ما لم يبد صلاحه إلى بدوّ صلاحه (ليباع) أي لوقت جواز بيعه (وحاص مرتهنه) أي مرتهن ما لم يبد صلاحه (في الموت والفلس) قبل بدو الصلاح في ماله غير الثمرة غرماء المفلس بجميع دينه لتعلقه بذمة المدين لا بعين الرهن (فإذا صلحت) بعد محاصته لهم بجميع دينه (بيعت) واختص بها

ــ

آخر كلامه ثم بعد حين اطلعت على كلام اللخمي ولا شك إنه هو الذي اختصره خليل اهـ.

وللخمي مع المازري نسب المسألة في ضيح فانظره والعجب من عج وس حيث لم يتنبها لذلك وقول ز وفي المكاتب على القول بأنه لا يصح رهنه الخ يعني هل ينتقل الرهن لكاتبه أم لا وليس المراد إنه ينتقل لخدمته لأن سيده لا يملك خدمته وكلامه يقتضي وجود الخلاف في رهن المكاتب نصًّا والذي لابن عرفة ما نصه لا أعرف في رهن المكاتب نصًّا ومقتضى اتفاق المذهب على صحة بيع كتابته ومنع بيع رقبته صحة رهنه مصروفًا تعلق رهنه بكتابته ورقبته أن عجز وفساده أن تعلق بيع رقبته دون عجزه وعلى الأول قال ابن الحاجب يجوز رهن المكاتب ويستوفي من كتابته أو ثمنه أن عجز اهـ.

(وما لم يبد صلاحه) ابن عرفة في كتاب الصلح منها وقد جوز أهل العلم ارتهان غلة الدار والغلام وثمرة النخل التي لم يبد صلاحها أو لم يجيزوا ارتهان الأجنة اهـ.

قال المازري ورهن ثمرة لم تخلق كالجنين ابن عرفة ظاهر الروايات خلاف ذلك وقال ابن حارث اتفق أبي القاسم وابن الماجشون على ارتهان الثمرة التي لم تظهر واختلفا في ارتهان ما في البطن فأجازه ابن الماجشون كالثمرة ومنعه ابن القاسم وقال المازري في موضع آخر يجوز أفراد ثمر النخيل بالرهن وإن لم يظهر وقد أجازوا ارتهانه سنين وهو لم يظهر في الثانية اهـ.

ص: 421

(فإن وفى) ثمنها جميع دينه (رد) على الغرماء (ما أخذ) معهم بالمحاصة (وإلا) يوف ثمنها بجميع دينه بل ببعضه (قدر) أولًا (محاصًا بما بقي) من دينه بعد اختصاصه بثمن ثمرتها مثاله لو فلس وعليه لشخص مائة ولآخر مثلها ولمرتهن ما لم يبد صلاحه كذلك وماله مائة وخمسون فأخذ كل واحد خمسين ثم بدا صلاح الثمرة فإن بيعت قدر دينه رد ما أخذ وهو الخمسون يقتسمها غيره وأن بيعت بخمسين قدر محاصًا بالخمسين الباقية لا بمائة فليس له إلا ثلاثون إذ هي ثلاثة أخماس ماله بنسبة التركة وهي مائة وخمسون للدين وهو مائتان وخمسون ثلاثة أخماس ويرد على صاحبيه عشرين بقية الخمسين لكل منهما عشرة فيصير بيد كل منهما ستون وبيده ثلاثون غير ثمن الثمرة وأخرج من أمثلة من يرهن بفتح أوله ومن يرهن بضم أوله فأشار للأول وهو محترز قوله من له البيع بقوله: (لا) يرهن للموصى عليه شيئًا من ماله (كأحد الوصيين) بغير معرفة الوصي الآخر وإذنه لأن له نصف النيابة وإذا اختلفا نظر الحاكم في ذلك وكذلك في البيع والنكاح ومحل المنع في كلامه إن لم يكن كل منهما مطلق التصرف فإن نص الموصي على استقلال كل بالرهن فله ذلك بغير إذن الآخر والظاهر أن أيصاءهما مترتبين كشرط استقلال كل قياسًا على ما أتى في ترتيب الوكيلين في التوكل ودخل بالكاف الداخلة في الحقيقة على الوصيين كل من توقف تصرفه على تصرف غيره وإمضائه كأحد الناظرين والمقدمين وأشار للثاني وهو محترز ما يباع بقوله: (وجلد ميتة) ولو دبغ وجلد أضحية لأنهما مما لا يباع لنجاسة ذاتها ويجري في رهن الكلاب ما في بيعها من أن المشهور المنع بخلاف الآبق كما مر لإمكان زوال المانع من بيعه قبل حلول الدين (وكجنين) لا يصح رهنه لقوة الغرر فيه وكذا ما أشبهه كثمرة لم تخلق وزرع لم يظهر على وجه الأرض ومر عن ابن عرفة خلافه ومحل المنع في كلام المصنف إن كان رهن ما ذكر في صلب عقد وقع في عقد بيع لا بعده ولا في قرص فيجوز قاله اللخمي ودخل سمك في ماء وطير في هواء ولؤلؤ لم يوصف إذا لم

ــ

(كأحد الوصيين) قول ز فإن نص الموصي الخ ابن عاشر هذا النوع من الإيصاء لا أعرفه ولعل المراد إن كل واحد من الوصيين مطلق التصرف من قبل الآخر اهـ.

(وجلد ميتة) قول ز لنجاسة ذاتها الخ هذه علة جلد الميتة وحذف علة المنع في جلد الأضحية وهي شرفها (وكجنين) قول ز لا بعده ولا في قرض فيجوز الخ قال ابن رشد في رسم البيع والصرف من سماع أصبغ وأما ارتهان ما في بطون الإناث فلا يجوز على ما في كتاب الصلح من المدونة وأجاز ذلك د ابن ميسر وهذا الاختلاف وجعل إنما هو إذا كان لا ارتهان في أصل البيع وأما ارتهان ذلك بعد عقد البيع فلا اختلاف في جوازه اهـ.

ونحوه نقل ابن عرفة عن اللخمي أن الجنين يجوز رهنه في عقد لقرض وبعد عقد البيع واختلف في جوازه فيه اهـ.

ص: 422

يقع الرهن على عينه (و) لا يصح رهن (خمر) لمسلم عند مسلم أو ذمي بل (وإن) كانت ملكًا (لذمي) رهنها عند مسلم وبما قررنا علم أن اللام في لذمي للملك وكذا في لمسلم الذي قدرتها فاشتمل كلامه حينئذ على ثلاث صور إذ ما قبل المبالغة وهو رهن المسلم لها صادق بصورتين رهنها عند مسلم أو ذمي وما بعد المبالغة واحدة وهو رهنها من ذمي عند مسلم وجعل اللام المنطوق بها في المصنف والمقدرة بمعنى عند إنما يصدق بالصورتين الأوليين فقط وعلم أنه لا يعرض للذميين المتراهنين حمرًا إلا أن ترافعا إلينا كما يأتي للمصنف واستثنى من مقدر وهو ولا يكون المرتهن أحق بها بل أسوة الغرماء في ثمنها قوله: (إلا أن تتخلل) بمثناتين فوقيتين فيكون أحق بها (وإن تخمر) العصير المرهون لمسلم عند مسلم أو ذمي (أهراقه) المرتهن (بحاكم) مالكي إن وجد عندهم من يحكم بعدم إراقتها وبتخليلها قياسًا على قوله: في الوصية ورفع لحاكم أي مالكي إن كان حنفي وظاهر المصنف وجواب الرفع والإراقة وإنه ليس له الرفع لمن لا يريقها وتكسر الآنية الفخار أيضًا فإن لم يكن حاكم يرى الإبقاء أراق من غير رفع للأمن من التعقب ونبه بقوله: تخمر على إراقة خمر المسلم المرهون ابتداء بالأولى لكن يحاكم أيضًا وكان القياس بغير حاكم وقولي المرهون لمسلم لإخراج المرهون لذمي عند مسلم فلا تراق ويردها له ويبقى دينه بلا رهن فإن أسلم أريقت وهل بحاكم ويبقى دينه بلا رهن أيضًا أم لا واكتفى المصنف بذكر التخمر عن التصريح بفاعله وهو العصير لأنه لا يتخمر غيره إذ الخمر لا يتخمر وقوله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] أي ما يؤول إلى خمر لا أن الخمر يعصر (وصح مشاع) أي رهن جزئه من ربع وعقار وعرض وحيوان كما يصح بيعه وهبته وسواء كان الباقي للراهن أو لغيره وأشار إلى تفصيل ذلك بقوله: (وحيز) الجزء المشاع (بجميعه) أي مع حوز أو بسبب حوز جميع المرهون منه الجزء (إن بقي فيه للراهن) بقية لئلا تجول يد الراهن في الرهن فيبطل فإن كانت لغير الراهن اكتفى بحوز الجزء وينزل المرتهن منزلة الراهن والشرط في المصنف يقتضي إنه إذا كان للراهن

ــ

(وخمر وإن لذمي) قول ز وجعل اللام بمعنى عند إنما يصدق بالصورتين الأوليين فقط الخ فيه نظر بل يصدق بالصور الثلاث أيضًا كالاحتمال الأول ومعناه ولا يصح رهن خمر عند مسلم من مسلم أو ذمي بل وإن عند ذمي أي من مسلم فأفهمه وقول ز واستثنى من مقدر الخ المقدر هنا حكمان حكم خمر المسلم إنها تراق وحكم خمر الذمي أن ترد له والمرتهن أسوة الغرماء في ثمنها واستثنى من الحكمين معًا قوله إلا أن تتخلل (وحيز بجميعه إن بقي فيه للراهن) قول ز ولا يجوز لأحد شريكي دابة إلى قوله كما قال ابن عرفة الخ ما عزاه لابن عرفة لم أجده فيه بعد البحث عنه إلا عن أشهب ومذهب ابن القاسم خلافه ونص ابن عرفة ورهن المشاع فيما باقيه لغير الراهن ربعًا أو منقسمًا لا يفتقر لإذن شريكه وإن كان غيره ففي كونه كذلك ووقفه عليه قولًا ابن القاسم وأشهب قائلًا لأن رهنه يمنعه من بيعه ناجزًا اهـ.

ص: 423

النصف ورهن الربع إنه لا بد من حوز الجميع إذ بقي فيه للراهن بقية وليس كذلك فلا بدّ من تقييد كلامه قاله د أي بما بقي في ملك الراهن لا ملكه وملك شريكه أيضًا فلو قال وحيز ملكه به لسلم من الإيهام المذكور وأخذ من الخلاف في هذه المسألة الخلاف في غاصب حصة أحد شريكين في عبد أو دابة والصحيح أن ما غصب عليهما لا على من قصد بالغصب فقط قاله ابن ناجي ولا يجوز لأحد شريكي دابة بيع حصته منها وتسليمها بغير إذن شريكه الحاضر أو اطلاع الحاكم إن غاب كما في المدونة وغيرها كما قال ابن عرفة ومعناه كما فهمه عج لا يتصرف في حصة شريكه فإن خالف وفعل وتلفت فقال في الذخيرة كما في تت لا أعرف فيها نصًّا ومقتضى القواعد ضمان حصة الشريك ومن له جزء مشاع في عرض أو حيوان مما لا ينقسم أو ينقسم فله رهن حصته أو بعضها (ولا يستأذن شريكه) في رهن لتصرفه مع المرتهن إذ لم يتعلق الرهن بحصته هذا هو المشهور ولا يعارض ما مر قريبًا من منع أحد شريكي ما لا ينقسم من التصرف بغير إذن شريكه لأنه في البيع كما هو ظاهره وقوله: ولا يستأذن شريكه أي لا يجب على الشريك عند رهن حصته أن يستأذن شريكه فلا ينافي الاستحباب ولا يحتاج لما في غ (وله) أي للشريك الذي لم يرهن (أن يقسم) بغير إذن الراهن لسقوط تصرفه بتعلق حق المرتهن بحصته وبغير إذن المرتهن أيضًا لأن حقه إنما تعلق بالحصة المرتهنة (ويبيع) منابه من غير إذن شريكه الراهن للتعليل المذكور ولأن في تأخير بيعه ضررًا لأن الغالب أن الدين الذي فيه الرهن مؤجل والدليل على أن ضمير له للشريك غير الرهن كما قررنا قوله: هنا ويبيع

ــ

وبه تعلم أن قول ز لكن فرض في حيوان لخ غير صحيح لأن إقباضه لا يتوقف على تمييز لحصة كما توهمه ثم قال ابن عرفة وصوب الباجي قول ابن القاسم لا يفتقر لإذن الشريك لأن ذلك لا يمنعه من بيع حظه أو دعائه لبيع جميعه فإن باعه بغير جنس الدين كان الثمن رهنًا وإن كان بجنسه قضى به الدين إن لم يأت برهن مثله اهـ.

(ولا يستأذن شريكه)(1) قول ز وكان الرهن في هذا وما بعده مستثنى الخ الصواب إسقاط هذا الكلام لأن ما نقله قبل عن ابن عرفة تقدم ما فيه وقول ز فلا ينافي الاستحباب الخ يعني أن المصنف قال في ضيح ينبغي أن يستأذنه أيضًا على قول ابن القاسم اهـ.

فاقتضى كلام غ أن ذلك مناف لما تقدم عن ابن عرفة مع إنه لا منافاة بين استحباب الإذن وعدم وجوبه (وله أن يقسم) قول ز بغير إذن الراهن الخ غير صحيح بل إنما يقسم مع الراهن لقول المدونة إن كان الرهن مما ينقسم من طعام ونحوه فرهن حصته منه جاز ذلك إذا حازه المرتهن فإن شاء الشريك لبيع قاسمه فيه الراهن والرهن عما هو بيد المرتهن لا يحرجه من يده فإن غاب الراهن أقام الإِمام من يقسم له ثم تبقى حصة الراهن في الوجهين رهنًا ويطبع على كل ما لا يعرف بعينه اهـ.

(1) قول المحشي وكان الرهن في هذا الخ لم يوجد بنسخة الشارح هنا وكذا قوله بعد للشريك الذي لم يرهن.

ص: 424

إذ الراهن لا يجوز له البيع (ويسلم) للمشتري ما باعه له بغير إذن شريكه فإن نقصت حصته يبيعها مفردة جبر الراهن على البيع معه وكان ثمن حصته رهنًا أن يبيع بغير جنس الدين وإلا قضى الدين منه إن لم يأت الراهن برهن كالأول (وله) أي للراهن (استئجار جزء غيره) وهو الشريك الذي لم يرهن ولا يمنعه من ذلك رهن جزئه لكن لا يتولاه كما أشار له بقوله: (ويقبضه) أي أجرة الجزء المؤجر (المرتهن له) أي للشريك الراهن المستأجر لا هو لئلا تجول يده فيبطل حوز المرتهن وكذا يؤجره له المرتهن لا هو لأنه في حكم الجولان قال د ولا يجوز للراهن أن يتولى ذلك إلا إذا قسمت الذات إذا كان يمكن قسمها بأن اتفق مع شريكه على أخذ كل حصة أو قسمت المنفعة حيث أمكن أيضًا كما إذا كان بين رجلين داران على الشياع رهن أحد الشريكين دارًا ثم استأجر حصة شريكه واقتسم الراهن والمرتهن الغلة بأن جعل له غلة دار وجعل لنفسه غلة أخرى فإنه حينئذ يتولى العقد وقبض الأجرة وهذا معنى قول اللخمي لا فرق بين قسم الرقاب والمنافع في تصحيح الرهن والحاصل أن الراهن إذا استأجر جزءًا من غيره فلا بد من أحد أمور ثلاثة إما تولي الراهن العقد والقبض وإما قسم الذات وإما قسم المنافع اهـ.

من د وقوله: تولي الراهن صوابه المرتهن وقسم الذات لا بد فيه من إذن الشريك وقسم المنافع محمول على ما إذا كان المرتهن اشترط منفعة الحصة المرتهنة وإلا فالمنافع كلها للراهن (ولو) رهن أحد الشريكين حصته من أجنبي واتفق الراهن مع المرتهن و (أمنًا شريكًا) أي جعلا الشريك الذي لم يرهن أمنًا لهما ووضعًا الحصة تحت يده (فرهن) الشريك الأمين (حصته للمرتهن) أو لغيره (وأمنًا) أي الأمين والمرتهن (الراهن الأول) أي جعلاه أمينًا لهما على هذه الحصة الثانية وهي شائعة (بطل حوزهما) للحصتين معًا وفسدت العقدة من أصلها لجولان يد الراهن الأول على ما رهنه بسبب إنه أمين على حصة شريكة الراهن الثاني وهي شائعة فيلزم منه أن حصته تحت يده والثاني يده جائلة أولًا على حصة شريكه بالاستئمان الأول ولو جعلا حصة الثاني تحت يد أجنبي بطل رهن الثاني فقط لحوزه لحصة الأول (و) صح رهن الشيء أو الشخص (المستأجر) بفتح الجيم على الأول وكسرها على الثاني والمراد على الأول رهنه للمستأجر بالكسر قبل انقضاء مدة الإجارة (و) رهن الحائط (المساقي) عند عامله بدليل قوله: (وحوزهما الأول)

ــ

وقول ز إن ضمير له للشريك الذي لم يرهن الخ صحيح وبه قرر في ضيح ونصه وله أي للشريك الذي لم يرهن أن يقسم المشترك إن كان مما يقبل القسمة وله بيع منابه ويسلمه للمشتري ولا يمنعه رهن الشريك من ذلك لأن الرهن لم يتعلق بحصنة اهـ.

(وله استئجار جزء غيره) قول ز رهن أحد الشريكين دار الخ صوابه رهن أحد الشريكين حصته من الدارين معًا (بطل حوزهما) قول ز وفسدت العقدة الخ غير صحيح بل الذي بطل هو الحوز فقط لجولان بد الراهنين فإذا قام كل من المرتهنين يطلب حوز الرهن قبل المانع قضى له بذلك هذا الذي يفيده ضيح وغيره (والمستأجر والمساقي) قول ز في قول تت كلامه

ص: 425

بالإجارة والمساقاة (كاف) عن حوز ثانٍ للرهن وأشعر قوله: الأول بإنه رهنه عندهما فإن رهنه عند غيرهما جعل معهما رجل أو يجعلانه عند رجل يرضيانه ولا يكتفي بأمانتهما لأنها لأنفسهما وقول تت كلامه يشمل الصورتين فيه شيء مع قول المصنف الأول فإنه مشعر بما قررناه ومن رهن بعيرًا مكتري لغير المكتري فحوزه علفه والقيام به وهو عند المكتري وإن ارتهن للمكتري فكذلك ولا يضر وجود المكري معه كما يقع في الحج وعلفه عليه لكن إنما يتولاه المكتري لئلا تجول يد المكري الراهن لو علفه ومثل المستأجر والمساقي المودع والمعارفي أن حوزهما الأول كاف عن حوز ثاني حال الرهن عندهما (و) صح رهن (المثلى) وليس منه هنا الحلى لعدم احتياجه لطبع عليه كما قال ح (ولو عينا) حالة كونه أي المثلى (بيده) أي المرتهن ويجوز (أن طبع عليه) طبعًا لا يقدر على فكه غالبًا أو إذا زال علم زواله حماية للذرائع لاحتمال أن يكونا قصدا قبضه على وجه السلف وسمياه رهنًا واشتراط السلف في المداينة ممنوع والتطوع به هدية مديان وأما الطبع الذي لا يقدر على فكه أصلًا فغيره مطلوب والذي يقدر عليه كل أحد ولا يعلم زواله كلا طبع وما قررناه من أن الطبع شرط لجواز رهنه بجعله شرطًا ليجوز مقدرًا هو المعتمد كما لأبي الحسن ويفيده كلام جمع خلافًا لمن جعله شرطًا لصحته ولمن جعله شرطًا لاختصاص المرتهن به فعلى ما قلنا إذا حصل مانع قبل الطبع اختص المرتهن به

ــ

يشمل الصورتين فيه شيء الخ فيه نظر بل كلام تت ممكن في كلام المصنف لوجود الخلاف في الصورة الثانية مع قبول كلام المصنف لما قاله قال ابن عرفة وفي الجلاب ومن ساقي حائطه من رجل ثم رهنه من غيره فلا بأس وينبغي للمرتهن أن يستخلف مع العامل في الحائط غيره الصقلي عن الموازية من ساقي حائطه ثم رهنه فليجعل المرتهن مع المساقي رجلًا أو يجعلانه على يدي عدل قال مالك جعله بيد المساقي أو أجير له يبطل رهنه اهـ.

ثم قال ورهن ما هو مؤجر في تقرر حوزه لمرتهنه بكونه بيد من استأجره ولغوه ثالثها هذا إن لم يرض المستأجر بحوزه لمرتهنه إلا أن يجعل المرتهن يده مع المستأجر الأول للخمي عن ابن نافع والثاني لرواية محمَّد والثالث لاختياره اهـ.

فتقرير تت مبني على قول ابن الحاجب في المساقي وقول اللخمي عن ابن نافع في المستأجر والله تعالى أعلم (والمثلى ولو عينًا بيده) صواب المصنف لو قال والمثلى أن طبع عليه ولو غير عير وتكون المبالغة على مفهوم الشرط لأن الخلاف إنما هو في غير العين إذا لم يطبع عليه فابن القاسم في المدونة يقول بعدم صحته خلافًا لأشهب واتفقا على أن العين لا يجوز رهنها بالطبع عليها هذه طريقة المازري وابن الحاجب وأما ابن يونس والباجي وابن شاس فلم يذكروا عن أشهب إلا أن طبع العين مستحب كما في ضيح فعلى هذا الطريق لا وجه للأغياء إذ لا فرق عنده بين العين وغيره في عدم اشتراط الطبع ومذهب المدونة وهو المشهور إن جميع المثليات لا ترهن إلا مطبوعًا عليها قاله ح والحاصل أن المثلى غير العين فيه خلاف بين ابن القاسم وأشهب قال ابن القاسم بوجوب الطبع وأشهب بعدم وجوبه فإن

ص: 426

على المعتمد واحترز بقوله: بيده عما لو كان بيد أمين فلا يشترط الطبع عليه (و) من رهن رهنًا يساوي مائة في خمسين فيصح له رهن (فضلته) باعتبار قيمته أي برهن قيمة باقية عند غير المرتهن الأول وليس معناه إنه رهن بعضه المنفصل كجزء من كتاب ذي أجزاء ثم رهن الباقي بعد ذلك لأن هذا لا يتوقف على قوله: (إن علم الأول ورضي) به ليصير حائزًا للمرتهن الثاني وهذا إذا كان الرهن بيده فإن كان بيد أمين اشترط علمه ورضاه (و) الفضلة التي رهنت عند أجنبي وهي بيد الأول ومما يناب عليها وتلفت ولم تقم بينة (لا يضمنها الأول) لأنه أمين فيما زاد على قدر دينه وإنما يضمن مبلغ دينه أن أحضر الثوب الرهن وقت ارتهان الثاني أو له بينة ببقائه حينئذٍ وإلا ضمن جميعه ومثل كلام المصنف إذا سلم الرهن للثاني فلا يضمن حصة الأول فإن رهنت الفضلة عند الأول أيضًا ضمن جميعه إذا تلف وإنما ترهن عنده إذا ساوى أجل الدين الثاني الأول لا إن زاد عنه أو نقص قاله ح ولعل وجه المنع فيما إذا كان أجل الثاني أقل إن فيه بيعًا وسلفًا وهو تعجيل دينه الأول قبل أجله وفي الأكثر يحتمل أن تكسد أسواقه فيؤدي ذلك إلى تأخير بيعه ففيه سلف وهو التأخير جر نفعًا وهو عدم الكساد لو بيع الآن وينبغي أن محل هذا حيث كان الرهن مما لا ينقسم بخلاف ما ينقسم فلا يتأتى فيه ذلك وشبه في عدم الضمان قوله: (كترك الحصة المستحقة) من رهن يغاب عليه أي تركها المستحق تحت يد المرتهن فتلفت فلا يضمنها لأنه باستحقاقها خرجت من الرهنية وصار المرتهن أمينًا فلا يضمن إلا ما بقي وظاهر إطلاقهم عدم تقييد ذلك بإحضار الرهن أو ثبوت بقائه عنده وقت الاستحقاق ووقع في نسخة غ بعد المستحقة ما نصه أو رهن نصفه وهو مجرور عطفًا على ترك أي إذا ارتهن نصف ثوب فقبض المرتهن جميعه فهلك عنده لم يضمن إلا نصف قيمته وهو في النصف الآخر مؤتمن (ومعطي) بالتنوين اسم مفعول (دينارًا) مفعوله الثاني والأول ضمير مستتر نائب الفاعل (ليستوفي نصفه) قرضًا أو قضاء (ويرد نصفه) فزعم تلفه كله قبل صرفه أو بعده فلا يضمنه كله بل نصفه أن أعطى ليكون له نصفه من حين الإعطاء كما يشعر به

ــ

كان عينًا وجب عند ابن القاسم وفي وجوبه أو ندبه عند أشهب طريقتان وقول ز اختص المرتهن به على المعتمد الخ يدل له ما في ح عن أبي الحسن ونصه الشيخ أبو الحسن انظر لو قامت الغرماء على الراهن قبل أن يطبع على الرهن ففي بعض الحواشي يكون المرتهن أسوة الغرماء الشيخ وليس هذا يبين لأن هذا رهن محوز فيكون المرتهن أولى به اهـ.

