المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الفلس - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٥

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌باب في الفلس

‌باب في الفلس

ورد في الخبر الصحيح نفس المؤمن مرهونة بدينه أي محبوسة عن مقامها الكريم في البرزخ فلا تكون منبسطة فيه مع الأرواح المنبسطة فيه ومحبوسة أيضًا بمعنى معوقة عن دخول الجنة بمطالبة رب الدين له به حتى يرضيه الله من عنده أو يعوضه بقدر دينه من حسناته أن وجدت ولو في الصوم كما في خبره مسلم وقدسها من استثناه زاعمًا إنه معنى الصوم لي فإن لم توجد طرح عليه من سيئاته وهذا كله إن أثم بتأخيره ولم يخلف وفاء كما للهيتمي على المنهاج والمشكاة فإن لم يحل أو خلف وفاء لم يحبس بل في ح أنه لا يحبس أيضًا إن لم يخلف وفاء لوجوب قضاء دينه على السلطان حيث تداينه في حق واجب اهـ.

وكذا في مكروه أو مباح كما هو الظاهر وينبغي أو في معصية تاب منها ومات عاجزًا عن الوفاء وعلم السلطان بتوبته لا إن لم يتب منها قبل موته فلا يجب عليه قضاؤه كما يفيده كلام بعضهم وإن اقتضى عموم كلام الذخيرة كما في تت عند قوله: أو كل ما بيده وجوب القضاء أيضًا حيث ذكر إن أحاديث الحبس عن الجنة منسوخة بوجوب القضاء

ــ

باب في الفلس

عياض التفليس العدم أصله من الفلوس أي أنه صار صاحب فلوس بعد أن كان صاحب ذهب وفضة ثم استعمل في كل من عدم المال وكذا يقال أفلس الرجل بفتح اللام فهو مفلس اهـ.

وقول ز ورد في الخبر الصحيح الخ هذا الحديث صححه عبد الحق بسكوته عنه وقول ز بقدر دينه من حسناته الخ قال العارف بالله تعالى سيدي عبد الرحمن الفاسي جاء أن الإيمان لا يؤخذ في التبعات بخلاف غيره من سائر الأعمال الصالحة كما أنه لا يؤخذ من المفلس ما هو ضروري له ولعياله من قوت وكسوة معتادة وكذلك ما هو شرط في الإيمان من محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والقدر الضروري من ذلك لا يؤخذ في التبعات جزمًا اهـ.

من تقيد له وقول ز وكذلك في مكروه أو مباح كما هو الظاهر الخ هذا هو الذي يفيده كلام المقدمات ونقله ح ونصه ذكر في المقدمات عن النبي صلى الله عليه وسلم آثارًا في التشديد في الدين ثم قال فيحتمل أن تكون هذه الآثار إنما وردت فيمن تداين في سرف أو فساد غير مباح أو فيمن تداين وهو يعلم أن ذمته لا تفي بما تداين به لأنه متى فعل ذلك فقد قصد استهلاك أموال الناس وقد قيل إن هذا كله كان زمن النبي صلى الله عليه وسلم في الدين قبل فرض الزكاة ونزول آية الفيء والخمس اهـ.

ص: 468

على السلطان (للغريم) رب الدين واحد أو متعدد (منع من أحاط الدين) الحالّ أو المؤجل كما في المدونة وقصره تت على الأول وسواء كان لازمًا أو آيلًا للزوم كضمانه لشخص بما يحيط (بماله) ومعنى أحاط زاد الدين على ماله لا نقص عنه أو ساواه إذ المساوي لا يحيط بمساويه ذكره تت قال الشيخ سالم لكن ينبغي أن لا يقصر كلام المصنف على الزائد أي وإن كان هو المنقول بل يعم المساوي لأن العلة وهي إتلاف مال الغرماء حاصلة في ذلك كحصولها في الزائد تأمل اهـ.

ــ

ثم نقل ح قول الذخيرة ما نصه الأحاديث الواردة في الحبس عن الجنة في الدين منسوخة بما جعله الله عز وجل من قضاء الدين على السلطان وكان ذلك قبل أن تفتح الفتوحات اهـ.

فقول ابن رشد وقد قيل إن هذا كله الخ يقتضي أن القضاء على السلطان في الجميع على القول بالنسخ وهو ظاهر كلام الذخيرة لكن يستثنى من ذلك ما لم يكن مشهودًا عليه به ومات ولم يوص به فهو المؤاخذ به لأن السلطان لا يقضيه انظر ح (للغريم منع من أحاط الدين بماله) العم أن لمن أحاط الدين بماله ثلاثة أحوال كما أفاده ابن رشد الحالة الأولى قبل التفليس قال ابن رشد في المقدمات فأما قبل التفليس فلا يجوز إتلاف شيء من ماله بغير عوض فيما لا يلزمه مما لم تجر العادة بفعله من هبة أو خدمة أو عتق وما أشبه ذلك اهـ.

وقال أيضًا في المقدمات: ومن أحاط الدين بماله فلا تجوز له هبة ولا خدمة ولا عتق ولا إقرار بدين لمن يتهم عليه ويجوز بيعه وابتياعه ما لم يحجر عليه اهـ.

من آخر كتاب المديان وإلى هذا الإشارة بقول المصنف للغريم منع الخ الحالة الثانية تفليس عام وهو قيام الغرماء قال في المقدمات وحد التفليس الذي يمنع قبول إقراره هو أن يقوم عليه غرماؤه فيسجنونه أو يقوموا عليه فيستتر عنهم فلا يجدوه قال محمَّد ويحولوا بينه وبين التصرف في ماله بالبيع والشراء والأخذ والإعطاء إلا أن يكون لواحد منهم بينة فإقراره جائز لمن أقر له إذا كان ذلك في مجلس واحد وقريبًا بعضه من بعض اهـ.

وإليها الإشارة بقول المصنف وفلس حضر أو غاب الخ الحالة الثالثة تفليس خاص وهو خلع ماله لغرمائه فإن ابن رشد لما ذكر أن الغريم إذا مكنهم من ماله فاقتسموه ثم تداين فليس للأولين دخول فيما بيده كتفليس السلطان قال هذا هو حد التفليس الذي يمنع من دخول من فلسه على من عامله بعد التفليس اهـ.

ذكر ذلك في المقدمات وذكر الحالتين الأخيرتين أيضًا في البيان في رسم البيوع من سماع أصبغ من كتاب المديان وقال ابن عرفة التفليس الأخص حكم الحاكم بخلع كل مال مدين لغرمائه لعجزه عن قضاء ما لزمه فيخرج بخلع الخ خلع كل ماله باستحقاق عينه موجبه منع دخول دين سابق عليه على لاحق بمعاملة بعده والأعم قيام ذي دين على مدين له ليس له ما يفي به رواه محمَّد قائلًا وحالوا بينه وبين ماله.

والبيع والشراء موجبه منع دخول إقرار المدين على متقدم دينه اهـ.

ص: 469

وهو حسن ولا بحث فيه بمخالفته للمنقول لعلم ذلك من قوله: لكن ينبغي ولظهور العلة المذكورة (من تبرعه) بعتق أو هبة أو صدقة أو حبس أو تحمل بما يحيط وكذا لا يجوز له هو ذلك بغير إذنهم فلهم رده إن لم يعلموا به إلا حين قيامهم قال د عن بعض شيوخه الظاهر شموله أي التبرع للعارية لما يحصل في المعار من النقص وعدم شموله للقرض اهـ.

وخرج بتبرعه تصرفه المالي كبيعه وشرائه فلا يمنعه قيامهم وكنفقة نفسه وابنه وأبيه وما جرت العادة به من كسرة لسائل ونفقة عيدين دون سرف في الجميع وأضحية لأنها سنة فليست من التبرع وقول ابن ناجي عن أبي مهدي يؤخذ من المدونة أن من أحاط الدين بماله لا يمنع من الضحية يوهم منعه منها مع قيام الغرماء وليس كذلك وظاهر قوله: للغريم منع أن له ذلك

ــ

ثم قال فالأعم قال ابن رشد يمنع إتلاف شيء من ماله لا يعوض فيما لا يلزمه مما لم تجر العادة بفعله كالهبة والعتق اهـ.

وهذا غير صواب لما علمت أن ابن رشد وغيره نص على أن هذه الأشياء منعها منها مجرد الإحاطة التفليس الأعم على زعمه أنه قيام الغرماء بل رتب عليه ابن رشد كما تقدم منع البيع والشراء والإقرار قاله طفى ومثل ذلك وقع لابن عرفة أن الأخص يمنع البيع والشراء مع أن الأعم منع ذلك ثم بحث مع ابن عرفة في تعبيره بالأعم والأخص بأنه غير مسلم قلت والظاهر صحة التعبير بهما لترتب أحكام الأعم عليه سواء وجد الأخص أو لا فتكون أعميته باعتبار الوجود لا باعتبار الصدق وأصل الإشكال للوانوعي إذ قال ما حاصله أن تعريف الأعم دأبه الانطباق على تعريف الأخص وليس الأمر هنا كذلك لأن جنس الأخص حكم الحاكم وجنس الأعم قيام الغرماء وهما متباينان قال الرصاع ويمكن أن يقال الأعمية والأخصية هنا باعتبار الأحكام لا باعتبار الصدق ولا شك أن الأول أخص من الثاني أي في كلام ابن عرفة بمعنى أن الأول إذا ثبت منع من كل ما منعه الثاني دون العكس اهـ وقول ز الحال أو المؤجل كما في المدونة الخ نص كلامها ولا يجوز عتق ولا صدقة ولا هبة وإن كانت الديون التي عليه إلى أجل بعيد اهـ.

وقد رد به على تت طفى وقول ز وإن كان هو المنقول الخ بل النقل يشمل المساوي وما يحيط بالبعض فقط إذا تبرع بما ينقص ماله عن الدين ففي رسم البيوع من سماع أصبغ ما نصه قال أصبغ سمعت ابن القاسم يقول في رجل عليه دين يحيط بماله أو بعضه فتحمل بحمالة وهو يعلم أنه مستغرق أنه لا يسعه ذلك فيما بينه وبين الله قال والحمالة أيضًا عند مالك مفسوخة لا تجوز ورآها من ناحية الصدقة قال ابن رشد قوله في الذي لا يحيط إلا ببعض ماله إن حمالته لا تجوز معناه إذا كانت حمالته التي تحمل بها لا يحملها ما فضل من ماله عن الدين الذي عليه وأما إن كان يحملها ما يفضل من ماله بعدما عليه من الدين فهي جائزة في الحكم سائغة في فعلها اهـ.

فهو صريح في منع كل تبرع ينقص ماله عما عليه من الدين (من تبرعه) قول ز أو تحمل بما يحيط الخ الصواب إسقاط قوله بما يحيط لأن من زاد دينه على ماله أو ساواه يمنع

ص: 470

بلا حاكم وهو الذي في ابن عرفة وغيره ورد صاحب التكملة ذلك وتبعه الشيخ سالم بقول المازري اتفق مالك والشافعي على إنه للحاكم فقط اهـ.

نقل له في غير محله إذ كلام المازري الحجر بالمعنى الأخص لا في الأعم الذي هو قيام الغرماء الذي كلام المصنف هنا فيه وفهم من قوله: أحاط الدين بماله تحقق إحاطته فإن ادعى الملاء لم يمنع من تبرعه لكمن يكشف السلطان عن ماله فإن وجد وفاء لم يفلس وإلا فلس اللخمي وهو المشهور قال تت وأشعر قوله: أحاط الدين إن من أحاطت التبعات بماله لا يحجر عليه قال أحمد بن نصر الداودي من له دين على من اغترقت التبعات ما بيده ولا يعلم منتهى ما عليه لم يجز لأحد أن يقبض منه شيئًا من ماله لوجوب الحصاص في ماله فلا يجوز له أخذ شيء لا يدري هل هو له أم لا اهـ.

وما استدل به على إنه لا يحجر عليه لا يدل له بل هو حكم من يحجر عليه فلعله سقط منه واو قبل قال أحمد: فإنه وقع فيه خلاف كما في أبي الحسن على المدونة هل حكمه حكم من حجر عليه القاضي أو حكم من أحاط الدين بماله فعلى الأول لا يصح منه قضاء بعض غرمائه دون بعض ولو ببعض من ماله ولمن لم يقضه الدخول مع من قضاه كغرماء المفلس وعلى الثاني يصح قضاؤه لبعض غرمائه ببعض ماله دون بعض ومحل الخلاف حيث لم تعلم أعيان مغصوبة عنده لمعين (و) للغريم منع المدين لا بقيد إحاطة الدين بماله ففيه شبه استخدام أو تجريد من الصفة من (سفره إن حل) دينه (بغيبته) أي المدين وأيسر ولم يوكل في قضائه ولم يضمنه موسر فإن أعسر أو وكل في القضاء من ماله أو ضمنه موسر أو لم يحل بغيبته لم يمنع من سفره إلا أن يعرف في الأخير بلد د ومنطوق المصنف فيمن تحقق منه إرادة السفر وأما إن خشي شفره وتغييبه لحلول الدين وقامت شبهة وإن لم تقو وأنكر ذلك فللغريم تحليفه على عدم إرادته فإن نكل أو كان لا

ــ

تحمله مطلقًا ومن نقص دينه عن ماله يمنع تحمله بأكثر مما يفضل من ماله عن دينه كما تقدم وقول ز وعدم شموله للقرض الخ فيه نظر بل يمنع القرض أيضًا كغيره من التبرعات كما يأتي من التعليل عند قوله وإعطاء غيره قبل أجله وقول ز كبيعه وشرائه فلا يمنعه قيامهم الخ. فيه نظر وصوابه فلا تمنعه إحاطة الدين وأما قيامهم فقد مر عن ابن رشد أنه هو التفليس الأعم وأنه يمنع من التصرف في المال بالتبرع وبالبيع والشراء ولو بغير محاباة والذي غرز وغيره عبارة ابن عرفة المتقدمة وقد مر ما فيها وقول ز الذي كلام المصنف هنا فيه الخ تقدم أن كلام المصنف في إحاطة الدين التي هي قبل قيام الغرماء لا في قيامهم وقول ز وما استدل به على أنه لا يحجر عليه لا يدل الخ صحيح وقال طفى بعد نقل كلام أحمد بن نصر هذا ظاهر في عدم تفليسه فقول عج لا دليل فيه على عدم التفليس غير ظاهر قلت بل عج ومن تبعه إنما قالوا لا دليل فيه على عدم الحجر وهو كذلك إذ لا يلزم من عدم تفليسه عدم الحجر عليه بمنعه من التبرع والتصرف فيما بيده وما ذكره ز من القولين فيه عن أبي الحسن ذكرهما أيضًا

ص: 471

يقف عند اليمين كلف حميلًا بالمال (و) للغريم ولو تأجل دينه منعه من (إعطاء غيره) من الغرماء بعض ما بيده (قبل أجله) إذ هو سلف فيرجع للتبرع (أو) إعطاء غيره (كل ما بيده) لغريم ولو حل دينه قال د فإن أعطاه فالظاهر رد جميعه وقد علم مما قررنا إن كل منصوب على إنه مفعول ثانٍ لإعطاء المقدر مع مفعوله الأول ويجوز جر كل على جعل إعطاء المقدر مضافًا له وحذف مفعوله الأول والنصب أولى (كإقراره لمتهم عليه) كابنه وأبيه وأخيه وزوجة علم ميله لها أو جهل على التفصيل الآتي في الإقرار فللغريم المنع لا إن علم بغضه لها وكصديق ملاطف (على المختار والأصح) ومفهومه أن غير المتهم عليه ليس كذلك فيعتبر إقراره له وظاهره سواء كان الدين الذي عليه ثابتًا بالبينة أو بإقراره والفرق بين هذا والمفلس الآتي إن هذا أخف من ذاك قال د وسواء أقر في صحته أو مرضه (لا) منعه من إعطاء (بعضه) أي بعض ما بيده لبعض غرمائه الحال دينه ويجوز له هو أيضًا ذلك إن كان صحيحًا لا مريضًا ولم يبين حد البعض الذي لا يمنع من إعطائه وهو أن يبقى بعده ما يمكن المعاملة به كما في د أي لوفاء من بقي أو جبر ما أعطى للبعض وعليه فيلزم بتحريكه كما يرشد له المعنى وهو الظاهر ولا ينافي قوله الآتي ولا يلزم بتكسب لأنه هنا تصرف في بعضه (و) لا يمنع من أحاط الدين بماله من (رهنه) لبعض غرمائه أو لغيرهم كما في الشارح بعض ماله في معاملة حادثة مشترط فيها الرهن لمن لا يتهم عليه والراهن صحيح وأصاب وجه الرهن بأن لا يرهن كثيرًا في قليل فلا يمنع مع وجود هذه الستة شروط (وفى) جواز (كتابته) لرقيقه بناء على إنها كبيع ومنعه بناء على إنها كعتق (قولان) محلهما إن كاتبه بكتابة مثله لا بأقل فيمنع قطعًا ولا بأكثر منها فيجوز قطعًا ثم ظاهره جريهما في كتابة مثله سواء كانت قدر قيمته أو أقل أو أكثر ولو قيل بمنعها فيما إذا كانت أقل من قيمته وجوازها فيما إذا كانت أكثر من قيمته نظرًا للمعنى لما

ــ

غ عند قوله فيمنع من تصرف ماليّ وينبني على القول بأن حكمه حكم المفلس منعه من التصرف مطلقًا وعلى القول بأن حكمه حكم من أحاط الدين بماله منعه من التبرع فقط (وإعطاء غيره قبل أجله) ابن عرفة عن المازري رأيت في بعض التعاليق لبعض القرويين أنه لو عجل دينًا لبعض غرمائه قبل حلوله لم يختلف في رده لأنه لم يعامل على ذلك وحكيته في بعض الدروس بحضرة بعض المفتين فقال يرد من وجه آخر وهو أن قيمة المؤجل أقل من قيمته معجلًا فالزائد على قيمته هبة ترد اتفاقًا وهو صحيح اهـ. المراد منه ونقله غ بتمامه (أو كل ما بيده) هذا الفرع للسيوري قال المازري قصر السيوري الخلاف في قضاء بعض غرمائه على إمساكه بعض ماله ليعامل به الناس ولو فضى ما بيده بعض غرمائه لم يجز اتفاقًا للمعنى الذي فرق بين إعتاقه وقضائه بعض غرمائه اهـ من ابن عرفة قال غ يعني أن قضاءه بعض غرمائه يؤدي إلى الثقة به في معاملته وإذا عومل إنما ماله بخلاف إعتاقه اهـ.

(لا بعضه ورهنه) قول ز إن كان صحيحًا لا مريضًا الخ قال ابن عرفة وفي المديان منها قضاء المريض لمغترق دينه ماله بعض غرمائه لا يجوز لأنه تأليج وقال غيره هو كالصحيح في تجره اهـ.

ص: 472

بعد وكذا يجري ذلك فيما إذا كاتبه بأكثر من كتابة مثله وفي كلام الشارح عن اللخمي ما هو قريب من ذلك قيل وتفصيله ضعيف (وله) أي للمفلس بالمعنى الأعم إذ كلامه فيه (التزوج) وشراء جارية ووطء ملكه كما في د (وفي تزوجه أربعًا وتطوعه بالحج تردد) لواحد فقط وهو ابن رشد فهو شبيه ما يأتي في قوله وفي بيع آلة الصانع تردد من إنه لواحد فقط وهو عبد الحميد الصائغ وظاهره إنه في خصوص تزوجه بثلاث زائدة على واحدة تعفه وإنه غير جار في ثانيه وثالثه وهو غير مراد ثم إن الذي تجب به الفتوى إن له تزوج واحدة فقط لا حج فريضة انظر ح ثم ليس له تزوج بمن لا تشبه نساءه ممن هي أعلى وإنما يتزوج بمن تشبه نساءه وإن يصدقها مثل صداقها كما قال ابن رشد فإن أصدقها أكثر من صداق مثلها فلغرمائه الزائد يرجعون عليها به وكان دينًا لها عليه وقول الشارح وتت يرجعون عليه لعل صوابه عليها كما يفيده ابن عبد السلام إذ الغرض إنهم أخذوا ما بيده ولما فرغ من التفليس بالمعنى الأعم أي قيام الغرماء عليه تكلم عليه هنا بالمعنى الأخص وهو حكم الحاكم بخلع كل ما بيده لغريمه لعجزه عن قضاء ما لزمه كما قاله ابن

ــ

وكذا الخلاف في رهنه أيضًا كما في ح وقول ز فيلزم بتحريكه الخ غير ظاهر تأمله وقول ز في معاملة حادثة مشترط فيها الرهن الخ لم أر من ذكر هذه الشروط وظاهر المدونة وابن عرفة وضيح غيرهم الجواز مطلقًا ويدل لما ذكرناه أن ح بعد أن ذكر الجواز في الصحيح والخلاف في المريض قال ما نصه وأما إذا لم يكن عليه دين ثم استحدث في مرضه دينًا ببيع أو قرض ورهن فيه رهنًا فلا كلام في صحة ذلك والله تعالى أعلم اهـ.

وأيضًا إذا ثبت أن المعاملة حادثة وأنه أصاب فيها وجه الرهن فلا وجه لاشتراط كونه ممن لا يتهم عليه ولو كان مريضًا لجواز معاملة المريض لمن يتهم عليه إذا لم تكن محاباة (وله التزوج) قول ز أي للمفلس بالمعنى الأعم الخ غير صحيح بل المراد أن لمن أحاط الدين بماله التزوج كما هو ظاهر المصنف وكما في ابن رشد وقرر به غير واحد من الشراح وأما المفلس بالمعنى الأعم وهو قيام الغرماء فليس له أن يتزوج بالمال الموجود كما في المدونة وابن الحاجب وغيرهما انظر طفى (وفي تزوجه أربعًا وتطوعه بالحج تردد) قول ز الذي تجب به الفتوى أن له تزوج واحدة فقط لا حج فريضة الخ صحيح لأن ابن عرفة لما ذكر تردد ابن رشد قال الظاهر منعه من تزوج ما زاد على الواحدة لعفته عادة وكذا طلاقه وتكرر تزوجه لمطلق شهوته اهـ يعني أنه إذا طلق يمتنع تزوجه أيضًا ولقول ح العجب من تردد ابن رشد في حج الفريضة وذكر نصها ثم قال عن سند وإن كان عليه دين وبيده مال فالدين أحق بماله من الحج قاله مالك في الموازية فإن لم يكن له مال قال عنه ابن نافع لا بأس أن يحج قال سحنون وأن يغزو اهـ.

قال ح فقد سقط التردد الذي في كلام المصنف وابن رشد بوجود النص عن مالك والحمد لله اهـ.

ص: 473

عرفة فقال (وفلس) بالبناء للفاعل أي الحاكم أي جاز للحاكم تفليس من أحاط الدين بماله ويحتمل بالبناء للمفعول أي المدين والفاعل الحاكم ولا بدّ منه ولو في دين أب على ابن وليس لسيد عبد مأذون له في تجارة تفليسه في معاملة غيره وإنما ذلك للحاكم كما سيقول في الحجر والحجر عليه كالحر ويفلس سواء (حضر) ولو حكما كمن على ثلاثة أيام إذ يكتب له ويكشف عن حاله (أو غاب) على كعشرة أيام أو شهر ذهابًا هذا ظاهر مقابلته بحضر وعدم تفصيله في الغيبة بين متوسطة وبعيدة وهي طريقة اللخمي وهي أنسب بظاهر المصنف لعدم تفصيله في الغيبة كما علمت وعليها فقوله: (إن لم يعلم) حال خروجه (ملاؤه) بالمد والهمز أي تقدم ملائه أي غناه على وقت غيبته عائد على غاب متوسطة أو بعيدة فإن علم له تقدم الملاء استصحب ذلك ولم يفلس وطريقة ابن رشد أن الغيبة التي ليست في حكم الحاضر قسمان متوسطة كعشرة وهذه هي التي فيها لشرط المذكور وبعيدة كشهر وهذه يفلس فيها وإن علم ملاؤه حال خروجه فاتفقتا على أن القريبة كالحاضر وإن المتوسطة كعشرة مقيدة بالقيد المذكور واختلافهما في البعيدة كشهر قال تت وغيبة ماله كغيبته اهـ.

وقولنا الملاء بالمد هو المراد هنا وأما بالهمز والقصر فالجماعة من الناس وإن لم يكونوا أشرافًا وبالقصر بدون همز الأرض المتسعة ورد المصنف بقوله: وفلس الخ قول عطاء لا يجوز لأن فيه هتك حرمة المدين وإذلاله وأما وجوبه إذا لم يتوصل الغرماء لديونهم إلا بحكمة فهذا أمر عارض لا لذات التفليس اهـ.

