الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب الوصية بالنساء)
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا) الْعِوَجُ ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِهَا وَلَعَلَّ الْفَتْحَ أَكْثَرُ وَضَبَطَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ وَآخَرُونَ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ عَلَى مُقْتَضَى مَا سَنَنْقُلُهُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْعَوَجُ بِالْفَتْحِ فِي كُلِّ مُنْتَصِبٍ كَالْحَائِطِ وَالْعُودِ وَشِبْهِهِ وَبِالْكَسْرِ مَا كَانَ فِي بِسَاطٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ مَعَاشٍ أَوْ دِينٍ وَيُقَالُ فُلَانٌ فِي دِينِهِ عِوَجٌ بِالْكَسْرِ هَذَا كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْعَوَجُ بِالْفَتْحِ فِي كُلِّ شَخْصٍ وَبِالْكَسْرِ فِيمَا لَيْسَ بِمَرْئِيٍّ كَالرَّأْيِ وَالْكَلَامِ قَالَ وَانْفَرَدَ عَنْهُمْ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ فَقَالَ كِلَاهُمَا بِالْكَسْرِ وَمَصْدَرُهُمَا بِالْفَتْحِ وَالضِّلَعُ بِكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَا يَقُولُهُ الْفُقَهَاءُ أَوْ بَعْضُهُمْ أَنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زوجها وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُلَاطَفَةُ النِّسَاءِ وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِنَّ وَالصَّبْرُ عَلَى عِوَجِ أَخْلَاقِهِنَّ وَاحْتِمَالُ ضَعْفِ عُقُولِهِنَّ وَكَرَاهَةُ طَلَاقِهِنَّ بِلَا سَبَبٍ وَأَنَّهُ لَا يُطْمَعُ بِاسْتِقَامَتِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ لِيَسْكُتْ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الرِّفْقِ بِالنِّسَاءِ وَاحْتِمَالِهِنَّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ إِلَّا بِخَيْرٍ فَأَمَّا الْكَلَامُ الْمُبَاحُ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَيُمْسِكُ عَنْهُ مَخَافَةً مِنَ انْجِرَارِهِ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ
[1469]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَا يَفْرَكُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ أَوْ قَالَ غَيْرَهُ) يَفْرَكُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ بَيْنَهُمَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ فَرِكَهُ بِكَسْرِ الراء يفركه بفتحها إِذَا أَبْغَضَهُ وَالْفَرْكُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ الْبُغْضُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا لَيْسَ عَلَى النَّهْيِ قَالَ هُوَ خَبَرٌ أَيْ لَا يَقَعُ مِنْهُ بُغْضٌ تَامٌّ لَهَا قَالَ وَبُغْضُ الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ خِلَافُ بُغْضِهِنَّ لَهُمْ قَالَ وَلِهَذَا قَالَ إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهُ نَهْيٌ أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ أَوْ جَمِيلَةٌ أَوْ عَفِيفَةٌ أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّهُ نَهْيٌ يَتَعَيَّنُ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الرِّوَايَاتِ لَا يَفْرَكْ بِإِسْكَانِ الْكَافِ لَا بِرَفْعِهَا وَهَذَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّهْي وَلَوْ رُوِيَ مَرْفُوعًا لَكَانَ نَهْيًا
بِلَفْظِ الْخَبَرِ وَالثَّانِي أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ خِلَافُهُ فَبَعْضُ النَّاسِ يُبْغِضُ زَوْجَتَهُ بُغْضًا شَدِيدًا وَلَوْ كَانَ خَبَرًا لَمْ يَقَعْ خِلَافُهُ وَهَذَا وَاقِعٌ وَمَا أَدْرِي مَا حَمَلَ الْقَاضِي عَلَى هَذَا التفسير
[1470]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ) أَيْ لَمْ تخنه أبدا وحواء بالمد روينا عن بن عَبَّاسٍ قَالَ سُمِّيَتْ حَوَّاءُ لِأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ قِيلَ إِنَّهَا وَلَدَتْ لِآدَمَ أَرْبَعِينَ وَلَدًا فِي عِشْرِينَ بَطْنًا فِي كُلِّ بَطْنٍ ذَكَرٌ وَأُنْثَى وَاخْتَلَفُوا مَتَى خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ فقيل قبل دخولها الْجَنَّةَ فَدَخَلَاهَا وَقِيلَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ الْقَاضِي وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا أُمُّ بَنَاتِ آدَمَ فأشبهنها ونزع العرق لما جرى لها فِي قِصَّةِ الشَّجَرَةِ مَعَ إِبْلِيسَ فَزَيَّنَ لَهَا أَكْلَ الشَّجَرَةِ فَأَغْوَاهَا فَأَخْبَرَتْ آدَمَ بِالشَّجَرَةِ فَأَكَلَ مِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْبُثِ الطَّعَامُ وَلَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالنُّونِ وَبِكَسْرِ النُّونِ وَالْمَاضِي مِنْهُ خَنِزَ بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَمَصْدَرُهُ الْخَنَزُ وَالْخُنُوزُ وَهُوَ إِذَا تَغَيَّرَ وَأَنْتَنَ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى نُهُوا عَنِ ادِّخَارِهَمَا فَادَّخَرُوا فَفَسَدَ وَأَنْتَنَ وَاسْتَمَرَّ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ والله أعلم