المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطإ (وشبه - شرح النووي على مسلم - جـ ١١

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب تحريم بيع الخمر[1578]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(بَاب أَخْذِ الْحَلَالِ وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ)

- ‌(بَاب بَيْعِ الْبَعِيرِ وَاسْتِثْنَاءِ رُكُوبِهِ فِيهِ حَدِيثُ جَابِرٍ وَهُوَ

- ‌(باب جواز اقتراض الحيوان واستحباب توفيته خيرا مما

- ‌(باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلا

- ‌(بَابُ السَّلَمِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ السَّلَمُ وَالسَّلَفُ وَأَسْلَمَ

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ فِي الْأَقْوَاتِ[1605]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ[1606]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(باب الشفعة[1608]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ

- ‌(باب غرز الخشب في جدار الجار[1609]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(بَاب تَحْرِيمِ الظُّلْمِ وَغَصْبِ الْأَرْضِ وَغَيْرِهَا[1610]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ

- ‌(بَاب قَدْرِ الطَّرِيقِ إِذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(كِتَاب الْفَرَائِضِ هِيَ جَمْعُ فَرِيضَةٍ مِنَ الْفَرْضِ وَهُوَ التَّقْدِيرُ

- ‌كتاب الهبات)

- ‌(باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه

- ‌(باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض (إلا

- ‌(باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة[1623]قَوْلُهُ (عَنِ

- ‌(بَاب الْعُمْرَى قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْمَرَ

- ‌(كِتَابُ الْوَصِيَّةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ وَصَيْتُ الشَّيْءَ

- ‌(بَاب وُصُولِ ثَوَابِ الصَّدَقَاتِ إِلَى الْمَيِّتِ[1630]قَوْلُهُ (إِنَّ أَبِي مَاتَ

- ‌(باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته[1631]قَوْلُهُ صَلَّى

- ‌قَوْلُهُ (أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(بَاب تَرْكِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَيْسَ له شئ يُوصِي فِيهِ قَوْلُهُ (عَنْ

- ‌قَوْلُهُ (اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(كِتَاب الْأَيْمَانِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ[1646]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(بَاب نَدْبِ مَنْ حَلَفَ يَمِينًا فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا أَنْ يَأْتِيَ

- ‌(باب اليمين عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ[1653]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(باب الإستثناء فِي ذَلِكَ وَلَا اعْتِبَارَ بِنِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ غَيْرِ

- ‌(باب النهي عن الإصرار على اليمين فيما (يتأذى به أهل

- ‌فِيهِ حَدِيثُ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً

- ‌(باب صحبة المماليك[1657]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَنْ لَطَمَ

- ‌(بَاب جَوَازِ بيع المدبر[997]قول هـ (إَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ

- ‌كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات)

- ‌(باب القسامة[1669]ذَكَرَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ بِاخْتِلَافِ

- ‌فِيهِ حَدِيثُ الْعُرَنِيِّينَ أَنَّهُمْ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَأَسْلَمُوا

- ‌قَوْلُهُ (إَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا فَقَتَلَهَا

- ‌(باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه إذا دفعه

- ‌(باب إثبات القصاص في الأسنان وما في معناها[1675]قَوْلُهُ (عَنْ

- ‌(بَاب مَا يُبَاحُ بِهِ دَمُ الْمُسْلِمِ[1676]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ببان إثم من سن القتل[1677]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب الْمُجَازَاةِ بِالدِّمَاءِ فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّهَا أَوَّلُ (مَا يُقْضَى

- ‌((فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ)

- ‌(بَاب صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ (وَتَمْكِينِ وَلِيِّ الْقَتِيلِ مِنْ

- ‌(بَاب دِيَةِ الْجَنِينِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ (وَشِبْهِ

- ‌(كِتَاب الْحُدُودِ)

- ‌(بَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ وَنِصَابِهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رضي الله

- ‌(بَاب قَطْعِ السَّارِقِ الشَّرِيفِ وَغَيْرِهِ (وَالنَّهْيِ عَنْ الشَّفَاعَةِ فِي

- ‌(باب حد الزنى[1690]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (خُذُوا عَنِّي

- ‌(بَاب حَدِّ الْخَمْرِ قَوْلُهُ (إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ

- ‌(بَاب قَدْرِ أَسْوَاطِ التَّعْزِيرِ[1708]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَا

- ‌(بَاب الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا[1709]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار أي هدر[1710]قَوْلُهُ

