الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَدَيِ الْحَازِي غُلامٌ مَعَهُ مَيْلٌ، فَيَأْمُرُهُ الْحَازِي أَنْ يَخُطَّ خُطُوطًا كَثِيرَةً عَلَى رَمْلٍ، أَوْ تُرَابٍ فِي خِفَّةٍ وَعَجَلَةٍ لِئَلا يَلْحَقَهَا الْعَدَدُ وَالإِحْصَاءُ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ، فَيَمْحُوهَا خَطَّيْنِ خَطَّيْنِ عَلَى مَهْلٍ، وَهُوَ يَقُولُ: ابْنَيْ عَيَانٍ أَسْرِعَا الْبَيَانَ.
ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى آخِرِ مَا يَبْقَى مِنْهَا، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا خَطَّانِ، فَهُوَ عَلامَةُ النَّجَاحِ، وَإِنْ بَقِيَ خَطٌّ وَاحِدٌ، فَهُوَ دَلِيلُ الْخَيْبَةِ وَالْحِرْمَانِ.
وَقَوْلُهُ: «فَمَنْ وَافَقَ عِلْمُهُ عِلْمَ» ، وَيُرْوَى «فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ» ، قَالَ الْخطابِيُّ: فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: الزَّجْرُ عَنْهُ، إِذْ كَانَ مِنْ بَعْدِهِ لَا يُوَافِقُ خَطَّهُ، وَلا يَنَالُ حَظَّهُ مِنَ الصَّوَابِ، لأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ آيَةً لِذَلِكَ النَّبِيِّ، وَعِلْمًا لِنُبُوَّتِهِ، فَلَيْسَ لِمَنْ بَعْدِهِ أَنْ يَتَعَاطَاهُ طَمَعًا فِي نَيْلِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: إِنَّ قَوْمًا يَحْسَبُونَ بِأَبِي جَاد، وَيَنْظُرُونَ فِي النُّجُومِ، وَمَا أَرَى لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ خَلاقٍ.
بَابُ السِّحْرِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [الْبَقَرَة: 102]، وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ:{وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69]، وَقَالَ سبحانه وتعالى:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4]، وَالنَّفَّاثَاتُ: السَّوَاحِرُ تَنْفِثُ، أَيْ: تَتْفُلُ بِلا رِيقٍ.
وَقَالَ سبحانه وتعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66]، أَيْ: يُشَبَّهُ، وَالتَّخَايِيلُ: كُلُّ مَا لَا أَصْلَ لَهُ.
3260 -
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طُبَّ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ صَنَعَ شَيْئًا، وَمَا صَنَعَهُ، وَأَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: جَاءَنِي رَجُلانِ، فَجَلَسَ أَحَدهُما عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ: عِنْدَ رِجْلِي، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ الآخَرُ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَالَ:
فِي مَاذَا؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي ذَرْوَانَ، وذَرْوَانُ بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلا أَخْرَجْتُهُ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا، فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنَّ أثير عَلَيَّ النَّاسَ مِنْهُ شَرًّا ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، نَحْوُهُ، وَزَادَ فِيهِ:" إِنَّ الْمَلَكَيْنِ قَالَا لَهُ: انْطَلِقْ إِلَى الْبِئْرِ، فَاسْتَخْرِجْ مِنْهَا سِحْرًا، قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَإِذَا بِئْرٌ مَاؤُهَا كَثِيرُ الْخَنَافِسِ، فَاسْتَخْرَجَ السِّحْرَ، فَبرأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
وَقَوْلُهَا: «طُبَّ» أَيْ: سُحِرَ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ مَطْبُوبٌ، أَيْ: مَسْحُورٌ، كُنِيَ بِالطِّبِّ الَّذِي هُوَ لِلْعِلاجِ عَنِ السِّحْرِ، كَمَا كُنِيَ بِالسَّلِيمِ عَنِ اللَّدِيغِ تَطَيُّرًا مِنَ اللَّدْغِ إِلَى السَّلامَةِ، وَكُنِيَ عَنِ الْفَلاةِ،
وَهِيَ الْمُهْلِكَةُ بِالْمَفَازَةِ، تَطَيُّرًا مِنَ الْهَلاكِ إِلَى الْفَوْزِ وَالنَّجَاةِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الأَضْدَادِ، يُقَالُ لِعِلاجِ الدَّاءِ: طُبَّ، وَلِلسِّحْرِ: طُبَّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الأَدْوَاءِ.
وَالْمُشَاطَةُ: الشَّعْرُ الَّذِي يَسْقُطُ مِنَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ عِنْدَ التَّسْرِيحِ بِالْمِشْطِ.
