المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[بَابُ الْجَعَالَةِ] ِ فَائِدَةٌ قَوْلُهُ (وَهِيَ أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي، - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٦

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌[بَابُ الْجَعَالَةِ] ِ فَائِدَةٌ قَوْلُهُ (وَهِيَ أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي،

[بَابُ الْجَعَالَةِ]

ِ فَائِدَةٌ قَوْلُهُ (وَهِيَ أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي، أَوْ لُقَطَتِي، أَوْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ. فَلَهُ كَذَا) . قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ زَيْدٌ شَيْئًا مَعْلُومًا لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ عَمَلًا مَعْلُومًا، أَوْ مَجْهُولًا مُدَّةً مَجْهُولَةً. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهِيَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: جَعْلُ الشَّيْءِ مِنْ الْمَالِ لِمَنْ يَفْعَلُ أَمْرَ كَذَا. قَالَ: وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا قَالَ الْمُصَنِّفُ. لِتَنَاوُلِهِ الْفَاعِلَ الْمُبْهَمَ وَالْمُعَيَّنَ، وَمَا قَالَ لَا يَتَنَاوَلُ الْمُعَيَّنَ. انْتَهَى. قُلْت: لَكِنَّهُ يَدْخُلُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " مَنْ رَدَّ عَبْدِي " يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ فِي رَدِّ الْآبِقِ. وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ: أَنَّ لِرَدِّ الْآبِقِ جُعْلًا مُقَدَّرًا بِالشَّرْعِ. فَالْمُسْتَفَادُ إذَنْ بِالْعَقْدِ: مَا زَادَ عَلَى الْمُقَدَّرِ الْمَشْرُوعِ. فَوُجُودُ الْجَعَالَةِ يُوجِبُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُقَدَّرِ وَالْمَشْرُوطِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ: أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا مَا شَرَطَهُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.

فَائِدَةٌ: الْجَعَالَةُ نَوْعُ إجَارَةٍ لِوُقُوعِ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ، وَإِنَّمَا تُمَيَّزُ بِكَوْنِ الْفَاعِلِ لَا يَلْتَزِمُ الْفِعْلَ، وَبِكَوْنِ الْعَقْدِ قَدْ يَقَعُ مُبْهَمًا لَا مَعَ مُعَيَّنٍ. وَيَجُوزُ فِي الْجَعَالَةِ الْجَمْعُ بَيْنَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا كَالْإِجَارَةِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا.

ص: 389

قَوْلُهُ (فَمَنْ فَعَلَهُ بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ الْجُعَلُ: اسْتَحَقَّهُ) بِلَا نِزَاعٍ. فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ. وَإِنْ بَلَغَهُ فِي أَثْنَائِهِ: اسْتَحَقَّ بِالْقِسْطِ. فَإِنْ تَلِفَ الْجُعْلُ: كَانَ لَهُ مِثْلُهُ، إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِلَّا قِيمَتُهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: إذَا عَيَّنَ عِوَضًا مَلَكَهُ بِفَرَاغِ الْعَمَلِ. فَلَوْ تَلِفَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ رَدَّهُ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ الْمُعَيَّنَةِ، أَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدَيَّ، فَرَدَّ أَحَدَهُمَا: فَلَهُ نِصْفُ الْجُعْلِ. وَإِنْ رَدَّهُ مِنْ ثُلُثِ الطَّرِيقِ: اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ. وَمِنْ ثُلُثَيْ الطَّرِيقِ: اسْتَحَقَّ الثُّلُثَيْنِ. فَيَسْتَحِقُّ إذَا رَدَّهُ مِنْ أَقْرَبَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي عَيَّنَهُ بِالْقِسْطِ. وَإِنْ رَدَّهُ مِنْ مَسَافَةٍ أَبْعَدَ مِنْ الْمُعَيَّنَةِ. فَلَهُ الْمُسَمَّى لَا غَيْرُ. ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ. وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.

قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ عَلَى مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ، وَعَمَلٍ مَجْهُولٍ. إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا كَالْأُجْرَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَصِحَّ الْجَعَالَةُ مَعَ الْجَهْلِ بِالْعِوَضِ، إذَا كَانَ الْجَهْلُ لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ. نَحْوَ أَنْ يَقُولَ " مَنْ رَدَّ عَبْدِي الْآبِقَ. فَلَهُ نِصْفُهُ، وَمَنْ رَدَّ ضَالَّتِي فَلَهُ ثُلُثُهَا ". قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: إذَا قَالَ الْأَمِيرُ فِي الْغَزْوِ " مَنْ جَاءَ بِعَشَرَةِ رُءُوسٍ فَلَهُ رَأْسٌ " جَازَ.

ص: 390

وَقَالُوا: إذَا جَعَلَ جُعْلًا لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى قَلْعَةٍ أَوْ طَرِيقٍ سَهْلٍ، وَكَانَ الْجُعْلُ مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ، كَجَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا: جَازَ. فَيَخْرُجُ هُنَا مِثْلُهُ. انْتَهَى. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجُعْلِ مَعْلُومًا. فَإِنْ شَرَطَ عِوَضًا مَجْهُولًا فَسَدَ الْعَقْدُ. وَإِنْ قَالَ: فَلَكَ ثُلُثُ الضَّالَّةِ، أَوْ رُبُعُهَا: صَحَّ، عَلَى مَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الثَّوْبِ يُنْسَجُ بِثُلُثِهِ، وَالزَّرْعِ يُحْصَدُ، وَالنَّخْلِ يُصْرَمُ بِسُدُسِهِ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَفِي الْغَزْوِ: مَنْ جَاءَ بِعَشَرَةِ رُءُوسٍ، فَلَهُ رَأْسٌ: جَازَ. وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ: لَا يَصِحُّ. وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهًا بِجَوَازِ الْجَهَالَةِ الَّتِي لَا تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ. وَنَظَرَ بِمَسْأَلَةِ الثُّلُثِ. وَاسْتَشْهَدَ بِنَصِّهِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ فِي الْغَزْوِ، وَبِمَا إذَا جَعَلَ جُعْلًا لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى قَلْعَةٍ، أَوْ طَرِيقٍ سَهْلٍ، وَكَانَ الْجُعْلُ مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ: جَازَ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا، كَجَارِيَةٍ يُعَيِّنُهَا لِلْعَامِلِ. قَالَ: فَيَخْرُجُ هُنَا مِثْلُهُ. انْتَهَى. وَقَدْ قُطِعَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، مَعَ اشْتِرَاطِهِمْ أَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ مَعْلُومًا. فَظَاهِرُهُ: أَنَّ جُعْلَ جُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْ الضَّالَّةِ: لَيْسَ بِمَجْهُولٍ.

فَائِدَةٌ: إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ: لَمْ تَصِحَّ الْجَعَالَةُ. قَوْلًا وَاحِدًا. وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ مُطْلَقًا. كَذَا إنْ كَانَتْ لَا تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ " مَنْ دَاوَى لِي هَذَا حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ جُرْحِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ رَمَدِهِ. فَلَهُ كَذَا " لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَقِيلَ: تَصِحُّ جَعَالَةٌ اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْمُصَنِّفُ. نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْإِجَارَةِ.

ص: 391

وَقِيلَ: تَصِحُّ إجَارَةً.

قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْجُعْلِ أَوْ قَدْرِهِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَاعِلِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ فِي قَدْرِهِ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يَتَحَالَفَانِ فِي قَدْرِ الْجُعْلِ قِيَاسًا عَلَى اخْتِلَافِ الْأَجِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ. وَهَذَا احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي. وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ عَلَى ذَلِكَ. وَهُوَ تَخْرِيجٌ فِي الرِّعَايَةِ. فَعَلَيْهِ. يُفْسَخُ الْعَقْدُ، وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَاعِلِ " تَجُوزُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِجَاعِلٍ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْجَعَالَةِ. انْتَهَى. قُلْت: إنَّمَا حُكِمَ بِكَوْنِهِ جَاعِلًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ. أَمَّا فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي قَدْرِ الْجُعْلِ: فَهُوَ جَاعِلٌ بِلَا رَيْبٍ. وَأَمَّا فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي أَصْلِ الْجُعْلِ: فَلَيْسَ بِجَاعِلٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ جَاهِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَعْمِ غَرِيمِهِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَكُونُ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اللَّفْظِ الْمُتَوَاطِئِ إذَا أُرِيدَ بِهِ بَعْضُ مَحَالِّهِ. وَهُوَ كَثِيرٌ شَائِعٌ فِي كَلَامِهِمْ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ.

