المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ فصل الطهارة - شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب - جـ ١

[أحمد المنجور]

الفصل: ‌ فصل الطهارة

ها: حرف تنبيه، والعون: خلق القدرة علي الفعل، والطول والإحسان، والجود الكرم.

فصل

أي‌

‌ فصل الطهارة

وذلك لأن أكثر مسائل هذا الفصل في الطهارة وقد ذكر فيه ما هو من غيرها لدخوله تحت القاعدة، فلابد من ذكره مع قاعدته وإلا طال الكلام وكثر التكرار، وكذا في سائر الفصول وقد مر التنبيه علي هذا في قوله:(أفصله كما يليق بالفصول) - البيت -.

تنبيهان: الأول القواعد علي/ 6 - ب قسمين:

الأول: ما هي أصول لأمهات مسائل الخلاف.

والثاني من القسمين ما هو أصول المسائل، فيقصد بقواعده ذكر النظائر فقط لا مع الإشارة إلي خلاف.

وبدأ المؤلف بالأول إلي الفصل الذي صدره (إعطاء ما وجد حكم ما عدم) البيت - وثني بالثاني، وهذا في غالبهما، والقسم الأول هو مراد الإمام العلامة وحيد عصره

ص: 108

أبي عبد الله المقري في قواعده الجليلة القدر العظيمة الخطر بقوله: (قصدت غلي تمهيد ألف قاعدة ومائتي قاعدة هي الأصول القريبة لأمهات مسائل الخلاف المبتذلة والقريبة.

قال: ونعني بالقاعدة كل كلي هو أخص من الأصول وسائر المعاني العقلية العامة، وأعم من العقود، وجملة الضوابط الفقهية الخاصة اهـ.

يعني لا يقصد القواعد الأصولية العامة، ككون الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس حجة، وكحجية المفهوم، والعموم وخبر الواحد، وكون الأمر للوجوب والنهي للتحريم ونحو ذلك.

ولا القواعد الفقهية الخاصة كقولنا: كل ماء ما لم يتغير أحد أوصافه طهور وكل طير مباح الأكل وكل عبادة بنية ونحو ذلك وإنما المراد ما توسط بين هذين مما هو أصل لأمهات مسائل الخلاف فهو اخص من الأول، وأعم من الثاني.

قلت: هذا هو الغالب من فعله، وإلا فقد ذكر أيضا قواعد أصولية، وقواعد فقهية تكميلا للفائدة، ولذا قال في آخر قواعده:(قد أتيت علي ما قصدت زائدا علي ما شرطت تكميلا لما أردت).

التنبيه الثاني: (هل) حرف وضع لطلب التصديق لا التصور، وإنما يدخل علي الكلام الموجب ويجاب بنعم أو لا، وقد يحذف جوابه، وكثيرا ما حذف في هذا الرجز اختصارا لصلاحية كل منها.

ص: 109

[ص]

20 -

هل غالب أو ما بشرع قد عدم

أو ضده كما بتحقيق علم

21 -

كالسؤر، والصيد، وكالوطء رعاف

تيمم وكامام واصطراف

[ش]

اشتمل كلامه علي ثلاث قواعد:

الأولي: هل الغالب كالمحقق ام لا/ 7 - أ.

الثانية: هل المعدوم شرعا كالمعدوم حسا أم لا؟.

الثالثة: هل الموجود شرعا كالموجود حقيقة وحسا أم لا.

أشار إلي الأولي بقوله: (هل غالب).

وإلي الثانية بقوله: (أو ما بشرع قد علم).

وإلي الثالثة بقوله: (وضده) وقوله: (كما بتحقيق علم) راجع إلي الثلاث.

أي: هل الغالب كالمحقق أم لا؟ وهل المعدوم شرعا كالمعدوم تحقيقا وحسا أم لا؟.

وهل الموجود شرعا كالموجود حسا وتحقيقا أم لا؟ وهذا لأن المعني: كالذي علم بتحقيق الوجود، أو العدم فغالب: مبتدأ، وخبره كما.

قوله: (كالسؤر والصيد) مثالان للقاعدة الأولي، أي سؤر ما عادته استعمال النجاسة إذا لم تر التجاسة في أفواهها، ولم يعسر الاحتراز منها كالطير والسباع، والدجاج، والأوز المخلاة هل ينجس ماء كان أو طعاما، فيراقان حملا علي الغالب أم لا تغليبا للأصل.

ثالثهما المشهور يراق الماء دون الطعام لاستجارة طرح الماء.

ص: 110

وسؤر الكافر وما أدخل يده فيه وسؤر شارب الخمر وشبهه مثله.

وأما الصيد فإشارة إلي مسألة من أدرك الصيد منفوذ المقاتل وظن أنه المقصود ومسألة من أرسل الجارح وليس في يده ومسألة ما إذا اشترك فيه معلم مع غير معلم. أو كلب مسلم مع كلب مجوسي وظن أن المعلم كلب المسلم القاتل وفي كل منهما؟ قولان: ولو شك ولم يغلب الظن لم يؤكل اتفاقا.

ومما ينبني أيضا علي هذه القاعدة، لباس الكافر وغير المصلي هل يحمل علي الطهارة أو النجاسة ومن علق الطلاق بالحيض والحمل في التنجيز والتأخير قال القاضي: أبو

ص: 111

عبد الله المقري: قاعدة: المشهور من مذهب مالك أن الغالب كالمحقق في الحكم، ابن شاس وابن الحاجب في التنبيه علي ذلك بأن وضعا الخلاف الذي في سؤر ما عادته استعمال النجاسة في القسم الثالث من المياه.

ومنه من أرسل الجارح وليس في يده، ومن أدرك الصيد/ 7 - ب منفوذ المقاتل وظن أنه المقصود، ومن علق الطلاق بالحيض والحمل في التنجيز والتأخير.

قوله: (وكالوطء رعاف تيمم) هذه أمثلة للقاعدة الثانية، والكاف تشعر بذلك كما تقتضي عدم الحصر فيما ذكره، وحذف العاطف من (رعاف وتيمم) للضرورة وهو كثير في هذا الرجز.

الأول: إذا حلف ليطأنها فوطئها حائضا أو صائمة هل يبر بذلك أم لا؟ قولان وذلك أن الوطء في الحيض أو الصوم حرام فهو معدوم شرعا، فإن نزل منزلة المعدوم حسا لم يبر، وإلا بر، ولا يحلل وطء الحائض ولا يحصن ولا يوجب رجعة ولا يكون فيئة خلافا لعبد الملك وهذا كله داخل تحت الوطء في كلام المؤلف.

ص: 112

الثاني: إذا جاوز الرعاف الأنامل العليا هل يعتبر في الزائد قدر الدرهم أو أكثر أو لا؟.

وذلك أن من رعف في الصلاة وعلم دوام الرعاف إلي آخر الوقت المعلوم بل المختار فإنه يتم الصلاة كذلك، فإن شك في دوامه فتله ومضي علي صلاته كذلك إن كان قليلا بحيث لا يزيد علي الأنامل العليا ما لا يعفي عنه من الدم فغنه لا يتمادي علي صلاته كذلك، ولكن يقطع، إن تلطخ به، وإن لم يتطلخ جاز أن يقطع أو يخرج لغسل الدم، ثم يبني، وإن زاد علي الأنامل العليا اليسير من الدم وهو ما يعفي عنه وذلك قدر الدرهم علي قول، أو دونه علي قول آخر، فهل يعتبر في عدم التمادي كالكثير أو لا يعتبر، لكونه معدوما شرعا، فيمضي علي صلاته كذلك، كما لو لم يزد قولان بناء علي القاعدة المذكورة.

الثالث: إذا فقد الحاضر الماء وقلنا ليس هو من أهل التيمم قال التونسي: يجري علي حكم من لم يجد ماء ولا ترابا وهذا علي أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا.

وعلي الآخر لا يصلي حتي يتطهر بالماء.

ص: 113

ومما يبنى أيضا علي هذه القاعدة لو حلف ليتزوجنّ فتزوج تزويجا فاسدًا أو ليبيعن العبد أو الأمة فباعهما بيعا فاسدا، أو ألفيت حاملا.

أو حلف ليأكلن هذا الطعام ففسد ثم أكله.

أو حلف علي فعل معصية من قتل أو شرب ثم تجرأ وفعله/ 8 - أ.

وإذا جار في القسم فلا يحاسب ويبتدئ واستقرأ اللخمي خلافه.

وعليه عدم انتقال ضمان المشتري فاسدا إلي المشتري ولو فات المبيع بيده كوديعة عنده.

وإذا قتل محرم صيدا فهو ميتة خلافا للشافعي ..

قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: المشهور من مذهب مالك أن المعدوم شرعا

ص: 114

كالمعدوم حقيقة، قال ابن رشد: إذا تجاوز الرعاف الأنامل العليا اعتبر في الزائد قدر الدرهم أو أكثر علي القولين، ونحوه لابن يونس قال التونسي: إذا فقد الحاضر الماء وقلنا ليس من أهل التيمم جري علي حكم من لم يجد (ماء) ولا ترابا. وإذا قتل المحرم الصيد فهو ميتة خلافا للشافعي.

وإذا جار في القسم فلا يحاسب ويتسامح وااستقرأ اللخمي خلافه ولا يحلل وطء الحائض ولا يحصن، خلافا لابن الماجشون.

تنبيه: لم يجعلوا من فروع هذه القاعدة حل يمين المكره بالإكراه الذي لا حنث به كمن حلف لا يفعل كذا فأكره عليه ففعله بعده مختارا حنث لعدم حنثه أو لا والجاري علي القاعدة الخلاف.

قوله: (وكإمام واصطراف) هما مثالان للقاعدة الثالثة، وتشعر به الكاف كما مر الأول: إذا صلي الإمام الراتب وحده هل لا يعيد ولا يجمع في مسجده لتلك الصلاة، لوجود الجماعة في تقدير الشرع أم لا؟ لعدمها حسا.

ص: 115

وقد ذكر أن أبا الفضل راشدا قال في الإمام الراتب بجمع ليلة المطر وحده: وقيده بعضهم بوجود المشقة في عوده، وعدم إتيان أحد وقت العشاء.

الثاني: صرف ما في الذمة هل يصح، لأنه موجود حكما أم لا؟ لعدم حضور النقدين أو أحدهما حسا.

وثالثهما: المشهور/8 - ب أن حل أو كان حالا جاز.

قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: الموجود شرعا كالموجود حقيقة، فمن ثم قال المالكية إذا صلي الإمام الراتب وحده لا يعيد ولا يجمع في مسجده لتلك الصلاة.

وقال أيضا: قاعدة: اختلف المالكية في الموجود حكما هل هو كالموجود حقيقة أو لا؟ كصرف ما في الذمة.

ثالثهما المشهور إن حل أو كان حالا جاز.

[ص]

22 -

وهل يؤثر انقلاب كعرق

ولبن بول وتفصيل أحق

[ش]

أي انقلاب أعراض النجاسة هل له تأثير في الأحكام أم لا؟ وعليه لبن الجلالة

ص: 116

وعرقها، وبولها ولحمها وبيضها، وعرق السكران، ولبن المرأة الشاربة.

والزرع والبقول يسقي بماء نجس وعسل النحلة الآكلة للعسل المتنجس وقطرة الحمام والخمر إذا تخلل أو تحجر ورماد الميتة والمزيلة وهي كثيرة جدا.

قوله: (وتفصيل أحق) أي التفصيل بين ما استحال إلي صلاح فهو طاهر كاللبن والبيض والعسل، وما استحال إلي فساد نجس، كالروث والبول وهو أحق أي أولي. وهو قول يحيي بن عمر.

وذكر صاحب التوضيح في لبن الجلالة وبيضها، والمرأة الشاربة وعرق السكران وشبهه كالنصراني: ان الذي اختاره المحقوقون، كعبد الحق والمازري وابن يونس وغيرهم الطهارة.

ابن رشد: وهو قول ابن القاسم في اللبن.

ص: 117

خليل: والخلاف في عرق السكران في حال سكره أو صحوه قريبا، وأما لو طال العهد بالسكر فلا خلاف في طهارة عرقه.

وحكي المازري: أن رماد الميتة، والعذرة وما في معني لا يطهر عند الجمهور من الأئمة بخلاف الخمر، لأن النجاسة معللة بمعني وهي الشدة المطربة فإذا ذهبت ذهب التحريم.

قال: وقد تنازع الناس في دخان النجاسة إذا احترقت، هل هو نجس كرمادها أو طاهر بخار بخلاف الرماد. صح من التوضيح.

وفي بعض نسخ هذا النظم (ولبن بول وزرع وذوق) يريد الزرع والخضرة التي تسقي بالماء النجس، والذرق بالذال المعجمة وهو هنا خزؤ الطائر الذي يأكل النجاسة من ذرق إذا رمي ما في بطنه، ودخل تحت الكاف قطرة الحمام، ورماد الميتة وغير ذلك.

ابن رشد: والخلاف جار في كل نجاسة تغيرت أعراضها.

قال القاضي أبو عبد الله المقري: /9 - أقاعدة: استحالة الفاسد إلي فاسد لا تنقل حكمه وإلي صلاح تنقل، بخلاف يقوي ويضعف، بحسب كثرة الاستحالة، وقلتها، وبعد الحال عن الأصل، وقربه، وإلي ما ليس بصلاح ولا فساد قولان. وهذا كله للمالكية انتهي.

