الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما ذكر ابن بشير تردد اللخمى، قال: مع أنه حكى الاتفاق فى الجلود التى يعزل منها هذا النوع، قبل أن يعزل على منع بيعها بذهب إن كانت منه، وبفضة إن كانت منها.
وحكى ابن محرز الخلاف فيه عن الأشياخ نظرا لعين ما فيه واستهلاكه.
قلت: ولا يلزم من المنع فى هذا المنع فيما تردد فيه اللخمى، وحكى فيه ابن الحاجب قولين وعبر ابن محرز، واللخمى عن هذا الجلد بالسمنطر.
قال المازرى: وهو الجلد الذي كب عليه الذهب. انتهى.
فصل
أى
فصل البيع وما في معناه كالصلح وبعض مسائل الكراء وما يتعلق بذلك كالرهن والحميل
.
[ص]
139 -
العقد قط أو مع قبض بيع
…
بعوض وقبل قبض ريع
140 -
أنكره الإمام
…
...
…
...
…
[ش]
أى البيع هل هو العقد فقط أم العقد والتقابض عن تعاوض؟
وعليه ضمان ما فى المعيار بعد التقدير قبل مضى مقدار التمكين، أهو من البائع أو من المشترى وإذا هلك بعد العقد وقبل القبض فعلى أن البيع التعاقد فالضمان من المبتاع، وعلى أنه التقابض عن تعاوض فالضمان من البائع.
وعليه ما إذا غصب شيئا ثم باعه وقبض ثمنه ثم افتقر وقد أجاز المستحق البيع، فعلى أن
البيع التعاقد والتقابض معا لا يكون له على المبتاع ثمن، وعلى أن البيع التعاقد فقط وقد أجاز البيع دون القبض فله أن يأخذ من المبتاع الثمن ثانية.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى البيع أهو /63 - أالعقد فقط أم العقد والتقابض،؟ وعليها ضمان ما فى المكيال والميزان بعد التقدير، وقبل مضى مقدار التمكين أهو من البائع أو من المشترى؟
قال ابن بشير وفيه نظر انتهى.
وفى إيضاح المسالك: تنبيه: قال المازرى - رحمه الله تعالى-: ويبعد أن يعتقد أحد من أهل المذهب أن حقيقة البيع هو التقابض عن تعاوض.
ابن عبد السلام: وهذا القول أنكر وجوده فى المذهب بعض كبار الشيوخ وحفاظهم وبنى على هذا الإنكار تخطئة ما يثبته الموثقون، وغيرهم من الحكم على البائع بإنزال المشترى فى الرّبْعِ المبيع وتطريق الشهود عليه قال: ولو كان هذا لازما للبائع لكان ذلك حق توفية فيكون ضمان الدار المبيعة من بائعها حتى يقبضها المشترى، وأثبت بعضهم هذا القول فى المذهب، ورأى أن القول بإنزال المشترى مبنى عليه.
وبالجملة فهو قول مختلف فى ثبوته بين الشيوخ وأصول المذهب تأباه.
ابن رشد فى نوازل سحنون من كتاب جامع البيوع: شراء الرجل من الرجل الدار أو الأرض لا يخلو من أربعة أوجه:
أحدها: أن يكون المبتاع مقراً للبائع باليد والملك
والثانى: أن يقر له بالملك ولا يقر له باليد
والثالث: أن يقر له باليد ولا يقر له بالملك
والرابع: أن لا يقر له بيد ولا ملك
فأما إذا كان مقرا له باليد والملك فلا يلزمه أن يحوز ما باع منه ويسلمه إليه وينزله فيه وإن دفعه دافع عن النزول فى ذلك، واستحقه منه مستحق بعد النزول فيه فهى مصيبة نزلت به فى قول سحنون، والصواب أنه يلزمه فيما باعه منه، ويسلمه إليه بمنزلة إذا كان مقرا له بالملك غير مقر له باليد، مخافة أن ينهض لينزل فيه فيمنعه وكيله فيه، أو أمينه عليه من النزول فيه، ويقول له: لا أدرى صدق ما تدعيه من شرائه، فإن نزل فيه وصار بيده على الوجهين فاستحقه من مستحق كانت مصيبة نزلت به على قول سحنون، وعلى ما فى سماع عيسى عن ابن القاسم فى كتاب الاستحقاق خلاف قول أشهب فى المجموعة وقد قيل إنه خلاف /63 - ب ما يقوم من سماع عبد الملك فى كتاب الكفالة والحوالة من قول ابن وهب وأشهب، وليس ذلك عندى بصحيح.
وأما إذا كان مقرا له باليد وغير مقر له بالملك، فعلى مذهب سحنون لا يلزم البائع أن يحوزه ما باع منه، والصواب أن ذلك يلزمه على ما ذكرناه للعلة التى وصفناها، فإن استحق من يده شئ من ذلك وجب الرجوع بذلك، على البائع وأما إذا كان غير مقر له باليد، ولا بالملك، فلا خلاف أنه يلزمه أن يحوزه ما باع منه، وينزله فيه، مخافة أن ينهض لقبض ذلك، والنزول فيه، فيمنعه منه مانع، فإن استحق من يده شئ من ذلك، وجب له به الرجوع على البائع أيضا، وضمان ما يطرأ على ذلك بعد العقد- وإن كان قبل القبض فى الوجوه كلها، من غصب، أو غرق، أو هدم، أو حرق، وما أشبه ذلك- من المبتاع، إلا على القول بأن السلعة المبيعة فى ضمان البائع، وإن كان قبض الثمن وطال الأمر، ما لم يقبضها المبتاع، أو يدعه البائع إلى قبضها فيأبى، وهو قول أشهب فللخروج من هذا الخلاف يقول الموثقون فى وثائقهم، ونزل المبتاع فيما ابتاع وأبرأ البائع من درك الإنزال لأنه بنزوله فيما ابتاع، يسقط الضمان عن البائع باتفاق، ولكل واحد من المتبايعين حق فى الإنزال على صاحبه إذا دعا إليه وجب أن يحكم له به عليه البائع ليسقط عنه الضمان المختلف فى لزومه إياه، والمبتاع ليجد السبيل إلى الرجوع عليه بما يستحق من يده انتهى وتأمل الكلام على الإنزال وصفته فى أحكام ابن سهل وكتب الموثقين كالمجموعة، والمتيطية وغيرهما.
قوله: "العقد قط أو مع القبض بيع" أى هل البيع العقد فقط أو العقد مع القبض بعوض، والباء بمعنى عن، أو للسببية.
قوله: "وقبل قبض ريع" هو تتميم للبيت إذ يفهم مما قبله وهو القول الأول.
ريع: أى زيادة على حقيقة البيع. فقبل مضموم مقطوع عن الإضافة، وقبض ريع مبتدأ أو خبر، وصح الابتداء بالنكرة، لأن التقدير وذكر قبض فى الأول ريع ولذا يوجد فى بعض النسخ /64 - أأو ذكر قبض ريع، وفى بعضها وقيل قبض ريع بكسر القاف مبنيا للمجهول وكلتا هاتين النسختين زيادة مستغنى عنها بل توهم قولا ثالثا وإنما هو الأول.
قول: "أنكره الإمام" المراد بالإمام المازرى، أى أنكر القول الثانى.
وقد تقدم لفظه.
[ص]
…
... هل يعدد
…
عقد بمعقود له تعدد
141 -
كالحل مع حرم بصفقة جمع
…
والبيع مع شقص مجنس سمع
[ش]
أى العقد هل يتعدد بتعدد المعقود عليه أم لا؟ فيه خلاف وعليه الصفقة إذا جمعت حلالا وحراما ومقارنة البيع للصرف أو النكاح أو الجعل أو القراض، أو المساقاة، أو الشركة.
وأما القرض فإجماع، فمن نظر إلى الاتحاد منع لاختلاف أحكام المعقود عليه، ومن التفت إلى التعدد أجاز والمختار إن كان مناب الحلال معلوما بأول وهلة صح القول بالجواز وإلا امتنع، لأنه انعقد على غرر.
وأما لو أعراه عرايا من حوائط فى شراء أكثر من عرية ثالثها: إن كانت بلفظ واحد لم.
يجز وإلا ولأن على الأصل والقاعدة. هذا لفظ إيضاح المسالك.
وقال أيضا أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى كون تعدد المعقود كتعدد العقد فكأنهما عقدان مفترقان أو لا؟ وعليه الصفقة إذا جمعت حلالا وحراما قال الغزالى:
هذا كما لو قال قائل: رأيت زيدا وعمرا فإن التكذيب فى إحدهما لا يسرى إلى التكذيب فى الآخر. قلت: إلا أنه يسرى إلى الخبر وهو أحد قوليهم فى مثل محمد ومسيلمة صادقان إنهما خبران وهم.
قال ابن بشير: وقد يصح قول الغزالى إذا كان المعقود عليهما مختلفين.
وقال: وعليه تجزى مسائل من الاستحقاقات، والشفعة، وعليه الخلاف فى مقارنة البيع للصرف أو النكاح، أو الجعل، أو القراض، أو المساقاة، أو الشركة أما السلف فإجماع، فمن نظر إلى الاتحاد منع لاختلاف أحكام المعقود عليه، ومن التفت إلى التعدد أجاز، والتحقيق إن كان مناب الحلال معلوما صح القول بالجواز، وإلا منع، لأنه انعقد /64 - ب على غرركما مر فى جمع الرجلين سلعتيهما.
وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا فى جواز الجمع بين عقدين مختلفى الحكم والمنصوص جواز الجمع بين البيع، والخلع، واختلفوا فى البيع والنكاح، والصرف أو الشركة أو المساقاة، أو القراض، أو الجعالة، والإجماع على المنع من بيع وسلف.
وقال أيضا: قاعدة: العقود أعواض لاشتمالها على تحصيل حكمها فى مسبباتها بطريق المناسبة، والشئ الواحد بالاعتبار الواحد لا يناسب المتباينين فمن ثم لا يجتمع النكاح والبيع على المشهور من مذهب مالك لتضادهما مكايسة ومسامحة ولا البيع والسلف إجماعا، ولا البيع والصرف، أو الشركة، أو القراض أو المساقاة، أو الجعالة على المشهور أيضا. وفى بعض ذلك تفضيل استحسانى انتهى.
القرافى: الفرق السادس والخمسون والمائة بين قاعدة ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز اجتماعه: اعلم أن الفقهاء جمعوا أسماء العقود التى لا يجوز اجتماعها مع البيع فى قولك: "جص مشنق" فالجيم للجعالة، والصاد: للصرف والميم: للمساقاة، والشين: للشركة، والنون للنكاح، والقاف للقراض، والسر فى الفرق، أن العقود أسباب لاشتمالها على تحصيل حكمها فى مسبباتها بطريق المناسبة، والشئ الواحد بالاعتبار الواحد لا يناسب المتضادين فكل عقدين بينهما تضاد لا يجمعهما عقد واحد، فلذلك امتنعت العقود التى لا يجوز اجتماعها مع البيع [بالتضاد وما لا تضاد يجوز اجتماعه مع البيع] كالإجازة بخلاف الجعالة للزوم الجهالة فى عمل الجعالة، وذلك ينافى البيع، والإجازة مبنية على نفى الغرر والجهالة وذك يوافق البيع، ولا يجتمع النكاح والبيع لتضادهما فى المكايسة فى العوض والمعوض والمسامحة فيهما، وذلك فى النكاح والضد فى البيع محصل التضاد.
والصرف مبنى على التشديد وامتناع الخيار والتأخير، وأمور كثيرة لا تشترط فى /65 - أالبيع فضاد البيع صرف، والمساقاة، والقراض فيهما الغرر والجهالة كالجعالة وذلك مضاد للبيع.
والشركة فيها صرف أحد النقدين بالآخر من غير قبض فهو صرف غير ناجز، وفى الشركة مخالفة الأصول، والبيع على وفق الأصول، فهما متضادتان، وما لا تضاد فيه يجوز جمعه مع البيع، فهذا وجه الفرق انتهى.
البقري في اختصاره: والسر فى عدم اجتماع هذه التضاد الواقع بينها، ولما كانت العقود أسبابا كانت ولابد مناسبة لمسبباتها، والشئ الواحد لا يناسب متضادين وما لا تضاد فيه يجوز اجتماعها.
قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: حصل بعض مشايخ المذهب فى الصفقة إذا جمعت حلالا وحراما تسعة أقوال:
الأول: فسخ الجميع
والثانى: فسخ ما قابل الحرام وصحة ما قابل الحلال
الرابع: الفرق بين أن يعلما معا بالفساد فيبطل جميعا، أو لا، فيبطل ما قابل الحرام ويصح ما قابل الحلال
الخامس: الفرق بين ما يصح تملكه فلا يبطل إلا ما قابل الحرام أو لا فيبطل جميعه.
السادس: الفرق بين أن يسمى لكل سلعة ثمنها فيبطل ما قابل الحرام أو لا فيبطل جميعها.
السابع: الفرق بين أن تكون السلعة لمالك واحد فيبطل جميعها، أو لمالكين فيبطل ما قابل الحرام، ويمضى ما قابل الحلال، وبه قال اللخمى- رحمه الله.
الثامن: إن كان مناب الحلال معلوما لأول وهلة صح ما قابل الحلال، وإلا فلا.
التاسع: إن علما معا بحرمة الحرام فسخ الجميع، والأصح الحلال، وأقيم من كتاب التدليس من المدونة.
قوله: "بمعقود" أى بمعقود عليه، فحذف النائب على قول من يجيز ذلك أو حذف حرف الجر أولا فاستتر الضمير، أو هو من عقد المتعدى بنفسه. وقوله:"له تعدد" صفة لمعقود. قوله: "بصفقة جمع" أى جمع هو أى ما ذكر فى صفقة.
قوله: "والبيع مع شقص مجنس سمع" البيع بالخفض عطفا على المحل، وجملة سمع مستأنفة، أى سمع بناء فرع البيع، أو بناء الفرعين معا على هذا الأصل، والشين للشركة، والقاف للقراض، والصاد للصرف والميم: للمساقاة والجيم: للجعالة، والنون: /65 - ب للنكاح، والسين: للسلف.
وفى بعض النسخ بدل ما كتبنا (جص مشقص) وهما سواء، وكان الأولى أن لا يذكر السلف، لأنه لا يجتمع مع بيع ولا غيره من عقود المعاوضة، ولأن مقتضى ذكره هنا أنه يختلف فى اجتماعه مع البيع بناء على الأصل المذكور، وليس كذلك لإجماع الأمة على المنع من بيع وسلف. ولو قال المؤلف بدل ما ذكر (جص مشنق) كما قال القرافى، وغيره لكان أولى.
وقد نظمها بعضهم فقال:
عقود معناها مع البيع ستة
…
ويجمعها فى اللفظ جص مشنق
فجعل وصرف والمساقاة شركة
…
نكاح قراض منع هذا محقق
[ص]
142 -
هل تبطل الصفقة بالفاسد
…
من جهة قط كصرف باد
143 -
وبيع ذمى وعتق
…
...
…
...
…
...
[ش]
اختلف المذهب على قوين فى فساد البيع إذا انفرد أحد المتبايعين بالفساد وهو معنى قول المؤلف: "من جهة قط" وشهر عياض وابن محرز: أنه يوجب الفساد، وقط، اسم فعل بمعنى انته واكتف، وهو فى النظم بضم الطاء مخففة، وفى بعض النسخ (فقط) بزيادة.
الفاء، وسكون الطاء.
وعليه الخلاف فى تسلف أحد المتصارفين بخلاف تسليفهما معا.
وبيع الذمى طعاما قبل كيله من مسلم، ومن قال لعبده إن شريتك أو ملكتك فأنت حر، عتق عليه جميعه إن اشتراه، أو بعضه وقوم عليه نصيب شريكه.
اللخمى: لو علم البائع يمينه لم يجز لجهل قيمة النصف، يعنى لأنه باع نصيبه بعين أو عرض على أن يأخذ من المبتاع قيمة مجهولة، وراجع أقوال الصفقة تجمع حلالا وحراما، فإن بعضها مبنى على هذا الأصل.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: علم أحد المتبايعين بالفساد دون الآخر اختلفوا فى تأثيره كما إذا قصد النقص فى الصورة قبلها، أو تسلف أحد المتصارفين بخلاف علمهما معا كتسلفهما فإنه يقتضى المنع، وليس التدليس من ذلك لحديث المصراًة خلافا لقوم انتهى.
ويعنى بقوله كما إذا قصد النقص فى الصورة قبلها، نقص المقدار فى الصرف.
ابن بشير: وإن /66 - أحصلت صورة التناجز ثم وجد نقصانا فلا يخلو من أن يكون فى المقدار أو فى الصفقة فإن كان فى المقدار فإن قام به انتقض الصرف على القول بأن الغلبة لا تؤثر فى الصحة، أو على القول بتأثيرها هل يعد ذلك غلبة أما إن كان بغير قصد من أحدهما فيعد غلبة.