وهو من أصله جائز كما قررنا ويجب عند تعذر الوصول للحق إلا به وذكر شروط

ــ

(وفلس حضر أو غاب) قول ز في توطئته ولما فرغ من التفليس بالمعنى الأعم الخ هذا غير صحيح فإن ما تقدم تقدم ليس بتفليس بل حالة قبله هي إحاطة الدين بماله وقوله تكلم عليه هنا بالمعنى الأخص غير صواب أيضًا لاقتضائه أن الأحكام الآتية في قوله فمنع من تصرف مالي الخ مفرعة على حكم الحاكم بخلع المال الذي هو الأخص وليس كذلك بل هي مفرعة على التفليس الأعم وهو قيام الغرماء كما تقدم وهو الذي يدل عليه قول ابن الحاجب وابن شاس وإذا التمس الغرماء أو بعضهم الحجر على من ينقص ماله عن دينه الحال حجر عليه ثم قالا وللحجر أحكام منها منع التصرف في المال الموجود والمصنف ناسج على منوالهما فمعنى قوله وفلس أي حجر عليه بسبب طلبه بدين حل عليه وفي ق ابن رشد أما بعد التفليس فلا يجوز له في ماله بيع ولا شراء ولا أخذ ولا إعطاء ولا يجوز إقراره بدين في ذمته لقريب ولا بعيد اهـ.

وتقدم عن ابن رشد أن حد التفليس الذي يمنع قبول إقراره هو أن يقوم الغرماء الخ.

وانظر طفى وقول ز حضر ولو حكمًا الخ أفاد به الجواب عما يقتضيه كلام المصنف من دخول القريب في الغائب مع أن حكمه كالحاضر لا يفلس حتى يكشف عن حاله وقد استوفى في الشامل كلام ابن رشد فقال وفلس ذو غيبة بعدت كشهر أو توسطت كعشرة أيام وجهل تقدم يسره لا إن قربت وكشف عنه كأن علم تقدم يسره على المشهور اهـ.

ص: 474

الأخص الثلاثة أولها قوله: (بطلبه) أي التفليس أي فلس بسبب طلب الغريم له (وإن أبى غيره) من الغرماء أو سكت وإذا فلس لبعض فللآخرين محاصة القائم لأن تفليسه لواحد تفليس للباقين قال تت إلا أن يقدم الغرماء من طلب ذلك من المال الموجود أو من أموالهم فلا يفلس وفهم من هذا الشرط إنه لا يفلس نفسه اهـ.

نعم له طلب الحكم بتقسيط الدين بقدر وسعه بعد ثبوت عسره وحلفه عليه وإن لم يطلبه غريم والشرط الثاني قوله: (دينا حل) أصالة أو بانتهاء أجله فلا يفلس بمؤجل وهو منصوب بالمصدر وقال بعض دينًا مفعول لأجله لا مفعول به أي فلس المدين بسبب طلب الغريم التفليس لأجل دين صفته كذا وهذا أولى من جعل ضمير طلبه راجعًا للغريم على إنه فاعل المصدر ودينًا مفعول كما فعل بعض إذ لا يلزم من طلب الغريم دينه طلبه للتفليس وهم قد جعلوه احترازًا عن طلب المدين تفليس نفسه أو الحاكم ولا يجاب لذلك والشرط الثالث قوله: (زاد) مال الطالب الحال (على ماله) أي المطلوب قاله تت وهو ظاهر سياق المصنف ونحوه قول ابن محرز إن قام به من حل دينه ومن لم يحل لم يفلس إلا أن يغترق ما حل ما بيده اهـ.

نقله د عن ابن عرفة فقوله إلا أن يغترق ما حل ما بيده مع جعله أن القائم أي الطالب للتفليس من حل دينه صريح فيما قرر به تت وليس في كلام ابن محرز أن ضمير زاد للحال لا بقيد دين الطالب كما توهم ولا إن ق قال فانظر هذا مع كلام خليل من هذه

ــ

وقول ز عن تت وغيبة ماله كغيبته الخ قال ابن عاشر عليه هذا الإطلاق مخالف لنقل اللخمي اهـ.

ونص اللخمي من بعدت غيبة ماله وشك في قدره أو وجوده فلس وإن علم وجوده وفيه وفاء فابن القاسم لا يفلس وأشهب يفلس نقله ابن عرفة ثم قال ما نصه ابن رشد بعد ذكره قولي ابن القاسم وأشهب إنما الخلاف عندي في ما هو على مسيرة العشرة الأيام ونحوها وما بعد كالشهر ونحوه فلا خلاف في تفليسه اهـ.

(دينًا حل) قول ز مفعول لأجله على تقدير مضاف أي إرادة دين الخ لأن المفعول لأجله إنما يكون مصدرًا وقول ز وهذا أولى الخ صواب إذ ما ذكره هو الموافق لقول المدونة قال مالك إذا أراد واحد من الغرماء تفليس الغريم وحبسه وقال بعضهم ندعه ليسعى حبس لمن أراد حبسه اهـ.

ونحوه في ضيح (زاد على ماله) ابن عاشر انظر بما يعرف هذا هل بإقراره اهـ.

ضيح ذكروا هنا صورًا الأولى أن يكون بيده وفاء دينه الحال والمؤجل فهذا لا يفلس الثانية أن ينقص ما بيده عن الحال فلا إشكال أنه يفلس الثالثة أن يكون بيده مقدار الحال فقط فللقرويين في تفليسه قولان الرابعة أن يكون بيده مقدار دينه الحال ويفضل عن ذلك فضلة إلا أنها لا تقي بالمؤجل الذي عليه فذكر اللخمي أن المعروف أنه يفلس وفي الموازنة أنه

ص: 475

الجهة بل من جهة قوله: (أو) لم يزد مال الطالب بل (بقي) من مال المدين (مالًا) يرجى بتحريكه أنه (يفي بالمؤجل) عليه فإنه يفلس عند اللخمي كمن عليه مائتان إحداهما حالة والأخرى مؤجلة ومعه مائة وخمسون فالباقي بعد وفاء المائة الحالة لا يفي بالدين المؤجل فيفلس ولو أتى بحميل وأحرى إن لم يبق للمؤجل شيء وقال المازري إذا كانت الديون مؤجلة لم يفلس بها قال ق فانظر هذا أي ما للمازري مع كلام خليل أي انظر لم تبع اللخمي دون المازري وبقي عليه شرطان أيضًا أن يتبين لدده وأن لا يدفع لطالب التفليس حميلًا بماله وإلا لم يفلس فإن قلت الغائب لا يتصور فيه اللدد قلت هو مظنة اللدد حيث لم يعلم ملاؤه حال سفره ثم شرع في بيان أحكام الحجر الأربعة بسبب التفليس الأخص وهو بيع ماله كما يأتي في قوله وبيع ماله بحضرته بالخيار ثلاثًا وحبسه كما يأتي في قوله: وحبس لثبوت عسره أن جهل حاله ورجوع الغريم في عين ماله كما يأتي في قوله:

ــ

لا يفلس وليس بحسن وقيد اللخمي ما في الموازية بأن تبقى بيده فضلة يعامله الناس عليها ويتاجره الناس بسببها ويرجى من تنميته لها ما يقضي به الديون المؤجلة وإذا كان المعروف في هذه المسألة أنه يفلس فتفليسه إذا لم يكن بيده إلا مقدار الحال أولى وظاهر ابن عرفة أن تقيد اللخمي هو المذهب ولعله توفيق بين القولين ومقابلته في هذه الصور الحال بالمؤجل تدل على أن المراد بالحال ما يشمل دين الطالب وغيره خلاف ما قيد به ز تبعًا لتت ويدل لذلك أيضًا قول المصنف أو بقي ما لا يفي بالمؤجل ولا دليل له في كلام ابن محرز فتأمله ونص ابن عرفة يتقرر التفليس بتوجه طلب في دين المدين بأزيد مما يملكه المدين فإن كانوا جماعة فواضح فإن طلبه أحدهم دونهم ودينه أقل من مال المدين فكذلك اهـ.

وهو صريح فيما قلناه وقول ز بل من جهة قوله أو بقي مالًا يفي بالمؤجل الخ أي لأن ظاهر المصنف سواء كان الباقي يرجى بتحريكه الوفاء بالمؤجل أم لا وهو خلاف قول ابن محرز ولم يفضل عن المال إلا اليسير لا يرجى في حركته له أداء حقوق الآخرين اهـ.

هذا وجه تنظير ق وقول ز فيفلس ولو أتى بحميل الخ اعلم أنه إن كان بيده ما يفي بالدين الحال ويبقى ما لا يفي بالمؤجل ولا يرجى بتحريكه وفاء فهذا يفلس كما قال المصنف على المعروف من المذهب كما تقدم واختلف هل يحل عليه المؤجل ذكر ابن عرفة فيه أربعة أقوال ونصه في حلول المؤجل بتفليسه ثالثها إن لم يأت بحميل به ورابعها إن لم يكن عرضًا الأول للمعروف والثاني لقول السيوري فيه وفي الميت والثالث اللخمي والرابع لسحنون اهـ.

فلم يقل اللخمي في هذا لا يفلس إن أتى بحميل بل قال لا يحل المؤجل ونصه كما في ابن عرفة اللخمي القياس إن أتى المفلس بحميل أن يبقى ما عليه لأجله لأن تعجيله إنما هو خوف أن لا يكون له عند الأجل شيء اهـ.

وأما قول المازري لا يفلس فهو فيما إذا كانت الديون كلها مؤجلة قال ابن عرفة وقول اللخمي بتفليسه في دين لم يحل وإن العسر عيب خلاف المذهب وخلاف قول المازري إذا كانت الديون مؤجلة لم يفلس بها اهـ.

ص: 476

وللغريم أخذ عين ماله المحاز عنه في الفلس لا الموت ومنعه من التصرف المالي وإليه أشار بقوله: (فمنع) المفلس بالمعنى الأخص (من تصرف مالي) كبيع وشراء وكراء واكتراء ولو بغير محاباة وما في الشارح من التقييد بالمحاباة فيه نظر لأن المحاباة من التبرع وهو يمنع منه بمجرد الإحاطة كما قدمه المصنف ثم إذا وقع منه التصرف المالي فلا يبطل خلافًا لابن عبد السلام بل يوقف على نظر الحاكم ردًّا وإمضاء كما نقله ابن عرفة أو على نظر الغرماء كما نقله الشارح وهو ظاهر المصنف إذ قد حكم الحاكم بخلع ماله للغريم فكأنه ملكه للغريم فتصرف المدين فيه تصرف فضولي ولعل وجه نقل ابن عرفة إنه قبل قسمه بنسبة الديون النظر فيه للحاكم قال ح ودخل في قوله: تصرف مالي النكاح (لا) إن التزم (في ذمته) إعطاء شيء لغير رب الدين إن ملكه فلا يمنع منه إلا أن يملكه ودينهم باقٍ فلهم منعه حتى يوفي دينهم ولا يمنع من تصرف غير مالي (كخلعه) لأنه تصرف بغير متموّل فكان كالعدم وهو تشبيه بقوله: لا في ذمته أو مثال لمفهوم مالي كما يفيده تت في صغره ولم يراع مؤخر صداقها في هذه لحلوله عليه بالفلس فتحاصص

ــ

وقد علمت أن هذا هو محترز قول المصنف دينًا حل فقول ز قال ق فانظر هذا أي ما للمازري الخ ليس في ق ما ذكره عنه ولا أن المصنف مخالف للمازري فافهم وبما ذكرناه تعلم ما في كلام ز من الخلل والتخليط والله أعلم. (فمنع من تصرف مالي) قول ز المفلس بالمعنى الأخص الخ بل بالمعنى الأعم وهو قيام الغرماء كما تقدم وقول ز ثم إذا وقع منه التصرف المالي فلا يبطل خلافًا لابن عبد السلام الخ ما ذكره ابن عبد السلام من فساد معاملته هو ظاهر كلامه الذي نقله غ عنه على أنه يقع في نسخ شرح ابن عبد السلام اختلاف كما يقع في نقل ضيح عنه ويعلم ذلك بالوقوف عليهما وظاهر سياق ز تبعًا لعج كلام ابن عرفة عقب ما نقله عن ابن عبد السلام المخالف له أن ابن عرفة قصد تعقب كلام ابن عبد السلام المذكور وليس كذلك وإنما ذكر ذلك الكلام في سياق الاعتراض على ابن الحاجب في حكايته الأقوال الأربعة في معاملته بقوله وفي معاملته ثالثها بالنقد لا بالنسيئة ورابعها بما يبقى لا بما يذهب اهـ.

فقال ابن عرفة ومن أمعن النظر والبحث علم ضرورة عدم وجودها في المذهب وكل المذهب على وقف تصرفه على نظر الحاكم ردًّا وإمضاء وهذا هو نقل اللخمي والمازري وابن رشد وغيرهم من حفاظ المذهب فالله تعالى أعلم من أين أتى هذا الرجل بهذه الأقوال اهـ.

وأما كلام ابن عبد السلام فلم يتعرض له ابن عرفة برد ولا قبول فكأنه فهمه على الصواب وإلا لم يقبله على عادته والله تعالى أعلم وقول ز أو على نظر الغرماء الخ هذا هو الذي في الجواهر ووفق عج بينه وبين ما لابن عرفة بأن الرجوع للحاكم عند عدم اتفاق الغرماء اهـ.

وهو أظهر من التوفيق الذي في ز والله تعالى أعلم (لا في ذمته) معناه لا يمنع من التصرف في ذمته وأشار لقول ابن الحاجب وتصرفه شارطًا أن يقبض من غير ما حجر عليه فيه صحيح اهـ.

ص: 477

به كما يأتي وظاهره لو جعل مخالعته لغيره إذ هي غير تبرع لكون الخلع غير متمول وكلامه في الرجل المدين المخالع وفي بعض التقارير أن المرأة كذلك أو أولى وفيه نظر لأنه تصرف مالي وقد قال في الخلع لا من صغيرة وسفيهة ورد المال وبانت كالرشيدة المحجور عليها للدين تمنع من خلعها ويرد المال وبانت (وطلاقه) لما فيه من تخفيف مؤنة عنه والصداق المؤخر منه حال تحاصص به الغرماء (وقصاصه وعفوه) عن قصاص أو حد بغير شيء أو على مال ولو دفعه لغير الغرماء وهذا في جرح عمد ليس فيه شيء مقدر وإلا فله منعه من عفوه (وعتق أم ولده) التي أولدها قبل التفليس الأخص ولو بعد الأعم (و) إذا أعتقها (تبعها ما لها إن قل) بل ولو كثر على المذهب لأن لا يلزم بانتزاع مال رقيقه انظر ح إن لم يستثنه سيدها فيأخذه الغريم وعطف على فمنع المترتب على الفلس الأخص قوله: (وحل به) أي بالفلس الأخص لا قيام الغرماء ولو مع تمكينه إياهم من البيع والقسم كما يأبى (وبالموت) للمدين (ما أجل) عليه من الدين لخراب ذمته فيهما ولا طلب بعض الغرماء بقاء دينه مؤجلًا لم يجب لذلك ويستثنى من كلامه أمران أحدهما اشتراط عدم حلوله بما ذكر ثانيهما إلا أن يقتل رب الدين المدين عمدًا فلا يحل دينه والشرط الأول عام في الفلس والموت والثاني خاص بالموت فالأول مقيد بقيد والثاني بقيدين وأما موت من له الدين أو فلسه فلا يحل به دينه وينبغي إلا لشرط حيث كان الشرط بعد عقد البيع فإن وقع في صلبه فالظاهر فساد البيع لأنه آل أمره إلى البيع بأجل مجهول (ولو) كان الدين المؤجل على المكتري المفلس أو الميت (دين كراء) لدار أو دابة أو عبد وجيبة لم تستوف فيه المنفعة فيحل بفلس المكتري وموته ويأخذ المكري عين شيئه في الفلس ثم إن لم يستوف شيء من منفعته فلا شيء له كما هو ظاهر فإن كان أخذ الأجر رده وإن لم يرد أخذ عين شيئه في الفلس بل أراد بقاءه حاصص بأجرته حالًا أيضًا وإن استوفى بعض منفعته حاصص بها كما يحاصص في الموت ويأخذ منابه بالحصاص

ــ

انظر ح (كخلعه) قول ز وفي بعض التقارير أن المرأة كذلك أو أولى وفيه نظر الخ تنظيره فيه صحيح لأن ظاهر ابن يونس أو صريحه أن خلع المرأة المفلسة كتزوج الرجل المفلس ونصه وفي المدونة وما دام قائم الوجه فإقراره بالدين جائز وله أن يتزوج فيما بيده من مال ما لم يفلس وكذلك المرأة تخالع زوجها بمال والدين محيط بها وليس له أن يتزوج في المال الذي فلس فيه اهـ.

منه فتأمله (ولو دين كراء) قول ز وجيبة لم تستوف فيه المنفعة الخ هذا هو محل الخلاف وما حمله عليه هو ظاهر المصنف وهو ظاهر المدونة أيضًا وصرح به أبو الحسن ومقابله اختيار ابن رشد في المقدمات والنوازل انظر ضيح وطفى وما في خش من تقييد كلام المصنف بالاستيفاء غير ظاهر ولا مخالفة بين ما هنا وما يأتي من قوله وأخذ المكري دابته وأرضه لأن المراد به أن له أخذهما في الفلس إن شاء لا أنه يتعين الفسخ قبل الاستيفاء كما

ص: 478

معجلًا كما هو مفاد المصنف حيث بالغ على حلوله ونحوه في المدونة وهو المشهور كما في شرحها خلافًا لقول ابن رشد يحاصص به ويوقف منابه بالحصاص فكل ما استوفى شيء من المنفعة أخذ المكري ما ينوبه مما وقف ويخير في فسخ ما بقي في الفلس ولا يحمل قوله: ولو دين كراء على ما إذا استوفيت المنفعة المقابلة للكراء ولا على ما إذا وجب تعجيل الكراء بشرط أو عرف لأنه لا يقال في ذلك حل به وبالموت ما أجل وتقييدنا الكراء بالوجيبة ظاهر ليكون الكراء لازمًا لا ينفسح عقده بموت أحد المتعاقدين وإن حل إذ لو كان مشاهرة لم يكن لازمًا فلا يتأتى فيه قوله: حل به وبالموت ما أجل (أو) ولو (قدم) المدين (الغائب مليًّا) فوجد الحاكم قد فلسه حل ما عليه من مؤجل لأنه حكم مضى وهو مجوز لما ظهر وليس له أن يدعي تبين خطئه بملائه (وإن نكل المفلس) الأخص الذي قام له شاهد بحق على شخص عن اليمين معه ليأخذ حقه (حلف كل) من غرمائه مع الشاهد (كهو) أي كما يحلف هو لو حلف فيحلف كل أن جميع ما شهد به الشاهد حق لأن كل واحد ينزل منزلته ولأنه لا يحلف بعض أرباب الديون ليستحق غيره ولا يحلف كل على منابه فقط (وأخذ) كل (حصته) فقط من الدين بنسبة قسم الديون كما يأتي وإن نكلوا كلهم فلا شيء لهم (ولو) حلف بعضهم و (نكل غيره) أي غير البعض الحالف فلا يستحق الحالف سوى قدر نصيبه فقط مع حلفه على الجميع (على الأصح)

ــ

فهمه ق (أو قدم الغائب مليًّا) هذا ظاهر قول أصبغ ومقابله اختيار بعض القرويين قال لأن الغيب كشف خلاف ما حكم به فصار كحكم تبين خطؤه قال في ضيح قال ابن عبد السلام والأول أقرب لأن الحاكم حين قضى بالمحاصة كان مجوزًا لما قد ظهر الآن وأيضًا فهو حكم واحد وقد وقع الاتفاق على أن من قبض شيئًا من دينه المؤجل لا يردد ذلك أي إذا قدم مليًّا فكذلك ما بقي اهـ.

(ولو نكل غيره على الأصح) ابن عاشر صوابه على الأظهر قلت عزا الشبرخيتي الأصح لاختيار ابن أبي زيد وقول ز واقتسمه جميع الغرماء الخ هذا هو الظاهر خلاف قول خش يختص به الناكل وقول ز وما إذا ردت عليه الخ أي كما إذا لم يكن له بالوفاء إلا مجرد الدعوى فتعلقت اليمين بالمدعى عليه فردها على المفلس وقول ز أو توجهت عليه الخ إنما يحتاج الغرماء إلى الحلف في هذا والله أعلم إذا كانت ديونهم ثابتة بالإقرار لما يأتي بعد وقول ز ولكن لا يجري قوله وأخذ خصته في الصورتين الأوليين الخ بل يجري في الجميع إلا أنه في دعوى الدين يكون الأخذ حقيقيًّا وفي دعوى الوفاء يكون حكميًّا ومعناه سقطت حصة الحالف ولو نكل غيره وقول ز أو يوقف لبلوغه يعني بعد حلف المدعى عليه فإن نكل غرم بنكوله مع الشاهد والأقوال الثلاثة ذكرها في ضيح ونصه فإن كان في الغرماء محجور عليه فهل يحلف المحجور عليه أو وصيه أو لا يمين على واحد منهما أو يؤخر إلى رشده في المذهب ثلاثة أقوال للأندلسيين وحكاها في المتيطية في المرأة المولى عليها تقوم بكالئها قال والمشهور أنها هي التي تحلف وأفتى ابن عتاب بأن اليمين توقف عنها حتى تخرج من الولاية اهـ.

ص: 479

وهو قول ابن القاسم في رواية عيسى وابن الماجشون وقال محمَّد بن عبد الحكم بأخذ جميع حقه وعلى الأول فيسقط حق الناكل بعد يمين المطلوب فإن نكل غرم بقية ما عليه لأن النكول كشاهد ثانٍ واقتسمه جميع الغرماء من نكل ومن حلف فيأخذ حصة بالحلف وحصة بالحصاص مع الناكلين قاله عج وإذا طلب من نكل مع الغرماء العود لليمين ففي تمكينه قولان الأظهر عدمه كما يأتي آخر الشهادات وشمل قوله: إن نكل المفلس ما إذا وجبت يمين عليه في وفاء دين كان عليه لبعض الغرماء أو غيرهم قام له بالوفاء شاهد ونكل عنها فيحلف غرماؤه أيضًا على الراجح وما إذا ردت عليه أو توجهت عليه لمن ادعى عليه حقًّا ونكل عنها أو لاستظهار كأن شهدت له بينة على ميت مثلًا أو لقسامة في خطأ ولكن لا يجري قوله وأخذ حصته ولو نكل غيره في الصورتين الأوليين من هذه الصور ومثل المفلس الميت ويبدأ الورثة بالحلف إن كان في الدين فضل عن الغرماء وإلا بدؤوا بالحلف على الراجح وإذا امتنع الورثة من الحلف في القسم الأول حلف الغرماء وأخذوا دينهم وللورثة العود للحلف ليأخذوا الفاضل إن اعتقدوا عدم فضل شيء حال نكولهم قبل وعلم صدقهم بقرينة وإلا لم يمكنوا منه قال تت وإذا كان في الغرماء صغير فهل يحلف أو وليه أو يوقف لبلوغه أقوال اهـ.

والمذهب الثالث ومفهوم المفلس أن المدين غير المفلس ليس لغرمائه حلف عند نكوله (وقبل إقراره) أي المفلس الأخص كما في سابقه ومثله الأعم في ذلك على المعتمد أي إقراره بدين في ذمته لمن لا يتهم عليه زيادة على ما عليه من الدين (بالمجلس) الذي

ــ

ذكر ذلك عند قول ابن الحاجب ويباع بحضرة المفلس بالخيار الخ وقوله فهل يحلف المحجور عليه أو وصيه الخ هذا قول واحد وبه تعلم ما في كلام ز فتأمله (وقبل إقراره بالمجلس) ابن عرفة قال ابن ميسر إقراره بعد القيام عليه جائز إن كانت ديون القائمين عليه بغير بينة أو ببينة وهي لا تستغرق ما بيده أو تستغرقه وعلم تقدم معاملته من أقر له وتقاضيه وأشبه ما أقر له به مداينته له اهـ.

وكلام ابن ميسر هذا هو الذي قرر به ز كلام المصنف مع أن قوله وعلم تقدم معاملته الخ خلاف المذهب كما في ضيح وابن عرفة أما ما في ضيح فإنه بعد أن ذكر القول الأول وهو قبول إقراره سواء كانت الديون ثابتة عليه ببينة أو بإقراره واختاره بعض الشيوخ واستظهره ابن عبد السلام قال ما نصه لكن الذي نص عليه محمَّد وحملوا عليه المدونة إن هذا خاص بما إذا ثبت الدين بإقراراه وأما إن كان ببينة فإنه لا يقبل وإن كان بالمجلس ولمالك في الموازية قول ثالث إن من أقر له المفلس إن كان يعلم منه إليه تعاط ومداينة وخلطة حلف المقر له ودخل في الحصاص مع من له بينة اهـ.