تنبيهان: الأول: يعبر بعض الشيوخ عن هذه القاعدة بقوله: انقلاب الأعيان

ص: 118

هل له تأثير في الأحكام أم لا؟ قيل: وليس ببين، لأن الأعيان لا تنقلب وإنما تنقلب الأعراض، كما عبر (عنها) ابن بشير وابن شاسي، وابن الحاجب، علي ما في بعض النسخ، والقرافي.

وكلام الناظم برئ من هذا الاعتراض.

الثاني: يستثني من هذه القاعدة المسك، فقد أجمعوا علي طهارته حكاه الباجي.

المقري: أصل النجاسة الاستقذار فما خرج إلي ضد ذلك منها فقد خرج بالكلية عنها كالمسك فإنه خارج، والعنبر، عند من يري نجاسته والأرواث مطلقا كالشافعية.

[ص]

23 -

هل بنفي علة يزول

حكم كسقم ناكح يحول

24 -

ونجس وأسسوا أيضا لما

ظاهرة حق وعكس علما

25 -

عليه مصرف ضمان واضطرار

ومن لغير حجره والاختيار

ص: 119

26 -

بذا زواله وموصي أو فقد

وشفعة عيب ركوب أو شهد

27 -

كبيع قاض شئ غائب بحق

ثم أتي وقد نفي من يستحق

[ش]

اشتمل كلامه في هذه الأبيات علي قاعدتين:

الأولي: العلة إذا زالت هل يزول الحكم بزوالها أم لا؟.

الثانية: الحكم بما ظاهره الصواب والحق، وباطنه خطأ وباطل، هل يغلب حكم الظاهر علي حكم الباطن فتنفذ الأحكام، أو يغلب حكم الباطن علي حكم الظاهر فترد الأحكام؟ وعلي الأولي الخلاف في ماء نجس زال تغييره بغير زيادة ماء مطلق وفي مضي النكاح في المرض إذا صح المريض قبل الفسخ. أبو عمرو بن الحاجب: ولو زال تغير النجاسة فقولان، بخلاف البئر يزول بالنزح.

وقال في النكاح: فلو/ 9 - ب صح المريض منهما قبل الفسخ مضي ورجع إليه، وقال صح الفسخ بناء علي أن فساده لحق الورثة أو لعقده.

قلت: وكلام ابن الحاجب في المريض مخالف لكلام المؤلف في مبني الخلاف، فتأمله وعليها أيضا: الخلاف في سقوط الغرم عن ضامن الوجه إذا أحضر مضمونه بعد الحكم وقبل الغرم.

ص: 120

وإباحة الشبع أو الاقتصار علي سد الرمق في المضطر للميتة.

والمحجوز عليه لأجل غيره، وهم العبد، والمفلس، والزوجة والمريض، يتصرفون في حال الحجر فلا يطلع عليهم إلا بعد زوال الحجر، هل يمضي تصرفهم أم لا؟ كالمريض بتل في مرضه تبرعا ثم صح.

والزوجة تبرعت بأكثر من الثلث ولم يعلم الزوج حتي تأيمت.

والعبد نكح بغير إذن سيده ولم يعلم السيد حتي عتق العبد والمختار في هذا النوع الإمضاء، كما أشار إليه المؤلف.

ومما ينبني علي هذه القاعدة، من وجبت له شفعة فباع حصته التي يستشفع بها هل له شفعة أم لا.

وزوال العيب قبل الرد، كموت الزوجة أو طلاقها في العبد لا يعلم مشتريه بنكاحها هل يمنع من الرد أم لا.

وركوب الهدي للعاجز عن المشي ثم يستريح هل ينزل عنه أم لا؟.

ص: 121

وإلى هذه الفروع الثلاثة أشار المؤلف بقوله: (وشفعة عيب ركوب).

ومما ينبني عليها أيضا: الخلاف في اختيار الأمة، تعتق تحت العبد، إذا عتق العبد قبل أن تختار.

وإذا طلق علي الزوج بجنون أو جذام أو برص ثم برئ في العدة.

وإذا شرط لزوجته إن غاب عنها أزيد من ستة أشهر فأمرها بيدها، فغاب ثمانية أشهر فلم تقض حتي قدم.

قال في إيضاح المسالك: تنبيه: لم يختلفوا، إذا زال العيب قبل الرد أن لا رد، كما لم يختلفوا إذا بطلت رائحة الطيب أنه لا يباح بعد الإحرام، لأن حكم المنع قد ثبت فيه، والأصل استصحابه، وليس من هذا الأصل نكاح المحرم، والموافق لنداء الجمعة لأن المنع فيهما لنفس الإحرام والوقت لا لأمر بان عدمه وانظر إذا تحمل الأب الصداق عن ابنه/ 10 - أفي مرضه وفرعنا علي أحد قولي مالك بفساد النكاح ثم صح الأب هل يجري فيه من الخلاف ما في نكاح المريض إذا صح أم لا؟ في ذلك نظر واضطراب انتهي.

قلت: ما ذكر من الاتفاق علي عدم الرد في زوال العيب قبل الرد، هو في غير محتمل العود وماله علقة كذهاب بياض عين، وموت ولد ونو ذلك، لا محتمل العود، كانقطاع البول في الفراش ولم معض عليه كثير السنين، فله الرد اتفاقا وفي زواله بموت

ص: 122

الزوجة وطلاقها ثالثها بالموت فقط.

وكذا اختلف في العبد عليه دين أراد المبتاع رده، فقال البائع أنا أوديه، أو وهبه رب الدين له، وقول ابن القاسم لا رد له.

فيتحصل من هذا أن من زوال العيب ما اتفق عليه علي عدم الرد ومنه ما اتفق عليه علي الرد ومنه ما اختلف فيه.

وأما القاعدة الثانية: فيجري عليها ما ذكره في استحقاق المدونة فيمن أوصي بحج أو غيره، فأنفذت وصيته ثم استحق برق.

ومن فقد فشهد بموته فبيع ماله وتزوجت زوجته ثم قدم حيا هل يمضي ذلك في المسألتين أم لا؟

أو حكم بشهادة من اعتمد أنه عدل ثم ثبت بعد الحكم أنه كان مستجرحًا، هل ينقض الحكم أم لا؟

وإذا باع القاضي سلع رجل غائب في دين قضاه لمن أثبت الدين علي الغائب ثم أتي الغائب فأثبت أنه قد قضي الدين، هل يأخذ سلعه بغير ثمن (أو بثمن) وهو الصحيح أو

ص: 123

لا يأخذها البتة؟ والخلاف في إجزاء الزكاة إذا أخطأ في مصرفها بعد الاجتهاد وتعذر استرجاعها، كدفعها لغني أو عبد أو كافر وإليه أشار المؤلف بقوله:(كمصرف).

ابن الحاجب: ولو ظهر أن في أخذها غير مستحق بعد الاجتهاد، وتعذر استرجاعها فقولان، كالكفارة.

وقيد الشيوخ الخلاف في مسألة الزكاة بما إذا كان دفعها لهم ربها، وأما إذا كان المتولي دفعها لكل واحد من هؤلاء الإمام فإنها تجزي، ولا غرم عليه، ولا علي بها لأنها محل اجتهاد، واجتهاده ماٍض نافذ ثم هذه القاعدة راجعة إلي قولنا هل الواجب الاجتهاد أو الإصابة، وستأتي.

قوله: (وهل ينفي/ 10 - ب علة - إلي قوله - وأسسوا) أي هل يزول حكم بزوال علته أو لا؟ كناكح في المرض يذهب مرضه، وماء نجس زال تغيره بغير زيادة ماء مطلق. ومعني يحول، يزول سقمه قبل الفسخ، وفي نسخة (يؤل) بالهمزة بدل الحاء أي يرجع المريض لصحته قبل الفسخ أو يؤل سقمه إلي البرء قبل الفسخ.

قوله: (وأسسوا أيضًا بما ظاهره حق) - البيت -، أي أسس المالكية تأسيسا آخر بهذه القاعدة، وهي ما ظاهره حق فعلم عكسه، وهو بطلان الباطن، هل يغلب الظاهر أو الباطن أي: جعلوها أساسا ومبني لمسائل، والمراد بالعكس هنا المقابل، ومقابل قولنا ظاهره حق باطنه باطل.

ص: 124

قوله: (عليه مصرف) - إلخ - أي يبني علي المذكور، وهما الأصلان السابقان بمعني أن بعض هذه الأمثلة تنبني علي أحد الأصلين، وبعضها علي الآخر.

ومن البين أن مسائل الصرف والموصي، والمفقود، والشاهد، وبيع القاضي مال الغائب، هي من فروع القاعدة الثانية.

وما سوي ذلك هو من فروع الأولي، وتأمل لم خلط الناظم مسائل القاعدتين، وقد يقال: لما كانت مسائل القاعدة - الثانية - يمكن أن يقال فيها، إنها فعلت لعلل، ثم تبين ذهاب تلك العلل، فتدخل في قاعدة العلة إذا زالت هل يزول الحكم بزوالها، نظمها في سلك واحد، ليتأملها المتأمل.

والباء من قوله: (بذا) ظرفية، والإشارة إلي قوله:(ومن لغير حجره) أي والاختيار بهذا القريب زوال الحكم بالرد لزوال علته، وهو الحجر، وهو الراجح المشهور في الزوجة تتبرع، ثم تتأيم أو تموت، وفي العبد ينكح ثم يبيعه أو يعتقه.

قلت: وظاهره عموم الخلاف في أفراد المحجوز لحق غيره، وليس كذلك فقد ذكر في المقدمات: أنه لا يعلم نص خلاف في مضي تبرع العبد إذا عتق، قاله في كتاب المأذون منها، في العبد يهب أو يعتق ولم يعلم السيد ذلك، أو علم ولم يقض فيه برد ولا إجازة حتي عتق العبد، والمال بيده] فان ذلك لازم له [. ولم أر أيضًا خلافا في مضي تبرع المديان، والمريض إذا زالت علة الرد.

فمحل الخلاف إذن إنما هو الزوجة تتبرع بما زاد علي الثلث/ 11 - أولا

ص: 125

يعلم الزوج حتي تتأيم أو تموت، والعبد يتزوج بغير إذن سيده ولم يعلم السيد حتي باعه أو أعتقه فهل يكون للبائع الفسخ وهو في يد المشتري، وللعبد في العتق قولان، ولم يتفق علي المضي في التأيم كما زعم ابن الحاجب.

وعلي هذين الفرعين اقتصر صاحب ايضاح المسالك.

وقد اختلف في فعل الزوجة هل هو علي الجواز حتي رده الزوج أو علي الرد حتي يجيزه الزوج، والأول هو المعلوم من قول مالك وأصحابه.

قوله: (وقد نفي من يستحق) ضمير نفي عائد علي القادم، أي وقد منع ذلك القادم من يستحق الذي هو] المشتري أي منع المشتري من مشتراه، أو نفي استحقاق المشتري [لمشتراه، أو يعني. بمن يستحق مثبت الدين علي الغائب ونفيه بإثبات أنه كان قضاه الدين، وهذا الاحتمال أقرب والله تعالي أعلم.

28 -

وهل لعين ذو اختلاط ينقل

مغلوبة .... ....

أي هل ينقل المخالط المغلوب لعين الذي خالطه أم لا؟ بمعني أن المخالط المغلوب (هل) تنقلب عينه ما خالطة أو لا تنقلب وإنما خفي عن الحس فقط.

عليه الخلاف في مخالطة النجاسة لقليل الماء أو لكثير الطعام المائع.

ص: 126

وبالأول قال أبو حنيفة.

وبالثاني قال الشافعي.

وعليه الخلاف أيضا في اللبن المخلوط بغيره، إذا كان اللبن مغلوبا. ومذهب ابن القاسم وأبي حنيفة لغوه، وعدم انتشار الحرمة به.

ومذهب أشهب والشافعي اعتباره، ونشر الحرمة به.

وعليه أيضا: مسألة الحنث بالسمن المستهلك لا الخل.

قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: استهلاك العين يسقط اعتبار الأجزاء عند مالك والنعمان فلا يحرم اللبن المستهلك في الماء، وقال محمد وعبد الملك لا يسقط فيحرم.

ص: 127

وقال أيضا: قاعدة: المخلوط المغلوب، قال مالك، والنعمان: تنقلب عينه إلي عين الذي خالطة، وقال محمد: يخفي عن الحس ولا ينقلب.

وعليه الخلاف في مخالطة النجاسة لقليل الماء أو كثير الطعام المائع والحق أنه يخفيه ولا ينقله وأنه لا يحرم لعدم التغذية واختلاف مذهب/ 11 - ب مالك في الفرعين لاعتبار طهورية الماء والحرج في الطعام مع قوة الخلاف انتهي.

قوله: (وهل لعين ذو اختلاط) لعين يتعلق بينقل مبنيا للمعلوم (وذوا اختلاط) مبتدأ خبره ينقل مغلوبة لعين، أي: ذو الاختلاط هل ينقل مغلوبة، أي مغلوب الاختلاط لعين أي لعين ما خالطه وغلب عليه أم لا؟ ويصح أن يكون بإضافة عين إلي ذي وبناء ينقل للمجهول وضبطه أيضا المؤلف كذلك، أي هل ينقل مغلوب ذي الاختلاط إلي عين ذي الاختلاط وهو المخالط الغالب إذ لا ينقل الشئ إلي نفسه، أو يعود ضمير مغلوبة إلي المخالط المدلول عليه باختلاط من إضافة الصفة إلي الموصوف، أي هل ينقل المخالط المغلوب لعين الذي خالطة أم لا؟.

