الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِاتِّبَاعِ الْفِقْهِ وَالسُّنَّةِ، وَالتَّفَهُّمِ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا فَقَصَّهَا عَلَى أَخِيهِ، فَلْيَقُلْ: خَيْرًا لَنَا، وَشَرًّا لأَعْدَائِنَا.
وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَأَى الرَّجُلُ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلائِكَةُ اللَّهِ وَرُسُلِهِ مِنْ شَرِّ رُؤْيَايَ اللَّيْلَةُ أَنْ تَضُرَّنِي فِي دِينِي، أَوْ دُنْيَايَ يَا رَحْمَانُ.
قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: اتَّقِ اللَّهَ فِي الْيَقَظَةِ، وَلا تُبَالِ مَا رَأَيْتَ فِي النَّوْمِ.
بَابُ أَقْسَامِ الرُّؤْيَا
3278 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُوَيْنِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَرِيكٍ الشَّافِعِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَبُو بَكْرٍ الْجُورْبَذِيُّ، نَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا كَانَ آخِرُ الزَّمَانِ، لَمْ تَكَدْ رُؤيَا المُؤمِنِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا، وَالرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ: رُؤْيَا بُشْرَى مِنَ اللَّهِ عز وجل، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَرُؤْيَا مِنْ تَحْزِينِ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ، فَلا يُحَدِّثْ بِهِ، وَلْيَقُمْ وَلْيُصَلِّ، وَالْقَيْدُ فِي الْمَنَامِ ثَبَاتٌ فِي
الدِّينِ، وَالْغُلُّ أَكْرَهُهُ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَرَوَاهُ قَتَادَةُ أَيْضًا، وَأَدْرَجَ الْكُلَّ فِي الْحَدِيثِ، وَرَوَاهُ عَوْفٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَجَعَلَ قَوْلَهُ:«الرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ» مِنْ قَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ إِلَى آخِرِهِ، وَأَدْرَجَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، الْكُلَّ فِي الْحَدِيثِ.
قَالَ: وَأُحِبُّ الْقَيْدَ، وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، وَالْقَيْدُ ثَابِتٌ فِي الدِّينِ، فَلا أَدْرِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ، أَمْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ.
وَجَعَلَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ
3279 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " فِي آخِرِ الزَّمَانِ لَا تَكَادُ رُؤيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُهُمْ رُؤيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا، وَالرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ: الرُّؤيَا الْحَسَنَةُ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ، وَالرُّؤْيَا يُحَدِّثُ الرَّجُلُ بِهَا نَفْسَهُ، وَالرُّؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا، وَلْيَقُمْ، فَلْيُصَلِّ ".
قَالَ أَبو هُرَيْرَةَ: يُعْجِبُنِي الْقَيْدُ، وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَرَوَى أَكْثَرُ الرُّوَاةِ: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ، أَوْ إِذَا تَقَارَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُؤْمِنُ تَكْذِبُ» ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ، قِيلَ: أَرَادَ بِهِ قُرْبَ زَمَانِ السَّاعَةِ وَدُنُوِّ وَقْتِهَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذَا وَلَّى وَأَدْبَرَ: تَقَارَبَ يُقَالُ: تَقَارَبَتْ إِبِلُ فُلانٍ: إِذَا قَلَّتْ وَأَدْبَرَتْ، وَيُقَالُ لِلْقَصِيرِ: مُتَقَارِبٌ، وَقِيلَ: مَعْنَى اقْتِرَابِ الزَّمَانِ: اعْتِدَالُهُ حِينَ يَسْتَوِي اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ.
وَالْمُعَبِّرُونَ يَقُولُونَ: أَصْدَقُ الرُّؤْيَا فِي وَقْتِ الرَّبِيعِ، أَوِ الْخَرِيفِ عِنْدَ خُرُوجِ الثِّمَارِ وَعِنْدَ إِدْرَاكُهَا، وَهُمَا وَقْتَانِ يَتَقَارَبُ فِيهِمَا الزَّمَانُ، وَيَعْتَدِلُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ.
قَالُوا: وَرُؤْيَا اللَّيْلِ أَقْوَى مِنْ رُؤْيَا النَّهَارِ، وَأَصْدَقُ سَاعَاتِ الرُّؤْيَا وَقْتُ السَّحَرِ.
رُوِيَ عَنْ
أَبِي الْهَيْثَمِ، عَن أَبِي سَعِيدٍ، يَرْفَعُهُ قَالَ:«أَصْدَقُ الرُّؤْيَا بِالأَسْحَارِ» .