الفصل: ‌(باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطإ (وشبه

بِذَلِكَ فِي هَذَا الرَّجُلِ خَاصَّةً وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَعْنَاهُ يَكُونُ عَفْوُكَ عَنْهُ سَبَبًا لِسُقُوطِ إِثْمِكَ وَإِثْمِ أَخِيكَ الْمَقْتُولِ وَالْمُرَادُ إِثْمُهُمَا السَّابِقُ بِمَعَاصٍ لَهُمَا مُتَقَدِّمَةٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِهَذَا الْقَاتِلِ فَيَكُونُ مَعْنَى يَبُوءُ يَسْقُطُ وَأَطْلَقَ هَذَا اللَّفْظَ عليه مجازا قال القاضي وفي هذا الْحَدِيثِ أَنَّ قَتْلَ الْقِصَاصِ لَا يُكَفِّرُ ذَنْبَ القاتل بالكلية وإن كفرها يبنه وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَيَبْقَى حَقُّ الْمَقْتُولِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

‌(بَاب دِيَةِ الْجَنِينِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ (وَشِبْهِ

الْعَمْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي)

[1681]

قَوْلُهُ (إِنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا فَقَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ) وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا ضَرَبَتْهَا بِعَمُودِ فسطاط وهي حبلى فقتلتها أَمَّا قَوْلُهُ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ فَضَبَطْنَاهُ عَلَى شُيُوخِنَا فِي الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ بِغُرَّةٍ بِالتَّنْوِينِ وَهَكَذَا قَيَّدَهُ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ فِي كُتُبِهِمْ وَفِي مُصَنَّفَاتِهِمْ فِي هَذَا وَفِي شُرُوحِهِمْ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الرِّوَايَةُ فِيهِ بِغُرَّةٍ بِالتَّنْوِينِ وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ مِنْهُ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْإِضَافَةِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَأَقْيَسُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ الْوَجْهَيْنِ ثُمَّ قَالَ الصَّوَابُ رِوَايَةُ التَّنْوِينِ قُلْنَا وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ وَيُوَضِّحُهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ فِي بَابِ دِيَةِ جَنِينِ الْمَرْأَةِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْغُرَّةِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً وقد فسر الغرة في الحديث بعبد أو أمة قال العلماء وأو هُنَا لِلتَّقْسِيمِ لَا لِلشَّكِّ وَالْمُرَادُ بِالْغُرَّةِ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَهُوَ اسْمٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ كَأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْغُرَّةِ عَنِ الْجِسْمِ كُلِّهِ كَمَا قَالُوا أَعْتَقَ رَقَبَةً وَأَصْلُ الْغُرَّةِ بَيَاضٌ فِي الْوَجْهِ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو عَمْرٍو المراد بالغرة الأبيض منهما خاصة قال ولا يجزئ الْأَسْوَدُ قَالَ وَلَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ)

ص: 175

بِالْغُرَّةِ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى شَخْصِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ لَمَا ذَكَرَهَا وَلَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ هَذَا قَوْلُ أَبِي عَمْرٍو وَهُوَ خِلَافُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ تَجْزِي فِيهَا السَّوْدَاءُ وَلَا تَتَعَيَّنُ الْبَيْضَاءُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ أَوْ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْأَبِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الغرة عند العرب أنفس الشئ وَأُطْلِقَتْ هُنَا عَلَى الْإِنْسَانِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي غَيْرِ الصَّحِيحِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ فَرِوَايَةٌ بَاطِلَةٌ وَقَدْ أَخَذَ بِهَا بَعْضُ السَّلَفِ وَحُكِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهَا عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ فَرَسٌ وَقَالَ دَاوُدُ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْغُرَّةِ يَجْزِي وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْجَنِينِ هِيَ الْغُرَّةُ سَوَاءٌ كَانَ الْجَنِينُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى فَيَكْثُرُ فِيهِ النِّزَاعُ فَضَبَطَهُ الشَّرْعُ بِضَابِطٍ يَقْطَعُ النزاع وسواء كان خلقه كامل الأعضاء أم نَاقِصَهَا أَوْ كَانَ مُضْغَةً تَصَوَّرَ فِيهَا خَلْقُ آدَمِيٍّ فَفِي كُلِّ ذَلِكَ الْغُرَّةُ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ الْغُرَّةُ تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ عَلَى مَوَارِيثِهِمُ الشَّرْعِيَّةِ وَهَذَا شخص يورث ولا يَرِثُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ نَظِيرٌ إِلَّا مَنْ بَعْضُهُ حُرُّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ فَإِنَّهُ رَقِيقٌ لَا يورث عندنا وهل يورث فيه قولان أصحهما ورث وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَنِينَ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْأُمِّ فَتَكُونُ دِيَتُهُ لَهَا خَاصَّةً وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا كُلِّهِ إِذَا انْفَصَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا أَمَّا إِذَا انْفَصَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَيَجِبُ فِيهِ كَمَالُ دِيَةِ الْكَبِيرِ فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا وَجَبَ مِائَةُ بَعِيرٍ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَخَمْسُونَ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَمَتَى وَجَبَتِ الْغُرَّةُ فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا عَلَى الْجَانِي هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَسَائِرِ الْكُوفِيِّينَ رضي الله عنهم وَقَالَ مَالِكٌ وَالْبَصْرِيُّونَ تَجِبُ عَلَى الْجَانِي وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ يَلْزَمُ الْجَانِيَ الْكَفَّارَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنهما وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا

ص: 176

قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْكَلَامُ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ مراده فالصواب أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي مَاتَتْ هِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا أُمُّ الْجَنِينِ لَا الْجَانِيَةُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ في الحديث بعده بقوله فقتلتها وَمَا فِي بَطْنِهَا فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ أَيْ الَّتِي قَضَى لَهَا بِالْغُرَّةِ فَعَبَّرَ بِعَلَيْهَا عَنْ لَهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْعَقْلُ عَلَى عَصَبَتِهَا فَالْمُرَادُ عَصَبَةُ الْقَاتِلَةِ قَوْلُهُ (فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهَا ضَرَبَتْهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ هَذَا مَحْمُولٌ على حجر صغير وعمود صغير لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةَ عَلَى الْجَانِي وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجَمَاهِيرِ قَوْلُهُ (فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ) أَمَّا قَوْلُهُ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ فَنَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ وَهُوَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بن

ص: 177

النَّابِغَةِ وَحَمَلٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ فَرُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يُطَلُّ بِضَمِّ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَمَعْنَاهُ يُهْدَرُ وَيُلْغَى وَلَا يُضْمَنُ وَالثَّانِي بَطَلَ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ مِنَ الْبُطْلَانِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْمُلْغَى أَيْضًا وَأَكْثَرُ نُسَخِ بِلَادِنَا بِالْمُثَنَّاةِ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَنَّ جُمْهُورَ الرُّوَاةِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ضَبَطُوهُ بِالْمُوَحَّدَةِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ طُلَّ دَمُهُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَأَطَلَّ أَيْ أَهْدَرَ وَأَطَلَّهُ الْحَاكِمُ وَطَلَّهُ أَهْدَرَهُ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ طَلَّ دَمُهُ بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي اللَّازِمِ وَأَبَاهَا الْأَكْثَرُونَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى سَجْعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا ذَمَّ سَجْعَهُ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَارَضَ بِهِ حُكْمَ الشَّرْعِ وَرَامَ إِبْطَالَهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ تَكَلَّفَهُ فِي مُخَاطَبَتِهِ وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مِنَ السَّجْعِ مَذْمُومَانِ وَأَمَّا السَّجْعُ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي الْحَدِيثِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا لِأَنَّهُ لَا يُعَارِضُ بِهِ حُكْمَ الشَّرْعِ وَلَا يَتَكَلَّفُهُ فَلَا نَهْيَ فِيهِ بَلْ هُوَ حَسَنٌ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ بَعْضَ السَّجْعِ هُوَ الْمَذْمُومُ وَاللَّهُ أعلم (قَوْلُهُ

[1682]

(ضَرَبَتِ امْرَأَةٌ ضَرَّتَهَا) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَتَيِ الرَّجُلِ ضَرَّةٌ لِلْأُخْرَى سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْمُضَارَّةِ بَيْنَهُمَا فِي الْعَادَةِ وَتَضَرُّرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْأُخْرَى قَوْلُهُ (فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ على

ص: 178

عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ) هَذَا دَلِيلٌ لِمَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إِنَّمَا تَخْتَصُّ بِعَصَبَاتِ الْقَاتِلِ سِوَى أَبْنَائِهِ وَآبَائِهِ

[1689]

قَوْلُهُ (اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه النَّاسَ فِي مِلَاصِ الْمَرْأَةِ) فِي

ص: 179