وأما إن قصده أحدهما فيجرى على الخلاف فى علم أحد المتباعين بالفساد فى البيع، وإن لم يقم به فهل ينتقض الصرف؟ أما إن كان النقص كثيرا فالمنصوص أنه ينتقض ويجرى على الخلاف فى الغلبة كما قدمناه، وأما إن كان النقص يسيرا فقولان منصوصان:
أحدهما: أنه ينتقض كالكثير
والثانى: أنه لا ينتقض، لأنه فى حكم التبع، فكأنه معدوم.
وكم مقدار اليسير؟ قولان:
أحدهما: أنه الدرهم فى الألف.
والثانى: الدانق فى الدينار وهذا خلاف فيما يعد يسيرا، وقد تتسامح النفوس بتركه انتهى.
وما ذكر من أن الخلاف فى تسلف أحد المصطرفين يجرى على هذه القاعدة هو أحد الطرق.
ابن بشير: وأما الصرف على الذمة فنحو ما ذكر فى الكتاب إذا اصطرف اثنان وليس معهما ما اصطرفا عليه فتسلف كل واحد منهما من آخر إلى جانبه فقد منعه فى الكتاب وإن كان أحد النقدين مع واحد وتسلف الآخر ففيه قولان أجازه ابن القاسم، ومنعه أشهب ورآه كالأول.
وقد اختلف المتأخرون فى علة الفرق على مذهب ابن القاسم على أربع طرق:
إحداهما: أن تسلفهما يقتضى علمهما جميعا بالفساد، وتسلف أحدهما يقتضى انفراد أحدهما بعلم ذلك، وينبنى على الآخر ظن ما صارفه عليه عنده. وفى المذهب قولان فى علم أحد المتباعين بالفساد هل يقتضى المنع أم لا؟
والثانية: أن تسلف أحدهما يمكن أن يقصد به إفساد الصرف مع عقده أولا على شئ فى يديه، ثم تسلف ندما ليفسد الصرف فلا يصدق الآخر عليه، ويقابله بنقيض قصده، وهذا.
يمكن أن يظهر من قرينة الحال أنه لم يقصده فيتفق على الفساد على هذه الطريقة.
والثالثة: أن تسلفهما يقتضى وقوع الصرف /66 - ب على غير معين من العين، وإذا وقع ذلك لم يجب انتقاض الصرف بوجود الزيوف، بل يجب البدل فلهذا لا يجوز الصرف إلا أن يعينا ما يصطرفان عليه، وعاب هذا أبو القاسم بن محرز، بأنه يلزم إذا تسلف أحدهما وهو لازم فلابد.
والطريقة الرابعة: طريقة ابن محرز وهى: أن تسلفهما جميعا يكثر به التأخير وتسلف أحدهما يقل به التأخير، ومتى قل خف أمره، ومتى كثر بطل الصرف. وهذه الطريقة هى أسد الطرق، وهى مقتضى الأصول، وألفاظ الكتاب انتهى. وأجرى المازرى على هذا الأصل جمع الرجلين سلعهما فى البيع إذا لم يعلم المشترى.
[ص]
…
... وهل ورد الحكم بين بين كونه اعتقد
144 -
كالبيع مع شرط يصح وبطل
…
وحكم زنديق وشبهه نقل
[ش]
اختلف هل ورد الحكم بين بين أى حكم بين حكمين فأثبته المالكية، وهو من أصولهم، ونفاه الشافعية ويعمل به عند من أثبته فى بعض صور تعارض الأدلة ولا ترجيح كما إذا أشبه الفرع أصلين ولم يترجح أحد الشبهين.
ومن ورود حكم بين حكمين اجتماع البيع والشرط حيث يصح البيع ويبطل الشرط وذلك فى مسائل، لأنه حكم بين بطلانهما وصحتهما معا، إذ العقد واحد ولمالك فى البيع المقارن للشرط تفصيل وذلك أنه قد يبطلان معا، كالبيع بشرط السلف، وأن لا يبيع ولا يهب وقد يصحان كالبيع بشرط الرهن، والكفيل أو الأجل، وقد يصح البيع ويبطل الشرط كالبيع بشرط عدم القيام بالجائحة، أو بشرط أن تتبقى ثياب المهنة للبائع،
أو بشرط أن لا مواضعة ولا عهدة.
قال القاضى ابن رشد: الشروط المشترطة فى البيع على مذهب مالك تنقسم على أربعة أقسام: قسم يبطل فيه البيع والشرط، وهو ما آل البيع به إلى الاختلال بشرط من الشروط فى صحة البيع.
ومنها: ما يفسخ به البيع مادام مشترط الشرط متمسكا بشرطه.
وقسم: يجوز فيه البيع والشرط /67 - أوهو ما كان الشرط فيه جائزا لا يؤول إلى فساد ولا يؤول إلى حرام.
وقسم: يجوز في البيع ويفسخ الشرط وهو ما كان الشرط فيه حراما إلا أنه خفيف فلم يقع عليه حصة من الثمن انتهى.
وفصل مالك رحمه الله هذا التفصيل جمعا بين الأحاديث الواردة فى ذلك.
قال القاضى ابن رشد: إن عبد الواحد بن سعيد قال: قدمت مكة المشرفة فوجدت فيها أبا حنيفة، وابن أبى ليلى وابن شبرمة.
فقلت: لأبى حنيفة ما تقول فى رجل باع شيئا واشترط شيئا؟ فقال: البيع باطل، والشرط باطل.
ثم أتيت ابن أبى ليلى فسألته، فقال: البيع جائز والشرط باطل.
ثم أتيت ابن شبرمة فسألته، فقال: البيع جائز والشرط جائز، فقلت: سبحان الله ثلاثة من فقهاء العراق، اختلفوا فى مسألة واحدة.
فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال: لا أدرى ما قالا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهى عن بيع وشرط".
ثم أتيت ابن أبى ليلى فأخبرته فقال: لا أدرى ما قالا؟ قالت عائشة رضى الله عنها أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن أشترى بريرة، وأعتقها وأن أشترط لأهلها الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق" البيع جائز والشرط باطل.
ثم أتيت ابن شبرمة، فأخبرته، فقال: لا أدرى ما قالا؟ قال جابر: "بعت من النبى صلى الله عليه وسلم ناقة"، وشرط لى حلابها، وظهرها إلى المدينة" البيع جائز، والشرط جائز، فعرف مالك رحمه الله الأحاديث كلها فاستعملها فى مواضعها، وتأولها على وجوهها، ولم يمعن غيره النظر، ولا أحسن تأويل الأثر انتهى.
ومن حكم بين حكمين حكم الزنديق، وبيانه على أن قتله مبنى على ما أبطن من الكفر فله فى ذلك حكم المرتد، غير أنه إذا ظهر عليه فقتله، ولا نقبل توبته، لأنها لا تعرف، وكون ميراثه لورثته لا لبيت المال مبنى على ما أظهر من الإيمان، فلم يتخلص له حكم الكفر ولا حكم الإيمان، وهو معنى حكم بين حكمين.
وهذا على قول ابن القاسم: أن ماله لورثت وهو المشهور.
وأما على قوله غيره /67 - ب فقد تحمض له حكم الكفر، ويدل على أن قتله قتل كفر لا قتل حد أنه لا يقتل إذا جاء تائبا وظهر من قوله، والحدود لا تسقط بالتوبة ومن حكم بين حكمين قول صلى الله عليه وسلم فى ولد أمة زمعة الى تخاصم فيه سعد بن أبى وقاص، وعبد بن زمعة رضى الله عنهما "الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبى منه يا سودة".
قال القاضى أبو الفضل عياض: وفى حكمه صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش وحكمه بالاحتجاب لأجل الشبهة، القضاء بحكمين فى مسألة، والاحتجاب إنما هو ندب واحتياط لأزواجه، كما تقدم.
قال تقى الدين بن دقيق العيد: جعل بعض المالكية الحديث دليلا لقاعدة من قواعد مذهبهم هى: أن الفرع إذا أشبه أصلين ودار بينهما يعطى حكما بين حكمين، لأنه لو أعطى حكم أحدهما فقط لزم إلغاء شبهه بالآخر والفرض أنه أشبه وبيانه من الحديث أنه أعطى حكم الفراش فألحق النسب، ولم يمحضه فأمرها بالاحتجاب، وأعطى حكم الشبه فأمر بالاحتجاب، ولم يمحضه فألحق الولد بالفراش.
قال: ويعترض على أخذهم هذا من هذا الحديث بأن صورة النزاع فى تلك القاعدة إنما هى إذا دار الفرع بين أصلين شرعيين يقتضى الشرع إلحاقه بكل واحد منهما والشبه هاهنا لا يقتضى إلحاقه بعتبة، وإنما أمرها بالاحتجاب احتياطا وإرشادا إلى مصلحة وجودية لا على وجوب حكم شرعى، ويؤكده أنا لو وجدنا شبها فى ولد لغير صاحب الفراش لم نثبت لذلك حكما، وليس فى الاحتجاب ها هنا إلا ترك أمر مباح على تقدير ثبوت المحرمية وهو قريب انتهى.
[ش]
هاب الدين بن حجر: واستدل به بعض المالكية على مشروعية الحكم بين حكمين وهو أن يأخذ الفرع شبها من أكثر من أصل فيعطى أحكاما بعدد ذلك وذلك أن الفراش يقتضى إلحاقه [بزمعة فى النسب، والشبه يقتضى إلحاقه] بعتبة فأعطى الفرع حكما بين حكمين، فروعى الفراش فى النسب، والشبه البين فى /68 - أالاحتجاب. قال وإلحاقه بهما ولو من وجه أولى من إلغاء أحدهما من كل وجه.
قال ابن دقيق العيد: ويعترض على هذا بأن صورة المسألة ما إذا دار الفرع بين أصلين شرعيين وهنا الإلحاق شرعى للتصريح بقوله: "الولد للفراش" فيبقى الأمر بالاحتجاب مشكلا، لأنه يناقض الإلحاق فتعين أنه للاحتياط لوجوب حكم شرعى، وليس فيه إلا ترك مباح مع ثبوت المحرمية انتهى.
قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: قال ابن العربى: القضاء بالترجيح لا يقطع حكم المرجوح بالكلية بل يجب العطف عليه بحسب مرتبته لقوله عليه السلام: "الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبى منه يا سودة" هذا مستند مالك فيما كره أكله فإنه حكم بالتحليل لظهور الدليل وأعطى المعارض أثره، فتبين مسائله تجدها على ما رسمت لك انتهى.
قوله: "كونه اعتقد" أى اعتقد وجود حكم بين حكمين، فكون مصدر كان التامة، ويجوز أن يكون التقدير اعتقد كونه واردا، فتكون ناقصة، ويجوز أن يكون اعتقد ماضيا مبنيا للمجهول، وكونه مرفوعا بالابتداء، وضبطه المؤلف فى مختصر المنهج بالوجهين.
ومن حكم بين حكمين أيضا مراعاة الخلاف، وقد مر فيها
[ص]
145 -
هل نظر إلى الجزاف قبض
…
...
…
...
…
[ش]
أى النظر إلى الجزاف هل هو قبض أم لا؟ وعليه فى بيعه قبل قبضه قولان.
[ص]
…
...
…
... هل رد ما بيع بعيب نقض
146 -
أو ابتياع فزكاة ويمين
…
بيع شراء الذمى خلع يستبين
147 -
وأمة جعل ضمان وفلس
…
وشبهها قد بنيت على الأسس
148 -
تنبيه القول ببيع انعقد
…
بعهدة وشفعة رضى فقد
149 -
وفرق الإمام بين البيع
…
والرد بالعيب بجبر الشرع
150 -
والقول بالنقض بعتق نقضا
…
غلة فانظر إذا ما اعترضا
[ش]
أي الرد بالعيب هل هو نقض للبيع من أصله أو كابتداء بيع؟
وعليه الماشية ترد بعيب فى بناء ربها على ما تقدم، أو استقباله قولان.
وعليه إن /68 - ب حلف بعتق عبده إن كلم فلانا ثم باعه ثم كلمه ثم رد بعيب هل يحنث بالكلام الواقع منه قبل أن يرد عليه أو لا؟ على القاعدة.
ومن باع سلعة من أهل الذمة فى غير قطره ثم ردت عليه بعيب فى إعطائه العشر قولان بناء عليها.
ومن اشترى عبدا كافرا من كافر ثم أسلم العبد، فاطلع على عيب هل له الرد على بائعه الكافر أم لا؟ قولان على القاعدة.
ابن القاسم: نعم. أشهب وعبد الملك: لا، واختاره ابن حبيب.
وعليه لو خالعها فتبين أن به عيب خيار، ففى رجوعها عليه قولان على القاعدة.
ومن اشترى أمة على المواضعة ثم ردها بعيب بعد خروجها من المواضعة هل يجب على المشترى أيضا مواضعتها كما وجب له ذلك على البائع أم لا.
وما فى تفليس العتبية: إذا أوصى بخيار أمة فى عتقها أو بيعها، فاختارت البيع فبيعت، ثم ردها بعيب فأرادت الرجوع للعتق هل لها ذلك أم لا؟ ابن وهب: نعم، وغيره: لا، على القاعدة وهذان الفرعان يشملهما قول المؤلف:"وأمة".
وعليه أيضا رد السمسار الجعل ومن رد بعيب ثم تلف قبل القبض ففى ضمانه قولان، فعلى أنه حل للبيع من أصله يكون الضمان من البائع، وعلى أنه كابتداء بيع يعود الأمر إلى اعتبار تعلق الضمان بمجرد العقد للبيع، أو بمجرد العقد مع اعتبار مضى إمكان التسليم بعده إلى غير هذا مما قيل فيه.
وإذا حاصَّ البائع الغرماء فى الفلس لفوات السلعة ثم ردت بعيب.
وإلى هذه الفروع أشار المؤلف، وهى مرتبة على حسب ترتيبه، ويدخل تحت قوله:"شبهها" فرع تزوج العبد بغير إذن سيده المذكورة فى كلام المقرى بعد.
قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: ضعّف كون الرد بالعيب كابتداء بيع، بأنه لو كان كذلك لتوقف على رضى البائع، ولو جبت الشفعة للشريك إذا رد المشترى بالعيب، والعهدة فيه إذا رد به، ولا يجب الجميع باتفاق، وإن قيل: إن الرد بالعيب كابتداء بيع على طريق.
ابن دحون لا على طريق ابن رشد /69 - أفى حكاية الخلاف على القاعدة، فى العهدتين معا أعنى عهدة الثلاث، وعهدة السنة، ولكن قال المازرى: هذا وإن قيل فهو بيع أوجبه الشرع بغير اختيار من رجع إليه البيع، فخرج عن العقود الاختيارية المقصود فيها المكايسة واستشكل القول بأنه نقض للبيع من أصله باتفاقهم على أنه كابتداء بيع فيمن ابتاع أمة بعبد فأعتق الأمة، ثم رد العبد بعيب أنه لا يكون له نقض البيع وإنما له قيمة الأمة، وبتطابق فقهاء الأمصار كأبى حنيفة ومالك، والشافعى وغيرهم على أنه لا يرد الغلة، حتى إن كثيرا من العلماء لينكر وجود الخلاف فقد قال الأبهرى لا خلاف بين أهل العلم أن الاغتلال للمشترى، ولا يرده إذا رد بعيب.
قال ابن الجهم: إذا أجرى العبد بإجارة كثيرة، أو زوج الأمة بصداق كثير أو قليل ثم رد بالعيب، فإنه لا يرد ما أخذ من إجارة أو صداق، قال: ولا خلاف بين الناس فى هذا، وهكذا ذكر ابن داود أنه لا خلاف بين العلماء فى هذا أيضا ولم يخالف فى ذلك إلا.
[ش]
ريح وعبد الله بن الحسن العنبرى فى حكاية الجوزى ونقل المازرى انتهى.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى الرد بالعيب أهو نقض للبيع من أصله أو من حينه؟ فإذا تزوج العبد بغير إذن سيده فباعه قبل العلم ورضى المشترى بذلك فلا فسخ له، وهي قاعدة من التزم مشترط ولم يعلم، ولا قبل، فإن أطلع المشترى على عيب فيه رده به، رد ولا خيار للسيد وقيل بسقوط الخيار بالبيع قولان، كمن باع ما يستشفع به، ورد بأن الشفعة مختلف في وجوبها أهو للضرر، أو للبيع، ولو خالعها فتبين أن به عيبا ففى رجوعها قولان، على القاعدة بخلاف النكاح المجمع على فساده وأما المختلف فيه فعلى مراعاة الخلاف، ومذهب الشافعى أنه قطع له من حينه وقال مالك: يرد الولد، واستحسن أن لا يرد غيره، وقال محمد: لا يرد /69 - ب شيئا.
وعلى الأول قال ابن القاسم: لا بدل في الصرف.
وعلى الثاني أجازه ابن وهب انتهى.
وسنذكر أيضا في فصل التقديرات الشرعية ببعض ما (ينبنى) على كون الرد بالعيب نقضا للبيع من أصله أو من حينه، وما يرد على الثانى من الإشكال وجوابه.
