المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يَدَيِ الْحَازِي غُلامٌ مَعَهُ مَيْلٌ، فَيَأْمُرُهُ الْحَازِي أَنْ يَخُطَّ خُطُوطًا - شرح السنة للبغوي - جـ ١٢

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌29 - كِتَابُ اللِّبَاسِ

- ‌بَابُ الْجُبَّةِ

- ‌بَابُ تَقْصِيرِ الثِّيَابِ

- ‌بَابُ مَوْضِعِ الإِزَارِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ لِلنِّسَاءِ فِي جَرِّ الإِزَارِ وَإِسْبَالِ الثَّوْبِ، لِيَكُونَ أَسْتَرَ لَهُنَّ، وَالنَّهْيِ عَنِ الرَّقِيقِ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌بَابُ إِطْلاقِ الأَزْرَارِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ

- ‌بَابُ لُبْسِ الْبِيضِ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌بَابُ الثِّيَابِ المَصْبُوغَةِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ

- ‌بَابُ لِبَاسِ الصُّوفِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ عَلَى الرِّجَالِ

- ‌بَابُ قَدْرِ مَا يُرَخَّصُ فِيهِ مِنَ الحَرِيرِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ للرِّجَالِ فِي لِبْسِ الحَرِيرِ لِلْحِكَّةِ والقَمْلِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ لِلنِّسَاءِ فِي لِبْسِ الْحَرِيرِ

- ‌بَابُ الْعِمَامَةِ وَالتَّقَنُّعِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌بَابُ تَرْقِيعِ الثَّوْبِ وَالْبَذَاذَةِ وَالاحْتِرَازِ عَنِ الشُّهْرَةِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ عز وجل عَلَى الرَّجُلِ

- ‌بَابُ الأَنْمَاطِ وَالرُّخْصَةِ فِي اتِّخَاذِهَا

- ‌بَابُ الفِرَاشِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌بَابُ إِبَاحَةِ خَاتَمِ الْفِضَّةِ

- ‌بَابُ نَقْشِ الْخَاتَمِ

- ‌بَابُ فَصِّ الخَاتَمِ

- ‌بَابُ مَوْضِعِ الْخَاتَمِ

- ‌بَابُ الْخُفِّ

- ‌بَابُ النَّعْلِ

- ‌بَابُ البَدَاءَةِ بِالْيُمْنَى إِذَا انْتَعَلَ

- ‌بابُ لَا يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ

- ‌بَابُ نَهْيِ الرِّجَالِ عَنِ التَّزَعْفُرِ

- ‌بَابُ تَرْجِيلِ الشَّعْرِ وَتَدْهِينِهِ

- ‌بَابُ التَّطَيُّبِ

- ‌بَابُ الْخِضَابِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ، وَمَنْ رَخَّصَ فِيهِ، وَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْضَبَ بِهِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌بَابُ فَرْقِ الرَّأْسِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْقَزَعِ

- ‌بَابُ اتِّخَاذِ الْجُمَّةِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ وَصْلِ الشَّعْرِ وَالْوَشْمِ

- ‌بَابُ قَصِّ الشَّارِبِ

- ‌بَابُ الْخِتَانِ

- ‌بَابُ التَّوْقِيتِ فِي تَقْلِيمِ الأَظَافِرِ وَقَصِّ الشَّارِبِ

- ‌بَابُ شَدِّ الأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ وَاتِّخَاذِ الأَنْفِ

- ‌بَابُ الاكْتحَالِ

- ‌بَابُ لَعْنِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ وَإِخْرَاجِهِمْ وَإِخْرَاجِ أَهْلِ الرِّيبِ

- ‌بَابُ نَهْيِ النِّسَاءِ عَنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ

- ‌بَابُ التَّصَاوِيرِ وَوَعِيدِ الْمُصَوِّرِينَ

- ‌بَابُ الأُرْجُوحَةِ

- ‌30 - كِتَابُ الطِّبِّ وَالرُّقَى

- ‌بَابُ الدَّوَاءِ

- ‌بَابُ الشُّونِيزِ

- ‌بَابُ الْمُدَاوَاةِ بِالْعَسَلِ

- ‌بَابُ الْحِجَامَةِ

- ‌بَابُ وَقْتِ اسْتِحْبَابِ الْحِجَامَةِ

- ‌بَابُ تَبْرِيدِ الْحُمَّى بِالْمَاءِ

- ‌بَابُ الْمُدَاوَاةِ بِالْعُودِ الْهِنْدِيِّ وَهُوَ الْقَسْطُ

- ‌بَابُ اللَّدُودِ وَالسَّعُوطِ وَالْمَشْيِ

- ‌بَابُ الرُّقْيةِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا وَتَعْلِيقِ التَّمَائِمِ

- ‌بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنَ الرُّقَى

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الطِّيَرَةِ وَاسْتِحْبَابِ الْفَأْلِ

- ‌بَابُ الْكَهَانَةِ

- ‌بَابُ السِّحْرِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْحَيَّاتِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْوَزَغِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الذَّرِّ

- ‌بَابُ الدِّيكِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْفَأْرَةِ

- ‌31 - كِتَابُ الرُّؤْيَا

- ‌بَابُ تَحْقِيقِ الرُّؤْيَا

- ‌بَابُ مِنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ

- ‌بَابُ أَقْسَامِ الرُّؤْيَا

- ‌بَابُ أَقْسَامِ تَأْوِيلِ الرُّؤْيَا

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ رُؤْيَةِ السَّمَاءِ وَمَا فِيهَا

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ رُؤْيَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ الْوُضُوءِ وَالْعِبَادَاتِ فِي النَّوْمِ

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ النِّكَاحِ فِي النَّوْمِ

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ رُؤْيَةِ الإِنْسَانِ الْمَجْهُولِ وَالْمَعْلُومِ وَأَعْضَاءِ الإِنْسَانِ

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ الثِّيَابِ وَالْفُرُشِ

- ‌بَابُ رُؤْيَةِ الْعُيُونِ وَالْمِيَاهِ

- ‌بَاب تَأْوِيل رُؤْيَة الْبَقر وَسَائِر الْحَيَوَان

- ‌بَاب السوار والحلي

- ‌32 - كتاب الاسْتِئْذَان

- ‌بَاب بَدْء السَّلَام

- ‌بَاب فضل السَّلَام

- ‌بَاب مِن الَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ

- ‌بَاب التَّسْلِيم عَلَى الصّبيان

- ‌بَاب التَّسْلِيم عَلَى النِّسَاء

- ‌بَاب تَبْلِيغ السَّلَام

- ‌بَاب كَرَاهِيَة التَّسْلِيم عَلَى أهل الْكتاب وَكَيْفِيَّة الرَّد عَلَيْهِم إِن بدءوا

- ‌بَاب التَّسْلِيم عَلَى قوم فيهم أخلاط مِن الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين

