الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب صحبة المماليك
[1657]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَنْ لَطَمَ
مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الرِّفْقُ بِالْمَمَالِيكِ وَحُسْنُ صُحْبَتِهِمْ وَكَفُّ الْأَذَى عَنْهُمْ وَكَذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ بَعْدَهُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ عِتْقَهُ بِهَذَا لَيْسَ وَاجِبًا وَإِنَّمَا هُوَ مَنْدُوبٌ رَجَاءَ كَفَّارَةِ ذَنْبِهِ فِيهِ إِزَالَةُ إِثْمِ ظُلْمِهِ وَمِمَّا اسْتَدَلُّوا بِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ إِعْتَاقِهِ حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ بَعْدَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُمْ حِينَ لَطَمَ أَحَدُهُمْ خَادِمَهُمْ بِعِتْقِهَا قَالُوا لَيْسَ لَنَا خَادِمٌ غَيْرُهَا قَالَ فَلْيَسْتَخْدِمُوهَا فَإِذَا اسْتَغْنَوْا عَنْهَا فَلْيُخَلُّوا سَبِيلَهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِعْتَاقُ الْعَبْدِ لِشَيْءٍ مِمَّا يَفْعَلُهُ بِهِ مَوْلَاهُ مِثْلَ هَذَا الْأَمْرِ الْخَفِيفِ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا كَثُرَ مِنْ ذَلِكَ وَشَنُعَ مِنْ ضَرْبٍ مُبَرِّحٍ مُنْهِكٍ لِغَيْرِ مُوجِبٍ لِذَلِكَ أَوْ حَرَقَهُ بِنَارٍ أَوْ قَطَعَ عُضْوًا لَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ مُثْلَةٌ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ إِلَى عِتْقِ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ بِذَلِكَ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ وَيُعَاقِبُهُ السُّلْطَانُ عَلَى فِعْلِهِ وَقَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيمَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَ الْأَمَةِ أو لحية العبد واحتج مالك بحديث بن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي الَّذِي جَبَّ عَبْدَهُ فَأَعْتَقَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَنْ ضَرَبَ غُلَامًا لَهُ حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ أَوْ لَطَمَهُ فَإِنَّ كَفَّارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُبَيِّنَةٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُولَى مَنْ ضَرَبَهُ بِلَا ذَنْبٍ وَلَا)
على سبيل التعليم والأدب قوله (أن بن عُمَرَ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا فَأَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ عُودًا أَوْ شَيْئًا فَقَالَ مَا فِيهَا مِنَ الْأَجْرِ مَا يَسْوَى هَذَا إِلَّا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ) هَكَذَا وَقَعَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ مَا يَسْوَى وَفِي بَعْضِهَا مَا يُسَاوِي بِالْأَلِفِ وَهَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الصَّحِيحَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَالْأُولَى عَدَّهَا أَهْلُ اللُّغَةِ فِي لَحْنِ الْعَوَامِّ وَأَجَابَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ بِأَنَّهَا تَغْيِيرٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ لا أن بن عمر نطق بها ومعنى كلام بن عُمَرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي إِعْتَاقِهِ أَجْرُ الْمُعْتِقِ تَبَرُّعًا وَإِنَّمَا عِتْقُهُ كَفَّارَةٌ لِضَرْبِهِ وَقِيلَ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَقِيلَ بَلْ هُوَ مُتَّصِلٌ وَمَعْنَاهُ مَا أَعْتَقْتُهُ إِلَّا لِأَنِّي سَمِعْتُ كَذَا قَوْلُهُ (لَطَمْتُ مَوْلًى لَنَا فَهَرَبْتُ ثُمَّ جِئْتُ قُبَيْلَ الظهر
[1658]
فصليت خلف أبي فدعاه ودعاني ثُمَّ قَالَ امْتَثِلْ مِنْهُ فَعَفَا) قَوْلُهُ امْتَثِلْ قِيلَ مَعْنَاهُ عَاقِبْهُ قِصَاصًا وَقِيلَ افْعَلْ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِكَ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى تَطْيِيبِ نَفْسِ الْمَوْلَى الْمَضْرُوبِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ القصاص في الله وَنَحْوِهَا وَإِنَّمَا وَاجِبُهُ التَّعْزِيرُ لَكِنَّهُ تَبَرَّعَ فَأَمْكَنَهُ مِنَ الْقِصَاصِ فِيهَا وَفِيهِ الرِّفْقُ بِالْمَوَالِي وَاسْتِعْمَالُ التَّوَاضُعِ قَوْلُهُ (لَيْسَ لَنَا إِلَّا خَادِمٌ وَاحِدَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَالْخَادِمُ بِلَا هاء
