المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يكره من الطيرة واستحباب الفأل - شرح السنة للبغوي - جـ ١٢

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌29 - كِتَابُ اللِّبَاسِ

- ‌بَابُ الْجُبَّةِ

- ‌بَابُ تَقْصِيرِ الثِّيَابِ

- ‌بَابُ مَوْضِعِ الإِزَارِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ لِلنِّسَاءِ فِي جَرِّ الإِزَارِ وَإِسْبَالِ الثَّوْبِ، لِيَكُونَ أَسْتَرَ لَهُنَّ، وَالنَّهْيِ عَنِ الرَّقِيقِ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌بَابُ إِطْلاقِ الأَزْرَارِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ

- ‌بَابُ لُبْسِ الْبِيضِ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌بَابُ الثِّيَابِ المَصْبُوغَةِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ

- ‌بَابُ لِبَاسِ الصُّوفِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ عَلَى الرِّجَالِ

- ‌بَابُ قَدْرِ مَا يُرَخَّصُ فِيهِ مِنَ الحَرِيرِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ للرِّجَالِ فِي لِبْسِ الحَرِيرِ لِلْحِكَّةِ والقَمْلِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ لِلنِّسَاءِ فِي لِبْسِ الْحَرِيرِ

- ‌بَابُ الْعِمَامَةِ وَالتَّقَنُّعِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌بَابُ تَرْقِيعِ الثَّوْبِ وَالْبَذَاذَةِ وَالاحْتِرَازِ عَنِ الشُّهْرَةِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ عز وجل عَلَى الرَّجُلِ

- ‌بَابُ الأَنْمَاطِ وَالرُّخْصَةِ فِي اتِّخَاذِهَا

- ‌بَابُ الفِرَاشِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌بَابُ إِبَاحَةِ خَاتَمِ الْفِضَّةِ

- ‌بَابُ نَقْشِ الْخَاتَمِ

- ‌بَابُ فَصِّ الخَاتَمِ

- ‌بَابُ مَوْضِعِ الْخَاتَمِ

- ‌بَابُ الْخُفِّ

- ‌بَابُ النَّعْلِ

- ‌بَابُ البَدَاءَةِ بِالْيُمْنَى إِذَا انْتَعَلَ

- ‌بابُ لَا يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ

- ‌بَابُ نَهْيِ الرِّجَالِ عَنِ التَّزَعْفُرِ

- ‌بَابُ تَرْجِيلِ الشَّعْرِ وَتَدْهِينِهِ

- ‌بَابُ التَّطَيُّبِ

- ‌بَابُ الْخِضَابِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ، وَمَنْ رَخَّصَ فِيهِ، وَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْضَبَ بِهِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌بَابُ فَرْقِ الرَّأْسِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْقَزَعِ

- ‌بَابُ اتِّخَاذِ الْجُمَّةِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ وَصْلِ الشَّعْرِ وَالْوَشْمِ

- ‌بَابُ قَصِّ الشَّارِبِ

- ‌بَابُ الْخِتَانِ

- ‌بَابُ التَّوْقِيتِ فِي تَقْلِيمِ الأَظَافِرِ وَقَصِّ الشَّارِبِ

- ‌بَابُ شَدِّ الأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ وَاتِّخَاذِ الأَنْفِ

- ‌بَابُ الاكْتحَالِ

- ‌بَابُ لَعْنِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ وَإِخْرَاجِهِمْ وَإِخْرَاجِ أَهْلِ الرِّيبِ

- ‌بَابُ نَهْيِ النِّسَاءِ عَنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ

- ‌بَابُ التَّصَاوِيرِ وَوَعِيدِ الْمُصَوِّرِينَ

- ‌بَابُ الأُرْجُوحَةِ

- ‌30 - كِتَابُ الطِّبِّ وَالرُّقَى

- ‌بَابُ الدَّوَاءِ

- ‌بَابُ الشُّونِيزِ

- ‌بَابُ الْمُدَاوَاةِ بِالْعَسَلِ

- ‌بَابُ الْحِجَامَةِ

- ‌بَابُ وَقْتِ اسْتِحْبَابِ الْحِجَامَةِ

- ‌بَابُ تَبْرِيدِ الْحُمَّى بِالْمَاءِ

- ‌بَابُ الْمُدَاوَاةِ بِالْعُودِ الْهِنْدِيِّ وَهُوَ الْقَسْطُ

- ‌بَابُ اللَّدُودِ وَالسَّعُوطِ وَالْمَشْيِ

- ‌بَابُ الرُّقْيةِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا وَتَعْلِيقِ التَّمَائِمِ