فجعل الثالث خلاف مذهب المدونة وأما ابن عرفة فقال: بعدما تقدم ما نصه وإقراره بعد الحجر عليه مقبول على من ليس دينه ببينة إن قارنه أو قارنه وفي قبوله على من دينه ببينة كذلك ولغوه ثالثها يقبل لمن علم تقدم تقاض منه فانظر عزوه فقول ز وفي الثانية على

ص: 480

حجر عليه فيه أو قام عليه غرماؤه فيه (أو قربه) بالعرف (إن ثبت دينه) الذي حجر عليه به وفلس فيه أو قام الغرماء عليه به (بإقرار لا) إن ثبت عليه (ببينة) فلا يقبل إقراره لغيرهم لإدخاله به نقصًا على من دينه ببينة وهذا حيث كانت الديون الثابتة ببينة تستغرق ما بيده وأما إن لم تستغرق ما بيده أو تستغرق وعلم تقدم معاملته فإن إقراره يفيد في الأولى بلا نزاع وفي الثانية على الأرجح وربما أشعر كلامه بأنه إذا كان بعضه ثابتًا بإقرار وبعضه ببينة فلا يعمل بإقراره بعد التفليس وفي آخر كلام ابن عرفة ما يفيد أنه يدخل مع من ثبت دينه بإقرار لا ببينة (وهو) أي ما لم يقبل إقراره فيه بأن ثبت دينه ببينة أو أقر بعد مجلس التفليس بطول لمن لا يتهم عليه يكون (في ذمته) يحاصص به المقر له فيما يتجدد له من المال لا فيما بيده فقوله وهو في ذمته راجع لمفهوم قوله بالمجلس أو قربه وقوله لا ببينة ولما بين الإقرار بما في الذمة بين الإقرار بمعين فقال: (وقبل تعيينه) أي المفلس الصحيح ولو بالمعنى الأعم (القراض والوديعة) بأن يقول هذا قراض أو وديعة عين ربهما أم لا كان بالمجلس أو قربه أو مع بعد كما في ق وابن عرفة وابن يونس والغرياني خلافًا لتقييد الشارح له بالمجلس أو قربه (إن قامت بينة بأصله) أي القراض أو الوديعة تشهد أن عنده ذلك أو أنه أقر قبل التفليس الأعم بأن عنده ذلك عينت ربهما أم لا عند ابن القاسم كما في تت ففي قول د وكر أن عين المقر له شيء ثم إذا عينه قبل تعيينه إياه من غير يمين ولو لمن يتهم عليه لشهادة البينة بأصله خلافًا الأصبغ فإن لم يعين صاحبهما ولم يدعهما أحد

ــ

الأرجح غير صحيح وأما قبوله إن كانت الديون ببينة وهي لا تستغرق ما بيده فغير ظاهر لأنه إن لم تكن عليه ديون غيرها فهذا لا يفلس كما تقدم وإن كان عليه ديون غيرها بإقرار سابق فالظاهر أنه يدخل مع من ثبت دينه بإقراره فقط كما ذكره بعد سواء استغرقت ديون البينة ما بيده أم لا فتأمله ونص ابن يونس إن كان من له بينة لا يستغرق ماله فيجوز إقراره لأن أهل البينة ليس لهم تفليسه اهـ.

منه فتبين به أن هذا خارج عن الموضوع وهو الإقرار بعد التفليس والله تعالى أعلم (وقبل تعيينه القراض والوديعة) قول ز أو مع بعد كما في ق الخ الذي في ضيح تقييده بالمجلس أو قربه وليس في ق ولا فيما نقل عن ابن يونس تصريح بالإطلاق ولا بالتقييد ومفهوم قول المصنف تعيينه الخ أنه إن لم يعين بأن قال لفلان في مالي قراض كذا لم يقبل كما لابن عرفة آخر القراض ونصه الصقلي عن ابن حبيب ما عينه في الفلس فربه أحق به وإن لم يعين شيئًا فلا يحاص بذلك ربه الغرماء كما لا يصدق في الدين وكذا فسره أصبغ اهـ ونحوه في ضيح هناك وظاهر كلامهما إن ذلك فيما كان من القراض والوديعة لمجرد إقرار المفلس أعني أقر بذلك ولم يعينه بدليل قولهما كما لا يصدق في الدين وقد صرح بذلك ابن عرفة في التفليس ونصه وفي المقدمات لو أقر بمعين كقوله هذا قراض لفلان أو وديعة ففي قبولهما ثالثها إن كان على أصلهما بينة صدق في التعيين ثم قال ولم يعز ابن شاس الأول إلا لأصبغ قائلًا لو لم يعين المقر به بطل لأنه إقرار بدين اهـ.

ص: 481

فينبغي وضعهما ببيت المال على قاعدة المال الذي ضل صاحبه ومفهوم الشرط بطلانه بالكلية إن لم تقم بينة بأصله ولا يبقى في ذمة المقر وظاهره ولو ادعاء المقر له ولعل الفرق بينه وبين المسألة السابقة من قوله وهو في ذمته أن فيها إقرارًا في الذمة وهذا بمعين ولم يقبل منه وأعطى ما بيده للغرماء فلم يبق في ذمته واحترزنا بالصحيح عن المريض المفلس فإنه يقبل تعيينهما لمن لا يتهم عليه وإن لم تقم بينة بأصله (والمختار قبول الصانع) المفلس في تعيين ما بيده لأربابه كهذه السلعة لفلان مع يمين المقر له ولو متهمًا عليه كما هو ظاهر المصنف وابن يونس وقيده العجماوي بغير المتهم عليه سواء كان بالمجلس أو قربه أو مع بعد (بلا بينة) بأصله ولا بد من هذا وإلا ورد أن قوله قبول قول الخ يفيد أنه مجرد عن البينة فلا يحتاج لقوله بلا بينة وجوابه ليس المراد بلا بينة على قوله حتى لا يحتاج إليه بل المراد بلا بينة بأصله كما علمت فيه حذف صفة كما في د وإنما قبل قوله لأن الغالب أن ما فيه يده أمتعة الناس وليس العرف الإشهاد عند الدفع ولا يعلم إلا من قوله فلا يتهم أن يقربه لغير ربه (وحجر أيضًا) على المفلس الذي حكم الحاكم بخلع ماله وإن لم يحصل فيه قسم بين غرمائه وقول تت الذي أخذ الغرماء ماله معناه حكم الحاكم بأخذهم له وإن لم يؤخذ بالفعل (إن تجدد) له (مال) بعد الحجر الأول سواء كان عن أصل كربح مال تركه بيده بعض من فلسه أو عن معاملة جديدة أو لا عن أصل كميراث أو هبة أو صدقة أو وصية أو أرش جناية لأن الحجر الأول كان في مال مخصوص فيتصرف في المتجدد إلى أن يحجر عليه فيه ابن عرفة فيما علم أي تجدد، وما جهل يفتقر لبيان ويراعي في الحجر الثاني أيضًا الشروط المتقدمة في قوله: بطلبه الخ

ــ

فقوله المقر به وقوله لأنه إقرار بدين صريح في كون القراض والوديعة بالإقرار إلا بالبينة أما لو كانا بالبينة فيحاصص رب القراض والوديعة الغرماء كما في الموت والله أعلم ففي العتبية من سماع أبي زيد بن أبي الغمر من ابن القاسم من كتاب المديان الثاني ما نصه وقال في رجل أعطى مالًا قراضًا لرجل فأدّان ديوانًا فأفلس من المقارض فيما أعطاه أسوة الغرماء إلا أن يدرك من ماله شيئًا بعينه فيكون أحق به وقول المقارض أن هذا مال فلان فلا يقبل قوله في ذلك اهـ.

محل الحاجة منه قال ابن رشد في قبول قوله إن هذا مال فلان خلاف اهـ.

من خط الشيخ ميارة وقول ز واحترز بالصحيح عن المريض المفلس الخ نحوه في خش وهو غير صحيح قال الشيخ المسناوي وذلك غلط نشأ لهما من عدم فهمها كلام ضيح اهـ.

وذلك أنه لما ذكر في ضيح الخلاف في تعيين المفلس القراض والوديعة قال ما نصه ابن يونس ولم يختلف في المريض يقول هذا قراض فلان أو وديعته أنه يقبل إقراره إن لم يهتم عليه وإن لم يكن على أصل ذلك بينة أي لأن الحجر على المريض أضعف من الحجر على المفلس لأن للمريض أن يشتري ما يحتاجه بخلاف المفلس اهـ.

ص: 482

ومفهوم الشرط عدم الحجر عليه إن لم يتجدد له مال وإن طال زمانه ابن ناجي على المدونة وبه العمل وللباجي في سجلاته يجدد بعد ستة أشهر لانتقال الكسب حينئذ ولما كان الحجر على المفلس يخالف حجر السفيه في عدم احتياج فكه إلى حاكم أشار إلى ذلك بقوله: (وانفك) الحجر عن المفلس إذا قسم ماله وبقيت من ديونهم بقية وكان حلف قبل التفليس أنه لم يكتم شيئًا أو بعده وإن كان المطلوب حلفه قبله أو وافقه الغرماء على ذلك من غير حلف (ولو بلا حكم) ولا يخفى أن تجديد الحجر فيما تجدد يتضمن انفكاك الحجر عنه في غير ما تجدد فذكره لأجل المبالغة وكان الأنسب أن يقدم قوله: وانفك ولو بلا حكم على قوله وحجر أيضًا أن تجدد مال ورد بلو قول ابن القصار وتلميذه عبد الوهاب لا ينفك حجر عن محجور إلا بحكم حاكم لاحتياج الفك للاجتهاد الذي لا يضبطه إلا الحاكم (ولو مكنهم الغريم) أي المدين فأطلقه أول الباب على رب الدين وهنا على المدين لأنه مشترك أي مكنهم مما بيده (فباعوا) من غير رفع الحاكم (واقتسموا) بحسب ديونهم أو اقتسموا عروضه من غير بيع حيث يسوغ لهم ذلك وليس بيعهم بيع خيار فيما يظهر لأن فعلهم ليس تفليسًا فلا يحل به ما أجل وفي شرح الحدود ودليل عليه وبقيت لهم بقية (ثم داين غيرهم) بعد ذلك ففلس ثانيًا (فلا دخول للأولين) في أثمان ما أخذه من الآخرين وفيما تجدد عن ذلك إلا أن يفضل عن دينهم فضلة فيحاص الأولون (كتفليس الحاكم) أي حكمه بالمال للغرماء وإن لم يقسموه ثم داين غيرهم فلا دخول للأولين إلا أن يفضل فضلة (إلا كإرث وصلة وأرش جناية) عليه أو على وليه ووصية ومال خلع وجميع ما تجدد لا عن مال فللأولين الدخول مع الآخرين ويتحاصون كلهم فيه فهو كما في د مستثنى من قوله فلا دخول للأولين استثناء منقطعًا ولما قدم حكمًا من أحكام الحجر بقوله وحل به وبالموت ما أجل ذكر له حكمًا ثانيًا كما لجمع من الشراح ولا يبحث فيه بأنه رابع لتقدم حكمين له أيضًا وهما وقبل إقراره الخ وقبل تعيينه القراض الخ كما في عج لما قدم من شمولهما للفلس الأعم أيضًا وإن خالف ظاهر سياقه إلا أن

ــ

ومراده المريض الغير المفلس كما أفاده توجيهه لا المريض المفلس كما توهماه فافهم (ولو مكنهم لغريم فباعوا واقتسموا) قول ز لأن فعلهم ليس تفليسًا فلا يحل به ما أجل الخ فيه نظر بل سماع أصبغ يدل على أنه تفليس ونصه قال أصبغ وسمعت ابن القاسم يقول عن مالك في رجل قام عليه غرماؤه ففلسوه فيما بينهم وأخذوا ماله ثم داينه آخرون أن الآخرين أولى بما في يده بمنزلة تفليس السلطان ثم قال ابن القاسم وتفليسهم إياه فيما بينهم أبين إذا فعلوا ذلك واجتمعوا فيه وبلغوه وتبين ذلك تفليسًا كالسلطان ومما يبين ذلك أن يجدوا له الشيء اليسير أو السقط في الحانوت الذي يكشف فيه ويفالس فيأخذون ما وجدوا ويقسمونه على تفليسه واليأس من ماله فيطلقوه فهو عندي تفليس كالسلطان سواء ابن رشد هذا هو حد التفليس الذي يمنع من دخول من فلسه على من عامله بعد التفليس اهـ. من رسم البيوع من

ص: 483

يكون كلامه معهم على سياقه ويجاب عنهم بأنهم نظر والحكم الحاكم فقال: (وبيع ماله) أي باعه الحاكم إن خالف جنس دينه أو صفته بعد ثبوت دين القائمين والموجودين والأعذار للمفلس ولكل منهم في دين صاحبه لأن لهم الطعن في بينات بعضهم وبعد حلف كل أنه لم يقبض شيئًا من دينه ولا أسقطه ولا بعضه وأنه باق عليه إلى الآن وتسمية شهود كل (بحضرته) ندبًا لأنه أقطع لحجته قال المصنف ولا يبعد وجوبه (بالخيار) للحاكم ولا يجوز له تركه فإن باع بغيره فلكل من المفلس وغرمائه رده لضررهم بذلك كذا ينبغي (ثلاثًا) من الأيام للاستقصاء وطلب الزيادة في كل سلعة من حيوان وعرض وعقار كما هو ظاهره من شموله للحيوان وقال صاحب التكملة: لا يباع بالخيار ثلاثًا لسرعة تغيره وافتقاره لمؤنة ولكن لا يباع في يومه وأما ما يخشى فواته من رطب فاكهة وطري لحم فلا يستأني به الأيام اليسيرة وأما يسير العروض كسوط أو دلو وحبل فيباع من حينه اهـ.

نقله د وسيأتي رد أول كلامه عن قوله وعجل بيع الحيوان بخلاف خيار التروي فيختلف باختلاف السلع كما قدمه وانظر هل له البيع به وعليه فالظاهر أن خيار الثلاث بعده أو ليس له البيع به وذكر ثلاثًا اختصارًا لأن المعدود إذا حذف يجوز تذكير العدد وتأنيثه ثم بيعه بالخيار ثلاثًا منحل من جهته لازم من جهة المشتري (ولو كتبًا) ظاهره ولو احتاج لها فليست كآلة الصانع لأن شأن العلم أن يحفظ ويستثنى ما هنا مما له في باب الإجارة من كراهة بيع كتبه لأن ما يأتي في غير ما يجب لغيره فهو أمر اختياري ومحل

ــ

سماع أصبغ من كتاب المديان الثالث (وبيع ماله بحضرته الخ) قول ز بعد ثبوت دين القائمين الخ عبارة ضيح واعلم أنه إذا قام الغرماء على المفلس فعلى القاضي أن يكلفهم إثبات ديونهم إلى آخر الشروط الأربعة التي في ز ولفظ ابن عرفة المتيطي وابن فتوح شرط بيع القاضي مال المفلس لقضاء ديونه ثبوت الديون وحلف أربابها على بقائها كيمين بقاء الدين على الميت وثبوت ملك المفلس ما يبيعه عليه قلت وقول ابن عبد السلام في حلف كل منهم على بقاء دينه إلى آخر فصول اليمين تردد للحكام لا أعرف سقوطها من قبل الحاكم أما بتراضيهم وعدم مناكرة الغريم إياهم فظاهر اهـ.

قال لشيخ ميارة في بعض طرره تأمل هل هذه يمين قضاء وهم إنما أوجبوها على طالب من لا يمكنه الدفع عن نفسه إما حالًا فقط أو حالًا ومآلًا أو هي يمين منكر فلا تتوجه إلا بدعوى كل واحد من الغرماء على غيره أنه قبض أو أسقط مثلًا ويؤيد هذا قول ابن رشد إذا كان المطلوب حاضرًا وادعى قضاء ما ثبت عليه فيمن طالبه يمين منكر لا يمين قضاء اهـ.

من خطه (ولو كتبًا) قول ز ويستثنى ما هنا مما يأتي الخ هذا توفيق بين ما هنا وبين ما يأتي والظاهر من كلام ق وغيره أن ما يأتي هو مقابل ما هنا وهو الذي صرح به في ضيح حيث قال الخلاف في بيعها هنا جار على الخلاف في بيعها من حيث الجملة فكرهه مالك مرة ومنعه أخرى قال والمشهور الذي عليه الجمهور جواز البيع محمَّد بن عبد الحكم قد بيعت كتب ابن وهب بثلاثمائة دينار وأصحابنا متوافرون حاضرون وغيرهم فما أنكروا ذلك وكان أبي الوصي اهـ.

ص: 484

الخلاف في الكتب الشرعية كفقه وتفسير وحديث وينبغي وآلته وما عداها لا خلاف في جوازه (أو ثوبي جمعته إن كثرت قيمتهما) يحتمل بالنظر لهما أو لصاحبهما المفلس ويشتري له دونهما قال تت وانظر ما المراد بهما اهـ.

وفيه قصور فقد قال ابن عبد البر في شرح حديث الموطأ وهو ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته المراد بالثوبين قميص ورداء أو جبة ورداء والمهنة بفتح الميم الخدمة اهـ.

وقد قدمت ذلك أيضًا في باب الجمعة (وفي بيع آلة الصنائع) المحتاج لها وهي قليلة القيمة كمرزبة الكماد ومطرقة الحداد وعدم بيعها (تردد) لشيخ المازري عبد الحميد الصائغ فكان يتردد في بيع ذلك وهو جار على اصطلاح المصنف لأن معناه التحير فقوله بالتردد لتردد المتأخرين أي وبالتحير لتحير جنس المتأخرين فيصدق بالواحد كما هنا وأما غير المحتاج لها فتباع من غير تردد وكذا لو كثرت قيمتها (وأوجر رقيقه) الذي لا يباع عليه في الدين بأن تكون فيه شائبة حرية وأن يكون له فيه كثير خدمة كمدبر ومعتق لأجل وولد أم الولد من غيره كما يدل على هذا القيد الثاني قوله بخلاف الخ. وكذا يؤاجر رقيق سيد جعل خدمته للمفلس مدة أو حياة أحدهما لا إن أخدمه الشخص وجعل مرجعه للمفلس انظر ابن عرفة (بخلاف) ما ليس فيه شائبة حرية فيباع لأنه مال من أمواله وما فيه يسير خدمة نحو (مستولدته) فلا تؤاجر إذ ليس له فيها غير استمتاعه بها ويسير الخدمة قال في المقدمات وإن ادعى في أمة أنها أسقطت منه لم يصدق إلا أن تقوم بينة من النساء أو يكون قد فشا ذلك قبل ادعائه وإن كان لها ولد قائم فقوله مقبول أنه منه اهـ.

وكذا لا يؤجر من لا خدمة له عليه أصلًا كمكاتب وإن كانت كتابته تباع ولا يجبر مسلم ذو دين ورثة مدين ذمي ترك خمرًا على بيعه وقضاء دينه بثمنها فإن باعوها بمال حكم بقضاء دينه منه فإن كان الدين الذمي وترافعا إلينا حكم بينهم بحكم الإِسلام اهـ.

فإن كان المدين الميت مسلمًا وترك خمرًا وجب على ورثته بحاكم ولم يقض بثمنه دينه ولو لكافر فيما يظهر (ولا يلزم) المفلس بعد أخذ ما بيده (بتكسب) لغرمائه ليوفي لهم ما بقي عليه من الدين ولو كان قادرًا على ذلك الدين إنما تعلق بذمته لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]، وسواء عامله الغرماء على التكسب أم لا وتفصيل اللخمي ضعيف وهو أنه يجبر الصانع لأنه على ذلك عوامل لا التاجر وعلى التاجر تكلم مالك اهـ.

فإن شرط عليه علم بشرطه لأنه شرط فيه غرض ومالية (وتسلف) أي لا يلزم

ــ

(ولا يلزم بتكسب) قول ز فإن شرط عليه عمل بشرطه الخ فيه نظر والظاهر أنه لا يلزمه العمل به الظاهر الآية (وتسلف) قول ز ولا يرده ما مر في القرض الخ فيه نظر إذ لا يقع هنا

ص: 485

المفلس أن يتسلف مالًا لأجل غرمائه ولا قبول هبة ولا صدقة ولا قبول سلف من غير طلب إلا إن أراد أحد أن يسلف رب الدين قدر ماله على المدين ليرجع به على المدين من غير قصد عنته فليس للمفلس مقال كما في التوضيح ولا يرده ما مر في القرض من منعه حيث حصل نفع لأجنبي ورب الدين هنا أجنبي لأنه لما شرط المقرض الرجوع على المدين فكان القرض إنما هو له فليس النفع في هذه الصورة إلا للمقترض بحسب المعنى وإن كان في الظاهر للطالب بقصد نفع غيره (واستشفاع) أي لا يلزم بالأخذ بشفعة له فيها فضل لأنها معاملة أخرى إذ هي ابتداء ملك (وعفو) عن قصاص وجب له (للدية) أي عليها أي على أخذها ليوفي بها ما عليه بل له العفو مجانًا بخلاف ما يجب فيه الدية خطأ أو عمدًا لا قصاص فيه كجائفة ومأمومة فيلزم بعدم العفو لأنه مال فيلزمه كما مر (وانتزاع مال رقيقه) الذي تقدم أنه يؤجر أي ليس لهم أن يلزموه بانتزاعه وإن جاز له هو انتزاعه فإن انتزعه أخذوه بخلاف حبس شرط محبسه لمحبس عليه بيعه إن شاء فلهم بيعه كما روى ابن القاسم عن مالك وإن أبى هو لقوة شبهة بباقي عروضه بجامع إن له بيع كل بخلاف رقيقه المذكور كما مر لما فيه من شائبة الحرية (أو) اعتصار (ما وهبه لولده) الصغير أو الكبير قبل إحاطة الدين بخلاف ما وهبه له بعد الإحاطة فلهم رده واستعمل المصنف الانتزاع في حقيقته وهو انتزاع مال رقيقه ومجازه وهو انتزاع ما وهبه لولده لأنه إنما يقال فيه اعتصار هذا بالنسبة لعرف الفقهاء وأما في اللغة فيقال فيه انتزاع أيضًا وبين كيفية بيع مال المفلس من تعجيل واستيناء بقوله: (وعجل بيع الحيوان) أي لا يستأني به

ــ

للأجنبي وهو المدين أصلًا لأن الموضوع أنه معدم فتأخيره واجب سواء وقع السلف لرب الدين أو لا وما مر في القرض المدين فيه غير معدم تأمل وحينئذٍ فلا حاجة لجوابه وقول ز ورب الدين هنا أجنبي صوابه والمدين هنا أجنبي (وانتزاع مال رقيقه) ابن عرفة وفيها ليس لغرماء المفلس جبره على انتزاع مال أم ولده أو مدبره وابن زرقون في سماع ابن القاسم من حبس حبسًا وشرط أن للمحبس عليه البيع فلغرمائه البيع عليه وهذا يعارض ما تقدم ثم قال ابن عرفة ابن رشد روى محمَّد ليس للغرماء ذلك وهو الآتي على قولها لا يجبر المفلس على انتزاع مال أم ولده ولا مدبره ابن عرفة فمقتضى قوله منافاة ما في السماع لقولها في أم الولد والمدبر ويرد بحصول متعلق الجبر في السماع لأنه ملكه البيع وعدمه في أم الولد والمدبر لوقفه على الانتزاع اهـ.

تنبيه: قال في المقدمات فإن كان المفلس امرأة فليس للغرماء أن يأخذوا معجل مهرها قبل الدخول ولا بعده بأيام يسيرة ولا يجوز لها أن تقضي منه في دينها إلا الشيء اليسير قال في المدونة الدينار ونحوه وقال في كتاب ابن المواز الديناران والثلاثة وأما ما تداينت به وبعد دخول زوجها فإن مهرها يؤخذ فيه هذا نص رواية يحيى عن ابن القاسم وفيها نظر ولم يعط جوابًا بينًا في كالئها هل للغرماء أن يبيعوه في دينهم أم لا والأظهر أن ذلك لهم وأنه لا يلزمها أن تتجهز به له اهـ.

(وعجل بيع الحيوان) ومثله العروض ابن يونس قال مالك يستأني في بيع ربع المفلس يتسوق به الشهر والشهرين وأما الحيوان والعروض فيتسوق بها يسيرًا والحيوان أسرع بيعًا اهـ.

ص: 486

كما يستأني ببيع عقاره وعرضه فلا ينافي أنه لا بد من المناداة عليه أيامًا يسيرة ثم يباع لأنه يسرع إليه التغير ويحتاج إلى مؤنة وفي ذلك نقص الغرماء وليس المراد أنه يباع من غير تأخير أصلًا ولا أنه يباع بلا خيار ثلاثة أيام كما توهم صاحب التكملة لأنه لم يقل به أحد (واستؤني بعقاره) فينادي عليه (كالشهرين) وإذا عقد فيه البيع يكون بالخيار ثلاثة أيام والكاف غير استقصائية كما يفيده ابن عرفة والظاهر وجوب الاستيناء المذكور والأخير المفلس بين إمضاء البيع ورده ولا يضمن حيث أمضى إذ لا تلزم الذمة إلا بأمر محقق وسكت المصنف عما لا يستأني به مما يخشى فساده كطري لحم وفاكهة فلا يستأني به إلا كساعة وأما نحو سوط ودلو فيباع عاجلًا كما مر (وقسم) مال المفلس المجتمع مما بيع وناضه ومثله الميت المدين (بنسبة الديون) الإضافة على معنى اللام أي بنسبته للديون أو المعنى بنسبة الديون بعضها لبعض ويكون من إضافة المصدر لنائب فاعله وعليه صاحب التكملة لكنه عبر بقوله لفاعله أي بنسبة كل دين لمجموع الديون ويأخذ كل غريم من مال المفلس بتلك النسبة وقول تت لو أراد المصنف الأول لقال بنسبته للديون غير ظاهر لصحة إرادته بجعل الإضافة على معنى اللام كما مر ويكون من إضافة المصدر لمفعوله وعليه الشارح قال تت وطريق ثالث وهو أن يقسم ماله على مبلغ دينه والخارج يسمى جزء السهم فكل من له شيء أخذه مضروبًا في جزء السهم فإذا كانت الديون ثمانمائة لواحد ثلاثمائة ولثان كذلك ولثالث مائتان ومال المفلس مائة فاقسمها على ثمانمائة فالخارج ثمن اثنا عشر ونصف هو جزء السهم فللأول سبعة وثلاثون ونصف وللثاني مثله وللثالث خمسة وعشرون اهـ.