وَيُرْوَى فِي مِشْطٍ وَمُشَاقَةٍ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ وَالْجُفُّ: وَعَاءُ الطَّلْعِ، وَيُرْوَى: وَجُبَّ طَلْعَةِ ذِكْرٍ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو: يُقَالُ لِوِعَاءِ الطَّلْعِ: جُفٌّ وَجُبٌّ مَعًا، يُقَالُ: أَرَادَ بِالْجُبِّ دَاخِلَهَا، كَمَا يُقَالُ لِدَاخِلَةِ الرَّكِيَّةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى أَسْفَلِهَا جُبٌّ.
وَيُرْوَى: «تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ» ، وَالرَّاعُوفَةُ: صَخْرَةٌ تُتْرَكُ فِي أَسْفَلِ الْبِئْرِ إِذَا احْتُفِرَتْ نَاتِئَةٌ يَجْلِسُ عَلَيْهَا مَنْ يُنَقِّي الْبِئْرَ، وَكَذَلِكَ الرَّاعُوثَةُ.
وَقَوْلُهُ: «كَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» أَيْ: أَنَّهَا مُسْتَدَقَّةٌ كَرُءُوسِ الْحَيَّاتِ، وَالْحَيَّةُ يُقَالُ لَهَا: الشَّيْطَانُ.
وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهَا وحشةُ الْمَنْظَرِ، قَبِيحَةُ الأَشْكَالِ، كَأَنَّهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ الْمُشَوَّهَةُ الْخَلْقِ، الْهَائِلَةُ لِلنَّاظِرِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ الطَّبَائِعِ السِّحْرَ، وَأَبْطَلُوا حَقِيقَتَهُ، وَدَفَعَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالُوا: لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُؤَثِّرَ ذَلِكَ فِيمَا يُوحَى إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الشَّرْعِ، فَيَكُونَ فِيهِ ضَلالُ الأُمَّةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ السِّحْرَ ثَابِتٌ، وَحَقِيقَتُهُ مَوْجُودَةٌ، اتَّفَقَ أَكْثَرُ الأُمَمِ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْفُرْسِ، وَالْهِنْدِ، وَبَعْضِ الرُّومِ عَلَى إِثْبَاتِهِ، وَهَؤُلاءِ أَفْضَلُ سُكَّانِ أَهْلِ الأَرْضِ، وَأَكْثَرُهُمْ عِلْمًا وَحِكْمَةً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [الْبَقَرَة: 102]، وَأَمَرَ بِالاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ، فَقَالَ عز وجل:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4]، وَوَرَدَ فِي ذَلِكَ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَارٌ لَا يُنْكِرُهَا إِلا مِنْ أَنْكَرَ الْعِيَانَ وَالضَّرُورَةَ، وَفَرَّعَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمِ السَّاحِرِ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَمَا لَا أَصْلَ لَهُ لَا يَبْلُغُ هَذَا الْمَبْلَغُ فِي الشُّهْرَةِ وَالاسْتِفَاضَةِ، فَنَفْيُ السِّحْرِ جَهْلٌ، وَالرَّدُّ عَلَى مِنْ نَفَاهُ لَغْوٌ وَفَضْلٌ.
فَأَمَّا مَا زَعَمُوا مِنْ دُخُولِ الضَّرَرِ فِي الشَّرْعِ بِإِثْبَاتِهِ، فَلَيْسَ كَذَلِكَ، لأَنَّ السِّحْرَ إِنَّمَا يَعْمَلُ فِي أَبْدَانِهِمْ وَهُمْ بَشَرٌ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعِلَلِ وَالأَمْرَاضِ مَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَيْسَ تَأْثِيرُ السِّحْرِ فِي أَبْدَانِهِمْ بِأَكْثَرَ مِنَ الْقَتْلِ، وَتَأْثِيرِ السُّمِّ، وَعَوَارِضِ الأَسْقَامِ فِيهِمْ، وَقَدْ قَتَلَ زَكَرِيَّا وَابْنَهُ، وَسُمَّ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ.