قوله: "هل رد ما بيع بعيب اسم بنقض أم ابتياع" بعيب يتعلق برد، والباء سببية. قوله:"فزكاة" مبتدأ وخبره قد بنيت على الأسس، والأسس بفتح الهمزة والسين مقصور من الأساس.
قوله: "بيع شراء الذمى" أى وبيع الذمى، وشراء الذمى، أى وشراء من الذمى وها إشارة إلى الفرعين السابقين، والذمى بائع فى كل منهما وقد يكون الشراء بمعنى البيع فلا تقدر "من"، وبيع بحذف التنوين للمضاف المقدر.
[ص]
151 -
وهل يد الوكيل كالموكل
…
وهل كما قد حل ما للأجل
152 -
فالأول الصرف له والثانى
…
فيه وفى زكاة الدينان
[ش]
اشتمل كلامه على أصلين:
يد الوكيل هل هى كيد الموكل أم لا؟
الثانى: ما فى الذمة هل هو كالحال أم لا؟ وتقدير كلام المؤلف وهل ما للأجل كما قد حل، أى هل الدين الذى للأجل كالذى قد حل.
وعلى الأول: الوكالة على قبض الصرف، ويذهب بخلاف الحوالة، فإنه يقتضى لنفسه، والحمالة فانها لا تجوز، والمشهور إذا تولى الوكيل قبض الصرف دون عقده بحضرة الموكل صح.
وعلى الثانى: صرف الدين المؤجل، والمشهور المنع وإليه أشار بقوله:"فيه" أى فى الصرف، أى والأصل الثانى ثابت فى الصرف موجود فيه وزكاة دين المدين المؤجل هل بالقيمة وهو المشهور أو بالعدد وهو الشاذ وإليه أشار بقوله:"وفى ذكاة" وعليه ما إذا كان له دين، وعليه دين هل يجعل ما عليه فى عدد ماله فيزكى ما بيده من العين أو يجعله في
قيمته وعليه إذا أخذ شقصا عن دين هل الشفعة فيه بالقيمة أو بعدد وإلى هذين الفرعين أشار المؤلف بقوله: "الدينان" وهو مبتدأ والخبر محذوف، أى الدينان /70 - أكذلك، أو مخفوض بالعطف على ما قبله على لغة التزام الألف وسلكها محافظة على الردف، والتقدير، والثانىله الدينان فيه وفى الزكاة أى فى الصرف وفى الزكاة، أى دين فى الصرف ودين فى الزكاة وعلى هذا فلا يشمل مسألة الشفعة، أو الدينان مبتدأ، وفى زكاة خبر، أى وفى الزكاة دينان وقد بنيا على هذا الأصل، وعلى هذا فخبر الثانى هو فيه، أى فى الصرف قال القاضى أبو عبدالله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى يد الوكيل هل هى كيد الموكل أم لا؟ وعليه الوكالة فى قبض الصرف، ويذهب بخلاف الحوالة فإنه يقتضى لنفسه، والحنالة.
[اللخمى: الحمالة على ثلاثة أقسام، فإن كانت بما يحضره من العوض امتنع الصرف لعدم التناجز، وإن تحمل برد العوض أو مثله إن وقع الاستحقاق جاز.
ابن بشير: وظاهر المذهب المنع لأنه يشعر بوجود التأخير وأن التقايض لم تحصل الثقة به] قال اللخمى: إلا بإبدال الزائف فعلى البدل، ورد بأن هذا دخل على التعرض لوجود الزائف والمشهور إذا تولى الوكيل قبض الصرف دون عقده بحضرة الوكيل صح.
وقال أيضا: قاعدة: ما فى الذمة هل يعد كالحالَّ أو لا؟ اختلف المالكية فيه وعليه زكاة دين المدين المؤجل بالقيمة، وهو المشهور، أو بالعدد.
[ص]
153 -
وهل كما عدم حساما عدم
…
معنى كدرهم الرصاص لا نعم
[ش]
أى المعدوم معنى هل هو كالمعدوم حقبقة وحسا أو لا؟.
وعليه من وجد فى الصرف رصاصا أو نحاسا هل له الرضى به، فيكون كالزائف أو يكون كالمعدوم فيفسخ الصرف لتأخير القبض قولان.
ومن وجد رأس مال السلم بعد شهر نحاسا أو رصاصا أبدله ولا ينتقض قال سحنون: معناه أنه مغشوش لا محض نحاس، وقيل: على ظاهره وهى مسألة السلم الأول منها.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى المعدوم معنى هل هو كالمعدوم حقيقة أو لا؟ فإذا وجد فى الصرف رصاصا أو نحاسا فهل له الرضى به ويكون كالزائف /70 - ب فيما تقدم أو يكون كالعدم فيفسخ الصرف لتأخر القبض قولان وكذلك مسألة كتاب السلم الأول إن وجد رأس المال بعد شهر نحاسا أو رصاصا أبدله ولا ينتقض.
قال سحنون: إنه مغشوش لا محض نحاس، وقيل على ظاهره.
قوله: "لا نعم" أى قيل: لا. وقيل: نعم. ويحتمل أن يكون نعم جوابا عن سؤال مقدر لا لمذكور.
[ص]
154 -
وهل ندر حكم ما غلب
…
أم حكم نفس كالفلوس والرطب
155 -
وكسلحفات وقوت ندرا
…
كذا مخالط، ونحو ذكرا
[ش]
أى نوادر الصور هل تعطى حكم نفسها أو حكم غالبها؟.
وعليه إجراء ابن بشير الربا فى الفلوس، ثالثها يكره، ورد إجراء اللخمى إياه على أنه في
العين غير معلل والعلة الثمينة والقيمة، فقول أشهب: إن القائمين مجمعون على التعليل وإن اختلفوا فى عين العلة.
اللخمى: من رأى أن علة الربا فى النقدين كونهما أثمان المبيعات وقيم المتلفات ألحق بهما الفلوس، ومن رأى أنه شرع غير معلل منع لحوق الفلوس بهما.
ابن بشير: وهذا غير صحيح للإجماع أنه معلل، وإنما اختلفوا فى عين العلة وإنما سبب الخلاف فى الفلوس الصور النادرة هلى تراعى أم لا؟ فمن راعاها ألحق الفلوس بالعين ومن لا فلا، ويمكن أن يتخرج الخلاف فيها على اختلاف العوائد فيحمل الجواز حيث لا يتعامل بها، والمنع على عكسه.
وعليه أيضا الخلاف فى وجوب الزكاة فى العنب الذى لا يتزبب، والرطب الذى لا يتتمر.
وإلى صورتى العنب والرطب أشار المؤلف بقوله ["والرطب" وعليه أيضا وجوب الزكاة ودخول الربا فى نادر الاقتيات وإليه أشار بقوله]"وقوت ندرا" والسلحفات والسرطان والضفدع ونحوهما مما يطول حياته فى البر هل يعطى حكم البري، أو
البحري. وفى نفقة الزمن بعد بلوغه فعلى المراعاة لا تنقطع وعلى أن لا تنقطع.
قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قالوا: إذا عم الجراد المسالك فلا جزاء انتهى.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: (قاعدة) اختلفوا فى مراعاة نوادر /71 - أالصور وعليه حمل ابن بشير الربا فى الفلوس، ثالثها يكره. ورد إجرء اللخمى إياه على أنه فى العين غير معلل، أو العلة الثمنية والقيمة بقول أشهب أن القائسين مجمعون على التعليل، وإن اختلفوا فى عين العلة. قلت: وهو عندى على أن العلة فى العين كونها ثمنا وقيمة أو كونها أصلا قى ذلك كالشافعى.
وقال النعمان: الوزن وأجرى الربا فى كل موزون، وقال ابن العربى: ليست العلة القاصرة فى الأصول إلا فى هذه المسألة، وقد تجرى فى الفروق والجموع أثناء المسائل.
وقال المقرى أيضا: قاعدة: اختلف المالكية فى مراعاة النوادر فى نفسه أو إجراء حكم الغالب عليه، فعلى المراعاة لا تنقطع النفقة عن الزمن ببلوغه وعلى الإعطاء تنقطع أما إن عادة الزمانة لم تعد على الأصح، وهما على قاعدة الخلاف هل يفتقر إلى الاتصال
ليعتضد بأن الأصل بقاء ما كان على ما كان لضعفه فى نفسه، أو يستقل لوجود المخلوف فيه كالعجز فى صورةالنزاع، وللمالكية فيه قولان.
وقال أيضا: قاعدة: اختلف المالكية فى مراعاة حكم النادر فى نفسه أو إلحاقه بالغالب كعدم الانفكاك عما يختص ببعض المياه من المخالطات، قيل: يؤثر فيما يختص به لأنه لا يعم، وقيل: لا يؤثر لعدم انفكاكه عنه، وكذى العذر يذكر الصلاة المنسية لمقدارها، وقيل: تسقط بها عنه الحاضرة، وقيل: لا وكالمصلى إلى غير القبلة، وهو من المعرفة بحيث يتصور رجوعه إلى يقين، لأن أحكام الشرع لم تبن على مثله، وكوجوب الزكاة فى نادر الاقتيات.
والربا، والأخذ عما لا يبلغ الكمال مما يبلغه، أو ثمنه.
وذكاة الترس ونحوه مما يعيش فى البر من دواب البحر، وتسمى بقاعدة الالتفات إلى نوادر الصور أنتهى.
قلت: وإلى فرع الماء المخالط أشار المؤلف بقوله: "كذا مخالط".
[ص]
156 -
هل المراعى ما بذمة علم
…
أم موجب الحكم كدينار قسم
157 -
ليقتضى منجما أو قدما
…
جميعه على الذى قد نجما /71 - ب
[ش]
أى اختلف هل المراعى ما ترتب فى الذمة، وهو ما سماه المتصارفان أو المراعى ما يوجبه الحكم؟.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى جزء الدينار هل هو درهم فى الحال اعتبارا بالمال، أو ذهبا إلى يوم القضاء فيصير درهما لانتفاء الجزء وامتناع الكسر، وكذلك جزء الدرهم هل هو فضة أو فلوس، فإذا استسلف منه نصف دينار فدفع إليه دينارًا
على أن يرد له نصفه، ولم يأمره بصرفه بل سكت فإن قلنا بالأول فصرف يوم السلف، وإن قلنا بالثانى فصرف يوم القضاء وإذا ثبت فى ذمة أخر دينار هل يأخذ لبعضه ورقا أو لا؟ إن قلنا إن الباقى يكون ذهبا جاز، وهو المشهور، وإن قلنا فضة امتنع، وصار كانه صرف الجميع وانتقد البعض.
وقال أيضا: قاعدة: ما يوجبه الحكم قال ابن القاسم: ليس كالشرط فمن ابتاع بدانق وقع البيع بالفضة وأعطاه ما تراضيا عليه، فإن تشاحا أعطاه فلوسا قى الموضع الذى توجد فيه بصرف يوم القضاء. وفى الدمياطية كشرط، فلا يجوز هذا، لأن صرف يوم القضاء مجهول. انتهى.
قلت: وإلى صورة قول المقرى: فإذا استسلف منه نصف دينار، أشار المؤلف بقوله:"كدينار قسم ليقتضى منجما" ومعنى قوله: "قسم" بين الاقتضاء والرد، وهو الذى أراد بقوله:"منجما" أى موزعا بين الاقتضاء المعجل والرد المؤجل فهو تأكيد لما قبله، والعبارة لا تخلو من تعقيد.
وتنجيم المال فى اللغة: تأديته نجوما ولو قال المؤلف موزعا عوض منجما لكان أحسن، وإلى صورة قول المقرى: وإذا ثبت فى ذمة آخر دينار.
أشار المؤلف بقوله: "وقد ما جميعه على الذى قد نجما" أى على الذى قد سقط وبعض من صرفه.
قال الشيخ ابن عرفة: وأما إذا دفع لمن عليه نصف دينار دينارا ليصرفه فيأخذ نصفه ويأتيه
بنصفه فاختلف قول مالك فيه بناء على اعتبار ما ترتب فى الذمة فيكون دفعة قضاء وتوكيلا على صرف باقية، واعتبار ما يوجبه الحكم فيكون صرفا لبعضه /72 - أوتوكيلا على صرف باقية فيؤول لصرف بعض الدينار فإن أعطاه دينارًا أخذ منه صرف نصفه جاز اتفاقا وإن ترك نصفه أمانة جاز على الأول، لأنه قضاء وإيداع، لا على الثانى، لأنه صرف بعض وكذا إن ترك نصفه قرضا لأنه على الأول قضاء وسلف وعلى الثانى صرف وسلف.
قلت: فيها إن دفع مبتاع سلعة بثلثى دينار دينارا لبائعها، قال: استوف منه ثلثيك ودع ثلثه عندك أنتفع به فلا بأس به إن لم يكن بينهما عند التبايع إضمار ولا عادة انتهى.
وفى صرف الجزء تفصيل، وذلك أنه إن حصلت المناجزة حسا ومعنى جاز اتفاقا كصرف جزء دينار ونقرة لشريكه بحيث يخلص للشريك جميع الدينار أو النقرة.
وكمن صرف دراهم بدنانير من رجلين وإن لم تحصل المناجزة حسا حالة العقد وحصلت معنى فقولان، كان يصرف نصف دينار من رجل، والباقى له وقبض المصرف جميعه، ومذهب الكتاب المنع لبقاء الشركة وجولان اليد.
وحكى غير واحد عن أشهب الجواز لأن المصرف تمييز بملك البعض.
وإن صرف من غير شريكه بحيث لا يبقى له شركة فى الدينار فقولان أيضا، وطالع قول ابن عرفة، وفى منع صرف جزء دينار معين باقية لبائعة المشهور مع قول أشهب فيها، إلى آخر كلامه فى ذلك ففيه الشفاء.
قوله: "ما بذمة علم" أى ما علم فى الذمة.
[ص]
158 -
مبقى أو مبيع المستثنى
…
كبيع كالدار وثنيا السكنى
159 -
وبيع مركوب وثنيا الانتفاع
…
أيضمن البائع أم ذو الابتياع
160 -
لمالك وأصبغ واستشكلا
…
هذا ابن محرز وذاك قبلا
161 -
وشجر وثمر موت حصل
…
فيما تعين به
…
[ش]
أى هل المستثنى مبقى أم مبيع؟ وعليه إذا باع دارا واستثنى سكناها سنة فانهدمت أو باع دابة واستثنى ركوبها يومين فهلكت.
قال مالك: لا ضمان للسكنى والركوب. وقال أصبغ: بالضمان، بناء على القاعدة وإذا /72 - ب باع شجرا واستثنى ثمرها هل يمنع من بيع المستثنى قبل قبضه أو لا؟ قولان لمالك ونصر بن عبدالحكم والأبهرى الجواز ولا ضمان هاهنا، على المشترى باتفاق وإلى هذا الفرع الإشارة بقول المؤلف:"شجرة".
ومن استثنى من الثمرة كيلا فأجيج بما يعتبر هل يوضع من المستثنى بقدره أو لا؟ قولان، وروى ابن القاسم، وأشهب وابن عبد الحكم: أنه يحط وبه أخذ ابن القاسم، وأصبغ بناء على أنه مشترى، وروى ابن وهب: أنه لا يحط، بناء على أنه مبقى، وكأنه إنما باع من حائطه ما بقى بعد ما استثنى، لأن الذى استثناه أبقاه على ملكه وإلى هذا أشار المؤلف بقوله:"ثمرة".
وإذا مات ما استثنى منه معين هل يضمن المشترى أم لا؟ قولان على القاعدة فعلى أنه مبقى لا ضمان، وعلى أنه مبيع فالضمان.
ولابن القاسم القولان وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "موت حصل فيما تعين به" أى وموت حل فيما تعين بالاستثناء بمعنى أن الاستثناء وقع معينا لا على جزء شائع، وعليه أيضا إذا اكترى داره أو أرضه وفيها شجرة فاستثنى رب الأرض أو الدار منها شجرا بأعيانها لنفسه، وأدخل ما عداه فى الكراء، منعه ابن العطار وأجازه ابن أبى زمنين، بناء على أن المستثنى مبيع أو مبقى.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى المستثنى أهو مشترى أو باق على الملك، فإذا باع شجرا واستثنى ثمرا فهل يمنع بيع المستثنى قبل قبضه أو لا؟ قولان ولا ضمان هاهنا على المشترى.
قوله: "كبيع الدار وثنيا السكنى" أى كما إذا اشترى دارا واشترط عليه سكنى عام وسكن ستة أشهر مثلا وانهدمت الدار، هل ضمان ما بقى من المشترى بناء على أنه مشترى أم من البائع بناء على أنه مبقى، وكذلك فى الدابة وغيرها.
قوله: "لمالك وأصبغ" هو ترتب على ما قبله فمالك يقول: بضمان البائع وأصبغ يقول: بضمان المشتري.
قوله: "واستشكلا هذا ابن محرز، وذلك قبلا" ذا إشارة إلى قول أصبغ وذاك إلى قول مالك. وهو قول ابن القاسم أيضا، أى قبل قول مالك /73 - أوابن القاسم، واستشكل قول أصبغ.
قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قال الشيخ ابن القاسم، هو الصواب، ولا معنى لقول أصبغ، ومذهب أصبغ يدل على أن المستثنى عنده على ملك المشترى وهو مما يعلم بطلانه ضرورة، وذلك أن المشترى ما ملك قط المستثنى، ولا بيع منه إنما بيع منه ما سواه فكيف يقال: إنه ملكه وإنه باعه حتى يكون عليه فيه عهدة؟ هذا لا ينبغى لمن له تحصيل أن يذهب إلبه، وهذا عندنا وهم من أصبغ رحمه الله ولو كان المستثنى يستوفى على ملك المشترى للزم فى الصبرة إذا استثنى البائع منها كيلا، مثله أن يكون ضمان ذلك المكيل من المشترى حتى يوفيه البائع، هذا مما لا يقوله أحد، وأما مسألة مالك فى الذى استثنى من ثمرته التى باع كيلا، وكراهيته غى أحد قوليه أن يبيع ما استثنى حتى يكال له ويستوفيه، فإنما كرهه خوف الالتباس لئلا يراه من يعقد فيه بيعا لم يكتله فيتوهم أنه يشتريه من المشترى ولا يعلم أصل المعاملة كيف كانت ولعله ممن يقتدى يه فكرهه لذلك.
تنبية ثان: قال ابن رشد رحمه الله: لم يختلف قول مالك رحمه الله ولا قول أحد من الصحابة -فيما علمت- أنه لا يجوز بيع الأمة، ولا بيع شئ من الحيوان واستثناء ما فى بطنه، لأنهم رأوا البائع مبتاعا للجنين بما وضع من قيمة الأم لمكان
استثناء الجنين، فكأنه على مذهبه، ومذهبهم باع بالثمن الذى سمى وبالجنين الذى استثنى وان كان قد اختلف قوله وأقوالهم فى المستثنى هل هو مبقى على ملك البائع [أو هو بمنزلة المشترى فى غير مسألة فيأتى على القول فى المستثنى أنه مبقى على ملك البائع] إجازة بيع الحامل واستثناء ما فى بطنها وعلى هذا أجازه من أجازه من أهل العلم منهم الأوزاعى والحسن بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وداود، وروى ذلك عن عبد الله بن عكر رضى الله عنهما فإذا باع الرجل الحامل واستثنى ما في
بطنها فهو على مذهب مالك وأصحابه بائع للأمة ومبتاع لما فى بطنها فى صفقة واحدة فوجب أن تكون البيعتان فاسدتين. انتهى.
فتأمله مع ما لا بن محرز، ولعل اتفاق المالكية على المنع /73 - ب فى هذه حجة على ابن محرز فيما تعقبه على أصبغ. انتهى.
[ص]
…
...
…
... وهل ما فعل
162 -
كفعل حاكم كحكم قررا
…
...
…
[ش]
أى من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم لم يفعل سواه هل يكون فعله بمنزلة الحكم أو لا؟ فيه قولان.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم لم يزد عليه فهل يكون فعله بمنزلة الحكم أو لا قولان للمالكية، كمن أسلم فى طعام سلما فاسدا مختلفا فى فساده، فأراد أن يأخذ عنه من صنفه فإن ذلك لا يجوز ما لم يحكم حاكم بالفساد، فإن قررا ذلك بينهما وأشهدوا به فقولان على القاعدة. وكذلك إن أراد أن يؤخر برأس المال فإن كان المسلم مجمعا على فساده وحكم الحاكم بفسخه جاز، فإن قررا ذلك بينهما، وأشهدا به فعلى القاعدة.
قوله "كفعل حاكم" هو حال من ضمير فعل، أو يتعلق بفعل. وقوله:"كحكم قررا" هو خبر ما.
[ص]
…
...
…
وهل يعد راجعا من خيرا
163 -
كمشتر وغاصب ومن سرق
…
ومسلم وعيب حلي استحق
[ش]
أي من خير بين شيئين فاختار أحدهما هل يعد كالمتنقل أو لا؟ وكأنه ما اختار قط غير ذلك الشئ.
وعليه من اشترى على اللزوم ثمر نخلة يختارها من نخلات ومن غضب جارية ثم اشتراها وهى غائبة، فإن قلنا بالأول فلا تشترى إلا بما تشترى به قيمتها، وهو قول أشهب. وإن قلنا بالثانى لم تراع القيمة، وهو ظاهر الكتاب.
ومن سرق شاه فذبحها فوجبت على السارق قيمتها لربها فإنه لا يجوز لربها أخذ شاة حية عن هذه القيمة، لأن لما قدر على أخذ اللحم فعدل عنه إلى أخذ الشاة صار كبيع لحم بحيوان من جنسه، بناء على الانتقال، وأن حق المغضوب منه متعلق بعين ما أتلفه الغاصب، ولو بنينا على عدم الانتقال وفرضنا أن حقه ساقط فى العين، وإنما وجبت له القيمة لم يمنع.
ومن أسلم على أختين ولم يطأهما فاختار إحداهما، فإن كان كالمنتقل لزمه نصف صداق الأخرى، لأنه كالمطلق، وإلا لم يلزمه شئ.
ومن أسلم على عشر /74 - ألم يكن بنى بكل واحدة منهن فاختار أربعا هل للبواقي
نصف الصداق أم لا؟ وهذان فرعان يشملهما قول المؤلف: "مسلم" ومن غضب حليًا فتعيب عنده واختار المغضوب منه القيمة فى جواز المصارفة عليها قولان، فعلى الانتقال، لا يجوز صرف واحد منهما، وعلى أن لا فيجوز وهو المشهور.
وعليه أيضا من وكله رجل على أن يسلم له فى طعام أو غيره فوكل غيره على ذلك فإنه لا يلزم الموكل ما فعله الوكيل الثانى لكونه لم يلتزم ما عقد عليه إلا إذا فعله من أذن له فيه، وهو لم يأذن لوكيل الوكيل، فإذا قلنا للموكل الخيار فى نقض ما فعله الوكيل الثانى فله النقض، والإجازة إن شعر به من قبل دفع رأس المال أو بعد دفعه، ولم يغب عليه من هو فى يديه ممن أسلم إليه، ولو لم يشعر به إلا بعد أن غاب عليه المسلم إليه فهل للموكل الإجازة أم لا؟ منع ذلك فى الكتاب ورآه كفسخ دين فى دين، وقيل: يجوز. والقولان على الأصل والقاعدة.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فيمن خير بين شيئين فاختار أحدهما هل يعد كأنه ينتقل أو كأنه ما اختار قط غير ذلك الشئ؟ فإذا أسلم على أختين ولم يطأهما فاختار إحداهما فإن كان كالمنتقل لزمه نصف صداق الأخرى، لأنه كالمطلق، وإلا لم يلزمه شئ، وإذا غصب جارية ثم اشتراها وهى غائبة، فإن قلنا بالأول
فلا تشتري [إلا بما تشترى] به قيمتها وهو أشهب، وإن قلنا بالثانى لم تراع القيمة وهو ظاهر الكتاب.
قال ابن عطية: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} قيل الشراء هنا استعارة وتشبيه لما تركوا الهدى وهو معرض لهم، وقعوا بذلك فى الضلالة واختاروها شبهوا بمن اشترى، فكأنهم دفعوا فى الضلالة هديهم إذ كان لهم أخذه، وبهذا المعنى تعلق مالك فى منع أن يشترى الرجل على أن يتخير فى كل ما تختلف آحاد جنسه، ولا يجوز فيه التفاضل انتهى.
قوله: "أستحق" هو وصف لحلى، أى استحقه ربه وهو المغضوب منه.
[ص]
164 -
وفى انعقاد البيع بالخيار
…
قولان فالصرف عليه جار /74 - ب
165 -
وشبهه كمشتر أبا
…
...
…
...
[ش]
أى بيع الخيار هل هو منحل أو منبرم؟ فعلى الأول يصح الخيار فى المكاح والصرف إذ لا عقد يخاف من جريان الأحكام فيه.
وعلى الثانى فلا، إذ لا تجرى فيه أحكام المكاح من الموارثة ونحوها، ويكون متراخيا فى الصرف.
وعليه إذا اشترى أباه بالخيار له هل يعتق عليه، وهو قول أصبغ، وابن حبيب عمن رضى أو لا؟ وهو مذهب المدونة. قولان.
وعليه أيضاً لو باع المسلم عبده الكافر من كافر على أن الخيار للبائع ثم أسلم العبد فى مدة الخيار هل للمسلم إمضاء البيع أو لا؟ قولان، بناء على أنه منبرم فيجوز أو منحل فلا يجوز، لأنه كابتداء بيع.
وبخط المؤلف فى طرة على الأم: وعليه مسلم باع عبده الكافر من كافر بخيار فأسلم العبد فى أيامه، والخيار للبائع هل إمضاؤه، واتفق على أن له غلته، ومنه ضمانه، وعليه نفقته وفطرته ولا شفعة إلا بعد مضيه. انتهى.
وفى تنبيه إيضاح المسالك الذى سيذكر بالقرب الإشارة إلى هذا.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى عقةد الخيار أهى منحلة حتى تنعقد وإنما ملك من ملكه الخيار ربط العقد فيصبح فى النكاح والصرف إذ لا عقد يخاف من جريان الأحكام فيه أو تراخى القبض، أو منعقدة حتى تنحل وإنما ملك من هو له نقضه فلا يصح فيهما إذ لا يجرى فيه أحكام النكاح من الموارثه ويكون متراخيا.
وقال أيضا قاعدة: إذ مضى الخيار فهل يكون كأنه لم يزل ماضيا أو يعد كابتداء الإمضاء؟ اختلف المالكية فى ذلك، وعليهما إذا باع خلخالين بعين وتفرقا ثم استحقا فهل للمستحق الإمضاء أو لا؟ إن قلنا بالأول كان له الإمضاء، وإن قلنا بالثانى لم يكن له وهكذا يجرى الأمر فى اشتراط حضور الخلخالين.
قال ابن محرز: إن كانت الإجازة كابتداء بيع اشترط رضى المشترى، وإن كانت تتميما لما تقدم لم يشترط حضور الخلخالين [فالمسألة معترضة. قال ابن بشير: العذر عن حضور الخلخالين] عند الإمضاء كالابتداء، وعن عدم اشتراط رضى /75 - أالمشترى عد المصرف كالوكيل على الصرف، ولا مضرة على المشترى فى الإمضاء لدخوله على ذلك. قلت: هذه قاعدة عامة أعنى الإجازة والإمضاء هل هما تنفيذ، أو ابتداء؟ كإجازة الورثة وصية الوارث، أو الزائد على الثلث، أو الزائد على الثلث، قيل: تنفيذ فلا يفتقر إلى قبض. وقيل: ابتداء عطية فيفتقر إلى القبض قبل الحجر انتهى.
قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: اتفقوا على أن ما أحدث فى أيام الخيار من غلة كلبن وبيض وثمر ونحو ذلك للبائع، كما اتفقوا على أن الضمان منه، والنفقة وصدقة الفطر وكذلك اتفقوا على أن لا شفعة فى الخيار إلا بعد الإمضاء ابن عبد السلام: ولا فرق على المذهب فى الخيار بين أن يكون للبائع أو للمشترى أو أجنبى، وخالف جماعة إذا كان الخيار لغير البائع.
[ص]
…
...
…
وهل حكميه كهو خلاف قد نقل
166 -
فى العبد والمحجوز كالخلخال
…
لكن لهم فيه كلام عال
[ش]
أى الخيار الحكمى هل هو كالشرطى أم لا؟.
وعليه العبد والمحجور يتزوجان بغير إذن الحاجر ثم يجيز. ومسألأة الصرف فى الخلخالين يباعان بعين ثم يستحقان، للمستحق إمضاء البيع ما لم يفترق المتبايعان وقال أشهب: القياس الفسخ، وإن تفرقا فللمستحق الإمضاء إن قلنا بانبرام عقد الخيار، وإن قلنا بانحلاله لم
يكن له الإمضاء، وهكذا يجب الأمر فى اشتراط حضور الخلخالين.
قال ابن محرز: إن كانت الإجازة كابتداء بيع اشتراط رضى المشترى، وإن كان ذلك تتميما لما تقدم لم يشترط حضور الخلخالين، فالمسألة معترضة.
قال ابن بشير: العذر عن حضور الخلخالين عند الإمضاء كالابتداء، وعن عدم رضى المشترى عد المصرف كالوكيل على الصرف، إذ لا مضرة على المشترى فى الإمضاء لدخوله على ذلك.
قال فى إيضاح المسالك أثر هذا الكلام: تنبيه: ناقض اللخمى، والمازرى، وأبو الطاهر قول أشهب فى مسألة الخلخالين بقوله: فى العبد يتزوج حرة بغير إذن سيده والمحجور بغير إذن وليه، ويدخل بها ثم توجد تزنى أن رجمها موقوف على إجازة السيد أو الولى للنكاح، فإن أجازة كانت محصنة ورجمت، وإن لم يجزه لم ترجم وحدت حد البكر، وأجاب الشيخ أبو الطاهر عن أشهب بما معناه: أن المناجزة المطلوبة فى باب الصرف أضيق منها فى باب النكاح فلذا جعل الخيار الحكمى فى الصرف كالشرطى لضيقه بخلاف النكاح.
وأجاب الشيخ الفقيه القاضى العلامة المحصل الأدرى أبو عبد الله محمد بن محمد
ابن عقاب الجذامي التونسي رحمه الله ورضى عنه وأرضاه- ومن خطه نقلت: لما سأله الجواب عن المناقضة المذكورة، وعن عدة مسائل شيخ شيوخنا الفقيه المحصل الحافظ أبو الربيع، سليمان بن الحسن البوزيدى تغمده الله برضوانه بإن إجازة السيد نكاح العبد من باب رفع المانع لحصول المقتضى، وهو أركان النكاح بجملتها، وإنما بقى إذن السيد وعدم إذنه مانع، وأما إجازة المستحق فهو من باب عدم المقتضى، لأن أحد العاقدين -وهو المالك للخلخالين- مفقود من العقد الأول، والعاقد غير المالك فلم تكمل أركان البيع، فهو من باب عدم المقتضى، وقد علمت أن وجود المانع مع قيام المقتضى أخف من فقدان المقتضى فلذلك ضعف الخيار فى الأول، فلم يتنزل منزلة الشرطى والله أعلم.
قال مؤلف إيضاح المسالك: وهو الفقيه المحصل أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسى رحمه الله: وجرى بينى وبين من نحى منحى ابن بشير فى الجواب من أعيان الفقهاء نزاع كبير، وبحث أثير يضيق هذا الملخلص عن حمل سطوره وضم منشوره، ولعله يأتى فى غير هذا التقييد إن شاء الله تعالى انتهى.
قال القاضى أبى عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى كون الخيار الحكمي
كالشرطي أو لا؟ فإذا كان فى النكاح خيار بسبب سابق على العقد فالمشهور أنه يفسخ بطلاق بناء على النفى، أو على أن الخيار منعقد، والشاذ بغير طلاق بناء على أنه منحل والمشهور أن للسيد إمضاء نكاح العبد عليهما أيضا، وقيل: لا،، لأنه منحل /76 - أبخلاف الأمة على المشهور، لحق الله عز وجل، ومن ثم قيل: إن ولت غيرها فله الإجازة.
ومن هذا الأصل مسألة الصرف فى الخلخالين يباعان بعين ثم يستحقان أن للمستحق إمضاء البيع ما لم يفترق المتبايعان. وقال أشهب: القياس الفسخ.
[ص]
167 -
هل نقض بيع فاسد من رده
…
أم أصله عليه فطر عبده
[ش]
أى رد البيع الفاسد هل هو نقض هل هو نقض له من أصله أو من حين رده؟ وعليه فطر العبد يمضى عليه يوم الفطر عند المشترى أهى منه أم من البائع، وفروعه كثيرة وتقدير المؤلف هل نفض بيع حاصل من حين رده أم من أصله.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى رد البيع الفاسد هل هو نقض له من أصله أو من حين الرد؟ وعليه فطرة العبد يمضى عليه يوم الفطر عند المشترى أهى منه أم من البائع، وفروعه كثيرة.
[ص]
168 -
هل قبض أول الذى تتصل
…
أجزاؤه حكما ككل ينقل
169 -
فى دفع كالسكنى وما تأخرا
…
جذاذه فى الدين كالذى اكترى
170 -
ومؤجر نفسا سنين وقبض
…
ستين أجره ولم يف الغرض
171 -
وشهروا المنع
…
...
…
...
…
...
[ش]
قبض الأوائل هل هو كقبض الأواخر أم لا؟ وقد يعبر عنها بقيض أول متصل الأجزاء هل هو قبض لجميعه أو لا؟.