- ‌بَابُ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنَ الرُّقَى

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الطِّيَرَةِ وَاسْتِحْبَابِ الْفَأْلِ

- ‌بَابُ الْكَهَانَةِ

- ‌بَابُ السِّحْرِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْحَيَّاتِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْوَزَغِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الذَّرِّ

- ‌بَابُ الدِّيكِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْفَأْرَةِ

- ‌31 - كِتَابُ الرُّؤْيَا

- ‌بَابُ تَحْقِيقِ الرُّؤْيَا

- ‌بَابُ مِنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ

- ‌بَابُ أَقْسَامِ الرُّؤْيَا

- ‌بَابُ أَقْسَامِ تَأْوِيلِ الرُّؤْيَا

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ رُؤْيَةِ السَّمَاءِ وَمَا فِيهَا

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ رُؤْيَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ الْوُضُوءِ وَالْعِبَادَاتِ فِي النَّوْمِ

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ النِّكَاحِ فِي النَّوْمِ

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ رُؤْيَةِ الإِنْسَانِ الْمَجْهُولِ وَالْمَعْلُومِ وَأَعْضَاءِ الإِنْسَانِ

- ‌بَابُ تَأْوِيلِ الثِّيَابِ وَالْفُرُشِ

- ‌بَابُ رُؤْيَةِ الْعُيُونِ وَالْمِيَاهِ

- ‌بَاب تَأْوِيل رُؤْيَة الْبَقر وَسَائِر الْحَيَوَان

- ‌بَاب السوار والحلي

- ‌32 - كتاب الاسْتِئْذَان

- ‌بَاب بَدْء السَّلَام

- ‌بَاب فضل السَّلَام

- ‌بَاب مِن الَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ

- ‌بَاب التَّسْلِيم عَلَى الصّبيان

- ‌بَاب التَّسْلِيم عَلَى النِّسَاء

- ‌بَاب تَبْلِيغ السَّلَام

- ‌بَاب كَرَاهِيَة التَّسْلِيم عَلَى أهل الْكتاب وَكَيْفِيَّة الرَّد عَلَيْهِم إِن بدءوا

- ‌بَاب التَّسْلِيم عَلَى قوم فيهم أخلاط مِن الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين

- ‌بَاب الْكتاب إِلَى الْكفَّار

- ‌بَاب الاسْتِئْذَان بِالسَّلَامِ وَأَن الاسْتِئْذَان ثَلَاث

- ‌بَاب إِذا دعِي الرجل فجَاء هَل يسْتَأْذن

- ‌بَاب

- ‌بَاب كَرَاهِيَة أَن يَقُولُ أَنا

- ‌بَاب المصافحة وفضلها وَمَا قِيلَ فِي المعانقة والقبلة

- ‌بَاب التَّسْلِيم عِنْد الْقيام

- ‌بَاب كَرَاهِيَة الْقيام

- ‌بَاب لَا يُقيم الرجل مِن مَجْلِسه إِذا حضر

- ‌بَاب مِن قَامَ مِن مَجْلِسه ثُمَّ رَجَعَ كَانَ أَحَق بِهِ

- ‌بَاب مِن وجد فُرْجَة فِي الْحلقَة فَجَلَسَ فِيهَا

- ‌بَاب الْجُلُوس بَين الظل وَالشَّمْس

- ‌بَاب مِن ألقِي لَهُ وسَادَة فَلم يجلس عَلَيْهَا

- ‌بَاب التحلق

- ‌بَاب كَرَاهِيَة الْجُلُوس عَلَى الطّرق

- ‌بَاب تشميت الْعَاطِس وكيفيته

- ‌بَاب ترك تشميت مِن لم يحمد اللَّه عز وجل

- ‌بَاب التثاؤب

- ‌بَاب الضحك

- ‌بَاب صفة الْمَشْي وكراهية التَّبَخْتُر

- ‌بَاب كَيْفيَّة الْجُلُوس

- ‌بَاب كَيْفيَّة النّوم

- ‌بَاب التَّسْمِيَة باسم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَسْمَاء الْأَنْبِيَاء عليهم السلام