[ص]

....

هل ذو فساد ينقل

29 -

شبهة ملك إن عليه أجمعا

وبعضهم إطلاقه قد سمعا

[ش]

أي هل ينقل بيع ذو فساد شبهة ملك، أن أجمع عليه أم لا؟ وبعض العلماء كالإمام ابن عرفة أطلق في البيع الفاسد ولم يقيده بالمجمع علي فساده وعلى هذا

ص: 128

الخلاف، الفوت بالتغيير وذهاب العين وعدمه.

ابن القاسم: يفوت سحنون: لا يفوت.

ابن مسلمة: الفسخ بعد الفوت استحسان وعلي عدم الفوت فالقيمة مع ذهاب العين من باب الغرامات، ويكون البائع مخيرا إذا تغير تغيرا خرج به عن المقصود، بين أن يأخذه كذلك أو يغرمه فيكون من باب الغرامات أيضًا وكلام الناظم يشعر بالاتفاق علي عدم نقل الفاسد حقيقة الملك.

[قال ابن عرفة: البيع الفاسد لا ينقل حقيقة الملك] بعقده لقوله في الهبة عتق العبد من بائعه يعد بيعا فاسدا قبل فوته لازم، ومقتضي قول المازري عن أشهب لغو عتقه، نقله حقيقته، وحصل في نقله شبهة الملك أربعة أقوال ثالثها في المختلف فيه دون المجمع عليه.

ورابعها: ينقل حقيقة الملك.

قال القاضي أبو عبدالله المقري: قاعدة: البيع المجمع علي فساده هل ينقل شبهة الملك لقصد المتابعين أم لا؟ لكونه علي خلاف الشرع؟ اختلفوا/ 12 - أفيه وعليه الخلاف هل يفوت بالتغير وفوات العين أم لا؟ ومنهم، من يحكي هذا الخلاف في البيع الفاسد مطلقا،

ص: 129

ولا يصح في بعض المختلف فيه، وقد عرفت أن القصد المخالف للشرع هل يصح اعتباره بوجه ما، أو يجب إلغاؤه مطلقا قولان؟ وهي قاعدة أخري انتهي.

وهذه القاعدة أجنبية من هذا الفصل ولعله ذكرها هنا لاشتراكها مع ما قبلها في مطلق النقل.

وضمير عليه يعود علي فساد، وضمير إطلاقه يعود علي الخلاف المفهوم من الكلام وسمع بمعني قبل.

[ص]

30 -

هل حكم ما حاذي أم المبدا لما

بغيره اتصل كالملح بما

31 -

والسن والظفر ومسح ما بطن

من أذن وميتة الذي قطن

32 -

بالبر من ذي الحجر لحية شعر

وعقد علت وأغصان الشجر

[ش]

أي الشئ إذا اتصل بغيره هل يعطي له حكم مباديه أو حكم محاذيه؟ وتقدير كلام الناظم هل حكم ما حاذي ثابت لما اتصل بغيره، أو حكم المبدأ ثابت له.

عليه الخلاف في طهورية الماء يذوب فيه الملح فمن راعي المبدأ جعله كالتراب لأنه أصله. ومن راعي ما حاذاه جعله كالطعام فينقله إذا غيره لاستعماله في الطعام، وإلحاقه بالربوياب.

ونجاسة أعلي القرن والسن والظلف والظفر، وناب الفيل وفي باطن الأذن ما هو

ص: 130

على القول بوجوب مسح الظاهر لأنها في أصلها كالوردة.

ونجاسة ما تطول حياته في البر من البحري والصحيح الطهارة، نظرا إلي أصله وثالثها: ما مات في الماء طاهر وإلا فلا.

ووجوب غسل ما طال من اللحية والأظفار، ومسح ما طال من شعر الرأس وشجرة الحرم يصاد ما علي غصنها الذي في الحل وفي عكسه يجب الجزاء باتقان وأما (مسألة) العقدة وهي: الغدة.

فقال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: المتصل بثابت الحكم منه.

ثالثهما إن لم يكن عن سبب غريب لحق به، فيجب غسل ما طال من اللحية والرأس، ونجس أعلي القرن والسن، ولا تؤكل العقدة علي اللحم انتهي.

ومنه حال من ضمير المتصل، أي: حال كونه بعضا من ثابت الحكم المتصل هو به / 12 - ب.

ص: 131

ابن عرفة: ابن حبيب روي استثقال أكل عشرة دون تحريم: الطحال والعروق والغدة والمرارة والعسيب والأنثيان والكليتان والحشا والمثانة وأذناه القلب وصوب الشيخ جواب عبد الله بن إبراهيم بن الأبياني بأكل خصي الخصي.

قلت: هو ظاهر قول ثالث سلمهما حكم القلب، والرية، والطحال والكلا، والخصي كاللحم.

وتعليل الشيخ ذلك بقوله: (هو كالغدة) الغذاء يصل إليها، ولم تبن علي البدن، ظاهر في أكل المشيمة وفي حل أكلها.

ثالثها: إن حل أكل الولد بذكاة أمة وتم خلقه ونبت شعره، لقوول ابن رشد في سماع موسي من كتاب الصلاة: السلا وعاء الولد هو كلحم الناقة المذكاة وجواب الصائغ وبعض شيوخ شيوخنا.

ص: 132

البرزلي: هو ابن جماعة وإليه مال ابن عرفة، والصواب الجواز، لأنه جزء من أجزائها وهو ظاهر المدونة.

والمثانة بثاء معجمة الجوهري: موضع البول.

والغدة: خلاصة المحكم: كل عقدة في جسد الإنسان أطاف بها شحم.

المشارق: هي شحمة تنبت بين الجلد واللحم للبعير وغيره.

وقال القرافي أيضا (قاعدة) إذا اختلف الحكم بالمنبت والحاذات، فقد اختلف المالكية بماذا يعتبر كغسل ما طال من اللحية ومسح ما طال من شعر الرأس، وكالشجرة في الحرم يصاد ما علي غصنها الذي في الحل ما لم يثبت حرمة المحل كالعكس فيتفقون.

وقال أيضا: قاعدة: إذا اختلف حكم الشئ بالنظر إلي أصله وحاله فقد اختلف المالكية بماذا يعتبر منهما، كميته ما تطول حياته في البر من البحري، والملح يذوب في الماء.

ومنه القولان في أطراف القرون، والأظفار وفي باطن الأذنين لأنهما في أصلهما كالوردة، وأما العينان فإنهما حفظ أصلهما لعدم ارتفاعه، فلم يعارض بحال لازمة مع توقع الضرر بغسل باطنهما، ومنه القولان فيما انقلبت أعراضه من النجاسة إلي صورة ما هو طاهر، وقيل إن ترجحت الحال بفائدة كأن ينتقل إلي صلاح كالبيض واللبن أو بموافقة صورة الأصل كتغير النجاسة يزول من الماء قدمت/ 13 - أالحالة وإلا فلا.

ص: 133

وقال أيضا: قاعدة: إذا تقابل حكم المبدأ والمنتهي فقد اختلف المالكية في المقدم منهما، كمن رمي، أو أرسل من الحرم فأصاب في الحل ما لم يتعد كالعكس أو يقدر وقد تقدم مثلها انتهي.

والتقدير اشارة إلي مسألة العينين في القاعدة قبل.

وقال: قاعدة: إذا اختلف حكم الشئ بالنظر إلي أصله ومثاله، فقد اختلف المالكية بم يعتبر منهما في باب العبادات كالبيض، قيل فيه حكومة، وقيل عشر الجزاء، وقيل فيه ما في الفرخ فقامت من هاهنا قاعدة وهي: إذا كان للشئ مآلان مختلفا الحكم فهل يعتبر بأولهما، أو بآخرهما؟.

ومن الأولي مسألة كتاب الصرف من المدونة، وهي: الخلاف في اقتضاء السمراء من المحمولة قبل الأجل لأن المحمولة تغلو عند الأجل لرغبة الناس في زراعتها.

قوله: (حاذي) هو بمعجم الذال، حاذاه ازاه.

ص: 134

الجوهري: صار بحذائه صح من الصحاح ومحاذيه بضم الميم اسم فاعل حاذي، ومباديه بفتح الميم، جمع مبدأ خففت هزته بإبدالها ياء.

قوله: (كالملح بالماء) أي كالملح كائنا أو ذائبا في ماء هل يسلبه الطهورية أم لا؟ فحرف الجر مع مجروره حال يتعلق بكون عام أو خاص.

قوله: (والسن والظفر) هو علي تقدير مضاف أي: وأعلي السن والظفر، أو يقدر ظرف.

قوله: (قطن) أي أقام، والقطون الإقامة.

قوله: (لحية شعر) أي غسل ما طال من اللحية، ومسح ما طال من شعر الرأس، وفي معني ذلك غسل ما طال من الأظفار، وقد يندرج تحت قول المؤلف (والظفر) لا طلاقة فيه أي والظفر باعتبار نجاسة طرفه، ووجوب غسل ما طال منه.

قوله: (وأغصان الشجر) أي الشجرة التي بالحرم وأغصانها منبسطة في الحل.

[ص]

33 -

هل الطاري، هل هو كالأصلي

...

[ش]

النسيان الطاري، هل هو كالأصلي أم لا؟.

وعليه لو رأي نجاسة في الصلاة ثم نسيها وإذا ذكر الموالاة ثم نسيها.

ومن أمر أن يعيد في الوقت فنسي بعد أن ذكر.

ص: 135

.. هل باطن في الحكم كالجلي

أي حكم الحاكم هل يتناول الظاهر/ 13 - ب والباطن أم لا يتناول إلا الظاهر فقط؟ وهو الصحيح لأنه لا يحل حراما.

وعليه إذا قضي للمطلقة بالنفقة لظن الحمل ثم تبين أن لا حمل ففي نقض القضاء ثم يرجع عليها بالنفقة قولان.

وكذا اختلف فيما دفع لها بغير حكم هل يرجع عليها به أم لا؟ وفيها أقوال والمشهور الرجوع بناء علي عدم تناول الحكم للباطن، وبغير حكم إنما انفق للحمل لا علي وجه الصدقة والصلة.

وعليه من أوصي له بنفقة عمره، فدفعت له نفقة سبعين سنة بالتعمير ثم زاد عليها عمره، في نقض القضاء ورجوعه علي الورثة أو أهل الوصايا قولان لأشهب وابن القاسم.

وعليه لو كان مال السيد مأمونا أضعاف قيمة المدبر، والموصي وقلنا بحريتهما بنفس الموت، من غير نظر في الثلث، ثم اجتيح المال بعد ذلك ففي إمضاء العتق ونقضه قولان، لابن القاسم وأشهب.

وعليه إذا أسلم عبد النصراني وسيده بعيد الغيبة، فباعه السلطان ثم قدم فأثبت أنه أسلم قبله، فقال في الكتاب بنقض البيع، وإن عتق نقض عتقه وعليه إذا ابتاع عبدا ثم باعه بمثل الثمن فأكثر ثم رجع إليه بشراء، أو ميراث، أو هبة وهو بحاله لم يتغير، فأراد رده

ص: 136

بالعيب على بائعه فإن كان حكم عليه قبل أن يرجع إليه فلا قيام له لخروجه من يده بالبيع بمثل الثمن فأكثر.

فلا قيام له وإن لم يكن حكم عليه فله القيام، قاله ابن حبيب.

أبو محمد: هذا بعيد من أصولهم، ابن يونس: يريد أبو محمد أن له الرد مطلقا لارتفاع الحكم بارتفاع علته.

وعليه إذا ابتاع عبدا ثم باع نصفه من أجنبي ثم علم بالعيب فاختار البائع أن يغرم نصف قيمة العيب ثم بعد غرمه لنصف القيمة رجع العبد إلي يد المشتري، هل للبائع أن يقول: أنا غرمت لك نصف قيمة العيب لتبعيض العبد والآن قد صار في يدك جمعيه، فإن شئت فرد إلي جمعيه وخذ ثمنك، أو احبس ورد علي نصف قيمة العيب الذي أخذت مني، وللمشتري أيضًا أن يفعل ذلك، وإن أباه البائع أو حكم مضي ليس لأحدهما نقضه، في ذلك قولان/ 14 - أحكاهما ابن يونس وهما جاريان علي قولي ابن حبيب وأبي محمد في المسألة السابقة.

وعليه من ابتاع عبدا بالبراءة من الآباق، وأبق في الثلاث ففي المدونة روي ابن نافع هو من البائع حتي يعلم خروجه منها سالما [واستوني برد الثمن فإن علم خروجه منها سالما]

ص: 137

كان من المبتاع وإلا فمن البائع وإن وجد بعد الثلاث فلا حجة علي البائع في إباقه لتبريه منه ابن المواز: رواه أشهب وأخذ به. وقال محمد: إن لم يترادا ثمنه حتي وجد رأيت العبد لازما مبتاعه، وإن تراداه ثم وجد لزم بائعة لنقض البيع برد الثمن.

اللخمي: لا ينتفض البيع والعيب انكشف يلزم مشتريه.

