المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ التَّكْفِينِ 1476 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ - شرح السنة للبغوي - جـ ٥

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌8 - كِتَابُ الدَّعَوَاتِ

- ‌بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأُمَّتِهِ

- ‌بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ لَعَنَهُ مِنْ أُمَّتِهِ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ قُرْبَةً

- ‌بَابُ فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عز وجل وَمَجَالِسُ الذِّكْرِ

- ‌بَابُ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى بِالنَّوَافِلِ وَالذِّكْرِ

- ‌بَابُ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ

- ‌بَابُ أَسْمَاءِ اللَّهِ سبحانه وتعالى

- ‌بَابُ مَا قِيلَ فِي الاسْمِ الأَعْظَمِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ التَّسْبِيحِ

- ‌بَابُ عَقْدِ التَّسْبِيحِ بِالْيَدِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ التَّحْمِيدِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ التَّهْلِيلِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ

- ‌بَابُ فَضْلِ لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ

- ‌بَابُ الاسْتِغْفَارِ

- ‌بَابُ التَّوْبَةِ

- ‌بَابُ أَفْضَلِ الاسْتِغْفَارِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ حِينَ يُصْبِحُ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ الْمُتَزَوِّجُ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ مُوَاقَعَةِ الأَهْلِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْغَضَبِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ صِيَاحِ الدِّيكِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلالِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى مُبْتَلًى

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ إِلَى السَّفَرِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ

- ‌بَابُ التَّوْدِيعِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلا

- ‌بَابُ التَّكْبِيرِ إِذَا عَلا شَرَفًا وَالتَّسْبِيحُ إِذَا نَزَلَ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا قَفَلَ مِنَ السَّفَرِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ لِلْكُفَّارِ بِالْهِدَايَةِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ عَلَى الْكُفَّارِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ

- ‌بَابُ الاسْتِعَاذَةِ

- ‌بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ

- ‌بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الدُّعَاءِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الاسْتِعْجَالِ

- ‌بَابُ مَنْ دَعَا فَلْيَعْزِمْ

- ‌بَابُ مَنْ تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُ

- ‌بَابُ أَدَبِ الدُّعَاءِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِيهِ

- ‌بَابُ

- ‌9 - كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌بَابُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَثَوَابِهِ

- ‌بَابُ الْمَرِيضِ إِذَا قَالَ: إِنِّي وَجِعٌ أَوْ وَارَأْسَاهُ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ الْعَائِدُ لِلْمَرِيضِ مِنْ قَوْلِ الْخَيْرِ، وَالدُّعَاءُ، وَالرُّقْيَةُ

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْمَرِيضِ وَمَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الأَذَى

- ‌بَابُ ثَوَابِ ذَهَابِ الْبَصَرِ

- ‌بَابُ الْمَرِيضِ يُكْتَبُ لَهُ مِثْلُ عَمَلِهِ

- ‌بَابُ شِدَّةِ الْمَرَضِ

- ‌بَابُ الطَّاعُونِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي الْمَوْتِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْمَوْتِ

- ‌بَابُ الْمَيِّتِ مُسْتَرِيحٌ أَوْ مُسْتَرَاحٌ مِنْهُ

- ‌بَابُ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ

- ‌بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْوَصِيَّةِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ

- ‌بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ مِنْ قَوْلِ الْخَيْرِ

- ‌بَابُ شِدَّةِ الْمَوْتِ

- ‌بَابُ إِغْمَاضِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ يُسَجَّى الْمَيِّتُ بِثَوْبٍ

- ‌بَابُ تَقْبِيلِ المَيِّتِ

- ‌بَابُ غَسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ: الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ زَوْجَهَا الْمَيِّتَ

- ‌بَابُ التَّكْفِينِ

- ‌بَابُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنَ الْكَفَنِ مَا يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ

- ‌بَابُ: الْمُحْرِمُ يَمُوتُ

- ‌بَابُ الإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ

- ‌بَابُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ

- ‌بَابُ الْمَشْيِ مَعَ الْجِنَازَةِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌بَابُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي صَلاةِ الْجِنَازَةِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ

- ‌بَابُ أَيْنَ يَقُومُ الإِمَامُ مِنَ الْمَرْأَةِ

- ‌بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يُغْسَلُ وَلا يُصَلَّى عَلَيْهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَانْتِظَارِ دَفْنِهِ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ النَّاسِ

- ‌بَابُ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ اللَّحْدِ

- ‌بَابُ نُزُولِ الرَّجُلِ قَبْرَ الْمَرْأَةِ

- ‌بَابُ كَيْفَ يُؤْخَذُ الْمَيِّتُ مِنْ شَفِيرِ الْقَبْرِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَّةِ تَجْصِيصِ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ إِذَا حَضَرُوا قَبْلَ أَنْ يُفْرَغَ مِنَ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌بَابُ السُّؤَالِ فِي الْقَبْرِ

- ‌بَابُ عَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ إِرْسَالِ الدَّمْعِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ النِّيَاحَةِ وَالنَّدْبِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى وَثَوَابِ الصَّابِرِينَ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَاحْتَسَبَ

- ‌بَابُ التَّعْزِيَةِ

- ‌بَابُ الطَّعَامِ لأَهْلِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ

- ‌10 - كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَانِعِ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ إِرْضَاءِ الْمُصَدِّقِ وَأَجْرِ الْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ دُعَاءِ الْمُصَدِّقِ لِرَبِّ الْمَالِ

- ‌بَابُ الْقِتَالِ مَعَ مَانِعِي الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ هَدِيَّةِ الْعَامِلِ

- ‌بَابُ قَدْرِ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْمَالِ

الفصل: ‌ ‌بَابُ التَّكْفِينِ 1476 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ

‌بَابُ التَّكْفِينِ

1476 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَغَيْرِهِ، عَنْ هِشَامٍ، وَقَالُوا:«مِنْ كُرْسُفٍ»

ص: 312

قَوْلُهُ: سُحُولِيَّةٌ، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: سُحُولٌ جَمْعُ سَحْلٍ، وَهُوَ ثَوْبٌ أَبْيَضُ، وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: سُحُولِيَّةٌ، أَيْ: بِيضٌ نَقِيَّةٌ مِنَ الْقُطْنِ، وَالسَّحْلُ: الثَّوْبُ الأَبْيَضُ النَّقِيُّ مِنَ الْقُطْنِ، وَيُقَالُ: هِيَ ثِيَابٌ مَنْسُوبَةٌ إِلَى سَحُولَ قَرْيَةٍ مِنَ الْيَمَنِ.