وعليه لو مات المكترى قبل حلول أجل الكراء هل يحل الكراء بموته قبل استيفاء السكنى أو لا؟ إلا أنه يلزم على طرده أن المكترى إذا شرع فى السكنى أو الركوب أن يجب عليه نقد الكراء على قول أشهب، إن لم يكن عرف ولا شرط، ولا نعلم من يقوله ومن أخذ من دينه ما تأخر جذاذه من الثمار والبقول، أو دابة يركبها إلى موضع ما، أو عبدا يخدمه إلى أجل ما، أو دارا يسكنها إلى أجل، قال ابن القاسم: وهو المشهور بالمنع. وقال أشهب: وهو المنصور، واختيار ابن المواز بالجواز. وقال به ابن القاسم، مرة، واختلف فيه قول مالك.
وعليه من اكترى دابة مضمونة وشرع فى ركوبها جاز تأخير النقد على القول بأن قبض الأوائل قبض للأواخر، وعلى /76 - ب أن لا فلا، لأنه ابتداء دين وكذلك إن هلكت المعينة فى بعض الطريق، واتفقا على دابة أخرى، وقد انتقد الكراء لم يجز عند ابن القاسم، لأنه دين فى دين، إذ بقية الكراء صار دينا على رب الدابة فلا يصح أن يدفع فيه كراء دابة أخرى، وجاز عند أشهب وإن لم ينتقد جاز باتفاق إذا علما ما يخص ما بقى من المسافة.
وعليه من أجر نفسه لثلاث سنين بستين دينارا فقبضها، ومر لها حول هل يزكى الستين كلها بمضى حول واحد، لأن بقية الثلاث كالمقبوض أو لا؟.
قال فى إيضاح المسالك تنبيهان:
الأول: قول ابن القاسم: بالمنع فى هذه -يعنى مسألة هلاك الدابة المعينة- فى بعض الطريق واتفقا على دابة أخرى، وقد انتقد الكراء، مقيد بما إذا لم يكن فى مفازة، وأما إن كان فيها أو فى محل لا يجد الكراء فيه فإنه يجوز للضرورة.
قال ابن حبيب: كما يجوز للمضطر أكل الميتة، انظر رسم السلم من سماع عيسى من كتاب جامع البيوع.
الثانى: كان الشيخ أبو محمد عبد الحميد الصائغ رحمه الله يشير إلى التردد فى إجراء من اكترى دارًا مدة معلومة من مشتريها فأتى مستحق فاستحقها بعد أن قضى بعض مدة الكراء على هذا الأصل، فى كراء ما بقى من المدة، هل يكون للمشترى المكترى المستحق من يده أو للمستحق لأجل أنه إذا أكرى المشترى الدار وإنتقد الكراء وهى مأمونة صارت بقية السنة كالمقبوض كما قالوا فى أرض النيل إذا رويت أن المنافع كالمقبوضة وإذا كانت بقية السنة فى الدار المأمونة كالمقبوض منافعها صار ذلك كما لو أتى المستحق وقد انقضت جميع السنة.
قال الإمام أبو عبد الله المازري رحمه الله: وهذا الذى تردد فيه بعيد كما تقتضيه جميع روايات المذهب فى أحكام الاستحقاق، لأن ذلك إنما يتصور فيه قبض ما لم يوجد فى أحكام أخر، مثل لو أكرى داره لخمس سنين بخمسين دينارا هل يزكى الخمسين إذا مضى حول واحد، لأن بقية الخمس سنين كالمقبوض، ولا خلاف أن السنين كلها لو انقضت لوجب زكاة الخمسين /77 - أدينارا، أو يقال لا يلزمه زكاة الخمسين دينارا، لجواز أن تنهدم الدار فيجب رد بعض ما انتقد من الكراء، ففى مثل هذا يحسن الخلاف فيما بين المكترى والمكرى، وأما المستحق فلم يختلف فيه أنه من يوم الاستحقاق ملك المنافع التى توجد فيها بعد، وإذا لم يختلف فى ملكه لها لم يختلف فى استحقاقه لما قابلها من النقد والكراء.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى -أثناء كلامه على قاعدة فى الهبة-: ومن يعتبر القبض فى لزوم الهبة قد يعتبر قاعدة، وهى: قبض أول متصل الأجزاء وهل هو قبض لجميعه أولا؟ وعليها إختلاف المالكية فى فسخ الدين فى الكراء ونحوه.
قوله: "ككل" هو خبر قبض، قوله:"فى دفع" متعلق بينقل، وكالسكنى على تقدير مضاف، أى ينقل هذا الأصل فى دفع كراء مثل السكنى معجلا بموت المكترى، ولو قال: نقد بدل دفع لكان أحسن.
قوله: "أجره" هو بدل من ستين، أى ومؤجر نفسه لثلاث سنين بستين دينارا أو بعضها ومر عليه الحول ولم يوف الغرض، وهو العمل ثلاث سنين. قوله:"وشهروا المنع" أى فى الفروع السابقة.
وقول ابن القاسم: بناء على أن قبض الأوائل ليس كقبض الأواخر، ويدخل فى المنع وجوب الزكاة فى الفرع السابق، وفى طرة بخط المؤلف على قوله:"وشهروا المنع" هو قول
ابن القاسم [ونصروا الجواز وهو قول أشهب واختيار ابن المواز، وقال به ابن القاسم أيضا] واختلف فيه قول مالك، انتهى وهذا إيضاح المسالك السابق.
[ص]
…
... وهل
…
يقضى لذى الموزون إن صنع حصل
172 -
فيه بقية بيع وتلف
…
فى غزل أو حلى أبيح وعرف
[ش]
أى الموزون إذا دخلته صنعة هل يقضى فيه بالمثل أو بالقيمة؟.
اختلفوا فيه. وهى من تعارض حكم المادة والصور المباحة. فمالك، والشافعى يقدمان الصورة، فيجعلانه كالعروض، والحنفية وبعض المالكية يقدمان المادة فيجعلانه كالتبر. وعليه إذا بيع الحلى أو الغزل بيعا فاسدا فقد اختلف المالكية هل تفوته الحوالة أم لا؟ كالمثلى وكذلك إذا استهلك هل يقتضى فيه بالمثل أو بالقيمة على هذه القاعدة وكذلك إذا استحق وكان ثمنا هل يفسخ البيع أم لا؟ وهذا كله فى الصورة المباحة، وأما الممنوعة فقد مر أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فيما دخلته الصنعة من بعض الموزون هل يقضى فيه بالمثل أو القيمة وهى من تعارض حكم المادة والصورة.
وقال أيضا: قاعدة: إذا تقابل حكم المادة والصورة المباحة كالحلى فمالك، ومحمد يقدمان الصورة، فيجعلانه كالعروض، والنعمان: المادة فيجعله كالتبر. وإذا بيع بيعا فاسدا فقد
اختلفت المالكية هل تفيته الحوالة أم لا؟ كالمثلى، وإذا استهلك فقد اختلفوا أيضا هل يقضى فيه بالمثل أو القيمة على هذه القاعدة. أما الممنوعة فقد مر أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا.
قوله: "ببيع وتلف فى غزل أو حلى أبيح" أى هل يقضى بالقيمة فى بيع الغزل أو الحلى المباح وفى تلفها أى فى بيعها بيعا فاسدا أو فى إتلافها. قوله" "وعرف" أى عرف الشرع ولم ينكر، وهو تأكيده. قوله: "أبيح" وغير المباح كأوانى الذهب والفضة.
[ص]
173 -
هل نقض أو بيع إقالة بلا
…
زيد ونقض وعليه نقلا
174 -
إقالة فى بيع ما زهى وقد
…
يبس كالعهدة والفرق أسد
175 -
نقض بطعم شفعة مرابحه
…
فى غيرها بيع
…
[ش]
أى الإقالة هل هى حل للبيع أو ابتداء بيع ثان؟.
وعليه لو باع تمرا بعد زهوه ثم أقال منه يبسه فإن كانت حلا جاز، لأنه على عين الشئ، وليس من بيع الطعام واقتضاء غيره، وإن كانت ابتداء امتنع، لأنه كاقتضاء طعام ثان من ثمن طعام، فلو فلس المشترى لجاز أخذ اليابس اتفاقا لبعد التهمة.
وعليه أيضا ثبوت العهدة وعدمها، فعلى أنه كابتداء بيع فالعهدة، وعلى أن لا فلا ولم يرتض الإمام أبو عبد الله المازرى رحمه الله القول بوجوب العهدة فى /78 - أالإقالة على القول بأنها كابتداء بيع معتلا بان هذا بيع قصد فيه إلى المعروف فلم يلحق بالعقود المقصود فيها المعاوضة على جهة المكايسة.
وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "والفرق أسد" أى الفرق بين الإقالة وبين البيع على القول بأنها بيع فى العهدة أسد وأقوم.
وعليه أيضا جوازها فى ذى الطبل والوضيف وبالمنع قال ابن العطار، وابن زرب، وبالجواز قال ابن سعيد الهندى.
قال صاحب التوضيح: فائدة: الإقالة عندنا بيع من البيوع إلا فى ثلاث مسائل الإقالة من المرابحة، والإقالة فى الطعام، والإقالة فى الشفعة.
وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "نقض بطعم شفعة مرابحة فى غيرها بيع" أى هى نقض فى الطعام، والشفعة، والمرابحة، وهى فى غيرها بيع.
والإقالة فى الطعام أن يتقابل المتبايعان فيه قبل أن يقبضه المشترى، على مثل الثمن الأول، فإن ذلك جائز ولا تعد الإقالة بيعا، لامتناع بيع الطعام قبل قبضه، وأما بزيادة أو نقض فلا تجوز الإقالة، إلا بعد أن يقبضه المبتاع.
والإقالة فى المرابحة هى أن يكون بائع الشئ على المرابحة كأن باعه أولا بعشرة مثلا ثم أقاله المشترى من البائع على مثل الثمن الأول فلا يجوز له أن يبيعه مرابحة على أن رأس ماله فيه عشرة حتى يبين، لأن ذلك مما تكرهه النفوس، زلز عدت الإقالة بيعا لجاز.
خليل: والظاهر أن وجوب التبيين على قول من رأى أن الإقالة حل بيع أو ابتداء بيع لما ذكرنا من كراهة النفوس انتهى.
فإن كانت الإقالة بزيادة أو نقص فهى بيع حقيقة فله البيع مرابحة على ما تقايلا عليه من غير بيان.
والإقالة فى الشفعة هى: بالنسبة إلى العهدة، وذلك أن عهدة الشفيع على المشتري فلو
تقابل المتبايعان قبل أخذ الشفيع فذلك لا يسقط الشفعة. وعهدة الشفيع على خصوص المشترى على مذهب المدونة كما لو أخذ من يده قبل التقايل.
وأما على القول بأن المشترى يخير فى أن يجعل عهدته على البائع، أو على المشترى لكون البائع صار مشتريا بالإقالة /78 - ب فالإقالة عليه بيع كما لو تقايلا بزيادة أو نقصان، وقد ظهرت فائدة قول المؤلف:"بلا زيد ونقص" إذ الخلاف إنما هو فى ذلك، وأما بزيادة أو نقص فلا خلاف أنها بيع.
قوله: "وعليه نقلا إقالة فى بيع ما زها" -البيت- أى وعلى هذا الأصل نقل خلاف إقالة، أى الخلاف فى ذلك. ابن القوطية: زها التمر وأزهى إذا بدت عليه حمرة أو صفرة.
قوله: "نقص بطعم" -إلى آخره- أى هى نقض فى طعم، وشفعة، ومرابحة وبيع فى غيرها.
وهذا قول ثالث، بالتفصيل، وهو المعتمد المشهور، ولفظ المؤلف فى مختصر المنهج: وهل إقالة كبيع أو لا؟ وقيل بالتفصيل وهو الأولى.
سوى طعام شفعة مرابحة
…
وغيرها بيع
…
...
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى كون الإقالة حلا للبيع الأول، أو ابتداء لبيع ثان؟ ومما بنى عليه أن يبيع تمرا بعد زهوه ثم يقيل منه بعد يبسه، فإن كانت حلا جاز، لأنه على غير الشئ وليس من بيع الطعام واقتضاء غيره، وإن كانت ابتداء امتنع، لأنه كاقتضاء طعام ثان من ثمن طعام، فلو فلس المشترى لجاز أخذ اليابس
اتفاقا لبعد التهمة.
[ص]
…
...
…
...
…
... وهل مسامحه
176 -
فى مخطئ فى ماله كمن دفع
…
فى ثمن ثوبا ومن حق وضع
177 -
ومشتر لغيره وغلطا
…
وكمثيب فوتها قد شرطا
178 -
وبالرجوع أحكم مع القيام
…
ومطلقا فى بيع ربح نام
179 -
كذاك ما أشبهها
…
...
…
...
…
[ش]
قال أبو عمران الصنهاجى فى النظائر: مسائل الغلط فإنه يرجع بما غلط فى قيامه دون فواته، من ذلك، من أثاب من صدقة ظنا منه أنها تلزمه وكذلك من اقترض من طعام الحرب فظنه يلزمه قضاؤه، فقضاه جهلا منه.
ومن اشترى لرجل جارية بمائة وخمسين دينارا، وقال: قامت على بمائة، ثم ظهر غلطه، فإنه يرجع فى ذلك (كله) فى قيامه دون فواته.
ومن باع جارية مرابحة للعشرة أحد عشر فقال: قامت علىَّ بمائة ثم ظهر أنها قامت عليه بأكثر من ذلك، فذكرها /79 - أهنا أنه يرجع فى قيامها وفى فواتها ومن اشترى ثوبا بعشرة فأخطأ، فدفع ثوبا يساوى اكثر من ذلك، فإنه يرجع فى القيام دوم الفوات، فيصير فيمن غلط على ماله قولان، فى فوات ذلك هل يرجع أو لا يرجع وقول واحد إذا كان قائما انتهى.
قال القرافي في الذخيرة: نظائر قال العبد: يرجع الإنسان فى ماله حالة قيامه دون فواته إذا غلط فى أربع مسائل:
من أثاب من صدقة ظن منه أنه يلزمه، والآخذ من طعام الحرب، ثم يرده، والمشترى لرجل جارية فيقول قامت علىَّ بدون ما قامت، ثم يظهر له الغلط. والبائع ثوبا بعشرة فيعطى أعلى منه فى القيمة غلطا.
واختلف فى بائع الجارية مرابحة للعشرة أحد عشر، وقال: قامت علىَّ بكذا ثم يظهر أنه أكثر، فقيل: يرجع فى الحالين هاهنا انتهى.
وفى المتيطية: وروى عن مالك فى الرجل يشهد لابنه بحق فيدفع المشهود عليه الحق بشهادته بغير حكم، وفى الرجل يقوم له شاهد واحد فيدفع المشهود عليه الحق بشهادته خاصة، وفى الرجل يطلق امرأته، -يريد طلاقا بائنا- فتدعى عليه حملا، وهو غير ظاهر فينفق عليها ثم ينفش الحمل، أن ذلك كله أصل واحد لا رجوع لواحد منهم ولو شاءوا لتبينوا انتهى.
ابن الماجشون: فى اليهودى يشهد المسلمون أنه رضى بشهادة اليهود فيحكم عليه حكامهم، ثم يرحع عن الرضا بهم فذلك له.
ابن القاسم: ولو رضى المسلم بشهادة المسخوطين فيما بينهم لزم، وليس لمن رضى بذلك رجوع عنه كما لو رضى بغير شهادة ولو رفعا ذلك إلى الحاكم لم يحكم بينهما بشهادتهما.
قوله:"وهل مسامحة فى مخطئ فى ماله" أى هل المسامحة ثايتة في المخطيء
في ماله بأن يرد عليه ماله، ولا يؤخذ بالخطأ أم لا مسامحة فيلزم بما دفع خطأ؟
ولا يرد عليه ويقال أيضا: من سلط على ماله خطأ هل له الرجوع أم لا؟
ومن دفع شيئا يظن أنه يلزمه، ولا يلزمه هل الرجوع أم لا؟
وفى طرة بخط المؤلف: المخطئ فى مال /79 - ب نفسه هل يعذر بخطئه أم لا؟
قوله: كمن دفع فى ثمن ثوبا ومن حق وضع" إشارة إلى قول أبى عمران: ومن اشترى ثوبا بعشرة فأخطأ فدفع ثوبا يساوى أكثر من ذلك.
قوله: "كمشتر لغيره وغلط" إشارة إلى قول أبى عمران: ومن اشترى لرجل جارية المسألأة.
قوله: "وكمثبت"(إشارة) إلى قول أبى عمران: من ذلك من أثاب من صدقة ظنا منه أنها تلزمه، وفى معناها مسألة القرض التى بعدها.
قوله: "فوتها قد شرطا" أى الفوت فى الصور الثلاث قد شرط فى عدم الرجوع أو فى ثبوت الخلاف.
قوله: "وبالرجوع أحكم مع القيام" أى فى الصور الثلاث، وقد مر هذا من كلام أبى عمران.
قوله: "ومطلقا فى بيع ربح قام" أى واحكم بالرجوع مع الفوات، والقيام فى بيعه المرابحة، وهذا مراده بالطلاق، وأشار أبى عمران: ومن باع جارية مرابحة للعشرة أحد عشر المسألة.