يُطْلَقُ عَلَى الْجَارِيَةِ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الرَّجُلِ وَلَا يُقَالُ خَادِمَةٌ بِالْهَاءِ إِلَّا فِي لُغَةٍ شَاذَّةٍ قَلِيلَةٍ أَوْضَحْتُهَا فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ قَوْلُهُ (هِلَالُ بْنُ يَسَافٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ أَيْضًا أَسَافٌ قَوْلُهُ (عَجَزَ عَلَيْكَ إِلَّا حُرُّ وَجْهِهَا) مَعْنَاهُ عَجَزْتَ وَلَمْ تَجِدْ أَنْ تَضْرِبَ إِلَّا حُرَّ وَجْهِهَا وَحُرُّ الْوَجْهِ صفحته ومارق مِنْ بَشَرَتِهِ وَحُرُّ كُلِّ شَيْءٍ أَفْضَلُهُ وَأَرْفَعُهُ قِيلَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ عَجَزَ عَلَيْكَ أَيِ امْتَنَعَ عَلَيْكَ وَعَجَزَ بِفَتْحِ الْجِيمِ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ أَعْجَزْتُ أن أكون مثل هذا الغراب وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا قَوْلُهُ (فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُعْتِقَهَا) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ رَضُوا بِعِتْقِهَا وَتَبَرَّعُوا بِهِ وَإِلَّا فَاللَّطْمَةُ إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَسَمَحُوا لَهُ بِعِتْقِهَا تَكْفِيرًا لِذَنْبِهِ قَوْلُهُ (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الصُّورَةَ مُحَرَّمَةٌ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمُ الْعَبْدَ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ إِكْرَامًا لَهُ لِأَنَّ فِيهِ مَحَاسِنَ الْإِنْسَانِ
وَأَعْضَاءَهُ اللَّطِيفَةَ وَإِذَا حَصَلَ فِيهِ شَيْنٌ أَوْ أَثَرٌ كَانَ أَقْبَحَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ (إِنَّهُ ضَرَبَ
[1659]
غُلَامَهُ بِالسَّوْطِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الرِّفْقِ بِالْمَمْلُوكِ وَالْوَعْظُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْعَفْوِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ وَالْحُكْمُ كَمَا يَحْكُمُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمَعْمَرِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ قِيلَ
لَهُ الْمَعْمَرِيُّ لِأَنَّهُ رَحَلَ إِلَى مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَتْبَعُ أَحَادِيثَ مَعْمَرٍ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ غُلَامَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ فَقَالَ أَعُوذُ بِرَسُولِ اللَّهِ فَتَرَكَهُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ لَعَلَّهُ لَمْ يَسْمَعِ اسْتِعَاذَتَهُ الْأُولَى لِشِدَّةِ غَضَبِهِ كَمَا لَمْ يَسْمَعْ نِدَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ يَكُونُ لَمَّا اسْتَعَاذَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَنَبَّهَ لِمَكَانِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَنْ قَذَفَ
[1660]
مملوكه بالزنى يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ
لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ الْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَكِنْ يُعَزَّرُ قَاذِفُهُ لِأَنَّ العبد ليس بمحصن وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ مَنْ هُوَ كَامِلُ الرِّقِّ وَلَيْسَ فِيهِ سَبَبُ حُرِّيَّةٍ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ هَذَا فِي حُكْمِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ فَيُسْتَوْفَى لَهُ الْحَدُّ مِنْ قَاذِفِهِ لِاسْتِوَاءِ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فِي الْآخِرَةِ قَوْلُهُ (سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ نَبِيَّ التَّوْبَةِ) قَالَ الْقَاضِي وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ بُعِثَ صلى الله عليه وسلم بِقَبُولِ التَّوْبَةِ بِالْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ وَكَانَتْ تَوْبَةُ مَنْ قَبْلَنَا بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّوْبَةِ الْإِيمَانَ وَالرُّجُوعَ عَنِ الْكُفْرِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَصْلُ التَّوْبَةِ الرجوع قَوْلُهُ عَنِ الْمَعْرُورِ
[1661]
بْنِ سُوَيْدٍ هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالرَّاءِ الْمُكَرَّرَةِ قَوْلُهُ لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلَّةً إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحُلَّةَ عِنْدَ الْعَرَبِ ثَوْبَانِ وَلَا تُطْلَقُ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ (كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِي كَلَامٌ وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَلَقِيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ) أَمَّا قَوْلُهُ رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِي فَمَعْنَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَإِنَّمَا قَالَ مِنْ إِخْوَانِي لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ أَيْ هَذَا التَّعْيِيرُ مِنْ أَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ فَفِيكَ خُلُقٌ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ فَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ التَّعْيِيرِ
وَتَنْقِيصِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَأَنَّهُ مِنْ أَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ قَوْلُهُ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ) مَعْنَى كَلَامِ أَبِي ذَرٍّ الِاعْتِذَارُ عَنْ سَبِّهِ أُمَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ يَعْنِي أَنَّهُ سَبَّنِي وَمَنْ سَبَّ إِنْسَانًا سَبَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ أَبَا السَّابِّ وَأُمَّهُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّمَا يُبَاحُ لِلْمَسْبُوبِ أَنْ يَسُبَّ السَّابَّ نَفْسَهُ بِقَدْرِ مَا سَبَّهُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِأَبِيهِ وَلَا لِأُمِّهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (هُمْ إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ) الضَّمِيرُ فِي هُمْ إِخْوَانُكُمْ يَعُودُ إِلَى الْمَمَالِيكِ وَالْأَمْرُ بِإِطْعَامِهِمْ مِمَّا يَأْكُلُ السَّيِّدُ وَإِلْبَاسُهُمْ مِمَّا يَلْبَسُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا فِعْلُ أَبِي ذَرٍّ فِي كِسْوَةِ غُلَامِهِ مِثْلَ كِسْوَتِهِ فَعَمَلٌ بِالْمُسْتَحَبِّ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ نَفَقَةُ الْمَمْلُوكِ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ بِحَسَبِ الْبُلْدَانِ وَالْأَشْخَاصِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ نَفَقَةِ السَّيِّدِ وَلِبَاسِهِ أَوْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ حَتَّى لَوْ قَتَّرَ السَّيِّدُ عَلَى نَفْسِهِ تَقْتِيرًا خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ إِمَّا زُهْدًا وَإِمَّا شُحًّا لَا يَحِلُّ لَهُ التَّقْتِيرُ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَإِلْزَامُهُ وَمُوَافَقَتُهُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلِّفَهُ من العمل مالا يُطِيقُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَزِمَهُ إِعَانَتُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيَبِعْهُ) وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ وَهَذِهِ
الثَّانِيَةُ هِيَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقَةُ لِبَاقِي الرِّوَايَاتِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ الْمَسْبُوبَ هُوَ بِلَالٌ الْمُؤَذِّنُ
[1662]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ) هُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وقد شرحناه والكسوة بِكَسْرِ الْكَافِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ الْكَسْرُ أَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَنَبَّهَ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى سَائِرِ الْمُؤَنِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْعَبْدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ
[1663]
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا صَنَعَ لِأَحَدِكُمْ خَادِمُهُ طَعَامَهُ ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ وَقَدْ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ
فَلْيَأْكُلْ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا قَلِيلًا فَلْيَضَعْ فِي يَدِهِ مِنْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ) قَالَ دَاوُدُ يَعْنِي لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَمَّا الْأُكْلَةُ فَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَهِيَ اللُّقْمَةُ كَمَا فَسَّرَهُ وَأَمَّا الْمَشْفُوهُ فَهُوَ الْقَلِيلُ لِأَنَّ الشِّفَاهَ كَثُرَتْ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ قَلِيلًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَشْفُوهًا قَلِيلًا أَيْ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْمُوَاسَاةِ فِي الطَّعَامِ لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ صَنَعَهُ أَوْ حَمَلَهُ لِأَنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ نَفْسُهُ وَشَمَّ رَائِحَتَهُ وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (الْعَبْدُ إِذَا نَصَحَ
[1664]
لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الْمُصْلِحِ أَجْرَانِ فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمَمْلُوكِ الْمُصْلِحِ وَهُوَ الناصح لسيده والقائم بعبادة ربه المتوجهة عَلَيْهِ وَأَنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ لِقِيَامِهِ
بِالْحَقَّيْنِ وَلِانْكِسَارِهِ بِالرِّقِّ
[1665]
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ فَفِيهِ أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا جِهَادَ عَلَيْهِ وَلَا حَجَّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ وَأَرَادَ بِبِرِّ أُمِّهِ الْقِيَامَ بِمَصْلَحَتِهَا فِي النَّفَقَةِ وَالْمُؤَنِ وَالْخِدْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ مِنَ الرَّقِيقِ قَوْلُهُ (وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يَحُجُّ حَتَّى مَاتَتْ أُمُّهُ لِصُحْبَتِهَا) الْمُرَادُ بِهِ حَجُّ التَّطَوُّعِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدَّمَ بِرَّ الْأُمِّ عَلَى حَجِّ التَّطَوُّعِ لِأَنَّ بِرَّهَا فَرْضٌ فَقُدِّمَ عَلَى التَّطَوُّعِ وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ مَنْعَ الْوَلَدِ مِنْ حَجَّةِ التَّطَوُّعِ دُونَ حَجَّةِ الْفَرْضِ قَوْلُهُ (قَالَ
[1666]
