المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل يتعلق بمسائل من المديان، والتفليس والوكالة والغصب، والشفعة والقرض والقراض، والمساقاة، والجعل وتضمين الصناع - شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب - جـ ١

[أحمد المنجور]

الفصل: ‌فصل يتعلق بمسائل من المديان، والتفليس والوكالة والغصب، والشفعة والقرض والقراض، والمساقاة، والجعل وتضمين الصناع

فصل

هذا ال‌

‌فصل يتعلق بمسائل من المديان، والتفليس والوكالة والغصب، والشفعة والقرض والقراض، والمساقاة، والجعل وتضمين الصناع

.

[ص]

204 -

هل قبض لملك قبض مالك كما فى فلس غزل، وشبه علما

[ش]

أى اختلف هل قبض الملك قبض المالك أم لا؟ بمعنى أن الأملاك هل هى قابضة على ملاكها أم لا؟ والصحيح الأول.

وعليه الخلاف فى كون مكرى الدابة أحق بما حملت من المتاع أو لا؟.

والخلاف فى كون مكرى الأرض أحق بزرعها /91 - أفى الموت، والفلس كالرهن أو فى الفلس فقط.

وفى المقدمات: رب الإبل أولى بالمتاع، لأنه قابض له بكونه على ظهور دوابه، ولو أسلمها للمكترى وهو كرهن بيده ما لم ينقض الكراء، ويحرز المتاع ربه، وكذا السفينة.

قوله: و"غزل" لعله أراد به الغزل يستأجر على نسجه فيتلف ببينة بعد النسج فتثبت الأجرة على ربه بناء على أن قبض الملك، وهو الغزل للصنعة المستأجر عليها وهو النسج كقبض المالك، وهو المستأجر أو لا؟ وهى مسألة صانع ثبت صنعه فى المصنوع وضاع، إلا أن هذا سيأتى فى قاعدة المصنوع هل يكون قابضا للصنعة أو لا؟ فغير أن قاعدة الملك أعم وأشمل من قاعدة المصنوع [إذ يدخل فيها فروع مكرى الدابة كما مر، ولا يدخل في

ص: 380

قاعدة المصنوع] هذا الذى كتبت أولا ثم رأيت بخط المؤلف تطريرا؟ وعليه التفليس ومن دفع غزلا لحائك ينسجه ويزيده غزلا سلفا فنسجه هل يكون شريكا أو له أجرة مثله، بخلاف الصانع يكون شريكا انتهى.

يعنى مسألة حائك استؤجر لنسج غزل شقة على أن يزيد من عنده غزلا سلفا فكان ذلك فاسدا، فقيل: الشقة كلها للمستأجر، وعليه مثل غزل الأجير، وفسر به أبو محمد، وهذا بناء على النفى، وقيل: شريكان، وهذا بناء على الإثبات، كمسألة مستأجر صانع على تمويه سيف على أن يسلف من عنده، فقال أبو محمد: لا يجوز ذلك، ويكون لصاحب السيف، ويرد السيف، وعليه أجرة المثل بخلاف من استؤجر على صوغ خلخالين من مائة وخمسين يعطيه مائة، ويسلفه خمسين فإنهما شريكان.

وتقرير كلام المؤلف، هل قبض ملك قبض مالك كما علم فى فلس وغزل وشبهه.

[ص]

205 -

هل حكم نسخ بالنزول يثبت

أو بالوصول كوكيل ينعت

[ش]

أى النسخ هل يثبت حكمه بالنزول أو بالوصول؟ ويقال بالحصول، أو بالوصول ويقال بالنزول أو بالبلاغ؟

وعليه تصرف الوكيل بعد الموت أو العزل، وقبل علم الوكيل بذلك.

وتجر عامل القراض بعد موت ربه وقبل علمه /91 - ب إذا خسر هل يضمن أو لا؟.

ص: 381

[وقدوم وال على آخر فى خطبة الجمعة ومن طرأ عليها علم الإعتاق فى الصلاة] وهى منكشفة الرأس بمعنى أنها عتقت قبل دخولها فى الصلاة، ولم تعلم حتى شرعت فيها وإذا وكلت وكيلين فزوجاها، فدخل الثانى ولم يعلم، فإن قلنا بالأول فللأول لانفساخ وكالة الثانى بالعقد، وان قلنا بالثانى فللثانى وهو المشهور لقضاء عمر ومعاوية من غير نكير، وإن كان إمضاء نكاح محصنة وفسخ عقد مسلم من غير موجب.

وقال ابن عبد الحكم: السابق بالعقد أولى والبيع كذلك بمعنى بيع الوكيل ما وكل عليه، وبيع مالكه إياه أيضا، خلافا للمغيرة لعدم حرمته، والحق ردهما.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف قول مالك فى الوكيل هل ينعزل بالموت والعزل، أو ببلوغها إليه، على الخلاف فى النسخ هل يتقرر حكمه بالنزول أو بالوصول، وإذا وكلت وكيلين فزوجاها فدخل الثانى ولم يعلم فإن قلنا بالأول فهى للأول لانفساخ وكالة الثانى بالعقد، وإن قلنا بالثانى فهو للثانى وهو المشهور لقضاء عمر، وإن كان إمضاء نكاح محصنة وفسخ عقد مسلم بغير موجب وكذلك البيع خلافا للمغيرة لعدم حرمته. والحق ردهما معا، كالشافعى وابن عبد الحكم انتهى.

قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: ليس الكراء كالبيع فى هذا، بل هو للأول على كل

ص: 382

حال، لأنه لا يدخل فى ضمان من قبضه، قال ابن دحون. وصححه ابن رشد فى رسم نذر، من سماع ابن القاسم من كتاب البضائع، والوكالات وإليه مال المازرى رحمه الله وعلله بأن ما يأتى من المنافع التى يطلب المكترى الأول أخذها لم تخلق، لم تقبض وبأن ضمان المنافع من رب الدار، وضمان السلعة المقبوضة فى البيع من قابضها.

قال المازرى رحمه الله: لكن نزل هذا السؤال وأنا حاضر فى مجلس الشيخ أبى الحسن العروف باللخمى رحمه الله، فافتى بكون الساكن أولى وإن تأخر عقده، ورأى سكناه شبهة على ما يقتضيه المشهور من المذهب عنده وذكر /92 - أأن بعض أصحابه خالفه فى هذا لأجل ما ذكرناه من فقدان الضمان للمنافع بخلاف الأعيان التى تضمن بالقبض مع كون القبض لما يستحق من المنافع غير حاصل الآن.

وذكر أن الشيخ أبا القاسم السيورى رحمه الله، ورد جوابه بموافقة ما ذهب اليه طردا لأصل المذهب، ورأى أن سكنى الساكن حيازة وقبض يوجب ترجيح جانبه لما ترجح بقبض الأعيان.

قوله: "ينعت" أى يوصف بالتصرف بعد العزل، أو الموت. ولو قال بدل: هذا البيت:

هل حكم نسخ بالنزول يجعل

أو بالوصول كوكيل يعزل لكان أبين، والله تعالى أعلم. ص 206 - وهل تعين لجزء شاعا

عليه حالف بعتق باعا

ص: 383

207 -

كمستحق وزكاة أو غصب

ومهر أو مرتهن كمن وهب

208 -

جواب نفزى عليه جاءا

بلا نعم فى قابض كراءا

209 -

أو ثمنا لشطره وغيره

غصب هل ينزع منه شطره

[ش]

أى الجزء المشاع هل يتعين أم لا؟ بمعنى أنه هل [يتميز أو لا يتميز فى الحكم].

وعليه من حلف بحرية شقص له فى عبد أن فعل كذا ثم با عشقصه من غير شريكه ثم اشترى شقص شريكه، ثم فعل ذلك هل يعتق عليه أم لا؟ وهو مذهب المدونة ومن باع نصف عبد يملك جميعه، ثم استحق نصفه هل يجرى الاستحقاق فيما بيع وفيما بقى، وهو مذهب المدونة أو إنما يقع الاستحقاق فى الباقى، والبيع منعقد فى النصف المبيع وهو مذهب أشهب، وسحنون، قال: وغيره خطأ. ومن غلب عليه الخوارج المتأولون فأخذوا زكاته، أو خراجه هل يؤخذ منه ثانيا أو يكفيه ذلك وهو مذهب المدونة.

ووقع فى إيضاح المسالك ذكر الخوارج مطلقا والصواب تقييده بالمتأولين، كما للشارمساحى على المدونة. وفسر أبو الحسن الصغير الخوارج هنا بالخوارج الذين خرجوا على أهل السنة، قال الشارمساحى: هم من يدعى /92 - ب أنهم أولى بالإمامة لنسبه أو علمه، وهؤلاء متأولون.

ومن غصب جزءا مشاعا هل يتعين ذلك الجزء بالغصب أو الغصب سرى على الجميع.

ومن ساق إلى زوجه نصف أملاكه مشاعا ثم باع جزءا منها مشاعا، أفتى

ص: 384

ابن القطان: بأن البيع شائع فى الجميع، وأن للمرأة أن ترجع فى نصف المبيع مطلقا.

وأفتى ابن عتاب: إن كان الذى باع الزوج على ملكه النصف فأقل فلا كلام لها إلا فى الشفعة وإن كان أكثر من النصف مثل أن بيع ثلاثة أرباع فلها الرجوع فى الزائد على نصف المبيع، وما كان فعلى الترتيب ومن ارتهن جزء مشاعا أو وهب له، أو تصدق به عليه ولم يرفع الراهن ولا الواهب ولا المتصدق يده هل يصح حوزه أم لا؟.

قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: على هذا الخلاف جاء جواب الشيخ أبى محمد ابن أبى زيد رحمه الله وغفر له - قال فى غرائب الأحكام: سئل ابن أبى زيد عن دار بين رجلين مشاعة فعدا على أحدهما غاصب قاهر فغصبه نصيبه مشاعا هل للآخر أن يكرى نصيبه، أو يبيعه أو يقاسم فيه؟ فأجاب: أنه لا سبيل إلى القسم فيه ما دام الأمر ممتنعا من الأحكام وله أن يبيع نصيبه أو يكريه، وقد اختلف فى الكراء والثمن هل للمغصوب منه فيه مدخل؟ فقيل: إنه يدخل معه فيه، إذ لم يتميز نصيب المغصوب، وقيل: لا مدخل له معه إذ غرض الغاصب هذا دون هذا، وهذا أشبه بالقياس.

قوله: "وهل تعين لجزء شاعا، عليه حالف" - البيت - أى وهل تعين ثابت لجزء شاع، فلجزء هو خبر تعين. عليه: أى على هذا الأصل بنى من حلف بعتق شقص له فى عبد إن فعل كذا فباعه لغير شريكه، ثم ابتاع شقص شريكه ثم فعل.

قوله: "كمستحق" ضبطه المؤلف بفتح الحاء وكسرها، أى استحق نصف عبد بعد بيع نصفه، هل يجرى الاستحقاق فى الكل أم يختص بالباقى والبيع منعقد.

قوله: "وزكاة، من غلب عليه الخوارج المتأولون فأخذوا زكاته، أو خراجه.

قوله: "ومهر أو مرتهن كمن رهب" أى ورهن مشاع [أو مرتهن مشاع] /93 - أ

ص: 385

كمن وهب مشاعا. قوله: جواب نفزى عليه جاء بلا نعم» النفزى هو الشيخ أبو محمد بن أبى زيد نسب إلى نفزة قبيلة من البربر، وتنكيره للتعظيم، كقاضى فيما مر أى جواب النفزى على هذا الاختلاف جاء بلا نعم، أى حكى فى جوابه قولا بانه لاينزع منه شطره، وقولا بأنه ينزع.

قوله: "لشطره" أى لنصفه أو أطلق الشطر على مطلق الحظ، وجملة، وغيره غصب، حالية، أى قبض كراء أو ثمنا لحظه والحالة إن غير شطره غصب وهو شطر شريكه.

قوله: "هل ينزع منه شطره" أى هل ينزع من القابض شطر ما قبض من كراء أو ثمن، أى نصفه، أو هل ينزع منه حظ الغير المغصوب على أن المراد بالشطر مطلق الحظ.

تنبيه: صاحب التوضيح: وكذا يصح رهن المشاع خلافا للحنفية وحكاه ابن عبد السلام رواية فى المذهب، وذكر المازرى عن أبى الطيب عبد المنعم أنه خرج قولا كمذهب الحنفية من قول من قال من أصحابنا: أن هبة المشاع لا تصح، المازرى: وهذا النقل الذى نقله، والتخريج الذى خرجه لم أسمعه من أحد من أشياخى؟ انتهى.

ابن العربى: راهن المشاع جائز، وبه قال الشافعى وقال أبو حنيفة: لا يجوز وبنى المسألة على أصل واحد هو أن أن الشيوع لا ينافى الإقباض، وعنده ينافيه وقد ناقض فقال: إن هبة المشاع تصح مع أنها لا تلزم إلا بالإقباض وأخذ منه المقرى قاعدة فقال: الشياع عند

ص: 386

مالك ومحمد لا ينافى [الإقباض ولا يشترط فى الرهن الإفراز بل يصح رهن المشاع وقال النعمان ينافى] فيشترط فلا يصح واعترض بأنه أجاز هبة المشاع ولا تلزم عنده إلا بالإقباض.

وقال أيضا: قاعدة: القسمة عند مالك، ومحمد ليست من تمام القبض فتصح هبة المشاع وعند النعمان من تمامه فيما ليس بمعاوضة، فلا تصح لأنها لا تتم إلا بالقبض بعد القسمة.

[ص]

210 -

هل يتعين الذى فى الذمة

[ش]

أى هل يتعين الذى فى الذمة أم لا؟

والذمة قال القرافي: معنى شرعى مقدار فى المكلف غير المحجور قابل للالتزام /93 ب فإذا التزم شيئا اختيارا لزمه.

وتلزمه أروش الجنايات، وما أشبه ذلك قال: والذى يظهر لى، وأجزم به أن الذمة من خطاب الوضع ترجع إلى التقادير الشرعية [وهو إعطاء المعدوم حكم الموجود].

قال ابن الشاط: والأولى عندى أن الذمة قبول الإنسان شرعا للزوم الحقوق دون

ص: 387

التزامها، فعلى هذا تكون للصبى ذمة [لأنه تلزمه أروش الجنايات، وقيم المتلفات] وعلى أنه لا ذمة للصبى نقول الذمة قبول الإنسان شرعا للزوم الحقوق والتزامها.

ابن عبد السلام: الذمة أمر تقديرى يفرضه الذهن وليس بذات ولا صفة لها.

ابن عرفة: يريد بلزوم كون معنى قولنا إن قام (زيد) ونحوه ذمة.

والصواب فى تعريفها، أنها ملك متمول كلى حاصل أو مقدر. قال: فخرج ما أمكن حصوله من نكاح أو ولاية أو وجوب حق فى قصاص، أو غيره مما ليس متمولا إذ لا يسمى ذلك فى العرف ذمة.

الرصاع فى شرح الحدود: كان يعرض لى أنه إما أن يريد بالملك الشئ المتملك أو استحقاق متملكه وإنما المتملك ما فيها، وان أراد الثانى فكذلك، لأن الذمة ليست هى الاستحقاق، فصوابه، ذات ملك متمول كلى، لأن الملك مضاف لها أى ذات يضاف لها ملك، أى استحقاق تصرف فى متمول. وكلى مخرج لالجزء، وهى القابلة للإلزام والالتزام، والله أعلم بمقصده. أو يقال: أطلق الملك على الحق، وفيه بحث.

وأخرج بمتمول الأمور المتملكة غير المتمولة من حقوق [النكاح، ووجوب القصاص وولاية النكاح فى الإعطاء والجبر عليه، لأنها حقوق] غير مالية، وكذلك المتمول الكلى إما حاصل بالفعل أو بالإمكان، ومن لازم الذمة أن المتقرر فيها كلى لا جزئى وبنى عليه الفقهاء مسائل، وأن مصيبة ما كان فى الذمة من المدين حتى يقضيه صاحبه ولا يرد على عكسه قول الغير فى المدونة: إذا اشترى سلعة بدنانير غائبة، قال: يضمنها إذا

ص: 388

تلفت وعلقت بالذمة، فالذمة هنا ملك متمول جزئى لأن الدنانير معينة /94 - ألأنا نقول للغير كأنه ألقى التعيين فالذمة متمول كلى، فالحد يصدق عليه.

قال ابن (القاسم) الضمان إنما هو مع شرطه لا فى غير ذلك، والحد يصدق عليهما معا، والله الموفق انتهى باختصار.

القرافى: المعينات المشخصات لا تثبت فى الذمم، ولذلك ينفسخ عقد البيع باستحقاق المعين فيه، وإنما يثبت فى الذمة الكلى حتى يسقط بواحد منه، ولذلك إذا استحق رجع إلى مثله وخالفت المالكية فى ذلك فى النقود إذا عينت فإنها لا تتعين عندهم.

ابن الشاط: والحق التعيين.

وخالفت المالكية أيضا والحنفية فى الطلاق، والعتاق المعلقين بالتزويج والملك، فقالا بلزومهما، وليسا بمعينين، ولا مضمونين وخالفهما الشافعى وقال بعدم لزومهما.

وعلى هذا الأصل براءة الغريم الذى أخذ منه دين لرجل آخر غصبا، وعدم براءته قولان لمتأخرى فقهاء تونس وعلى تعيينه أفتى ابن عرفة حين سئل عمن فى ذمته دينار ثمن ثوب، ودينار ثمن طعام لرجل واحد، هل يصح أخذ الطعام عن ثمن الثوب، ويكون مميزا بشخصه كما تميز بنوعه أو لا؟ قال: نعم، كقول المدونة فى عدم دخول أحد الشريكين على شريكه فيما اقتضى من دينهما مقسوما فى ذمة رجل قال بعض الشيوخ: لو استدل ابن عرفة فى هذه المسألة على التعيين بما قال معناه فى المدونة: وإذا اختلفا فى مقبوض، فقال الراهن: عن دين الرهن وقال المرتهن: عن غيره، وزع بعد أيمانهما على

ص: 389

الجهتين كالحمالة، لكان أبين فى الاستدلال على فتياه، إذ معنى ما فى المدونة أنهما لو اتفقا على جهة لعمل على ذلك.

قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: لم يحفظ القاضى الإمام أبو عثمان العقبانى رحمه الله خلافا فى أن ما فى الذمة لايتعين، فقال فى لباب اللباب فى مناظرته مع القباب: الدين يتعلق بالذمة، والغصب يتعلق بعين الشئ المغصوب، ولا مزاحمة بينهما، ولذلك لم يقل أحد أن من عليه دين يبرأ بغصب الغاصب ولو صرح الغاصب بأن يقول: إنما غصبت ذلك الدين، بل اينصرف الغصب إلى عين ما غصب، وييقى الدين فى الذمة انتهى.

وما قاله /94 - ب العقبانى رحمه الله هو الذى يظهر من الفرق السابع والثمانين من قول شهاب الدين القرافى رحمه الله ومثله فى قواعد القاضى أبى عبد الله المقرى رحمه الله ولفظه: المعين لا يستقر فى الذمة، وما تقرر فى الذمة لا يكون معينا انتهى كلام الإيضاح.

المقرى: قاعدة: المعين لا يستقر فى الذمة، وما تقرر فى الذمة لا يكون معينا فالأداء لا يتخلد فى الذمة، لأنه يحصر الأوصاف المعتبرة كالعقار، ويفسخ البيع والكراء باستحقاق المعين دون السلم، والمضمون، ومن شرط الانتقال أن يتعين بوقته بخلاف القضاء، والمعين لا يتأخر قبضه لما لا يضطر إليه بخلاف تأخر الطعام إذا غشيهما الليل إلى الغد عند مالك، ولذلك لا يسلم فيه ولا فى كل ما يتعين وأمكن الخروج عنه بكل معين من نوعه، والعين ما كان شخصا فى نفسه لايوجد من نوعه غيره.

القرافى: الفرق السابع والثمانون بين قاعدة ما يثبت فى الذمة، وبين قاعدة ما لا يثبت

ص: 390

فيها: اعلم أن المعينات الشخصية فى الخارج المرئية بالحس لا تثبت فى الذم، ولذلك أن من اشترى سلعة معينة فاستحقت انفسخ العقد ولو ورد العقد على ما فى الذمة كما فى السلام فأعطاه ذلك، وعينه فظهر ذلك المعين مستحقا رجع إلى غيره، لأنه [فى الذمة، وقد بينا أن ما فى الذمة لم يخرج منها].

وكذلك إذا استأجر دابة معينة للحمل أو غيره فاستحقت أو ماتت انفسخ العقد، ولو استأجر منه حمل هذا المتاع من غير تعيين دابة أو على أن يركبه إلى مكة من غير تعيين مركوب معين فعين له لجميع ذلك دابة، معينة للحمل ولركوبه فعطبت أو استحقت رجع يطالبه بغيرها، لأن المعقود عليه غير معين فى الذمة فيجب عليه الخروج عنه بكل معين شاء، ويظهر أنه كذلك فى قاعدة أخرى، فإن المطلوب متى كان فى الذمة فإن لمن هو عليه أن يتخير بين الأمثال أو يعطى أى مثل شاء، ولو عقد على معين من تلك الأمثال لم يكن له الانتقال عنه إلى غيره، فلو اكتال رطل زيت من خابية وعقد عليه لم يكن له أن يعطى غيره من الخابية وكذلك /95 - أإذا فرق صبرته صيعانا فعقد على صاع منها بعينه لم يكن له الانتقال عنه، إلى غيره من تلك الأمثال [ولو كان فى الذمة لكان له الخروج عنه بأى مثل شاء من تلك الأمثال] فهذا أيضا يوضح لك أى المعينات لا تثبت فى الذم، وأن ما فى الذمم لا يكون معينا، بل يتعلق الحكم فيه بالأمور الكلية والأجناس المشتركة، فيقبل ما يعين منه البدل، والمعين لا يقبل البدل والجمع بينهما محال، وهذا الفرق بين هاتين القاعدتين يظهر أثره فى المعاملات والصلوات، والزكوات فلا ينتقل الأداء

ص: 391

إلى الذمة إلا إذا خرج وقته، لأنه معين بوقته، والقضاء ليس له وقت معين يتغير حكمه بخروجه فهو فى الذمة والقاعدة أن من شرط الانتقال إلى الذمة تعذر المعين كالزكاة مثلا ما دامت معينة بوجود نصابها لا تكون فى الذمة، وإذا تلف النصاب بعذر لا يضمن نصيب الفقراء، ولا ينتقل الواجب إلى الذمة، وكذلك الصلاة إذا تعذر فيها الأداء بخروج وقتها لعذر لا يجب القضاء، وإن خرج لغير عذر ترتبت فى الذمة ووجب القضاء ولا يعتبر فى القضاء التمكن من الإيقاع أول الوقت خلافا للشافعى كما لا يعتبر فى ضمان الزكاة تأخر الجائحة عن الزرع أو الثمرة لعذر من الوجوب.

وكما لو باع صبرة وتمكن من كيلها ثم تلفت الصبرة من غير البائع فإنه لا يخاطب بالتوفية من جهة أخرى، ولا ينتقل الصاع للذمة، ولذلك أجمعنا فى المسافر يقيم والمقيم يسافر على اعتبار الوقت.

ابن الشاط على قوله: "بل يتعلق الحكم فيه بالأمور الكلية والأجناس المشتركة إن أراد الحكم يتعلق بالأمور الكلية [من حيث هى كلية فليس ذلك بصحيح وإن أراد أن الحكم يتعلق بالأمور الكلية] أى بواحد غير معين منهما فذلك صحيح.

وقال على قوله: وهذا الفرق بين هاتين القاعدتين - إلى قوله - فهو فى الذمة. ما قاله هنا غير صحيح، فإنه لا فرق بين الأداء والقضاء فى كون كل واحد منهما فى الذمة، فإن الأفعال لا تتعين إلا بالوقوع، وكل فعل لم يقع لا يصح أن يكون معينا، وأما قوله: من أن /95 - ب الفعل المؤقت معين بوقته، لا يفيده المقصود فإنه إن كان معينا

ص: 392

بوقته أى وقته معين بمكانه، وسائر أحواله.

وعلى قوله: والقاعدة أن من شرط الانتقال إلى الذمة - إلى قوله - ووجب القضاء تسويته بين الصلاة، والزكاة. ليست بصحيحة فإن الزكاة حق واجب فى المال المعين فالحق متعين، بمعنى أنه [جزء لمعين] وأما الصلاة فليست كذلك فإنها فعل، والأفعال لا تعين لها ما لم تقع.

ثم قال القرافى فى إثر الكلام السابق: وهذا الفرق قد خالفته المالكية فى صورتين.

إحداهما فى النقدين عندنا لا تتعين بالتعيين، وإنما تقع المعاملة بهما على الذمم وإن عينت إلا أن تختص بأمر يتعلق به الغرض كشبهة فى أحدهما، أو سكة تاريخية دون النقد الآخر، ولو غصب غاصب ديناراً معينا فله أن يعطى غيره مثله فى الحل ويمنع ربه من أخذ ذلك المعين المغصوب، وعلل ذلك أصحابنا بأن خصوصات الدنانير والدراهم لا تتغير بها الأغراض فسقط اعتبارها فى نظر الشرع، فإن صاحب الشرع إنما يعتبر ما فيه نظر صحيح، ولزمهم على ذلك سؤالان:

أحدهما: أنه يلزم أن أعيان الدنانير والدراهم لا تملك أيضا، لأجل أن للغاصب المنع من المعين، وكذلك المشترى فى العقود، ولو كانت الخصوصات مملوكة لكان لصاحب المعين المطالبة بملكه، وأخذ المعين من الغاصب، والمشترى فلا يكون المملوك عندهم إلا الجنس الكلى دون الشخصى ومتى شخص من الجنس شيء لا يملك خصوصه ألبتة، وهو أمر شنيع.

ص: 393

وثانيهما: أنا اتفقنا على (أن) الصيعان المستوية، والأرطال المستوية من الزيت تملك أعيانها، وأنها تتعين بالتعين مع أن الأغراض مستوية فى تلك الأفراد فهى نقض عليهم.

ولهم الجواب عن الأول: بالتزامه، والشناعة لا عبرة بها من غير دليل شرعى وقد تمسكوا بدليل صحيح، وهو أن الشرع لا يعتبر ما لا غرض فيه، وهذا كلام حق.

وعن الثانى: الفرق بين النقدين وغيرهما فإنهما /96 - أوسائل لتحصيل الأغراض من السلع والمقاصد إنما هى السلع، وإذا كانت السلع مقاصد وقعت المشاحات فى تعييناتها، بخلاف الوسائل اجتمع فيها خستان:

إحداهما: أنها وسائل.

والثانية: عدم تعلق الأغراض بخلاف المقاصد فيها خسة واحدة، فظهر الفرق واندفع النقض.

ابن الشاط: السؤالان واردان، والجواب عنهما ليس بصحيح.

أما الأول: فلا خفاء ببطلانه، وكيف يسوغ لعاقل التزام ما لا يصح ولا يعقل وهل يشك أحد فى أن من ملك دينارا ملك عينه، وكيف يصح أن يملك الجنس الكلى وهو ذهنى عند مثبته ثم على قولنا فيه يلزم أن من ملك دينارا لم يملك عينه، ولا جنسه لبطلان القول به فيلزم أن من ملك دينارا أو غيره من النقود ولم يملك شيئا على هذا القول أو يقع الشك فى أنه ملك أو لم يملك عند من شك فى الأجناس، وهذا كله خروج عن المعقول لا شك فيه.

ص: 394

وأما الثاني: فلا أثر للفرق، لاحتمال أن يكون لصاحب ذلك العين غرض فيه وإن لم يكن ذلك الغرض من الأغراض المعتادة، فالصحيح تعين النقدين بالتعيين، ولزوم رد المغصوب منهما بعينه، إلا أن يفوت فيلزم البدل.

القرافى أثر الكلام السابق: الصورة التى خالف فيها المالكية الفرق إذا كان له على رجل دين فأخذ منه ما يتأخر قبضه كدار يسكنها، أو ثمرة يتأخر جذاذها وعبد يستخدمه، أو نحو ذلك، قال ابن القاسم: لا يجوز ذلك لأنه فسخ دين فى دين لأن هذه الأمور لما كانت يتأخر قبضها أشبهت الدين، وفيها مفسدة الدين من جهة أن فيها المطالبة.

وقال أشهب: يجوز ذلك، وليس هذا فسخ دين فى دين بل دين فى معين وعلى هذا المذهب يطرد الفرق، وإنما تحقق مخالفته فى القول الأول.

ابن الشاط: ما قاله من أن مخالفة الفرق إنما هو فى الفرق الأول صحيح.

[ص]

هل ينقل الحكم بعيد نية

211 -

تبدلت لا اليد كالوكيل

تسلف المحوز فى التمثيل

[ش]

أى تبدل النية مع بقاء اليد على حالها هل يتبدل الحكم بتبدلها أم لا؟ وعليه /96 - ب بيع الوكيل من نفسه بثمن المثل، وقد مر وحبسه المال على موكله ولم يحركه وفى معناه المودع والملتقط والمقارض ينوى كل واحد منهم اختزال

ص: 395

ما بيده، ولا يفعل بالتضامن.

وعليه أيضا لو أسلف الوصى اليتيم من عنده مالا، وقبض سلعة من سلع اليتيم من نفسه واعتقد بقاءها فى يده رهنا فيما أسلفه، فابن القاسم، لا يراه حوزا، لأنه لا يحوز وأشهب يراه حوزا، لأنه لا يحوز من نفسه لنفسه، ولم يحصل له إلا بنية تبدلت.

وأشهب يراه حوزا إذا أشهد، وما أشبه ذلك، كصرف الوديعة، والرهن فإن قلنا بالتبدل جاز، لأنه قبض الآن لنفسه، وإن قلنا بنفيه امتنع للتأخير حتى يقبض لنفسه، وهو المشهور.

وضمان السلعة المشتراة شراء فاسدا اذا هلكت بيد المشترى وقد كانت فى أمانته قبل وبيع الطعام المقبوض على تصديق المسلم إليه بخلاف بيع النقد، فإنه جائز، والقرض فإنه ممنوع.

وكما إذا نوى بعد السنة تملك اللقطة فنقصت، فجاء ربها فله أخذها أو قيمتها قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: إذا تبدلت النية واليد على حالها هل يتبدل الحكم أو لا؟ قولان للمالكية، وعليهما القولان فى صرف الوديعة، فإن قلنا بالتبدل جاز، لأنه قبض الآن لنفسه، وإن قلنا بنفيه امتنع للتأخير حتى يقبض لنفسه، فإن كانت حاضرة جاز على القولين، أو نقول: أن قلنا بالأول قدرنا كأنه تسلفها الآن ثم صارف وهذه طريقة الباجى إلا أن هذا يوجب المنع فى المصوغ إلا أن يحضر، وان قلنا بالثانى امتنع انتهى.

وقد تقدم ذكر هذه القاعدة عند قول المؤلف: وهل يقدر كاثنين واحد لرجوعها

ص: 396

إليها، كقاعدة، هل تكون اليد الواحدة قابضة دافعة أو لا؟.

ابن بشير: اختلاف المالكية فى اليد الواحدة هل تكون قابضة دافعة أو لا؟ هو الذى يعبر عنه أصحابنا باختلاف النية هل يؤثر مع بقاء اليد أو لا؟ وسيأتى الكلام على هذا الأصل إن شاء الله.

وتقدير كلام المؤلف هل ينقل الحكم بعد نية تبدلت دون السيد كمسألة الوكيل ا 97 أوتسلف المال المحوز كائن فى التمثيل، أى من جملة فروع هذا الأصل.

قوله: "لا اليد" عطف على فاعل تبدلت.

[ص]

212 -

هل شفعة بيع أو استحقاق

عليه بذر من له إلحاق

213 -

كتركها الوصى والأخذ نظر

[ش]

أى الشفعة هل هى بيع أو استحقاق؟ اختلفوا فيه، والمشهور الأول وعليه من ابتاع شقصا قد بذره البائع هل يدخل البذر فى الشفعة، وهو الأصح أم لا؟ وكذا إن بذره المبتاع ولم ينبت، فعلى أنها بيع فللشفيع، وعلى أنها استحقاق فللمبتاع.

وتفصيل ذلك أن الأرض المبذورة تشفع، ولم ينبت بذرها، وكان الباذر البائع فعلى أن الشفعة من ناحية البيع فالبذر للشفيع على القول بالشفعة فى الزرع وعلى القول الذى يرى أن لا شفعة فى الزرع وهو المشهور لا يأخذ الأرض خاصة الشفيع بالشفعة حتى يبرز الزرع

ص: 397

إذ لا يصح للرجل أن يبيع أرضه ويستثنى البذر، وعلى أنها من ناحية الاستحقاق يأخذ الأرض خاصة بما ينوبها من الثمن، وان كان الباذر البائع شفع الشفيع الأرض بالثمن على أن الشفعة من ناحية الاستحقاق ويبقى البذر لباذره، وعلى أنها من ناحية البيع فلا يشفع إلا بعد بروز الزرع كما ذكر، وقيل: يأخذه مع الأرض بقيمته على الرجاء والخوف بمنزلة السقى والعلاج فى الثمرة وإن كان الباذر غيرهما من مكتر ونحوه بقى البذر لباذره وشفع الأرض بجميع الثمن من غير إشكال، وكذلك أن طرأ على الأرض والبذر قد نبت لا يخلو من الثلاثة الأحوال، غير أن الوجهين يستوى الحكم فيهما، وهو أن يكون البذر للمبتاع أو للأجنبى فيأخذ الشفيع فيهما الأرض دون الزرع بما ينوبها بجميع الثمن على القول الثانى الذى لا يرى الشفعة فى الزرع، وإن كان من البائع أخذها فقط بما ينوبها من الثمن، وقيل: أخذه معها بجميع الثمن بناء على الخلاف فى الشفعة فى الزرع.

وأما إن طرأ الشفيع بعد أن يبس الزرع فلا شفعة فيه، ويأخذ الأرض بجميع الثمن /97 - ب إن كان البذر للمبتاع، أو لأجنبى، وإن كان البذر للبائع أخذ الأرض بجميع الثمن ونص فى البيان على أن المشهور من المذهب أن الشفعة تجرى مجرى البيع لا كالاستحقاق.

وعليه الوصى إذا ترك الأخذ بالشفعة لمن إلى نظره، والأخذ نظر فلأبى عمران وهو ظاهر المدونة وهو نص فى المجموعة، أنه لا شفعة للمحجور إذا رشد لأنه لا يلزمه أن يتجر له فجعلها من ناحية البيع.

ص: 398

لابن فتوح، الأخذ بالشفعة فجعلها استحقاقا.

وعليه أيضا من ابتاع شقصا من دار وعروض صفقة، والشقص جل الصفقة فهل للمبتاع رد العرض على البائع إذا أخذ الشفيع بالشفعة، لاستحقاق جل الصفقة، بناء على أنها استحقاق أو لا؟ لأنها بيع مبتدأ.

وعليه أيضا هل يشفع قبل معرفة ما ينوب الشقص من الثمن أم لا؟ فعلى أنها بيع لا، وعلى أنها استحقاق نعم، وهذا اختيار اللخمى، والأول اختيار عبد الحق.

وعليه لو اختلعت لزوجها بشقص هل للشفيع الشفعة قبل معرفة القيمة أم لا؟.

