الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمرَاد بالصعدات: الطّرق مَأْخُوذَة مِن الصَّعِيد، وَهُوَ التُّرَاب، وَجمع الصَّعِيد صعد، ثُمَّ صعدات جمع الْجمع، كَمَا يقَالَ: طَرِيق وطرق وطرقات.
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: نعم صومعة الْمَرْء الْمُسلم بَيته يحفظ عَلَيْهِ سَمعه وبصره، وَإِيَّاكُم ومجالس السُّوق، فَإِنَّهَا تلْغي وتلهي.
بَاب تشميت الْعَاطِس وكيفيته
3340 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْمُظَفَّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّمِيمِيُّ الْجُرْجَانِيُّ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّهْمِيُّ، أَنا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ، وَحَمِدَ اللَّهَ، كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ، فَهُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْدُدْهُ مَا اسْتَطَاعَ،
فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ: هَاهْ، ضَحِكَ الشَّيْطَانُ مِنْهُ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّد، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ:" كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ، أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ "، وَرَوَاهُ مُحَمَّد بْنُ عَجْلانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّحْمِيدِ حَتَّى يُسْمِعَ مَنْ عِنْدَه حَتَّى يَسْتَحِقَّ التَّشْمِيتَ
وَقَوله: «حق عَلَى كل مُسْلِم» يُرِيد أَنَّهُ مِن فروض الْكِفَايَة.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ: معنى حب العطاس وحمده وكراهية التثاؤب وذمه، أَن العطاس إِنَّمَا يكون مَعَ انفتاح المسام، وخفة الْبدن، وتيسر الحركات، وَسبب هَذِه الْأُمُور تَخْفيف الْغذَاء، والإقلال مِن الْمطعم، والتثاؤب إِنَّمَا يكون مَعَ ثقل الْبدن، وامتلائه، وَعند استرخائه للنوم، وميله إِلَى الكسل، فَصَارَ العطاس مَحْمُودًا، لِأَنَّهُ يعين عَلَى الطَّاعَات، والتثاؤب مذموما، لِأَنَّهُ يثنيه عَن الْخيرَات، فالمحبة والكراهية تَنْصَرِف إِلَى الْأَسْبَاب الجالبة لَهما، وَإِنَّمَا أضيف إِلَى الشَّيْطَان، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يزين للنَّفس شهوتها، فَإِذا قَالَ: هَا، يَعْنِي: إِذا بَالغ فِي التثاؤب، ضحك الشَّيْطَان فَرحا بذلك، وَقيل:«مَا تثاءب نَبِي قطّ» .
والتشميت: هُوَ الدُّعَاء للعاطس بِالْخَيرِ، يقَالَ: شمت الْعَاطِس وسمته بالشين وَالسِّين غير الْمُعْجَمَة، والشين الْمُعْجَمَة
أَعلَى اللغتين، وَالسِّين مِن السمت، وَهُوَ الْقَصْد وَالْهَدْي.
3341 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ، وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
3342 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" إِذَا عَطَسَ الرَّجُلُ، فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلْيَقُلِ الَّذِي يُشَمِّتُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلْيَرُدَّ عَلَيْهِ: يَهْدِيكَ اللَّهُ، وَيُصْلِحُ بَالَكَ ".
هَكَذَا رَوَى شُعْبَةُ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَضْطَرِبُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ أَحْيَانًا: عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَقَالَ نَافِع: عَن ابْن عُمَر، " إِنَّه كَانَ إِذا عطس، فَقيل لَهُ: يَرْحَمك اللَّه، يَقُولُ: يَرْحَمنَا اللَّه وَإِيَّاكُم، وَيغْفر لنا وَلكم ".
وَعَن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود، قَالَ:" إِذا عطس الرجل، فَلْيقل: الْحَمد لله رب الْعَالمين، وَليقل مِن يرد عَلَيْهِ: يَرْحَمك اللَّه، وَليقل هُوَ: يغْفر اللَّه لي وَلكم ".
وعطس الْحَسَن، فَقَالَ:«الْحَمد لله عَلَى كل حَال» .
فَرد الْقَوْم عَلَيْهِ: يَرْحَمكُمْ اللَّه، فَقَالَ الْحَسَن:«يهديكم اللَّه، وَيصْلح بالكم، ويدخلكم الجنَّة عرفهَا لكم» .
وَرُوِيَ أَن رجلا عطس عِنْد عَبْد اللَّه بْن عُمَر، فَقَالَ: الْحَمد لله رب
الْعَالمين، فَقَالَ ابْن عُمَر: لَوْلَا أتمهَا: وَالسَّلَام عَلَى رَسُول اللَّهِ.
قلت: لَعَلَّه اسْتحبَّ الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مَعَ الْحَمد، قَالَ الله سبحانه وتعالى:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشَّرْح: 4]، قَالَ مُجَاهِد: لَا أذكر إِلَّا وتذكر معي.
قلت: وَفِي تشميت الْعَاطِس لَا يبْدَأ بِنَفسِهِ، بل يخص الْعَاطِس، لِأَنَّهُ مِن حق الْمُسلم عَلَى الْمُسلم، كَمَا يَخُصُّهُ بِالسَّلَامِ إِذا لقِيه، فَإِن دَعَا لِأَخِيهِ بدعوة مُوَاجهَة، أَو فِي كتاب كتب إِلَيْهِ، أَو فِي غيبته، فَيُسْتَحَب أَن يبْدَأ بِنَفسِهِ، رُوِيَ عَن أَبِي بْن كَعْب، قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذا دَعَا لأحد، بَدَأَ بِنَفسِهِ، فَقَالَ ذَات يَوْم:«يَرْحَمنَا اللَّه وأخانا مُوسَى» .
وَلَا بَأْس أَن يَقُولُ فِي رد جَوَاب مِن شمته: يغْفر اللَّه لنا وَلكم.
وَقَالَ حميد بْن زَنْجوَيْه: إِذا عطس الرجل فِي مجْلِس كَبِير، أَو سلم عَلَى جمَاعَة، فشمته بَعضهم، أَو رد عَلَيْهِم بَعضهم، أَجْزَأَ عَن كلهم، وَكَانَ الْفَضْل للَّذين شمتوا وردوا، فَإِن تركُوا تشميته، أَو الرَّد عَلَيْهِم كلهم، أثموا كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَة.
وَرُوِيَ عَن أَبِي مُوسَى، قَالَ: كَانَ الْيَهُود يتعاطسون عِنْد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يرجون أَن يَقُولُ لَهُم: يَرْحَمكُمْ اللَّه، فَيَقُول:«يهديكم اللَّه، وَيصْلح بالكم» .