الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ السَّبَقِ]
ِ قَوْلُهُ (يَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الدَّوَابِّ، وَالْأَقْدَامِ، وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَالسُّفُنِ، وَالْمَزَارِيقِ وَغَيْرِهَا) . يَعْنِي يَجُوزُ ذَلِكَ بِلَا عِوَضٍ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: يَجُوزُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا بِالْحَمَامِ. وَقِيلَ: لَا بِالْحَمَامِ وَالطَّيْرِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَصِحُّ السَّبَقُ بِلَا عِوَضٍ عَلَى أَقْدَامٍ، وَبِغَالٍ، وَحَمِيرٍ. وَقِيلَ: وَبَقَرٍ، وَغَنَمٍ، وَطُيُورٍ، وَرِمَاحٍ، وَحِرَابٍ، وَمَزَارِيقَ، وَشُخُوتٍ، وَمَنَاجِيقٍ، وَرَمْيِ أَحْجَارٍ، وَسُفُنٍ، وَمَقَالِيعَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَفِي الطُّيُورِ وَجْهَانِ. وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَرِهَ أَبُو بَكْرٍ الرَّمْيَ عَنْ قَوْسٍ فَارِسِيَّةٍ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ. فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: فِي كَرَاهَةِ لَعِبٍ غَيْرِ مُعِينٍ عَلَى عَدُوٍّ: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: الْأَوْلَى الْكَرَاهَةُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ قَصْدٌ حَسَنٌ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَكُلُّ مَا يُسَمَّى لَعِبًا مَكْرُوهٌ، إلَّا مَا كَانَ مُعِينًا عَلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ فِي الْوَسِيلَةِ: يُكْرَهُ الرَّقْصُ وَاللَّعِبُ كُلُّهُ، وَمَجَالِسُ الشَّعْرِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ لَعِبُهُ بِأُرْجُوحَةٍ وَنَحْوِهَا.
وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ اللَّعِبِ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ فِي النَّصِيحَةِ: مَنْ وَثَبَ وَثْبَةً مَرِحًا وَلَعِبًا بِلَا نَفْعٍ، فَانْقَلَبَ، فَذَهَبَ عَقْلُهُ: عَصَى. وَقَضَى الصَّلَاةَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يَجُوزُ مَا قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِلَا مَضَرَّةٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ الْمَعْرُوفُ بِالطَّابِ وَالنَّقِيلَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا: كُلُّ فِعْلٍ أَفْضَى إلَى مُحَرَّمٍ كَثِيرًا: حَرَّمَهُ الشَّارِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ. لِأَنَّهُ يَكُونُ سَبَبًا لِلشَّرِّ وَالْفَسَادِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَمَا أَلْهَى وَشَغَلَ عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ: فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُحَرَّمْ جِنْسُهُ. كَبَيْعٍ وَتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا.
الثَّانِيَةُ: يُسْتَحَبُّ اللَّعِبُ بِآلَةِ الْحَرْبِ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالثِّقَاف. نَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَعَلَّمَ بِسَيْفٍ حَدِيدٍ، بَلْ بِسَيْفٍ خَشَبٍ. وَلَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمِ: تَأْدِيبُ فَرَسِهِ، وَمُلَاعَبَةُ أَهْلِهِ، وَرَمْيُهُ عَنْ قَوْسِهِ. لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَجُوزُ الصِّرَاعُ، وَرَفْعُ الْحِجَارَةِ، لِيُعْرَفَ الْأَشَدُّ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ بِعِوَضٍ إلَّا فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالسِّهَامِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا وَجْهًا: يَجُوزُ بِعِوَضٍ فِي الطَّيْرِ الْمُعَدَّةِ لِأَخْبَارِ الْأَعْدَاءِ انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي النَّظْمِ وَجْهًا بَعِيدًا يَجُوزُ بِعِوَضٍ فِي الْفِيَلَةِ. وَقَدْ «صَارَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رُكَانَةَ عَلَى شَاةٍ. فَصَرَعَهُ ثُمَّ عَادَ مِرَارًا فَصَرَعَهُ. فَأَسْلَمَ. فَرَدَّ عَلَيْهِ غَنَمَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا وَغَيْرُهُ مَعَ الْكُفَّارِ: مِنْ جِنْسِ جِهَادِهِمْ. فَهُوَ فِي مَعْنَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ. فَإِنَّ جِنْسَهَا جِهَادٌ. وَهِيَ مَذْمُومَةٌ إذَا أُرِيدَ بِهَا الْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ وَالظُّلْمُ.
