المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٩٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب

على رأي شيخ الإسلام أن النكاح يطلق على الوطء بمفرده كما أنه يطلق على العقد بمفرده، فيدخل الزنا في قوله -جل وعلا-:{وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [(22) سورة النساء] هذا على مقتضى رأي شيخ الإسلام، أما ما يقرره كثير من أهل العلم أن الزنا لا تثبت به الأحكام الشرعية؛ لأنه ليس بعقد كما أنه لا تثبت به الثيبوبة والإحصان، لا يثبت به مثل هذا، المرأة إذا وطئت بزنا لا تزال بكراً، والرجل إذا زنا فهو بكر حكماً، لا يرتفع عنه الوصف، ولا ينتقل إلى الإحصان بمجرد الوطء بالزنا، هم يريدون أن يطردوا الباب ويجعلونه واحداً، وإن كان عموم لفظ النكاح يشمل الوطء فقط.

قال: "وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الملك بن مروان أنه وهب لصاحب له جارية، ثم سأله عنها فقال: "قد هممت أن أهبها لابني فيفعل بها كذا وكذا" فقال عبد الملك: لمروان كان أورع منك" يعني أباه "لمروان كان أورع منك، وهب لابنه جارية، ثم قال: لا تقربها، فإني قد رأيت ساقها منكشفة" يعني اطلع منها على ما لم يطلع عليه إلا الزوج، لكن مجرد انكشاف الساق من غير قصد، ومن غير إرادة للنكاح قد ينكشف ساق المحرم، المحرم البنت أو الأخت، أو ما أشبه ذلك، وهذا لا يقتضي أن يكون

، هذا يعني لا يختص به الزوج أو السيد، يعني مجرد انكشاف الساق لا يكفي، إلا إذا صاحبه قصد للوطء، كشف ساقها ثم رجع عن ذلك، لكنه هنا: فإني قد رأيت ساقها منكشفة، ولا شك أن مثل هذا ورع، هذا مزيد تحري وورع.

طالب:. . . . . . . . .

يقول: فإني قد رأيت ساقها منكشفة.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، كل النصوص التي تقدمت تدل على ما دون الجماع.

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال هو قول: لمروان كان أورع منك، هذا من باب الورع.

طالب:. . . . . . . . .

تجوز له رؤيته، لكن مع ذلك أن القدر الذي يشترك فيه هذه الأمة مع المحرم لا يقتضي التحريم، إنما يقتضي التحريم ما فوق ذلك، مما يختص به الزوج أو السيد، لكن تركها، أوصاه من باب الورع، نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب

ص: 7

قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} [(5) سورة المائدة] فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات، وقال الله تبارك وتعالى:{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [(25) سورة النساء] فهن الإماء المؤمنات.

قال مالك: فإنما أحل الله فيما نرى نكاح الإماء المؤمنات ولم يحلل نكاح إماء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية؟

قال مالك: والأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك اليمين، ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب

يجوز نكاح المحصنات الأحرار العفيفات من نساء أهل الكتاب، لكن الإماء من أهل الكتاب لا يجوز نكاحهن، يجوز وطئهن بملك اليمين ولا يجوز بالنكاح؛ لأن نكاح الأمة لا يجوز حتى في المسلمة، حتى الأمة المسلمة لا يجوز نكاحها، بمعنى أنه يعقد عليها، وهي ملك لغيره، إلا بشرط أن لا يجد طول الحرة، وأن يخشى على نفسه العنت كما تقدم، وإذا أبيح نساء أهل الكتاب الأحرار وهو مستثنى من تحريم المشركات، ولذا قال في نهاية الباب: ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين، كما أنه لا يجوز نكاح المرأة الحرة المجوسية، ولا عموم المشركات، ولم يستثن منهم -من المخالف في الدين- إلا النساء المحصنات الأحرار من أهل الكتاب.

ص: 8

"قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} [(5) سورة المائدة] " يعني هل هذا مخصص من قوله -جل وعلا-: {وَلَا تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [(221) سورة البقرة] أو نقول: إن أهل الكتاب ليسوا بمشركين، ولو كان فيهم شرك فلا نحتاج إلى مخصص؟ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [(1) سورة البينة] فالذي يقرره جمع من أهل العلم ومنهم الحافظ ابن رجب رحمه الله أن أهل الكتاب ليسوا بمشركين، هم كفار إجماعاً، كفار إجماعاً، قالوا: ومن شك في كفرهم كفر إجماعاً أيضاً، أهل الكتاب اليهود والنصارى، لكن هل يقال لهم: مشركون أو يقال: فيهم شرك؟ وفرق بين أن يكون الشخص مشركاً، أو فيه شرك، فرق بين أن يكون جاهلياً أو فيه جاهلية، فرق بين هذا وهذا، فالذي يقرره الحافظ ابن رجب أنهم ليسوا بمشركين، وإنما فيهم شرك، مثل هذا بعض غلاة المبتدعة الذين يصرفون لبعض المخلوقين بعض حقوق الله -جل وعلا-، هل يقال: إنهم مشركون، أو يقال: فيهم شرك؟ يعني الأصل فيهم التوحيد، ثم دخل عليهم الشرك كما دخل على اليهود والنصارى، ويكون حينئذٍ فرق بين هذا وهذا، والشرك إذا وجد أحبط العمل، هذا ما فيه إشكال ولا خلاف، قد يقول قائل: ما الفائدة ما داموا كفار لماذا لا نقول: مشركين؟ يعني أهل الكتاب؟ الفرق لمجرد أننا هل نحتاج إلى مخصص يخرج نساء أهل الكتاب من قوله -جل وعلا-: {وَلَا تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] أو لا نحتاج إلى مخصص؛ لأنهم لا يدخلون أصلاً في النص؟ وإذا احتجنا إلى مخصص فالمخصص موجود، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، هذا مخصص موجود، والخلاف يقرب من أن يكون لفظياً، حتى في المسلم الذي أصله الإسلام، ثم يشرك بصرف شيء من حقوق الرب -جل وعلا- لأحد من خلقه الخلاف لفظي {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] وهذا قيل في حق أفضل الخلق {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر]

