المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب عيادة المريض وثوابه - شرح السنة للبغوي - جـ ٥

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌8 - كِتَابُ الدَّعَوَاتِ

- ‌بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأُمَّتِهِ

- ‌بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ لَعَنَهُ مِنْ أُمَّتِهِ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ قُرْبَةً

- ‌بَابُ فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عز وجل وَمَجَالِسُ الذِّكْرِ

- ‌بَابُ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى بِالنَّوَافِلِ وَالذِّكْرِ

- ‌بَابُ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ

- ‌بَابُ أَسْمَاءِ اللَّهِ سبحانه وتعالى

- ‌بَابُ مَا قِيلَ فِي الاسْمِ الأَعْظَمِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ التَّسْبِيحِ

- ‌بَابُ عَقْدِ التَّسْبِيحِ بِالْيَدِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ التَّحْمِيدِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ التَّهْلِيلِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ

- ‌بَابُ فَضْلِ لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ

- ‌بَابُ الاسْتِغْفَارِ

- ‌بَابُ التَّوْبَةِ

- ‌بَابُ أَفْضَلِ الاسْتِغْفَارِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ حِينَ يُصْبِحُ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ الْمُتَزَوِّجُ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ مُوَاقَعَةِ الأَهْلِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْغَضَبِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ صِيَاحِ الدِّيكِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلالِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى مُبْتَلًى

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ إِلَى السَّفَرِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ

- ‌بَابُ التَّوْدِيعِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلا

- ‌بَابُ التَّكْبِيرِ إِذَا عَلا شَرَفًا وَالتَّسْبِيحُ إِذَا نَزَلَ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا قَفَلَ مِنَ السَّفَرِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ لِلْكُفَّارِ بِالْهِدَايَةِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ عَلَى الْكُفَّارِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ

- ‌بَابُ الاسْتِعَاذَةِ

- ‌بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ

- ‌بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الدُّعَاءِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الاسْتِعْجَالِ

- ‌بَابُ مَنْ دَعَا فَلْيَعْزِمْ

- ‌بَابُ مَنْ تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُ

- ‌بَابُ أَدَبِ الدُّعَاءِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِيهِ

- ‌بَابُ

- ‌9 - كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌بَابُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَثَوَابِهِ

- ‌بَابُ الْمَرِيضِ إِذَا قَالَ: إِنِّي وَجِعٌ أَوْ وَارَأْسَاهُ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ الْعَائِدُ لِلْمَرِيضِ مِنْ قَوْلِ الْخَيْرِ، وَالدُّعَاءُ، وَالرُّقْيَةُ

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْمَرِيضِ وَمَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الأَذَى

- ‌بَابُ ثَوَابِ ذَهَابِ الْبَصَرِ

- ‌بَابُ الْمَرِيضِ يُكْتَبُ لَهُ مِثْلُ عَمَلِهِ

- ‌بَابُ شِدَّةِ الْمَرَضِ

- ‌بَابُ الطَّاعُونِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي الْمَوْتِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْمَوْتِ

- ‌بَابُ الْمَيِّتِ مُسْتَرِيحٌ أَوْ مُسْتَرَاحٌ مِنْهُ

- ‌بَابُ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ

- ‌بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْوَصِيَّةِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ

- ‌بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ مِنْ قَوْلِ الْخَيْرِ

- ‌بَابُ شِدَّةِ الْمَوْتِ

- ‌بَابُ إِغْمَاضِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ يُسَجَّى الْمَيِّتُ بِثَوْبٍ

- ‌بَابُ تَقْبِيلِ المَيِّتِ

- ‌بَابُ غَسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ: الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ زَوْجَهَا الْمَيِّتَ

- ‌بَابُ التَّكْفِينِ

- ‌بَابُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنَ الْكَفَنِ مَا يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ

- ‌بَابُ: الْمُحْرِمُ يَمُوتُ

- ‌بَابُ الإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ

- ‌بَابُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ

- ‌بَابُ الْمَشْيِ مَعَ الْجِنَازَةِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌بَابُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي صَلاةِ الْجِنَازَةِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ

- ‌بَابُ أَيْنَ يَقُومُ الإِمَامُ مِنَ الْمَرْأَةِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يُغْسَلُ وَلا يُصَلَّى عَلَيْهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَانْتِظَارِ دَفْنِهِ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ النَّاسِ