وعليه من ابتاع دارا ثم استحق شقصا منها بعد أن نقضها المبتاع، وباع النقض هل يفوت النقض بالبيع أو يأخذ الشفيع الشفعة بما ينوبها من الثمن، أو لا تفوت الأنقاض بالبيع، وللشفيع أخذها بالشفعة من يد مشتريها من مشترى الدار الناقض لها فعلى أنها بيع تفوت الأنقاض بالبيع، وعلى أنها استحقاق لا تفوت بالبيع.

قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قالوا: ولا يلزم المفلس أن يشفع وإن كان فى الأخذ بالشفعة ربح، لأنه تكسب وتجر، وهو غير لازم، ولأنه تلزمه العهدة بالشفعة، والجارى على أنها استحقاق اللزوم، فانظره.

قوله: "عليه بذر" أى على هذا الأصل مسألة بذر الأرض، وقوله:"من له إلحاق" من استفهامية، والمعنى أى أحد له إلحاق البذر بماله الشفيع أو المبتاع، ويشبه أن تكون هذه الجملة بدلا من بذر كقوله:

ص: 399

إلى الله أشكو بالمدينة حاجة

وبالشام أخرى كيف يلتقيان /98 - أ

أى أشكو تعذر التقائهما، وكذلك التقدير هنا عليه من له إلحاق، أى عليه تعيين من له البذر أيشفع أم المبتاع.

قوله: "كتركها الوصى الضمير للشافعة" والوصى فاعل المصدر، وهو ترك أضيف إلى المفعول وكمل بالفاعل [وجملة والأخذ نظر حال من الفاعل أو المفعول] ولو قال الولى بدل الوصى لكان أشمل.

[ص]

هل قسمة تمييزا أم بيع حضر

214 -

فى قسم أضحاة ومعدن

وما أشبه ذين من فروع علما

[ش]

أى القسمة هل هى تمييز حق أو بيع؟ وعليه قسم الورثة أضحية مورثهم أو انتفاعهم بها شركة وجواز قسمها رواية مطرف وابن الماجشون عن مالك، وعيسى عن ابن القاسم، ومنعه في كتاب محمد.

ص: 400

وعليه أيضا قسمة الشركة فيما ملكاه من معدن الذهب والفضة كيلا، فإن قلنا هى بيع من البيوع فيحاذر فيه الوقوع فى الربا فلا يجوز، لأنه قد يصفو لأحدهما أكثر مما يصفو للآخر، أو أقل، وإن قلنا بأنها تمييز حق فيتساهل فى ذلك.

وكذا ينبنى على هذا الأصل أيضا ما أشبه ذلك كما إذا اقتسما ثمرا فى رءوس الشجر وأجيح ما أخذه أحدهما، فعلى أنها تمييز لا جائحة، وعلى أنها بيع يوضع فيه الجائحة وهو ظاهر قول ابن القاسم.

وكما إذا اقتسما الأصول دون الثمر، ثم اقتسما الثمر فجاء ثمر هذا فى أصله هذا فعلى أنها تمييز السقى على صاحب الثمرة وهو قول سحنون وعلى أنها بيع السقى على صاحب الأصل، وهو ظاهر قول ابن القاسم فى المدونة ثم هذا الخلاف إنما هو فى قسمة الحكم والإجبار، وهى قسمة القرعة، وفى قسمة المراضاة بعد التعديل والتقويم، وأما المراضاة بغير تعديل وتقويم فلا خلاف فى كونها بيعا من البيوع.

الشيخ أبو الحسن: واختلف فى الوجه الأول على ثلاثة أقوال:

فقيل: انها تمييز حق.

وقيل: إنها بيع من البيوع.

والقول الثالث: الفرق بين قسمة القرعة بعد التعديل والتقويم، فتكون تمييز حق وبين قسمة مراضاة بعد التعديل والتقويم فتكون بيعا من البيوع.

ص: 401

قال /98 - ب بعض الشيوخ: وهذا هو الصواب.

عياض: وهو تمييز حق على الصحيح من مذهبنا وأقوال أئمتنا، وإن كان أطلق عليها مالك أنها بيع، واضطرب فيها قول ابن القاسم، وسحنون ولا خلاف فى لزومها إذا وقعت على الوجه الصحيح.

قال بعض الشيوخ: اختلف هل هى بيع أو تمييز حق ولا شك لذا ورثا فدانين فأخذ كل واحدد منهما فدانا أن نصف الفدان له بالأصل والنصف الآخر عوض عن النصف الذى له فى الفدان الآخر، فهل يغلب حكم المعاوضة فتكون بيعا أو لا، فتكون تمييز حق؟

الشيخ أبو الحسن: إذا نظرت إلى الجبر فيها أشبهت أن تكون تمييز حق وإن نظرت إلى المعاوضة أشبهت أن تكون بيعا انتهى.

بعض الشيوخ: يظهر لى أن هذا الخلاف مبنى على الخلاف الذى فى تمييز الجزء المشاع فمن قال هى تمييز حق بناء على أن الجزء المشاع يتميز، ومن قال هى بيع بناء أنه لا تمييز.

قوله: "صدر" أى وقع، فهى نعت لبيع وفى بعض النسخ حضر، وذلك قريب.

قوله: "فى قسم أضحاة" متعلق بعلم أى علم هذا الأصل فى قسم أضحاة - إلى آخره -.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى القسمة هل هى بيع أو تمييز حق فإذا اشترى أحد الورثة قدر ماله من الحلى وكتبه على نفسه وتفاصلوا فإن قلنا بالتمييز جاز، وإن قلنا بالبيع امتنع لتراخي المحاسبة.

ص: 402

قال في المدونة: ولأنه لو تلف بقية المال لرجع عليه المشترى فيما أخذ.

[ص]

215 -

هل تقبض اليد وتدفع معا

وهل يكون قابضا ما صنعا

216 -

كمال محجور لأول عرف

للثان أجر صنع مصنوع تلف

[ش]

اشتمل كلامه على أصلين:

الأول: اليد الواحدة هل تكون قابضة دافعة؟.

وعليه مسألة الولى على محاجير ببيع طعام أحدهم من الآخر ثم يبيعه أيضا من آخر من غير قبض آخر حسى، فقد صارت يده قابضة دافعة.

ابن الحاجب: ولا يقبض من نفسه لنفسه إلا من يتولى طرفى العقد كالأب فى ولديه /99 - أوالوصى فى يتيمه.

ابن عبد السلام: وفى النفس شئ من جواز هذه المسألة ولا سيما والصحيح فى المذهب أن النهى عن بيع الطعام قبل قبضه متعبد به، وأصول المذهب تدل على جريان الخلاف فيها والأقرب منعها انتهى.

وسلمه فى التوضيح وقال ابن عرفة: قوله: فى النفس من ذلك شيء، ليس كذلك لوضوح جريه على قوله فى المدونة: وإن اشتريت طعاما فأكلته لنفسك ورجل واقف على غير موعد فلا بأس أن تبيعه منه على كيلك، أو على تصديقك فى الكيل إن

ص: 403

لم يكن حاضرا ولم يكن بينكما فى ذلك موعد.

قال ابن عرفة: فعلم المبتاع كيله بحضوره ودوام علمه بعد شرائه يتنزل منزلة كيله إياه بعد شرائه فيلزم مثله فى مسألتى الأب والوصى.

ابن يونس: قال محمد: وروى أنه لا يأخذه بحضوره كيله ولا تصديقه فيه.

قال فى المدونة فى الرهن: وليس للوصى أن يأخذ عروض اليتيم بما أسلفه رهنا إلا أن يكون تسلف لليتيم مالا من غيره أنفقه عليه، ولا يكون أحق بالرهن من الغرماء، لأنه حائز من نفسه لنفسه، وهو والغرماء فى ذلك سواء وعورضت بجواز حوزه من نفسه لنفسه إذا تصدق بدار على يتيمه.

وأجاب أبو إبراهيم: بأنه فى مسألة الرهن حاز من نفسه لنفسه وفى مسألة الصدقة حاز من نفسه لغيره، وعلى هذا لو حاز من يتيم ليتيم آخر جاز وهو اختيار اللخمي، خلاف ما حكاه عبد الحق عن بعض شيوخه.

قال عبد الحق: ولا تعارض مسألة الرهن هذه بما وقع فى المدونة، ولابن عم ونحوه تزويجها من نفسه بذلك وترضى وتولى الطرفين لأن هذا لابد فيه من رضاها فإن كان مجبرا فلابد من رضى الحاكم.

ومن جملة ما يكون فيه الحق من نفسه لنفسه إذا ارتهن مستأجرا عنده أو مساقا فى يده أو دينا فى ذمته وقد مر أن هذه القاعدة ترجع إلى قاعدة اعتبار جهتى الواحد فيرجع اثنين وقد تقدمت فروعها.

ص: 404

قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى اليد الواحدة هل تكون دافعة قابضة /99 - ب أو لا؟ ابن بشير وهو الذى يعبر عنه أصحابنا باختلاف النية هل يؤثر مع اتحاد اليد أو لا؟

وعليه الخلاف فى بيع المقبوض على التصديق على ذلك.

وعليه جواز اقتضاء طعام المسلم على تصديق المسلم إليه، بخلاف بيع النقد فإنه فيه جائز، والقرض فإنه ممنوع انتهى.

قال بعض الشيوخ: فتأمله فهو الذى رد به ابن عرفة على ابن عبد السلام.

وقال عز الدين فى قواعده: يقوم الواحد مقام الاثنين فى مسائل منها: بيع الأب من ابنه المحجور واشتراؤه منه.

ومنها: من قدر على عين ما غصب، له أخذه، فقام مقام قابض ومقبض.

ومنها: المضطر فى المخمصة إذا وجد طعام أجنبى أخذه، فقام مقام مقرض ومقترض.

[ومنها: الملتقط يتملك اللقطة فقام مقام مقرض ومقترض].

ومنها: تملك الغانمين الغنيمة وأكلهم وعلف دوابهم.

ومنها: تملك السارق ما سرقه من دار الحرب.

ومنها: تملك الإمام بإرقاق رجال المشركين.

قوله: "كمال محجور لأول عرف" الكاف اسم مبتدأ وخبره عرف، وبه يتعلق الأول أى مثل محجور عرف لأصل أول، ولو عرَّفه باللام منقول حركة الهمزة لكان أحسن ويحمل أن يكون مبنيا على الضم منوى المضاف إليه أى عرف لأول الأصلين السابقين، ويدل على هذا من نفسه، وتولى طرفى عقد النكاح وشبه ذلك.

ص: 405

الأصل الثاني: المصنوع هل يكون قابضا للصنعة وإن لم يقبضه ربه أو لا يستقل بقبض الصنعة إلا بقبض ربه.

وعليه خلاف ابن المواز وابن القاسم فى وجوب الأجرة إذا ثبت ضياع المصنوع وهى مسألة تلف المصنوع عند الصانع المنتصب [بعد حصول الصنعة فيه هل على ربه الأجرة وهو قول ابن المواز بناء على أن المصنوع قابض] للصنعة، أو لا أجرة عليه وهو قول ابن القاسم، بناء على أن المصنوع لا يكون قابضا للصنعة /100 - أ.

[ص]

217 -

وهل على أمانة يخرج ما

بذمة بالأمر كالذ أسلما

218 -

وأمر الغريم بالكيل فضاع

بعد بزعم كقراضه وباع

[ش]

أى الأمر هل يخرج ما بالذمة إلى الأمانة فيرتفع الضمان أم لا؟.

ابن بشير: وهما على الخلاف المتقدم فى كون النية مؤثرة مع بقاء اليد، ويقال أيضا من أمر أن يخلى ذمته ويخرج إلى أمانته هل يبرأ بذلك أم لا؟

وعليه من قال لن اسلم اليه فى طعام: كله لى فى غرائرك، فقال: كلته وضاع ولم تقم بينة على الكيل ومذهب المدونة الضمان فإن قامت بينة أو صدقه فلا ضمان، ومن أمر أن يصرف دينا عليه ويعمل به قراضا وهو لا يجوز فإن فعل ثم ضاع، فعلى أن من أمر بالإخراج من الذمة إلى الأمانة لا يبرأ بذلك يلزم المقارض الضمان وهو

ص: 406

مذهب المدونة وعلى أنه يبرأ لا يلزمه ضمان وهو مذهب أشهب.

وعورضت مسألة الغرائر المذكورة بقوله فى الوكالات: من أمر أن يشترى لؤلؤا ويدفع فقال: اشتريت وضاع، القول قوله والصحيح عند شيوخ المدونة أنه اختلاف قول إذ لا فرق بين عمارة الذمة وإخلائها. وفرق بعض القرويين بينهما بأن (الضياع فى) مسألة اللؤلؤ إنما هو فى عوض ما ترتب فى الذمة، وفى مسألة الغرائر الضياع فيما ترتب فى الذمة، ويوافق مسأله اللؤلؤ فى الحكم قوله فى كتاب الدور والأرضين: من اكترى دارا فأمر أن يسطح من كرائها، فقال: فعلت يصدق إن كانت مرة جديدة، ويوافقها أيضا قوله فى كراء الرواحل: من أمر بتبليغ كتاب فقال: فعلت: يصدق أن كان الأمر يبلغ فيه ويوافق مسألة الغرائر قوله فى البيوع الفاسدة: وإن أمرته أن يكيلها لك فى غرائرك، أو فى غرائره وأمرته أن يرفعها وفارقته، فزعم أنه فعل وأنها ضاعت، فإن صدقته فى الكيل، أو قامت له بينة صدق وإلا فلا.

ومسألة القراض المذكورة تخالف مسألة اللؤلؤ، ومسألة كتاب الدور والأرضين المذكورة. قال فى المدونة فى مسألة القراض بدين على القارض (

.) إلا أن يقبضه منه ثم يعيده فجعل التهمة /100 - ب تزول بالقبض وإن عاده إليه بالقرب. ونحوه قوله في السلم

ص: 407

الأول: من له على رجل دين فقال له: أسلمه فى طعام لم يجز حتى يقبضه منه ثم يرده إليه وخلافهما قوله فى الصرف: من قبض من رجل دينا له عليه فلا يعده إليه مكانه سلما فى طعام أو غيره وفيه من أسلم إلى رجل دراهم ثم قضاه دينا له عليه بحدثان ذلك لم يجز.

أبو الحسن الصغير: والفرق أنه فى مسألتى القراض والسلم أخرج من ذمة إلى أمانة وفى مسألتى الصرف من ذمة إلى ذمة، وقريب منه لأبى محمد اللولى وفى طرة من الأم بخط المؤلف على هذا المحل ومن فروع هذا مسألة عزل عشر زرع، وإنفاق كراء دار فى مرمتها، ومستأجر على تبليغ كتاب ومبتاع سلعة بثمن على أن يتجر به سنة انظر الزكاة والدور والرواحل والإجارات، ومن عليه دين فقال له ربه: ابتع لى عبداً به فقال له بعد: قد فعلت.

ابن القاسم: يصدق، غيره: لا. انتهى.

وتقدير كلام المؤلف وهل يخرج ما بذمة إلى أمانة بالأمر، كالذى أسلم فى طعام وأمر الغريم وهو المدين بالكيل فى الغرائر فضاع المكيل بعد، أى بعد الكيل بزعم من المدين أى لم تقم على الكيل بينة.

قوله: "كقراضة، أى قراض الغريم الذى هو المدين، وباع أى عمل به.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى الأمر هل يخرج ما في

ص: 408

الذمة إلى الأمانة فيرتفع الضمان أو لا؟.

كمن أمره أن يصرف دينا له عليه ويعمل به قراضه، فهذا لا يجوز فإن فعل ثم ضاع فعلى القاعدة، وكمن قال لمن أسلم إليه فى طعام: كله فى غرائرك، فقال: كلته، ولم تقم بينة.

[ص]

219 -

وهل إلى صحيح أصله يرد

أم نوعه ما استثنى الذى فسد

[ش]

يعنى وهل المستثنى الفاسد يرد إلى صحيح أصله أم إلى صحيح نوعه؟ فيه خلاف.

وعليه القراض الفاسد هل يرد إلى إجارة المثل وهو صحيح أصله، لأن أصله الإجارة، وهو مروى عن مالك، وبه قال ابن حبيب وجماعة /101 - أخارج المذهب أو إلى قراض المثل [وهو صحيح نوعه] وهى رواية أشهب وقوله، وقول ابن الماجشون وسابع الأقوال لابن القاسم وهو المشهور وما فسد لزيادة أحدهما أو يشترط رب المال ما يخرج إلى نظره فأجرة المثل وما عداه كضمان المال، أو تأجيله فقراض المثل.

ص: 409

وكذا ينبني عليه المساقاة الفاسدة هل ترد إلى صحيح أصلها فيكون فيها إجارة المثل وهو الآتى على الأول فى القراض، أو إلى صحيح نوعه فيكون فيها مساقاة المثل وهو. الجارى على قول أصبغ.

وفى المقدمات قول ثالث. ولابن القاسم إن خرجا عن معنى المساقاة كاشتراطه زيادة من عين أو عرض، فأجرة المثل، وإن لم يخرجا كمساقاته مع ثمر أطعم أو اشتراط عمل ربه أو مساقاة مع بيع صفقة، أو سنة بكذا وسنة بكذا، فمساقاة المثل.

والقولان الأولان فى القراض الفاسد هما الجاريان على القياس، وباقى الأقوال السبعة استحسان، والحاصل أن صورة الفساد أن أبعدت العقد عن معنى القراض كثيرا رجع الأمر إلى الإجارة وألغى قصدهما إلى القراض، وان كان الخروج عن معنى القراض قريبا رد إلى قراض المثل، والاختلاف فى آحاد الصور اختلاف فى شهادة، وكذا المساقاة الفاسدة.

ابن الحاجب: فى قرض الجارية فإن وطئ وجبت القيمة على المنصوص، وقيل: المثل، بناء على أن المستثنى الفاسد يرد إلى صحيح أصله أو صحيحه.

