المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب وقت إرسال زكاة الفطر: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٥٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب وقت إرسال زكاة الفطر:

في البخاري: "كان ابن عمر يعطي التمر، فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيراً" يعني إنما عدل عن التمر إلى الشعير للعوز والحاجة، ففيه دليل على أن التمر أفضل من الشعير، فقال بعضهم: إنه أفضل ما يخرج في صدقة الفطر؛ لأنه هو الذي كان يعطيه على زمن النبي عليه الصلاة والسلام، والخلاف بين العلماء في التمر أو البر أيهما أفضل؟ لكن المرجح عند كثير من أهل العلم البر، ولذلك لما جاءت سمراء الشام عدلوا نصف الصاع منها بصاع من غيرها مما نص عليه في الحديث، وهذا تقدير معاوية رضي الله عنه بينما أبو سعيد ومن معه من الصحابة استمروا على إخراج الصاع الكامل، وليس في النصوص ما يدل على نصف الصاع إلا القياس، ورأوا أن نصف صاع من هذه السمراء يعادل صاع من غيرها.

"قال مالك: والكفارات كلها" كفارة يمين، كفارة تأخير الصيام، كفارات أخرى "كلها، ومثلها زكاة الفطر، وزكاة العشور" التي تقدم ذكرها "كل ذلك بالمد الأصغر" المد يقدر بملأ يد -كف- الإنسان المعتدل، ملأ الكفين بالنسبة للإنسان المعتدل، والصاع أربعة أمداد، ويقرب الصاع في الوزن من كيلوين ونصف "مد النبي عليه الصلاة والسلام إلا الظهار" فإنه بالمد الأعظم الأكبر، وهذا من باب التغليظ؛ لأن الظهار منكر من القول وزور، فينبغي أن يغلظ على صحابه.

"قال مالك: والكفارات كلها، وزكاة الفطر، وزكاة العشور كل ذلك بالمد الأصغر، مد النبي صلى الله عليه وسلم إلا الظهار" وعرفنا أن هذا تغليظ بالنسبة للظهار؛ لأنه منكر من القول وزور، قال:"فإن الكفارة فيه بمد هشام" بن إسماعيل بن الوليد بن المغيرة عامل المدينة لعبد الملك بن مروان "وهو المد الأعظم" يعني يعادل مد وثلث من مد النبي عليه الصلاة والسلام، على كل حال المسألة قريبة، لكن إذا أرجعنا المسألة إلى كف الإنسان المعتدل قد تصل إلى كيلوين ونصف، فلا نصل إلى الثلاثة كما هو المعمول به، الثلاثة كثيرة، ومن أخرج ثلاثة لا شك أنه خير -إن شاء الله-، لكن الإلزام! ما يلزم بثلاثة، الثلاثة كثيرة، نعم.

‌باب وقت إرسال زكاة الفطر:

ص: 22

حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تُجمع عنده قبل الفطر بيوم أو ثلاثة.

بيومين.

بيومين أو ثلاثة.

وحدثني عن مالك أنه رأى أهل العلم يستحبون أن يخرجوا زكاة الفطر إذا طلع الفجر من يوم الفطر، قبل أن يغدوا إلى المصلى.

قال مالك رحمه الله: وذلك واسع -إن شاء الله- أن تؤدى قبل الغدو من يوم الفطر وبعده.

نعم يقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب وقت إرسال زكاة الفطر:

يعني وقت الإخراج، إخراج زكاة الفطر، عرفنا أنها إنما تجب وتلزم بغروب الشمس ليلة الفطر، وفي قول أحمد وإسحاق والشافعي في الجديد، ومالك في رواية، ومنهم من يقول: إنها تجب بطلوع الفجر على ما تقدم ذكره من يوم العيد، وهو قول أبي حنيفة والشافعي في القديم، والرواية الثانية عن مالك.