(وفضلته إن علم الأول) قول ز فإن كان بيد أمين اشترط علمه ورضاه الخ أي علم الأمين ورضاه ليصير جائزًا للثاني أيضًا دون المرتهن فلا تشترط حينئذٍ رضاه لأنه غير حائز ولا يقال لم لا يشترط رضاه ومن حقه أن يقول أنا لم أرض إلا برهنه كله في ديني لأنا نقول حيث كان الثاني لا يستحق منه في دينه شيئًا إلا بعد أن يستوفي الأول جميع دينه فإن فضل شيء كان للثاني وإلا فلا شيء له كما يأتي لم يكن له كلام لأن دينه مضمون فيه يأخذه كاملًا وإن تحولت الأسواق (ولا يضمنها الأول) قول ز وفي الأكثر يحتمل أن تكسد أسواقه الخ

ص: 427

قوله: ليستوفي ولا يمين عليه إلا أن اتهم كما في المدونة وأما إن قال أصرفه وخذ نصفه فضاع أو تلف قبل صرفه فضمانه من ربه لأنه وكيل عنه حتى يصرفه وعلى ربه قضاء حق المأمور حيث كان له عليه دين فإن ضاع بعد صرفه فمنهما كمسألة المصنف كما قال أبو الحسن فإن أعطاه له ليكون رهنًا عنده حتى يوفيه حقه منه أو من غيره ضمن جميعه ضمان الرهان ثم عاد لتتميم مسألة وفضلته بعد أن شبه بها شيئين فقال: (فإن حلّ أجل) الدين (الثاني أوّل) قبل أجل دين المرتهن الأوّل والمدين مليء غير مفلس (قسم) الرهن بينهما على قدر قيمة كل من الدينين (إن أمكن) قسمة وتعتبر قيمة الحال يوم حلوله والذي لم يحل يوم حلوله لا يوم حلول الثاني أول وهذا إذا كان فيه وفاء لهما ما هو أصل الموضوع أن له فضلة فإن لم يوف إلا بالأول لتغير سوقه لم يكن للثاني شيء فإن فضل عن الأول ما بقي ببعض دين الثاني قسم على قدر ذلك البعض (وإلا) يمكن قسمة أو أمكن بنقص (بيع) الرهن (وقضيا) أي الدينان من ثمنه لكن يقضي الدين الأول كله أوّلًا لتقدم الحق فيه ثم ما بقي للثاني وأشعر قوله: قضيا بأن فيه فضلًا عن الأول وهو كذلك فإن لم يكن فيه فضل لم يبع حتى يحل أجل الأول قاله ابن القاسم وظاهره ولو أتى للأول برهن كالأول وهو كذلك ومفهوم قوله أول أنه إذا حل أجل الأول أول فإنه أيضًا

ــ

مثله في خش وهو غير ظاهر بل علة المنع في الأكثر هي العلة التي ذكرها في الأقل وهي البيع والسلف بتعجيل الدين الثاني قبل أجله لبيع الرهن عند انقضاء أجل الدين الأول والله أعلم (قسم أن أمكن) مثله لابن الحاجب فقال ابن عرفة قلت قسمه أن انقسم لا أعرفه في هذه المسألة إلا في الجلاب مثل ما ذكره المؤلف يعني ابن الحاجب اهـ.

وفي القسم إشكال لأن قسم الأول قد يتغير سوقه فلا يفي بدينه مع إنه إنما دخل على رهن الجميع وجواب ابن عاشر بأن الفضلة رهنت بعلمه ورضاه يرد بأن الرهن إذا كان بيد أمين لا يشترط فيه رضا المرتهن كما تقدم وقول ز على قدر قيمة كل من الدينين الخ وكذا قوله وتعتبر قيمة الحال يوم حلوله الخ هذا كله فيه نظر ولا معنى لاعتبار القيمة هنا بل الظاهر أن يعتبر عدد الأول فيعطي من الرهن مقدار ما يوفيه وما فضل يكون في دين الثاني ومثله في ح عن ابن عبد السلام قال إلا أن يكون الباقي أكثر من الثاني فلا يدفع منه للثاني إلا مقداره وتكون بقية الرهن كلها للدين الأول اهـ.

تنبيه: قيد س القسم بما إذا لم ينقص وقال طفى إنه يؤخذ من سماع عيسى وأبي زيد التقييد بذلك كما في ابن عرفة اهـ.

قلت وفيه نظر لأنه إن كان مراده أن لا تنقص قيمة الرهن بعد قسمه فهذا لا يدل عليه ما في السماءين ونص ابن عرفة وفي سماع عيسى وأبي زيد عن ابن القاسم في رجلين لهما رهن بينهما قام أحدهما يبيعه وأخر صاحبه الغريم بحقه يقسم إن لم ينقص القسم حظ القائم فيباع له حظه لقضاء حقه ويوقف حظ من أخره الغريم وإن لم ينقسم كذلك بيع وعجل حق القائم وحق الآخر إن حلف ما أخره إلا لإعطاء رهن مثله اهـ.

ص: 428

يقسم إن أمكن وإلا بيع ويعجل للأول حقه وهل يعجل للثاني ما يزيد عن دين الأول وعليه اقتصر تت أو يطبع عليه ويبقى رهنًا حتى يحل أجله قولان في شرح الجلاب وإن حلا معًا بيع وأعطى للأول حقه وللثاني ما بقي ولا يقسم ولو أمكن قسمه خلافًا لتت إذ القسم ربما أدى إلى نقص في الثمن كما في د فإن قلت إذا حل أجل الثاني أول عجل للأول حقه وإذا حل أجل الأول ففي تعجيل حق الثاني قولان فما الفرق قلت الفرق أن الأول أقوى بدليل أن الثاني لا يأخذ إلا ما فضل عنه ولما شمل قوله: في حد الرهن ما يباع ما كان مملوكًا لراهنه وما ليس مملوكًا له كالمستعار بين الحكم فيه عاطفًا له على مشاع فقال: (والمستعار) أي صح رهن المستعار (له) أي للرهن فإن أدى الراهن ما عليه رجع لصاحبه وإن لم يؤد لعسره أو غيبته بيع في الدين (ورجع صاحبه) وهو المعير على المستعير (بقيمته) أي المستعار والفاضل عن وفاء الدين على هذا القول ملك للمستعير لأنه إنما أسلفه نفس السلعة وهي حينئذ إنما بيعت على ملك الراهن المستعير وتعتبر قيمته يوم الاستعارة كما في ابن عبد السلام وفي بعض الشراح يوم قبض العارية لكن الشارح لم يذكر ذلك إلا في فرع يتعلق بالتلف وفي الشارح وتبعه البساطي يوم الرهن ونوع الخلاف بقوله: (أو) رجع صاحبه (بما أدى) في دينه (من ثمنه) أي من ثمن الشيء المعار والفاضل على هذا لقول من ثمن الرهن عن وفاء الدين باقٍ على ملك ربه لأنه إنما أسلفه ما فيه وفاء دينه ولذا عبر بما أدى من ثمنه ولم يقل أو بثمنه انظر تت والدليل على أن أو لتنويع الخلاف لا للشك قوله: (نقلت عليهما) واختصرت أيضًا عليهما وقوله: أدى بصيغة المفعول ونائب الفاعل من ثمنه سواء كان المؤدي البائع أو وكيله حاكم أو غيره ويحتمل بصيغة الفاعل وفاعله المستعير أو المعير لأنه لما كان الأداء من ثمن ما أعاره فكأنه مؤد وإن لم يباشر الأداء وفي غ بالبناء للفاعل وهو غير

ــ

وإن أراد أن لا ينقص القسم حظ القائم كما في السماع فلا يتصور هنا لأن القائم هنا هو الثاني الذي حل دينه وقد علمت مما تقدم إنه ليس له من الرهن إلا ما فضل عن الأول سواء وفي بدينه أم لا تأمل وقول ز (1) وظاهره البيع ولا يوقف أي يباع ويعجل للأول دينه ولا يوقف ولو أتى للأول برهن كالأول الخ وهذا هو الذي استظهره ابن رشد في رسم الأقضية من سماع القرينين ونصه وقول مالك إنه يباع الرهن ويعطي الذي لم يحل حقه كله ولا يوضع له إلى أن يحل أجله معناه إذا لم يأت برهن بشبه الرهن الأول ثم قال ويشبه أن يقال في هذه المسألة إنه يعجل للمرتهن فيها حقه باتفاق ولا يكون للراهن أن يأتي برهن آخر لأنه أدخل على المرتهن بيع رهنه فأشبه ذلك إذا باع الرهن بغير إذن المرتهن وهو الأظهر اهـ.

منه (نقلت عليهما) قول ز ونائب الفاعل من ثمنه الخ بل نائب الفاعل ضمير ما

(1) قول المحشي وقول ز وظاهره البيع الخ لم يوجد بنسخة الشارح.

ص: 429

متعين (وضمن) المستعير الرهن المستعار لأجل الرهن (أن خالف) ما استعاره ليرهنه فيه كدراهم فرهنه في طعام أي تعلق به الضمان أي للمعير تضمينه قيمته ولو لم يتلف لتعديه وله أخذه من المرتهن وتبطل العارية بناء على أن القول قول المعير أنه إنما أعاره له ليرهنه في دراهم قاله ابن القاسم وقال أشهب يكون رهنًا في قدر الدراهم من قيمة الطعام واختلف هل القولان خلاف قال ابن عرفة وهو الصاب أو وفاق وإليه ذهب ابن يونس وأشار للخلاف بقوله: (وهل ضمانه) أي ضمان بدله لتعديه (مطلقًا) أي سواء كان يغاب عليه أم لا صدق المرتهن على التعدي أم لا حلف المعير أم لا وهو ظاهر قول ابن القاسم وأشار للوفاق بقوله: (أو) قول ابن القاسم بضمانه أي له تضمينه كما مرّ محمول على ما (إذا أقر المستعير لمعيره) بالتعدي أو وافقه المعير على ذلك (وخالف المرتهن) في التعدي بأن قال إنما أذنت للراهن أن يرهنه فيما رهنه فيه من طعام فلم يتعد (ولم يحلف المعير) على التعدي فإن المستعير يضمن حينئذ قيمة السلعة للمعير لتصديقه على التعدي والقول قول المرتهن وهذا تأويل ابن يونس وعليه فلو حلف المعير على ما ادعى أو أقر المرتهن بالتعدي فلا ضمان على المستعير وكانت السلعة رهنًا فيما أقر به المعير ولا يقبل دعوى المرتهن حينئذ كما قال أشهب (تأويلان) واعترض قوله: إذا أقر المستعير لمعيره بأنه لا دخل له في التوفيق إذ هو موضوع المسألة لاتفاقهما على عدم الضمان حيث خالف المستعير المعير فلو قال وله تضمين قيمته إن خالف أو وافق المعير وهل مطلقًا أو أن خالف المرتهن ونكل المعير تأويلان لكان حسنًا وانظر إذا ضمنه قيمة الرهن وتم الأجل فهل له رد القيمة وأخذ رهنه أم لا وهو الظاهر (وبطل) الرهن بمعنى الارتهان لا بمعنى الذات المرهونة إذ لا معنى لبطلان الذات والباء في (بشرط) للسببية أي بسبب اشتراط شرط (مناف) لمقتضى العقد أي مناف لحكمه (كان) يشترط راهنه أن (لا يقبض) أصلًا أو أن يقبض مدة ثم يرجع له ولا

ــ

(وضمن أن خالف) قول ز أي للمعير تضمينه قيمته ولو لم يتلف لتعديه وله أخذه من المرتهن وتبطل العارية الخ نحوه لابن عاشر والشيخ سالم وعج وأطال في ذلك وفيه نظر بل الصواب كما أفاده ح وق وخش وغيرهم إن المراد إن الضمان يتعلق به بحيث إذا هلك يضمنه كان مما يغاب عليه أم لا قامت على هلاكه بينة أم لا ولذا فرضه أبو محمَّد وغيره في العبد وهذا مثل ما يأتي في العصب من قوله وضمن بالاستيلاء أي تعلق به الضمان وعلى هذا يدل كلام ابن عبد السلام وابن عرفة وغيرهما (تأويلان) الأول لابن أبي زيد والثاني لابن يونس (وبطل بشرط مناف) قول ز وبطل الرهن بمعنى الارتهان الخ صوابه بمعنى العقد كما تقدم وقول ز ولعل فائدة ذلك احتمال حلول الدين الخ هذه الفائدة موجودة في الرهن أيضًا يقبض إلى مدة تمضي قبل أجل الدين فلا يظهر بينهما فرق وقول ز ولا يكون رهنًا في قيمة المبيع إن فات الخ صوابه ولا يكون رهنًا في الثمن لأن الفرض صحة عقد البيع وعقد السلف ونص كلام ابن يونس قال مالك ومن لك عليه دين من بيع إلى أجل أو قرض فرهنك به رهنًا على إنه إن

ص: 430

يكون رهنًا في المدة ولا بعدها أو أن لا يباع إذا احتيج لبيعه وأما شرط أن يقبض بعد مدة كسنة ثانية دون الأولى فيعمل به لأنه يبيعه عند حلول أجله وهو بيده بخلاف الأولى فليس بيده وإن فلس في السنة الأولى دخل معه الغرماء وفي السنة الثانية كان أحق به وليس مثل الرهن في المسألة الثانية الحمالة فإنها تصح في مدة تمضي قبل أجل الدين كما في المدونة وشرحها ولعل فائدة ذلك احتمال حلول الدين بموت أو فلس وظاهر المصنف البطلان ولو حذف الشرط والفرق بينه وبين البيع إن الشرط هنا مناف لحقيقة الرهن إذ قبضه توثقًا وبيعه في الدين كل منهما جزء من حقيقته بخلاف البيع فإن الشرط المنافي خارج عن حقيقته ودخل بالكاف أيضًا غلق الرهن بفتح الغين المعجمة واللام وماضيه بكسر اللام فعل لازم وهو أن يرهنه رهنًا في دين على إنه إن لم يأت بالدين في وقت حلوله فالرهن بذلك الدين فهو مشترط في العقد وتقع هذه بمصر فيفسد البيع والقرض ويصير القرض حالًا ويبقى الرهن بيد المرتهن حتى يأخذ سلفه ويرد البيع إلا لفوات بحوالة سوق فأعلى فيكون رهنًا في قيمة المبيع وأما إن وقع بعد عقد البيع أو السلف فيبطل الرهن دونهما ويبقى الدين بلا رهن ولا يكون رهنًا في قيمة المبيع إن فات ولا في السلف وليس له حبسه فيهما وليس من غلق الرهن اشتراط بيعه ووفاء الدين بثمنه لأنه من باب اشتراط ما يقتضيه العقد (وباشتراطه) أي الرهن وأولى وقوعه من غير شرط لأنه يتوهم في المشترط العمل بالشرط (في بيع فاسد) أو قرض فاسد

ــ

لم يفتكه منك إلى الأجل فالرهن لك بدينك لم يجز وينقض هذا الرهن ولا ينتظر به الأجل قال أبو محمَّد يريد ويصير السلف حالًا قال مالك ولك أن تحبس الرهن حتى تأخذ حقك وأنت أحق به من الغرماء ابن يونس وهذا إذا كان الرهن في أصل البيع والسلف وإذا كان الأمر كذلك فسد البيع والسلف لأنه لا يدري ما يصح له في ثمن سلعته هل الثمن أو الرهن وكذلك في السلف لا يدري هل يرجع إليه ما أسلف أو الرهن ثم قال ولو كان هذا الرهن بعد أن صح البيع أو السلف لم يفسخ إلا الرهن وحده ويأخذه ربه ويبقى البيع والسلف بلا رهن إلى أجله ولا يكون المرتهن أحق بهذا الرهن في فلس ولا موت ابن يونس وأما إن حل الأجل ولم يدفع إليه ثمنه أو سلفه فإنه يصير حينئذٍ كأنه باعه الرهن بيعًا فاسدًا فيفسخ ما لم يفت ويكون أحق به من الغرماء وتستوي هذه والتي وقع الرهن فيها في عقد البيع أي يكون الرهن إن لم يفت أو قيمته إن فات رهنًا في الدين الذي حل أجله ثمنًا أو سلفًا اهـ.

منه بلفظه ونقله ح مفرقًا (وباشتراطه في بيع فاسد) كلامه كابن شاس يفيد بطلان الرهن ولو فات المبيع وإنه لا يكون رهنًا في القيمة قال غ وهو نص ما وقفت عليه في وجيز الغزالي وما أراه إلا مخالفًا للمذهب ثم نقل ما يردده من كلام اللخمي وابن يونس فانظره وكلام ابن يونس المتقدم صريح في ذلك وإن غفل عنه غ والله تعالى أعلم قال ح لا يقال لا مخالفة بين كلام المؤلف وما ذكرتم من النقول لأنه لا يلزم من بطلان الرهن منع التوثق به حتى يتصل

ص: 431

(ظن) المشتري وكذا المقترض (فيه اللزوم) أي لزوم الوفاء بشرط الرهن فدفعه للبائع لا لزوم البيع وأولى إن لم يظنه فيرد لربه الراهن كمن ظن أن عليه دينًا فدفعه لصاحبه ثم تبين إنه لا دين عليه فإنه يسترده ممن أخذه ومفهوم قوله: ظن إنه لو علم إنه لا يلزمه وفات المبيع كان رهنًا في قيمته والفرق أنه معذور حالة الظن إذ هو مجوز لأن يكون رهنًا في القيمة بخلاف حالة العلم وظاهر المصنف كابن شاس بطلان الرهن ولو فات المبيع ولا يكون مع فواته رهنًا في عوضه من قيمة أو مثل ووجهه أن الرهن مبني على البيع الفاسد والمبني على الفاسد فاسد وهو مسلم عند قيام المبيع فيجب تقييد كلام المصنف به وأما عند فواته فإن المذهب كما في نقل ق أنه يكون رهنًا فيما لزم من ثمن في المختلف فيه وقيمة في المتفق على فساده وظاهر المذهب كان مشترطًا أم لا ظن فيه اللزوم أم لا وفي نقل غ أن المتطوع به لا يكون رهنًا مع الفوات واعلم أن المعاملة والرهن إما صحيحان وحكمهما ظاهر اشترط الرهن أو تطوع به أو فاسدان أو المعاملة صحيحة والرهن فاسد أو عكسه وفي كل من هذه الثلاثة اشترط الرهن أو تطوع به ففي الأولين من هذه الثلاثة لا يكون رهنًا في شيء منهما أن تطوع به فإن شرط كان رهنًا في الثمن والسلف حصل فوت أم لا في الثانية كالأولى إن حصل فوت فرهن فيما لزم من قيمة أو مثل فإن لم يحصل فوت رد المبيع وأما الثالثة فيكون رهنًا في عوض المبيع أو القرض مع الفوات كان مشترطًا أم لا (و) من جنى خطأ جناية تحملها العاقلة وظن أن الدية تلزمه بانفراده فأعطى بها رهنًا ثم تبين أن جميعها لا يلزمه (حلف المخطئ الرهن إنه ظن لزوم الدية ورجع) فيما زاد على ما يلزمه كواحد منها وقوله: ورجع راجع للمسألتين قبله أيضًا انظر تت أي ورجع جملة مع قيام المبيع في المسألة الأولى أو من جهة إلى جهة أخرى كأن يرجع في البيع الفاسد من الثمن إلى ما لزم مع الفوات على المذهب كما مر عن ق وفي المخطىء الراهن من حصة العاقلة إلى حصته ومفهوم قوله ظن فيه اللزوم إنه لو رهن في دية الخطأ مع علمه لزومها للعاقلة فإنه يصح إذ يجوز الرهن كالكفاله في دية الخطأ وعطف على في بيع قوله: (أو) رهن رهنًا (في قرض) جديد (مع دين قديم) به رهن أم لا كأن الذي به فيه وفاء أم لا لأنه قد يتغير السوق بطل في القديم لأنه سلف جر نفعًا وهو توثقه بالدين القديم (وصح) وصار كله (في الجديد)

ــ

بعين شيئه لأنا نقول لا معنى للرهن إلا ذلك ولا معنى لبطلانه إلا عدم ذلك وهذا ظاهر وإنما نبهنا عليه لأنه قد توهمه بعض الناس اهـ.