- ‌بَابُ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ اللَّحْدِ

- ‌بَابُ نُزُولِ الرَّجُلِ قَبْرَ الْمَرْأَةِ

- ‌بَابُ كَيْفَ يُؤْخَذُ الْمَيِّتُ مِنْ شَفِيرِ الْقَبْرِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَّةِ تَجْصِيصِ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ إِذَا حَضَرُوا قَبْلَ أَنْ يُفْرَغَ مِنَ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌بَابُ السُّؤَالِ فِي الْقَبْرِ

- ‌بَابُ عَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ إِرْسَالِ الدَّمْعِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ النِّيَاحَةِ وَالنَّدْبِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى وَثَوَابِ الصَّابِرِينَ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَاحْتَسَبَ

- ‌بَابُ التَّعْزِيَةِ

- ‌بَابُ الطَّعَامِ لأَهْلِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ

- ‌10 - كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَانِعِ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ إِرْضَاءِ الْمُصَدِّقِ وَأَجْرِ الْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ دُعَاءِ الْمُصَدِّقِ لِرَبِّ الْمَالِ

- ‌بَابُ الْقِتَالِ مَعَ مَانِعِي الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ هَدِيَّةِ الْعَامِلِ

- ‌بَابُ قَدْرِ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْمَالِ

الفصل: ‌باب عيادة المريض وثوابه

‌9 - كِتَابُ الْجَنَائِزِ

يُقَالُ: الْجِنَازَةُ بِالْكَسْرِ: السَّرِيرُ، وَبِالْفَتْحِ: الْمَيِّتُ.

‌بَابُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَثَوَابِهِ

1404 -

أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْمَيْدَانِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ: رَدُّ السَّلامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

ص: 209

1405 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ» .

قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ.

1406 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا آدَمُ، نَا شُعْبَةُ، نَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، قَالَ: " نَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ سَبْعٍ:

ص: 210

نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، أَوْ قَالَ: حَلْقَةِ الذَّهَبِ، وَعَنِ الْحَرِيرِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ، وَالْقَسِّيِّ، وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَأَمَرَنَا بِسَبْعٍ: بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَرَدِّ السَّلامِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ.

قَالَ رحمه الله: هَذِهِ الْمَأْمُورَاتُ كُلُّهَا مِنْ حَقِّ الإِسْلامِ، يَسْتَوِي فِيهَا جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ، بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ يَخُصُّ الْبَرَّ بِالْبَشَاشَةِ، وَالْمُسَاءَلَةِ،

ص: 211

وَالْمُصَافَحَةِ، وَلا يَفْعَلُهَا فِي حَقِّ الْفَاجِرِ الْمُظْهِرِ لِلْفُجُورِ، وَلَوْ تَرَكَ الإِجَابَةَ إِذَا دُعِيَ لِحَقِّ الدِّينِ كَانَ أَوْلَى.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذِهِ الْخِصَالُ السَّبْعُ مُخْتَلِفَةُ الْمَرَاتِبِ فِي حُكْمِ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَفِي حُكْمِ الْوُجُوبِ، فَتَحْرِيمُ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ لِبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ خَاصَّةً لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، وَتَحْرِيمُ آنِيَةِ الْفِضَّةِ عَامٌّ فِي حَقِّ الْكُلِّ، لأَنَّهُ مِنْ بَابِ السَّرَفِ وَالْمَخِيلَةِ.

وَأَمَّا السَّبْعُ الْمَأْمُورُ بِهَا، فَاتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ مِنَ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْكِفَايَةِ، إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَكَذَلِكَ رَدُّ السَّلامِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، إِذَا سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ فَرَدَّ مِنْهُمْ وَاحِدٌ، كَفَى، وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى وَاحِدٍ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ.

وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ فِي حَقِّ مَنْ يَحْمَدُ اللَّهَ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلا يُشَمَّتْ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ فَضِيلَةٌ رُغِّبَ فِيهَا لِلثَّوَابِ وَالأَجْرِ، إِلا أَنْ يَكُونَ الْمَرِيضُ ضَائِعًا لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ، فَيَجِبُ تَعَهُّدُهُ.

وَإِجَابَةُ الدَّاعِي حَقٌّ فِي دَعْوَةِ الإِمْلاكِ خَاصَّةً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ

ص: 212

فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَنَاكِيرِ، فَإِنْ كَانَ، فَلا يَشْهَدُ حَتَّى يُنَحَّى، وَإِبْرَارُ الْمُقْسِمِ، فَإِنَّهُ خَاصٌّ فِي أَمْرٍ يَحِلُّ، وَيُمْكِنُ، وَيَتَيَسَّرُ، أَلا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لأَبِي بَكْرٍ فِي عِبَارَةِ الرُّؤْيَا:«أَصَبْتَ بَعْضًا، وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا» .