وَالصِّرَاعُ، وَالسَّبَقُ بِالْإِقْدَامِ وَنَحْوُهُمَا: طَاعَةٌ إذَا قُصِدَ بِهَا نَصْرُ الْإِسْلَامِ. وَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ أَخْذٌ بِالْحَقِّ. فَالْمُغَالَبَةُ الْجَائِزَةُ تَحِلُّ بِالْعِوَضِ إذَا كَانَتْ مِمَّا يُعِينُ عَلَى الدِّينِ، كَمَا فِي مُرَاهَنَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه. وَاخْتَارَ هَذَا كُلَّهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَذَكَرَ أَنَّهُ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَنَا، مُعْتَمِدًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَظَاهِرُهُ جَوَازُ الْمُرَاهَنَةِ بِعِوَضٍ فِي بَابِ الْعِلْمِ، لِقِيَامِ الدِّينِ بِالْجِهَادِ وَالْعِلْمِ. وَهَذَا ظَاهِرُ اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ. وَهُوَ حَسَنٌ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: السَّبَقُ يَخْتَصُّ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: الْحَافِرِ. فَيَعُمُّ كُلَّ ذِي حَافِرٍ، وَالْخُفِّ. فَيَعُمُّ كُلَّ ذِي خُفٍّ. وَالنَّصْلِ. فَيَخْتَصُّ بِالنِّشَابِ وَالنَّبْلِ. وَلَا يَصِحُّ السَّبَقُ وَالرَّمْيُ فِي غَيْرِهَا مَعَ الْجُعْلِ وَعَدَمِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. وَلِتَعْمِيمِهِ وَجْهٌ. وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ تَعْمِيمُ النَّصْلِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ فِي الشُّرُوطِ (أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الْمَرْكُوبِ) يَعْنِي بِالرُّؤْيَةِ (وَالرُّمَاةِ سَوَاءٌ كَانَا اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَتَيْنِ) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: فِي عَدَدِ الرُّمَاةِ وَجْهَانِ.
قَوْلُهُ (الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَرْكُوبَانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ. فَلَا يَجُوزُ بَيْنَ عَرَبِيٍّ وَهَجِينٍ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ. وَهُوَ وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي. ذَكَرَهُ فِي الْفَائِقِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَمَنْ تَابَعَهُ: وَيَتَخَرَّجُ الْجَوَازُ، بِنَاءً عَلَى تَسَاوِيهِمَا فِي السَّهْمِ وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَتَسَاوِيهِمَا فِي النَّجَابَةِ وَالْبَطَالَةِ وَتَكَافُئِهِمَا. قَوْلُهُ (وَلَا بَيْنَ قَوْسٍ عَرَبِيٍّ وَفَارِسِيٍّ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ (وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ) وَهُوَ وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ الرَّمْيُ بِالْقَوْسِ الْفَارِسِيَّةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَرِهَهُ أَبُو بَكْرٍ. كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ.
الثَّانِيَةُ: إذَا عَقَدَا النِّضَالَ، وَلَمْ يَذْكُرَا قَوْسًا: صَحَّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْقَاضِي. وَيَسْتَوِيَانِ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يَذْكُرَا نَوْعَ الْقَوْسِ الَّذِي يَرْمِيَانِ عَنْهُ فِي الِابْتِدَاءِ.
