المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين، والمرأة وابنتها - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٩٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين، والمرأة وابنتها

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ -‌

‌ كتاب النكاح والطلاق (3)

‌باب: ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين، والمرأة وابنتها

- باب: النهي عن أن يصيب الرجل أمة كانت لأبيه - باب: النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب - باب: ما جاء في الإحصان - باب: نكاح المتعة - باب: نكاح العبيد - باب: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله - باب: ما جاء في الوليمة.

الشيخ: عبد الكريم الخضير

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للحاضرين والسامعين، يا حي يا قيوم.

قال المصنف رحمه الله:

باب: ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين، والمرأة وابنتها

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى، فقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: ما أحب أن أخبرهما جميعاً

أَخْبُرُهما.

أحسن الله إليك.

ما أحب أن أخبرهما جميعاً ونهى عن ذلك".

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلاً سأل عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان -رضي الله تعالى عنه-: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك، قال: فخرج من عنده فلقي رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك، فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحداً فعل ذلك لجعلته نكالا".

قال ابن شهاب رحمه الله أراه علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-.

وحدثني عن مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام -رضي الله تعالى عنه- مثل ذلك.

قال مالك رحمه الله في الأمة تكون عند الرجل فيصيبها، ثم يريد أن يصيب أختها: إنها لا تحل له حتى يحرم عليه فرج أختها بنكاح أو عتاقة أو كتابة، أو ما أشبه ذلك، يزوجها عبده أو غير عبده.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ص: 1

فيقول المؤلف رحمه الله:

باب: ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين، والمرأة وابنتها

معلوم بالدليل القطعي أنه لا يجوز الجمع بين الأختين {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [(23) سورة النساء] وكذلك لا يجوز الجمع بين المرأة وبنتها، يعني الربيبة حرام على زوج الأم، والأم حرام على زوج البنت، هذا أمر معلوم معروف، لا يختلف فيه، وهذا بالنسبة للأحرار، وأما بالنسبة لملك اليمين فمسكوت عنه إلا ما يتناوله عموم قول الله -جل وعلا-:{وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} [(24) سورة النساء]{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] فليس فيه تقييد بأختين، ولا ببنت وأمها، أو أم وبنتها، وأم وعمتها، وأم وخالتها، وامرأة وعمتها، وامرأة وخالتها، هذا إذا كان من ملك اليمين فهو يحتمل أن تتناوله النصوص العامة، التي تقدم بعضها أنها أن تتزوج المرأة على عمتها أو على خالتها، أو يقال: إن هذا خاص بالأحرار، وأما بالنسبة للإماء {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] ولذا يختلف أهل العلم في مثل هذا.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أن عمر بن الخطاب سُئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما" يعني من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى، يملك الأم ثم يملك البنت، هل تكون البنت ربيبة فلا يجوز له أن يطأها {وَرَبَائِبُكُمُ اللَاّتِي فِي حُجُورِكُم} [(23) سورة النساء] أو تكون داخلة في قوله:{إِلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء]"فقال عمر: "ما أحب أن أخبرهما جميعاً" لا يحب أن يطأ الاثنتين التي جاء المنع منهما في حق الأحرار، وينظر إلى فرجين يحرم الجمع بينهما بالنسبة في الأحرار، والإماء مثله؛ لأن العلة واحدة وأما ما يتناوله عموم {إِلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] فإن هذا يكون مخصوصاً بما جاء في الجمع بين المرأة وابنتها، وبين البنت وأمها، والبنت وأختها، والمرأة وعمتها وهكذا.

ص: 2

"ما أحب أن أخبرهما جميعاً" يعني ما أحب أن أطأهما جميعاً، فالخبرة الباطنة التي لا تحصل لكل أحد، إنما تحصل للزوج فقط، أو السيد فقط، لا يحب أن يجمع بين ما حرم الله عليه الجمع بينهما، والخبرة والمخابرة تطلق على الحرث، والنساء حرث.

"ونهى عن ذلك" ولا شك أن الدليل ليس بقطعي، دلالة النصوص على مثل هذا ليست قطعية، {إِلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] عمومه يشمل الجميع، لكن يبقى أن الأصل في الفروج المنع والاحتياط، فإذا كان الدليل محتملاً فالمنع هو المتجه.

ثم قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلاً سأل عثمان رضي الله عنه عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية"{إِلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(24) سورة النساء] يعني عموم هذا الاستثناء يتناول الأختين، ويتناول الربيبة مع الأم، والعكس، والبنت والمرأة مع عمتها، وخالتها، يتناول جميع الممنوعات بالنسبة للأحرار.

"أحلتهما آية، وحرمتهما آية"{وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [(23) سورة النساء]"فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك" لورعه لم يفتِ بالتحريم، ولورعه أيضاً لا يرى الجمع ورعاً منه، ولا يفتي بالتحريم، وهذا في باب الاحتياط ظاهر، لكن يبقى أن الفروج الأصل فيها المنع والاحتياط، فلا يقدم إلا على ما أبيح، ما كانت إباحته ظاهرة لا خفاء فيها.

قال: "فخرج من عنده فلقي رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحداً فعل ذلك لجعلته نكالاً" يعني لعزرته تعزيراً بالغاً، يمتنع هو ومن يعلم بخبره عن مثل هذا الفعل، ويكون هذا من باب التعزير؛ لأن الدليل ليس بصريح، فيعزر على هذا.

"قال ابن شهاب أراه علي بن أبي طالب" يعني أظن هذا الصحابي الذي سأله ذلك الرجل هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام مثل ذلك" يعني مثلما قال علي -رضي الله تعالى عنه-، وأن من فعل ذلك يستحق التعزير.

ص: 3