وعبر في إيضاح المسالك عن هذا الفرع بقوله: وعليه من ابتاع عبدا بالبراءة من الآباق فآبق في الثلاث وقلنا ضمانه من البائع حتي يخرج من الثلاث سالما فتاردا الثمن بعد الاستيفاء ثم وجد العبد هل يرجع إلي ما كشف العيب ويلزم المشتري ولا ينقض البيع، أو يلزم البائع قولان، للخمي ومحمد وهما علي القاعدة وقاعدة أخري - تأتي قريبا - وهي: إذا جري الحكم علي موجب التوقع هل يرتفع بالوقوع لأن تحقيق والتوقيع كالإيقاف أو لا؟ لأنه قد نفذ. قولان للمالكية وعليه أيضا من ابتاع عبدا لم يعلم بعيبه حتي كاتبه، أو مرض فبلغ حد السياق، فأخذ قيمته ثم عجز المكاتب وصح المريض.

قال ابن يونس: ذكر عن بعض القروبين أنه قال: حكم مضي لا ينقض.

وعليه أيضا من فلس في غيبته لجهل ملائه على المشهور.

ص: 138

أشهب: ولو عرف وحكم بحلول مؤجله ثم قدم مليا قبل أخذه فظاهر قول أصبغ يأخذ رب المؤجل دينه وهو حكم مضي.

ابن عبد السلام: وهو الأقرب، لأن الحاكم حين قضي كان حوزا لما ظهر الآن، ولأنه حكم واحد وقد اتفق في الأموال وفروج ذوات المحارم علي أنه لا يحل حراما كإقامة رجل بينة بمال له قبل غيره فحكم له به وفي نفس الأمر شهدت بزور لأخذه.

وكامرأة من ذوات المحارم شهدت بينة لرجل أنها أمته فحكم له بها فلا تحل له ذات المحارم إجماعا في القسمين وإنما الخلاف في سوي هذين مما يتعلق بإحكام/ 14 ب الفروج تحريما وتحليلا وما هو من باب العقود والفسوخ كمن أقام شهود زور علي نكاح امرأة فحكم له بها.

وكمن شهدت عليه ببينة بطلان زوجته ثلاثا فحكم عليه، فلا تحل الأولى

ص: 139

للمحكوم عليه، ولا الثانية لشهودها خلافا لأبي حنيفة وحجج القولين مذكورة في المطولات في كتب علم الخلاف.

قال الإمام أبو عبد الله المقري: قاعدة: اختلف المالكية في الحكم هل يتناول الظاهر والباطن أو الظاهر فقط وهو الصحيح، فإذا قضي للمطلقة بالنفقة بظن الحمل ثم تبين أن لا حمل ففي نقض القضاء قولان، ويلزم المجيز مذهب الحنفية الشنيع.

وقال أيضا: القضاء عند مالك ومحمد إمضاء فينفذا ظاهرا لا باطنا، وعند النعمان إنشاء حكم فينفذ فيهما.

قال ابن العربي: قال النعمان: حكم الحاكم يقوم مقام العقد والفسخ فيحل بالعقد ويحرم بالفسخ علي حسب ما يناسب ذلك الحكم.

وقال الأئمة: [لا يحرم حلالا، ولا يحل حراما] علي من علمه في باطن الأمر، فقال: من ادعي نكاح امرأة وأقام شاهدي زور فحكم له، صارت زوجته وإن كان يعلم

ص: 140

أنه كاذب ومن استأجر شاهدي زور فشهدا بطلاقها حلت لأحدهما، وإن علم بكذبهما واتفق الناس في الديون وما ليس فيه عقد ولا فسخ وما لا يحله القصد إلي الصواب كالقضاء له بذات المحرم، قال النعمان في الدين: لأن الحاكم لم يحكم بالملك لكن بالتسليم وهو لا يوجب الملك انتهي.

والنعمان أبو حنيفة ومحمد هو ابن الحسن صاحبه.

[ص]

34 -

وإن جري الحكم علي ما يوجب

توقعا هل بالوقوع يذهب

35 -

كالزرع والسن وعين وكرا

ورفعه بما الرحي اللخمي يري

[ش]

المعني إن جري الحكم علي موجب التوقع هل يذهب بالوقوع، لأنه تحقيق والتوقع كالإيقاف أو لا؟ لأنه قد نفذ.

وعليه الزرع تحله الماشية بالليل فيغرم قيمته ثم يعود والسن تقطع خطأ فيغرم عقلها ثم تنبت والعين/ 15 - أتصاب كذلك فيغرم عقلها ثم تبرأ والدابة يتعدي بها المكتري أو المستعير فتضل فيغرم قيمتها، ثم توجد.

أصبغ: إن عاد الزرع لهيئته بعد الحكم مضت القيمة لربه.

ابن رشد: كقول أشهب فيمن عقله، وقيل يرد كما في مسألة البصر فإن

ص: 141

عاد لهيئته قبله.

وقال مطرف لا قيمة ويؤدب. ونقل ابن يونس عن أصبغ لزومها.

وفي الوثائق المجموعة عن ابن الهندي: إن خلف الزرع كان لغارم قيمته كمكتري دابة تعدي المسافة ثم ضلت فأغرم قيمتها ثم توجد.

الجزولي: وذلك حكم مضي.

مالك: في غاصب دابة فتضل، أو عبد فيأبق فأغرم القيمة ثم يوجد ذلك أنه له وهو حكم مضي إذ لو شاء ذلك ما تعجل القيمة.

ابن لبابة: وكذا القصار يتلف الثوب عنده فيغرم ثم يوجد أنه له.

أبو إسحاق: وكذا من ادعي عليه بشئ فأنكر فصولح عليه، ثم وجد بيده فهو له

ص: 142

والصلح نافذ ولها نظائر. وذكر بعض ما في الأصل، وقيل الزرع لربه ولا يرد القيمة وهو الآتي علي قول أشهب فيمن ضرب فذهب عقله فأخذ ديته بعد الاستيناء ثم عاد.

ابن القاسم: في السن لا رد.

أشهب: إن لم يبق شين رد وابن القاسم: في العين يرد وأشهب: لا رد محمد: إن كان بحكم بعد الاستيناء لم يرد.

ابن رشد: وحكم السمع يذهب ثم يعود حكم البصر.

وفي كتاب الغصب من المدونة: وقد قال مالك في المكتري يتعدي المسافة فتضل الدابة فيغرم قيمتها ثم توجد فهي للمعتدي ولا شئ لربها ولو شاء لم يعجل انتهي. وفي شفعتها مثله.

وعليه لو اكتري رحي ماء ثم انقطع ففاسخ ربها وهو يري أنه لا يعود عن قرب ثم عاد فقيل يمضي الفسخ [كحكم مضي وقيل يرتفع الحكم للخطأ في التقدير ويعود الكراء اللخمي]: وهو أحسن، كمن خرص عليه أربعة أوسق فرفع خمسة.

ص: 143

وإليه الإشارة بعجز البيت الثاني أي واللخمي يري رفع الحكم في مسألة الرحي.

اللخمي: إلا أن يكون المكتري بعد رفعه اكتري غيرها، أو نحوه من العذر فيمضي الفسخ، وإن لم يتفاسخا حتي عاد عن قرب بقي الكراء علي حاله، وإن عاد عن بعد جرت علي قولين/ 15 - ب هل ذلك فسخ أو حتي يفسخ انتهي.

وقد مرت نظائر هذه الفروع عند قوله: (وهل بنفي علة يزول حكم).

وهذه القاعدة أجنبية من الفصل كالتي قبلها لكن يناسبان ما تقدم مما ظاهره حق وباطنه عكسه.

قال الإمام أبو عبد الله المقري: قاعدة: إذا جري الحكم علي موجب التوقع فهل يرتفع بالوقوع، لأنه تحقيق والتوقع كالإيجاب أو لا؟ لأنه نفذ. قولان للمالكية فإذا غرت من فيها عقد حرية فالمشهور وجوب قيمة الولد علي رجاء عتق أمه، والخوف والشاذ علي أنه رقيق [نظرا إلي الحال والمال كما مر. وعلي المشهور لو قتل الولد قبل ذلك ففي بقاء الترقب أو قيمته علي أنه رقيق] قولان علي القاعدة بخلاف ما لو جرح، وقد تردد فيه ابن محرز ثم قطع بالترقب.

قوله: (علي ما يوجب توقعا) التوقع: الانتظار. والظاهر من جهة المعني أن جيم يوجب في كلام المؤلف تضبط بالفتح، ونصب (توقعا) علي حذف الخافض، أي علي ما هو موجب التوقع بمعني أن التوقع يوجبه، وكذا موجب في كلام المقري وهو مفتوح الجيم إذ المعني علي مقتضي الخوف والرجا وهو الانتظار والتوقع فتأمله.

ص: 144

قوله: (وكراء) يشمل كراء الدابة يتعدي بها المكتري فتضل الدابة فيغرم قيمتها ثم توجد، وكراء الرحي.

36 -

هل ينقض الظن به كمن رجع

عن اجتهاد لتغير وقع

37 -

في كأوان قبلة حكم وفي

نقلي أبي عمرو بذا نقض قفي

أي هل ينقض الظن أم لا؟ كمن رجع عن اجتهاد لآخر، لأجل تغير وقع له في الاجتهاد كاجتهاده في أحد الأواني النجس بعضها ثم يتغير اجتهاده إلي غيره هل ينتقل إليه أم لا؟.

وكذا الثياب النجس بعضها وتدخل هذه تحت الكاف من (كأوان).

وكذا القبلة يجتهد في جهتها ثم يتغير اجتهاده. [ففي إعادته قولان وكذا إذا حكم القاضي بعد أن اجتهد ثُم تغير اجتهاده] إلي غير ذلك الحكم.

ابن محرز قال ابن القاسم وغيره: يرجع إلي ما ظهر له صوابه/ 16 - أويفسخ الأول وقال ابن الماجشون وسحنون وغيرهما: لا يجوز له فسخه قالا: وهذا أقوي ولو كان يجوز له فسخه لرأيه الثاني لكان له فسخ الثاني والثالث ولا يقف إلي حد وذلك ضرر شديد.

وفي نقلي أبي عمرو بن الحاجب في الفرعي والأصلي تناقض في هذا الأصل، ففي

ص: 145

الفرعي: فلو حكم قصدا فظهر أن غيره أصوب فقال ابن القاسم: يفسخ الأول.

وقال ابن الماجشون وسحنون: لا يجوز فسخه، وصوبه الأئمة.

وفي أصلية: لا ينقض الحكم في الاجتهاديات منه، ولا من غيره باتفاق، للتسلسل فتفوت مصلحة نصب الحاكم انتهي.

وأنت تري كيف حكي في الفرعي الخلاف، وفي الأصلي الاتفاق، وكتب علي هذا الإمام الحافظ أبو عبد الله القوري: لا يصح هذا الاتفاق والنقض ضد الإبرام، فكل من النقلين ينقض الآخر ويحل ما إبرماه.

وقد أشار صاحب إيضاح المسالك أيضا إلي هذه المناقضة، قال بعد ان ذكر نص الكتابيين: فتأمل ما يكون جوابا عن معارضة [نقلية.

ومثل هذا قول المؤلف: قف. أي علي المناقضة، وتأمل ما يكون جوابا عن معارضة] نقلية

فهو من وقف، ويحتمل أن يضبط بضم القاف ماضيا مبنيا لما لم يسم فاعله، من القفو أي نقض أحد الأمرين بالآخر في هذا تبع في نقلي أبي عمرو. أو يتعلق بذا بنقلي، وهو أولي لسلامته من تقدم معمول المصدر عليه، ويكون إشارة إلي اتباع شراحه له، وعدم اعتراضهم عليه، والضبط الأول أبين. (وذا) إشارة إلي القريب وهو الحكم.

قال العلامة أبو عبد الله المقري: قاعدة: العلم ينقض الظن لأنه الأصل، وإنما جاز الظن عند تعذره، فإذا وجد علي خلافه بطل، وللمالكية في نقض الظن بالظن قولان كالاجتهاد بالاجتهاد فمن ظن القبلة في جهة فصلي إليها أو ظن طهارة أحد الثوبين، أو الإنائين ثم تغير اجتهاده ففي إعادته قولان، وهي بمعني التي قبلها يعني قاعدة هل

ص: 146

الواجب الاجتهاد أو الإصابة.

وقال أيضا: قاعدة: لا ينقض قضاء القاضي إلا في أربعة مواضع: إذا خالف الإجماع أو القواعد، أو القياس الجلي /16 - ب أو النص الصريح ومن ثم حد مالك الحنفي في النبيذ، ورد شهادته لتضافر النص والقياس على تحريمه، وما ينقض فيه القضاء لا يصح فيه التقليد بالأحرى، ولهذا قال الباجي: لعل هذا في غير المجتهد أما العالم فلا يحد إلا أن يسكر وحده الشافعي لدرء المفسدة التي لا تلزم التحريم وقبله لعدم المعصية.

قلت: درء المفسدة يوجب التأدب لا الحد، وقد شرب النبيذ وكيع ومن هو أكبر منه وأصغر ولم يردهم أحد أهل الأخبار انتهي.