ابن عبد السلام: أى هل يصح برده إلى الأصل المستثنى منه أورد إلى صحيح نفسه.

ابن هارون: أى يرد إلى صحيح أصله وهو البيع الفاسد أو إلى صحيحه وهو القرض الصحيح.

ابن عرفة: وحكى بعض من لقيناه أن الأشياخ بتونس كانوا يعبرون عن هذا فى إقرائهم - ومذاكرتهم هل يرد إلى فاسد أصله أو صحيح نفسه

ص: 410

قال: وكان بعض فقهاء اطرابلس ينقد عبارتهم هذه، ويقول: كيف يرد الفاسد لفاسد أصله فيصحح الفاسد بالفاسد.

ابن عرفة: وكنت أجبته بأن قولهم ذلك على حذف مضاف /101 - ب دل السياق عليه تقديره إلى تصحيح فاسد أصله. والتصحيح به لو حمل الكلام عليه عندى أصوب من عبارة ابن الحاجب لتعذر صدق ظاهرها رده إلى نفس صحيح أصله وصحيح أصله إنما حكم إمضائه بالثمن المسمى، وهذا فى القرض الفاسد متعذر تصورا وتصديقا، فتأمله انتهى.

قلت: وحاصله ميله إلى عبارة الأشياخ بتونس، وكذا خليل فى التوضيح قال: والصواب لو قال: إلى فاسد أصله أو إلى صحيح نفسه، لأن الواجب فى صحيح أصله الثمن لا القيمة صح منه.

وما أورد على العبارة أجاب عنه ابن عرفة بما سبق.

وكذا ينبنى عليه القرض الفاسد هل يرد إلى صحيح أصله وهو قول أصبغ، وهذا هو المشهور أو إلى صحيح نوعه وهو القرض فيجب المثل وهو اختيار ابن محرز.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: كل أصل متقرر فى الشريعة جار على القياس فإن فاسد عقده يرد إلى صحيحه، فإن كان مستثنى عن الأصول وإنما أجيز رخصة فهل يرد إلى صحيح ذلك المستثنى إذا فسد أو إلى صحيح ما استثنى منه، قولان للمالكية نظرا إلى تقرر حكمه أو فوات المقصود منه كالقرض والقراض والجعل والمساقاة.

وقال أيضا: قاعدة: إذا تأكدت أسباب الفساد فى المستثنى بطلت حقيقته فرد إلى صحيح أصله وإن لم تتأكد لم تبطل فيعتبر هذا مثال الفرق بين ما يرد إلى القراض

ص: 411

والمساقاة الفاسدين إلى إجارة المثل، وما يرد إلى قراض المثل ومساقاته وهو مشهور أقوال المالكية فيهما انتهى.

وتقدير كلام المؤلف، وهل ما استثني، أعنى الذى فسد يرد إلى صحيح أصله أم إلى صحيح نوعه [كالقراض الفاسد، هل فيه قراض المثل، وهو رده إلى صحيح اصلى أو إجارة المثل، وهذا رده إلى صحيح نوعه] إذ القراض والمساقاة، والجعل مستثناة من الإجارة الممنوعة لما فى الأولين من جهل الإجارة، وفى الأخير من جهل العمل، وكالقرض فى العين والطعام لاستثنائه من /102 - أربا النسيئة فى العينين، والطعامين، والضمان يجعل فى العرضين إذ له رد العين ما لم يتغير وإن انتفع به وهو فى ضمانه.

فصل

أى في تقسيم الشروط، لكن لم يتبين وجه إدخاله فى هل الأصل قاعدتى الظن والشك، ونما ذكرهما القرى فى فصل الطهارة.

[ص]

220 -

هل شرط ما لا يقتضى الفسادا

إن خالف الحكم اعتبارا قادا

221 -

كرجعة نفى الرجوع واعتصار

ونفيه ضمان رهان ومعار

222 -

ونفيه وشهروا لا فى الذى

خالف سنة العقود فاحتذى

223 -

كمودع ضمن واكترا

وشبه ذين وابن زرب رأى

224 -

خلا تبرع بعيد العقد

والزم القراض بعد القيد

225 -

به ولابن بشير التزامه

تلميذه نصيره حسامه

226 -

وغيره أنكره ومنعا

ولكلا الرأيين مبني سمعا

ص: 412

[ش]

أي اشتراط ما يوجب الحكم خلافه مما لا يقتضى فسادا هل يعتبر أو لا وعليه اشتراط الرجعة فى الخلع، فقيل: بائن للعوض، وشرطه لا ينفع وهو مذهب المدونة.

وقيل: رجعية للشرط، وهو عن مالك وسحنون ومن اشترط أن لا رجوع له فى الوصية فاللتونسى فى كتاب التدبير اعماله وللمتأخرين فى إعماله، ثالثها: يعمل فى الوصية بالعتق لا غير.

ومن اشترط الاعتصار فى الصدقة، أو التزم عدمه فى الهبة فلابن الهندى والباجى فى وثائقه إعمال الشرط فى الصدقة، وقيل لا.

ومن إشترط الضمان فيما لا يغاب عليه [من العوارى والرهان، ونفيه فيما يغاب عليه] منهما ففى المدونة إعمال شرط فى الرهن ويتخرج فيه قول بالضمان، ولمالك وكثير من أصحابه عدم إعماله [فى العارية ويتخرج فيها قول بإعماله.

وعن ابن القاسم عدم إعمال شرط النفى فى الرهن وعن أشهب إعماله.

ص: 413

وعنهما إعماله فى العارية، ولابن شاس عنهما عدم إعماله].

ومن اشترط الضمان /102 - ب فى الوديعة والقراض والمستأجر، ومن اشترط أن - لا قيام بجائحة.

قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: نص الفقهاء - رضى الله تعالى عنهم - على أن التزام ما يخالف سنة العقود شرعا، من ضمان أو عدمه ساقط على المشهور كالوديعة على الضمان والاكتراء كذلك، وحمل القاضى محمد بن ييقى بن زرب رحمه الله ما قالوه على ما إذا كان الالتزام عند العقد، حتى يكون ذلك على الوجه المناقض للشرع، فيجب حينئذ أن يبقى الحكم تابعا للمشروع.

قال ابن زرب: فلو تبرع بالضمان -[وطاع به بعد تمام الاكتراء لجاز ذلك، قيل له فيجب على هذا القول الضمان] فى مال القراض إذا طاع به قابضه بالتزام الضمان.

فقال: إذا التزم الضمان طائعا بعد أن شرع فى العمل فما يبعد أن يلزمه.

ونقل ابن عتاب عن شيخه أبى المطرف بن بشر: أنه أملى عقدًا بدفع الوصى مال السفيه قراضا إلى أجل على جزء معلوم، وأن العامل طاع بالتزام ضمان المال وغرمه وصحح ابن عتاب مذهبه فى ذلك، ونصره بحجج بسطها وأدلة قررها ومسائل استدل بها، وقال بقوله فيها، واعترض غيره من الشيوخ ذلك وأنكره، وقال التزامه غير جائز.

وفى سماع ابن القاسم ما يشهد لصحة الاعتراض على ابن بشر وفى رسم الجواب

ص: 414

من سماع ابن القاسم ما يؤيد صحة قوله. انظر أحكام ابن سهل انتهى.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اشتراط ما يوجب الحكم خلافه هل يعتبر أو لا؟ اختلفوا فيه، كمن شرط الرجعة فى الخلع، فقيل بائن للعوض. وقيل: رجعية للشرط.

قوله: "هل شرط ما لا يقتضى الفساد" - البيت - أى هل شرط ما ذكر قادا أعتبارا أم لا؟ أى استلزم اعتبارا أم لا؟.

قوله ["واعتصار ونفيه" أى اعتصار الصدقة، ونفى اعتصار الهبة].

قوله "ضمان رهن ومعار ونفيه" أى ضمان ما لا يغاب عليه من الرهن والعارية ونفى الضمان فيما يغاب عليه منهما. قوله " وشهروا لا فى الذى خالف سنة العقود [فاحتذى كمودع ضمن واكترا أى" شهر الفقهاء عدم الاعتبار فى الشرط الذى خالف سنة العقود] فاتبعهم واقتد بهم، كالوديعة /103 - أأو الكراء على الضمان. قوله:"وابن زرب رأى خلا تبرع بعيد العقد" أى وابن زرب رأى عدم الاعداد إلا أن يتبرع بالشرط بعد العقد فإنه يعتبر. قوله "والزم القراض بعد القيد به، إشارة إلى قوله فى إيضاح المساللك: قيل له - إلى آخره أى والزم ابن زرب بعد أن قيد الاعتبار بالطوع بعد العقد الضمان فى مال القراض إذا طاع به قابضه.

قوله: "ولابن بشر التزامه تلميذه نصره حسامه" أى ولأبى المطرف بن بشر شيخ ابن عتاب التزام ما ألزم ابن زرب من ضمان القراض إذا طاع به بعد العقد ولم يذكر المؤلف التزام ابن زرب بعد أن قيد الاعتبار لما الزمه، لكن إنما التزم ابن زرب جواز الطوع إذا طاع بعد الشروع، وهو ظاهر، لأن القراض لا يلزم بالقول على المشهور والطوع بعد العقد وقبل الشروع فى العمل كالشرط فتأمله. وتلميذه الذى نصر مذهبه هو ابن عتاب، وحسامه بدل

ص: 415

من تلميذه، أو من فاعل نصره، أو هو الفاعل، أى تلميذ ابن بشر نصر بن بشر حسامه، أى حسام ذلك التلميذ استعارة لابن عتاب لما بسط من الحجج وقرر من الأدلة التى هى لوضوجها وقوتها قاطعة للنزاع إذ الحسام السيف القاطع وعلى كونه هو الفاعل يكون مستعيرا للدليل الذى أقامه التلميذ.

قوله: وغيره أنكره ومنعا، إشارة إلى قول إيضاح المساللك: واعترض غيره من الشيوخ ذلك وأنكره، أو قال التزامه غير جائز.

قوله: "ولكلا الرأيين مبنى سمعا" أى ذكر أولا، وهو الأصل المتقدم، أو أراد بالمبنى ما مر من سماع ابن القاسم.

[ص]

227 -

هل شرط ما يوجبه الحكم منع

كهبة وعدة وما نزع

228 -

لأم ولدإن تزوجت

[ش]

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى تأثير اشتراط ما يوجبه العقد فى الفساد، واستقرئ تأثيره من قوله فى المدونة: وإن باع سلعة بنصف دينار إلى أجل واشترط أن يأخذ به إذا حل الأجل دراهم لم يجز /103 - ب.

قلت: والقاعدة المعروفة له فى المدونة أنه إنما ينظر إلى الأفعال لا إلى الأقوال ولذلك تلغى الدراهم التى ذكرها السمسار إذا كانت العادة أن البيع بالدنانير، أو اشتراط ذلك، وأما المسألة المتقدمة فوجهها أن جزء الدينار عنده ذهب فلا تتعين الدراهم، قبل الحكم، لإمكان أن يضرب ذلك الجزء كما فى زمننا فيتفق عليه، فالبيع عليه معلوم، وعلى صرفه مجهول، وان عين الدراهم فصرف مستأخر فليس من شرط ما يوجهه الحكم مطلقا، وبهذا يقع الجواب عمن قال: كيف تحكمون بجعل النقد فى الشورة ويمتع الزوج بذلك مع الزوجة، وهو لو شرط ذلك لم يصح، والقاعدة أن العرف كالشرط والغالب مقدم على الأصل، ومن ثم

ص: 416

قال عبد الحميد وغيره:

لو كان الغالب التعامل على الفساد لكان القول قول مدعيه كما وقع لسحنون فى المغارسة وقيدوا بذلك، قوله فى المدونة: أن القول قول مدعى الصحة كما نزلوه على أن الاختلاف فى ذلك لا يؤدى إلى الاختلاف فى زيادة الثمن ونقصانه فإن ادعى فحكمه حكم الاختلاف فى قدر الثمن، قال المازري:

قال المتأخرون: كل معنى يؤدى إلى الاختلاف فى الثمن فحكمه حكم الاختلاف فيه كالأجل وشرط الرهن، والحميل والخيار انتهى.

قوله "كهبة" يعنى هبة الثواب وذلك ما إذا قال: أهبك بشرط الثواب أو على أن تثيبنى ولم يعين الثواب، فصححه ابن القاسم، ومنعه عبد الملك ولو عين الثواب كان بيعا وإن وهب وسكت، وعلم منه قصد الثواب جاز اتفاقا فإذا شرط الثواب ولم يعين فقد شرط ما يوجبه العقد أن لو سكت عنه.

ووجه قول ابن القاسم: أن هبة الثواب مبنية على المكارمة، ولأن الشرط كالعرف ووجه قول عبد الملك أنه كبيع سلعة بقيمتها وذلك جهل بالثمن.

ص: 417

قال أبو عمرو بن الحاجب: وإذا صرح بالثواب فإن عينه فبيع وإن لم يعينه فصححه ابن القاسم، ومنعه بعضهم للجهل بالثمن ويدخل فى الهبة من وهب لولده الصغير واشترط /104 - أهو قبضه الصغير كرهه ابن القاسم، والحكم يوجب ذلك.

قوله "وعدة" اشارة إلى بيع الدار فى عدة الوفاة [وذلك أنه لا يجوز للزوج بيع الدار فى عدة الطلاق أن كانت بالإقراء ويجوز أن كانت بالأشهر] للعلم بقدر العدة، ولذا يجوز فى المتوفى عنها إذا لم يقع شرط زوال الريبة، فإن بيعت وارتابت فهى أحق بالمقام، وللمشترى الخيار فى أن يرد أو يتماسك ويصبر إلى انقضاء العدة.

وقال ابن القاسم فى العتبية: لا خيار له. وبه قال سحنون قال: لأنه كالذى دخل عليه، والبيع بشرط زوال الريبة فاسد خلافا لسحنون والحكم كان يوجب ذلك أعنى أنها تسكن إلى انقضاء العدة وزوال الرية، وهذه مسألة المؤلف.

قال الشيخ بن عرفة: وقول ابن الحاجب: والبيع بشرط زوال الريبة فاسد خلافا لسحنون، لأنه دخل على العدة. قال الباجى: بناء على الخيار وإلا فلا أثر للشرط.

ظاهره أن قول سحنون نص له، وليس كذلك، إنما هو تخريج للباجى على قول سحنون، كذا هو للباجي، وهو بناء على أن كل ما يقتضيه العقد يجوز شرطه وفيه بحث تقدم فى الصرف.

قوله "وما نزع، لأم ولد أن تزوجت" هى من أوصى لأم ولده بألف على أن لا تتزوج، والحكم أنها أن تزوجت نزعت منها الألف وردت للورثة، ولم يراع سلف جر نفعا، ولو شرط أنها أن تزوجت نزعت، فسد، لأنه سلف جر نفعا، فجعل الشرط يفسد، وهي في الوصايا

ص: 418

الأول من المدونة. وفى طرة بخط المؤلف على قوله فى مختصر المنهج: هل لذى وفاق معتبر، أى شرط صاحب وفاق للحكم، بمعنى أن شرط ما يوجبه الحكم هل يعتبر أم لا؟ كشرط بقاء ذات عدة فى دار الميت على مشتريها طولها، وإيصاء بألف لأم ولد على أن لا تتزوج فترد للورثة إن تزوجت، ولم يراع نفع سلف بخلاف شرط الرد ونحو ذلك.

قوله "لأم ولد" هو بسكون لام ولد لضرورة الوزن وهو بضم الواو وسكون اللام لغة.

[ص]

وهل

يوفى بشرط لا يفيد أم بطل

229 -

کثمر شيء نسله بعينه

كضامن ومشتر بعينه /104 - ب

230 -

والرهن بالتعيين فيها کالکرا

کثيب بيعت فتلغى بکرا

231 -

والعبد والوکيل إلا ليمين

وشبهها تخريج لخمى يبين

232 -

في الخلع الاختلاف مما ذکرا

صححه نجل بشير ويرى

233 -

غير به فائدة الخوف

[ش]

أى اشتراط ما لا يفيد هل يجب الوفاء به أم لا؟.

وعليه إذا أراد من أسلم إليه فى ثمر حائط بعينه أو نسل حيوان بعينه أن يعطى الثمر والنسل من غيرهما على الصفة.

وإذا باع على حميل بعينه غائب فلم يرض الحميل، ورضى المشترى أن يأتى بحميل مثل الأول، هل يلزم البائع قبوله، إذا كان مثله فى الثقة والوفاء وقلة اللدد أو لا.

[وإذا باع بدنانير أو دراهم بعينها، فأراد المشترى أن يعطيه غيرها هل له ذلك أو لا؟].

ص: 419

وإذا باع على رهن يعينه غائب فهلك الرهن فى غيبته فهل للمبتاع أن يأتى برهن سواه ويلزمه البيع أو لا؟ وهو المشهور ومذهب المدونة فيهما أن لا وهما على القاعدة واشتراط المكرى داره على المكترى أن لا يسكن داره إلا بعدد معلوم فأراد المكترى الزيادة فى العدد فهل يمكن من ذلك أن لم يلحق صاحب الدار منه ضرر أم لا؟

ومن اشترى أمة على أنها ثيب فألفاها بكرا، أو عبدا أميا فألفاه كاتبا، أو جاهلا فألفاه عالما.

وإذا وكله على البيع بعشرة فباع باثنى عشر أو قال: بع بنسيئة فباع بنقد، هل له الرد أم لا؟.

المقرى: والحق أن لا رد للعادة إلا أن يتبين غرضه فى النسيئة ومن خالعته على ثلاث فطلق واحدة، والمذهب أن لا كلام لها، وصحح ابن بشير تخريج اللخمى الخلاف على القاعدة، واختار بعضهم أنه شرط يفيد تقية غلبة الشفاعة لها فى مراجعته على كراهة منها، هذا نص إيضاح المسالك، وعنى بالبعض المقرى وابن عبد السلام وعلل ابن الحاجب لزوم الخلع بأن مقصودها قد حصل يعني البينونة.