- ‌بَاب الْكتاب إِلَى الْكفَّار

- ‌بَاب الاسْتِئْذَان بِالسَّلَامِ وَأَن الاسْتِئْذَان ثَلَاث

- ‌بَاب إِذا دعِي الرجل فجَاء هَل يسْتَأْذن

- ‌بَاب

- ‌بَاب كَرَاهِيَة أَن يَقُولُ أَنا

- ‌بَاب المصافحة وفضلها وَمَا قِيلَ فِي المعانقة والقبلة

- ‌بَاب التَّسْلِيم عِنْد الْقيام

- ‌بَاب كَرَاهِيَة الْقيام

- ‌بَاب لَا يُقيم الرجل مِن مَجْلِسه إِذا حضر

- ‌بَاب مِن قَامَ مِن مَجْلِسه ثُمَّ رَجَعَ كَانَ أَحَق بِهِ

- ‌بَاب مِن وجد فُرْجَة فِي الْحلقَة فَجَلَسَ فِيهَا

- ‌بَاب الْجُلُوس بَين الظل وَالشَّمْس

- ‌بَاب مِن ألقِي لَهُ وسَادَة فَلم يجلس عَلَيْهَا

- ‌بَاب التحلق

- ‌بَاب كَرَاهِيَة الْجُلُوس عَلَى الطّرق

- ‌بَاب تشميت الْعَاطِس وكيفيته

- ‌بَاب ترك تشميت مِن لم يحمد اللَّه عز وجل

- ‌بَاب التثاؤب

- ‌بَاب الضحك

- ‌بَاب صفة الْمَشْي وكراهية التَّبَخْتُر

- ‌بَاب كَيْفيَّة الْجُلُوس

- ‌بَاب كَيْفيَّة النّوم

- ‌بَاب التَّسْمِيَة باسم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَسْمَاء الْأَنْبِيَاء عليهم السلام

- ‌بَاب مَا يكره مِن الْأَسْمَاء

- ‌بَاب تَغْيِير الْأَسْمَاء

- ‌بَاب الكنية للصَّغِير قبل أَن يُولد لَهُ

- ‌بَاب لَا يَقُولُ العَبْد لمَالِكه رَبِّي وَلَا الْمَالِك عَبدِي

- ‌‌‌بَاب

- ‌بَاب

- ‌بَاب مَا يكره مِن أَلْفَاظ الْعَادة وَحفظ الْمنطق

- ‌بَاب إِن مِن الْبَيَان لسحرا

- ‌بَاب ذمّ الْبَيَان والتنطع

- ‌بَاب الشّعْر وَالرجز

- ‌بَاب مَا يكره أَن يكون الْغَالِب عَلَى الْإِنْسَان الشّعْر حَتَّى يصده عَن ذكر اللَّه عز وجل

- ‌بَاب تَحْرِيم اللّعب بالنرد

الفصل: يَدَيِ الْحَازِي غُلامٌ مَعَهُ مَيْلٌ، فَيَأْمُرُهُ الْحَازِي أَنْ يَخُطَّ خُطُوطًا

يَدَيِ الْحَازِي غُلامٌ مَعَهُ مَيْلٌ، فَيَأْمُرُهُ الْحَازِي أَنْ يَخُطَّ خُطُوطًا كَثِيرَةً عَلَى رَمْلٍ، أَوْ تُرَابٍ فِي خِفَّةٍ وَعَجَلَةٍ لِئَلا يَلْحَقَهَا الْعَدَدُ وَالإِحْصَاءُ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ، فَيَمْحُوهَا خَطَّيْنِ خَطَّيْنِ عَلَى مَهْلٍ، وَهُوَ يَقُولُ: ابْنَيْ عَيَانٍ أَسْرِعَا الْبَيَانَ.

ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى آخِرِ مَا يَبْقَى مِنْهَا، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا خَطَّانِ، فَهُوَ عَلامَةُ النَّجَاحِ، وَإِنْ بَقِيَ خَطٌّ وَاحِدٌ، فَهُوَ دَلِيلُ الْخَيْبَةِ وَالْحِرْمَانِ.

وَقَوْلُهُ: «فَمَنْ وَافَقَ عِلْمُهُ عِلْمَ» ، وَيُرْوَى «فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ» ، قَالَ الْخطابِيُّ: فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: الزَّجْرُ عَنْهُ، إِذْ كَانَ مِنْ بَعْدِهِ لَا يُوَافِقُ خَطَّهُ، وَلا يَنَالُ حَظَّهُ مِنَ الصَّوَابِ، لأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ آيَةً لِذَلِكَ النَّبِيِّ، وَعِلْمًا لِنُبُوَّتِهِ، فَلَيْسَ لِمَنْ بَعْدِهِ أَنْ يَتَعَاطَاهُ طَمَعًا فِي نَيْلِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: إِنَّ قَوْمًا يَحْسَبُونَ بِأَبِي جَاد، وَيَنْظُرُونَ فِي النُّجُومِ، وَمَا أَرَى لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ خَلاقٍ.