قَالَ أَبُو عِيسَى: قَدْ رُوِيَ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رِوَايَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ.

قَالَ رحمه الله: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا، اسْتَحَبُّوا التَّكْفِينَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ لَفَائِفَ بِيضٍ مِنْ قُطْنٍ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُكَفِّنُ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ لَفَائِفَ، وَإِنْ شِئْتَ فِي قَمِيصٍ وَلِفَافَتَيْنِ.

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَقَالُوا: تُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ: إِزَارٍ، وَخِمَارٍ، وَثَلاثِ لَفَائِفَ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ إِحْدَى اللَّفَائِفِ قَمِيصًا.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: الْمَيِّتُ يُقَمَّصُ، وَيُؤَزَّرُ، وَيُلَفُّ فِي الثَّوْبِ الثَّالِثِ.

وَعَنْ لَيْلَى الثَّقَفِيَّةِ، قَالَتْ: كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ وَفَاتِهَا، فَأَوَّلُ مَا أَعْطَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَقْوُ، ثُمَّ الدِّرْعُ،

ص: 313

ثُمَّ الْخِمَارُ، ثُمَّ الْمِلْحَفَةُ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ فِي الثَّوْبِ الآخَرِ».

وَلَوْ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ، جَازَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَفَّنَ حَمْزَةَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ.

قَالَ رحمه الله: وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلاثِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَالْخَمْسُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، إِسْرَافٌ وَكَرَاهِيَةٌ

1477 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ، وَمِنْ خَيْرِ أَكْحَالِكُمُ الإِثْمِدُ، فَإِنَّهُ يُنْبِتُ الشَّعْرَ، وَيَجْلُو الْبَصَرَ» .

ص: 314

قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

قَالَ رحمه الله: وَتَحْسِينُ الْكَفَنِ مُسْتَحَبٌّ، لِمَا

1478 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، أَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

قَالَ رحمه الله: الْمُرَادُ مِنْ هَذَا التَّحْسِينِ هُوَ الْبَيَاضُ وَالنَّظَافَةُ، لَا كَوْنُهُ مُرْتَفِعًا ثَمِينًا، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

ص: 315

يَقُولُ: «لَا تَغَالَوْا فِي الْكَفَنِ، فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا» .

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ:«خُذُوا هَذَا الثَّوْبَ، لِثَوْبٍ عَلَيْهِ قَدْ أَصَابَهُ مِشْقٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ، فَاغْسِلُوهُ وَكَفِّنُونِي فِيهِ، وَفِي ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ، الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ، إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ» .

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمُهْلُ: الصَّدِيدُ وَالْقَيْحُ، وَرُوِيَ بِلا هَاءٍ، وَبِالْهَاءِ صَحِيحٌ فَصِيحٌ، وَبَعْضُهُمْ يَكْسِرُ الْمِيمَ، فَيَقُولُ لِلْمِهْلَةِ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ، فَلَبِسَهَا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«الْمَيِّتُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا» .

فَأَبُو سَعِيدٍ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَتَأَوَّلَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْحَدِيثَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَالَ: مَعْنَى الثِّيَابِ: الْعَمَلُ، يُرِيدُ أَنَّهُ يُبْعَثُ

ص: 316

عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ، أَوْ عَمَلٍ سَيِّئٍ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الثَّوْبَ نَفْسَهُ، بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «يُحْشَرُ النَّاسُ حُفَاةً عُرَاةً» ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلانٌ طَاهِرُ الثِّيَابِ إِذَا وَصَفُوهُ بِطَهَارَةِ النَّفْسِ، وَالْبَرَاءَةِ مِنَ الْعُيُوبِ، وَفُلانٌ دَنِسُ الثِّيَابِ: إِذَا كَانَ بِخِلافِ ذَلِكَ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] أَيْ: عَمَلَكَ فَأَصْلِحْ.

وَيُسْتَحَبُّ تَجْمِيرُ الْكَفَنِ، قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ لأَهْلِهَا:«أَجْمِرُوا ثِيَابِي إِذَا مُتُّ، ثُمَّ حَنِّطُونِي، وَلا تَذُرُّوا عَلَى كَفَنِي حَنُوطًا، وَلا تُتْبِعُونِي بِنَارٍ» .

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا، أَنَّهُ نَهَى، «أَنْ يُتَّبَعَ بِنَارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ» .

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِسْكِ لِلْمَيِّتِ، فَكَرِهَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَوْصَى عُمَرُ فِي غَسْلِهِ أَنْ لَا يُقَرِّبُوهُ مِسْكًا، وَاسْتَحَبَّهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْمِسْكِ،

ص: 317

فَقَالَ: «هُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ» .

وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ عِنْدَ عَلِيٍّ مِسْكٌ، فَأَوْصَى أَنْ يُحَنَّطَ بِهِ، وَقَالَ: هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَعَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَنَسٌ جُعِلَ فِي حَنُوطِهِ مِسْكٌ فِيهِ مِنْ عَرَقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 318