وقد نظم بعض النبلاء المواضع الأربعة التي ينقض فيها حكم الحاكم فقال:

إذا قضى حاكم يوما بأربعة

فالحكم منتقض من بعد إبرام

خلاف نص وإجماع وقاعدة

ثم قياس جَلَي ترك إبهام

وفى [الكليات للمقري: كل حكم خالف النص أو الإجماع أو كان عن غير دليل أو أخطأ المذهب المقصود، وقيل أو القواعد، أو القياس الجلي، فإنه يفسخ، وإلا فلا إلا أنه ينقض ما ظهر خطأه من أحكام نفسه انتهى]

مثال مخالف الإجماع: ما لو حكم بالميراث كله للأخ دون الجد فهذا خلاف

ص: 147

الإجماع لأن الأمة على قولين إما المال كله للجد، أو يقاسم الأخ، أما حرمان الجد (بالکلية) فلم يقال به أحد فمتى حکم به حاکم نقضنا حکمه وإن کان مفتيا لم نقلده.

ومثال مخالفة القواعد: المسألة السريجية، فمتى حكم حاكم بتقرير النكاح في حق من قال إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثاً أو أقل فالصحيح لزوم الطلاق الثلاث له، فإذا ماتت أو مات وحكم حاكم بالتوارث بينهما نقضنا حكمه لأنه على خلاف القواعد، لأن من قواعد الشرع صحة اجتماع الشرط مع المشروط لأن حكمته إنما تظهر به.

ومثال مخالفة النص إذا حكم بشفعة الجار، فإن الحديث الصحيح وارد في اختصاصها بالشريك ولم يثبت له معارض صحيح فينقض الحكم بخلافه.

ومثال مخالفة القياس: قبول شهادة النصراني فإن الحكم بشهادته ينقض لأن الفاسق لا تقبل شهادته والكافر /17 - أأشد منه فسوقاً، وأبعد عن المناصب الشرعية في مقتضى القياس فينتقض الحكم بذلك.

ص: 148

وقيد القرافي النقض في هذه الثلاثة الأخيرة بما إذا لم يكن لها معارض راجح عليها.

أما إذا كان لها معارض فلا ينقض الحكم إذا كان وفق معارضها الراجح إجماعاً كالقضاء بصحة عقد القراض والمساقاة، والسلم والحوالة ونحوها فإنها على خلاف القواعد والنصوص والأقيسة، ولكن الأدلة الخاصة مقدمة على القواعد والنصوص والأقيسة.

[ص]

38 -

هل يقتضي تکراراً

الأمر وهل يصير بنهي مضمحل

39 -

للأول الولوغ والدخول

حکاية وسجدة تئول

40 -

للثان حالف وصيد محرم

وفئة ونحوها فلتعلم

[ش]

اشتمل کلامه علي أصلين:

الأصل الأول: الأمر هل يقتضى التكرار أم لا؟.

الثاني: النهي هل [يصير النهي عنه مضمحلاً کالعدم أو لا؟ وهو معني قولهم النهي هل] يدل على فساد المنهي أم لا؟ وهذا الأصل راجع إلى قولنا المعدوم شرعا هل هو كالمعدوم حسا أم لا؟.

على الأول: إذا تعدد الولوغ من كلب أو كلاب هل تكرر السبع بتكرره أم لا؟ وشهر ابن عرفة عن المازري، لا نص في تکرره بتعدد الکلاب، والأظهر عدمه.

ص: 149

قال: فنقل ابن بشير وابن شاس، وقول ابن الحاجب: لا يتعدد على المشهور بخلافه.

وعليه أيضا دخول المسجد هل تكرر التحية بتكرره أم لا؟ وهو المعروف وحكاية الأذان هل تكرر بتكرر المؤذنين أم لا؟ وهو المشهور.

ابن هارون: لأن الأسباب إذا تساوت موجباتها اكتفى بأحدها كتعدد النواقض، والسهو، وموجبات الحدود وسجدة التلاوة هل تتعدد بقراءة سجدة واحدة مرات متعددة، أي هل يسجد قاريها کل مرة؟.

المازري: أصل المذهب عندي عين تكررها إلا أن يكون القارئ ممن يتكرر عليه ذلك غالباً كالمعلم والمتعلم فيسجد أول مرة عند مالك وابن القاسم ولا سجود عند أصبغ وابن عبد الحکم.

وعلي الأصل الثاني: لو حلف ليتزوجن علي امرأته/17 - ب فنکح نکاحًا فاسدًا في بره قولان.

اللخمي عن ابن القاسم: لا يبر بيمينه ولو بنى إذا كان يفسخ بعد البناء وإلا بر والقياس بره مطلقاً إن

بنى لحصول قصده إساءتها بمباشرة غيرها.

ص: 150

ابن عبدوس عنه: لا يبر بكتابية ولا ذمية ولا بفاسد ملك، ولا من ليست من مناكحة.

محمد: سهل فيه ابن القاسم.

وإذا قتل محرم صيدا فهو ميتة خلافا للشافعي.

وعليه أيضا وطء المولى في الحيض، والصوم والإحرام هل ينحل به الإيلاء وهو قول عبد الملك أم لا؟ وهو المشهور وشبه ذلك كمن حلف ليطأن الليلة امرأته فوطئها حايضاً، هل يبر أم لا.

وقد تقدمت فروعه في المعدوم شرعا.

قال الإمام أبو عبد الله المقري: قاعدة: اختلفوا في النهى هل يجعل المنهي عنه كالعدم أم لا؟ فإن حلف ليتزوجن فنکح نکاحاً فاسداً في بروره قولان فلو تزوج أمة فعلي کون الحرة طولا فلو تزوج غير كفء، فعلى تعارض اللفظ والقصد، فلو لم يدخل فعلى الأقل والأكثر، وعلى قاعدة أخرى وهى أن النكاح هل هو حقيقة في العقد أم لا والحق فيهما أنه بالنظر إلى اللغة حقيقة في الوطء مجاز راجح في العقد، وكذلك في الشرع، لأن الأصل عدم التغير، ويحتمل أن يكون فيه حقيقة في العقد مجازاً في الوطء.

وقيل: ثلاثة، ثالثها حقيقة فيهما، ولم يفصل، وكذلك التزويج هل هو أظهر في العقد ولذلك كان المنصوص إذا قال إن تزوجت عليك وعنده امرأة أنه يدوم بخلاف أن لايتسرى.

ص: 151

وخرج الخلاف فيه على القاعدة.

قوله: ((مضمحل)) هو منصوب لكونه خبر يصير، وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة والمضمحل الذاهب. والدخول: دخول المسجد هل تتكرر التحية بتكرره أم لا؟ والحكاية: حكاية الأذان، وسجدة: أي قراءة سجدة، تئول: أي ترجع وتعود فهو نعت لسجدة، ويعنى بالسجدة محلها، والمعنى: هل يتكرر السجود يتكرر محله أم لا؟ وصيد المحرم: ما صاده المحرِم أو صيد له، إذ الإضافة بأدنى سبب.

41 -

وهل قريب الشيء کهو کالذي

نوي أو استجمر أو زکي احتذي/18 أ

42 -

كحج اضحاة نكاح وسلم

صرف وثنيا عهدة صلح عدم

43 -

معين مراهق وصانع

ومرأه تقضي لشرط مانع

44 -

أو بتبرع خيار مستحق

وشفعة وصية وما يسحق

45 -

من کثمار مکنز مع وکيل

وناظر وشبهها من القليل

أي هل قريب الشيء کالشيء؟ بمعني آن ما قارب الشيء هل له حکمه أم لا کالذي قدم النية قبل محلها في الوضوء والصلاة بيسير هل مجازي أم لا؟ المقري: المحتار نفى الإجزاء وعليه لا فرق بين التقدم والتأخر.

والذي جاوزت نجاسة محله المحل بيسير هل يجزي فيها الاستجمار أم لا؟.

ص: 152

[وتقديم الزكاة قبل الحول بيسير] وكما لو تطيب في حال إحرامه بحج أو عمرة وأزاله بالقرب، أو ألقت الريح الطيب عليه وهو نائم، فأزاله بقرب ما استيقظ وهذان الفرعان شاملهما قوله:((کحج)) ودخلت العمرة تحت الکاف، وفي بعضي النسخ (في صيد) بدل (كحج) وأراد به الصيد قرب الحرم يرسل عليه فيقتل ويغتفر قطع اليسير من أذن الأضحية وذنبها وقيل يكره ابتداء في الذَّنَبِ.

وعليه أيضا الخلاف في تقديم عقد النكاح على إذن المرأة بالزمن اليسير، وكذا الزوج، أو الولي في النكاح الموقوف يكون في الثلاثة.

وتأخير رأس مال السلم اليومين والثلاثة وتسلف أحد المصطرفين بالقرب من عقد الصرف بخلاف الطول، أو تسلفهما معا لطول الأمر فيه غالبا والمفارقة اليسيرة بعد عقد الصرف وقوت المبيع بالثنيا، والعهدة بعد زمنها بيسير، بمعنى أن المشترى في الثنيا إذا قال للبائع إن جئت بالثمن إلى شهر مثلا فالمبيع رد عليك فجاءه بعد الشهر بالقرب فهل يكون له أم لا؟ قولان على القاعدة.

ص: 153

وكذا عهدة الثلاث، أو عهدة السنة يحدث العيب بعد انقضائهما بالقرب وتمنع الثنيا إذا كانت في العقد لنهيه عليه السلام (عن بيع الثنيا) لصيرورته تارة ثمناً وتارة سلفاً، وإن تطوع بها بعد العقد فإما مطلقة كمتى أتيت بالثمن فهو لك. أو مقيدة /18 - ب أتيت بالثمن في خلال کذا. أو تفويت المشتري في المطلقة مما يري أنه قصد قطع ما أوجبه على نفسه فلا فوت.

قال ابن رشد ونسبه أبو الحسن الصغير للجزيري وفيه تصور.

ولابن فتوح: في المطلقة إن فوته المبتاع فلا حق للبائع فيه، وله إن أحضر الثمن منعه تفويته، وإن فوته بعد تفويته إلا بقضاء قاض فلا فوت، وفى المؤجلة ليس له تفويته قبل الأجل أو بعده بقرب، فإن فعل فلا فوت والحكم بين على القول الآخر في القرب.

ص: 154

وفي بعض النسخ (قسمة) بدل (عهدة) والمراد به التراجع في قسمة القرعة أجازه اللخمي في اليسير كدارين قيمة إحداهما مائة، والأخرى تسعون فيعطى آخذ ذات المائة خمسة.

وظاهر المدونة والرسالة المنع مطلقا.

وعليه أيضا ما إذا عدم ما صولح عليه وهو بيد المدعي عليه وهو منكر، بأن استحق فإن کان عن طول وبعد من الصلح فلا رجوع للمدعي عليه المستحق من يده علي المدعي فيما أخذه منه، وإن كان عن قرب فقولان على القاعدة.

المدونة: رجع بما دفع إن لم يتغير بسوقه أو بدنه وإلا بقيمته.

اللخمي: عن سحنون في کتاب ابنه: لا يرجع علي المدعي بشيء لأنه دفع الخصام بما أعطاه لا شيء ثبت عليه.

وقول ابن القاسم أحسن، لأنه يقول للمدعي إن كنت محقا في دعواك فهو شراء فعليك الرد وإن كنت مبطلا فلا يحل أخذه بباطل، وإن استحق ما بيد المدعي فهل يرجع بقيمة ما قبض أو مثله، أو لخصومة.

ثالثها الخصومة إن استحق بحدثان الصلح، وصوب ابن يونس الأول، لأن رجوعه إلى الخصام غرر، فلا يرجع من معلوم لمجهول، وكذا بيعه يتأخر قبضه بيسير قيل:

ص: 155

فيمتنع إلى أجل بعيد كخمسة أيام، ويجوز إلى قريب كثلاثة وفيما بينهما تنازع لنهي النبي صلى الله عليه وسلم (عن بيع الغرر) ومنه معين يتأخر قبضه لأجل بعيد فكأن المشتري زاد البائع في ثمنه ليضمنه، لأن النظر إليه قبض فدخل في ضمان المشتري ثم نقله للبائع فلضمان حصة من الثمن، على أنه اختلف/19 - أفي الأجل القريب أيضا هل يجوز وإن لم تكن فيه منفعة للمشترط وهو ظاهر سلمها الأول أو بقيدها كخدمة أمة أو ركوب دابة وإلا کره، قاله ابن القاسم في الرواحل.

وقيد بعضهم به ما في السلم ويمكن أن يكون هذا الخلاف مراد المؤلف أو يقال: لا يلزم أن تكون فروع الأصل المختلف فيه كلها مختلفا فيها، فقد يتفق المذهب في بعضها وهو كثير.

وأيضا إن لم يكن في ملك البائع فغرره ظاهر، وإلا فبقاؤه على صفته غير معلوم وأما الرابع فيجوز بيع الدار واستثناء سكناها مدة لا تتغير فيها غالباً، وفى حدها بسنة وهو مذهب المدونة أو لا ستة أقوال.

ص: 156

ابن رشد: واستثناؤها أعواماً أخف، قال ابن القاسم: يجوز فيها عشرة أعوام وقد اختلف في لزوم طلاق المراهق، وحده، وقتله، وإسلامه، وإنکاحه، والإسلام له لقربه من البلوغ.

والصانع يدعي بقرب دفع المصنوع إلى ربه كاليومين ونحوهما أنه لم يقبض الأجرة والمرأة تعطي لزوجها مالا على أن لا يتزوج عليها، أو على أن لا يطلقها، لم يتزوج، أو يطلقها بالقرب وذات الزوج لتبرع بثلث مالها لم [بعده تتبرع بثلث آخر فمعروف المذهب قول محمد إن قرب ما بينهما] منع وإلا جاز.