وهذه قريبة من الأول إذ قسمة القليل على الكثير تحصل بالنسبة وغاية الأمر أنه على الأول يأخذ كل واحد من المال بنسبته للديون وفي هذه يضرب الخارج من قسمة المال على الديون في مال كل واحد فصاحب المائتين يضرب الثمن في المائتين يخرج ثمن المائتين وكل من صاحبي الثلاثمائة يضرب الثمن في قدر ماله يخرج ثمن ماله قال د وبقي طريق رابع وهو أن معناه بنسبة الديون لمال المفلس وهو غير صحيح لأن الفرض أن مال المفلس قليل ولا ينسب الكثير إلى القليل بل الأمر بالعكس اهـ.

تنبيه: دخل في كلامه مدين ذمي أو مسلم ارتد وفرا بمالهما لدار الحرب وأفادا مالًا أيضًا ثم غنما فإن كل رب دين أحق به لأن ديونهم كانت متعلقة بماله وكان يعدي فيه لهم قاله أبو الحسن وما زاد على ما فرا به للغانمين فإن جهل قدر ما فرا به وفي دينهما وما فضل للغانمين فإذا فرا بدون شيء وأفادا مالًا ثم غنما فليس لغرمائهما حق فيما أفاداه

ــ

وسمع ابن القاسم يستأني بالعروض الشهر والشهرين مثل الدور ابن رشد لفظه مشكل ويحتمل أن يكون معنى قوله أن العروض التي هي كالدور أي في كثرة الثمن يستأني بها

ص: 487

وكان للغانمين فقط وانظر إذا جهل أصل خروجهما بشيء (بلا بينة حصرهم) أي لا يكلف القاضي غرماءه مفلس وكذا غرماء ميت إن لا غريم غيرهم بخلاف الورثة فإنه يكلفهم ذلك وموت مورثهم وتعددهم منه لأن عددهم معلوم للجيران والأصدقاء وأهل البلد وغيرهم والديون بقصد إخفاؤها غالبًا فإن قلت شهادة البينة بحصر الورثة شهادة على النفي وهي لا تجوز للتعذر قلت النفي المحصور لا تعذر فيه فتجوز الشهادة به كليس لزيد أولاد غير هؤلاء ومن المحصور ليس لزيد عند عمرو دين وليس له في البلد فرس وأما ليس لأحد عند عمرو دين وليس لزيد فرس أصلًا فمن غير المحصور.

تنبيه: قوله بنسبة الديون أراد اللازمة فتخرج الكتابة فلا يحاصص بها السيد لأنها ليست بدين لازم كأن يكاتب سيد عبده المأذون له في التجارة وقام غرماء ذلك العبد وفلسوه واقتسموا ماله فلا يحاصصهم السيد بالكتابة بل إن وفى عتق وإن عجز رق (واستؤني) وجوبًا فيما يظهر باجتهاد الحاكم (به) أي بالقسم (إن عرف بالدين في الموت) لخراب ذمته (فقط) لا في الفلس لحاضر أو قريب غيبة كبعيدها إن لم يخش أن يكون عليه دين وإلا استؤني قاله ابن رشد ففي مفهوم فقط تفصيل وقوله: وإلا استؤني أي في البعيدة وأراد بها ما مقابل القريبة فشملت المتوسطة كذا يظهر وظاهره الاستيناء مع الخشية وإن لم يعرف بالدين فليس كالميت في هذا (و) إذا كان بعض الدين نقدًا وبعضه عرضًا أو طعامًا أو كان الدين كله عرضًا واختلفت صفته أو كان طعامًا كذلك (قوم مخالف النقد) من الدين المذكور سواء كان ما خالف النقد مقومًا أو مثليًّا وليس المراد بقوله مخالف النقد من مال المفلس لعدم تعلق التقويم به (يوم الحصاص) أي قسم المال (واشترى له) أي لصاحب مخالف النقد (منه) أي من جنس ماله وصفته ويحتمل عود ضمير منه كما في د على المخالف أي واشترى له من المخالف (بما يخصه) في الحصاص من مال المفلس كأن يكون مائة دينار وعليه مائة دينار وعرض يساوي مائة وطعام كذلك فلصاحب المائة دينار ثلث مائة المفلس ويشتري لصاحب العرض بثلث مال المفلس صفة عرضه ولصاحب الطعام صفة طعامه وهذا مع المشاحة وأما مع رضا من دينه مخالف للنقد فيجوز له أخذ الثمن إلا لمانع كما يذكره قريبًا (ومضى) القسم أو التقويم كما في د (إن) تأخر الشراء حتى (رخص) بضم الخاء السعر حتى اشترى لصاحب العرض أو الطعام بما نابه ما يزيد على الثلث أو كل دينه فلا رجوع للغرماء عليه (أو غلا) حتى اشترى لكل قدر

ــ

الشهر والشهرين انظر ابن عرفة (بلا بينة حصرهم) بخلاف الورثة فإنه يكلفهم ذلك لكن يجب أن تكون شهادة بينتهم على نفي العلم لا على القطن ابن سلمون وإذا سقط من العقد لا يعلم له وارثًا سوى من ذكر بطل ولا تصح الشهادة في ذلك حتى يقول الشاهد لا نعلم له وارثًا سوى المذكور اهـ.

(في الموت فقط) قال في التوضيح والفرق أن ذمة المفلس باقية فلو طرأ غريم لتعلق

ص: 488

سدس دينه فلا كلام له على الغرماء ثم رجع في المسألتين على المدين بما بقي له وإذا زاد ما اشترى له في الأولى على قدر جميع دينه رد الزائد عنه للغرماء زاد تت في صغيره ويدخل معهم وهي زيادة مضرة إذا الفرض أنه وفي حقه وأسقطها في الكبير وفي بعض نسخ الصغير ولا يدخل بزيادة لا وهو الصواب وقولي واختلفت صفته تحرز عما لو اتفقت فلا يقوم حيث وافق مال المفلس ما عليه صفة أيضًا كأن اختلفت وسلك في معرفة ما يخص كل واحد نسبة كل دين لجملتها فإن سلك فيه نسبة ما عنده لما عليه قوم وبيع ما عنده واشترى به صنف ما عليه ويجوز لبعضهم أو جميعهم أخذ ما عنده إلا لمانع كالاقتضاء كما يأتي (وهل يشتري) لمن دينه مخالف النقد بما ينوبه (في شرط جيد) اشترطه مسلم عند عقد السلم ودفع رأس المال لمسلم إليه قد فلس (أدناه) أي أدنى أنواع الجيد رفقًا بالمفلس (أو) يشتري (وسطه) أي الجيد وهو العدل بين المفلس ورب المال إذًا لا على ظلم بالمفلس والأدنى ظلم بالمسلم (قولان) ولم يحمل على الغالب إن وجد كما قال في السلم وحمل في الجيد والرديء على الغالب وإلا فالوسط لحصول الفلس هنا للمسلم إليه دون ما مر أو يقيد ما هنا بما إذا لم يكن ثم غالب أو ما هنا في غير السلم ومفهوم قوله في شرط جيد أنه إذا شرط أدنى فهل يشتري له بما نابه بالخصاص أدنى الأدنى أو وسطه قولان أيضًا كما قال بعضهم وجعلهما د بحثًا وتقريره للمصنف حسن (وجاز الثمن) أي جاز لمن له دين مخالف للنقد أخذ الثمن الذي نابه في الحصاص دون أن يشتري له به طعام أو عرض مسلم فيه وجاز له أيضًا أخذ غير الثمن من عرض مخالف للعرض المسلم فيه كان يكون رأس المال عرضًا والمسلم فيه عرضًا آخر فيجوز أن يقضيه عنه عرضًا من غير جنسه (إلا لمانع) شرعي (كالاقتضاء) أي كالمانع المتقدم في الاقتضاء من قوله وبغير جنسه إن جاز بيعه قبل قبضه وبيعه بالمسلم فيه مناجزة وأن يسلم فيه رأس المال اهـ.

فلو كان رأس مال الغريم عرضًا أسلمه في عرض آخر كعبد في ثوبين فحصل له في الحصاص قيمة ثوب وبقي له ثوب جاز له أخذ تلك القيمة لأنه آل أمره إلى أنه كأنه دفع عبدًا في عين وثوب وذلك جائز بخلاف ما لو كان رأس المال ذهب ونابه في الحصاص فضة أو بالعكس فلا يجوز أخذ ما نابه بل يتعين الشراء له به من جنس دينه لأنه يؤدي إلى

ــ

حقه بذمته بخلاف الميت لزوال ذمته ولأن المفلس لو كان له غريم آخر لا علم به (إلا لمانع كالاقتضاء) المواق وقيل إن التفليس يرفع التهمة فيجوز في التفليس ما لا يجوز في الاقتضاء ابن عرفة والحاصل أن في هذا روايتين اهـ.

وقول ز لأنه يؤدي إلى الصرف المؤخر والبيع والسلف الخ صوابه والبيع والصرف إذ لا سلف هنا وإنما يكون السلف حيث يكون المأخوذ ورأس المال من صنف واحد قال في ضيح لو أسلم عشرين درهمًا في أردبين قمحًا أو في ثوبين ونابه في الحصاص عشرة مثلًا فلا يجوز أن يأخذه لأنه يدخله بيع الطعام قبل أن يستوفي ويدخله أيضًا البيع والسلف اهـ.

ص: 489

الصرف المؤخر والبيع والسلف وبيع الطعام قبل قبضه إن كان قد أسلم في طعام وأما بيعه بثمن ذهب إلى أجل ثم يعطيه عند حلوله فضة فليس من ذلك لأنه صرف ما في الذمة فيجوز حيث حل أجل الذهب وعجل الفضة (وحاصت الزوجة الغرماء بما أنفقت) في حال يسر الزوج على نفسها من عندها أو تسلفتها وأنفقت على نفسها أو وعليه تقدم إنفاقها على دين الغرماء أو تأخر لأنها معاوضة مالية ولو كانت نفقتها المتأخرة بعد تفليسه لأنه يترك له النفقة الواجبة عليه ومنه نفقة الزوجة ولا تحاصص بما أنفقته في عسره لقوله في باب النفقة وسقطت بالعسر (وبصداقها) كله ولو فلس قبل البناء لأنه دين في ذمته حل بفلسه وإذا حاصت بجميعه ثم طلقها قبل البناء فهل ترد ما زاد على نصف الصداق حيث وجد ذلك أو ترد ما زاد على تقدير المحاصة بنصفه قولان ثانيهما لابن القاسم والأول لابن دينار قاله تت وهو يفيد ترجيح الثاني أي وتحاصص فيما ردته فإذا كان الصداق مائة وحاصت بها فنابها خمسون ثم طلقها قبل البناء ردت للغرماء خمسة وعشرين لأنه تبين أن صداقها خمسون وأنها لا تستحق الحصاص إلا بها وتكون في الخمسة والعشرين التي ردتها أسوة الغرماء فإذا طلقها قبل البناء والحصاص معًا حاصت بنصف صداقها وإذا نكحها تفويضًا وفلس قبل البناء ولم يطلق فالظاهر أنها لا تحاصص بشيء لأنه إنما يجب لها صداق المثل بالبناء والفرض أنه لم يدخل فإن طلق قبله فلا شيء لها كما مر في

ــ

وهو ظاهر لأن العشرة عن مثلها من العشرين سلف والأردب أو الثوب الباقي بذمته عن العشرة الأخرى بيع (وبصداقها) قول ز أو ترد ما زاد على تقدير المحاصة بنصفه الخ هذا هو الموافق لقول المصنف في الرهن وإلا قدر محاصًا بما بقي ومثال ذلك لو كان لرجلين عليه مائتان فحاصت الزوجة معهما بمائة الصداق ومال المفلس مائة وخمسون نسبته من الديون النصف فأخذ كل نصف دينه وهو خمسون فإذا قدرت بعد الطلاق محاصة بالخمسين نصف الصداق كان لها في الحصة ثلاثون لتبين أن مجموع الديون مائتان وخمسون فقط ومال المفلس ثلاثة أخماسها وترد عشرين للغريمين الآخرين ليكمل لكل واحد منهما ستون وهي ثلاثة أخماس دينه ولا دخول لها معهما فيما ردته كما هو ظاهر وبه تعلم أن قول ز أي وتحاصص فيما ردته وكذا قوله ردت للغرماء خمسة وعشرين غير صواب ومثال ذلك في خش نعم ذكر في ضيح في باب الرهن عن يحيى بن عمر أنه إن كان بيد كل غريم في الحصاص الأول نصف دينه فلتحبس هي مما بيدها قدر نصفه وترد ما بقي فتحاصص معهم فيه فعلى قوله ترد من الخمسين خمسة وعشرين وقد علمت أن الباقي لها من دينها خمسة وعشرين ولكل واحد منهما خمسون فمجموع ذلك مائة وخمسة وعشرون ونسبة الخمسة والعشرين المردودة إليها الخمس فيأخذ كل واحد منهما خمس ما بقي من دينه تأخذ هي خمسة وهما عشرة لكل واحد اهـ.

بمعناه لكن لا يقال على هذا ترد ما زاد على تقدير المحاصة بنصفه ومن العجب أنه وقع في عبارة ابن رشد في المقدمات مثل عبارة ز ونصه إذا فلس قبل الدخول فقد كان يجب أن لا تحاصص إلا بالنصف على قياس من يقول إنه لا يجب للمرأة بالعقد إلا نصف الصداق

ص: 490

النكاح (كالموت) تحاصص فيه بنفقتها وبصداقها (إلا) تحاصص في فلس ولا موت (بنفقة الولد) لأنها مواساة لكن ترجع عليه بها أن أيسر حال إنفاقها لأنها قامت عنه بواجب وظاهر المصنف عدم محاصته بنفقته ولو حكم بها حاكم وفي د هذا ما لم تكن بقضية وأنفقت وهو مليء وإلا حاصت اهـ.

لكن ظاهر الشارح أنه مقابل وكذا لا تحاصص بنفقتها على أبويه إلا أن يكون حكم بها حاكم عليه وكان مليًّا وتسلفتها فإنها حينئذ تحاصص بها (وإن ظهر دين) لغريم على غريم وقد أخذ مال مفلس (أو استحق مبيع) من مال مفلس لأجنبي وأخذه كما لو كان عليه عشرون لاثنين كل واحد عشرة وله سلعتان بيعت كل واحدة بعشرة فاقتسماها كل عشرة ثم استحقت إحدى السلعتين فأخذت رجع المستحق من يده وهو المشتري على كل واحد منهما بثلاثة وثلث لأنه صار غريمًا ثالثًا قاله تت وطخ وهذا مبني على أنه يفلس حيث كان دينه مساويًا لما بيده وهو خلاف الراجح أو يحمل على ما إذا كانت قيمتهما حين التفليس تنقص عن عشرين ثم زادت حين البيع إلى بلوغها عشرين (وإن) كان الاستحقاق (قبل فلسه) المناسب بعد لأنه قبل فلسه دين في ذمته فلا يتوهم عدم المحاصة به بخلاف ما بعد الفلس فإنه ربما يتوهم أن ما وجب بالاستحقاق للمستحق كدين طرأ بعد التفليس فلا يدخل مع الأولين وإنما يتبع به المفلس في ذمته هذا إن كانت المبالغة في الاستحقاق كما قررنا فإن رجعت للبيع أي وإن كان البيع قبل فلسه فالمناسب أيضًا المبالغة على ما بعد الفلس إما لأنه كما في د ربما يتوهم في البيع الواقع بعد التفليس أنه

ــ

لا كله وهو قول ضعيف لا يعضده نظر والصحيح أن الصداق يجب جميعه بالعقد إلا أنه يجب وجوبًا غير مستقر ولا يستقر جميعه إلا بالموت أو الدخول فإن حاصت بجميع الصداق ثم طلقها قبل الدخول فقيل إنها ترد ما زاد على النصف إن صار لها في المحاصة أكثر من النصف وقيل إنها تحاص الآن بالنصف فيكون لها نصف ما صار لها بالمحاصة وترد نصفه وهو قول ابن القاسم والأول قول ابن دينار اهـ.

فقوله وترد نصفه لا يلائم قوله تحاص الآن بالنصف فتأمله ومثله في البيان في رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ ونصه ابن رشد قال ابن القاسم في رواية عيسى عنه في المدونة إذا فلس الزوج قبل الدخول فحاصت المرأة الغرماء بجميع الصداق ثم طلقها أنها ترد نصف ما صار لها في المحاصة لأنها حاصت بجميع صداقها وإنما كان لها أن تحاص بنصفه اهـ.

(لا بنفقة الولد) قول ز وكذا لا تحاصص بنفقتها على أبويه إلا أن يكون حكم بها الخ انظر هذا فإني رأيت في المنتقى للباجي أنه حكى هذا التفصيل عن أصبغ بعد أن نقل عن رواية ابن القاسم أنها لا تحاصص بنفقة الأبوين مطلقًا ووجه كلا من القولين فانظره ونحوه في ضيح (وإن قبل فلسه) قول ز عن د ربما يتوهم في البيع الواقع بعد التفليس أنه يرد جميع الثمن الخ في الفيشي أن كلام د تمحل وإن الصواب إسقاط وإن لأن المراد بعد الفلس إذا استحق تنقض القسمة ويرجع بجميع ما دفعه لأن المعاملة إنما هي بينه وبين الحاكم لا

ص: 491

يرد جميع الثمن لأن البائع غير المدين وهو الحاكم وإما لأنه كما استحسنه عج ربما يتوهم أن ما حصل بالاستحقاق كدين طرأ بعد التفليس كما تقدم قال بعض مشايخ عج قد يقال مبالغة المصنف بالقبلية صحيحة لأنه في البعدية لا يتوهم عدم الرجوع على أرباب الديون لأنهم أخذوا عين شيئه وأما قبل فقد يقال لا يرجع عليهم لكونهم لم يتناولوا له شيئًا (رجع) الغريم الطارئ والمستحق منه (بالحصة) ولا يأخذ مليئًا عن معدم ولا حاضرًا عن غائب ولا حيا عن ميت إن لم يعلم الغريم المطر وعليه بالطارئ وإلا أخذ مليء عن معدم وحاضر عن غائب ذكره في توضيحه على سبيل البحث مع أن في المدونة ما يفيده وإن كان ظاهر كلام المصنف في القسمة أنه لا يؤخذ مليء عن معدم مطلقًا وإن علم بعض دون بعض أعطى كل حكمه وأشعر قوله ظهر أنه لو حضر غريم قسم تركة بين ورثة أو غرماء ميت عالمًا بدينه ساكتًا بلا عذر فإنه لا قيام له حيث حصل القسم في الجميع فإن بقي بلا قسم ما يفي بدينه لم يسقط قيامه بقسم غيره فإن قال ما علمت بالدين إلا حين وجدت الوثيقة حلف وكان له القيام فإن نكل حلفت الورثة لا يعلمون له حقًّا ولم يكلفوا الحلف لرد شهادة الشاهد كما إذا قام على غريم شاهد ولم يحلف لرد شهادته فإن غرماءه يحلفون ما يعلمون عليه حقًّا ولم يكلفوا الحلف لرد شهادة الشاهد فإن قال كنت أعلم ديني ولكن كنت أنتظر الذكر أو البينة فلا قيام له وانظر لو سكت حتى بقي من التركة مالًا يفي يدينه هل له القيام أم لا وعلى الأول يأخذ ما وجد ويسقط ما بقي من حقه لأن الفرض أن المدين ميت وانظر لو اعتقد أو ظن أن الباقي يفي بحقه (كوارث أو موصى له) طرأ (على) وارث أو موصى له (مثله) فيرجع كل منهما على المطر وعليه بالحصة ولا يأخذ مليًّا عن معدم ولا حاضرًا عن غائب وذكر مفهوم قوله وإن ظهر دين بقوله: (وإن اشتهر ميت بدين أو علم وارثه) أو وصيه بأنه مدين (وأقبض) الغرماء أو قبض الوارث

ــ

المفلس ونحوه في السوداني وهو الصواب ويدل له قول ابن عرفة ونصه معنى قول ابن الحاجب مع ابن شاس إن ظهر غريم رجع على كل واحد بما يخصه وكذا لو استحق مبيع كذا هو نقل الشيخ في الموازية لأصبغ وعبد الملك أن من استحق من يده ما اشتراه مما بيع على المفلس رجع بثمنه على الغرماء انظر تمامه فقوله رجع بثمنه ظاهر في رجوعه بجميعه والحاصل أنه بعد الفلس يرجع بجميع الثمن وقبله بالحصة فقط فهما قد اختلفا في هذا الحكم واتفقا في أنه لا يأخذ المليء عن المعدم ولا الحاضر عن الغائب والله تعالى أعلم (رجع بالحصة) قول ز كما إذا قام لرد شهادته غريم الخ كذا رأيته في غير نسخة وفيه خلل وصوابه والله أعلم لو قال كما إذا قام غريم شاهدًا بدين له على ميت ولم يحلف مع شاهده فإن غرماءه يحلفون الخ أو لو قال كما إذا قام على مفلس شاهد بحق ولم يحلف لرد شهادته فإن غرماءه الخ فتأمله وقول ز فإن قال كنت أعلم ديني الخ ما ذكره من أنه لا قيام له هو الذي صوبه ابن ناجي وقاله الجزولي وابن عمر قال ابن ناجي واختار شيخنا أبو مهدي أنه يقبل وذلك عذر ثم رجع عنه نقله ح هنا وفي الحيازة (وإن اشتهر ميت بدين) طفى المسألة

ص: 492

لنفسه ثم طرأ غريم (رجع) الطارئ (عليه) أي على الوارث المقبض لغيره أو القابض لنفسه بما يخصه لتعديه مع علمه واستعجاله مع شهرة الدين (وأخذ مليء عن معدم) وحاضر عن غائب وحي عن ميت ويختص بالقابض قوله: (ما لم يجاوز ما قبضه) لنفسه دين الطارئ فإن جاوزه لم يأخذ منه أكثر مما قبضه لأنه يقول ليس لك علي رجوع إلا بما قبضت وكذا يقال فيما إذا أقبض ما لم يجاوز ما أقبضه ويمكن أن يكون في كلامه احتباك إذ قوله وأقبض يريد أو قبض بدليل قوله ما قبضه وقوله ما قبضه يريد وأقبضه بدليل قوله قبل وأقبض ورجع ببقية دينه على بقية الورثة إن كانوا أملياء أو على المليء منهم وإن أعدموا كلهم لم يرجع حينئذٍ وهذا بخلاف الغرماء فإنما يؤخذ كل بما ينوبه فقط كما قال رجع بالحصة وفرق بتساويهم ومع الطارئ بخلاف الوارث لا يستحق ميراثًا إلا بعد قضاء الدين وإن كان دين الطارئ أقل يرجع بقدره فقط (ثم) إذا غرم الوارث للطارئ مع الشهرة أو العلم (رجع على الغريم) الذي قبض منه أولًا فهو من تتمة الكلام على الوارث المقبض كذا لمالك في المدونة في كتاب المديان (وفيها) أيضًا وكان حقه زيادتها عن ابن القاسم (البداءة بالغريم) أي يبدأ الطارئ برجوعه على الغريم القابض فإن وجد عديمًا رجع على الوارث بما يخصه ثم رجع الوارث على الغريم الأول (وهل خلاف أو على التخيير) بين الرجوع على الورثة أو الغرماء (تأويلان) قال المصنف وينبغي إذا علم الغرماء بالغريم الطارئ أن يكونوا كالورثة يؤخذ المليء عن المعدم أي والحاضر عن الغائب أي لا من كل واحد حصته فقط وكذا ينبغي في الورثة إذا علموا أن يرجع على كل بمبلغ التركة كلها لا بما قبضه هو نقله الشارح وثاني بحثيه خلاف ظاهر كلامه هنا وأولهما صادق بكل من القولين وأجاب الشارح في الكبير عن عدم زيادة أيضًا بأنها لما تقررت المدونة في أذهان الطلبة فكان في غنى عن ذكر الإشارة

ــ

مفروضة في المدونة وغيرها فيمن ترك مالًا لا يفي بديونه وهذا محل التفصيل أما من ترك وفاء وقضى الوصي أو الورثة بعض غرمائه ثم تلف ما بقي فليس للباقين رجوع على من قبض من الغرماء إذا كان فيما بقي وفاء بدين الباقين قاله في المدونة وهل للباقين رجوع على الورثة فيه تفصيل ذكره أبو الحسن انظره في طفى (وأخذ مليء عن معدم ما لم يجاوز ما قبضه) الصواب أن هذا مقحم هنا كما في ق وح وإن قوله ثم رجع على الغريم يوصل بقوله رجع عليه لأن قوله وأخذ مليء عن معدم الخ خاص بالوارث القابض لنفسه لا بقيد الشهرة أو العلم بل مطلقًا قال طفى وهكذا في المدونة وابن شاس وابن الحاجب ولا يعارضه ما يأتي في القسمة من قوله ومن أعسر فعليه إن لم يعلموا لأنه معترض كما نبه عليه ح وبه نعلم ما في كلام ز فتأمله وقول ز ويمكن أن يكون في كلامه احتباك الخ هذا الوجه غير صحيح أيضًا كالذي قبله لاقتضائه أيضًا إن أخذ الملئ عن المعدم في الوارث القابض لنفسه مشروط بالشهرة أو العلم وليس كذلك كما ذكرناه (تأويلان) الأول للخمي والثاني لابن يونس وقول ز وثاني بحثيه خلاف ظاهر كلامه هنا الخ فيه نظر بل هذا على ما قرره به أولًا وقد تقدم ما فيه

ص: 493

لها هنا بأيضًا (فإن تلف نصيب) غريم (غائب عزل) أي عزله القاضي أو نائبة عند القسم (فمنه) أي الغائب ضمانه لأن القاضي أو نائبه أمين فإن طرأ غريم لم يرجع على غائب ضاع ما وقف له على الأصح كما في الشامل وقال ابن المواز يرجع عليه بحصته منه واعترضه التونسي بوارث طرأ على وارث هلك ما بيده فلا يضمن له ما هلك وبمشتر هلك ما بيده ثم استحق فلا يضمنه للمستحق ورجع المستحق بثمن المستحق على من قبضه وبقيمته على من غصبه وفرق ابن يونس بين الوارث والغريم بأن دينه عن معاوضة فما هلك في يده فهو منه والوارث لم يدفع ثمنًا فضمان السماوي كأنه من الميت قال صر فإن قلت هذا التفريق إن صح بين الغريم والوارث فما جوابه عن المشتري فإن ما استحق منه عن معاوضة فهو كالغريم قلت الفرق أن المشتري لا ضمان عليه لأن للمستحق من يرجع عليه وهو الغاصب أو قابض الثمن اهـ.