وقول ز وظاهر المذهب كان مشترطًا أم لا الخ غير صحيح وقد علمت من كلام ابن يونس المتقدم أن حكم المتطوع به بعد العقد مخالف لحكم المشترط فافهم وقول ز أو المعاملة صحيحة والرهن فاسد الخ هذا القسم إنما يتصور في التطوع لرهن وأما إن كان مشترطًا والرهن فاسد فإن المعاملة تصير فاسدة كما تقدم في كلام ابن يونس (وصح في الجديد) قول ز فمعنى قوله وصح

ص: 432

وفائدتها إنه إذا لم يطلع على ذلك حتى قام الغرماء على الراهن حينئذ أو عند موته كان المرتهن أحق به في الجديد فقط ويحاصص بالقديم كان من قرض أو بيع فمعنى قوله: وصح في الجديد إنه يختص به المرتهن إذا حصل للراهن مانع لا الصحة المقابلة للفساد لأنه فاسد ولذا يجب رده حيث كان قائمًا فقد تجوّز في إطلاقة الصحة على الاختصاص ثم محل بطلانه في القديم حيث كان المدين معسرًا به أو كان الدين القديم مؤجلًا حين الرهن للقرض الجديد فإن أيسر حينه وهو حال صح فيه الرهن أيضًا ومفهوم قوله في قرض إنه لو كان في بيع جديد لصح في البيع القديم والجديد وهو كذلك بل يجوز ابتداء لانتفاء علة المنع المتقدمة فيما إذا كان الدين الطارئ قرضًا وما تقدم من إنه عطف على في بيع أي وبطل باشتراطه في قرض يقتضي عدم البطلان مع انتفاء الشرط فيصح فيهما قاله د ابن ناجي قلت لشيخنا يقوم من هذه العلة أي السلف الذي جر نفعًا لو أقرضه قرضًا ولم يشهد ثم أقرضه قرضًا آخر على أن يكتب له وثيقة بهما أنه لا يجوز لاحتمال إنه لو لم يسلفه لجحده فلم يرتضه وذكر أن شيخه أفتى بالجواز حين وقعت بتونس وفتوى شيخه عندي ضعيفة اهـ.

وعلم منه أن الخلاف بينهما في الجواز وعدمه لا في البطلان وعدمه فالإشهاد صحيح في القديم والجديد على كليهما (و) بطل الرهن (بموت راهنه أو فلسه) ولو بالمعنى الأعم كما في ابن عرفة لا بإحاطة الدين فقط وكذا يبطل بمرضه أو جنونه المتصلين بالموت (قبل حوزه) أي قبضه ببينة على التحويز أو على الحوز على ما يأتي

ــ

في الجديد إنه يختص به الخ هذا هو الصواب وبه يندفع قول ح كلام المصنف نص في صحة الرهن ولم أقف على ذلك لغيره اهـ.

وقول ز حيث كان المدين معسرًا الخ نص ح قيد ابن المواز المسألة بما إذا كان الدين مؤجلًا قال وأما إن كان حالًا أو حل أجله لصح ذلك إذا كان الغريم مليئًا لأن رب الدين قد ملك أخذه فتأخيره كابتداء سلف قال ابن المواز وكذا عندي لو كان عديمًا وكان الرهن له ولم يكن عليه دين محيط لأنه حينئذٍ كالملئ اهـ.

وأكثرهم على أنه تقييد والله تعالى أعلم اهـ.

كلام ح وقول ز لو كان في بيع جديد لصح في البيع القديم والجديد الخ نحوه قول ح وانظر لو كان الثاني غير قرض بل من ثمن بيع وشرط أن الأول داخل في رهن الثاني والظاهر الجواز اهـ.

وهو قصور فقد صرح ابن القاسم بالحرمة كما في ق ونصه وانظر إن كان لك عليه ثمن شيء ثم طلب منك دنانير تسلمها له على شيء قال في الرواية هذا جائز إذا كان الدين الأول لم يحل قيل فإن أراد أن يرتهن مع ذلك رهنًا بالأول والآخر قال ذلك حرام انظر رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب السلم اهـ.

ص: 433

(ولوجد فيه) أي في حوزه فلا يفيده على المشهور بخلاف الهبة والصدقة فإن الجد في حوزهما بمنزلته والفرق إن الرهن لم يخرج عن ملك راهنه بخلاف الهبة والصدقة لكن يبطلهما الإحاطة قبل الجد بخلاف الرهن كما تقدم والفرق أنه في مقابلة دين بخلافهما (وبإذنه) أي المرتهن للراهن (في وطء) لأمة مرهونة ووطئه لمخلاة تذهب وتجيء في حوائج المرتهن بغير إذنه كوطئها بإذنه على المشهور واختار اللخمي إن وطأها كالغصب (أو) في (إسكان) لكدار مرهونة (أو إجارة) للعين المرهونة التي هي أعم من الدار والحيوان والعرض (ولو لم يسكن) قال د وينبغي أن يكون هنا حذف من الأول لدلالة الثاني ومن الثاني لدلالة الأول فقوله أو لسكان يريد أو سكنى وقوله ولو لم يسكن يريد أو يسكن غيره ويكون من اللف والنشر غير المرتب اهـ.

فيبطله إذنه بسكناه أو سكنى بعضه وكذا في الوطء ولو لم يطأ فلو قال ولو لم يفعل لكان أحسن وإذا بطل الرهن في ذلك كله صار دينه بلا رهن كذا يفيد التوضيح أنه الراجح ونحوه في المدوّنة في محل ولكن يفهم من أبي الحسن عليها أن المبالغة في محلها لأنه مما لا ينقل قال الشيخ سالم وعلى كلام المصنف أن مجرد الإذن كاف وعلى كلام غيره من أنه لا بد من انضمام شيء له فإنما ذلك كله إذا حصل مانع أي مفوت بكعتق أو حبس أو غيرهما كما يأتي في كلامه اهـ.

ــ

قلت قال ابن رشد على السماع المذكور وإنما شرط أن تكون المبايعة الثانية قبل أن تحل الأولى أو يقرب حلولها لئلا يقضيه الدنانير التي أسلمها في الطعام في ثمن الطعام الذي له عليه فيكون قد رجعت إليه دنانير وآل أمرهما إلى أن فسخ الثمن الذي كان له عليه في طعام إلى أجل وقد مضى هذا المعنى في آخر رسم من سماع أشهب وإنما لم يجز إذا هو أسلم إليه الدنانير في طعام قبل محل الأجل أن يرهن منه رهنا بالأول والآخر لأن ذلك غرر إذ لا منفعة له في الرهن فإن وقع ذلك فسخت معاملتهما ورد إليه دنانيره وكان جميع الرهن رهنًا بالأقل منها أو من الطعام الذي ارتهنه به ولم يكن شيء منه في الدين الأول على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة اهـ.

بلفظه وقد صرح أبو الحسن في كتاب الفلس أن دين البيع مثل دين القرض في الفساد والله أعلم (وبإذنه في وطء أو الإسكان أو إجارة) هذه الثلاثة لا تبطل الرهن من أصله كما هو ظاهره بل تبطل الحوز فقط وللمرتهن قبل الفوت رده للحوز بالقضاء على الراهن فلو أخر المصنف هذه الثلاثة بعد قوله وعلى الرد الخ لينسحب عليها قوله أخذه الخ لتحرر كلامه وطابق النقل كما في المدونة وغيرها قاله طفى قلت في عزوه ذلك للمدونة نظر أما مسألة الوطء فسيأتي ما فيها وأما الإذن في الإسكان والإجارة فعل أو لم يفعل فلم يذكره في المدونة إلا في كتاب حريم البئر وليس فيه إلا أن ذلك يخرج من الرهن ونصها فيه لو أذن المرتهن للراهن أن يسكن أو يكري فقد خرجت الدار من الرهن وإن لم يسكن أو لم يكر اهـ.

نعم وقع في ق عند قول المصنف أو إجارة ما نصه ومن المدونة قال ابن القاسم من

ص: 434

والظاهر أن إذنه في المقدمات غير مبطل وأن إذنه للراهن غير البالغ في وطئه مبطل وإن لم يعتبر وطؤه في غير هذا المحل لجولان يده في أمة الرهن إذ الوطء إنما يكون على هيئته خاصة (وتولاه) أي ما ذكر من الإسكان والإجارة مما يمكن فيه الاستنابة (المرتهن بإذنه) أي الراهن وهذا جواب عن سؤال مقدر وهو كيف يتوصل الراهن إلى استيفاء منافعه مع صحة الرهن فإن ترك إجارته ففي ضمانه ما فات وعدمه قولان (أو) أي بطل الرهن بإذن المرتهن للراهن (في بيع) للرهن (وسلم) الرهن له (وإلا) يسلمه أصلًا أو سلمه للمشتري (حلف) أنه إنما أذن في بيعه لإحيائه بثمنه أو ليأتى برهن ثقة بدله لا ليأخذ الراهن ثمنه ويبقى دينه بلا رهن (و) إذا حلف (بقي الثمن) رهنًا للأجل (إن لم) يرد الراهن أخذ الثمن و (يأت برهن كالأول) في قيمته يوم رهن لا يوم بيع لاحتمال حوالة سوق بزيادة أو نقص وقوله كالأول أي مماثل للأول في كونه يغاب عليه أو لا يغاب وظاهر المصنف كظاهر المدونة أنه لا بد من مماثلة الأول ولو كان الدين أقل وهو كذلك

ــ

ارتهن رهنًا فقبضه ثم آجره من الراصن فقد خرج من الرهن قال ابن القاسم وأشهب ثم إن قام المرتهن برده قضى له بذلك اهـ.

بخ فظاهره أن قوله قال ابن القاسم وأشهب الخ من كلام المدونة وليس كذلك وإنما نقله ابن يونس عن الموازية فقال بعد قوله فقد خرج من الرهن قال ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب الخ فاختصره ق على عادته ولعل ذلك هو الذي أوهم طفى حتى عزا ذلك للمدونة والله أعلم ثم قال طفى على أن مسألة الإذن في الوطء تبع فيها ابن الحاجب ولم يذكرها في المدونة إلا مع الحمل فظاهرها لغو الإذن في الوطء ففيها ومن رهن أمته ثم وطئها فأحبلها فإن وطئها بإذن المرتهن أو كانت مخلاة تذهب وتجيء في حوائج المرتهن فهي أم ولد الراهن ولا رهن للمرتهن فيها اهـ.

ومثل هذا البحث للشيخ أبى عليّ بن رحال في شرحه قائلًا إذا أحبلها بطل الرهن من أصله وأما إذا لم يحبلها فيبطل الحوز فقط وله أخذها منه أما إذا لم يكن إلا مجرد الإذن دون وطء فالرهن والحوز صحيحان معًا خلاف ما في ابن الحاجب وضيح وح إذ لا مستند لهم في ذلك اهـ.

بمعناه ومستندهم في ذلك هو القياس على ما في حريم البئر من المدونة في الإذن في الإسكان وقوله إذا لم يحبلها يبطل الحوز فقط خلاف ظاهر أبي الحسن إذ قال على قولها ثم وطئها فأحبلها يعني وكذلك إن لم يحبلها لأن تصرف الراهن في الرهن بإذن من المرتهن يبطل الرهن اهـ.

ومثله لابن ناجي في شرحها (أو في بيع وسلم) قول ز أي لم أره معتمد إلا بعد انعقاد البيع وأما قبله فقولان نقلهما الصقلي عن أشهب كما في تت عن ابن عرفة الخ تبع في تأويل كلام الشارح بهذا عج واعترضه طفى فقال في قول الشارح لم أره إلا بعد انعقاد البيع اعتراضه صحيح لأن المسألة كذلك في المدونة وقول س وتبعه عج ابن عرفة ذكر المسألتين فيه نظر إذ

ص: 435

قال الشارح وظاهر كلامه أن مجرد التسليم مع الإذن كاف في الإبطال وإن لم يحصل بيع وهو ظاهر ما تقدم إلا أني لم أر ذلك إلا بعد انعقاد البيع فانظره اهـ.

أي لم أرد معتمدًا إلا بعد انعقاد البيع وأما قبله فقولان نقلهما الصقلي عن أشهب كما في تت عن ابن عرفة وظاهره مساواتهما (كفوته) أي الرهن الحيوان مثلًا (بجناية) عليه من أجنبي عمدًا أو خطأ (وأخذت قيمته) في ذهابه كله بالجناية أو قيمة ما نقصته في ذهاب بعضه أو ما قدر فيه كالجراحات الأربع كما يأتي للمصنف في بابه فيكون المأخوذ رهنًا إن لم يأت برهن كالأول فالتشبيه تام مع قطع النظر عن الحلف لأن هذه المسألة ليس فيها إذن من المرتهن فلا يمين عليه والواو في قوله وأخذت للحال واحترز به عما إذا لم تؤخذ قيمته بأن عفي عنه فيبقى الدين بلا رهن كما في ابن عرفة قال د ومقتضاه أن للراهن العفو ولو كان معدمًا اهـ.

ويحتمل أن عفوه بعد الوقوع بمضي وقولي في الجناية من أجنبي تحرز عما إذا كانت الجناية من الراهن فينبغي أن يعجل الدين أو قيمته قياسًا على ما يأتي للمصنف فيما إذا وطئ غصبًا من إن ولده حر وعجل المليء أو قيمتها وسيذكر المصنف حكم ما لو كان الجاني هو العبد الرهن (و) بطل الرهن (بعارية) من المرتهن للراهن أو لأجنبي بإذن لراهن كما في طخ عن المازري وظاهره وإن لم يكن من ناحيته لأن إذنه كجولان يده فيه لأن العارية تدل على أنه أسقط حقه من الرهن وهذا كله حيث (أطلقت) أي لم يشترط فيها رد في الأجل حقيقة أو حكمًا ولم يكن العرف فيها كذلك والحكمي أن لا تقيد بزمن أو عمل ينقضي قبله (و) إن لم تطلق بأن أعاره نحو كتاب (على) شرط (الرد) أي ردها إليه بأن قيدت بزمن كجمعة أو عمل أو لم تقيد بذلك لكن قال له إذا فرغت من حاجتك فرده إلى فله أخذه من الراهن (أو) رجع الرهن لراهنه (اختيارًا) من المرتهن أي باختياره إما بوديعة أو بإجارة وانقضت مدتها قبل أجل الدين (له) أي للمرتهن (أخذه) أي الرهن

ــ

لم يتكلم إلا بعد وقوع البيع ولا دليل لهما في كلام ابن عرفة الذي نقلاه في المسألة اهـ.

قلت إذا تأملت كلام ابن عرفة وجدت فيه الدليل القوي لما ذكره عج وإن كلام طفى تحامل وقصور ونص ابن عرفة ولو أسلمه لراهنه فباعه بإذنه ففي بطلانه وقبول قوله إنه لا حيائه بثمنه قولها ونقل الصقلي عن بعض الفقهاء ولو أسلمه لراهنه ليبيعه ففي قبول قوله: إنما فعلته لتعجيل حقي وسقوطه لأن شرط تعجيله الثمن على الإذن في البيع سلف جر نفعًا نقل الصقلي قولي أشهب اهـ.

فهو صريح في المسألتين (كفوته بجناية وأخذت قيمته) قول ز أو ما قدر فيه كالجراحات الأربع الخ فيه نظر بل نص ابن رشد على أنه إن لم تنقص من قيمته بأن برئ على غير شين فما هو مقدر يأخذه الراهن ولا شيء للمرتهن فيها وإن نقصت من قيمته كان للمرتهن مما أخذه السيد قدر ما نقص من قيمته انظر ق (أو اختيارًا له أخذه) قول ز أو بإجارة

ص: 436

بعد حلفه أنه جهل إن ذلك نقض للرهن وأشبه ما قال ما لم يقم الغرماء قاله اللخمي فإن قلت قوله إن ذلك نقض للرهن لا يوافق ما مر من أن الإجارة لا تبطل الرهن فالجواب أن قوله هنا نقض أي باعتبار ما يطرأ عليه من قيام الغرماء مثلًا قبل انقضاء الأجل فإن قيل كيف تتصور الإجارة والغلات إنما هي للراهن فكيف يستأجر من نفسه قيل يحمل على ما إذا كان المرتهن اكتراه من الراهن ثم أكراه لراهنه أو على ماذا اشترط المرتهن منفعته حيث كان الرهن في بيع وحددت وعلم مما قررنا به وعلى الرد أنه ليس عطفًا على بعارية لاقتضائه البطلان وهو ينافي قوله له أخذه وإنما هو حال مقدمة على صاحبها وهو ضمير أخذه ولا يقال العامل في الحال هو العامل في صاحبها ومعمول المصدر لا يتقدم عليه لأنا نقول يتقدم عليه إذا كان ظرفًا أو مجرورًا كما للسعد عند قول التلخيص وأكثرها للأصول جمعًا أي اشترط فيها الرد قبل الأجل أو قيدت بزمن أو عمل ينقضي قبل الأجل أو كان العرف ذلك كما مر ومن الاختيار إيجاره له مشاهرة وكذا وجيبة كما هو ظاهر إطلاقهم لأنه يقول أخشى إن لم آخذه وأبقيته إلى تمام الإجارة قيام الغرماء على الراهن فيبطل رهني واستثنى مما له أخذه قوله: (إلا بفوته) أي إلا أن يفيته مالكه على المرتهن (بكعتق) أو كتابة أو إيلاد (أو حبس أو تدبير) أو بيع قاله تت (أو قيام الغرماء) على مالكه فليس له أخذه حينئذ ويعجل دينه في غير قيام الغرماء وأما في قيامهم فهو أسوة الغرماء وكذا في موت الراهن ونظر ابن عبد السلام في التفويت بالتدبير بأنه ليس مانعًا من ابتداء الرهن فكيف يمنع من استصحابه إلا أن يكون معنى كونه مانعًا منع المرتهن من بيعه الآن ويرد إليه ليحوزه حوز ارتهان المدبر اهـ.

وفي هذا الجواب تسليم أن التدبير هنا ليس بمانع وفيه نظر إذ التدبير هنا انضم إليه ما هو مبطل للرهن في الجملة وهو عوده للراهن اختيار فليس بمنزلة التدبير المجرد عن ذلك فتأمله (و) إن عاد لراهنه (غصبًا) من المرتهن (فله) أي للمرتهن (أخذه مطلقًا) أي لم يفت أو فات بكعتق ونحوه وانظر كيف يكون به أخذه بعد فوته بكعتق مع ما ذكره

ــ

وانفضت مدتها قبل أجل الدين الخ هذا يقتضي إنه لا يأخذه في الإجازة قبل انقضاء المدة وإن قوله بعد حلفه إنه جهل الخ محله في أخذه بعد انقضاء المدة وكلاهما غير صحيح ففي ضيح عن اللخمي وإنما يرجع في الإجارة أن انقضت مدتها فإن قام قبل ذلك وقال جهلت إن ذلك نقض لرهني وأشبه ما قال حلف ورده ما لم يقم الغرماء اهـ.

ونحوه لابن رشد في سماع عيسى فلا يمين عليه إلا في صورة واحدة وهي صورة الإجارة قبل انقضاء المدة وقول ز فإن قلت قوله إن ذلك نقض الخ مثله في خش وهو غير ظاهر والصواب لو قالا فإن قلت تقدم لنا إن الإجارة تبطل الرهن وهنا لا تبطله قلت ما تقدم محله إذا قام الغرماء على الراهن قبل أن يطلب المرتهن أخذه وما هنا محله إذا قام المرتهن على الراهن ليرد له الرهن قبل قيام الغرماء كما يدن عليه ما تقدم (وغصبًا فله أخذه) قول ز وقد يفرق بأنه يحمل في أخذه الخ فيه نظر والصواب ما أفاده ح من تقييد ما هنا بما يأتي

ص: 437

المصنف وغيره من أن الراهن الموسر إذا أعتق العبد المرهون أو كاتبه فإنه يمضي كما يأتي له من قوله ومضى عتق الموسر وكتابه قاله ح وقد يفرق بأنه يحمل في أخذه من المرتهن غصبًا على قصد إبطال الرهنية فيه فيعامل بتقبض قصده بخلاف المعتق للعبد المرهون وهو بيد مرتهنه فإنه لم يحصل منه ما يوجب الحمل على إبطال الرهنية حتى يعامل بنقيض قصده وقسيم قوله فله أخذه أن له عدم أخذه ويعجل الدين ومثل عوده له غصبًا إباق العبد من المرتهن ومجيئه عند مالكه كما نقله ابن يونس ويصدق المرتهن في إباقه ويكون أولى به الغرماء ثم إذا خلص الرهن من الرهنية في مسألة المصنف فإنه يلزم الراهن ما فعل فيه من عتق ونحوه لأن رد المرتهن في هذه الحالة من جملة رد الغريم ورده رد إيقاف لا إبطال هذا هو الظاهر ثم ذكره مفهوم قوله وبإذنه في وطء قال (وإن وطئ) السيد الراهن جاريته (غصبًا) من المرتهن ولم يحبلها بقيت رهنًا فإن أحبلها (فولده حر) لأنها ملكه (وعجل الملئ الدين أو قيمنها) أي الأقل من الأمرين (وإلا) يكن مليًّا (بقي) الرهن الذي هو الأمة هنا للمتأخر من الوضع وحلول الأجل فتباع كلها أو بعضها إن حصل به الوفاء فإن نقصت قيمتها عن دينه اتبع السيد بالباقي وإنما لم تبع وهي حامل لاحتمال أن يفيد ما لا فيؤدّي منه ابن ناجي قيل وينبغي أن يشرط رضاع الولد على المبتاع لقولها في التجارة فيمن باع أمة ولها ولد حر شرط نفقته على المشتري ولا يباع ولدها لأنه حر وهذه إحدى المسائل التي تباع فيها أم الولد وإحدى المسائل التي فيها الأمة حاملة بحر ولهم عكسها في مسائل انظرها وأشكالها في الأصل (وصح) الرهن (بتوكيل

ــ

(وإلا بقي) قول ز وهذه إحدى المسائل الخ قال غ وقد أجاد بعض الأذكياء ممن لقيناه إذ نظم النظائر المذكورة في ضيح في هذا المحل فقال:

تباع عند مالك أم الولد

للدين في ست مسائل تعد

مفلس موقوفة للغرما

وراهن مرهونة ليغرما

أو عامل القراض مما حركه

أو سيد جانية مستهلكه

والعكس جاء في محل فرد

وهو حمل حرة بعبد

وهي أن أحبل حال علمه

بمانع الوطء وحال عدمه

أو ابن مديان إماء التركة

أو الشريك أمة للشركه

في هذه الستة تحمل الأمة

حرًّا ولا يدرأ عنها ملأمه

في العبد يغشى ماله من معتقه

وما درى السيد حتى أعتقه

والأم حرة وملك السيد

يشمل ما في بطنها من ولد

ويضاف للستة على الضابط الثاني وهو حمل الأمة بحر كما في ح المستحقة وهي حامل والأمة الغارة وأمة المكاتب إذا مات وفيها وفاء بالكتابة وله ولد فإنه يبيع أمه ويوفي الكتابة اهـ.

ص: 438

مكاتب الراهن في حوزه) ولا يتم إلا بالقبض ولو أعيد الضمير أي ضمير الفعل على الحوز لأفاد هذا ولا مانع منه قال د (وكذا أخوه) غير محجوره (على الأصح) وكذا ولده الكبير الرشيد (لا) توكيل (محجوره) أخ وولد كبير سفيهين وغيرهما كزوجته (ورقيقه) ولو مأذونًا أو أم ولد أو مدبرًا أو معتقًا لأجل وإن لم يمرض السيد أو بقرب الأجل كما هو ظاهر إطلاقهم أو مبعضًا لأن ماله لسيده إذا مات فأشبه القن وقال بعض أن المبعض كالمكاتب كما يرشد له تعليله بإحراز نفسه وماله ما دام مكاتبًا وقوله لا محجوره بالجر عطف على مكاتب والرفع عطف على أخوه وعطف رقيقه على محجوره من عطف الخاص على العام والإضافة في توكيل وما بعده من إضافة المصدر للمفعول والفاعل هو المرتهن أي صح الرهن بسبب أو مع توكيل المرتهن مكاتب الراهن ولا معنى لصحة الرهن إلا صحة حوز من ذكر قعود الضمير على الرهن أولى من عوده على الحوز لأنه ثمرته ومرتب عليه فلا حاجة لما مر عن د وعلم أن الباء سببية أو بمعنى مع ولا يصح كونها زائدة لأن الكلام ليس في صحة التوكيل وعدمه والفرق بين الزوجة والمأذون هنا وبين جواز شراء الوكيل لهما كما يأتي في الوكالة من قوله: عاطفًا على المنع وبيعه لنفسه ومحجوره بخلافه زوجته ورقيقه اهـ.

