الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب حَدِّ الْخَمْرِ قَوْلُهُ (إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ
بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ وَفَعَلَهُ
[1706]
أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ) وَفِي رِوَايَةٍ جَلَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ ثُمَّ جَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ وَدَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ قَالَ مَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ الْخَمْرِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا كَأَخَفِّ الْحُدُودِ قَالَ فَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ أَرْبَعِينَ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ جَلَدَ أَرْبَعِينَ ثُمَّ قَالَ لِلْجَلَّادِ أَمْسِكْ ثُمَّ قَالَ جَلَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ أَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخَفُّ الْحُدُودِ فَهُوَ بِنَصْبِ أَخَفَّ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيِ اجْلِدْهُ كَأَخَفِّ الْحُدُودِ أَوِ اجْعَلْهُ كَأَخَفِّ الْحُدُودِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقَوْلُهُ (أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا) يَعْنِي الْعُقُوبَةَ الَّتِي هِيَ حَدُّ الْخَمْرِ وَقَوْلُهُ أَخَفُّ الْحُدُودِ يَعْنِي)
الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا فِي الْقُرْآنِ وَهِيَ حَدُّ السَّرِقَةِ بقطع اليد وحد الزنى جلد مائة وحد القذف ثمانين فَاجْعَلْهَا ثَمَانِينَ كَأَخَفِّ هَذِهِ الْحُدُودِ وَفِي هَذَا جَوَازُ الْقِيَاسِ وَاسْتِحْبَابُ مُشَاوَرَةِ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي أَصْحَابَهُ وَحَاضِرِي مَجْلِسِهِ فِي الْأَحْكَامِ قَوْلُهُ
[1707]
(وَكُلٌّ سُنَّةٌ) مَعْنَاهُ أَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ سُنَّةٌ يُعْمَلُ بِهَا وَكَذَا فِعْلُ عُمَرَ وَلَكِنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ
أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَوْلُهُ (وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ) إِشَارَةً إِلَى الْأَرْبَعِينَ الَّتِي كَانَ جَلَدَهَا وَقَالَ لِلْجَلَّادِ أَمْسِكْ وَمَعْنَاهُ هَذَا الَّذِي قَدْ جَلَدْتَهُ وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الثَّمَانِينَ وَفِيهِ أَنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ سُنَّةٌ يُعْمَلُ بِهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْخَمْرُ فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى شَارِبِهَا سَوَاءٌ شَرِبَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِشُرْبِهَا وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ هَكَذَا حَكَى الْإِجْمَاعَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ وَخَلَائِقُ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ طَائِفَةٍ شَاذَّةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا يُقْتَلُ بَعْدَ جَلْدِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ قَالَ جَمَاعَةٌ دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَسْخِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَسَخَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَحِلُّ دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَدْرِ حَدِّ الْخَمْرِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَآخَرُونَ حَدُّهُ أَرْبَعُونَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ ثَمَانِينَ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرَاتٍ عَلَى تَسَبُّبِهِ فِي إِزَالَةِ عَقْلِهِ وَفِي تَعَرُّضِهِ لِلْقَذْفِ وَالْقَتْلِ وَأَنْوَاعِ الْإِيذَاءِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ مِنَ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ قَالُوا حَدُّهُ ثَمَانُونَ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَأَنَّ فِعْلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْدِيدِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى نَحْوَ أَرْبَعِينَ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا جَلَدَ أَرْبَعِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ في الرواية الثانية وأما زيادة عمر فهي تعزيرات وَالتَّعْزِيرُ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ إِنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ فَرَآهُ عُمَرُ فَفَعَلَهُ وَلَمْ يَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عَلِيٌّ فَتَرَكُوهُ وَهَكَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه إِنَّ الزِّيَادَةَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَأَمَّا الْأَرْبَعُونَ فَهِيَ الْحَدُّ الْمُقَدَّرُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ حَدًّا لَمْ يَتْرُكْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَلَمْ يَتْرُكْهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه بَعْدَ فِعْلِ عُمَرَ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَكُلٌّ سُنَّةٌ معناه الاقتصار
على الأربعين وبلوغ الثَّمَانِينَ فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ولا يشكل شئ مِنْهَا ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ حَدُّ الْحُرِّ فَأَمَّا الْعَبْدُ فَعَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرِّ كما في الزنى وَالْقَذْفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الشَّارِبَ يُحَدُّ سَوَاءٌ سَكِرَ أَمْ لَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ وَهُوَ مَا سِوَى عَصِيرِ الْعِنَبِ مِنَ الْأَنْبِذَةِ الْمُسْكِرَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ هُوَ حَرَامٌ يُجْلَدُ فِيهِ كَجَلْدِ شَارِبِ الْخَمْرِ الَّذِي هُوَ عَصِيرُ الْعِنَبِ سَوَاءٌ كَانَ يَعْتَقِدُ إِبَاحَتَهُ أَوْ تَحْرِيمَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَحْرُمُ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ هُوَ حَرَامٌ يُجْلَدُ بِشُرْبِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ دُونَ مَنْ يَعْتَقِدُ إِبَاحَتَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
