المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب طلاق الثلاث) - شرح النووي على مسلم - جـ ١٠

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب لاتحل الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِمُطَلِّقِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)

- ‌(باب ما يستحب أن يقوله عند الجماع)

- ‌(باب جَوَازِ جِمَاعِهِ امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا مِنْ قُدَّامِهَا وَمِنْ

- ‌(باب تحريم امتناعها من فراش زوجها)

- ‌(باب تحريم إفشاء الْمَرْأَةِ)

- ‌(بَابُ حُكْمِ الْعَزْلِ)

- ‌(باب تحريم وطء الحامل المسبية)

- ‌(باب جَوَازِ الْغِيلَةِ وَهِيَ وَطْءُ الْمُرْضِعِ وَكَرَاهَةِ الْعَزْلِ)

- ‌(باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء)

- ‌(باب الولد للفراش وتوقى الشبهات)

- ‌(باب العمل بإلحاق القائف الولد)

- ‌(باب قدر ما تستحقه البكر والثيب)

- ‌(حَقَّهَا وَأَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ بين ثلاث بلا قضاء وبين سبع ويقضى

- ‌(باب القسم بين الزوجات وبيان أن السنة)

- ‌(باب جَوَازِ هِبَتِهَا نَوْبَتَهَا لِضُرَّتِهَا)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ نِكَاحِ ذَاتِ الدِّينِ)

- ‌(باب استحباب نكاح البكر)

- ‌(باب الوصية بالنساء)

- ‌(كتاب الطلاق هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ الْإِرْسَالُ وَالتَّرْكُ

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ طَلَاقِ الْحَائِضِ بِغَيْرِ رِضَاهَا)

- ‌(باب طلاق الثلاث)

- ‌(باب وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ حَرَّمَ امْرَأَتَهُ ولم ينو الطلاق

- ‌(باب بيان أن تخييره امْرَأَتِهِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إِلَّا بِالنِّيَّةِ)

- ‌(باب الْمُطَلَّقَةِ البائن لانفقة لَهَا)

- ‌(باب جواز خروج المعتدة البائن)

- ‌(باب انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا)

- ‌(باب وُجُوبِ الْإِحْدَادِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ (وَتَحْرِيمِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ

- ‌((لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ

- ‌(كِتَابُ الْلِّعَانِ اللِّعَانُ وَالْمُلَاعَنَةُ وَالتَّلَاعُنُ مُلَاعَنَةُ

- ‌(بَاب بَيَانِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ

- ‌(باب النهى عن بيع الولاء وهبته)

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ تَوَلِّي الْعَتِيقِ غَيْرَ مَوَالِيهِ فِيهِ نَهْيُهُ صَلَّى

- ‌(بَاب فَضْلِ الْعِتْقِ قَوْلُهُ (دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ) بِضَمِّ الرَّاءِ قَوْلُهُ

- ‌(باب فضل عتق الوالد[1510]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَا

- ‌(كتاب البيوع قَالَ الْأَزْهَرِيُّ تَقُولُ الْعَرَبُ بِعْتُ بِمَعْنَى بِعْتُ

- ‌(باب ابطال بيع الملامسة والمنابذة[1511]قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ

- ‌(بَاب بُطْلَانِ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَالْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ غَرَرٌ)

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ بَيْعِ حبل الحبلة)

- ‌(بَابِ تَحْرِيمِ بَيْعِ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وسومه على سومه)

- ‌(قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَصْلَ الْمُصَرَّاةِ مَصْرُورَةٌ ابدلت إِحْدَى

- ‌(باب تحريم تلقى الجلب[1517]قَوْلُهُ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

- ‌(باب تحريم بيع الحاضر للبادى[1520]قَوْلُهُ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ

- ‌(باب حكم بيع المصراة قَدْ سَبَقَ بَيَانُ التَّصْرِيَةِ وَبَيَانُ

- ‌(باب بطلان بيع المبيع قبل القبض[1525]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(باب تحريم بيع صبرة التمر المجهولة القدر بتمر[1530]قَوْلُهُ

- ‌(بَاب ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ[1531]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ

- ‌(إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ ففيه ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا أَصْحَابُنَا