قوّة التهمة هنا بجولان يد الراهن (والقول لطالب تحويزه لأمين) عند تنازع الراهن

ــ

وصورة المسألة الأخيرة عند غ أن العبد إذا وطىء جاريته فحملت وأعتقها ولم يعلم السيد بعتقه لها حتى أعتقه فإن عتق العبد أمته ماض فتكون حرة والولد الذي في بطنها رقيق لأنه للسيد قال في الجلاب ولو أعتقها بعد عتقه لم تعتق حتى تضع حملها اهـ.

من ضيح وقوله والولد الذي في بطنها رقيق حمله بعضهم على ما إذا وضعت الولد قبل عتق السيد العبد الذي أعتقها وأما لو كان في بطنها حين العتق فإنه يتبع أمه قال سيدي محمَّد ميارة في طرقه على ضيح وهو تقييد ظاهر قال ومع ذلك فتسميتها حرة حاملة بعبد إنما هو باعتبار ما آل إليه أمرها بعد الوضع والعتق اهـ.

ونحوه قول ح ما نصه فعلم من كلامه في المدونة إنه لا يحكم لها بالحرية حتى تضع فقول المصنف وغيره في هذه حمل حرة بعبد فيه مسامحة وبهذا تعلم صحة قول القاضي عبد الوهاب لا توجد حرة حاملة بعبد ويسقط اعتراض ابن ناجي عليه بما ذكره الشيخ خليل فتأمله اهـ.

ومثل هذه المسامحة في أمة المكاتب التي زادها ح (وكذا أخوه على الأصح) أي عند الباجي وقول ز وكذا ولده الكبير الرشيد الخ هذا قول سحنون في العتبية لو كان الابن كبيرًا بائنًا عن الأب جاز اهـ.

قال ابن رشد قول سحنون في الابن صحيح مفسر لقول مالك اهـ.

(لا محجوره ورفيقه) قول ز وإن لم يمرض السيد أو يقرب الأجل الخ صوابه وإن مرض السيد أو قرب الأجل وقول ز ولا معنى لصحة الرهن الخ فيه نظر يعلم مما تقدم (والقول لطالب تحويزه الخ) قول ز خلافًا للخمي أي في قوله فإن كانت العادة تسليمه ليد

ص: 439

والمرتهن في كيفية قبضه بأن قال الراهن يوضع على يد أمين وقال المرتهن عندي أو بالعكس لأن الراهن قد يكره حيازة المرتهن خوف دعوى ضياعه فيحول بينه وبينه أو تفريطه حتى يضيع وقد يكره المرتهن حيازة نفسه خوف الضمان إذا تلف وسواء جرت العادة بوضعه عند المرتهن أم لا خلافًا للخمي (و) إن اتفقا على أمين واختلفا (في تعيينه نظر الحاكم) في الأصلح منهما فيقدمه فإن استويا خير في دفعه لأحدهما أولهما ولا بدفعه لغيرهما ولو كان كل منهما لا يصلح لحصول رضاهما بهما قال في المعتمد: فلو تغير حال العدل فلكل منهما أن يدعو إلى ثقة ليجعل الرهن عنده احتياطًا لهما اهـ.

ويجري فيه قوله وفي تعيينه الخ (وإن سلمه) أي سلم الأمين الرهن (دون إذنهما) بل تعديا وتلف أو حصل مانع في تسليمه للراهن وفي كلامه توزيع يرشد له المعنى وحذف جواب الشرط إذ التسليم إنما هو دون إذن أحدهما لا دون إذنهما معًا كما هو ظاهره فالمراد على سبيل البدل أي دون إذن الراهن حيث سلمه للمرتهن ودون إذن المرتهن حيث سلمه للراهن والجواب المحذوف للشرط هو فالحكم مختلف يدل عليه تفصيله بقوله: (للمرتهن) أي سلمه له وتلف عنده أو ضاع (ضمن) الأمين للراهن (قيمته) يوم تلفه أي تعلق به ضمانها فإن كانت قدر الدين سقط دينه لهلاكه بيده وبرئ الأمين وإن زادت ضمن الأمين الزيادة لربه مطلقًا أي سواء كان الرهن مما يغاب عليه أم لا لأن الأمين إنما ضمن لتعديه ورجع بها على المرتهن إلا أن تشهد له بينة بتلفه بغير سببه فلا يضمنه ثم هذا إذا وقع التسليم بعد الأجل أو قبله ولم يعلم الراهن بذلك حتى حل الأجل وأما إن علم بذلك قبل الأجل فله أن يغرم القيمة أيهما شاء لأنهما متعديان عليه هذا بدفعه وهذا بأخذه وتوقف القيمة على يد عدل غيره خيفة تعديه ثانيًا وللراهن أن يأتي برهن كالأول ويأخذ القيمة ثم إن ابتدأ الراهن بالعدل لم يكن للعدل رجوع على المرتهن لأنه الذي سلطه عليه وقولي وتلف عنده احتراز مما إذا كان باقيًا وسلمه للمرتهن فإنه يؤخذ ويوضع على يد الراهن أو يد أمين انظر د وقوله على يد الراهن لعل وجهه تعدى

ــ

المرتهن كان القول لمن دعي إليه ومحل هذا إذا دخلا على المساكنة وأما إن امتنع المرتهن عند العقد فلا يلزمه قبضه ولو كانت عادة قاله في شرح التحفة (ضمن قيمته) أبو الحسن لا فرق هنا بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه لأن العدل والمرتهن متعديان وهو الذي يظهر من كلام اللخمي انظر ضيح وقول ز ثم إن ابتدأ الراهن بالعدل لم يكن للعدل رجوع على المرتهن الخ هذا نقله ابن عرفة عن اللخمي ونصه بعد ما تقدم اللخمي هذا إن أسلمه لمرتهنه بعد حلول أجله أو قبله وغفل حتى حل الأجل ولو علم ذلك قبل حلوله فله إغرام قيمته أيهما شاء لتعدي العدل بالدفع الأخذ يأخذه فتوقف قيمته بيد عدل آخر وللراهن أخذها بإتيانه برهن آخر فإن أغرم العدل لم يرجع العدل على المرتهن لأنه سلطه عليه هذا إن ضاع ببينة ويختلف إن لم تكن بينة هل يغرم المرتهن للعدل قيمته الآن أو تكون قصاصًا لأن غرم العدل بالتعدي وغرم المرتهن بالتهمة وقد يكون صادقًا وإن أغرم المرتهن بالتعدي أخذت منه القيمة الآن عاجلًا اهـ.

ص: 440

المرتهن ولكن فيه أنه يؤدب لبطلانه ولم أره لغيره (و) إن سلمه (للراهن) دون إذن المرتهن ولم يسكت وتلف أو ضاع أو قام عليه الغرماء (ضمنها) أي القيمة يوم التلف قاله ح والبخاري على القواعد يوم التعدي (أو الثمن) أي يضمن الأقل منهما ولو قال أو الدين لشمل ما إذا كان من قرض ونحوه وينبغي أن يجري فيه ما جرى في تسليم المرتهن من التقييد السابق والتفصيل لجريان العلة فيه وما ذكره من الضمان في القسمين يجري فيما يغاب عليه وفي غيره لأنه ضمان عداء كما مر ولما أنهى الكلام على الرهن استقلالًا شرع فيما يكون رهنًا بالتبعية من غير نص عليه فقال: (واندرج صوف تم) على ظهر غنم رهنت به لأنه سلعة مستقلة قصدت بالرهن وقيل لا يندرج لأنه غلة فإن لم يكن تامًّا يوم الرهن لم يندرج اتفاقًا (و) اندرج في رهن أمة (جنين) ببطنها وقت الرهن وأحرى بعده قال ابن المواز ولو شرط عدم اندراج الموجود ببطنها يوم الرهن لم يجز لأنه شرط مناقض اهـ.

ولا يندرج بيض لتكرر ولادته (وفرخ نخل) بخاء معجمة ومهملة لأنه ولد النحل بحاء مهملة والجنين يغني عن فرخ النحل والنحل بحاء مهملة ومعجمة ويقال للذي بالمعجمة فسيل بفاء وسين مهملة فمثناة تحتية فلام وهي صغار النخل وهي الودي كما في المصباح (لا غلة) كسمن وما تولد منه وعسل نحل فلا تدخل في الرهن بل هي للراهن مثل كراء الدار والعبيد ونحو ذلك إلا أن يشترط المرتهن الإدخال (وثمرة وإن وجدت) يوم الرهن فلو حل بيعها بإزهائها يوم رهنها فهل تكون كالصوف التام وإليه ذهب بعض القرويين أولًا وهو نص ابن القاسم والفرق عليه بينهما إن الثمرة تترك ليزداد طيبها بخلاف الصوف التام أي فلا فائدة في بقائه فالسكوت عليه دليل على إدخاله وهذا الفرق لا يأتي فيما إذا كانت يوم الرهن يابسة وفرق أبو الحسن بين الجنين والثمرة المؤبرة بأن السنة حكمت بأن غلة الرهن للراهن والجنين ليس بغلة بل كعضو فدخل كالبيع قاله تت (و) لا يندرج (مال عبد) في رهن العبد إلا بشرط والأمن من جناية عليه (وارتهن) أي دامت رهنيته (أن افرض أو) على أن (باع) له أو لغيره أي يجوز ويصح ويلزمه عقد رهن يقبض الآن على أن يقرضه فيما يستقبل فإذا أقرضه فيه فتستمر رهنيته بقبضه الأول من غير احتياج لاستئناف عقد لتقرره والتزامه قبل خلافًا للشافعي (أو) يقبض الرهن على أن (يعمل) فهو بالجزم عطفًا على الشرط أي على محله لأنه ماض (له) عملًا بنفسه أو من يقوم مقامه بكراء ونحوه ليكون العمل متعلقًا بالذمة أي أن المستأجر يدفع رهنًا لعامله في أجرته التي تجب له على مستأجره على تقديره أن يعمل وشمل صورة ثانية وهي أن يستأجر أجيرًا يعمل له عملًا وينقده الأجرة ويخشى أن يعطل فيأخذ منه رهنًا على أنه إن

ــ

(وثمرة وإن وجدت) قول ز وإليه ذهب بعض القرويين الخ ذكر خلاف بعض القرويين في المزهية ولم يذكره ق إلا في الثمرة اليابسة وهو الظاهر انظره وقول ز والفرق عليه بينهما الخ هذا الفرق ذكره ابن يونس وهو منقوض بالثمرة اليابسة كما ذكره ز وفي ق فرق آخر وهو القياس على

ص: 441

عطل استأجر من الرهن من يعمل له ذلك العمل وهذه صحيحة وإن كانت الأولى هي المنقولة في كلام المتيطي (وإن) كان الرهن (في جعل) على تحصيل آبق مثلًا يأخذه العامل على الأجرة بعد العمل أو الشروع فيه فإنه صحيح لأن الجعل وإن لم يكن لازمًا فهو يؤول إلى اللزوم لا أنه يأخذ منه رهنًا في العمل لأنه ليس لازمًا ولا آيلًا للزوم إذ لا يلزم العامل ولو شرع فقوله وإن في جعل أي في عوض جعل لا في عمل جعل وكذا يصح رهن يأخذه المجاعل من العامل على أجرة دفعها له قبل العمل (لا) يصح الرهن (في معين) كشرائه ثوبًا معينًا يأخذ به رهنًا (أو منفعته) أي المعين كاكترائه دابة بعينها ويدفع له رهنًا على أنها إن تلفت أو استحقت أو ردت بعيب أتى له بها بعينها ليستوفي منه العمل لاستحالة ذلك إذ فيه قلب الحقيقة لأن المعين إذا تلف أو تعيب أو استحق لا يمكن تحصيل عينه وأما إن أخذه على استيفاء منه عوض المعين أو منفعته حيث تلف أو تعيب أو استحق فصحيح (و) لا يصح رهن في جنس (نجم كتابة) على عبد فشمل جميع نجومها أيضًا إذا صدر ذلك (من أجنبي) لسيد العبد أي لا يعطي الأجنبي رهنًا بما على المكاتب من النجوم لأنه لا رجوع له به على المكاتب إذ لم يعامله ولا على السيد لأنه أخذه منه في الكتابة وهي لا يرد ما أخذه منها لعجز المكاتب قاله ابن عرفة وانظر هذا مع قوله وإن أعانه جماعة فإن لم يقصد والصدقة عليه رجعوا بالفضلة وعلى السيد بما قبضه وقد يفرق بأن الرهن في الكتابة منزل منزلتها ومسألة إعانة الجماعة من الصدقة المعلقة على شرط وقال بعض أي لا يصح أخذ رهن من أجنبي في نجم كتابة لأن أخذه

ــ

البيع وينقض أيضًا بالثمرة قبل أن تؤبر فإنها تندرج في البيع دون الرهن (ونجم كتابة من أجنبي) أي لا من المكاتب فيجوز كما في المدونة والموازية خلافًا لابن الحاجب واعلم أن ابن الحاجب شرط في المرهون به أن يكون في الذمة لازمًا أو صائرًا إلى اللزوم ومثله لابن شاس وأخرجا بذلك الكتابة وتعقبه ابن عبد السلام بأن دين الكتابة لازم على المشهور من منعه تعجيز نفسه وله مال ظاهر ولذا جاز الرهن فيها من المكاتب كما في المدونة والموازية خلافًا لابن الحاجب وابن شاس في قوليهما بمنع الرهن فيهما مطلقًا قال ابن عبد السلام وإنما لم يصح الرهن فيها من غير المكاتب لأنها تصير حمالة والحمالة لا تصح في الكتابة اهـ.

فهو قد سلم اشتراط اللزوم لكن نازع في إخراج الكتابة واعترض ابن عرفة على جميعهم في اشتراط اللزوم بأنه يلزم عليه القول بامتناع الرهن بكراء مشاهرة والتزامه خروج عن المذهب اهـ.

ولذا حاد عما قال ابن الحاجب في المرهون به وقال فيه هو مال كلي لا يوجب الرهن فيه غرم راهنه مجانًا قال فقولنا لا يوجب الخ يدخل الكتابة من المكاتب لا من غيره لأنه من المكاتب لا يوجب عليه غرمًا بحال ومن غيره يوجب عليه الغرم مجانًا في حال العجز بعد أخذ الرهن فيما رهن فيه أو بعضه ضرورة إنه لا رجوع للراهن على المكاتب لأنه لم يعامله ولا على سيده لأنه إنما أخذه منه به في الكتابة وهو لا يرد ما أخذ منها لعجز المكاتب اهـ.

ص: 442

فيها فرع تحمله بها وهو لا يصح فلا يصح دفعه رهنًا فيها وأما التعليل بكونه إذا عجز يرجع رقيقًا فلا يصح فلذا لم تجز فغير صواب لأنه لا يتأتى العجز مع وجود الرهن لأنه يباع كما يباع إذا كان هو الراهن وقد يقال قد يتأتى وجود العجز مع وجود الرهن إذا لم تكن قيمته توفي بالكتابة ومفهومه صحة أخذ الرهن في نجم أو في الجميع من المكاتب وهو كذلك ولما كانت غلات الرهن ومنافعه لراهنه لخبر له غنمه وعليه غرمه تكلم على جواز اشتراطها للمرتهن بشروط فقال: (وجاز) للمرتهن (شرط منفعته) أي الرهن لنفسه مجانًا بشرطين الأول (إن عينت) مدّتها للخروج من الجهالة في الإجارة الثاني أن يكون الرهن (ببيع) أي واقعًا في عقد بيع (لا) في عقد (فرض) لأنه في البيع بيع وإجارة وهو جائز وفي القرض سلف وإجارة وهو لا يجوز فيمنع شرطها أو التطوع بها في القرض معينة أم لا كالتطوع بالمعينة في البيع وهذا مفهوم قوله شرط وكذا يمنع بغير المعينة في البيع بشرط أو غيره وهذا مفهوم الشرط فاشتمل كلامه على ثمان صور وهي أن يأخذ المرتهن منفعة الرهن في بيع أو فرض ويعين مدتها فيهما أم لا وفي كل من هذه الأربعة إما أن تشترط في عقد المعاوضة أو يطاع بها بعده فيمنع في سبع ويجوز في صورة المصنف ومحل الجواز فيها إذا اشترطت ليأخذها مجانًا كما قررنا أو لتحسب من الدين على أن ما بقي منه يعجل له فإن كان يدفعه من المنفعة أو يدفع فيه شيئًا مؤجلًا امتنع وإن كان على أن ما بقي منه يترك للراهن جاز إلا إن كان الشرط في عقد البيع وأما الممنوعة في البيع فلا فرق في المشترطة بين أن يحسبها من الدين أم لا لأنه لما اشترط أخذها في عقده صارت هي وما سمى من الثمن في مقابلة المبيع ففيه ثمن مجهول وعلة المنع فيما إذا لم تكن مشترطة في صلب العقد بل أباح له الراهن الانتفاع بها في بيع أو قرض أنه إن كانت بغير عوض فهدية مديان وإن كانت بعوض جرى على مبايعة المديان قاله اللخمي

ــ

باختصار وقد نقله طفى بطوله قلت اعتراض ابن عرفة بالرهن في كراء المشاهرة غير ظاهر لأنه وإن لم يكن لازمًا فهو آيل إلى اللزوم وادعى طفى أن المراد بالآيل إلى اللزوم إن يرهن فيه بعد لزومه لا ابتداء قال وهذا مراد مشترط اللزوم واستدل له بظاهر كلام ابن شاس وابن فرحون وفيه نظر لأن قوله وارتهن أن أقرض الخ يدل على إنه يرهن فيه قبل اللزوم أيضًا ومنه كراء المشاهرة فالظاهر ما لابن عبد السلام والله أعلم (لا قرض) قول ز وفي القرض سلف وإجارة الخ فيه نظر بل الذي فيه سلف بمنفعة كما في ق وغيره نعم إذا كان يحسب المنفعة من الدين يكون فيه سلف وإجارة لكن ليس هذا موضوع كلامه وقول ز إما أن تشترط في عقد المعاوضة الخ الصواب حذف لفظ المعاوضة وقول ز ولو شرط المرتهن أخذ الغلة من دينه جاز في القرض الخ هذا الفرع ذكره في ضيح ابن عرفة وهو غير ما تقدم لأن ما تقدم في تمليك المنفعة للمرتهن وهذا في اقتضائه الغلة وهي من جنس الدين في دينه فلا منافاة بينه وبين ما تقدم تأمله وقول ز مستأجرة بما وقع في مقابلتها من الدين الخ صوابه من المبيع وقول ز وغمر ماؤها الخ حيث جعل الموضوع إن المبيع طعام فلا حاجة لقوله غمر ماؤها

ص: 443

ولو شرط المرتهن أخذ الغلة من دينه جاز في القرض لأنه يجوز فيه الجهل في الأجل لا في عقد البيع إذ لا يدري ما يقبض أيقل أم يكثر كما مر تفصيله واعلم أن منفعة الرهن الجائزة مستأجرة بما وقع في مقابلتها من الدين الذي فيه الرهن فيشترط فيها شروط الإجارة الآتية للمصنف وهي أن تكون منفعة تتقوم قدر على تسليمها بلا استيفاء عين قصد أو لا حظر مثال استيفاء العين أن يبيعه عبدًا بعشرة ويرهنه شجرًا على أن له ثمرها ومنع لأنه كبيعه باثني عشرة يقبض منه عشرة إذا حل الأجل واستأجر منه الشجر بالاثنين الباقيين على أن يأخذ ثمرها إلا أن حل بيعه حين الرهن فيجوز اشتراطه ببيع في ذلك العام فقط كما في الشارح وكبيعه له شيئًا ويأخذ على ثمنه حيوانًا رهنًا يشترط أخذ لبنه والمحظور كبيع طعام وارتهن بثمنه أرضًا شرط منفعتها وغمر ماؤها وندر انكشافه قال ح وانظر إذا اشترط المنفعة في الوجه الممنوع واستعمله ما يلزمه اهـ.

قلت المنفعة في البيع من جملة الثمن فوقوعها على الوجه الممنوع يفسده ويجري على حكم البيع الفاسد وإذا وقعت في القرض على الوجه الممنوع رد بدلها لأنها هدية مديان (وفي ضمانه) أي الرهن الذي يغاب عليه المشترط منفعته مجانًا (إذا تلف) عند المرتهن في مدة اشتراطها لأنه رهن يغاب عليه وحكم الرهن باق عليه وعدم ضمان المرتهن له لأنه مستأجر كسائر المستأجرات (تردد) والراجح ضمانه كضمان الرهبان فإن تلف بعد مدة اشتراطها فكالرهن في الضمان من غير تردد فإن اشترطت لتحسب من الدين أو تطوع بها بعد العقد فينبغي ترجيح القول بعدم الضمان ضمان الرهبان لترجيح جانب الإجارة فيه لكون المنفعة وقعت فيه مقابلة عوض بالصراحة أو يتساوى فيه هذا القول مع مقابلة في الترجيح (وأجبر) الراهن (عليه) أي على دفعه بعينه (إن شرط ببيع) أي شرط المشتري للبائع في عقد البيع أن يأتيه برهن (وعين) الرهن المشترط وإنما أجبر عليه ولزمه لأن المؤمن عند شرطه ولا مفهوم للبيع بل القرض كذلك (وإلا) يكن الرهن معينًا عند عقد البيع أو القرض بل وقع ذلك على شرط رهن غير معين (فرهن ثقة) يلزمه الإتيان به وهو ما فيه وفاء للدين وجرت العادة في ذلك المحل بارتهانه ثم إذا هلك الرهن المعين أو استحق قبل قبض المرتهن خير في فسخ البيع ورد المبيع إن كان قائمًا أو قيمته أو مثله إن فات وفي إمضاء البيع ويبقى دينه بلا رهن وبعد قبضه فلا مقال له إلا أن يغره الراهن فيخير في الفسخ والبقاء بلا رهن وكذا يخير في هلاك حميل معين قبل قبض المبيع لا بعده فالمعتبر في مسألة هلاك الرهن أو استحقاقه قبض الرهن وعدم قبضه وفي مسألة الحميل

ــ

لحصول المنع بدونه لما فيه من كراء الأرض بالطعام (وفي ضمانه إذا تلف تردد) التردد ذكره ابن يونس وقال ابن رشد الصواب أن يغلب في ذلك حكم الرهن نقله في ضيح وابن عرفة وقول ز أو تطوع بها بعد العقد الخ يعني على أن تحسب من الدين لا مجانًا وإلا منع كما تقدم (وإلا فرهن ثقة) قول ز وأما القرض فلا الخ فيه نظر بل القرض مثل البيع كما يدل عليه كلام

ص: 444

قبض المبيع وعدم قبضه وانظر هل يجري مثل جميع هذا في القرض أم لا لأنه معروف يغتفر فيه ذلك والبيع مبني على المشاحة وعلم من المصنف أن الراهن يجبر على الرهن سواء عين أم لا إلا أن المعين يجبر على عينه فلو حذف الشرط وقال وأجبر على عينه وإلا الخ كان أولى وشمل القرض قال د وتت والعادة في الحواضر أن يرهن ما يغاب عليه من ثياب وحلي وما لا يغاب عليه كالديار وشبهها وليس العادة رهن العبيد والدواب وليس على المرتهن قبل ذلك وإن كان أخف عليه لتصديقه في تلفه لأن في حفظه كلفة ومشقة وإن أحب أن يعطي ثيابًا وامتنع المرتهن لأنه مما يضمنه أو أحب أن يعطي دارًا أو امتنع المرتهن وأحب ما ينفصل به ويكون تحت غلقه فالقول قول الراهن لأن ذلك كله يرهن اهـ.