ص: 420

ونص اللخمي: وكذلك أن أعطته على أن يطلقها ثلاثا فطلقها واحدة، ينظر فإن كان عازما على طلاقها واحدة كان لها أن ترجع بجميع ما /105 - أأعطته لأنها لاثنتين أعطته، وإن كان راغبا فى إمساكها فأعطته على أن يطلقها ثلاثا جرت على قولين فيمن شرط شرطا لا ينفعه هل يوفى له به أم لا؟ ابن عبد السلام فى قوله جرت على قولين فى شرط ما لا يفيد: قد يقال فى هذا الوجه أنه من شرط ما يفيد لأنه أن كان راغبا فيها وهى كارهة كان مقصودها من إعطاء العوض البعد عنه على أتم الوجوه بحيث لا يبقى له فيها طلب وذلك إنما يحصل مع الثلاث، وأما الواحدة فقد يتوسل إلى مراجعتها بمن لا يمكنها رده، انتهى.

[المقرى: ولقائل أن يقول أن هذا يفيد تقية غلبة الشفاعة، لها فى رجعته على كراهة منها] انتهى.

وعليه أيضا تعيين الدنانير والدراهم بالتعيين وإليه أشار بقوله: "ومشتر بعينه" ويحتمل أن يكون ضمير بعينه عائدا على الضامن، فيكون إشارة إلى ما إذا اشترى على ضامن بعينه فلم يرض وحاصل الثلاثة أن من شرط عليه رهن بعينه أو ضامن بعينه أو نقد بعينه هل له أن يعطى غير المعين أم لا؟.

قوله: "كثمر شئ نسله بعينه" ثمر بالثاء المثلثة وسكن ميمه لضرورة الوزن أى كثمر حايط بعينه يرجع للثاني، وحذف نظيره من الأول، أو بالكسر. وضمير نسله يرجع لشيء، لا يفيد كونه ذا ثمر لاستحالته عادة، أى نسل شيء آخر فهو من باب عندى درهم ونصفه. ومعنى بعينه بذاته بخلاف قوله "ومشتر بعينه" فإن المراد بالعين فيه النقد وهو الدنانير والدراهم.

ص: 421

قوله: "فيها" أى فى المسائل الثلاث، قوله "كثيب، يدخل تحت الكاف شراء أمة على أنها كافرة فتوجد مسلمة.

قوله: "بكرا" وجدته فى بعض النسخ بكسر الكاف إتباعا للباء، وهذا يناسب القافية التى قبله، والسكون على الأصل.

قوله: "إلا اليمين وشبهها" هو راجع إلى مسألة الثيب والعبد والوكيل وشبهها، أى إلا اليمين وشبه اليمين يعنى إلا أن يشترط الثيب وما بعدها ليمين حلفها: ألا يشترى بكرا أو عبدا كاتبا أو عالما أو أن لا يبيع إلا بعشرة لا أنقص /105 - ب أو أزيد أو أن لا يبيع إلا نسيئة، أو ما أشبه اليمين، كما إذا كان شيخا كبيرا لا يقدر على افتضاض البكر، وما أشبهه.

قوله: "تخريج لخمى" - إلخ - يعنى أن اللخمى خرج من هذا الأصل وهو مراده بما ذكر الخلاف فى المختلعة تشترط على مخالعها أن يطلقها ثلاثا فطلقها واحدة، هل لها متكلم أم لا؟ والذهب لا متكلم لها.

وصحح ابن بشير تخريج اللخمى قال المقرى: ولقائل أن يقول: أن هذا يفيد تقية غلبة الشفاعة لها فى مراجعته على كراهة منها.

وقريب منه ما لابن عبد السلام.

وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: "ويرى غير به فائدة الخوف" أى وغير ابن بشير لم يصححه بل اعترضه بأن فى الخلع فائدة الخوف، أى فى شرطها فى الخلع فهو من شرط ما يفيد فلا يخرج على شرط ما لا يفيد، وتخريج مبتدأ.

ص: 422

وتنكير لخمي للتعظيم، ويبين، نعت للخمى أى للخمى ظاهر معروف بتحقيق الفقه وصحة النظر. وفى الخلع، متعلق بتخريج، والاختلاف مفعول تخريج، وبه يتعلق مما ذكر والخبر جملة صححه مجل بشير، أى تخريج اللخمى فى الخلع الاختلاف مما ذكر صححه ابن بشير، وغير اللخمى يرى فيه فائدة الخوف، ومثل مسألة الضمان المتقدمة إذا اشترط المتحمل له على حميل الوجه أن يحضر له غريمه ببلد سماه فأحضره بغيره من البلاد مما تأخذه فيه الأحكام، ولا مضرة تلحق المتحمل له فى أخذه هنالك يبرأ بذلك الحميل أم لا؟ اختلفوا فيه.

وكذا اختلف فى اشتراط المتحمل له على الحميل إحضار الغريم ببلد تأخذه فيه الأحكام فخرب ذلك البلد وصار مما لا تأخذ فيه الأحكام فأحضر الحميل الغريم فى البلد هل يبرأ الحميل، لأنه وفى بما اشترط عليه أو لا يبرأ، لأن المقصود حين الاشتراط التمكن من أخذ الحق من الغريم وإذا صار البلد المشترط لا تجرى فيه الأحكام بطل المقصود بالحمالة فلا تسقط.

قال الإمام أبو عبد الله المازرى رحمه الله أثر ذكره للخلاف فى مسألة البيع المتقدمة: إلا أن يعتل المشترى بأنه إنما اشترط كونها نصرانية لكونه أراد أن يزوج عبدا له نصرانيا منها، فإن هذا إذا علم منه صحة عذره كان /106 - أله الرد وكذلك إذا اعتذر بأنه سبقت منه يمين أن لا يملك مسلمة.

ص: 423

قال في إيضاح المسالك: تنبيه قيل للشيخ أبى بكر بن عبد الرحمن: أن النصرانية عند أهل صقلية أغلى ثمنا من المسلمة، فقال: إذا اشترط كونها نصرانية فوجدها مسلمة والأمر كذلك عندهم فإن له الرد، وأنا أستعظم أن أجعل الإسلام عيبا انتهى.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى لزوم الوفاء بشرط ما لا يفيد كمن خالعته على ثلاث فطلق واحدة، والمذهب لا كلام لها، وصحح ابن بشير تخريج اللخمى على القاعدة، ولقائل أن يقول أن هذا يفيد تقية الشفاعة لها على مراجعته على كراهة منها.

وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا فى اعتبار شرط ما لا يفيد. وما يبنى عليه تعيين الدنانير والدراهم بالتعيين أو الدفع.

ثالثها تتعين بتعيين الدافع، لأنه قد يعوزه وجود مثلها، والقابض تتساوى فى حقه فإن اختصت بحلية أو بمعنى يتعلق به غرض صحيح تعينت اتفاقا.

وقال أيضا: قاعدة: اختلفوا فى الوفاء بشرط ما لا يفيد، ومما بنى عليه إذا وكله على البيع بعشرة فباع باثنى عشر، أو قال بع بنسيئة فباع نقدا هل له الرد أو لا؟ والحق أن لا رد للعادة إلا أن يتبين غرض فى النسيئة.

وقال أيضا: قاعدة: التعيين لا يبطل الثمنية عند محمد، ولا يلحق الثمن بالمثمونات

ص: 424

فيتعين عنده بالتعيين وقال النعمان يطل ويلحق فلا يتعين.

[ص]

وهل ظن كمال كتحقق نقل

234 -

فى كزكاة وقضا

[ش]

أى وهل ظن كمال كتحقق أم لا؟ بمعنى أنه اختلف فى ظن كمال العبادة وتمامها هل هو كتحقق ذلك، وتيقنه على قولين حكاهما اللخمى فى الصلاة.

ابن الحاجب: ويبنى الظان على ظنه وقبله ابن راشد. ونازعه ابن عبد السلام فى ذلك ويشهد له، قول الباجى: مذهب مالك أنه لا يبنى إلا على اليقين، ومذهب أبى حنيفة البناء على الظن.

وعلى هذا الأصل مسألة من ظن أنه أكمل صلاته هل تجزيه أم يزيد واحدة كالشك ومسألة من ظن /106 - ب أنه أخرج الزكاة هل تبرأ ذمته بذلك أم حتى يتقيد الإخراج ومسألة من ظن أنه قضى ما وجب عليه من رمضان وشبه ذلك كسائر مسائل الشك التى سنذكرها.

قوله: "فى كزكاة" متعلق بنقل، أى نقل هذا الأصل فى زكاة وشبهها وقضاء، أو التقدير فى از كاة وقضاء وشبهها.

[ص]

والشك فى

نقص وزيد كتحقق قفى

235 -

فى ركعة شوط وفى الوضو خلاف

وكربا وفى طلاق واختلاف

ص: 425

[ش]

يعني أن الشك فى النقصان كتحققه وكذا الشك فى الزيادة كتحققها وينبنى على الأول مسألة من لم يدر ما صلى أثلاث ركعات أم أربعا؟ فأنه يأتى برابعة ويسجد بعد على المشهور.

والحديث، الصحيح يشهد للشاذ، وهو قول ابن لبابة فلا ينبغى العدول عنه.

ومسألة من شك فى بعض أشواط الطواف أو السعى فأنه يبنى على اليقين، ويأتى بما بقى.

ومسألة من شك فى الثالثة فى الوضوء، وفى كراهة الإتيان بها قولان.

وينبنى على الأصل الثانى - وهو أن الشك فى الزيادة كتحققها - مسألة الربا وهو قول الشيوخ: الشك فى التماثل كتحقق التفاضل فيما لا يجوز فيه التفاضل.

ومسألة من لم يدر أطلق واحدة أو اثنتين، أو ثلاثا ففى المدونة لزوم الثلاث.

وقيل واحدة رجعية.

ص: 426

وتقدير كلام المؤلف والشلك فى نقص كتحقق، وفى زيد كتحقق، قفى أى تبع ذلك فى ركعة - إلى آخره - والكاف الداخلة على كربا هى الفاصلة بين ما لكل قاعدة من القاعدتين، ولا أدرى لم يذكر المؤلف قاعدتى الظن والشك فى هذا الفصل وإنما ذكرهما المقرى فى فصل الطهارة وذلك هو المناسب، والله تعالى أعلم.

قال فى إيضاح المسالك: الشك فى النقصان كتحققه، ومن ثم لو شك أصلى ثلاثا أم أربعا؟ أتى برابعة، أو شك فى بعض أشواط الطواف أو السعى، أو شك هل أتى بالثانية فى الوضوء أم لا؟ وفيها بين الشيوخ تنازع. وهل ظن الكمال كذلك أم لا؟ قولان وهى قاعدة /107 - أالذمة عامرة فلا تبرأ إلا بيقين.

ومنها: الشك فى إخراج ما عليه من الزكاة، والكفارة والهدى، وقضاء رمضان والواجب غير العين بخلاف العين على المشهور. ومن شك فى قضاء ما عليه من الدين، وفى تحليف ربه إذ ذاك قولان، وعكس هذه القاعدة الشك فى الزيادة كتحققها.

ومنها: الشك فى حصول التفاضل فى عقود الربا، والشك فى عدد الطلاق، ومذهب الكتاب لزوم الثلاث وقيل: واحدة رجعية بناء على أنه تحقق التحريم وحل الرجعية مشكوك أو تحقق ملك الثلاث وسقوط اثنتين مشكوك انتهى.

وترتيبه أحسن من ترتيب المؤلف.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الظاهر من مذهب مالك أن المستنكح يلغى الشك ويرجع إلى الأصل، وقال المتأخرون من أصحابه يبنى على أول خاطريه، لكونه

ص: 427

فيه شبيها بالعقلاء، واعترض بأنه قد لا ينضبط لمن هذا شأنه فيرجع إلى الأصل، فليرجع إليه أولا.

وأجيب بأنه أصل أقرب فيتقدم وفيه بحث.

قاعدة: الشك فى أحد المتقابلين يوجب الشك فى الآخر.

فالشك فى الحدث يوجب الشك فى الوضوء، وهو نقيض ظنه. هذا مستند الوجوب وهو المشهور من مذهب مالك ولا يعارضه الحديث:"إذا وجد أحدكم فى بطنه شيئا فأشكل عليه هل خرج منه شئ أو لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" لأنه شك فى سبب حاضر لو كان لأدرك، فهو فى الحقيقة وهم. ألا ترى قوله فى الطريق الآخر (يخيل اليه أنه يجد الشيء فى الصلاة) وبه حملا على المستنكح.

قاعدة: المعتبر فى الأسباب والبراءة وكل ما تترتب عليه الأحكام العلم، ولما تعذر أو تعسر فى أكثر ذلك أقيم الظن مقامه لقربه ولذلك سمى باسمه {فإن علمتموهن مؤمنات} وبقى الشك على أصل الإلغاء، إلا أن يدل دليل على ترتب حكم عليه كالنضح، فلا عبرة بالشك فى الحديث فى إيجاب الوضوء ولا يقطع استصحاب الإباحة المتقدمة هذا مذهب الشافعى واستحب مالك له الوضوء، وسفيان المراجعة /107 - ب بالشك في الطلاق،

ص: 428

وأما إتمام الصلاة فالمعتبر عند الشافعى والباجى اليقين وعند النعمان وابن الحاجب الظن. ولعل مراد ابن الحاجب الظن الغالب الذى تسكن إليه النفس ويطمئن به القلب، إذ هو المراد من اليقين هاهنا لا العلم الذى لا يحتمل النقيض، لأن الأصل فى الصلاة عمارة الذمة المتيقنة، والأصل أن لا يجزئ بالظن وفى الوضوء البراءة المتيقنة ولا ترتفع بالشك.

قاعدة: اختلف العلماء هل ينقطع حكم الاستصحاب بالظن، وهو المحتار، أو لابد من اليقين؟ وهى فقهية أصولية.

ونص الباجى فى الصلاة أن مذهب مالك هو [الأول ومذهب أبى حنيفة هو الثانى].

وحكاية ابن الحاجب تدل على أن مذهبهما واحد، قال: ويبنى الظان على ظنه والشاك على الاحتياط وقد يقال أن مذهب محمد الظن، والنعمان اليقين، من اختلافهما فى القرء.

وللمالكية القولان، ويخرج عليه خلافهم فى المعتدة هل تحل بأول الدم الثالث أو حتى تستمر الحيضة وإتفقوا على إلغاء الشك وسقوط اعتباره مطلقا.

أما الوهم فمحرم الاتباع رأسا، فإن غلب تعين دفاعه، ففى الاعتقاد بالتلفظ بالإيمان بالشئ الموسوس فيه وفى الأعمال بما تقدم، وبما فى معنى ذلك مما ذكره العلماء مما لسنا إليه.

ص: 429

قاعدة: الشك في الشرط يوجد الشك فى المشروط.

ويبنى عليه الوضوء قال القرافى: ومن ثم جاز الدعاء بـ {ءاتنا ما وعدتنا} لأنه مشروط بحسن الخاتمة دون {لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا} لا أن أريد بالنسيان الترك وبـ {ما لا طاقة} البلايا.

قاعدة: إذا استند الشك إلى أصل كالحلف، وكان سالم الخاطر، أمر بالاحتياط وللمالكية فى وجوبه قولان، فإن لم يستند لم يجب على المعروف انتهى.

ونقلنا هذه القاعدة لتعلقها بكلام المؤلف فى الجملة.

فصل

يعنى في العطايا وما يتعلق بها.

[ص]

236 -

وما بغير عوض ينتقل

فحوزه حتما به يتكمل

[ش]

أى كل ما ينقل ملكه بغير عوض فلابد فيه من الحوز وبه يكون تمامه /108 - أكالهبة والصدقة والحبس، فلو مات المتبرع أو فلس قبل الحوز بطل التبرع، وفهم من قوله:"وبه يتكمل" أن العقد لازم قبل الحوز، وهو مذهب مالك رحمه الله.

قال ابن سهل: الأشياء التى لا تتم إلا بالحوز، الحبس، والصدقة، والهبة والعمرى والعطية والنحلة والعرية والمنحة، والهدية والإسكان، والإرفاق والعدة والإخدام، والصلة

ص: 430

والحبا والرهن انتهى. فما عدا الرهن من هذه داخل فى ضابط المؤلف وبقى عليهما معا السلف.

ولو قيل: كل عقد معروف يفتقر إلى الحوز، لشمل السلف، والرهن، يتبرع به بعد العقد، ويبقى ما انعقد عليه البيع ونحوه من الرهن واشترط فيه أن يكون أهلا للتبرع لأن الضمان قد يلزم منه تسليف الغريم ما فى ذمته.

والسلف عقد معروف، فالنحلة مرادفة للعطية، والعمرى: هى هبة غلة الأصول طول حياة المعمر، أو مدة معلومة والمنحة هى هبة غلة الأصول.

والإخدام: هبة خدمة العبيد والإرفاق: هو أن يرفق جاره بجدار أو سقى أو طريق، أو قاعة يبنى فيها ونحو ذلك ومن ألفاظ العطايا: الإفقار والإخبال فى الصحاح: أفقرت فلانا ناقتى، أى أعرته فقارها ليركبها وأخبلته المال، إذا أعرته ناقة لينتفع بلبنها ووبرها، أو فرسا يغزو عليها.

ابن الحاجب فى الهبة: وشرط استقرارها لا لزومها الحوز، كالصدقة، ثم قال: والعارية والقرض كالهبة في الحوز.

ص: 431

خليل: يريد وكل معروف كالعارية والمنحة والعمرى، والسكنى، والحبس ابن عبد السلام: واختلف فى الكفالة، والمشهور أنها لا تفتقر إلى حيازة.