- ‌(بَاب مَنْ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ[1533]قَوْلُهُ (ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِغَيْرِ شَرْطِ

- ‌(باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا فيه

- ‌(باب من باع نخلا عليها تمر[1543]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ عن الْمُخَابَرَةِ وَبَيْعِ

- ‌(باب كراء الارض قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

- ‌(بَاب فَضْلِ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ[1552]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَا

- ‌(باب وضع الجوائح[1554]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَوْ بِعْتَ مِنْ

- ‌(بَاب اسْتِحْبَابِ الْوَضْعِ مِنْ الدَّيْنِ[1557]قَوْلُهُ (وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ

- ‌(بَاب مَنْ أَدْرَكَ مَا بَاعَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ أَفْلَسَ فَلَهُ

- ‌(باب فضل أنظار المعسر والتجاوز (في الاقتضاء من

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ مَطْلِ الْغَنِيِّ وَصِحَّةِ الْحَوَالَةِ واستحباب قبولها

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ بَيْعِ فضل الماء الذى يكون بالفلاة ويحتاج

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ

- ‌(بَاب الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَبَيَانِ نَسْخِهِ وَبَيَانِ تَحْرِيمِ

- ‌(باب حل أجرة الحجامة ذكر فيه الْأَحَادِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى

الفصل: ‌(باب طلاق الثلاث)

(باب طلاق الثلاث)

[1472]

قوله (عن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأبى بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ) وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَتَعْلَمُ إنَّمَا كَانَتِ الثَّلَاثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَثَلَاثًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ فَقَالَ بن عَبَّاسٍ نَعَمْ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءَ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ هَاتِ مِنْ هَنَاتِكَ أَلَمْ يَكُنْ طَلَاقُ الثَّلَاثِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَاحِدَةً فقال قد كان ذلك فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ تَتَابَعَ النَّاسُ فِي الطَّلَاقِ فَأَجَازَهُ عَلَيْهِمْ وَفِي سُنَنِ أَبِي داود عن أبي الصهباء عن بن عَبَّاسٍ نَحْوَ هَذَا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا جَعَلُوهُ وَاحِدَةً هَذِهِ أَلْفَاظُ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُشْكَلَةِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَقَالَ طَاوُسٌ وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ لَا يَقَعُ بِذَلِكَ إِلَّا وَاحِدَةً وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرَطْأَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَالْمَشْهُورُ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وهو قول بن مُقَاتِلٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَاحْتَجَّ هؤلاء بحديث بن عَبَّاسٍ هَذَا وَبِأَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حديث بن عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي الْحَيْضِ وَلَمْ يَحْتَسِبْ بِهِ وَبِأَنَّهُ وَقَعَ فِي حَدِيثِ رُكَانَةَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجْعَتِهَا وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودُ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يحدث بعد ذلك أمرا قَالُوا مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُطَلِّقَ قَدْ يَحْدُثُ لَهُ نَدَمٌ فَلَا يُمْكِنُهُ تَدَارُكُهُ لِوُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ فَلَوْ كَانَتِ الثَّلَاثُ لَا تَقَعُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ هذا