تجب في هذا أو هذا، هذا وقت الوجوب، وسبب الوجوب الصيام، في وقت وجوب، وفي سبب وجوب، والقاعدة: أنه إذا كان للعبادة وقت وجوب وسبب وجوب أنه لا يجوز فعلها قبلهما اتفاقاً، يعني ما يجوز في شعبان تخرج صدقة الفطر، ولو كنت ممن يقول بجواز تعجيل الزكاة؛ لأنها قبل الوقت والسبب، كما أنه لا يجوز لك أن تقدم الكفارة، كفارة اليمين على انعقاد اليمين، أنا والله عندي عيش كثير أبا أكيله، عشرة مساكين، وعشرة مساكين، وعشرة مساكين، إلى أن يبلغ عشر كفارات؛ لأن الشيء متوفر اليوم، ما أدري ويش تجي لنا الدنيا به، خلينا كلما حلفت مطلع الكفارة، هذا قبل سبب الوجوب، سبب الوجوب انعقاد اليمين، ووقت الوجوب الحنث، لكن بعد الوقت يجوز اتفاقاً، وبينهما محل الخلاف، يعني انعقدت اليمين تكفر قبل أن تحنث وإلا ما تكفر؟ جاء في الحديث الصحيح:((لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو خير)) وهذا يدل على الجواز، الرواية الأخرى:((إلا كفرت عن يميني، ثم أتيت الذي هو خير)) والمسألة معروفة، من راجع قواعد ابن رجب لهذه القاعدة وجد لها فروع كثيرة، ومنها ما معنا، فهل يجوز إخراج الزكاة قبل وقت الوجوب، قبل غروب الشمس؟ الصحابة يخرجونها قبل ليلة العيد، قبل العيد بيوم أو يومين، وهنا قال: ثلاثة أيضاً.

ص: 23

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده" وهو من نصبه الإمام لقبضها، كانت الزكاة مجموعة، وكان الموكل بحفظها من؟ أبو هريرة، وقصته مع الشيطان معروفة، المقصود أنها تخرج قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة؛ ليتسنى توزيعها، فإذا سلمت لشخص يتولى قبضها وتوزيعها، هذا إذا عجز الإنسان عن إيصالها بنفسه إلى المحتاج، بيومين أو ثلاثة، لجواز تقديمها قبل وقت الوجوب بهذا القدر، وقد كانوا يفعلونه، الصحابة -رضوان الله عليهم- يفعلون هذا.

طالب:. . . . . . . . .

وكلاء عن من؟

طالب:. . . . . . . . .

وكلاء عن الدافع وإلا عن الآخذ؟ على كل حال إذا كانوا نواب عن الفقراء وقبضوها في وقتها برئت ذمة الدافع، أما إذا كانوا نواب عن الأغنياء فلا بد أن تؤدى في وقتها للفقير.

"وحدثني عن مالك أنه رأى أهل العلم يستحبون أن يخرجوا زكاة الفطر إذا طلع الفجر من يوم الفطر، قبل أن يغدوا إلى المصلى" هذا أفضل ما تدفع فيه الزكاة، الوقت الذي، هذا أفضل شيء، وهو خارج إلى الصلاة يدفعها، وبهذا قال مالك والأئمة، لقوله جل وعلا:{قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(14 - 15) سورة الأعلى] تزكى يعني دفع زكاة الفطر {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} وهذا في صلاة العيد، عيد الفطر، وأما بالنسبة لعيد النحر ففيه {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر].

"قال مالك: وذلك واسع" يعني جائز "إن شاء الله تعالى أن تؤدى قبل الغدو من يوم الفطر وبعده" وبعد الغدو إلى الصلاة، يعني في يوم العيد، قبل الصلاة وبعدها، يعني إذا غدا إلى المصلى، وإذا رجع من المصلى، فيوم العيد كله وقت للأداء، هذا على كلام الإمام "وذلك واسع -إن شاء الله تعالى- أن تؤدى قبل الغدو من يوم الفطر وبعده" أي بعده وهو غدوه إلى صلاة العيد، والعود منها، فيجوز تأخيرها إلى غروب شمس ذلك اليوم -يوم العيد-، وحرم بعد ذلك، ويجب قضاؤها فلا تسقط.

ص: 24