المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: كتاب مرغوليوث: - الإهتمام بالسيرة النبوية باللغة الإنجليزية

[محمد مهر علي]

الفصل: ‌المبحث الرابع: كتاب مرغوليوث:

‌المبحث الرابع: كتاب مرغوليوث:

"Mohammed and the Rise of Islam"

صدر كتاب مرغوليوث " Mohammed and the Rise of Islam""محمد صلى الله عليه وسلم وطلوع الإسلام" سنة 1905م/1323هـ. ويقع الكتاب في 13فصلاً إضافة إلى المقدمة والفهارس. يتحدث مرغوليوث في المقدمة عما كتب عن السيرة من قبله مشيراً إلى كتاب ميوير وكتابات نولديكه وجولدتسيهر عن القرآن والسنة، ويقول:"إن موقفه من المصادر يتفق وموقف أولئك المؤلفين". ولكنه يقول: "إن ميوير عالج السيرة من وجهة نظر النصارى"، فيدعي هو لنفسه الموضوعية في معالجة السيرة. لكنه في الواقع يفعل عكس ذلك ويشن هجوماً أعنف على النبي صلى الله عليه وسلم مكرراً جميع ادعاءات ميوير ومن قبله.

أولاً: في موضوع خلفية الرسول صلى الله عليه وسلم وصلة الكعبة بإبراهيم عليه السلام لا يؤيد مرغوليوث آراء ميوير فحسب، بل يخطو خطوة إلى الأمام قائلاً:"إن الأسطورة الإبراهيمية تبدو وكأنها قد تطورت بكاملها بعد أن طرأت حاجة سياسية لها في العهد المدني"(1) .

ولا يتوقف مرغوليوث إلى هذا الحد بل يسيء إلى نسب النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول:"إنه ينحدر من أسرة رذيلة"، ثم يحاول إثبات ذلك عن طريق

(1) Margoliouth، Mohammed etc. p.

ص: 34

تفسير محرف لبعض الأحاديث من مسند أحمد (1) . كما يقول: "إنه صلى الله عليه وسلم كان قبل البعثة يعبد الأصنام" ويستدل لذلك بحديث عروة بن الزبير رضي الله عنه، ونصه:"قال: حدثني جار لخديجة بنت خويلد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لخديجة: والله لا أعبد اللات والعزى والله لا أعبد أبداً. قال: فتقول خديجة: خل اللات خل العزى، قال: كانت صنمهم التي كانوا يعبدون ثم يضطجعون"(2) .

يخطئ مرغوليوث في فهم العبارة الأخيرة من الحديث فيظن أنها تشير إلى عبادة النبي صلى الله عليه وسلم للأصنام.

ثانياً: يعيد مرغوليوث ـ مثل ميوير ـ زعم داء الصرع للنبي صلى الله عليه وسلم، ويربط هذا الزعم بكيفية نزول الوحي، قائلاً:"إنه صلى الله عليه وسلم اكتسب المهارة في إحداث القرائن للداء المزعوم احتيالاً لتلقي الوحي"(3) .

ثالثاً: كما يكرر مرغوليوث مزاعم طموح النبي صلى الله عليه وسلم وإعداده نفسه للدور الذي قام به فيما بعد. ويحرف بهذا الصدد معاني سورة الشرح وآية من سورة هود (4)، كما يقول ـ مثل ميوير ـ: "إن هدفه صلى الله عليه وسلم كان سياسياً من البداية، وهو توحيد الجزيرة العربية بواسطة دين خاص. ويقول: إنه كان يزور سوق عكاظ للتعرف على فن الشعر من الشعراء

(1) المرجع نفسه: ص45-51.

(2)

مسند أحمد (4/222) قال محقق المسند: إسناده صحيح ورجاله ثقات رجال الشيخين غير جار خديجة

وهو صحابي وجهالته لا تضر. المسند تحقيق الأرنؤوط (29/467) .

(3)

Margoliouth، Mohammed etc. pp.

(4)

المرجع نفسه: ص64-65

ص: 35

المنافسين هناك، فاستخدم هذه الخبرة فيما بعد لإملاء القرآن (1) . ويقول أيضاً: إنه صلى الله عليه وسلم شارك في حرب الفجار لنيل الرفعة والسمعة (2) .

رابعاً: كذلك يحذو مرغوليوث حذو السابقين له في ادعاء الاقتباس من اليهودية والنصرانية، ويقول: إنه صلى الله عليه وسلم تأثر على الأخص بمفهوم النبي والوحي والكتاب السماوي الموجود في هاتين الديانتين. كما يكرر الزعم القديم أن معرفته صلى الله عليه وسلم باليهودية والنصرانية كانت خاطئة وسطحية، ولكنه لم يعتنق النصرانية لا نتيجة لذلك ـ كما يظن ميوير ـ بل لأنه كان طموحاً ومدركاً تمام الإدراك أن اعتناق النصرانية يقتضي الاعتراف بسيطرة الإمبراطورية البيزنطية (3) .