وفهم مما قررنا به المصنف أنه لو عزله الغرماء أو الورثة فتلف لكان ضمانه من المديان قاله الشيخ سالم وهو ظاهر في الأول (كعين وقف) من الحاكم (لغرمائه) ثم تلفت فمنهم لتفريطهم في قسمة العين إذ لا كلفة في قسمها إذ هي مهيأة له إن قيل الواجب وقفت لأن الفعل رفع ضميرًا مجازي التأنيث فالجواب إن قوله: كعين صفة لموصوف محذوف أي كمال عين وحينئذ فضمير وقف عائد على المال قاله د (لا عرض) وقف للغرماء ليعطي لهم إن وافق عروضهم أو ليباع ويعطوا ثمنه إن خالفها فتلف قبل دفعه لهم في الأولى وبيعه في الثانية فليس منهم بل من المفلس أو الميت وأراد بالعرض ما قابل العين (وهل) عدم ضمانهم العرض مطلقًا كان مثل دينهم أو مخالفًا له جنسًا أو (إلا أن يكون) العرض ملتبسًا (بكدينه) أي الغريم والكاف بمعنى صفة أي بصفة دينه فيضمن فإن خالف جنسه دين الغريم فلا يضمنه (تأويلان) وبهذا التقرير كما في د سقط ما يقال إنه لا يوقف من العروض إلا الموافق وأما المخالف فيباع فكيف يتأتى الخلاف فجوابه إنه تلف الآن عند إرادة بيعه غدًا مثلًا بسوقه المعتاد والمذهب التأويل بالإطلاق

ــ

(فإن تلف نصيب غائب عزل فمنه) قول ز على الأصح كما في الشامل الخ ما صححه في الشامل خلاف ما عزاه المازري لمعروف المذهب ابن عرفة فيها مع غيرها ينبغي للقاضي أن يوقف لمن غاب من غرماء المفلس حظه ثم إن هلك كان منه ثم قال وعلى ضمانه في كونه تلف يحط بقدره من الدين لا كله إن طرأ غريم قبول المازري قول بعض الحذاق محتجًا بقياسه على ضمان المشتري ما استحق من يده ونقله عن معروف المذهب وهو اختيار التونسي وعزا الآخر للموازية اهـ.

وقول ابن عرفة على ضمان المشتري لعل صوابه على عدم ضمان المشتري الخ (كعين وقف لغرمائه) ابن عرفة عن ابن رشد معنى قول ابن القاسم أن العين من الغرماء إن كان دينهم عينًا ومعنى قوله أن العروض من المدين أن دين الغرماء ليس مماثلًا لها اهـ.

ونحوه في أبي الحسن (وهل إلا أن يكون بكدينه تأويلان) الإطلاق للخمي والمازري والباجي والتقييد لابن رشد وعبد الحق من بعضهم والتأويلان قال طفى على كلام ابن

ص: 494

وعطف على قوله: وبيع ماله قوله: (وترك له) أي للمفلس الأخص من ماله (قوته) أي ما يقتات به وهو ما تقوم به بنيته فإذا كان يقتات بطعام فيه ترفه فلا يترك له ذلك قاله د وكذا يقال في قوله: (والنفقة الواجبة عليه) لغيره فهو من عطف المغاير لا من عطف العام على الخاص وأراد واجبة أصالة بزوجية أو قرابة أو رق لا يباع كأم ولد ومدبر فلا تسلط لغرمائه على قدر كفايته لأنهم على ذلك عاملوه لا بالالتزام لسقوطها بالفلس أو الموت قال في الشامل ومن له صنعة ينفق منها على نفسه وأهله لم يترك له شيء وقيل إلا نفقة كيومين خوف عطله اهـ.

ونفي إلزامه التكسب كما مر إنما هو لأجل أن يأخذه الغرماء في دينهم وما هنا في قوته كما ذكره د قائلًا لأنه إذا أمكنه أن ينفق على نفسه وأهله فإنه يلزم بذلك اهـ.

ولا يرد على قولي أو قرابة أن نفقتها إنما تجب على الموسر فكيف تجب على المعسر لأنا نقول التفليس لا يقتضي إعساره بها إذ المفلس الذي تجب نفقة القرابة عليه من له مال يترك منه نفقة قريبه (لظن يسرته) ليس غاية للترك بل هو متعلق بقوله: قوته وإن كان جامدًا لجواز تعلق الجار والمجرور به قاله د أي كقوله:

أسد عليّ وفي الحروب نعامة

لأن غاية الترك وقت يسره بالفعل لا وقت ظنه وهذا بخلاف مستغرق الذمة بالمظالم والتبعات إذا فلس فإنه لا يترك له إلا ما يسد به جوعته هو فقط لأن أهل الأموال لم يعاملوه على ذلك نقله أبو الحسن عن ابن رشد والغزالي وفي شرح المناسك لح إنه لا يترك له ولا ما يسد جوعته وقيل يترك له ما يترك للمفلس قاله التادلي وهو ضعيف (وكسوتهم) مع كسوته (كل) أي كل واحد منهم يكسي (دستا) بدال مهملة مفتوحة وسين مهملة وهو الدشت من الثياب مقابل ثياب الزينة (معتادًا) وهو قميص وطويل فوقه وعمامة وسروال ومداس ويزاد في الشتاء جبة لخوف هلاك أو أذى شديد وتزاد المرأة مقنعة وإزارًا وغيرهما مما يليق بحالها وقوله: كل مبتدأ وسوغ الابتداء بالنكرة العموم لأنها من صيغة والخبر محذوف أي يعطي أو يكسي كما قدرنا ودستا مفعول ثانٍ ليعطي أو يكسي وجملة المبتدأ والخبر مستأنفة استئنافًا بيانيًّا فهي جواب عن سؤال مقدر كأنه لما قال وكسوتهم قال له قائل ما يكسون أو يعطون فقال كل الخ ولم يسقط لفظ كل لئلا يتوهم أن يكسي الجميع دستا (ولو ورث) المفلس الأخص (أباه) مثلًا فالمراد ورث من يعتق عليه كأحد من أصوله أو فروعه وإن سفلوا أو حواشيه (بيع) في الدين لعدم عتقه على

ــ

القاسم في غير المدونة وقد اعترض ق كلام المصنف قائلًا انظر قوله تأويلان مع أنهما ليسا على المدونة اهـ.

ولعل قد ذكر ذلك في كبيره (ولو ورث أباه بيع) قول ز المفلس الأخص الخ صوابه

ص: 495

المذكور بنفس الملك لتعلق حق الغرماء به أن استغرقه الدين وإلا بيع منه بقدر الدين وعتق الباقي إن وجد من يشتريه متشقصًا د إلا بيع جميعه ويملك باقي الثمن (لا) أب (وهب له) فلا يباع في دينه بل يعتق عقب الهبة (إن علم واهبه إنه يعتق عليه) لأنه إنما وهبه حينئذٍ لأجل العتق فلو لم يعلم الواهب إنه يعتق عليه بل علم إنه أبوه مثلًا فإنه يباع للغرماء في الدين وقوله: لا وهب تقديره لا أب وهب كما ذكرنا لأن لا يمنع عطفها للماضي ويحوز للمضارع بقلة فهو معطوف على معنى ما مر لا عطف فعل على فعل فكأنه قال يباع عليه أب ورث لا أب وهب وسكت عن شرائه له لأنه يمنع منه فإن وقع فهل هو فاسد فليس فيه إجازة وهو مفاد ابن عبد السلام أو صحيح وعليه فهل الخيار بين رده وإمضائه للحاكم وهو نقل ابن عرفة عن اللخمي والمازري أو لغرمائه فإن أجازوه عتق ولا يباع إلا أن يشترطوا إجازته للبيع فيعمل بشرطهم وهو نقل الشارح عن اللخمي والمازري تردد وما يأتي للمصنف في العتق من قوله: لا بإرث وشراء وعليه دين فيباع فهو فيمن أحاط الدين بماله فيجوز له شراؤه ولكن يباع في الدين وما هنا في الأخص وهو ممنوع فيه من شرائه ابتداء فأسقطه هنا لمخالفته لمن أحاط الدين بماله في الحكم ابتداء وفيما يترتب عليه إن وقع كما بيناه (وحبس) المفلس بالمعنى الأخص كما حل به الشارح وحينئذٍ فهذا من أحكام المفلس وهو الثالث منها وهو عطف على قوله: فمنع من تصرف ماليّ وأما غيره فالنظر فيه للحاكم إن شاء حبسه أو ضربه حيث أمره بالدفع وامتنع كما يأتي في قوله: وله ضرب خصم لدّ ومقتضى نقل الشارح عن ابن رشدان ضمير حبس للمديان مفلسًا أم لا أحاط الدين بماله أم لا ويفيده أيضًا التبصرة فيستفاد من ذلك أن

ــ

الأعم وهو من قام عليه الغرماء كما تقدم وقول ز وسكت عن شرائه له لأنه يمنع منه فإن وقع الخ حاصل كلامه أن شراءه ممنوع ابتداء وبعد الوقوع فاسد عند ابن عبد السلام وصحيح موقوف على نظر الحاكم على نقل ابن عرفة أو على نظر الغرماء على نقل الشارح رحمه الله وهذا هو محصل ما تقدم له في تصرف المفلس في قوله فمنع من تصرف ماليّ فلم يقولوا ذلك في مسألة شراء أبيه بخصوصها كما يوهمه وتقدم أن الصواب أنه صحيح موقوف على نظر الغرماء كما يعلم من توفيق عج المتقدم ثم إن رده الغرماء فظاهر وإن أجازوه بيع كما نص عليه المصنف في العتق بقوله لا بإرث أو شراء وعليه دين فيباع الخ وحمل ما يأتي على خصوص من أحاط الدين بماله ولم يفلس غير ظاهر بل ظاهر عبارة ضيح إن ما هنا أيضًا فيمن أحاط الدين بماله فلس أم لا ونحوه قول ابن عبد السلام هذه المسألة في أصل الرواية إنما هي مفروضة في الذي أحاط الدين بماله لا في المفلس ولا فرق بينهما في المعنى اهـ.

لكن ما عزاه ابن عبد السلام لأصل الرواية غير ظاهر والذي في نص السماع قال أبو زيد قلت لابن القاسم أرأيت لو أن مفلسًا ورث أباه أو وهب له ماذا يكون للغرماء منه قال إن ورثه لم يعتق عليه إذا كان الدين يحيط به والدين أولى به كشيء أفاده وأما إن وهب له فهو معتق عليه وليس لأهل الدين فيه شيء لأنه لم يوهب له ليأخذه أهل الدين اهـ.

ص: 496

التفليس لا يتوقف على ثبوت العسر وهو أيضًا ظاهر قول المصنف وفلس إلى قوله: بطلبه الخ (لثبوت عسره إن جهل حاله) هل هو مليء أو معدم لأن الناس محمولون على الملأ وهذا مما قدم فيه الغالب وهو التكسب على الأصل وهو الفقر لأن الإنسان يولد فقير إلا ملك له غالبًا ومفهوم الشرط عدم حبسه إن علم عسره (ولم يسأل) من جهل حاله (الصبر) عن حبسه (له) أي لثبوت عسره (بحميل بوجهه) وأولى بالمال فإنما قيد بالوجه لأجل قوله: (فغرم) حميل الوجه (إن لم يأت به) أي بمجهول الحال (ولو أثبت عدمه) عند ابن رشد بناء على أن يمين المدين إنه لا مال له بعد ثبوت فقره يتوقف عليها ثبوت عدمه وقد تعذرت منه واقتصر في باب الضمان على عدم الغرم حيث أثبت عدمه فقال لا إن أثبت عدمه أو موته في غيبته أي فلا ضمان على الكفيل بناء على أن اليمين استحسان وهي طريق اللخمي إلا أن يظن به كتم المال فتكون لازمة له عند اللخمي أيضًا قال بعض من شرح والمشهور من القولين ما للخمي اهـ.

وهو مخالف لما تقرر عند أهل المذهب من تقديم ما لابن رشد على ما للخمي فإن لم يحلف حينئذٍ غرم الضامن باتفاق ابن رشد واللخمي وذكر قسيم مجهول الحال عاطفًا له على أن جهل حاله بقوله: (أو ظهر ملاؤه) وهو من يظن به بسبب لبس الثياب الفاخرة وله خدم من غير علم حقيقته فيحبس (أن تفالس) أي أظهر الفلس من نفسه بأن قال لا شيء معي يفي بالدين ولم يعد بالقضاء ولم يسأل الصبر لثبوت عسره بحميل وإلا أجيب وهل بالوجه كالمجهول وهو لابن القاسم أو بالمال وهو لسحنون قولان: أو الأول في غير الملدّ والثاني في الملدّ (وإن وعد) من ذكر من مجهول الحال وظاهر الملاء (بقضاء

ــ

من البيان فأنت تراه فرضها في المفلس ولعله تمسك بظاهر قوله إذا كان الدين يحيط به وفيه نظر وقد اختصر ابن عرفة السماع بإسقاط لفظ المفلس وتبعه ق (وحبس لثبوت عسره) قول ز ومقتضى نقل الشارح عن ابن رشد أن ضمير حبس للمديان مفلسًا أم لا الخ هذا هو الظاهر لأن من جملة هذا التقسيم كما يأتي ظاهر الملاء ومعلومه الخ وقول ز أن التفليس لا يتوقف على ثبوت العسر الخ هذا هو المستفاد من قول المدونة ويبيع الإِمام ما ظهر له من مال فيتوزعه غرماؤه ويحبس فيما بقي أن تبين لدده أو اتهم اهـ.

خلاف ما يوهمه كلام ابن عبد السلام من توقف التفليس على ثبوت العدم انظر طفى (بحميل بوجهه) قال في ضيح عياض لم يبين في المدونة هل الحميل بالوجه أو بالمال والصواب أن يكون بالوجه هكذا نص عليه أبو عمران وأبو إسحاق وغيرهما من القرويين والأندلسيين ولا يقتضي النظر غيره اهـ.

ونقل بعضهم عن المتيطي أنه يكلف إقامة حميل بالمال إلى أن يثبت العدم فإن عجز عن حميل بالمال سجنه على القول المشهور المعمول به الخ فانظره (ولو أثبت عدمه) قول ز وهي طريق اللخمي الخ قال بعض شيوخنا ما قاله اللخمي به جرى العمل بفاس وقول ز فإن

ص: 497

وسأل تأخير كاليوم) واليومين فقط (أعطى حميلًا بالمال) عند سحنون ولمالك يؤجل ثلاثًا وأربعًا وخمسًا قال في المبسوط وهو أحسن لأنه لما وعد بالقضاء ظهرت قدرته على المال فلم يقبل منه إلا حميل به قاله تت وقوله ولمالك الخ جعله مقابلًا يفيد أن المذهب أنه لا يؤخر ثلاثًا (وإلا) يعطي حميلًا بالمال (سجن) حتى يأتي بحميل بالمال أو يقضي ما عليه وأجرة الحبس على طالب الحق كما في شرح العاصمية ولو قيل من بيت المال إن وجد وإلا فعلى الطالب إلا أن يلد المطلوب فعليه ما بعد وبنحوه في أجرة العون أي الرسول صرح ابن عاصم (كمعلوم الملاء) يسجن أبدًا ولا يقبل منه حميل فالتشبيه في مطلق السجن ومثلوه بمن يأخذ أموال الناس ويقصد بها التجارة ثم يدعي ذهابها ولم يظهر ما يصدقه من احتراق منزله أو سرقة ونحوها فيحبس حتى يؤدي أموال الناس قاله في توضحيه وتقدم في السلم عند قوله: ولزم بعدهما أن ابن عرفة حكى قولين في جبر رب الدين على قبول بعضه حيث أيسر المدين بجميعه وهو حال وعدم جبره وهو الموافق لظاهر قول المصنف كمعلوم الملاء وإن علم بالناض لم يأخر (وأجل) باجتهاد الحاكم المدين غير المفلس علم ملاؤه أو ظهر أو جهل حاله إذا طلب التأجيل (لبيع عرضه أن أعطي حميلًا بالمال) واستبعد جعل مجهول الحال له عرض يبيعه مع جهل حاله (وإلا سجن) وليس للإمام بيع عرضه كبيعه على المفلس لأن المفلس قد ضرب على يديه ومنع من ماله فيبيع عرضه كما قدمه بقوله: وبيع ماله بحضرته الخ فلا يحتاج لتأجيل (وفي حلفه) أي المدين ولو مفلسًا لم يعلم عنده ناض وبيع ماله وقبض الثمن أي في جبره على حلفه (على عدم الناض) وعدم جبره على حلفه (تردد) ولا ابن زرب يحلف التاجر دون غيره وهذا الخلاف جار على الخلاف في أيمان التهم (وإن علم) معلوم الملاء (بالناض لم يؤخر) ولم يحلف (وضرب) معلوم الملاء علم بالناض أم لا فهو عطف على أجل لا على علم (مرة بعد مرة) باجتهاد الحاكم في التعدد بمجلس أو مجالس ولو أدى إلى إتلاف

ــ

لم يحلف حينئذٍ الخ صوابه فإن ظن به كتم المال غرم الخ (وإلا سجن) قول ز كما في شرح العاصمية الخ ظاهره أنه أراد شرح ولد الناظم ولم أجد فيه ما نسبه له وذكر ح أنه لم ير فيها نصًّا واستظهر أنها كأجرة العون (كمعلوم الملاء) قول ز يسجن أبدًا ويقبل منه حميل الخ فيه نظر بل الذي في ق عن ابن رشد ولا ينجيه من السجن والضرب إلا حميل غارم ومثله في ضيح عن عياض ونظمه في التحفة بقوله:

وإن أتى بضامن فبالادا

حتى يؤدي ما عليه قعدا

(وفي حلفه على عدم الناض تردد) قال في التنبيهات واختلف هل يحلف على إخفاء الناص إذا لم يكن معروفًا به فقيل يحلف وهو مذهب ابن دحون وقيل لا يحلف وهو مذهب أبي علي الحداد وقيل إن كان من التجار حلف وهو قول ابن زرب ولا يحلف إن لم يكن تاجرًا والخلاف في هذا مبني على الخلاف في يمين التهمة اهـ.

ص: 498

نفسه لأنه ملدّ (وإن شهد بعسره) أي مجهول الحال وظهار الملاء قيل في أبي الحسن لا يثبت العسر إلا بشهادة أكثر من عدلين كالترشيد والتسفيه وصفة الشهادة أن تقول البينة (إنه) بكسر الهمزة على إنها محكية بقول مقدر وفتحها على إنها مفعول شهد (لا يعرف له مال ظاهر ولا باطن حلف كذلك) لا أعرف لي ما لا ظاهرًا ولا باطنًا والمذهب إنه يحلف على البت وعلى ما للمصنف أن ترك من اليمين ظاهرًا وباطنًا لم تعدلان اليمين على نية المحلف كذا ينبغي بل إذا امتنع منهما لا يجبر عليهما فإن قلت إذا كانت اليمين على نية المحلف فلم طلب بالحف على الباطن قلت لزيادة الإرهاب التي ربما أوجبت إظهار ما أخفاه وبهذا يوجه قول من قال بوجوبها وهذه إحدى المسائل التي يحلف فيها المدعي مع بينته كدعوى المرأة على زوجها الغائب بالنفقة والقضاء على الغائب والميت وضابطه كل بينة شهدت بظاهر فإنه يستظهر بيمين الطالب أي من شهدت له على باطن الأمر اهـ.

من تت إلا قوله والميت فمن عج ويستثنى من هذا إثبات أحد الأبوين فقر نفسه ببينة لتكون نفقته على ابنه فإنه لا يحلف مع بينته كما قال المصنف في النفقات وأثبتا العدم لا بيمين أي لا مع يمين يحلفانها مع البينة فما ذكره عج عند قوله: إلا المنقلبة عن ق خلاف هذا غير ظاهر وقصور لذكر المصنف في النفقات ما مر وفهم من قوله: إنه لا يعرف الخ إنهم لو قطعوا بطلت شهادتهم وانظر هل يغتفر ذلك للعوام قياسًا على ما قيد به قوله: في الشهادات أو شهد وحلف أم لا وإن قالوا فقير عديم لا مال له ظاهر ولا باطن ففي بطلانها قولان: (وزاد) في يمينه على ما تقدم (وإن وجد ليقضين وانظر) باجتهاد الحاكم لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] ولا يلازمه رب الدين خلافًا لأبي حنيفة وفائدة هذه الزيادة عدم تحليفه إذا ادعى عليه إنه استفاد مالًا وهذا يفيد أن تلك الزيادة من حق الحالف فله تركها إلا أن يقال تجب عليه لنظر الشارع لترك الخصومة وتقليلها ما أمكن وجعلنا ضمير عسره للمجهول وظاهر الملاء لأن معلومه لا تنفعه إلا البينة الشاهدة بذهاب ما بيده كما مر ولا يكفي قولها لا نعرف له مالًا ظاهرًا ولا باطنًا ومثله من يقر بملائه وقدرته على دفع الحق ولم تقم قرينة تكذب إقراره وكذا من عليه حق منجم دفع بعضه وادعى العجز عن باقيه ومهن طلب بنفقة ولده

ــ

(حلف كذلك) قول ز والمذهب أنه يحلف على البت الخ ما ذكر أنه المذهب عليه اقتصر ابن عرفة عن ابن رشد واقتصر عليه في المفيد وذكر الخلاف في ضيح ورجح ابن سلمون أنه يحلف على العلم واعترضه أبو علي في شرحه وقول ز وفهم من قوله أنه لا يعرف الخ أنهم لو قطعوا بطلت الخ نص ابن عرفة ابن رشد فإن قال الشهود أنه فقير عدم لا مال له ظاهرًا ولا باطنًا ففي بطلانها قولان بناء على حملها على ظاهرها على البت أو على العلم ولو نصوا على البت والقطع بطلت اهـ.

(وزاد وإن وجد ليقضين وانظر) قول ز باجتهاد الحاكم الخ فيه نظر بل يؤخر بغير أجل

ص: 499

بعد طلاق أمه وادعى العجز عنها لأنه كان ينفق عليه وعلى أمه أمس وهو الآن أقدر لزوال نفقة الأم (وحلف) بالتشديد المدين المجهول الحال أو ظاهرًا لملاء أو معلومة لا من علم بالناض (الطالب) لحقه وهو رب الدين (إن ادعى) المدين (عليه علم العدم) إذ من حجة معلوم الملاء أن يقول علم الناس بملائي بحسب ما يظهر لهم وأنت تعلم باطن الأمر وإني معدم فإن نكل حلف المطلوب ولم يسجن فإن لم يحلف سجن ويجوز تخفيف حلف ثلاثيًّا وفاعله الطالب وعلى الأول مفعوله (وإن سأل) الطالب (تفتيش داره) أي المدين ولو غير مفلس (ففيه) أي في إجابته لذلك (تردد) وحانوته كداره فإن سأل تفتيش جيبه أو كمه أو كيسه أو ما أشبه ذلك أجيب لأن هذا أمر خفيف وانظر هل التردد ولو ثبت عدمه ببينة وحلفه أو إذا ثبت ذلك وحلفه لا يفتش داره وهو الظاهر (ورجحت بينة الملاء إن بينت) سببه بأن بينت إنه أخفى ما لا فتقدم على بينة العدم ولو بينت سببه كما

ــ

بدليل الآية (وحلف الطالب إن ادعى عليه علم العدم) قول ز فإن نكل حلف المطلوب أي يحلف أنه لا مال له ظاهرًا ولا باطنًا بمنزلة من شهدت له البينة صرح به المكناسي في المجالس.

