الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ حَرَّمَ امْرَأَتَهُ ولم ينو الطلاق
[1473]
قوله (عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْحَرَامِ يَمِينٌ يكفرها) وقال بن عَبَّاسٍ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حسنة وفى رواية عن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَذَكَرَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى لِمَ تُحَرِّمُ مَا أحل الله لك وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إِنْ نَوَى طَلَاقَهَا كَانَ طَلَاقًا وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ كَانَ ظِهَارًا وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا ظِهَارٍ لَزِمَهُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ يَمِينًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا يَلْزَمُهُ كفارة يمين والثانى أنه لغو لا شئ فيه ولا يترتب عليه شئ مِنَ الْأَحْكَامِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَذْهَبًا أَحَدُهَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا لَكِنْ لَوْ نَوَى أَقَلَّ مِنَ الثَّلَاثِ قُبِلَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا خَاصَّةً قَالَ وَبِهَذَا الْمَذْهَبِ قَالَ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدٌ وَالْحَسَنُ وَالْحَكَمُ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْمَدْخُولِ بها ولا غيرها قاله بن أَبِي لَيْلَى وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيُّ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثٌ وَعَلَى غَيْرِهَا وَاحِدَةٌ)
قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمَالِكِيَّانِ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَالْخَامِسُ أَنَّهَا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ قَالَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيُّ وَالسَّادِسُ أَنَّهُ يَقَعُ مَا نَوَى وَلَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَالسَّابِعُ أَنَّهُ إِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ عَدَدًا أَوْ يَمِينًا فَهُوَ مَا نَوَى وَإِلَّا فَلَغْوٌ قَالَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالثَّامِنُ مِثْلُ السَّابِعِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالتَّاسِعُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَسَبَقَ إِيضَاحُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رضي الله عنهم وَالْعَاشِرُ إِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا وَقَعَ الثَّلَاثُ وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَيَمِينٌ وَإِنْ نَوَى الْكَذِبَ فَلَغْوٌ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَادِي عَشَرَ مِثْلُ الْعَاشِرِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا نَوَى اثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ قَالَهُ زُفَرُ وَالثَّانِي عَشَرَ أَنَّهُ تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ قَالَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَالثَّالِثَ عَشَرَ هِيَ يَمِينٌ فيها كفارة اليمين قاله بن عَبَّاسٍ وَبَعْضُ التَّابِعِينَ الرَّابِعَ عَشَرَ أَنَّهُ كَتَحْرِيمِ الماء والطعام فلا يجب فيه شئ أصلا ولا يقع به شئ بَلْ هُوَ لَغْوٌ قَالَهُ مَسْرُوقٌ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُو سَلَمَةَ وَأَصْبَغُ الْمَالِكِيُّ هَذَا كُلُّهُ إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ أَمَّا إِذَا قَالَهُ لِأَمَةٍ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إِنْ نَوَى عِتْقَهَا عُتِقَتْ وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَكُونُ يَمِينًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَجَبَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَقَالَ مَالِكٌ هَذَا فِي الْأَمَةِ لَغْوٌ لَا يَتَرَتَّبُ عليه شئ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِنَفْسِ التَّحْرِيمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا حَرَّمَهُ مِنْ أَمَةٍ وَطَعَامٍ وَغَيْرِهِ ولا شئ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ فَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ إِنْ قَالَ هَذَا الطَّعَامُ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ هَذَا الْمَاءُ وَهَذَا الثَّوْبُ أَوْ دُخُولُ الْبَيْتِ أَوْ كَلَامُ زَيْدٍ وَسَائِرُ مَا يُحَرِّمهُ غَيْرَ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ يكون هذا لغوا لا شئ فيه ولا يحرم عليه ذلك الشئ فإذا تناوله فلا شئ عَلَيْهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[1474]
قَوْلُهَا (فَتَوَاطَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ فَتَوَاطَيْتُ وَأَصْلُهُ فَتَوَاطَأْتُ بِالْهَمْزِ أَيِ اتفقت
قَوْلُهَا0 إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ) هِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَفَاءٍ وَبَعْدَ الْفَاءِ يَاءٌ هَكَذَا هُوَ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَأَمَّا الْمَوْضِعَانِ الْأَخِيرَانِ فَوَقَعَ فِيهِمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْيَاءِ وَفِي بَعْضِهَا بِحَذْفِهَا قَالَ الْقَاضِي الصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا لِأَنَّهَا عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ الَّتِي فِي الْمُفْرَدِ وَإِنَّمَا حُذِفَتْ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَهُوَ جَمْعُ مَغْفُورٍ وَهُوَ صَمْغٌ حُلْوٌ كَالنَّاطِفِ وَلَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ يَنْضَحُهُ شَجَرٌ يُقَالُ لَهُ الْعُرْفُطُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ يَكُونُ بِالْحِجَازِ وَقِيلَ إِنَّ الْعُرْفُطَ نَبَاتٌ لَهُ وَرَقَةٌ عَرِيضَةٌ تَفْتَرِشُ عَلَى الْأَرْضِ لَهُ شَوْكَةٌ حَجْنَاءُ وَثَمَرَةٌ بَيْضَاءُ كَالْقُطْنِ مِثْلُ زِرِّ الْقَمِيصِ خَبِيثُ الرَّائِحَةِ قَالَ الْقَاضِي وَزَعَمَ الْمُهَلَّبُ أَنَّ رَائِحَةَ الْمَغَافِيرِ وَالْعُرْفُطِ حَسَنَةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ وَخِلَافُ