قوله: "كذاك ما أشبهها" يدخل فيه مسألة الاقتراض ونحوها.
[ص]
…
...
…
هل عوض
…
على ذوى علم وجهل يفرض
180 -
كالصلح، والخلع وكمن معترضا
…
ما لابن شاس وقراف معرضا
[ش]
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: إذا قابل العوض الواحد محصور المقدار وغير محصوره فهل يفض عليهما أو يكون للمعلوم، وما فضل للمجهول وإلا وقع مجانا؟
كمن صالح عن نوضحتى عمد وخطأ. وقال ابن القاسم: بينهما.
وقال ابن نافع: للخطأ.
وكمن خالع عن آبق وزيد ألفا فعلى الأول ترد الألف ويرد نصف العبد، وعلى الثانى، ترد الألف ويرد ما فى مقابلتها من العبد، والزائد إن كان له بالخلع، وإلا كان كمن خلع مجانا، ونص ابن شاس فى هذه المسألة.
وأما على مقتضى قول ابن القاسم، فى قسمة المأخوذ بين الموضحتين فيكون نصف العبد هنا فى مقابلة نصف الألف -إلى آخر ما قال- والصواب حذف نصف من الموضعين كما جود اختصاره ابن الحاجب، والعجب أن القرافى مر على ما فى الجواهر ولم ينتبه إليه، بابن الحاجب ولا بمن قبلها كاللخمى، وابن /80 - أبشير، وهو دليل على أنه ربما نقل ما لا تأمل، وعلى هذا الأصل قول ابن الماجشون: فى النكاح والبيع يجعل الثمن للسلعة، فإن بقى ربع دينار صح النكاح عند قوم انتهى.
قال فى إيضاح المسالك: ورأيت له -يعنى للمقرى رحمه الله على هذا الموضع من قول ابن الحاجب: ردت الزيادة ما نصه: يعنى جملة الألف وفى الجواهر: نصف الألف ولا معنى له على القولين جميعا، وما أرى لفظة النصف إلا زلة وقعت له، فثبتت، إذ حكاية اللخمى، وابن بشير موافقة لحكاية المؤلف. ولله دره حيث [لم تز النقول بعقله، أين هو من القرافى حيث] قلد الجواهر فنقلها على حسب ما وجدها، ولم يتفطن لها.
قوله "كالصلح" أى من موضحتى عمد، وخطأ بشقص فإن الشريك يشفع بنصف عشر الدية، وقيمة نصف الشقص عوض قابل معلوما، وهو موضحة الخطأ ومجهولا، وهو
موضحة العمد، إذا الواجب القصاص إلا أن يصطلحا على ما شاء فيفض الشقص عليهما بالسواء على قول ابن نافع بدية موضحة الخطأ، وما فضل عنها من قيمة الشقص إن فضل شئ.
قوله: "والخلع" هى مسألة ما لو خالعها على عبد آبق، ويزيدها ألفا، فالآبق عوض قابل معلوما وهو الألف، ومجهولا وهو العصمة وقد مر بيان القولين. ومسألة النكاح والبيع، وهى ما لو تزوجها بعبد وتزيده ألفا.
قوله: "معرضا" أى عن قولهما فى هذا المحل غير ملتفت إليه.
[ص]
181 -
وهل إلى صحة أو فساد
…
يرد ذو الإبهام والترداد
182 -
كالراعى والكراء وتمر تجر
…
حمل طعام كثياب أجر
[ش]
أى المبهمات المترددة بين الصحة والفساد هل تحمل على الصحة أو الفساد؟
وتقدير كلام المؤلف وهل يرد العقد ذو الإبهام، والتردد بين الصحة والفساد إلى صحة، أو فساد؟ قولان، أو خلاف.
وعليها من باع سلعة بثمن على أن يتجر له بثمنها سنة، أو آجره على أن يتجر له بهذه المائة سنة، أو /80 - ب يرعى له غنما بعينها سنة، ولم يشترط الخلف ولا عدمه، فابن القاسم يمنع من أصله فى المبهم، وابن الماجشون، وأشهب، وابن حبيب، وأصبغ، وسحنون: يجيزون، والحكم يوجب الخلف عندهم ومن اكترى كراء مضمونا، وليس العرف التقديم أو لا شرطاه، فابن القاسم يفسده وعبد الملك، والمدنيون، يصححونه.
ومن اشترى الثمار قبل بدو الصلاح، ولم يشترط القطع، ولا التبقية، فظاهر المدونة الصحة، وقال العراقيون بالفساد.
ومن استئجر على حمل طعام إلى بلد كذا بنصف ولم يشترط نقده فى الحال ولا تأخيره.
ومن ابتاع ثيابا وسمى لكل واحد ثمنا، ولم يشترط الرجوع عند العيب والاستحقاق بالقيمة، ولا بالتسمية، قال ابن القاسم ورواه عن مالك وقاله سحنون، وأصبغ: التسمية لغو والبيع صحيح.
وروى ابن القاسم أيضا: أن التسمية مراعاة والبيع فاسد.
قوله: "أجر" إشارة إلى قولنا أو آجره على أن يتجر المسألة.
183 -
وهل ملك ظهر الأرض للبطن شمل
…
...
…
أى من ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أم لا؟ وهو المشهور.
وتقرير كلام المؤلف هل ملك ظهر الأرض شمل البطن منها أم لا؟ خلاف أو يقدر بطنها على قول الكوفيين أن أل تكون بدلا من الضمير، ولام الجر فى "للبطن" زائدة لتقوية عامل ضعف بالتأخير، كقوله تعالى:{للرؤيا تعبرون} .
وعليه الركاز والحجارة المدفونة، والزرع الكامن بخلاف المخلوقة فإنها تندرج في لفظ
الأرض، والزرع الظاهر فإنه لا يندرج.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فيمن ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أم لا؟ وهو المشهور، وعليه الحجارة المدفونة -إلى آخر ما ذكرنا قبل-.
قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: من ملك أرضا ملك أعلاها ما أمكن ولم يخرج عنه إلا إخراج الرواشن والأجنحة على الحيطان إلى طريق المسلمين إذا لم تكن مفسدة الأسفل، لأن الأفنية هى الموات الذى كان قابلا للإحياء، وإنما منع الأحياء فيه لضرورة السلوك /81 - أوربط الدواب، وغير ذلك، ولا ضرورة فى الهوى فيبقى على حاله مباحا فى السكة النافذة انتهى.
[ص]
…
...
…
معرى بمنح ملكه أم أن كمل
[ش]
المعرى هل يملك العربة بنفس العطية أو عند كمالها؟.
قال القاضى أبو عبد الله: قاعدة: اختلفوا متى يملك المعرى العطية أبنفس العطية أو عند كمالها؟ وعليه الخلاف فيمن عليه السقى والزكاة، والأصل كونها على ملك المعطى، إلا أن تثبت عادة فتكون على المعطى، ولهذا التفت من فرق بين أن يكون فى يد المعطى أو في يد غيره.
وتقرير كلام المؤلف: هل معرى ملكه لما أعربه تمنح أى بنفس منحه، أى إعطائه أم إن كمل هو؟ أى ما أعربه فالمعرى على هذا الشخص المعطى العربة وهو الموافق للفظ المقرى. وضمير كل عائد إلى ما أعرى المقدر وهو العربة، حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه. ومعرى مبتدأ، وخبره الاسمية، وهى ملكه بمنح. ويحتمل أن يريد بالمعرى العربة. فاضافة ملك للمفعول، وعلى الأول للفاعل.
وفى طرة على هذا من الأم بخط المؤلف: وهو استئناف قاعدة، أى هو معرى إلى آخره.
[ص]
184 -
هل حكم متبوع لتابع منح
…
أم حكم نفسه عليه ما يصح
185 -
من حلية إبار استحقاق
…
مسائل الزكاة غرس ساق
186 -
مؤذن أم بأجر من بذل
…
مهرا كفطرة وحوز وعسل
187 -
ولبن كمال عبد اشترط
…
وثمرة زرع ونحو ما فرط
[ش]
أى هل حكم متبوع منح لتابع أم للتابع حكم نفسه؟ ويقال: الأتباع هل يعطى لها حكم متبوعاتها، أو حكم نفسها؟.
وعليه بيع المصحف، والخاتم والثوب الذى لو سبك، خرج منه عين، والسيف المحلى إذا كانت حلية الجميع تبعا فإنه جائز بصنف التبع نقدا على المشهور، خلافا لابن عبد الحكم، وممتنع به نسيئة خلافا لسحنون. وقيل: يستحب فيه النقد، ويمضى التأجيل بالعقد.
وبيع الحلي المتبوع بصنف التابع، وفيه عن مالك روايتان.
واستعمال الذهب /81 - ب فى خاتم الرجال. وهذا كله يشمله، قول المؤلف:"حلية" وما أبر بعضه من الثمار وإذا استحق الأكثر أو وجد به عيب رد الجميع وإن كان بالأقل فليس له رد ما لم يستحق، وما ليس فيه عيب.
وإذا اجتمع الضأن والمعز فإن الزكاة من أكثرهما عند سحنون، ولابن القاسم تفصيل والشاة فى (الشنق) من جل غنم البلد والحلى المنظوم بالجوهر.
وما يسقى من الزرع، والثمار بالوجهين وتفاوتا.
والمالان أحدهما مدار والآخر غير مدار، وهما غير متساويين وهذه الفروع الخمسة يشملها قول المؤلف:"مسائل الزكاة".
وإذا ثبت أكثر الغرس، أو أقله فللأقل حكم الأكثر، وإن ثبت أكثره فللغارس فيما ثبت وفيما لم يثبت، وإن ثبت أقله فلا شئ للغارس فى الجميع. وقيل: له سهمه فى الثابت وإن قل.
وإذا أطعم بعض الغرس فإن كان أكثره سقط عنه العمل، وإلا فلا، وله ما أطعم دون رب الأرض، وقيل: بينهما وهذان الفرعان يشملهما "غرس" وبياض المساقاة مع السواد وإذا جذ المساقى بعض الحائط فإن كان أكثره فلا سقى عليه وإلا فعليه وإن كان فى الحائط أنواع مختلفة حل بيع بعضها، وهو الأقل جازت مساقاته جميعها، وإن كثر لم تجز فيه وهذه الثلاثة يشملها قول المؤلف "ساقى" اسم فاعل من السقى، والمراد به المساقى بفتح القاف، والأجرة مع الإمامة تمنع مفردة وتجوز مع الأذان، فى مشهور مذهب مالك.
ومن بذل صداقا ظانا أن للمرأة مالًا فانكشف الغيب بخلافه، فإن قلنا بالأول فله الفسخ لفوات مقصود عين الانتفاع، وإن قلنا بالثانى أمكن أن يقال: لا قسط لها من الثمن فيسقط مقابله، أو لها قسط، فيحط عنه بنحو ما فاته من المقصود، قياسا على الاستحقاق فى البياعات. وإن كان المستحق تبعا فلا يفسخ العقد فى الجميع، وفيه خلاف.
والفطرة والكفارة من جل عيش البلد وإذا حبس أو تصدق على الأصاغر (من
أولاده فإن حاز الأكثر صح الجميع، وإن حاز الأقل بطل الجميع، وإن حاز النصف صح ما حيز وبطل ما لم يحز، ويجوز العسل بالنحل إذ لا /82 - أعسل فى النحل وبيع شاة فيها لبن بلبن إلى أجل، والمختار إن تأخر اللبن فهو مزابنة، بخلاف إذا تقدم.
ومنها: اشترط خلفة الفصيل والثمرة، والزرع، ومال العبد والخنثى إذا بال من المحلين هل ينظر إلى الأكثر فيحكم له به أو لا؟ أجراه ابن يونس على هذا الأصل.
وإذا كان بعض العاقلة بالبادية، وبعضها بالحاضرة، فإنه يضاف الأقل منها إلى الأكثر عند عبد الملك وأشهب فبعض هذه المسائل تجوز تابعة تغليبها لحكم المتبوع، ولا تجوز مستقلة، وهى أيضا من قاعدة الأقل يتبع الأكثر، وسنذكر كلام المقرى فى القاعدة التى تلى هذه.
[ص]
188 -
وهل له قسط من الحق ففى
…
رهن إمامة وحلية قفى
189 -
ومال عبد خلفه زرع ثمر
…
دالية وشبهها من الصور
190 -
بما استحق أو أجيح والغرر
…
والعيب، والعطلة معناه ظهر
[ش]
أى التابع هل له قسط من الثمن أم لا؟.
وعليه الرهن والحميل وحلية المصحف، والخاتم والسيف، واشتراط الثمرة والزرع ومال العبد، والدالية والسدرة وخلفة القصيل، والإمامة مع الأذان.
وتظهر الثمرة فى الغرر، والاستحقاق، والعيب والجائحة، والعطلة.
قوله: "وهل" أى للتابع. قوله: "من الحق" أى من الثمن. قوله: "ففى رهن" متعلق بقفى، أى تبع هذا الأصل فى رهن وما بعده. قوله "بما استحق" الباء ظرفية، وهو متعلق بظهر، أى معنى هذا الأصل ظهر فيما استحق، وما عطف عليه، أى ظهرت فائدته فيما ذكر، أو سببه، والمراد تبعية مال العبد لحكم العبد، أن يشترى العبد مع ماله بما لا يجوز أن يشترى به دون المال، أن لو بيع على حدة، أو سلعة أخرى، كأن يكون ماله فضة فيشترى العبد مشترطا ماله بدراهم، أو ذهبا، فيشترى بدنانير، أو الفضة، فيشترى بدنانير إلى أجل وبالعكس، أو طعاما ربويا فيشترى بجنس ذلك الطعام، أو مطلق طعام فيشترى بطعام إلى أجل، أو ذهب أو فضة فيشترى بأحدهما فإن ذلك كله جائز بحكم التبعية.
وخلفة القصيل جزافا لم ير بل ليس بموجود /82 - ب الآن أصلا فهو مجهول الذات والصفة، وجاز للتبعية.
والزرع قبل بدو صلاحه يشترى مع الأرض، بمعنى أن المشترى للأرض اشترطه فى آباره، ودخل بلا شرط فى عدمه فيجوز للتبعية وكذلك ثمر الشجرة فى شراء أصلها.
والدالية فى الدار تكترى ويشترط المكترى عينها، فإن ذلك يجوز إذا كان تابعا للكراء بأن تكون قيمته من الجميع الثلث فأقل، وإن كان ذلك قبل بدو الصلاح بل وقبل طلوع الثمرة فى أصولها، وشبه الدالية السدرة يشترط المكترى نبقها وكذا سائر الأشجار ويحتمل أن يعود ضمير شبهها على الصور السابقة لا على خصوص الدالية.
واستحقاق القليل لا يفسخ به البيع، ويجعل تابعا لما لم يستحق، وكأنه لم يستحق شئ أصلا باعتبار الفسخ، بخلاف الكثير وهو الجل فإنه يفسخ كثوب من ثلاثة متساوية القيمة مثلا، أو ثوبين منها، وكذلك العيب فى واحد منها، أو اثنين.
وكذا إذا أجيح من الثمار ما دون الثلث فلا رجوع للمشترى بخلاف الثلث فأكثر فيرجع بما قابله من الثمن والغرر فى البيع بعضه معفو.
قال الباجى: اليسير وزاد المازرى: غير مقصود للحاجة إليه.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الغرر ثلاثة أقسام: مجمع على جوازه كقطن الجبة وأساس الدار، ومجمع على منعه كالطير فى الهواء، والحوت فى الماء ومختلف فيه كبيع الغائب، والمقائى، والقصيل، ونحوها، مع الخلفة، والأصل أن ما لا تخلو البياعات -فى الغالب- عنه، ولا يتوصل إليه إلا بفساد أو مشقة، مغتفر وما سوى ذلك فممنوع انتهى.
وعطلة إمام الصلاة أياما قليلة لا تحسب عليه، ويأخذ أجره موفرا وإلا حوسب.
المتيطى: ويحسب على الإمام الكثير من مرضه أو مغيبه دون القليل، وأما إن غاب
الجمعة ونحوها فلا بأس بذلك ولا يسقط أجره شئ، قاله غير واحد من القرويين.
ابن يونس: واختلف شيوخنا إذا أوجر على الأذان والصلاة لأمر عرض له هل تسقط حصته من الأجرة أم لا؟ بناء على الاتباع هل لها حصة من الثمن /83 - أأم لا؟
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى الاتباع هل تعطى حكم نفسها أو حكم متبوعاتها؟ كمالين أحداهما مدار والآخر غير مدار، وهما غير متساويين وكبيع السيف المحلى إذا كانت حليته تبعا بالنسيئة، منعه فى المشهور، واشترط النقد واجازه سحنون وقيل يستحب فيه النقد ويمضى التأجيل بالعقد. وكمن بذل صداقا ظانا أن للمرأة مالا، فانكشف الغيب بخلافه، فإن قلنا، بالأول فله الفسخ لفوات مقصوده من الاتباع، وإن قلنا بالثانى أمكن أن نقول: لا قسط لها من الثمن، فيسقط مقابله أو لها قسط فيسقط عنه بقدر ما فاته من المقصود قياسا على الاستحقاق فى البياعات، أن المستحق إن كان تبعا فلا يفسخ العقد فى الجميع. وفيه خلاف على القاعدة ففى هذه الفروع الثلاثة أقوال، وتقوم من هنا قاعدة الاتباع هل لهما قسط من الثمن أو لا؟ فى الاستحقاق وغيره، ومن القاعدة الأولى بيع الحلى الممزوج بصنف التابع، وفيه روايتان عن مالك، ومن الثانية: بيع السيف الذى حليته تبع بنوعها فالمشهور اشتراط النقد فيه. وقال سحنون يجوز مؤجلا. وقيل يستحب فيه النقد ويمضى التأجيل بالعقد.
وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا فى كون الاتباع مقصودة أو لا؟.
وعليها جواز الشاة فيها لبن بلبن الى أجل، والظاهر إن تأخر اللبن فهو مزابنة بخلاف ما إذا تقدم. ويجوز العسل بالنحل إذ لا عسل فى النحل.
وقال أيضا: قاعدة: المشهور من مذهب مالك أن الأقل يتبع الأكثر فإذا انظم الحلى بالجواهر، وكان فى نزعه فساد، فقيل يتبع الأقل الأكثر.
وقيل: لكل حكم نفسه ولهذا نظائر، وهو من باب التقديرات، لأنه يقدر الأقل كالعدم.
وقال أيضا: قاعدة اختلف المالكية فى الأقل هل [يعتبر فى نفسه أم] يتبع الأكثر وحمل ابن يونس اختلافهم فى الخنثى إذا بال من المحلين هل ينظر إلى الأكثر فيحكم له به أو لا؟
وقال أيضا: قاعدة: شرط ما هو من مصلحة العقد كالرهن، والحميل هل له /83 - ب قسط من الثمن أو لا؟ اختلف المالكية فيه، وعليه فساد العقد بالخطار فيهما انتهى.
وفى التوضيح: المازرى: وأما إن اشترط يعنى رهن الآبق أو الشارد فى عقد البيع فقولان فى الجواز وعدمه.
ابن رشد: والمشهور الجواز بناء على أنه لا حصة له من الثمن، أو له حصة وظاهر المذهب أن الرهن لا حصة له من الثمن.
قال فى البيان: والقولان فى ذلك قائمان من المدونة انتهى.
أما القول بأنه لا حصة له فمن قوله فى باب الرهن فيمن وكلا رحلا على بيع سلعة فباعها وأخذ بالثمن رهنا أن الخيار للموكل فى قبول الرهن فلم يجعل له خيارا فى بيعه بأقل من ثمن المثل.
ابن عبد السلام: وأما بأن له حصة فمن قوله: وإن بعت منه سلعة بثمن إلى أجل على أن تأخذ منه رهنا ثقة من حقك فلم تجد عنده رهنا فلك نقض البيع وأخذ
سلعتك أو تركه بلا رهن، ويقال إنما جعل لك فى المدونة نقض البيع لمخالفة الشرط لا لنقض الثمن، فانظره انتهى.
وفى المنهج الفائق أثر ذكره إنكار صاحب المناهج أخذ الشاهد الأجرة إن كان يكتب الوثيقة، ويشهد فيها بخلاف الكتب فقط، قال: الأجرة إنما هى على الكتب والشهادة تبع، والاتباع لاحظ لها فى الأعواض، كما فى غير مسألة من نظائرها كخلفة القصيل، والثمرة، ومال العبد، وحلية السيف، وذباب النحل بالعسل إلى أجل يحدث فيه عسلا، والنخل بالثمرة إلى أجل يكون للنخل فيه ثمر، والشاة اللبون باللبن إلى أجل والدجاجة البيوض بالبيض إلى أجل والإمامة مع الأذان، وغيرها من النظائر.
[ص]
191 -
هل اليسارة بنفس تعتبر
…
أم نسبة عليه دينار ذكر
192 -
فى البيع مع صرف وأول قبل
…
ثلث ودرهم على الثإنى نقل
193 -
وكثرة الثلث فى المعاقلة
…
جائحة خف وحمل العاقلة
194 -
وذنب الأضحاة والذى استحق
…
من فندق أو شبهه قاض يحق /84 أ
195 -
إن ينقسم كدار سكنى وردف
…
لا ضر لا نقص وفى العيب اختلف
196 -
فى الدار كالمثلى مطلقا كما
…
فى ذنب ونزر نصف علما
197 -
فى الشئ من أشياء مطلقا كذا
…
جزء عروض مستحق فخذا
198 -
إن أمكن القسم وخير إن عدم
…
ونزر ما عين حبسه حرم
199 -
أما مسائل الوصايا والغلث
…
تبرع العرس فمن نزر الثلث
200 -
فى قصدها الأذى خلاف وثمر
…
كصبرة دالية ومن ذكر
201 -
غبنا فمنه وبياض قد ألف
…
فى أذن أضحاة تردد عرف
202 -
كحلية والحوز والأبار
…
مسائل الزكاة غرس جار
203 -
تبرع المريض أو حابى وما
…
ضمن كالعرس كشين علما
[ش]
أى السيارة معتبرة فى نفسها أم تعتبر بالنسبة؟
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الكثرة، والقلة فى الماء إضافيتان عن مالك قال فى لعاب الكلب: ولا بأس به فى الكثير كالحوض وفى الجنب يغتسل فى مثل حياض الدواب، ولم يغسل ما به أفسده وعليه مضى صاحب المقدمات وإن كان المذهب قد اختلف فى اليسارة هل هى معتبرة فى نفسها أو بالنسبة كالبيع، والصرف فى دينار واحد هل يشترط أم لا؟ ثم فى كون التابع الثلث أو الدرهم فما دونه، ويحكون عن المدونة نفى اشتراط التبعية وهو مما تلقوه بالقبول من استقراءات التونسى، ولا أدرى من أين أخذ فانظره انتهى.
قلت: وإلى قول المقرى: وهو مما تلقوه، إشارة المؤلف بقوله:"وأول قبل" والأول هو أن اليسارة تعتبر فى نفسها فيجوز اجتماع البيع والصرف فى دينار سواء كان أحدهما تابعا للآخر، أو لا؟ لكون الدينار يسيرا فى نفسه.
قوله: "ثلث ودرهم على الثانى نقل" الثانى هو كون اليسارة بالنسبة أى نقل على الثانى أن البيوع والصرف إنما يجوز اجتماعهما فى الدينار الواحد مع كون أحدهما
ثلثا فأدنى، ونقل /83 - ب أيضا أن اليسير الدرهم فما دونه وهو معنى قول ابن الحاجب: وقيل مع كونه كالدرهم يعجز.
قال الإمام أبو عبد الله المقرى: قاعدة "الأكمل شرطا أقوى من حكم التبعية من الأقل، فالصرف أقوى من البيع، فإذا اجتمعا فى أكثر من دينار فإنه كان الصرف أقل، وكان فى دينار فأقل جاز، وإن كان فى أكثر امتنع، فإن كان البيع أقل فهل يشترط فيه أن يكون فى دينار فأقل، أو يكون الثلث فأقل؟ قولان، وهما أيضا على اعتبار اليسارة فى نفسها أو بالنسبة، وهذا كله مذهب مالك انتهى.
و (ثلث) من كالم المؤلف، مبتدأ، وخبره محذوف لدلالة ما بعده، أى وثلث نقل ودرهم نقل، أو يكون نقل، المذكور خبر عن الأول، وحذف خبر الثانى قوله:"وكثرة الثلث -إلى قوله- وفى العيب اختلف" أى الثلث كثير فى هذه المسائل:
الأولى: معاقلة المرأة للرجل فإنها تعاقله إلى ثلث ديته، فإذا بلغته رجعت إلى ثلث ديتها ففى ثلاث أصابع من المرأة ثلاثون، وفى أربع عشرون.
الثانية: الجائحة فى الثمار، فإنه يوضع فيها عن البائع الثلث فأكثر فيرجع لما يقابله من الثمن، وما دون الثلث مصيبة منه.
الثالثة: الخف إذا انخرق فإن كان الشق ثلث القدم فأكثر لم يمسح عليه، وإن كان دون الثلث مسح إن كان متصلا لا يظهر منه الأصل، أو يكون كالثقب الضيق لا يمكن فيه غسل ما ظهر.
والرايعة: حمل العاقلة، فإنها تحمل من جناية الخطأ الثلث فأكثر، وما دون الثلث
على الجاني وإلى هذه مع الأوليين أشار شيخ شيوخنا الإمام، أبو عبد الله بن غازى رحمه الله بقوله:
الثلث نزر فى سوى المعاقلة
…
وفى الجوائح وحمل العاقلة
الخامسة: قطع أذن الأضحية فإنه يغتفر اليسير وهو ما دون الثلث، وفى الثلث قولان، المشهور أنه كثير.
السادسة: الدار الجامعة كالفناديق تسكنها الجماعة يستحق منها جزء شائع فإن استحق منها سهم دون الثلث لزم البيع فى الباقى وإن استحق الثلث فأكثر /85 - أرد الباقى وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "والذى استحق من فندق أو شبهه" وفسره المؤلف فى طرة على الأم بدار الخراج.
السابعة: على ما قال القاضى ابن رشد: وهو مراد المؤلف: "بقاض" والتنكير للتعظيم: دار السكنى إن كانت تنقسم دون نقص فى الثمن ويصير كل حظ حظ من الساحة وباب على حدته، فإن استحق الثلث فأكثر رد الباقى (بحصته)، [وإن كان المستحق أقل لزم الباقى بحصته] بخلاف ما إذا كانت الدار لا تقسم، أو إن فى القسمة نقص فى الثمن أو ضرر فله رد الجميع باستحقاق ما دون الثلث وإلى هذا أشار المؤلف بقوله:"قاضى يحق أن ينقسم كدار وردف، لا ضرر لا نقص".
أى القاضى ابن رشد: يحق كون الثلث كثيرا، أى يثبته، من حققت الشئ بمعنى أثبته، أن ينقسم المستحق منه كدار السكنى وتبع القسم نفى الضرر والنقض وقال القاضي
ابن رشد: يجب كون الثلث كثيرا أن ينقسم إلى آخره، من حق الشئ إذا ثبت ووجب، وبهذا فسر المؤلف فى طرة وهو أبين، والله أعلم.
ففاعل ردف هو معنى النفى فى قوله: "لا ضرر لا نقص" أى ردف مضمن هذا الكلام. ويحتمل أن يكون فاعل ينقسم، وهو كاف كدار، بناء على أن الكاف اسم، هذا ما ظهر لى فى حل هذا الكلام والله تعالى أعلم.
وفى مختصر الشيخ ابن عرفة -وبعضه بالمعنى-: سمع ابن القاسم من مالك فى الدار يستحق منها سهم أنه إن كان المستحق منها يسيرًا لزم البيع فى الباقى قال: قلت: العشر. قال: ربما كان العشر يضر فيها، وربما كان لا يضر وإنما ينظر الولى بالاجتهاد، إن رأى ضررا رده، وإلأا أمضى البيع، ورد عليه قدر ذلك من الثمن.
ابن رشد: إن لا تنقسم أعشارا فذلك ضرر، وإن كانت تنقسم ببيت يحصل للمستحق منها والمدخل على باب الدار والساحة مشتركة، فإن كانت دارا جامعة كالفنادق تسكنها الجماعة فليس بضرر [فيرجع بقدره من الثمن ولا يرد ما بقى وإن كانت للسكنى فهو ضرر، وإن كانت تنقسم دون نقص فى الثمن ولا يرد ما بقى وإن كانت للسكنى فهو ضرر، وإن كانت تنقسم دون نقص فى الثمن ويصير لكل /85 - ب حظ حظ من الساحة وباب على حدته فليس بضرر] إلا أن يكون المستحق على هذه الصفة الثلث، والدار الواحدة فى هذا بخلاف الدور، إن استحق بعضها لم ير باقيها، إلا أن يكون المستحق منها أكثر من النصف وقد نص فى القسمة من المدونة أن استحقاق ثلث الدار الواحدة كثير.
قلت: كون ثلثها كثيرا هو نقل الزاهى عن المذهب.
قال: وقال أشهب: هذا فى كبار الدور والذى لا يضر استحقاق صغير جزءها، فأما صغارها وما لا ينقسم فله رد الجميع، وبهذا أقول، ونظر تمام الكلام في المختصر المذكور.
قال ابن رشد رحمه الله أثر ذكره المسألة فى استحقاق الجزء الشائع عن ابن القاسم: هذه مسألة حسنة بين فيها أن استحقاق اليسير من الأجزاء فيها ينقسم كاستحقاق اليسير من العدد، لا يكون للمشترى إلا الرجوع بقيمة ما استحق بخلاف استحقاق اليسير من الأجزاء فيما لا ينقسم، هذا يكون للمشترى رد الجميع لضرر الشركة، فهو تفسير سائر الروايات، واليسير النصف فأقل، والكثير الجل، وما زاد على النصف، وهذا فى العروض عند ابن القاسم، بخلاف الطعام، وما كان فى معناه من المكيل والموزون، فإنه يرى فيه استحقاق الثلث فما زاد كثيرا.
ابن رشد: والدار إن استحق عشرها أو أقل منه أو كانت لا تنقسم أعشارا فله رد جميعها بخلاف ما إذا كانت تنقسم.
وفى التقييد: ابن رشد فى كتاب الاستحقاق من البيان، والرد يجب إذا استحق ما هو كثير كثلث الدار وما فيه ضرر، وإن كان يسيرا كالعشر، فإن اشترى دارا واستحق عشرها فإن كانت الدار لا تتجزء أعشارا، أو كانت تتجزء ولم يكن لكل جزء مدخل ومخرج على حدة [أو كان لكل جزء مدخل ومخرج على حدة إلا أن التجزئ ينقص من الثمن فإن له الرد فى هذه الوجوه كلها، فإن كانت تتجزأ أعشارا، ولكل جزء مدخل ومخرج على حدة] ولم ينقض ذلك من ثمنها فلا رد له وهذا فى دار السكنى، وأما دار الغلة فلا ترد إلا باستحقاق الثلث.
وأما إن كانت /86 - أدورا عددا فاستحق بعض أعيانها فإتها إذ ذاك بمنزلة العروض أن استحق الجل فأكثر كان له الرد.
قوله: "وفى العيب اختلف، فى الدار كالمثلى مطلقا كما فى ذنب" اختلف فى كون الثلث من حيز اليسير أو الكثير فى مسائل:
منها: العيب فى الدار فإن اليسير لا تردُّ به، ويرجع بقيمته واختلف في حد
اليسير فمنهم من رد ذلك إلى العادة، وهو الأصل.
وقال ابن أبى زيد: ما ينقص معظم الثمن فهو كثير وظاهره أن النصف يسير. وقال أبو بكر بن عبد الرحمن: ما نقص عن الثلث، وأما الثلث فكثير.
وسئل ابن عات عن ربع الثمن فقال: كثير.
وقال ابن القطان: المثقالان يسير، والعشر كثير ولم يبين من كم.
وقال ابن رشد: العشرة من المائة كثير ولعل قوله تفسير لقول ابن القطان.
ومنها: المثلى فى استحقاق البعض وتعييبه وهو معنى قول المؤلف: "مطلقا" فإن كان المستحق أو المعيب يسيرا لزمه الباقى بحصته، وإن كان كثيرا فإنه يخير فى التمسك بالباقى بحصته أو فسخ العقد عن نفسه، خلافا لأشهب فإنه لا يرى الخيار فى المثلى بالجل ولا ما دونه وعلى الأول فابن القاسم يخيره فى الثلث فأكثر. وقيل إنما يخير في
الطعام بالنصف.
وفى ابن يونس: يخير فيه بالربع. ولابن رشد: فيه تفصيل.
ومنها: ذنب الأضحية فقد اختلف فى الثلث فيه هل هو من حيز الكثير أو من حيز اليسير؟ وجزم المؤلف أولا بأنه كثير لأنه المشهور.
قوله: "ونزر نصف علما فى الشئ من أشياء مطلقا" -البيتين- أى هذه المسائل النصف فيها يسير والكثير ما فوقه، وهو المراد بوجه الصفقة.
ومنها: ما إذا تعدد المبيع المقوم فاستحق بعضه أو اطلع على عيبه، فإن كان ذلك وجه الصفقة وهو ما فوق النصف كخمسة ثياب متساوية القيمة يستحق منها ثلاثة أو يثبت عيبها، ففى العيب يخير المشترى بين أن يتماسك بالجميع أو يرد الجميع، وفى الاستحقاق يتعين رد الباقى على المشهور وإن كان ذلك فى النصف فأقل، ففى العيب ليس له إلا رد المعيب بحصته يوم عقده، وفى الاستحقاق /86 - ب يرجع بما ينوب المستحق وليس له رد الباقى وهذا معنى قول المؤلف:"فى الشئ من أشياء مطلقا" أى علم نزر النصف فى استحقاق الشئ من أشياء والإطلاق راجع إلى الاستحقاق والعيب.