ص: 70

إِلَّا رَجْعِيًّا فَلَا يَنْدَمُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ رُكَانَةَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا أَرَدْتَ إِلَّا وَاحِدَةً قَالَ اللَّهَ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الثَّلَاثَ لَوَقَعْنَ وَإِلَّا فَلَمْ يَكُنْ لِتَحْلِيفِهِ مَعْنًى وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي رَوَاهَا الْمُخَالِفُونَ أَنَّ رُكَانَةُ طَلَّقَ ثَلَاثًا فَجَعَلَهَا وَاحِدَةً فَرِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ عَنْ قَوْمٍ مَجْهُولِينَ وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ مِنْهَا مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَلَفْظُ أَلْبَتَّةَ مُحْتَمِلٌ لِلْوَاحِدَةِ وَلِلثَّلَاثِ وَلَعَلَّ صَاحِبَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ اعْتَقَدَ أَنَّ لَفْظَ أَلْبَتَّةَ يَقْتَضِي الثَّلَاثَ فَرَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي فَهِمَهُ وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ وأما حديث بن عُمَرَ فَالرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أنه طلقها واحدة وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَابِهِ وَتَأْوِيلِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ إِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ طَلْقَةٍ لِقِلَّةِ إِرَادَتِهِمُ الِاسْتِئْنَافَ بِذَلِكَ فَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ الَّذِي هُوَ إِرَادَةُ التَّأْكِيدِ فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُ النَّاسِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَغَلَبَ مِنْهُمْ إِرَادَةُ الِاسْتِئْنَافِ بِهَا حُمِلَتْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الثَّلَاثِ عَمَلًا بِالْغَالِبِ السَّابِقِ إِلَى الْفَهْمِ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُعْتَادَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ كَانَ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَصَارَ النَّاسُ فِي زَمَنِ عُمَرَ يُوقِعُونَ الثَّلَاثَ دَفْعَةً فَنَفَذَهُ عُمَرُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ إِخْبَارًا عَنِ اخْتِلَافِ عَادَةِ النَّاسِ لَا عَنْ تَغَيُّرِ حُكْمٍ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَدْ زَعَمَ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِالْحَقَائِقِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ ثُمَّ نُسِخَ قَالَ وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَا يَنْسَخُ وَلَوْ نَسَخَ وَحَاشَاهُ لَبَادَرَتِ الصَّحَابَةُ إِلَى إِنْكَارِهِ وَإِنْ أَرَادَ هَذَا الْقَائِلُ أَنَّهُ نُسِخَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَلَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِلرَّاوِي أَنْ يُخْبِرَ

ص: 71

بِبَقَاءِ الْحُكْمِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَبَعْضِ خِلَافَةِ عُمَرَ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ يُجْمِعُ الصَّحَابَةُ عَلَى النَّسْخِ فَيُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ قُلْنَا إِنَّمَا يُقْبَلُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى نَاسِخٍ وَأَمَّا أَنَّهُمْ يَنْسَخُونَ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ فَمَعَاذَ اللَّهِ لِأَنَّهُ إِجْمَاعٌ عَلَى الْخَطَأِ وَهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ قِيلَ فَلَعَلَّ النَّسْخَ إِنَّمَا ظَهَرَ لَهُمْ فِي زَمَنِ عُمَرَ قُلْنَا هَذَا غَلَطٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْخَطَأِ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ لَا يَشْتَرِطُونَ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ فِي صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَقَالَ بِهَا قَوْمٌ مِنْ أصحاب بن عَبَّاسٍ فَقَالُوا لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَنَّهَا تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ بِقَوْلِهِ أَنْتَ طَالِقٌ فَيَكُونُ قَوْلُهُ ثَلَاثًا حَاصِلٌ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَقَالَ الْجُمْهُورُ هَذَا غَلَطٌ بَلْ يَقَعُ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ مَعْنَاهُ ذَاتُ طَلَاقٍ وَهَذَا اللَّفْظُ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدَةِ وَالْعَدَدِ وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ ثَلَاثًا تَفْسِيرٌ لَهُ وَأَمَّا هَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي لِأَبِي دَاوُدَ فَضَعِيفَةٌ رَوَاهَا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ قَوْمٍ مَجْهُولِينَ عن طاوس عن بن عَبَّاسٍ فَلَا يُحْتَجُّ بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ مُهْلَةٌ وَبَقِيَّةُ اسْتِمْتَاعٍ لِانْتِظَارِ الْمُرَاجَعَةِ قَوْلُهُ (تتابع النَّاسُ فِي الطَّلَاقِ) هُوَ بِيَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ بَيْنَ الْأَلِفِ وَالْعَيْنِ هَذِهِ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَمَعْنَاهُ أَكْثَرُوا مِنْهُ وَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ لَكِنْ بِالْمُثَنَّاةِ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِّ وَبِالْمُوَحَّدَةِ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَالْمُثَنَّاةُ هُنَا أَجْوَدُ وَقَوْلُهُ (هَاتِ مِنْ هَنَاتِكَ) هُوَ بِكَسْرِ التَّاءِ مِنْ هَاتِ وَالْمُرَادُ بِهَنَاتِكَ أَخْبَارُكَ وَأُمُورُكَ الْمُسْتَغْرَبَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 72