فَقَالَ: أَقْسَمْتُ لَتُحَدِّثَنِي مَا الَّذِي أَخْطَأْتُ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقْسِمْ» .

وَلَمْ يُخْبِرْهُ.

وَنَصْرُ الْمَظْلُومِ وَاجِبٌ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ، وَيَكُونُ ذَلِكَ

ص: 213

بِالْقَوْلِ، وَيَكُونُ بِالْفِعْلِ، وَيَكُونُ بِكَفِّهِ عَنِ الظُّلْمِ.

هَذَا كُلُّهُ مَعْنَى كَلامِ الْخَطَّابِيِّ فِي كِتَابِهِ. .

1407 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ» .

قَالَ سُفْيَانُ: وَالْعَانِي: الأَسِيرُ.

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَفَسَّرَ سُفْيَانُ «الْعَانِيَ» بِالأَسِيرِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ» ، أَيْ كَالأُسَارَى، وَكُلُّ مَنْ

ص: 214

ذَلَّ وَاسْتَكَانَ، فَقَدْ عَنَا يَعْنُو، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111] أَيْ: خَضَعَتْ وَذَلَّتْ، يُقَالُ: أُخِذَتِ الْبِلادُ عَنْوَةً، أَيْ بِخُضُوعٍ مِنْ أَهْلِهَا.

1408 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، سَمِعْتُ أَبَا قِلابَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كَانَ فِي خِرَافِ الْجَنَّةِ، أَوْ مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ» .

ص: 215

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ.

قَوْلُهُ: فِي خِرَافِ الْجَنَّةِ، وَيُرْوَى «فِي مَخَارِفِ الْجَنَّةِ» وَهِيَ جَمْعُ مَخْرَفٍ، قَالَ الأَصْمَعِيُّ: وَهُوَ جَنَى النَّخْلِ، سُمِّيَ بِهِ، لأَنَّهُ يُخْتَرَفُ، أَيْ: يُجْتَنَى.

وَالْمَخْرَفُ أَيْضًا: النَّخْلَةُ الَّتِي يُخْتَرَفُ مِنْهَا.

وَالْمِخْرَفُ، بِالْكَسْرِ: الْمِكْتَلُ الَّذِي يُخْتَرَفُ فِيهِ.

قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: يُرِيدُ فِي اجْتِنَاءِ ثَمَرِ الْجَنَّةِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: خَرَفْتُ النَّخْلَةَ أَخْرُفُهَا، فَشَبَّهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا يَحُوزُهُ عَائِدُ الْمَرِيضِ مِنَ الثَّوَابِ بِمَا يَحُوزُ الْمُخْتَرِفُ مِنَ الثِّمَارِ.

وَالْمَخْرَفَةُ: الطَّرِيقُ أَيْضًا.

1409 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الرَّيَّانِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، يَعْنِي الأَحْوَلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ» .

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ:«جَنَاهَا» .

ص: 216

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ أَبُو قِلابَةَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، فَهُوَ أَصَحُّ، وَأَحَادِيثُ أَبِي قِلابَةَ، إِنَّمَا هِيَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، إِلا هَذَا الْحَدِيثَ.

وَالْجَنَى: مَا يُجْتَنَى مِنَ الثَّمَرِ وَالرُّطَبِ وَغَيْرِهَا.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرَّحْمَن: 54].

وَالْخُرْفَةُ: مَا يُخْتَرَفُ مِنَ النَّخِيلِ حِينَ يُدْرِكُ.

1410 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، نَا أَبُو نُعَيْمٍ، نَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، نَا ثُوَيْرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِي، فَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ نَعُودُهُ، فَوَجَدْنَا عِنْدَهُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، قَالَ، يَعْنِي عَلِيًّا، لأَبِي مُوسَى: عَائِدًا جِئْتَ، أَمْ زَائِرًا؟ فَقَالَ: عَائِدًا.

فَقَالَ عَلِيٌّ: فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلا يَعُودُهُ مَسَاءً إِلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ

ص: 217

أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ».

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

قَوْلُهُ: كَانَ فِي خِرَافِ الْجَنَّةِ، أَرَادَ بِهِ: أَنَّهُ يَسْتَوْجِبُ الْجَنَّةَ وَمَخَارِفَهَا كَمَا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ، عَنْ عَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، مِنْهُمْ مَنْ وَقَفَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ.

وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي.

قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟! قَالَ: إِنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ ".

ص: 218