فَائِدَةٌ: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَسَافَةِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِغَيْرِ جُعْلٍ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) وَلَوْ كَانَ الْعَمَلُ تَخْلِيصَ مَتَاعِ غَيْرِهِ مِنْ فَلَاةٍ، وَلَوْ كَانَ هَلَاكًا فِيهِ مُحَقَّقًا، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ كَالْبَحْرِ، وَفَمِ السَّبُعِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَلَهُ احْتِمَالٌ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُجَرَّدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.

ص: 392

وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ. بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَكَذَلِكَ لَوْ انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ. فَخَلَّصَ قَوْمٌ الْأَمْوَالَ مِنْ الْبَحْرِ. فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهُمْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُلَّاكِ. ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَأَلْحَقَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَجَمَاعَةٌ بِذَلِكَ: الْعَبْدَ إذَا خَلَّصَهُ مِنْ فَلَاةٍ مُهْلِكَةٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. ذَكَرَهُ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ. وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ هُنَاكَ. وَحَكَى الْقَاضِي احْتِمَالًا فِي الْعَبْدِ: بِعَدَمِ الْوُجُوبِ كَاللُّقَطَةِ. وَأُورِدَ فِي الْمُجَرَّدِ عَلَى نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِيمَنْ خَلَّصَ مِنْ فَمِ السَّبُعِ شَاةً، أَوْ خَرُوفًا، أَوْ غَيْرَهُمْ أَنَّهُ لِمَالِكِهِ الْأَوَّلِ. وَلَا شَيْءَ لِلْمُخَلِّصِ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي مُسَوَّدَتِهِ: وَعِنْدِي أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله عَلَى ظَاهِرِهِ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَخْلِيصِ الْمَتَاعِ مِنْ الْمَهَالِكِ، دُونَ الْآدَمِيِّ. لِأَنَّ الْآدَمِيَّ أَهْلٌ فِي الْجُمْلَةِ لِحِفْظِ نَفْسِهِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ: وَفِيهِ نَظَرٌ. فَقَدْ يَكُونُ صَغِيرًا أَوْ عَاجِزًا، وَتَخْلِيصُهُ أَهَمُّ وَأَوْلَى مِنْ الْمَتَاعِ. وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ تَفْرِقَةٌ. انْتَهَى.

فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ تَلِفَ مَا خَلَّصَهُ مِنْ هَلَكَةٍ: لَمْ يَضْمَنْهُ مُنْقِذُهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ. حَكَاهُ فِي التَّلْخِيصِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: وَفِيهِ بَعْدُ.

الثَّانِيَةُ: مَتَى كَانَ الْعَمَلُ فِي مَالِ الْغَيْرِ إنْقَاذًا لَهُ مِنْ التَّلَفِ الْمُشْرِفِ عَلَيْهِ: كَانَ جَائِزًا. كَذَبْحِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ إذَا خِيفَ مَوْتُهُ. صُرِّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ،

ص: 393

وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالسَّبْعِينَ. وَقَالَ: وَيُفِيدُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَ بِذَبْحِهِ.

تَنْبِيهٌ: مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: بِقَوْلِهِمْ " وَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِغَيْرِ جُعْلٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ " غَيْرَ الْمُعَدِّ لِأَخْذِ الْأُجْرَةِ. فَأَمَّا الْمُعَدُّ لِأَخْذِهَا: فَلَهُ الْأُجْرَةُ قَطْعًا. كَالْمَلَّاحِ، وَالْمُكَارِي، وَالْحَجَّامِ، وَالْقَصَّارِ، وَالْخَيَّاطِ، وَالدَّلَّالِ، وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَرْصُدُ نَفْسَهُ لِلتَّكَسُّبِ بِالْعَمَلِ. فَإِذَا عَمِلَ: اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. نُصَّ عَلَيْهِ. وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ.