وقوله وإن أحب أن يعطي الخ هذا فيما إذا جرت العادة برهن كل من الثياب وما ذكر بعدها بدليل قوله لأن ذلك كله يرهن ومثله إذا لم تكن لهم عادة بشيء فإن لم يأت برهن ثقة في مسألة المصنف سجن ليأتي به فإن تحقق عدم وجوده عنده خير المرتهن بين فسخ البيع وبقائه بلا رهن وأما القرض فلا كما هو ظاهر كلامهم لأنه معروف والبيع مبني على المشاحة (والحوز) الموجود أي دعواه (بعد مانعه لا يفيد) أي إذا ادعى المرتهن بعد حصول المانع فيما هو محوز بيده أنه حازه قبله فلا يعمل بذلك الحوز فلا يختص به عن الغرماء (ولو شهد الأمين) الموضوع عنده أنه حازه قبل المانع لأنه شاهد على فعل نفسه وهو الحوز فقوله والحوز على حذف مضاف بدليل المبالغة وبعد متعلق بدعوى المقدرة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وإبقاؤه على ظاهره لا فائدة فيه لأن من المعلوم أن الحوز بعد المانع لا يفيد لما مر من بطلان الرهن قبل قبضه إذا حصل مانع من موت الراهن أو فلسه أو جنونه أو مرضه المتصلين بموته والفرق بين ما ذكره المصنف في هذه المسألة وبين ما يأتي من اعتبار شهادة الرسول من قوله وإن بعثت إليه بمال فقال تصدقت به علي وأنكرت فالرسول شاهد اهـ.

إنه لم يشهد على فعله الذي هو الحوز بل على أمر صادر من المرسل وهو التصدق انظر د ويستفاد من تعليل المصنف بما مر أن شهادة القباني بأن وزن ما قبضه فلان كذا لا تقبل لأنها شهادة على فعل نفسه وأما إن شهد بأن فلانًا قبض ما وزنه فإنه يعمل بشهادته لا مكان معرفة وزنه من غيره وأما إذا شهد بهما فالظاهر أنها تبطل أيضًا لأن الشهادة إذا رد بعضها ردت كلها إن كان رد بعضها للتهمة وأما إن رد بعضها للسنة جاز منها ما أجازته السنة وهذا كله ما لم يكن مقامًا من جهة القاضي وإلا عمل بشهادته كما عندنا بمصر كما استظهره عج آخر باب القسمة والظاهر أن تابع المقام من القاضي كهو.

تنبيه: قال تت وظاهره أنه لو شهد مع الأمين آخر لكفى اهـ.

ــ

ابن عرفة فإنه لما قال ابن الحاجب يخير البائع وشبهه في الفسخ في غير المعين قال ابن عرفة

ص: 445

أي مع يمين المدعي إذ شهادة الأمين كالعدم وذكر مفهوم قوله: بعد مانعه فقال: (و) الحوز قبل مانعه (هل تكفي) عليه (بينة) للمرتهن ولو واحدًا لكن يحلف معه لأنه مال (على الحوز) للرهن (قبله) أي المانع ولو نفته بينة أخرى لتقديم المثبتة (وبه عمل أو) لا تكفي عليه ولا بدّ من بينة على (التحويز) أي معاينتهم أن الراهن سلمه للمرتهن (تأويلان وفيها دليلهما) لكن ابن رشد لم يذكر أن فيها دليل القولين إلا في مسألة الصدقة وجعل الأمر في الرهن يجري على ذلك وهو مخالف لظاهر كلام الشيخ قاله الشارح وأيضًا كلام ابن رشد فيما إذا وجدت الصدقة بيد المتصدق عليه فادعى حوزها في صحة المتصدق لا في الحوز والتحويز هذا وفي الشارح نظر فإن التوضيح ذكر في الرهن ما يطابق ماله هنا وكذا صر وطخ وفرق ابن عرفة بين الرهن والهبة والصدقة ببقاء ملك الراهن للرهن فلذا قيل باشتراط التحويز بخلافهما للقضاء بهما على الواهب والمتصدق قال د ظاهر هذا الخلاف أي في المصنف ولو كان الرهن مشترطًا في القعد وهو معين وينبغي أن يكون محل الخلاف غير هذا الفرع اهـ.

ــ

ما نصه وشبهه يريد كالمسلف على رهن كذلك ونقله أيضًا ق عنه (وفيها دليلهما) ح أشار بذلك لظاهر كلام المدونة في كتاب الهبة ونصه ولا يقضي بالحيارة إلا بمعاينة البينة بحوزه في حبس أو رهن أو هبة أو صدقة ولو أقر المعطي في صحته أن المعطي قد حاز وقبض وشهد عليه بإقراره بينة ثم مات لم يقض بذلك أن أنكر الورثة حتى تعاين البينة الحوز اهـ.

ووجه كون كلامها المذكور إلا على القولين ما ذكره المصنف في ضيح في عبارة ابن الحاجب فإنها كعبارة المدونة وجعلها محتملة لكل من القولين إلا أن مفهوم المعاينة يدل على التحويز قال ابن الحاجب ويد المرتهن بعد الموت والفلس لا يثبت بها الحوز وإن اتفقا إلا ببينة بمعاينة أنه حاز قبله قال في ضيح عبد الملك في الموازية والمجموعة لا ينفعه ذلك حتى يعلم أنه حازه قبل الموت والفلس صوابه لا ينفعه إلا معاينة الحوز وهو الذي ذكره اللخمي أنه لا بد من معاينة البينة لقبض المرتهن وذكر ابن يونس في كتاب الرهن قولين أعني هل يكتفي بمعاينة الحوز أو التحويز واختار الباجي الحوز ثم قال في ضيح وقول ابن الحاجب بمعاينة أنه حازه يحتمل كلًّا من القولين لكن المفهوم من المعاينة أنه لا بد من الشهادة على التحويز اهـ.

قال ح فما ذكره المصنف من الاحتمال في لفظ ابن الحاجب يأتي مثله في لفظ المدونة فعلم من هذا صحة ما أشار إليه المصنف بقوله وفيها دليلهما وسقط اعتراض الشارح وغ اهـ.

باختصار ومثله حاشية الناصر وقول ز للقضاء بهما على الواهب الخ في كلامه خلل يعلم بنقل ابن عرفة ونصه كان يجري في المذاكرات أن التحويز في حق الرهن شرط لا يكفي الحوز دونه لبقاء ملك الراهن بخلاف الهبة وفي هبة المدونة أيضًا ومن وهب لرجل هبة لغير الثواب فقبضها الموهوب له بغير أمر الواهب جاز قبضه إذ يقضي على الواهب بذلك إذا منعه إياها فظاهر تعليله بالقضاء عليه بذلك يوجب كون الرهن كذلك اهـ.

ص: 446

أي ينبغي أن يكفي فيه الحوز فقط لما انضم له من الاشتراط في العقد (ومضى) ولا يجوز ابتداء (بيعه) أي بيع الراهن للرهن المعين المشترط في صلب عقد البيع أو القرض (قبل قبضه) أي إقباضه للمرتهن (إن فرط مرتهنه) في طلبه له وصار دينه بلا رهن (وإلا) يفرط بل جد في طلبه للرهن المعين (فتأويلان) في مضي البيع فات أم لا ويكون الثمن رهنًا وفي رد البيع إن لم يفت ويبقى رهنًا فإن فات بيد مشتريه كان الثمن رهنًا ومحلهما أن دفع البائع السلعة للمشتري فإن لم يدفعها له فللمرتهن منع الراهن من تسليمه ولو أتاه برهن لأن البيع وقع على معين إذ هو محل التأويلين أيضًا كما مر وأما إن كان الرهن غير معين فله منع تسليمها أيضًا فرطًا أم لا لكن حتى يأتيه برهن إذ يلزمه الإتيان بيد له قطعًا بل لا يتأتى في غير المعين أن يقال مضى بيعه الخ وقولي المشترط الخ تحرز عن المتطوع به بعد العقد فإن بيعه كبيع الهبة قبل القبض وبعد علم الموهوب فيجري هنا ما فيها من قوله فالثمن للمعطي رويت بفتح الطاء وكسرها فيقال هنا هل الثمن للراهن ولا يكون رهنًا أو يكون رهنًا (و) إن باع الراهن الرهن (بعده) أي بعد قبض المرتهن له (فله) أي للمرتهن (رده) أي ردّ بيعه (أن بيع بأقل) من الدين ولم يكمل له والدين عين أو عرض من قرض فإن كمل له كان بمنزلة ما بيع بمثله (أو) بيع بمثل دينه أو أكثر وكان (دينه عرضًا) من بيع إذ لا يلزم قبول العرض قبل أجله ولو بيع بقدر دينه أو أكثر إذا لأجل فيه من حقهما بخلاف العرض من قرض فإن الأجل فيه من حق المقترض انظر تت (وإن أجاز) المرتهن البيع الواقع في الرهن لأجل تعجيله حقه في الحال التي يخير فيها بين الإجازة والرد وأولى في حالة عدم تخييره كما إذا باعه بمثل أو أكثر من الدين وليس الدين عرض بيع إذ

ــ

ونقله غ وقال ابن رشد في رسم الرهون من سماع عيسى ولو تشاهدا على الرهن والهبة دون القبض والحيازة فألفى الرهن بيد المرتهن أو الهبة بيد الموهوب له بعد الموت أو بعد قيام الغرماء فادعيا أنهما قبضا ذلك لم يصدق واحد منهما في ذلك باتفاق إلا أن تكون لهما بينة على ذلك ولا ينتفع في الرهن بإقامة البينة على أنه قد قبضه وحازه قبل قيام الغرماء إلا أن تشهد البينة أنه قد قبضه وحازه بأمر الراهن وإذنه والرهن في هذا بخلاف الهبة لأن القبض فيه أوجب لقول الله عز وجل: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] ولأن من أهل العلم من يقول لا يكون رهنًا حتى يكون مقبوضًا اهـ.

(وإلا فتأويلان) الأول لابن أبي زيد يمضي البيع ويكون الثمن رهنًا والثاني لابن القصار يرد البيع ويبقى رهنًا فإن فات بيد مشتريه كان الثمن رهنًا هكذا نقله ابن عرفة عن عياض فقول ز وإجازته ويبقى دينه بلا رهن الخ هو زيادة على تأويل ابن القصار إشارة إلى أن رد البيع عنده ليس واجبًا بل إن شاء رده وإن شاء أجازه وهو الذي يفيده كلام ضيح ولابن رشد تأويل ثالث وهو أن المرتهن ليس له رد البيع في الرهن وإنما له فسخ البيع المشترط فيه الرهن عن نفسه قال لأنه إنما باعه على ذلك الرهن بعينه فلما فوته كان أحق بسلعته إن كانت قائمة أو قيمتها إن كانت فائتة هذا معنى ما في كتاب الرهون من المدونة اهـ.

ص: 447

ربما يتوهم في الأولى بقاء دينه بلا رهن حلف إنه إنما أجاز لذلك و (تعجل) ثمنه فإن بقي من دينه شيء اتبع الراهن به ثم تعجيل الثمن الذي بيع به جبرًا على الراهن والمرتهن فيما يعجل فيه الدين وأما ما لا يعجل فيه كعرض من بيع فإنما يعجل إن رضيا بالتعجيل فإن لم يرض به الراهن فهل يكون الثمن رهنًا أو يأتي برهن مثله أو يبقى رهنًا ولا يجوز بيعه تردد ولما تكلم على تصرف الراهن بعوض ذكر تصرفه بغيره فقال: (وبقي) العبد الرهن على رهنيته (أن دبره) سيده بعد الرهنية أيسر أو أعدم قبضه المرتهن أم لا كما هو ظاهر المدونة ولكن ظاهر أبي الحسن أن محل كلامها بعد القبض انظر د ولا يقال تقدم أن رهن المدبر جائز ابتداء فلا يتوهم بطلان الرهن بطر وتدبيره فلا فائدة للنص على هذا لأنا نقول إنما يجوز رهن المدبر ابتداء حيث كان إنما يباع إن مات سيده ولا مال له يستوفى منه الحق وأما إن كان على أن يباع إذا حل الحق فهذا ممتنع بخلاف طر والتدبير فإنه لا يمتنع من بيعه إذا حل الحق إن لم يدفع سيده الدين لربه (ومضى) بل وجاز ابتداء (عتق الموسر) ناجز أو لأجل (وكتابته) بعد الرهنية سواء كان ذلك قبل قبض المرتهن له أو بعده

ــ

ونقله ح وقد أدخله بعضهم في كلام المصنف فقال ما نصه تحقيق ما هنا أن للشيوخ في فهم المدونة ثلاثة طرق الأولى إذا لم يفرط يمضي البيع ولا مطالبة له برهن الثانية يمضي البيع وإن لم يفت والثمن رهن وهي التي تنسب للشيخ ابن أبي زيد والثالثة التخيير بين الرد والإمضاء إذا لم يفت فإن فات فالثمن رهن وهي التي تنسب لابن القصار وغيره فالحاصل أنه إن لم يفرط ففي المضي والتخيير قولان وعلى الأول فهل يسقط طلب الرهن أو يكون الثمن رهنًا قولان فقوله ومضى بيعه قبل قبضه أي ولا طلب له برهن اتفاقًا حيث فرط وإن لم يفرط فهل الأمر كذلك أو الأمر إما الإمضاء فقط والثمن رهن وإما التخيير في الرد والإمضاء وهما تأويل ابن أبي زيد وابن القصار لحملهما المدونة على التفريط فقوله وإلا فتأويلان معناه وإن لم يفرط ففي الإمضاء على وجه سقوط الرهن وعدم الإمضاء للعقد بهذا الوجه الصادق بثبوت الإمضاء مع رهن الثمن وعدم الإمضاء تأويلان فليتأمل فإنه موضع زلت فيه أقدام الأفهام اهـ.

واستحسنه الشيخ المسناوي ومراده بالطريق الأول تأويل ابن رشد لكن نقص منه تخيير المرتهن في فسخ البيع عن نفسه إن كان الرهن مشترطًا في العقد كما تقدم واعلم أن تأويل أبي محمَّد وابن القصار في الرهن المشترط وغيره خلاف تقييد ز لهما بالمشترط وما ذكره بعده في المتطوع به نقله عياض عن بعض شيوخه كما في ضيح وهو لا ينافي الإطلاق في التأويلين تأمله وقول ز ومحلهما إن دفع البائع السلعة الخ عبارة ق عن ابن يونس وهذا إذا دفع البائع السلعة للمشتري وأما إذا لم يدفعها فباع المشتري الرهن قبل القبض فههنا لا يلزمه تسليم اهـ.

ومراده بالبائع المرتهن وبالمشتري الراهن وعبارة ابن رشد كما في ح وهذا إذا كان المرتهن قد دفع السلعة أو السلف ولو لم تخرج السلعة أو السلف من يده فهو أحق بسلعته وسلفه فرط في القبض أو لم يفرط اهـ.

وبه تعلم ما في كلام ز والله أعلم (ومضى عتق الموسر) قول ز بل وجاز ابتداء الخ فيه

ص: 448

(وعجل) الدين كله ولو أكثر من قيمة الرهن إن كان مما يعجل ولا يلزمه قبول رهن لأن فعل ذلك بالعبد يعد رضا بتعجيل الحق إن كان مما يعجل أو لا يعجل كعرض من بيع حيث رضي المرتهن بتعجيله وإلا ففي غرم الراهن قيمته وتبقى رهنًا وإتيانه برهن مثله وبقائه رهنًا بحاله مع عدم جواز عتقه لحق المرتهن تردد وظاهر قوله مضى ولو كان المعتق معيرًا لمدين يرهنه في دينه وهو كذلك ويعجل المعتق المعير الدين لربه أن أيسر لإفساده الرهن عليه إلا أن تكون قيمته أقل من الدين فلا يلزمه غيرها بخلاف الراهن المعتق كما مر ويرجع المعير بها إذا عجلها على المستعير بعد الأجل لا قبله (والمعسر) المعتق أو المكاتب راهنًا أو معيرًا كما هو ظاهر ابن الحاجب (يبقى) رهنه على حاله مع عدم جواز فعل المدين ابتداء فإن أيسر قبل الأجل أخذ من الراهن الدين ومن المعير قيمة العبد ونفذ العتق والكتابة وإلا بيع من كل مقدار ما يوفي الدين أن وجد من يشتري مشقصًا (فإذا تعذر بيع بعضه) في العتق والكتابة (بيع كله والباقي) من ثمنه عن الدين (للراهن) والمعير ملكًا يفعلان به ما شاء لأن الشرع لما أوجب بيعه سير الباقي بعد قضاء الدين ملكًا للسيد وظاهر ما قدمناه بقاؤه مع عتق المعير المعسر ولو كان الراهن المستعير مليًّا وانظره وفي المصنف تأثير كل المضافة للضمير بالعامل اللفظي وتقدم له نظيره في قوله: شرط الجمعة وقوع كلها وهو ممنوع وأجيب هنا بأنه توكيد لضمير نائب فاعل بيع

ــ

نظر والذي في ضيح على قول ابن الحاجب فإن أعتقه أو كاتبه أو دبره قبل القبض أو بعده فكالبيع الخ ما نصه ولا يريد أنه يجوز له ذلك ابتداء فإن ذلك لا يجوز نص عليه في المدونة وغيرها وإنما مراده لو فعل مضى اهـ.

ونحوه في ح وظاهر كلام المصنف أن الحكم كما ذكر سواء كان ذلك قبل الحوز أو بعده قال في ضيح وهو ظاهر المدونة وصرح به ابن القاسم في العتبية وهو في سماع عيسى قاله ح (والمعسر يبقى) قول ز وإلا بيع من كل مقدار ما يوفي الدين الخ هذا في العتق مسلم وفي الكتابة غير مسلم وفي ضيح عند قول ابن الحاجب فإن تعذر بيع بعضه بعد أجله بيع جميعه الخ ما نصه قال أشهب وإنما يباع بقدر الدين ففي العتق وأما في الولادة والتدبير والكتابة فيباع كله ويكون فضل ثمنه لسيده إذ لا يكون بعض أم ولد ولا بعض مكاتب ولا بعض مدبر اهـ.

وظاهره أنه قيد في كلام ابن الحاجب وأنه المذهب وهو كذلك لأن ابن رشد في سماع عيسى من كتاب الرهون عزاه للمدونة ونصه وقال ابن المواز إذا كاتب الراهن عبده بعد أن رهنه يبقى مكاتبًا وفي هذا نظر لأنه قد يعسر سيده يوم حلول الأجل فلا يكون في ثمن الكتابة إذا بيعت وفاء بالدين فتبطل الكتابة وقال في المدونة أن ذلك بمنزلة العتق إن كان للسيد مال أخذ منه ومضت الكتابة وإن لم يكن له مال نقضت الكتابة إلا أن تكون قيمة الكتابة مثل الدين فيجوز بيع الكتابة في دينه وإن لم يكن في قيمة الكتابة وفاء بالدين نقضت كلها لأنه لا يكون بعضه مكاتبًا والذي في المدونة من أن الكتابة في هذا بمنزلة العتق هو الصواب

ص: 449

أي بيع هو كله (ومنع العبد) مأذونًا أم لا (من وطء أمته المرهون هو معها) بأن نص عليها في الرهن أو اشترط دخول ماله معه فدخلت وكذا يشمل الصورتين المذكورتين أن لو قال المرهونة معه وأولى في المنع إذا رهنت وحدها ولا حدّ عليه في وطئه لها في الصور الثلاث ويستمر منع وطئه لها في الصورة المذكورة إلى انفكاك الرهن فإذا حصل حل له وطؤها من غير تجديد ملك لأن رهنها وحدها أو معه لا يعد انتزاعًا حقيقة على المشهور وإنما هو تعريض له فيشبه الانتزاع وقيل انتزاع فلا تحل له إلا بعقد ملك جديد وأشعر قوله: أمته إن له وطء زوجته المملوكة لسيده إذا رهنها كما إذا باعها كما في د وأشعر قوله: المرهون الخ أن للعبد المرهون وحده وطء أمته غير المرهونة ولو غير مأذون كما في ابن عرفة خلافًا لما توهمه بعض الناس من أن غير المأذون ليس له وطء أمته بملك اليمين قال تت يجوز في المرهون جره صفة لأمته وتكون حينئذٍ صفة جرت على غير من هي له ولذا أبرز ضمير الفاعل إذ القاعدة إنها إذا جرت على غير من هي له أبرز فاعلها حصل لبس أم لا عند البصريين وهو الصحيح ويجوز رفعه صفة للعبد وعليه فلا يحتاج لإبراز الضمير اهـ.

وقوله: فلا يحتاج الخ أي وإنما يجوز فقط لا من اللبس ولجريانه على من هو له ومثله زيد هند ضاربته هي فيجوز إسقاط هي وقد يمتنع الإبراز وذلك في نحو زيد عمر ضاربه فيمتنع هو حيث أريد الأخبار بضاربية عمر ولزيد كما في الأشموني (وحد مرتهن وطئ) الأمة المرهونة عنده لأنه أجنبي لا شبهة له فيها بالنسبة للملك ولو ادعى الجهل وعليه ما نقصها وطؤه بكرًا أو ثيبًا أكرهها أو طاوعته فيهما الصقلي وهو الصواب ولأشهب لا شيء عليه أن طاوعته ولو بكرًا قاله تت وفي ح عن ابن القاسم في المدونة

ــ

المشهور في المذهب ولم يختلفوا في العتق أنه إن كان له مال أخذ منه الحق معجلًا ومضى العتق وإن لم يكن له مال وكان في العبد فضل بيع منه وقضى الدين وأعتق الفضل وإن لم يكن فيه فضل لم يبع حتى يحل الأجل لعله أن يكون فيه حينئذٍ فضل اهـ.