مَا قَالَهُ النَّاسُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْعُرْفُطُ مِنْ شَجَرِ الْعِضَاهِ وَهُوَ كُلُّ شَجَرٍ لَهُ شَوْكٌ وَقِيلَ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ النَّبِيذِ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ أَنْ تُوجَدَ مِنْهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ قَوْلُهَا (جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ) هُوَ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَكَلَتِ الْعُرْفُطَ لِيَصِيرَ مِنْهُ الْعَسَلُ قوْلُهَا (فَقَالَ بَلْ شربت عسلا عند زينب بن جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ فَنَزَلَ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أحل الله لك) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي سَبَبِ تَرْكِ الْعَسَلِ وَفِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَحْرِيمِ مَارِيَةَ قَالَ الْقَاضِي اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي قِصَّةِ الْعَسَلِ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَحْرِيمِ مَارِيَةَ جَارِيَتِهِ وَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا قَالَ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَوْجَبَ بِالتَّحْرِيمِ كَفَّارَةً مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ الله لكم تحلة أيمانكم لِمَا رُوِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَاللَّهِ لَا أَطَأُهَا ثُمَّ قَالَ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ حَلِفِهِ على شربه العسل وتحريمه ذكره بن الْمُنْذِرِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لَنْ أَعُودَ لَهُ وقد حلفت أن لا تخبره بِذَلِكَ أَحَدًا وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي شُرْبِ الْعَسَلِ لَنْ أَعُودَ إِلَيْهِ أَبَدًا وَلَمْ يَذْكُرْ يَمِينًا لَكِنْ قوله تعالى قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِي التَّحْرِيمِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَهَكَذَا يُقَدِّرُهُ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَمُوَافِقُوهُمْ قَوْلُهَا (فَقَالَ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ) وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا أَنَّ شُرْبَ الْعَسَلِ كَانَ عِنْدَ حَفْصَةَ قَالَ الْقَاضِي ذَكَرَ مسلم فى حديث
حجاج عن بن جُرَيْجٍ أَنَّ الَّتِي شَرِبَ عِنْدهَا الْعَسَلَ زَيْنَبُ وَأَنَّ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ عَلَيْهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فى حديث عمر بن الخطاب وبن عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ أَنَّ حَفْصَةَ هِيَ الَّتِي شَرِبَ الْعَسَلَ عِنْدَهَا وَأَنَّ عَائِشَةَ وَسَوْدَةَ وَصْفِيَّةَ مِنَ اللَّوَاتِي تَظَاهَرْنَ عليه وقال وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ قَالَ النَّسَائِيُّ إِسْنَادُ حَدِيثِ حَجَّاجٍ صَحِيحٌ جَيِّدٌ غَايَةٌ وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ حَدِيثُ حَجَّاجٍ أَصَحُّ وَهُوَ أَوْلَى بِظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَكْمَلُ فَائِدَةً يُرِيدُ قَوْلَهُ تَعَالَى وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَهُمَا اثْنَتَانِ لَا ثَلَاثٌ وَأَنَّهُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ كَمَا قَالَ فِيهِ وَكَمَا اعْتَرَفَ بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه وَقَدِ انْقَلَبَتِ الْأَسْمَاءُ على الرواى فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَمَا أَنَّ الصَّحِيحَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ أَنَّهَا فِي قِصَّةِ الْعَسَلِ لا في قصة مارية المروى فِي غَيْرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلَمْ تَأْتِ قِصَّةُ مَارِيَةَ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ قَالَ النَّسَائِيُّ إِسْنَادُ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْعَسَلِ جَيِّدٌ صَحِيحٌ غَايَةٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ هَذَا الصَّوَابُ أَنَّ شُرْبَ الْعَسَلِ كَانَ عِنْدَ زَيْنَبَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بعض أزواجه حديثا لِقَوْلِهِ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا) هَكَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ قَالَ الْقَاضِي فِيهِ اخْتِصَارٌ وَتَمَامُهُ وَلَنْ أَعُودَ إِلَيْهِ وَقَدْ حَلَفْتُ أَنْ لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي مَعْنَى السِّرِّ وَقِيلَ بَلْ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ مَارِيَةَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهَا (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِالْحَلْوَاءِ هُنَا كل شئ حُلْوٍ وَذَكَرَ الْعَسَلَ بَعْدَهَا تَنْبِيهًا عَلَى شَرَافَتِهِ وَمَزِيَّتِهِ وَهُوَ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ وَالْحَلْوَاءُ بِالْمَدِّ وَفِيهِ جَوَازُ كُلِّ لَذِيذِ الْأَطْعِمَةِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الزُّهْدَ وَالْمُرَاقَبَةَ لَا سِيَّمَا إِذَا حَصَلَ اتِّفَاقًا قَوْلُهَا (فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَا يَقُولُهُ أَصْحَابُنَا إِنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ قَسَمَ بَيْنَ نِسَائِهِ أَنْ يَدْخُلَ فِي النَّهَارِ إِلَى بَيْتِ غَيْرِ الْمَقْسُومِ لَهَا لِحَاجَةٍ وَلَا يَجُوزُ الْوَطْءُ قَوْلُهَا (وَاللَّهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ) هُوَ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَيْ مَنَعْنَاهُ مِنْهُ يُقَالُ مِنْهُ حَرَّمْتُهُ وَأَحْرَمْتُهُ وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ قَوْلُهُ (قَالَ إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ بِهَذَا مَعْنَاهُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سُفْيَانَ صَاحِبَ مُسْلِمٍ