ابن الحاجب: الضامن شرطه أهلية التبرع، فيصح ضمان الزوجة فى الثلث.

خليل: على أن الضمان عند أهل المذهب يكفى فيه الالتزام ممن حصلت له أهليته ولا يشترطون فيه الحيازة من جانب الآخذ، كما يشترط فى غيره من أبواب المعروف.

وهكذا فى المدونة ابن يونس؛ لأنها عطية للذى له الدين فلم تفتقر إلى القبض كحمل الصداق عن الزوج اللزوجة لا يبطل بموت الحامل، وحكى /108 - ب المازرى فى ذلك قولين فى المذهب:

أحدهما: أن عدم الحوز فيها كعدم الحوز فى الهبات.

والثانى: أنه بخلافها، لتعلق حق المتحمل له، صح، من التوضيح بعض الشيوخ:

وتظهر ثمرة ذلك، أى ثمرة الخلاف فى الضمان هل يفتقر إلى حيازة أو لا؟ فى الضامن إذا تحمل بشئ لأحد، وهو فى موضع لا تناله الأحكام، أو صار ممن لا تجرى عليه أحكام الشرع لتجبره، فإذا به بعد ذلك انتقل إلى موضع تناله الأحكام، أو صار ممن تجرى عليه الأحكام، فإن القائل بأن الضمان يشترط فيه الحيازة لا يوجب على الضامن غرما والقائل بأن الضمان لا يشترط فيه الحيازة، وهو المشهور يوجب عليه الغرم.

[ص]

237 -

تقرير أو انشاء وفاق وارث

[ش]

أى إجازة الورثة هل هى تقرير أو إنشاء عطية.

ص: 432

وعليه إجازة الورثة الوصية للوارث أو الزائد على الثلث، فعلى التنفيذ لا يفتقر إلى حوز وعلى أنه ابتداء عطية فيفتقر إلى الحوز قبل الحجر وهو المشهور.

وهى قاعدة المترقبات إذا وقعت هل يقدر وقوعها يوم الأسباب الذى اقتضت أحكامها: وإن تأخرت الأحكام عنها أم لا؟.

وعليه بيع الخيار لذا مضى، كما مر تقريره، وتقدير كلام المؤلف، وفاق وارث تقرير أو إنشاء [ولابد من تقدير الاستفهام، وجوابه أى هل وفاق وارث تقرير أو إنشاء] أو وفاق وارث هل هو تقرير أو إنشاء فيه خلاف.

قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: نص أبو عمران على أن للغرماء منع المفلس من إجازة الوصية للوارث وبأكثر من الثلث ولم يحك فيه خلافا وهو بين على القول بأن الإجازة إنشاء عطية وهو المشهور، والجارى على أنه تقرير أن لا يمنعوه، والله أعلم انتهى.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلف المالكية فى إجازة الورثة أهى تنفيذ أم ابتداء عطية، وعليه الحوز.

[ص]

وملحق العقد كهو أو حادث

238 -

فى ثمر مهر وصرف وسلم

زرع وخلافة وشبه قد علم

239 -

تنبيه اعلم أنهم لم يطردوا

ذا الأصل فى شرط نكاح يبرد /109 أ

240 -

والطبل والإنفاق والوظيف

تطوع الشريك والتسليف

241 -

ثنيا وإمتاع وطوع بعيوب

أو نقده الثمن فى اللائي تؤب

ص: 433

242 -

إلى جواز كخيار وكرا

جعل وغائب وشبه قررا

[ش]

أى الملحقات بالعقود هل تعد كجزئها أو إنشاء ثان؟ أو يقال هل تعد كأنها مصاحبة لها أو شئ حادث مستقل بنفسه، فيه خلاف؟ وعليها فروع ومسائل.

كالزيادة فى ثمن سلعة بعد العقد، وكاشتراء الثمرة بعد صلاحها، ثم الأصل هل فى الثمرة جائحة وهو المنصوص، أو لا تخريجا على الأصل، والقاعدة.

وكالزيادة فى الطعام المسلم فيه، كمن أسلم فى مائة فزاده بعد العقد مائة، ففى المدونة: يجوز لكثرة الزيادة، وعده كالواقع فى العقد وعن سحنون: يمتنع، لأنه هدية مديان فجعله مستقلا.

ابن الحاجب: والمزيد بعد الصرف كجزئه، وقيل كالهبة.

وكمن أسلم فى مائة قفيز فزاده مثلها قبل الأجل، فإن ألحقناه جاز وهو مذهب المدونة وإن قطعناه امتنع، لأنه هدية مديان، وهو مذهب سحنون.

ووجه مذهب المدونة بأنه رفع التهمة بالكثرة.

وكابتياع خلفة القصيل والثمرة، والزرع، ومال العبد بعد الأصل والرقبة، والمشهور فى ذلك كله الجواز.

ص: 434

وكالزيادة في صداق المرأة بعد العقد، والمشهور أنها تبطل بموت الزوج قبل قبض الزوجة، وتتشطر بالطلاق.

وكاشتراط ضمان المبيع الغائب على الصفة، عقب العقد على من ليس عليه من بائع أو - مبتاع حيث يجوز.

وكما لو وجب الخيار للمبتاع بعد البت باعتبار تعلق الضمان، أمن البائع أم من المبتاع فيه قولان أصلهما ما أصِّل.

قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: لم يطردوا هذه القاعدة فى مسائل كثيرة كشرط النكاح ونفقة الربيب وبيع الدور المطبلة والأملاك الموظفة والأمتاع والثنيا وتسليف أحد الشريكين صاحبه بعد العقد والشروع أو تطوعه بزيادة فى العمل أو فى المال أو فيهما بعد والطوع بعيوب المبيع بعد العقد وينفذ /109 - ب الثمن فى الخيار والعهدة والمواضعة والمبيع الغائب على صفة صاحبه، وبيع الحيوان والعروض البعيدة الغيبية على الصفة، ومسائل الجعل والإجارة على حرازة زرع، واشتراط تأخير دابة معينة لتركب بعد شهر، وكراء الأرض غير المأمونة كأرض الأندلس والمغرب، وكذلك الجنات والأرحى، والأرض المبيعة على التكسير، ومقتضى القول بأن الملحق بالعقد يعد كجزئه، فساد هذه العقود كما هى إشارة صاحب التوضيح فى مسألة الشركة مقتضى ذلك القول أيضا دخول طرو البراءة، وأقوالها العديدة الشتى

ص: 435

في الطوع بعيوب المبيع.

نعم أشار بعض أصحاب النوازل إلى عدم الزم فيها تخريجا على إسقاط الشيء قبل وجوبه، ومن نمطه فى المذهب المالكى كثير، وقد مر تقرير بعضه فى هذا الملخص، واستوفينا ما ورد من ذلك فى كتاب الطلاق، من كتابنا المترجم بالواعى لمسائل الأحكام والتداعى.

تنبيه: فى صحة تخريج هذا الشيخ على إسقاط الشئ قبل وجوبه نظر، لأن المخرج هنا وهو الطوع بالعيوب تمنع أن يكون من باب إسقاط الشئ قبل وجوبه [بل هو من باب إسقاط الشئ بعد وجوبه] وقبل العلم به فهو أقوى فتأمله.

وقد نحا القاضى أبو الوليد بن رشد رحمه الله إلى هذا المعنى فى نظيرة هذه والله أعلم انتهى.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: اختلفوا فى الملحقات بالعقود هل تعد كجزئها أو كالهبة فاذا قال بعد الصرف استرخصت فزدنى، فزاده، فإن تحقق الإلحاق كأن يزيده خشية الفسخ أو لإصلاح العقد ففى انتقاضه قولان وإلا جاز، ولم يجب بدله أن كان معينا وإلا وجب، ولم ينقض الصرف، وهذه قاعدة إلحاق ما بعد العقود بها أو قطعه عنها. ثم اختلفوا هل تعد كالمقارن أو لا؟ فإذا قام برد الزائف فأرضاه، فقال سحنون: القيام كالرد. بناء على الثانى، والمشهور الصحة بناء على الأول، والمنصوص أنه لا يجوز تعجيل خرص العرية المشتراة هى به إلا أن ينعقد /110 - أالبيع على التأجيل ثم يتراضيا على التعجيل. وخرج الخلاف فى المستثنى على القاعدة وقال الشافعي: يجوز التناجز.

وقال أيضا: قاعدة: الملحق بالعقد هل هو كالواقع معه فلا يفتقر إلى القبض أو لا

ص: 436

فيفتقر؟ قولان للمالكية. ثم قالوا: الزوج يرجع بنصف الزيادة بعد العقد. وهذا يدل على أنهم الحقوها بالصداق، أما الهبة للعقد فكسائر الهبات ولا يرجع بناصفها فى النكاح، لأن الطلاق من قبله وكان قادرا على التمادى.

قوله: "فى ثمر" يحتمل أن يقرأ بالراء فيكون إشارة إلى شراء الثمرة بعد صلاحها، ثم الأصل هل فى الثمرة جائحة أم لا؟ ويحتمل أن يقرأ بالنون، وهو الذى رأيته فى نسختين إحداهما بخط المؤلف، والأخرى نسخت من مبيضة المؤلف، فيكون إشارة إلى الزيادة فى الثمن، كالهر والصرف، ويؤيده ما فى إيضاح المسالك ونصه:

وكالزيادة فى الصرف وثمن السلعة وصداق المرأة بعد العقد.

قوله: "أو نقده الثمن فى اللائى تؤب إلى الجواز" أى تطوعه بنقد الثمن فى السائل التى ترجع إلى الجواز، أى التى هى بصدد الفسخ وانحلال العقد.

[ص]

243 -

هل جملة الملك ببطلان أحق

أو جهة أن دار بين ما سبق

244 -

وذا كمضطر وجابر الجار

وشركة الوقف وشبه جار

[ش]

أى الملك إذا دار بين أن يبطل جملة أو من وجه هل الثانى أولى؟ فيه خلاف.

وعليه المضطر إلى الطعام إذا وجب عليه أكل طعام الغير ووجب رفع يد مالكه عنه هل تلزمه قيمة أم لا؟ وإجبار الجار على إرسال فضل مائه على جاره الذى أنهدمت بئره وله

ص: 437

زرع يخاف عليه. والثمن أقرب إلى الأصل، وأجمع بين القاعدتين.

ومن ثم قال أشهب: لو قدر الربح قبل الحصول اجتمع تقديران، والتقدير على خلاف الأصل وإذا أدى عن غيره دينا صدق فى التبرع على الأصح.

وإذا قال: أعتقتك على مال، وقال العبد بغير شئ فقال فى الكتاب: قول العبد. وقال أشهب: السيد، كما لو قال: أنت حر وعليك كذا بخلاف الزوجة. ولهذا رجح بيع الحبس والتعويض به عند القيام بضرر الشركة على إبطاله رأسا خلافا /110 - ب للخمى، وهما قولان معروفان [هذا نص إيضاح المسالك.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: إذا دار الملك بين أن يبطل بالجملة أو من وجه فالثانى أولى، لأنه أقرب إلى الأصل، وللمالكية قولان: وعليهما المضطر إلى الطعام إذا وجب عليه أكل طعام الغير، ووجب رفع يد مالكه عنه هل تلزمه قيمته أو لا؟ وإذا أدَّى عن غيره دينا صدق فى التبرع على الأصح وإذا قال أعتقتك على مال. وقال العبد بغير شئ، فقال فى المدونة: قول العبد وقال أشهب: قول السيد، كما لو قال: أنت حر

ص: 438

وعليك مائة بخلاف الزوجة ولهذا رجحت بيع الحبس والتعويض به عند القيام بضرر الشركة على إبطاله رأسا وحكمت به خلافا للخمى، وهما قولان معروفان] للمالكية.

قاعدة: مسألة الكتاب المتقدمة تدور على أصول: منها: القواعد المتقدمة ومنها: اجتماع الإقرار والدعوى كما مر أيضا، ومنها: اعتبار الكلام بآخره وهو أصل لا ينبغى أن يعدل عنه إلا لمانع منه وإلا سقط الاستثناء والشرط ونحوهما. فإذا قال هذه الجبة للك وبطانتها لى أو هذا الزيت لك والجرة لى لم يقبل، وخاتم فضة لى نسقا يقبل، وفى ثوب فى منديل قولان. وهذا كله مذهب مالك.

قوله: "إن دار" أى الملك وما سبق بطلان جملته وذا بطلأنه من وجه فقط.

[ص]

245 -

هل يلزم الوفاء بالوعد، نعم

ولا نعم بسبب أو أن لزم

[ش]

أى هل يلزم الوفاء بالعدة أم لا؟ أربعة أقوال:

الأول: يلزم مطلقا وهو معنى قوله نعم، أى نعم يلزم.

الثانى: لا يلزم مطلقا، وهو معنى قوله: لا، أى لا يلزم.

الثالث: يلزم أن وقعت على سبب [وهو معنى قوله: نعم بسبب أي مع سبب.

ص: 439

الرابع: يلزم أن وقعت على سبباً ودخل فى ذلك السبب بخلاف غير الواردة عليه، وبخلاف أن لم يدخل فيه وهو معنى قوله:"أو أن لزم" يعنى السبب وذلك بوقوعه، والدخول فيه أى قيل نعم، وقيل لا، وقيل نعم /111 - أبسبب ووقع ذلك السبب.

قال الشهاب فى فروقه: واعلم أن الفقهاء اختلفوا فى الوعد هل يجب الوفاء به شرعا أم لا؟ قال مالك: إذا سألك أن تهبه دينارا، فقلت: نعم، ثم بدا لك لا يلزمك، ولو كان افتراق (الغرماء) عن وعد وإشهاد لأجله لزمك لإبطالك مغرما بالتأخير.

قال سحنون: الذى يلزم من الوعد اهدم دارك وأنا أسلفك ما تبنى به، أو اخرج إلى الحج وأنا أسلفك، أو اشتر سلعة أو تزوج امرأة وأنا أسلفك، لإنك أدخلته بوعدك فى ذلك، وأما مجرد الوعد فلا يلزم الوفاء به بل الوفاء به من مكارم الأخلاق.

وقال أصبغ: يقضى عليك به تزوج الموعود أم لا؟

وكذلك أسلفنى لأشترى سلعة كذا لزمك تسبب فى ذلك أم لا؟ والذى لا يلزم من ذلك أن يعده من غير ذكر سبب، فيقول: أسلفنى كذا فيقول نعم كذلك قضى عمر بن عبد العزيز، وإن وعدت غريمك بتأخير الدين لزمك، لأن

ص: 440

إسقاط تأخير الحق سواء قلت له أؤخرك، أو أخرتك، وإذا أسلفته مدة تصلح لذلك انتهى واحتج القرافى فى فروقه، على وجوب الوفاء بالوعد: بقوله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} من حيث أن الوعد إذا أخلف قول لم يفعل، فيلزم أن يكون كذبا محرما، وأن يحرم إخلاف الوعد مطلقا.

وبقوله صلى الله عليه وسلم فى علامة المنافق: "إذا وعد أخلف" فذكره فى سياق الذم دليل التحريم.

وبما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وأى المؤمن واجب الوفاء به" ثم ذكر أيضا ما يستدل به على عدم الوفاء بحديث الموطأ. قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أكذب لامرأتى؟ فقال عليه السلام: "لا خير فى الكذب" وقال: يا رسول الله أفأعدها، وأقول لها؟ فقال:"لا جناح عليك".

منعه من الكذب المتعلق بالمستقبل فإن رضى النساء لا يحسن به، ونفى الجناح عن الوعد.

وحديث أبى داود: "إذا وعد أحدكم أخاه وفى نيته أن يوفى فلم يوف فلا شئ عليه".

ص: 441

الشهاب: وجه الجمع بين الأدلة المتقدمة التى /111 - ب يقتضى بعضها الوفاء وبعضها عدم الوفاء أنه أن أدخله فى سبب يلزم بوعده لزمه كما قال مالك، واين القاسم وسحنون، أو وعده مقرونا بذكر السبب كما قاله أصبغ، لتأكد العزم على الدفع حينئذ ويحمل عدم اللزوم على خلاف ذلك، مع أنه قد قيل فى الآية أنها نزلت فى قوم كانوا يقولون جاهدنا وما جاهدوا، وفعلنا أنواعا من الخيرات وما فعلوا، ولا شك أن هذا محرم، لأنه كذب، ولأنه تسميع بطاعة الله تعالى، وكلاهما حرام ومعصية اتفاقا.

وأما ذكر الإخلاف فى ذكر المنافق فمعناه أنه سجية [له ومقتضى حاله الإخلاف ومثل هذه السجية يحصل الذم بها، كما تقول سجية] تقتضى البخل والمنع فمن كانت صفته تحث على الخير مدح أو تحث على الشر ذم شرعا أو عرفا.

وذكر الشهاب أيضا الاختلاف فى دخول الكذب فى الوعد والذى ظهر له أنه لا يوصف بواحد منهما أعنى المطابقة وعدمها، نعم وعد الله يوصف بالصدق كقوله تعالى:{وقالوا الحمد لله الذى صدقنا وعده} ، "وعدكم وعد الحق} والأصل فى الاستعمال الحقيقة، وهذا، لأن الله تعالى يخبر عن معلوم فتجب مطابقته بخلاف واحد من البشر إذا ألزم نفسه أن يفعل مع تجويز أن يقع منه وأن لا يقع فلا تكون المطالبة وعدمها

ص: 442

معلومين ولا واقعين فانتفيا بالكلية وقت الإخبار.