منه (ومنع العبد من وطء الخ) قول ز خلافًا لما توهمه بعض الناس الخ تقدم الكلام على هذه المسألة عند قول المصنف أول النكاح ولمكاتب وما دون تسر بما لهما وإن بلا إذن وقول ز ويجوز رفعه صفة للعبد الخ نحوه في ضيح وفيه الفصل بين الصفة والموصوف بالأجنبي (وحد مرتهن وطئ الخ) قال في المدونة فإن اشترى المرتهن هذه الأمة وولدها لم يعتق عليه ولدها لأنه لم يثبت نسبه قال ابن عرفة ونوقض قولها لا يعتق الولد بقولها آخر كتاب أمهات الأولاد لو كان الولد جارية لم تحل له أبدًا وربما أخذ من عدم عنقه إباحة وطئها لقول عبد الملك قال وجواب بعض المغاربة بأنه حكم بين حكمين لا يخفى سقوطه على منصف ويفرق بينهما بأن تأثير مانع احتمال البنوة في رفع حلية الوطء أخف من تأثيره في رفع الملك بالعتق لأنه في رفع حلية الوطء إنما يرفع بعض مقتضيات الملك وهو الوطء فقط لا مطلق الانتفاع بالمملوك من الاستخدام والإجارة والبيع وغير ذلك وفي إيجاب العتق برفع مقتضيات الملك كلها من الوطء ومطلق الانتفاع ولا يلزم من إيجاب وصف ما أمرا أخف إيجابه أمرًا أشد اهـ.

ص: 450

إنما عليه ما نقصها إن طاوعته وهي بكر لا إن طاوعته وهي ثيب وأما الإكراه فعليه ما نقصها مطلقًا بكرًا أو ثيبًا فهي ثلاثة أقوال: وطوع الصغيرة التي تخدع كالمكرهة (إلا بإذن) من الراهن فلا حدّ به مراعاة لقول عطاء بجواز إعارة الفروج ولما في ذمة رب المال من الحق الثابت فكان الإذن كالمعاوضة ولكن عليه الأدب وتكون أم ولد بولادتها من الوطء بإذنه وهي إحدى المسائل التي تكون فيها الأمة أم ولد بوطء الشبهة فتزاد على قوله في باب أم الولد أو ولد من وطء شبهة إلا أمة مكاتبة أو ولده وينبغي أن يخص قوله: إلا بإذن بغير الأمة المتزوجة فلا يكون إذن السيد للمرتهن في وطئها شبهة تنفي عنه الحد كالمودعة (وتقوم) الموطوأة بإذن يوم الغيبة عليها على إنها ليس بها حمل (بلا ولد حملت) من المرتهن (أم لا) لأن حملها من المأذون انعقد على الحرية فلا قيمة له ولا ثمن يدفع للراهن ولحق به وما في الشارح الوسط من إنه غير لاحق به سبق قلم قاله ح وأما الموطوأة بلا إذن فهي وولدها رقيقان فقوله وتقوم الخ مستأنف أو معطوف على مقدر أي فإن أذن فلا حدّ وتقوم الخ فقوله وتقوم خاص بالثانية ولا يرجع للأولى خلافًا لطخ لأن قوله: بلا ولد يبعد رجوعه لها لأنها فيها أي في الأولى تقوم بولدها لرقه وتقوم ليعرف نقصها وترجع مع ولدها لمالكها وفي الثانية تقوم لتلزم قيمتها للواطئ بإذن لا ليعرف نقصها إذ لا ترجع لمالكها ويجوز للسيد تزويج المرتهنة لأجنبي ويعجل للمرتهن دينه كما لو أعتقها فإن لم يكن للسيد مال فسخ النكاح قبل البناء (وللأمين) الموضوع تحت يده الرهن (بيعه) في دين المرتهن حالة صدور ذلك (بإذن) من الراهن في بيعه صادر ذلك الإذن (في عقده) أي الدين الذي سببه الرهن وأولى بعده لأنه فيهما محض توكيل سالم عن توهم إكراه فيه وسواء أذن له في البيع قبل الأجل أو بعده وسواء كان

ــ

كلام ابن عرفة والحكمان حرمتهما معًا حليتهما معًا والحكم بينهما حلية أحدهما فقط ووجد سقوطه والله أعلم أن كونه بين حكمين لا يتوقف إلا على اجتماع حلية وحرمة وهذا أعم من كون الحلية مضافة للملك والحرمة مضافة للنكاح كما هو الواقع ومن عكسه أي حرمة الملك وحلية النكاح وهذا أيضًا حكم بين حكمين فلو صح ذلك التعليل لصدق بهذه الصورة وهي باطلة ويجاب عما قاله ابن عرفة بأن هذه الصورة لا يمكن أن تكون حكمًا بين حكمين لأن حرمة الملك لا تتأتى إلا بملاحظة البنوة ولا يتأتى معها حلية النكاح إذ يلزم من حرمة الملك حرمة غيره ولا يلزم من عدم حلية الوطء تحريم كل منفعة غيره كما بينه هو فكان المانع إذا أثر في حلية النكاح وأبطلها فإنها تبقى فيها منافع كثيرة وإذا أثر في رفع الملك لم تبق منفعة فلذا حكمنا بتأثيره في الحلية دون رفع الملك وهذا معنى قول ابن عرفة قد يفرق الخ هكذا قرره بعض شيوخنا وقال غ في تكميله عقب كلام ابن عرفة ما نصه وقيل يحتمل أن يكون ابن القاسم راعى في منع الوطء الزنا بالأم لأنه يحرم على أحد قولي مالك أشار إليه الباجي اهـ.

(وللأمين بيعه بإذن في عقده) قول ز لأنه فيهما محض توكيل سالم عن توهم إكراه فيه الخ هذا التعليل إنما يصح في الإذن للأمين بعد العقد لا فيه وما ذكره وقع مثله لغ ونصه إنما

ص: 451

الدين من بيع أو قرض وهذا (إن لم يقل) أي الراهن للأمين (إن لم آت) بالدين في وقت كذا فبعه وإنما قلنا إن الإذن الواقع بعد عقد الدين أولى لأنه ربما يتوهم إن الإذن الواقع في العقد كالإكراه على الإذن لضرورته فيما عليه من الحق فإذنه كلا إذن وقوله: إن لم يقل لم آت يرجع للمنطوق وللمفهوم بالأولى (كالمرتهن) إذا أذن له في بيعه (بعده) أي بعد العقد فيجوز أن لم يقل أن لم آت فهو تشبيه تام (وإلا) بأن أذن للأمين أو للمرتهن في العقد أو بعده وقال في الأربع صور إن لم آت بالدين لأجل كذا فبعه أو أذن للمرتهن في العقد وأطلق لم يجز في الصور الخمس بيعه بغير إذن الحاكم لما يحتاج إليه من ثبوت الغيبة وغيرها فإن عسر الوصول له فبحضرة عدول المازري وحضورهم من باب الكمال فإن باع بغير إذن الحاكم مع تيسره (مضى فيهما) أي في الأمين والمرتهن في الصور الخمس ومذهب المدونة في الأخيرة وهي مفهوم قوله: بعده كراهة الإذن للمرتهن في العقد وقيل بالجواز وقيل بالمنع لأن الإذن في العقد منفعة زادها الراهن له فهي هدية مديان ومحل الخلاف فيما إذا لم يكن المبيع تافهًا ولم يخش فساده ولم يفوض له فيه وإلا جاز بيعه اتفاقًا إن أصاب وجه البيع لا إن باع بأقل من قيمته فللراهن أخذه من مشتريه فإن تداولته الأملاك أخذ بأي بيع شاء كالاستحقاق (ولا يعزل) بالبناء للمجهول (الأمين) الموكل على بيع الرهن أو على حوزه فقط أي لا يعزله الراهن فقط ولا المرتهن

ــ

جاز وإن كان في نفس العقد لأنه محض توكيل سالم عن توهم كون الرهن فيه مكرهًا كما قال ابن عرفة اهـ.

وفيه نظر فإن ابن عرفة إنما ذكر ذلك في الإذن بعد العقد ونصه قول ابن الحاجب يستقل الأمين بالبيع إذا أذن له قبل الأجل أو بعده ما لم يكن في العقد بشرط صواب لأنه محض توكيل سالم عن توهم كون الراهن فيه مكرهًا اهـ.

ولما ذكر ابن عرفة عن ابن رشد أن في الإذن للمرتهن في أصل العقد قولين قال بعده وسوى اللخمي بين شرط وكيل المرتهن والعدل وهو نص المدونة اهـ.

(كالمرتهن بعده) نسب في ضيح الجواز في هذه لابن رشد وابن زرقون والقول بالمنع لبعض الموثقين قال لأنها هدية مديان واعترض غ نسبه الجواز لابن رشد قائلًا أن الذي لابن رشد أن ذلك لا يجوز ابتداء لأنه وكالة اضطرار قال وأما لو طاع الراهن للمرتهن بعد العقد بأن يرهنه رهنًا ويوكله على بيعه عند أجل الدين لجاز باتفاق اهـ.

واعترض ح على غ أن الذي قال ابن رشد فيه أنه لا يجوز ابتداء إنما هو إذا كان ذلك في عقد الرهن أي لا بعده كما توهمه غ ثم ذكر كلام ابن رشد بتمامه فانظره (وإلا مضى فيهما) قول ز وقيل بالمنع لأن الإذن في العقد منفعة زادها الراهن الخ تبع تت في هذه العلة وهي غير صواب بل هي علة للقول بمنع الإذن بعد العقد وقبل حلول الأجل كما في ضيح وغيره انظر طفى (ولا يعزل الأمين) قول ز وينبغي تقييده قياسًا على ما في الوكالة الخ فيه نظر

ص: 452

فقط فإن اتفقا على عزله فلهما ذلك وليس له هو عزل نفسه في صورتيه كذا يظهر وظاهر قوله: ولا يعزل ولوالي بدل أوثق منه وينبغي تقييده قياسًا على ما في الوكالة بما إذا لم يكن البدل أوثق (وليس له) أي للأمين الموكل على بيع الرهن أو على حوزه (إيصاء) عند سفره أو موته (به) أي بالائتمان المفهوم من أمين لأن الحق في ذلك للمتراهنين وهما لم يرضيا إلا بأمانته لا أمانة غيره ولو قال ولا ينفذ الإيصاء به لكان أحسن لأنه لا يلزم من عدم جواز إيصائه به عدم نفوذه ومثل الأمين القاضي بخلاف الخليفة والمجبر والوصي وإمام الصلاة المقام من جانب السلطان وكذا ناظر الوقف له الإيصاء به إن جعله له الواقف وإلا فكالقاضي (وباع الحاكم) الرهن (أن امتنع) الراهن من بيعه وهو معسر لا مال له غيره أو امتنع من الوفاء وهو موسر ولا يحبس ولا يضرب ولا يهدد بذلك وكذا بيع الرهن إذا كان الراهن غائبًا مع إثبات الدين والرهن ولو كان غيره أولى بالبيع كما استظهره ابن عرفة قائلا: لتعلق حق المرتهن بعينه وربما كان أيسر بيعًا مع أن راهنه كالملتزم بيعه برهنه وقال الصقلي ينظر السلطان في الأحسن بالبيع الرهن أو غيره وفيه نظر وظاهر ما يأتي عن ابن رشد خلافه اهـ.

ــ

إذ حيث لم يتفقا على عزله فلا يعزل والوالي أوثق منه (وليس له إيصاء به) قول ز ومثل الأمين القاضي الخ قال غ في تكميله قاعدة ذكرها ابن محرز في كتاب الأقضية ونصه لم يختلفوا أنه ليس للقاضي أن يوصي بالقضاء لغيره عند موته وفرقوا بين القضاء وبين الوصية والإمامة الكبرى والمعنى الذي تضبط به هذه الأصول على اختلافها أن من ملك حقًّا على وجه لا يملك معه عزله فله أن يوصي به ويستخلف عليه وذلك كالخليفة والوصي والمجبر على مذهب ابن القاسم فيها وإمام الصلاة وكل من ملك حقًّا على وجه يملك معه عزل عنه فليس له أن يوصى به وذلك كالقاضي والوكيل وإن كان مفوضًا إليه وخليفة القاضي المقام للأيتام وما أشبه ذلك ومن يده أخذها ابن هشام في مفيد الحكام اهـ.

والله تعالى أعلم (وباع الحاكم أن امتنع) ابن رشد الذي جرى به العمل أن القاضي لا يحكم للمرتهن ببيع الرهن حتى يثبت عنده الدين والرهن وملك الراهن له وتحليفه مع ذلك أنه ما وهب دينه ولا قبضه ولا أحال به وأنه لباق له عليه إلى حين قيامه اهـ.

نقله ح وذكر ابن عرفة في إثبات ملك الراهن له أربعة أقوال ونظر ابن عرفة فيما إذا ادعى الراهن البخس قال وكان بعض القضاة يسمع قوله واستظهر هو أنه لا يسمع قوله قال ولكن بعد أن يتلوم له بحسب ذلك الشيء المرهون قرب عقار يكفي في إشهاره الشهران ورب آخر لا يكفي فيه إلا ثلاثة أشهر اهـ.

وقول ز وبحث معه ح لأن ما نقله عن ابن رشد موافق للصقلي الخ نص ما نقله ابن عرفة عن ابن رشد الرهن لا يباع على الراهن لا إذا ألد في بيعه أو عاب ولم يوجد له ما يقضي منه دينه فيحتاج إلى البحث عن ذلك وعن قرب غيبته من بعدها ولا يفعل ذلك إلا القاضي فأشبه حكمه على الغائب ابن عرفة ظاهر حصره ما يتوقف عليه بيع الرهن فيما ذكر أنه لا يتوقف على كونه أولى ما يباع عليه ولا بلوغه قيمته اهـ.

ص: 453

وبحث معه ح بأن ما نقله عن ابن رشد موافق للصقلي وموته كغيبته ويحلف المرتهن فيهما يمين الاستظهار (و) إذا احتاج الرهن الحيوان أو العقار لنفقة وأنفق عليه المرتهن (رجع مرتهنه بنفقته) التي أنفقها عليه على الراهن حاضرًا أو غائبًا مليًّا أو معدمًا ولو زادت النفقة على قيمة الرهن كما في المدونة والموازية والمجموعة لأن غلته له ومن له الغلة عليه النفقة (في الذمة) لا في عين الرهن (ولو لم يأذن) له الراهن في الإنفاق لأنه قام عنه بواجب وهو مبالغة في قوله في الذمة ردّ بها قول أشهب أن نفقته على الرهن إذا لم يأذن له فيها تكون في الرهن يبدأ بها في ثمنه اهـ.

وفهم منه إنه ليس له منع المرتهن من النفقة وهو كذلك لهلاك الحيوان حينئذ وخراب العقار (وليس) الرهن (رهنا به) أي بالاتفاق بمعنى النفقة بخلاف الضالة فإنه يرجع بالنفقة في عين الملتقط ويكون مقدمًا على الغرماء بنفقتها والفرق إن الضالة لا يقدر على صاحبها لعدم معرفته له بخلاف الرهن إذ لو شاء طلب ربه ولو غاب رفع للإمام وكلام المصنف فيما ليس له أو أن يباع فيه فلا يعارض ما يأتي من قوله وإن أنفق مرتهن على كشجر خيف عليه بدئ بالنفقة لأنه فيما له أو إن وقوله وليس رهنًا به مستفاد من قوله: في الذمة وصرح به ليستثنى منه قوله: (إلا أن يصرح بأنه رهن بها) أي بالنفقة التي أشار لها بقوله: به أي بالإنفاق بتذكير الضمير فقد تفنن في العبارة وفرع على ما قبل الاستثناء قوله: (وهل) لا يكون رهنًا به (وإن قال) أنفق (ونفقتك في الرهن) فيحبسه في الدين والنفقة إلا أن تقوم الغرماء فلا يحبس فضلته في النفقة أو كونه ليس رهنًا به إن لم يقل أنفق ونفقتك في الرهن فإن قال أي هو رهن بما أنفقت كان رهنًا به فيحبسه في الدين والنفقة ولو قامت الغرماء (تأويلان) واعترض بأنهما إنما وقعا في أنفق على أن نفقتك في الرهن وأجيب بإنه رأى أن لا فرق بين على والواو وقد يبحث فيه قاله عج أي في قياسه

ــ

قلت قول ابن رشد ولم يوجد له الخ ربما يوافق ما لابن يونس كما ذكره ح (ورجع مرتهنه بنفقته) ابن عاشر أي التي من شأنها الوجوب على المالك لو لم يكن المملوك رهنًا بدليل ما يأتي في قوله وإن أنفق مرتهن على كشجر خيف الخ وقال في قوله وإن أنفق على كشجر أي مما تتوقف سلامته على النفقة ولا يلزم مالكه لو لم يكن رهنًا نفقته وبعدم اللزوم فارقت هذه قوله ورجع مرتهنه بنفقته في الذمة الخ قال طفى وهو صواب ولعله أخذه من ابن عرفة اهـ.

فيؤخذ من التفريق المذكور أن العقار كالشجر لا كالحيوان لأن نفقته غير واجبة واختار الشيخ المسناوي ما أفاده ز من أن العقار كالحيوان قال لأنه لما رهنها وهو عالم بافتقارها للإصلاح فكأنه أمره بالنفقة فيرجع بها في ذمته قال وهذا هو الفرق بين ما هنا وبين الأشجار (وليس رهنًا به) قول ز مستفاد من قوله في الذمة الخ نحوه لعج واعترضه ابن عاشر وغيره بأن كونه رهنًا لا ينافي تعلقه بالذمة كسائر الديون وإنما فائدة كونها في الذمة أنها إذا زادت على الرهن فإنه يتبعه بذلك في ذمته وهذا أعم من كونه رهنًا بها أم لا (تأويلان) الأول لابن شبلون وابن رشد والثاني لابن يونس وجماعة وقول ز واعترض بأنهما إنما وقعا الخ فيه نظر

ص: 454

المذكور وقد يقال على أن الخ أظهر في حبسه بالنفقة مع قيام الغرماء لأنه قريب من التصريح بأنه رهن بها ويجاب باحتمال أن المعنى أنفق على أن نفقتك بسبب الرهن ففي سببية فلذا جاء في ذلك التأويلان وقياس أنفق ونفقتك في الرهن أي بسببه على ما فيه التأويلان ظاهر حينئذٍ على طريقة قوله الآتي وأنت حر على أن عليك ألفًا أو وعليك ألف لزم العتق والمال وفهم من المصنف إنه لو قال أنفق وهو بما أنفقت رهن فيكون رهنًا في النفقة والدين قطعًا وهو كذلك وإنه لو قال له أنفق عليه ولم يزد فله حبس الفضلة إن لم يكن الغرماء وفرع على التأويلين قبله وعلى تعريفه أوّل الباب للرهن الدال بظاهره على عدم افتقاره للفظ قوله: (ففي افتقار الرهن للفظ مصرح به) دال على تعلق لفظ الرهن بالمرهون صريحًا بناء على إنه لا بدّ في النفقة من التصريح بها وعدم افتقاره للفظ مصرح به بناء على القول بعدم اشتراط التصريح بالإنفاق (تأويلان وإن أنفق مرتهن) من ماله أو تداينه ليوفيه مما يصلح (على كشجر) وزرع رهنًا عنده فانهارت بئرهما فأحياهما بإنفاقه بعد إباية الراهن منه كما في المدونة وعدم إذنه فيه للمرتهن و (خيف عليه) التلف بعدم الإنفاق (بدئ بالنفقة) على دينه الذي فيه الرهن والفرق بين هذا وبين قوله: قبله في الذمة أن نفقة الحيوان لا بد منها وكذا العقار لشبهه بالحيوان فكأن المرتهن دخل على الإنفاق عليهما ولما لم يشترط كون الرهن رهنًا بها كان سلفًا منه لها بغير رهن بخلاف هدم البئر

ــ

فإن كلام ابن يونس صاحب التأويل الثاني يفيد أنه رهن بها سواء قال على أن نفقتك الخ أو قال ونفقتك في الرهن ونصه قال ابن القاسم ولا يكون ما أنفق في الرهن إذا أنفق بإذن ربه لأن ذلك سلف ثم قال إلا أن يقول له أنفق على أن نفقتك في الرهن أو أنفق والرهن بما أنفقت رهن أيضًا فذلك سواء ويكون رهنًا بالنفقة ثم قال فإن غاب وقال الإِمام أنفق ونفقتك في الرهن كان أحق به من الغرماء كالضالة اهـ.

باختصار على نقل ق فعبر مرة بعلى ومرة بالواو لاستوائهما وكذا ابن رشد إذ قال في سماع أبي زيد من كتاب المديان ما نصه قال ابن القاسم في الرهون من المدونة أن الراهن إذا قال للمرتهن أنفق على الرهن على أن نفقتك فيه أنه يكون أحق بما فضل من الرهن عن حقه حتى يستوفي نفقته إلا أن يكون عليه غرماء فلا يكون أحق ببقية الرهن في نفقته منهم وأشهب يرى أنه يكون أحق من الغرماء ببقية الرهن في نفقته بقوله أنفق ونفقتك في الرهن اهـ.

منه ولذا عبر ابن عرفة مثل المصنف في محل التأويلين فقال وفيها لو قال أنفق والرهن بما أنفقت رهن فهو بها رهن ولو قال ونفقتك في الرهن ففي كون فائدته حبسه عن ربه في النفقة لا رهنًا بها أو رهنه بها قول ابن شبلون أخذا بظاهرها والصقلي عن بعض القرويين مؤوّلًا عليه المدونة اهـ.