- ‌بَاب مَا يكره مِن الْأَسْمَاء

- ‌بَاب تَغْيِير الْأَسْمَاء

- ‌بَاب الكنية للصَّغِير قبل أَن يُولد لَهُ

- ‌بَاب لَا يَقُولُ العَبْد لمَالِكه رَبِّي وَلَا الْمَالِك عَبدِي

- ‌‌‌بَاب

- ‌بَاب

- ‌بَاب مَا يكره مِن أَلْفَاظ الْعَادة وَحفظ الْمنطق

- ‌بَاب إِن مِن الْبَيَان لسحرا

- ‌بَاب ذمّ الْبَيَان والتنطع

- ‌بَاب الشّعْر وَالرجز

- ‌بَاب مَا يكره أَن يكون الْغَالِب عَلَى الْإِنْسَان الشّعْر حَتَّى يصده عَن ذكر اللَّه عز وجل

- ‌بَاب تَحْرِيم اللّعب بالنرد

الفصل: ‌باب ما يكره من الطيرة واستحباب الفأل

‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الطِّيَرَةِ وَاسْتِحْبَابِ الْفَأْلِ

3247 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: وَقَالَ عَفَّانُ: نَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، نَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا عَدْوَى، وَلا طِيَرَةَ، وَلا هَامَةَ، وَلا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

3248 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا عَدْوَى، وَلا صَفَرَ، وَلا هَامَةَ، قَالَ: فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: فَمَا بَالُ الإِبِلِ

ص: 167

تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيُخَالِطُهَا الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا؟ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟ ".

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلي مُصحٍّ» ، قَالَ: فَرَاجَعَهُ الرَّجُلُ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ حَدَّثْتَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا عَدْوَى، وَلا صَفَرَ، وَلا هَامَةَ» .

فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ أُحَدِّثْكُمُوهُ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: قَدْ حَدَّثَ بِهِ، وَمَا سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ نَسِيَ حَدِيثًا غَيْرَهُ.

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَأَخْرَجَا كِلا الْحَدِيثَيْنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا عَدْوَى» ، فَلا أَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَمْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الآخَرَ.

قَوْلُهُ: «لَا يورِدُ مُمْرَضٌ عَلَى مُصِحٍّ» ، فَالْمُمْرَضُ: الَّذِي مَرِضَتْ

ص: 168

مَاشِيَتُهُ، وَالْمُصِحُّ: صَاحِبُ الصِّحَاحُ مِنْهَا، كَمَا يُقَالُ: مُضْعِفٌ لِمَنْ ضَعُفَتْ دَوَابُّهُ، وَمُقْوٍ لِمَنْ كَانَتْ دَوَابُّهُ أَقْوِيَاءَ.

قَالَ الْخَطَابِيُّ: وَلَيْسَ الْمَعْنَى فِي النَّهْيِ أَنَّ الْمَرِيضَ يُعْدِي، وَلَكِنَّ الصِّحَاحَ إِذَا مَرِضْتَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَتَقْدِيرِهِ، وَقَعَ فِي نَفْسِ صَاحِبِهَا أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ قَبْلِ الْعَدْوَى، فَيَفْتِنُهُ، وَيُشَكِّكُهُ فِي أَمْرِهِ، فَأَمَرَهُ بِاجْتِنَابِهِ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ هَذَا الْمَعْنَى، وَقَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَحْمِلُ هَذَا، عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِيهِ لِلْمَخَافَةِ عَلَى الصَّحِيحَةِ مِنْ ذَاتِ الْعَاهَةِ، وَهَذَا شَرُّ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، لأَنَّهُ رُخْصَةٌ فِي التَّطَيُّرِ، وَكَيْفَ لَا يَنْهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَذَا التَّطَيُّرِ، وَهُوَ يَقُولُ:«الطِّيَرَةُ شِرْكٌ» ، وَلَكِنَّ وَجْهَهُ عِنْدِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَنْزِلَ بِهَذِهِ الصِّحَاحِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا يَنْزِلُ بِتِلْكَ، فَيَظُنُّ الْمُصِحُّ أَنَّ تِلْكَ أَعْدَتْهَا، فَيَأْثَمُ.