وقال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: مشهور مذهب مالك أن العطايا تلزم بالقول وتتم بالقبض، والعدة لا تلزم إلا بالقبض، أو بالتعليق بما يدخل فى التصرف فى المال، أو بادخال الموعود فى عهدة، وقيل لا تلزم العطية إلا بالقبض، وتلزم العدة بالقول، فإذا قال: أن أعطيتنى من الألف الحال مائة أسقطت الباقى، أو أن عجلت حقى اليوم أو إلى شهر فلك وضيعة كذا لزم، فإن عجل إلا درهما أو زاد يسيرا على الأمر فقولان، على ما قارب الشئ.

وقال شهاب الدين بن حجر بعد ذكر الخلاف فى وجوب الوفاء بالوعد:

وخرج بعضهم الخلاف على أن الهبة هل تملك بالقبض أو قبله قال وقرأت بخط /112 - أوالدى فى إشكالات على الأذكار للنووى، ولم يذكر جوابا على الآية يعنى قوله تعالى:{كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} وحديث: "آية المنافق" قال: والدلالة على الوجوب منها قوية فكيف حملوه على كراهة التنزيه مع الوعيد الشديد، وينظر هل يمكن أن يقال يحرم الإخلاف ولا يجب الوفاء أى يأثم بالإخلاف وإن كان لا يلزم وفاء ذلك انتهى كلام ابن حجر، فهو يشير إلى أنه يجب الوفاء بالوعد ولا يقضى به، وقريب منه للإمام أبى القاسم بن الشاط فقد قال على قول القرافي في

ص: 443

الفرق الرابع عشر ومائتين: وثانيها أن إخلاف الوعد لا حرج فيه بل فيه الحرج بمقتضى ظواهر الشرع إلا حيث يتعذر الوفاء.

وقال أيضا بقرب الكلام السابق: وإن لم يف مختارا فالظواهر المتظافرة قاضية بالحرج.

[ص]

فصل

[ش]

أى في القمط والأكرية، والوديعة، والشفعة وبعض رزمة العبيد وما أشبه ذلك.

[ص]

246 -

هل عادة كشاهد أو شاهدين

زيد عدالة كذاك دون مين

247 -

لأول كالقمط والوكاء

والرهن والساكت والإرخاء

248 -

كامراة تدمى وللثانى ورد

نكاح أو شبه بأعدل وجد

249 -

وقال بعضهم نكاح وطلاق

جرح دماء وحدود وعتاق

250 -

فى دم الحكم به تشترك

[ش]

ذكر أصلين: الأول: العادة هل هى [كالشاهد الواحد أو] كالشاهدين.

الثاني: زيادة العدالة هل هى كشاهد واحد أو شاهدين.

وعلى الأول، لزم اليمين لمن قضى له بالجدار للقمط والعقود، والطاقات ومغارز الخشب، ووجوه الحيطان.

والقمط الجص الذى يلبس به الجدار، وقيل: هى العقود وهى معاقد الأركان ومن

ص: 444

عرف العفاص والوكاء فى اللقاطة، والوكاء الخيط الذى يلف على الصرة وهى العفاص.

ومن شهد له الرهن فى الاختلاف فى قدر الدين ومن أنكح ابنه البالغ وهو ساكت حتى إذا فرغ أنكر بحدثان ذلك فاستحلف أنه لم يرض فنكل، فإن قلنا كالشاهد لزمه النكاح /112 - ب وعليه نصف الصداق، وإلا لم يزمه.

ولزوم اليمين فى الرخاء الستر مع التنازع فى المسيس فالقول قول الزوجة فى خلوة الاهتداء، وفيما إذا كانت هى الزائرة، وفى يمينها قولان كمسألة تعلق المرأة بالرجل وهى تدمي، هل لها صداق أو لا صداق لها وان كان أشر من عبد الله الأزرق فى زمأنه، وعلى اللزوم ففى اليمين قولان على القاعدة.

وكاليد مع مجرد الدعوى، أو مع تكافؤ البينات، ونكول المدعى عليه، ويبنى هذا أيضا على الخلاف فى النكول هل هو كالإقرار أو لا؟.

قال القاضى أبو عبد الله المقري: قاعدة: اختلفوا فى العادة هل هى كالشاهد، أو كالشاهدين، فإذا أنكح ابنه البالغ وهو ساكت حتى إذا فرغ أنكر بحدثان ذلك واستحلف

ص: 445

أنه لم يرض فكل، فإن قلنا كالشاهد لزمه النكاح وكان عليه نصف الصداق وإلا لم يلزمه.

وبنى هذا الخلاف على القاعدة، فوق هذه أيضا.

ومن هذه لزوم اليمين لمن قضى له من الزوجين بما يعرف أنه للنساء، أو للرجال أما القضاء للرجال بما يعرف لهما فلابد فيه من اليمين عندى، لأنه بالأصل لا بالعادة والقياس أنه بينهما بأيمأنهما انتهى.

والقاعدة التى فوق هذه هى: قاعدة النكول هل هو كالإقرار أو لا؟ قال: قاعدة اختلفوا فى النكول هل هو كالإقرار أو لا؟ فإذا وكله على أن ينكحه بألف فأنكحه بألفين وأنكر التعدى فأحلفت المرأة الزوج، فنكل وغرم الألفين، فإن قلنا بالأول لم يكن له أن يحلف الوكيل، وبالثانى أحلفه، وقيل: النظر فى يمين الزوج فون كانت على تصحيح قول مجردا فنكوله إقرار، وإن كانت عليه وعلى إبطال قول المنكر فله أن يحلفه.

وقال أيضا: قاعدة: العادة عند مالك كالشرط تقييد المطلق وتخصص العام وخالفه غيره، فإن ناقضت أصلا شرعيا كغلبة الفساد مع أصل الصحة فقولان وقد تختلف فيختلف لذلك ككفاءه المولى والعبد والفقير لاختلاف الأقاليم فى كونه معرة أم لا انتهى.

وعلى هذا الأصل الثانى: القضاء بالأعدل فى النكاح وذلك فى قيام /113 أبينتى رجلين فى نكاح امرأة، وكانت إحداهما أعدل فالشهور إلغاؤه خلافاً لسحنون

ص: 446

على الأصل وكذا ما يشبه ذلك كما ليس بمال. وكالبيع إذا اختلف المتبايعان فى الثمن وأقاما بينتين قضى بأعدلهما وفى اليمين معه قولان على الأصل انتهى.

قاعدة فى فتح البارى للعلامة الحافظ شهاب الدين ابن حجر فى كلامه على باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم فى البيوع والإجارة والكيل والوزن:

قال القاضى الحسين من الشافعية: بأن الرجوع إلى العرف إحدى القواعد الخمس التى ينبنى عليها الفقه، فمنها: الرجوع إلى العرف فى معرفة أسباب الأحكام من الصفات الإضافية كصغر ضبة الفضة وكبرها، وغالب الكثافة فى اللحية ونادرها، وقرب منزلة وبعدها وكثرة فعل، أو كلام وقلته فى الصلاة ولمن مثل، ومهر مثل وكفاء نكاح ومؤنة وكسوة وسكنى وما يليق بحال الشخص من ذلك.

ومنها: الرجوع إليه فى المقادير كالحيض والطهر وأكثر مدة الحمل وسن اليائس.

ومنها: الرجوع إليه فى فعل غير منضبط ترتبت عليه الأحكام كإحياء الموات والإذن فى الضيافة ودخول بيت قريب، وتبسط مع صديق وما يعد قبضا وإيداعا وهدية وغصبا وحفظ وديعة وانتفاعا بعارية.

ص: 447

ومنها: الرجوع إليه فى أمر مخصص كألفاظ الإيمان، وفى الوقف، والوصية والتفويض ومقادير المكاييل والموازين والنقود وغير ذلك انتهى.

والأربع الباقية من مبنى الفقه: أن اليقين لا يرفع بالشك والضرر يزال والمشقة تجلب التيسير والأمور بمقاصدها.

قوله: "وقال بعضهم" - إلى آخره - هذا البعض هو ابن الهندى، وفى بعض النسخ قال الموثق، ونكاح مبتدأ، وتشترك هو الخبر وبه أى بالأعدل، أى هذه الستة تشترك فى عدم الحكم بالأعدل، وأراد بالدماء والجرح، دماء العمد وجرحه، وبالحدود حدود الزنا والقذف والشرب والسرقة والحرابة، وهذا الذى ذكر مبنى على المشهور أن زيادة العدالة /113 ب إنما تقوم مقام الشاهد الواحد غير أن ما ذكره فى جرح العمد مبنى على أنه لا يقتص فى الجراح بالشاهد واليمين وهو خلاف المشهور.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: ترجيح إحدى البينتين بمزيد العدالة قيل: يسقط الأخرى فيجرى فى كل شيء، وقيل: يؤدى إلى ظن ضعيف لا يستقل به أمر فلا يعتبر فى شئ، وهذان وجها القولين فى سماع الترجيح، أو عدم سماعه وهى قاعدة أصولية مختلف فيها، وإن زعم الفخر أن العمل بالراجح واجب بالإجماع واختلف النظائر في

ص: 448

سماعه، فكل من قبل العبيدى سمعه وأما المبرز فأبى ذلك لأنه خارج عن المنع والمعارضة.

وقيل فى ترجيح إحدى البينتين: أنه يؤدى إلى ظن يكون كقيام شاهد فيعتبر فى البيع مثلا دون النكاح، وهو مشهور مذهب مالك، ويلزمه الترجيح بالعدد والمشهور نفيه.

[ص]

وهل تربى الأرض أم تستهلك

[ش]

أى الأرض هل هى مستهلكة أم مربية؟.

وعليه كراؤها بما تنبت غير الخشب، وبالطعام مطلقا والمشهور عدم الجواز.

[ص]

151 -

وهل كذى غرم غريمه

[ش]

أى وهل غريم الغريم فى عدم الغريم كالغريم أم لا؟

وعليه الخلاف فى مطالبته المقضى له للشاهدين بما رجعا عنه قبل غرم القضى عنه إذا تعذر الأخذ منه، فعلى أن غريم الغريم كالغريم يطالبهما المقضى له [لأنهما غريما غريمه، وعلى الآخر لا يطالبهما إلا المقضى عليه].

وتقدير كلام المؤلف وهل غريمه أى غريم ذى غرم كذى غرم أو لا؟

[ص]

وهل

الفرع باطل أن الأصل بطل

252 -

كذا مسبب إن انتفى السبب

[ش]

أى هل يثبت الفرع والأصل باطل، وهل يحصل المسبب والسبب غير حاصل؟

ص: 449

والصحيح لا فيهما.

ومن ثم قال أشهب: وهو الصحيح فيمن أقر بزوجة فى صحته ثم مات وليس بطارئ أو أقر بوارث وليس له وارث معروف لا ميراث.

وقال ابن القاسم: بالميراث ورآه إقرارا بالمال.

وكذا التوريث فيما إذا أقام أحد الزوجين شاهدا على النكاح بعد الموت، وليس ثم وارث ثابت.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: قاعدة: المشهور غير المنصوص أن صحة الالتزام لا /114 - أتتوقف على ثبوت المطابقة، بل يكفى دعواها كمن أقر بزوجة فى صحته ثم مات وليس هو بطارئ، أو أقر بوارث وليس له وارث معروف، فقيل: إقرار بالمال، وقيل: لا، وهو الصحيح، لأن الفرع لا يثبت والأصل باطل، والمسبب لا يحصل والسبب غير حاصل، وبنى الفرع الثانى على قاعدة أخرى وهو أن بيت المال هل هو وارث، أو مرجع للضياع، أو على أنه كالوارث المعروف المعين، وهو قول محمد أو لا؟ وهو قول النعمان وللمالكية قولان.

وقال أيضا: قاعدة: إقرار الوارث بالنسب يتضمن الإقرار بالمال، فإذا لم يثبت لم يثبت المال فى ظاهر الحكم عند محمد واختلف مذهب مالك فى دفع المال فيما بينه وبين الله والحق وجوبه، كما لا يحل للمقر له إذا كان المقر كاذبا، وقال مالك والنعمان: يوجب الشركة فى المال، ولا أدرى كيف يثبت الفرع والضمن مع انتفاء الأصل والمتضمن، وليس قصده المال فيقدم على ظاهر لفظ الإقرار، إلا تراه لو أقر ببنوة

ص: 450

أسن من أبيه لم يعتبره.

وقال أيضا: قاعدة: الإقرار المركب عند مالك والنعمان إقراران، فإذا أقر الوارث الذى يحوز المال بالنسب ثبت المال، وكان شاهدا بالنسب، وعند محمد إقرار واحد فيتلازمان.

وقال أيضا: قاعدة: سبب الملك الحاجة، فإذا انتفت انتفى على اشتراط العكس فإذا مات وترك دينا فالمال على ملك الوارث عند مالك، لأن الأصل عدم علة أخرى.

وقال محمد: بقيت حاجة القضاء والبراعة منه فه وعلى ملكه حتى يقتضى دينه وعليهما رد الغريم، بيع الوارث كالوارث.

قال ابن القاسم: لا يرد، لأن الوارث لو أعطاه من غير ذلك لزمه قبوله انتهى.

قال بعض الشيوخ: انظر هذا مع قولهم فيمن حلف لا أكلت طعام فلان يحنث بأكله من التركة أن أوصى أو كان مدينا انتهى.

وقد بان من هذا أن أصل المسبب أعم من أصل الفرع.

[ص]

هل ينتفى الفرع أن الأصل ذهب

[ش]

أى هل ينتفى الفرع بانتفاء الأصل، بمعنى أنه يسقط بسقوطه أم لا؟ /114 - ب كرابح عشرين دينارا فى مائة وعليه مائة هل تسقط زكاة العشرين كسقوط زكاة المائة أو لا؟ وكذلك سقوط الزكاة عن العامل فيما نابه من الربح أن سقطت عن رب المال لدين أو

ص: 451

عبودية أو كفر، ونحو ذلك.

أبو عمرو بن الحاجب: وفى ربح سلف ما لا عوض له عنده ثالثها أن نقد شيئا من ماله معه فمن الشراء وإلا استقبل.

[ص]

253 -

كذى تعلق بعين أن سقط

كعامل ومنفاق عبد شرط

[ش]

أى إذا تعلق حق بعين فهل يسقط ذلك الحق بسقوط ذلك العين وذهابه أم لا؟ كعامل أنفق من ماله ليرجع فى مال القراض ثم تلف، فلا شئ على ربه. ومنفق على يتيم ليرجع فى عروض عنده فهلكت فإن ذمة الصبى لا تعمر. وعبد نذر مشيا لمكة أو صدقة بشئ من ماله فمنعه سيده، ثم عتق فإن ذلك يلزمه أن بقى ماله ذلك وإلا فلا، ونحو ذلك. وعلى الآخر فالرجوع.

قوله: "كذى تعلق بعين [إن سقط أى كحق ذى تعلق بعين] أى بشيء معين، ولذلك قال سقط دون سقطت، ومعنى الكاف، أنه كما يسقط الفرع إذا سقط الأصل فى قول يسقط ما يتعلق بمعين أن سقط ذلك المعين وذهب وحذف واو العطف من قوله: "عبد شرط" أى شرط على نفسه صدقة شئ من ماله فمنعه سيده، فعتق لزمه ذلك أن بقى ذلك المال وإلا فلا. هذا تطرير المؤلف عليه بخطه.

[ص]

254 -

مضمن الإقرار كالصريح

أو لا، كمودع وفى الصحيح

255 -

تردد فى الربع والدين وما

أفضى إلى الحد خلاف علما

256 -

كشاهد بالعتق والذى أقر

به وحالفين والنفى اشتهر

[ش]

أى مضمن الإقرار هل هو كصريحه أم لا؟.

وعليه من أنكر أمانة ثم أدعى ضياعها، أو ردِّها لما قامت عليه البينة.

ص: 452

وثالثها: يقبل فى الضياع دون الرد. ومن أنكر شيشا فى الذمة أو أنكر الدعوى فى الربع أو ما يفضى إلى الحدود ثم رجع - /115 - أعن إنكاره لأمر ادعاء ثم أقام عليه بينة.

ثالثها: يقبل منه فى الحدود دون غيرها.

ورابعها: فى الأصول دون الديون وغيرها من المنقولات.

ومن شهد أو شريكه فى العبد أعتق حصته والشريك موسر هل يكون نصيب الشاهد حرا، لأنه أقر أن ماله على الشريك المعتق قيمته، أو لا يكون حرا قولان فى المدونة [وهما على القاعدة].

ومن أقر، أن شهد أو أباه أعتق هذا العبد فى صحته أو فى مرضه، والثلث يحمله والورثة ينكرون، لم تجز شهادته ولا إقراره، ولا يقوم عليه إذ لم يعتق وجميعه رقيق وهل له استخدامه فى يومه أو لا؟ قولان على القاعدة إذ ضمن إقراره أن الذى ينوبه منه حر.

والشريكان فى العبد يحلف أحدهما بحريته أن كان دخل المسجد ويحلف الآخر لقد دخل، ولم يثبت النفى ولا الإثبات بعد ذلك فإن قلنا [مضمن الإقرار كصريحه عتق

ص: 453

عليهما إن كانا موسرين، لأن كل واحد منهما يقطع بحنث صاحبه وإنما له عليه قيمة حصته، وإن قلنا] أن مضمن الإقرار ليس كصريحه فلا عتق وهو المشهور فى هذه المسألة.

قوله: "مضمن الإقرار كصريحه" أى الإقرار المضمن هل هو كالإقرار الصريح أم لا؟ قوله: "كمودع" أى أنكر الوديعة ثم لما قامت عليه البينة انتقل إلى دعوى الضياع أو الرد أو قامت له على ذلك بينة فإن إنكاره أولا يضمن الاعتراف بكذب نفسه وبينته، وذلك أن قوله أولا لم يودعنى شيئا متضمن لعدم الرد وعدم الضياع فإن ذلك فرع الإيداع.

اللخمي: وقيل: يقبل وهو أحسن، لأن من حجته أن يقول: إنما أنكرت لغيبة بينتي، أو للاحتياج إلى تزكيتها ونحو ذلك.

