المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب عشور أهل الذمة: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٥٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب عشور أهل الذمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

‌باب عشور أهل الذمة:

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه كان يأخذ من النبط من الحنطة والزيت نصف العشر، يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة، ويأخذ من القطنية العشر.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه قال: كنت غلاماً عاملاً مع عبد الله بن عتبة بن مسعود على سوق المدينة في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فكنا نأخذ من النبط العشر.

وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب على أي وجه كان يأخذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه من النبط العشر؟ فقال ابن شهاب -رحمه الله تعالى-: كان ذلك يؤخذ منهم في الجاهلية فألزمهم ذلك عمر.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أولاً: نريد الفرق بين المؤلف والمصنف؛ لأن القارئ تردد، فإن كان هناك فرق بين التأليف والتصنيف؟ في فرق؟ على كل حال الكتاب مصنف، المسألة على كل حال اصطلاحية، هم يفرقون بين المصنف الذي هو الأصل والشرح، والأصل والزيادة عليه، وإلا فالأصل أن التصنيف والتأليف الجمع جمع ما بينهم مع غيره مع الألفة، وضم الأصناف إلى بعضها، والأصناف تكون متآلفة، فلا يظهر فرق بين التصنيف والتأليف، وإن كان بعضهم يلحظ أن التصنيف ما يكون أكثره من استنباط المؤلف، والتأليف الجمع من كلام غيره، والمسألة اصطلاحية ما تفرق، نعم؟

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب عشور أهل الذمة:

عرفنا أن أهل الذمة يلزمون بدفع الجزية، ويقرون في بلاد المسلمين على ما تقدم، وأما العشور فهي تؤخذ منهم إذا اتجروا في بلاد المسلمين، وانتقلوا من بلد إلى بلد، ولذلك قاله في الدرس الماضي.

ص: 5

يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "من تجر منهم من أهل مصر إلى الشام" يعني أو العكس من أهل الشام إلى مصر، ومن أهل الشام إلى العراق، أو من العراق إلى الشام، العكس وهكذا، أما من اتجر في بلده الذي أقر فيه على الجزية هذا لا يؤخذ منه شيء، يعني هو في الأصل في مصر، تؤخذ منه الجزية، ويقر على ذلك في مصر، ويتجر فيها، ما يأخذ عليه شيء، قدر زائد على الجزية، أما إذا انتقل من بلده إلى بلد آخر فإنه يؤخذ منه العشر.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان يأخذ من النبط من الحنطة والزيت نصف العشر، يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة، ويأخذ من القطنية العشر" كونه يخفف المأخوذ في الحنطة والزيت؛ لأنها من الطعام الضروري، ويريد أن يكثر الجلب إلى بلاد المسلمين من الأطعمة الضرورية، أما بالنسبة للكماليات فتزاد عليها، يزاد عليها المأخوذ؛ لأنها لا تتوقف عليها حاجة الناس، هذه كماليات، الآن بالنسبة للرسوم التي تأخذها الحكومات على الأمور العامة تجدهم مثلاً الماء هو أرخص شيء، مع أنه يكلف أموال طائلة، والسبب في ذلك أن الناس مضطرون إليه، وأما غيره فبالتدريج، كلما زادت الحاجة إلى شيء خفت مؤنته، وهذا ملاحظ حتى في الأصل من غير إعانات، ما تقوم به حاجة الأبدان من الأصل من الله -جل وعلا- يصير أرخص شيء، سواءً كان في المأكول أو غيره، لو نظرنا إلى الأطعمة وجدنا أن من الأطعمة ما يفي بحاجة البدن ومن أرخص ما يوجد، ثم بالتدريج ترتفع الأقيام، إلى أن يصل إلى الأمور التي الإنسان ليس بحاجة إليها.

ص: 6

ولو نظرنا في زادنا زاد طلاب العلم من الكتب مثلاً، تجد أرخص ما يباع في الأسواق القرآن، الناس كلهم مضطرون إليه، ثم بعد ذلك الأهم فالأهم، ثم إذا طلعنا إلى الترف، يعني كتب الأدب أغلى من كتب التفسير، كتب التاريخ أغلى من كتب الحديث، وهكذا إلى أن تطلع إلى إيش؟ الأمور التي يمكن أن يستغني طالب العلم عنها، الرحلات، هذه أغلى ما يوجد في الأسواق، الذكريات، مواد غالية جداً في الأسواق، ومع ذلك طالب العلم ليس بحاجة إليها، يعني هي كمال من باب المتعة فقط، أما الفائدة في الكتاب والسنة -والحمد لله- هذا من نعم الله -جل وعلا- أن يسر للناس ما يضطرون إليه.

ولذا ملحظ عمر -رضي الله تعالى عنه- التخفيف في الحنطة والزيت؛ لأن الناس كلهم يحتاجونها، بينما القطنيات والكماليات والأمور التي تخف الحاجة إليها يزاد في تعشيرها، وهذا تقدم قبل ورقتين أو ثلاث، نعم تقدم يقول -نعم قبل ثلاث ورقات-، وفرق هناك بينها، يقول:"قال مالك: وقد فرق عمر بن الخطاب بين القطنية والحنطة" فيما أخذ من النبط، تجار من النصارى لما قدموا المدينة، ورأى أن القطنية كلها صنف واحد، فأخذ منها العشر، وأخذ من الحنطة والزبيب، وهناك قال: الزيت، نصف العشر ترغيباً لهم للجلب إلى المدينة، وعرفنا مأخذ هذا.

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه قال: كنت غلاماً" يعني شاباً "عاملاً مع عبد الله بن عتبة بن مسعود" أخي عبد الله بن مسعود، أو ابن أخي عبد الله بن مسعود "على سوق المدينة في زمان عمر بن الخطاب فكنا نأخذ من النبط العشر" وظاهره العموم، في كل ما يباع من القطنيات والضروريات، لكن يخصص بما سبق، أو أنه يفعل هذا تارة وهذا تارة، يعني قد تكون الحنطة كثيرة في المدينة مثلاً، ثم يجلبها النبط، ولا داعي للتخفيف فيها، لوجودها ووفرتها يأخذ عليها العشر كامل، بهذا الأثر.

ص: 7