‌بَابُ السِّحْرِ

قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا

ص: 184

يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [الْبَقَرَة: 102]، وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ:{وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69]، وَقَالَ سبحانه وتعالى:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4]، وَالنَّفَّاثَاتُ: السَّوَاحِرُ تَنْفِثُ، أَيْ: تَتْفُلُ بِلا رِيقٍ.

وَقَالَ سبحانه وتعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66]، أَيْ: يُشَبَّهُ، وَالتَّخَايِيلُ: كُلُّ مَا لَا أَصْلَ لَهُ.

3260 -

أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طُبَّ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ صَنَعَ شَيْئًا، وَمَا صَنَعَهُ، وَأَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: جَاءَنِي رَجُلانِ، فَجَلَسَ أَحَدهُما عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ: عِنْدَ رِجْلِي، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ الآخَرُ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَالَ:

ص: 185

فِي مَاذَا؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي ذَرْوَانَ، وذَرْوَانُ بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلا أَخْرَجْتُهُ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا، فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنَّ أثير عَلَيَّ النَّاسَ مِنْهُ شَرًّا ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، نَحْوُهُ، وَزَادَ فِيهِ:" إِنَّ الْمَلَكَيْنِ قَالَا لَهُ: انْطَلِقْ إِلَى الْبِئْرِ، فَاسْتَخْرِجْ مِنْهَا سِحْرًا، قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَإِذَا بِئْرٌ مَاؤُهَا كَثِيرُ الْخَنَافِسِ، فَاسْتَخْرَجَ السِّحْرَ، فَبرأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "

وَقَوْلُهَا: «طُبَّ» أَيْ: سُحِرَ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ مَطْبُوبٌ، أَيْ: مَسْحُورٌ، كُنِيَ بِالطِّبِّ الَّذِي هُوَ لِلْعِلاجِ عَنِ السِّحْرِ، كَمَا كُنِيَ بِالسَّلِيمِ عَنِ اللَّدِيغِ تَطَيُّرًا مِنَ اللَّدْغِ إِلَى السَّلامَةِ، وَكُنِيَ عَنِ الْفَلاةِ،

ص: 186

وَهِيَ الْمُهْلِكَةُ بِالْمَفَازَةِ، تَطَيُّرًا مِنَ الْهَلاكِ إِلَى الْفَوْزِ وَالنَّجَاةِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الأَضْدَادِ، يُقَالُ لِعِلاجِ الدَّاءِ: طُبَّ، وَلِلسِّحْرِ: طُبَّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الأَدْوَاءِ.

وَالْمُشَاطَةُ: الشَّعْرُ الَّذِي يَسْقُطُ مِنَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ عِنْدَ التَّسْرِيحِ بِالْمِشْطِ.

وَيُرْوَى فِي مِشْطٍ وَمُشَاقَةٍ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ وَالْجُفُّ: وَعَاءُ الطَّلْعِ، وَيُرْوَى: وَجُبَّ طَلْعَةِ ذِكْرٍ.

قَالَ أَبُو عَمْرٍو: يُقَالُ لِوِعَاءِ الطَّلْعِ: جُفٌّ وَجُبٌّ مَعًا، يُقَالُ: أَرَادَ بِالْجُبِّ دَاخِلَهَا، كَمَا يُقَالُ لِدَاخِلَةِ الرَّكِيَّةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى أَسْفَلِهَا جُبٌّ.

وَيُرْوَى: «تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ» ، وَالرَّاعُوفَةُ: صَخْرَةٌ تُتْرَكُ فِي أَسْفَلِ الْبِئْرِ إِذَا احْتُفِرَتْ نَاتِئَةٌ يَجْلِسُ عَلَيْهَا مَنْ يُنَقِّي الْبِئْرَ، وَكَذَلِكَ الرَّاعُوثَةُ.

وَقَوْلُهُ: «كَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» أَيْ: أَنَّهَا مُسْتَدَقَّةٌ كَرُءُوسِ الْحَيَّاتِ، وَالْحَيَّةُ يُقَالُ لَهَا: الشَّيْطَانُ.

وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهَا وحشةُ الْمَنْظَرِ، قَبِيحَةُ الأَشْكَالِ، كَأَنَّهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ الْمُشَوَّهَةُ الْخَلْقِ، الْهَائِلَةُ لِلنَّاظِرِ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ الطَّبَائِعِ السِّحْرَ، وَأَبْطَلُوا حَقِيقَتَهُ، وَدَفَعَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالُوا: لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُؤَثِّرَ ذَلِكَ فِيمَا يُوحَى إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الشَّرْعِ، فَيَكُونَ فِيهِ ضَلالُ الأُمَّةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ السِّحْرَ ثَابِتٌ، وَحَقِيقَتُهُ مَوْجُودَةٌ، اتَّفَقَ أَكْثَرُ الأُمَمِ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْفُرْسِ، وَالْهِنْدِ، وَبَعْضِ الرُّومِ عَلَى إِثْبَاتِهِ، وَهَؤُلاءِ أَفْضَلُ سُكَّانِ أَهْلِ الأَرْضِ، وَأَكْثَرُهُمْ عِلْمًا وَحِكْمَةً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [الْبَقَرَة: 102]، وَأَمَرَ بِالاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ، فَقَالَ عز وجل:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4]، وَوَرَدَ فِي ذَلِكَ عَنْ

ص: 187

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَارٌ لَا يُنْكِرُهَا إِلا مِنْ أَنْكَرَ الْعِيَانَ وَالضَّرُورَةَ، وَفَرَّعَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمِ السَّاحِرِ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَمَا لَا أَصْلَ لَهُ لَا يَبْلُغُ هَذَا الْمَبْلَغُ فِي الشُّهْرَةِ وَالاسْتِفَاضَةِ، فَنَفْيُ السِّحْرِ جَهْلٌ، وَالرَّدُّ عَلَى مِنْ نَفَاهُ لَغْوٌ وَفَضْلٌ.

فَأَمَّا مَا زَعَمُوا مِنْ دُخُولِ الضَّرَرِ فِي الشَّرْعِ بِإِثْبَاتِهِ، فَلَيْسَ كَذَلِكَ، لأَنَّ السِّحْرَ إِنَّمَا يَعْمَلُ فِي أَبْدَانِهِمْ وَهُمْ بَشَرٌ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعِلَلِ وَالأَمْرَاضِ مَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَيْسَ تَأْثِيرُ السِّحْرِ فِي أَبْدَانِهِمْ بِأَكْثَرَ مِنَ الْقَتْلِ، وَتَأْثِيرِ السُّمِّ، وَعَوَارِضِ الأَسْقَامِ فِيهِمْ، وَقَدْ قَتَلَ زَكَرِيَّا وَابْنَهُ، وَسُمَّ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ.

فَأَمَّا أَمْرُ الدِّينِ، فَإِنَّهُمْ مَعْصُومُونَ فِيمَا بَعَثَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ، وَأَرْصَدَهُمْ لَهُ، وَهُوَ جَلَّ ذِكْرُهُ حَافِظٌ لِدِينِهِ، وَحَارِسٌ لِوَحْيِهِ أَنْ يَلْحَقَهُ فَسَادٌ أَوْ تَبْدِيلٌ، وَإِنَّمَا كَانَ خُيِّلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ خُصُوصًا، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ:{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [الْبَقَرَة: 102]، فَلا ضَرَرَ إِذَا يَلْحَقُهُ فِيمَا لَحِقَهُ مِنَ السِّحْرِ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَشَرِيعَتِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ، وَالسِّحْرُ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ يَفْعَلُهُ فِي الإِنْسَانِ بِنَفْثِهِ، وَنَفْخِهِ، وَهَمْزِهِ، وَوَسْوَسَتِهِ، وَيَتَلَقَّاهُ السَّاحِرُ بِتَعْلِيمِهِ إِيَّاهُ، وَمَعُونَتِهِ عَلَيْهِ، فَإِذَا تَلَقَّاهُ عَنْهُ، اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهِ بِالْقَوْلِ وَالنَّفْثِ فِي الْعُقَدِ، وَلِلكَّلامِ تَأْثِيرٌ فِي الطِّبَاعِ وَالنُّفُوسِ، وَلِذَلِكَ صَارَ الإِنْسَانُ إِذَا سَمِعَ مَا كَرِهَ يَحْمَى وَيَغْضَبُ، وَرُبَّمَا حُمَّ مِنْهُ، وَقَدْ مَاتَ قَوْمٌ بِكَلامٍ سَمِعُوهُ، وَبِقَوْلٍ امْتَعَضُوا مِنْهُ، وَلَوْلا طُولُ الْكِتَابِ لَذَكَرْنَاهُمْ.