وَقَوْلُهُ: «الرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ» فِيهِ بَيَانٌ أَنْ لَيْسَ كُلُّ مَا يَرَاهُ الإِنْسَانُ فِي مَنَامِهِ يَكُونُ صَحِيحًا، وَيَجُوزُ تَعْبِيرُهُ، إِنَّمَا الصَّحِيحُ مِنْهَا مَا كَانَ مِنَ اللَّهِ عز وجل يَأْتِيكَ بِهِ مَلَكُ الرُّؤْيَا مِنْ نُسْخَةِ أُمِّ الْكِتَابِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ لَا تَأْوِيلَ لَهَا.
وَهِيَ عَلَى أَنْوَاعٍ قَدْ يَكُونُ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ يَلْعَبُ بِالإِنْسَانِ، أَوْ يُرِيهِ مَا يُحْزِنُهُ، وَلَهُ مَكَايِدٌ يُحْزِنُ بِهَا بَنِي آدَمَ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى عَنْهُ:{إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة: 10]، وَمِنْ لَعِبِ الشَّيْطَانِ بِهِ الاحْتِلامُ الَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ، فَلا يَكُونُ لَهُ تَأْوِيلٌ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ، كَمَنْ يَكُونُ فِي أَمْرٍ، أَوْ حِرْفَةٍ يَرَى نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ الأَمْرِ، وَالْعَاشِقُ يَرَى مَعْشُوقَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مِزَاجِ الطَّبِيعَةِ، كَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ يَرَى الْفَصْدَ، وَالْحِجَامَةَ، وَالرِّعَافِ، وَالْحُمْرَةَ، وَالرَّيَاحِينَ، وَالْمَزَامِيرَ وَالنَّشَاطِ وَنَحْوَهَا، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ طَبِيعَةُ الصَّفْرَاءِ يَرَى النَّارَ، وَالشَّمْعَ، وَالسِّرَاجَ، وَالأَشْيَاءَ
الصُّفْرَ، وَالطَّيَرَانَ فِي الْهَوَاءِ وَنَحْوَهَا، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ السَّوْدَاءُ، يَرَى الظُّلْمَةَ وَالسَّوَادَ، وَالأَشْيَاءَ السُّودَ، وَصَيْدَ الْوُحُوشِ، وَالأَهْوَالِ، وَالأَمْوَاتِ، وَالْقُبُورَ، وَالْمَوَاضِعَ الْخَرِبَةَ، وَكَوْنُهُ فِي مَضِيقٍ لَا مَنْفَذَ لَهُ، أَوْ تَحْتَ ثِقَلٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْبَلْغَمُ، يَرَى الْبَيَاضَ، وَالْمِيَاهَ، وَالأَنْدَاءَ، وَالثَّلْجَ، وَالْجَمَدَ، وَالْوَحْلَ وَنَحْوَهَا، فَلا تَأْوِيلَ لِشَيْءٍ مِنْهَا.
3280 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ الْبَارِحَةَ كَأَنَّ عُنُقِي ضُرِبَتْ، فَسَقَطَ رَأْسِي، فاتَّبَعْتُهُ، فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ أَعَدْتُهُ مَكَانَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأَحَدِكُمْ فِي مَنَامِهِ، فَلا يُحَدِّثَنَّ بِهِ النَّاسَ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَن أَبِي سَعِيدٍ الأَشَجِّ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الأَعْمَشِ
قَالَ الإِمَامُ: قَوْلُهُ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ، فَلا يُحَدِّثْ بِهِ» ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ:«فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ، فَلا يُحَدِّثْ بِهِ إِلا مَنْ يُحِبُّ» فِيهِ إِرْشَادُ الْمُسْتَعْبِرِ لِمَوْضِعِ رُؤْيَاهُ، فَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ، فَلا يُحَدِّثْ بِهِ حَتَّى لَا يَسْتَقْبِلَهُ فِي تَفْسِيرِهَا مَا يَزْدَادُ بِهِ هَمًّا، وَإِنْ
رَأَى مَا يُحِبُّهُ، فَلا يُحَدِّثْ بِهِ إِلا مَنْ يُحِبُّهُ، لأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِمَّنْ لَا يُحِبُّهُ أَنْ يُعَبِّرْهُ حَسَدًا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، فَيَغُمُّهُ، أَوْ يُكِيدُهُ بِأَمْرٍ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى عَنْ يَعْقُوبَ عليه السلام حِينَ قَصَّ عَلَيْهِ يُوسُفُ عليه السلام رُؤْيَاهُ:{قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يُوسُف: 5].