تنبيه: قال ابن عرفة اللخمي قد تنزل مسائل لا تقبل فيها البينة بالفقر منها من عليه دين منجم قضى بعضه وادعى العجز عن باقيه وحالته لم تتغير ومن ادعى العجز عن نفقة ولده بعد طلاقه الأم وقد كان ينفق عليهم إلا أن تقوم بينه أنه نزل به ما نقله إلى العجز ابن فتوح قال محمَّد بن عبد الله كتب الموثقين أن المدين مليء بالحق الذي كتب عليه حبس إن ادعى عدمًا ولا يصدق وإن قامت به بينة لأنه مكذب لها ويحبس ويؤدب إلا أن تشهد بينة بعطب في كتاب النكاح وزاد عن بعض شيوخه القضاة عن بعض القرويين أن البينة بالعلم تنفعه لأنه في إشهاده بالملاء مضطر لولا ذلك ما داينه أحد والذي عليه العمل وقاله غير واحد من الموثقين كفضل وابن أبي زمنين وغيرهما أنه لا يقبل قوله ولا تنفعه بينته ويسجن أبدًا حتى يؤدي دينه اهـ.

(وإن سأل تفتيش داره الخ) أفتى به فقهاء طليطلة وأنكره ابن عتاب وابن مالك ابن سهل وأنا أراه حسنًا فيمن ظاهره الإلداد والمطل انظر ق وقد استظهر ابن رشد تفتيش داره واعزاه لابن شعبان ونصه في رسم البيوع من سماع أصبغ من كتاب المديان الثالث ابن رشد وفي قول ابن القاسم في رواية أصبغ عنه وذلك أن السلطان يكشفه ويبلغ من كشفه ما لا يبلغ هؤلاء ما يقوم منه أن للإمام أن يفتش عليه داره وكذلك قال ابن شعبان أنه يفتش عليه داره وكان الشيوخ المتأخرون يختلفون في ذلك والأظهر أن تفتش عليه فما ألفى فيها من متاع النساء فادعته زوجته كان لها وما ألفى فيها من عروض تجارة بيع لغرمائه ولم يصدق أن ادعى أنه ليس له وأما إن ألفى فيها من العروض التي ليست من تجارته فادعى أنه وديعة عنده أو عارية أو ما أشبه ذلك جرى على ما قد ذكرته من الاختلاف في غير ما وضع اهـ.

فكان من حق المصنف الاقتصار على ما رجحه ابن سهل وابن رشد والله أعلم (ورجحت بينة الملاء إن بينت) ابن عرفة ابن عتاب ولو قالت بينة الملاء له مال باطن أخفاه قدمت اتفاقًا اهـ.

ص: 500

في د فإن لم تبين بينة الملاء رجحت بينة العدم بينت أم لا على الراجح وهذا لا يفهم من كلام المصنف لأن مفهوم أن بينت يصدق بالتساوي فيتساقطان هذا والذي جرى به العمل تقديم بينة الملاء وإن لم تبين فإن قيل الشاهدة بالملاء مستصحبة لأن الغالب الملاء والشاهدة بالعلم ناقلة وهي تقدم على المستصحبة كما يأتي أجيب بأن الناقلة هنا لما شهدت بالنفي قدمت عليها المستصحبة لأنها مثبتة وأيضًا المثبتة هنا ناقلة بحسب المعنى إذ شهادتها تضمنت زيادة على ما شهدت به الناقلة إذ شهدت بأنها لا تعلم له مالًا ظاهرًا ولا باطنًا والمستصحبة شهدت بأنه أخفاه ولما ذكر ما يوجب إخراج المجهول وظاهر الملاء وهو البينة ذكر ما يخص إخراج المجهول وهو طول سجنه فقال: (وأخرج المجهول) حاله من السجن (إن طال سجنه) وطوله: (بقدر الدين) قلة وكثرة (و) حال (الشخص) قوة وضعفًا ويخلي سبيله بعد حلفه على نحو ما تقدم في شهادة بينة بعسره لأن طول السجن بمنزلة البينة واعتبار الدين يفيد أنه لو وجب عليه سجن ثانٍ كما لو خوصم وهو في السجن في حق لغير من سجن له فإنه يكتب القاضي عليه السجن الثاني وزاد في سجنه لأجله لا للأول باجتهاده كما في النص ولما كانت النساء كالرجال في جميع ما تقدم إلا أنهن لا يحبس في حبس الرجال بين ذلك بقوله: (وحبس النساء عند أمينة أو ذات أمين) زوج كما في الشرح الكبير وشامله تبعًا للتوضيح تبعًا للخمي وفي الوسط والصغير زوج أو أب أو ابن وهو أولى للتعميم والظاهر الأب دنية والابن للصلب ويحتمل الأصل والفرع وظاهر قوله ذات أمين أنه معطوف على أمينة فيفيد جواز الحبس عند ذات الأمين وإن لم تكن هي أمينة لأن العطف بأو يقتضي المغايرة مع إنه لا بدّ من أمانتها أيضًا ويجاب بأن المعطوف عليه محذوف وهو أيم على ما للشرح الكبير أو منفردة عن رجال على ما للوسط والصغير وهو أولى من تقدير أيم لعمومه فيستفاد كونها أمينة سواء كانت وحدها أم لا (و) حبس (السيد) في دين عليه (لمكاتبه) إن لم يحل من نجوم الكتابة ما يفي بالدين أو يكن في قيمة الكتابة ما يفي بدينه ولا يقاصصه السيد جبرًا عليه بالكتابة حيث كان دينه حالًا على السيد أو اختلفت قيمتها وقيمة الدين اختلافًا لا تجوز معه المقاصة وكذا يحبس السيد لعبده إذا شهد له شاهد بعتقه ولم يحلف السيد لرد شهادته كما يذكره في باب الشهادات وإنما حبس لمكاتبه لأنه أحرز نفسه وماله ولأن الحقوق لا يراعى فيها الحرية ولا علوّ المنزلة بدليل أن المسلم يحبس في دين الكافر

ــ

هذا معنى قول المصنف بينت ولم يتنبه له ق (والسيد لمكاتبه) كذا في المدونة فقال ابن عرفة ابن محرز عن سحنون هذا إن كان الدين أكثر مما على المكاتب من الكتابة وإن كان مثلها فأقل لم يحبس قال بعضهم لأن للسيد بيع الكتابة بنقد ابن عبد الرحمن هل يحبس على كل حال إذا لم يبعها لأن الحاكم يقضي عليه ليبيعها ولا يبيعها عليه الحاكم لأنه لا يبيع إلا على مفلس ابن عرفة الحق أن البيع على المفلس جبري وعلى المديان اختياري اهـ.

ص: 501

ومقتضى التعليل حبسه في مال عبده المأذون المدين حيث احتيج لوفاء دينه بماله على سيده وعكس كلامه وهو حبس المكاتب لسيده في دين له عليه غير الكتابة لا في دينها إلا على القول بأنه إنما يعجزه السلطان فله حبسه فيها إن رأى إنه كتم ما لا رغبة في العجز أبو الحسن ويحبس القن المأذون له في التجارة (و) الشخص (الجد) يحبس لولد ابنه ذكرًا كان الولد أو أنثى لأن حق الجد دون حق الأب في الجملة (و) يحبس (لولد لأبيه) وأولى لأمه لأن حقها آكد ابن رشد معنى ذلك إنه قبض ما لا ولم يعلم فساده فلا يقبل قوله: فإنه يدل على خلاف الظاهر من حاله قاله الشارح وانظر ذلك فإني لم أره لغير الشارح قاله الشيخ سالم وهذا الكلام نقل في غير موضعه على غير وجهه فإن موضعه قول المصنف لا العكس لأنه في المقدمات إنما نقله في حبس الأب في دين عليه لولده حيث كان بيده مال ابنه وادعى فساده وعلى الابن دين لأجنبي عجز عن قضائه فليس حبسه للابن بل لامتناعه من دفع مال ولده ليقضي ما عليه من الدين (لا العكس) أي لا يحبس الوالد أو الأم نسبًا لا رضاعًا للولد ولولدًا ولكنه يعزرها الإِمام بغير الحبس من حيث اللدد لا من حيث حق الولد ويستثنى من عدم حبسهما له مسألتان إحداهما المتقدمة عن المقدمات ثانيتهما امتناعه من الإنفاق على الصغير ومن في حكمه (كاليمين) يحلف الوالد ولده لا العكس لأنه عقوق ولا يقضى به أن شح ولا يمكن من ذلك على المذهب وما يأتي للمصنف في باب الحدود من قوله: وله حد أبيه وفسق ضعيف (إلا المنقلبة) من الولد على أبيه كدعواه على ولده بحق فلم يحلف لردّ دعواه فزدّت على الأب فيحلفها

ــ

فتأمله هل يشهد لما ذكره والله أعلم (لا العكس) قول ز ويستثنى من عدم حبسهما له مسألتان الخ ابن يونس ويحبس الأب إذا امتنع من النفقة على ولده الصغير لأنه يضرّ بهم ويقتلهم قال ابن عبد الحكم ويحبس الأب في دين على الابن إن كان له بيد الأب مال اهـ.

منه (إلا المنقلبة) قول ز وكقيام شاهد لولد بحق الخ ما ذكره في هذه من حلف الأب لرد شاهد الولد غير صواب وقد صرح ابن رشد بأن مذهب المدونة أن الأب لا يحلف في شيء مما يدعيه الولد عليه ونصه في رسم صلى من سماع ابن القاسم من كتاب الأقضية الأول وقال مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وسحنون أنه لا يقضي بتحليفه إياه ولا يمكن من ذلك أن دعا إليه ولا من أن يحده في حد يقع له عليه لأنه من العقوق وهو مذهب الإِمام مالك في المدونة في اليمين في كتاب المديان وفي الحدّ في كتاب القذف وهو أظهر الأقوال لقول الله عز وجل: {وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا} [الإسراء: 23] الآية ولما جاء من أنه ما برّ والديه من شد النظر إليهما أو إلى أحدهما وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمين للولد على والده ويشهد لصحته قوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" وقد روي عن ابن القاسم في كتاب الشهادات أنه يقضي له أن يحلفه في حق يدعيه عليه وأن يحده في حد يقع له عليه ويكون عاقًّا بذلك ولا يعذر فيه بجهل وهو بعيد لأن العقوق من الكبائر فلا ينبغي أن يمكن أحد من

ص: 502

اتفاقًا وكقيام شاهد لولد بحق على أبيه ولم يحلف معه فردت على الأب فيحلف لرد شهادة الشاهد وليس من انقلابها ولا من تحليف الولد لوالده حلفه مع شاهده على ولده بدين لإثبات الحق ولا حلفه مع إثباته العدم بناء على ما في ق هنا وإن كان ضعيفًا لأنه خلاف ما مشى عليه المصنف في النفقات في قوله: وأثبتا العدم لا بيمين وعلى ما في ق يحلف الأب في صورتين غير منقلبة وفي صورتين منقلبة كما مر (و) إلا (المتعلق بها حق لغيره) كدعواه تلف صداق ابنته وطالبه الزوج بجهازها وكدعوى الزوج عليه إنه نحل ابنته نحلة في عقد نكاحه فيحلف فيهما لئلا يغرم وكذا إذا ادعى إنه أعار ابنته شيئًا من جهازها فيحلف قبل السنة كما قدم المصنف (ولم يفرق) في السجن (بين كالأخوين) وغيرهما من الأقارب (والزوجين) المحبوسين في حق عليهما (إن خلا) السجن من الرجال فلا يجاب إلى التفريق إن طلبه وهو قيد في الثاني فإن لم يخل حبس الرجل مع الرجال والمرأة مع النساء وأما الأخوان ونحوهما فلا يفرق بينهما خلا السجن أم لا وقوله ولم يفرق يقرأ بالبناء للمفعول ونائب الفاعل بين لأنها ظرف تتصرف على لغة كما قرئ لقد تقطع بينكم برفع بين فأوقعها متصرفة وبالبناء للفاعل وفاعله عائد على الإِمام أي لم يفرق الإِمام بين من ذكر أي لم يوجب التفرقة بينهما (ولا يمنع) المحبوس نائب فاعل الفعل المبني للمجهول وقوله: (مسلمًا) مفعوله الثاني إذ هو متعد لاثنين والفاعل الحاكم أي لا يمنع الحاكم المحبوس مسلمًا يسلم عليه ولو زوجة لا تبيت (وخادمًا) يخدمه في مرض شديد لا خفيف ولا في صحة بناء على اعتماد هذا القيد كما نقله في توضيحه عن ابن المواز وتبعه عليه شراحه وظاهره عدم مراعاة العرف والمقام الظاهر وأشعر قوله: مسلمًا إنه لو خشي بسلامه عليه تعليمه كيفية إطلاقه من السجن فإنه يمنع منه وهو كذلك (بخلاف زوجة) غير محبوسة معه فتمنع من سلامها عليه حيث دخلت عنده لتبيت وحبس في غير دينها وإلا لم تمنع والظاهر منع سريته أيضًا من بياتها عنده لمنافاته لقصد التضييق عليه (وأخرج لحد) قذف ونحوه أو قتل كما قال صاحب التكملة وحينئذ تؤخذ الديون من ماله إن كان له مال وإلا ضاعت على أربابها ولا يرد على إخراجه للقتل إنه لا يعود لأنا نقول

ــ

ذلك وهذا فيما يدعيه الولد عليه وأما إن ادعى الوالد عليه دعوى فنكل عن اليمين وردها عليه أو كان له شاهد على حقه عليه فلا اختلاف في أنه لا يقضي له عليه في الوجهين إلا بعد يمينه وكذا إن تعلق بيمينه حق لغير ابنه فإنه يلزمه اليمين باتفاق كالأب يدعي تلف صداق ابنته والزوج يطلبه بالجهاز أو كالرجل يدعي على أبي زوجته نحلة انعقد عليها نكاحه وهو ينكر اهـ.

بلفظه (والزوجين إن خلا) هذا قول ابن المواز وقول المصنف بعد هذا بخلاف زوجة هو قول سحنون وجعلهما ابن رشد خلافًا واستظهر ما لسحنون ونقل ابن عرفة كلامه وقبله وجمع المصنف بينهما لأنهما عنده ليسا بخلاف لعدم تواردهما على محل واحد انظر ح وما صنعه المصنف نحوه للباجي في المنتقى ووجه ما لابن المواز بأنه لم يقصد بكونها معه إدخال الراحة عليه والرفق به وإنما قصد بذلك استيفاء الحق من كل منهما والتفريق ليس بمشروع اهـ.

ص: 503

قوله: الآتي لعوده خاص بقوله: (أو ذهاب عقله لعوده) فيعاد في السجن وإنما أخرج في ذهاب عقله لعدم شعوره بالضيق الذى هو القصد من السجن (واستحسن) إخراجه (بكفيل) أي معه (بوجهه لمرض) باللام إذا الكفيل في مسألة ذهاب العقل ليس فيه تقييد بكونه بمال أو وجه ولم يقع فيه استحسان وإنما وقع كما قال الباجي في مرض (أبويه وولده وأخيه) وأخته (وقريب جدًّا ليسلم) يحتمل رجوعه لقريب أي قربا جدًّا أي قريب القرابة كما في النقل لا قريب بعيد ويرجع في ذلك للعرف ويحتمل رجوعه لمرض أي مرضًا جدًّا أي شديد أو يخاف منه الموت كما قال سحنون فإن حمل المصنف على الاحتمال الأول فلا بدّ من تقييد سحنون في المرض وإن حمل على الثاني فلا بد من تقييد القريب بكونه قريب القرابة هذا وقال الباجي كما في الشارح بعد ذكره الاستحسان ما نصه والقياس المنع من ذلك وهو الصواب اهـ.

وانظر لم ترك المصنف القياس الذي صوبه الباجي وجرى على الاستحسان إلا أن يكون استحسن عند بعضهم والظاهر أن يخرج لجنازة أحد أبويه مع حياة الآخر كما في الاعتكاف بل هذا أولى لأنه يخرج لما يخرج له المعتكف قاله عج وقد تمنع الأولوية لعذره هنا ولحق المخلوق المبني على المشاحة بخلاف الاعتكاف لإدخاله على نفسه وإن كان حق الله أوكد في نفسه وقد يقال هنا حق مخلوق وهو لوالد الحي ولا يخرج لجنازتهما معًا كالاعتكاف فيما يظهر (لا جمعة) لأن لها بدلًا (وعيد) أي صلاتهما ولا لجماعة بل لوضوء إن لم يمكن فيه ولا لحجة إسلام وإن كان قد أحرم بحجة أو عمرة أو بنذر أو حنث ثم قيم عليه بالدين حبس وبقي على إحرامه وإذا وجب عليه الدين يوم نزوله بمكة أو بمنى أو بعرفات استحسن أن يؤخذ منه كفيل حتى يفرغ من الحج ثم يحبس بعد النفر الأول قاله اللخمي والنفر الأول هو المتعجل في الرمي وقد مر في فصل الحصر أن من حبس بحق لا يحل إلا بفعل عمرة (و) لا يخرج لقتال (عدو إلا لخوف قتله أو أسره) فيخرج لكن إلى موضع آخر غير الذي كان فيه انظر د وكذا خوف قتله أو أسره إن لم يطلق بالكلية وكذا خوف قتل غيره أو أسره إن لم يطلق فيما يظهر فلو حذف الضميرين لشمل ذلك وانظر إذا لم يطلق مع خوف ما ذكر حتى حصل ما خيف منه ماذا يجب على من لم يطلقه وهل هو رب المال أو الحاكم أو السجان أو كل وكذا لا يخرج لدعوى عليه ووكل من يسمع عنه فإن امتنع تسمع البينة عليه فإذا ثبت عليه يزاد في السجن عليه بالاجتهاد بعد الأعذار إليه وذكر الحكم الرابع من أحكام الحجر الخاص بقوله (وللغريم) ومن تنزل منزلته بإرث أو هبة الثمن أو صدقة به أو حوالة لا بشراء أي اشتراء الدين من بائع السلعة فليس له إلا محاصة أرباب الديون (أخذ عين ماله) الثابت

ــ

(وقريب جدًّا ليسلم) قول ز كما قال سحنون الخ هذا القيد عزاه في ضيح لابن المواز وقد لابن سحنون وانظر من عزاه لسحنون (وللغريم أخذ عين ماله) قول ز أو اعتراف المفلس قبل

ص: 504

ببينة أو اعتراف المفلس قبل تفليسه (المحاز عنه في الفلس) الواقع بعد البيع ونحوه وقبل قبض الثمن فإن وقع قبله بعد قبضه السلعة ليقلبها أو ليتروى في أخذها ثم بعد الفلس عقد له البيع فيها فلا يكون أحق به وإن لم يعلم حين البيع بفلسه لعدم تثبته بأن المشتري منه مفلس كما علل به تت قول المصنف آخر المساقاة مشبهًا في عدم الفسخ كبيعه ولم يعلم بفلسه وإذا لم يكن أحق أتبع بثمنه ذمة المفلس ولا دخول له معهم ولو قبل قسمهم لأنه عامله بعد الحكم بخلع ماله لهم ويحتمل دخوله معهم قبل قسمهم وكان يقرره عج وعلى الأول فإن كان ثمنه حالًا فله حبس سلعته فيه أو بيعها له ولا دخل للأولين معه في ثمنها لأنها معاملة حادثة وإلا لم يكن له إلا المطالبة به وحلول ما على المفلس سابق على هذا فلا يقال حل به (لا) المحاز عنه في (الموت) فلا يأخذه لخراب الذمة فصار بثمنه أسوة الغرماء بخلاف المفلس فإن الذمة موجودة في الجملة ودين الغرماء متعلق بها فإن لم يحز عنه فيه فهو أحق به فيه أيضًا وبالغ على أخذ عين ماله المحاز عنه في الفلس بقوله: (ولو) كان ماله الثابت عينه ببينة أو طبع عليه كما في الرهن (مسكوكًا) عند ابن القاسم قياسًا للثمن على المثمن لرد قول أشهب الأحاديث إنما فيها من وجد سلعته أو متاعه والنقد أن لا يطلق عليهما ذلك عرفًا (وأبقاه) عند المشتري حين إرادة ربه أخذه فله الرضا به إن وجد بناء على أن الأخذ من المفلس نقض للبيع وعلى أنه ابتداء بيع لا يجوز (و) إذا رضي به (لزمه إن لم يجده) ولا يرجع للحصاص خلافًا لأشهب وللرجوع في عين ماله ثلاثة شروط أشار لأولها بقوله: (إن لم يفده غرماؤه) بثمنه الذي على المفلس فإن فدوه (ولو) كان الفداء (بما لهم) لا بمال المفلس لم يأخذه وكذا لو ضمنوا له الثمن وهم ثقات أو اعطوه به حميلًا ثقة ولثانيها بقوله: (وأمكن) الرجوع في عين ماله (لا) إن لم يمكن فيتعين المحاصة نحو (بضع) كمن طالبت زوجها بصداقها بعد بنائه فوجدته مفلسًا وكذا قبل بنائه وقبل طلاقه فتحاصص بجميعه على إنها تملك جميعه وبنصفه على إنها تملك بالعقد النصف وأما من طلقت نفسها لعسره به قبل البناء فتحاصص الغرماء بالنصف لأنها ملكته بالعقد كما مر في الصداق إنه إذا طلق عليه بعد ثبوت عسره يلزمه النصف كما

ــ

تفليسه الخ يعني أو بعده على أحد أقوال قال في المقدمات وهو يتعين بأحد وجهين إما ببينة تقوم عليه وأما بإقرار المفلس به قبل تفليسه واختلف إذا لم يقر به إلا بعد التفليس على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن قوله مقبول قيل مع يمين صاحب السلعة وقيل دون يمين.

والثاني: أن قوله غير مقبول ويحلف الغرماء أنهم لا يعلمون أنها سلعته.

والثالث: إن كان على الأصل بينة قبل قوله في تعيينها وإلا لم يقبل وهو رواية أبي زيد عن ابن القاسم اهـ.

(لا بضع) قول ز وبنصفه على أنها تملك بالعقد النصف الخ تقدم كلام ابن رشد عند

ص: 505

قدمه لمصنف (وعصمة) كمخالعة على مال تدفعه له فخالعها فوجدها مفلسة فيحاصص غرماءها بما وقع عليه الخلع ولا يرجع في العصمة التي خرجت منه (وقصاص) صولح فيه بمال ثم فلس الجاني لتعذر الرجوع شرعًا في القصاص بعد العفو قال في توضيحه وينبغي أن يلحق بذلك صلح الإنكار إذا فلس المنكر فإن المدعي يحاصص بما صولح به ولا يرجع في الدعوى اهـ.

واعترض ابن عرفة هذا الشرط بأن الكلام في الرجوع في عين ماله لا في عين العوض والعوض في النكاح والخلع والصلح على الإنكار غير مال أما لو كان المفروض الرجوع للعوض لأمكن ذكرها على أن أهل المذهب لم يذكروا هذه المسائل في هذا الأصل وإنما ذكرها فيه الغزالي فتبعه ابن الحاجب وابن شاس اهـ.