هَذَا كَلامُ الْخَطَّابِيِّ فِي كِتَابِهِ.

3261 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،

ص: 188

عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، " أنَّها أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا، ثُمَّ إِنَّ عَائِشَةَ مَرِضَتْ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا سِنْدِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّكِ مَطْبُوبَةٌ، فَقَالَتْ: مَنْ طَبَّنِي؟ قَالَ: امْرَأَةٌ مِنْ نَعْتِهَا كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَالَ فِي حَجْرِهَا صَبِيٌّ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: ادْعُوا لِي فُلانَةً لِجَارِيَةٍ لَهَا تَخْدُمُهَا، فَوَجَدُوهَا فِي بَيْتِ جِيرَانٍ لَهَا، فِي حَجْرِهَا صَبِيٌّ قَدْ بَالَ، فَقَالَتْ: حَتَّى أَغْسِلَ بَوْلَ هَذَا الصَّبِيِّ، فَغَسَلَتْهُ: ثُمَّ جَاءَتْ، فَقَالَت لَهَا عَائِشَةُ: أَسَحَرْتِينِي؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: لِمَ؟ قَالَتْ: أَحْبَبْتُ الْعِتْقَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: واللَّهِ لَا تَعْتِقِي أَبَدًا، فَأَمَرَتِ ابْنَ أَخِيهَا أَنْ يَبِيعَهَا مِنَ الأَعْرَابِ مِمَّنْ يُسِيءُ مَلَكَتَهَا، ثُمَّ ابْتَعْ بِثَمَنِهَا رَقَبَةً حَتَّى أعْتَقَهَا، فَفَعَلَتْ ".

قَالَتْ عَمْرَةُ: فَلَبِثَتْ عَائِشَةَ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الزَّمَانِ، ثُمَّ إِنَّهَا رَأَتْ فِي النَّوْمِ أَنِ اغْتَسِلِي مِنْ ثَلاثِ أَبْؤُرٍ يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَإِنَّكِ تُشْفَيْنَ، فَاغْتَسَلَتْ، فَشُفِيَتْ.

وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: هَلْ عَلِيَّ حَرَجٌ أَنْ

ص: 189

أُقَيِّدَ جَمَلِي؟ قَالَتْ: قَيِّدِي جَمَلَكِ، قَالَتْ: فَأَحْبِسُ عَلِيَّ زَوْجِي؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَخْرِجُوا عَنِّي السَّاحِرَةَ، فَأَخْرَجُوهَا.

وَرُوِيَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَؤُخِّذُ جَمَلِي، وَمَعْنَاهُ هَذَا، يُقَالُ: أَخَذَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا تَأْخِيذًا، إِذَا حَبَسَتْهُ عَنْ سَائِرِ النِّسَاءِ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي الرَّجُلِ يُؤْخَذُ عَنِ امْرَأَتِهِ؟ قَالَ: «اتَّئِدُوا لَمْ تَنْهُوا عَمَّا يَنْفَعُكُمْ، إِنَّمَا نُهِيتُمْ عَمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» .

قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: رَجُلُ بِهِ طِبٌّ أَيُحَلُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» .

وَعَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ، وَالْمَسْحُورُ مَنْ يُطْلِقُ عَنْهُ

ص: 190