قَوْلُهُ (وَمَدَى الرَّمْيِ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ) . قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: يُعْرَفُ ذَلِكَ إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ بِالذِّرَاعِ، نَحْوُ مِائَةِ ذِرَاعٍ أَوْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ. وَمَا لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فَلَا يَصِحُّ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ مَا رَمَى فِي أَرْبَعِمِائَةِ ذِرَاعٍ، إلَّا عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
فَائِدَةٌ: لَا يَصِحُّ تُنَاضِلُهُمَا عَلَى أَنَّ السَّبَقَ لِأَبْعَدِهِمَا رَمْيًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ زَادَ فِي التَّرْغِيبِ: مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ. وَقِيلَ: يَصِحُّ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ. وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الرُّمَاةِ الْآنَ فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ. قَوْلُهُ (الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا مُبَاحًا) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنَّهُ تَمْلِيكٌ بِشَرْطِ سَبْقِهِ. فَلِهَذَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ: الْقِيَاسُ لَا يَصِحُّ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَخْرَجَا مَعًا: لَمْ يَجُزْ، إلَّا أَنْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ مُحَلِّلٍ. قَالَ: وَعَدَمُ الْمُحَلِّلِ أَوْلَى وَأَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ مِنْ كَوْنِ السَّبَقِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَأَبْلَغُ فِي تَحْصِيلِ مَقْصُودِ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَهُوَ بَيَانُ عَجْزِ الْآخَرِ، وَأَنَّ الْمَيْسِرَ وَالْقِمَارَ مِنْهُ لَمْ يَحْرُمْ لِمُجَرَّدِ الْمُخَاطَرَةِ. بَلْ لِأَنَّهُ أَكْلٌ لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ، أَوْ لِلْمُخَاطَرَةِ الْمُتَضَمَّنَةِ لَهُ. انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ. قَوْلُهُ (يُكَافِئُ فَرَسُهُ فَرَسَيْهِمَا، أَوْ بَعِيرُهُ بَعِيرَيْهِمَا، أَوْ رَمْيُهُ رَمْيَيْهِمَا. فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَحْرَزَ سَبَقَيْهِمَا. وَإِنْ سَبَقَاهُ أَحْرَزَا سَبَقَيْهِمَا. وَلَمْ يَأْخُذَا مِنْهُ شَيْئًا. وَإِنْ سَبَقَ أَحَدَهُمَا: أَحْرَزَ السَّبَقَيْنِ. وَإِنْ سَبَقَ مَعَهُ الْمُحَلِّلُ: فَسَبَقُ الْآخَرِ بَيْنَهُمَا) بِلَا نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " إلَّا أَنْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا " الِاكْتِفَاءُ بِالْمُحَلِّلِ الْوَاحِدِ. وَلَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ.
قَالَ الْآمِدِيُّ: لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، لِدَفْعِ الْحَاجَةِ بِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي.
قَوْلُهُ (وَإِنْ شَرَطَا أَنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبَقَ أَصْحَابَهُ، أَوْ غَيْرَهُمْ: لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يَصِحُّ شَرْطُ السَّبْقِ لِلْأُسْتَاذِ، وَلِشِرَاءِ قَوْسٍ. وَكِرَاءِ حَانُوتٍ، وَإِطْعَامِهِ لِلْجَمَاعَةِ. لِأَنَّهُ مِمَّا يُعِينُ عَلَى الرَّمْيِ. قَوْلُهُ (وَفِي صِحَّةِ الْمُسَابَقَةِ وَجْهَانِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمَا. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
قَوْلُهُ (وَالْمُسَابَقَةُ جِعَالَةٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. فَهِيَ كَالْإِجَارَةِ لَكِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمَرْكُوبَيْنِ، وَأَحَدِ الرَّامِيَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: احْتِمَالٌ بِعَدَمِ اللُّزُومِ فِي حَقِّ الْمُحَلِّلِ وَحْدَهُ. لِأَنَّهُ مَغْبُوطٌ، كَمُرْتَهِنٍ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا، إلَّا أَنْ يَظْهَرَ الْفَضْلُ لِأَحَدِهِمَا فَيَكُونُ لَهُ الْفَسْخُ دُونَ صَاحِبِهِ. وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. وَلَا يُؤْخَذُ رَهْنٌ، وَلَا كَفِيلٌ بِعِوَضِهِمَا. وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَغَيْرِهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: يَجُوزُ فَسْخُهُ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْهُ، وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِوَضِ. زَادَ غَيْرُهُمْ: وَأَخْذُهُ بِهِ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا. قَوْلُهُ (وَعَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِهَا: لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا. لَكِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمَرْكُوبَيْنِ وَأَحَدِ الرَّامِيَيْنِ. وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الرَّاكِبَيْنِ وَلَا تَلَفِ أَحَدِ الْقَوْسَيْنِ) . وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
وَقَوْلُهُ (وَيَقُومُ وَارِثُ الْمَيِّتِ مَقَامَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ) . هَذَا إذَا قُلْنَا: إنَّهَا لَازِمَةٌ. فَأَمَّا إنْ قُلْنَا: إنَّهَا جَائِزَةٌ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ وَارِثَهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ. وَلَا يُقِيمُ الْحَاكِمُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. قُلْت: هَذَا الْمَذْهَبُ وَهُوَ كَالصَّرِيحِ الْمَقْطُوعِ بِهِ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ لِقَطْعِهِمْ بِفَسْخِهَا بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ. كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْحَاوِي.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: وَارِثُهُ كَهُوَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ الْحَاكِمُ. جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْفَائِقِ. وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي الْبُلْغَةِ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي. وَجَزَمَ بِهِ فِيهِ.