قوله: "وفى الصحيح تردد أى فى الصحيح من القولين فى الوديعة تردد، فلابن زرقون المشهور قبول بينته واختاره اللخمى.

ولابن يونس عن ابن القاسم وأشهب ومطرف وابن الماجشون وأصبغ عدم قبولها لأنه أكذبها.

قوله: "فى الربع والدين وما أفضى إلى الحد خلاف علما" خلاف مبتدأ، وعلم صفته، وفى الربع وما بعدها هو خبر المبتدأ، فقيل: فى هذه الأشياء مضمن الإقرار

ص: 454

كصريحه. وقيل: ليس كصريحه. وقيل: كصريحه فى غير الحدود لا فيها، وقيل: /115 - ب كصريحه فى غير الأصول والحدود لا فيها، وقد مر ذكر هذا الخلاف.

فالربع كأن يقول له: أنا بعت لك الدار أقض لى ثمنها، فيقول له: ما بعت لى شيئا فأقام المدعى بينة أنه باعها له فحينئذ أقام المبتاع بينة أنه دفع له ثمنها. والدين أن يدعى أن له فى ذمة فلان كذا فينكر فلان أصل الدين فيقيم المدعى به بينة فحينئذ يقيم فلان بينة الخلاص وهى قول ابن الحاجب: وكذلك من عليه دين [مثله.

والمفضى إلى الحد] وشبه ذلك من ربع أو ما يفضى إلى حد ثم يرجع عن إنكاره لأمر ادعاه، أو أقام عليه بينة فاختلف فيه على أربعة أقوال:

الأول: قال ابن نافع يقبل قوله فى كل شيء.

الثانى: مقابله قله غير ابن القاسم فى الحدود التى تدرأ بالشبهات فأحرى غيرها.

الثالث: قال ابن كنانة: لا ينتفع بذلك إلا فى الربع والحدود.

الرابع: لابن المواز: لا ينتفع بذلك إلا فى الحدود انتهى.

وقال فى موضع آخر عن ابن زرقون: وأما أن أقام بينة على ضياع القراض أو رده فالمشهور أنه تنفعه البينة بعد إنكاره، وحكى اللخمى عن محمد أنه لا ينتفع بها.

خليل: فانظر ما شهره مع ما شهره المصنف فإن ذلك تعارض يعنى ابن الحاجب فى الوكالة. خليل عن ابن زرقون: وأما أن أنكر شيئا فى الذمة أو أنكر الدعوى في

ص: 455

الربع أو فيما يفضى إلى الحدود ثم رجع عن إنكاره لأمر ادعاه أو أقام عليه بينة ففيها أربعة أقوال:

الأول: لابن نافع: يقبل منه فى جميع الأشياء.

الثاني: لغير ابن القاسم فى اللعان من المدونة: لا يقبل منه ما أتى به فى جميع الأشياء.

الثالث: لابن المواز: يقبل منه فى الحدود دون غيرها.

الرابع: يقبل منه فى الحدود، والأصول ولا يقبل ذلك منه فى الحقوق من الديون وشبهها من المنقولات، وهو قول ابن القاسم فى المدونة انتهى.

وحققه الشيخ ابن عرفة فقال: وسمع عيسى سئل ابن القاسم عمن جحد قراضا ادعى عليه به ثم قال: تلف منى، قال: قال مالك فيمن أنكر مالاً بعث به معه رجل فقامت عليه بينة فقال تلف: لف لقد ضاع ويبرأ فكذا مسألتك.

وقال عيسى: إن /116 - أجحد فقامت عليه البينة لم يصدق فى دعوى الضياع وبلغنى عن مالك.

وقال ابن القاسم فى مسألة القراض: أن لم يأت بالبينة على القضاء غرمه وليس دعوى القضاء كدعوى الضياع.

وفى سماع ابن القاسم فى رسم حديث طلق قال مالك: إنما عليه اليمين.

ابن رشد: فى تصديقه مع يمينه بعد الإنكار فى دعواه الرد أو الضياع وعدم تصديقه. ثالثها فى دعواه الضياع لا فى الرد.

ومن هذا الأصل أن ينكر دعوى، فلما قامت عليه البينة جاء بالخرج منها ببينة على البراءة أو دعوى لو جاء بها قبل إنكاره قبلت، وشبه ذلك، فقيل: لا يقبل منه، لأنه كذبه بجحده، وقيل: يقبل منه، وقيل: لا يقبل منه إلا فى اللعان أن ادعى رؤية بعد إنكاره القذف

ص: 456

وأراد أن يلاعن، وشبه اللعان من الحدود وهو قول محمد.

وقيل: لا يقبل إلا فى الحدود والأصول لا فى الحقوق، قاله ابن كنانة وابن القاسم فى المدونة.

فيتحصل فى ذلك أربعة أقوال بالتفرقة بين الحدود وما سواها، وبين الحدود والأصول وما سواهما.

قلت: تحقيقها أن من أنكر ما قامت به عليه بينة بعد إنكاره فى قبول ما يدفع عنه ما ادعى عليه به لو أتى به قبل انكاره بعدها مطلقا مع يمينه ولغوه، ولو كانت بينة.

ثالثها: تقبل بينته لا قوله مع يمينه فى تلف ولا قضاء.

رابعها: تقبل فى التلف لا القضاء لسماع عيسى ورواية ابن القاسم، ومتقدم نقل ابن حبيب، وقول عيسى [مع روايته، ونقله عن ابن القاسم.

وخامسها: بقبول ابن رشد تفرقتى محمد وابن كنانة] مع ابن القاسم.

اللخمى: قبول بينته مع الجحد أحسن، لأنه يقول أردت أن أحلف ولا أتكلف بينة انتهى.

كما إذا ادعت عليه زوجة أنه قذفها فأنكر فأثبتت عليه ذلك فأراد أن يلاعن فقال اين القاسم: له ذلك. وقال غيره: ليس له ذلك ويجلد وفى معنى ما ذكره المؤلف ما لو ملك الزوج زوجته فتطلق نفسها ثلاثا فينكر التمليك فتقوم البينة بذلك فيقول: ما أردت بالتمليك إلا واحدة.

ص: 457

ومن طولب بثمن سلعة اشتراها فأنكر الشراء فقامت بينة بذلك /116 - ب وبقبض السلعة فأقام بينة بدفع الثمن.

وأما لو أنكر الوكيل قبض الثامن، فقامت البينة، فقال: تلف، أورددته ابن الحاجب: لم يسمع، ولا بينة، لأنه كذبها.

وكذا لو أنكر العامل القراض فأقام ربه عليه به بينة، فقال: رددته أو ضاع.

خليل: فقبل مالك قوله مرة فيهما، وقال مرة: لا يقبل قوله فيهما.

وقبل ابن القاسم قوله فى الضياع فقط، فإن أقام البينة على ضياعه أو رده بعد إنكاره فالمشهور أنه لا تنفعه البينة، خلافا لمحمد هذا الحكم إذا أنكر ما لا يتعلق بالذمة من قراض أو وديعة، وأما إذا أنكر ما يتعلق بها ثم قال تلف فلا.

[ص]

257 -

هل ما أعير من حياة كالعدم

أم لا بمنفوذ المقاتل علم

[ش]

أى الحياة المستعارة هل هى كالعدم أم لا؟

وعليه من أنفذت مقاتله فى المعترك، هل يصلى عليه أم لا؟ وكل ما بلغ بالتردى ونحوه ذلك المبلغ.

ومن أنفذ مقاتل رجل ثم أجهز عليه آخر ففى تعيين ذى القصاص من ذى العقوبة قولان لابن القاسم.

ص: 458

قال القاضي أبو عبد الله المقرى: قاعدة: الحياة المستعارة كالعدم على الأصح فمن أنفذت مقاتله فى المعترك فهو كالميت ولا قصاص فى الإجهاز عليه، ولا يؤكل ما بلغ بالتردى ونحوه ذلك المبلغ، ويؤكل ما يعيش فى البر من دواب البحر أربعة أيام ونحوها.

ولذلك تعتبر الصلاة على الجنين، وميراثه بالاستهلال، وما يدل على قوة الحياة وما دونه كالعدم، وفيه قولان للمالكية، وقد يحسن الاحتياط فيصلى عليه ولا يذكى ولا يؤكل ولا يقتص انتهى.

قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: إذا قال الإمام من قتل قتيلا فله سلبه فأنفذ رجل مقتل علج وأجهز عليه آخر، فسلبه للأول، دون الثاني، قاله سحنون ولا يتخرج كونه للثانى من أحد قولى ابن القاسم الصيرورته بالإنفاذ أسيرا ولا سلب فى قتل أسير بل يتخرج عليهما حرمانهما معا.

قوله: "بمنفوذ المقاتل علم" أى علم هذا الخلاف فى منفوذ المقاتل ونحوه.

حيث اختلفوا فيه، أو بسبب اختلافهم فى منفوذ المقاتل ونحوه، أو علم إجراؤه /117 - أفى منفوذ المقاتل.

[ص]

258 -

وهل شراء خدمة أو رقبة

كتابة عليه عتق أوجبه

259 -

سيده فى أمة له كذا

جبر وفطرة ظهار احتذى

260 -

وحالف وغلة من اشترى

كتابة الزوج والاستبرا جرى

[ش]

الكتابة هل هى شراء رقبة أو شراء خدمة.

وعليه من أعتق أمة مكاتبه ثم عجز هل تعتق بذلك العتق الأول، أو تفتقر إلى

ص: 459

استئناف عتق آخر وزكاة فطر المكاتب وإجباره على النكاح ومن ظاهر من مكاتبته ثم عجزت فإن قلنا بالأول فقد رجعت على ملك مستأنف، فلا يلزمه الظهار، وإن قلنا بالثانى لزمه.

وعليه من حلف بحرية عبده ليضربنه ثم لم يضربه حتى كاتبه هل يبرأ أم لا؟

ابن القاسم: يبرأ، أشهب: لا.

وعليه الخلاف أيضا فى كتابة المكاتب إذا كان للتجارة هل هى كفائدة فلا زكاة أو فيها الزكاة وكتابة المكاتب فى هذه الصورة هى مراد المؤلف بالغلة.

وعليه لو اشترى أحد الزوجين كتابة الأخر هل ينفسخ النكاح قبل العجز أم لا؟ بناء على أنه ملك رقبة أم لا؟ فإن عجز انفسخ اتفاقا واستبراء المكاتبة إذا عجزت وكانت تتصرف فإن قلنا بالأول استبرئت، وإن قلنا بالثانى فلا.

وعليه إذا عجز وكان قبل الكتابة مأذونا هل يبقى على ما كان عليه من الإذن، أو يعود محجورا عليه، منتزع المال أم لا؟.

ص: 460

وعليه إذا أوصى بعتق عبده، أو أوصى به لرجل ثم كاتبه ثم عجز فى حياة السيد هل تعود الوصية فيه أم لا؟ قولان على القاعدة.

وعليه من كاتب عبدا صار إليه فى المقاسم، أو ابتاعه من دار الحرب، وعلم أنه لمسلم، وقلنا أن لربه أن يأخذه فهل يحاسبه بما أخذ من الكتابة أم لا؟

فإن قلنا أن الكتابة شراء رقبة كان للمستحق أن يحاسب المشترى بقدر ما أخذ من الكتابة، وان قلنا أنها شراء خدمة لم يحاسب بما أخذ ولم يكن للمستحق أن يأخذه إلا بعد دفع الثمن كله.

وعليه أيضا مكاتبة الكافر لمسلم.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى: /117 - ب قاعدة: اختلف المالكية فى الكتابة أهى شراء رقبة أم شراء خدمة فمن ظاهر من مكاتبته ثم عجزت وقلنا بالأول فقد رجعت على ملك مستأنف فلا يلزمه ظهار وإن قلنا بالثانى لزمه. وعليه الخلاف فى غلة المكاتب إذا كان للتجارة وهل تلزم فيها الزكاة أو لا؟ وفيمن أعتق أمة مكاتبه ثم عجز هل تعتق بذلك العتق الأول، أو تفتقر إلى استئناف عتق آخر.

قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: لم يختلفوا فيما علمت فيمن قال: إن كلمت فلانا

ص: 461

فعبدي حر فكاتبه ثم كلم فلانا أنه يعتق عليه وهو نص العتق الأول من الكتاب والجارى على أن الكتابة شراء رقبة أن لا يعتق، كما لو باعه ثم كلم فلانا، إلا أن تفرق بالاحتياط للعتق ومراعاة للقول بأن الكتابة شراء خدمة وانظر إذا مثل بعبد مكاتبه ثم عجز بعد أن أدى السيد إرش الجناية للمكاتب وانظر إذا وطئ أمة مكاتبه قبل العجز هل يحد أم لا؟

قوله: "وهل شراء خدمة أو رقبة كتابة" أى وهل كتابة شراء خدمة أو شراء رقبة قوله: "وعليه" أى على هذا الأصل عتق - إلى آخره - وظهار، مبتدأ واحتذى خبره. أى أتبع هذه المسائل "وحالف وغلة ومن اشترى كتابة الزوج" معطوفات على عتق، أو على جبر، وفطرة أو على ضمير احتذى، وان لم يكن فاصل لورود ذلك فى النظم، أو هى مرفوعات على الابتداء، والخبر محذوف لدلالة ما قبله أى احتذت المسائل السابقة.

قوله: "والاستبرا جرى" جملة اسمية أى جرى على هذا الأصل، ومن فيمن اشترى كتابة الزوج واقعة على أحد الزوجين، وكذا الزوج صادق على كل منهما، والمعين وأحد الزوجين يشترى كتابة الأخر انتهى.

[ص]

161 -

للعتق والبيع أنتسابها علم

عليه كالمدين والذى سقم

[ش]

أى انتساب الكتابة للعتق أو البيع معلوم فى كتب الفقهاء أو التقدير انتسابها علم للعتق أو للبيع، بمعنى أن الكتابة هل هى من ناحية العتق أو من ناحية البيع وعليه كتابة

ص: 462

المديان والمريض والمأذون والوصى فعلى /118 - أأنها من ناحية العتق فلا تجوز كتابة واحد منهم، وعلى أنها من ناحية البيع فتجوز.

وعليه لزوم كتابة الذمى عبده فعلى العتق لا تلزم، وعلى البيع تلزم.

قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قال الشيخ أبو الحسن اللخمى رحمه الله: أما إن كانت الكتابة على الخراج أو ما قاربه فهى من ناحية العتق والعتق بابه باب الهبات، وما لم يخرج على عوض فله الرجوع عنه، ولا يجبر على الوفاء به، وإن كان أكثر من الخراج بالشيء الكثير كانت من ناحية البياعات والمعاوضات، فيحكم بينهم إذا امتناع السيد من الوفاء كما يحكم فى البيع انتهى والذى سقم "هو المريض.

[ص]

262 -

وهل لمن أسقط حقا لم يجب

رجوع إن كان جرى له السبب

263 -

كوارث أو ذات شرط أو أمه

كشافعة أو شبهها أم لزمه

[ش]

أى إسقاط الشئ قبل وجوبه وبعد جريان سببه هل يلزم أو لا؟.

ص: 463

وعليه إجازة الوارث فى مرض الموصى الوصية للوارث أو بأكثر من الثلث.

والمرأة ذات الشرط المعلق برضاها تقول أن فعله زوجى فقد فارقته والأمة تحت العبد تقول أن أعتقت تحت زوجى العبد فقد فارقته.

والشريك فيما فيه الشفعة يسقط الشفعة لمن يريد الشراء قبل الشراء وشبه ذلك كمن أذنت لمن حلف أن لا يتزوج عليها إلا بإذنها، ثم أرادت الرجوع قبل أن يتزوج.

والمفوِّضة تسقط المهر قبل الفرض والدخول وقريب من هذه القاعدة قول المؤلف فيما سبق: "هل سبق حكم شرطه مغتفر" وقد ذكرنا عليه كلام القاضى أبى عبد الله المقرى. والنعد هنا ما يناسب هذا المحل.

قال: قاعدة: اختلف المالكية فى ترك الشئ قبل وجوبه هل يلزم أم لا؟ كمن أذنت لمن حلف أن لا يتزوج عليها إلا بإذنها ثم أرادت الرجوع قبل أن يتزوج، فقيل: لها ذلك وقيل: لا.

ويتخرج على هذا الأصل الخلاف فى إسقاط الشفعة قبل البيع وسقوطها بوقوعه.

ص: 464

قوله: "أم لزمه" هو عديل لقوله رجوع.

[ص]

264 -

هل بيت مال وارث أم مجمع

عليه إيصاء بمال أجمع /118 ب

[ش]

أى بيت المال هل هو وارث أم مجمع للأموال الضائعة.

وعلى هذا الأصل نفوذ وصية من لا وارث له بجميع ماله، وهى رواية الطائيين عن مالك، ورد ما زاد على الثلث وهو المعروف وإذا أقر بوارث غير الولد وليس له وارث معروف.

قال القاضى أبو عبد الله المقرى بعد ذكره القاعدة: إن صحة الالتزام لا تتوقف على ثبوت الطابقة بل يكفى دعواها وبنى الفرع الثانى - يعنى فرع الاقرار بوارث وليس للمقر وارث معروف - على قاعدة أخرى، وهى أن بيت المال هل هو وارث أو مرجع للضياع، أو على أنه كالوارث المعروف المعين، وهو قول محمد أو لا؟ وهو قول النعمان وللمالكية القولان وعليهما الخلاف فى نفوذ وصيته بجميع ماله، أو يرد ما زاد على الثلث.

قال محمد: جهة الإسلام جهة فى الإرث كجهة القرابة وقال النعمان:

ص: 465

مصرف ما لا مستحق له فى الميراث بمثابة كل مال ضائع فإذا أبان المالك له مصرفا بوصيته لم يكن ضائعا، وليست إسقاطا للحق بل قطعا للسبب.

ص: 466