الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ التَّوْبَةِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التَّحْرِيم: 8]، قَالَ مُجَاهِدٌ: " النَّصُوحُ: أَنْ يَتُوبَ مِنَ الذَّنْبِ فَلا يَعُودَ إِلَيْهِ.
قِيلَ: تَوْبَةٌ نَصُوحٌ، أَيْ: صَادِقَةٌ.
يُقَالُ: نَصَحْتُهُ، أَيْ: صَدَقْتُهُ.
وَقِيلَ: نَصُوحٌ، أَيْ: بَالِغَةٌ فِي النُّصْحِ، مَأْخُوذٌ مِنَ النّصْحِ، وَهُوَ الْخِيَاطَةُ، كَأَنَّ الْعِصْيَانَ يُخَرِّقُ، وَالتَّوْبَةُ تُرَقِّعُ.
وَالنِّصَاحُ: الْخَيْطُ، وَقِيلَ: نَصُوحًا، أَيْ: خَالِصَةً.
يُقَالُ: نَصَحَ الشَّيْءُ: إِذَا خَلَصَ، وَنَصَحَ لَهُ: أَخْلَصَ لَهُ الْقَوْلَ.
وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا} [النُّور: 31] ".
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: " التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، ثُمَّ تَلا: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [الْبَقَرَة: 222] ".
1298 -
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَدَا اللَّهِ بُسْطَانِ لِمُسِيءِ اللَّيْلِ، لِيَتُوبَ بِالنَّهَارِ، وَلِمُسِيءِ النَّهَارِ، لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ.
قَوْلُهُ: «يَدَا اللَّهِ بُسْطَانِ» ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [الْمَائِدَة: 64]، قَالَ الأَزْهَرِيُّ: يُقَالُ: يَدُ فُلانٍ بُسُطٌ بِضَمَّتَيْنِ: إِذَا كَانَ مِنْفَاقًا مُنْبَسِطَ الْبَاعِ.
وَمِثْلُهُ فِي الصِّفَاتِ: رَوْضَةٌ أُنُفٌ، ثُمَّ يُخَفَّفُ، فَيُقَالُ: بُسْطٌ، كَعُنقٍ وَأُذنٍ.
1299 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الرَّيَّانِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، نَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ.
1300 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هَوَازِنَ الْقُشَيْرِيُّ، وَأَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْحَاكِمُ الطُّوسِيُّ، بِهَا، قَالا: حَدَّثَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ الْحَسَنِيُّ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَالُوَيْهِ الْمُزَكِّي، نَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيَفْرَحُ
أَحَدُكُمْ بِرَاحِلَتِهِ إِذَا ضَلَّتْ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهَا؟»، قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
1301 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ النَّيْسَابُورِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الرَّيَّانِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَعُودُهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: " لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ، أَظُنُّهُ قَالَ: بِدَوِّيَّةٍ
مُهْلِكَةٍ، مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَزَلَ، فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ هَلَكَتْ رَاحِلَتُهُ، فَطَافَ عَلَيْهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى حَيْثُ كَانَتْ رَاحِلَتِي، فَأَمُوتُ عَلَيْهِ.
فَرَجَعَ فَأَغْفَى، فَاسْتَيْقَظَ، فَإِذَا هُوَ بِهَا عِنْدَهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ.
الدَّوِّيَّةُ وَالدَّاوِيَّةُ: اسْمٌ لِلْمَفَازَةِ الْمَلْسَاءِ الَّتِي يُسْمَعُ فِيهَا الدَّوِيُّ وَهُوَ الصَّوْتُ.
1302 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ الْفَارِسِيُّ، نَا أَبُو سَعِيدٍ عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الأَصْبَهَانِيُّ، بِالرَّيِّ، نَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْعَبْدِيُّ، نَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا ، نَا أَبُو خَيْثَمَةَ، نَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ،
عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ، حَدِيثٌ عَنْ نَفْسِهِ، وَحَدِيثٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ مِثْلَ ذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ، فَذَبَّهُ عَنْهُ» .
1302 -
قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: " لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي دَوِّيَّةٍ مُهْلِكَةٍ، مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَقَامَ يَطْلُبُهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ حَتَّى أَمُوتَ.
قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ، عَنْ جَرِيرٍ،
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ.
1303 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْفَارِسِيُّ، نَا أَبُو سَعِيدٍ عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الأَصْبَهَانِيُّ، نَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْعَبْدِيُّ، نَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، نَا أَبُو خَيْثَمَةَ، نَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ.
ح وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، نَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَهُوَ عَمُّهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَتْ رَاحِلَتُهُ بِأَرْضِ فَلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةٌ عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ
الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي، وَأَنَا رَبُّكَ.
أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ: «لَلَّهُ أَفْرَحُ» ، مَعْنَاهُ: أَرْضَى بِالتَّوْبَةِ وَأَقْبَلُ لَهَا، وَالْفَرَحُ الَّذِي يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ فِي نُعُوتِ بَنِي آدَمَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى اللَّهِ عز وجل، إِنَّمَا مَعْنَاهُ الرِّضَا، كَقَوْلِهِ عز وجل:{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 53] أَيْ: رَاضُونَ، وَكَذَلِكَ فُسِّرَ الضَّحِكُ الْوَارِدُ فِي الْحَدِيثِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ سبحانه وتعالى بِالرِّضَى، وَكَذَلِكَ الاسْتِبْشَارُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَمَعْنَاهُ عِنْدَهُمُ: الرِّضَا.
وَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَهِمُوا مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ مَا وَقَعَ التَّرْغِيبُ فِيهِ مِنَ الأَعْمَالِ، وَالإِخْبَارِ عَنْ فَضْلِ اللَّهِ عز وجل، وَأَثْبَتُوا هَذِهِ الصِّفَاتِ لِلَّهِ عز وجل، وَلَمْ يَشْتَغِلُوا بِتَفْسِيرِهَا، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى مُنَزَّهٌ عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]
1304 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ التُّرَابِيُّ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْهَيْثَمِ، نَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ، ثُمَّ الْهَرَوِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا مَرْوَ، قَالَ: أَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ الشَّاشِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكَشِّيُّ، نَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ، صُقِلَ قَلْبُهُ مِنْهَا، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، فَذَلِكُمُ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
1305 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، نَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْمُرَادِيَّ، فَذَكَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ بِالْمَغْرِبِ بَابًا مَسِيرَةُ عَرْضِهِ سَبْعُونَ عَامًا لِلتَّوْبَةِ، لَا يُغْلَقُ مَا لَمْ
تَطْلُعِ الشَّمْسُ مِنْ قِبَلِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل:{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} [الْأَنْعَام: 158] ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
1306 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، نَا ابْنُ ثَوْبَانَ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ
يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ».
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
قَوْلُهُ: «مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» ، أَيْ: مَا لَمْ تَبْلُغْ رُوحُهُ حُلْقُومَهُ، فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ يُتَغَرْغَرُ بِهِ
1307 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ يَعْنِي الْجَزَرِيَّ، عَنْ زِيَادٍ هُوَ ابْنُ الْجَرَّاحِ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«النَّدَمُ تَوْبَةٌ»
وَابْنُ مَعْقِلٍ هُوَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرَّنٍ الْمُزَنِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو الْوَلِيدِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، مَوْقُوفًا، قَالَ:«النَّدَمُ تَوْبَةٌ، وَالتَّائِبُ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» .
وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» .