الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اللَّحْدِ
سُمِّيَ اللَّحْدَ، لأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ مُلْتَحَدًا مَعْدُوَلا، وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِيمًا كَانَ ضَرِيحًا.
1510 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ " كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلانِ أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ، وَالآخَرُ لَا يَلْحَدُ، فَقَالُوا: أَيُّهُمَا جَاءَ أَوَّلا عَمِلَ عَمَلَهُ، فَجَاءَ الَّذِي يَلْحَدُ، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، يُضْرِحُ لأَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ، يَلْحَدُ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَدَعَا الْعَبَّاسُ رَجُلَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ أَنْتَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، وَاذْهَبْ أَنْتَ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ، اللَّهُمَّ خِرْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ صَاحِبُ أَبِي طَلْحَةَ أَبَا طَلْحَةَ فَلَحَدَ
1511 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ الْغَمْرِيُّ، نَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَخِي عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَالِكِيُّ، بِبَغْدَادَ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، نَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّحْدُ
لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا».
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
1512 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرٍ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»
وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فِي مَرَضِهِ الَّذِي هَلَكَ فِيهِ:«أَلْحِدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .
وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ: هَلْ يُلْقَى تَحْتَ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ؟ فَكَرِهَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَكْرَهْهُ آخَرُونَ، لأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: جُعِلَ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ.
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: الَّذِي ألْحَدَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو طَلْحَةَ، وَالَّذِي أَلْقَى الْقَطِيفَةَ تَحْتَهُ شُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَرِهَ، أَنْ يُجْعَلَ تَحْتَ الْمَيِّتِ ثَوْبٌ فِي الْقَبْرِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا الْقَطِيفَةَ فِي الْقَبْرِ لِيَكُونَ فِرَاشًا لَهُ، فَقَدْ رَوَى عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ شُقْرَانُ حِينَ وُضِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُفْرَتِهِ أَخَذَ قَطِيفَةً، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهَا، وَيَفْتَرِشُهَا، فَدَفَنَهَا مَعَهُ فِي الْقَبْرِ، وَقَالَ:«وَاللَّهِ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَكَ» .
وَشُقْرَانُ: اسْمُهُ صَالِحٌ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَقَبُهُ شُقْرَانُ.
وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ دَفَنَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فِي بَطْنِهَا وَلَدُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، أَنَّهُ دَفَنَ نَصْرَانِيَّةً فِي بَطْنِهَا وَلَدُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرةٍ لَيْسَتْ بِمَقْبَرَةِ النَّصَارَى وَلا الْمُسْلِمِينَ.
وَلا بَأْسَ بِنَبْشِ قُبُورِ الْكُفَّارِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَإِنَّ مَنْ لَا حُرْمَةَ لِدَمِهِ فِي حَيَاتِهِ، لَا حُرْمَةَ لِعَظْمِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ أَنَسٌ فِي بِنَاءِ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم:«كَانَ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ» .
وَقَدْ أَذِنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فِي نَبْشِ قَبْرِ أَبِي رِغَالٍ، فِي طَرِيقِهِ إِلَى الطَّائِفِ،
وَذَكَرَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَابْتَدَرُوهُ وَأَخْرَجُوهُ، وَكَانَ مِنْ بَقِيَّةِ قَوْمِ عَادٍ لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ أَصَابَهُ مِنَ النَّقْمَةِ مَا أَصَابَ قَوْمَهُ، وَحُكْمُ ذَلِكَ الْغُصْنِ حَكْمُ الرِّكَازِ.
وَفِي مُسَاوَمَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَنِي النَّجَّارِ مَوْضِعَ الْمَسْجِدِ، وَفِيهِ الْقُبُورُ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ إِذَا دُفِنَ فِي مِلْكِهِ، فَمَوْضِعُ الْقَبْرِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ أَوْلِيَائِهِ، وَالْكَفَنُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ، وَسَارِقُهُ سَارِقُ مِلْكِ الأَوْلِيَاءِ.
وَلا يَجُوزُ نَبْشُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، رَوَتْ عَمْرَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا» .
فَإِنْ وَقَعَتِ الْحَاجَةُ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، وَكَانَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ حَاجَةٌ، فَأَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