ويضيف قائلاً: إن معرفة محمد صلى الله عليه وسلم باليهودية والنصرانية تحسنت تدريجياً مع مضي الزمن وهذا يدل على أنه كان يستغل الفرص المناسبة حيث جاءت للحصول على معلومات أكثر عن هاتين الديانتين (4) .

خامساً: أما بالنسبة لموضوع الوحي والرسالة فيقول مرغوليوث: إن هذا الأمر كان خداعاً من البداية إلى النهاية. ويستدل على ذلك بكتاب ف. بودمور "F. Podmore" بعنوان: "Modern Spiritualism""الروحانية الحديثة" صدر في لندن سنة 1903م/1321هـ ويقول فيه

(1) المرجع نفسه: ص59.

(2)

المرجع نفسه: ص65.

(3)

المرجع نفسه: ص77-87.

(4)

المرجع نفسه: ص106.

ص: 36

الكاتب: "إن رجلاً شريفاً يستطيع أن يكون خادعاً في الوقت نفسه"(1) . وفي هذا الصدد يقارن مرغوليوث النبي صلى الله عليه وسلم بيوسف سميت "J.Smith"، مؤسس فرقة مرمون الأمريكية "Mormon Sect"، الذي تجول في الغابة فترة من الزمن ثم جاء بكتاب مدَّعياً أنه قد أنزل إليه. كذلك ـ يقول مرغوليوث ـ بدأ محمد صلى الله عليه وسلم حياته النبوية بعد فترة من الانعزال (2) .

وقد سبق أن أشرنا إلى أن مرغوليوث يربط داء الصرع المزعوم بأمر الوحي، ويقول: إنه صلى الله عليه وسلم اكتسب المهارة في إحداث أعراض احتيال لتلقي الوحي.

إن ما يقوله بودمور في كتابه بشأن خداع رجل شريف والذي يتبناه مرغوليوث ليس بجديد، بل هو إعادة لما كان قد قاله جيبون "Gibbon" قبل حوالي قرنين. وإن مرغوليوث يعيد ادعاء الخداع مباشرة في حين يعيده ميوير عن طريق غير مباشر.

سادساً: أما بالنسبة للمرحلة المبكرة للدعوة فيؤيد مرغوليوث جميع ما يقوله السابقون له بهذا الشأن، ويضيف إليه ادعاءات جديدة ـ مثلاً ـ يحرف قول ابن إسحاق بشأن إخفاء الدعوة في أول الأمر، ويقول: إن محمداً صلى الله عليه وسلم وضع نفسه على رأس جمعية سرية "Secret Society" وجذب

(1) المرجع نفسه: ص86.

(2)

المرجع نفسه: ص90

ص: 37

إليها أفراداً مثل أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما بشتى الوسائل المشكوك فيها (1) .

ويعزو مرغوليوث إلى النبي صلى الله عليه وسلم غرضاً عسكرياً في أمر الهجرة إلى الحبشة، فيقول: إنه صلى الله عليه وسلم أرسل جمعاً من أصحابه إليها للحصول على مساعدتها العسكرية ولكي يعود أولئك المهاجرون على رأس جنود من الحبشة منتصرين (2) . كما يصدق مرغوليوث قصة الغرانيق ويقدم بهذا الصدد نظرية غريبة وبعيدة كل البعد عن الحقائق قائلاً: إنه صلى الله عليه وسلم قام بهذه التسوية المزعومة مع المشركين من أجل التخلص من حصارهم على بني هاشم (3) .

وهكذا يعيد مرغوليوث ادعاءات السابقين له بالنسبة لبقية الموضوعات المهمة للسيرة.

سابعاً: يتعاطف مع معارضة المشركين واعتراضاتهم، حتى يندم على فشلهم في مؤامرتهم في قتل النبي صلى الله عليه وسلم عشية هجرته إلى المدينة (4) .

ثامناً: يقول: إنه بعد الهجرة تحول النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل دولة، واستخدم الوحي لأغراضه السياسية والشخصية.

(1) المرجع نفسه، الفصل الثالث.

(2)

المرجع نفسه: ص157-166.

(3)

المرجع نفسه: ص171-173

(4)

المرجع نفسه: ص208.

ص: 38

تاسعاً: يقول: إنه صلى الله عليه وسلم كان بادئاً بالعدوان على قريش فجعل نفسه على رأس شرذمة من اللصوص لنهب القوافل التجارية (1) .

عاشراً: طرد محمد صلى الله عليه وسلم يهود المدينة وعذبهم ظلماً وعدواناً (2) .

حادي عشر: كان محمد صلى الله عليه وسلم شهوانياً (3) .

ثاني عشر: فرض الإسلام على الجزيرة بالسيف والقوة (4) .

وهكذا يعيد مرغوليوث الادعاءات القديمة ويضخمها. والآن للنظر في مؤلفات وات في السيرة.

(1) المرجع نفسه: ص236 وما بعدها..

(2)

المرجع نفسه: الفصل التاسع.

(3)

المرجع نفسه: ص66.

(4)

المرجع نفسه: الفصلان الحادي عشر والثاني عشر.

ص: 39