وقال عبد الوهاب: ليس لها ذلك وإن بعد إلا في مال آخر أو تبرعت بما زاد قليلا على الثلث.

قال ابن القاسم في المدونة: إذا زادت الدينار ونحوها نفذ الجميع.

وقال ابن نافع لا ينفذ.

ص: 157

والخيار هل ينقضي بغروب الشمس، أو له الرد في كالغد واستحقاق اليسير من المقوم وهو ما دون الجل لا يوجب الفسخ بخلاف الكثير ويحط عن الشفيع ما حط للمبتاع من القليل الذي يحط عادة.

وعليه أيضاً وصية الموصي ببيع عبده من فلان فأبى فإنه يحط من ثمنه ثلثه، فإن أبى قيل للورثة بيعوه له بما قال، وإلا فاقطعوا له ثلث العبد بتلا.

وكذا ما لحق أصله بشراء من ثمار لم يد صلاحه، ومال عبد وخلفة قصيل أجازه ابن القاسم بحدثان عقده فقط.

يحيى: وحد العبد عشرون يوماً وقيل بالجواز مطلقا [وقيل بالمنع/19 - ب مطلقا] وقيل بجواز الثمن دون غيره، رواه أشهب.

قال بعضهم: لو جذ الأصل ثم أراد شراء (الثمرة) الخلفية، أو أعتق العبد أو باعه ثم أراد أن يشترى ماله، أو باع الأرض أو النخل، ثم أراد شراء الثمرة أو الزرع لم يجز اتفاقا.

ص: 158

وكذا المكتري يدعي دفع الكراء بعد انقضاء الوجيبة بالقرب، وتفصيل ذلك أن المکتري إذا ادعي دفع کراء دار مثلا بعد تمام أمره فإن کان عن بعد منه صدق بيمين خرج أو بقي، وإن كان بقربه صدق ربها بيمين.

ابن حبيب: إن کان مشاهره أو مسانهه صدق المکتري فيما مضي لا في الشهر الأخير أو السنة الأخيرة فيصدق رب الدار قام بقرب بيمين وإلا صدق المكتري مع يمينه.

[ص]

احب البيان: العارف عندنا أن القول قول المکتري في دفع کراء ما مضي من الأشهر، والقول قول رب الدار في الشهر الأخر ما لم يطل بعد انقضائه انتهى.

قلت: والعمل بفاس - حرسها الله - أن القول قول المکتري في سالف المدة ما عدي شهرين من آخرها فالقول قول رب الدار.

والجمال يطلب الكراء بعد الغاية بقرب كيومين أعطى وصدق بيمين كانت الأحمال بيده أو أسلمها، وإن قام عن بعد صدق المكتري مع يمينه.

ابن يونس، العرف في الكراء وغيره كالشرط لأن شأن الأكرياء انتقاد أكريتهم ببلوغ الغاية أو بعد يومين، وما قرب قال في المدونة: إلا أن يقيم بينة.

وظاهره أن الجمال يقيم بينة أن المكتري لم يقضه وليس كذلك.

ابن يونس: يريد علي قرار المکتري أنها لم يدفع ومثله تعدي مکتري دابة أو مستعيرها المسافة بالشيء اليسير كتنحيه بعد الغاية إلى مثل منازل الناس وهلكت في رجوعه فلا ضمان عليه، لأن منازل الناس كالمسافة المشترطة.

ص: 159

محمد: وقيل يضمن ولو زاد خطوة.

وعليه أيضا إذا زاد الوكيل في الثمن زيادة يسيرة كثلاثة دنانير في مائة، ودينارين في أربعين، فإنه لازم للأمر بخلاف إذا نقص اليسير من الثمن في البيع، والفرق أن الشراء لا يتأتى غالباً بما يحده الأمر حتى لا يزيد عليه /20 - أشيئاً وغرضه تحصيل المشترى ولا يحصل إلا بتمكين الوكيل من زيادة يسيرة بخلاف البيع فإنه لا يلزم الموكل لكونه يتأتى بما حد له أو يرد علي الوکل ما وکله علي بيعه.

وقيل النقصان اليسير من الثمن كالزيادة فيه لم هو مصدق في دفع ذلك إن لم يسلم المشتري لربه كأن سلمه وقرب طلبه منه وإلا فلا إلا أن يشتغل عنه بحاجة أكيدة، أو يكون في سفر فيقدم، رواه عيسي عن ابن القاسم وتردد فيه التونسي وخرجه المازري علي الخلاف فيمن أخرج من ذمة إلى أمانة فإن كثرت الزيادة خير الموكل في المشترى فإن لم يرض به لزم الوكيل كشرائه معيبا عالما به إلا أن يكون شراؤه فرصة، والعيب خفيف فيلزم الموكل.

ومثل ذلك الوكيل يدعى الدفع لموكله بقرب الوكالة.

ففي المقدمات: إذا ادعى الوكيل المفوض أو غير المفوض أنه دفع إليك ما قبض من غرمائك صدقه مالك في المدونة مع يمينه (لأنه أمنه) وعنه لا يصدق بحضرة قبض المال أو بقربه بالأيام اليسيرة، لأن الأصل بقاؤه عنده وتحلف أنت وتصدق، وهو مع يمينه في نحو الشهر، لأن الظاهر قبضك ذلك حينئذ وإن طال جداً لم يحلف وفرق أصبغ بين المفوض إليه في القرب يبرأ مع يمينه وفي البعد جداً يبرأ بغير يمين وأما الوکيل علي شيء بعينه قال:

ص: 160

فهو غارم حتى يقيم البينة، وإن مات الوكيل بالقرب قال عبد الملك: ذلك كله في ماله إذا عرف القبض وجهل الدفع ولم يذكره وعليه أيضاً ناظر الأيتام وهو الوصي عليهم يدعي الدفع بعد الترشيد بالزمن اليسير فإنه لا يصدق لأنه ادعى الدفع لغير من ائتمنه خلافاً لابن الماجشون وهى أيضا على القاعدة.

وأما إن طال زمن ذلك كالثلاثين سنة والعشرين يقيمون معه ولا يطلبونه ولا يسألونه عن شيء لم يطلبونه فإنما عليه اليمين قاله مالك في الموازية.

وقال ابن زرب إذا قام بعد عشر سنين أو ثمان لم يكن له قبله إلا اليمين.

خليل: ينبغي أن ينظر إلى (قرائن) الأحوال وذلك يختلف والله أعلم.

وکذا شبه هذه الفروع مما هو قليل بالنسبة لما ذکر/20 - ب وإن کان کثيراً في نفسه کزيادة المستعير في المسافة يسيراً فإنه كالمكتري وكنفوذ شراء سفيه ما قل وإيصاء الأم على ولدها في يسير ورثه منها ولا أب له ولا وصي وقد يدخل هذا تحت قول المؤلف

ص: 161

((وصية)) وكشرط ما قل من عمل في قراض ومساقاة، ومغارسة، وأخذ شيء من طريق المسلمين لا يضر، ويسير الغرر في البيع. ومن سرق ما يقطع فيه مراراً كل مرة دون النصاب والمجموع نصاب هل يقطع أو لا؟ ونحوها مما قل.

قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: اختلف المالكية في إعطاء ما قرب من الشيء حكمه أو إبقائه على أصله، كالعفو عما قرب من محل الاستجمار بخلاف اللازم، وكتقديم عقد النكاح على إذن المرأة بالزمن اليسير، وقيل لا يضره مطلقا، وكلزوم طلاق المراهق لقربه من البلوغ، وكتسلف أحد المصطرفين بخلاف تسلفهما معا لطول الأمر فيه غالبا.

وقال أيضا: قاعدة اختلف المالكية في تسمية التأخير اليسير كاليومين والثلاثة دينا. وعليه جواز تأخير رأس مال السلم، والمعين إليها، وبنيا أيضا على أن ما قارب الشيء هل يکون حکمه کحکمه انتهي.

تنبيه: قال ابن رشد بعد أن ذکر أن القولين في مسألة الاستجمار السابقة مبنيان علي الخلاف فيما قارب الشيء هل يعطى حكمه أم لا؟: وهذه القاعدة كثيراً ما يذكرها الفقهاء ولم أجد دليلا يشهد لعينها، فأما إعطاؤه حكم نفسه فهو الأصل، وأما إعطاؤه حكم ما قاربه، فإن كان مما لا يتم إلا به كإمساك جزء من الليل فهذا يتجه، وإن كان على خلاف ذلك فقد يحتج له بحديث (مولى القوم منهم) وبقوله عليه الصلاة والسلام:

ص: 162

((المرأ مع من أحب)) انتهي.

قوله: ((خذ)) أي خذ هذه القاعدة وأجرها في الصيد، وما عطف عليه، وفى بعض النسخ (احتذى) فيحتمل الأمر، الماضي مبنيا للمفعول، والاحتذا في الاتباع، وفي بعضها حذي بالحاء المهملة من حذا يحذو بمعنى ما قبله، فيتعين مبنيا للمفعول.

قوله: ((نكاح)) يعنى النكاح الموقوف سواء تقدم/21 - أالعقد على إذن الزوجة أو الزوج، أو الولي.

قوله ((صلح)) أراد بصلح المصالح عليه أو به في الإنكار وعدمه مجاز عنا استحقاقه من يد المدعي عليه، أو المدعي.

وفي بعض النسخ علم بدل (عدم) ومعناه والله أعلم أن فرع الصلح معلوم لأهل الفقه منصوص في كتبهم، فصلح على هذا باق على مصدريته، غير مؤول بالمفعول والجملة صفة أو مستأنفة وتتعين الصفة على النسخة الأولى، وهي أبين.

قوله: ((وصية)) هو صادق علي الموصي ببيع عبده من فلان، والوصي يزيد علي الثلث، الشيء اليسير هل يمضي أو للورثة رده.

قوله: ((وما يحق من کثمار مکتر مع وکيل)) هـکذا رأيت بخط المؤلف، ويدخل تحت الكاف الزرع، وخلفه القصيل.

والمکتري: يشمل مکتري الدار يدعي دفع الكراء، ومسألة الجمال ومسألة مکتري الدابة يتعدى المسافة.

والوكيل: شامل للمسائل الأربع زيادته في الثمن يسير، وتسليمه السلعة للموكل ثم زعم بالقرب من التسليم أنه زاد فيها زيادة تلزم الأمر، فإنه يقبل منه، وإن ادعاء بطول لم

ص: 163

يقبل، وابتياعه سلعة معيبة عيباً خفيفاً يغتفر مثله مع كون الشراء نظراً وفرصة، ودعواه دفع الدين الذي وكل على اقتضائه [أو لمن السلعة التي] وكل على بيعها. أو السلعة التي وكل على شرائها أو شبه ذلك لموكله يحدثان الوكالة، وفى بعض النسخ بدل هذا (کذا يحق للمکتري مع شريك ووکيل) أي کذا يحق هذا الأصل للمکتري ومن ذکر معه بمعني أنها تبني عليه وأراد بشريك الشريك في الزرع يدعي الدفع لشريکهـ بعد دفع الإصابة بيسير وكذا تطوع شريك بتافه في مال أو عمل، وإلغاء مرض أحد شريكي العمل أو غيبته يومين واغتفار ما قل كثوب لأحد الشريكين أو عامل القراض عند الانفصال.

قوله: ((وشبهها)) هو بالخفض عطفاً على ما قبله، ومن القليل يتعلق به، أي وما يشبه هذه الفروع مما هو قليل بالنسبة إلى الفروع المذكورة، وإن كان كثيراً في نفسه.

وفى الارتهان لما ذكره من كون غير المذكور من فروع هذا الأصل قليلاً بالنسبة إلى المذكور منها والدخول تحت هذه العهد ما لا يخفى. والله أعلم وقد حذف المؤلف العاطف في کثير من هذه المسائل، وهو کثير في هذا الرجز.

[ص]

46 -

هل حکم مالك لمن له سبب

جار بتمليك قد اقتضي الطلب

47 -

کقادر مقارض ومن سرق

وشفاعة تيمم ومستحق

[ش]

أي هل حكم مالك ثابت لمن له سبب جار قد اقتضى الطلب، بتمليك؟ وهذه قاعدة من جرى له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك هل يعطى حكم من ملك أم لا؟ وهو المعبر عنه بمن ملك أن يملك هل يعد مالك أم لا؟.

کمن به سلس البول وهو قادر علي رفعه بنکاح أو تسر، أو تداو، وهل ينتقض

ص: 164

وضوؤه أم لا؟.

والفقير القادر على التكسب هل يعطى من الزكاة أم لا؟.

ابن عرفة: وفى إعطائها لشاب صحيح قولان:

مالك ويحيي بن عمر اللخمي: إن کان ذا صنعة تکفيه وعياله فغني، وان لم تکفه أعطى تمام كفايته، وإن كسدت أو لم يكن ذا صنعة ولم يجد ما يحترف أعطي، وإن وجده ففيه قولان انتهي کلام ابن عرفة.