بالمعنى وحاصل الاعتراض أن قوله: أخذ عين ماله يخرج ذلك فلم يدخل حتى يخرجه بقوله: أمكن والاعتراض على ابن الحاجب وابن شاس قوى لقولهما شرط الرجوع بعين المال أن يمكن الخ وأما المصنف فيمكن الجواب عنه بأن قوله: ماله بفتح اللام على إنه جار ومجرور وما اسم موصول أي الذي له فيصح حينئذٍ جعل أمكن شرطًا ودعوى وجوب كسر اللام ووجوب حذف وأمكن تخريج لا دليل عليه وأشار للشرط الثالث وهو بقاؤه على هيئته بقوله: (ولم ينتقل) عين ماله عما كان عليه حين البيع (كأن طحنت الحنطة) على المشهور بناء على ضعيف وهو أن الطحن ناقل وهكذا في بعض النسخ تمثيلًا للانتقال الذي هو مفهوم المصنف لا منطوقة وفي بعضها لا إن طحنت الحنطة وهو عطف على معنى لم ينتقل أي واستمر لا إن الخ فلا يلزم عليه محذور نحوي وهو عدم تغاير معطوف لا إثباتًا ونفيًا بل التغاير حينئذٍ موجود نعم فيه تكلف لأن الأصل عطف اللفظ على اللفظ وجعل تت إنه مثال لما انتقل مع كون النسخة لا فيه شيء إذ لا للعطف لا للتمثيل (أو خلط بغير مثل) ولا يتيسر تمييزه كخلطه بمسوس وأما خلطه بمثله فغير مفيت (أو سمن زبده أو فصل ثوبه) مثلًا أو قطع الجلد نعالًا ونحوها لا دبغه أو صبغ الثوب أو نسج الغزل فلا فوت (أو ذبح كبشه أو تتمر رطبه) ففوت ولا يعارض هذا ما مر من أن المفلس إنما يفوز بجدها بيبسها لأن ما مر في غلة مبيع كنخلة وما هنا المبيع ذات

ــ

قوله وحاصت الزوجة بما أنفقت وبصداقها (كأن طحنت الحنطة) قول ز بناء على ضعيف وهو أن الطحن ناقل الخ في هذا البناء نظر لأن النقل هنا عن العين وهو يكون بأدنى شيء والنقل فيما تقدم عن الجنس ولا يكون إلا بأقوى شيء فلا يلزم من عدم النقل هناك عدمه هنا ولا عكسه (أو فصل ثوبه) قول ز أو قطع الجلد نعالًا الخ كود هذا فوتًا هو الذي في ضيح وابن عرفة وغيرهما خلاف ما في تت من أنه ليس بفوت ونسبته ذلك لضيح انظر طفى (أو تتمر رطبه) قول ز إن كان الكبش مما لا يباع بطعام لأجل الخ فيه نظر بل الظاهر المنع مطلقًا لأن في أخذ اللحم اقتضاءه عن ثمن الحيوان بلحم جنسه وهو ممنوع كما تقدم في قوله وبغير

ص: 506

الرطب ولا يجوز تراضيهما على أخذه بعد تتمره وكذا الكبش بعد ذبحه بناء على أن التفليس ابتداء بيع إن كان الكبش مما لا يباع بطعام لأجل لا إن كان مما يباع به ولا إن بنينا على أن التفليس نقض أو قطع للبيع من أصله فيجوز تراضيهما على أخذه حينئذٍ وفهم من قوله: ولم ينتقل إن حوالة الأسواق لا تفيت وهو كذلك وشبه في عدم الأخذ قوله: (كأجير رعى ونحوه) أجير علف أو حراسة وصانع سلعة بحانوته لا يكون كل أحق بما استؤجر عليه في فلس مؤجره أو موته قبل استيفاء أجرته بل يحاصص الغرماء وهذا بخلاف من اكترى دابة كراء مضمونًا ثم فلس ربها فإن المكتري يكون أحق بها من الغرماء كما يأتي مع الفرق عند قول المصنف والمكتري بالمعينة وبغيرها إن قبضت ثم محل كلام المصنف في الأجير إذا كان يرد ما استؤجر عليه لبيت ربه عند الليل فإن بقي بيده فهو أحق والظاهر إذا بات ما يرعاه من نحو غنم عند ربه تارة وعنده أخرى فالحكم للغالب إن كان وإلا فانظره وانظر أيضًا إذا كانت تبيت بمحل مشترك بينهما أو بمنزلهما الساكنين به جميعًا (وذي حانوت) تجمد كراؤه على مكتريه حتى فلس أو مات فلا يكون ربه أحق (فيما) أي بما (به) بل أسوة الغرماء ففي بمعنى الباء متعلقة بمقدر كما ذكرنا وقدره بعض الشيوخ عدم اختصاص ذي حانوت فيما به فقوله فيما به متعلق بعدم اختصاص المقدر بالعطف (وراد) بالفعل على بائع (لسلعة بعيب) ففلس البائع وهي بيده وكان قد قبض الثمن ولم يرده للمشتري حين رده لها بعيب فلا يكون أحق بها بل أسوة الغرماء علم المشتري بفلسه حين ردها أم لا بناء على أن الرد به نقض للبيع ابن رشد وأما على إنه ابتداء فهو أحق وأما إن أراد الرد وأقر على نفسه بذلك فوجد البائع قد فلس ففي كونه أحق بها وتباع في الثمن فإن وفى وإلا حاصص بما بقي له وعدم كونه أحق بها قولان وعلى الثاني فقيل يخير في إمساكها ولا يرجع بقيمة العيب وفي ردها ويحاصص بثمنها وقيل له حبسها ويرجع بقيمة العيب وحاصص أن ردها اهـ.

ــ

جنسه إن جاز بيعه قبل قبضه وبيعه بالمسلم فيه مناجزة (وذي حانوت فيما به) ابن عرفة فيها مع سماع أبي زيد بن القاسم أرباب الدور والحوانيت فيما فيها من أمتعة أسوة الغرماء في الموت والفلس ابن رشد اتفاقًا ابن عرفة هذا خلاف نقل الصقلي هذا قول الجماعة إلا عبد الملك جعل الدور والحوانيت كالدواب ونفله المازري وعبر عنه بابن الماجشون اهـ.

وذكر الجنان أن العمل جرى بفاس في الرحى بقول عبد الملك فصاحبها أحق بما فيها من آلة (وراد لسلعة بعيب) قول ز علم المشتري بفلسه حين ردها أم لا بناء على أن الرد به نقض للبيع الخ هذا يقتضي أن الرد وقع حين الفلس وفيه البناء المذكور وليس كذلك بل إذا وقع الرد حين الفلس لا يكون أحق بها مطلقًا سواء بنينا على أن الرد نقض للبيع أو ابتداء بيع لأن ابتداء البيع حين الفلس يمنع من أخذ البائع حين شيئه كما في المدونة وكما مر وإنما ذكر ابن رشد البناء المذكور في الرد قبل الفلس ففي ق ابن رشد على أن الرد بالعيب نقض بيع قال ابن القاسم في الموازية من رد عبدًا بعيب ففلس بائعه والعبد بيده قبل قبض الراد ثمنه لا يكون أحق به

ص: 507

(وإن أخذت عن دين) أي بدله ثم اطلع آخذها على عيب فردها على من أخذت منه ثم فلس فلا يكون رادّها أحق بها بل أسوة الغرماء وبالغ على المحاصة في هذه ما لدفع توهم إنه أحق بها لكون الغالب فيما يؤخذ عن دين أن يؤخذ بأكثر من قيمته كأخذ ما يساوي عشرة في عشرين فأخذها أرفق بالمفلس إذ لو ردت لبيعت بعشرة مثلًا فتبقى العشرة مخلدة في ذمته وبأخذ ذلك تسقط عن ذمته بخلاف بيع النقد فإن الغالب فيه خلاف ذلك وأما لدفع توهم أنه لا يأخذها ولا يحاصص حيث كان دينه المأخوذ عنه أقدم لتوهم أنه لا يدخل مع من بعده فليست إن إشارة لخلاف (وهل القرض كذلك) لا يكون مقرضه أحق به بعد فلس مقترضه (وإن لم يقبضه مقترضه) ويأخذه الغرماء من المقرض للزوم عقده بالقول كما مر وهو قول ابن المواز المازري وهو المشهور (أو كالبيع) يفرق فيه بين أن يفلس أو يموت قبل قبضه فيكون ربه أحق به أو بعده فله أخذه في الفلس ويحاصص به في الموت وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك وعامة أصحابه (خلاف) ذكره الشارح وانظر قول المازري المشهور قول ابن المواز مع عز والثاني لمن ذكر وقال عج مقتضى نقل ق في محلين وابن عرفة إن الثاني لم يرجح وإنما رجح قولان ربه أسوة الغرماء مطلقًا وأحق به مطلقًا قبض أم لا اهـ.

ــ

من الغرماء وعلى أنه ابتداء بيع يكون أحق به ابن عرفة هذا نص في أنه فلس بعد الرد ونحوه قول النوادر خلافًا لقول المازري واللخمي واختلف إن لم يرد المبيع حتى فلس البائع اهـ.

وقول ز وأما إن أراد الرد الخ هذا الفرع عليه حمل الشارح كلام المصنف ونحوه لابن عبد السلام وضيح في شرح قول ابن الحاجب والراد لسلعته بعيب لا يكون أحق بها في الثمن وما حمله عليه ز أولًا قال غ هو الذي ينبغي أن يحمل عليه كلام المصنف وقال ابن عاشر حمل المصنف على التقريرين أولى اهـ.

وكلاهما ذكره ابن رشد (وإن أخذت عن دين) غ لم أقف على هذا لمن قبله إلا في مسألة البيع الفاسد التي ذكر فيها بعد هذا ثلاثة أقوال اهـ.

وقال ح وأما قول المصنف وإن أخذت عن دين فلا معنى له لأنه لما حكم بأن الراد لا يكون أحق بالسلعة إذا بيعت بالنقد فمن باب أولى إذا أخذت عن دين فلو قال وإن أخذت بالنقد لكان أبين لأنه الجاري على ما يأتي في الفساد اللهم إلا أن يحمل كلام المصنف على القول الآخر في كلام ابن رشد فيكون قوله وراد لسلعة الخ عطفًا على قوله أولًا وللغريم الخ فتحسن حينئذ المبالغة وبهذا حل غ المسألة قال ح قلت ولا يعترض هذا الحمل بأن كلام ابن رشد يقتضي أن القول الثاني مخرج والأول هو المنصوص كما تقدم لأنا نقول كلام ابن يونس يدل على أنهما منصوصان معًا ونصه قال ابن القاسم في المشتري يرد العبد بعيب فلم يقبض ثمنه من البائع حتى فلس والعبد بيده فلا يكون الراد له أولى به ابن يونس وقيل له أخذه إلا أن يعطيه الغرماء ثمنه اهـ.

منه (وهل القرض كذلك) قول ز عن عج مقتضى نقل ق وابن عرفة أن الثاني لم يرجح

ص: 508

وأما عكس كلام المصنف وهو إذا فلس المقرض بعد عقده وقبل قبض المقترض له فيبطل ولا يحاصص به غرماء المقرض كما نقله تت في صغيره عن ابن بكير في قوله: في الرهن وبطل شرط مناف فتنظير عج فيه قصور فإن فلس المقرض بعد قبض المقترض فليس له ولا لغرمائه كلام مع المقترض قبل حلول أجله (وله) أي للغريم إذا وجد المفلس قد رهن سلعته التي اشتراها منه بدين معلوم وحازها المرتهن (فك الرهن) بدفع ما رهنت فيه عاجلًا إن كان الدين مما يعجل أو رضي بتعجيله حيث شرط عدم حلوله عليه بفلسه فلا يرد ما مر من إنه يحل به وأخذها (وحاص) الغرماء (بفدائه) وله تركها والمحاصة بثمنها (لا بفدا) بالقصر العبد (الجاني) عند المشتري له بدين ثم فلس بعد الجناية وإسلامه بعدها أو قبل إسلامه ففداه ربه حينئذٍ فإنه لا يحاصص بالفداء غرماء المشتري بل ولا يرجع عليه به كما قال ابن عبد السلام وعبارته توهم إنه يرجع به دينًا على المفلس لأنه إنما نفي المحاصة التي هي أخص ولا يلزم من نفيه نفي الأعم الذي هو بقاؤه دينًا على المفلس لأنه إنما نفي الأعم هو المراد أي لا يرجع البائع بفداء الجاني بخلاف الرهن وفرق بأن الجناية ليست دينًا لازمًا لذمة المفلس بل في رقبة الجاني إذ له إسلامه فيها فصار فداء البائع له محض تبرع منه بخلاف الدين في الرهن فإنه كان في ذمته وقولي بعد الجناية وإسلامه بعدها تحرز عما إذا أسلمه بعد الجناية وقبل فلسه فليس لربه فداؤه لأن تصرف المشتري حينئذٍ بالإِسلام للمجني عليه لا يرد كبيعه قبله وأما لو فداه المفلس فإن ربه يأخذه مجانًا وكان الأولى أن يقول وحاصص بفكاكه لأن الرهن ليس مفديًا وإنما هو

ــ

الخ بل صرح ابن رشد في سماع سحنون بترجيح الثاني ق ولم ينقل كلامه بتمامه ونصه مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك وعامة أصحاب مالك أن الرجل أحق بالعرض والعين في الفلس كانا من بيع أو قرض خلاف ما ذهب إليه ابن المواز من أنه أحق بالعين والعرض إذا كانا من بيع وأسوة الغرماء إذا كانا من قرض ثم قال الصحيح قول ابن القاسم وروايته عن مالك أنه أحق في الفلس بالحرض والعين كانا من بيع أو قرض بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم أيما رجل فلس فأدرك رجل ماله بعينه فهو أحق به من غيره لأنه صلى الله عليه وسلم عمم بقوله: فأدرك رجل ماله إذ لم يخص قرضًا ولا بيعًا ووجه ما ذهب إليه ابن المواز قول النبي صلى الله عليه وسلم أيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا فهو أحق به من غيره الحديث لأنه جعل هذا الحديث مخصصًا لعموم الحديث الأول ومبينًا له في أن المراد به البيع دون القرض وهو بعيد لأن الخاص لا يحمل على التخصيص للعام إلا إذا كان معارضًا له اهـ.

على أن القول الثاني المرجح عند عج لم ينقله ابن رشد ولا ابن عرفة ولا ضيح فانظر (وله فك الرهن) قول ز إن كان الدين مما يعجل الخ لا يخفى ركاكة هذا الكلام فتأمله (لا يفد الجاني) قول ز بالقصر الخ بل فيه القصر والمد والفتح في الفاء والكسر كما في القاموس وقول ز وفرق بأن الجناية ليست دينًا الخ عمارة ابن يونس والفرق بين المسألتين أن الرهن من سبب المشتري والجناية لم يتعلق منها بذمته شيء يلزمه اهـ.

ص: 509

مفكوك لكنه عبر بالفداء لمشاكلة قوله: لا بفداء الجاني ليصير الكلام على وتيرة واحدة كقوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 6] لأن ذكر أن الجن لا يقال لهم رجال (و) لصاحب السلعة التي حاصص الغرماء بثمنها (نقص المحاصة إن ردت) على المفلس (بعيب) أو فساد أو تفليس المشتري الثاني فيأخذ الأول سلعته لأنه إنما حاصص لعدم وجدانها ويأخذها بجميع الثمن والأرش له خلافًا لقول الشارح يأخذها ويحاصص الغرماء بأرشها انظر تت وله أن لا ينقضها ويستمر على المحاصة بثمنها وليس له نقضها إن ردت على المفلس بهبة أو صدقة أو وصية أو شراء أو إقالة أو إرث والفرق أن الرد بالعيب نقض للبيع الثاني فكأنها باقية عند المفلس والرد لفلس الثاني أو فساد بيعه ملحقان بالرد بالعيب في المعنى بخلاف ردها بهبة وما بعدها فإنها ردت للمفلس بملك مستأنف فلا مقال للبائع وقوله: بعيب أي قديم عند البائع الأول ودلس به على المشتري أو أعلمه به أو اطلع عليه ورضيه وأما الحادث عند المشتري فأشار له بقوله: (و) لمن أخذ سلعته من مفلس فوجد بها عيبًا (ردها) بعد أن أخذها كما مر أو تركها أن اطلع عليه قبل أخذها أي تركها للمفلس (والمحاصة) لغرمائه بجميع ثمنها (بعيب) أي بسبب عيب (سماوي) حدث عند المفلس فمتعلق المحاصة بجميع الثمن وبعيب متعلق بردها والباء سببية (أو) بسبب عيب (من مشتريه) الذي هو المفلس عاد لهيئته أم لا (أو من أجنبي لم يأخذ) المفلس (أرشه أو أخذه وعاد) المبيع في جناية الأجنبي (لهيئته) بل متى عاد لهيئته فلربها ذلك سواء أخذ المفلس لها أرشًا أم لا ولا شيء لربها من الأرش لأن المعيب لما عاد لهيئته صار ما أخذه المفلس من الأرش كالغلة والفرق أن جناية المشتري جناية على ما في ملكه فليس فيها تعد فأشبهت السماوي بخلاف جناية الأجنبي (وإلا) يعد لهيأته في جناية الأجنبي أخذ منه أرشًا أم لا (فبنسبة نقصه) أي يأخذ ويحاصص بنسبة ما نقصت

ــ

(ونقض المحاصة إن ردت بعيب) قول ز وقوله بعيب أي قديم الخ فيه نظر بل يشمل القديم والحادث عند المشتري إذا رضي به البائع بعد الرد به والذي حمله على تخصيصه بالقديم توهمه تكرارها مع التي بعدها مع أنه لا تكرار لأن هذه وقع فيها من المفلس بيع ثم ردت عليه والتي بعدها وهي قوله وردها الخ لم يقع فيها بيع (وردها والمحاصة بعيب) الظاهر حمله على تركها للغرماء قبل أخذها وأما حمل الأخذ على الحقيقي كما في ز فقد اعترضه ابن عاشر بأنه إذا جنى على السلعة المشتري أو الأجنبي وعادت لهيئتها ثم أخذها بها فلا وجه لردها اهـ.

وأصله للقاني (وعاد لهيئته) راجع لقوله لم يأخذ أرشًا أو أخذه وقوله وإلا أي وإن لم يعد سواء أخذ أرشًا أم لا هذا محصل ما في ضيح وقرره ز واللقاني وابن عاشر فلو حذف المصنف لم يأخذ أرشًا أو أخذه لكان أخصر وقول ز واستشكل قوله أو أخذه وعاد الخ نحوه في خش واعترض عليهما بأنه لا فائدة في هذا البحث لأن قول المصنف أخذه وعاد معناه مع عوده أو والحالة أنه قد عاد والبحث مبني على أن الواو ترتب وهو ضعيف قلت بل فائدة

ص: 510

قيمة بسبب الجناية عن قيمته سالمًا من الثمن إن شاء وإن شاء ردها وحاصص بجميع الثمن فعلم من المصنف إن له في الفروع الأربع التي قبل وإلا ردها والمحاصة بجميع الثمن وله أخذها بجميع الثمن ولا أرش له خلافًا للشارح واستشكل قوله: أو أخذه وعاد لهيئته بأنه لا يؤخذ عقل جرح إلا بعد البرء وأجيب بأن ذلك يتصور في الجراحات الأربع فإن فيها ما قدره الشرع برئت على شين أو على غير شين (و) لمن وجد سلعته باقية عند المفلس وكان قد قبض قبل التفليس بعض ثمنها ولو أكثره (رد بعض ثمن قبض وأخذها) بعد التفليس وله تركها والمحاصة بما بقي من ثمنها وهذا إن اتحد المبيع (و) أما إن تعدد وفات بعضه فله (أخذ بعضه) الباقي مع رد ما يخصه مما قبض (وحاص بالفائت) أي بما ينوبه كان الفائت مقومًا أو مثليًّا وجه الصفقة أم لا ويقول يوم الأخذ كما لو باع عبدين بعشرين دينارًا واقتضى من ثمنهما عشرة وباع المشتري أحدهما وبقي الآخر عنده وفلس وأراد البائع أخذ العبد الباقي منهما فليس له أخذه إلا أن يرد من العشرة التي اقتضاها خمسة لأن العشرة الأولى كانت مفضوضة عليهما وهذا إن كانت قيمتهما متساوية والأفض العشرة المقتضاة عليهما ورد حصة الباقي وإن شاء حاصص بباقي ثمنه ولا يأخذ ما بقي من المبيع ومحل أخذ بعضه إن لم يفده غرماء المفلس بما لهم كما قدم المصنف وهل يختصون به عنه إلى مبلغ فدائه ولا دخول له بثمن الفائت أولًا يختصون به بل يحاصص فيه لأن ما فدوه به سلف في ذمة المفلس قولان مرجحان وشبه في أخذ البعض والمحاصة بالفائت قوله: (كبيع أم) عاقلة أو غيرها (ولدت) أي أن من اشترى أمة أو دابة بدين فولدت عنده كانت حاملًا وقت الشراء أم لا ثم باعها وأبقى ولدها غير عاقلة مطلقًا أو عاقلة وأثغر أو رضيت بالتفرقة ثم فلس فلربها أخذ الولد بما ينوبه من الثمن ويحاصص بما ينوب الأم من الثمن ووجه ذلك فيما إذا اشتراها غير حامل أن الأخذ نقض للبيع فكأنها ولدت في ملك البائع وله تركه والمحاصة بجميع الثمن وأمّا إن كان الولد موجودًا معها يوم البيع فهي مما تعدد فيه المعقود عليه فلا فرق بين بيع أحدهما أو موته وتدخل حينئذٍ في قوله: وأخذ بعضه وتعتبر قيمة الولد على هيئته الآن بتقدير وجوده يوم البيع وقيمة الأم يوم البيع لا يوم الحكم خلافًا لد وكيفية التقويم أن يقال ما قيمة الأم يوم بيعها

ــ

البحث المذكور أنه إذا كان لا يعقل الجرح إلا أن برئ على شين فلا يتصور العقل إذا عاد لهيئته لا قبل عوده ولا بعده والجواب ظاهر (ورد بعض ثمن قبض) قول ز وهذا إن اتحد المبيع الخ بل سواء اتحد المبيع أو تعدد وليس قوله وأخذ بعضه قسيمًا لهذا كما زعمه بل هي مسألة مستقلة (وحاص بالفائت) قول ز قولان مرجحان الخ عبارة ح ولا يكونون أحق بقدر الفداء على الأرجح قاله في الشامل وظاهر ضيح ترجيح الثاني اهـ.

(كبيع أم ولدت) قول ز فيكون لكل واحد من الثمن بنسبة المائة الخ صوابه فيكون لكل واحد من الثمن بنسبة قيمته إلى مجموع المائة والخمسين وقوله فإذا كان ثمن الولد مائة الخ

ص: 511

للمفلس فإذا قيل أربعون قيل وما قيمة الولد يوم البيع على هيئته الآن فإذا قيل عشرون حاصص بثلثي الثمن قليلًا كان أو كثيرًا لأنه تنسب العشرون والأربعون إلى مجموع الأربعين والعشرين فتكون العشرون ثلثًا والأربعون ثلثين وتقويم الأم أولًا فرض مسألة إذ العكس كذلك والظاهر ما ذكر ولو كانت قيمتها تزيد على الثمن كما إذا كانت قيمتهما مائة وخمسين والثمن مائة فيفض الثمن على القيمتين فيكون لكل واحد من الثمن بنسبة المائة إلى المائة والخمسين فإذا كان ثمن الولد مائة يكون له ثلثاها ولا يقال يلزم أخذه أكثر مما باع به الأم لأنه يقدر كما مر أن الولد حدث عند البائع لأن الأخذ للمفلس نقض للبيع ولأن المعتبر التقويم وأما زيادة الثمن فكتغير سوق (وإن مات أحدهما) أي الأم أو الولد بغير قتل (أو باع الولد) وأولى هبته أو عتقه لأنه لم يأخذ فيه عوضًا ثم فلس (فلا حصة) للميت منهما ولا للولد المبيع تل أما أخذ الباقي بجميع الثمن أو تركه وحاصص الثمن والفرق بين بيع الأم وبين بيع الولد إنه إذا حدث عند المشتري كعيب سماوي فات وتقدم إنه لا يحاصص بأرشه وإذا اشتراها حاملًا به كالغلة التي يفوز بها المفلس وبهذا يجاب عن توقف سحنون في ذلك وعن قول ابن رشد واللخمي القياس في بيعهما وموتهما سواء كما نقل تت فلو وجدهما معًا أخذهما لأن الولد ليس بغلة على المشهور فلا يأخذه المشتري والفرق بين موت الأم وبيعها إنه أخذ لها ثمنًا في البيع فإن قتل أحدهما وأخذ له عقلًا وبقي الآخر فكالبيع في تفصيله وإن لم يأخذ له عقلًا فكالموت قاله ابن حبيب وقوله: فكالموت أي فليس له أخذ الموجود إلا بجميع الثمن ولعل قوله: وإن لم يأخذ عقلًا محمول على ما إذا لم يأخذه لعجزه وأما أن تركه مع قدرته فهو بمنزلة أخذه (وأخذ) المفلس (الثمرة) غير المؤبرة حين شراء أصلها التي جدها أي فاز بها إذا أخذ البائع الشجر وكذا إن جز الصوف غير التام فإن لم تجد لم يأخذها ويرجع بسقيه وعلاجه وظاهره ولو زاد على قيمة الثمرة (و) أخذ (الغلة) كمال العبد الحادث بعد الشراء حيث انتزعه أو لم ينتزعه وفداه الغرماء وكاللبن أن حلبه وإلا فللبائع وأما غلة الدور فيفوز بها المفلس مطلقًا أخذت أم لا وكذا غلة الحيوان غير اللبن والصوف (إلا صوفًا تم) يوم الشراء للغنم (أو ثمرة مؤبرة) يوم شرائه لأصلها ثم فلس المشتري فيأخذ البائع غَنَمَه مع

ــ

صوابه فإذا كانت قيمة الولد مائة (إلا صوفًا تم أو ثمرة مؤبرة) قولًا ز جز الصوف أم لا الخ هذا قول ابن القاسم في المدونة قال ابن رشد ولغير ابن القاسم وهو أشهب في التفليس من المدونة أن الصوف إذا جزه المشتري غلة ليس للبائع إلا أن يأخذها أي الغنم مجزوزة بجميع الثمن أو يتركها ويحاصص الغرماء وأما إن اشترى الغنم ولا صوف عليه ثم فلس فالصوف تبع للغنم ما لم يجز فإن جز كان غلة ولا اختلاف في هذا اهـ.