قَالَ الإِمَامُ: الْعَدْوَى أَنْ يَكُونَ بِبَعِيرٍ جَرَبٌ، أَوْ بِإِنْسَانِ بَرَصٌ، أَوْ جُذَامٌ، فَتَتَّقِي مُخَالَطَتَهُ حَذَرًا أَنْ يَعْدُوَ مَا بِهِ إِلَيْكَ، وَيُصِيبَكَ مَا أَصَابَهُ.

فَقَوْلُهُ: «لَا عَدْوَى» يُرِيدُ أَنَّ شَيْئًا لَا يُعْدِي شَيْئًا بِطَبْعِهِ، إِنَّمَا هُوَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ عز وجل، وَسَابِقِ قَضَائِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِلأَعْرَابِيِّ:«فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ» ، يُرِيدُ أَنَّ أَوَّلَ بَعِيرٍ جَرِبٍ مِنْهَا، كَانَ جَرَبُهُ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، لَا بِالْعَدْوَى، فَكَذَلِكَ مَا ظَهَرَ بِسَائِرِ الإِبِلِ مِنْ بَعْدُ.

3249 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الطَّحَّانُ، أَنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ، أَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنِيهِ أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: " لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ النُّقْبَةَ تَكُونُ

ص: 169

بِمِشْفَرِ الْبَعِيرِ، أَوْ بِذَنَبِهِ فِي الإِبِلِ الْعَظِيمَةِ، فَتَجْرَبُ كُلُّهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَمَا أَجْرَبَ الأَوَّلَ "

وَالنُّقْبَةُ: أَوَّلُ الْجَرَبِ حِينَ يَبْدُو، وَجَمْعُهَا نُقُبٌ.

وَالطِّيَرَةُ: مَعْنَاهَا التَّشَاؤُمُ، يُقَالُ: تَطَيَّرَ الرَّجُلُ طِيرَةً، كَمَا يُقَالُ: تَخَيَّرْتُ الشَّيْءَ خِيرَةً، وَلَمْ تَجِئِ الْمَصَادِرُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ غَيْرَهُمَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} [يس: 18]، أَيْ: تَشَاءَمْنَا، {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس: 19]، أَيْ: شُؤْمُكُمْ.

وَقَوْلُهُ: {طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الْأَعْرَاف: 131]، أَيْ: حَقُّهُمُ الْمَكْتُوبُ لَهُمْ، وَطَائِرُ الإِنْسَانِ: مَا طَارَ لَهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا قُدِّرَ لَهُ، وَأُخِذَتِ الطِّيَرَةُ مِنَ اسْمِ الطَّيْرِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَتَطَيَّرُ بِبُرُوحِ الطَّيْرِ وَسُنُوحِهَا فَيَصُدُّهُمْ ذَلِكَ عَمَّا يَمَّمُوهُ مِنْ مَقَاصِدِهِمْ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ مِنْهَا تَأْثِيرٌ فِي اجْتِلابِ نَفْعٍ، أَوْ ضُرٍّ، وَيُقَالُ: الطِّيَرَةُ أَنْ يَخْرُجَ لأَمْرٍ، فَإِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ مَضَى، وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ انْصَرَفَ، فَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ مِنْ مَحْبُوبِ ذَلِكَ وَمَكْرُوهِهِ، فَلَيْسَ بِطِيَرَةٍ، إِذَا مَضَى لِحَاجَتِهِ، وَتَوَكَّلَ عَلَى رَبِّهِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ مَضَيْتَ فَمُتَوَكِّلٌ، وَإِنْ نَكَصْتَ فَمُتَطَيِّرٌ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا تَضُرُّ الطِّيَرَةُ إِلا مِنْ تَطَيَّرَ.