لَكِنْ جَعَلَ الْوَارِثَ بِالْخِيَرَةِ فِي ذَلِكَ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالْبُلْغَةِ: وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْعِوَضِ فِيهِ قَبْلَ الْعَمَلِ. وَلَوْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ. عَلَى الْأَصَحِّ. بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ. بَلْ يَبْدَأُ بِتَسْلِيمِ الْعَمَلِ قَبْلَ الْعِوَضِ.
قَوْلُهُ (وَالسَّبَقُ فِي الْخَيْلِ: بِالرَّأْسِ إذَا تَمَاثَلَتْ الْأَعْنَاقُ. وَفِي مُخْتَلِفَيْ الْعُنُقِ وَالْإِبِلِ: بِالْكَتِفِ) . كَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْفَائِقِ؛ وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالسَّبَقُ بِالرَّأْسِ فِي مُتَمَاثِلِ عُنُقِهِ وَفِي مُخْتَلِفِهِ وَإِبِلٍ: بِكَتِفِهِ. وَكَذَا قَالَ فِي الْوَجِيزِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَالسَّبَقُ فِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ: سَبَقُ الْكَتِفِ. وَتَبِعَهُ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَالسَّبَقُ فِي الْخَيْلِ بِالْعُنُقِ. وَقِيلَ: بِالرَّأْسِ. زَادَ فِي الْكُبْرَى: مَعَ تَسَاوِي الْأَعْنَاقِ. ثُمَّ قَالَ فِيهِمَا: وَفِي مُخْتَلِفَيْ الْعُنُقِ وَالْإِبِلِ: بِالْكَتِفِ. زَادَ فِي الْكُبْرَى: أَوْ بِبَعْضِهِ. ثُمَّ قَالَ فِيهِمَا: وَقُلْت فِي الْكُلِّ: بِالْأَقْدَامِ. انْتَهَى. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَإِنْ شَرَطَ السَّبَقَ بِأَقْدَامٍ مَعْلُومَةٍ، كَثَلَاثَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ: لَمْ يَصِحَّ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجَنِّبَ أَحَدُهُمَا مَعَ فَرَسِهِ فَرَسًا يُحَرِّضُهُ عَلَى الْعَدْوِ. وَلَا يَصِيحُ بِهِ فِي وَقْتِ سِبَاقِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ أَعْنِي: فِعْلَ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي مُخْتَصَرِهِ: يَكْرَهَانِ. وَفَسَّرَ الْقَاضِي الْجَنْبَ: بِأَنْ يُجَنِّبَ فَرَسًا آخَرَ مَعَهُ. فَإِذَا قَصَّرَ الْمَرْكُوبُ رَكِبَ الْمَجْنُوبَ.
قَوْلُهُ فِي الْمُنَاضَلَةِ (وَيُشْتَرَطُ لَهَا شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ. أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ عَلَى مَنْ يُحْسِنُ الرَّمْيَ. فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ: بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَأُخْرِجَ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ مِثْلُهُ. وَلَهُمْ الْفَسْخُ إنْ أَحَبُّوا) . فَظَاهِرُهُ: عَدَمُ بُطْلَانِ الْعَقْدِ. لِقَوْلِهِ " وَلَهُمْ الْفَسْخُ " وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَفِي بُطْلَانِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ. بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَقَدْ عَلِمْت قَبْلُ: أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي. عَلَى الصَّحِيحِ. فَكَذَا هُنَا. فَوَائِدُ: الْأُولَى: لَوْ عَقَدَ النِّضَالَ جَمَاعَةٌ لِيَقْتَسِمُوا بَعْدَ الْعَقْدِ حِزْبَيْنِ بِرِضَاهُمْ لَا بِقُرْعَةٍ: صَحَّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ. وَمَالَا إلَيْهِ. فَعَلَى هَذَا: إذَا تَفَاصَلُوا عَقَدُوا النِّضَالَ بَعْدَهُ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُجْعَلُ لِكُلِّ حِزْبٍ رَئِيسٌ. فَيَخْتَارُ أَحَدُهُمَا وَاحِدًا. ثُمَّ يَخْتَارُ الْآخَرُ آخَرَ حَتَّى يَفْرُغَا. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالْخِيرَةِ اقْتَرَعَا. وَلَا يَقْتَسِمَانِ بِقُرْعَةٍ. وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ رَئِيسِ الْحِزْبَيْنِ وَاحِدًا. وَلَا الْخِيَرَةِ فِي تَمَيُّزِهِمَا إلَيْهِ، وَلَا السَّبَقِ عَلَيْهِ.