(ففي افتقار الرهن للفظ الخ) الأول هو الآتي على تأويل ابن شبلون وابن رشد والثاني هو الآتي على تأويل ابن يونس فهذا لازم من كلامهم في المسألة المتقدمة وإن لم يصرحوا به قاله طفى أي لم يصرحوا بأنهما تأويلان وإلا فالخلاف في ذلك بين ابن القاسم وأشهب صرح

ص: 455

مثلًا فإنه غير مدخول عليه ولما كان أحياء الزرع والشجر إنما يحصل عن إنفاقه به بدئ به على دين الرهن الأصلي ولم تعد نفقته سلفًا جر نفعًا لشدة ما يلحقه من الضرر لهلاك الرهن بترك الإنفاق عليه ومعنى التبدئة بما أنفق أن ما أنفقه يكون في ثمن الزرع والتمرة وفي رقاب النخل فإن ساوى ما ذكر للنفقة أخذها المرتهن وأن قصر ذلك عن نفقة لم يتبع لراهن بالزائد وضاع عليه وكان أسوة الغرماء بدينه وإن فضل عن نفقته بدئ بها في دينه وإن فضل شيء كان للراهن وقولي وإن قصر ذلك عن النفقة لم يتبع الراهن بالزائد وضاع عليه أي بخلاف المسألة السابقة المتعلق إنفاقه بذمة الراهن كما قدمنا وقولي بعد إباية الراهن تحرز عما لو أنفق بإذنه أو بدون علمه فنفقته في ذمة الراهن (وتؤولت) المدونة (على عدم جبر الراهن عليه) أي على الإنفاق في هذه المسألة (مطلقًا) كان الرهن مشترطًا في العقد للبيع أو للقرض أو متطوعًا به بعده ويخير المرتهن في إنفاقه عليه للإصلاح فيكون دينًا في الذمة وفي تركه (وعلى التقييد) لعدم جبره (بالتطوع) أي بالرهن المتطوع به (بعد العقد) لا في المشترط عنده فيجبر عليه لتعلق حق المرتهن به وإن كان الإنسان لا يجبر على إصلاح عقاره وعليه فيكون فيما أنفق وعدوله لما ذكر عن قوله: تأويلان مفيد لعدم تساويهما وإن أحدهما أرجح ومعلوم إنه الأول (وضمنه مرتهن) ادعى تلفه أو ضياعه أورده بثلاثة شروط أولها قوله: (إن كان بيده) أي حوزه وحوز كل شيء بحسبه وثانيها كونه (مما يغاب عليه) كحلى ومنه سفينة وقت جريها رهنت وحدها أو مع آلتها فإن رهنت آلتها وحدها فمما يغاب عليه مطلقًا وقت جري السفينة أو راسية (و) ثالثها (لم تشهد بينة) ولو شاهدًا مع يمين فيما يظهر (بكحرقه) ويضمن مع وجود الشروط المذورة (ولو شرط) المرتهن في عقد الرهن (البراءة) أي عدم ضمانه له لأنه من إسقاط الشيء قبل وجوبه ولأنه للتهمة عند ابن القاسم وهي قائمة مع عدم البينة خلافًا لقول أشهب لا ضمان عليه عند الشروط وهذا إذا كان في أصل البيع أو القرض فإن كان بعده اعتبر شرطه إذ طوعه بالرهن معروف وإسقاط الضمان معروف ثانٍ فهو إحسان على إحسان ولذا اتفقا على أعمال الشرط في العارية قاله اللخمي والمازري وحكايتهما اتفاق ابن القاسم وأشهب على أعمال الشرط في العارية إحدى طريقتين حكاهما المصنف في بابها بقوله: وهل وإن شرط نفيه تردد وعطف على ما هو داخل في المبالغة على الضمان لاحتمال كذبه قوله: (أو علم احتراق محله) المعتاد وضعه فيه (إلا ببقاء بعضه محرقًا) مع علم احتراق محله فلا ضمان زاد ابن المواز وعلم أن النار من غير سببه واختلف هل هو تفسير للمذهب أو

ــ

به ابن رشد وابن عرفة وغيرهما (وتؤولت على عدم جبر الراهن) قول ز فيكون دينًا في الذمة الخ صوابه فلا يكون دينًا في الذمة كما هو ظاهر وقوله فيما بعده فيكون فيما أنفق صوابه فيكون دينًا في الذمة كما في خش (وضمنه مرتهن) أي يضمن الرهن أن مثليًّا فمثله وإن مقومًا فقيمته وهل القيمة يوم الضياع أو يوم الارتهان قولان ووفق بعض الشيوخ بين القولين بأن الأول فيما

ص: 456

خلاف وهو مقتضى المصنف قال شيخنا ق صوابه غير محرق إذ البعض المحرق لا يبقى وإنما يبقى البعض الآخر غير المحرق أو أن محرقًا حال من الضمير في محله أي المحل المعتاد وضعه فيه لا من ضمير بعضه فلا إشكال ويمكن أن يطلق المحرق على ما أذهبته النار بالكلية وعلى ما بقيت آثارها فيه ولم تذهبه بالكلية فأطلقه المصنف في قوله: بكحرقه على الأول وفي قوله: إلا ببقاء بعضه محرقًا على الثاني استخدامًا اتكالًا على ظهوره من لفظ بقاء اهـ.

وقول المصنف: محرقًا فرض مسألة أي أو مقطوعًا أو مكسورًا أو مبلولًا وكأنه خصه لأجل قوله: (وأفتى) أي أفتى الباجي (بعدمه) أي الضمان (في العلم) لاحتراق محله المعتاد وضعه فيه وادعى إنه كان به إذ لو ثبت إنه كان به لم يضمن باتفاق الباجي وغيره ولما كانت فتوى الباجي حين احتراق أسواق طرطوشة ورأى المصنف الحكم عامًّا في الأسواق وفي علم احتراق محل الرهن الكائن للمرتهن نسب له الفتوى (وإلا) بأن لم يكن بيده بل بيد أمين أو تركاه في موضعه كثمار برؤوس شجر وكزرع قائم وكرهن سفينة واقفة بالمرسى وإن رهنت آلتها معها وكإعدال في قاعة فندق وكطعام في دار لراهن مطبوعًا عليه أو مفتاحه بيد المرتهن أو كان الرهن بيد المرتهن وهو مما لا يغاب عليه كدور وعبيد وحيوان أو شهدت بينة بكحرقه أو وجد بعضه محرقًا مع علم احتراق محله أو علم احتراق محله فقط على ما للباجي (فلا) ضمان على المرتهن وصرح بهذا وإن كان مفهوم شرط ليرتب عليه قوله: (ولو اشترط) الراهن على المرتهن عند عقد الرهن (ثبوته) أي الضمان عليه فلا ضمان عليه ولكن لا بد من يمينه إنه تلف بلا سببه متهمًا أم لا

ــ

إذا ظهر عنده يوم ادعى التلف والثاني فيما إذا لم يعلم متى ضاع قف على المتيطي (وأفتى بعدمه في العلم) أفتى بذلك الباجي لما احترق أسواق طرطوشة وبذلك جرى العمل عندنا ونقل في ضيح مثل فتواه عن المازري ونصه وذكر المازري أنه نزل عندهم سنة ست وثمانين وأربعمائة لما فتح الروم زويلة والمهدية ونهبوا الأموال وكثرت الخصومات مع المرتهنين والصناع وفي البلد مشايخ من أهل العلم متوافرون فأفتى جميعهم بتكليف المرتهن والصانع البينة أن ما عنده قد أخذه الروم وأفتيت بتصديقهم قال وكان القاضي حينئذٍ يعتمد على فتواي فتوقف لكثرة من خالفني حتى شهد عنده عدلان أن شيخ الجماعة السيوري أفتى بما أفتيت به ثم قدم علينا كتاب المنتقى فذكر فيه في الاحتراق مثل ما أفتيت وذكر كلام الباجي اهـ.

(وإلا فلا) قول ز أو وجد بعضه محرقًا مع علم احتراق محله على ما للباجي الخ هكذا فيما رأيته من النسخ (1) وصوابه أن يزيد بعد قوله مع علم احتراق محله أو علم احتراق محله فقط على ما للباجي لأن ما للباجي إنما هو فيما إذا لم يكن إلا علم احتراق محله أما إن بقي

(1) ما صوبه بن هو في بعض نسخ ز التي بأيدينا وفي بعض كما رأى بن اهـ.

ص: 457

وسيأتي أن ذلك أحد أقوال ثلاثة: (إلا أن يكذبه عدول) اثنان أو أكثر وانظر إذا كذبه عدل وامرأتان (في دعوى موت دابة) معه بسفر أو حضر ولم يعلم به أحد فيضمن ومفهوم عدول لو كذبه غيرهم لم يضمن لتطرق التهمة بكتمهم الشهادة ومفهوم يكذبه إنه لو صدقه شهود لتأكد الظن بصدقه عدولًا كانوا أو غيرهم ويكفي في تصديق خبر العدول له أنهم رأوا دابة ميتة وإن لم يعلموا أنها الرهن وحلف إنها الرهن حيث لم يعلموا عينها مع كونها مثل المدعي موتها فيما يظهر لا كفرس في حمار ولا مفهوم لموت ولا لدابة فالمراد في دعواه تلف ما لا يضمنه ويكذبانه في ذلك ومثل تكذيب العدول سكوتهم وعدم تصديقهم له ولم يبين المصنف وقت ضمان ما يغاب عليه قال د فيه خلاف هل يضمن القيمة يوم القبض مطلقًا أي وهو الراجح كما نقله عن التوضيح أو إلا أن يرى عنده بعد ذلك فيضمن قيمته يوم رؤى اهـ.

فإن تكررت الرؤية ضمنها عند آخر رؤية وأما ما يأتي في قول المصنف واعتبرت قيمته الخ فهو قيمته المشاهدة في قدر الدين.

تتمة: نقل البرزلي عن ابن عرفة إنه إذا رهن الدار وسلم مكتوبها للمرتهن فضاع فإنها تقوّم على أنها تباع برسم وبغيره ويغرم ما نقصت قيمتها بلا رسم عن قيمتها برسم وأفتى شيخ مشايخ شيخنا الجيزي بإجراء هذا في عقار الوقف حيث ضاع رسمه وينبغي أن محل ذلك إذا لم يكن للوثيقة سجل وإلا غرم أجرة طلوع بدلها منه (وحلف) المرتهن (فيما يغاب عليه) وأولى في غيره لأنه إذا حلف مع غرم القيمة فأولى مع عدمها لكنه أحد أقوال ثلاثة: ثانيها عدمه مطلقًا ثالثها يحلف المتهم دون غيره وعلى الأول فالفرق بينه وبين الوديعة إنها أمانة محضة والرهن فيه شبه بها أو بالقرض فإن الرهن لم يؤخذ لمنفعة ربه فقط كالوديعة ولا لمنفعة الآخذ فقط حتى يكون ضمانه منه مطلقًا كالقرض بل أخذ شبها منهما فضمن ما يغاب عليه دون ما لا يغاب عليه وصفة يمينه هنا مختلفة فيحلف (إنه تلف بلا دلسة) في دعوى التلف (و) إنه ضاع و (لا يعلم موضعه) في دعوى الضياع قالوا وللتقسيم لا أنه يجمع بينهما وإنما حلف فيهما مع ضمانه القيمة أو المثل في المثلى

ــ

بعضه محرقًا فلا ضمان عند الباجي وغيره (إلا أن يكذبه عدول) قول ز وانظر إذا كذبه عدل وامرأتان الخ لا وجه للتنظير في هذا القبول العدل والمرأتين في المال وما يؤول إليه وقول ز ومثل تكذيب العدول سكوتهم الخ يعني إذا كان سكوتهم لوجه وإلا فهو جرحة في حقهم حيث سئلوا وسكتوا (وحلف فيما يغاب عليه) قول ز ثانيها عدمه مطلقًا الخ بل الثاني يقول لا يمين عليه إلا أن يدعي الراهن علم ذلك وإلا حلف له المرتهن كما في ق عن ابن عرفة والقول الأول الذي اقتصر عليه قول ابن مزين قال عياض وعليه حمل بعض الشيوخ ظاهر المدونة وقول ز ومقتضى هذا التعليل إلى قوله أنه لا يحلف ولا يضمنه صوابه ويضمنه بالإثبات إذ الذي في المدونة أن الضمان لا ينتفي إلا ببينة تشهد على هلاكه من غير سببه

ص: 458

للاتهام على تغييبه وإخفائه رغبة فيه ومقتضى هذا التعليل إنه لو شهدت له بينة بتلفه ولم تشهد مع ذلك بتلفه بغير سببه إنه لا يحلف ولا يضمنه وهو كذلك كإتيانه ببعضه محرقًا ولم يعلم احتراق محله فإنه لا يحلف إذ لا يتهم على أنه غيبه مع ضمانه كشهادتها عليه بتلفه بسببه أو مجملًا فيضمنه ولا يحلف فلا يلزم من نفي الحلف نفي الضمان وظاهر قوله: حلف متهمًا أم لا لأن هذه اليمين استظهار واستشكل قوله: بلا دلسة بأن مقتضاه إنه لا يضمن إذا لم يدلس مع إنه يضمن دلس أم لا وأجيب بأن المراد بها السبب واعترض بأنه يحلف سواء تلف بسببه أم لا وأجيب أيضًا بأنه مع عدم المدلسة يضمنه ضمان الرهن ومع المدلسة ضمان التعدي وهو يختلف مع الأول بالنظر لوقت الضمان وأجيب أيضًا بأن المراد بالدلسة الإخفاء (واستمر ضمانه) أي ما يغاب عليه على المرتهن إلى أن يسلمه لربه و (إن قبض الدين) من الرهن (أو وهب) الدين للراهن أو أخذت امرأة رهنًا بصداقها وتبين فساده وفسخ قبل الدخول أو كان في نكاح تفويض وطلق قبل البناء فالموضع للمبالغة كما قررنا ولو قال وإن برئ من الدين لشمل ما زدناه عليه وأشار المصنف بما ذكر إلى دفع توهم أن الرهن بعد قبض الدين أو هبته صار كالوديعة وسبب الدفع أنها في الأصل قبضت لمحض الأمانة ونفعها خاص بربها والرهن قبض توثقًا لا أمانة والانتفاع به لهما معًا للمدين بأخذ الدين وللمرتهن بالتوثق في دينه وظاهر قوله: أو وهب كانت الهبة مطلقة أو معلقة بحسب المعنى لا لفظًا على براءة ذمته وفي كلام أشهب تقييده بالأول وتردد ح في أنه هل يقيد به المصنف أم لا ويوافق ما لأشهب ما في نكاحها فيمن باع سلعة لرجل فأخذ ثمنها ثم وهبه للمشتري ثم استحقت تلك السلعة إنه لا رجوع له على البائع لحجته أن يقول لم أهبك إلا ثمن سلعة مملوكة لي والآن قد ارتفع ملكي عنها فيرتفع ثمنها اهـ.

تنبيه: إذا وهب الراهن الرهن لأجنبي تنزل منزلة الواهب فيضمنه له المرتهن ضمان الرهبان ويجري فيه أيضًا قوله: (إلا أن يحضره) المرتهن لربه (أو يدعوه) بعد قضاء الدين الأخذه) من غير إحضاره (فيقول) في الثانية (اتركه عندك) وإن لم يقل وديعة فلا ضمان عليه إذا ضاع لأنه صار أمانة فإن دعاء لأخذه قبل قضائه استمر ضمانه وإذا أحضره على الوجه الكافي فلا فرق بين أن يقول اتركه عندك أم لا ومثل الإحضار شهادة بينة بوجوده

ــ

انظر ق (وإن قبض الدين) قول ز فالموضع للمبالغة كما قررنا الخ فيه نظر بل ليس الموضع للمبالغة خلافًا لما زعمه لأنه لا استمرار قبلها فالأولى نسخة إن قبض دون واو وقول ز وظاهر قوله أو وهب كانت الهبة الخ الذي في ح أن أشهب يقول أن المرتهن إذا وهب الدين للراهن ثم تلف الرهن فضمنه فإن الهبة تبطل ويلزم الراهن غرم الدين ويتقاصان فإن فضل عند أحدهما للآخر شيء دفعه له وتردد ح فقال يحتمل أن ابن القاسم يقول بما لأشهب ويحتمل أن يخالف فيقول بلزوم الهبة وإن ضمن المرتهن وبهذا تعلم ما في كلام ز فإنه يوهم أنهما صورتان الأولى يتفق فيها ابن القاسم وأشهب على لزوم الهبة والثانية اختلفا فيها وح لم

ص: 459

عند المرتهن بعد وفاء الدين ولا مفهوم لقوله: يدعوه لأخذه بل حيث قال بعد قضاء الدين اتركه عندك وتلف فإنه يبرأ منه دعاه لأخذه أم لا (وإن جنى الرهن) بعد حيازة المرتهن إياه أي ادعى شخص على الراهن جناية الرهن على مال أو بدن فلا منافاة بينه وبين قوله: (واعترف راهنه) ويدل على أن هذا مراده تعبيره الآتي في قسيمة بثبتت (لم يصدق أن أعدم) أي كان معدمًا ولو بالبعض حال اعترافه واستمر أو طرأ له ذلك قبل الأجل وإنما لم يصدق لأنه يتهم على خلاصه من يد مرتهنه ودفعه للمجني عليه والمراد لم يصدق بالنسبة للمرتهن وأما بالنسبة للمجني عليه فيصدق لأنه يؤخذ بإقراره فإن خلص من الرهن تعلق به حق المجني عليه فيخير سيده بين إسلامه وفدائه فإن بيع في الدين تبع المجني عليه الراهن بالأقل من الثمن وأرش الجناية وكلام المصنف في رهن تتعلق الجناية به كعبد أما إن كان حيوانًا لا يعقل فإنها لا تتعلق به أصلًا بل إما هدر وإما أن تتعلق بالغير كالسائق والقائد والراكب كما سيأتي تفصيله إن شاء الله وظاهر كلامه ادعى جنايته قبل الرهن أو بعده وهو كذلك إذ الفرض أن الراهن معدم والمرتهن حائزة فيهما كما مر وإنما يفترقان إذا كان مليًّا كما قال: (وإلا) يكن الراهن معدمًا خير بين فدائه وإسلامه مع بقائه رهنًا في الحالين كما أشار له بقوله: بقي الرهن على رهنيته ساقطًا حق المجني عليه منه أو بقي بقاء مستمرًا غير محدود (أن فداه وإلا) يفده المليء بقي أيضًا متعلقًا به حق المجني عليه منه أو بقاء محدود إلى حلول الأجل كما قال: (أسلم يعد الأجل ودفع الدين) فإن أعدم قبل دفعه لم يسلم كأن فلس قبله أيضًا فيكون المرتهن أحق به لأن الفرض أن الجناية لم تعرف إلا بإقرار الراهن ومحل قوله: وإلا بقي الخ إذا اعترف الراهن المليء إنه جنى بعد الرهن كما يفيده تعليق الحكم بالوصف فإن اعترف بعد الرهن إنه جنى قبله ثم رهنه أو كأن اعترف قبل الرهن بجنايته كما في الشارح بقي أيضًا رهنًا إن فداه وإن أبى حلف إنه ما رضي يحمل الجناية وأجبر على إسلامه مع تعجيل الحق إن كان مما يعجل كمن أعتق وأقر أنه لغيره فالعتق لازم ويعجل قيمته للمقر له وإن كان الدين مما لا يعجل بان كان عرضًا من بيع ولم يرض من هو له بتعجيله لغا إقراره على المرتهن كما لو كان معسرًا والدين مما له تعجيله ويخير المجني عليه بين تغريمه قيمته يوم رهنه لتعديه وبين صبره حتى يحل الأجل ويباع ويتبعه بثمنه وهذا ما لم يكن الأرش أقل فيغرمه (وإن ثبتت) الجناية بعد الرهن (أو اعترفا) أي المتراهنان بها فإن كان المقتول عبدًا لسيده لم يقتله إلا أن يعجل الدين قاله ابن عرفة وإن كان أجنبيًّا فقد تعلق بالعبد ثلاثة حقوق حق للسيد وللمرتهن وللمجني عليه فيخير السيد أولًا لأنه المالك بين

ــ

يقل ذلك فتأمله (وإلا أسلم بعد الأجل ودفع الدين) ابن عرفة انظر لو أبى من فدائه أولًا وهو مليء ثم أراده حين الأجل ونازعه المجني عليه فالأظهر أنه ليس له ذلك لأنه لو مات كان من المجني عليه اهـ.

ص: 460

فدائه وإسلامه فإن فداه بقي رهنًا بحاله وترك هذا لوضوحه قاله تت وقال د استغناء عنه بما سبق من التصريح بالفداء إذ الحكم هنا مساو لذلك ولا يقال تركه لوضوحه لأنا نقول كان يمكنه أن يتركه فيما سبق لوضوحه أيضًا (و) إن لم يفده و (أسلمه) أي أراد إسلامه للمجني عليه فيخير المرتهن حينئذٍ لتقدم حقه على المجني عليه بين إسلامه وفدائه (فإن أسلمه مرتهنه أيضًا) كالراهن (فللمجني عليه بماله) رهن معه أم لا زاد في المدونة ويبقى دين المرتهن بحاله أي بلا رهن ابن يونس وليس له أن يؤدي الجناية من مال العبد إلا أن يشاء سيده زاد في النكت وسواء كان مال العبد مشترطًا إدخاله في الرهن أم لا لأن المال إذا قبضه أهل الجناية قد يستحق فيكون على السيد غرم مثله لأن رضاه بدفعه إليهم كدفعه من ماله وأما إذا أراد ذلك الراهن وأبى المرتهن فإن لم يكن إدخاله مشترطًا في الرهن فلا كلام للمرتهن وإن كان مشترطًا إدخاله فيه فإن دعى المرتهن إلى أن يفديه كان ذلك له وإن أسلم العبد كان ذلك للراهن قاله تت ونحوه للشارح ثم ذكر قسيم قوله: فإن أسلمه فقال: (وإذ فداه) أي فدى المرتهن الرهن الذي أسلمه الراهن وكان ذلك الفداء (بغير إذنه) أي الراهن (ففداؤه في رقبته) فقط على المشهور مبدأ به على الدين لا في ماله أيضًا لأنه إنما افتكه ليرده إلى ما كان عليه أولًا ولولا ذلك لما كان له طريق إلى العبد بوجه وحينئذٍ فيرجع إلى ما كان عليه وهو إنما كان مرهونًا بدون ماله وقيل فيها وفي ماله (إن لم يرهن بماله) فإن رهن به ففداؤه فيهما وأما ذمة الراهن فلا يتعلق بها مطلقًا قاله د قال تت وينبني على المشهور ومقابلة إنه لو كان مرهونًا بخمسين أي على خمسين هي الدين وفداه المرتهن بخمسة وعشرين وبيع مع ماله بمائة وكانت رقبته تساوي خمسين اختص المرتهن على المشهور بخمسين قيمة الرقبة بخمسة وعشرين نظير ما فداه وخمسة وعشرين من دينه وحاصص الغرماء في الخمسين الذي بيع بها ماله بالخمسة وعشرين الباقية له إذ لم يبق له أي بعد الفداء رهن يختص به أي إذ الفرض إنه رهن بغير ماله وعلى مقابله يختص بخمسة وسبعين والباقي للغرماء اهـ.

والفرق بين هذا وما تقدم في النفقة إنه هنا أسلمه فهو غير ملتزم لفدائه بخلاف

ــ

وسبق إليه أبو الحسن (فإن أسلمه مرتهنه أيضًا فللمجني عليه بماله) ابن عرفة فإن كان للعبد مال لم يكن لمرتهنه فداؤه منه بغير إذن ربه اهـ.

وقال في ضيح ابن يونس وليس للمرتهن أن يؤدي من مال العبد الجناية ويبقى رهنًا إلا أن يشاء سيده زاد صاحب النكت وسواء كان مال العبد مشترطًا إدخاله أم لا لأن المال إذا قبضه أهل الجناية فقد يستحق فيتعلق على السيد غرم مثله لأن رضاه بدفعه إليهم كدفعه ذلك من ماله وأما إن أراد الراهن ذلك وأبى المرتهن فإن كان لم يشترط المرتهن إدخال المال في الرهن فلا كلام له وإن اشترط إدخاله في الرهن فإن دعى المرتهن إلى أن يفديه كان ذلك له وإن أسلم العبد كان ذلك للراهن اهـ.

ص: 461

النفقة ويؤخذ من قوله ففداؤه في رقبته إنه لو لم تفِ رقبته بالفداء لسقط عن السيد ولم يتبع به لأن من حجته أن يقول للمرتهن إن كنت قادرًا على تسليمه (ولم يبع) هذا الجاني جبرًا على الراهن (إلا في) انتهاء (الأجل) وذلك بعده سواء كان الفداء في الرقبة أو فيها مع الحال لأنه إنما رجع على ما كان عليه وهو إنما يباع عند الأجل فإن فضل من ثمنه فضلة عن الدين والفداء فللراهن إذ تسليمه ليس قاطعًا لحقه فيها (و) أن فداه (بإذنه فليس رهنًا به) بل سلفًا في ذمة الراهن والظاهر أن له حبسه ما لم تقم الغرماء عليه بالأولى من مسألة النفقة وما مشى عليه ضعيف والمذهب إنه يكون رهنًا به فلو قال كبإذنه لمشى عليه مع إفادة التشبيه إنه أيضًا يجري فيه قوله: ففداؤه الخ (وإذا قضى بعض الدين أو سقط) بعضه عن الراهن بإبراء أو هبة أو صدقة أو طلاق قبل البناء (فجميع الرهن) اتحد أو تعدد (فيما بقي) من الدين لأن كل جزء من الرهن رهن بكل جزء من الدين الذي رهن فيه بمعنى الكلية لا بمعنى التوزيع إن اتحد مالك الدين فإن تعدد ولا شركة بينهم فيه فعلى معنى التوزيع قاله ابن عرفة كما في تت فعل كلام المصنف إن اتحد الراهن والمرتهن فليس له أخذ شيء من المتعدد لأنه قد يحول سوقه فإن تعدد الراهن كرجلين رهنا دارًا لهما في دين فقضى أحدهما حصته من الدين فله أخذ حصته من الدار فإن تعدد المرتهن واتحد الراهن والرهن وقضى الراهن أحدهما فقال ابن القاسم حكمها كالأولى واستشكل بجولان يد الراهن مع المرتهن الذي لم يعط دينه وذلك مبطل للرهن وأجيب بأنه إنما تكلم على خروج حصة المرتهن الذي استوفى حقه من الراهن وأما كون بقائها تحت يد الراهن لا يبطل فلم يذكره والمستفاد مما تقدم إنه مبطل وحينئذٍ فلا يمكن الراهن من ذلك بل يبيع الحصة أو يجعلها تحت يد أمين أو المرتهن الآخر وقد تقدم وحيز بجميعه أن بقي فيه للراهن.