3281 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عَدَسٍ، عَنْ أَبي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ، أَوْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَهُوَ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ، فَإِذَا حُدِّثَ بِهَا، وَقَعَتْ» ، وَأَحْسَبُهُ قَالَ:«لَا يُحَدِّثُ إِلا حَبِيبًا، أَوْ لَبِيبًا» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
3282 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ، نَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الإِسْفَرَايِينِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ورمويهِ، نَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ، نَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَالَ:«الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ، فَإِذَا عُبِّرَتْ، وَقَعَتْ» .
قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: «وَلا يَقُصُّهَا إِلا عَلَى وَادٍّ، أَوْ ذِي رَأْيٍ، وَالرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: «لَا يَقُصُّهَا إِلا عَلَى وَادٍّ، أَوْ ذِي رَأْيٍ» الْوَادُّ لَا يُحِبُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَكَ فِي تَفْسِيرِهَا إِلا بِمَا تُحِبُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْعِبَارَةِ، لَمْ يَعْجَلْ لَكَ بِمَا يَغُمُّكَ، وَأَمَّا ذُو الرَّأْيِ، فَمَعْنَاهُ ذُو الْعِلْمِ بِعِبَارَتِهَا، فَهُوَ يُخْبِرُكَ بِحَقِيقَةِ تَفْسِيرِهَا، أَوْ بِأَقْرَبِ مَا يَعْلَمُ مِنْهَا، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ فِي تَفْسِيرِهَا مَوْعِظَةً تَرْدَعُكَ عَنْ قَبِيحٍ أَنْتَ عَلَيْهِ، أَوْ يَكُونَ فِيهَا بُشْرَى، فَتَشْكُرُ اللَّهَ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: «وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ» وَذَلِكَ لأَنَّ الْقَيْدَ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ عَنِ النُّهُوضِ وَالتَّقَلُّبِ، كَذَلِكَ الْوَرَعُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنَ النُّهُوضِ وَالتَّقَلُّبِ فِيمَا لَا يُوَافِقُ الدِّينَ، وَهَذَا إِذَا كَانَ مُقَيَّدًا فِي مَسْجِدٍ، أَوْ فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ
الْخَيْرِ، أَوْ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ، فَإِنْ رَآهُ مُسَافِرٌ، فَهُوَ إِقَامَةٌ عَنِ السَّفَرِ، وَكَذَلِكَ إِذَا رَأَى دَابَّتَهُ مُقَيَّدَةً، فَإِنْ رَآهُ مَرِيضٌ، أَوْ مَحْبُوسٌ، طَالَ مَرَضُهُ وَحَبْسُهُ، أَوْ مَكْرُوبٌ طَالَ كَرْبُهُ.
وَرَوَى أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، مُرْسَلا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ الرُّؤْيَا تَقَعُ عَلَى مَا عُبِّرَ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ رَفَعَ رِجْلَهُ، فَهُوَ يَنْتَظِرُ مَتَى يَضَعُهَا، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا، فَلا يُحَدِّثُ بِهَا إِلا نَاصِحًا، أَوْ عَالِمًا» .
وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَعْشَبْتُ، ثُمَّ أَجْدَبْتُ، ثُمَّ أَعْشَبْتُ، ثُمَّ أَجْدَبْتُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ رَجُلٌ تُؤْمِنُ، ثُمَّ تَكْفُرُ، ثُمَّ تُؤْمِنُ، ثُمَّ تَكْفُرُ، ثُمَّ تَمُوتُ كَافِرًا، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَمْ أَرَ شَيْئًا، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ قُضِيَ لَكَ مَا قُضِيَ لِصَاحِبِ يُوسُفَ.
وَالْغُلُّ: كُفْرٌ، لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} [الْمَائِدَة: 64]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا} [يس: 8]، وَقَدْ يَكُونُ بُخْلا لِقَوْلِهِ عز وجل:{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الْإِسْرَاء: 29]، وَقَدْ يَكُونُ كَفًّا عَنِ الْمَعَاصِي إِذَا كَانَ فِي الرُّؤْيَا مَا يَدُلُّ عَلَى الصَّلاحِ، بِأَنْ يَرَى ذَلِكَ لِرَجُلٍ صَالِحٍ، رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ، فَرَأَى سَلْمَانَ لأَبِي بَكْرٍ رُؤْيَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: يَا أَخِي، مَا لَكَ قَدْ أَعْرَضْتَ عَنِّي؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ يَدَيْكَ قَدْ جُمِعَتَا إِلَى عُنُقِكَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، جُمِعَتْ يَدَايَ عَنِ الشَّرِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.