ص: 9

{إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] المشرك خالد مخلد في النار، لكن هل يقال: إنه مشرك، وحكمه حكم المشركين الأوائل الذين ما عرفوا الدين؟ أو يقال: إن أصله الإسلام ودخل في الإسلام بيقين، ونحتاج إلى مزيد تحرٍ في إخراجه منه؟ هذا هو الفرق يعني، وإلا إذا ثبت أنه أشرك وابتدع بدعة مخرجة عن الملة هذا حكمه حكم الكفار، لكن نحتاج إلى مزيد تثبت في إخراجه مما دخل فيه بيقين.

يعني إذا نظرنا إلى الأمم الشرقية مثلاً، في تايلاند مثلا قرروا في دستورهم أن الديانة الأصلية المعتمدة في الدولة البوذية، هؤلاء مشركون بلا شك، وإذا نظرنا في بعض أقطار المسلمين من يقول: لا إله إلا الله ويطوف على قبر، ويطلب من صاحبه الحوائج، هذا شرك أكبر نسأل الله العافية، هل نقول: إن هذا مثل هذا؟ أو نقول: هذا من الأصل ما دخل في الإسلام؟ فهو كافر قطعاً يقيناً، وهذا الأصل فيه الإسلام، ثم بعد ذلك ننظر في توافر الأسباب وانتفاء الموانع لنطبق عليه حكم المشرك الذي يخلد في النار، أو يعذر بجهله، أو لوجود مانع آخر، هل نقول: إن حكمهم واحد؟ هل نقول: إن هذا الأصل فيه الإسلام وفيه شرك؟ يعني مثلما يقال الآن: إن بعض الناس أتى بناقض فحكمه كفر، وخرج من الملة، ولا يعذر بإكراه ولا بضغط ولا بغيره، بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام ما عذر هرقل لما ضغط عليه، نقول: الفرق ظاهر، هرقل الأصل فيه الكفر، ليس بمسلم، فلا يدخل في الإسلام إلا بيقين، ومن قيل: إنه خرج من الإسلام بمكفر أكره عليه هو في الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين، فرق بين هذا وهذا، الإكراه لا يعذر فيه، بدليل أن هرقل أكره، نقول: فرق بين من الأصل فيه الإسلام، دخل فيه بيقين لا يخرج إلا بيقين، تقبل فيه الموانع، ومن كان الأصل فيه الكفر لا يدخل فيه إلا بيقين، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

المقصود أنه عندنا النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((كذب، مات على نصرانيته)) هذا النص القاطع عندنا ((كذب الخبيث مات على نصرانيته)) هذا حديث.

ص: 10

"قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} [(5) سورة المائدة] فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات، وقال الله تبارك وتعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [(25) سورة النساء] " لأن نكاح الأمة خلاف الأصل، فيقتصر فيه على مورد النص {مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [(25) سورة النساء] فهن الإماء المؤمنات".

"قال مالك: فإنما أحل الله فيما نرى نكاح الإماء المؤمنات، ولم يحلل نكاح إماء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية؟ "

"قال مالك: والأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك اليمين" كالأمة المسلمة، بخلاف النكاح الذي فيه عقد، فإذا منع من نكاح الأمة المسلمة إلا بالشروط فلئن يمنع من نكاح الأمة اليهودية أو النصرانية من باب أولى، وتحل الأمة بمجرد ملك اليمين سواء كانت مسلمة أو يهودية أو نصرانية.

"ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين" لأنها مشركة، وقد حرم على المسلم أن ينكح المشركة حتى تؤمن.

طالب: حتى لو كانت ....

نعم، إيه؟

طالب:. . . . . . . . .

أو في معناه؟ المقصود أنهم كفار خالدون مخلدون في النار، هذا ما فيه إشكال، هذا أمر مجمع عليه، ثم بعد ذلك هل يقال: إنهم مشركون من أجل أن نطلب مخصص لقوله: {وَلَا تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] أو ليسوا بمشركين فلا نحتاج إلى مخصص كما قال ابن رجب؟ وإذا طلبنا مخصصاً فالمخصص موجود يعني، فالخلاف في نظري يقرب من اللفظي.

طالب:. . . . . . . . .

الأمة يعني في السبي مثلاً غزا المسلمون الكفار المشركين فسبوا منهم، سبايا أوطاس مثلاً.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 11