الثَّانِيَةُ: لَا يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ عَدَدِ الرُّمَاةِ. عَلَى الصَّحِيحِ. صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَهُمَا وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ. وَاحْتِمَالَانِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاحْتِمَالُ وَجْهَيْنِ فِي الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
الثَّالِثَةُ: لَا يَصِحُّ شَرْطُ إصَابَةٍ نَادِرَةٍ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ إصَابَةٌ مُمْكِنَةٌ فِي الْعَادَةِ. قَوْلُهُ (الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ الرَّمْيِ: هَلْ هُوَ مُنَاضَلَةً، أَوْ مُبَادَرَةً؟) . وَكَذَا: هَلْ هُوَ مُحَاطَّةٌ؟ وَهُوَ حَطُّ مَا تَسَاوَيَا فِيهِ بِإِصَابَةٍ مِنْ رَشْقٍ مَعْلُومٍ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الرَّمَيَاتِ. فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَجِبُ بَيَانُ حُكْمِ الْإِصَابَةِ: هَلْ هِيَ مُنَاضَلَةٌ، أَوْ غَيْرُهَا. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ. انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي: لَا يَحْتَاجُ إلَى اشْتِرَاطِ ذَلِكَ. لِأَنَّ مُقْتَضَى النِّضَالِ: الْمُبَادَرَةُ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا: وَيُسَنُّ أَنْ يَصِفَا الْإِصَابَةَ، فَيَقُولَانِ: خَوَاصِلُ، وَنَحْوُهُ. وَقِيلَ: يَجِبُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَا خَوَاسِقُ، وَهُوَ مَا خَرَقَ الْغَرَضَ وَثَبَتَ فِيهِ) . هَكَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. ثُمَّ قَالَ، وَقِيلَ: أَوْ مَرِقَ. وَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ ثَقْبِهِ، أَوْ خَدْشِهِ، أَوْ نَقْبِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ. فَوَجْهَانِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْمُبْتَدِئِ بِالرَّمْيِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ مَنْ لَهُ مَزِيَّةٌ بِإِخْرَاجِ السَّبَقِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْمُبْتَدِئِ مُتَّهَمًا. قَوْلُهُ (وَإِنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ، فَوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ. فَإِنْ كَانَ شَرْطُهُمْ خَوَاصِلَ: احْتَسَبَ بِهِ) بِلَا نِزَاعٍ (وَإِنْ كَانَ خَوَاسِقَ: لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: نَنْظُرُ، فَإِنْ كَانَتْ صَلَابَةُ الْهَدَفِ كَصَلَابَةِ الْغَرَضِ، فَثَبَتَ فِي الْهَدَفِ: احْتَسَبَ لَهُ بِهِ. وَإِلَّا فَلَا يُحْتَسَبُ لَهُ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ عَرَضَ عَارِضٌ مِنْ كَسْرِ قَوْسٍ، أَوْ قَطْعِ وَتَرٍ، أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ لَمْ يَحْتَسِبْ عَلَيْهِ بِالسَّهْمِ) . ظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يُحْتَسَبُ لَهُ بِهِ إنْ أَصَابَ. وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ بِالسَّهْمِ إنْ أَخْطَأَ. وَقِيلَ: لَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ، وَلَا لَهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا أَشْهَرُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ عَرَضَ لِأَحَدِهِمَا كَسْرُ قَوْسٍ، أَوْ قَطْعُ وَتَرٍ، أَوْ رِيحٌ فِي يَدِهِ، أَوْ رَدَّتْ سَهْمَهُ عَرْضًا، فَأَصَابَ: حُسِبَ لَهُ. وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: بَلَى.
قَوْلُهُ (وَيُكْرَهُ لِلْأَمِينِ وَالشُّهُودِ مَدْحُ أَحَدِهِمَا، لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ صَاحِبِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ فِي النَّظَرِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ الْجَوَازُ فِي مَدْحِ الْمُصِيبِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي عَيْبِ غَيْرِهِ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ فِي شَيْخِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ مَدْحُ الْمُصِيبِ مِنْ الطَّلَبَةِ. وَعَيْبُ غَيْرِهِ كَذَلِكَ. انْتَهَى قُلْت: إنْ كَانَ مَدْحُهُ يُفْضِي إلَى تَعَاظُمِ الْمَمْدُوحِ، أَوْ كَسْرِ قَلْبِ غَيْرِهِ: قَوِيَ التَّحْرِيمُ. وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَحْرِيضٌ عَلَى الِاشْتِغَالِ وَنَحْوِهِ: قَوِيَ الِاسْتِحْبَابُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.