عَلِيٌّ وَغَيْرُهُ فَنُسِبَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ رضي الله عنه لِسَبْقِهِ بِهِ وَنَسَبَهُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه لِفَضِيلَتِهِ وَكَثْرَةِ عِلْمِهِ وَرُجْحَانِهِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ رضي الله عنه قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ) هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالْجِيمِ ويقال له أيضا الدانا بحذف الجيم والداناه بِالْهَاءِ وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ الْعَالِمُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ) هُوَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حُضَيْنٌ بِالْمُعْجَمَةِ غَيْرُهُ قَوْلُهُ (فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا حُمْرَانُ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ فَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا ثُمَّ جَلَدَهُ) هَذَا دَلِيلٌ لِمَالِكٍ وَمُوَافِقِيهِ فِي أَنَّ مَنْ تَقَيَّأَ الْخَمْرَ يُحَدُّ حَدَّ الشَّارِبِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَرِبَهَا جَاهِلًا كَوْنَهَا خَمْرًا أَوْ مُكْرَهًا عَلَيْهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحُدُودِ وَدَلِيلُ مَالِكٍ هُنَا قَوِيٌّ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقُوا عَلَى جَلْدِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ يُجِيبُ أَصْحَابُنَا عَنْ هَذَا بِأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه عَلِمَ شُرْبَ الْوَلِيدِ فَقَضَى بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ عُثْمَانَ يَرُدُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (إِنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ يَا عَلِيُّ قُمْ فَاجْلِدْهُ فَقَالَ عَلِيٌّ قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ فَقَالَ حَسَنٌ وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قُمْ فَاجْلِدْهُ فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَقَالَ أَمْسِكْ) مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ الْحَدُّ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَهُوَ الْإِمَامُ لِعَلِيٍّ عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِيمِ لَهُ وَتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ قُمْ فَاجْلِدْهُ أَيْ أَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ بِأَنْ تَأْمُرَ مَنْ تَرَى بِذَلِكَ فَقَبِلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه ذَلِكَ فَقَالَ لِلْحَسَنِ قُمْ فَاجْلِدْهُ فَامْتَنَعَ الْحَسَنُ فَقَالَ لِابْنِ جَعْفَرٍ فَقَبِلَ فَجَلَدَهُ وَكَانَ عَلِيٌّ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّفْوِيضِ إِلَى مَنْ رَأَى كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَقَوْلُهُ وَجَدَ عَلَيْهِ أَيْ غَضِبَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا الْحَارُّ الشَّدِيدُ الْمَكْرُوهُ وَالْقَارُّ الْبَارِدُ الْهَنِيءُ الطَّيِّبُ وَهَذَا مَثَلٌ مِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ وَلِّ شدتها وأوساخها من تولى هنيئها ولذاتها والضمير عَائِدٌ إِلَى الْخِلَافَةِ وَالْوِلَايَةِ أَيْ كَمَا أَنَّ عُثْمَانَ وَأَقَارِبَهُ يَتَوَلَّوْنَ هَنِيءَ الْخِلَافَةِ وَيَخْتَصُّونَ بِهِ يَتَوَلَّوْنَ نَكِدَهَا وَقَاذُورَاتِهَا وَمَعْنَاهُ لِيَتَوَلَّ هَذَا الْجَلْدَ عُثْمَانُ بِنَفْسِهِ أَوْ بَعْضُ خَاصَّةِ أَقَارِبِهِ الْأَدْنَيْنَ والله أعلم قوله (قال أمسك ثم قَالَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ مُعَظِّمًا لِآثَارِ عُمَرَ وَأَنَّ حُكْمَهُ وَقَوْلَهُ سُنَّةٌ وَأَمْرَهُ حَقٌّ وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه خِلَافَ مَا يَكْذِبُهُ الشِّيعَةُ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا فِي مُسْلِمٍ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّ عَلِيًّا جلد
الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ أَرْبَعِينَ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ ثَمَانِينَ وَهِيَ قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ رضي الله عنه الْجَلْدُ فِي الخمر ثمانين وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي قَلِيلِ الْخَمْرِ وَكَثِيرِهَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ جَلَدَ الْمَعْرُوفَ بِالنَّجَاشِيِّ ثَمَانِينَ قَالَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى عُمَرَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ ثَمَانِينَ كَمَا سَبَقَ عَنْ رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ يُرَجِّحُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ جَلَدَ الْوَلِيدَ ثَمَانِينَ قَالَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الْأَرْبَعِينَ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ جَلَدَهُ بِسَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ فَضَرَبَهُ بِرَأْسِهِ أَرْبَعِينَ فَتَكُونُ جُمْلَتُهَا ثَمَانِينَ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَهَذَا أَحَبُّ إلى عائد إلى الثمانين إلى فَعَلَهَا عُمَرُ رضي الله عنه فَهَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يُخَالِفُ بَعْضَ مَا قَالَهُ وَذَكَرْنَا تَأْوِيلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ مَا كُنْتُ أُقِيمُ عَلَى أَحَدٍ حَدًّا فَيَمُوتُ فَأَجِدُ مِنْهُ في نفسي إِلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ إِنْ مَاتَ وَدَيْتُهُ لِأَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسُنَّهُ) أَمَّا أَبُو حَصِينٍ هَذَا فَهُوَ بِحَاءِ مَفْتُوحَةٍ وَصَادٍ مَكْسُورَةٍ وَاسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ وَأَمَّا عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ فَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ بِالْيَاءِ فِي عُمَيْرُ وَفِي سَعِيدٍ وهَكَذَا هُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَجَمِيعِ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْأَسْمَاءِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَوَقَعَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ عُمَيْرُ بْنِ سَعْدٍ بِحَذْفِ الْيَاءِ مِنْ سَعِيدٍ وَهُوَ غَلَطٌ وَتَصْحِيفٌ إِمَّا مِنَ الْحُمَيْدِيِّ وَإِمَّا مِنْ بَعْضِ النَّاقِلِينَ عَنْهُ وَوَقَعَ فِي الْمُهَذَّبِ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِنَا فِي الْمَذْهَبِ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِحَذْفِ الْيَاءِ مِنَ الِاثْنَيْنِ وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ وَالصَّوَابُ