وقال في الأول على قول ابن القاسم أن البائع يؤدي ثمن جزازه وقول ز وأما إن جزها عن أصولها فإنه لا يأخذها الخ محل هذا في الثمرة إذا لم تكن يوم البيع قد طابت وإلا

ص: 512

صوفها لأن كلا منهما كسلعة ثانية جز الصوف أم لا فيأخذه البائع إن كان قائمًا مع جزه فإن فات حاصص الغرماء بثمنه وكذا الثمرة إن لم يجدها المفلس فيأخذها مع أصلها لأنها حينئذٍ مقصودة ولها حصة من الثمن وأما إن جزها عن أصولها فإنه لا يأخذها ولو كانت قائمة بعينها المازري وهو المشهور ولكن يحاصص بما يخصها من الثمن والفرق أن الصوف لما كان تامًّا يوم البيع كان مستقلًا بنفسه إذ يجوز بيعه منفردًا عن أصله فلا يفيته على البائع إلا ذهاب عينه لا مجرد جزه والثمرة المؤبرة يوم البيع لم تكن مستقلة إذ لا يجوز بيعها منفردة عن أصلها فجذاذها يفيتها على البائع ثم إن الاستثناء إن كان من قوله: والغلة فمنقطع وإن كان من ذلك ومن قوله: الثمرة فمنقطع في الأول ومتصل في الثاني كما في د (وأخذ المكري دابته وأرضه) من مكتريهما وحبيبة وفلس قبل استيفاء منفعتهما وقوله: أخذ أي له أخذه لقوله: وللغريم أخذ عين ماله المحاز عنه في الفلس وإن شاء حاصص لحلوله لقوله: فيما مر ولو دين كراء وله أخذ الدابة والأرض في الفلس وحاصص بباقي الكراء الماضي لا في الموت فلا يأخذهما حتى تنقضي مدة الوجيبة ولكن يحاصص بكرائهما حالًا كما تقدم وبهذا تعلم أنه لا منافاة بين ما هنا وبين ما قدمه في قوله: ولو دين كراء وإيضاحه أن ما هنا في الفلس خاصة مع إرادة أخذ عين شيئه وما مر فيه وفي الموت مع إرادة المحاصة لا مع إرادة الأخذ في الفلس قال د قوله: وأخذ المكري الخ قد يقال هذا معارض لما من من أن دين الكراء يحل بالموت والفلس لأنه إذا حل كان الحق في المنفعة للغرماء وليس له أخذ ما أكراه وقد جعل له هنا الأخذ والجواب أن الحكم بالحلول مقتض لثبوت الحق للغرماء وثمرة الحكم بالحلول تظهر فيما إذا أراد أخذ الثمن اهـ.

(وقدم) صاحب الأرض بكرائها (في زرعها في الفلس) للمكتري لعامه ولا عوام

ــ

فيأخذها ولو جذها كالصوف كما صرح به ابن رشد في رسم سلف دينارًا من سماع عيسى ونصه بعد ما تقدم عنه وأما إن اشترى الأصول وفيها ثمرة قد طابت ثم فلس فالبائع أحق بالنخل والثمرة وإن جذت ما كانت قائمة كمشتري سلعتين ولا خلاف في هذا بين ابن القاسم وأشهب والفرق عند أشهب بين هذه المسألة وبين الغنم تشتري وعليها صوفها إن الصوف لما كان يدخل في البيع وإن لم يشترط كان في حكم التبع لها كالأصول تشتري بثمرتها قبل الإبار وأما إن اشترى الأصول ولا ثمرة فيها أو فيها ثمرة لم تؤبر ثم فلس ففي ذلك أربعة أقوال ثم قال الرابع أنه أحق بها ما لم تجد وهو نص ما في المدونة وأما إذا اشترى الأصول وفيها ثمرة قد أبرت ولم تطب ثم فلس ففي ذلك ثلاثة أقوال ثم قال الثالث أنه أحق بها ما لم تجذ أي فإن جذت تركها البائع وحاصص بما يخصها من الثمن وهو قوله في المدونة فسواء على مذهب ما في المدونة اشترى الأصول ولا ثمرة فيها أو اشتراها وفيها ثمرة لم تؤبر أو اشتراها وفيها قد أبرت ولم تطب إذا فلس فالبائع أحق بالثمرة ما لم تجذ فهذا تحصيل القول في هذه المسألة اهـ.

(وقدم في زرعها في الفلس) قول ز واستشكل تقديمه في زرعها الخ أجاب الشيخ مس

ص: 513

قبله ولما بعده حيث لم يأخذ أرضه وسواء جذ الزرع أم لا وأما في الموت فهو والساقي أسوة الغرماء ويقدم عليهما المرتهن في الموت ومثل الزرع الغرس وكذا البناء كما يفيده قول ابن يونس لأن الأرض لما كانت مستمرة للزرع فكان ربها باعه أيضًا واستشكل تقديمه في زرعها بتأديته إلى كراء الأرض بما تنبته أو بالطعام لأن ما يؤخذ عن الكراء بمنزلة لواقع به ابتداء وأجيب بأنه أمر جر إليه الحال والمحل محل ضرورة (ثم) إن استوفى كراءه يليه فيما بقي من الزرع (ساقيه) أي الأجير على سقيه بأجرة معلومة إذ لولاه ما انتفع بالزرع لا عامل المساقاة لأنه يأخذ حصته دون رب الأرض وغيره في الموت والفلس لأنه شريك فيهما (ثم) يلي رب الأرض والساقي (مرتهنه) أي الزرع فيما فضل منه بعد اللذين تقدما يقدم على باقي الغرماء في الفلس ثم إن فضل شيء للغرماء وقدم رب الأرض والساقي على المرتهن لأن الزرع إنما نشأ عن مال هذا وعمل هذا فكأنا أخص في الحوز وصاحب الحوز الأخص مقدم على صاحب الحوز لأعم كما لو وقعت سمكة في حجر إنسان في مركب فإنه يكون أحق بها من صاحب المركب وتقدم أن المرتهن يقدم على الساقي ورب الأرض في الموت وقولي وقدم في الفلس لعامه ولا عوام قبله الخ هو لجمع وقرره بعضهم بأنه يقدم في السنة المزروعة فقط كما هو ظاهر قوله: في زرعها وأما في السنين الماضية فهو فيها أسوة الغرماء وله أن يفسخ في المستقبلة فصارت المنافع ثلاثة اهـ.

(والصانع أحق) من بقية الغرماء في فلس من استصنعه بل (ولو بموت) له (بما بيده) من مصنوعه حتى يستوفي أجرته منه لأن كونه تحت يده كالرهن فهو أحق به فلسًا وموتًا ولا يكون شريكًا أضاف لصنعته شيئًا أم لا بدليل تفصيله فيما لم يكن بيده وشمل قوله: بيده جميع مصنوعه وبعضه فله حبسه في أجرة ما بيده وما رده لربه إن كان الجميع بعقد واحد ولم يسم لكل قدرًا فإن كان كل واحد بعقد أو اتحد ولكن سمى لكل واحد قدرًا لم يحبس واحدًا عن أجرة غيره (وإلا) يكن مصنوعه بيده بل أسلمه لربه أو لم يحزه من أصله كبناء (فلا) يكون أحق به بل أسوة الغرماء فلسًا وموتًا (إن لم يضف لصنعته شيئًا)

ــ

بأن معنى تقديم رب الأرض في زرعها إن زرعها يكون رهنًا بيده فيباع ويأخذ من ثمنه الكراء فلا يلزم كراء الأرض بما يخرج منها اهـ.

وهو ظاهر فلا حاجة لجواب ز فتأمله (ثم مرتهنه) قول ز لأن الزرع إنما نشأ عن مال هذا الخ هذا التوجيه ذكره في ضيح للقول بأن صاحب الأرض مقدم في الموت والفلس الخ ولذا اعتبر الجواز لأن المقرر أن الشيء الذي لم يخرج عن اليد يقدم من هو يزيده في الموت والفلس وأما على المشهور هنا أنه يقدم صاحب الأرض والساقي في الفلس فقط فلا يأتي هذا التوجيه إذ لا بعتبر الحوز وهو ظاهر فتأمله منصفًا قاله طفى (والصانع أحق الخ) محل هذا إن وقع الفلس بعد العمل أما إن فلس ربه قبل العمل فقال في ضيح يخير الصانع بين أن يعمل ويحاصص أو يفسخ الإجارة اهـ.

ص: 514

كخياط وصائغ وقصار وبناء واستثنى مما لم يضف لها شيئًا قوله: (إلا النسج فكالمزيد) أي فالنسج كالمضاف المزيد في الصنعة أي حكمه حكم من أضاف لصنعته شيئًا من عنده كصباغ يصبغ الثوب بصبغه وفراء يرقع الفراء برقاعه وصقال يجعل حوائج السيف من عنده وبين حكم المزيد استئنافًا بيانيًّا ولذا جرده من العاطف جواب سؤال تقديره وما حكم المزيد فقال: (يشارك) في الفلس فقط كما يفيده الشارح (بقيمته) يوم الحكم ولو نقض الثوب قال د بأن يقال: ما قيمة الغزل أي مثلًا وما قيمة صنعته ولا يقال ما قيمته مصنوعًا لأن الصانع ليس له إلا الصنعة فلا يقوم إلا صنعته ولو قوم بجملته ربما زاد ذلك فيأخذ زيادة على حقه اهـ.

فإذا كانت قيمة الصبغ خمسة دراهم وقيمة الثوب أبيض عشرة كان لصاحب الصبغ ثلث الثوب وللغرماء ثلثاه ووجه اختصاص ذلك بالفلس إنه لما كان له فيه أخذ عين شيئه ولا يمكنه هنا شارك بقيمته وأما في الموت فليس له أخذ عين شيئه فلذا كان أسوة الغرماء وما ذكره من أن النسج كالمزيد ضعيف والمذهب إنه ليس مثله بل كعمل اليد كما إن المزيد حقيقة في الموت كعمل اليد يحاصص فيه ثم موضوع المصنف في النسج إنه استأجر المفلس من ينسج له غزلًا وأما من باع غزلًا فوجده منسوجًا عند المشتري المفلس فإنه يكون شريكًا أيضًا قطعًا ولا يكون هو ولا بناء العرصة فوتًا على الراجح (والمكتري) دابة رجل انتقد كراءها ثم فلس ربها أو مات أحق (بالمعينة) عند عقد الكراء أي بمنفعتها قبضت أم لا لقيام تعيينها مقام قبضها حتى يستوفي منها ما نقده في عقده فإذا استوفى بيعت لدين الغرماء وفهم بعض شيوخنا إنه يكون أحق بالدابة فتباع له وهو غير ظاهر قاله د (و) أحق (بغيرها) أي المعينة (أن قبضت) أي كانت مقبوضة بيد المكتري حين التفليس أو الموت فقبضها بعدهما لا يكون أحق بها وعبارته لا تصرح بالمراد لأن قوله: أن قبضت شامل لما إذا قبضت ردت لربها وحين التفليس كانت بيد ربها مع أن

ــ

(إلا النسج فكالمزيد) بعد أن نقل في ضيح عن البيان أن المشهور في الصانع إذا أسلم السلعة أن يفرق فيه بين أن يضيف فيها لصنعته شيئًا من عنده أم لا ونقل نحوه عن المازري قال فإن قيل هذا يقتضي أن نسج الثوب لا يكون به الصانع شريكًا لأنه لم يخرج من عنده شيئًا والمصنف أي ابن الحاجب قد جعل النساج كالصباغ قيل النساج وشبهه مستثنى عند ابن القاسم من مسألة الصانع الذي لم يخرج شيئًا ويلحق بما إذا أضاف للصنعة شيئًا اهـ.

وتعقبه ق بأنه نص ابن شاس أن النساج كالصباغ وأن الذي نص عليه ابن رشد في النساج خلافه ونصها ابن رشد إن كان الصانع قد عمل الصنعة ورد المصنوع لصاحبه فإن لم يكن للصانع فيها إلا عمل يده كالخياط والقصار والنساج فالمشهور أنه أسوة الغرماء اهـ.

(يشارك بقيمته) أي يشارك بقيمة ما زاد من عنده لا بالعمل ونص ابن عرفة وعلى سماع عيسى وهو المشهور لا يكون أحق إلا بقيمة ما أخرج وقيمة عمله يكون بها أسوة الغرماء اهـ.

ص: 515

المكتري ليس أحق بها في هذه الحالة انظر د ولا يقال المبالغة تدل على المراد من غير تأويل بما ذكر لأنا نقول لا يلزم من الإدارة أن تكون بيده وقت التمليس (ولو أديرت) أي كان ربها يدير الدواب تحت المكتري وفرق ابن يونس بينها وبين كون الراعي ليس أحق بالغنم بأن الراعي لم يتعلق له حق بعين الدواب بل بذمة المكتري ومكتري الدابة تعلق حقه بقبضها واستيلائه عليها بركوب أو حمل وذكر عكس التي قبلها بقوله: (وربها) أي الدابة ومثلها السفينة أحق (بالمحمول) عليها من متاع المكتري في فلسه أو موته يأخذه في أجرة دابته وكذا سفينته (وإن لم يكن) ربها (معها ما) دام المتاع بيده (لم يقبضه ربه) المكتري المفلس قبض تسلم فربها أحق حال نزول الأحمال في المنهل ونحوه فإن قبضه قبض تسلم فربها أسوة الغرماء في الموت والفلس ما لم يقم بالقرب فإن قام بالقرب فرب الدابة أحق بالأمتعة مع قبض ربها لها كما يأتي في باب الإجارة عند قوله: إلا لطول فلمكتريه بيمين والفرق بين هذه وبين قوله وذي حانوت فيما به إنه لما كان الحمل من محل لآخر مظنة التنمية كان لفعلها تأثير في المحمول غالبًا فكان بمنزلة الزيادة بخلاف الحانوت والفرق بين كون هذا أحق في الموت والفلس وبين قوله: وقدم في زرعها في الفلس أن ظهور الزرع أدنى ظهور ينتفع به ولو لعلف بهيمة والحمل من محل لآخر متضمن لتنمية زائدة للمحمول فلذا كان أحق به فلسًا وموتًا (وفي كون المشتري) لسلعة (أحق بالسلعة) التي اشتراها فاسد أو دفع ثمنها للبائع أو أخذها عن دين له في ذمة بائعها ثم فلس ذلك البائع قبل فسخ البيع حيث (يفسخ) عقد شراء السلعة أي يستحق الفسخ شرعًا بعد التفليس (لفساد البيع) والسلعة قائمة بيد البائع أو المشتري وفات ثمنها أو كان لا يعرف بعينه وكذا يكون أحق بها في الموت على هذا القول إلى أن يستوفي ثمنه (أولًا) يكون أحق بها بل هو أسوة الغرماء لأنه أخذها عن شيء لم يتم (أو) يكون أحق بها (في) الثمن (النقد) المدفوع لربها لا فيما إذا أخذت عن دين عنده وليس المحترز أخذت بمؤجل إذ ليس للمشتري به شيء يكون أحق بالسلعة فيه (أقوال) أرجحها أولها فكان حقه

ــ

وأصله لابن رشد ومثله في ضيح وقول ز وأما من باع غزلًا الخ ظاهر ما في ضيح وق وابن عرفة أن المشتري في هذه شريك سواء أضاف للصنعة شيئًا من عنده أم لا بخلاف الصانع (ما لم يقبضه ربه) قول ز ما لم يقم بالقرب الخ ظاهر ضيح وغيره أن ربها أسوة الغرماء قام بالقرب أم لا وهو ظاهر والقياس على ما يأتي في الإجارة لا يصح لأن ما يأتي إنما هو في الاختلاف في قبض الأجرة وعدمه ولا يلزم من قبول قول الجمال فيما قرب أن يكون له حكم الحوز فتأمله (أو في النقد) ما شرحه به ز هو الظاهر وهو الذي يفهم من ضيح ومن عبارة النوادر التي نقلها ابن عرفة وأما فهم ابن عرفة منها فمشكل ونص ابن عرفة بعد الأقوال الثلاثة فإن قلت هل معنى الشراء إلى أجل في القول الثالث أن المؤجل هو الثمن أو السلعة قلت ظاهر لفظ ابن محرز الأول وظاهر نقل الشيخ في النوادر في آخر كلام ابن

ص: 516

الاقتصار عليه ومحلها إذا لم يطلع على الفساد إلا بعد الفلس كما مر وأما لو اطلع عليه قبله فهو أحق بها باتفاق وفي دخول مفهوم القول الثالث في كلامه تجوز لجعله موضوعها قوله المشتري وإن مات البائع أو فاتت السلعة بيد المشتري وتعذر أخذ ثمنها لفواته أو كونه لا يعرف بعينه فأسوة الغرماء ولو لم يفت وعرف بعينه أخذه في الموت والفلس كما أشار له بقوله: (وهو) أي مشتري السلعة شراء فاسدًا (أحق بثمنه) بقيت السلعة أو فاتت والبيع فاسد فهي من تتمة ما قبلها فهذا تقييد لمحل الأقوال فلا يقال قد تقدم ما يغني عن هذا من أحقية المشتري بثمنه في ذلك لأن الأحقية هناك في الفلس فقط وإنما كان هنا أحق مطلقًا لأن البيع لما كان فاسدًا أشبه الوديعة فلذلك اختص به مطلقًا انظر د (و) أحق (بالسلعة أن بيعت بسلعة) أخرى (واستحقت) السلعة المأخوذة من المفلس فقوله: واستحقت حال كما في د من النكرة قبلها وسوغ مجيئها منها وصفها المقدر بأخرى أي ورب السلعة أحق بسلعته في الموت والفلس أن بيعت بسلعة واستحقت من يده فضمير بيعت للسلعة المبيعة التي بيد المفلس وضمير استحقت للسلعة المأخوذة عوض التي بيد المفلس وهي سلعة المفلس اهـ.

وسواء كان البيع فاسدًا أو صحيحًا كما في النقل لأن البيع وقع بشيء معين وتعذر أخذه وما كان كذلك يفسخ فيه البيع ولا يخالف أخذها ها هنا في الموت قوله وللغريم أخذ عين ماله المحاز عنه في الفلس لا الموت لأن البيع وقع على معين فباستحقاقه انفسخ البيع فوجب رجوعه في عين شيئه مطلقًا وبعوضه إن فات بخلاف مسألة الفلس فإن البيع فيها وقع على ثمن لم يتعين كالدنانير وهذه المسألة من أفراد قوله وفي عرض بعرض بما خرج من يده الخ وذكر ها هنا البيان أنه يحاصص بعوضها إذا لم يمكن الرجوع فيها وليس له أخذ جميع عوضها (وقضى) على رب دين اقتضاه (بأخذ المدين الوثيقة) مخصومًا عليها لئلا يدعي رب الدين سقوطها منه فيقبل كما يذكره قريبًا أو يخرج صورتها من السجل حيث كان لها سجل كما في عرف مصر ويدعي بما أخرجه وقيل لا يقضى عليه بدفعها ولو مخصومًا عليها لئلا يخفيها المدين ويدعي أن ما دفعه له سلف (أو تقطيعها) حيث لا سجل لها وإلا قضى بأخذها مخصومًا عليها لئلا يخرج غيرها قال

ــ

الماجشون الثاني قال عن ابن الماجشون ما نصه إن باعها بنقد فمبتاعها أحق بثمنها حتى يستوفي حقه وإن أخذها بدين دخل معه الغرماء في ثمنها لأنه كان له دين كدينهم فرجع إلى ما كان قلت فظاهر قوله لأنه كان له دين كدينهم نص في أن ثمنه كان له دينًا على المفلس وهذا لا يتقرر إلا والسلعة مؤخرة اهـ.

فتأمله وقول ز وإن مات البائع أو فات السلعة الخ هذا الكلام كله غير محرر فتأمله (وهو أحق بثمنه الخ) لو قال المصنف وهو أحق بثمنه مطلقًا كالسلعة إن بيعت بسلعة الخ كان أولى (وقضى بأخذ المدين الوثيقة) وقيل يكتب على ظهرها وتبقى بيد ربها وعليه العمل كما

ص: 517

صاحب التكملة ومن الحزم تقطيعها وكتابة براءة بينهما لمنفعة المدين المتقدمة ونفع رب الدين باحتمال موت بينته فيدعي المدين أن ما دفعه له كان سلفًا ومن الحزم في عقد البراءة أن يشهد عليهما معًا أو يكتب نسختين مع تقطيع الوثيقة اهـ.

(لا صداق) أي لا يقضى لزوج ولا لمطلق ولا لورثته إن مات بأخذ وثيقته إذا (قضى) ما فيها لا بتقطيعها بل تبقى مخصومًا عليها لأن في بقائها عند الزوجة وأوليائها منفعة بسبب الشروط التي فيها وكذا في لحوق النسب إذا اختلفا في الولد حيث كتبت حال العقد ولو ماتت الزوجة لمراعاة أهلها صداق أختها الشقيقة أو لأب بصداقها وكذا لها نفع في بقائها إذ لا يعلم انقضاء عدتها لا منه وسواء كانت مدخولًا بها أم لا ومات الزوج والتعليل المذكور محمول على ما إذا كتب تاريخ الطلاق على ظهر عقد الصداق (ولربها) أي الوثيقة (ردها) من المدين إن وجدت عنده وادعى القضاء (إن ادعى) ربها (سقوطها) أو سرقتها أو غصبها منه وعليه دفع ما فيها أن حلف ربه على بقائه إذ الأصل في كل ما كان بالإشهاد بأن عليه أن لا يبرأ منه إلا بإشهاد بالبراءة منه بدفعه أو بهبته له أو نحو ذلك (و) قضى (الراهن) مع يمينه وجد (بيده رهنه بدفع الدين) أي بأنه دفعه للمرتهن ولم يصدقه بل ادعى سقوطه أو إعارته له أو سرقته ويبرأ منه الراهن إن قام المرتهن بعد طول كعشرة أيام فيما يظهر فإن قام بالقرب فالقول للمرتهن بلا خلاف كما في ح والفرق بين الرهن والوثيقة ندور سقوط الرهن بالنسبة لسقوط الوثيقة إذ الاعتناء بحفظ الرهن أشد من الاعتناء بحفظ الوثيقة وشبه بما تضمنه قوله ولراهن الخ وهو لا شيء للمرتهن قوله: (كوثيقة زعم ربها سقوطها) أي من ادعى على آخر بدين وزعم أن له وثيقة وأنها سقطت أو تلفت ولم توجد بيد أحد فليس له على المدعى عليه غير اليمين ولا يخالف هذه قوله ولربها ردها الخ لوجود الوثيقة بيد المدين فيها بخلاف هذه واستأنف جملة لا أنها حالية

ــ

في ح عن ابن عبد السلام وهو الذي نقله تت عن الخضراوي وهو ابن القاسم الجزيري (ولراهن بيده رهنه) قول ز ادعى سقوطه أو إعارته له أو سرقته الخ في تسويته بين دعوى الإعارة وغيرها نظر بل التفصيل إنما هو من غير الإعارة انظر ح وغيره (كوثيقة زعم ربها سقوطها) الظاهر ما حمل عليه صاحب التكملة وهو ما إذا زعم رب الدين سقوط الوثيقة وادّعى المدين القضاء فإن القول للمدين مع يمينه وهذا ظاهر التشبيه في كلام المصنف فيكون فقد الوثيقة من يدرب الدين شاهدًا للمدين يحلف معه وعارضها غ بقوله قبل ولربها ردّها وفرق بينهما بعض بأنه في الأولى لما وجدت الوثيقة بيد المدين غير مخصوم عليها كذبه العرف وهو أن الدين لا يقضى إلا بكتب القضاء على الوثيقة بخلاف هذه وهذا الحمل هو الذي ارتضاه طفى واحتج له بكلام الكافي ونص المتيطي عن الكافي إذا كتب الشاهد الوثيقة وطولب بها وزعم المشهود عليه أنه قد أدى ذلك الحق لم يشهد الشاهد حتى يؤتى بالكتاب الذي فيه شهادته بخطه لأن الذي عليه أكثر الناس أخذ الوثائق إذا أدّوا الديون اهـ.

ص: 518

مما قبلها قوله: (ولم يشهد) أي لا يجوز أن يشهد (شاهدها) أو شاهداها أي وثيقة الدين بما فيها (إلا بها) يعني أن رب الدين إذا قبض من المدين شيئًا ثم ادعى أن ذلك بعض حقه وأنه قد ضاعت منه الوثيقة وادعى المدين أن ذلك جميع حقه وطلب أي رب الدين أو المدين من الشاهدين الشهادة فليس لهما أن يشهدا إلا بعد حضورها وظاهره حفظًا ما يشهدان به أم لا قاله د ويصور المصنف أيضًا بدعوى ربها بما فيها وأنها أسقطت وأنكر المدين أن عليه دينًا أنه قضاه كما لصاحب التكملة لأن ادعاءه قضاءه يتضمن إقراره به وعليه إثبات رده فلا فائدة لشهادة الشاهد.

ــ

نقله غ وغيره قلت مضمن كلام الكافي أن الشاهد في هذه المسألة لا يشهد ويفهم منه أن القول للمدين إذ لو كان مؤاخذًا بإقراره لم يكن لمنع شهادة الشاهد فائدة لموافقتها للإقرار فصح الاستدلال به خلافًا لمن منع كونه حجة وإذا صح حمل المصنف على ظاهره لم يحتج لما حمله عليه ز تبعًا لعج من عدم دعوى المدين القضاء لقلة جدواه والله تعالى أعلم.

ص: 519