كَعْبٌ لَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ وَلَا عَلَى مُؤْمِنٍ مُزْهِدٍ) الْمُزْهِدُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ وَمَعْنَاهُ قَلِيلُ الْمَالِ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ لِكَثْرَةِ أَجْرِهِ وَعَدَمِ مَعْصِيَتِهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ كَعْبٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِتَوْقِيفٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بالِاجْتِهَادِ لِأَنَّ مَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ وَأُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ
مَسْرُورًا قَوْلُهُ
[1667]
صلى الله عليه وسلم (نِعِمَّا للملوك أَنْ يُتَوَفَّى يُحْسِنُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَصَحَابَةَ سَيِّدِهِ) أَمَّا نِعِمَّا فَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ قُرِئَ بِهِنَّ فِي السَّبْعِ إِحْدَاهَا كَسْرُ النُّونِ مَعَ إِسْكَانِ الْعَيْنِ وَالثَّانِيَةُ كَسْرُهُمَا وَالثَّالِثَةُ فَتْحُ النُّونِ مَعَ كَسْرِ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أي نعم شيء هو ومعناه نعم ماهو فَأُدْغِمَتِ الْمِيمُ فِي الْمِيمِ قَالَ الْقَاضِي وَرَوَاهُ الْعُذْرِيُّ نُعْمًا بِضَمِّ النُّونِ مُنَوَّنًا وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْ لَهُ مَسَرَّةٌ وَقُرَّةُ عَيْنٍ يُقَالُ نُعْمًا لَهُ وَنِعْمَةً لَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يُحْسِنُ عِبَادَةَ اللَّهِ) هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِ يُحْسِنُ وَعِبَادَةَ مَنْصُوبَةٌ وَالصَّحَابَةُ هُنَا بِمَعْنَى الصُّحْبَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ) وَذَكَرَ حَدِيثَ الِاسْتِسْعَاءِ وَقَدْ سَبَقَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ
فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مَبْسُوطَةً بِطُرُقِهَا وَعَجَبٌ مِنْ إعادة مسلم لها ها هنا عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إِلَى إِعَادَتِهَا وَسَبَقَ هُنَاكَ شَرْحُهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (قُوِّمَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ قِيمَةَ عَدْلٍ لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْوَكْسُ الْغِشُّ وَالْبَخْسُ وَأَمَّا الشَّطَطُ فَهُوَ الْجَوْرُ يُقَالُ شَطَّ الرَّجُلُ وَأَشَطَّ وَاسْتَشَطَّ إِذَا جَارَ وَأَفْرَطَ وَأَبْعَدَ فِي مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ وَالْمُرَادُ يُقَوَّمُ بِقِيمَةِ عَدْلٍ لَا بِنَقْصٍ
وَلَا بِزِيَادَةٍ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكٍ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ شَقِيصًا بِالْيَاءِ وَفِي بَعْضِهَا شِقْصًا بِحَذْفِهَا وَكَذَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَهُمَا لُغَتَانِ شِقْصٌ وَشَقِيصٌ كَنِصْفٍ وَنَصِيفٍ أَيْ نَصِيبٌ قَوْلُهُ
[1668]
(إِنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَدَعَا بِهِمْ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ أَقَرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا) وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ قَوْلُهُ فَجَزَّأَهُمْ هُوَ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ وَتَخْفِيفِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ ذَكَرَهُمَا بن السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَاهُ قَسَمَهُمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا فَمَعْنَاهُ قَالَ فِي شَأْنِهِ قَوْلًا شَدِيدًا كَرَاهِيَةً لِفِعْلِهِ وَتَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى تَفْسِيرُ هَذَا الْقَوْلِ الشَّدِيدِ قَالَ لَوْ عَلِمْنَا مَا صَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ كَانَ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا وَزَجْرًا لِغَيْرِهِ عَلَى مِثْلِ فِعْلِهِ وَأَمَّا أَصْلُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وأحمد وإسحاق وداود وبن جَرِيرٍ وَالْجُمْهُورِ فِي إِثْبَاتِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُثِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَيُعْتِقُ ثُلُثَهُمْ بِالْقُرْعَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقُرْعَةُ بَاطِلَةٌ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي ذَلِكَ بَلْ يُعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ قِسْطَهُ وَيُسْتَسْعَى فِي الْبَاقِي لِأَنَّهَا خَطَرٌ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَشُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ وحكى أيضا عن بن الْمُسَيِّبِ قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الْأَخِيرِ (حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ فقال لم يسمعه بن سِيرِينَ مِنْ عِمْرَانَ فِيمَا يُقَالُ وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أبي المهلب