وَقَوْلُهُ: «وَلا هَامَةَ» فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ عِظَامَ الْمَوْتَى تَصِيرُ هَامَةً، فَتَطِيرُ، فَيَقُولُونَ: لَا يُدْفَنُ مَيِّتٌ إِلا وَيَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ

ص: 170

هَامَةٌ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ ذَلِكَ الصَّدَى، وَمِنْ ذَلِكَ تَطَيُّرُ الْعَامَّةِ بِصَوْتِ الْهَامَةِ، فَأَبْطَلَ الشَّرْعُ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: «وَلا صَفَرَ» مَعْنَاهُ: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ: الصَّفَرُ حَيَّةٌ تَكُونُ فِي الْبَطْنِ تُصِيبُ الإِنْسَانَ وَالْمَاشِيَةَ، تُؤْذِيهِ إِذَا جَاعَ، وَهِيَ أَعْدَى مِنَ الْجَرَبِ عِنْدَ الْعَرَبِ، فَأَبْطَلَ الشَّرْعُ أَنَّهَا تَعْدِي، وَقِيلَ فِي الصَّفَرِ: إِنَّهُ تَأْخِيرُهُمْ تَحْرِيمَ الْمُحْرِمِ إِلَى صَفَرٍ، وَقِيلَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَسْتَشْئِمُونَ بِصَفَرٍ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: «فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» قَالَ الإِمَامُ: لَعَلَّهُ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ عليه السلام: «لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» ، وَقِيلَ: هُوَ رُخْصَةٌ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْتَنِبَ عَنْهُ، كَقَوْلِهِ عليه السلام فِي الطَّاعُونِ:«إِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ فَلا تُقَدِّمُوا عَلَيْهِ» ، فَمَنْ لَمْ يَحْتَرِزْ عَنْهُ مُتَوَكِّلا، فَحَسَنٌ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ عليه السلام، «أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ فَوَضَعَهَا مَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ» .

وَقِيلَ: إِنَّ الْجُذَامَ عِلَّةٌ لَهَا رَائِحَةٌ تُسْقِمُ مَنْ أَطَالَ مُجَالَسَةِ صَاحِبِهَا، وَمُؤَاكَلَتِهِ، لاشْتِمَامِ تِلْكَ الرَّائِحَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تُضَاجِعُ الْمَجْذُومَ فِي شِعَارٍ وَاحِدٍ، فَرُبَّمَا تُجْذَمُ مِنَ الأَذَى الَّذِي يُصِيبُهَا، وَقَدْ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي النَّسْلِ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ الْجَرِبُ يُخَالِطُ الإِبِلَ وَيُحَاكُّهَا، فَيَصِلُ إِلَيْهَا بَعْضُ مَا يَسِيلُ مِنْ جَرَبِهِ، فَيَظْهَرُ عَلَيْهَا أَثَرٌ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْعَدْوَى، بَلْ هَذَا مِنْ بَابِ الطِّبِّ، كَمَا أَنَّ أَكْلَ مَا يُعَافِهِ الإِنْسَانُ، وَاشْتِمَامَ مَا يَكْرَهُ رِيحَهُ، وَالْمَقَامَ فِي بَلَدٍ لَا يُوَافِقُ هَوَاهُ طَبْعُهُ يَضُرُّهُ، وَمَا يُوَافِقُهُ يَنْفَعُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ

ص: 171

جَلَّ ذِكْرُهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ} [الْبَقَرَة: 102].

3250 -

أَنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " قَدِمَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ، مَجْذُومٌ لِيُبَايِعَهُ، فَذَكَرْتُ ذلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ائْتِهِ فَأَخْبِرْهُ، فَإِنِّي قَدْ بَايَعْتُهُ، فَلْيَرْجِعْ «.

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

وَرَوَى يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ،» أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ، فَوَضَعَهَا مَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ، وَقَالَ: كُلْ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلا عَلَيْهِ ".

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

قَالَ أَبُو عِيسَى: لَا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، وَالْمُفَضَّلُ هَذَا شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، وَالْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ شَيْخٌ آخَرُ مِصْرِيٌّ أَوْثَقُ مِنْ هَذَا وَأَشْهَرُ.

وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ عُمَرَ أَخذ بِيَدِ مجْذِومٍ، وَحَدِيثُ شُعْبَةَ عِنْدِي أَشْبَهُ وَأَصَحُّ.

ص: 172

قَالَ الإِمَامُ: وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الأَجْذَمِ.

3251 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا عَدْوَى، وَلا طِيَرَةَ، وَلا غُولَ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ.

قَوْلُهُ: «وَلا غَوْلَ» لَيْسَ مَعْنَاهُ نَفْيُ الْغَوْلِ كَوْنًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ الْغِيلانَ تَظْهَرُ لِلنَّاسِ فِي الْفَلَوَاتِ فِي الصُّوَرِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَتُضِلُّهُمْ وَتُهْلِكُهُمْ، وَيُقَالُ: تَغَوَّلَ تَغَوُّلا، أَيْ: تَلَوَّنَ

فَأَخْبَرَ الشَّرْعُ أَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الإِضْلالِ وَالإِهْلاكِ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ عز وجل، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:«إِذَا تَغَوَّلَتِ الْغِيلانُ، فَبَادِرُوا بِالأَذَانِ» ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْغِيلانَ سَحَرَةُ الْجِنِّ، تَسْحَرُ النَّاسَ، وَتَفْتِنُهُمْ

ص: 173

بِالإِضْلالِ عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْغَوْلُ وَالْغُولُ يَقَعَانِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ، أَحَدُهُمَا: الْبُعْدُ، وَالآخَرُ: الإِهْلاكُ، فَالْغَوْلُ: الْمَصْدَرُ، وَالْغُولُ: الاسْمُ.

3252 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِي، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا عَدْوَى، وَلا هَامَةَ، وَلا نَوْءَ، وَلا صَفَرَ ".

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ.

قَوْلُهُ: «لَا نَوْءَ» أَرَادَ بِهِ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَنْسِبُ الْمَطَرَ إِلَى أَنْوَاءِ الْكَوَاكِبِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُ الْقَمَرِ، وَتَقُولُ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، فَأَبْطَلَ الشَّرْعُ أَنْ يَكُونَ بِنَوْءِ النُّجُومِ شَيْءٌ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ، كَمَا أَخْبَرَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، عَنْ رَبِّهِ عز وجل قَالَ:" مِنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي، كَافِرٌ بِالْكَوَاكِبِ، وَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي، مُؤْمِنٌ بِالْكَوَاكِبِ "

3253 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو عُمَرَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، نَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَفِيدُ، نَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، نَا عَفَّانُ، نَا هَمَّامٌ، نَا قَتَادَةُ،

ص: 174

عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا عَدْوَى، وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ: الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ هَدَّابِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَن مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ

3254 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَفَاءَلُ، وَلا يَتَطَيَّرُ، كَانَ يُحِبُّ الاسْمَ الْحَسَنَ»

الْفَأْلُ مَهْمُوزٌ: وَجَمْعُهُ فُئُولٌ، وَالْفَأْلُ قَدْ يَكُونُ فِيمَا يَحْسُنُ وَيَسُوءُ، وَالطَّيَرَةُ لَا تَكُونُ إِلا فِيمَا يَسُوءُ، وَإِنَّمَا أَحَبَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْفَأْلَ، لأَنَّ فِيهِ رَجَاءُ الْخَيْرِ وَالْعَائِدَةُ، وَرَجَاءُ الْخَيْرِ أَحْسَنُ بِالإِنْسَانِ مِنَ الْيَأْسِ وَقَطْعِ الرَّجَاءِ عَنِ الْخَيْرِ.

3255 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ،

ص: 175

عَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" لَا طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، عَنْ أَبِي يَمَانٍ.

حُكِيَ عَنِ الأَصْمَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَوْنٍ عَنِ الْفَأْلِ؟ قَالَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا، فَيَسْمَعُ يَا سَالِمُ، أَوْ يَكُونُ طَالِبًا، فَيَسْمَعُ يَا وَاجِدُ

قَالَ الإِمَامُ وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، " كَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَنْ يَسْمَعَ: يَا رَاشِدُ، يَا نَجِيحُ «.

وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ،» أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ، فَإِذَا بَعَثَ عَامِلا يَسْأَلُ عَنِ اسْمِهِ، فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ، فَرِحَ بِهِ، وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً، سَأَلَ عَنِ اسْمِهَا، فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا، فَرِحَ بِهَا، وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا، رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ".

ص: 176

وَيَنْبَغِي لِلإِنْسَانِ أَنْ يَخْتَارَ لِوَلَدِهِ وَخَدَمِهِ الأَسْمَاءَ الْحَسَنَةَ، فَإِنَّ الأَسْمَاءَ الْمَكْرُوهَةَ قَدْ تَوَافَقَ الْقَدَرُ، رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ لِرَجُلٍ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: جَمْرَةٌ، قَالَ: ابْنُ مِنْ؟ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: مِمَّنْ، قَالَ: مِنَ الْحُرَقَةِ، قَالَ: أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ قَالَ: بِحَرَّةِ النَّارِ، قَالَ: بِأَيِّهَا؟ قَالَ: بِذَاتِ لَظًى، فَقَالَ عُمَرُ: أَدْرِكْ أَهْلَكَ، فَقَدِ احْتَرَقُوا، فَكَانَ كَمَا قَالَ رضي الله عنه.

3256 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنْ عَوْفٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ حَيَّانَ، عَنْ قَطَنِ بْنِ قَبِيصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الْعِيَافَةُ، وَالطَّرْقُ، وَالطِّيَرَةُ مِنَ الْجِبْتِ» .

وَأَرَادَ بِالْعِيَافَةِ: زَجْرَ الطَّيْرِ.

وَالطَّرْقُ: هُوَ الضَّرْبُ بِالْحَصَى، وَأَصْلُ الطَّرْقِ: الضَّرْبُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ مِطْرَقَةُ الصَّائِغِ وَالْحَدَّادِ، لأَنَّهُ يَطْرِقُ بِهَا.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: الْجِبْتُ: السَّاحِرُ، وَالطَّارِقُ: الْكَاهِنُ

3257 -

أَخْبَرَنَا الإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ التُّرَابِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ الْبَسْطَامِيُّ، أَنا أَحْمَدُ

ص: 177

بْنُ سَيَّارٍ الْقُرَشِيُّ، أَنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عِيسَى الأَسَدِيِّ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الطِّيَرَةُ مِنَ الشِّرْكِ، وَمَا مِنَّا إِلا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ»

قَوْلُهُ: «وَمَا مِنَّا إِلا» مَعْنَاهُ: إِلا وَقَدْ يَعْتَرِيهِ التَّطَيُّرُ، وَيَسْبِقُ إِلَى قَلْبِهِ الْكَرَاهِيَةُ فِيهِ، فَحَذَفَهُ اخْتِصَارًا، وَاعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِ السَّامِعِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: قَوْلُهُ: «مَا مِنَّا» لَيْسَ قَوْلُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَكَأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ.

وَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَقُولُ:«لَا هَامَةَ، وَلا عَدْوَى، وَلا طِيَرَةَ، وَإِنْ تَكُنِ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ، فَفِي الْمَرْأَةِ، وَالْفَرَسِ، وَالدَّارِ» .

فَقَدْ قِيلَ: وَإِنْ تَكُنِ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ، أَنَّ سَبِيلَهُ سَبِيلُ الْخُرُوجِ مِنْ كَلامٍ إِلَى غَيْرِهِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنْ كَانَ لأَحَدِكُمْ دَارٌ يَكْرَهُ سُكْنَاهَا، أَوِ امْرَأَةٌ يُكْرَهُ صُحْبَتَهَا، أَوْ فَرَسٌ لَا يُعْجِبُهُ.

فَلْيُفَارِقْهَا بِأَنْ يَنْتَقِلَ عَنِ الدَّارِ، وَيُطَلِّقَ الْمَرْأَةَ، وَيَبِيعَ الْفَرَسَ حَتَّى يَزُولَ

ص: 178