فَأَمَّا أَمْرُ الدِّينِ، فَإِنَّهُمْ مَعْصُومُونَ فِيمَا بَعَثَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ، وَأَرْصَدَهُمْ لَهُ، وَهُوَ جَلَّ ذِكْرُهُ حَافِظٌ لِدِينِهِ، وَحَارِسٌ لِوَحْيِهِ أَنْ يَلْحَقَهُ فَسَادٌ أَوْ تَبْدِيلٌ، وَإِنَّمَا كَانَ خُيِّلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ خُصُوصًا، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ:{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [الْبَقَرَة: 102]، فَلا ضَرَرَ إِذَا يَلْحَقُهُ فِيمَا لَحِقَهُ مِنَ السِّحْرِ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَشَرِيعَتِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ، وَالسِّحْرُ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ يَفْعَلُهُ فِي الإِنْسَانِ بِنَفْثِهِ، وَنَفْخِهِ، وَهَمْزِهِ، وَوَسْوَسَتِهِ، وَيَتَلَقَّاهُ السَّاحِرُ بِتَعْلِيمِهِ إِيَّاهُ، وَمَعُونَتِهِ عَلَيْهِ، فَإِذَا تَلَقَّاهُ عَنْهُ، اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهِ بِالْقَوْلِ وَالنَّفْثِ فِي الْعُقَدِ، وَلِلكَّلامِ تَأْثِيرٌ فِي الطِّبَاعِ وَالنُّفُوسِ، وَلِذَلِكَ صَارَ الإِنْسَانُ إِذَا سَمِعَ مَا كَرِهَ يَحْمَى وَيَغْضَبُ، وَرُبَّمَا حُمَّ مِنْهُ، وَقَدْ مَاتَ قَوْمٌ بِكَلامٍ سَمِعُوهُ، وَبِقَوْلٍ امْتَعَضُوا مِنْهُ، وَلَوْلا طُولُ الْكِتَابِ لَذَكَرْنَاهُمْ.
هَذَا كَلامُ الْخَطَّابِيِّ فِي كِتَابِهِ.
3261 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، " أنَّها أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا، ثُمَّ إِنَّ عَائِشَةَ مَرِضَتْ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا سِنْدِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّكِ مَطْبُوبَةٌ، فَقَالَتْ: مَنْ طَبَّنِي؟ قَالَ: امْرَأَةٌ مِنْ نَعْتِهَا كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَالَ فِي حَجْرِهَا صَبِيٌّ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: ادْعُوا لِي فُلانَةً لِجَارِيَةٍ لَهَا تَخْدُمُهَا، فَوَجَدُوهَا فِي بَيْتِ جِيرَانٍ لَهَا، فِي حَجْرِهَا صَبِيٌّ قَدْ بَالَ، فَقَالَتْ: حَتَّى أَغْسِلَ بَوْلَ هَذَا الصَّبِيِّ، فَغَسَلَتْهُ: ثُمَّ جَاءَتْ، فَقَالَت لَهَا عَائِشَةُ: أَسَحَرْتِينِي؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: لِمَ؟ قَالَتْ: أَحْبَبْتُ الْعِتْقَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: واللَّهِ لَا تَعْتِقِي أَبَدًا، فَأَمَرَتِ ابْنَ أَخِيهَا أَنْ يَبِيعَهَا مِنَ الأَعْرَابِ مِمَّنْ يُسِيءُ مَلَكَتَهَا، ثُمَّ ابْتَعْ بِثَمَنِهَا رَقَبَةً حَتَّى أعْتَقَهَا، فَفَعَلَتْ ".
قَالَتْ عَمْرَةُ: فَلَبِثَتْ عَائِشَةَ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الزَّمَانِ، ثُمَّ إِنَّهَا رَأَتْ فِي النَّوْمِ أَنِ اغْتَسِلِي مِنْ ثَلاثِ أَبْؤُرٍ يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَإِنَّكِ تُشْفَيْنَ، فَاغْتَسَلَتْ، فَشُفِيَتْ.
وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: هَلْ عَلِيَّ حَرَجٌ أَنْ
أُقَيِّدَ جَمَلِي؟ قَالَتْ: قَيِّدِي جَمَلَكِ، قَالَتْ: فَأَحْبِسُ عَلِيَّ زَوْجِي؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَخْرِجُوا عَنِّي السَّاحِرَةَ، فَأَخْرَجُوهَا.
وَرُوِيَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَؤُخِّذُ جَمَلِي، وَمَعْنَاهُ هَذَا، يُقَالُ: أَخَذَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا تَأْخِيذًا، إِذَا حَبَسَتْهُ عَنْ سَائِرِ النِّسَاءِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي الرَّجُلِ يُؤْخَذُ عَنِ امْرَأَتِهِ؟ قَالَ: «اتَّئِدُوا لَمْ تَنْهُوا عَمَّا يَنْفَعُكُمْ، إِنَّمَا نُهِيتُمْ عَمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» .
قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: رَجُلُ بِهِ طِبٌّ أَيُحَلُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» .
وَعَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ، وَالْمَسْحُورُ مَنْ يُطْلِقُ عَنْهُ