قَوْلُهُ (إلَّا فِي رَدِّ الْآبِقِ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنُصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ لِرَادِّهِ مِنْ غَيْرِ جَعَالَةٍ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَنَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُصَنِّفَ فِي كَوْنِ هَذَا رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، أَوْ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَوْلُهُ (فَإِنَّ لَهُ بِالشَّرْعِ دِينَارًا، أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَغَيْرِهِمَا: وَسَوَاءٌ كَانَ يُسَاوِيهِمَا أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ زَوْجًا أَوْ ذَا رَحِمٍ، فِي عِيَالِ الْمَالِكِ أَوْ لَا. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: إنْ رَدَّهُ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ: فَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ أَوْ بَعُدَتْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ، وَالْفَائِقُ: اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ. وَعَنْهُ: مِنْ الْمِصْرِ: عَشَرَةٌ. قَالَ الْخَلَّالُ: اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ.

ص: 394

قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ، وَصَاحِبُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَقَالَ: الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ: دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ.

قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَوْ رَدَّ الْآبِقَ: فَلَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. وَعَنْهُ: اثْنَيْ عَشَرَ. وَعَنْهُ: أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فِي الْمُغْنِي إذَا رَدَّهُ مِنْ الْمِصْرِ دِينَارٌ، أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. وَفِي الْكَافِي دِينَارٌ، أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: دِينَارٌ. وَفِي خِلَافَيْ الشَّرِيفِ، وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ: دِينَارٌ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا فِي رِوَايَةٍ. وَفِي أُخْرَى: عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْقَاضِي، وَابْنِ الْبَنَّا، وَالْحَلْوَانِيِّ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: إذَا رَدَّهُ مِنْ دَاخِلِ الْمِصْرِ: فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قَوْلًا وَاحِدًا نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ نَصًّا بِخِلَافِهِ. وَفِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ لِلْقَاضِي: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ: أَنَّهُ إذَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْمِصْرِ أَنَّ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ. وَنَقَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ، وَالتَّنْبِيهِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ. وَلَمْ يُورِدُوا سِوَاهُ. قَالَ: فَأَمَّا فِي الْمُقْنِعِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ لِأَبِي الْحُسَيْنِ، وَالْأَعْلَامِ لِابْنِ بَكْرُوسٍ، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمْ: مِنْ التَّقْدِيرِ بِالدِّينَارِ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ. وَفِي دَاخِلِ الْمِصْرِ: كَمَا فِي خَارِجِهِ، فَلَا يَثْبُتُ.

وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ: قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " مَنْ رَدَّ آبِقًا: اسْتَحَقَّ دِينَارًا، أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. سَوَاءٌ جَاءَ بِهِ مِنْ الْمِصْرِ أَوْ خَارِجِ الْمِصْرِ فِي إحْدَى.

ص: 395

الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْأُخْرَى: إنْ جَاءَ بِهِ مِنْ الْمِصْرِ: اسْتَحَقَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. وَإِنْ جَاءَ بِهِ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ: اسْتَحَقَّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ". فَمِنْهُمْ: مَنْ حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ. وَمِنْهُمْ: مَنْ اخْتَصَّ الْعَشَرَةَ فِي الْمِصْرِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مَعْنَى الدِّينَارِ، وَأَنَّ الدِّينَارَ قَدْ يُقَوَّمُ بِالْعَشَرَةِ وَالِاثْنَيْ عَشَرَ. فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى. قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي مِنْ اسْتِحْقَاقِ الدِّينَارِ، أَوْ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي الْمِصْرِ: لَا أَصْلَ لَهُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله أَلْبَتَّةَ. وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ. قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ. لِأَنَّ نَاقِلَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ هُوَ الْقَاضِي. وَهُوَ الثِّقَةُ الْأَمِينُ فِي النَّقْلِ بَلْ هُوَ نَاقِلُ غَالِبِ رِوَايَاتِ الْمَذْهَبِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اطِّلَاعِ الْحَارِثِيِّ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنْ لَا تَكُونَ نُقِلَتْ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، خُصُوصًا وَأَنَّهُ قَدْ تَابَعَهُ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامُ الْمُحَقِّقُونَ.

تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: لَوْ رَدَّهُ الْإِمَامُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَنَقَلَ حَرْبٌ: إنْ رَدَّهُ الْإِمَامُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ وَقَالَ: وَذَلِكَ لِانْتِصَابِهِ لِلْمَصَالِحِ. وَلَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ. كَذَا قَالَ الْحَارِثِيُّ. وَقَطَعَ بِهِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ (وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي قُوتِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نُصَّ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا: بِاسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ أَمْ لَا. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ: وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ. وَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ قَوْلًا: بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ.

ص: 396

وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا أَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ. وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَاشْتَرَطَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمَجْدُ فِي الْمُحَرَّرِ: الْعَجْزَ عَنْ اسْتِئْذَانِ الْمَالِكِ. وَضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله. وَلَا يَتَوَقَّفُ الرُّجُوعُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، بَلْ لَوْ أَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ: فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ. نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ.

فَوَائِدُ: إحْدَاهَا: عَلَفُ الدَّابَّةِ كَالنَّفَقَةِ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ أَرَادَ اسْتِخْدَامَهُ بَدَلَ النَّفَقَةِ، فَفِي جَوَازِهِ رِوَايَتَانِ. حَكَاهُمَا أَبُو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ فِي الْكِفَايَةِ كَالْعَبْدِ الْمَرْهُونِ. وَذَكَرَهُمَا فِي الْمُوجَزِ، وَالتَّبْصِرَةِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ. فَكَذَا هُنَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

تَنْبِيهٌ: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ جَوَازَ أَخْذِ الْآبِقِ لِمَنْ وَجَدَهُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَيَرْتَدَّ، أَوْ يَشْتَغِلَ بِالْفَسَادِ فِي الْبِلَادِ. بِخِلَافِ الضَّوَالِّ الَّتِي تَحْفَظُ نَفْسَهَا. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ، فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ إذَا أَخَذَهُ. إنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَإِنْ وَجَدَ صَاحِبُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ، إذَا اعْتَرَفَ الْعَبْدُ أَنَّهُ سَيِّدُهُ، أَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَيِّدَهُ دَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ. فَيَحْفَظُهُ لِصَاحِبِهِ، أَوْ يَبِيعُهُ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ. وَلَيْسَ لِوَاجِدِهِ بَيْعُهُ، وَلَا تَمَلُّكُهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ. لِأَنَّهُ يَنْحَفِظُ بِنَفْسِهِ. فَهُوَ كَضَوَالِّ الْإِبِلِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَوْلُهُمَا " يَنْحَفِظُ بِنَفْسِهِ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا أَرَادَا الْكَبِيرَ. لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَنْحَفِظُ بِنَفْسِهِ. وَيَأْتِي فِي بَابِ اللُّقَطَةِ.

ص: 397

فَإِنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا، فَجَاءَ سَيِّدُهُ، فَاعْتَرَفَ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ: قُبِلَ قَوْلُهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَارِثِيُّ. ذَكَرَهُ فِي اللُّقَطَةِ.

الثَّالِثَةُ: الْعَبْدُ وَغَيْرُهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى. نُصَّ عَلَيْهِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

الرَّابِعَةُ: أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ فِيمَا تَقَدَّمَ. إذَا جَاءَ بِهِمَا إلَى السَّيِّدِ. فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ وُصُولِهِمَا إلَيْهِ: فَلَا جُعْلَ. لِأَنَّهُمَا يُعْتَقَانِ بِالْمَوْتِ. فَالْعَمَلُ لَمْ يَتِمَّ، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ. فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ حَالَ الْحَيَاةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَلْخِيصِ مَتَاعِ غَيْرِهِ مِنْ مَهْلَكَةٍ.

ص: 398