قوله: "كذا جزء عروض يستحق فخذا، إن أمكن القسم وخير إن عدم" يعنى بالجزء الشائع، وبالعروض ما عدا الدور والطعام، وما فى معناه من المكيل والموزون.
والمعنى أن العرض إذا استحق منه جزء شائع، والعرض مما ينقسم، فإن كان المستحق النصف فأقل فلا يكون للمشترى إلا الرجوع بقيمة ما استحق، وإن كان أكثر من النصف فهو مخير بالتمسك بالباقى أو الرد بخلاف ما لا ينقسم فله الرد مطلقا كان السهم المستحق يسيرا أو كثيرا، وقد تقدم هذا من كلام ابن رشد.
وذلك قوله: بين أن استحقاق اليسير من الأجزاء فيما لا ينقسم - إلى قوله -: واليسير النصف فأقل، والكثير الجل، وما زاد على النصف، وهذا فى العروض عند ابن القاسم.
قوله: "ونزر ما عين حبسه حرم" أى ما يتعين وهو القوم حبس نزره حرم بمعنى أنه إذا استحق الجل فإنه يحرم التمسك بالأقل، وهو المشهور، للجهل بالثمن، إذ لا يدرى ما ينوب الباقى إلا بعد التقويم، بخلاف استحقاق الجزء الشائع فإنه لا جهل.
البقرى فى مختصر الفروق: اعلم أنه إذا استحق بعض الشئ فله أحوال، لأنه إما أن يكون مثليا أو مقوما، وإما أن يكون معينا أو شائعا.
أما المثلى، وهو المكيل والموزون فإن استحق قليله لزم الباقى، لأن القليل لا يخل بمقصود العقد، والأصل لزوم العقد بخلاف ما إذا استحق الأكثر، ولذلك يكون له الخيار بين أن يرد الذهاب مقصود العقد أو يمسك الباقى بحصته من الثمن.
وأما المقوم فإن استحق الأقل فكما فى المثلى، وإن استحق الأكثر الذى هو وجه الصفقة اختل البيع وانتقاضا كله لفوات مقصود البيع، ويحرم التمسك بما بقى ليس كما قلنا فى المثلى وهذا لأن حصته لا تعرف حتى يقوم، وهذا ما يتعلق بالمقوم.
وأما الشائع إذا استحق جزء منه /87 - أوهو مما لا ينقسم فيخيَّر فى التمسك بالباقى بحصته من الثمن، ولأن حصته معلومة بغير تقويم انتهى.
وهذا إنما هو غير دار السكنى، وقد مر تفصيلها عند ابن رشد.
قوله: "أما مسائل الوصايا والغلث" - البيت - أى الثالث فى هذه المسائل الثلاث نزر.
الأولى: الوصايا فإن الوصية بالثلث فما دونه لازمة بخلاف الزائد فلهم رده.
الثانية: الغلث الجوهري: المغلوث الطعام يكون فيه الزؤان والمدر ابن عرفة ناقلا عن ابن رشد: وغربلة القمح من التبن والغلث للبيع واجب إن كان تبنه وغلثه أكثر من الثلث، لأن بيعه كذلك ضرر، ويستحب أن كانا يسيرين.
ابن عرفة: ظاهره لا يجب فى الثلث. والظاهر وجوبه فيه، وفيما قاربه مما ليس يسيرا وهو ظاهر قسمها فيه قال مالك: يغربل القمح للبيع وهو من الحق الذى لا شك فيه.
ومحمل نذورها لا تغربل الحنطة فى الكفارة، على اليسير انتهى.
الثالثة: الزوجة لا كلام للزوج فى تبرعها بالثلث فأقل، وإن تبرعت بأكثر فله رده.
قوله: "فى قصدها الأذى خلاف" الضمير عائد إلى العرس التى هى الزوجة أى إذا تبرعت بالثلث فأقل على جهة الضرر بالزوج فاختلف فى منعها، قال ابن القاسم وأصبغ فى الواضحة، لا يمنعها.
وقال مطرف وابن الماجشون، وأشهب عن مالك: له رده.
قوله: "وثمر كصبرة دالية" أى والثمر والصبرة والدالية من نزر الثلث، فالثمر إشارة إلى بيع الثمرة واستثناء قدر الثلث فأقل، فإنه يجوز باتفاق.
وكذا الصبرة يجوز بيعها واستثناء الثلث فأقل وهو قول اين القاسم وأشهب.
وروى ابن الماجشون: أنه لا يجوز أن يستثنى من الصبرة قليل، ولا كثير ولا جزء مشاع، لأن الجزاف إنما جاز بيعه للضرورة، ومشقة الكيل والوزن، فإذا استثنى منها جزء فلابد من الكيل فلم يقصد بالجزاف إلا المحاطرة، والثمرة لا يتأتى فيها الكيل فافترقا.
وأما الدالية فهى إشارة إلى (اكتراء) الدار، والأرض وفيها دالية عنب أو غيرها /87 - ب من الشجر المثمرة فإنه يجوز دخول الثمرة فى الكراء، إذا كانت الثمرة الثلث فأقل من الجميع بالتقويم لا بما وقع به الكراء فيقوم كراء الدار والأرض بغير شرط.
فإن قيل: عشرة، قيل: فما قيمة الثمرة فيما عرف مما تطعم كل عام بعد طرح قيمة المؤنة. فإن قيل: خمسة، فأقل جاز، وإلا منع لما فيه من بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وهكذا بلغ ابن القاسم عن مالك، أعنى أن الثلث من حيز اليسير وما فى روايته عنه فلم يبلغ بها الثلث.
قوله: "ومن ذكر غبنا فمنه" أى ومن ذكر أن الغبن فى البيع يقام به فالثلث فيه من النزر، وقدره المؤلف فى طرة بقولة: فمن الثلث النزر، وهذا أوفق للفظ، والأول أظهر فى المعني.
وقد اختلف فى القيام بالغبن فى الجملة، وإن كان يتفق فى بعض الصور على القيام به.
قال ابن عبد السلام: مشهور المذهب عدم القيام بالغبن انتهى.
وعلى أنه يقام به فقال ابن الحاجب: والغبن قيل: الثلث، وقيل: ما خرج عن المعتاد.
ابن عبد السلام: وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين المتفق عليه، والمختلف فيه وظاهر كلام غيره، أن الغبن المتفق على اعتباره لا يوصل فيه إلى الثلث، ولا إلى ما قاربه بل إذا خرج عن الثمن المعتاد فى ذلك البيع صح القيام به انتهى.
وقال ابن القصار: يقام به إذا زاد على الثلث.
قلت: وهذا مقتضى كلام المؤلف.
ومن المسائل التى الثلث فيها يسير مساقاة البياض، فإنه لا يساقى إلا تبعا ثلثا فما دونه وإليه أشار المؤلف بقوله:"وبياض قد ألف" أى عهد فى المساقاة ومن فروع يسارة الثلث أيضا، ولم يذكره المؤلف، استثناء المحبس من حبسه وما يسكنه، أو ينتفع به حياته على لحوقه الحبس بعد موته بعقده الأول، فإنه يجوز أن كان ثلث قيمته فأقل، وعاينت البينة ما لم يستثنه خاليا من متاعه، فإن كان أكثر بطل جميعه، فإن كان باقىه لصغير ولده، وإن كان لغيره صبح إن حيز عنه، وإن لم يلحق به بعقده وأبقاه على أن يلحقه به بعد وفاته فهو وصية بتحبيسه /89 - أ،.
قوله: "فى أذن أضحاة تردد عرف" أى تردد عرف فى كون ثلث الإذن من حيز اليسير فيغتفر أو من حيز الكثير فلا تجزئ معه وقد مر ذلك في الذنب. الباجي:
الصحيح أن ذهاب ثلث الأذن يسير، وذهاب ثلث الذنب كثير، لأن الذنب لحم وعصب والأذن طرف جلد لا يكاد يستضر به، لكن ينقص الجمال كثيره انتهى.
قلت: ولعل المؤلف جزم أولا بثلث الذنب بأنه كثير نظرا إلى قول الباجى.
قوله: "كحلية" أى كما تردد فى ثلث الحلية هل يسير أو كثير، وهذا إشارة إلى المحلى بأحد النقدين يباع بصنفه أو بغير صنفه حيث تشترط التبعية، وكذا المحلى بهما كالسيف ونحوه يحلى بأحد النقدين، أو بهما، فقد اختلف فى التبع، فقيل: الثلث، وقيل: دونه. وقيل النصف.
قوله: "والحوز" إشارة إلى مسألة من حبس دارا، أو دورا، وهو فى بعضها وحيز الباقى فقال ابن القاسم: ما حيز لزم. وقيل: إن كان كثيرا لزم الجميع وإلا فلا.
وفى المدونة: من حبس على صغار ولده دارا، أو دورا، أو وهبها لهم، أو تصدق بها عليهم فذلك جائز وحوزه لهم حوز، إلا أن يكون ساكنها كلها أو جلها حتى مات فيبطل جميعها وتورث على فرائض الله، وأما الدار الكبيرة ذات المساكن سكن أقلها وأكرى لهم باقيها فذلك نافذ فيما سكن ومما لم يسكن.
اللخمي: وإن سكن النصف وحاز النصف بطل ما سكن وصح ما لم يسكن ونسبه لابن القاسم وأشهب، فجعل القليل دون النصف والكثير ما فوقه.
وفى الواضحة: القليل ما دون الثلث. وفى الموازية عن ابن القاسم وأشهب: إن سكن قدر الثلث، فأقل جاز الجميع.
وفى المتيطة: إن سكن ثلث الحبس أو أقل نفذ الحبس فيما سكن وما لم يسكن وإن كان أكثر من الثلث لم يجز شئ من الحبس، ورد جميعه ميراثا هذا مذهب المدونة، وبه الحكم انتهى.
ففهم أن الثلث على مذهب المدونة كثير، وهو خلاف ما قاله اللخمى.
وطرر المؤلف بخطه على هذا من الأم بقوله: وفى كهبة لمحجوره انتهى.
ولا يختص ذلك بالمحجور، وإن كانت فى المدونة /89 - ب مفروضة فيه، ولذا أطلق ابن الحاجب قوله:"والابار" أشار إلى من اشترى نخلا وقد أبر بعضها دون بعض، فإن تأبر الشطر فالمأبور للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع [وإن أبر الأكثر حكم بحكمه للجميع] هذا قول مالك الذى عليه أكثر أهل المذهب.
وروي عنه أنه مثل ما لو تأبر الشطر وعلى الأول فالثلث يسير بل اليسير ما دون النصف وعلى الثانى فليس بيسير.
قوله: "مسائل الزكاة" كما إذا اجتمع الضأن، والمعز فإن الزكاة من أكثرهما عند سحنون، ولابن القاسم تفصيل.
وكالحلى منظوما بالجواهر إذا لم يكن نزعه إلا بضرر، وقيل: كالعرض، وقيل يتحرى، وقيل: يراعى الأكثر.
وما يسقى من الزرع والثمار بالوجهين وتفاوتا، واجتماع عروض الإدارة والاحتكار، وتفاوتا أيضا.
وقد تقدمت هذه المسائل فى قاعدة الاتباع هل تعطى حكم متبوعاتها أو حكم نفسها.
قوله: "غرس جار" إشارة إلى مسألة ما إذا ثبت بعض الغرس فى المغارسة أو أطعم فأثبت أكثره فللغارس فيما ثبت وفيما لم يثبت وإن ثبت أقله فلا شئ للغارس فى الجميع. وقيل: له سهمه فى الثلث، وإن قل، وإذا أطعم بعض الغرس فإن كان أكثره سقط عنه العمل وإلا فلا، وله ما أطعم دون رب الأرض، وقيل: بينهما.
قوله: "تبرع المريض أو حجابى" أى إذا تبرع المريض بالثلث فأقل كما إذا وهبه أو تصدق به، أو عاوض بمحاباة فإن الزيادة تبرع، فهل يمضى تبرعه ولا كلام للورثة، أو يوقف إلى الموت لاحتمال أن يكون ذلك عند الموت جميع المال، أو أكثر من الثلث، أو الفرق بين أن يكون ماله مأمونا، كالربع والعقار فيمضى تبرعه وبين أن لا، فيوقف، أقوال، والثالث المشهور.
قوله: "وما ضمن كالعرس" إشارة إلى ضمان الزوجة، فيجوز بالثلث، وما زاد عليه يسيرا كالدينار، ولا خلاف فى منعها فيما زاد على الثلث، إذا كان الغريم معسرا، وأما أن كان موسرا، فقال اللخمى: منعه ابن القاسم، وأجازه ابن الماجشون، وهو أشبه، لأن الغالب السلامة.
وأتى بالكاف ليدخل المريض، أى وما ضمنه مثل العرس أى العرس وشبهه.
أو /90 - أفاعل ضمن، ضمير المريض، أى وما ضمنه المريض كالعرس، أى كضمانها وبهذا فسر المؤلف فى طرة، ومذهب المدونة جواز كفالته بالثلث.
وقال محمد: "حمالة" المريض جائزة ما لم يدخل على أهل دينه نقص بها، ولا يكون المحتمل عنه مليا، فإن كان مليا جازت بكل حال.
وقال عبد الملك: إن كان الغريم مليا لزمته الكفالة بالثلث، وإن كان عديما بطلت ولم تكن فى الثلث إذا لم يرد بها الوصية.
قوله: "كشين علما" إشارة إلى مثلة المرأة بعبدها، ولا خلاف أنها أن مثلت بعبد
قيمته الثلث أنه يعتق عليها من غير توقف على رضى الزوج، وكذا إذا زاد على الثلث ورضى الزوج، وإنما الخلاف إذا رده، والقول بأنه يتوقف على رضاه لسحنون وابن القاسم، ومقابله لأشهب ومنشأ الخلاف هل العتق بالمثلة حد من الحدود يوجب العتق مطلقا أو ليس كذلك؟
وينظر إلى من يجوز عتقه ابتداء فيعتق عليه، ولهذا اختلف فى العبد والمديان وإن مثل المريض، عتق فى ثلثه، وإن صح ففى رأس ماله، هكذا قال صاحب التوضيح.
وانظر ما الفرق بينه وبين الزوجة، وما ذكره المؤلف من الآبار وما بعده لم يختلف فيه من حيث حد اليسير فالتردد فيه غير التردد فيما قبله وإنما اختلف فيه من حيث إنه الأقل هل يعطى حكم الأكثر أو حكم نفسه عدا تبرع المريض وضمان الزوجة، فالخلاف فيهما من وجه آخر، فكان اللائق بالمؤلف أن لا يذكر ذلك، إذ ليس من القاعدة، نعم هو مناسب لمسائل الفصل فى الجملة ولعله ذكره لذلك، والله أعلم.
ومسائل الزكاة، وغرس، وتبرع المريض يصح فيه الخفض، وهو الظاهر عطفا على ما قبلها، أو غرس وتبرع معطوفان على الزكاة، فتدخلان تحت مسائله ويصح الرفع على الابتداء، والخبر محذوف، أى مسائل الزكاة وغرس جار فى العوائد وتبرع المريض - إلى آخره -.
ومنه: أى من التردد، أى محله، أو من صوره وضبطها المؤلف بالوجهين وعطف
حابى على ما قبله، لأن التقدير وإن تبرع المريض أى حابى ويصح أن يكون /90 ب تبرع ماضيا، ومن نزر الثلث أيضا استثناء المحبس من حبسه ما يسكنه، أو ينتفع به حياته على لحوقه بالحبس بعد موته بعقده الأول، فإنه يجوز إن كان ثلث قيمته فأقل وعاينت البينة ما لم يستثنه خاليا عن متاعه، فإن كان أكثر بطل جميعه إن كان باقيه لصغير ولده، وإن كان لغيره صح إن حيز عنه، وإن لم يلحق بعقده الأول وأبقاه على أن يلحقه به بعد وفاته فهو وصية بتحبيسه.
قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الثلث عند مالك آخر حد اليسير، وأول حد الكثير فكل ما دونه يسير، وكل ما فوقه كثير، وهو قد يكون يسيرا كما فى السيف اخلي، وقد يكون كثيرا كما فى الجائحة والمعاقلة وقد يختلف فيه كالدار تكرى وفيها شجرة فإنه يشترط أن تكون ثمرتها تبعا، واختلف هل يبلغ بها الثالث، واعلم أن من المالكية من يقول: اختلف المذهب فى الثلث على قولين، منهم من يقول: أما ما كان أصله الجواز ومنعه لعلة كالوصية وعطية الزوجة فالثلث فيه يسير، وما كان أصله المنع كالحلية والثمرة ففيه قولان وذكر الباجى فى مسألة الحلية عن بعض البغداديين أن النصف قليل، لآية المزمل.
ورواه ابن بشير باحتمال كون نصفه بدلا من الليل وما بعده يرده.
ولمسألة الرد فى الدرهم، ورد بأن نصف الدرهم يسير فى نفسه، وقد تقدم الخلاف فى اعتبار اليسير بنفسه، أو بالنسبة، في الطهارة.