وأجرى بعضهم نفقة الأبوين عليها قيل والنص شرط عدم القدرة في وجوبها وفرق بأن الزكاة أوسع لأن النفقة يأخذها معين من معين وهذه قاعدة أخرى. أن الحكم في المطلق أوسع منه في المعين ويتسع فيما بينهما بقدر قربه من المطلق ويضيق بقدر قربه من المعين وهذان الفرعان داخلان تحت قول المؤلف ((قادر)) وعلى هذا الأصل، أيضا عامل القراض هل يعد مالكا بظهور الربح.

القرافي: وهو المشهور. أو بالقسمة فإنه وجد في حقه سبب يقتضي المطالبة بالقسمة وإعطاء نصيبه من الربح، فهل يعد مالكاً أم لا يملك إلا بالقسمة قولان في المذهب.

ص: 165

فإن كان أحد المتقارضين مسلماً حراً لا دين عليه والأخر كافراً، أو عبداً أو مديانا فلمالك في رواية أشهب مراعاة حال رب المال، فإن وجبت عليه وجهت في نصيب العامل وإن لم يكن من أهلها.

[وله في الموازية: اعتبار حال العامل، فان كان من أهلها وفى نصيبه /22 - أمن الربح نصاب وجبت، وأن لم يکن ربه من أهلها] وهما مبنيان علي المترقبات متى يعد حصولها؟ هل يوم ترقبت فيملك حصته من الربح بظهوره أو يوم تقررت فلا يملك إلا يوم القسمة، وقبلها لرب المال الجميع فيزکيه علي ملکهـ. وذهب ابن القاسم إلى مراعاة حاليهما معا، فإن كانا من أهلها وحصة رب المال بربحه نصاب، وأقام المال بيد العامل حولا زكى، أي العامل ربحه، وإن قل جعلهما كمالك واحد، وإن سقطت عن أحدهما سقطت عن الأخر.

وفي معناه العامل في المساقاة، إن وجد في حقه من العمل ما يقتضي المطالبة بالقسمة، وتمليك نصيبه من الثمن فهل لا يملك إلا بالقسمة أو يملك بالظهور؟.

القرافي: وهو المشهور علي حکم القراض قولان في المذهب.

وعليه أيضاً: من سرق من الغانمين من الغنيمة بعد حوزها وقبل قسمتها هل يقطع أم لا؟ وذلك أنه انعقد للمجاهدين سبب المطالبة بالقسمة والتمليك فهل يعدون مالكين أم لا؟ قولان:

ص: 166

فقيل: يملكون بالحوز والأخذ وهو مذهب الشافعي.

وقيل: لا يملكون إلا بالقسمة وهو مذهب مالك، قاله القرافى.

والشفعة إذا باع أحد الشريكين حصته تحقق لشريكه سبب يقتضى لمطالبة بأن يملكها بالشفعة فهل يعد مالكا للشقص المبيع بنفس البيع أم لا؟ فإذا باع الشفيع بعده ما يستشفع به فلا شفعة له، قاله مالك واختاره أشهب وغيره وهو ظاهرها. وعنه لا تسقط.

ابن رشد: رواه يحيى عن ابن القاسم.

ابن عبد السلام: ظاهر قول ابن القاسم الفرق بين بيعه عالما به فلا شفعة أو لا فيشفع وهو ظاهرها. ومن تيمم ثم وهب له الماء فهل يبطل تيممه على القول بوجوب قبول هبته.

وإذا استحق الجل من العروض هل يحرم التمسك بالباقي أم لا؟ كمن ابتاع عشرة ثياب فاستحق منها ثمانية، فأراد أن يتمسك المشترى بالاثنين الباقيين منها، فإنه منع من ذلك في المدونة وأجازه في/ 22 - ب واضحة ابن حبيب والخلاف فيها على من ملك أن

ص: 167

يملك هل يعد كالملك أولا يعد إلا إذا اختار أحد الوجهين اللذين خير بينهما، فإن تمسك بالثوبين الباقيين بعد علمه بمقدار ما ينوبهما جاز باتفاق القولين.

وبيان كون الخلاف في مسألة ابن حبيب على القاعدة، أنه ملك أن يملك رد الثوبين فإن عدد مالكا امتنع تمسكه لأنه شراء مستأنف بثمن مجهول في الحال، وإلا جاز. ومن مسائل من ملك أن يملك، فقير لم يطلب ولده الغنى، بنفقة، هل يعطى من الزكاة انظر تفليس التقييد.

والفقير وغيره من المسلمين له سبب يقتضى المطالبة لما يملك من بيت المال ما يستحقه بصفة فقره أو غيره من الصفات الموجبة للاستحقاق، كالجهاد والقضاء والفتيا والقسمة بين الناس في أملاكهم، وغير ذلك مما شأن الإنسان أن يعطى لأجله، فإذا سرق هل يعد مالكا فلا يجب عليه الحد لوجود سبب المطالبة بالتمليك أو يجب عليه القطع لأنه لا يعد مالكا وهو المشهور، قولان هذا لفظ القرافى في هذا الفرع.

تنبيه: لم يجعلوا من فروع هذه القاعدة جبر الغرماء المفلس على تكسب وتسلف وعفو للدية واستشفاع، ونزع مال رقيق وما وهب لولده، لأنهم لم يعاملوه على التزام ذلك.

كما لا يلزمونه قبول معروف كتسلف ووصية، وهبة، وصدقة.

وكذا اتفق على أن للعبد اختيار العبودية إن قال له ربه أنت حر إن شئت ونحوها من فروع هذه القاعدة.

قال القاضى العلامة أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فيمن جرى له سبب يقتضى المطالبة بالتمليك هل يعطى حكم من ملك أو لا؟ وهو المعبر عنه بمن ملك أن يملك

ص: 168

هل يعد مالكا أم لا؟

قال القرافى: وليس الخلاف في كل فروع هذه القاعدة ولكن في بعضها، كمن يقبل التداوى أو يقدر على التسرى في السلس، ومن وهب له ماء وقد تيمم. وأخذ من لا مال له ويقدر على التكسب للزكاة، وأجرى عليه نفقة الأبوين، والمنصوص اشتراط/ 23 - أعدم القدرة فى وجوبها، وفرق بأن الزكاة أوسع لأن النفقة مأخوذة من معين لمعين، وهذه قاعدة أخرى أن الحكم في المطلق أوسع منه فى المعين ويتسع فيما بينهما بقدر قربه من المطلق، ويضيق بقدر قربه من المعين.

ومن القاعدة جواز الربا بين العبد وسيده انتهى كلام المقرى.

قلت: وفى قوله المنصوص اشتراط عدم القدرة فى وجوبها، أى النفقة نظرًا، لأن الشيخ ابن عرفة حكى قولين فى وجوب النفقة على الأب إذا كانت له صنعة تكفيه، ونصه حاكيا عن اللخمى: وإن كان للأب صنعة تكفيه وزوجته جبر عليها وإن كفت بعض نفقته أكملها ولده.

قلت: ونقل الباجى: إن نفقة الوالدين المصرين تلزم الولد، ولو قويا على العمل.

قلت: قولا اللخمى، والباجى كالقولين فى الفقير القادر على العمل هل يعطى الزكاة أم لا؟ انتهى.

قلت: ووقعت هذه المسألة فى إيضاح المالك على غير وجهها، ونصه أثناء الفروع المبنية: وأخذ الزكاة لمن لا مال له أو أجرى عليه نفقة، والمشهور عدم اشتراط القدرة فى جواز أخذها.

ص: 169

هكذا في نسخة مصححة بتصحيح شيخنا أبى محمد عبد الواحد ولد المؤلف ولا وجه لهذا، والصواب وأجرى بالواو، ونفقة الأبوين، لا نفقة فقط، وفى وجوبها بدل فى جواز أخذها.

وأما ذكر المشهور، بدل منصوص فى كلام المقرى فصواب لما فى المسألة من الخلاف كما ذكرنا، لكن إذا كان الخلاف منصوصا لم يحتج إلى التخريج والله تعالى أعلم.

قوله: "كقادر مقارض" هكذا فى بعض النسخ، وفى بعضها بدله (كسلس وقادر) والأول أولى لدخول السلس تحت القادر لشموله للقادر على رفع السلس والقادر على التكسب فتسلم من التداخل، وتزيد فائدة، المقارض بفتح الراء، وهو عامل القراض.

وقد يقال القادر شامل لجميع فروع القاعدة فلا انفكاك عن التداخل.

قوله: "من سرق" أى أحد الغانمين إذا سرق من الغنيمة قبل قسمها/ 23 - ب.

[ص]

48 -

وعاب من ملك أن يملك هل

يعد مالكا قراف فبطل

[ش]

يعنى أن القرافى عاب قول الأقدمين من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟.

فمن قدر على شرب الخمر أو السرقة فلا يحد إجماعا، مع أن اللفظ يشمل ذلك. ومن قدر على ملك النصاب ولم يملك فلا يزكى إجماعا مع أن اللفظ يشمله، وبنحو هذا مما يذكر بعد فبطل جعله قاعدة.

وقول المقرى السابق وهو: المعبر عنه بمن ملك أن يملك يدل على أن قصد الأقدمين

ص: 170

عنده بهذه العبارة هو ما قاله القرافى، وظنه ابن الشاط مرادهم. وهو مما يقطع به عليهم أعنى هذا التأويل، وأنهم لم يقصدوا ظاهر هذه العبارة.

ابن رشد: وكان شيخنا القرافى ينكر هذه القاعدة ويقول: أرأيت من كان عنده خمر وهو قادر على شربها، وكذلك السرقة.

ويقول: الذى ينبغى أن يقال من جرى له سبب يقتضى المطالبة بأن يملك هل يعد مالكا لجريان السبب أو لا؟ لفقدان الشرط، مثاله من سرق من الغنية، أما من لم يجز له سبب فكيف يعد مالكا.

القرافى: فى الفرق الحادى والعشرين والمائة بين قاعدة من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ وبين قاعدة من انعقد عليه سبب مطالبته للملك هل يعد مالكا أم لا؟: اعلم أن جماعة من مشايخ المذهب -رضى الله عنهم -أطلقوا عبارتهم بقولهم: من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ قولان، ويخرجون على ذلك فروعا كثيرة فى المذهب، إذا وهب له الماء فى التيمم، هل يبطل تيممه بناء على أنه يعد مالكا أم لا يبطل بناء على أنه لا يعد مالكا؟ ومن عنده ثمن رقبة هل يجوز له الانتقال للصوم فى كفارة الظهار أم لا؟ قولان، مبينان على أن من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟.

ومن قدر على المداوة فى السلس (بالتسرى) أو التزويج هل يجب عليه (الوضوء) أم لا؟ بناء على أن من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ وكثير من هذه الفروع زعموا أنها مخرجة على هذه القاعدة، وليس الأمر كذلك، بل هذه القاعدة باطلة وتلك الفروع لها مدارك غير ما ذكروه، وبيان بطلانها أن الإنسان ملك أن يملك أربعين شاة فهل يتخيل أحد أن يعد مالكا قبل/ 24 - أشرائها حتى تجب عليه الزكاة على أحد القولين وإذا

ص: 171

كان الآن قادرا على أن يتزوج فهل يجرى فى وجوب الصداق، والنفقة عليه قولان قبل أن يخطب المرأة، ولأنه ملك أن يملك خادما ودابة فهل يقول أحد إنه عد مالكا لهما فتجب عليه نفقتهما على قول من الأقوال الشاذة أو الجادة، بل هذا لا يتخيله من عنده أدنى مسكة من العقل والفقه.

وكذلك الإنسان ملك أن يشترى أقاربه فهل يعده أحد من الفقهاء مالكا لقريبه فيعتق عليه قبل شرائه، على أحد القولين، فى هذه القاعدة على زعم من اعتقدها بل هذا كله باطل بالضرورة، ونظائر هذه الفروع كثيرة ولا تعد ولا تحصى كثرة، ولا يمكن أن تجعل هذه من قواعد الشريعة ألبتة بل القاعدة التى يمكن أن تجعل قاعدة شرعية، ويجرى الخلاف فى بعض فروعها لا فى كلها، أن من جرى له سبب يقتضى المطالبة بالتمليك هل يعطى حكم من ملك أم لا؟ صح من الفروق.

الإمام أبو القاسم بن الشاط: ما نسبه إلى مشايخ من أهل المذهب واعتقده منهم من أنهم أرادوا مقتضى عبارتهم المطلقة ليس بصحيح، وما اختاره من عدم إرادة مقتضى الإطلاق هو الصحيح، والظن بهم أنهم إنما أرادوا ذلك والله أعلم انتهى .. القرافى إثر الكلام السابق: ومالك قد يختلف فى هذا الأصل بحسب بعض الفروع ولذلك مسائل، فذكر مسائل الغنيمة قبل القسمة، وعاملى القراض، والمساقاة ومستحق الأخذ من بيت المال إذا سرق منه، وجعلها محل اختلاف، ومسألة الشريك فى الشفعة إذا باع شريكه تحقق له سبب يقتضى المطالبة بأن يملك الشقص المبيع قال: ولم أر خلافا فى أنه غير مالك وقد مر أنها من مسائل الخلاف، وأنه مبنى على هذا الأصل. ثم قال:

فهذه القاعدة على ما فيها من القوة (من جهة) قولنا جرى له سبب التمليك فى تمشيتها عسر لأجل كثرة النقوض عليها، أما هذا المفهوم وهو قولنا: من ملك أن يملك

ص: 172

مطلقا من غير جريان سبب يقتضى مطالبة بالتمليك ولا غير/ 24 - ب ذلك من القيود فهذا جعله قاعدة شرعية ظاهر البطلان، لضعف الناسبة جدا أو لعدمها ألبته أما إذا قلنا إنعقد له سبب يقتضى المطالبة بالتمليك فهو مناسب لأن يعود مالكا من حيث الجملة تنزيلا لسبب السبب منزلة السبب وإقامة السبب البعيد مقام السبب القريب فهذا يمكن أني يتخيل وقوعه قاعدة فى الشريعة أما مجرد ما ذكروه فليس فيه إلا مجرد الإمكان والقبول وذلك فى غاية البعد عن المناسبة فلا يمكن جعله قاعدة شرعية وتخرج تلك الفروع بغير هذه القاعدة.