فرع: من ادعى دينًا وأخذ به رهنًا ثم صدق على بطلان دعواه أو على أنه قضاه الدين فإنه يضمن الرهن ضمان العداء فيضمنه ولو كان مما لا يغاب عليه أو تلف ببينة

ــ

ووقع في بعض نسخ ز ما يخالف ما ذكرناه عن ابن عرفة وضيح وهو غير صواب (وبإذنه فليس رهنًا به) ابن عرفة ولو فداه بإذن ربه ففي كونه رهنًا فيما فداه به مع دينه مطلقًا وإن نص على كونه رهنًا بالفداء نقلا الشيخ عن الموازية قول ابن القاسم مع مالك ومحمد مع أشهب المتيطي خالف كل من ابن القاسم وأشهب قوله فيمن أمر من يشتري له سلعة ينقد ثمنها عنه قال ابن القاسم لا تكون بيد المأمور رهنًا فيما دفع وقال أشهب هي رهن به ابن عرفة ويجاب لابن القاسم بأن الدافع في الجناية مرتهن فانسحب عليه حكم وصفه ولأشهب يتقدم اختصاص الراهن بمال العبد قبل جنايته فاستصحب وعدم تقدم اختصاص الآمر بالسلعة قبل الشراء اهـ.

(فجميع الرهن فيما بقي) قول ز فإن تعدد المرتهن واتحد الراهن الخ صورتها قول المدونة من رهن دارًا من رجلين صفقة واحدة لهما ولا شركة بينهما فقضى أحدهما كل حقه أخذ حصته من الدار اهـ.

ص: 462

بخلاف ما لو قامت بينة بقضاء الدين فلا يضمنه إلا ضمان الرهن لأن الأول أقر بتعدية في قبضه وهذا بخلاف من ادعى نصيبًا في أمة مجحده من هي في يده فأثبت دعواه ببينة فإن من هي في يده ضامن قاله ح (كاستحقاق بعضه) فجميع الدين فيما بقي وهذه عكس ما قبلها إذ ما قبلها جميع الرهن في بعض الدين وهذه بعض الرهن في جميع الدين ثم إن كان الرهن مما ينقسم قسم وبقيت حصة الراهن رهنًا وإن كان مما لا ينقسم بيع جميعه كغيره من المشتركات التي لا تنقسم إذا طلب أحد الشريكين البيع جبر له الآخر انظر تت ومفهوم بعضه إن استحقاقه كله مر بل لرهنيته فإن استحق كله معينًا قبل قبضه خير المرتهن بين فسخ البيع قائمًا أو فائتًا وبين إمضائه فيبقى دينه بلا رهن كما إنه يبقى بلا رهن إن استحق معينًا بعد قبضه إن لم يغره الراهن والأخير كما مر وإن استحق غير معين بعد القبض فعليه خلفه على الأرجح وقبل القبض لا يتصور فيه ذلك والتلف كالاستحقاق وانظر إذا وقع ذلك في القرض هل يجري فيه هذا التفصيل أولًا لأنه معروف والبيع مبني على المشاحة وانظر إذا غره في مسألة المصنف في استحقاق بعضه بعد القبض معينًا هل يخير كاستحقاق كله إذا غره أولًا لأن معه رهنًا في الجملة أو يخير في مقابلة ما استحق وأما غير المعين فيأتيه ببدل البعض المستحق (و) إن ادعى شحص بيده سلعة إنها رهن عنده في ثمن شيء باعه لمالكها أو في دراهم أقرضها له وادعى مالكها إنه لم يشتر ولم يقترض وأنها وديعة أو عارية لا رهن كان (القول) بيمين المدعي (لمدعي نفي الرهنية) عن أصل الشيء أو عن واحد من متعدد أو عن جزء من متحد كما يفيده ما نقله تت عن استظهار ابن عرفة في الثالث أي لعموم أن القول لمدعي نفي الرهنية مخالفًا لقول ابن العطار القول

ــ

وهذه هي محل البحث والجواب الذي ذكره فيه لعياض كما في ضيح وغيره (والقول لمدعي نفي الرهنية) ما صور به ز هنا وإن كان الحكم فيه كما ذكر إلا أنه لا ينبغي تصوير المصنف به لأن فيه الاختلاف في أصل الدين ومعلوم أن القول لمنكره وإن انتفى الدين انتفت الرهنية تبعًا له والحق في التصوير هنا ما صور به ح وهو الذي في ق عن المدونة وبه صور ز في تنازع المتبايعين كلام المصنف هنا وهو أنهما تنازعا في سلعة معينة وعند صاحبها دين لمن هي عنده هل هي رهن أو وديعة مع اتفاقهما على ثبوت الدين ومدعي نفي الرهنية هو رب السلعة غالبًا وقد يدعي نفيها من هي بيده أو يدعي الإيداع ليسقط الضمان عن نفسه فيما يضمنه المرتهن والله أعلم وقول ز في المسألة الأخيرة كمن دفع سلعة لآخر وأخذ الدافع من الآخر قدرًا من الدراهم الخ ما ذكره في هذه من أن القول لمدعي الرهنية هو الظاهر ورأيت بخط الشيخ ميارة فيما كتبه على تت أن القول في هذه قول مدعي الشراء ونفي الرهنية مع يمينه وأدخلها في كلام المصنف وأحال فيها على مجالس المكناسي أول البيوع والذي رأيته في مجالس المكناسي هو ما نصه فإن كان البائع يدعي أن إظهار البيع كان منهما تحيلًا وإن ذلك كان منهما على وجه الرهن وأنكر ذلك المشتري وقال إنما كان البيع بينهما ظاهرًا وباطنًا قلت يكلف البائع البينة على دعواه الرهنية اهـ.

ص: 463

لمدعي رهنية جميعه وإنما كان القول لمدعي نفي الرهنية لأن مدعي الرهنية أثبت للثوب مثلًا وصفًا زائدًا وهو الرهنية فعليه البينة والنافي لذلك متمسك بالأصل فإن اتفقا على وقوع العقد وقال البائع على رهن والآخر على غيره حلفًا وفسخ البيع مع قيام السلعة فإن فاتت فللمشتري أن أشبه وحلف كما قدمه في اختلاف المتبايعين فلا يعارض ما هنا لتغاير الموضوع لأنه هنا اختلفا في العقد كما مر فإن اتفقا على وقوع العقد على رهن وبيد المرتهن سلعة ادعى إنها رهن وربها إنها وديعة والرهن أخرى لم يدفعها له فالقول لمدعي الرهنية فلا تدخل هذه في كلامه هنا كما لا يدخل فيه مدعي الشراء كمن دفع سلعة لآخر وأخذ الدافع من الآخر قدرًا من الدراهم ثم قال أحدهما وقع البيع بذلك وأنكر الآخر وقال بل السلعة رهن في الدراهم وهي قرض فإن القول لمدعي الرهنية لما تقدم في اختلاف المتبايعين من أن القول لمنكر العقد إجماعًا (وهو) باعتبار قيمته ولو مثليًّا وفات في ضمان المرتهن أو كان قائمًا (كالشاهد) للراهن أو المرتهن إذا اختلفا (في قدر الدين) لأن المرتهن أخذه وثيقة بحقه ولا يتوثق إلا بمقدار دينه فأكثر فإذا أقر الراهن أن الدين مائة دينار مثلًا وإن الرهن في خمسين منها وقيمته خمسون فالقول قوله: بيمينه فيدفع الخمسين ويأخذ الرهن وتبقى الخمسون الثانية بلا رهن لا قول المرتهن إنه رهن في المائة وكقول الراهن في دينار والمرتهن في اثنين والرهن قائم فيصدق من شهد له بيمينه فإن كانت قيمته دينارًا صدق الراهن أو دينارين صدق المرتهن (لا العكس) بالرفع عطف على المبتدأ أي لا يكون الدين كالشاهد في قدر الرهن فإن اختلفا في صفته بعد هلاكه فالقول للمرتهن كما سيذكره المصنف قريبًا ولو ادعى صفة دون مقدار الدين لأنه غارم والغارم مصدق وكذا إن لم يدع هلاكه وأتى برهن يساوي عشر الدين مثلا وقال هو الرهن وقال الراهن بل رهني غير هذا وهو مساوٍ للدين فالقول للمرتهن أيضًا على المشهور وإن لم

ــ

بلفظه وقد يقال هذه الصورة اتفقا فيها على وقوع البيع ظاهرًا بخلاف مسألتنا فتأمله (وهو كالشاهد في قدر الدين) أي في قدر الدين الذي رهن فيه قال ح وسواء أنكر الراهن الزائد بالكلية أو أقر به وادعى أن الرهن في دونه اهـ.

وعلى هذا يتنزل المثالان في ز.

فرع: انظر إذا قام له شاهد واحد بقدر الدين هل يضم للرهن ويسقط اليمين عن المرتهن أولًا ولا بد من اليمين مع الشاهد نقل بعضهم عن المتيطي أنه لا يضم له وأنه لا بد من اليمين لأن الرهن ليس شاهدا حقيقيًّا وهو ظاهر (لا العكس) قول ز فالقول للمرتهن أيضًا على المشهور الخ هذا قول أشهب قائلًا وإن لم يساو الرهن إلا درهمًا واحدًا وقال عيسى نحوه عن ابن القاسم وبه قال ابن حبيب وابن عبد الحكم ابن عبد السلام وهو المشهور وعلله القاضي في المعونة بأنه مؤتمن عليه ولم يتوثق منه بإشهاد على عينه وعلله ابن يونس بأنه بمنزلة ما لو قال لم ترهني شيئًا وهو مصدق حينئذٍ بمعنى أنه لو أراد الخديعة لقال لم ترهني لتمكنه من ذلك إذ إقراره بالدين لا يستلزم الإقرار بالرهن بخلاف العكس وهذا المعنى

ص: 464

يشبه لأنه مؤتمن بجعله بيده ولم يشهد على عينه وقيل القول للراهن أن أشبه بناء على أن الدين شاهد في قدر الرهن ومشى على هذا الضعيف ابن عاصم في رجزه ولأجل كون الغارم مصدقًا أجاب ابن القاسم من سأله عن رجل ادعى على آخر باثني عشر دينارًا وثبت عليه ذلك ببينة أو إقراره ثم أقر المدعي إنه قبض منها تسعة وأقام المطلوب بينة إنه قضاه ثلاثة فقال الطالب إنها من التسعة وخالفه المطلوب بأن القول قول المطلوب إنها من غير التسعة ويبرأ من الاثني عشر اهـ.

وانتهاء شهادة الرهن في قدر الدين (إلى) قدر (قيمته) أي الرهن يوم الحكم إن بقي وسيذكر ذلك واعتبارها إن تلف وبالغ على أن الرهن يكون كالشاهد في قدر الدين بقوله: (ولو) كان الرهن (بيد أمين على الأصح) لأنه جائز للمرتهن أيضًا ووجه القول الآخر إن الشاهد يكون من قبل رب الحق وما بيد الأمين لم يتمحض كونه للمرتهن فلم يعتبر ومحل كون ما بيد الأمين من الرهن شاهدًا إذا كان قائمًا وأما إن فات فلا يكون شاهدًا كما أشار له بقوله: (ما) أي مدّة كونه (لم يفت في ضمان الراهن) بأن كان قائمًا أو فات في ضمان المرتهن بأن كان مما يغاب عليه وهو بيده ولم تقم على هلاكه بينة ومفهومه إنه إن فات في ضمان الراهن بأن قامت على هلاكه بيد المرتهن بينة أو كان مما لا يغاب عليه أو تلف بيد أمين إذ ضمانه من الراهن لم يكن شاهدًا في قدر الدين وإنما كان شاهدًا إذا فات في ضمان المرتهن لغرمه قيمته وهي تقوم مقامه وإذا فات في ضمان الراهن لم يضمن المرتهن قيمته فلم يوجد ما يقوم مقامه فهو كدين بلا رهن فالقول قول المدين فيه وأجرة المقوم على المرتهن فيما يظهر ورتب أيضًا على كونه كالشاهد أحوالًا ثلاثة للرهن وهي إما شهادته للمرتهن أو للراهن أو لا يشهد لواحد منهما لأن الراهن إذا قال الدين عشرة وقال المرتهن عشرون فقيمته إما عشرة أو عشرون أو خمسة عشر فأشار إلى الأولى بقوله: (وحلف مرتهنه) الذي شهد بالرهن له بقدر دينه (وأخذه) في دينه لثبوته حينئذٍ بشاهد ويمين على المشهور لأن المدعي إذا قام له شاهد وحلف معه لم يحلف المدعى عليه معه ومقابله لا بدّ من يمين الراهن إذا طلبها المرتهن ليسقط عن نفسه كلفة بيع الرهن في الدين ولأن المرتهن يخشى من استحقاق الرهن أو ظهور عيب به وصححه عياض فإن نكل حلف الراهن وعمل بقوله: فإن نكل عمل بقول المرتهن فيعمل بقوله: إن حلف أو نكلا (إن لم يفتكه) الراهن بما ادعاه المرتهن وشهد له به الرهن

ــ

كقول المصنف كدعواه رد ما لم يضمن أي لأن ما لا يضمنه مصدق في دعوى تلفه فيصدق في دعوى رده بخلاف العكس والله تعالى أعلم ومقابل هذا القول لأصبغ واختاره ابن رشد قائلًا قول أشهب إغراق واستقر به ابن عبد السلام (ولو بيد أمين على الأصح) ابن عرفة وما بيد أمين في كونه شاهدًا ولغوه قولا محمَّد واللخمي عن القاضي وصوب الأول اهـ.

وعليه فصواب المصنف على المختار ونسب في ضيح التصويب لأبي محمَّد فانظره (وأخذه إن لم يفتكه) قول ز فإن استحق من يده في هذه الخ فيه نظر بل إنما يرجع في

ص: 465

وظاهر قوله: أخذه سواء ساوت قيمته ما ادعاه أو زادت وهو كذلك وإنما أخذه مع زيادة قيمته على دعواه لأن ربه لما لم يفتكه فقد سلمه له فيما ادعاه فإن استحق من يده في هذه وفي المسألة الثالثة فالظاهر رجوعه على الراهن بقيمته وأشار إلى الحالة الثانية بقوله: (فإن زاد) ما ادعاه المرتهن على قيمة الرهن ووافقت قيمته دعوى الراهن (حلف الراهن) وأخذه ودفع ما أقر به فإن نكل حلف المرتهن وعمل بقوله: وإن نكل أيضًا عمل بقول الراهن فيعمل بقوله: إذا حلف أو نكلا كما تقدم نظيره في المرتهن وأشار إلى الحالة الثالثة بقوله: (وإن نقص) ما ادعاه الراهن عن قيمة الرهن ونقصت أيضًا عن دعوى المرتهن بأن قال هو رهن عندي على عشرين وقال الراهن بل على عشرة وقيمة الرهن خمسة عشر (حلفًا وأخذه) المرتهن بما فيه وكذا إن نكلًا (إن لم يفتكه) الراهن (بقيمته) فإن افتكه بقيمته يوم الحكم وهي الخمسة عشر في المثال المذكور أخذه لا بما حلف عليه المرتهن لأن دعواه تزيد على قيمته وإنما اعتبر هنا فكه بها فقط لدعوى المرتهن الزيادة على قيمته وأخذه فيما مر بما ادعاه المرتهن ولو زائدًا على قيمته لشهادة الرهن له ولذا حذفها المصنف هناك وذكرها هنا وقوله: حلفًا أي ويبدأ المرتهن لأن الرهن كالشاهد إلى قيمته ويحلف على جميع ما ادعاه وإن أخذ قيمة الرهن فقط بخلاف من ادعى عشرين وأقام شاهدًا على خمسة عشر فإنه يحلف على ما شهد به الشاهد فقط والفرق أن المرتهن يدعي أن الرهن في مقابلة جميع ما يدعيه وكذا يحلف على ما شهد به الشاهد فيما إذا ادعى عشرين وشهد له بأزيد لكن لا يأخذ إلا ما ادعى به فقط كما يفيده قوله في الفلس وإن نكل حلف كل كهو وأخذ حصته ثم إذا حلف المرتهن على جميع ما ادعاه ووجد شاهدًا بما ادعى وأخذ الزائد من الراهن فالظاهر إنه يكتفي بيمينه الأولى ولا يخالف هذا قوله الآتي وإن حلف المطلوب ثم أتي بآخر فلا ضم وفي حلفه معه وتحليف المطلوب إن لم يحلف قولان لأنه حصل في هذه حلف المطلوب لرد شهادة الشاهد (وإن اختلفا) أي الراهن والمرتهن (في قيمة) رهن (تالف) عند المرتهن احتيج إليها لتشهد على الدين أو ليغرمها المرتهن حيث توجه عليه الغرم (تواصفاه ثم) إن اتفقا على صفته (قوم) من أهل الخبرة وقضى بقولهم ولا يحتاج لجماعة واختلف هل يكفي الواحد بناء على أنه خبر أو لا بد من اثنين بناء على إنه شاهد قيل وهو المعتمد هنا وقوله: فيما يأتي لا مقوم هو فيما بين الشركاء بإرث أو غيره (فإن اختلفا) في صفته مع تلفه (فالقول للمرتهن) بيمينه ولو ادعى شيئًا يسيرًا لأنه غارم وقال أشهب إلا أن يتبين كذبه لقلة ما ذكره جدًّا (فإن تجاهلا) أي قال كل لا أعلم الآن قيمته ولا صفته (فالرهن بما فيه) ولا يرجع أحدهما على صاحبه بشيء لأن كلا منهما لا يدري هل يفضل له شيء عند صاحبه أم لا وانظر هل لا بد من أيمانهما كتجاهل المتبايعين قال بعض لم أر فيه نصًّا ومفهوم تجاهلًا

ــ

الاستحقاق بقيمته إذا كانت قدر ما ادعاه أو أقل وأما إن كانت أكثر مما ادعاه فليس له إلا دينه فقط لأنه هو الذي خرج من يده خلاف ما يوهمه ز من الرجوع بالقيمة في هذه أيضًا تأمله (وإن نقص حلفًا وأخذه) قول ز وأخذه فيما مر بما ادّعاه المرتهن ولو زائدًا على قيمته الخ

ص: 466

إنه إن جهله أحدهما وعلمه الآخر فيحلف العالم على ما ادعى فإن نكل فالرهن بما فيه ولما ذكر إنه كالشاهد في قدر الدين أي باعتبار قيمته كما مر ذكر وقت اعتبارها بقوله: (واعتبرت قيمته يوم الحكم أن بقي) لتكون شاهدة لأيهما لا يوم الارتهان لأن الشاهد إنما تعتبر شهادته يوم الحكم وكذا الرهن (وهل يوم التلف أو القبض أو الرهن) لأن الناس إنما يرهنون ما يساوي ديونهم غالبًا (إن تلف أقوال وإن اختلفا) بعد القضاء أو عنده (في مقبوض فقال الراهن عن دين الرهن) وقال المرتهن عن الدين الذي ليس برهن وكلا الدينين ثابت أحدهما برهن والآخر بدونه (وزع) المقبوض على قدر الدينين (بعد حلفهما) إن اختلفا بعد القضاء فيصير الدين الباقي نصفه برهن ونصفه بلا رهن فإن اختلفا عنده وزع أيضًا لكن دون يمينهما فيعمم في قوله: وزع ويخصص قوله: بعد حلفهما باختلافهما بعد القضاء ونكولهما كحلفهما ويقضي للحالف على الناكل وظاهر قوله: وزع الخ حل الدينان أو أحدهما أو لم يحلا استوى أجلهما أو اختلف تقارب أو تباعد وهو كذلك على المذهب وتفصيل اللخمي ضعيف وهو أن محل التوزيع إذا حلا أو كانًا مؤجلين واتفق أجلهما أو تقارب فإن تباعد فالقول لمدعي القريب وكذا إذا حل أحدهما فالقول لمدعي القضاء عنه اهـ.

وشبه في التوزيع والحلف قوله: (كالحمالة) يحتمل صورتين إحداهما مدين بمائتين إحداهما عليه أصالة والأخرى حمالة ثانيتهما مدين بمائتين أصالة لكن إحداهما ضمنه فيها شخص والأخرى لا ففي الصورة الأولى ادعى القابض أن المقبوض مائة حمالة وادعى الدافع إنها الأصالة وفي الصورة الثانية ادعى القابض أن المقبوضة هي التي بغير حمالة والدافع إنها هي التي بالحمالة وزع بينهما بعد حلفهما وقيد اللخمي الصورتين بما إذا حل الدينان أو اتحد أجلهما أو تقارب فإن حل أحدها فالقول لمدعي القضاء عنه وقيد ابن يونس الصورة الأولى بما إذا أيسر الغريم والكفيل.

ــ

صوابه ولو زادت قيمته (وزع بعد حلفهما) ابن يونس يتحالفان إن ادعيا البيان ح ظاهره أن التحالف إنما هو مع البيان وبه صرح الشيخ أبو الحسن اهـ.

ابن عرفة ابن رشد ولو اختلفا عند القضاء أي في أي الحقين يبدأ به لجري على هذا الاختلاف إلا أنه لا يمين في شيء من ذلك اهـ.

ثم قال ابن عرفة ولو ادعى أحدهما بيان المدفوع عنه والآخر إبهامه فنقل محمَّد عن أشهب وعبد الملك أن القول لمدعي الإبهام قائلًا هذا خلاف قول ابن القاسم الصقلي على قوله يكون لمدعي البيان ثلاثة أرباع الحق نصفه بالقسم بدعوى الإبهام ويتنازعان في النصف الآخر فيتشطر اهـ.

وقول ز وتفصيل اللخمي ضعيف الخ فيه نظر فإن ظاهر ضيح وابن عرفة في نقلهما كلام اللخمي أنه المذهب ونص ضيح وقيد اللخمي ما في المدونة بما إذا حل الدينان أو لم يحلا الخ ونص ابن عرفة اللخمي إن حل أحدهما فقط فالقول قول من ادعى القضاء عنه وإن حلا أو لم يحلا وأجلهما واحد أو متقارب قسمت بينهما هذا ظاهر المذهب اهـ.

ص: 467