ففى الثوب للستر تلاحظ فيه قوة المنة فلا يلزمه، أو أنه إعانة على دين الله ليس من باب تحصيل الأموال فيلزمه، ويكافئ عليه إن شاء، وكذلك القول فى الماء يوهب هل ينظر إلى يسارته فلا منة، أو تلاحظ المنة وهى ضرر، والضرر ينفى عن المكلف لقوله عليه السلام:"لا ضرر ولا ضرار" وقوله تعالى: {وما جعل عليكم فى الدين من حرج} وواجد الثمن يتخرج على تنزيل وسيلته منزلته أم لا؟ وكذلك القادر على التداوى إلى غير ذلك من النصوص، والأقيسة، والمناسبات التى اشتهرت فى الشريعة اعتبارها، وهى مشتملة على موجب الاعتبار [وأما ما لا يشتمل على موجب الاعتبار] فلا يمكن جعله قاعدة شرعية بل ينبغى أن يضاف إليه من القيود الموجبة للمناسبة كما تقدم ما يوجب اشتماله على موجب الاعتبار، ونقل النقوض عليه، وتظهر مناسبته، أما عدم المناسبة وكثرة النقوض فاعتبار مثل هذا من غير ضرورة خلاف المعلوم من نمط الشريعة فتأمل ذلك فإنه قد كثر بين المتأخرين خصوصا الشيخ أبا طاهر بن بشير فإنه اعتمد عليه فى كتابه المعروف بالتنبيه كثيرا انتهى.

ص: 173

قال بعض الشيوخ: قول المؤلف يتخرج على تنزيل وسيلة الشئ منزلته، هو معنى قول القائل من ملك ثمن الماء هل يعد أنه ملك الماء أم لا؟ فغيرت العبارة وما أتيت بشئ، وكذلك القول فيما ذكر من القدرة على التداوى، بل ما ذكره/ 25 - أأبعد من أن يكون قاعدة شرعية، لأن الشرع قد أسقط ما ذكره من اعتبار الوسيلة لقول النبى صلى الله عليه وسلم لما سئل عن قبلة الصائم "أرأيت لو تمضمضت بماء فمججته أكان يفطرك" أو كما قال عليه السلام فنبه على أن وسيلة الشئ ليست كالشئ فتأمل.

قوله: "قراف" هو فاعل عاب. وقوله: "فبطل" أى هذا الكلام من حيث ظاهرهـ وإلا فهو صحيح من حيث التأويل حسبما للمقرى وابن الشاط.

[ص]

49 -

وهل بغسل العضو عنه يرتفع

حدثه أم بالفراغ وسمع

50 -

إنكار بعض كأبى بكر وقد

أجيب عنه، وكذا بحث ورد

[ش]

أى هل بغسل العضو يرتفع حدثه عنه أم لا يرتفع إلا بالكمال والفراغ؟. وعلى هذا الأصل تفريق النية على الأعضاء هل يجزى معه الوضوء أم لا؟ ولابس أد الخفين قبل غسل الأخرى عند قوم.

واستشكل ابن راشد تفريق النية، وحكى عن بعض أشياخه إنكار القاعدة التي بني عليها

ص: 174

خلاف المسألة. وقال: لا أصل لهذا.

وكذا أبو بكر بن العربى فى العارضة قال: هذا أصل ما علم فى المذهب ولا خطر على بال شيخ منا، ولا قال ذلك منا قط شيخ.

فابن عربى برى ممن يترك بناء فروع المذهب على أصوله ويطلب لها أصول الشافعية ليغرب بها.

وقال أيضا: طهارة كل عضو بانفراده لا يوجد إلا لشافعية وهو أصل فاسد، لأنه يلزم عليه جواز مس المصحف لمن غسل وجهه ويديه، وهو خلاف الإجماع القرافى: الحدث هنا هو المنع الشرعى من الصلاة ونحوها، والمنع بتعلق بالمكلف لا بالعضو، ولو غسل جميع الأعضاء إلا لمعة واحدة لما ارتفع المنع [فهذا القول غير معقول] وقبله ابن راشد، وابن النشاط.

ابن عبد السلام: أنكر بعض المتأخرين وجود الخلاف فى المذهب هل يظهر كل عضو بانفراده، ولا وجه لإنكاره (بعد) نقل جماعة له، والمسائل الدالة عليه كمسألة تفريق النية على الأعضاء، ولابس أحد الخفين قبل غسل الأخرى، ولا يضر أن لها أصلا آخر تجرى عليه، إذ كثير من المسائل لها أصول تحاول منها فتارة يقع/ 25 - ب التعارض بين تلك الأصول، وتارة تتضافر كما يكون للحكم الواحد فى المسألة الواحدة أدلة كثيرة، إلا أن هذا الخلاف ونقله على هذا الصورة يقتضى أن حكم الحدث أو رفعه مقصور على أعضاء الوضوء خاضة، فإذا غسل الوجه مثلا ففى قول يرتفع الحدث عنه وفى قول لا يرتفع إلا بغسل

ص: 175

الرجلين، وهذا يوجب أن بقية الأعضاء لا حدث عليها، حتى أنه يجوز لمحدث أن يمس المصحف بغير أعضاء الوضوء إذ الحدث وارتفاعه إنما يكون فيها وعنها وهو بعيد انتهى.

فالزم على كون الحدث لا يرتفع إلا بالإكمال أن يجوز للمحدث أن يمس المصحف بغير أعضاء الوضوء، وكذلك الزم عليه أيضا عدم تأثير الحدث فى الطهارة إلا بعد كمالها، لأنه إن لم تحصل الطهارة فلا معنى لنقضها فإذن من توضأ ثم بال بعد غسل الرجل اليمنى مثلا لم يلزمه غير غسل الرجل اليسرى وهذا هو البحث الذى أشار إليه المؤلف.

ابن عرفة: نفى ابن العربى وجود القول بأن كل عضو غسل ارتفع عنه حكم الحدث بدليل إجماع الأمة على منع من غسل وجهه ويديه من مس المصحف قبل تمام وضوئه.

ويرد بأن الإجماع الذى حكاه ابن العربى إنما هو لاحتمال عدم تمام وضوئه وتمام وضوئه كاشف رفعه عما فعل حين فعل ككشف إمضاء بيع الخيار، أنه كان منعقدا يوم نزل.

الأبى: وفيه تكلف، ثم هو غير سديد لمخالفته لقولهم إنه يظهر بالفراغ منه دون انتظار شئ ولذا بنوا عليه مسألة تفريق النية على الأعضاء، ولمخالفته لظاهر الحديث المتقدم.

وأبين من جوابه أن شرط مس المصحف طهارة الشخص لا العضو لقوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} فالعضو قد طهر بالفراغ منه ولا يمس المصحف حتى

ص: 176

يطهر الشخص.

المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى الحدث هل يرتفع عن كل عضو بالفراغ منه كما تخرج منه الخطايا، أو بالإكمال، فمن لم يغسل رجله حتى قطعت ولم يبطل الفور هل يعيد الوضوء وهو مقتضى الأكمال، لأن تعذره لا يوجب رفع الحدث بعد/ 26 - أوضعه إلا بدليل، والأصل عدمه أو لا؟ وهو مقتضى الاستقلال؟ ابن العربى: ينكر كون هذا مذكورا فى المذهب لا أصلا ولا فرعا، ويشنع على من يضيفه إليه والمثبت مقدم.

وقال أيضا: قاعدة: اشتمال الشئ على الشئ قال ابن أبى زيد: يزول بتجدد سبب المطالبة بالداخل، فمن أحدث فى الغسل بعد الوضوء نواه لانقطاع تعلق الجنابة بأعضاء الوضوء فلا تتعلق نيتها بها.

وقال ابن القابسى: لا يزول ما دام القصد متعلقا بالعام فلا ينويه.

وبنى أيضا على رفع الحدث عن كل عضو أهو بالفراغ منه أم بالإكمال أو على أن الدوام كالابتداء أو لا؟ وقد عقدت فيه فى بعض ما كتبته فصلا حسنا لمن أراده انتهى.

وسيأتى لهذه القاعدة محل أليق بها من هذا.

ص: 177

قوله: "وسمع إنكار بعض كأبى بكر" البيت -: أى قبل إنكار بعض الفقهاء كالقاضى أبى بكر بن العربى، وجود القول بأن كل عضو يطهر بانفراده بمعنى أن بعضهم قبل إنكاره وصحح اعتراضه، ودخل ابن راشد تحت البعض فيكون قوله:"كأبى بكر" تمثيلا والمراد بالبعض هو ابن راشد فيكون ما بعده تنظيرا.

وأشار بقوله: "وقد أجيب عنه" إلى أجوبة ابن عبد السلام، وابن عرفة، وتلميذه أبى عبد الله الأبى على إنكار ابن العربى، وإياه عنى صاحب إيضاح المسالك ببعض حذاق تلامذة ابن عرفة.

والبحث الذى أشار إليه بقوله: "وكذا بحث ورد" هو كما مر بحث ابن عبد السلام فى أن الحدث لا يرتفع إلا بالإكمال، وإلزامه عليه جواز مس المصحف بغير أعضاء الوضوء وعدم تأثير الحدث فى الطهارة إلا بعد الفراغ حتى لا يلزم من بال (بعد) غسل الرجل غير غسل الرجل اليسرى.

[ص]

51 -

وهل تعدى رخصة محلها

عليه كالنجس هل أبطلها

52 -

معصية كسفر لبس وهل

كذا كراهة تردد نقل

[ش]

هذان الأصل يتعلقان بالرخصة وهى: المشروع لعذر مع قيام المحرم لولا العذر.

الأصل الأول: الرخصة هل تتعدى محلها إلى مثل معناه/ 26 - ب أم لا؟

المقرى: بخلاف الأدنى والأحرى فيتفق فى الأدنى على انتفاء التعدى، وفى الأحرى على ثبوته.

وعلى هذا الأصل ثوب الظئر النجس هل يقاس على ثوب الأم أم لا؟.

ص: 178

وظاهر كلام ابن الحاجب، وخليل الترخيص لها وفرق ابن ناجى بين المضطرة وغيرها.

أبو الحسن الصغير: ومن هذا المعنى الجزار، والكناف، وانظر الظئر.

الوانوغى: ألحق بعضهم الجزار والكناف فإذا صح إلحاقهما فالطئر أحرى، ويشملها لفظ الأم، والعلة موجودة فلا معنى للتوقف فهو أقوى.

الأصل (الثاني): هل تبطل المعصية الترخيص [أم لا؟.

وعليه الخلاف فى قصر العاصى بالسفر كالآبق والعاق بسفره ويمسح المحرم والعاصى بسفره وفطره، والأصح عدم الترخيص له ما لم يتب إلا فى تناول الميتة فإن الأصح الترخيص] حفظا للنفس، بل ترك الأكل معصية.

ابن عبد السلام: والحق أنه لا ينتفى من الرخص بسبب العصيان بالسفر إلا رخصة

ص: 179

يظهر أثرها فى السفر [دون الحضر كالقصر، والفطر، وأما رخصة يظهر أثرها فى السفر] والإقامة كالتيمم، ومسح الخفين فلا يمنع العصيان منها انتهى. وإذا قلنا لا يترخص بسبب المعصية فهل كذلك المكروه، كصيد اللهو لطلب الكف عنه أم يترخص لأنه من قبيل الجائز، فيه خلاف والأول أصح.

وأما على قول ابن عبد الحكم بإباحة الصيد للهو فلا إشكال فى أنه يقصر، ومن المكروه السفر إلى أرض العدو أو بلد السودان.

قال الإمام أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى الرخص أهى معونة فلا تتناول العاصى أم تخفيف فتتناوله؟ وأقول على المعونة إنه يستعين بها على العبادة فيتيمم استعانة على الصلاة لا على السفر، ولا يفطر ولا يقصر إذا قلنا إن القصر مباح وهو الصحيح، لا يقال عقوبة على الإصرار، لتمكنه من التوبة، لأنا نقول: العقوبة على المعصية بالمعصية تكثر لها {وطبع الله عليها بكفرهم} لا يقاس عليه فإن الله يحكم ما يشاء، ولهذا قال ابن العربى: لا يستوفى القصاص بالمعصية كالخمر، والفاحشة/ 27 أوهى قاعدة أخرى.

وأصلها أن كل ما هو مطلوب الانتفاء لا يصير مطلوب الوجود إلا بنص أو معارض أقوى، وعلى أنه لا يترخص، يعنى المكروه كصيد اللهو خلاف على قاعدة منافاة الكراهة للمعونة لطلب الكف، أو عدم منافاتها لجواز الفصل أى على أى الشائبتين تغلب

ص: 180